فصحي قصيرة دعوة الأحباب لتفريغ ما بالنفس من عذاب: سهرة جنس جماعي

ابو دومة

ميلفاوي خبير
عضو
ناشر قصص
إنضم
11 يوليو 2024
المشاركات
346
مستوى التفاعل
143
النقاط
0
نقاط
309
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
دعوة الأحباب لتفريغ ما بالنفس من عذاب: سهرة جنس جماعي


1 = ذكريات زهرة شامية أصيلة


تلقيت مؤخرا رسالة من ذ.أحمد، ذلك الرجل الجرئ الذي اقتحم هدوء حياتي في غفلة مني، قادما من العدم مثل سحابة ممطرة تهب فوق حقل أحرقه جفاف طال ستة أعوام.. كانت عبارة عن نص طويل كعادته في كل رسائله، يعزف فيها على نفس الوتر الحساس الذي يطرب كل امرأة محرومة من العشق والحنين.. ظل مصرا يعمل على إقناعي.. يريدني أن اتجاوز حدودي التي تربيت عليها وعشت بها طول حياتي.. قرأ قصصي، المنشورة بأحد المنتديات الالكترونية كلها، وأعتمد على ما تعكسه بعضها من تمردات نسوية، فأبصرني بعين المجرب داخلها، وصار يتلاعب بي. يعرض علي علنا أن أجرب الخروج عن المعتاد من الصبر والقناعة ولو مرة واحدة.. تماما كما تفعل بطلات قصصي، حتى تزعزع صبري وداخلتني الحيرة واندفعت معه تدريجيا نحو الاقتناع.. فهل اقتنعت حقا؟

بيني وبين نفسي، رضخت بالقلب لكني لم أقتنع بالعقل بعد.. في الحقيقة أفكاري، إلى حدود الساعة، متجهة كلها لما يجري في بلدي.. لا يبقى للأمور الأخرى التي ما انفك "أحمد" يحرضني عليها سوى أهمية سطحية عابرة.. تختفي بالنهار وتعود اثناء الليل مع وحشة الظلام.. فاكتفيت بمسايرته لكسب تعاطفه.. ولا أظن أني سأقدر يوما ما على تنفيذ ما يدعوني إليه.. لا أدري، ما زلت حائرة.. جعلني إلحاحه أطلق عليه لقب "زوربا العربي" لأنه يشبهه في كل شيء تقريبا.. ملحاح وأناني، لا يرى العالم إلا من خلال أحلامه الخاصة.. يستهين بكل ما يحدث.. ما أن تخطر بباله فكرة، مهما كانت غريبة، حتى يتحول إلى مغامر يصر على تنفيذها.. ينظر للحياة كأن لا شيء فيها يستحق الاهتمام سوى اللحظة والفكرة التي يراها ويسعى لتحقيقها...

أعرب لي في نفس الرسالة، عن رغبته في ان يتعرف على بعض أصدقائي، لا سيما المقربين مني. طاوعته رغم اني اعرف ما يسعى اليه من وراء طلبه. كان الذي حيرني في رسالته، هو ذلك الكم من الشجاعة التي جعلته يقترح علي تنظيم سهرة جماعية، ويحدد في نفس الوقت دون استشارتي، عدد المدعوين لحضورها، في ثمانية أشخاص فقط، بين نساء ورجال..

يجب أن يكون شخصا حالما وأنانيا بلا حدود كي تبلغ به الجرأة قدرا كهذا من التطفل والفضول.. لعله استطاع اختيار العدد من خلال رسائلي التي كنت أرد بها على رسائله.. كنت أحيانا أذكر فيها بعض الأسماء.. فقد طالما تعرضت لذكر من شرفوني بالمساندة والدعم أثناء محنتي التي اختطفت مني زوجي.. شعرت بحرج وأنا أحاول تنفيذ طلبه.. أصبحت رغبته حافزا لي كي أقوم بعملية تصفية وتمييز لأبقى في حدود العدد الذي اقترحه.. لم أفهم لماذا اختار ثمانية أفراد بالضبط.. فقد يكون هناك خلف هذا العدد سر لا أعرفه..

لم يسبق لي أبدا أن تعاملت مع أصدقائي بهذا السلوك. إذ باستثناء اسمين هما "أسماء" صديقتي، والأستاذ "مروان" صديقي وصديق زوجي، فإن غيرهما من بقية أصدقائي كلهم سواسية في نظري. يحتلون في قلبي نفس المنزلة، لا فرق بين هذا وذاك.. كلهم ضروريون إلى حد ما، دون أن يتوفر أحدهم على ميزة كافية تجعله أقرب لنفسي أو أبعد من الآخرين.. علاقتي بهم جميعا متكافئة، وذكرياتنا تتقاطع مع بعضها البعض.. إما في العمل أو السياسة أو الرياضة أو السفر المشترك.. وهكذا.

لكن، ما دمت أتحدث عن عقلية "زوربا العربي"، فإن من الواجب أن ألتمس منكم العذر، لأني دخلت في عمق الموضوع دون تمهيد.. فاسمحوا لي أن أبدأ القصة من حيث ينبغي لها أن تبدأ..

أنا مجرد سيدة أرملة. اسمي "هند".. يقولون عني أني عاقلة وجميلة.. تربيت وسط أسرة متوسطة الحال.. كان والدي أستاذا قبل أن يصبح عضوا بارزا في الحزب الحاكم.. ليست لدي باستثناء لوني الشديد البياض وحبي المبالغ فيه للأناقة، أي خاصية تميزني عن باقي سيدات سوريا الحبيبة.. أصدقائي يقولون عني أني صاحبة شخصية قوية.. لعلهم يبالغون، لأني لا أعتبر نفسي كذلك.. ربما هي صفة رافقتني منذ الصغر، مع أني لا أشعر بها. أعتقد أنهم يعتبرون قدرتي الخارقة على التحدي والصبر والتلاؤم مع الطوارئ قوة بينما هي صفات أتشبث بها من باب الأنانية وحب الذات ورغبة في حماية نفسي فقط.. لم تتغير خصالي مع الزمن، إذ أن رغبتي في الحياة ظلت قائمة مهما حدث لي من المتاعب والأزمات..

دخلت كلية الحقوق بعد حصولي على معدل لم يشفع لي كي ألج غيرها من الكليات العلمية.. كانت بصحبتي صديقتي الوحيدة "أسماء" التي رافقتني كظلي منذ تعرفت عليها في صغري.. تربعت على عرش صداقتي إلى اليوم.. نجحنا في شهادة البكالوريا معا ودخلنا نفس الكلية، وجلسنا في الصفوف، عبر سنوات الدراسة كلها، بنفس الطاولة.. لم يمض علينا أسبوع واحد في المستوى الأول بالكلية حتى بدأت عاداتنا وسلوكنا الاجتماعي تتغير قليلا ككل فتاة تدخل الجامعة.. تعرفنا على عدد من الطلاب أهمهم ثلاثة.. أو لنقل إن "أسماء" بطبعها الفضولي المتلهف، دفعتني دفعا لكسب صداقتهم.. كانوا يتابعون الدراسة في السنة الثالثة.. لم يكن بقي أمامهم سوى أن تنتهي السنة للتخرج.. أحدهم اسمه "زياد" وهو الطالب الذي كتب لي أن أتزوجه بعد ذلك بسنوات..

.. مرت السنة وتخرج الأولاد الثلاثة واختفوا عن الأنظار.. تفرقنا جميعا كل سار لمصيره الخاص.. سمعت أن "مروان"، الذي كانت لي معه قصة طويلة، تزوج في فرنسا من طالبة فرنسية ورزق منها بولد وبنت.. غير أنه بعد أن تزوجت أنا من صديقه "زياد" بفترة، عاد ليتسلم منصب أستاذ جامعي في نفس التخصص الذي حضر فيه اطروحة الدكتوراه.. أما "آدم" وهو الثاني في الشلة، فقد ظل بالجامعة لتحضير رسالته بها.. وانتهى به السير للانخراط في الحزب الشيوعي، لمجرد أن له أخا أكبر منه، كان يحتل في الحزب منصبا في القيادة.. ربما رغبة في تقليد أخيه، أو ليتخلص من خجل يرافقه باستمرار.. حصل على منصب أستاذ بنفس الجامعة..

تخرجت، وكافحت من أجل دخول مدرسة تكوين المعلمين، إلى أن تم تعييني باحدى المدارس الثانوية بالعاصمة.. لم يكن من السهل الحصول على منصب أستاذة بنفس المدينة لولا تدخل عائلتي... حيث أن أبي كانت له صداقة قوية بأحد الوزراء، فضلا عن أني منذ بداية الجامعة كنت نشيطة في جمعية الطلبة، كفرع شبابي للحزب الحاكم، الشئ الذي ساعدني في الحصول على التعيين بالعاصمة...

قبل أن أعرف أو أحب "زياد" الذي تزوجني، لم يكن يخطر نهائيا بالبال أن أحد الطلاب الثلاثة قد يربط حياته بحياتي في يوم ما.. كان قليل الكلام حريصا على الصمت والظهور مبتعدا عن الأضواء، إلا حين يتعلق الأمر باجتماع لجنة الكلية التابعة لاتحاد الطلاب.. كل الأعين والأقاويل كانت تنظر في اتجاه مغاير.. على طريقة ما قاله جميل بثينة عن حبيبنه:
إذا جئت فامنح طرف عينك غيرنا ......كي يحسبوا أن الهوى حيث تنظر

.. تعرفت في بداية الموسم قبله على صديقه "مروان".. ذلك الشاب النرجسي، المغرور بنفسه فوق العادة. ينحدر من اسرة حلبية أرستقراطية شهيرة.. هو الذي اكتشفني وسارع الزمن ليتقرب مني ويخطف صداقتي.. حاولت أن أراوغه لكنه كان عصيا كصخرة صماء.. اعتقد أني حلبية لشدة بياضي.. فتشبث بي.. غامرت في صحبته بعد أن تعبت من إلحاحه.. لحسن الحظ، كان "لمروان" هذا أصدقاء أكثر لطفا وبراءة، وأبعد عن مشاغبات المراهق المفتون بوسامته وسحر رجولته، المفتخر باستمرار بأصوله الحلبية، لدرجة أنه أطلق على نفسه بين الطلاب لقب "سيف الدولة".. أذكر حتى اليوم بعضهم، لكن أكثرهم ضاعوا أو ابتعدوا.. ما زلت على صلة بعدد قليل منهم.. أحدهم الرفيق "آدم" صديقه الأقرب، ذلك المناضل الشيوعي المسكون برهبة خيالية.. كان يومئذ متحمسا لكل ما يمت بصلة للفكر الماركسي والشيوعية العالمية.. لكنه بالنسبة للبنات كان معروفا بخجله الشديد.. عندما تجمعه الصدف بالجنس اللطيف تحمر خداه ويطرق بصره إلى الأرض، وعيناه ترمشان بدون توقف.. لكنه من ناحية السلوك كان أكثر الثلاثة رزانة وتعقلا.. أخيرا زوجي الغالي.. لم أحاول مطلقا أن أفهم معنى لاسمه.. كان ميالا للصمت والعزلة، وإذا تحدث فإنه يعبر عن بخل شديد كأنه يقيس كلماته بميزان الذهب.. يستمع ويستوعب صامتا.. يبدو حالما سابحا في عالم خفي لا يعرفه أحد سواه.. تعامل معي دائما بعفوية وهدوء، كما لو أنه أخ أو قريب يعرفني دون أن يتطفل أو يقحم نفسه في شؤوني الخاصة.. حتى أثناء اجتماعات الطلاب، يقول كلمته ويمضي، إذا توقف النقاش، مباشرة..

