مكتملة قصيرة رومانسية "ظلال الشتاء على البحر" ( خاص بالمسابقة)

𝔱𝓗ⓔ β𝐋𝓪℃Ҝ Ã𝓓𝔞Mˢ

نائب المدير
إدارة ميلفات
نائب مدير
رئيس الإداريين
إداري
العضو الملكي
ميلفاوي صاروخ نشر
حكمدار صور
أسطورة ميلفات
ملك الحصريات
أوسكار ميلفات
مؤلف الأساطير
رئيس قسم الصحافة
نجم الفضفضة
محرر محترف
كاتب ماسي
محقق
ناشر قصص
ناشر صور
ناشر أفلام
صقر العام
إستشاري مميز
شاعر ميلفات
ناشر موسيقي
ناشر قصص مصورة
ناشر محتوي
مترجم قصص
نجم ميلفات
ملك الصور
ناقد قصصي
صائد الحصريات
فضفضاوي أسطورة
كوماندا الحصريات
ميتادور النشر
ناشر عدد
ناقد مجلة
ميلفاوي علي قديمو
كاتب مميز
كاتب خبير
مزاجنجي أفلام
إنضم
30 مايو 2023
المشاركات
14,380
مستوى التفاعل
11,275
النقاط
37
نقاط
34,772
العضو الملكي
ميلفاوي صاروخ نشر
ميلفاوي كاريزما
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
لا ابدا ولا احباط ولا حاجة انا تاني مرة بكتب يعني يعتبر ولا حاجة . ومن وجهة نظر الكاتبه الي هو انا ( مش لازم كل علاقات الحب يكون فيها كفاح وعذاب وتعب وارق ) الناس بتحب عشان يصفى عقلها ويرتاح قلبها .
تمام معاكي

بس في الدنيا دي لازم كفاح
 

ᥫ᭡✧* لآورا *✧ᥫ᭡

ميلفاوي أبلودر
عضو
ميلفاوي دمه خفيف
ميلفاوي خواطري
إنضم
23 يونيو 2025
المشاركات
946
مستوى التفاعل
1,084
النقاط
0
نقاط
8,949
Princess
النوع
أنثي
الميول
طبيعي

🤫Silent King

ميلفاوي واكل الجو
ميلفاوي واكل الجو
عضو
ناشر صور
صقر العام
ميلفاوي حريف سكس
ميلفاوي نشيط
ناشر محتوي
ميلفاوي متفاعل
إنضم
18 مايو 2025
المشاركات
2,188
مستوى التفاعل
1,263
النقاط
0
نقاط
15,309
النوع
ذكر
الميول
طبيعي

𝔱𝓗ⓔ β𝐋𝓪℃Ҝ Ã𝓓𝔞Mˢ

نائب المدير
إدارة ميلفات
نائب مدير
رئيس الإداريين
إداري
العضو الملكي
ميلفاوي صاروخ نشر
حكمدار صور
أسطورة ميلفات
ملك الحصريات
أوسكار ميلفات
مؤلف الأساطير
رئيس قسم الصحافة
نجم الفضفضة
محرر محترف
كاتب ماسي
محقق
ناشر قصص
ناشر صور
ناشر أفلام
صقر العام
إستشاري مميز
شاعر ميلفات
ناشر موسيقي
ناشر قصص مصورة
ناشر محتوي
مترجم قصص
نجم ميلفات
ملك الصور
ناقد قصصي
صائد الحصريات
فضفضاوي أسطورة
كوماندا الحصريات
ميتادور النشر
ناشر عدد
ناقد مجلة
ميلفاوي علي قديمو
كاتب مميز
كاتب خبير
مزاجنجي أفلام
إنضم
30 مايو 2023
المشاركات
14,380
مستوى التفاعل
11,275
النقاط
37
نقاط
34,772
العضو الملكي
ميلفاوي صاروخ نشر
ميلفاوي كاريزما
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
قصة حصرية معتمدة ضمن المسابقة
 

THE NIGHT KING

إداري أقسام الصور
إدارة ميلفات
إداري
حكمدار صور
أوسكار ميلفات
مستر ميلفاوي
ميلفاوي أكسلانس
محرر محترف
محقق
ميلفاوي واكل الجو
ميلفاوي كاريزما
عضو
ناشر قصص
ناشر صور
صقر العام
ميلفاوي حريف سكس
ميلفاوي كوميدي
ميلفاوي سينماوي
ميلفاوي نشيط
ناشر محتوي
نجم ميلفات
ملك الصور
فضفضاوي أسطورة
ناشر عدد
قارئ مجلة
ميلفاوي ساحر
ميلفاوي متفاعل
ميلفاوي دمه خفيف
ميلفاوي فنان
إنضم
18 يونيو 2025
المشاركات
4,166
مستوى التفاعل
2,182
النقاط
0
نقاط
40,189
ميلفاوي أكسلانس
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
مشاهدة المرفق 35256الشخصيات الرئيسية:

1. فيروز: فتاة لبنانية (٢٣ سنة)، فقيرة، هوايتها الرسم على البحر.


2. جميل: رجل أعمال مصري (٣٢ سنة)، المدير التنفيذي لشركات استيراد وتصدير.

3. ليلى: صديقة فيروز المقربة، تشتغل معها بمطعم شعبي.

4. مروان: أخو فيروز الكبير، عصبي لكنه بيحبها وبيخاف عليها.

5. سامي: مساعد جميل الخاص، رجل عملي بس عنده حس إنساني.

6. نادين: ابنة عم فيروز، تغار منها وتشكك في نواياها.

7. فارس: صديق مروان، بيحب فيروز من بعيد ومش قادر يصرح.

8. منى: أخت جميل الصغرى، تدخل القصة لاحقًا وتلعب دور داعم للعلاقة.

9. كمال: رجل أعمال منافس لجميل، يحاول إفشاله ويستغل معرفته بفيروز.


10. أمينة: صاحبة بيت صغير تؤجره لفيروز
وأخوها، تعتبرها مثل ابنتها.


-------------------------------------------------------------------------


الفصل الأول: لقاء الشتاء


كان كانون الأول يلف بيروت بعباءته الرمادية الثقيلة. المطر يهطل بلا توقف منذ الليل، والريح تعصف بأبواب البيوت كأنها تنادي أصحابها للخروج رغم قسوة البرد. على شاطئ البحر، كان المشهد مختلفًا؛ الأمواج تتكسر بعنف على الصخور، ورائحة الملح ممزوجة ببرودة الشتاء تخترق الصدر وتوقظ الروح.

