#فاطمة
#الحلقة_الأولى
اقدر اقول ان الفراغ هو الدافع الوحيد اللي خلاني في اليوم دا افتح ال Others وابص في الرسايل اللي مبعوتالي ..
كل كاتب لما بيخلص قصة جديدة بيحس بالفراغ والخواء الداخلي ، احنا مش بنكتب حروف احنا بنكتب من روحنا وتجربتنا في الحياة ، الناس شايفانا مجرد مخرفين بيختلقوا أحداث وهمية علشان مغيبين تانيين عارفين كويس أوي انها مش حقيقية ، بس بيقرروا بكامل إرادتهم يتواطؤوا معانا ويصدقوا الوهم دا ..
في اليوم دا كنت نشرت آخر فصل في رواية القاتل اللي كنت بنشرها مسلسلة في مجلة أدبية شهيرة و اللي حازت على اهتمام الجمهور في الفترة اللي فاتت كلها وجابت تفاعل عالي جدا ..
بقالي اكتر من سنة عايش مع شخصيات الرواية دي وماليين عليا حياتي ، عايش معاهم كإنهم أشخاص حقيقيين من لحم ودم ، كإنهم اصحابي مثلا ، ممكن يكون السبب في دا اني واحد كسر حاجز الستين سنة وعايش لوحدي تماما ، بعد ما مراتي وولادي ماتوا في حريقة الشقة اللي انا كنت السبب فيها ، شغلي في وزارة الثقافة كان سادد جانب كبير جدا من الفراغ دا وكان شاغل وقتي وسارقني من نفسي ومن أفكاري ، لكن بعد ما خرجت معاش لقيت نفسي في وحدة مميتة ..
الشيء الوحيد اللي بيحسسني اني مش لوحدي وان فيه ناس حواليا هي الروايات والقصص اللي بكتبها ..
الرواية الأخيرة تحديدا انا عشت مع شخصياتها وارتبطت بيهم اكتر من اللازم ..
وخصوصا فاطمة ، بطلة الرواية ، اللي اتقتلت في آخر الاحداث ، فاطمة بطرس **** ..
فاطمة كانت عايشة معايه حياتي يوم بيوم ، كنت بصحى الصبح اعيش معاها على الورق لحد ما انام بالليل ، وكان أصعب قرار خدته في حياتي هو قرار ان فاطمة تموت ..
مكنتش عايز اموت فاطمة في الاحداث ، كان نفسي فاطمة تعيش وتتجوز اللي بتحبه ، بس مقدرتش اعمل دا ، الناس فاكرة الكاتب إله يقدر يحيي اللي هو عايزه ويموت اللي هو عايزه ، الحقيقة مش كدا .. مش كدا خالص ، الكاتب محكوم بقوانين الحياة اللي هو عايش فيها ، لو سيبت فاطمة تعيش ابقى خرجت عن القانون وكدبت على الناس وزيفت الواقع في عينيهم ، وابقى فتحت الباب لمليون فاطمة في الواقع انهم يتقتلوا .. وتبقى هي دي الخيانة الحقيقية ..
لو سيبت فاطمة تعيش واي بنت قلدتها بعد كدا وعملت اللي هي عملته محدش هسيبها تعيش ، هتتقتل وهبقى شريك في قتلها ..
كنت مخير بين اني اقتل فاطمة في الخيال او اقتل الف زيها في الواقع ، واخترت اني اقتل فاطمة .. ماتت فاطمة ، وسابتني اعيش تاني لوحدي ..
دا كان الجو العام في حياتي قبل ما افتح رسايل ال other واشوف الناس باعتالي ايه ..
رسايل كتير اوي ..
اكتر من الف رسالة ، هقرالكم عينات منها ..
القصة جميلة جدا يسلم قلمك ..
نفسي اقابل حضرتك وأتصور معاك ..
قتلت فاطمة ليه ، انا زعلت عشانها أوي ..
هو مكانش ينفع فاطمة تعيش وتتجوز عبد الرحمن ؟
اسلوبك في الكتابة معتمد على الجنس ، ارتقي شوية انت كاتب كبير وليك اسمك ..
و ...
" إيه الجريمة اللي عملتها علشان تقتلني ، ايه الذنب اللي يستاهل اني اخسر حياتي علشانه ، خليك فاكر اني هقتلك زي ما قتلتني ، خليك فاكر اني هقتلك زي ما قتلتني "
الرسالة الأخيرة دي بالذات خلت جسمي قشعر ، اترعبت ، بصيت على اسم الاكونت اللي مبعوتة منه الرسالة لقيته مكتوب بالعربي .. فاطمة بطرس **** ..