كنت في البداية مقربة من صديقه "مروان" فلم أفكر في كسب صداقته، أو التقرب منه.. لم يتح لي أن أرى فيه أية ميزة باهرة، فلم أشعر بأي ميول نحوه.. صديقتي الوحيدة "أسماء"، كانت تشغلني عن التفكير بكثرة نصائحها قائلة: إن "مروان" يعشقني، وهو على استعداد للوفاء لحبي. زعمت أنها كانت تعرفه منذ الطفولة لأن لها به صلة قرابة عائلية.. لكني سرعان ما اكتشفت بالصدفة أنها كاذبة، وأنها فقط تتلذذ بإغرائي ودفعي لمصاحبته. تتخيل أمرا فتصدقه وتراهن علي تنفيذه بكل إصرار.. لم يحدث أن رأيتها في يوم ما جادة أو واقعية.. حياتها مختلطة بأحلامها وأوهامها وهلوساتها.. كل شيء بالنسبة لها لعب ومزاح عابر، لا تفكر ولم تكن لها أبدا علاقة بالفكر لا من قريب ولا من بعيد.. تمزح دائما وتهتم بأي بارقة أمل تفتح لها باب اللهو والأحلام.. لم أتمكن أبدا أن أعرف بالضبط ما يميز الواقع عن الخيال في سلوكها.. عانيت من أكاذيبها وأحلامها الأمرين.. فقد اغتنمت كون "مروان" يتوفر على شقة، وزينت له أن يدعونا معا لبيته.. قبلت رأيها على مضض.. حين استقر بنا المقام في الشقة صباح ذات يوم، اكتشفت أن "أسماء" اتفقت معه مسبقا لتحويل الزيارة إلى مناسبة غرامية.. ولحسن حظي، كان الاتفاق يقضي أن تراوده هي أولا عن نفسه.. وتقبله ثم تبدأ في طرح ملابسها جانبا.. وتستدعيني للمشاركة معهما.. لكني غضبت وصفقت باب الشقة وهربت.. خاصمتها مدة زمنية هي و "مروان".. لكني سمعت من كثيرين حكاية ملفقة تقول بأنه ضاجعنا معا واستمتع بمؤخرتينا. لست ادري هل نال غايته منها وان كان ذلك لا يهمني. . لم يصدقها أحد لأنهم يعرفون عقليتها وكذبها.. هكذا سامحتها لأني تعودت عليها، وسلمت لها نفسي.. لم ألمها فيما بعد.. ما زلت إلى اليوم لا أفهم لماذا كانت تدفعني دفعا إلى حضن "مروان" حتى جعلتني أصدق وأقتنع بتحريضها.. فأغمضت عيني عن بقية الرجال واستسلمت له واقتصرت على صحبته.. أسهل له طريق التقرب مني طيلة الموسم الدراسي، دون تجاوز حدود زمالة عادية، وإن كان يفوز مني أحيانا ببعض القبلات الخاطفة.. فلما اقترب زمن تخرجه فوجئت به يدعوني لتناول كأس من العصير في مقهى.. توقعت شرا حين رأيته على غير عادته خجلا يتحاشى النظر في وجهي.. بعد صمت مثير وتردد، التمس مني المعذرة.. برر انسحابه المفاجئ من حياتي بعذر لم أهتم بمضمونه كثيرا. كنت متسامحة كالعادة وقبلت التبرير متصنعة عدم الاهتمام به.. تركت الحياة تشق طريقها، وأقبلت على دراستي بكامل الجدية.. كما استجبت كتلميذة مجتهدة لما كانت تقترحه علي أسماء، وانسجمت وإياها في مصاحبة كل من مروان وآدم وزياد، دون مشاكل.. خصوصا بعد أن اقتنعت بضرورة الانخراط مع الجماعة في الاتحاد الوطني للطلبة..

بعد تعييني، أصبحت لدي كامل الحرية للتصرف في حياتي خارج أوقات العمل.. دخلت خلية من خلايا الحزب وأخذت أمارس دوري كاملا كمواطنة.. أحضر عند اللزوم لقاءات واجتماعات أسبوعية.. كما اكتسبت صداقات جديدة في الحزب والمدرسة.. أعترف أني في البداية وجدت صعوبة كبيرة في فهم ما يقال أو يحدث من حولي.. وجدت صعوبة أكبر في التفاهم مع غيري.. مع ذلك لم تغادرني غريزة التوجس والخوف والشك التي عرفت بها دائما.. مما تسبب لي في حساسية شديدة من كل الابتسامات ومن كلمات الغزل أو التحرش وكل رغبة تحاول التقرب مني. كنت أعيش تحت نتيجة علاقتي الفاشلة مع "مروان". أنوء تحت ثقل حساسيتي التي تحولت إلى أكبر حاجز، وأصعب عرقلة تقف في وجه اندماجي في حياة الجماعة.. فكان ظهور زياد فجأة في طريقي مفاجأة سارة.. ما كاد يتحدث حتى صدقته لأقدمية معرفتي به.. وكأنه جاء يخلصني من الانغلاق والتشكيك الذي غرقت فيه بإرادتي..

هو القدر وحده الذي وضعني ذلك المساء في طريق "زياد".. حضرت ذات مساء ندوة حزبية، وهناك التقيته.. كان مرتديا بذلة زرقاء غامقة وقميصا ناصع البياض، وحذاؤه الأسود يلمع كلما خطا نحوي.. حضر اللقاء الحزبي كزائر فقط.. لعله كان مبعوثا في مهمة استثنائية فرضتها الأحداث الجارية.. تذكرني للتو وهو يتحرك متجها صوبي. كان مبتسما.. تعرف علي لحظة ولوجه القاعة.. حين انتهى اللقاء ناداني باسمي قبل أن أغادر.. لم أكن رأيته حين دخل.. غاب عن ذهني تماما وجوده بعد مغادرته الكلية ونسيت حتى شكله لكثرة ما شغلني من مشاكل الحياة اليومية.. لكن إطلالته الجديدة أضفت عليه وسامة لا أذكر أني رأيتها فيه من قبل.. حياني واقفا، وسرعان ما سألني عن مستجدات أحوالي.. لم تمض ساعة واحدة حتى كانت شرارة الذكريات تعيدنا لمرحلة الجامعة.. امتزج حنيني بعطشه الظاهر في نظراته المشعة لتصحو كل الذكريات الجميلة الغافية فجأة.. اعترف لي بسهولة أنه كان يحبني من بعيد في صمت. لأنه كان يعتقد أن "مروان" صديقه سبقه إلي، وأنه كان جادا في طلبي للزواج.. تبادلنا العناوين وبقينا على صلة من بعيد. خصوصا بعد أن أخبرني أن حماسه لوطنه، أوحى إليه أن ينخرط مباشرة بعد التخرج في سلك الجندية.. وأنه حين لقائنا ذاك كان ضابط صف محترم.. استعرض معي بعض الصور وهو في لباسه العسكري.. تزوجته دون أن يخطر ببالي عندئذ أن المنية تعشق المخلصين أمثاله وتختارهم شهداء في أية ساعة..

تقدم لأهلي فوافقت على الزواج فورا ..

تزوجنا بسرعة دون مشاكل.. كنت في الثامنة والعشرين من عمري وهو في الثانية والثلاثين، لا يفصله عنها سوى بضعة أيام.. خلال حفلة الزفاف احتفلنا جميعا بعيد ميلاده أيضا.. بعد سنتين من الحياة الزوجية وفقنا معا في اقتناء شقة جميلة.. انتظرنا الخلفة عبثا طيلة ست سنوات عجاف بعد ذلك.. حاولنا بكل الطرق أن نرزق بصبية يملؤون البيت بالضجيج والصراخ، لكن الحظ لم يكن رحيما.. ربما قدري هو من قرر حرماني من الأمومة، إذ لو كنت اليوم أما لكان عذابي ومسؤولياتي أكبر بكثير مما هي عليه الآن..

منذ الشهر الأول، خضعت راضية لسلطته كضابط.. قررت الانضباط والامتثال لأوامره بكل جوعي وعطشي لحياة لم تكن لدي أي فكرة عنها.. أخرجني بسلاسة من الظلمات إلى النور.. من الضباب إلى حرية فسيحة لم أعهدها.. كنت خجولة وتقليدية فعلمني أن أبوح وأعبر وأغتنم الفرص السانحة.. بل وأسعى إليها وأجتهد كي أقتنص أحلاها وأطيبها.. كنت طيلة حياتي أخاف من كلمات الغزل، وأتوجس من لمسة الذكر والتقرب من جسده ومن حرارة نظراته ورخامة صوته، فحولني إلى امرأة تقبل الارتماء حتى في النار من أجل قبلة حارة، ولمسة منعشة أو نظرة ساحرة تدعوني للسباحة في بحار المتعة.. بدأت أقدر وأستوعب لماذا كان والدي حريصا على مراقبتي، وكانت أمي تمنعني من حرية اكتساب صداقات غير موثوقة حتى مع الفتيات.. نسيت الماضي وانسجمت أنا وزوجي في أتون الحب وسحر الغرام.. علمني كل أشكال وألوان وأوضاع الممارسات الحميمية.. علمني أن أصوم وأسهر وأقبل حرماني من الطعام والشراب ولا أقبل تضييع لحظة واحدة من الحب.. لكن حكم الأقدار سقط فوق راسي بغتة وأنا في بداية طريقي إلى الدخول للحياة.. لم يكن مضى على زواجنا سوى ستة أعوام حين انتهى كل شيء في رمشة عين..

ما زلت أفكر إلى اليوم في الأحداث التي شبت على حين غرة. بدت كأنها شبيهة بما وقع في تونس ومصر، وغيرهما من البلاد العربية... إلا أن الأمور تعقدت عندنا بسرعة خارقة.. تداخل فيها المحلي بالعربي والدولي فلم يعد أحد يدري بما يجري في الوطن من مصائب.. كل التحريات والتحليلات دلت على أن خطة تشتيت الوطن العربي قد بدأت.. تلك الخطة الجهنمية التي وضعها الكيان الغاشم وتكلفت تركيا وأطراف عربية اخرى بتنفيذها عمليا نيابة عنه.. تسربت مؤامرته الخبيثة عبر عقول أفراد وجمعيات ثقافية واجتماعية من الخونة والمرتزقة والمتأسلمين.. فاشتعلت نار الحرب ولم تخمد نيرانها بعد.. ارتمى الطامعون والدجالون والدواعش من أهل اللحى من كل جهة على الفرصة.. كانت هجمة شرسة معززة بأحسن وأعتى الأسلحة التي نزلت بغتة لتغطي كل أرجاء الوطن العزيز.. لا أحد عرف أو رأى كيف انتشرت.. سموها ربيعا بينما لم نشهد منها سوى خريف يحرق الأخضر واليابس في كل مكان.. اختلط فيها الحابل بالنابل وتاه الكل حتى عم الرعب والخوف وانتشر الخراب.. انقلب كل شيء رأسا على عقب. فكان لازما بعد هذا الاستفزاز أن تتدخل الدولة بجيشها الوطني.. وأن يفتح باب التطوع أمام الشباب والمخلصين من رجال ونساء الشعب.. ظهرت جبهات المقاومة في كل ناحية من ربوع الوطن، لتدارك الأوضاع واستعادة السيطرة وحماية الأرض والمؤسسات الوطنية والعمل على تصحيح الأوضاع..

في عز تلك المأساة، اختطفت الأحداث مني زوجي..

كم مللت الرجوع للماضي والذكريات الجميلة. كلما واجهتني صورة "زياد" أستعيد معها شلال الذكريات.. أراه ينظر لي بعينيه الجميلتين وشاربه الأسود فوق شفته العليا من خلال برواز معلق غير بعيد وراء شاشة التلفزة كل مساء.. أكاد أخاطبه مشتكية سائلة إياه عن الفراق المباغت.. "لمن تركتني يا "زياد".. أناوشه وعيناي تكاد تدمع.. أنجز أشغالي وواجباتي اليومية بقلق ممزوج بجدية نادرة عودتني عليها أمي. أحمل بعد ذلك رواية أو كتابا جديدا في تخصصي اللغوي وفي يدي الأخرى كأس قهوة شامية متبلة، أو أفتح الحاسوب لأستمع لأغنية من أغاني فيروز التي عشقتها منذ طفولتي. أقعد في ذلك الركن الهادئ المفضل عند المرحوم.. أقلب الصفحات في الظاهر، لكني في السر أتفرج على ذكرياتي المتوالية كأنها سلسلة درامية تبث عبر جهاز التلفاز الصامت أمامي.. أراجع منها ما لم أقدر على تجاوزه. كأني أميرة حزينة تفكر في زوجها الذي خرج ولم يعد.. تبكي بلا دموع وهي حاقدة على كل الأعداء الذين أشعلوها فوضى عارمة باتت تهدم كل شيء..

كنت بالكاد أدخل سن الرابعة والثلاثين حين توفي المرحوم.. بالنسبة إليه فهو لم يكن بلغ الأربعين بعد.. أصيب بقذيفة في أحد المعارك الضارية.. نقل على إثرها في غيبوبة إلى المستشفى العسكري لم يستيقظ منها بعد ذلك.. حيث تأرجح بين الحياة والموت ما يقرب من ثلاثة أشهر.. ودع الحياة في نهايتها أثناء الليل دون أن يفتح عينيه أو ينطق بكلمة ودون أن نودعه.. الغريب في الأمر أن هذه المحنة حلت بنا بعد أسبوع فقط من حدث لا أدري كيف أصفه.. كان يومئذ حدثا جميلا نادر الوقوع، لكن ذكراه اليوم تحفر القلب وتحطم الوجدان..

لجأت لقائد الجبهة وهو الضابط العقيد "فوزي" الذي تزوجته صديقتي "أسماء" غير عابئة بفارق السنوات الذي يبلغ بينهما عشرين سنة.. ترجيته ليجد لي مخرجا يمكنني من زيارة زوجي داخل جبهة القتال، بعد أن طالت غيبته عني أزيد من شهر.. كانت زوجته تعينني لإقناعه حين يزورها كل أسبوع.. لما حصلت منه على الترخيص، أرغمني على ارتداء الزي العسكري، وتركني أبحث عن زوجي بين الخيام وخنادق القتال المحفورة بهندسة معمارية عجيبة.. لم أملك أعصابي حين وجدته معفرا بالغبار والتراب.. تعرفت عليه بأعجوبة.. وقف ينظر إلي مشدوها فاغرا فاه.. فارتميت عليه حتى قبل إلقاء تحية السلام.. عصرته في حضني مرتعشة من شدة الشوق والحنين.. ابتسم لي مطمئنا ليهدئ اضطرابي.. اخذ يسألني عن الاهل والبيت وانا مطرقة قبل ان يقبلني.. ملهوفة نزعت عن صدره الجاكيت، وأنزلت سروالي وأخرجت متاعه وأخذت أبكي وأقبل وألعق كأني أخشى أن تكون متعتي به هي الأخيرة. بعد أن هدأت قبلني بهدوئه المعتاد. وأنزلني تحت قدميه. شهقت لهفة حين رايت في عينيه نظرة جائعة كأنه يريد ان يفترسني بدون رحمة..