بين تلك الفوضى البحرية، جلست فيروز على صخرة ملساء، تلفّ حول كتفيها شالاً صوفياً قديمًا أعطته لها جارتها العجوز "أمينة". بين يديها دفتر رسم مُهترئ، وأقلام فحم وألوان مائية بسيطة. كانت عيناها تراقبان البحر بشغف، ثم تنزلان سريعًا على الورق، لتترجم هيجانه إلى خطوط وظلال. كانت ملامحها شاحبة بعض الشيء بعد ليلة عمل طويلة في المطعم الشعبي، لكنها تجد راحتها الوحيدة هنا، على رمال البحر الباردة، ترسم وكأنها تُخرج من قلبها ما لا يُقال.

"فيروز… رح تمرضي بهالجو!"، جاءها صوت ليلى، صديقتها المقربة، وهي تمشي بسرعة تحت مظلة صغيرة. جلست قربها وأضافت ضاحكة: "يعني عن جد، ما بتزهقي من البحر؟ كل يوم نفس الموج ونفس الصوت."

فيروز ابتسمت ابتسامة هادئة: "الموج مش متل بعضه، كل يوم بيحكيلي قصة جديدة."

ليلى هزت رأسها: "إنتي غريبة. بس يمكن هالجنون هو اللي بخلي لوحاتك مميزة."

وبينما كانتا تتحدثان، كانت عيون أخرى تراقب. على مسافة غير بعيدة، وقف رجل طويل القامة، يرتدي معطفًا أسود أنيقًا، يده في جيب بنطاله، وعيناه متسمّرتان على فيروز. كان جميل، رجل أعمال مصري جاء إلى لبنان في رحلة قصيرة "ليتنفس" بعد شهور متعبة من العمل المتواصل في شركاته. لم يكن يعرف لماذا توقفت قدماه عند هذا الشاطئ تحديدًا، لكنه شعر بانجذاب غريب لتلك الفتاة التي ترسم وسط العاصفة وكأنها وحدها في هذا العالم.

اقترب ببطء، وصوت خطواته على الرمل المبتل جعل فيروز ترفع رأسها. للحظة، التقت عيناها بعينيه. كان في نظرته شيء من الفضول، وربما الدهشة.

قال بصوت هادئ، فيه دفء مصري واضح: "اللوحة دي… مشهد البحر فيها أصدق من البحر نفسه."

ارتبكت فيروز قليلًا، ثم ردت بخجل: "أنا بس برسم اللي بحسّه."

جلس جميل على صخرة قريبة، دون استئذان، وأخذ ينظر إلى اللوحة. كانت الأمواج فيها تبدو ككائن حي يصرخ، والسماء ممتلئة بخطوط رمادية تعكس الحزن.

"واضح إنك مش بس فنانة… إنتي شاعرة بس من غير كلام." قالها جميل بابتسامة جانبية.

ليلى، التي لم يعجبها وجود رجل غريب قرب صديقتها، تدخلت بسرعة: "نحن لازم نمشي، فيروز عندها شغل."

لكن فيروز، وبخجل، شكرت الرجل على كلماته. وقبل أن تنهض، مدّ جميل يده ببطاقة صغيرة بيضاء عليها اسمه الأول فقط ورقم هاتف:
"لو في يوم حبيتي تعملي معرض… اتصلي بيا."

نظرت فيروز إلى البطاقة باستغراب، شعرت أن الأمر أشبه بحلم. لكنها لم تقل شيئًا.

انصرف جميل بخطوات ثابتة، تاركًا خلفه فضولًا يشتعل في قلبها.

ليلى علّقت وهي تمشي بجانبها: "أكيد غني… بين من شكله وهيبته. بس يا بنت، ديري بالك… الناس متل هدول ما بيتطلّعوا في حدا من حارتنا."

فيروز لم ترد. كانت تفكر في عيناه… وفي كلماته عن لوحتها.

في المساء، حين عادت إلى البيت الصغير الذي تتقاسمه مع أخيها مروان، وجدته جالسًا بوجه متجهم، يتفقد ورقة الفواتير المتراكمة.
"فيروز… هيك ما رح نقدر نكمل. المصروف عم يزيد وأنا بعدني بلا شغل ثابت."

اقتربت منه بهدوء، وضعت اللوحة جانبًا وقالت: "رح أشتغل أكتر، ما تخاف. يمكن… يمكن يجي يوم ونعيش أفضل."

لم يعلّق مروان، لكنه نظر إليها نظرة فيها مزيج من حب وخوف. كان يعرف أن أخته أكبر من عمرها، وأنها تحاول أن تكون أقوى مما تحتمل.

وفي تلك الليلة، بينما كان المطر يقرع زجاج النافذة، وضعت فيروز البطاقة البيضاء على طاولتها، تنظر إليها مرارًا وتفكر: "مين هالشخص؟ وليش حسّيت إني بعرفه من زمان؟"



الفصل الثاني: لوحة على شاطئ المطر

اليوم التالي – صباح يوم الأحد
استيقظت فيروز باكراً على صوت المطر يضرب سقف البيت المعدني. نهضت من فراشها البسيط، رتبت شعرها الطويل بسرعة، وارتدت معطفاً رخيصاً لكنه دافئ. رغم إرهاقها من دوام ليلة طويلة في المطعم، لم تستطع أن تقاوم رغبتها في العودة للشاطئ. البحر بالنسبة لها لم يكن مجرد مكان، بل وطن صغير تهرب إليه من ثقل الفقر والهموم.

على الطاولة بجانب النافذة، لمحت البطاقة البيضاء التي تركها جميل بالأمس. مدّت يدها نحوها، تأملت الاسم بخط أنيق: جميل حمدي. ترددت لحظة ثم وضعتها في جيب معطفها، كأنها لا تريد أن تعترف لنفسها أن وجودها قربها يثير فضولها.





الساعة العاشرة صباحاً – على الشاطئ
كان الجو ما يزال غائماً، والبحر يموج بعنف. جلست فيروز على كرسي خشبي مكسور تركه أحد الصيادين القدامى. وضعت أمامها لوحات صغيرة مرسومة بالألوان المائية، تأمل أن يشتريها أحد السياح.

بينما هي تراقب الموج، لمحته من بعيد. جميل عاد. كان يرتدي معطفاً غامق اللون ويحمل مظلة أنيقة. سار باتجاهها بخطوات ثابتة. قلبها خفق بسرعة، لكنها أخفت ارتباكها وأخذت ترسم كأنها لم تلحظه.

وقف أمامها، ابتسم وقال بلهجته المصرية:
"إزيك يا فنانة البحر؟"

رفعت رأسها ببطء: "صباح الخير."

نظر إلى اللوحات المعروضة أمامها، ثم أمسك بإحداها – لوحة لسماء ملبدة بالغيوم.
"دي حلوة أوي… تحسسك إن الغيوم ليها روح."

مد يده بمحفظته، وأخرج ورقة نقدية كبيرة، أكثر من ثمن اللوحة بعشرات المرات.
"هاخدها."