انتظروا الحلقة التانية،،،
#فاطمة
#الثانية
فتحت البروفايل اللي الرسالة مبعوتة منه ، بروفايل فاطمة بطرس **** ، البروفايل عليه تفاعل لحد تاريخ قريب جدا ، هو تقريبا نفس تاريخ حريقة الشقة اللي راحت فيها مراتي وولادي ، آخر بوست كانت كاتباه في اليوم دا ، بوست بيتكلم عن حرية العبادة ، احنا بنتولد على *** أهالينا ، مبنختارش نكون مسلمين او مسيحيين أو يهود ، اهالينا هما اللي بيختاروا بدري واحنا مضطرين نكمل بقية حياتنا في نفس الطريق اللي هما مشيوا فيه ..
وفيه حد معلق على كلامها وبيقولها عندك حق يا حبيبتي ..
مش ممكن ، دا عبد الرحمن ، عبد الرحمن بطل الرواية هو اللي كاتب الكومنت ..
كتبتلها رسالة وقولتلها انتي مين وعايزة مني ايه ..
مفاتتش ثانية وكانت ردت ، قالتلي مش عارفني يا أستاذ ، يا كاتب يا كبير يا مشهور ، مش عارفني وللا مش عايز تفتكرني ..
انا البنت اللي حضرتك دخلتها الدنيا ، مكانش ليا اي وجود ، كنت هايمة في عالم المجهول ، حضرتك اللي جيبتني ، خليت الناس تعرفني ، لولاك انت كنت انا فضلت في الضلمة ، خرجتني للنور ، وبعد كدا حكمت عليا بالموووت ، لييييه ، انا عملت ايه علشان اموت ..
= مش انا اللي حكمت عليكي بالموت صدقيني ، انتي عارفة اني بحبك ..
- ما تقولش الكلمة دي على لسانك ، انت مبتحبنيش ، انت بتحب نفسك واسمك بس .. بتحب شهرتك وجمهورك
= مش صحيح ، انا بحبك
- امال قتلتني ليه ، انت فاكرني ملكك ، لا يا استاذ ، مش علشان انت اللي اوجدتني يبقى انت اللي من حقك تنهي وجودي ، انت مجرد سبب ، وكلنا مخلوقات **** ، كل شيء في الدنيا دي بيعبد **** ، حتى النبات والجماد ، حتى شخصيات الروايات اللي حضرتك فاكرها خيالية ، بتعبد **** .
= ونعم ب**** ، اعمل ايه قوليلي يا فاطمة
- انت حكمت عليا بالموت وأنا ما عملتش أي ذنب استاهل علشانه اني اتقتل
= انتي غلطتي يا فاطمة ، خالفتي العرف ، بيعتي دينك علشان تشتري واحد ، بيعتي **** علشان انسان
- وأنت مالك ، هو انت **** ؟ اذا كان **** سابني اعيش ، ما حكمش عليا بالموت ..
= لا حكم ، لو مكانش حكم ما كنتش موتك
- اه ، وحضرتك بقى مندوب تنفيذ احكام **** في عباده ، يقولك هات فاطمة الدنيا تجيبها ، يقولك اقتل فاطمة تقتلها صح ؟ دا هواك يا أستاذ مش **** ، **** برئ من فعلك ، انت بتعبد هواك ..
= مش هوايا ، لو سيبتك تعيشي وتتجوزي اللي بتحبيه الف بنت وولد من اللي بيقروا رواياتي هيقلدوكم ، وهيلاقوا نفسهم واقفين في وش العادات والتقاليد وهيدفعوا حياتهم تمن لاختيارهم
- العادات والتقاليد ؟ ولما حضرتك اللي بتدافع عن العادات والتقاليد مين اللي يهاجمها ويبطل سلطتها ، لما المثقفين هما اللي بيتكلموا عن التقاليد مين يتكلم عن الحرية ..