كانت الطامة التي لا تنسى، أن العقيد انتظر عودتي فلما تأخرت، سارع يقوم بجولته التفتيشية لتفحص آخر المستجدات في الجبهة.. فإذا به يمر قريبا منا ويكتشف الذي حصل.. نظر إلي وأنا نصف عارية الفخذين تحت زوجي وأقدامي تحاصره من خلف ظهره متمسكة به كي لا يطير من يدي...

التقت عيناي بنظراته المشدوهة.. توقف لحظة يحملق مترددا ثم انسحب لينادي زوجي بعد حين من أعلى الخندق.. لا أدري ما الذي حدث بعد ذلك.. فالزمن والصدمة لم يسمحا لي بمعرفة التفاصيل.. تملصت هاربة خجولة بسرعة فائقة دون توديع زوجي الذي أصيب في مقتل بعد أسبوع.. تسربت عن صديقتي بعض الجمل التي روتها لي ساخرة أو ضاحكة كعادتها.. قالت إن العقيد حزن وندم كثيرا لأنه فك ما كان بيني وبين زوجي من التحام.. لم يتردد في امتداح ما رأت عيناه رغم أن المشهد لا يفارق خياله والفعلة بحد ذاتها لم يكن راضيا عن حصولها في الجبهة.. ما أزال إلى اليوم أشعر بخجل شديد وحرج كلما التقيته، خصوصا عندما أرى بريق عينيه وهو يبتسم لي متوددا أو يحاول إقناعي بأن الذي حدث قضاء وقدر.

2 = رسالة من الشيطان "زوربا العربي"



تقول "هند":

تذكرت أن الذي فجر شلال ذكرياتي، ليس هو الزواج أو الصداقة أو ألم الفراق بعد رحيل زوجي.. ولم يكن هو ذلك الكم الهائل من الحزن.. فقد شربت منه ما يكفي حتى الثمالة، وتعودت عليه حتى أني لم أعد أهتم به حين يلم بي.. تعلمت كيف أطفئ همي وحزني في العمل والمهام الحزبية ومتابعة ما يجري في البلاد من حولي.

كنت ذلك الصباح أفكر بجدية في الآفاق الجديدة التي باتت تلوح في وجهي.. ولم لا؟ ليس عيبا أن نتمسك بالحياة وليس خيانة أن ننسى.. نعمة النسيان هبة ربانية لا يكسبها إلا الأقوياء والمحظوظون، والصمود في وجه الرياح والأعاصير صفة لا تتوفر إلا للعظماء.. كنت مشغولة بنوع جديد من الأفكار.. علي أتخلص من أعباء الماضي والذكريات وأواصل حياتي، على النحو الطبيعي، بما تمنحه الطبيعة لكل الناس من السعادة والهدوء.

في الرسالة التي وصلتني، شرح لي "أحمد" فكرته فقال بأن علي أن أسعى لتنظيم لقاء جماعي، يحضره الأصدقاء الذين أختارهم.. أما عن السبب فإنه يقول: هو لقاء تفرضه مناسبتان وطنيتان.. إحداهما الذكرى الثانية والسبعون لاحتفال الوطن باستقلاله المجيد.. والثانية تتمثل في الذكرى السابعة لانطلاق الحرب اللعينة.. سيكون لقاء يفتح فيه المجال أمام الحاضرين ليتعارفوا ويفرغوا ما تجمع في نفوسهم من الطاقة السلبية جراء ما تعرفه حياة الوطن من صعوبات ومستجدات.. يتحدثون خلاله بصدق وعفوية واقتناع، معبرين عن مشاعرهم الوطنية، وعن أحاسيسهم وأحوالهم النفسية في ظل ما يعيشه كل منهم من توتر وضغوط وصراعات داخلية.. خصوصا منها الجوانب العاطفية، بعيدا عن الالتزامات اليومية المرهقة. لقاء يجددون فيه تعبئة أرواحهم وقلوبهم بما ينبغي من الطاقة الإيجابية، والعزيمة والتضامن لاكتساب مزيد من الصمود والقدرة على مواصلة الصبر والانتظار الذي أصبح الفريضة الوطنية والواجب الأسمى في حياتهم..

قال إنه سيعتمد طريقة مستمدة من ديانات قديمة ك"التاوية" و"الهندوسية" و"البوذية"، طريقة تشبه اليوغا.. تبدأ باعترافات صريحة يقدم فيها كل واحد ما يرهقه ويقلقه أو يهفو لتحقيقه.. وسيكون هو أول المعترفين.. ثم يأتي دور الترفيه بالضحك والمزاح.. يتخلل كل ذلك طعام وشراب.. وبعد انسحاب من يريدون المغادرة في منتصف الليل، تفتح صفحة الذكريات والاعترافات الغرامية لكل واحد.. مع مواصلة الشرب، في انتظار أن يسود الانسجام وترتفع كل الحواجز وتنهار رقابة الضمائر، وتتنفس الأرواح السجينة نسائم الحرية، وتتخلص الذات الجماعية من الرقابة السلبية والنزعات العدوانية، وتنشرح الأعصاب، وتغدو كل التصرفات لطيفة مهفهفة كالأحلام، لا قوانين أخلاقية تتحكم فيها ولا حساب. يختفي جدار المناعة الفاصل بين الأحباب والأصدقاء، وتزول كل الموانع التي بنيت بينهم.. تصبح كل الحركات والكلمات مقبولة ومحبوبة مهما كانت غريبة أو متطرفة.. فيعم الانفتاح والانشراح.. وتتحرر الغرائز والأرواح من كل العقد التي تسبب التوتر وتكبل الإرادة ضدا على راحة النفس واستكانة الأجسام...

هذا ما قرأته في رسالته. وبالنظر لقلة خبراتي في مجال الجنس، صدقت لأني لا أعرف بالضبط ما يعنيه هذا الكلام، وما يخفيه تحت ستاره من حيل وتلاعبات يتقنها الخبراء والمحترفون فقط. لم أنتظر من كثرة الكلام في الرسالة أشياء ملموسة أصلا، إنما وافقت من باب التخمين وحب التغيير.. كنت بأمس الحاجة للهروب من مشاكلي المتراكمة والهلوسات التي صارت تسيطر علي كل ليلة. وأعتقد أن بقية الحاضرين مثلي، يحمل كل منهم جبالا من الهم والحزن الدفين.

لا أخفي، رغم التخوف والحذر، رغبتي الخفية وميلي للحصول من لقاء السهرة على بعض المفاجآت السعيدة.. تذكرت مقالا قرأته مؤخرا عن مثل هذه الأمور.. فتبين لي أنها مقترحات قد تكون ذات صلة بما يسمى في "الطب النفسي الحديث العلاج بواسطة الموسيقى والغناء الجماعي" أو شيء من هذا القبيل.. على غرار ما يحدث لنساء البلد عند زيارة قبور الأولياء، أوبين جماعات صوفية.. انتهي بي التفكير إلى الحكم على مثل هذه اللقاءات عموما بأنها لقاءات نوايا وادعاءات فضفاضة للتسلية والتخفيف. مثلها مثل الأسفار والأعراس، بعضها قد تفضي بالصدفة لأي نتيجة قد تكون محمودة وسعيدة.. لكن غالبيتها لا يؤدي لأي نتيجة مختلفة عما يحدث لنا يوميا.. ومنها ما يتحول في لحظة لنميمة وخصومات تفضح ما يحافظ عليه كل فرد داخل نفسه من الأسرار التي يضرب عليها الحصار ويرفض التصريح بها إلا حين يتعرض للتخدير.. واستحضرت حالات معينة سمعت عنها بين كبار القوم الذين يعقدون السهرات في جو أرستقراطي غارق في البذخ والرخاء. وفيه يفعلون أشياء لا يمارسها الناس إلا في الأفلام الإباحية ثم يفترقون إخوة أعزاء يتسترون على بعضهم خوفا على المصالح المشتركة..

خلصت إلى اعتبار الاقتراح تجربة قد تفضي بي لأتصالح مع نفسي بسبب ما أخفيه، إن استجاب الحاضرون لنداء المتعة والمنفعة.. خصوصا في ظل صراعي اليومي مع الأحاسيس العاطفية ذات الطابع الجنسي التي باتت تسيطر على تفكيري كل ليلة.. تجعلني أحيانا أرى نفسي أمارس بعنف مع بعض من أشتهي حضورهم معي من الرجال.. تمنيت لو أن الفكرة ستكون سببا في تنويم من هم في حالة نفسية سيئة مثلي.. ليس نوما حقيقيا وإنما هو سلوك يشبه من يمشي نائما.. وخلال الغيبوبة تصدر عنه تصرفات تستجيب لرغباته المكبوتة دون رقابة ذاتية.. لذلك قررت الموافقة. لأن "زوربا العربي" لم يقترح فكرته إلا بعد التأكد من نتائجها الخارقة. سأثبت للجميع قوة شخصيتي وأضع حدا لترددي.. وليقع بعد ذلك ما يقع..

أما كيف تعرفت على أحمد صاحب الفكرة، فقد حدث ذلك من خلال بعض المواقع الإلكترونية.. دخلت أبحث في بعض المواقع مدفوعة بتحريض صديقتي "أسماء".. التي نصحتني أن أهرب إلى الأنترنيت وأحاول البحث عن زميل أو صديق أو مشروع زوج، يؤنسني في وحدتي وأشغل به أوقات فراغي.

كنت من كثرة حلاوة الحياة الزوجية وصدق ما جربته وعشته مع المرحوم، ما أزال مصرة على إبعاد فكرة الزواج من جديد.. لكن حتى فكرة خوض تجارب عابرة ظللت أهرب منها رغم أني لما أختلي بنفسي لا أنكر حاجتي إليها.. قررت أخيرا تنفيذ نصائح الصديقة، لأسلي نفسي قليلا وأهرب من التوتر والوحشة والفراغ القاتلين.. استسلمت وسجلت نفسي في أحد المواقع المهتمة بنشر قصائد وقصص ذات طابع جنسي.. بدأت أنشر فيها بعض أعمالي.. غامرت باقتحام عالم القصة الجنسية بحماس منقطع النظير، حتى فرضت نفسي فيه.. وليتني لم أفعل لأن اللعين "أحمد" تسرب إلى قلبي من هذه الثغرة بالذات.. لم أشعر إلا وأنا أهوي وأسقط تدريجيا، حتى وجدت نفسي أسيرة في حباله.. أما كيف حصل ذلك فهو موضوع يطول شرحه..

ظل يحكي لي بتفصيل، في رسائل خاصة، عن تحرره الفريد من نوعه.. خاصة ما يحدث له مع زوجته.. وهي قصة أخرى طلب مني أن أخفيها عن أصدقائي حتى يتمكن شخصيا من سردها صراحة حين تبدأ الاعترافات.. عندما بدأت أخبر الأصدقاء المدعوين عن مشروع السهرة القادمة، تركت الاقتراح مفتوحا حتى يساهم الجميع في إخراجه والمشاركة في صنعه، كل بحسب ما يثقل كاهله ويعذب روحه.. كنت متأكدة أن جميع الحاضرين يعانون من أزمات وتوترات لا حدود لها جراء تأثرهم بما يقع من أحداث وما يترتب عنها من مشاكل متنوعة.. كل على قدره وحظه.. لذلك لم يبق علي سوى أن أسير في ركابه وأنتظر نتائج السهرة

لما بلغ اقتناعي إلى هذا المستوى، أخذت أحاول أن أتذكر بتفصيل ما تختزنه ذاكرتي من ممارسات جنسية من باب الاستعداد للطوارئ.. فلم أجد شيئا كثيرا على المستوى العملي. كل ما أعرفه جاءني بطريقة غير مباشرة.. كنت في إطار نشاطي الأدبي بالمنتدى قد نشرت قصة بعنوان "امرأة واحدة ورجلان" وأخرى بعنوان "زواج داخل الزواج". في هاتين القصتين أطلقت العنان للخيال وعشت من خلال البطلات فرصا ممعنة في الفجور.. ومنهما تسرب إلي الشيطان "أحمد". هما قصتان تعبران عن قناعتي بأن عصر الزواج التقليدي الذي يفرض فيه على الزوجة أن تكون دائما مغلوبة قد ولى ومات.. وأن زمن تمرد المرأة العربية قد حان.. لتعبر بكامل طاقتها وحريتها عن وجود جسدها الأنثوي بصفته كائنا مستقلا لا حق للزوج ولا للمجتمع فيه، لأنه جسد حر يمكنه التعبير عن رغباته وشهواته إن لم يكن الزوج فحلا قادرا على القيام بمسؤولياته وواجباته. وبذلك فالأنثى تنتقم لجسدها من عهود وأزمنة طويلة عاشتها تحت القهر والاضطهاد والخنوع والاستسلام لسلطة الرجال وسلطة المجتمع..

