أوّلُ الهوى جُرحٌ عميقٌ لا يندمل،
وسهمٌ غادرٌ أصابَ الفؤادَ فتركَهُ عليلاً.
كانَ الحُبُّ في العينِ بستاناً مورقاً،
فانقلبَ ريحاً عاصفاً، يقتلعُ الجذورَ ويذروها.
سفنُ الروحِ أبحرتْ تطلبُ أفقاً،
فغرِقتْ في لجّةٍ لا ساحلَ لها،
وباتتْ تتيهُ بين أمواجٍ لا ترحم.
الحلوُ في العذابِ سمٌّ مُسكر،
يسقي القلبَ حياةً ساعةً…
ثم يتركهُ ميتاً ألفَ مرةٍ في صمتِ الليل.
الذكرى نارٌ لا تُطفئها الدموع،
والشوقُ سوطٌ يجلدُ الروحَ حتى الفجر،
فلا نومَ يرحم، ولا نهارَ يَعدُ بالسلام.
صوتٌ يصدحُ من أعماقِ الجرحِ،
وصدىً لألمٍ سَكَنَ الفؤادَ،
لكنَّ للروحِ التي ذاقتْ مرارةَ الداءِ،
بَريقٌ مِن أملٍ، ووعدٌ بالشفاءِ.
لا تظنَّ أنَّ الحُبَّ كلُّهُ بَساتينٌ تُورِقُ،
ففيهِ ريحٌ، فيهِ ليلٌ، فيهِ عَصفٌ يبتلِي.
لكنَّ الجذورَ التي تُقلَعُ تُعلِّمُنا أنْ نَنمو مِن جديد،
ونُنشئَ بستاناً أكثرَ قوَّةً، أكثرَ رَواءً، أكثرَ وعيًا بالخطر.
السَّفينةُ قدْ غَرِقَتْ، لكنَّ الرُّوحَ لمْ تَمُتْ،
ففي قاعِ البحرِ، تَكتشفُ النُّفوسُ كُنوزاً لمْ تَكُنْ تَراها.
والأمواجُ التي لا تَرحمُ، تُعلِّمُنا فنَّ العَومِ،
وتُقوّي أذرعَنا لِنُبحِرَ في مياهٍ أكثرَ عُمقاً.
لا يَنفعُ البُكاءُ على مَوتِ الحُبِّ،
فَلِلذّكرى نارٌ، وللشَّوقِ سوطٌ،
لكنَّ الدموعَ تروي أرضَ الروحِ لتُزهِرَ مِن جديد،
واللَّيلُ الذي لا يَرحمُ، يُعلِّمُنا أنَّ بعدَ كلِّ ظُلمةٍ فَجرٌ.
فيا أيُّها القلبُ المُتعبُ،
لا تستسلمْ لِلهمِّ الغادرِ،
فالحُبُّ ليسَ هوَ الدَّاءُ، بَلْ دَواؤك،
ولَعلَّ هذا الجُرحَ هوَ الطَّريقُ إلى نورٍ جديد.