فيروز اتسعت عيناها بدهشة: "لا… مش معقول! اللوحة ثمنها بس عشر دولارات."

ابتسم جميل: "وأنا شايف إن قيمتها أكبر. اعتبري الباقي تقدير لموهبتك."

لكنها أغلقت علبة الألوان بغضب، رفعت نظرها بحدة:
"ما بدي صدقة من حدا. إذا بدك تشتري، ادفع ثمنها الحقيقي بس."

تفاجأ جميل بحدة ردها. للحظة شعر بالإهانة، لكنه سريعاً استوعب:
"أنا ما قصدتش أجرحك… إنتي فهمتيني غلط. أنا صدقاً شايف إن فنك يستحق أكتر."

فيروز صمتت قليلاً، ثم أخذت المبلغ الأصغر وأعطته اللوحة. وجهها كان متصلباً، لكن عينيها خانتها وأظهرت فضولاً نحوه.


الساعة الواحدة ظهراً – عودة إلى الحي
عادت فيروز سيراً على الأقدام، تحمل حقيبتها المليئة باللوحات، تفكر بما حصل. المطر كان خفيفاً، والطرقات موحلة. حين وصلت قرب بيتها، وجدت فارس، صديق أخيها مروان، واقفاً تحت مظلة حديدية.

"فيروز! وينك من الصبح؟" سألها بلهجة قلقة.

ابتسمت بخجل: "كنت عالشط… عم برسم."

نظر فارس في عينيها طويلاً: "كل يوم عالبحر… خايف عليك. الدنيا مش أمان."

هي لم تفهم قصده تماماً، لكن قلبها شعر بثقل كلماته. فارس لطالما كان موجوداً في محيطها، يساعد مروان، يزورهم باستمرار، لكنه لم يجرؤ يوماً أن يبوح بمشاعره.



الساعة السادسة مساءً – في المطعم الشعبي
بدأت فيروز مناوبتها المسائية. كانت تمسح الطاولات بسرعة، والبرد يتسرب من تحت الباب. ليلى كانت تساعدها وتهمس لها:
"مين هالشاب اللي كنتِ معه اليوم عالشط؟ شفته من بعيد… طويل، أنيق."

فيروز ارتبكت: "مجرد زبون اشترى لوحة."

ليلى نظرت إليها بتمعن: "بعيونك في شي… لا تقولي ما حسيتي بفضول نحوه."

لم ترد فيروز، لكنها تذكرت ابتسامته، ونبرة صوته التي بدت مختلفة عن رجال الحي.


الساعة التاسعة مساءً – في بيت فيروز
جلس مروان على الكرسي الخشبي، يدخن سيجارة رخيصة، يتأمل السقف.
"فيروز، فارس مرق لعندي اليوم، سأل عنك. شكله مهتم فيك."

ابتسمت ابتسامة باهتة: "فارس أخوك وصديقك… ما بشوفه أكتر من هيك."

مروان شدد: "بس فارس شب محترم… وإذا يوم فكرتي ترتبطي، فكرّي فيه بالأول."

لم تجبه. اكتفت بأن سحبت البطاقة البيضاء من جيبها، نظرت إليها للحظة، ثم أخفتها في دفتر رسمها كأنها تخبئ سرّاً صغيراً.



الليلة – قرب النافذة
جلست فيروز وحدها، تراقب المطر المنهمر من النافذة. قلبها مشوش. بين خوفها من الفقر وضغط أخيها، وبين فضولها نحو رجل غريب اسمه جميل. كتب
ت في دفترها الصغير جملة واحدة:
"أحياناً، بيجي شخص من ولا مكان… يغيّر كل شي."



الفصل الثالث: تصادم العوالم

اليوم التالي – صباح الإثنين
استيقظت فيروز على صوت أمينة، صاحبة البيت العجوز، وهي تطرق باب غرفتها:
"فيروز، الكهربا مقطوعة عن البيت كله… لازم تدفعي جزء من الفاتورة وإلا رح يقطعوها نهائي."

تنهدت فيروز وهي تجمع ما تبقى من نقودها القليلة، ثم همست: "حتى اللوحة اللي بعتها البارح راحت للمصروف."
ارتدت معطفها البالي، حملت دفترها، وقررت الهروب مرة أخرى إلى البحر… حيث لا يوجد فواتير ولا مطالب.


الساعة العاشرة صباحاً – على الشاطئ
البحر كان هادئاً بشكل غريب، كأنه يلتقط أنفاسه بعد عاصفة الأمس. جلست فيروز على كرسي خشبي مهترئ، بدأت ترسم امرأة تحمل مظلة وتقف وحدها أمام الأفق.

وفجأة، ظهر جميل مجدداً. هذه المرة لم يحمل مظلة ولا أوراق نقدية، فقط قهوة ساخنة بكوب ورقي. اقترب منها بهدوء ومد لها الكوب.
"برد البحر وحش… خدّي دي."

ترددت، لكنها أخذتها لتدفئ يديها. نظرت إليه بحذر: "ليش مصرّ تضل تجي لهون؟"

ابتسم جميل: "يمكن عشان البحر هو المكان الوحيد اللي بنعرف نتكلم فيه من غير ما حد يقاطعنا."

فيروز تنهدت: "أنا مش متعودة على ناس من عالمك. أنتو عايشين بترف… وأنا حتى أدفع فاتورة الكهربا مش قادرة."

شعر جميل بصدمة من صراحتها. قال بجدية:
"إنتي فاهمة غلط… أنا جيت هنا عشان أهرب من كل ده. من الفلوس، من الصفقات، من الناس اللي كل يوم بيمثلوا. يمكن محتاج أفتكر إني بني آدم عادي… مش مجرد مدير شركات."

سكتت لحظة، ثم قالت بنبرة فيها تحدي:
"حتى لو هربت… بتظل حياتك مختلفة عن حياتي. أنا ببيع لوحات صغيرة بسعر وجبة، وإنت ممكن تصرف ثمن سيارة بكبسة زر."

كان الحوار متوترًا، لكن فيه صدق جعل كل منهما يقترب أكثر من الآخر رغم الخلاف.


الساعة الواحدة ظهراً – في الحي
بينما كانت فيروز عائدة من البحر، ظهر فارس فجأة من زاوية الشارع. كان يحمل أكياس خضار، وبمجرد أن رآها لوّح بيده:
"فيروز! تعالي… كنت جاي على بيتكم."

اقترب منها بنظرة فاحصة: "مين هالرجل اللي بشوفك معه كل يوم على الشط؟"

ارتبكت: "مجرد سائح… بيحب يرسم معي أوقات."

تجهم وجه فارس: "سائح ولا رجل غني؟! شايف سيارته الفخمة واقفة بعيد. ديري بالك، هدول ما بيهتموا غير بلعب مشاعر البنات."