تمرد تجلى في سلوك بطلات قصصي، سواء كن متزوجات أو عازبات. بحيث عبرت أكثر من واحدة منهن بصراحة عن طموحها لمضاجعة رجلين.. إن كانت بطلة القصة متزوجة فهي تزعم أن الزوج فاشل جنسيا، فيغدو من الضروري أن تحصل على عاشق شاب قوي البنية دون طلاق. أما إن كانت أرملة أو مطلقة فإنها تعبر لعاشقها عن الرغبة في ممارسة الجنس بحضور أحد أصدقائه ليشاركه في جسمها. بينما تتحدث القصة الثانية عن عادة قديمة أكثر إغراء، عاشتها الأجيال الماضية.. حيث كان يباح للرجال من خلالها الاستمتاع بمعاشرة الزوجة من الدبر، بعد فترة معينة من الحياة الزوجية الروتينية.. وقد كانت الأسرة والبيئة الاجتماعية كلها تتقبل وتحتفي جماعيا بهذا الطقس، وتنظم له حفلات كأنه زفاف جديد.. وقد نسجت خيوط جميع قصصي على هذا المنوال. أهيج بها نفسي وأهيج معي كل من يتابعني..

3 = لائحة المدعوين للسهرة

تقول "هند":

لما حددت الفائدة التي أتمناها من السهرة، بدأت أختار الأشخاص من أقرب أصدقائي.

اخترت أولا "أسماء" وزوجها "فوزي" لأنهما وحدهما حالة تستحق أن تصاغ في كتاب.. أما زوجها فهو من أطيب خلق ****. طيلة معرفتي به منذ تزوج صديقتي.. فهو كضابط شخص مخلص لعمله ومهنته بتفان كبير.. قادر على الجمع بين شؤونه الرسمية وبين علاقته مع أصدقائه المدنيين المقربين بكل حكمة، وهم قليلون جدا. لا يبالغ ولا يختصر كأي رجل عسكري مسؤول.. يغيب كثيرا ويحضر قليلا.. وهو كرجل شخص وسيم تظهر عليه علامات القوة والرجولة.. لم يكف منذ وفاة زوجي عن مساندتي والتقرب مني، إما مباشرة أو عن طريق زوجته.. يبالغ أحيانا في التحدث عني ويمدح خصالي.. يتأسف عن ترملي وأنا في عز شبابي، مما أثار حفيظة زوجته، وأثار غريزتي كأنثى محرومة.. هذا وحده موضوع أتمنى أحيانا لو تسعفني الشجاعة والظروف كي أخوض فيه.. لا أخفي كلما قابلته ما يخالجني من خجل وارتعاش، لأني أتذكر دائما عندما أراه أنه شاهدني عارية تحت زوجي.. أحيانا أعترف أن من حق أسماء أن تخاف، إذ كثيرا ما أستغله في تخيلاتي الليلية أفظع استغلال. وإلى هذه اللحظة أبني على حضوره آمالا واسعة وعريضة..

أما صديقتي "أسماء"، فهي صندوق أسراري.. وملهمتي ومشجعتي على الصمود والتفكير في الحياة قبل الموت. الحلال منها والحرام. ميزتها الكبرى أنها تضحك باستمرار.. لا تخجل ولا تغضب حين تنتقد أو يعاب عليها سلوك أو تصرف غريب تقترفه.. تعودت منذ صغرها أن يصفها الناس بالفتاة المسترجلة دون أن تغضب. لأنها في الواقع كانت مشهورة بطمعها الزائد في التقرب من البنات الساحرات في مرحلة المراهقة. جمالها متواضع لكنها تعوض غيابه بكثير من الاجتهاد والتصنع والحركة.. خصوصا في أحاديث الغرام والحكايات الحميمية.. حديثها المفضل دائما لا يتعدى نطاق الضحك والنكتة واللباس والحكايات ذات الصلة بالجنس.. مرات عديدة كانت تحثني على العودة للحياة.. كنت أشعر بها تحترق من الداخل وكلها تعطش لحياة غارقة في اللذة والاستمتاع، لولا جبنها وخوفها من العقيد زوجها... لا تتجرأ على خيانته، مع أنها اعترفت لي مرارا أنها تتحرق ليوم تتاح لها فرصة الخروج عن الروتين، وأنها لن تتردد لحظة لو سنحت لها أول فرصة.. تضحك عندما تراني وحيدة وتقول لي إن حياة الأنثى لا قيمة لها بدون فحل جائع.. ولا تسكت قبل أن تعرض خدماتها لمساعدتي، لاكتشاف عاشق أو رفيق أو زوج من بين المعارف والأصدقاء. أعرف أنها لجبنها تكاد تترجاني كي أقبل لتركب معي على أي مناسبة.. يعجبها كثيرا أن تتبختر وتتزين وتبالغ في العجرفة والادعاء، كأنها مراهقة لا تشيخ ولا تتعب.. ربما لتغطي على ما تعانيه من نقص أنوثتها.. فهي دائما تبدع وتخترع وتتزوق كأنها تحاول إقناع الناس بجمال ساحر لا تملكه..

بعد أن تزوجت انشغلت وهدأت لفترة امتدت قليلا.. لكن بعد أن شبت الحرب والفوضى في البلد، زادت هموم ومهام الزوج بحكم منزلته العسكرية.. فانشغل عنها بمهامه وعمله.. فإذا بها تعود لسابق عهدها وتصرفاتها الصبيانية.. الحقيقة أني طالما تضررت من تصرفاتها.. وكم سعيت لفصل العلاقة التي تربطني بها، لكنها ما أن تشعر بأني صادقة في محاولة الانفصال وقطع أي صلة بها، حتى تفاجئني بطرق باب البيت لتعتذر وتتذلل باكية.. أسامحها وأنا متأكدة أنها سرعان ما ستسقط ثانية وتقترف ذنبا جديدا أكبر من السابق.. حتى مساندتي وملازمتي للزميل "مروان" في محنته لم تفلت من ادعاءاتها.. فقد نشرت بين الأصدقاء شكوكا حول نيتي الحقيقية من وراء مساعدته للخروج من أزمته. ادعت أني أقوم بما أفعل للتقرب منه وتذكيره بالعلاقة القديمة التي لم تنجح بيننا. عساه يتشجع ويقترب مني، مستغلة صيامه عن ربط أي علاقة غرامية منذ وفاة زوجته لدفعه للتقرب مني ومعاشرتي.. مع ذلك لا أستطيع فك الصلة معها، لأنها غدت طرفا مني ومن ذكرياتي.. ولا أتردد ساعة الشدة في اللجوء إليها لتواسيني.. غلطة عمري الأخيرة معها أني أخبرتها ذات مساء عن "أحمد" واعترفت لها أنه قد يصبح مشروع حبيب.. توقفت لحظة لأطلعها على ما يطلبه مني بتفصيل.. لم تستغرب مثلي، بل صرخت من المفاجأة ولمعت عيناها شوقا لرؤيته والتعرف عليه.. لم تخف استعدادها لأية مغامرة مهما كان نوعها، بل ظلت تسألني عنه قائلة إنها الفرصة التي طالما انتظرناها.


2QaDQF1.md.jpg
how to create a url for an image

الأستاذ مروان: بعد سنة من وفاة زوجي، تعرضت زوجة "مروان" لحادثة سير خطيرة. توفيت خلالها فورا، هي وابنها الذي كان يرافقها في السيارة.. لم يتحمل المسكين الصدمة.. أهمل نفسه وربى لحية طويلة متوحشة، حتى صار منظره مقرفا متسخا كأنه مجذوب أو أحمق.. تحول حماسه ونشاطه إلى خمول وتهاون وذهول.. طال غيابه عن التدريس، واضطر لطلب عطلة مطولة برخصة غير مدفوعة الأجر.. دفعته المأساة واليأس إلى محاولة التطوع في الحرب فرفض طلبه. بعدها دخل بيته ولم يعد يغادره إلا نادرا.. وسرعان ما أصيب بمرض غير محدد، إلى أن أثبتت الفحوص الطبية المدققة أنه اكتئاب حاد..

في مثل هذه الحالة، التي جربت مثلها بدوري ساعة فقدت زوجي، وأنا لم أتجاوز الرابعة والثلاثين من عمري، تظهر قيمة وأهمية الأهل والأصدقاء.. لم يكن بقي لمروان من أهله أحياء إلا القليلون، معظمهم يعيشون في حلب بعيدا عن دمشق.. وليس له من الأصدقاء إلا المرحوم زوجي، وأنا وصديقه الآخر من الشلة الأستاذ "آدم"، وإلى حد ما صديقتي وزوجها..

لهذا، خصصت له من وقتي بضع ساعات لأنه يسكن قرب مدرستي.. حرصت على مساندته وتذكيره بأوامر ونصائح الطبيب.. رافقته كممرضة خصوصية.. عزمته مرارا لتناول العشاء أو الغذاء، واغتنمت وجود ابنته التي تستعد لدخول السنة الأخيرة من التعليم الثانوي، لأقنعه باستعادة توازنه.. أقنعته بضرورة العودة إلى العمل لأنه ملزم بالعديد من المهام والمسؤوليات والنفقات.. إضافة إلى مهمة الدفاع عن الوطن، ومهماته الحزبية.. كما أن طلبته يسألون عن أحواله وينتظرون عودته. كذلك معارفه من بقية الأساتذة والمعارف والأصدقاء تهمهم صحته وعودته.. كنت أحرص كل أسبوع على مرافقته لزيارة الطبيب أو لمشاهدة فلم من اختياري، أو إعادته لحضور لقاءاتنا الحزبية.. وأجبرته على العودة مرارا إلى "حلب" مدينة طفولته ليستعيد حماسه وحيويته ورغبته في الحياة. وهو ما حدث أخيرا، لأنه عاد تدريجيا لطبيعته وأنشطته. حتى أنه أغرم بي وبدأ يراودني عن نفسي ويلح علي كي أتزوجه أو أقبله كعاشق، لتعويض ما عجز عنه في الماضي حين كنا طلابا بالجامعة. هكذا إلى أن تحسنت أحواله.. وأشهد والحق يقال إنه منذ استعاد حيويته أصبح من الأشخاص القليلين الذين أعبث بحميميتهم حين أنفرد ليلا لرغباتي.. ولهذا فيسكون من أول المدعوين للسهرة..

قلت لنفسي وأنا أتوصل لاثنين فقط من العدد الذي يقترحه "أحمد" في رسالته.. أصبحوا ثلاثة بإضافة زوج صديقتي، حضرة الضابط العقيد "فوزي".. بعد تفكير طويل، انتبهت إلى أن بقية العدد ينبغي أن يكونوا ممن يفقدون الوعي خلال جلسة الشراب واليوغا، حتى يسهل استدراجهم للقيام بواجب تنشيط السهرة.

الدكتور "فؤاد" وزوجته: تذكر أن المروءة وحب الاعتراف تقتضي أن أوجه الدعوة إلى شخص قريب منا ومن الضابط وزوجته، وهو الدكتور الذي أشرف على تمريض زوجي ومعالجته حتى وافته المنية المحتمة، ومعه زوجته.. وهي سيدة صامتة راضية وقانعة.. لا أذكر منذ عرفتها أنها كانت موضوع مشاكل مع أي أحد من المدعوين.. سيدة تكتفي دائما بالابتسام حين ألتقيها.. هي وزوجها شيخان فاق سنهما الستين.. سيكونان بدون شك أول المغادرين. قررت دعوتهما من باب الاعتراف بالجميل.

صاروا إذن خمسة أفراد.. فإن أضفت نفسي ومعي "أحمد" يصبح العدد سبعة.. فمن سيكون الشخص الثامن؟؟

تركت الأمر معلقا وانشغلت بأحوالي اليومية المعتادة.. تركت التفكير إلى أن تذكرت فجأة وأنا أحضر الأكل اسما من أفراد شلة زوجي وصديقه "مروان".. هو الأستاذ "آدم" المشهور بالطيبوبة والخوف والخجل.. أكمل دراسته بدمشق في القانون وتوظف بنفس الجامعة بعد تخرجه بقليل.. وعندما تعرض الوطن للمؤامرة خلال 2011 هاجر خائفا صحبة أخيه، الذي فر خوفا من المتابعة على إثر بيان غريب أصدره فرع الحزب المعارض، وقد كان يقع تحت مسؤولية الأخ.. بقي المسكين بالخارج سنتين ثم عاد بعد أن تأكد أن اسمه لا يوجد ضمن الأشخاص المتابعين.. ما زال إلى اليوم خائفا من خطر خيالي يعتقد أنه يتربص به، رغم أن الأمور تسير بالنسبة إليه بشكل أفضل بكثير من غيره، لدرجة أنه تزوج بدون أي مشاكل من فتاة درست ببلد مجاور.. نشيطة في العمل الجمعوي والحزبي.. وهي اليوم منتخبة في مجلس الشعب السوري، وعضو مهم في القيادة المحلية للحزب.. تراه دائما يمشي بالشارع في الظل.. يتلفت كالأحمق ذات اليمين وذات الشمال معتقدا أن هناك من يراقبه ويلاحق خطواته.. لكنه من ناحية التكوين والمزاج ينتمي لنفس مستوى الحاضرين. فهو يعرفهم جميعا وله معهم لقاءات متعددة في الماضي والحاضر.. يختلف عنهم في أمر واحد هو القناعة السياسية الشيوعية.. لكنه مؤخرا لم يعد يخفي استعداده لطي صفحة الماضي، وشفاءه من الخوف والتخفي. حتى ميوله الشيوعية خفتت وباتت مجرد ذكريات.. بل بدأت مؤخرا تروج حوله في الكلية إشاعات تقول إنه تحول إلى مخبر سري لحساب الدولة.. لذلك لن يطرح حضوره أي مشكلة، لأنهم جميعا يتشابهون تقريبا في كل شيء.. فضلا عن كونه يبدو رغم خجله فحلا قوي البنية والعزيمة.. لكن من الأفضل تنبيهه مسبقا كي يعتذر لزوجته عن عدم استدعائها.. حتى لا يؤثر حضورها على الحاضرين.. ويجعلهم مترددين خائفين من التعبير الحر عن أحلامهم..


