الجزء الأوّل
اللعنة على هذا الحذاء ... كلما تقدمت به خطوة للأمام إلا وازداد الألم في رجلي ... الم رجلي يذكرني بألم نفسي ... حذاء حسام ابن خالتي القديم ... كل ملابسي وكتبي وأدباشي هي ما تخلّص منه حسام ... أو أمه إن صح التعبير ...
مذ وعيت على الدنيا وأنا البس ما ضاق عنه ... ادرس بكتبه القديمة ... حتى بطني لا تشبع إلا عند زيارتنا لبيت خالتي ... لم احتج يوما على وضعي ... في بداية سنين الطفولة لم يشكل الأمر عائقا لي ... بل بالعكس ... لكن الطبيعة لم تشأ إلا التضييق عليا في كل تفاصيل حياتي ... طبيعة لم تستوعب أن أمي براتبها البسيط لا تستطيع توفير ملابس جديدة لي ... فلماذا ينمو جسمي لأسبق في المقاسات جسم حسام ...
حذاء ضيق وبنطلون يجاهد في وسطي أن تنفلت احد أزراره ... وقميص يضيق على صدري أكثر مما يضيق صدري بهمومي ... مع ضيق الحذاء يزيد ضيق الحال من معاناتي ... ديون أمي عند صاحب الدكان القريب من بيتنا تجبرني أن اسلك مسافة كيلومترات يوميا بين المسالك الفرعية لاقتني حاجياتنا من مغازة وسط البلد ... وأعود متبعا متاهة من الأنهج الضيقة المتعرجة بخطايا العرجاء من الألم ...
الكيس البلاستيكي بدأ يجرح أصابعي ... أحد المقاعد الخشبية على ناصية الطريق ... كان ملجئي من الألم المضاعف ... وضعت الكيس بجانبي وأخفيت راسي بين راحتي علي ارتاح ولو مؤقتا من عذابي الدائم ...
وضعية جلوسي فرضت عليا النظر غصبا عني لحذائي ... ماركة عالمية معروفة ... كان غالي الثمن حال شرائه ... في بلدنا نعرف القيمة الاجتماعية للشخص من حذائه ... إشارة تقطع كل أمل لي في المستقبل ... لن أكون الا مستودع قمامة لما يتخلّص منه ابن خالتي ...
خالتي أكبر من أمي بسنوات قليلة ... متزوجة من موظف كبير في الحكومة ... مرتب مرتفع ... منصب مهيب ... سيارة إدارية ... مسكن وظيفي ومساكن أخرى فرعية للتصييف ... الموظفون السامون هم من يتخذون القرارات المصيرية للدولة ... يتحكمون بالميزانية ... بتقسيمها ... اغلبها تصرف لتوفير ظروف عيش مريحة للموظفين ورغم ذلك يرتشون ...
أمي تزوجت بعد خالتي بسنتين ... تزوجت أبي عن حب ... أبي لم يسعفه الحظ في الانتساب للوظيفة العمومية ... كان صاحب مكتب حسابات ... أنا لم اعرف أبي إلا من الصور ... توفي وأنا لازلت أتعلم المشي ... تركني أتعثّر في خطواتي ...
مقارنة بين صورة خطواتي الأولى المتعثّرة ... حذاء صغير جميل عليه رسوم ميكي ماوس و يد والدي القوية الحنونة تسندني عن بعد ... الآن وأنا تجاوزت الثامنة عشر ... خطواتي لا تزال تتعثّر في حذاء قديم يقضم أصابعي ... والسبب فقدان يديه لتسندني ...
طعم مالح انسل لشفتي من دمعة سكبتها عيني ... طالما بكيت خلسة ... لا أعلم هل ابكيه أم ابكي نفسي ... لكني اشتاق إليه ...
نسمة باردة تدغدغ ضلوعي تعلمني أني تأخّرت في العودة ... الم مضاعف مع إسراعي في المشي خوفا أن أتأخر عن أمي ... أمي التي لعبت دور الأب والأم في نفس الوقت ... صارمة وذكية ولا تفوتها النسمة المتسلّلة من تحت الباب ... تراقب كل حركاتي تخشى عليا من كل شيء ومن أي شيء ...
تقول دائما أني ثروتها التي استثمرت فيها عمرها ... هي ستبلغ الأربعين قريبا ... أرملة منذ ما يزيد عن ستة عشرة سنة ... تحمّلت الوحدة والفقر والغم لأجلي ... *** آخر يزيد في ضيق صدري ...
انا عن نفسي لم أكلفها شيئا سوى مصاريف الأكل ... نسكن في بيت تركه لنا والدي ... البس ما ترميه خالتي لي بسرور بصدق أحيانا وأتظاهر به أحيانا... اجتهدت في دراستي فلم أكلفها مليما في دروس خصوصية بل كنت اكسب مصاريفي من إعداد بحوث الدراسة لزملائي المرفهين...
نجحت في البكالوريا بتفوّق ... انتظر التوجيه ... أريد الالتحاق بإحدى كليات المحاسبات ...
كنت أحلم أن أصبح محاسبا كأبي ... أن أحقق حلمه وانجح في عمل هو يحبه ... هدف لم ينصفه عمره أن يصل إليه ... استقبلني مشهد سيارة خالتي تقف أمام بابنا ... زادت نفسي ضيقا ... دفعة أخرى من ملابس ستحشر فيها كرامتي قبل جسمي ... ومشاعر مصطنعة مني بالعرفان بالجميل ...
دفعت الباب الحديدي الصدأ بعنف ... صوت قرقعته هو حمايتنا من زائر غير متوقع ... نظرة لليمين والشمال للحديقة الصغيرة ... حركة لا إرادية أهيئ بها صدري و عضلات وجهي للابتسام لمصدر الذل في حياتي ... مع وصولي للباب الخشبي ... صمت يوحي أن قدومي قطع موضعا مهما بين الأختين ...
سلام حار مصطنع مني وبارد حقيقي من خالتي ... وضعت كيس المقتنيات في المطبخ ... وجلست بعيدا عند باب الصالون ... أثاث بيتنا لا يزال يحتفظ برونقه رغم مرور السنين ... لم أكن استمع لما يدور بينهما ... لكني متأكّد أن وجودي تسبب في تغير الموضوع ... لا اعلم لماذا لكني كنت مستمتعا بتأثيري السلبي عليهما ...
طال وجودي الغير مرغوب فيه مما اضطر خالتي للانصراف ... تابعت خطواتهما وأمي توصلها للباب ... أمي أجمل منها بكثير ... فقط الملابس الفخمة هي التي تمنح خالتي تألقها .. وربما تسريحة الشعر والحذاء العالي الذي يرفع مؤخرتها ... كذلك الماكياج ....
أمي في بيجامتها المترهلة تبدو أجمل منها ... لا توجد امرأة أجمل من أمي ... حكمة لا أعلم أين سمعتها .... طالت وشوشتهما عند الباب فانسحبت لغرفتي ...
منزلنا مكون من طابقين ... على الطراز الأمريكي ... غرفة معيشة او الصالون يستقبلك عند دخول البيت بأثاثه ومكتبته, في آخره على اليمن مطبخ مفتوح بمصرف رخامي اجتهد أبي أن يتناسق مع ألوان الرخام فيه ... شبابيك بلورية كبيرة تطل منها بعض شجيرات الزينة من حديقتنا الصغيرة ... انعكاسها كلوحة زيتية تفنن رسام مجتهد أن يبرز تفاصيل الروح الساكنة فيها ... بجانب المطبخ حمام كبير يتوسطه مغطس مدور يتسع لثلاث أشخاص بالراحة ...
الطابق العلوي مكوّن من 3 غرف ... غرفت نوم أمي وغرفتي وغرفة ثالثة ... حرم موت أبي جدرانها أن يسكنها أخ أو أخت لي ... تلك الغرفة مغلقة دائما ... أمي ألقت فيها كل متعلقات أبي ... وأغلقت على ذكريات زمن جميل لم أعشه ... يفصل بين الغرف ممر واسع ينتهي ببوابة بلورية تستقبل نور الشمس من شرفة نصف مستديرة ...
طال الوداع بين أمي وخالتي مما يوحي أن أمرا مهما تطلّب نقشا مستفيضا بينهما ... لجأت للحمام أعالج ورم رجلي من اثر المشي بالحذاء الضيق ... الماء البارد يخفف توتر مسام جلد أصابعي الغضّة ... برودة الماء أشعلت رغبتي في الاستحمام ...
نصف جسدي مختفي في المغطس البارد ... برودة علها تعالج التهاب روحي وجسدي ... شعور نفسي بالضيق والاختناق ... لم أجد له مبررا ...
أغمضت عيني وحاولت أن أتخيل واقعا غير هذا الواقع ... نصف الغرق ونصف الطواف ... نصف البرد ونصف الحر ... نصف الواقع ونصف الخيال ... لا اعلم أين تاه بي خيالي البسيط وكم استغرقت رحلتي في اللامكان واللازمان ... واللافكرة ...
نقر خفيف على الباب سحبني للدنيا ثانية .. صوت أمي تعلمني أن العشاء جاهز ... ملتحفا بمنشفة نصف مهترأة تخفي نصف جسدي السفلي وقطرات ندية تداعب مسام صدري ... ارتديت شورت قصيرا كان يعاني ليجف في حبل معلّق في شباك الحمام الضيق ...
لم اسرّح شعري وعري الصدر حافي القدمين ... لا تزال أصابعي تصارع للعودة لوضعها الطبيعي ... استقبلتني أمي بابتسامة ساخرة ... هي شديدة الاهتمام بصحتي ... لم تعلّق كوني لم استر صدري من نفحات نسيم بداية الصيف الباردة ... على غير عادتها ...
جلست قبالة أمي على طاولة الطعام ... بحكم الخبرة .. كلما وضعت امي صحني مقابلا لعينيها فتلك إشارة أني سأتلقى مجموعة من الأوامر ... حاولت أن انظّم أنفاسي وأخفي ارتباكي الغير مفسّر ...
بضع قضمات من أجنحة الدجاج التي تسبح وسط صحن المرق غمستها بصمت غير مفهوم ... صمت قطعه صوت امي الصارم والحنون في مزيج عجيب كالمزيج الذي أتناوله في صحني ...
وضعية جلوسي ووقوفها توحي بتفوقها عليا ... كنت أتحاشى النظر في عينيها ... وفي نفس الوقت روحي تتوق للتحدي ... فلم تسقط نظرتي للطاولة أو الصحن بل استقرّت في مفرق صدرها الأبيض ... طالت كلمات أمي أمام صمتي ... أحست أني استسلمت وتقبّلت قرارها ...
دون شعور ولأول مرة ثانية ... أتحداها ... وقفت وضربت بكلتا قبضتي على الطاولة ... قلّدت كل حركاتها ... لأول مرة أتكلم وأنا أساميها وجها لوجه ...
انفلت من بين ذراعيها ... والدموع تملأ وجهي ... الم أصابعي وضيق الحذاء وضيق الحال ... كل شيء تقبّلته إلا أن تمس صورة أبي أمامي ...
فتحت الباب ... حافي القدمين ... عاري الصدر ... اجري دون وجهة ... كنت أهز راسي لاطرد ذكريات الدقائق الأخيرة ... تهت من جديد في اللا فكرة ... فقط أجري بعيدا عن البيت
ربما إحساسي بالتخلّص من ملابس حسام ... ثورتي على أمي ... رفضي لوضع فرض عليا ولم أختره .. كل هذه الأحداث دفعت فيا شعورا بالسعادة ... هي سعادة ممزوجة بالندم ... سألقى عقابيا نضير ذلك لكن لا يهم ...
لا اعلم كم شارعا قطعت وأنا اركض حافيا شبه عاري تحت انوار الفوانيس النصف معطّلة ... فقط اركض هربا من واقع سأعود إليه حتما ...
صراخ صبيتين صادفتاني وانأ أجري ... ارتعبتا ظنا اني أحد المجانين المنتشرين يرعبون المارة في شوارعنا ... رعبهما أصابني بالخجل من نفسي ... أسرعت أكثر فأكثر ... الإسفلت المحدب بدأ يجرح رجليا ... كنت اشعر بلزوجة تحت قدمي .... لا أعلم اهو ددمم أم قيح تقرّح ... لكني لم أتوقف ...
واصلت الركض هربا من البيت في اتجاه البيت ... لقد صدقت أمي من هو مثلنا لا يمتلك رفاهية الاختيار ... مع اقترابي للبيت بدأ نبض قلبي يتزايد بفعل التعب وبفعل الرعب ... امي ستقتلني ... انا متأكّد ...
تسورت حائط الحديقة بخفة وحذر القطط ... شجرة مشمش عقيمة كانت ملجئي للاختباء ... من ردة فعل أمي ومن ردود فعل شارع لن يتفهّم ما يحدث لي ...
النور الخافت في الصالون ينسل متحديا ظلمة الليل ... من خلف بلور جاهدت امي في تنظيفه ... كنت أراقبها تجلس على الكنبة ... تضع رجليها على حافتيها وتسند رأسها بركبتيها ... تكوّر الانكسار الذي لم أعهده فيها ...
بدأ ضميري يؤنبني ... هممت أن أدخل البيت معتذرا ... لكن عما سأعتذر وأنا الضحية ... طال مكوثي في مخبئي ... انتصف الليل ... حيرة أمي لغيابي دفعها للنمطي أحيانا والتكور أحيانا أخرى .. اقسم أني سمعت نبض قلبها الحنون من هنا ...
نظرة تجاه الباب والأخرى تجاه الساعة ... ثم تعود للتكور ... كنت اسمع شهيق بكائها ... طال انتظارها وطال صبري ... لن أعود للبيت الذي لم أغادره ....
رحت أراجع حواري العنيف معها بدقّة ... هي بالتأكيد تريد مصلحتي ... الوظيفة القارة ... فرصة للنجاح في الحياة دون مصاريف ومعانات ... هي بالتأكيد معها حق ... لكني لن البس حذاءا أضيق مني طول العمر فقط لان معها حق .. أنا لي الحق في الاختيار ... ربما فرصة للتحدي فقط ...
كلمة عمرها الذي إضاعته مغامرات أبي هدرا لا تغادر تفكيري ... مالذي فعله ابي قبل موته جعلها تشعر بالندم الآن بعد صبر السنين ... لو خانها او شيء من ذاك القبيل ما صبرت كل هذه السنين وفية لعهدها معه ... امي جميلة وكان يمكن ان تتزوج غيره بسهولة ...
رفعت راسي علي أجد في انعكاس صورتها إجابة على سؤالي فلم أجدها في مجلسها ... قبل ان تبدأ حيرتي ... اهتز صدري رعبا لصوتها يقول ... " إدخل البيت ... الدنيا برد عليك " ...
لم أشأ ان يتأزّم الوضع أكثر ... إحمرار انفها ووجنتيها اللذان تحديا ظلمة الحديقة يعلماني انها ذرفت دموعا كثيرة ... لكني لن استسلم ... كنت اسبقها بخطوتين وتلحقني أصوات تخرج من انفها تودع بها حالة بكاء طويلة ...
أثار الدماء التصقت بجليز الصالون الرمادي ... حاولت ان تقترب مني تستطلع امر جروحي لكني نهرت يدها التي لامست كتفي ... تراجعت قليلا للوراء ...
قبل ان تبدأ بالكلام ... طلبت منها بنبرة جافة وخشنة مفتاح غرفة أخي الذي لم تحمل به ... قبل ان تستفسر عن السبب ... أجبتها سؤالها الذي لم يسأل
رائحة العتمة تخنق أنفاسي ... الغرفة مغلقة منذ سنين ... غرفة فارغة يتجاوب صدى انفاسي المرهقة مع جدرانها ... القليل من غبار الزمن على بعض الكراتين ... فقط ثلاث صناديق ورقية كبيرة هي كل ما يوجد ... حضنتها كأني أحضن عمري الذي ضاع مع غياب صاحبها ... صوت نقر سقوط دموعي على سطح إحداها وهي تشكل دائرة تحوّل الرمادي إلي البني دفعني لفتحها ...
البوم من الصور القديمة ... مسحت الغبار عنها ... ملامحي تشبه ابي الي حد لا يصدّق ... صوره وهو في مثلي سني ... مسرورا متحديا الدنيا ... ملابسه فخمة حسب طراز زمنها ... وقفته الشامخة ... صوره في الجامعة ... في الرحلات ... في ملهى ليلي مع أترابه ...
المثير في الأمر ان ضحكته وابتسامته لا تفارقه ... اعتقد انه استهلك نصيبي ونصيبه من السعادة في تلك الصور ... انا لا اضحك ولا أتصور ...
صور له ولامي على شاطئ البحر ... بريق عيني امي وهي تنظر له تؤكد عشقها له حد الجنون ... امي جميلة في ملابس البحر ... لم تغيّر فيها السنين شيئا سوى بريق الحزن في عينيها .... وضعت صورة كبيرة مؤطرة في اطار خشبي مذّهب امامي ... وفتحت قلبي لكل ما لم اقل له بعد ... لا اعلم هل سمع مني كلمة بابا قبل رحيله ام لا ...
اقسم اني رأيت التأثّر في عينيه رفقة بحالي ... بكيته وبكيت عليه وبكيت له ... شيء ما في عينيه يدفعني أن افتح الصندوقين ... إخترت أكبرها ... ملابسه كلها هنا ... بنطلونات جينز ... قمصان ... سترات كثيرة ... حالتها تبدو جيدة رغم كل الإهمال .... بدأت انفض الغبار القليل عنها ...
