متسلسلة ظل الفقد ـ حتي الجزء الثاني 18/1/2025

ابو دومة

ميلفاوي خبير
عضو
ناشر قصص
إنضم
11 يوليو 2024
المشاركات
354
مستوى التفاعل
160
النقاط
0
نقاط
342
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
مقدمة:
في مدينة هادية، ضبابها مغطّي الشوارع وريحة الماضي لسه موجودة في كل زاوية، سامي قرر يرجع بعد غياب طويل، بعد ما ترك المكان اللي عاش فيه كله علشان يواجه ماضيه، اللي مش قادر ينساه. المدينة اللى عاش فيها أيام طفولته كانت مليانة بالذكريات، بس لما رجع، اكتشف إن كل حاجة اتغيرت. البيت اللي اتربى فيه بقى مهدم، والشوارع اللى كانت مليانة ناس بقت خالية، والناس نفسها مابقتش تفتكره زي زمان. لكن اللى رجع من أجله مش بس ماضيه، ده هو عايز يعرف سرّ موت والديه في الحادث اللى حصل من 4 سنين، واللى لحد دلوقتي محدش شرح له تفاصيله. في قلب المدينة اللى اتربى فيها، سامي هيكتشف إن الموضوع أكبر من مجرد حادثة. هيفهم إن اللي في قلبه مش مجرد شوق للماضي، ده في حاجة كبيرة خفية وراه. هل هيقدر يعرف الحقيقة؟ ولا الحقيقة نفسها هتكون أقوى من أي حاجة كان ممكن يتخيلها؟

الشخصيات الرئيسية:

1. سامي:

العمر: 28 سنة.

المظهر: شاب في أواخر العشرينات، شعره بني غامق، وعيونه داكنة. ملامحه شوية تعبانة من السنين اللى فاتت.

الشخصية: سامي هو بطل القصة. كان شاب مليان طموح، لحد ما فجأة فقد والديه في حادث مأساوي. بعد مرور 4 سنين على الحادث، قرر يرجع للمدينة اللى نشأ فيها، مليان أسئلة شكوك عن اللي حصل. سامي شخصية جدية وعقله دايمًا شغال، بس في نفس الوقت مش قادر يتخلص من القلق والتوتر بسبب غياب الأجوبة. عايز يعرف الحقيقة مهما كانت العواقب.



2. فاطمة:

العمر: 27 سنة.

المظهر: شعرها أسود طويل، وعيونها رمادية داكنة فيها شوية حذر وقلق. ملامحها رقيقة، لكن في وقت الجد هي قوية.

الشخصية: فاطمة هي صديقة سامي من زمان. كانوا مع بعض في المدرسة، وهي دائمًا كانت الشخص اللى بيعرف يساعد الآخرين. دلوقتي فاطمة بقت صحفية، بس لسه عندها علاقة قديمة بالحادث اللى حصل لوالد سامي. هي شخصية شوية غامضة، في البداية بتحاول تبعد عن الماضي، بس مش قادرة تسيب سامي يواجه القضية لوحده. عندها مشاعر مختلطة بين الخوف من الماضي وبين رغبتها في المساعدة.



3. العم عباس:

العمر: 60 سنة.

المظهر: راجل مسن، لحية رمادية وشعر أبيض، ووشه دايمًا فيه ملامح تعبيرية عن التعب والقلق.

الشخصية: العم عباس هو شخص كبير في السن وعاش قريب من عائلة سامي طول الوقت. معروف بالحكمة، بس عنده أسرار قديمة عن المدينة يمكن تكون مرتبطة بالحادث اللى حصل. هو رابط بين الماضي والحاضر، لكنه مش قادر يواجه خوفه من العواقب، عشان كده مش قادر يجاوب على كل أسئلة سامي.



4. شريف:

العمر: 30 سنة.

المظهر: شاب طويل ونحيف، شعره بني فاتح وعيونه زرقاء. دايمًا لبس أنيق، وبيحاول يظهر كأنه شخص واثق من نفسه.

الشخصية: شريف هو الشخص اللى سامي بيقابله بالصدفة في المدينة بعد ما يرجع. كان من أصدقاء والد سامي المقربين، وده بيخليه عنده علاقات مع ناس مهمين في المدينة. في البداية شريف بيساعد سامي، لكن كل ما تقرب منه هتكتشف إنه مش دايمًا صريح، وأحيانًا يبدو إنه بيخبي حاجات معينة.



5. أمينة:

العمر: 25 سنة.

المظهر: شعرها بني طويل وعيونها بنيّة. ملامحها هادئة، بس فيه حاجة في عيونها بتحسسك إنها مش كاملة.

الشخصية: أمينة هي واحدة من الناس اللى سامي يعرفهم من زمان. كانت صاحبة والدته، واشتغلت كمعلمة في نفس المدينة اللى نشأ فيها. لسه قريبة من عائلة سامي وبتساعده كل ما تقدر. رغم كده، مشاعرها تجاه سامي مش واضحة، وده بيخليها أحيانًا مترددة في اتخاذ مواقف واضحة.