2QamrBV.md.jpg

أتوقع كذلك حضور عنصر جديد ضمن المدعوين، وهو ضابط متقاعد أدخله "أحمد" بصفته صديقا تعرف عليه في ظروف لم يتحدث عنها بعد.. وأعتقد أنه يدعى "علاء".. وقد حكى لي كثيرا عن حبه للمغامرات. زيادة عن كونه رجلا قد طلق زوجته منذ سنوات..


4 = تصفية الحساب بين الأحباب

قبل يومين من حلول موعد السهرة، أي في 12 من نيسان، أحسست أن مناعتي وصبري يختفيان تدريجيا. شعرت أني صرت بدون موقف واضح وثابت، وأن أي نسمة قد تجعلني أطير مع أحلامي في سماء الشهوة بلا قرار.. كنت أتفرج على كياني وهو ينهار مرتقبا مفاجآت يتخيلها العقل ويتوقع حصولها كلما ارتفعت وتيرة الشوق العمياء.. قلت في نفسي متعجبة من تحولي المفاجئ: هل كل الناس هكذا مثلي يتمنعون ويرفضون دائما ما تطلبه غرائزهم، ثم تأتي فرص كهذه فيصبحون أكثر استعدادا لدخول المغامرات التي حاربوها ورفضوها طيلة حياتهم؟

اتصلت بأسماء لمعرفة رأيها فيما أشعر به داخلي من استعجال حدوث مغامرة ليس من المؤكد وقوعها حقا.. سألتها لأول مرة في حياتي عما إن كانت مثلي تنتظر أمرا سعيدا، مخالفا لما تعودنا عليه عادة من تصرفات بين الجماعة. أم أنها خائفة مما قد يقع؟؟ ضحكت معلقة على أسئلتي قائلة: "الحقيقة أني لحد الساعة لا أفكر فيما أتمناه وأتخيل أنه سوف يقع.. ما أخشاه أكثر هو أن يلزمني زوجي بمغادرة السهرة معه قبل منتصف الليل.. تصوري أني مشغولة فقط بالتفكير في وسيلة تضمن لي البقاء حتى النهاية"

استنتجت أنها أكثر شوقا مني وإن كانت تراوغني محاولة إخفاء طموحها.. سألتها ضاحكة.. إن افترضنا أن "أحمد" سيوفق في تفجير مكبوتات وغرائز الحاضرين الذكور.. ويجعلهم مثلنا مستعدين لتجاوز البروتوكول والإتيكيت والأخلاقيات المنافقة، فأي الرجال ستفضلين؟ مرة أخرى ضحكت وقالت: " أتمنى مثلك أن ينجح صاحبك. أما عن الاختيار فالمهم ألا أغادر وبعدها ليكن من شاء، كل الذكور الحاضرين يستحقون التضحية والمغامرة. أكاد أنفجر من الانتظار الطويل لمثل هذه الفرصة"

من ناحيتي، تضخمت في ذهني فكرة زوجها الضابط.. بدأت أقارن بين الحاضرين.. أعرف أحمد جيدا. فقد كانت لي معه جولات، وأعرف حتى ما ينوي فعله. لكن من سيشاركنا في تحقيق رغبته من بقية الحضور الكرام؟ بالنسبة للضابط المتقاعد، فهو لا يغري، على الأقل ما دمت لم أقابله ولم أتعرف بعد على إمكانياته.. أكره عموما كل الطاقات السلبية وأبحث عمن يشحنني بطاقته الإيجابية..

تذكرت "مروان" الذي طالما راودني وعبر عن حبه ورغبته في جسدي، لكني أضع العقيد "فوزي" في الدرجة الأولى.. كم اتمنى ألا يغادر، فهو أيضا لم يتخلص بعد من ذلك المشهد المثير.. يليه "آدم" الذي يبدو لي كعهده متسترا يخفي العجائب وعندما يعلنها تكون نتائج ما يقول أو يفعل خارقة.. سأحاول أن أجعل "أحمد" ينشغل بأسماء، على الأقل ريثما أشرع في التواصل مع من أختار.. سواء مع "فوزي" او مع "آدم".. ولم لا "مروان" فهو يستحق العطف والتقدير لصبره الطويل.. لو تمت الأمور على هذا المنوال سيكون الاحتفال بالعيد قد جرى على أكمل وجه، وربما قد أفوز بالضابط "علاء" في حال مغادرة الضابط فوزي قبل نهاية السهرة، أو إن سبقتني "أسماء" للاختيار.. يجب أن اغتنم فرصتي فقد لا تتكرر الليلة.. لا بد أن يحدث شيء يفوق الخيال لأننا جميعا مشحونون بالتوتر والقنوط والكآبة العمياء.. كلنا في حالة نفسية يرثى لها..

حرصت على إرسال نص رسالة الشيطان "أحمد" مصحوبة بالتوضيحات المتصلة بما يتعلق بتحضير الواجبات لجميع المدعوين ليكونوا على بينة مما ينتظرهم..

في الموعد المحدد، أي السابعة مساء من عشية 13 من نيسان 2018، كنت أغني أغنية هذه ليلتي مع أم كلثوم..

هذه ليلتي وحلم حياتي... بين ماض من الزمان وآت... الهوى أنت كله والأماني.. فاملإ الكأس بالغرام وهات...

بدأ شمل الجماعة يلتئم في بيتي.. خصصت يومين بتوصية من صاحب الفكرة، لإرسال الدعوات وتحضير كل اللوازم لضمان سهرة ناجحة ورائعة..

كانت أول مفاجآت السهرة حضور "أحمد" مصحوبا بسيدة جميلة مثيرة جدا.. حسبتها زوجته لأنها مثلها كانت تتمتع بجمال أندلسي فاتن.. طويلة القامة زادها الكعب العالي طولا حتى بدت معادلة لطول "أحمد" نفسه.. تلبس تنورة مفتوحة عند الصدر، بيضاء قصيرة مزركشة باللون الأزرق، تفصل نهايتها السفلى مسافة شبر عن الركبتين.. بدت فخذاها وساقاها ناصعة البياض.. في عينيها حور شديد.. بياضهما ناصع وسوادهما فاقع.. خداها منوران وعلى شفتيها الصافيتين ابتسامة واسعة. شعرها أسود لامع تدلى حول وجهها المورد وغطى نصف ظهرها.. تدلت منه خصلات من الجهة اليمنى للوجه حتى بلغت مستوى النهدين.. ومن أسفل الأذنين تدلت أقراط مستديرة تلمع فوق جيدها الطويل.. يبدو أن سنها يخطو في اتجاه الأربعين.. قلما تحرص امرأة في سنها على ذلك القدر من الأناقة حتى طغت على مظهرها علامات توحي بقدر من الغرور والاستفزاز.. حتى نبرات صوتها مستفزة كأنها تغني ولا تتحدث من المبالغة في التغنج والدلال.. بادرت بالترحيب.. قلت في نفسي ها قد صار عدد الحاضرين عشرة أنفار بدلا ن ثمانية.. سألت "أحمد" وأنا أمد يدي للسيدة: "هل شرفتنا أخيرا بحضور زوجتك"؟ ابتسم ورد مسرعا بقوله:

= لا.. ليست زوجتي، لكنها صديقتها المقربة طيلة سنتين.. أقدم لك MONERA وهي سيدة إسبانية من أصل عربي أندلسي.. اسمها مشتق من اسم "منيرة" تعمل صحفية.. حرصت على مرافقتي بعد علمها أني قادم لسوريا الحبيبة.. تعمل في جريدة مشهورة، وهي معروفة بتعاطفها وتعصبها لفائدة القضية الفلسطينية، تتحدث العربية قليلا لكنها تفهم كل ما يقال.. هل يكفيك هذا التقديم أم أضيف؟"

قلت له مبتسمة بدوري " لا.. كفاك هذا.. تشرفنا بمعرفتك سيدة "منيرة"

شعرت وأنا أتبعهما إلى الداخل بإحساس يشبه الغيرة.. لم أستطع تمييزه.. هل هي غيرة من حضور السيدة أم من جمالها.. وقف الضابطان "فوزي" و "علاء" وصديقتي أسماء لتحية أحمد وزميلته الجديدة.. عندما وصل الأستاذان "مروان" وزميله "آدم" وقف الضابط "فوزي" فجأة ورافقني في اتجاه الباب لاستقبالهما.. حياهما ضاحكا لكنه سحبني جانبا والتمس مني المعذرة قائلا:

= أرجو المعذرة.. أنا مضطر للمغادرة فورا.. اعتذري عني بالنيابة للزملاء لأني جئت فقط أحييكم.. أتوقع نهاية غير طبيعية لسهرتكم هذه لا قدر ***..

شعرت فورا بالخيبة من مغادرته المبكرة.. كنت أبني على وجوده معنا حتى النهاية املا كبيرا.. تلون وجهي بسرعة لأني أحسست بحرج كبير دون أن أتمكن من سؤاله عن المقصود من كلامه بالضبط. ذهب تخميني مباشرة للجانب الأخلاقي.. حسبت أنه قد يكون سمع من زوجته "أسماء" بعض التفسيرات والزيادات التي أحرجته، وأنه فضل عدم الحضور ليتجنب المشاركة في سهرة مرشحة لتكون في الغالب جلسة جنسية فريدة من نوعها بامتياز.. ودعته وعدت للجماعة.. بعد قليل انتبهت أنه لو كان فعلا يشك في شيء من هذا القبيل لكان أصر أن تغادر زوجته معه بدلا من تركها عندي، مع احتمال كبير أن تقضي الليل بكامله وسط الجماعة..

بعد فترة غير طويلة نسبيا، انتهت عبارات الترحيب والذكريات المشتركة وبعض التعليقات حول الأحداث الجارية والمميزة.. دارت الكؤوس واقتربنا من منتصف الليل.. قام الدكتور وزوجته ليغادرا بدورهما.. لم يتبق في الصالة سوى أسماء ومنيرة والضابط "علاء" والأستاذان.. غمزت أحمد بنظرة عاجلة أسأله عن الجديد.. رد علي بحركة مطمئنة من يده تفيد أنه يدعوني لمزيد من الانتظار.

في الساعة الأولى، تحركت كثيرا أنا و"أسماء" ما بين المطبخ وغرفة الجلوس.. نلبي الرغبات وننقل الأطباق والكؤوس وقنينات النبيذ والجعة.. عندما هدأت الطلبات واستقر بنا الجلوس، عدت لهلوساتي كأني أحضر نفسي لما سيأتي..