تجرأت ولبستها ... كنت ارغب ان احضن ريحه فيها ... مقاسها يناسبني بعض الشيء ... حذاء رياضي يعانق أصابع رجلي برفق ... رحت أتمشى امام صورته كأني أفاخره اني كبرت وصرت في مقاسه ... لو كان حيا لضربني على قفايا بحنان ... كما يفعل كل الآباء الذين وصل أبناءهم ليضاهوهم في الطول ...
سعادة غمرتني ... روحه وريحه تعانقاني ... إن كانت الأقدار فرضت عليا ان البس القديم فلألبس ملابس ابي ... مقاس حذاء والدي هو إشارة أن شخصيته وطريقه هي التي تناسبني كما ناسبني المقاس ... انا على حق ... فرصة خالتي ضيقة على روحي كمقاس حذاء ابنها ...
جلست على الأرض احدّث ابي متسائلا ... ان كنت مغامرا كما تقول أمي ألا يخفي الصندوق الآخر سرا ... ألم تدخل في تجربة بورصة وخسرت ساعتها ...ربما تغيّر الحال الآن ... لا يمكن الا تترك لي شيئا الا هذا البيت ... حتى الذكريات لم تتركها لي ...
نبض قلبي يتزايد مع كل ورقة اسحبها من الصندوق ... لم افهم شيئا .. فواتير قديمة ... كراسات على رموز بخط اليد ... علامات قاطع ومقطوع ... ارقام واحد واثنان ... قصاصات جرائد تتحدث عن نتائج كرة القدم ساعتها ... ما السر وراء عشق ابي لكرة القدم لم افهم ذلك ...
ظرف كبير بني اللون ... عقد ملكية بيتنا ... وعقد رهنه لشركة إيجار مالي ... مبلغ كبير وضع فيه ... هل رهن ابي البيت قبل موته ... لكن البيت ملكنا الآن ... انتقلت ملكيته لي ولامي بحكم الميراث ... لم اسمع بهذا الأمر من قبل ... هل سدد أبي رهنه قبل موته ... لم أجد في الأوراق ما يثبت ذلك ... أين ذهبت أموال الرهن ومن سدده ...
نصف اجابة خامرتني عن كلام أمي ... هي جاهدت لسداد ديننا في سنواتي الأولى ... بدأ ضميري يدفعني للاعتذار منها ... جهاز لاب توب من طراز قديم هو آخر ما تبقى في الصندوق ...
صندوق صور مليء بالذكريات ... صندوق ملابس تفوح منها رائحة عز لم أعشه ... وصندوق ورق لم افهم منه شيء ... ربما اللاب توب يحتوي على سر ... لكنه لا يعمل ...
قررت ان آخذه معي لرحيم ... رحيم هو شاب في أواخر العشرينات .. يعتبر الشخص الأقرب لي في الدنيا بعد أمي ... يمتلك محل انترنت وبيع وبعض أدوات الإعلامية ... يقدّم خدمات التسجيل عن بعد ... كنت أساعده في إعداد البحوث المدرسية ... معتمدا على معلوماتي وسرعتي في رقن الحروف ....
كان يكافئني بقطع نقدية او بصندويتش اذا تأخرت عنده في المحلّ ... قررت ان أتسلل به للخارج عندما تحين لي الفرصة ... لا اعلم السبب لكن أحسست ان نظرة ابي من صورته تشجعني على ذلك ...
شعاع نور الفجر يتسلل من تحت الشباك ... ليلة طويلة جدا ... هي ليلة بعمري كله ... حضنت صورة أبي وتوسدت سترته وتغطيت برائحته ونمت ... ربما نمت في حضنه وانا رضيع ... ونمت نوم الرضيع ...
صوت طراد الماء من الحمام يعلمني ان أمي استيقظت ... لا أعلم ما افعل ... هل هي جولة ثانية من الحرب بيننا ... أم أعلن استسلامي والبس الفرصة الضيقة ما بقى من العمر ... استعملت الحبال التي كانت تلف الكراتين ... ربطت اللاب توب في احد قمصان ابي والقيته يتدلى من الشباك للحديقة ...
تسللت للحمام ... غسلت وجهي وسرّحت شعري ... انعكاس صورتي في المرآة جعلني اشعر بالفخر ... لم تخطو رجلي في الممر خطوتين ... صورة اتساع حدقتي أمي سبقت صرخة رعب دوّت في المكان تلاها صوت ارتطامها بالأرض ...
تأبطت جسدها بين يدي وأسرعت بها لغرفتها ... لا الماء ولا بقية زجاجة العطر افلحتا في إيقاضها ... لم اجد طريقا سوى الاتصال بخالتي ... مر الزمن عليا دهرا حتى وصلت ... طبيب في أواخر سنين عمره ... يخزها ابرة ... قال انها صدمة عصبية نتيجة الارهاق ...
الفترة التي تلت خروجه ... دروس متتالية من خالتي عن وجوب طاعة امي ... تذكير بتضحيتها في سبيلي ... انا لا انكر ذلك وممتن لها ... وممتن لخالتي ولحسام وللعالم كله ... فقط لا أريد أن افقد أمي كما فقدت أبي ... لم اترك سريرها دقيقة واحدة ... لم افلت يدها الباردة من يدي ...
سأفعل اي شيء ... فقط عودي للحياة ... شكرت السماء أنها حرّكت راسها ... استيقظت مرعوبة ... أول شيء فعلته طردتنني من الغرفة ... لم احزن لفعلها ولم اغضب انا سببت لها الإرهاق ...
احتجزت نفسي في غرفتي ... كنت اسمع صوت خالتي تسند امي للحمام ... صوت الماء يختلط بصوتها تساعد أختها ... وخزني ضميري على مشاعر كرهي لخالتي ... هي لم تفعل شيئا سوا مساعدتنا طول حياتها ... انا الشيطان المتمرد فقط
ابتعد صوتهما وهما ينزلان الدرج بعد أن غيّرت ثيابها ... فجأة تذكّرت جهاز اللاب توب ... لا يجب لامي ان تراه ... ذنب آخر سيسجل في صحيفة أخطائي ... حاولت سحبه من أعلى لكنه علق بحافة الحائط ... تسللت لباب البيت ... الحبل يتدلى بجانب شباك المطبخ ... اقتربت لافكه
صوت خالتي يصلني بوضوح مستفسرة عما حصل ... صورتها وهي تقدّم قهوة وبعض الطعام لامي ... لم الحق بالحوار من أوله لكن أمي تبدو مرتبكة مذعورة ...
عاهدت نفسي اني إذا لم أجد في اللاب توب شيئا أو انه لم يعمل ... سأعود لامي واقبّل رجليها معتذرا ... لو أن الأمر غير ذلك فليكن ما يكون ...
الجزء الثاني
كسجين بين خيارين ... تركت أمي بين يدي خالتي رغم خوفي على صحتها ... تأبطّت اللابتوب وتوجهت نحو متجر رحيم ... استقبلني ببشاشة تشرق في عينيه تحت صلعته اللامعة ... قال أني نزلت له رحمة من السماء ...
المحل مكتظ بالزبائن وهو مشغول في إعداد بعض التطبيقات ... رغم استعجالي لكني قبلت طلبه الملحّ في مساعدته على تلبية طلبات الزبائن حتى يتفرّغ هو لشغله...
كالجالس فوق الجمر... امرر طلب هذا بتسجيل عربته للفحص الفني والآخر يستخرج ورقات مطبوعة ... تفكيري كله فيما حصل وماذا سيحصل ... قلبي يخزني حزنا على أمي ... وكأن الناس تتآمر عليا ... كل ما تخلّصت من أحدهم لحق به الآخر ... ساعات طويلة ضاعت هدرا ... ومرت عليا دهرا ...
ضاق صدري وأنا أنتظر أن يرحمني رحيم ويتفرّغ لي ... بدأت الشمس تسير للزوال ... وخفّت الحركة في المحل معها ...أخيرا ... نظرة فاحصة من رحيم للتحفة الأثرية التي وضعتها بين يديه ... تقطّب حاجباه وهو يصارع زر تشغيل اللاب توب الذي أبى واستعصم ...
مع كل حركة منه يخفق قلبي لبرهة ويتوقّف للحظات ... ترجيت السماء أن تنطق تلك الآلة ... أنا على عهدي ... لكني أترجى فقط فرصة اكتشاف ما فيه ... ليس بعد كل ما حصل مني ستنقطع عني الإشارات ...
قطرات العرق على جبين رحيم وهو الخبير في مجاله تنبئني أن الأمر لن ينجح ... لدقائق خلتها قرونا والصمت يخيم على المكان إلا من صدى نقر أصابعه على الأزرار ... وأخيرا نطق .. نطق كالغريق ... شهق وصمت ثانية ...
أخبرني رحيم أن الأمر يتطلّب وقتا طويلا وهو مشغول ... ترجيته بكل مالي عنده من عواطف أن ينجدني ...يجب أن يعمل هذا الجهاز الآن ... أو في اقرب وقت ...
لم اسمع إجابته بالرفض والقبول حتى قاطعتنا رائحة عطر أنثوي طاغي ... سبقت فتح الباب ... صوت ملائكي يلقي علينا السلام ... خجلي جعل عينيا ترتشقان كسهم على حذاء جلدي يلمع سواده تحت جلد رجلين بيضاوين ... بريق بياضهما أعشى عينيا ونعومة جلدها جعل نظري ينزلق كل ما حاول الصعود للأعلى... لم تستقر نظراتي على ركبتين متناسقتين تحت قماش اسود وصلت إليهما بعد جهد حتى أيقضني صوت رحيم مرحبا ...
صوت قبلتين طبعتهما على وجنيه الناديتين دوى في أذني ... أهملني رحيم وأهمل جهازي وتناسى وجودي ... إن لم يهملني من أجلها فمن أجل من سيفعل ... فلأذهب أنا وجهازي وحزني للجحيم ...
لم ارفع عيني لاكتشف صاحبة الطلّة الطاغية ... كنت أتسلى بتحريك أصابع قدمي على الأرض ... لإخفاء خجلي وغيضي .... ما فهمته أنها افتتحت مشروعا جديدا ورحيم يبارك لها ... حفاوة الترحاب بينهما توحي أنهما معرفة قديمة ... تريد من رحيم أن يصنع لها تطبيقا يردّ على اتصالات الزبائن تلقائيا ... قالت أنها لم تستعن بعد بأحد لمساعدتها ...
نظر رحيم في عيني مستسلما ... ما باليد حيلة يجب تلبية طلبها قبلي ... ربما هي استشعرت حزني وغضبي من وجودها الذي عطّلني ... حاولت أن تنسحب في خجل على أن تعود ثانية ... لكني بصوت خافت تنازلت عن حقي ... وأعطيتها الأولوية ... دهشة علت ملامح رحيم الذي استغرب تراجعي بعد طول إلحاح واستغرب أني نطقت أصلا رغم خجلي ...
ابتسامة منها عرفان لشهامتي أنستني الجهاز والإشارات والقرارات وأمي معهم ... كحل وسط اقترح رحيم أن يضع لها مخطط التطبيق وكل الأمور التقنية ثم اتمم أنا الباقي في رقن الرسائل المراد كتابتها مع إشادة بسرعتي وحذقي لتلك المهمة ...
تلك الكلمات أشعرتني بالفخر والأهمية ... علامات الرضا على وجوه الجميع ... ملامح تردد باهت رسم على ملامح الزائرة ... جلس رحيم وراء جهازه منهمكا في عمله ... وجلست بجانبه أتابع باهتمام حركاته ... أما السيدة فجلست قبالتنا على كرسي ... لا ادري كم استغرق من الوقت لكني بدأت اشعر بالضجر وضلوعي بدأت تخزني ...
حركة لا إرادية مني بتحريك ذراعي للخلف ارتفع معها نظري... خرجت مقلتاي من محجريهما ... السيدة كانت تداعب هاتفها دون اهتمام بنا ... وضعية جلوسها أجبرت قماش تنورتها القصيرة أصلا على الانحسار للخلف ... نصف فخذيها المكتنزين عاريان متلاصقان يشدهما القماش غصبا بعضا ببعض ... لا اعلم من زاد في تلق من ... سواد القماش أم بياض الجلد ...
أشحت بنظري وتظاهرت بالتركيز في حركات رحيم ... كنار تسحب فراشة ... نظري يهزمني ويصرع خجلي وارتباكي ويعود ليغوص في ذاك اللحم الطري ... فجأة ... حركة لا إرادية منها ... تضع رجلا على رجل ... مثلث ظل صنعه قماش تنورتها الأسود على فخذيها سحبني للهاوية ...
دغدغة خفيفة أصابت أسفل بطني صاحبها جفاف في حلقي وتعرّق كاد أن يفضحني ... صوت تنهيدة من رحيم حركة من يده يغيّر وضعية الشاشة تجاهها ... حركته دفعتها للنهوض والتقدّم نحونا ... اقسم أني كنت اسمع صوت موسيقى فيلم الفك المفترس مع كل نقرة من كعب حذائها العالي ...
تظاهرت بالتركيز في الشاشة علي اخرج من مأزقي ... كانت تضع يديها على الطاولة وترشد رحيم لبعض التصليحات ... خاتم زواج يزين إصبعها ... معصمها رقيق وأصابعها نحيفة و طويلة ... رفعت عيني بحذر ناحية وجهها لكني لم أصله ... مفرق صدرها المتدلي من فتح قميصها الأبيض سحبني للهوة ...
انتفاخ وقرص يمسك ما بين فخذي ... رغبة في التبوّل تحرق مثانتي ... هروب سلسل بانسحاب حذر ناحية الباب راجيا أن لا يكشفني انتفاخ بنطلوني ... قطعت الشارع قاصدا المقهى المقابل للتخلّص من حالتي الغريبة ...
عند عودتي وجدت الأماكن تغيّرت ... رحيم يجلس في ركن يسميه المتخبر ... منهمكا في فك براغي جهاز اللاب توب ... والسيدة تجلس في مكاني وكرسي رحيم الدوار فارغ ...
أمر سريع منه بالالتحاق بمكاني " يلى بسرعة مش عاوزين نعطّل الهانم اكثر من كده " ... مررت على حذر من ورائها متحاشيا أن المس ظهرها بأسفل بطني ... رغما عني سقط نظري بين مفرق صدرها لترتفع خيمة بنطلوني في ثانية مرة أخرى ...
جلوسي بجانبها كان أشبه بعملية تعزييب لذيذ ... غرست عيني في الشاشة ألا تهزمني نظراتي وتهرب مني نحو ركبتيها ... رائحة عطرها الأخاذ تدغدغ شعيرات انفي ... مع كل حركة من يديها تشير إلى مكان حرف أخطأت في رسمه على الشاشة ... يلامس نهدها الأيمن مرفقي الأيسر فيزيد صراع قضيبي مع قماش البنطلون ...
لاحظت ارتباكي ... مع عدم انتظام أنفاسي ورعشة أصابعي على لوحة الأرقام ... وتعرقي الغير مبرر ... فرحمتني من عذاب نهدها لي واستبدلته بعذاب أصابعها ... بحركة عفوية أو مفتعلة كانت تقرص على أعلى فخذي بكل أصابعها قصد تنبيهي كلما أخطأت ... وكم كثرت أخطائي ...
حالتي لم تجعلني استوعب الموضوع ... هي صاحبة محل تجميل أو مساج وسونا وبخار ... هي ردود الكترونية عن المواعيد ... العروض ... العنوان ...
تمنيت أن ينتهي تعذيبي وفي نفس الوقت أن يمتد للآبد ... قبل أن انتهي طلبت مني أن اترك خانة الخدمات الأخرى فارغة ... قالت أنها ستتولى تعميرها بعد مدّة ... لم أركز مع ذلك ... كنت مسحوب الإرادة ... خجلا ومستثارا في نفس الوقت ...
صوت حركة كرسي رحيم من خلف مختبره تأمرني أن أفسح له المجال للتثبت في عملي وتسجيله ... وقوفي المرتبك تزامن مع التفاتة منها نحوي ... انفها الدقيق لا تفصله إلا مليمترات قليلة عن الخيمة التي صنعها تعذيبها لي ...
لم افهم سبب اتساع حدقتيها ونصف ابتسامتها ... اختفيت وراء مختبر رحيم أخفي فضيحتي ... كلمات شكر منها لامتناع رحيم عن عدم قبول أي مبلغ منها نظير خدماته ... صوت قبلتين طبعتهما على وجنتيه أصابا حلقي بالجفاف ... لم ارفع عيني نحوهما ... اقتراب وقع قدميها نحوي جعلني ارفع عيني من اللاشيء الذي كنت انظر إليه
يدها الطرية الأنيقة تمتدّ نحوي شاكرة جهدي ... لا اعلم من أين أتتني تلك اللباقة بان أقف لتحيتها قبل المصافحة .. ما إن تلامست أصابعنا حتى سحبتني برفق وطبعت قبلة رقيقة بين انفي وعيني وشفتي ... أصبت بالعمى والزكام وفقدان التذوق بعدها ...
تلبّك في أمعائي وجفاف في حلقي وحرقة أسفل بطني ... لم اشعر بها وهي تسلمني كارت عليه عنوان المحل وأرقامه ... لم أرها وهي تخرج ... فقدت الإحساس بكل شيء ... نقرتان قويتان على صدري من أصابع رحيم أعادتني للحياة أو للموت ... لا أدري ...