= فاطمة ، انا مش مستحمل
- ايه ، ضميرك بيأنبك ؟
= مش بالظبط ، بس تقدري تقولي من ساعة ما انتي موتي والرواية خلصت وانا عايش في فراغ ووحدة قاتلين
- قصدك من ساعة ما اتقتلت ، من ساعة ما حضرتك حكمت عليا اني اموت على ايد ابويا ، اعز انسان عندي في الدنيا ، ابويا اللي فضلت شايلة اسمه حتى بعد ما اتخليت عن اسمي وديني
= كل حاجة خلصت ، والنهاية اتنشرت والناس قرتها ، مفيش مجال لتغيير اي حاجة ، مش هترجعي الحياة تاني بمزاجي او بمزاج غيري
- ومين قال اني عايزة ارجع الحياة ؟
= امال انتي عايزة ايه
- عايزاك انت تسيبها ، كفاية عليك كدا ، انا كنت عندي 25 سنة وانت حكمت عليا اموت ، عايز ايه تاني من الدنيا بعد ما بقى عندك 62 سنة
= هتقتليني ؟
- لا ، انا شهيدة حب ، واللي يحب ما يكرهش ولا يقتل
= امال هموت ازاي
- هتقتل نفسك زي ما قتلتني ، وأنا وراك لحد ما دا يحصل ، مش هسيبك تعيش يوم حلو في الدنيا
بعد الرسالة دي قفلت النت ، سمعت باب الشقة بيخبط ، تخبيط جامد جدا ، ورن على الجرس ، الساعة اربعة الفجر ، مين اللي بيخبط بالشكل دا ..
انتظروا الحلقة التالتة،،،
#فاطمة
#الثالثة
كان باب الشقة بيخبط جامد جدا وفيه حد تاني بيرن الجرس ، الساعة اربعة الفجر ، فتحت الباب وأنا ميت من الرعب ، مالقيتش اي حد على الباب ، بصيت على السلم اللي طالع واللي نازل ، برضو مفيش أي حد ..
واضح ان فاطمة بدأت اللعبة معايه ..
ولعت النور في كل الاوض اللي في الشقة ، حتى الحمام والمطبخ ولعت النور بتاعهم ، وقفلت باب الشقة بالترباس وفضلت قاعد باصص على السما من ورا إزاز الشباك ، مستني النهار يطلع علشان انزل بقى ، انا هبقى مطمن وأنا في وسط الناس ، مش هبقى خايف من فاطمة ..
شوية وسمعت رنة الماسنجر على موبايلي ، ازاي دا وأنا كنت قافل الداتا ، انا متأكد اني مش فاتح نت من الموبايل ، لحظة كدا ، دا أنا اصلا مش حاطط الماسنجر على موبايلي ، أيوه انا شايل الماسنجر من على الموبايل بقالي شهرين ..
بصيت على الرسالة اللي جايالي لقيتها من فاطمة ..
" خليك فاكر اني هقتلك زي ما قتلتني "
ياااا *** ، ايه فيلم الرعب اللي انا عايش فيه دا ، يعني ايه شخصية تخرج من الرواية عشان تقتلني ، واشمعنى فاطمة بالذات ، ما انا طول عمري بكتب روايات وبموت شخصيات ، يمكن علشان فاطمة فعلا مظلومة ومالهاش ذنب غير انها بنت ****** حبت ولد **** وقررت تعبد **** بالطريقة اللي هي شايفاها أصح ..
بس نعمل ايه في المجتمع اللي مش متصالح مع فكرة تغيير الدين ..
نعمل ايه في العرف اللي بيحكم بالموت على اي حد يغير دينه ..
وسط زحمة الأفكار دي فوقت فجأة لقيت نفسي متكتف في الكرسي اللي انا قاعد عليه ، بحاول أصرخ صوتي مبيطلعش ، بحاول اتحرك جسمي كله كأنه مشلول ..
انا اتكتفت كدا امتى ، مش عااارف ، مين اللي كتفني كدا مش عاارف برضو ..
ومن أوضة ولادي خرجت فاطمة ، نفس الصورة اللي موجودة في البروفايل اللي اتبعتلي منه رسايل التهديد ، بنت لابسه **** ابيض ، ملامح وشها بتشع نور كإنها ملاك ..
خارجة من أوضة ولادي وماشية بخطوة بطيئة جدا ، وفي ايديها چركن بنزين ، بدأت تغرق بيه الشقة ، الكنب ، الكراسي ، السجاد ، وبعدين بدأت تكب البنزين فوق راسي ، وأنا لسه بحاول أصرخ وصوتي مكتوم مبيخرجش ..
لو صوتي بس يخرج جايز حد من الجيران ينقذني ..
جايز اي حد يلحقني ..
ازاي الملاك اللي انا شايفه دا يقدر يقتل بدم بارد ..
بصت في عيني البصة الأخيرة ، آخر وش هشوفه هو وش الانسانة اللي قتلتها واللي قتلتني هي كمان ..
همست في ودني بصوت زي فحيح الأفاعي " هقتلك زي ما قتلتني "
وبعدين مشيت لحد المكتب ، جابت علبة السجاير بتاعتي وطلعت منها سيجارة وحطيتها في بؤي ، وضحكت ، وولعتلي السيجارة ..
في اللحظة دي النار مسكت في كل حاجة في الشقة ..
الشقة كلها بقت عبارة عن كتلة نار ، وهي واقفة في وسط النار بتضحك ضحكة شيطانية ..
