كان يا ما كان شاب وبنت...
بدأت القصة لما خالد قابل ياسمين في أولى ثانوي. هو كان شاب هادي، ضحوك، وديما قاعد مع صحابه وبيحب الحياة. وهي كانت بنت جميلة، رقيقة، وكل الشباب عاوزين يتعرفوا عليها. من أول ما عينيه شافتها، حس إنها البنت اللي دايمًا كان بيدور عليها، وكأن روحه هي اللي اختارتها.
وبالفعل، التقوا وبدوا يتكلموا، وكانت الحكايات بينهم طول الوقت. اتعلموا حاجات كتير مع بعض، حاجات عن الحب والرومانسية. كانوا بيخرجوا ويمشوا في الشوارع، ويجلسوا على كورنيش النيل يحكوا عن أحلامهم، عن مستقبلهم، عن كل حاجة. كان خالد حاسس إنه مش بس بيحب ياسمين، لأ دي بقت جزء من حياته، بقى يبني أحلامه حواليها، وكأنها هي الأمان اللي دايمًا كان بيدور عليه.
مرت السنين، وكبر حبهم أكتر. وصلوا لحد الجامعة، وكانوا دايمًا مع بعض. خالد مكنش شايف الدنيا إلا من عيني ياسمين، وهي كانت عينيه اللي بيمشي بيها. لحد ما في يوم بدأ يحس إنه في حاجة مش مظبوطة. حس إنه في مسافة بينهم، زي ما يكون في حاجة بتخبيها عنه.
فضلت الشكوك تدور في دماغه، لحد ما واجهها يوم وسألها: "في حاجة غلط؟" في البداية، رفضت تقول له، بس بعد إلحاح منه اعترفت إنها كانت على علاقة بشخص تاني، وإنه كان بيقابلها أحيانًا. ساعتها خالد حس إنه الدنيا بتتهد حواليه، كل حاجة كان بنيها معاها بقت كأنها وهم.
لكنه برغم اللي عرفه، مكنش قادر يبعد عنها. سامحها وقال لها إنه بيحبها، وإنه عايز يكمل معاها لحد ما يتجوزها. طلب منها تبقى صريحة معاه، واتفقوا إنه هيكملوا عشان يحققوا حلمهم. بدأ يخطط مع أهله ويقولهم إنه ناوي يتجوز ياسمين بعد ما يتخرج، وابتدى يحكي لأهلها كمان، واتفقوا كلهم إنهم هيصبروا شوية لحد ما يثبتوا مستقبلهم.
مرت الأيام، وكان خالد بيحاول بكل قوته إنه ينسى اللي حصل، ويكمل، لكن في يوم كان منتظر مكالمة من ياسمين تفرحه، اتصدمت لما عرفت إنها اتخطبت! كانت مخطوبة لراجل جاهز، عنده فلوس وعمل، وأهلها وافقوا على طول. خالد حس ساعتها إنه اتحطم، إن حياته انهارت تمامًا.
الحب اللي كان مالي قلبه بقى مر، وكل حاجة حلوة في حياته بقت كأنها ذكريات مؤلمة. من يومها، خالد اتحول. بطل يكون الشاب الضحوك والتلقائي. قلبه اتقفل، وأصبح ما بينجرحش بسهولة. بقى يتعامل مع البنات بدون أي التزام، يدخل في علاقات وينهيها، وكأنه مش عايز يحس بأي حب تاني
وبعد سنين، قرر يتجوز أخيرًا، لكنه اختار واحدة غنية، بنت أهلها عندهم مال وسلطة. كان شايفها فرصة للاستقرار، بس بدون حب. مشاعره كانت متجمدة، بقى زي الذئب في الغابة، يدخل ويخرج من العلاقات بدون أي ندم.
وهكذا، بقت حياته عبارة عن قصة من غير روح، قصة حب بدأت بحلم وانتهت بجرح، خلى قلبه قاسي وأبعده عن أي حد ممكن يحب.