بضع دقائق أخرى وصلني صوت رحيم يعلمني أن الجهاز يلزمه قطع غيار قد تكون فقدت من الأسواق حاليا ... عالج بداية دمعتي بإخباري انه يتعيّن عليا تعويضه مبكرا في المحل حتى يتسنى له البحث الدقيق عنها عند بعض التجار وافقت دون تردد .
طوال الطريق وأنا امسك الكارت بين يدي ... أقربه من شفتي ... أشم عطرها فيه ... ثملا بما فعلته تلك اللمسات الخفيفة بوجداني ...
امرأة في مثل سن أمي ... جسدها تفور منه الحياة ... ينبض بالروح والروائح ... مع اقترابي من بيتنا ... طارت عن عقلي سكرته وتكسّرت الموجات الوردية على أزيز الباب الحديدي الصدئ ...
أخفيت الكارت في جيبي الخلفي ... ودخلت البيت مستذكرا كل أدعية السلامة ... لست في حال تسمح لي أن أخوض أي نقاش حتى ولو بسيط ...
أمي التي خاصمتني وضعت طبق أكلي البارد على الطاولة ولم تنتظرني للعشاء وأغلقت باب غرفتها ... فليكن ... عزة نفس مصطنعة منعتني من الأكل ... دخلت غرفتي وتهت في أحلام يقظة أو نوم ...
صوت رنين الهاتف وصوت أمي يليه من وراء الباب بنبرة سجّان غاضب ...
" اصحى رحيم مستنيك في المحل " ...
رحيم هو الشخص الوحيد الذي لا تخشى أمي صحبتي له ... رجل متزوج وسمعته الجيدة تسبقه ... خدوم ويساعد الكل ... بشوش ... أمي تثق به ...
بخطوات أسابق بها الريح مرتديا حذاء والدي المريح ... وجدت رحيم ممتعضا من تأخري عليه ... أوصاني بالقيام ببعض الأعمال البسيطة مع العناية بالمحل ... في الصباح يقتصر الوافدون على بعض الأطفال من أبناء الطبقة الكادحة ... لا يمتلكون رفاهية امتلاك العاب الكترونية أو هواتف ذكية فيلجئون لرحيم ... مقابل قطع نقدية بسيطة يمكنهم من حواسيب يلعبون بها لتوقيت محدد ... كثيرا ما يتجاوزون الوقت المخصص لهم لكنه لا ينهر أحدا ...
كثر صخبهم لكني لم اسمع شيئا ... كنت لازلت أشم ريح عطر تلك السيدة في المكان ... اللون الوردي يغطي أحلام يقظتي المبهمة ... شعور بالتنميل في مسام جلدي لا اعلم سببه لكنها دغدغة ممتعة ...
رحت اسلي نفسي بتقليد حركات رحيم في صنع تلك التطبيقات ... الموضوع ليس معقّدا ... فقط بريد الكتروني وتدفع مبلغا بسيطا لحجز الخدمة ثم لك حرية المحتوى .... أحيانا يسحبني شاب صغير يدفع ثمن استغلاله لأحد الحواسيب ... ثم أعود ... تمرّنت على الأمر كثيرا ... مع تكرار الموضوع أصبح سهلا جدا .. كنت أريد التعويض لرحيم ...
أمر مثير للدهشة ... بعض الشباب والكهول يدخلون فقط للسؤال عن رحيم ...رغم إلحاحي أن ألبي طلباتهم لكنهم يقولون إنهم سيعودن إليه شخصيا ...
قبل منتصف النهار ... دخل رحيم متعرقا ... شتمني ألف مرّة كوني سببت له كل هذا التعب ... أحسست بالذنب نحوه ... لكن قلبي بدأ يخفق بشدّة ... سمعت صوت جهاز والدي ينطق مدويا معلنا للعلن أني ما زلت حيّا ...
مسرعا نحو ركن المختبر ... ألقيت نظرة على شاشته وهي تعود للحياة ... حركات بسيطة من رحيم للتأكد من سلامة عمله ثم انسحب تاركا لي المجال لاحتضان آخر ذكريات والدي ...
إتفظّل ياعم قرفتنا معاك وعرقنا بسببك
(كنت اهم أن أنهال عليه شكرا لكنه سبقني في الكلام)
قلي ؟؟؟ ... مزعّل الست الوالدة ليه ؟؟؟
(أحسست بالإمتعاض ان اسرار بيتنا تخرج للعلن) ...
شوف يا وائل أنا زي أخوك الكبير ... وأمك دي تعتبر أختي ... والمرحوم أبوك جمايله مغرقاني ... فارجوك أنا مش غريب
(مصدوما من إكتشاف علاقة رحيم بابي) طالما قالتلك اني مزعلها أكيد قالتلك عالسبب ؟؟
أيوة قالتلي وبصراحة مش مستوعب ردة فعلك ؟؟
يا سلام ليه بقى ؟؟
أنا شايف اني دي فرصة مش هتكرر ... يا ابني هو حد لاقي ... قيمة وسيمة وسلطة ونفوذ وبدلة ميري .. وممكن تمسك منصب يخلي الكل يترجى رضاك
وكلية من غير مصاريف وهأخذ منحة والنقل ببلاش وووو ... بس انا مش شايف نفسي فيها
يا سلام ... أقرع ونزهي ...
يا عم انت إلي اقرع مش أنا
(صوته يسعل بعد نوبة ضحك تعقيبا على سخريتي) ... آخر خدمة الغز علقة ... كده برضو
(كنت أريد أن اعتذر منه على قلة ادبي لكنه أردف)
طيب أنت عاوز إيه ؟؟ فهمني ممكن نلاقي حل
أنا عاوز أدخل الجامعة ... باحب الحسابات ... عاوز أطلع زي ابويا
والمصاريف واللبس والاكل والسكن
هأدخل الجامعة الي هنا ... الاكل وهآكل في بيتنا ... ومصاريف الكتب هاشوف شغلانة في الصيف توفرلي
(صمت طويل اطبق على جبينه المقطب) ... طيب اسمع كلامي ... إنت تروح تقدّم وتعمل كل الي امك عاوزاها ... إحضر اللجنة ... وإعمل اللازم وما تزعّلش مامتك ... وكده كده مش هتخسر حاجة ... ومن هنا لآخر الصيف لو دبّرت مصاريفك اعمل الي في دماغك ولوما قدرتش اقلها تكون ضمنت حاجة في ايدك
اعتقد أن رحيم على حق ... لن يجبرني احد على الالتحاق بالاكادمية بالغصب ... ودعته بعد أن شكرته واعتذرت منه على تعبه ... تأبطّت الحاسوب وهرولت لبيتنا ... أخفيت الجهاز في الحديقة أن تراه أمي ...
سقوطها المفاجئ صباحا لازال يخز ضميري ... أمي هي كل حياتي ... لا أعرف لي ملجأ غيرها ... دخلت البيت مكسور النظر كعادتي ...
أشاحت بوجهها عني عند دخولي ... توجهت نحوها وقبّلت يديها معتذرا ... حضنها لي أعاد لها الحياة .. أمي لن تستوعب كوني سأخرج من تحت جناحها يوما ... دموعها عمدّت راسي وهي تحضنني إلي صدرها ... صدر أمي اشد صلابة من نهدي تلك السيدة ... ماذا أقول ؟؟؟ ...
عشاء هادئ على شرف نصر أمي المؤقّت ... أنهكني الجوع والصراع النفسي ... وجه أمي عاد للحياة ... غطست في الحمام استرجع أفكاري ... ذكريات بعد ظهر أمس تطاردني ... رائحة العطر تستفز قضيبي ...
كشجرة نخل مقلوبة وسط الماء ... رحت أراقبه وأتخيّل تلك السيدة تستحم معي ... إنتفخت دائرة رأسه ... أردت مداعبته لكن قبل أن تلمسه راحتي ... يأتيني صوت أمي مستعجلا خروجي للسلام على خالتي والاعتذار منها ...
زيارة غير متوقعة في هذا الوقت ... ملابسي في الخارج ولا شيء يسترني سوى تلك المنشفة البالية ... لففت وسطي بها تاركا للوقت مهمة تخفيف انتصابي ومدرات فضيحتي ... وكأن خالتي تستعجل نصيبها من كلمات الاعتذار والعرفان وجدتها أمام الباب ...
إنحنيت لتقبيل يدها طالبا الصفح عن كل ما تسببت به كما فعلت مع أمي ... سحبتني لحضنها ... وجهي المبلل غارق في مفرق صدرها ... صدر خالتي طري كصدر السيدة ... طال عناقها لي ومداعبتها لشعري المبلل مع سيل من النصائح واللوم والعتاب ...
مع لحظة إطلاق سراح راسي ... إتسعت عيناها تعجّبا من مشهد الوتد الذي يشدّ الخيمة المحيطة بوسطي ... حركة شفتيها مزيج بين الدهشة والذهول ... هربت للأعلى مختفيا في غرفتي ...
حاولت طرد كل تلك الأفكار المجنونة من عقلي ... أمي وخالتي يتسامران في الصالون ... يصلني صوت ضحكهما دون أن أفهم محتوى الحوار ...
فتحت جهاز اللاب توب ... لا شيء فيه سوى ملفات حسابات وأرقام ... حسابات شركات كانت زبائن لأبي ... لم افهم شيئا ... بحثت عن ملفات سرية ... لا يوجد ما يشفي غليلي
أعد متابعة الملفات ملفا بملف ... ملفات على تطبيق الاكسيل كلها بأسماء شركات ... ملف اسمه اللعبة ... كنت أعتقد أنه اسم شركة لعب ... فتحته ... لم يكن كسابقيه ... جداول كثيرة عليها رموز ... 1/X/2 تكرر كثيرا في 13 عمود… إحتملات وتتكرر ... لم افهم شيئا ...
ذهبت للغرفة الأخرى صوت أمي وخالتي مزهوتان بنصرهما يصلني بوضوح ... طال سهرهما ... فتحت صندوق الأوراق ... قرأتها ألف مرّة ... زاد الغموض أكثر ... مقتطعات كثيرة عليها نفس الرموز ... تحمل اسم شركة الرهان الرياضي ... لم اسمع بها من قبل ...
بعض صور لشيكات باسم أبي عليها مبالغ مالية صادرة عن نفس الشركة ... الآن توضّح الأمر قليلا ... رجعت لغرفتي وبدأت بالتركيز ...
أبي استعمل ذكائه وخبرته في الرياضيات ... توقعات وحسابات دقيقة لاحتمالات ثلاث ... إما الفريق الأول ينتصر او الثاني او يتعادلان ... فكرة عبقرية ... لكن لماذا مات وتركنا مفلسين ... أين ذهبت مرابيحه ؟؟؟
قبل أن أصل لاجابة وصلني صوت إغلاق الباب الحديدي ... خالتي عادت لبيتها ... أخفيت كل شيء وتظاهرت بالنوم ... دقائق وغمزني انعكاس نور الممر على الحائط ... أمي فتحت الباب ... تقدمت نحوي خطوتين ربما تريد تقبيلي لكنها انسحبت ...
لم يغمض لي جفن وإنا احترق على نار تلك الفكرة ... أبي استعمل ذكائه لكن الأمر مستحيل ... 13 مقابلة ب 3 احتمالات ... 3 * 3 * 3 ... سيصل الامر الي أكثر من نصف مليون إحتمال ...
أحرقتني عينيا وأنا أتابع كل تلك الجداول المرسومة بدقة في الملف ... فهمت نظريته وكيف حاول تطويع الحظ بالمنطق ... لكن يا أبي الحظ والمنطق لا يتقابلان ... المنطق يسير بخطى علمية دقيقة والحظ أعمى في مسيرته ...
خنقني الحزن وأنا أتخيّل تحطم أمال كل مرة ... اللعنة على الحظ الذي حرمني من أبي ... الآن فهمت سبب نوبته القلبية المفاجأة ... حضنت صورته أواسيه نحسه الذي أورثني إياه ...
لا اعلم أنمت أم أغمي عليا كمدا ... نقر خفيف على الباب ... صوت أمي يصلني من خلف الباب ... صحوت من النوم ولم أصحو من الصدمة والغم ... رائحة فطائر شهية تدغدغ أنفي وأنا على مشارف المطبخ ....
غسلت وجهي ألف مرة علي أتخلص من أثر السهاد ... وقفت طويلا أمام المرآة ... أرى انعكاس صورتي في انكسار وجه أبي ... ضممت أصابعي وشددت قبضتي وأردت أن ألكم الحظ الذي حرمني منه وحرمه حلما مجنونا ...
أمي مستبشرة بخير هذا اليوم ... تلبس ملابس الخروج ... بنطلون جينز ازرق فاتح ... وقميص ابيض خفيف يتناسب مع حر بداية الصيف ... إفطار شهي وكرم مبالغ فيه نظير طاعتي لها ... قسمت مهمة إعداد ملف الترشح للالتحاق بأحد الاكادميات بيننا ...
أنا سأستخرج كل بيانات دراستي ونتائجي وهي ستقوم بالإمضاءات القانونية ... أنا في نظر القانون لا أزال قاصرا ... هي قوانين دولة لا تفهم منها شيئا ... في سن الثامنة عشر تستطيع اجتياز امتحان القيادة ... تفتح حسابا بنكيا ... تتزوج و تسافر للخارج دون إذن ... يمكنك البيع والشراء وتسجيل الممتلكات باسمك والتصرّف فيها ... تدفع الضرائب ... حتى السجن تدخله في سن الثامنة عشر ... الأدهى انك تدلي بصوتك في الانتخابات وتقرر مصير شعب وأنت في سن الثامنة عشر ...
لكن سن الرشد القانوني هو عشرون سنة ... التجنيد عشرون سنة والالتحاق بالوظيفة العمومية عشرون سنة ... وان سنحت لك الفرصة لذلك قبل بلوغها يتوجب عليك الحصول على إذن من ولي أمرك ... لا تستغرب صديقي فهي تونس ...
حمير تقود بلدا تصل جذورها في التاريخ إلي ما قبل نشأته ... لا تهتم فكلنا في الهم عرب
قبل خروجي من البيت ... حضنتني أمي ... سحبتني لصدرها طويلا ... ربما تسترجعني بعد أن ظنّت أني تهت منها ... رائحة عطرها الخفيف تملا انفي الذي عصر في صدرها ... بعد إطلاق سراحي لم تنظر في وجهي لم ترفع عينها من الأرض ... الأمر غير معتاد بالنسبة لي ...
رحلة شاقة زادتها أشعة الشمس الحامية مشقّة ... قمت بكل تلك الإجراءات الرتيبة دون رغبة ... فقط أردت الحصول على سلام مؤقت مع أمي ... كعادتي اختبأت في غرفتي ... يبدو إن الأمر قد حسم ... سأسير في درب رسمت خطاه لغيري ... وبيد غيري ...
طال تفكيري في لا شيء ... فقط تهت في تلك الفكرة المجنونة التي وصل إليها أبي ... آخر ما وصلت إليه هو إني فهمت المنهجية التي فكّر بها ... والتي سار عليها ... لكنه فشل ... هو الحظ ... كفرس جامح لا لجام له ...
أغمضت عيني لكن تلك الرموز في ملف " اللعبة " تتراقص في مخيلتي ... هززت راسي ألف مرة لكنها استعصمت أن تسكن ظلمة نظري ... رفضت بخجل مرافقة أمي لبيت خالتي ... رغم شوقي لوليمة تشبع جوعي ... لكن نفسي صارت تقرف لقمة الذل ...
لجأت لمحل رحيم ... مجرّد تذكّر اسم رحيم صار يبعث انتصابا وليدا بين فخذي ... ذكريات تلك السيدة طاغية الأنوثة ... الأمر مثير للسخرية ... لكني تلك اللحظات الوردية أسرت روحي ... المحل شبه خاوي إلا من بعض الشباب ... هذا يتحدّث مع فتاة أجنبية ... والآخر يلعب ... لا عمل لي أضيع فيه بعض الدقائق الثقيلة ...
رحت أنظّف الأرضية من أثار بعض الأقدام ... لفت انتباهي عملية يقوم بها رحيم ... هذا يدفع له أموالا والآخر يأخذ منه بعضها ... كنت اعتقد انها معاملات مالية تخصّ بعض الخدمات عن بعد ... مع تقدّم ساعات النهار... تكاثر طالبو تلك الخدمة ...
رغم أن الأمر استفز فضولي لكني لم أتجرأ على سؤال رحيم ... ربما سيتحرّج من أن يجيبني ... لكن المبالغ المتداولة أكبر أن تكون معلوم خدمة الكترونية كالمعتاد ...
مرّت الأيام الأخيرة من الشهر السادس بسلام ... أمي التي عادت إليها روحها باستسلامي الشبه مموه لقرارها ... طوال اليوم في متجر رحيم أساعده في ما أقدر عليه ... شخصيا بدأت احشر نفسي في فكرة الانضمام للاكادمية ... صدقت أمي فمن هو مثلي لا يملك رفاهية الإختيار ...
بدأت الفكرة تتخمر ببطئ في عقلي ... التضحية بخمس سنوات ثم سيتغيّر الوضع ... راتب محترم ووظيفة مرموقة ... الأهم أني سألبس حذاءا جديدا يناسب مقاسي ... حتى وإن كان البوط العسكري الثقيل ...
آخر يوم في الشهر ... هو يوم حافل بالنسبة لمحل رحيم ... تجديد اشتراكات النت ... فواتير الكترونية ... خدمات لا تحصى ... كنت أجلس بجانبه في مكتبه بالمحل ... من كثرة الزبائن صار يستعملني كعداد للاوراق النقدية التي يخفيها في خزنة صغيرة تحت مكتبه ...