صحيت مفزوع وبصرخ ، صوتي طلع كأنه كان محبوس ، بصيت على الأرض لقيت فيه نار ماسكة في السجادة ، حريقة لسه في بدايتها ، يظهر اني لما عيني غفلت السيجارة وقعت من إيدي على السجادة .. لحقت الحريقة وهي لسه في أولها وطفيتها ..
لما فتحت عيني كان النهار طلع ، لبست هدومي وجريت على كافيه الأمريكيين اللي في وسط البلد ، دايما بحب اقعد هناك واكتب ..
في المكان دا اتولدت فاطمة ..
البنت الويتر جاتلي ، طلبت منها قهوة سادة .. جابتهالي ومشيت ..
بعد شوية حسيت اني عايز اتمشى على الكورنيش ، واشم هوا النيل ..
طلبت الحساب ، جابتلي الشيك ، بصيت فيه لقيت مكتوب فيه " هقتلك زي ما قتلتني "
بصيت للبنت لقيتها مش نفس البنت اللي جابتلي القهوة ، لقيتها فاطمة ..
انتظروا الحلقة الأخيرة،،،
#فاطمة
#الأخيرة
انا اللي هكمل معاكم الحكاية من دلوقتي ، انتو متعرفونيش بس هعرفكم بنفسي ، انا الدكتور إياد ، الدكتور النفسي المعالج لكاتبكم الكبير المشهور صاحب رواية فاطمة ..
اللي حصل معاه يوم الكافيه انه بعد ما شرب القهوة وحب يدفع الحساب علشان يمشي ، شاف مكتوب في الشيك جملة انا هقتلك زي ما قتلتني ..
لما بص في وش البنت الويتر كان شايف فيها فاطمة ، أو چانيت قبل ما تشهر إسلامها ..
ما هي فاطمة قبل ما تدخل الإسلام علشان تتجوز عبد الرحمن كان اسمها چانيت بطرس **** ، غيرت اسمها هي بس ومرضتش تغير اسم ابوها لانها بتحبه وفخورة بيه ، بس ابوها دا هو اللي قتلها بعد كدا عشان كان خايف الناس هتقول ايه عنه لما تعرف أن بنته غيرت دينها علشان تتجوز ولد **** ..
دي احداث الرواية اللي هو كتبها ، لكن اللي حصل بعد كدا انه أصيب ببارانويا شديدة جدا ..
كان متخيل ان شخصية فاطمة اللي هو كتبها خرجت من الورق علشان تقتله ، كان فاهم ان فاطمة عايزة تنتقم منه عشان حكم عليها تموت في الرواية ..
طول الفترة اللي سبقت دخوله المصحة كان بيتهيأله حاجات مش حقيقية ..
بيتهيأله ان فاطمة دي عندها أكونت على الفيس وبتبعتله تهديدات ..
وبيتهيأله ان الباب بيخبط ..
كان بيشوف فاطمة في كل حاجة حواليه ، كل حاجة حواليه بيشوف فيها فاطمة ، بيشوفها عايزة تنتقم منه ..
حالته كانت غريبة جدا بصراحة ، بس أنا كنت مقدر الظروف النفسية اللي وصلته لكدا ..
احساسه بالذنب علشان الحريقة اللي قتلت مراته وولاده كانت بسببه ، بس دي في النهاية حادثة إهمال ، وهو نفسه كان هيموت معاهم ..
الغريب ان الشعور بالذنب دا يتحول لشعور بالاضطهاد ، لدرجة تخليه يتخيل ان شخصية في رواية عايزة تقتله ويفضل طول الوقت محاصر نفسيا بالفكرة دي ..
انا ما قولتلكوش ليه انا اللي بكمل معاكم القصة ..
انا اللي بكمل القصة لأن صاحبها انتحر النهارده الصبح ، خوفه من فاطمة خلاه يموت نفسه عشان يهرب من كل حاجة ..
**** يرحمه ..
لحد آخر لحظة في حياته كان مقتنع أن هو اللي قتل مراته وولاده ، وأن اهماله كان متعمد ، كان عايز يخلص من بنته چانيت اللي غيرت دينها وسمت نفسها فاطمة ..
حاولت كتير اقنعه ان حريقة الشقة دي كانت حاجة قدرية وهو مالوش اي يد فيها ، وهو نفسه كان ممكن أوي يموت معاهم ..
لكن هو فضل معتقد ان چانيت أو فاطمة هتنتقم منه وهتقتله زي ما قتلها ..
وخلصت حكاية الكاتب الكبير بطرس **** ، حكايته اللي أغرب من رواياته ..