الشخصيات دي هي قلب القصة، وكل واحد فيهم عنده دور مهم في كشف اللغز اللى حاوط سامي، وكل واحد فيهم ليه أسرار وسبب في إخفاء الحقيقة. وكلما سامي بيقرب من الجواب، كلما بيكتشف إن في ناس مش عايزة يكتشف ك
ل حاجة، وإن السر اللى مخبيه الناس أكبر من ما كان يتخيله.

الفصل الأول: العودة إلى الماضي

كان النهار بدأ يختفي من السما، والهوى كان بارد شوية مع أول خيوط الليل. سامي قاعد في العربية اللى كانت بتسرع على الطريق الصحراوي اللي بيودّي لمدينة "النجيلة". المدينة اللي نشأ فيها. بعد 4 سنين، قرر يرجع أخيرًا بعد ما غاب كتير. كلها ذكريات وأحداث بقالها وقت طويل زي الجروح اللى مش بتطيب.

سامي سحب نفس عميق وهو بيمسك المقود بإيده، عينيه مش مركزة قدامه على الطريق، كأن ذهنه في مكان تاني بعيد. فكرة واحدة كانت بتمشي في دماغه: "ليه لازم أرجع؟ لسه في أمل ولا خلاص؟".

منذ 4 سنين، كانت حياتهم مختلفة خالص. هو، وأبوه، وأمه كانوا مع بعض في البيت. أوقاتهم كانت كلها ضحك وحب، وكل شيء كان في مكانه. لحد ما حصل الحادث. الحادث اللي غير كل حاجة.

مفيش تفسير واضح للى حصل، حتى الآن. كل حاجة كانت غامضة، وكل محاولاته علشان يعرف إيه اللي حصل كانت بتبوء بالفشل. اليوم ده كان يوم أسود، ولا مرة حاسب فيه زي ما كان حاسس اليوم وهو داخل المدينة دي. قلبه كان بينبض بسرعة ودماغه زى الزجاج المكسور.

السيارات بدأت تترى حوله وهو داخل المدينة، وسامي بدأ يحس إنه غريب وسط كل الناس دي. مش قادر يصدق إنه هيمشي في الشوارع اللى كان يعرفها قبل كده. الشوارع دى كانت مليانة بالحياة زمان. كان فاكرهم مليانين بالضحك، والناس اللى كانوا بيقابلهم كانوا طيبين. دلوقتي مفيش غير السكوت. الهدوء اللى مكنش له مكان قبل كده.

وصل قدام بيته، والبيت كان واقف زي المارد المهدم. الجدران مكسورة، والشبابيك كانت مفتوحة كأنها عاوزة تبص من غير أمل. قلبه وجعه وهو بيشوف البيت كده. كان نفسه يرجع زمان. كان نفسه يشوف والده، ويرجع يتكلم مع أمه. بس خلاص، كل ده انتهى.

أول حاجة عملها لما وصل هو إنه رن على فاطمة. صديقته القديمة من أيام المدرسة. كانت هي الوحيدة اللى ممكن تساعده في حاجة زي دي. "أيوه يا فاطمة، أنا وصلت. أنا قدام البيت دلوقتي. تعالى بسرعة".

فاطمة كانت دايمًا جنب سامي في أيامه الصعبة، وكأنها شايلة عن قلبه كتير. ردت عليه بسرعة وقالت له: "على طول جاية، هكون عندك بعد شوية".

سامي شال التليفون وحطّه في جيبه، ونزل من العربية. الجو كان بارد وهو داخل البيت المهدوم ده. يده كانت بتشيل المفتاح القديم اللى ما بيستعملوش من زمان. ده كان مفتاح بيته. طبعًا المفتاح ده كان ليه ذكريات كتير، يمكن تكون الذكريات دي أكتر حاجة سامي حاسس بيها دلوقتي.

خطواته كانت ثقيلة وهو داخل البيت. المكان كان مظلم وكأن الزمن وقف فيه. بس لسه في مكان واحد كان محتفظ بالضوء. كانت غرفة المعيشة اللى كان فيها أبوه وأمه دايمًا مع بعض. كانت مليانة بالصور والذكريات اللى خلفها الحنين.

بعد ما دخل، بدأ يلاحظ حاجات صغيرة، حاجات كانت مبنية في ذهنه من زمان. بس كل شيء دلوقتي كان تالف. صورته مع والده وهو صغير كانت لسه موجودة على الحيطة، لكن الصورة نفسها كانت مهدمّة كأن الزمن عايز يمحيها.

بالوقت ده، فاطمة وصلت، دخلت البيت بسرعة وجريت ناحيته. كانت لابسة معطف أسود، وشعرها كان متغطّي بغطاء رأس. "إزيك؟"، قالت وهي بتشوفه بعيونها اللى مليانة تساؤلات. عرفت إنه لسه مش قادر يتعامل مع مشاعر العودة للمكان ده.