أحست فيروز بغصة. لم تحب نبرة الاتهام، لكنها لم تشأ أن تدخل في جدال:
"أنا بعرف شو بعمل. شكراً على نصيحتك."

تركته ومشت بسرعة، لكن كلماته ظلت تتردد في عقلها.


الساعة السادسة مساءً – مطعم "الكوخ"
في ذلك المساء، دخل جميل إلى المطعم حيث تعمل فيروز. كانت تنقل صحون الحمص والفول بين الطاولات، وفجأة تجمدت في مكانها حين لمحته.

جلس بهدوء على طاولة في الزاوية، طلب كوب شاي فقط. عينيه لم تفارقها، لكنها حاولت تجاهله وهي تتابع عملها. ليلى اقتربت منها وهمست بمرح:
"هوه! الزبون الوسيم رجعلك… شكله مش جاي عشان الأكل."

بعد قليل، حين هدأ ضغط العمل، اقتربت فيروز منه وقالت بنبرة منخفضة:
"شو اللي جابك لهون؟"

ابتسم: "حبيت أشوف عالمك عن قرب. البحر خلاني أعرفك رسامة… المطعم يورينيك مقاتلة."

نظرت حولها بخجل: "المكان مش حلو مثل مطاعمكم الراقية."

رد بابتسامة مطمئنة: "بس فيه صدق… وريحة خبز دافي، مش زي أماكننا المليانة بهرجة فاضية."

كلامه لامس قلبها رغماً عنها، لكنها أخفت تأثرها.


الساعة العاشرة مساءً – أمام البيت
حين عادت فيروز إلى الحي، وجدت مروان بانتظارها على الباب، وجهه غاضب.
"مين الرجل اللي قاعد معك بالمطعم اليوم؟ فارس خبرني إنه بشوفك معه دايمًا."

تجمدت فيروز في مكانها: "مروان… هو مجرد زبون! ما في شي غلط."

لكن مروان رفع صوته: "أنا خايف عليك… العالم مش بيرحم، خصوصاً إذا كان غني بيشوف فيكي تسلية!"

دموع تجمعت في عينيها، لكنها تماسكت: "أنا مش ****… وبعرف أحمي نفسي."

دخلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها، وجلست تبكي بصمت. في الخارج، ظل مروان واقفاً يعض على شفته، لا يعرف كيف يحمي أخته من شيء لم يفهمه بعد.


الفصل الرابع: بين لوحتين واعتراف

كانت فيروز تجلس على حافة نافذتها تلك الليلة، تفكر في الكلمات التي رماها مروان عليها بعصبية. قلبها مشوش بين رغبتها في الثقة بنفسها، وخوفها من أن يكون هو محق. هي تعرف جيداً أن قربها من رجل مثل جميل سيجلب الكثير من الكلام في الحي الفقير، حيث العيون تترصد والخُبز الجاف أهم من الأحلام.

في الصباح، حملت حقيبتها القديمة وتوجهت كعادتها نحو الشاطئ. الهواء كان بارداً لكن صافياً، والشمس الخجولة تسللت من بين الغيوم. جلست على صخرة وبدأت ترسم ملامح وجه رجل لا شعورياً استحضره عقلها: عينان عميقتان، ابتسامة خفيفة. سرعان ما أدركت أنها ترسم جميل، فتوقفت وأخفضت الورقة بخجل من نفسها.

وقبل أن تخفي الرسم تماماً، سمعت صوته يقترب:
"واضح إن الرسام مرسوم في قلب الرسامة."

انتفضت بخجل، ووضعت الورقة بسرعة في حقيبتها: "إنت بتتجسس؟"

ضحك بخفة: "أنا مكنتش أعرف إن بطلي وسيم للدرجة دي."
ثم جلس بجانبها، وفتح حقيبة صغيرة كان يحملها، أخرج منها ملفاً أنيقاً.
"بصراحة، أنا عندي اقتراح… فيه صديق ليا عنده جاليري صغير في بيروت، بيعرض لوحات لفنانين ناشئين. لو حبيتي، ممكن أنظم لك معرض مبدئي هناك."

فيروز اتسعت عيناها بدهشة: "معرض… إلي أنا؟! مستحيل، ما عندي غير لوحات بسيطة، مين رح يهتم؟"

ابتسم جميل بثقة: "أنا اللي ههتم، والباقي بييجي."

ترددت، قلبها يخفق بين الأمل والخوف. لم تشعر يوماً أن حلمها ممكن أن يكون قريباً بهذا الشكل.

لكن المشهد لم يدم طويلاً. فجأة، ظهر فارس من بعيد، يقترب بخطوات مسرعة. وجهه كان متجهماً وعيناه تراقبان جلوسهما معاً.
"فيروز!" ناداها بحدة جعلها تنتفض.
اقترب أكثر: "شو عم تعملي مع هالرجل كل يوم؟"

جميل وقف بهدوء، مد يده مصافحاً: "أنا جميل… مجرد صديق بيقدّر فنها."

لكن فارس تجاهله، موجهاً كلامه لفيروز: "إنتي عارفة شو بيحكوا عنك بالحارة؟ الكل شايف إنك عم تضيعي وقتك مع واحد ما بيشبهنا. بكرة بيمشي وبتضلي إنتي مع وجعك."

شعرت فيروز بإهانة ودموعها كادت تنهمر: "فارس… هاد حياتي أنا. مش من حقك تحاسبني."

سكت فارس لحظة، ثم صرخ بنبرة ممزوجة بالغيرة والألم: "لأنّي بحبك يا فيروز! من سنين وأنا شايفك وواقف حدك، وإنتي ما شفتي غير البحر والورق. واليوم عم تسمحي لحد غريب يدخل عالمك وأنا واقف متل الأعمى."

سقط الصمت بينهم، والبحر وحده يعلو صوته. فيروز شعرت بارتباك شديد، لم تكن تتوقع اعترافه بهذه الطريقة. نظرت إلى جميل، الذي ظل صامتاً، يحاول أن يحافظ على هدوئه.

همست فيروز بصوت مخنوق: "فارس… إنت أخ وصديق… بس مش أكتر."

انكسر شيء ما في عينيه. نظر إليها طويلاً، ثم استدار وغادر بخطوات ثقيلة.

جميل اقترب منها بهدوء: "أنا آسف لو وجودي سببلك مشاكل."

لكنها هزت رأسها: "المشاكل كانت موجودة من زمان… إنت بس كشفّتها."



عادت فيروز في المساء إلى بيتها. كانت منهكة من صراع اليوم. جلست في الصالون الصغير، تحاول أن تستعيد أنفاسها، حين دخلت نادين، ابنة عمها، التي اعتادت زيارتهم أحياناً بحجة الاطمئنان. كانت فتاة لسانها لا يهدأ، معروفة بغيرتها من فيروز منذ الطفولة.