مرت الأيام وخالد كان عايش حياة سطحية، مليانة شكليات، بيسعى فيها للشكل الاجتماعي الناجح، لكن من جواه حاسس بفراغ ما بيتملَّش، فراغ سببته خيانة ياسمين وصدمة فقدانه للحب الحقيقي اللي كان بينه وبينها. رغم كل العلاقات السطحية اللي دخل فيها بعد كده، إلا إنه ما قدرش يلاقي فيهم الإحساس اللي كان حاسه معاها. بقى مقنع نفسه إن الحب الحقيقي ما بيجيش غير مرة في العمر، وإنه ضيّع فرصته.
كل لما يشوف اتنين بيحبوا بعض، كان بيحس بنار جواه، بنوع من الحرمان، كان بيفكر لو كان الحب ده من حقه زي ما هو من حقهم. وأحيانًا كان بيحاول يفتكر ليه سامح ياسمين من الأول، ليه كان بيغفر ليها غلطها وبيحاول يديها فرصة تانية؟ مكنش فاهم، لكنه كان عارف إن مشاعره ليها كانت أصدق من أي حاجة عاشها بعدها.
وفي يوم، وهو قاعد لوحده في البيت، استرجع كل ذكرياته معاها؛ أيام المدرسة، نضارة الحب اللي كانت في عينيها، ضحكتهم وهما على الكورنيش، أحلامهم عن المستقبل. حس إن الذكريات دي بقت مجرد صورة باهتة، بس جواه رغبة يتهرب منها، كأنه بيخاف من لحظة الضعف.
مع الوقت، بدأ خالد يحس بفراغ عاطفي حقيقي. صحيح كان بيعيش حياة ناجحة من ناحية الشغل والفلوس، لكن قلبه كان زي الجبل البارد. وده خلاه يفكر في حياته وحاسس إنه في حاجة ناقصة، حاجة اسمها الحب، أو بالأحرى "الدفء العاطفي." بدأ يسأل نفسه: هو يا ترى لسه ممكن يعيش الحب تاني؟ ولا فعلاً الحب الحقيقي ما بييجيش غير مرة واحدة في العمر؟
حاول كتير يقنع نفسه إنه مش محتاج الحب، وإنه خلاص عاشه وانتهى، وإن الزمن ما يقدرش يرجع للوراء. لكن في أعماقه، كان في جزء منه بيحلم يعيش قصة حب جديدة، إنه يلاقي حد يقدر يفتح له قلبه تاني.
وفي لحظة ضعف، حاول يلاقي معنى أعمق في حياته، لكنه في كل مرة بيحاول يتقرب من حد، كان بيلاقي نفسه خايف، خايف يندم تاني، خايف من الجرح
بعد مشاكل الخيانات اللي وصلت لصديقة مراته، خالد قرر يوقف كل حاجة. حس إنها كفاية، وإنه لو استمر بالطريقة دي، هيخسر البيت اللي بناه، والزوجة اللي بتحبه بجنون رغم علمها بتصرفاته. من يومها قرر يقف، وفعلاً بدأ يظهر التزامه. مراته كانت ذكية وبتجربه دايمًا، تحط له اختبارات عشان تتأكد إنه فعلاً موقف شقاوة الخيانة. لما كانوا يخرجوا سوا وتعدي واحدة حلوة قدامهم، كان ماسك نفسه بالعافية عن النظر، وهي تضحك وتحاول تهرج معاه كنوع من الفكاهة، كأنها فاهمة طبيعته وعارفة إنه طول عمره زي العصفور اللي بيدور على حرية بدون قيود.
لكن خالد، رغم التزامه، كان حاسس بملل وضيق. هو طول عمره بيعيش حياته بتلقائية وحرية، وده كان جزء من شخصيته، جزء من حريته الشخصية. فلما قيد نفسه عشان يحافظ على بيته، بدأ يحس إنه فقد جزء من هويته. ولأنه زهق من الروتين، قرر يجرب حاجة جديدة، حاجة مفيهاش قيود. دخل العالم الافتراضي، ودور في برامج الدردشة والعلاقات السطحية اللي مفيهاش ارتباط حقيقي.
في البداية، عجبته الفكرة. حس إن الموضوع ممكن يكون مسلّي، وكأنها تجربة جديدة يهرب بيها من الملل. لكن مع الوقت، بدأ يحس إنه مفيش أي إحساس حقيقي، كل حاجة كانت باردة ومادية، مجرد تعاملات من غير روح، وكلها بسبب المال، زي العاهرات في الواقع. ماكانش فيه أي حب أو حتى دفء، مجرد ترفيه سطحي.