#تمت
#الحلقة_الأولى
اقدر اقول ان الفراغ هو الدافع الوحيد اللي خلاني في اليوم دا افتح ال Others وابص في الرسايل اللي مبعوتالي ..
كل كاتب لما بيخلص قصة جديدة بيحس بالفراغ والخواء الداخلي ، احنا مش بنكتب حروف احنا بنكتب من روحنا وتجربتنا في الحياة ، الناس شايفانا مجرد مخرفين بيختلقوا أحداث وهمية علشان مغيبين تانيين عارفين كويس أوي انها مش حقيقية ، بس بيقرروا بكامل إرادتهم يتواطؤوا معانا ويصدقوا الوهم دا ..
في اليوم دا كنت نشرت آخر فصل في رواية القاتل اللي كنت بنشرها مسلسلة في مجلة أدبية شهيرة و اللي حازت على اهتمام الجمهور في الفترة اللي فاتت كلها وجابت تفاعل عالي جدا ..
بقالي اكتر من سنة عايش مع شخصيات الرواية دي وماليين عليا حياتي ، عايش معاهم كإنهم أشخاص حقيقيين من لحم ودم ، كإنهم اصحابي مثلا ، ممكن يكون السبب في دا اني واحد كسر حاجز الستين سنة وعايش لوحدي تماما ، بعد ما مراتي وولادي ماتوا في حريقة الشقة اللي انا كنت السبب فيها ، شغلي في وزارة الثقافة كان سادد جانب كبير جدا من الفراغ دا وكان شاغل وقتي وسارقني من نفسي ومن أفكاري ، لكن بعد ما خرجت معاش لقيت نفسي في وحدة مميتة ..
الشيء الوحيد اللي بيحسسني اني مش لوحدي وان فيه ناس حواليا هي الروايات والقصص اللي بكتبها ..
الرواية الأخيرة تحديدا انا عشت مع شخصياتها وارتبطت بيهم اكتر من اللازم ..
وخصوصا فاطمة ، بطلة الرواية ، اللي اتقتلت في آخر الاحداث ، فاطمة بطرس **** ..
فاطمة كانت عايشة معايه حياتي يوم بيوم ، كنت بصحى الصبح اعيش معاها على الورق لحد ما انام بالليل ، وكان أصعب قرار خدته في حياتي هو قرار ان فاطمة تموت ..
مكنتش عايز اموت فاطمة في الاحداث ، كان نفسي فاطمة تعيش وتتجوز اللي بتحبه ، بس مقدرتش اعمل دا ، الناس فاكرة الكاتب إله يقدر يحيي اللي هو عايزه ويموت اللي هو عايزه ، الحقيقة مش كدا .. مش كدا خالص ، الكاتب محكوم بقوانين الحياة اللي هو عايش فيها ، لو سيبت فاطمة تعيش ابقى خرجت عن القانون وكدبت على الناس وزيفت الواقع في عينيهم ، وابقى فتحت الباب لمليون فاطمة في الواقع انهم يتقتلوا .. وتبقى هي دي الخيانة الحقيقية ..
لو سيبت فاطمة تعيش واي بنت قلدتها بعد كدا وعملت اللي هي عملته محدش هسيبها تعيش ، هتتقتل وهبقى شريك في قتلها ..
كنت مخير بين اني اقتل فاطمة في الخيال او اقتل الف زيها في الواقع ، واخترت اني اقتل فاطمة .. ماتت فاطمة ، وسابتني اعيش تاني لوحدي ..
دا كان الجو العام في حياتي قبل ما افتح رسايل ال other واشوف الناس باعتالي ايه ..
رسايل كتير اوي ..
اكتر من الف رسالة ، هقرالكم عينات منها ..
القصة جميلة جدا يسلم قلمك ..
نفسي اقابل حضرتك وأتصور معاك ..
قتلت فاطمة ليه ، انا زعلت عشانها أوي ..
هو مكانش ينفع فاطمة تعيش وتتجوز عبد الرحمن ؟
اسلوبك في الكتابة معتمد على الجنس ، ارتقي شوية انت كاتب كبير وليك اسمك ..
و ...
" إيه الجريمة اللي عملتها علشان تقتلني ، ايه الذنب اللي يستاهل اني اخسر حياتي علشانه ، خليك فاكر اني هقتلك زي ما قتلتني ، خليك فاكر اني هقتلك زي ما قتلتني "
الرسالة الأخيرة دي بالذات خلت جسمي قشعر ، اترعبت ، بصيت على اسم الاكونت اللي مبعوتة منه الرسالة لقيته مكتوب بالعربي .. فاطمة بطرس **** ..