ابتسمت ابتسامة ماكرة: "سمعت عنك يا فيروز… الحي كله بيحكي. عندك عريس غني جاي من مصر، ولا شو القصة؟"

احمر وجه فيروز: "مش عريس ولا شي… هو بس بيهتم بلوحاتي."

قهقهت نادين بسخرية: "آه… وبيشرب شاي عندك بالمطعم وبيتمشى معك عالشط كرمال اللوحات؟ الناس مو عميان يا بنت عمي. ديري بالك، سمعتك أهم من كل شي."

كلماتها كانت كالخنجر. شعرت فيروز أنها محاصرة من الجميع: من فارس الذي يحبها بصمت، من مروان الذي يخاف عليها، من نادين التي تترصد لها، ومن جميل الذي يقتحم عالمها بهدوء لكن بقوة.

وفي تلك الليلة، جلست وحدها أمام دفترها من جديد. كتبت جملة طويلة بخط متعرج:
"أنا عالقة بين عالمين: واحد يشدني إلى البحر والحرية، وواحد يجرّني إلى الحارة والقيود. وأخاف أن أخسر الاثنين."

أغلقت الدفتر، وأسندت رأسها إلى الوسادة، ودمعة ساخنة انزلقت على خدها.


الفصل الخامس: خطوة نحو الحلم

لم تنم فيروز جيداً تلك الليلة. تقلبت في فراشها، والهمسات في رأسها لا تهدأ: كلمات فارس الغاضبة، سخرية نادين، خوف مروان، وابتسامة جميل المليئة بالثقة. كل شيء امتزج في قلبها كعاصفة لا تعرف إلى أين تقودها.

في الصباح، بينما كانت تخرج متجهة إلى الشاطئ، فوجئت بجميل واقفاً قرب بيتها. لم تتوقع أن يقترب إلى هذا الحد من حياتها البسيطة. كان يرتدي ملابس عادية هذه المرة، قميص بسيط وجاكيت جلدية، كأنه يحاول أن يتخفف من هيبته.

قال وهو يرفع يده بالتحية:
"صباح الخير يا فيروز. أنا عارف إنه ممكن أكون بدخل حياتك بسرعة… بس في موضوع مهم لازم نحكي فيه."

ترددت لحظة، لكنها أومأت برأسها، وسارت بجانبه نحو الشاطئ.

جلسا على مقعد خشبي قديم مقابل البحر. فتح جميل ملفاً صغيراً كان يحمله، وأخرج منه ورقة مطبوعة عليها شعار "جاليري الفن الحديث – بيروت".
"كلمت صاحبي، ووافق يخصص زاوية في معرض الأسبوع الجاي لرسوماتك. لازم تختاري خمس لوحات على الأقل تعرضيهم هناك."

اتسعت عيناها بصدمة: "معرض… الأسبوع الجاي؟! أنا ما عندي لوحات جاهزة كفاية، وكل شغلي بسيط، ما بينفع لمكان هيك."

ابتسم جميل مطمئناً: "صدقيني… شغلك فيه روح، والناس مش بتدور على الكمال بقدر ما بيدوروا على الصدق. إنتي عندك ده."

شعرت فيروز بمزيج من الفرح والخوف. لأول مرة، حلمها الصغير يطرق الباب فعلاً.


لكن الأخبار لم تبقَ سرّاً طويلاً. في المساء، حين عادت إلى البيت، وجدَت مروان جالساً بانتظارها، عينيه ممتلئتين بالغضب.
"شو اللي عم أسمعه بالحارة؟ إنك راح تعملي معرض بلوحاتك بمساعدة هالغريب؟"

ارتبكت: "مروان… هو فرصة! يمكن يغير حياتنا للأحسن. أنا ما عم أعمل شي غلط."

ضرب مروان الطاولة بيده: "الحارة كلها عم تحكي إنك بتتباهي بعلاقتك برجل غني. أنا ما بسمح ينذكر اسم أختي بهالطريقة!"

دمعت عيناها: "ليش الناس ما بتشوف غير الأسوأ؟ ليش ما بيشوفوا إني بحاول أحقق شي لنفسي؟"

لكن مروان كان عنيداً. تركها وخرج من البيت غاضباً، تاركاً إياها تبكي بصمت.



في اليوم التالي، وبينما كانت فيروز تحاول أن ترسم لوحة جديدة استعداداً للمعرض، دخلت عليها نادين فجأة. جلست على الكرسي وابتسامة ساخرة تزين وجهها.
"سمعت إنك رح تصيري فنانة كبيرة… مبروك يا بنت العم. بس يا ترى… الناس رح يتذكروا موهبتك ولا رح يحكوا عن علاقتك برجل أعمال بيصرف عليك؟"

رفعت فيروز رأسها بحدة: "نادين، أنا تعبت كفاية لأوصل لهون. إذا مو عاجبك… ما يهمني."

ضحكت نادين بخبث: "أنا بس عم بنصحك. بتعرفي… أوقات كلمة صغيرة بتكسر سمعة بنت، خصوصاً إذا الكل متلهف يحكي. يمكن لازم الناس تعرف إن جميل مش جاي عشان لوحاتك بس."

شعرت فيروز بخطر حقيقي. نادين ليست مجرد بنت ثرثارة، بل تحب إشعال النار في أي مكان.


وفي تلك الليلة، جلست فيروز أمام البحر مرة أخرى، الريح تعصف بشعرها، ودموعها تختلط بمطر خفيف بدأ يتساقط. فجأة، سمعت خطوات جميلة خلفها.
جلس بجانبها بصمت، ثم قال:
"إنتي خايفة؟"

أومأت برأسها، همست: "الحي كله ضدي… حتى أخي. مش عارفة إذا كان لازم أوقف الحلم من أوله قبل ما يكبر."

نظر إليها جميل بعينين ثابتتين: "لو استسلمتي دلوقتي… عمرك ما هتعرفي إنك تقدري توصلي. كل إنسان عنده فرصة، وإنتي فرصتك دلوقتي. وأنا… مش هسيبك لوحدك تواجهين ده."

لأول مرة، شعرت أن وجوده بجانبها ليس مجرد فضول أو إعجاب، بل سند حقيقي. قلبها بدأ يلين، رغم كل الخوف الذي يحيط بها.



الفصل السادس: ضوء المعرض وحرارة القلوب



استيقظت فيروز صباح ذلك اليوم مبكراً، والبرد القارس يطرق نوافذ بيتها المتواضع. كان يوم المعرض قد حان، اليوم الذي انتظرته طويلاً وخافته أكثر.