خالد بقى مشوش، مش عارف إيه اللي ناقصه. هو مش لاقي الحب، ومش قادر يرجع لحرية المغامرات، وبنفس الوقت مش قادر يبني علاقة حقيقية مع زوجته. حس إنه فقد الأمل في إنه يلاقي الحب من جديد، وكأن الحب الحقيقي بقى مجرد ذكرى، مجرد حلم بعيد ماينفعش يتحقق تاني
تأمل خالد في معنى الحب
بدأ خالد يفكر في الحب بشكل أعمق، في معنى الشيء اللي قضى عمره كله بيدور عليه، الشيء اللي عمره ما قدر يمسكه بين إيديه أو يفهمه بجد. قال لنفسه: كم هو غريب الحب، مبيزودش ولا ينقص فينا شيء ملموس، ولا بيشبع حاجة زي الأكل ولا بيملأ الفراغ زي الشرب. هو مجرد إحساس، لكننا بنحتاجه كأنه هواء. نحتاجه بنفس الشغف اللي بنحتاج بيه الحاجات الأساسية في الحياة، وغيابه يخلينا نحس بجوع أو عطش مش مفهومين
خالد فكر أكتر: إيه هو الشيء ده اللي اسمه الحب؟ ليه بنفضل نبحث عنه رغم إنه ممكن يكون مجرد وهم؟ ليه بنحس بالحرمان بسببه، كأننا مفتقدين جزء من روحنا؟ الحب ده هو اللي خلاني أستمر مع ياسمين رغم اللي عملته، وهو اللي بيخليني أتحمل غيرة مراتي وأحاول أرضيها، مع إن قلبي ما بيدقش ليها زي زمان."
بدأ خالد يحس إن الحب حاجة أكبر من إنه مجرد مشاعر بين اتنين، يمكن الحب ده زي الشوق للأمان، زي حلم إننا نلاقي حد يفهمنا ويملى الفراغ اللي جوانا. ومع ذلك، الحب مش بيدينا أي ضمانات، مش بيدينا حتى وعد إنه هيستمر أو إنه هيفضل موجود في حياتنا
ابتدى يفهم إن الحب مش مجرد حاجة بنحصل عليها، هو يمكن حاجة بنسعى لها وبنتعب عشان نوصلها، حاجة بتحسسنا بوجودنا، بإننا لينا قيمة وأهمية في حياة حد تاني. ويمكن ده هو السر: الحب بيخلينا نحس إننا مهمين، وإننا مش لوحدنا في الدنيا
وهو قاعد يفكر في الكلام ده، حس بمرارة، لأنه رغم كل محاولاته، مكانش لاقي الحب اللي بيحلم بيه، وكأن الحب ده بقى مجرد سراب، حاجة بيطاردها من بعيد، لكنها دايمًا بتفلت من بين إيديه
بعد كل اللي مر بيه خالد، أدرك إن الحب الحقيقي نعمة، حاجة ما تتعوضش، وإنه لو رجع به الزمن، كان هيحافظ أكتر على كل لحظة حلوة عاشها مع حبيبته. رغم الجراح والخيبات، كان شايف إن الإحساس نفسه، مهما كان قصير أو مليان مشاكل، بيخلينا نحس إننا عايشين بجد
بقى عنده يقين إن الحب ده، حتى لو كان فيه ألم، هو اللي بيخلي للحياة طعم، وإن مفيش حاجة تساوي لحظة صدق أو حضن دافي أو نظرة بتحسسك بالأمان. قال لنفسه: لو حد لسه عنده حد بيحبه، لو لسه قلبه بيدق بصدق، يحافظ عليه ويعيش اللحظة على قد ما يقدر. الحب مش دايم، ومش كل مرة بنلاقيه، ومش كل شخص بيقدر يعوض غيابه
كانت دي نصيحة خالد بعد رحلته الطويلة: لو عندك حبيب بيحبك، حافظ عليه ومتسيبش لحظة فرح تروح من غير ما تحس بيها، متديش مجال للندم. لأن الحب الحقيقي يمكن ييجي مرة واحدة في العمر، ولو ضاع، ضاع للأبد
بدأت القصة لما خالد قابل ياسمين في أولى ثانوي. هو كان شاب هادي، ضحوك، وديما قاعد مع صحابه وبيحب الحياة. وهي كانت بنت جميلة، رقيقة، وكل الشباب عاوزين يتعرفوا عليها. من أول ما عينيه شافتها، حس إنها البنت اللي دايمًا كان بيدور عليها، وكأن روحه هي اللي اختارتها.