تصادف دخول شاب في مثل سنه للمحل وعلى وجهه علامات السرور... طلب من رحيم سحب مبلغ 5 ألاف دينار من حسابه ... كلمات مبهمة من رحيم يبارك له انجازه ... " أخيرا أمسكتها " ...
مكّنت الرجل من المبلغ ... سعادته وهو يفك مطاط الرزمة من الأوراق النقدية وصل أثرها لروحي ... سحب ورقتين من فئة خمسين دينارا ووضعهما في يد رحيم ... قال إن " طباخ السم يذوقه " ... ثم وضع ورقة نقدية في يدي ... قال بسعادة وشموخ ... " حلال عليك ... ادعيلي الحظ يبتسم ثاني " ...
رعشة أصابت مفاصلي من اثر الصدمة ... أول مرة في التاريخ تكتشف أناملي ملمس تلك الخضراء الساحرة ... بعد إنصرافه لم أتمالك نفسي من التساؤل ...
الأمر غير مبرر ... لا أحد يلقي بالأموال هكذا ببساطة ... أخبرني رحيم أن هذا الشاب عانده الحظ كثيرا واليوم ابتسم له وربح ذلك المبلغ وتلك الأوراق هي حلاوة فوزه ... ربما استبشر بوجهي فأهداني أحدها ...
" رزق وجالك "
غرابة إحساس ملمس تلك الورقة في راحتي اختلط بالكلمات المبهمة من رحيم ... حظ ومكسب وحلاوة ؟؟؟ ... ما دخل رحيم بهذا ؟؟؟ ... تصادف دخول بعض الشباب لإيداع أموال في حسابات لم افهمها ... اختلست النظر لشاشة جهاز رحيم ... ذاكرتي حفظت اسم الموقع الذي زيّن الشاشة ...
قال رحيم انه وسيط فرع رهانات ... مقابل عمولة من عمليات السحب او الإيداع ... مكسب في الحالتين ... الوسطاء كثيرون والمواقع أكثر ... هكذا قال
لا اعلم لما رسمت صورة نظرة أبي المنكسرة أمام عيني طيلة الساعات المتبقية من النهار وبقية الليل ... خضعت للتحقيق في البيت عن مصدر تلك الأموال ... أنا فقط سلمت الورقة لامي علها تستعين بها على مصاريف البيت ... ففتحت على نفسي حنفية أسئلة لا تغلق ... لم تفلت أذني من بين أصابعها حتى تأكّدت شخصيا من رحيم من صدق كلامي ... ورغم ذلك لم تنهي تلك الحفلة من اللوم والتقريع إلا بوعدها أن لا اقبل أي أموال من أي شخص غير رحيم ... ولقاء خدمتي له لا غير ...
كنت امني النفس بابتسامة رقيقة منها جزاء لي ... لأوّل مرة في سنوات عمري أقدم لامي مبلغا اعتبرته مهما جدا ... فقط أردت أن ارسم بسمة على شفتيها فرسمت بقعة حمراء على أعلى أذني ....
اليوم الموالي صادف الفاتح من الشهر السابع ... رحيم تركني لوحدي لقضاء شؤون لا مناص منها ... جالسا وراء شاشة الكمبيوتر الكبيرة ... طال انتظاري لعودته وأصابني السأم .... أحرقني الفضول ... قبل أن أتم رقن اسم ذلك الموقع زينت صورته الشاشة ...
رسم لأوراق لعب ... بوكر ... رولات ... رهانات رياضية ... كرة قدم ... كرة سلة ... بحر واسع من الاختيارات ... صوت ضحكة رحيم المصطنعة ممزوجة بصوت آخر أرعبتني ... كمن فتح عليه الحمام وهو يقضي حاجته أقفلته برعب خشية أن تعبث يدي بشيء يسبب كارثة ...
هو نفس الرجل من يوم أمس ... مبتسما سعيدا يصعد صدره غبطة وسرورا ... انسحبت لأترك المكان لرحيم الذي فتح الشاشة ثم الخزنة وبدأ بوضع رزم النقود أمامه ... قبّلني ذلك الرجل ووضع بضع ورقات في يدي ... قال أني وجه السعد عليه ... ودعنا مسرعا ... أقسم أن خطاه لم تكن تلامس الأرض ... الآن فهمت معنى أن يطير الإنسان فرحا ...
مبلغ مائة دينار وضع في يدي ... نصفه قد تسبب في حملة على أذني يوم أمس ... رفض رحيم قبوله ... قال بتهكم ...
ياعم روح اشربلك عصير في مكان رايق ... اشتري مثلجات ... هي لازم أمك تعرف كل حاجة ...
قررت العمل بنصيحته ... أخفيت المبلغ بحذر في جيب بنطلوني الصغير ... وأخفيت الأمر عن أمي ... طوال الليل وأنا أقارن بين غبطة ذلك الرجل وتخيلاتي لكسرة روح وطموحاتي أبي قبل زمن ... لعنت الحظ ونمت ... حلمت أني عدت لبداية سنيني ... أبي يلاعبني ... يشتري لي الايسكريم ... الحلوى ... يرافقني في مدينة الألعاب ... ملابسي جديدة ... حذاء يناسب رجلي ... وضحكته لا تفارق وجهه ...
صحوت من حلمي على صوت خطوات أمي تستعد للمغادرة ... باكي العينين ضاحك الصدر ... حلم بسيط أرسل لي من لعالم الآخر كتعويض عن واقع لم أعشه ... غبطتي بحلمي دفعتني للعمل بنصيحة رحيم ... إخترت بعضا من ملابس أبي القديمة ... الأقرب من أن تناسب هذا الجو وهذا الزمن ... شكلي أنيق رغم كل شيء ... جسدي يلائمه اي شيء ... ربما لأني رأيت نفسي أشبه أبي ... تأبطت جهاز اللاب توب وخرجت
حديقة أحد المقاهي الفخمة تدعوني للدخول ... بخطى مرتبكة قادني نادل بشوش لركن جميل ... المقهى لم يزدحم بعد ... قررت أن ادلل نفسي لأول مرة ... إفطار صباحي متكامل ... حلويات فرنسية وتونسية وقهوة كبيرة وعصير وبيض مخفوق ومياه باردة وبعض السلطات ... بسيسة وزرير ... عسل وزبدة ... اللعنة على الفقر ...
تهت في فخامة ديكورات المقهى والأطقم الموضوعة أمامي تتأنق فيها تلك المأكولات ... الآن عرفت السر وراء إدمان الناس للصور مع هذه الوجبات ... هذه الوجبات جعلت للذكرى لا للأكل كل يوم
بعض الزبائن يحتلون أماكن غير بعيدة عني ... أجهزت على تلك الوليمة وكنت أهم بالانصراف ... رفعت عيني ورايتها ... نعم هي دون شك ... تلبس بنطلون جينز رمادي يبرز تكوّر مؤخرتها ... لإن حرمني من بياض رجليها لكن فتحت التيشرت الأسود أهدت للناظرين متعة التجوّل في مفرق صدرها النافر...
تبعتها نظراتي حتى استقرّت في مقعد غير بعيد عني ... قررت البقاء حتى حين ... ربما فقط القي عليها السلام ... ستكفيني ابتسامة رقيقة منها ... وان أسعفني حظي ستلامس أصابعي اناملها الرقيقة ثانية ...
نظرة جانبية خلسة لعينيها اللامعتين ... وجه ابيض ناصع كصبيحة يوم مبارك ... شعر اسود قاني تتوه في أمواج ليله بأحلام وردية كوجنتيها ... حرّكت قطع السكر في فنجان قهوتها بحركة خفيفة تطارد معها خيط بخار متصاعد منه ...
قبّلت مبسم سيجارتها قبل أن تلهب صدري بنفس دخان أحرق كل جدران الشوق إليها ... كنت لا زلت اعبث ببقايا الأطباق حين تقدّم مني النادل يسحبها من أمامي متسائلا إن كان لي طلب آخر ... قررت شرب قهوة سوداء لأول مرة ... ربما ستلاحظ أني كبير بما يكفي لشرب القهوة مثلها ...
كجهاز ردار أراقب حركتها علّها تلتفت نحوي ... كنت أتمرن على الابتسامة خوفا أن يهزمني خجلي ... ما إن وضع النادل فنجان القهوة أمامي ... حتى تقدّم منها رجل أنيق ... قبل أن يلامس أصابعها قامت وعانقته عناقا حارا ... أنا فقط أردت ابتسامة فجاء هذا الشيء وخطف حضنا لم أحلم حتى به ...
انكسر قلبي وعدت لواقعي ... هي لا تعرفني أصلا ... ربما نسيت من أكون ... أين سرحت بيا مشاعري ؟؟؟ ... الفرق شاسع بين الكل ... رحت أقارن بيني وبين رفيقها ... شعره الرمادي الناعم ... ملابسه الشبابية الفاخرة لا تتعارض مع تناسق جسمه ... أين أنا منه ؟؟؟ ... ربما سأصبح مثله عندما أصبح في مثل سنه ...
إن كان سبب بقائي هو انتظارها أن تراني فالآن تغيّر الحال ... يجب أن لا تراني ... سحبت جهاز اللاب توب عله يشكّل ساترا لي ... تقدّم مني النادل ووضع ورقة عليها كود الوايفاي ... فرصة لتخفيف ثقل دقائق الانتظار ... دخلت النت ... أنا لست مغرما به ... لا تستهويني مواقعه ...
بعض صور الطبيعة ثم سئمت بسرعة ... تذكّرت موقع رحيم ... دخلت دون خشية ... بدأت أتابع باهتمام مكوناته ... الفرضيات المطروحة ... كيف تسجّل وكيف تلعب ... كيف تربح وكيف تخسر ... الموضوع كغيره فقط توقّع النتيجة ... هذا العالم الذي هزم أبي يوما ...
فتحت الملف الذي ورثته عن أبي ... اللعبة ... تابعت خطوات والدي بعين مختلفة ... عين من فهم العملية ... خرجت باستنتاج ... أبي لم يسعفه العمر أن تخترع هذه المواقع في سنين حياته ... قديما كانت المراهنة على مقابلات محددة ... توقعاتها بسيطة .. ما النتيجة ... ربح ام هزيمة او تعادل ...
هنا الامر مختلف ... انت تختار المتنافسين ... الف اختيار تراهن عليه ... أهداف .. نتيجة ... ركنيات ... ألف لعبة في كل الرياضات ... فقط الفرق هنا انك تحدد المبلغ الذي تريد أن تكسبه ...
يمكنك المراهنة على مقابلة واحدة إن أردت ... المكسب يكون حسب ضارب يحدده الموقع ... وكلما أضفت إختيارا آخر .. يتضاعف ضارب الأول في ضارب الثاني في المبلغ الذي ستراهن به ... وهكذا
سحبني هذا العالم حتى غصت فيه ... شخص مثلي لن تستعصي عليه هذه المعلومات أن يسبر أغوارها بسرعة ... قارنت بين فكرة أبي والاختيارات المطروحة أمامي ... تجارب بيضاء للعملية ... الأرقام المتوقع ربحها تزوغ معها العيون ... تنهيدة حارقة خرجت من صدري ... لو كان أبي حيا لما استطاع أحد عد أمواله الآن ....
رفعت عيني متأسفا عليه ... تلك الطاولة احتلتها عائلة كبيرة تتناول إفطارها ... السيدة ومرافقها غادرا منذ مدة تبدو طويلة ... أين كنت ... أين سحبني هذا العالم ... قبل أن استوعب ما حدث أحسست أن يدا ثقيلة تهز كتفي ... صوت أبي الذي لا أذكره يهزني بشدّة ...
" إن كان العمر لم يسعفني أنا ... فالعمر كله أمامك ... غامر لا تخشى شيئا "
هربت من المقهى ... طوال الطريق وذلك الصوت يدوي في مخيلتي ... لجأت لحضن أمي كرضيع مرتعش ... أمي لم تفهم ما أصابني ... فقط حضنتني بعنف ...
سريري تحوّل لحقل شوك ... سهاد ما بعده سهاد ... شيء خفي يدفعني للتفكير ... ليس التفكير فقط ... سرك من الخيالات ... مزيج من المشاعر بين الرغبة والإثارة والانفعال والخوف والطموح والحلم ...
كلما أغمضت عيني تتراقص تلك الاحتمالات أمامي ... متاهة لم أجد منها مخرجا ... هل اجرّب ... فقط سأضع الخريطة المؤدية لمفتاح الكنز ... فتحت جهاز اللاب توب ...
أنشأت ملفا جديدا " اللعبة 2 " ...
الجزء الثالث
على نفس خطى منهجية والدي ... الفرضيات في الفرضيات ... جداول ومربعات ... استنفرت كل حواسي وقدراتي لرسم ذلك المخطط ... طبّقت الإحتملات على عمليات بيضاء متكررة ... الموضوع ينجح ... أكرره ... فينجح
لا يمكن ان تفلت أي نتيجة مهما كانت من شبكتي المعقدة ... الأمر لم يتطلّب سوى سويعات قليلة ... صرخت كأرخميدس ... وجدتها .. وجدتها .... مزهوا بانجازي ... فخورا بعبقريتي
وانطلق سرك من الأحلام يتراقص أمام عيني ... سيارة فاخرة من أغلى طراز ... ملابس راقية ... فيلا كبيرة بمسبح ... سأزور كل دول العالم ... مهرجان أغاني راقصة انطلق في راسي ... الليل لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد ... عددت المبلغ المتبقي في جيبي يكفي ... لتغطية بضع عمليات ...
لا يهم فهو سيتضاعف بصفة آلية ... خريطة مستقبل مشرق لا اتعب فيه ولا أشقى ... فقط أجني الأرباح ... استثمار في الذكاء ... بدأت أضع خططا دقيقة لتبرير ثروتي أمام أمي ... مهما يكن لا بد من أن أعوض عنها سنين شقائها ... هي تستحق ذلك ...
خطط بسيطة كتفكيري ... أول نقطة انطلاق في خطتي هي وجوب أن أتحاشى رحيم ... هو سيخبر أمي بكل شيء بالطبع والاهم انه سيكتشف طريقتي ويقلّدها ... قال إن فروع ووسطاء مواقع الرهانات كثيرون ... سأبحث عنهم ...
مع بزوغ أول سهام الضوء تخترق ظلمة الليل ... فجر يوم جديد في حياة جديدة ... مفعم بالحيوية رغم عدم نومي ... سكون البيت يؤكّد أن أمي لا تزال نائمة ... حضّرت ملابسي ... تأكدت من الأوراق النقدية وأخفيتها جيّدا في جيبي... رأس مالي البسيط ...
دخلت الحمام بحذر ... ملأت البانيو ببطء ... وغطست فيه أتخلص من كل الفقر التاريخي الذي التصق بي ... الماء البارد زاد في نشاطي ... وقفت أمام مرآة الحمام الكبيرة عاري ... قلبت شعري للخلف ... شعري الناعم بلونه البني المائل للأشقر ... تمليت في انعكاس صورتي ... ورحت أتخيّل نفسي ... في عالمي الجديد الذي وجدت مفتاح النعمة فيه أخيرا ... طال مكوثي أمام المرآة ... صوت رنين الهاتف يتلوه وقع خطوات سريعة على الدرج ثم قرقعة الباب الخارجي تصم الآذان ...
صوت أمي وخالتي يكسر السكون في الخارج ... قرع عنيف على باب الحمام تستعجلان خروجي ... كالعادة لا شيء يسترني سوى تلك الفوطة البالية ... التحفت بها وخرجت عاري الصدر ... أمي تلكزني بمرفقها في جنبي بعنف خفيف إحتجاجا على تعطيلي لها ... وخالتي خلفها تستقبلني فاتحة يديها لاحتضاني ...
لا اعلم السر في ذلك لكن رغم ان جسمي نما وصرت أطول منها لكنها تتعمّد أن تغرس رأسي في صدرها كل ما حضنتني ...ربما هو إحتجاج على مفعول الطبيعة ..تريدني أن تثبت لنفسها قصرا أني لا زلت صغيرا ... ربما ...
رائحة عطر خالتي الغالي يداعب أنفاسي المتطلعة للحرية من مخنقها ... ملمس مفرق صدرها الناعم يدغدغ مسامي خدي الندي ... طال عناقها لي على غير العادة ... انسحبت من بين ذراعيها بهدوء ... أردت تقبيل وجنتيها كالعادة... عيناها لم ترتفع من الأرض كأنها تبحث عن شيء أضاعته ...
لثواني وهي تركز في الأسفل ... ثم كمن استيقظ من غفلته ... نظرت في عيني مباشرة ... حدقتاها تتساعن لترسما دهشة وشفتاها تصوران شعورا خفيا بالرضا ...
التحقت بغرفتي ألتمس فيها الستر... لبست ثيابي والتحقت بهما في الأسفل أمي تسرّح شعرها أما مرآة قرب باب المنزل ... نفس البنطلون ونفس القميص ونفس التسريحة ... فقط انعكاس وجهها الجميل يغمرني بابتسامة حب من عينيها ... تناولت معهما الإفطار الذي أعدته خالتي بسخاء ... لم أفهم فحوى حديثهما ... الموضوع يتعلّق بزيارة محامي ... أمي وخالتي أعلنتا الحرب على خالي بسبب الميراث منذ زمن ...
أمي فقط تساند أختها ... خالي وخالتي أغنياء لا يحتاجان ميراث والدهما البسيط في شيء ... فقط هو العند بينهما وأمي وقفت في صف أختها ... كنت استعجل مرور ساعات الزمن حتى أنطلق لحياتي الجديدة ... المكاسب الكبيرة ... الأموال وما تصنعه بصاحبها ...