وضعت لوحاتها الخمس بعناية داخل ملفات ورقية كبيرة، وكل لوحة تحمل قطعة من روحها: البحر الغاضب، الأطفال في الحارة، وجه أمها الراحلة، شجرة زيتون عتيقة، ولوحة جديدة رسمتها فقط بالأمس بعنوان "اللقاء"… وفيها رجل وامرأة يفصل بينهما بحر واسع، لكن أيديهما ممتدة نحو بعض.

حين حملت اللوحات على كتفها، خرجت لتجد سيارة جميلة السوداء تنتظرها أمام البيت. فتح لها الباب بنفسه، وقال بابتسامة:
"صباح الخير يا رسامة البحر. جاهزة تخلي الدنيا تشوف فنك؟"

شعرت بارتباك ودفء في آن واحد: "خايفة… كل العيون رح تكون عليّ."

ردّ وهو ينظر في عينيها مباشرة: "خليكي تبصي بس في عيني أنا. طول ما أنا موجود، محدش هيقدر يأذيكي."


في قاعة المعرض، الأضواء البيضاء انعكست على اللوحات المعلقة بدقة. روائح العطور الراقية امتزجت مع موسيقى هادئة تعزف في الخلفية. فيروز وقفت مترددة عند الباب، بينما جميل وضع يده بخفة على كتفها.

"خطوة صغيرة لقدام… وهنا تبدأ حياتك الجديدة."

دخلت معه، وكانت نظرات الحضور تتجه فوراً إليها. بعضهم أُعجب بملامحها الطبيعية وهدوئها، وبعضهم بدأ يتهامس: "هاي البنت البسيطة؟ هاي اللي جايبها جميل المصري معه؟"

لكن عندما وقف أحد النقاد أمام لوحتها "اللقاء"، تنهد قائلاً: "هذه اللوحة تفيض صدقاً… من أين لكِ بكل هذا الإحساس؟"

احمر وجهها، وكادت تتلعثم، لكن جميل تدخل قائلاً بثقة: "لأنها بترسم بروحها، مش بفرشاة."


وفجأة، ظهر مروان في القاعة، وجهه مكفهر، كأنه جاء ليجرها من المكان. اقترب منها وهمس بحدة:
"شو هالمهزلة؟ كل الناس عم تحكي عليكي… قومي نرجع عالبيت."

لكن قبل أن ترد، وقف جميل بجانبها، نظر لمروان بثبات وقال: "أختك مش بتعمل حاجة غلط. بالعكس… إنت لازم تفخر بيها."

اشتعل غضب مروان: "إنت شو بتعرف عن شرفنا؟ عن حارتنا؟!"

الناس بدأوا يلتفتون إليهم، والهمسات ارتفعت. لكن فيروز أمسكت بيد أخيها برجاء: "مروان… مش كل شي عيب. خليني أتنفس شوي. أنا ما عملت غير إني رسمت."

تجمد للحظة، نظر في عينيها، ثم استدار بعصبية وخرج من القاعة.


لم تمضِ دقائق حتى ظهرت نادين بفستان لامع، وكأنها جاءت عمداً لتسرق الأضواء. اقتربت بابتسامة مصطنعة:
"فيروز! ما شاء ****… صرتِ نجمة. بس بتمنى الناس ما يفتكروا إن كل هالاهتمام جاي من لوحاتك بس."

كان كلامها كسكين في قلب فيروز، لكنها فوجئت بجميل يقترب أكثر منها، صوته منخفض لكن حاد:
"نادين، إنتي مش فاهمة حاجة. فيروز مش محتاجة حد يلمّعها، هي بتلمع لوحدها."

رمقها نظرة طويلة جعلت ابتسامتها تختفي تدريجياً، ثم استدارت بامتعاض وغادرت المكان.



مع اقتراب نهاية الأمسية، بدأ الحضور يصفق بحرارة لأعمال فيروز. أحد رجال الأعمال عرض شراء لوحة "اللقاء" بمبلغ كبير. فيروز لم تصدق عينيها. التفتت إلى جميل، عيناها تلمعان كالنجوم:
"مش عم صدّق… كل هذا حقيقي؟!"

اقترب منها خطوة، كان صوته عميقاً وهادئاً:
"الحلم صار حقيقة… وإنتي السبب."

وقفت أمامه مرتبكة، قلبها يخفق بجنون. للحظة، بدا كل شيء حولها يختفي: الناس، الأضواء، الأصوات. لم يبقَ سوى عينيه القريبتين، يقرأ فيهما خوفها وفرحها وارتباكها.

همس وهو يميل قليلاً:
"فيروز… من أول ما شفتك على الشاطئ، حسّيت إني أخيراً لقيت حاجة كانت ناقصة في حياتي."

شعرت بحرارة كلماته تخترق روحها، وكأن البرد الشتوي انقشع فجأة. ابتسمت بخجل، لكنها لم تُبعد عينيها عنه.

قالت بصوت منخفض: "وأنا… ما بعرف ليش، بس لما تكون قريب بحس إني أقوى."

مد يده وأمسك يدها برفق، ضاغطاً عليها بطمأنينة، وكأنها وعد صامت:
"من النهارده… مش هتكوني لوحدك أبداً."

وكان ذلك أول اعتراف صريح بينهما، بداية علاقة لم تعد مجرد مصادفة، بل قدر يتشكل وسط العاصفة.


الفصل السابع: رحلة ما بعد الأضواء

بعد انتهاء المعرض بساعات، جلست فيروز على درج بيتها القديم، بين يديها وردة بيضاء أهداها إياها أحد الزوار، لكنها كانت تفكر فقط باليد الدافئة التي أمسكت يدها وسط الزحام.

وفجأة توقفت سيارة جميلة أمام البيت، نزل منها بابتسامة خفيفة وقال:
"اليوم كان طويل… بس لسه في شي ناقص."

رفعت حاجبيها بدهشة: "شو ناقص بعد كل اللي صار؟"

مد يده نحوها قائلاً: "رحلة صغيرة. البحر هادي هالليلة… تعالي."

ترددت لحظة، لكن قلبها سبق عقلها. ركبت السيارة، وجلست صامتة وهي تراقب الأضواء تتراجع شيئاً فشيئاً خلفهم.


قادها جميل إلى خليج صغير بعيد عن ضوضاء المدينة، حيث الموج يلامس الصخور برفق، والبرد الشتوي يزيد الجو رهبة وجمالاً. أخرج بطانية صغيرة من السيارة، فرشها على الرمال، وأشار لها بالجلوس.

قال وهو ينظر للبحر:
"بتعرفي يا فيروز… أنا طول عمري عايش بين الاجتماعات والسفر والصفقات. بس الليلة… بحس لأول مرة إني عايش عن جد."

نظرت إليه بدهشة: "بس إنت عندك كل شي يتمناه أي إنسان."

ابتسم بحزن: "يمكن عندي كل شي… إلا اللي بيملي قلبي."