انتظروا الحلقة التانية،،،
#فاطمة
#الثانية
فتحت البروفايل اللي الرسالة مبعوتة منه ، بروفايل فاطمة بطرس **** ، البروفايل عليه تفاعل لحد تاريخ قريب جدا ، هو تقريبا نفس تاريخ حريقة الشقة اللي راحت فيها مراتي وولادي ، آخر بوست كانت كاتباه في اليوم دا ، بوست بيتكلم عن حرية العبادة ، احنا بنتولد على *** أهالينا ، مبنختارش نكون مسلمين او مسيحيين أو يهود ، اهالينا هما اللي بيختاروا بدري واحنا مضطرين نكمل بقية حياتنا في نفس الطريق اللي هما مشيوا فيه ..
وفيه حد معلق على كلامها وبيقولها عندك حق يا حبيبتي ..
مش ممكن ، دا عبد الرحمن ، عبد الرحمن بطل الرواية هو اللي كاتب الكومنت ..
كتبتلها رسالة وقولتلها انتي مين وعايزة مني ايه ..
مفاتتش ثانية وكانت ردت ، قالتلي مش عارفني يا أستاذ ، يا كاتب يا كبير يا مشهور ، مش عارفني وللا مش عايز تفتكرني ..
انا البنت اللي حضرتك دخلتها الدنيا ، مكانش ليا اي وجود ، كنت هايمة في عالم المجهول ، حضرتك اللي جيبتني ، خليت الناس تعرفني ، لولاك انت كنت انا فضلت في الضلمة ، خرجتني للنور ، وبعد كدا حكمت عليا بالموووت ، لييييه ، انا عملت ايه علشان اموت ..
= مش انا اللي حكمت عليكي بالموت صدقيني ، انتي عارفة اني بحبك ..
- ما تقولش الكلمة دي على لسانك ، انت مبتحبنيش ، انت بتحب نفسك واسمك بس .. بتحب شهرتك وجمهورك
= مش صحيح ، انا بحبك
- امال قتلتني ليه ، انت فاكرني ملكك ، لا يا استاذ ، مش علشان انت اللي اوجدتني يبقى انت اللي من حقك تنهي وجودي ، انت مجرد سبب ، وكلنا مخلوقات **** ، كل شيء في الدنيا دي بيعبد **** ، حتى النبات والجماد ، حتى شخصيات الروايات اللي حضرتك فاكرها خيالية ، بتعبد **** .
= ونعم ب**** ، اعمل ايه قوليلي يا فاطمة
- انت حكمت عليا بالموت وأنا ما عملتش أي ذنب استاهل علشانه اني اتقتل
= انتي غلطتي يا فاطمة ، خالفتي العرف ، بيعتي دينك علشان تشتري واحد ، بيعتي **** علشان انسان
- وأنت مالك ، هو انت **** ؟ اذا كان **** سابني اعيش ، ما حكمش عليا بالموت ..
= لا حكم ، لو مكانش حكم ما كنتش موتك
- اه ، وحضرتك بقى مندوب تنفيذ احكام **** في عباده ، يقولك هات فاطمة الدنيا تجيبها ، يقولك اقتل فاطمة تقتلها صح ؟ دا هواك يا أستاذ مش **** ، **** برئ من فعلك ، انت بتعبد هواك ..
= مش هوايا ، لو سيبتك تعيشي وتتجوزي اللي بتحبيه الف بنت وولد من اللي بيقروا رواياتي هيقلدوكم ، وهيلاقوا نفسهم واقفين في وش العادات والتقاليد وهيدفعوا حياتهم تمن لاختيارهم
- العادات والتقاليد ؟ ولما حضرتك اللي بتدافع عن العادات والتقاليد مين اللي يهاجمها ويبطل سلطتها ، لما المثقفين هما اللي بيتكلموا عن التقاليد مين يتكلم عن الحرية ..