إنطلقت هائما في شوارع مدينتنا ... بحثا عن فرع إحدى شركات الرهانات .... وجدت الكثير من علامات الإشهار على بوابات محلات عديدة ... محلات إنترنت عمومي ... مقاهي ... أكشاك سجائر ... لكن كلها مغلقة ... من سيقامر في الساعات الأولى للنهار ...
إستوقفتني إحدى العلامات على محل حلاقة للرجال ... ولو أن الموضوع غير عادي لكن لا يهم ... دخلت فاستقبلني رجل في بداية الأربعينات ... بشوش مستبشر بقدوم زبونه الأول ... أخبرته عن طلبي فلبى ذلك بسرعة وبساطة ... بضع نقرات على هاتفه ... أخذ مني مبلغ 50 دينار للحساب وخمسة له عمولة ... هكذا هو قانون هذي العمليات ... وضع في يدي ورقة عليها اسم عجيب للحساب ورقم سري لفتحه ...
كمن حقق نصرا في حرب خرجت مرفوع الرأس ... أصبح عندي حساب وفيه أموال ... المشكلة الآن أني لا أمتلك منفذا للانترنت ... لجأت لأحد المقاهي ووضعت اللاب توب أمامي ... الساعة العاشرة صباحا ... مقابلات كرة قدم في الصين ستفي بالغرض ...
فتحت ملف خريطتي السحرية للثروة ... وبدأت أتبع الخطوات ... أتممت عمليتي بتركيز شديد وانتظرت النتيجة ... هنا تحطّمت أحلامي ... راهنت بمبلغ جملي قدره 27 دينار لأكسب في أقصى الحالات 26 ؟؟؟
لم أستوعب ما يحدث ... ثم بتحليل بسيط إكتشفت أن من صنع تلك المواقع فكّر في ما فكّرت فيه قبل إنشائها أصلا ... ضارب المقابلات بثلاث إحتمالات لا تتجاوز الثلاثة أبدا .. وذات الاحتمالين لا تتجاوز ضارب إثنين ...
كمن صدمه تيار كهربائي تجمّدت أحاسيسي ... انتظرت نهاية المقابلات كالصنم ... نعم لقد صدقت إحدى إحتمالاتي وهو المتوقع ... لكني لم اكسب شيئا ... سوى سهاد الليلة وحرق الدماغ في التفكير ... والكثير من الخيبة
إنسحبت من المقهى أجر أذيال الانكسار ورائي ... كلما تذكّرت أحلامي التي قبرت إلا وإنتفض صدري بتنهيدة تحرق رماد أحلامي التي وئدت قبل أن تبصر النور ...
سخرت من نفسي كثيرا ... لست أذكى البشر والدليل أن من برمج تلك المواقع تفادى تلك الثغرة قبل أن يبدأ في العمل بها .... عدت للبيت خاوي القلب والفكر ... لجأت لغرفتي أصارع نوما أبى أن يرحمني ... صوت عقلي يسخر مني مدويا ... رانج روفر ؟؟؟ ... سفر ورحلات ..ثم يعقبه دوي ضحكات سخرية قوية ...
أحسست أن مفاصلي ترتعش ... جسدي يتعرّق ... لساني تخشّب وحلقي يجف ... كأني أقع في هاوية ... أردت الصراخ طلبا للنجدة فلم يخرج مني صدى ... أردت النهوض فلم أقدر ... ثم أظلمت الدنيا في عيني ...
طنين خفيف مسترسل بنغمة رتيبة متوازنة يصلني ... ألم وخز في ذراعي اليسرى ... أردت فتح عيني فلم استطع ورحت في النوم ثانية ....
فانوس ابيض طويل معلّق على السقف ... رأيت الرعب في دموع أمي التي تتمسك بذراع خالتي من خلف بلور شباك كبير ... أردت النهوض فلم اقدر ... ونمت ثانية ...
ثلاث أيام على تلك الحالة ... فهمت بعدها أني أصبت بنوبة عصبية وإنهيار نسبة السكري في الدم ... وسط ألف سؤال من أمي عن السبب ... لم اقدر على الإجابة ... لو علمت آمي أني اسبر على خطى أبي ستلحقه ... أنا كنت سألحقه ...
مع عودتي للبيت ..أمي تحصّلت على إجازة من عملها وخالتي رابطت عندنا في البيت وأنا نمت في غرفة النوم ... سرير كبير مريح ... صورة كبيرة لامي تحضن والدي تزيّن الحائط ... مع كل حركة منهما تبديان الاهتمام بي كان قلبي ينفطر حزنا ... ندم شديد على صنيعي ... وأشده الندم على مشاعر الكره تجاه خالتي ...
أسبوع على هذه الحالة مع سخاء في الاكل والراحة استرجعت أنفاسي وبعض شظايا نفسي ... اللحم والسمك والبيض أعادا لي بياض وجهي الشاحب ... أمي تنام على الكنبة في الصالون ... وخالتي تنام في غرفتي ... على أطراف أصابعي تسللت للحمام فرائحة عرق تغشى منها الأبصار تسبقني ... المغطس البارد يعاند الماء فيه حوافه تحضيرا لابتلاعي ....
غسلت عرقي ونتيجة تجربتي الفاشلة ... صوت الماء أيقظ الجميع ... وجهان مستبشران يطلان من وراء الباب ... كفرقة مقاومة الإجرام اقتحمتا عليا الحمام ... غطست حتى أخفي عري خجلا منهما ... كلمات بسيطة مني تطمئنهما أني بخير ... لا شيء يدعو للقلق ...
اشراقة وجه أمي أضائت المكان ثم انسحبتا لإعداد فطور ملكي على شرف سلامتي .... لم أتمتع بعد بثواني من الخلوة .. حتى فتح الباب ثانية ... خالتي التي شمّرت قميصها ليكشف نصف بطنها تمسك بيدها قطعة قماش وزجاجة صابون تبدو جديدة ...
لم تعطني فرصة للاحتجاج على اقتحامها خلوتي ... أمر صارم منها بالجلوس على حافة الحوض ...
" ما أنا ياما حميتك وإنت صغيّر "
كأسير ينتظر دوره أن يباع في سوق الرقيق جلست ملصقا فخذي ببعضهما البعض اخفي منبت قضيبي الذي غزاه الشعر ... حركة دؤوبة من يدي خالتي التي إمتلأت برغوة الصابون تدلك عضلات ظهري ... ضغط شديد من أصابعها على كتفي أشعرني بالألم ... قالت انه يساعد على تخفيف التوتر ...
عبثا حاولت إقناعها أني بخير واستطيع الاستحمام بنفسي ... بدأت تراودني بصوتها الناعم أن اعترف بسبب مرضي ... أحسست بلهفتها عليا وعلى صحتي ووخزني ضميري من سابق شعوري بالمقت تجاهها ... أفلت من قبضتها وغطست في الحوض يغطيني الماء حتى رقبتي ...
الكذب كحبات عقد ... كل ما سحبت حبّة تلحقها الأخرى ... إستذكرت تلك السيدة ... الأنوثة الطاغية ومشاعر الانكسار لما رئتها في المقهى مع رفيقها ... فاقتبست تلك الحكاية والفت منها خرافة لا أساس لها من الصحة ... إن أردت إقناع أحد بكذب عليك تغليف كلامك ببعض الحقائق لاثراء روايتك ...
حقيقة الانجذاب والإعجاب والإحساس بالقهر والغيرة ممزوجة ببعض الأحداث التي لم تحدث أخرجت رواية حب حزينة متكاملة الأركان من صدري ... اعتقد أن خالتي صدّقتني
رغم أني توقعت صدمة وردة فعل عنيفة منها الا أنها جلست على حافة المغطس وبدأت تداعب شعري المبلل بأناملها قصد التخفيف عني ... تلك المداعبة التي تسري في مسام الجلد فتشعر أن روحك تحلّق في سحب الفردوس ... وبدأت اسرد ما حدث ثانية مجيب على كل تساؤل يطرح عليا ... استرجاعي لحدث المقابلة الأولى أيقظ تلك الرغبة التي اشتعلت بين فخذي كأوّل مرة ...
كلما استرسلت في الكلام انتظمت حركات أصابع خالتي بين خصلات شعري الناعم ... كحركات منوم مغنطيسي خبير كانت تحسبني للاعتراف الشبه كاذب أكثر فأكثر .... انتهت الحكاية التي صنعا مخيلتي أحداثها ... كنت انتظر ردا من خالتي ... أي رد فعل لكنها كانت صامتة ... وضعية جلوسها بجانبي وخجلي وانسجامي مع حالة التقمّص التي استلهمتها لم تكن تسمح لي برؤية وجهها ...
كانت تائهة أكثر مني وعيناها تغوصان وسط الماء ... سطح الماء الساكن مع طول سكون حركتي يشقه نتوء من النصف العلوي لرأس قضيبي الذي تحدى برودة الماء وعاد للحياة مع حرارة تلك الذكريات ....
لم تستجب عضلات جسمي الشبه مخدّرة بعد حتى فتح علينا باب الحمام و رأس أمي يطل منه بعلمنا أن الإفطار جاهز ... دخولها أفاق خالتي من شبه غفوتها ثم خرجت مسرعة دون نظرة واحدة نحوي ...
الطاولة تعج بما توفّر من خيرات في ثلاجتنا الشبه خاوية دوما ... فقط صوت أمي يدوي في المكان ضاحكا مستبشرا ... عينا خالتي كانت تتحاشى النظر لي ... قضمت أصابعي ندما على ما حدث غصبا ... أنا أصلا اشعر بالخجل منها لذنب هي لا تعرفه .. الم يكفي ثقل ذلك على قلبي حتى أشوه صورة ابن أختها الذي تحبه بان اجعله عاشقا لسيدة في مثل سن أمه .. وسن خالته ...
لكني لم أجد مخرجا من مأزقي غير ذلك ... وماذا جنيت ... إن أفشت خالتي السر الشبه مكذوب لامي فتلك الطامة الكبرى ... وإن لم تفعل فهي لن تهدا حتى تعرف ما الذي أدى إلي ما حصل لي ...
محاولا زرع الثقة في نفسي بابتسامة حمقاء رسمتها على وجهي ... كنت مركزا نظري على خالتي التي تغرس عينها في الأطباق هربا من صورتي التي شوهتها بحكايتي ... فقط أردت الاطمئنان أنها لن تخبر أمي ...
ما إن نظرت مباشرة نحوي حتى غمزتها مبتسما ... ابتسامة مفادها أننا على عهدنا ... رعشة أصابت يديها جعلت شوكة الأكل تنفلت منها ...
بما أن حالتي الصحية تحسّنت فلم يعد هناك من سبب وجيه لبقائها في بيتنا المتواضع ... قبل مغادرتها أردت فقط التأكيد عليها للمحافظة على السر ... تمشيت ورائهما نحو الباب ... فتحت لها حقيبة سيارتها ووضعت فيها حقيبتها الصغيرة ...
توقّف قلبي وأمي توشوش لخالتي كلمات في أذنها ... تلتها نظرة من كلتيهما نحوي لأصاب بالصمم فجأة ... عند وداعها إقتربت منها لتقبيلها ... فطبعت قبلة بطرف شفتها بين انفي وعيني وشفتي ... هي نفس القبلة ونفس مفعولها ...
لم افهم ما سبب ذلك لكني لم أنتبه ...
قرار صارم من أمي ألا أترك البيت هذه الأيام ... الإختبار الطبي واللجنة في الاكادمية العسكرية بعد أيام ... قالت أنها حماية لي من أي طارئ أن يطرأ ...
استسلمت لقرار السجن دون القدرة على الاحتجاج ... أصلا نفسي لم تعد تطيق الاحتجاج ... كورقة خريف تعبث بي نسمات الهواء عدت مستسلما لأمي ... اغتنمت تلك الأيام للقيام ببعض الأعمال المفيدة ... هي أعمال تافهة في حديقتنا الصغيرة ...
التخلّص من الأعشاب ... تهذيب بعض الشجيرات ... سد بعض الشقوق في حائط السور ألا تسكنه بعض الحشرات ... أشغال شغلتني ليومين ... أمي التي تمتعت بالراحة الجسدية والنفسية بعد الإنهاك الذي سببته لها ... ومع ارتفاع درجة الجرارة في صيفنا القاتل هذا ... خيّرت ملازمة البيت ومتابعة حركاتي من وراء النافذة ...
في بعض الأحيان تشجعني بكوب شاي أو عصير ليمون وقطعة بسكويت ... ورغم تعرقي وتوسخ ملابسي إلا أنها كانت تصر على عناقي ... ذلك العناق الذي لم تستوعب فيه لا هي ولا أختها أني صرت أطول منهما ... تحشرني في صدرها وتمرر يديها على ظهري ...
كنت أتخلّص من كيس جمعت فيه بعض القش والأوراق الميتة في مكب نفايات آخر الشارع ... أرعبني صوت منبه سيارة تلاه صوت ضحكة خالتي التي لا تخطئها أذني ... دعتني للركوب معاها لكني اعتذرت بسبب حالتي الرثة ... تحدتني للسباق من يصل البيت أولا ...
ككلب يطارد سيارة صاحبه كنت اركض خلفها وهي تضحك ... استقبلت أمي ضحكنا معانقة أختها ... لاهثا من أثر الركض حملت أكياس كثيرة وحقيبتان أثقلتا يدي ...
حسام ووالده سافرا لقضاء عطلة الصيف عند عمّه في أوروبا ... الخبر مزعج بالنسبة لي لكني لم انزعج ... لم اشعر بالغيرة نحوه كعادتي ... هي الحياة هكذا كل وما علق في شبكة رزقه ... أعتقد أن صدمة مرضي القصيرة أكسبتني بعض النضج في التفكير ...
خالتي وأمي تستعدان ليوم الغد اليوم الموعود ... لجنة القبول ... رغم طمأنة زوج خالتي للكل إن الأمر قد قضي ... لكن حالة من التوتر تسود الجو ... الكل متوتر ما عداي ... حالة الاستسلام و خيبة أملي في لعبة أبي جعلتني ادخل في حالة من الفتور النفسي ... إن لم أكن أنا سعيدا فلن أعكّر صفو أحد ...
أمر صارم من أمي بالاستحمام صحبه أمر مبطّن خفي بالتخلّص من الشعر الزائد في جسدي ...لم افهم السبب لكن خالتي أرسلت إشارة خجلة انه من ضروريات الكشف الطبي ...
كيس قماشي صغير مشبّك فيه أمواس حلاقة فخمة وصابون وكريم تنعيم وضعته خالتي في يدي ... ذبذبات كهرومغناطسية وهي تقرّب شفتيها من أذني وتقول
" حاسب لا تعوّر نفسك "
دفعني خجلي من بداية إنتصاب غير مبرر للهروب داخل الحمام ... القيام بمهمة دقيقة كتلك لأول مرة دفعني للتركيز ... شعيرات خفيفة تحت إبطي لم تعاند كثيرا حتى استسلمت للجز تحت وطأة الموس الجديد ... الجهد الذي تطلبته عملية التخلّص من شعر ما بين فخذي جعلني أفكّر في الثورة على الفكرة كلّها ... إن كان التحضير لامتحان القبول هكذا فكيف بالتدريبات والحياة هناك ... اللعنة على هذا العذاب
عملية التنعيم والتخلّص من شعيرات أبت واستعصمت أن تلتصق بجلدي استوجب عملية مسك و تحريك كثيرة لقضيبي الذي زاد تضاعف انتصابه ... واقفا أما المرآة الكبيرة في الحمام فخورا بشكلي الجديد ... التخلّص من شعر العانة زاد في حجم قضيبي أو هكذا تخيّلت ...
صوت نقر خفيف على الباب ... خالتي تطلب مني فتحه ... إحتجاجا مني على أني عاري تماما مددت يدي لالتقط بوكسرا جديدا مدته لي ... لأول مرة في سألبس ملابس داخلية جديدة ... قماشه الرمادي يمسك على منبت عضلات فخذي و حزام عليه اسم رجل بالانجليزية يزين وسطي وما بينهما ارتسم قضيبي كثعبان يختفي تحت أوراق شجرة ...
إصرار خالتي على خروجي لا مناص من الانصياع له ... وضعت المنشفة على كتفي تتدلى حتى وسطي ... نصفي الأعلى مستور والاسفل لا يغطيه سوى البوكسر ... رأس أمي يطلّ من وراء مصرف المطبخ ويصلني معها رائحة وصوت نقانق تونسية أصيلة تصرخ في المقلات ... نسميها المرقاز "
خالتي تمسك بيدي لتسحبني لكنبة الصالون ... بنطلون جديد اسود اللون وجوارب سوداء .. قميص قماشي يلمع لونه الأبيض تحت ضوء الفانوس وعلبة لحذاء تنتظر أن تكشف عن محتواها ...
أصرّت على تنشيف ظهري وصدري بيديها خشية أن تفلت قطرة ماء تفسد بياض القماش ... لا أدرى لما طال فركها لجسدي ... تخيّلته حرصا منها ... طلبت مني الوقوف ... وجهي ناحية أمي في المطبخ وظهر خالتي لها ... حركات حريصة من خالتي على الحفاظ على القميص خشية تجعّد يصيبه...