وبالفعل، التقوا وبدوا يتكلموا، وكانت الحكايات بينهم طول الوقت. اتعلموا حاجات كتير مع بعض، حاجات عن الحب والرومانسية. كانوا بيخرجوا ويمشوا في الشوارع، ويجلسوا على كورنيش النيل يحكوا عن أحلامهم، عن مستقبلهم، عن كل حاجة. كان خالد حاسس إنه مش بس بيحب ياسمين، لأ دي بقت جزء من حياته، بقى يبني أحلامه حواليها، وكأنها هي الأمان اللي دايمًا كان بيدور عليه.
مرت السنين، وكبر حبهم أكتر. وصلوا لحد الجامعة، وكانوا دايمًا مع بعض. خالد مكنش شايف الدنيا إلا من عيني ياسمين، وهي كانت عينيه اللي بيمشي بيها. لحد ما في يوم بدأ يحس إنه في حاجة مش مظبوطة. حس إنه في مسافة بينهم، زي ما يكون في حاجة بتخبيها عنه.
فضلت الشكوك تدور في دماغه، لحد ما واجهها يوم وسألها: "في حاجة غلط؟" في البداية، رفضت تقول له، بس بعد إلحاح منه اعترفت إنها كانت على علاقة بشخص تاني، وإنه كان بيقابلها أحيانًا. ساعتها خالد حس إنه الدنيا بتتهد حواليه، كل حاجة كان بنيها معاها بقت كأنها وهم.
لكنه برغم اللي عرفه، مكنش قادر يبعد عنها. سامحها وقال لها إنه بيحبها، وإنه عايز يكمل معاها لحد ما يتجوزها. طلب منها تبقى صريحة معاه، واتفقوا إنه هيكملوا عشان يحققوا حلمهم. بدأ يخطط مع أهله ويقولهم إنه ناوي يتجوز ياسمين بعد ما يتخرج، وابتدى يحكي لأهلها كمان، واتفقوا كلهم إنهم هيصبروا شوية لحد ما يثبتوا مستقبلهم.
مرت الأيام، وكان خالد بيحاول بكل قوته إنه ينسى اللي حصل، ويكمل، لكن في يوم كان منتظر مكالمة من ياسمين تفرحه، اتصدمت لما عرفت إنها اتخطبت! كانت مخطوبة لراجل جاهز، عنده فلوس وعمل، وأهلها وافقوا على طول. خالد حس ساعتها إنه اتحطم، إن حياته انهارت تمامًا.
الحب اللي كان مالي قلبه بقى مر، وكل حاجة حلوة في حياته بقت كأنها ذكريات مؤلمة. من يومها، خالد اتحول. بطل يكون الشاب الضحوك والتلقائي. قلبه اتقفل، وأصبح ما بينجرحش بسهولة. بقى يتعامل مع البنات بدون أي التزام، يدخل في علاقات وينهيها، وكأنه مش عايز يحس بأي حب تاني
وبعد سنين، قرر يتجوز أخيرًا، لكنه اختار واحدة غنية، بنت أهلها عندهم مال وسلطة. كان شايفها فرصة للاستقرار، بس بدون حب. مشاعره كانت متجمدة، بقى زي الذئب في الغابة، يدخل ويخرج من العلاقات بدون أي ندم.
وهكذا، بقت حياته عبارة عن قصة من غير روح، قصة حب بدأت بحلم وانتهت بجرح، خلى قلبه قاسي وأبعده عن أي حد ممكن يحب.