بدأت ألتقط بعض الكلمات من الحديث الذي يجري دون اهتمام كبير.. متسرعة أتمعن في الوجوه والقامات والنظرات كأني أرى الحاضرين لأول مرة.. آآآه لو كان فلان من حظي؟ وفلان أيضا لا بأس به.. حتى الضابط "علاء" يبدو وسط الجماعة أكثر تحفزا من "أحمد" نفسه.. لم يعد لساقه المفقودة أي تأثير سلبي.. لكن المهم هو هل سأقدر على تجاوز آخر العقبات؟ هل فعلا ستنهار الحواجز حتى في أذهان الذكور؟


شرع "أحمد" يروي اعترافاته.. بدأ بتذكير الحضور بالمناسبة، ودواعي تنظيم السهرة.. لم يكن كلامه واضحا بالشكل الكافي.. نظرت للضابط و"مروان" و"أسماء" فخيل لي أن عيونهم تتجول في الوجوه متسائلة حائرة مثلي.. يبدو أن جميع الحضور مستعدون للوصول بسرعة لساعة انفجار الرقابة الذاتية.. كلنا نشعر أن النفاق الذي نلبسه دائما كقناع هو الذي يحاصر حرياتنا ويجعلنا نتقمص دور الشرطي لمراقبة غرائزنا. نتصنع ذلك النوع من الاحترام الذي لا ضرورة له في غالب الأحيان، والحال أن في جسم كل واحدة وواحدة قنابل موقوتة يخفيها وراء قناع الاحترام الكاذب. ومتى كان تفجير التوترات والغرائز يفقدنا هذا الاحترام؟ ألسنا جميعا متأزمين والمصلحة واحدة ومشتركة؟ فما المانع من التفاهم والتعاون ومبادلة الخدمة بمثلها وأحسن منها؟

"أسماء" تتجول بنظراتها بين الحاضرين ولا تستثني أحدا.. لعلها تتساءل مثلي وتنتظر إعلان الانطلاق لترتمي هنا أو هناك.... كانت دائما متحمسة لولا جبنها.. هي الآن تبدو في أتم استعداد، خصوصا بعد مغادرة زوجها.. عدت لتخيلاتي وأسئلتي.. ارتفع إعجاب الحضور من خلال التعليقات المختلطة.. ألقت "أسماء" ضاحكة بسؤال مباغت: "يبدو لي أنك نسيت أمورا مهمة لم توضحها يا أستاذ "أحمد"؟؟

ردود الأفعال الصادرة من غيرها أكدت أن سؤالها نزل في الوقت اللازم.. أدرك "أحمد" معاني إشارتها فابتسم وحاول تهدئة الجميع قائلا: "لم أكمل كلمتي بعد، أرجو منك الهدوء والصبر، كل شيء سيأتي أوانه بعد قليل" احتسى نصف كأس من النبيذ وعاد يتحدث:

= المفروض أننا كلما تقدم الوقت سنرفع من نسبة الشجاعة.. دعونا نكمل التعارف عن طريق تكملة الاعترافات، ثم ننتقل للباقي من البرنامج.. لا داعي للتسرع"..

شعرت أنني يجب أن أتدخل، فقلت له:

= جميل أنك فتحت باب الاعتراف، وأظن أن الجميع ملزم بالمشاركة، لن نقبل أي استثناء بمن فيهم صديقتك "منيرة".

= طبعا.. كلنا ملزمون، لكن لا تنسي أني مع صديقتي ضيفان في البلد.. وسيكون من العيب أن نتقدم على أهله..

فوجئت أن الجميع يحركون رؤوسهم لمساندة موقفه.. كلهم أصبحوا يقفون في صفه.. خاصة الضابط "علاء" الذي اغتنم الفرصة ليبدأ اعترافاته، ليقول:

= أولا، من واجبي أن أهنئ كل من ساهم في هذا اللقاء، لأن تجربتي من موقعي العسكري، أكدت لي أن على كل مخلص متطوع أو مناضل مقاوم أن يتخلص من توتراته وقلقه ويرفه عن نفسه قدر استطاعته.. التضامن مطلوب حتى في أمور الفرح والتسلية.. كل شيء يرفع عنا التكلف والتصنع نرحب به ونثمنه.. يجب أن نعمل جميعا لرفع مستوى التركيز بكل الطرق الممكنة، إن أردنا أن نعيش. فأنا على سبيل المثال أصبت في لحظة فقدت فيها تركيزي.. كنت في جبهة القتال موزعا مشتت الفكر والعقل.. خائفا على سلامة ومصير عائلتي.. كانت هناك مشاكل كبيرة تشغل بالي أكثر من الرصاص الملعلع فوق الرؤوس.. وكيف لا أنشغل وكل أخوال أبنائي الثلاثة وأبوهم انضموا لصف المعارضة التي تحارب ضدي وضد بلدي.. حتى صارت زوجتي ترى الحل في انسحابي أنا الضابط من المواجهة. عندما قلت لها إن هذا عملي هددتني بطلب الطلاق إن ترددت.. أصبت إصابة بليغة فقدت على إثرها ركبتي اليمنى وقدمي.. إصابتي أسعدت زوجتي التي فسرت ما وقع لي على أنه انتقام إلهي ضدي.. كانت ردة فعلي عنيفة بلغت درجة الضرب والعنف وانتهت بالطلاق والشتات بطبيعة الحال.. أدخلت إلى المستشفى العسكري لتركيب ساق وقدم اصطناعيتين.. وهكذا فقدت أولادي وزوجتي وساقي وسمعتي وعملي.. بسبب لحظة واحدة ضيعت خلالها تركيزي..

أجبرت على مغادرة الخدمة، وأصبحت بعد ذلك مثالا للرجل الضائع التائه على الدوام.. تعاطيت كل أنواع المخدرات لعلني أنسى وأقدر على الصمود والصبر.. بدأت أطفئ همومي في الشراب.. أقضي كل أوقاتي أتصعلك في الأسواق خلف مؤخرات النساء.. في منتصف النهار أصحو نادما، ثم يدفعني الندم إلى محاولة النسيان من جديد كل مساء.. صارت قراءة القصص الجنسية هي الترفيه الوحيد المتاح أمامي بسهولة.. خاصة بعد قراءتي لقصص الاستاذة "هند".. أدمنت متابعة كل جديد يهيجني ويعيد لي إنسانيتي ويحسسني بقيمتي المهدورة.. كل يوم أغوص في الوحل وأخطو من سئ إلى أسوء.. كدت مرارا أن أرتكب جرائم وحماقات لن أغفرها لنفسي ما حييت.. أشتري المتعة من نساء وفتيات متعلمات تدفعهن الحاجة لبيع أرواحهن وأجسادهن.. ألقي علي القبض مرتين بسبب الاعتداء على فتاتين.. الأولى عيرتني بالجنون وهي تنظر لساقي الاصطناعية كأنها تحتقرني. والثانية طالبة كادت تفقد بكارتها من شدة تعنيفي ووحشيتي عند مضاجعتها. دخلت في حالة اكتئاب حادة حتى بدأت تراودني فكرة الانتحار..

كان يتحدث بسرعة بشكل منفعل.. أحنى رأسه مقهورا وبدأ يبكي في صمت.. صب له "أحمد" جرعتين من الويسكي وضمه لصدره محاولا مواساته وتهدئة انفعاله.. ساد الصمت لحظة، إلى أن تطوعت "أسماء" ثانيا ملتمسة مواصلة الحديث:

= بالنسبة لي، الأمور مختلفة.. تحمست لحضور اللقاء بدون دافع محدد سوى رغبتي في لقائكم جميعا خاصة الأستاذ "أحمد" الذي طالما حدثتني عنه صديقتي الغالية "هند".. لست مناضلة ولا متطوعة بالمعنى المعترف به حقيقة.. أنا أناضل كسائر الناس دفاعا عن نفسي وعن أسرتي وبلدي. أعاني من كثرة انشغال زوجي عني وعن بيتي وعائلتي.. لم أكن تهيأت من قبل لمثل هذه الأعباء، فضلا عن خوفي المستمر من التطورات خاصة حياة زوجي.. أدمنت زيارة الأسواق وحيدة أو مع صديقتي "هند" أحيانا.. أصبت بهوس غريب، لأني بدأت اتلذذ بسرقة بضائع وأغراض مختلفة، دون أن تكون لي أي حاجة إليها. اسرقها ثم أرميها أو أصدقها على الناس. أسرق لمجرد أن ذلك يحسسني بأهميتي، ويجعل قلبي ينبض حيا من شدة الخوف.. ألقي علي القبض مرارا، ولولا تدخل زوجي بلباسه ومنزلته لكنت اليوم حبيسة السجون.. كما أن زوجي منعني من كثرة التشكي خوفا من التأثير على معنوياته وتركيزه كما قال حضرة الضابط "علاء" فأصبحت سجينة بالبيت.. أثناء الليل أداعب نفسي كحل أنسى به وحدتي.. تراودني فكرة الخيانة أحيانا لكنني لا أملك الشجاعة الكافية لذلك، خوفا من الفضيحة أو التأثير على تركيز ومعنويات زوجي.. تأقلمت مع الحرمان حتى خيل لي أني لم أعد أنثى لولا اشتعال النار في جسمي كل مساء. حتى زوجي بدوره أهملني ولم يعد يعاشرني منذ اندلعت الفوضى الفتاكة من حولي..


2Qap13P.md.jpg

ارتفعت بعض الهمهمات معلقة دون كلمات.. ثم ساد الصمت من جديد. فتدخل "أحمد" يلتمس من أحد الأستاذين أن يتدخل.. تشجع "مروان" وأخذ الكلمة:

= بالنسبة لي كأستاذ، أسجل بهذه المناسبة، أن الاحتفاء بالذكرى الثانية والسبعين بعيد استقلالنا لا ينبغي أن تنسينا وضعية الشام الكبرى التي عرضها الاستعمار الصهيوني والغربي للتقسيم والتشتيت منذ بدايات القرن الماضي.. وللأسف أن هذه المسرحية الغاشمة لم تشف غليل الغرب والصهاينة بعد.. حيث أن العدوان يتحرك باستمرار بنية التشتيت لتنفيذ حلمهم المستحيل الذي صنعوه من العدم ومن أساطيرهم وأوهامهم الدينية المزورة بحجة بناء وطن يسمونه "أرض الميعاد".. وهذا الذي يحدث اليوم هو فرع من تلك الأحلام المريضة.. ما يحز في نفسي أني أصبت كما تعلمون خلال مصيبة الوطن بمصيبة خاصة مست عائلتي، كدت أفقد معها عقلي، بل فقدته فترة قصيرة لولا تدخل الأستاذة "هند" التي ناضلت بكل وقتها وجهودها لتغيثني.. عجزت عن الانتماء لصفوف المتطوعين بسبب وضعيتي، وحتى إدارة الكلية منعتني.. أحس بالضعف والخيانة لأني لم أتحمل كامل مسؤوليتي.. حتى دروسي وعملي لم أعد قادرا على إتقانها.. لحد الساعة لا أعرف كيف أرد جميل الأستاذة.. أعترف لها أمامكم الآن أن وقوفها معي زاد من حساسيتي وإحساسي بالضعف حتى صرت أكره نفسي. لأن المفروض كان يقضي بأن تكون آخر من يجب عليهم مساعدتي.. ما تفعله معي من تضحيات يذكرني دائما بوضاعتي وقلة أنفتي كرجل محترم حيث سبق لي أن ظلمت براءتها وسذاجتها حين تخليت عنها واعتديت على كرامتها.. وقد كان لهذا الشعور ردة فعل بحيث بدأت أقدرها وأحببتها وفكرت في طلب يدها مرارا.. إلا أنها أصبحت جزءا من عذابي ومأساتي.. ظلت تراوغني وتتهرب مني.. وها أنا أمامكم أجدد لها طلبي لو رضيت أن تتزوجني..

لاحظت أن "آدم" يستعد للتدخل.. وقفت والتمست منه أن يسمح لي بأخذ الكلمة مكانه فتراجع عن رغبته..

شكرت الحضور على صدق عواطفهم الوطنية.. هنأتهم بمناسبة العيد، ثم تأسفت لمغادرة الضابط العقيد "فوزي" قبل الاستماع لهذه الاعترافات وقبل أن نستفيد نحن من خبرته.. نبهت أيضا إلى أن الخوض في مشاكلنا السلبية أضفى على الجلسة طابعا حزينا بدل أن يكون لقاؤنا فرصة للفرح.. قلت متأسفة بأن علينا أن نجتهد لنستمد من اللقاء قوة ايجابية، ونبتعد ما أمكن عن السلبيات المعروفة من الجميع.. أعطيت مثلا بقصتي التي زادتني رغبة في الصمود والتضحية والصبر، وقادتني للتعرف على نقائص الذات.. فقد تبينت منها أننا جميعا نعيش التخاذل والامتثال للجوانب السلبية في الحياة.. كل منا يتوفر في ذاته على شخصين متناقضين.. أحدهما يمثل الرغبة في الحرية والانعتاق والثاني يمثل تفاعلا سلبيا واستسلاما لما يسمى علميا تضخم "الإدراك الأخلاقي" أو "حساسية التربية التقليدية".. الشخص الأول يرافقنا طيلة النهار والثاني يتولى مهمة الإشراف على سلوكنا طيلة الليل عندما يختلي كل منا بنفسه.. فيستغل الفرصة ليحرر مكبوتاته ويخلق توازنا ريثما يستيقظ الشخص الأول في الصباح ليتسلم مهمة الرقابة والإشراف على سلوكنا.. قلت بأنه طبقا لذلك فيجب علينا أن نتسم بالشجاعة الكافية عندما تتوفر ظروف التفاهم والتضامن بيننا كمجموعة تسير في اتجاه واحد وترمي لتحقيق غاية مشتركة واحدة.. بهذه الطريقة وحدها تصبح لقاءاتنا كلها مصدرا لتزويدنا بالطاقة الإيجابية وتخليصنا من كل السلبيات المعيقة للنجاح والتطور.. في النهاية ذكرت الجميع أن عليهم أن يضربوا حسابا للزمن لأن الليل قصير، قبل أن يصحو في كل واحد منا ذلك الشخص المتزمت المستسلم لأوامر "الإدراك الأخلاقي".. الذي يفكر دوما في الآخرين وينسى نفسه وحياته.. وقبل أن أخلد للصمت، ذكرت "أحمد" بما سبق أن طلبت منه بخصوص ضيفتنا الإسبانية السيدة "منيرة"


2QayLzJ.md.jpg

نظر إلي مبتسما كعادته.. مد يده لقنينة نبيذ جديدة.. عند فتحها علا من سدادتها فرقعة تشبه صوت طلقة نارية مباغتة.. صب منها لكل الكؤوس، ودعانا أن نشرب نخبا في صحة الضيفة.. ارتفعت الكؤوس وأفرغت في لحظة.. وبدأ أحمد حديثه..

