متسلسلة وريث الفرعون ــ حتى الجزء الثالث 5/1/2025

ابو دومة

ميلفاوي خبير
عضو
ناشر قصص
إنضم
11 يوليو 2024
المشاركات
266
مستوى التفاعل
104
النقاط
0
نقاط
251
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
في قلب الصحراء الشاسعة، حيث تلتهم الرمال بلا رحمة وتغلي تحت شمس حارقة، استفاق أحمس فجأة على صوت الرمال الكثيفة وهي تتحرك بفعل ريح عاتية، وكأنها تناديه بلغة قديمة لا يفهمها. كان جسده ممدداً على كثبان الرمال التي لا تعد ولا تحصى، جروحه تغطيه بالكامل وكأنها رسائل قديمة كتبها الزمن على جسده. لكن الذاكرة كانت ضبابية، مشوشة، وكأنها سرقت منه منذ فترة طويلة.
فتح عينيه بصعوبة، وكانت السماء فوقه مغيمة بظلال عميقة، والأرض التي تحت جسده تتحرك في حركة لولبية غريبة، كما لو كانت الكثبان تتراقص في طقوس سحرية قديمة. حاول أن ينهض، لكن الألم غمره، وكلما تحرك، زادت قوة الرياح التي كانت تدفعه للوراء، وكأن الصحراء نفسها ترفضه.
كان يحاول جمع شتات ذهنه، لكن الصور التي تمر أمام عينيه كانت متقطعة. كان يرى صوراً غامضة في ذهنه؛ معابد قديمة، تماثيل ضخمة لآلهة فرعونية، ورؤية لشخصيات مجهولة تراقبه من الظلال. ماذا حدث؟ كيف وصل إلى هنا؟
بينما كان يعاني من حالة الهذيان هذه، لمح فجأة شخصاً غريباً يقترب منه من بعيد. كان شخصاً يرتدي عباءة سوداء تتحرك مع الرياح، ووجهه مختفٍ خلف قناع يحمل رموزاً هيروغليفية قديمة لم يعرف لها تفسيراً. كان الكائن يقترب منه بصمت تام، وحين وصل إلى مسافة قريبة، مد يده دون أن ينطق بكلمة واحدة.
"من أنت؟" همس أحمس بصعوبة، لكن صوته لم يخرج كما كان يريد. كان الصوت مبحوحاً، وكأن صحته بدأت تتلاشى مع الرمال من حوله.
لم يجب الشخص الغريب، فقط اقترب منه أكثر حتى صار جسده قريباً منه. كانت اليد الممدودة باردة جداً، ورغم أنه لم يشعر بشيء سوى العدم، إلا أن هناك إحساسًا غريبًا سكن قلبه. كانت اليد وكأنها تحمل سرًا، سرًا كان مدفونًا في أعماق الأرض نفسها.
نظر أحمس إلى السماء مرة أخرى، فوجد أن الرياح قد هدأت بشكل مفاجئ، وتوقف الصوت الغريب للرمال. كل شيء أصبح ساكنًا في تلك اللحظة، كما لو كانت الصحراء نفسها تنتظر أن يحدث شيء عظيم. لكن، ماذا يعني كل هذا؟ لماذا هو هنا؟ ولماذا يشعر أن هذا اللقاء هو بداية شيء أكبر بكثير مما يمكن أن يتخيله؟
لكن قبل أن يتمكن من التفكير أكثر، بدأ يحس بشيء آخر. شعور غريب من الداخل، كأن قوة غير مرئية تدفعه نحو الحجر المضيء الذي كان يراه في الأفق البعيد. كان شيئًا ما داخل صدره يدفعه للتحرك، وكأن هذا الحجر هو مفاتيح الألغاز التي كانت تحيط به.
تحرك أحمس بصعوبة نحو ذلك الضوء، لكن قبل أن يصل، شعر بوجود آخر يقترب منه، شخص آخر، لا يراه بشكل واضح لكن يشعر بوجوده بعمق. من كان هذا الشخص؟ ولماذا كان يشعر أنه ليس وحيدًا في هذا المكان المظلم؟
وعندما وصل أخيرًا إلى الحجر، مد يده نحو سطحه البارد، ففجأة، انفجرت في عقله رؤى غريبة، كانت الصور تتسارع بشكل متسارع في ذهنه. معابد قديمة، آلهة غاضبة، رموز هيروغليفية، وأصوات غير مفهومة. لكن وسط هذه الفوضى، سمع همسات بعيدة في أذنه: "أنت من نسل الآلهة... وريث الفرعون."
فجأة، كان جسده يهتز، وكأن شيئًا غريبًا قد بدأ يسري في عروقه. لم يعد يعرف إن كان يحلم أم أن هذه الحقيقة التي سمعها كانت حقيقية. ماذا تعني هذه الكلمات؟ ولماذا هو هنا؟ وكلما كانت الأسئلة تتوالى في ذهنه، بدأ يشعر أن هذه الصحراء التي ابتلعته لم تكن مجرد صحراء، بل كانت مكانًا محوريًا في شيء أعظم بكثير.
ثم، وفي تلك اللحظة المليئة بالغموض، ظهرت شخصية أخرى، من بعيد، طيف غريب يتشكل في الضباب. وكان يأتي من داخل الرمال، يحمل مفتاحًا آخر للغز الكبير الذي سيكتشفه قريبًا.
---
يتبع.....