مرت الأيام وخالد كان عايش حياة سطحية، مليانة شكليات، بيسعى فيها للشكل الاجتماعي الناجح، لكن من جواه حاسس بفراغ ما بيتملَّش، فراغ سببته خيانة ياسمين وصدمة فقدانه للحب الحقيقي اللي كان بينه وبينها. رغم كل العلاقات السطحية اللي دخل فيها بعد كده، إلا إنه ما قدرش يلاقي فيهم الإحساس اللي كان حاسه معاها. بقى مقنع نفسه إن الحب الحقيقي ما بيجيش غير مرة في العمر، وإنه ضيّع فرصته.
كل لما يشوف اتنين بيحبوا بعض، كان بيحس بنار جواه، بنوع من الحرمان، كان بيفكر لو كان الحب ده من حقه زي ما هو من حقهم. وأحيانًا كان بيحاول يفتكر ليه سامح ياسمين من الأول، ليه كان بيغفر ليها غلطها وبيحاول يديها فرصة تانية؟ مكنش فاهم، لكنه كان عارف إن مشاعره ليها كانت أصدق من أي حاجة عاشها بعدها.
وفي يوم، وهو قاعد لوحده في البيت، استرجع كل ذكرياته معاها؛ أيام المدرسة، نضارة الحب اللي كانت في عينيها، ضحكتهم وهما على الكورنيش، أحلامهم عن المستقبل. حس إن الذكريات دي بقت مجرد صورة باهتة، بس جواه رغبة يتهرب منها، كأنه بيخاف من لحظة الضعف.
مع الوقت، بدأ خالد يحس بفراغ عاطفي حقيقي. صحيح كان بيعيش حياة ناجحة من ناحية الشغل والفلوس، لكن قلبه كان زي الجبل البارد. وده خلاه يفكر في حياته وحاسس إنه في حاجة ناقصة، حاجة اسمها الحب، أو بالأحرى "الدفء العاطفي." بدأ يسأل نفسه: هو يا ترى لسه ممكن يعيش الحب تاني؟ ولا فعلاً الحب الحقيقي ما بييجيش غير مرة واحدة في العمر؟
حاول كتير يقنع نفسه إنه مش محتاج الحب، وإنه خلاص عاشه وانتهى، وإن الزمن ما يقدرش يرجع للوراء. لكن في أعماقه، كان في جزء منه بيحلم يعيش قصة حب جديدة، إنه يلاقي حد يقدر يفتح له قلبه تاني.
وفي لحظة ضعف، حاول يلاقي معنى أعمق في حياته، لكنه في كل مرة بيحاول يتقرب من حد، كان بيلاقي نفسه خايف، خايف يندم تاني، خايف من الجرح
بعد مشاكل الخيانات اللي وصلت لصديقة مراته، خالد قرر يوقف كل حاجة. حس إنها كفاية، وإنه لو استمر بالطريقة دي، هيخسر البيت اللي بناه، والزوجة اللي بتحبه بجنون رغم علمها بتصرفاته. من يومها قرر يقف، وفعلاً بدأ يظهر التزامه. مراته كانت ذكية وبتجربه دايمًا، تحط له اختبارات عشان تتأكد إنه فعلاً موقف شقاوة الخيانة. لما كانوا يخرجوا سوا وتعدي واحدة حلوة قدامهم، كان ماسك نفسه بالعافية عن النظر، وهي تضحك وتحاول تهرج معاه كنوع من الفكاهة، كأنها فاهمة طبيعته وعارفة إنه طول عمره زي العصفور اللي بيدور على حرية بدون قيود.
لكن خالد، رغم التزامه، كان حاسس بملل وضيق. هو طول عمره بيعيش حياته بتلقائية وحرية، وده كان جزء من شخصيته، جزء من حريته الشخصية. فلما قيد نفسه عشان يحافظ على بيته، بدأ يحس إنه فقد جزء من هويته. ولأنه زهق من الروتين، قرر يجرب حاجة جديدة، حاجة مفيهاش قيود. دخل العالم الافتراضي، ودور في برامج الدردشة والعلاقات السطحية اللي مفيهاش ارتباط حقيقي.
في البداية، عجبته الفكرة. حس إن الموضوع ممكن يكون مسلّي، وكأنها تجربة جديدة يهرب بيها من الملل. لكن مع الوقت، بدأ يحس إنه مفيش أي إحساس حقيقي، كل حاجة كانت باردة ومادية، مجرد تعاملات من غير روح، وكلها بسبب المال، زي العاهرات في الواقع. ماكانش فيه أي حب أو حتى دفء، مجرد ترفيه سطحي.