= في حديثي عن الست "منيرة" تتمة لحديثي عن نفسي وعائلتي.. أخبرت أخوتكم من قبل عن فلسفتي في الحياة.. وعرفتم أني أعتبر نفسي رجلا متحررا.. في نفس هذا السياق، حدث قبل حوالي سنتين من الآن، أن نظمت إحدى الجامعات الإسبانية في مدينة برشلونة، ندوة علمية حول موضوع" الآثار المعمارية العربية بالأندلس" وقد تلقت زوجتي دعوة للمشاركة في الندوة بحكم تخصصها في المعمار الأندلسي كمهندسة.. كانت مساهمتها تتعلق بمساجد مدينة "غرناطة" التي تم تحويلها كلها إلى كنائس دون محو كافة مميزاتها الإسلامية.. كنا نقيم في نفس الفندق الذي نظمت به الندوة..

في مساء اليوم الأول، جلسنا أثناء تناول وجبة العشاء، في نفس الطاولة التي سبقتنا إليها الست "منيرة".. الشئ الذي أتاح لها أن تهنئ زوجتي عن عرضها.. وقدمت لنا نفسها بصفتها صحفية إسبانية، متخصصة في تغطية الندوات ذات الصلة بتاريخ الأندلس.. تحدثنا قليلا عن موضوع الندوة ثم افترقنا..

حوالي منتصف الليل، نزلنا المرقص لنرفه قليلا عن النفس.. هناك التقت زوجتي مرة أخرى مع "منيرة" حدث بينهما انسجام كبير لدرجة أني وجدت نفسي على الهامش.. كانتا تراوحان بين الشرب والرقص وتضحكان كثيرا.. صادف الأمر مرحلة كانت فيها علاقتي بزوجتي تمر من وضعية حرجة للغاية، بسبب مبالغتها في السهر والشرب وحتى في نزعة التحرر.. بعد الواحدة ليلا أحسست بالتعب.. حاولت سحب زوجتي من صديقتها وذكرتها ببرنامج الغد من الندوة. إلا أنها هزت كتفيها وفضلت مواصلة الضحك واللعب.. تركتها وصعدت لغرفتي بالفندق، في حين لم تلتحق بي زوجتي حتى أطلت علينا بشائر الصباح..


2QcHnGR.md.jpg
في يوم الغد، لاحظت أنهما لم يفترقا عن بعضهما.. في المساء تكررت حكاية ليلة أمس، حيث لم تعد زوجتي للغرفة حتى الصباح.. حاولت معرفة السبب لكن مناخ الندوة والفندق لم يسمحا بمزيد من الأسئلة المفصلة.. وأمام تجاهلها وانغماسها فكرت على الأرجح، حسب أكثر الاحتمالات سوءا، أن العلاقة قادتهما لربط علاقات سحاقية.. سلمت بما حدث، خصوصا بعد أن توطدت الصلة واستمر التواصل قائما بينهما طيلة فترة الندوة الدراسية..

هنا توقف "أحمد" عن السرد ليستريح.. مد يده ليرفع كأس النبيذ ممتلئا واحتساه دفعة واحدة.. ثم التفت نحونا بطريقة مسرحية كأنه مخرج يوزع الحوار وسط مشهد مشحون بالمفاجآت.. التمس من الحضور أن يتكرموا بوضع أكفهم حول أعينهم ويغمضوا أبصارهم لحظة ريثما يطلب منهم فتحها.. توقعنا منه أمرا غريبا فسارعنا نغمض عيوننا منتظرين ما سيصنعه بعد ذلك بشوق كبير.. بعد حوالي دقيقتين، دعانا لفتح الأعين. لكن ما كدنا نفعل حتى صدرت عنا شهقة قوية تعبيرا عن الإعجاب والاستغراب.. وجدنا أنفسنا أمام "منيرة" مغايرة تماما.. تحولت فجأة إلى خنثى(شيميل) في غاية الروعة.. بياض ساطع، وقوام متناسق زاده العري جمالا وفتنة.. وصدر ناهد، وحلمتان منتصبتان كرؤوس سهام فتاكة.. بينما تعملق تحت العانة عضو يتراقص في وضع نصف انتصاب.. جهاز تناسلي ذكوري في أحسن صورة، مكتمل التكوين يجذب الأبصار بعظمته.. بحركة احترافية رفعت منيرة ركبتها اليمنى نحو صدرها وحركتها جهة اليمين.. فكشفت تحت الخصيتين عن مشروع جهاز تناسل أنثوي ناقص الاكتمال.. استمرت الدهشة فترة ساد فيها الصمت والتعجب في كل النظرات.. فإذا بصوت "أحمد" يخترق الهدوء قائلا:

= عندما زارتنا الست "منيرة" مؤخرا، أصبت مثلكم بنفس الصدمة وعرفت سبب تعلق زوجتي بهذه السيدة.

خلق المشهد المباغت جوا فريدا من نوعه بين الحاضرين.. بعضنا استحسن التغيرالحاصل وبعضنا امتعض واستغرب من تصرف "أحمد" الذي لم يقدر العواقب عندما غامر باصطحاب الست "منيرة". واعتبروا حضورها معنا بهذه الصورة دون إخبارنا مسبقا بمثابة عمل محرج للجميع بمن فيهم الست نفسها.. تساءلت أنا بداخلي عن تأثير حضورها في برنامج السهرة. ربما اصطحبها "أحمد" معه من باب الاحتياط لا غير. عندها نطقت "أسماء" محاولة تخفيف المخاوف والحرج الطارئ بيننا..

= أعتقد أن الوضع تغير قليلا الآن يا أستاذ "أحمد".. خسرنا أنثى لكننا كسبنا ذكرا جديدا.. كنا أربعة رجال وثلاثة نساء، والآن صرنا أربعة ذكور ونصف، وامرأتان ونصف..

ضحك الجميع من قولها.. لكن "أحمد" كان له رأي مغاير.. كان يقصد طمأنة الجميع من خلال رده عليها، قائلا:

= بالعكس سيدتي. الست منيرة فيها شخصيتان.. فهي مزدوجة الميول، ولا تتحرج من أي دور يطلب منها.. تلبي كل الرغبات عند الحاجة بكل فرح.. وأظن أنها متعودة على مثل هذا الجو.. أؤكد لكم أني شخصيا متأكد أن مردودها ليس موضع شك مهما كان الدور الذي يطلب منها القيام به..

مباشرة بعد ذلك، بخبث معروف عنه، ألقى علينا سؤالا أعادنا به لجو السهرة، إذ قال:

= أعتقد، حسب ما أرى الآن، أن علينا أن نعرف قبل أي شيء، هل كلكم متفقون أن وقت الانتقال ببرنامج السهرة إلى مستوى أعلى من الوضوح قد حان.. أم ما زال بيننا من يتردد أو يمتنع؟

بدأنا ننقل نظراتنا بين بعضنا البعض.. كان هناك من لم يفهم بعد المقصود من سؤال "أحمد".. لأن "آدم" تدخل ليسأل:

= إذا سمحت يا أستاذ "أحمد"، أرجو أن توضح كلامك أكثر... ابتسم أحمد قبل أن يقول:

= جئنا جميعا للسهرة من دون اتفاق مسبق على البرنامج والتفاصيل.. لكن السياق من خلال الاعترافات سمح بمعرفة عواطف ومشاعر مضطربة، بعضها مقلق.. يبدو أن بيننا، وخاصة من طرف السيدات ومنيرة إحداهن، من يوحي بأن الفرصة مواتية للخروج من دائرة النفاق الذي يسود عادة بينكم كأصدقاء، ويتوقع أن تنتقل تصرفاتنا وتعاملنا إلى جرأة صريحة، من دون تحرج أو محاسبة بعدية، أو انعكاس على طبيعة العلاقات.. لهذا سألت قبل أن نفتح الباب لجو جديد.. فهل فهمت المقصود يا أستاذ؟

كان أول من صفق مصادقا على توضيحاته هو "أسماء" والضابط "علاء".. في حين انتبهت أنا لنظرة غريبة متلهفة صادرة من عيني "مروان" موجهة لشخصي.. هنا تدخل "أحمد" ليفصل في الأمر قائلا:

= يبدو أن الجميع فهم الآن المراد من اللقاء، وإن كان الأستاذ "آدم" وحده الذي ما يزال مترددا.. في هذه الحالة، عليه أن يختار ما بين المشاركة أو الانسحاب، أو حتى الاكتفاء بالفرجة في انتظار تغيير رايه.. ثم التفت نحوي.. دعاني للوقوف واقترب مني ليهمس في أذني بأن وقت الالتحاق بغرفة نومي قد حان.. نفذت رأيه دون معرفة ما سيفعل بعد ذلك.. لحق بي خارج غرفة الجلوس في الممر ليهمس قائلا:

= سأبعث لك "منيرة" أولا قبل أن ألحق بكما، لقد اخترتها لتسليتك لأني متأكد أن ذوقك يشبه تماما ذوق زوجتي.. بعدها سنقرر في الباقي.. ثم تركني عائدا للقاعة لإكمال مهمته..


5 = فصل حذفته الرقابة الأخلاقية

قررت رقابة "الإدراك الأخلاقي"، أي تلك التي يمثلها الجانب الضعيف المحتشم في ذواتنا العربية، حذف هذا الجزء من القصة بدون تبرير مقنع.. لهذا قررت بعد تفكير طويل، إدراجه في النسخة الراهنة استجابة للجانب المشاغب الملتهب بداخلي، واحتراما لرغباتي أيضا. وفيما يلي أعيد نشره لأنه جزء ضروري لمعرفة خاتمة القصة.. أعتذر لحضراتكم عن هذا الإزعاج الخارج عن إرادتي..

قلت في نفسي بعد أن فارقت "أحمد".. كيف يفرض علي أن أكون أول من يجب عليها أن تجرب ممارسة الجنس مع صديقته الاندلسية؟ ألم يكن الأجدر أن أعارض وأفرض رأيي وارادتي؟ على أية حال قررت ان أصارحه عندما يلتحق بنا في الغرفة..


قبل ان ادخل الحمام، اشعلت حاسوبي وفتحت اغنية كوكب الشرق الشهيرة. تركتها تصدح قائلة.. هذه ليلتي وحلم حياتي.. ودخلت اغتسل. . لم أعد مهتمة بما يحدث في الصالة.. فكرت في "أسماء" التي ستجد نفسها ضحية بين الضابط ومعاد وربما حتى "آدم".. هذا في حال لو تركها احمد ليلتحق بي..


خرجت من الحمام عارية. كنت مطأطئة رأسي منهمكة في تنشيف خصري ومؤخرتي وفخذي.. حين رفعت وجهي وأنا أدخل الغرفة، رأيت أمامي منظرا عجيبا ومثيرا.. كانت "منيرة" متكئة بظهرها على خلفية الفراش.. النور الاصفر الخافت جعلها تبدو مثل قمر ساطع في ليلة ظلماء.. فتحت ما بين فخذيها وقد انثنت الفخذ اليمنى مبرزة الصفحة الداخلية منه.. في حين امتد الفخذ الأيسر بطوله وبياضه نحو حافة الفراش.. نفس الفراش المثقل بذكريات المرحوم لما حولني الى امراة هائجة.. لاحت لي نهدا منيرة مكورين منتصبين وحلمتاها نافرتين هائجتين.. كانت هالة شعرها الاسود المتهاوية بسخاء على صدرها تزيد بياضها لمعانا.. في كفها الأيمن وقف قضيبها منتصبا يطل من تحت فوطة بيضاء، تحاول عبثا ان تخفيه عني.. بدا أكثر من نصفه من خارج اليد المضمومة تداعبه، كأنه يغمزني برأسه المستدير ولونه الوردي.. كان واقفا بالموازاة مع انسياب بطنها.. بدت لي ذكرا كاملا بنهدين متفجرين منتفختين تتحدياني من بعيد.. في لحظة نسيت موعدي مع أحمد الذي طلب مني انتظار التحاقه بنا..

كانت تنظر إلي وعلى شفتيها ابتسامة عريضة وجذابة.. راودني إحساس بأنها حضرت خصيصا من أجلي.. أفسحت لي مكانا بجوارها.. ما كدت أرتمي حتى أحاطت كتفي بذراعها اليسرى.. فتحت لي حضنها الدافئ ودفعت نهديها نحو وجهي.. انحنيت ألثم وأمص الحلمتين. لامست بكفي اليسرى رأس القضيب بشكل عفوي غير مقصود.. تخلت كفها عن الضيف المختبئ بين الأصابع فلم ينبطح إلى الأسفل بل ظل واقفا كعمود مغروس أسفل عانتها.. بللت في الحين أصابع يمينها وغطست منها ثلاثة بين شفرات كسي وبظري.. سارعت تقبلني لتكتم شهقة صدرت عني كأنها بحسها الأنثوي كانت تتوقع صدورها.. شملتني ذبذبات كهربية صاعدة من القدمين إلى راسي لأنها تنهدت مثلي تماما عندما ضممت القضيب بكفي اليسرى. راودتني فكرة غريبة. تمنيت لو ان الرجال كلهم يجمعون ما بين رقة الأنثى وخشونة الذكر.. ما تفعله فحولتها في جسدي من حريق تطفئه رقة الأنثى المنبعثة من صدرها وعينيها وحركاتها.. أحسست في حضنها كأني أعانق شخصين، أحدهما أنثى رقيقة والآخر ذكر عنيف.