... طلبت مني أن ارفع راسي للأعلى .... مع كل حركة تنازلية من أناملها تغلق أزراره تلامس أظافرها اللينة صدري ... وصلت لبطني المسطحة ثم ثقلت حركتها وتباطأت ... كان نظري معلّق في السقف حسب أوامرها ... استغرق إغلاقها للزرين الأخيرين وقتا أكثر من الأربع الذين سبقوهما ... مع بداية الم في رقبتي خالفت أمرها ...
نظرت للأسفل ... خالتي تجلس على ركبة وتثني الأخرى ... تهت في مفرق صدرها الأبيض المطل من فتحة قميصها الأزرق ... كتناسق بياض رمال شواطئ بحرنا مع زرقة أمواجه ...
أصابعها تتحرك ببطئ كأنها لا تريد أن تنتهي ... وعيناها لا تفارقان التمثال الذي نحته انتصاب قضيبي تحت قماش البوكسر ... نظرة فاحصة طويلة من عينيها اللتان لا يفصلهما عن أسفل بطني سوى نصف شبر .... صوت طبق كبير وضع فوق الطاولة تلاه سؤال أمي
عشاء لذيذ ودسم لم تعهده بطني ... أمي التحقت بغرفتها وهي تؤكّد عليا بالنوم باكرا ... سنصحو عند الفجر ... وخالتي توسدّت مخدة على أريكة الصالون ...
غير متعوّد على حلاقة شعر أسفل بطني أمسكتني حكة عنيفة حرمت عيني النوم ... الحكة المتواصلة أرغمتني على النزول للحمام بحثا عن علبة الكريم المرطّب ... على أطراف أصابعي محاذرا إحداث أي ضجيج من شانه إزعاج خالتي التي تكوّرت في الأريكة ملتحفة غطاءا خفيف تستنجد به من لدغات البعوض الذي استنفر هذه الليلة ...
تلامس أصابعي المغمسة بالسائل اللزج مع منبت قضيبي ... منحني شعورا بالراحة ودفع الدم في شرايينه لينطلق متطلعا للأعلى ... كلما دعكت مكان الحلاقة زادت رغبتي في المواصلة... نعومة الكريم ورائحته الزكية مع ملمس جلدي الناعم زادت في لمعان مسامه تحت أشعة الفانوس الخفيفة ...
جلبة خفيفة مصدرها المطبخ دفعتني لستر نفسي بالبوكسر والخروج بحذر ... عاري الصدر وحافي القدمين ... إطلالة جسد خالتي التي أفزعها صوت فتح باب الحمام تقف وراء مصرف المطبخ الرخامي ممسكة كأس ملأته بالمشروبات الغازية ....
هو مفعول أكل النقانق التونسية أو المرقاز ليلا بالتأكيد ... اللحم والملح والبهارات تشعل نار العطش في البطن مع لهيب هذه الأيام ... لن تجد مفرا من شرب كل ما هو متوفّر لديك ... ظلّ شعر خالتي المنكوش يتراقص على جليز الصالون يصلني قبل أن يصلني صوتها
النور الخافت يلمع في عينيها ... خالتي تشبه أمي لدرجة لا تصدّق ... وكلتاهما تشبهان الفنانة داليا البحيري ... غير أن طولهما اقصر منها بقليل ... وإختلاف بسيط في لون العينين ... أمي عيناها تميل قليل للزرقة وخالتي تميل للرمادي ... لا تستغرب فنحن هكذا ... غير ذلك فهما نسختان متطابقتان ...
إستندت على رخام حوض الغسيل في المطبخ محاولا التمتع بالمشروب البارد بينما عينا خالتي انغرستا في كأسها ... شعور مضطرب الم بي ... خالتي التي كانت سندا لامي طول سنين عمري والتي لم تبخل عليا بأي شيء ... هي لم تفعل شيئا سوى أنها تهاديني بثياب ابنها القديمة ... لهفتها عليا وخوفها ووقوفها بجانب أمي دوما وخصوصا عندما أكرمتني بثيابي الجديدة مساء اليوم جعلني أشعر بالإمتنان وتأنيب الضمير نحوها .... ذلك الشعور بالامتنان تزامنا مع كمية الحنان التي أغدقتها عليا فجأة ... جعلني اسعد بالبقاء بجانبها
ربما جرعة الحنان التي افتقدتها من أم فرضت عليها الظروف تلك القسوة والشدة ... حنان يحتاجه كل من هو في مثل سني وظروفي ...
تهت في تفكيري لدقائق طويلة من الصمت ... صمت قطعه صوت خالتي الهادئ ... كأنها تستجمع موضوعا تريد طرحه عليا ...
هنا وقفت الطريق بالهارب ... سؤال في شكل مأزق يصعب الخروج منه ... على غير عادتي وجدت طريقا للكذب ثانية باعتماد بعض الحقائق ... بما اني سحبت حبة عقد الكذب الأولى كان وجوبا عليا أن استرسل ... مستخدما مخزونا من القهر وحقدي على ظروفي ... بدأ صدري يهتز مع كل حجة عن استحالة أن تنظر لي إحداهن بسبب مظهري الرث وحلة فقري ... لا أستطيع المنافسة على إحداهن ...
استحضار ذلك الشعور النابع من قهر حقيقي أنتج زفرات وحشرجة أشبه بالنحيب ... أحسست بالنصر والنجاة وأنا أرى خالتي تفتح ذراعيها تدعوني لحضن تواسيني به .... إقتربت منها وكعاتها سحبتني لصدرها تحشر رأسي به ... وضعية جلوسها على حافة المصرف الرخامي مع وضع رجليها جعلت راسي يتوسد مفرق صدرها وركبتها المثنية تلامس طرف رأس قضيبي الذي لم يتخلّص من انتصابه بسبب الدعك بالكريمات ...
تزامنت حركة أناملها الرقيقة على شعري الناعم مع حركة خفيفة من ركبتها على رأس قضيبي الذي لا يمكن أن لا تكون أحست به ... رعشة من لم يتعوّد ممزوجة بخجل ورعب وارتباك إنتهت بانطلاق دموع لا أعلم سببها ... هل هي حالة التقمّص التي كنت فيها أم هو إنفعال طبيعي لتلامس محرم لم أتعمده أم خوف من ردة فعل قد تحطّم علاقة امتنان وليدة بعد نكران طويل ...
دموعي الحارة سالت على مفرق صدر خالتي ... تفاعلها مع حالتي جعل نبض قلبها يتسارع تحت خدي ... لهيب العاطفة المتأججة جعلها تريد سحبي أكثر نحوها ... ركبتها تمنع التصاق جسدي الفتي بجسدها الحنون الخبير ...
دفعتني بركبتها من بطني للخلف وهي لا تزال تحيط راسي بذراعيها وفتحت رجليها لتسحبني بينهما لها ... ذراعان يحيطان برقبتي ساحبين راسي لصدرها ورجل تضغط على مؤخرتي ليلتصق وسطي بما بين فخذيها ...
حرارة تلك المودة الغريبة استعرت بتلامس قماش البوكسر بقماش ناعم بين فخذيها ... نعومته فرضت عليا الحركة غصبا عني ... قضيبي يتجوّل محبوسا في البوكسر بين فخذيها دون قصد مني أو منها ... توقعت ارتباك أو رفضا أو صدا لكن مشاعر التعاطف معي هزمتها فطال عناقها لي وازدادت دموعي ...
توقفت عقارب الزمن عن الدوران وأنا بين أحضانها ... لا اعلم كم لبثنا وأصابعها تتجول في خلفية راسي وأعلى رقبتي مانعة عني التفكير وردة الفعل ... شعرت بارتفاع رائحة جلدها وشممت ريح جسدها الناعم لأول مرة هكذا ... ثم أمسكت راسي ورفعته ناحية وجهها ... صارت المسافة بين عينينا اقل من إصبع ... تهت في لونهما قليلا ... رعشة خفيفة من شفتيها ... ثم كم إستيقظ من كابوس مرعب ...
دفعتني برفق وهي تهرب بنظرها نحو ساعة قديمة معلّقة على جدار الصالون ... الساعة تشير للثالثة صباحا ... الزمن يتطاير عندما يهتم بك أحدهم ... بصوت تخنقه حشرجة قالت أن الوقت تأخّر كثير وأمامنا يوم طويل غدا ....
انسحبت كالمصعوق من أمامها أداري قطرات داكنة ابتدأت تتوسع في قماش البوكسر ... ما إن خطوت نصف درجة في اتجاه الأعلى حتى سبقني صوت الفجر ممتزجا بصوت هاتف أمي ونصف كحة تخرج من حلقها معلنة بداية اليوم الموعود
لم تتطلّب التحضيرات وقتا كثيرا ... أمي تولّت مهمة الاعتناء بقيافتي معوضة غياب خالتي التي طال إختفاءها في الحمام ... الساعة تشير للخامسة صباحا ... خالتي تتولى قيادة سيارتها تجانبها آمي وأنا في المقعد الخلفي ... طوال الطريق وأمي فقط تتحدث وسط إجابات مقتضبة من أختها خلت من الروح والابتسامة ...
ساعتان ونصف أكلت عجلات السيارة فيهما المسافة بين مدينتنا والاكادمية العسكرية ... أمي نزلت من السيارة تتأكد باهتمام من مظهري و تتفقد بحرص الوثائق في الظرف الذي بين يدي ... بينما خالتي ترشق نظرها في بلور سيارتها كأنها تهرب من شيء ما ...
تائها وسط حشد من أترابي ... مجموعة كبيرة من الفتيان والفتيات يتأنقون بمختلف درجاتهم الاجتماعية أمام الباب الكبير ... قوس كبير يحمل اسم المنشأة ... تطل من خلفه بنايات كبيرة مسقّفة بالقرميد الأحمر ... يتوسطها صاري طويل يرفرف فوقه العلم الأحمر بنجمته وهلاله ...
مجموعة من الشباب بزي موحد يحملون علامة آلفا بيضاء فوق أكتافهم يتولون تنظيم صفوفنا وتقسيمنا إلى مجموعات حسب الشعبة العلمية ثم حسب العمر والاسم ... كل المترشحين هم من المتفوقين في إختبار البكالوريا ... الأعلى معدلات والأكثر جدارة ... كنت فخورا بأني أحدهم ... لأول مرة اشعر بالفخر
أمر صارم بالتقدم .. ما إن خطت يسراي تحت القوس العالي حتى أحسست بنفسي تغيّرت ... الحدائق الخضراء والأشجار المنمقة تتناسق مع مشهد الضباط بملابسهم الموحدة متمازجة مع الأحذية اللامعة ... الذقون الحليقة في وجوه صارمة واثقة تحت قبعات مزينة بنقوش مختلفة حسب الرتب تتشارك فقط في دائرة عليها العلم ... وقفت شامخة وحركات حريصة من جميعهم على نمط واحد ...
سقطت كل جدران مقاومتي فجأة ... لا أعلم السبب لكن ذلك العالم سحرني ... لم يكن الموضوع صعبا ... زيارة لمصحة يتولى فيها كل عنصر مهمة معينة كقياس الطول والوزن والنظر والسمع ... التأكد من سلامة الجسم من أي أثر لجرح يمنع نشاطه ... طبيب ملامحه جادة تزيّن وجهه الأحمر بشارب أشقر محفف ... يتولى معاينة كل جسدي ...كل الجسد لا يسترني عنه شيء ... من أسفل رجلي حتى أعلى راسي ... ثم اشّر على ورقتي بالقبول ...
بعد المرور في الكشف الطبي ... بدأ قلبي يخفق بشدة ... نصف من دخلوا معي وقع الاستغناء عنه لأسباب عديدة ... الفتيان الذين فهمت أنهم تلامذة ضباط سبقونا بالالتحاق قبل سنة أو سنتين أعادوا تنظيمنا حسب قائمات جديدة ...
اقتربت من قاعة كبيرة ... طاولة بسيطة وطويلة جدا يجلس عليها 12 عشر ضابط برتب مختلفة بتوسطهم رجل وسيم وبشوش يضع على كتفه شعار الجمهورية وثلاث نجمات صفراء لامعة ... هو الأعلى رتبة فيهم ...
مع نصف حركة من شفتيه معناه ان لا تخشى شيئا .... تمالكت ارتباكي ووقفت شامخا متحديا نظراتهم الفاحصة لي ... تحدّثت بطلاقة استغربتها من نفسي ... أجبت عن كل الأسئلة البسيطة ...
إنتهى الأمر ... وقع إكرامنا بغذاء محترم ... جلوسي في المطعم الكبير ... مشهد الحركة والانضباط .... الملابس الموحدة تعطي أصحابها رونقا جميلا جدا ... نسميه في تونس " الوهرة " ... السحر يزداد في عيني ...
قبل انصراف من تبقى منا ولم يتبقى الكثير ... وقفنا في صف متناسقين حسب الطول استعدادا لأمر هام ... هكذا فهمت من الحركية الشديدة وتجمّع الكل في صف واحد
فجأة دوت صرخة شديدة من الرجل البشوش الذي استجوبني يأمر الجميع بالاستعداد ... العيون كلها تتطلّع لباب مكتب في بناية عالية فخمة تزينها مقولة نقشت أعلاها " الحياة عقيدة وجهاد " ... فتح الباب ليخرج علينا رجل عليها علامة المهابة ... يلبس نفس الزي العسكري ... كتفاه مزينان بشعار للجمهورية وسيفين متقاطعين ... قبعته مزركشة برسوم جريد نخل يحيط بها من كل جانب ...
ألقى علينا خطاب ترحيب مقتضب ثم ودعنا بقوله .... " الي كاتبتله خبزة معانا تو ياكلها " ...
كلمة لا زال صداها يتردد في أذني لليوم... معناها من كتب له لقمة عيش هنا سيأكلها ... الموضوع ليس لقمة عيش هي شخصية تتملك بك وتسرق منك شخصيتك الأصلية ... شيء كالسحر أصابني ... دخلت ممتعضا رافضا مجرّد الاقتراب من هذا العالم وخرجت أرى نفسي أنتمي اليه ولا انتمي لغيره ...
مررت من تحت قوس الباب ... منتصب القامة مرفوع الرأس ... أمي وخالتي تحتميان بالسيارة تحت ظل شجرة في مرآب أمام الباب لم تنتبها لخروجي ... سعيدا مزهوا باني كنت أحد المرشحين الباقين للاتلحاق ... سيقع إختيار الافظل منا حسب قولهم ... الأفضل أو من يملك واسطة تساعده ... لا أعلم طرقت باب النافذة منبها اياهما بوصولي ...
نزلت أمي مستفسرة ... نصف ابتسامة ونصف انشراح على وجنتيها بعد علمها بنجاحي في الاختبارات ... ثم ركبنا في طريق العودة ... الصمت يطبق على المكان ... تخيّلت أن الإجهاد تمكّن منهما بسبب السهر والحرارة ... لا خالتي تتكلم ولا أمي تفتح موضوعا ... أرخيت راسي على مقعد السيارة ورحت في شبه حلم ...
حلم كنت بطله ... تخيّلت نفسي بعد سنين طويلة وكتفي تزينها السيوف والكل يرتعد لوقع خطواتي ... بدأت نفسي تتحضّر لعالمها الجديد ...
سرقتني أحلام اليقظة ... فلم اشعر بنفسي إلا والسيارة تتوقف أمام باب بيتنا ... رغم إلحاح أمي على خالتي بالدخول إلا أنها تمسكت بقرار رحيلها متعللة أن الأريكة آلمت ظهرها ...
ما إن خطوت خطوة واحدة داخل البيت مع هدير محرّك سيارة خالتي ... حتى لحقني صوت أمي مدويا في البيت ...
" إيه الي إنت عملته مع خالتك ده ؟؟؟ ... إنت إتجننت ؟؟؟ "
الجزء الرابع
كمن صعقه تيار كهربائي رحت أتفحّص عيني أمي اللاتي اتقدتا كأتون نار مشتعل ... لم يستوعب ذهني المشوش كلماتها ... أي جريمة إرتكبت ؟؟؟ ... كنت أظن خالتي سعيدة بحالة التقارب الحاصلة بيننا مؤخّرا ...
لم أجد مهربا من عيني أمي اللتان راحتا تغوصان في مقلتي كأنهما سهمان يخرقان روحي ... محاولا تمالك نفسي قبل الإعتراف بذنب لم أستوعبه بعد ... غرست عيني في الأرض كعادتي كلما حاصرتني أمي في ركن ... سيل من الشتائم والتحقير لي ولتربيتها لي ... لكني لم أسمع قرار دائرة الإتهام بعد ...
إغرورقت عيناي بالدموع ... هي دموع تعودّتها كلما وقفت في موقف تقريع ... راجعت كل لحظة وكل كلمة دارت بيني وبين أختها فلم اهتدي لما من شانه أن يتخذ قرينة إتهام ضدي ....
طال وقوفي كالصنم تجاه أمي التي اشتعلت نار غضبها أكثر من المعتاد وطال سيل تقريعها لي ... تعودّت منها هجوما لدقائق ثم أمرا لي بالغروب عن وجهها و الإنسحاب لغرفتي ... لكن هذه المرّة لم يصدر ... بل إستعرت نار أتون غضبها الغير مفهوم ... كثرت حركات يديها أمامي ... كنت في حالة إستعداد مني لتلافي صفعة قد تقع على خدي بين الفينة والأخرى لكنها تأخرت هي كذلك ...
لا أعلم كم مرّ من الزمن وهي ترعد وتزبد دون أن توجه تهمة واضحة لي أعترف بها أو أدافع عن نفسي ضدّها ... أحسست بفورة غضب ممزوج بالرعب تشتعل في صدري ... مع تكاثر حركات يدها أمام وجهي لم أعد أستمع لكلامها ... أمسكت معصميها بقوة قصد تخفيف انفعالها ... حركتي المفاجأة سببت لها ألما لم تستطع ملامح وجهها التستر عليه ...