خالد بقى مشوش، مش عارف إيه اللي ناقصه. هو مش لاقي الحب، ومش قادر يرجع لحرية المغامرات، وبنفس الوقت مش قادر يبني علاقة حقيقية مع زوجته. حس إنه فقد الأمل في إنه يلاقي الحب من جديد، وكأن الحب الحقيقي بقى مجرد ذكرى، مجرد حلم بعيد ماينفعش يتحقق تاني
تأمل خالد في معنى الحب
بدأ خالد يفكر في الحب بشكل أعمق، في معنى الشيء اللي قضى عمره كله بيدور عليه، الشيء اللي عمره ما قدر يمسكه بين إيديه أو يفهمه بجد. قال لنفسه: كم هو غريب الحب، مبيزودش ولا ينقص فينا شيء ملموس، ولا بيشبع حاجة زي الأكل ولا بيملأ الفراغ زي الشرب. هو مجرد إحساس، لكننا بنحتاجه كأنه هواء. نحتاجه بنفس الشغف اللي بنحتاج بيه الحاجات الأساسية في الحياة، وغيابه يخلينا نحس بجوع أو عطش مش مفهومين
خالد فكر أكتر: إيه هو الشيء ده اللي اسمه الحب؟ ليه بنفضل نبحث عنه رغم إنه ممكن يكون مجرد وهم؟ ليه بنحس بالحرمان بسببه، كأننا مفتقدين جزء من روحنا؟ الحب ده هو اللي خلاني أستمر مع ياسمين رغم اللي عملته، وهو اللي بيخليني أتحمل غيرة مراتي وأحاول أرضيها، مع إن قلبي ما بيدقش ليها زي زمان."
بدأ خالد يحس إن الحب حاجة أكبر من إنه مجرد مشاعر بين اتنين، يمكن الحب ده زي الشوق للأمان، زي حلم إننا نلاقي حد يفهمنا ويملى الفراغ اللي جوانا. ومع ذلك، الحب مش بيدينا أي ضمانات، مش بيدينا حتى وعد إنه هيستمر أو إنه هيفضل موجود في حياتنا
ابتدى يفهم إن الحب مش مجرد حاجة بنحصل عليها، هو يمكن حاجة بنسعى لها وبنتعب عشان نوصلها، حاجة بتحسسنا بوجودنا، بإننا لينا قيمة وأهمية في حياة حد تاني. ويمكن ده هو السر: الحب بيخلينا نحس إننا مهمين، وإننا مش لوحدنا في الدنيا
وهو قاعد يفكر في الكلام ده، حس بمرارة، لأنه رغم كل محاولاته، مكانش لاقي الحب اللي بيحلم بيه، وكأن الحب ده بقى مجرد سراب، حاجة بيطاردها من بعيد، لكنها دايمًا بتفلت من بين إيديه
بعد كل اللي مر بيه خالد، أدرك إن الحب الحقيقي نعمة، حاجة ما تتعوضش، وإنه لو رجع به الزمن، كان هيحافظ أكتر على كل لحظة حلوة عاشها مع حبيبته. رغم الجراح والخيبات، كان شايف إن الإحساس نفسه، مهما كان قصير أو مليان مشاكل، بيخلينا نحس إننا عايشين بجد
بقى عنده يقين إن الحب ده، حتى لو كان فيه ألم، هو اللي بيخلي للحياة طعم، وإن مفيش حاجة تساوي لحظة صدق أو حضن دافي أو نظرة بتحسسك بالأمان. قال لنفسه: لو حد لسه عنده حد بيحبه، لو لسه قلبه بيدق بصدق، يحافظ عليه ويعيش اللحظة على قد ما يقدر. الحب مش دايم، ومش كل مرة بنلاقيه، ومش كل شخص بيقدر يعوض غيابه
كانت دي نصيحة خالد بعد رحلته الطويلة: لو عندك حبيب بيحبك، حافظ عليه ومتسيبش لحظة فرح تروح من غير ما تحس بيها، متديش مجال للندم. لأن الحب الحقيقي يمكن ييجي مرة واحدة في العمر، ولو ضاع، ضاع للأبد