الجزء الثاني
بينما كانت أنفاسه تتسارع من شدة الألم، بدأ أحمس يحاول تحريك جسده الذي كاد أن ينهار بالكامل تحت وطأة الإرهاق. كانت الصحراء ممتدة بلا نهاية أمامه، وكل خطوة يخطوها كانت تزداد فيها الرياح العاتية قوة، كأنها تسخر منه، تمنعه من التحرك. لكن شيئًا ما بداخله كان يدفعه للأمام. ربما كان الإحساس بأن هناك شيئًا مهمًا ينتظره في الأفق، أو ربما كانت تلك القوة الغامضة التي شعر بها عندما لامس الحجر.

بالرغم من الألم والضعف، بدأ أحمس يتحرك بصعوبة. الرمال كانت تلتهم قدميه مع كل خطوة، وكان كل جزء في جسده يعاني، لكن عقله كان يصرخ: "لا يمكنني التوقف هنا، يجب أن أستمر." كانت صورة الحجر المضيء الذي رآه في رؤياه تتجدد في ذهنه، وكأنها تشير إلى هدف غامض في مكان بعيد.

بينما هو في طريقه عبر بحر الرمال، لم يكن يعرف ما إذا كان يسير في الاتجاه الصحيح أم لا، فجأة، شعر بشيء غريب. كانت هناك حركة خفيفة في الرمال من حوله. بدأ يتنبه، وأخذ يحدق في الأفق. كان هناك شخص آخر يلوح في السماء، يبدو وكأنه قادم من مكان بعيد. كان الظل يتنقل بسرعة وسط الرمال، كأن الرياح نفسها تدفعه نحو أحمس.

اقتربت الشخصية بسرعة، وكانت تبدو وكأنها ترتدي عباءة من القماش الخفيف الذي يرفرف مع الرياح، كما لو كانت هذه الشخصية جزءًا من الرياح نفسها. عيني أحمس كانت تلاحق الظل المقترب حتى ظهر أمامه فجأة.

"أنت... من؟" قال أحمس بصوت خافت، محاولًا أن يتماسك رغم الضعف الذي كان يعتصره.

أمام أحمس وقفت "كايا"، شابة ذات ملامح حادة وعيون لامعة، كانت تحمل في يدها آلة موسيقية قديمة، أداة تتناغم مع الرياح التي تعصف بالصحراء. لكن ما لفت انتباهه أكثر، كان الخنجر الحاد الذي يلوح من جانبها، وكأنها كانت مستعدة للقتال في أي لحظة. لم يكن يبدو عليها الإرهاق، وكان جسدها مليئًا بالحركة والمرونة، كأنها كانت في وئام مع الصحراء نفسها.

"أنت في خطر هنا، لا تنسَ ذلك." قالت كايا، بنبرة حادة، لكنها كانت تراقب أحمس بعينين مليئتين بالشكوك. "أنت لست الوحيد في هذه الصحراء، وكثبان الرمال تخفي أكثر من مجرد مخلوقات."

كانت كلماتها وكأنها تلمح إلى شيء أكبر، شيء يختبئ في الظلال، لكن أحمس لم يكن في حالته المثلى لطرح الأسئلة. كان عقله غارقًا في الأفكار المبعثرة التي كانت تتسابق في رأسه، ولم يكن يعلم إذا كان يجب أن يثق في هذه الفتاة الغريبة أم لا.

لكن شيء واحد كان واضحًا: وجودها في هذه الصحراء ليس مجرد صدفة. كان هنالك رابط، أو ربما سر مشترك بينهما، لم يكن أحمس قد اكتشفه بعد.