= فاطمة ، انا مش مستحمل
- ايه ، ضميرك بيأنبك ؟
= مش بالظبط ، بس تقدري تقولي من ساعة ما انتي موتي والرواية خلصت وانا عايش في فراغ ووحدة قاتلين
- قصدك من ساعة ما اتقتلت ، من ساعة ما حضرتك حكمت عليا اني اموت على ايد ابويا ، اعز انسان عندي في الدنيا ، ابويا اللي فضلت شايلة اسمه حتى بعد ما اتخليت عن اسمي وديني
= كل حاجة خلصت ، والنهاية اتنشرت والناس قرتها ، مفيش مجال لتغيير اي حاجة ، مش هترجعي الحياة تاني بمزاجي او بمزاج غيري
- ومين قال اني عايزة ارجع الحياة ؟
= امال انتي عايزة ايه
- عايزاك انت تسيبها ، كفاية عليك كدا ، انا كنت عندي 25 سنة وانت حكمت عليا اموت ، عايز ايه تاني من الدنيا بعد ما بقى عندك 62 سنة
= هتقتليني ؟
- لا ، انا شهيدة حب ، واللي يحب ما يكرهش ولا يقتل
= امال هموت ازاي
- هتقتل نفسك زي ما قتلتني ، وأنا وراك لحد ما دا يحصل ، مش هسيبك تعيش يوم حلو في الدنيا
بعد الرسالة دي قفلت النت ، سمعت باب الشقة بيخبط ، تخبيط جامد جدا ، ورن على الجرس ، الساعة اربعة الفجر ، مين اللي بيخبط بالشكل دا ..
انتظروا الحلقة التالتة،،،
#فاطمة
#الثالثة
كان باب الشقة بيخبط جامد جدا وفيه حد تاني بيرن الجرس ، الساعة اربعة الفجر ، فتحت الباب وأنا ميت من الرعب ، مالقيتش اي حد على الباب ، بصيت على السلم اللي طالع واللي نازل ، برضو مفيش أي حد ..
واضح ان فاطمة بدأت اللعبة معايه ..
ولعت النور في كل الاوض اللي في الشقة ، حتى الحمام والمطبخ ولعت النور بتاعهم ، وقفلت باب الشقة بالترباس وفضلت قاعد باصص على السما من ورا إزاز الشباك ، مستني النهار يطلع علشان انزل بقى ، انا هبقى مطمن وأنا في وسط الناس ، مش هبقى خايف من فاطمة ..
شوية وسمعت رنة الماسنجر على موبايلي ، ازاي دا وأنا كنت قافل الداتا ، انا متأكد اني مش فاتح نت من الموبايل ، لحظة كدا ، دا أنا اصلا مش حاطط الماسنجر على موبايلي ، أيوه انا شايل الماسنجر من على الموبايل بقالي شهرين ..
بصيت على الرسالة اللي جايالي لقيتها من فاطمة ..
" خليك فاكر اني هقتلك زي ما قتلتني "
ياااا *** ، ايه فيلم الرعب اللي انا عايش فيه دا ، يعني ايه شخصية تخرج من الرواية عشان تقتلني ، واشمعنى فاطمة بالذات ، ما انا طول عمري بكتب روايات وبموت شخصيات ، يمكن علشان فاطمة فعلا مظلومة ومالهاش ذنب غير انها بنت ****** حبت ولد **** وقررت تعبد **** بالطريقة اللي هي شايفاها أصح ..
بس نعمل ايه في المجتمع اللي مش متصالح مع فكرة تغيير الدين ..
نعمل ايه في العرف اللي بيحكم بالموت على اي حد يغير دينه ..
وسط زحمة الأفكار دي فوقت فجأة لقيت نفسي متكتف في الكرسي اللي انا قاعد عليه ، بحاول أصرخ صوتي مبيطلعش ، بحاول اتحرك جسمي كله كأنه مشلول ..
انا اتكتفت كدا امتى ، مش عااارف ، مين اللي كتفني كدا مش عاارف برضو ..
ومن أوضة ولادي خرجت فاطمة ، نفس الصورة اللي موجودة في البروفايل اللي اتبعتلي منه رسايل التهديد ، بنت لابسه **** ابيض ، ملامح وشها بتشع نور كإنها ملاك ..
خارجة من أوضة ولادي وماشية بخطوة بطيئة جدا ، وفي ايديها چركن بنزين ، بدأت تغرق بيه الشقة ، الكنب ، الكراسي ، السجاد ، وبعدين بدأت تكب البنزين فوق راسي ، وأنا لسه بحاول أصرخ وصوتي مكتوم مبيخرجش ..
لو صوتي بس يخرج جايز حد من الجيران ينقذني ..
جايز اي حد يلحقني ..
ازاي الملاك اللي انا شايفه دا يقدر يقتل بدم بارد ..
بصت في عيني البصة الأخيرة ، آخر وش هشوفه هو وش الانسانة اللي قتلتها واللي قتلتني هي كمان ..
همست في ودني بصوت زي فحيح الأفاعي " هقتلك زي ما قتلتني "
وبعدين مشيت لحد المكتب ، جابت علبة السجاير بتاعتي وطلعت منها سيجارة وحطيتها في بؤي ، وضحكت ، وولعتلي السيجارة ..
في اللحظة دي النار مسكت في كل حاجة في الشقة ..
الشقة كلها بقت عبارة عن كتلة نار ، وهي واقفة في وسط النار بتضحك ضحكة شيطانية ..