سكتت، ولم تجد رداً. لكن عينيها فضحتا شعوراً لم تعد تستطيع إخفاءه.


الهواء كان بارداً، فخلع جميل سترته ووضعها على كتفيها. شعرت بحرارة جسده باقية فيها، كأنها حضن غير مباشر. قالت بخجل:
"ما كان لازم… إنت رح تبرد."

ضحك بخفة: "أنا دفيان من جوه… يمكن لأنك جنبي."

تسارعت أنفاسها، وارتبكت. أرادت أن تغير الحديث، فقالت وهي تحدق بالموج: "بتعرف… البحر بشبهني. أوقات هادي، وأوقات بعصف بلا رحمة."

اقترب منها أكثر، صوته منخفض لكنه قوي: "وأنا… كل اللي بتمناه إني أكون الميناء اللي تلجأي إله وقت ما يهيج البحر."

كلماته اخترقت قلبها كالسهم. التفتت إليه، ونظراتهما التقت طويلاً. شعرت بأن المسافة بينهما تتلاشى شيئاً فشيئاً، حتى صار صوته مجرد همس:
"فيروز… إنتي أجمل صدفة بحياتي."

ولم تدرك كيف، لكن رأسها استند بخفة على كتفه، بينما كان القمر ينير البحر أمامهما. لحظة بدت وكأن الزمن توقف فيها.


لكن الظل لم يغب تماماً. بعيداً عند المدخل الصخري للخليج، كان فارس واقفاً يراقب بصمت. عيناه مشتعلة بالغيرة، قبضته مشدودة. همس لنفسه:
"رح تندم يا فيروز… إذا فكرتي إنك تطلعي من عالمي."

ثم انسحب بين العتمة، تاركاً وراءه وعداً بمشاكل جديدة لم تتوقعها.

وبينما هي لا تعلم ما ينتظرها، كانت تغمض عينيها وتستسلم لدفء اللحظة، وقلبها يدق بقوة غير معهودة، كأن الشتاء البارد صار ربيعاً بين ذراعيه.



الفصل الثامن: قلوب مضيئة وسط العاصفة


في صباح اليوم التالي للرحلة على البحر، استيقظت فيروز على شعور غريب بالهدوء والطمأنينة. رغم كل التوتر الذي عاشته خلال الأيام الماضية، شعرت أن قلبها أصبح أكثر ثقة. أخذت دفتر الرسم وبدأت تترجم شعورها للورق، خطوط ناعمة وألوان دافئة، البحر لم يعد غاضباً كما في لوحاتها القديمة، بل هادئاً ومضيئاً، يعكس دفء اللحظة التي عاشتها بجانب جميل.

بينما كانت ترسم، سمعت طرقاً خفيفاً على باب البيت. فتحت لتجد مروان واقفاً، وجهه صار أكثر هدوءاً من الأيام الماضية.
"فيروز… حبيت أتكلم معك قبل ما يبلش اليوم."

ابتسمت بخجل: "إيه… شو صار؟"

جلس إلى جانبها وقال بصراحة:
"أنا شفتك مبارح مع جميل… وكنت غاضب، بس بعد ما فكرت… فهمت إنك مش بتعملي شي غلط. بالعكس، عم تحاولي تغيّري حياتك للأفضل."

شعرت فيروز بالراحة لأول مرة منذ أيام. "يعني… مش رح تحاول تمنعني؟"

هز رأسه: "لا… بس بسّطنا الوضع شوي. خلي كل شي طبيعي."

ابتسمت: "شكراً مروان… فعلاً كنت محتاجة أسمع هالكلام."


الساعة العاشرة صباحاً – على الشاطئ
جلست فيروز مع جميل لتحديد اللوحات التي ستعرض في المعرض القادم. كان الجو هادئاً، الشمس بدأت تشرق بين الغيوم، والأمواج تتراقص بنعومة.

قال جميل وهو يبتسم: "عارفة؟ اليوم حاسس إننا نقدر نبدأ صفحة جديدة… من غير خوف، من غير كلام الناس."

نظرت إليه: "أنا بس خايفة من فارس… عم يراقبنا، وبصراحة، ما بعرف شو رح يعمل."

ابتسم وهو يضع يده على يدها: "ما عليك… أي مشكلة حقيقية نقدر نحلها مع بعض. وأنا رح كون جنبك طول الوقت."

تدفقت الكلمات الصادقة من قلبها، وابتسمت بعمق. "جميل… بحس إني… بحبك."

ابتسم هو ومال بجسده نحوها، همس في أذنها: "وأنا كمان… بحبك من يوم شفتك ترسمين على البحر."

كانت تلك اللحظة مليئة بالدفء والطمأنينة، البحر أصبح خلفية لحبها المتصاعد، والنسيم يحمل معها وعداً بمستقبل مشرق.


الساعة الثانية بعد الظهر – مواجهة فارس
بينما كانت فيروز تمشي مع جميل على الشاطئ بعد تحديد اللوحات، ظهر فارس فجأة أمامهما. وجهه ما يزال جاداً، لكن في عينيه لم يعد الغضب مطلقاً، بل مزيج من القلق والغيرة.

قال بصوت منخفض: "فيروز… لازم نحكي."

وقفت، وعينها مثبتة عليه: "شو بدك؟"

قال فارس: "أنا… بحبك، وما بدي أي حد يأذيكي… حتى لو كان غني وراقي."

ابتسمت فيروز برفق: "عارف يا فارس… أنا بعرف شعورك. بس قلبي اختار… جميل."

توقف للحظة، ثم أخذ نفساً عميقاً وقال: "ما رح أوقفكم… بس بدي أعرف إنو رح تكوني بخير."

نظرت إليه بعاطفة: "وعد مني… أنا بخير، ورغم كل شي، رح أحمي نفسي."

ابتسم فارس بصمت، ومضى بعيداً. كانت تلك اللحظة بداية تصالح داخلي لها معه، شعرت بالسلام تجاه مشاعر كل من حولها.


المساء – مواجهة نادين وحل المشكلة
حين عادت فيروز إلى البيت، كانت نادين تنتظرها بابتسامة ماكرة، استعداداً لبدء حديث جديد:
"سمعت إنك رح تصيري فنانة مشهورة… بس الناس عم تحكي إنك مش كل شي مستحقينه بدون جميل."

قفزت فيروز من مكانها، لكنها تذكرت كلام جميل وعينيه التي وعدتها بالدعم. قالت بثقة:
"نادين… كل شي عملته، عملته بيدي وموهبتي. جميل ساعدني، بس ما فرض نفسه عليّ. كل خطوة بحياتي أنا المسؤولة عنها."