بينما بدأوا في السير معًا، كانت كايا تتحدث عن رحلاتها السابقة في الصحراء، والأسرار التي تعلمها عن الأماكن المخفية في عمق الرمال. كانت تروي له عن المجموعات التي كانت تعيش في واحات معزولة، عن الأشخاص الذين يختبئون في الظلال، وتلك القوة الغامضة التي يعتقد الجميع أنها تختبئ في قلب الصحراء.

في كل كلمة كانت تقولها، كان أحمس يشعر بأن هناك شيئًا أكبر مما يبدو، وكأن كايا كانت تخفي شيئًا أكثر من مجرد معلومات عن الصحراء. كان شعور غريب بالقلق يتسلل إلى قلبه، لكن لم يكن لديه وقت للتردد. كانوا في مكانٍ نائي، حيث لا أحد يمكنه مساعدته، ولا أحد يعرف مصيره.
ثم، بينما كانوا يسيرون في اتجاه المجهول، لاحظ أحمس أن الرمال من حولهم كانت تتحرك بشكل غريب، كما لو كانت تتنفس. شعر بشيء يراقبهم، يقترب شيئًا فشيئًا، لكنه لا يستطيع تحديد مصدره. كانت الرياح تعصف بهما أكثر فأكثر، وكأنها تحاول دفعهما نحو نهاية مظلمة.
في تلك اللحظة، بدأ أحمس يشعر بشيء آخر، طيف من رؤى غامضة يبدأ في الظهور أمامه، تماثيل قديمة وآلهة فرعونية تلمع في الأفق، وكان يشعر أن كل شيء في الصحراء يرتبط بماضيه الذي فقده. "هل أنا حقًا وريث الفرعون؟" تساءل في نفسه، لكن الإجابة كانت ما تزال بعيدة.
ثم، بينما كان التفكير يزداد تعقيدًا في رأسه، شعرت كايا بحركته المفاجئة وركضت باتجاهه بسرعة. "ماذا هناك؟" قالت، وعينها متسعة، لكن أحمس لم يرد، كان في ذهنه سؤال واحد فقط: هل سيكتشفون ما يختبئ في قلب الصحراء، أم أن الأسرار ستظل في الظلال؟


يتبع ....

الجزء الثالث




بينما كانت كايا تستمر في حديثها، كان أحمس في حالة من الضياع. كانت كلماتها تتسلل عبر عقله لكن عينيه كانتا ثابتتين في الأفق، تبحثان عن شيء ما، شيء غير واضح. كان يشعر بشيء غريب، شيء يدفعه للبحث عن سر عميق مدفون في قلب الصحراء. وكان ذهنه مشوشًا، كلما تذكر الرؤية التي ظهرت له في معركة الرمال، والحجر المضيء الذي رآه في مخيلته.

"أحمس!" نادت كايا بصوت أكثر حدة هذه المرة، حاولت لفت انتباهه. "هل تسمعني؟"

أحمس نظر إليها أخيرًا، وكأن حديثها اخترق صمته، ولكنه كان لا يزال غير متأكد من ما يراه أو يشعر به. "نعم... نعم أسمعك."

"ماذا بك؟" تساءلت كايا بقلق، وهي ترى الشكوك في عينيه. "أنت لست هنا بالكامل، ما الذي يجري؟"

أغمض أحمس عينيه للحظة، وأخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بصوت هادئ، لكن متوتر: "أشعر أن هناك شيئًا في هذا المكان... في هذه الرمال... هناك شيء أكبر مننا."

كانت كايا تراقب تعابير وجهه، وعرفت أنه يمر بشيء لا يستطيع فهمه. "أنت في مكان غريب، وهذا يجعلك تشعر بالارتباك. لكن يجب عليك أن تبقى حذرًا. الصحراء ليست مجرد رمال، هناك أسرار كامنة هنا."

كان حديثها يبدو كما لو كانت تشير إلى شيء أكبر، شيء كان أحمس يشك في أنه يتعلق بمصيره. لكنه لم يكن جاهزًا بعد لمواجهة كل ما يجري. فكر لحظة في كلمات الكاهن الغامض، في القوة التي استيقظت داخله. هل كان ذلك مجرد حلم؟ أم أن هناك شيئًا حقيقيًا يخفيه هذا العالم؟

ثم حدث ما لم يكن في الحسبان. في لحظة خاطفة، قطع صمت الصحراء صوت خطوات غريبة، وكانت تتحرك بسرعة نحوهم. الأفق كان يتحرك بشكل غير طبيعي، وكأن هناك شيئًا يقترب منهم بسرعة. بدأت الرمال تتحرك بشكل متسارع، وكأنها تنبض بالحياة.