سامي قال بهدوء: "أنا مش عارف ليه رجعت هنا تاني، بس عندي إحساس إن فيه حاجة مش مفهومة". وقف قدام صورة والده وقال: "فيه حاجة لسه مش واضحة، حاجة مفيش حد عايز يقولي عنها".

فاطمة قربت منه وقالت: "كلنا عندنا ذكريات مع المكان ده. وأنا عارفه إنك مش جاي علشان الماضي بس. في حاجة تانية جواك لازم تعرفها، بس خلي بالك، بعض الأحيان معرفة الحقيقة مش دايمًا خير".

كان سامي واقف قدام الصورة مش قادر يركز على كلامها. بس في لحظة، حاسس إن عنده قوة جديدة. "أنا لازم أعرف إيه اللى حصل. لازم أعرف الحقيقة عشان أقدر أعيش من غير ما يكون في حاجة بتؤثر عليّا."

وابتدت القصة تتكشف ببطء.

الفصل التاني

في اليوم التاني، بعد ما صحيت من النوم، كان نفسي في قهوة علشان أبدأ يومي. دخلت المطبخ، و لقيت ماما كانت عاملة فطار. كان الجو هادي و الدنيا لسه مفيهاش حركة، حسيت إن فيه حاجة مش مظبوطة، كأن الهدوء ده مش طبيعي. قعدت مع ماما عشان نأكل مع بعض، وبعد شوية بدأنا نتكلم عن الشغل و الأيام اللي جاية.

ماما دايمًا كانت متفائلة، لكن النهاردة كانت مختلفه. كان في حاجات بتشغل بالها، كان واضح إن فيه حاجة بتضغط عليها بس مافيش حاجة قالتها.

“مالك يا ماما؟ في حاجة؟” سؤالي كان بحذر، بس ماما ردت بابتسامة شبه خفيفة وقالت:
“مفيش حاجة يا حبيبي، بس ساعات الحياة بتبقى مش تمام و بنحاول نلاقي حلول.”
لكن بصراحة أنا حسيت إن فيه حاجة تانية مش محكية.

اتصلت بـ"مروة"، صاحبتنا اللي اشتغلت معايا في المكتب من فترة. مروة كانت دايمًا طيبة و تحس إن فيها حاجة مميزة عن الباقي، وكان عندها طريقة في فهم الناس وحل مشاكلهم. كنت عايز أتكلم معاها عن اللي حصل، وخصوصًا إن كانت آخر واحدة عرفت عن اللي حصل في المكتب.

“يا مروة، أخبارك إيه؟ في حاجة جديدة؟”
“هوا أنت لسه مش هتتغير؟ لسه هتحاول تعرف كل حاجة؟”
“مروة، مفيش غيرك يتفهم الأمور زيك، أنا فعلاً محتاج أسمع منك.”
“شوف، خليني أقولك بصراحة: المكتب ده مليان أسرار، وأنت لسه مش شايف غير القشرة بس، لو عرفت كل حاجة، هتدور في دايرة مغلقة. مفيش حل.”

كنت عارف إنها بتتكلم عن أسرار لا حصر لها في المكان ده. بس ليه مروة قالت كده؟ هل فيه حاجة أكبر من اللى أنا شايفه؟ مش فاهم، لكن اللي أكيد إن عندي أسئلة أكتر من الإجابات.

في الوقت ده قررت أني لازم أعمل حاجة عشان أتأكد من كل شيء، وإن مروة مش هتبقى هي الحل الوحيد. لازم أكون متابع لكل حركة في المكان ده، وأخلي بالي من التفاصيل الصغيرة.

في المكتب كان فيه حس توتر مش طبيعي. ناس كانت بتكلم عن أحداث حصلت الأسبوع اللي فات، وكانوا بيشاوروا لبعض نظرات غريبة. كنت شايف كل ده، ومش قادر أركز في شغلي. بعد شوية جالي اتصال من المدير.

“تعالى بسرعة، عندنا مشكلة كبيرة في المشروع الجديد.”
كنت عارف إن ده معناه إن هيكون عندنا شغل جامد الفترة الجاية. مش عارف ليه، بس لقيت نفسي مش قادر أركز. فكرت في مروة وفي كل اللي قلتهالي، وقررت إن لازم أبدأ أحقق في كل حاجة من غير ما حد يعرف.

في اليوم ده بدأت أحس بشيء غريب بيحصل حوالي، وحسيت إن فيه شيء أكبر بكتير من مجرد مشكلة بسيطة في المكتب. مين فينا كان عارف إن الأحداث هتكون أعقد من كده؟ مين كان يصدق إن السر ده هيقلب حياتنا كلها؟ لكن مش مهم دلوقتي، المهم هو إني عرفت إني هكون جزء من رحلة مش هقدر أرجع منها.
 


أكتب ردك...
أعلى أسفل