تفاجأت نادين بصوتها القوي وثقتها، وترددت للحظة، قبل أن ترفع كتفها وتغادر. لم تستطع أن تقنعها، لكن فيروز شعرت بانتصار داخلي.


ليلة المعرض – تتويج الحب والعمل
في قاعة المعرض، أضاءت الأضواء اللوحات، والناس يصفقون بحرارة. جميل كان يقف بجانبها، يضع يده على ظهرها برفق بين حين وآخر، يشعرها بالأمان والاعتزاز.

فارس، من بعيد، اكتفى بمراقبة المشهد بهدوء، مرفوع الرأس، راضٍ أنها بخير وسعيدة.

نادين لم تعد تتدخل، ورغم همساتها السابقة، شعرت أن قوة فيروز وثقتها غلبت أي محاولة للتلاعب.

وفي لحظة هادئة، أخذ جميل يدها وقال بهدوء:
"فيروز… هاد اليوم مش بس عن لوحاتك… هو عن قلبك، شجاعتك، وحبك اللي بيخليني أكون أفضل."

أغمضت عينيها واستسلمت لدفء يده وصدق كلماته. شعرت أن كل الخوف، كل العواصف، كل المشاكل، بدأت تتلاشى أمام نور حب حقيقي ودعم لا مشروط.

وبين أصوات التصفيق وضحكات الأصدقاء،
علمت فيروز أنها بخير، وأن الحب والعمل والمثابرة معاً قادرين على مواجهة أي عاصفة.



الفصل التاسع والاخير : بين الحب والشغف والحياة الجديدة



استيقظت فيروز في صباح يوم خريفي مشمس، والنسيم البارد يطرق نافذتها ويحييها برائحة البحر الممزوجة بالملح. حملت دفترها، وجلست أمام النافذة، خطوط ألوانها تترجم مشاعرها، الموج الهادئ يلامس روحها، والشمس تتسلل بخفة بين الغيوم، كأن الطبيعة كلها تبارك الحب الذي نما بين قلبها وقلب جميل.

دخل جميل بهدوء، يرتدي قميصاً أبيض بسيطاً وسروالاً داكن، شعره ممشط بشكل طبيعي، ابتسامته تغمر المكان دفئاً. حمل له باقة صغيرة من الزهور البرية وقال بابتسامة مفعمة بالحب:
"صباح الخير… اليوم حابب نبدأ صفحة جديدة من حياتنا."

ابتسمت فيروز بخجل، لكنها شعرت بقلبها يخفق بسرعة. جلس بجانبها، ومد يده لتأخذ يدها. دفء جسده تخلل أصابعها، وهمس:
"اليوم… خطوبتنا، بداية حياة جديدة وسحرية."

شعرت فيروز بخفقان قلبها يزداد، ولم تستطع مقاومة شعور الأمان والدفء، اقترب منها أكثر، ومال على أذنها قائلاً بصوت منخفض:
"فيروز… كل لحظة معك… تحرق قلبي شوقاً."

ارتجف قلبها، شعرت بحرارة تزداد في جسدها، والدفء يغمرها من حضوره. لم تكن الكلمات مطلوبة، فقط نظرات عينيه ودفء يديه كانا كافيين لتجعل قلبها يذوب.


في خليج البحر مساءً، يوم الخطوبة، أضاءت الفوانيس الصغيرة المكان، والنسيم الخفيف يلتف حولهما. جميل أمسك بيدها برقة، ثم بدأ يقرب جسده منها تدريجياً، حتى شعرت برائحته ودفء صدره يلامس كتفها. لم يكن مجرد لمسة، بل احتضاناً عميقاً يشعرها أنها محمية ومستقرة، وكأن كل هموم العالم تذوب.

همس في أذنها:
"فيروز… بحبك أكثر من أي شيء رأيته أو حلمت فيه."

لم تستطع مقاومة الرغبة في الاقتراب أكثر، فمالت عليه واحتضنته بقوة، وجهها ملامس لوجهه، وحرارة جسديهما تتناغم مع صوت الأمواج الخافتة. قبلتها على شفتيه بحنان وشغف، قبلة طويلة مليئة بالعاطفة، تجعل النسيم البارد كأنه مشتعلاً بالحب.

ابتسم جميل بخفة، مد يده لتسحب شعرها خلف أذنها برقة، وقال:
"كل لحظة معك… هي عالمي كله."

تراقص قلبها بين الخوف والدفء، لكنها شعرت لأول مرة أن الحب الحقيقي يمكن أن يكون قوي وجريء وآمن في الوقت نفسه.


بعد أسابيع، جاء يوم الزفاف، وكانت القاعة مزينة بالورود البيضاء والشموع، موسيقى هادئة تعزف، وكل شيء يعكس بساطة فيروز وذوق جميل الراقي. ارتدت فستانها الأبيض، شعرها منسدل بطريقة طبيعية، ابتسامتها مشرقة، بينما جميل ارتدى بدلة سوداء كلاسيكية، وعيونه لم تفارقها.

أثناء الحفل، عندما كانا وحدهما بعيداً عن الحضور للحظة، اقترب جميل منها برقة، وهمس:
"الزفاف ليس النهاية… بل البداية."

مال عليها، ومد يده لتحتضنها بقوة، وأخذ يقبل رقبتها وشفتها بحنان وشغف، لحظات رومانسية جريئة لكنها مليئة بالحب، جعلت فيروز ترتجف بفرح، تشعر أن قلبها أصبح ملكه بالكامل. البحر بعيداً يهمس، والشموع تحيط بهما بدفء، وكأن العالم كله توقف ليشهد حبهما.


بعد الزواج، في شقتهما المطلة على البحر، أصبحت كل لحظة رومانسية أكثر جرأة، لكن طبيعية: لمس الأيدي، احتضان طويل أمام النوافذ، همسات الحب أثناء الليل، وحتى لحظات الضحك واللعب معاً قبل النوم. فيروز شعرت لأول مرة أن الحب والجاذبية والشغف يمكن أن يتوافقوا مع الأمان والراحة.


بعد سنة من الزواج، رزقوا بتوأم: ليان وياسين. كانت فيروز تجلس في غرفة المعيشة، تمسك بابنها وهو يضحك، بينما جميل يحضن ابنته الصغيرة. جلسا معاً على الأريكة، شعرهما متلاصق، يراقبون أطفالهم وهم يلهون، والدفء والحنان يملأ المكان.

قال جميل وهو يربت على ظهر فيروز:
"شايف قلبك… كل شيء أصبح لوحة كاملة، مليئة بالحب والشغف والسعادة."

ابتسمت فيروز وهي تميل على صدره:
"وأنا كمان… بحس أن حياتي اكتملت، كل
لحظة حبنا أصبحت ذكرى جميلة، وكل شيء صار أكمل حلم."
قصة رائعة لكن تفتقر نوع من اكشن
 
أعلى أسفل