صحيت مفزوع وبصرخ ، صوتي طلع كأنه كان محبوس ، بصيت على الأرض لقيت فيه نار ماسكة في السجادة ، حريقة لسه في بدايتها ، يظهر اني لما عيني غفلت السيجارة وقعت من إيدي على السجادة .. لحقت الحريقة وهي لسه في أولها وطفيتها ..
لما فتحت عيني كان النهار طلع ، لبست هدومي وجريت على كافيه الأمريكيين اللي في وسط البلد ، دايما بحب اقعد هناك واكتب ..
في المكان دا اتولدت فاطمة ..
البنت الويتر جاتلي ، طلبت منها قهوة سادة .. جابتهالي ومشيت ..
بعد شوية حسيت اني عايز اتمشى على الكورنيش ، واشم هوا النيل ..
طلبت الحساب ، جابتلي الشيك ، بصيت فيه لقيت مكتوب فيه " هقتلك زي ما قتلتني "
بصيت للبنت لقيتها مش نفس البنت اللي جابتلي القهوة ، لقيتها فاطمة ..
انتظروا الحلقة الأخيرة،،،
#فاطمة
#الأخيرة
انا اللي هكمل معاكم الحكاية من دلوقتي ، انتو متعرفونيش بس هعرفكم بنفسي ، انا الدكتور إياد ، الدكتور النفسي المعالج لكاتبكم الكبير المشهور صاحب رواية فاطمة ..
اللي حصل معاه يوم الكافيه انه بعد ما شرب القهوة وحب يدفع الحساب علشان يمشي ، شاف مكتوب في الشيك جملة انا هقتلك زي ما قتلتني ..
لما بص في وش البنت الويتر كان شايف فيها فاطمة ، أو چانيت قبل ما تشهر إسلامها ..
ما هي فاطمة قبل ما تدخل الإسلام علشان تتجوز عبد الرحمن كان اسمها چانيت بطرس **** ، غيرت اسمها هي بس ومرضتش تغير اسم ابوها لانها بتحبه وفخورة بيه ، بس ابوها دا هو اللي قتلها بعد كدا عشان كان خايف الناس هتقول ايه عنه لما تعرف أن بنته غيرت دينها علشان تتجوز ولد **** ..
دي احداث الرواية اللي هو كتبها ، لكن اللي حصل بعد كدا انه أصيب ببارانويا شديدة جدا ..
كان متخيل ان شخصية فاطمة اللي هو كتبها خرجت من الورق علشان تقتله ، كان فاهم ان فاطمة عايزة تنتقم منه عشان حكم عليها تموت في الرواية ..
طول الفترة اللي سبقت دخوله المصحة كان بيتهيأله حاجات مش حقيقية ..
بيتهيأله ان فاطمة دي عندها أكونت على الفيس وبتبعتله تهديدات ..
وبيتهيأله ان الباب بيخبط ..
كان بيشوف فاطمة في كل حاجة حواليه ، كل حاجة حواليه بيشوف فيها فاطمة ، بيشوفها عايزة تنتقم منه ..
حالته كانت غريبة جدا بصراحة ، بس أنا كنت مقدر الظروف النفسية اللي وصلته لكدا ..
احساسه بالذنب علشان الحريقة اللي قتلت مراته وولاده كانت بسببه ، بس دي في النهاية حادثة إهمال ، وهو نفسه كان هيموت معاهم ..
الغريب ان الشعور بالذنب دا يتحول لشعور بالاضطهاد ، لدرجة تخليه يتخيل ان شخصية في رواية عايزة تقتله ويفضل طول الوقت محاصر نفسيا بالفكرة دي ..
انا ما قولتلكوش ليه انا اللي بكمل معاكم القصة ..
انا اللي بكمل القصة لأن صاحبها انتحر النهارده الصبح ، خوفه من فاطمة خلاه يموت نفسه عشان يهرب من كل حاجة ..
**** يرحمه ..
لحد آخر لحظة في حياته كان مقتنع أن هو اللي قتل مراته وولاده ، وأن اهماله كان متعمد ، كان عايز يخلص من بنته چانيت اللي غيرت دينها وسمت نفسها فاطمة ..
حاولت كتير اقنعه ان حريقة الشقة دي كانت حاجة قدرية وهو مالوش اي يد فيها ، وهو نفسه كان ممكن أوي يموت معاهم ..
لكن هو فضل معتقد ان چانيت أو فاطمة هتنتقم منه وهتقتله زي ما قتلها ..
وخلصت حكاية الكاتب الكبير بطرس **** ، حكايته اللي أغرب من رواياته ..
#تمت