2QcJDqx.md.jpg

كنت أجاهد مسلوبة الإرادة لعلي أنسى غرابة الموقف الذي لم أحلم بمثله من قبل.. منيرة لم تترك لي أي خيار آخر غير الاستسلام لغريزتي وغريزتها إلى نهاية الجولة.. لم أكن أنتظر أني سأواجه إثارة مزدوجة على شكل هدية مثيرة كهذه.. رقة وجمال.. فتنة النصف العلوي من جسدها وخشونة وفحولة ما تحت الحزام بفخامة عضوها وانتفاخ خصيتيها. فهمت لماذا تمسك "أحمد" بحضورها.. وفهمت لماذا نسيته زوجته حين تعرفت عليها. كان القضيب الصلب في كفي ينتفض محاولا أن يتحدى الحصار الذي يكاد يخنقه.. ربما كان بنبضاته يريد أن يتحداني أنا. شفاه فرجي تفرز بغزارة كل عسلها الذي اختزنته منذ اعوام.. عدلت من وضعي، وفي رمشة عين انتصبت فوقه وقعدت عليه مبتلعة ضخامته بحرقة ولهفة تعكس جوعي وصيامي طيلة السنوات الستة الماضية. شعرت بألم طفيف.. عادت شفتاها تلتقم شفتي لتكبت داخلي شهقة ثانية.. هكذا هي الأنثى.. تستطيع أن تحس وتتنبأ بمثيلتها فتسبق تنهداتها قبل صدورها، على خلاف الرجل الذي يفكر في لذته بمجرد أن تفتح له شفاه الفرج ابوابها.. ضمتني لصدرها فشعرت كأني أغوص في حضن هلامي ساخن.. غامت عيناي كأني في ظلام دامس. كان علي أن ابدا الحركة لأشعر بعظمة العضو الذي اخترق بطني على حقيقته، لكني لم أتمكن من الحركة.. بنفس ردة فعل القبلة غيرت من وضعي قليلا ليغرق قضيبها بداخلي إلى ابعد حد ممكن.. في نفس اللحظة أحسست أن هناك لسانا ما يسرح مثل حلزون فوق غمازة ظهري ويتزحلق منها بسرعة في الأخدود الفاصل بين الردفين.. لسان ما لبث أن استقر برأسه فوق وردتي.. يداعبها بلفة دائرية ويتوسطها مطلا على ما تكنزه من لهفة وانتشاء. أي هوس ودوار هذا الذي اصابني؟ كيف لي أن أحتمل وأواصل الصبر إلى نهاية المغامرة بمثل هذا التأثير والهجوم من ورائي وأمامي؟ إحساس يخطفني ويرميني بعيدا عن المنطق والنفاق والهروب المفتعل من غرائز تهاجمني كل مساء.. يوزعني بين نارين مكهربتين حارقتين.. كلما حاولت فتح عيني كي أرى من صاحب اللسان الهائج يسرقني التيار الجارف المنبعث من قضيب الست "منيرة" وشفتيها الجائعتين.. ربما هو لسان "أحمد" الذي أعرفه.. لكنه لم يتعود أن يصفع ردفي بمثل هذه الصفعات القوية.. مؤلمة لكنها لذيذة.. صفعتان وثالثة وها أنا أنفتح كلي للتزحلق وراء نشوة أراها تغمزني بإصرار هناك في منعرج كقدر جميل يتلاعب بي.. يقترب ثم يتوارى بفعل هجوم من يطعن دبري بقوة هائجة.. استغرق الأمر وقتا ليحدث بينهما انسجام رائع وفظيع.. انسجام ساحر أذهلني عن نفسي.. ينسحب الطاعن من خلفي قليلا ليندفع عضو منيرة الى أعمق أعماقي، ثم يتراجع هذا ليعوض الطاعن الخلفي الفراغ.. حركتان منسجمتان متواترتان بلا انقطاع.. هذا ليس قضيب أحمد الذي عرفته قبل اليوم.. أشعر أنه مختلف لأنه مؤلم بطعناته الجائعة. هيجان "أحمد" لا يبلغ هذا المستوى من القوة والحرارة والتأثير.. ربما لنفس هذه الملاحظة حرر زوجته.. تراجعت عن المتابعة الدقيقة لأني بدأت أحس النشوة الثانية تلبسني وتهددني بهجوم ضبابي يبعدني عن نفسي وعن حالتي.. بدأت أفقد إرادتي وعقلي.. أردت أن أواصل الاهتزاز فلم أتمكن.. كنت سجينة بين قضيبين، فاقدة لكل طاقتي.. الغفوة والاسترخاء يمنعاني من التحرك بحرية.. حين فتحت في برهة سريعة عيني لم يكن خلفي أحمد بل الضابط "علاء".. من سمعه قبل ساعة يشتكي ضعفه لا يتخيل أنه يملك كل هذه الفحولة..

2Qc2o6x.md.jpg
في نفس اللحظة خيل لي أن صراخا قويا يأتي من غرفة الجلوس.. صوت أسماء يرتفع في الفضاء مستغيثا.. لا أدري إن كانت تستمتع مثلي أم أنها تشتكي.. هل يكون "أحمد" ومروان قادرين هكذا على جعلها تصرخ من اللذة التي طالما انتظرت نصيبها منها؟ نسيت المعركة الجارية هناك حين غطست في نار النشوة المباغتة التي غمرتني.. انسحب الضابط من خلفي فأخذ نصف وعيي معه.. شعرت بثغرة سحيقة باردة في ذاتي.. التفت فإذا "أحمد" يقف في الزاوية متفرجا وفي كفه قضيبه الرائع في أوج الانتصاب.. لعله قرأ ما يخامرني لأنه أسرع بدوره يملأ الفراغ الذي تركه الضابط.. لم تمض سوى برهة قصيرة حتى شعرت بعنفه اللذيذ يصفع ردفي.. ويخنق خصري بقبضته الحديدية لأشعر بحرارة طعنته المباغتة.. تحتي كانت منيرة تبتسم وتجاهد مقلوبة النظرات لكي تدرك النشوة الهاربة دون أن تلحقها.. أحاطتني بذراعيها وقبلتني.. سرعت من حركات طعنها حتى شعرت بتزايد نبضات قضيبها بداخلي.. لعلها تقترب من نهاية جولتها الأولى.. حتى الملعون الطاعن من ورائي أحس بها فبادر منسحبا لنقوم بتعديل الوضع.. عاد الضابط وعضوه قد انتصب ثانية.. وقف حائرا عند رأسي ودفع عضوه نحو فمي.. لم أفتح شفتي لأن رسالة معاكسة جاءت من ناحية منيرة.. أمرت الضابط أن يستلقي على ظهره بجوارنا.. والتمست مني وأنا في غاية التعب نصف غائبة عن الوعي أن أوليه ظهري لأواجهها وأقعد بعنف فوق عضوه.. ما كدت أفعل حتى عادت تقتحم كسي بعنف أكبر حتى بلغت نهاية الفراغ.. خيل لي أن عضوها ازداد طولا وضخامة.. فوجئت بالملعون "أحمد" يمتطيها من الخلف مما زادها حماسا وهيج شهوتها أكثر.. صدق حين وصفها بازدواجية الميول.. وسط هذا الخليط من المشاعر هاجمتني الرعشات بلا توقف من كل ناحية.. حوصرت بين أربعة أذرع.. خلف ظهري يجذبني "علاء" وفوقي "منيرة" التي لا ترحم، تضغط صدرها فوق صدري. ارتفع الهجوم واختلطت التنهيدات.. لم أنتبه لبقية الجماعة يلتحقون بنا.. كانت "أسماء" بجواري تحاول مساندتي وتمرر كفيها حول جبهتي وعنقي لتمسح العرق المتهاطل بغزارة.. حولها معاد وآدم يتنافسان على التقبيل واللحس لبلوغ فمها بعضويهما دون طائل..


6= الرابع عشر من نيسان 2018 فجر يوم العيد


2Qc2sPj.md.jpg
بينما كنا نخوض جماعيا فيما التقينا من اجله، تعذر علينا فك الارتباط بسرعة للتعرف بسرعة على سبب انفجارات مفاجئة تخترق صمت الفجر والظلام.. كان أحمد مغمض العينين يتمسك بخصر منيرة يجرها نحو وسطه.. بينما كانت هي تحاول التشبث بحوضي.. كلما جرها أحمد نحوه أتبعها يدون شعور كي لا تضيع مني نشوتي.. أحسست علاء من خلفي ينخر ويلعن ويلهث صارخا على وشك الانفجار.. سمعنا فجأة صوت طائرات كثيرة تحلق فوق المدينة، وعن بعيد دوي انفجارات متعاقبة.. اختلطت أصوات اللهفة والشهوة والشبق بالتنهيدات والانفجارات المدوية التي تحدث في أنحاء مختلفة حول المدينة.. ارتميت شبه غائبة عن الوعي فوق الفراش لأن الكل توقفوا مندهشين خائفين.. ابتعدوا عني قبل أن أشفي غليلي الذي كنت أتوقعه من تنظيم السهرة.. اختفى أحمد والضابط عرايا يطلان من نافذة غرفة الجلوس ثم عادا مسرعين..

في غمضة عين طغى الضجيج في الشوارع على صمت الفجر.. يبدو أن غارة الطائرات الحربية قوية بحيث أفشلت بسرعة كل الطعنات التي كانت مشتعلة بيننا قبل قليل.. كان عضو علاء تتقاطر منه بقايا القذف وهو يختبئ وراء أحمد.. وحده "مروان" كان ما يزال مستلقيا على ظهره، يداعب شيئه المنتصب غير عابئ ولا متأثر بما يجري.. من الواضح فعلا أنه صادق عندما اعترف لي بأنه ظل مخلصا لزوجته ولم يلامس غيرها منذ الوفاة..

نطق أحمد مرتبكا وقد غلب الخمول شهية الرجال من شدة الرعب.. نظرت الى اسماء بجواري، فاذا هي مثلي ما تزال ساهمة شبه مغيبة عن الوعي.. قال احمد بصوت غلبته الدهشة: " يبدو أن هناك هجوما صهيونيا جديدا فوق المدينة.."

دوت صفارات الإنذار. فأوقفنا معاركنا الداخلية مرغمين في الحال. عن بعيد كان صوت الانفجارات متواصلا. علمنا بعد عودتنا الى الواقع في الساعات الاولى لصباح العيد، ان مقاومة دفاعنا الجوية تعرضت سبيل معظم الصواريخ وفجرتها في السماء.. لحسن الحظ كانت قوات الجيش تتوقع مثل هذا العدوان.. ظلت الطائرات تحلق بصخب فوق ضواحي العاصمة قبل أن تختفي.. تاركة وراءها دخانا كثيفا ورعبا لا يوصف فوق مناطق عديدة.. نحن لم نتبين موقعها بالضبط تحت جنح الظلام حين اعادتنا من لحظة الحلم الى حقيقة الماساة..

بعد أن استيقظ كل منا مفزوعا من المفاجأة اللعينة.. كنا نتساءل بأفواه مفغورة لا نعرف ما الذي يقع على وجه التحديد.. كل واحد يمسك رأسه مترنحا من بقايا السهر وتخدير ليلة البارحة.. صعقنا جميعا ولسان حالنا يقول:

أليس من حق المحارب أن يستريح ولو ليلة واحدة؟

عرفنا بعد ذلك أنه كان عدوانا ثلاثيا ذكرني شخصيا بجمال عبد الناصر وقناة السويس في الخمسينات من القرن الماضي.. عبارة عن عملية عسكرية جوية نفذتها القوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية على عدد من المواقع في سوريا في كل من حمص ودمشق.. قلت في داخلي وأنا أفكر في العدوان المباغت.. لهذا السبب غادرنا العقيد "فوزي" في مطلع السهرة.. لا شك أن المخابرات العسكرية اليقظة كانت على علم بما سيحدث.. تذكرت ما قاله وهو يودعني:

"أرجو المعذرة.. انا مضطر للمغادرة فورا.. اعتذري عني بالنيابة للزملاء لأني جئت فقط أحييكم.. أتوقع نهاية غير طبيعية لسهرتكم هذه لا قدر ***"



حدث ذلك ما بين الساعة الرابعة والخامسة من صباح الرابع عشر من شهر نيسان.. كان عدوانا شاركت فيه طائرات فرنسية وإنجليزية مدعمة بمدمرات أمريكية دعمت الهجوم بقنابل وصواريخ من البحر.. وللغرابة فقد حدث هذا بالضبط عندما كان جسدي الثائر يتلقى الطعنات المتوالية من ثلاثة انفار..
 


أكتب ردك...
أعلى أسفل