"كايا، يجب أن نتحرك!" قال أحمس وهو يشعر بشيء يقترب منهم بسرعة. لم يكن يعرف ما هو، لكن الاحساس بالخطر كان يزداد.

قبل أن تتمكن كايا من الرد، اندفع شخصٌ ما من بين الرمال، وكان يظهر كظل مظلم، سريع الحركة. ثم تبعته مجموعة من الكائنات الغريبة التي بدأت في الظهور من كل جانب. كانت مظلمة الشكل، مغطاة بالتراب، وأيديها تمتد كالأشباح.

"انتبهي!" صرخ أحمس، وأخذ خطوة للأمام، محاولًا حماية كايا. لكنه شعر بأن قدميه تثقل شيئًا فشيئًا. كانت هذه الكائنات تتحرك بشكل سريع وتحيط بهما من كل جهة.

كايا، التي كانت تتمتع بمهارات قتالية عالية، بدأت في القتال على الفور، وكانت تتحرك بسرعة، تتنقل بين الأعداء بمهارة فائقة. سيفها يلمع وسط الرمال المشتعلة، لكنها كانت تدرك أن الأعداد كثيرة للغاية وأن القتال بهذا الشكل لا يضمن لهما النجاة.

في لحظة، كان الخطر يقترب أكثر وأكثر. شعر أحمس بشيء غريب داخله، كما لو أن شيئًا دفينًا كان يستيقظ، يضغط عليه من الداخل. كانت أنفاسه تتسارع، وكان قلبه ينبض بسرعة غير معتادة. بدأ يشعر بشيء غريب يتسلل إلى أطرافه، وكأن جسده كان يستجيب لقوة غير مرئية.

ثم، في لحظة مفاجئة، تمددت يديه في الهواء بشكل لا إرادي. كانت قوته تتدفق كالنهر الجارف، بينما انفجرت في الهواء طاقة غير مرئية، جعلت الأعداء يترنحون ويسقطون على الأرض. وكان الضوء ينبعث من يديه بشكل لا يمكن تفسيره، كأن الشمس نفسها قد انفجرت داخل جسده.

أحمس، في حالة من الصدمة والذهول، حاول أن يسيطر على هذا التدفق الغريب من الطاقة، لكن مع كل حركة، كان يشعر بألمه يتضاعف. بدا وكأن الجسد لا يتحمل هذه القوة العظيمة. لكن الأعداء لم يتوقفوا عن الهجوم، ومع كل ضربة جديدة، كانت القوة تتفاقم وتزداد سوءًا.

كان على حافة الانهيار، وعينيه تغلقان ببطء.

"كايا..." همس بصوت متألم. لكن قبل أن يتمكن من قول المزيد، انهار على الرمال، جسده شاحبًا، وكأنه قد استنفد كل قوته.

بينما كانت كايا تحارب الأعداء المتبقين، لم تستطع إلا أن تراقب أحمس وهو يسقط على الأرض، وعينيها مليئة بالقلق. كانت تعرف أن هذه القوة التي تحركه ليست عادية، لكنها لم تكن تعرف مدى خطورتها عليه.

ثم، في اللحظة التي كانت فيها كايا تحاول الوصول إلى أحمس، ظهر من بين الظلال شخص غامض، ذو قناع هيروغليفي. كان يقترب منهما بسرعة، وكان الصوت الذي خرج منه عميقًا وغريبًا.

"لقد استخدم قوته مبكرًا. إنه ليس جاهزًا لهذا بعد." قال الشخص الغامض بصوت ثقيل، وهو يرفع يده نحو أحمس.

قبل أن تتساءل كايا عن هذا الشخص، قال الرجل: "لا يمكنك الاستمرار في استخدام هذه القوة دون تدريب. جسده غير مستعد لتحملها."

أغمض أحمس عينيه، وعيناه تمتلئان بالألم، ثم قال بصوت ضعيف: "كيف... يمكنني التحكم في هذا؟"

"بتدريب قوي، يجب أن تتعلم كيف تتحكم في هذه القوة. إذا استمريت في استخدامها على هذا النحو، ستدمرك. لكن لا تقلق، سأكون هنا لمساعدتك... ولكن عليك أن تتحمل وحدك."

ثم اختفى الرجل الغامض فجأة، تاركًا أحمس في حالة من الصدمة، وكأن عالمه قد تغير مرة أخرى.
 
أعلى أسفل