شعوري بالتفوق الجسدي عليها شجعني على المواصلة ... إحتضنتها بعنف بين ذراعي قصد تخفيف غضبها .. لكنها أصرّت على المقاومة والهجوم ... وسط كلمات مني أشبه بالصراخ طالبا منها أن تهدأ وهي تطالب بإطلاق سراحها ... أحسست بالتفوق عليها برفع صوتي فتراجعت ... سحبتها ببطء وهي أسيرة بين ذراعي للكنبة الكبيرة وسط الصالون الشبه مظلم... جلست وسحبتها لتجلس غصبا ... رأسها مدفونة بين صدري وذراعي اليمنى تحوط كتفيها من خلفي بينما أصابع يدي اليسرى تربّت على رأسها علّها تهدأ ...
أحسست بالفخر وفورة الشباب تتفوّق على حالة الارتباك المعهودة ... أوّل مرة أسيطر فيها على إنفعالات أمي ... والحق يقال إنفعالها هذه المرّة كان غير مسبوق ... ككل أنثى في العالم ما إن تحتوي غضبها وتهدأ حتى ينقلب الغضب لبكاء ...
تنهيدة وحشرجة مخلوطة بدموع ساخنة أحرقت جلدي مخترقة قماش القميص ... كل هذا وأنا أنتظر فقط أن أفهم ما يحدث ... أو ما سبب ما يحدث ... طال نحيبها وإنتحابها دون أن تصلني منها كلمة مفهومة واحدة ...
انتظام نفسها المذبوح بنشيجها المكتوم ينبأ أنها بدأت تسيطر على نفسها ... أسندتها بحنان للحمام تغتسل علها تسترد روحها ... وقفت خلفها وهي منحنية تصفع وجهها بموجات من الماء البارد ... صمت مطبق على المكان لا يقطعه سوى خرير الماء وبعض الشهقات من أنفها تعلمني أنها بدأت تعود لوعيها ...
قميصي الأبيض اللامع تزيّن بدوائر سوداء كبيرة على الصدر والبطن سببها إختلاط بكائها بزينة عينها ... أردت إضفاء القليل من الدعابة علّها تقتل روح الغضب فيها ...
تطايرت بضع فقاعات صابون انفلت من بين أصابعها لترسم دوائر على ملابسها ... أمر سريع ممزوج بالغضب أن أجلب لها شيء آخر تلبسه قبل أن تفسد ثيابها ... أعتقد أنها فرصة مناسبة لكلينا أن نرتب أفكارنا ... بخطوات كالقط قافزا نحو الدور العلوي ... جلبت أول شيء وقعت عليه يدي في خزانة ثيابها الشبه خاوية ...
عدت للحمام لأجد أمي تخلّصت من قميصها لا تلبس سوى البنطلون و سوتيانة بنفسجية ... صعقني المشهد فلأول مرة أمي تتخلى عن حذرها معي أثناء تغييرها لملابسها ... مددت لها قطعة القماش السوداء ... نظرت لي بتعجّب ... هو قميص اسود نصف طويل لا إشارة فيه ... نظرة استحسان منها لإختياري ثم ضربتني بطرفه وقالت " أول مرة تعمل حاجة عدلة " ...
حشرت نصفها الاعلى فيه بسرعة و إستدارت تفك أزرار بنطلون الجينز ... هزمني خجلي فأطرقت النظر للأسفل ... لم يطل إنتظاري ... رمت ببنطلونها على وجهي تأمرني بتعليقه خلف الباب ... قبل أن أفعل ذلك عالجني سؤال سريع منها
إقتربت منها من الخلف ... أحطت ذراعيها بذراعي ... وحضنت ظهرها لصدري بقوة فتجمّدت حركتها ... قبلت أعلى رأسها طالبا الصفح ... أمسكت بمرفقي من الخلف وحركت أصابعها في إشارة أنها سامحتني ... ثم نطقت
لجأت لغرفتي محاولا تمالك نفسي من كمية المشاعر المتناحرة في صدري ... شعور بالفخر والتفوق في الإختبار وشعور بالإنكسار والندم ... وشعور بالحسرة لما سببه كذبي على أمي ... سريري الذي تحوّل جمرا يشوي ضلوعي لم يعد يحتملني ... راجعت كل كلمات أمي ... أمي التي إكتشفتها الليلة رغم علاقتها بأختها لكنها استنفرت لما أحست انها ستكون أقرب لي منها ...
كتكفير عن الذنب قررت أن لا مفرّ من الإعتراف ... سأحكي لامي كل شيء ... ربما الصدق سيصلح ما شرخ بيننا ... ستسعدها فكرة أني كذبت على خالتي وإخترعت حكاية ولما جد الجد إعترفت لها بالحقيقة دون زيف ... سحبت كل الأوراق من صندوق أبي فتحت اللاب توب ...
أغمضت عيني أراجع الحكاية من بدايتها حتى لا انسى حرفا يمكن ان تستعمله ضدي يوما ... سأعترف وليكن ما يكون ... نظرة فاحصة مودعا بها خريطة أبي وخريطتي ... ثم نظرة فاحصة بتأني ... لتنفتح عيني وألف قطعة من عقلي ... وألف صورة في خيالي
أبي أدرك تلك الهفوة من زمان ... تلك الجداول ما هي إلا محاولة لتطويع الحظ في مصيدة المنطق ... الأمر قد ينجح ...نسيت سبب فتحي للملفات ... تربعت ووضعت اللابتوب على حجري ... رحت أتابع خطوات أبي بدقة ... بضع نتائج تكون قريبة للمنطق وتعتمد على الحظ والبقية تغلق إحتمالاتها مهما كانت ... قديما لم تنجح بسبب عدم القدرة على إختيار مكونات الرهان .... لكن مع المواقع الجديدة قد تصيب
هنا الإختيارات أكثر .... رسمت شبكة جديدة بنفس منطق أبي ... أشبه بالكلمات المتقاطعة ... جداول كثيرة ... فروع وتركيبات أكثر ... إن وقعت نتائجها في إحداها كسبت وإن أخطأت تكوّن نوات لجدول آخر مبني على الإحتمالات العكسية ... أشبه بشباك صيد أسماك التونة ... إن لم تسقط إحداهن في شبكة بالممرات وقع السرب كله في غرفة الموت ...
نسيت أمي ومشاعرها وخالتي التي أفشت سري ... فقط حضنت صورة أبي بفخر ... فخور بكوني إبنه .... لقد نجحت فيما فشلت فيه ... أنا النسخة الحديثة منك ... في نسخة حديثة للعبة حظ هزمتك يوما ... ذرفت دموعا حارة إمتنانا له هذه المرة ...
مع أشعّة الشمس الأولى دخلت الحمام هذه المرة أغسل صورة أبي من عار الهزيمة ... بنشاط غير معهود حضّرت الفطور لأمي التي صدمت لفعلي حال استيقاظها ... عناق طويل منها ظنا أني فعلت ذلك معتذرا من ذنب يوم أمس ... ما إن إنطلقت لغايتها حتى طرت لغايتي ...
دلفت المقهى متسلحا بآخر دينارين أمتلكهما ... وضعت الإختيارات وإستبقت النتائح في عقلي ... رأيت مكاسبي تتوالى .... رغم ان السرب كله لم يعلق لكن علقت بعض الأسماك .... قهوتي السوداء لم تنتهي بعد وتضاعف رصيدي من 49 دينار ل 485 ... ثم ساعتان قاربت فيهما الألف ... قبل منتصف النهار تجاوزت الألف دينار ... مبلغ لم اتخيّله في حياتي ... هو لا يمثل شيئا بالنسبة للبعض لكنه بالنسبة لمن في مثل سني وحالتي يعتبر ثروة ... لم أصل بعد للعصر والألف صارت ألفين ...
موعد عودة أمي للبيت أجبرني أن اقطع سلسلة مكاسبي الرقمية ... جريا توجهت لمحل الحلاق ... دقائق وتحوّل الرقم في حسابي لأوراق وضعت بين يدي ... ملمسها له مفعول السحر ... مقلدا صنيع ذلك الرجل في محل رحيم ... وضعت ورقتين خضراوين في يدي الحلاق ... إكرامية مني ...
شعرت بالنشوة وهو يوصلني للباب يودعني ... ملعون هو أب مفعول المال في نفوس البشر ... في الطريق كنت أمسك رزمة الأوراق واصفع بها نفسي ... أنا لست في حلم ... دخلت بيتنا لاهثا قبل دقائق من وصول أمي ... كنت ثملا بإنجازي ... أخفيت بعناية ثروتي الجديدة .... لم أصغي لكلامها رغم محاولتها سحبي في الحديث ... كنت أتحسّر على تلك المقابلات التي تدور حاليا ولم تعلق بشبكتي منها أرباح ...
ليس عندنا انترنت في البيت معضلة كبيرة ... لا أعلم كيف مرت تلك الليلة ... في الغد متأبطا جهازا ومنطلقا لأحد الكافيهات ... مستوايا لم يعد يسمح بالجلوس في مقاهي شعبية قد تتلصص منها بعض العيون فتسرق فكرتي ... جلوسي في هناك وهيأتي التي لا تناسبه أشعرني بالحرج رغم امتلاكي لما يسد عين أي محتج ... هكذا رأيت نفسي ...
قبل نهاية اليوم ... تضاعف المبلغ في جيبي إلي 4 آلاف دينار ... ونصفها رأس مال في الحساب ... مررت بجانب مول المدينة ...مكان لم أتجرأ يوما في التفكير أن أدخله ... قتلت حقدي على الأحذية وطعنت كسرة عيني أمام القمصان والسراويل ... ملابس رياضية خفيفة ... جوارب وملابس داخلية ...
إستعملت نفوذي الجديد على الحلاق بكرمي الكبير معه ...إستعملت ركنا في محلّه تركت فيه كل مقتنياتي وأنا واثق أنه سيحفظها ...أنا الدجاجة التي تبيض ذهبا بالنسبة له ... اقتنيت جهاز واي فاي متنقّل ... ممددته بأسلاك الكهرباء وجاهدت للصعود فوق سطح بيتنا ... أخفيته هناك خشية من حملة تفتيش فجئية قد تقوم بها أمي ...
بعد العشاء أمي تبتسم بسعادة ... قالت أن أحد جيراننا ترك جهاز وصل الإنترنت دون رقم سري ... هذا ما إكتشفته في هاتفها القديم ... سعادتها بهديتي التي وصلتها مني دون قصد زرعت شوكا في صدري ... نظرت لملابسها القديمة وقارنت بينها وبين مقتنياتي ...
لكن ما الحل ... إن أخبرتها فلن تتقبل ذلك ... طرف أذني تذكّر ألم تحذيرها لي يوم مددت لها تلك الورقة النقدية فما بالك بكل هذه الثروة ... هذا سيضعني أمام خيارين إما أن أنهي ما بدأته قبل أن اتمتع به وإما أن أصطدم معها وأخسرها نهائيا ... قررت الإبقاء على الأمر سرا حتى حين ...
سهرت طويلا اصطاد بعض المرابيح ...هنا إكتشفت الحقيقة ... شبكتي ليست مثالية يمكن لسوء الطالع أن يتسلل إليها ... لكن الأمر لم يكن محبطا فنسبة النجاح تفوق نسبة الفشل ... مسرورا بواقعية إنجازي لم أحاول البحث عن طريقة لسد تلك الثغرة ... ربما هي قناعة مني ... لا أدري ...
لم أغادر البيت لمدة أيام أفنيتها في المقامرة ... احضّر الفطور لامي التي أسعدها تفاني في برّها .... وصل رصيدي في الحساب لمبلغ لم أتخيّل يوما أن أحلم بإمتلاكه ... صحوت في آخر الأسبوع قبل منتصف النهار بقليل توجهت نحو محل الحلاق ... إسمه عماد وكنيته " العمدة " ...
نصحني باستعمال حساب بريدي أحوّل عليه رصيدي مباشرة ... طريقة تحميني من حمل تلك الرزم النقدية في جيبي ... شريطة أن لا انقطع عنه ... هو يقصد عمولته وإكراميته ... لرد جميله طلبت منه أن يحلق لي شعري ويسهر على قيافتي ...
تغيرت حالتي النفسية مع تغيّر شكلي ... ملابس جديدة تلمع مع لمعان شعري المنمق ... حذاء خفيف وفخم ... عملت بنصيحة العمدة ... حساب بريدي ... إجراء بسيط تحصلت بعده على كارت سحب نقود من الموزعات الآلية ...
مر أسبوع بأكمله على نمط وحد ... اخرج قبل منتصف النهار ... أدخل دكان العمدة في شكل وأخرج منه في حالة أخرى ... دخلت كل المطاعم الفخمة وأكلت كل ما لم اسمع باسمه من قبل ... ثم قبل العصر أعود للبيت وقد استرجعت شكلي المعتاد ... أدخل غرفتي وأنصب شباكي وأحوّل محاصيلها لحساب البريد الذي أصبح يحتوي رقما مهما حوالي الخمسين ألفا في أسبوعين ... أمي التي ساعدها النت المجاني على تسلية نفسها ليلا ... لم تعد تكلمني كثيرا ...
في فترة إنتظار النتائج في الكافيه تعرّفت على شلة من أترابي ... شلة دقيقة في المواعيد ... يدمنون لعبة الليدو تصادف أن نقص أحدهم في يوم ما فدعوني لتعويضه ثم صرت واحدا منهم ... تواجدي معهم في نفس التوقيت جعلني أنظم لهم ... قبل أيام كنت أخجل فقط لمجرد مرور أحدهم بجانبي ... الآن صرت واحد منهم بل وأحيانا أعزمهم على مشروب على حسابي ...
ملعون أبو الفقر ... كل معايير حياتي تغيّرت فجأة ... لا أعلم السبب لكن قلبي كان يخزني .. كأني أهملت شيئا تاه من ذاكرتي ...
بدأت اشعر بالضجر وبالنقص أمام أفراد الشلة ... موعد العودة المبكر صار يخنقني ... هو نقطة ضعفي الوحيدة .... أردت إكتشاف عالم الليل ... لكني لا أقدر ... كنت اسمع مغامراتهم عن ليلة أمس وأنا أموت قهرا ... حديث عن مغامرات وجولات وسهرات ... فصل الصيف هو فصل السهر في تونس ... لا أحد ينام هنا صيفا ... الأفراح و المهرجانات ... حتى من ضاق به الحال يتمشى مستجديا بعض النسمات الباردة إلا أنا ... كنت أصبّر نفسي أني اسهر لجني بعض الأموال من لعبتي ... أمر غريب حدث في بيتنا ولم انتبه له ...
لم أرى خالتي منذ يوم الإختبارات ... خشيت أن أسال أمي فأفتح على نفسي بوابة شكوك لست مهيأ لها ...
دخول تلك الشلة في حياتي تجاوز كونه تسلية أو مذكيا لنار الحقد في صدري ... توافدت بعض الفتيات أحيانا لمجالستنا ... صديقة أحدهم وحبيبة الآخر ... أخت هذا تكون حبيبة ذاك ... وهذان مصاحبان للأختين ... وهذا يغطي أمام أهله غياب أخته التي ستمضي السهرة مع عشيقها مقابل أن تقوم هي بترتيب حضور صديقته للبيت دون إثارة شكوك ... علاقات غريبة لا روادع فيها ولا قوانين كالتي ألفتها ...
جلوسي القصير معهم زاد في شعوري بالنقص ... عناق الأحبة والملامسة الخفيفة ... تشبيك الأصابع ... رغم وجود بوادر إعجاب من فتاة تبدو رقيقة وإشارات من أحد الأعضاء أنها تميل لي لكني إنسحبت ... رغم كل ما صرت عليه إنسحبت ... ماذا سيحدث لو دعيت يوما لحفلة أو سهرة أو تسكع معها .. وأنا المحددة فترة تجولي لما قبل العصر ؟؟؟ ... كفيت نفسي عناء سخرية قبل أن تحدث ... فلم استجب للفكرة من أساسها ...
شعور بالنقص أمام حرية أولائك الشبان جعلني أتحاشى لقائهم ... خط نهاية تلك الصداقة الوليدة كان دعوة من أحدهم أن أرافقهم في سهرة تملّصت منها بلباقة لكني كرهتهم بعدها ... هو الكره الأزلي المولود في نفسي لتلك الطبقة ... المرفهون يتمتعون بمساحة كبيرة من الحرية ... والأشقياء سرعان ما يتمردون على سلطة الأهل ...
أنا لا أنتمي لا إلي هؤلاء ولا للآخرين ... أنا أنتمي لأمي ...
العمدة الذي صار صديقا وفيا وخدوما لي صار مؤنسي الوحيد ودكانه المكيف كان ملجئي من حر الصيف ... كنت أجلس كسيّد على كرسي الحلاقة وكعادة الحلاقين في بلدنا .. بدأ بدعك أكتافي التي أتعبها طول جلسة القرفصاء ليلا ... قال أن حصة من التدليك ستطرد عني التوتر ...
فجأة تذكّرت تلك السيدة ... محل المساج ... أعتقد أن الكارت لا يزال عندي ... إنطلقت كالعقاب في إتجاه بيتنا ... لم يطل بحثي كثيرا ... وجدت البطاقة بين طيات ثيابي القليلة ... إتصلت بالرقم المطلوب ... أغلق الإتصال في وجهي ... ثم وصلتني رسالة ... هي نفس الرسائل التي برمجتها لها سابقا ...
هل تريد حجز موعد ؟؟؟ ... طبعا أريد ... إخترت منتصف النهار موعدا للقاء طال شوقي له ... لم افهم أي كلمة من الخدمات المقدمة رغم أني أنا من كتبها لكني إخترت أغلاها ثمنا ... ربما ذلك سيشكّل فارقا في لقائي الثاني مع من سرقت روحي يوما ...
رحت ابحث عن معاني تلك الخدمات المقدمة في مراكز التدليك ... الكلمات غير مفهومة لكن الصور المرافقة لها مثيرة ... إكتشفت أن مراكز التدليك في تونس أكثر من مراكز الشرطة .... أعتقد أنه مشروع مربح للغاية ... فالشعب يبحث عن إزالة التوتر ... المثير في الأمر أن الأسعار رغم العروض والتخفيضات تبقى مرتفعة ... من يقدر على ذلك وسط الأزمة المادية الخانقة ... سأكتشف الأمر بنفسي ...
يا ليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده ... مؤلف مطلع تلك الغنية يستحق جائزة نوبل في المشاعر ... لم ترد تلك الليلة أن تنتهي ... نار الشوق وقيض الصيف إجتمعا على تعذيبي ... وزادهما عذابا نصف الانتصاب الذي جعل قضيبي كرصاص صنارة داخل البوكسر ... لا أدري ما السرّ لكن مجرّد ذكرى تلك السيدة يولّد انتفاخا بين فخذي ... ناهيك عن خيالاتي التي غذتها تلك الصور ...
نزلت للمطبخ بحثا عن قارورة ماء تطفئ لهيب عطشي ... حركتي الخفيفة سحبت أمي ورائي ... عادة تلصصها على حركاتي لن تتغيّر ... أردت مداعبتها بمزاح ثقيل إختفيت وراء الكنبة قبل أن يلحقني وقع خطوات قدميها الحافيتين ... محاولا إمساك نفسي من الضحك وأنا أراقبها تدنو من باب الحمام وتضع أذنها على الباب ... ثم مع عجزها عن سماع شيء إنحنت تنظر من ثقب المفتاح ...
كانت ترتدي قميصا رماديا قصيرا يصل لمنيت فخذيها مع إنحنائها تبينت لون كيلوت أسود رغم الظلمة ... بياض جلدها عكس سواد القماش ... طال بحثها عن شيء تلمحه داخل الحمام المظلم ... تسحبّت من خلفها وهي منحنية وبحركة سريعة قرصت جانبيها بأصبع يدي الإثنتين ... لتطلق صرخة رعب ثم تتراجع للخلف دون أن تقيم جسدها ... حركة عفوية بسبب الذعر ... رشق قضيبي بين فلقتي مؤخرتها ... محاولة تفادي تلك الوضعية تقدمت للأمام مرتبكة لتصدم رأسها في خشب باب الحمام فترتد ثانية لنفس الوضعية لكن بقوة أكثر
حركتان متعاكستان منها ومني تسببتا في سقوطنا أرضا ... ظهري للأرض وظهر أمي على صدري ورجلاها للأعلى ... مؤخرتها فوق قضيبي مباشرة .... الموقف المحرج والطريف في نفس الوقت خلق جو من الصمت سرعان ما إنقلب ضحكا هستيريا وهي تحاول النزول من فوقي ممسكة جبينها الذي تورم من أثر الصدمة في الباب ... ليونة فردتي مؤخرتها مع صلابة إنتصابي لا يمكن نكرانهما ...
لم اقدر على توقع ما سيحدث لي بعدها فلم أتحرّك .... أمي التي وقفت تنظر لي ماسحة بقيا بلل في رموشها من إختلاط الضحك والرعب فيهما ... كنت لا أزال مطروحا أرضا ... مدّت يدها لتساعدني على النهوض ... محاولة مني لزيادة المزاح لم أساعدها ... ومع ثقل وزني نسبيا على قدراتها العضلية بدل أن تسحبني سحبتها لتقع أرضا وندخل في نوبة ضحك ثانية ...
إنتهى الموقف بهروب أمي للحمام وقد إمتزج ضحكها بسعالها ... أنا لجأت للمطبخ أبحث عن قارورة ماء باردة ... لحقتني أمي وصدرها لا يزال ينتفض من أثر الضحك ... كنت سعيدا أني أدخلت بعض البهجة على قلبها ...
لا هي سالتني عن سبب تواجدي هنا في آخر الليل ... ولا أنا تساءلت عن سبب تلصصها على باب الحمام ... فقط هي استفهمت عن تغيّر لاحظته في سلوك دون أن تنتظر إجابة ... أعتقد أنها تنبهني لشيء لم أرصده في تصرفاتي .... لما طال صمتي بادرتني بالكلام
أمي جلست في نفس وضعية جلوس خالتي ذات ليلة ... تضع حافة قدمها اليسرى على طرف مصرف المطبخ وتمسك ركبتها بيمناها و تسدل رجلها اليمنى وتمسك علبة العصير بيسراها ... إتخذت مكاني بجانب الحوض وعيني في الأرض ... ثم إسترسلت في الحديث عن تلك السيدة حتى إنتهت ذكريات اللقاء القصيرة وعجز خيالي البسيط عن الوحي بالمزيد ... لكن ذلك لم يشبع فضول أمي في معرفة المزيد ...
أعتقد أنها تعمّدت الإطالة في الحديث وفتح الموضوع للمرة الثانية بحثا عن زلة في كلامي تمسكها عليا ... أسندت ظهرها لحائط المطبخ وعدّلت جلستها بان وضعت كل قدمها على حافة المصرف و ألصقت ركبتها في صدرها بحركة قوية من داخل مرفقها ... حركتها سحبت عيني ناحيتها ... إنحسر طرف قميصها للخلف فاسحا مجال الرؤية أمام عيني لتكتشف قماش الكيلوت الأسود الأسير بين بياض تلاصق فخذيها ...
لا أعلم السبب لكن أمي لم تشفي غليها من عشيقتي الوهمية ... فأعدت عليها الرواية والسبب والشعور للمرة الثالثة ... مع حرارة الجو وبداية بزوغ شعيرات في أطراف منبت قضيبي أشعرني بالحكة ... كنت أنظر للأرض ويدي تداعب قضيبي من فوق قماش البوكسر عل الحكة تخف عني ... مع كل لمسة مني يدي يزداد الرسم المنحوت تحت القماش ...
كنت أعيد تفاصيل روايتي شبه المكذوبة بتركيز شديد منعني من الانتباه لصمت أمي ... لما انتبهت ضننت أنها تنصت بإصغاء لي ... رفعت عيني ناحيتها لأرى وجهها متجها نحوي لكن للأسفل ... إتساع حدقتيها وفغر فمها لم افهم سببه ... كانت تنظر مباشرة نحو إنتصابي الذي يلمحه الأعمي ... مما أشعرني بالحرج والخوف .. لكنها لم تعلّق ... فقط نظرت في عيني وسألتني
رغم ثقل مرور ما بقي من الوقت تلك الليلة إلا أن ذكريات الموقف مع أمي تدفعني للإبتسام غصبا عني ... أشرقت الشمس ولم يغمض لي جفن بعد .... حركات مستعجلة من أمي التي تعجّبت من عدم تحضيري لفطور الصباح لها ... ما إن غادرت البيت حتى نهضت على عجلة ... مسرعا توجهت نحو دكان العمدة ... على غير العادة لم امكث لتسليته كثيرا .. غيٍّرت ملابسي وتعطّرت وطرت نحو عنوان محل التدليك ... متسلحا برزمة أوراق نقدية تنفخ جيبي وصلت قبل موعدي بدقائق ...
عمارة تبدو الفخامة من بابها ... ألواح كثيرة لعناوين أطباء ومحامين ومحاسبين ... المركز في الطابق الرابع ... دققت الجرس وقد جف ريقي وتوقف قلبي ... مزهوا بالمفاجأة التي سيمثلها حضوري أمامها وأنا في قمة تأنقي ... ألف سيناريو ألف فكرة تخيّلت لكنها تحطّمت مع فتح الباب ... شابة في منتصف العشرينات تستقبلني وقد تحوّلت ابتسامها لنظرة إستغراب وريبة بوجودي ...
زادت دهشتها لما علمت أني صاحب الموعد المسجّل عندها ... أصرّت على أن أدفع ثمن الخدمة مسبقا ... أحسست بجرح في كرامتي وجرح في قلبي لعدم وجود حبيبتي المزعومة ولإحتقار تلك الشابة لي ... هي قالت أنها لم توظّف أحدا بعد لمساعدتها ...فمن أين سقطت هذه في طريق حلمي.... رحت اعد المبلغ المطلوب بهدوء اصطنعته كأني متعود على الصرف ... بعد استيعابي لصدمة غياب صاحبتي ركّزت في ملامح الشابة التي بدأت تعاملني بلطف أكثر ...
فتحت بابا خشبيا ابيض وطلبت مني تغيير ملابسي ... رائحة العطر تتصاعد من شمع وضع في كل مكان ... وجدت بشكيرا أبيض ناعم الملمس معلقا فلبسته وأغلقت حزامه بحرص أن لا أتعرى ... دقائق وسمعت صوت أقفال الباب تغلق ... ثم تبعه نقر خفيف على الباب ورأس الشابة يطل منه مبتسما متسائلة إن كنت جاهزا ...
تبعتها متأملا إهتزاز مؤخرتها الطرية تحت قماش بنطلون وردي ... كانت تلبس كما تلبس الممرضات ... أدخلتني لدش رصف فيه الف نوع من الصابون والشامبو ... قالت أن عليا التخلّص من أثار العرق .... ووقفت أمام الباب ... طال إنتظاري لها ان تذهب حتى أنزع بشكيري ... لما يئست أن تسمع صوت المياه ... نظرت في عيني نظرة إستنكار لم افهمها ثم أغلقت الباب بعنف ...
لما انتهيت من الاستحمام عادة في شخصية أخرى ملتزمة وصارمة لتنطفئ إبتسامتها نهائيا لما أصررت على لبس بوكسر طبي وجدته في الحمام ...
أرشدتني لطاولة أشبه بالسرير... نمت على بطني مستسلما لشعور غريب بتمازج الزيوت الباردة والحارة على جلدي ... لمسات خبيرة وقوية وصلت حد القرص حينا والمداعبة أحيانا ... كلما وصلت أناملها منبت مؤخرتي إلا وتحولت اللمسات إلى أشبه بالدغدغة ... مع توالي الحركات الغارقة في الزيوت ولدت بداية انتصاب سرعان ما شبت واشتدت ... حاولت تلافي الحرج بتعديل جلستي لكنها طلبت مني أن أستدير على ظهري ...
هنا قتلني الحرج فالقماش الخفيف لبوكسر أعد ليستعمل مرة واحدة لن يمنع ذلك العمود الذي انتفض بين فخذي من الانطلاق للأعلى ... أغمضت عيني هروبا منها لكن أصابعها التي بدأت بمداعبة أصابع قدمي سرعان ما بدأت تتسلل للأعلى ... قصبة رجلي ثم ركبتي ثم عضلات فخذي ... أطراف أناملها تتسلل من تحت قماش البوكسر من حين لآخر لتلامس أسفل كيس بيضاتي ...
كنت أرتعش خوفا وخجلا وأنا مغمض العينين كلما لمستني ... طال تعذيبها لي حتى رحمتني وتحوّلت لتقف خلفي ... أمسكت راسي وبدأ يسري في مفاصلي تيار كهربائي يجذبني للنوم ... ثم بدأت تلك اللمسات السحرية على صدري نزولا على بطني ... كلما إنحنت لتلمس أسفل بطني إحتك طرف صدرها بوجهي ..كأنها شعرت بما بي من حرج فزادت في تعذيبي بان أصبحت أناملها تتسل في حركات كأنها عفوية من تحت قماش البوكسر لتلامس منبت قضيبي الذي أوشك أن ينفجر ...
لا أعلم كم لبثت هكذا لتهمس في أذني بصوت حرقتني أنفاسه ...
"إحنا كده خلّصنا مش عاوز حاجة ثاني "
لا اعلم هل حبس لساني أم شلّ تفكيري ... هززت رأسي بلا ... تركتني وهي تفتح باب الدش ... لن أنسى ما حييت تلك النظرة في عينيها ... قاستني من أسفل لأعلى ثم اشاحت بوجهها وإنصرفت ...
الماء البارد لم يبرّد إحتراق جوفي والتهاب ما بين فخذي ... طالت محاولاتي أن أتخلص من أثار الزيوت على جلدي .... إلتحفت بشكيرا جديدا وخرجت امشي متثاقل الخطى ... وجدت فنجان قهوة عربية تفوح رائحته على منضدتي وتلك الشابة تغرس عينيها في كتاب أو مجلات وهي تجلس خلف مكتبها العالي ... فقط أشارت أن قهوتي جاهزة ...
قبل مغادرتي وقد عدت لحالتي شبه الطبيعية ... أحسست أن عليا إكرام تلك الشابة ... وضعت يدي في جيبي وسحبت لفة الأوراق النقدية ... مع كلمة " إتفظلي " ... رفعت رأسها ثم عينيها نحوي ... نظرة استغراب وسعادة علت محياها ... قبل أن تنطق بشكر أو غيره فتح الباب ...
صاحبتي تدخل مشرقة متألقة لتضيء المكان ... نظرة ترحيب وسعادة بوجود زبون في ساعة تعتبر مبكّرة من اليوم أخصت كل أحلامي ... هي لم تعرفني ... فقط رحبّت بي ببشاشة متسائلة إن كانت الخدمة أعجبتني ...
مرّت ساعات اليوم الباقية عليا كالجبال ... صدري يثقل عليا دون معرفة السبب ... رحت أراجع ذكريات اليوم متجرعا ألم عدم معرفتها لي ... وألم الإحساس بأني كنت غبيا في تصرفي مع الشابة هي قطعا أرادت مني أن اطلب منها المزيد .... لبسي للبوكسر وإغلاق عيني ورفضي أي خدمة أخرى وأدت فرصتي أن أكتشف الجنس لأوّل مرة ... هي عرضت عليا ذلك أكثر من مرة لكني لم افهم مرادها ...
محاولا الهروب من شعوري بالألم المضاعف... قررت العودة ثانية ...لكن ليس في الغد ... سأصبر يومين أو ثلاث ... حتى أركّز في ما يجب عليا فعله ... الثقة في النفس ... هي تملك ما أريد وأنا أملك ما تريد ...
في صباح الغد توجّهت للكافيه الذي شاهدتها فيه تلك المرة ... هربت من الشلة الجديدة ومن خيبتي وحنقي على غبائي ... المحل كعادته هادئ رغم وجود بعض الزبائن... اخترت ركنا يمكنني من مراقبة الدخول والخروج ... لم يطل إنتظاري ... وقت قليل وسحرتني طلّتها التي أشرقت الشمس بوجودها ... كنت قد بدأت أتناول فطور الصباح ... تابعتها بحذر أين ستجلس ... انتظرت دقائق حتى اختارت ما تستهلك ... كعادة كل البشر وقت الانتظار يجيلون النظر في المحيط ...
نظرت نحوي وكأنها إنتبهت لوجودي ... أشعرني ذلك بالغبطة والسعادة ... بخطى واثقة أجبرتها أن تتبعني بنظرها توجهت نحو الحمام... وقفت طويلا أمام المرآة أشحذ عزيمتي ... ثم خرجت مستمدا شجاعة لا أعهدها في نفسي ... مررت بجانبها ثابت الخطوات أمشي ملكا ... نظرت إليها مباشرة وألقيت التحية مبتسما دون إفراط ... قبل أن ترد التحية عدت لمكاني وانغمست في أطباقي ...
راقبتها قليلا من بعيد ... إحتست قهوتها وأشعلت سيجارة ثم ركزّت في شاشة هاتفها ... أحيانا ترفع عينها وتجول في المكان ... لترمقني بنظرة أقابلها بابتسامة خفيفة ... تكرر الأمر لدرجة صرت متأكدا أنها تهتم لأمري بأي شكل من الأشكال ...
هنا سكنت فكرة مجنونة عقلي ... حجزت موعدا بعد نصف ساعة من الآن لجلسة تدليك... كنت مستثارا لمجرّد فكرة أنها ستراني ثانية في نفس اليوم ... إستقبلتني تلك الشابة ببشاشة ... نفس الأحداث السابقة تكررت ... لا أعلم السبب لكني تمسكت بالصد نحوها ... لبست البوكسر كالعادة لكني هذه المرة تشجعت ... رحت أفتح معها مواضيع وقت المساج ... سؤال مني عن عمرها ومنها عن عملي وسني ... الشابة اسمها أحلام وعمرها 29 سنة خريجة معهد ماساج لم أكن أعلم أن لهذه المهن معاهد خاصة .
... جمعت بعض المعلومات البسيطة عن صاحبتي ... إسمها خولة أو مدام خولة ... في بداية الاربعينات ... مطلّقة ولديها إبنة في مثل سني تقريبا تسكن مع والدها ... غير ذلك خشيت أن أسال أكثر فتنفضح خطتي ... تعمّدت التأخر في الدش ... ملتحفا البشكير الذي لم يفلح في ستر انتصابي الذي صار أزليا .... ما إن سمعت صوت باب الدخول يفتح حتى إستجمعت كل الثقة الناشئة في داخلي وخرجت ...
وجدت إيمان جالسة وراء مكتبها و مدام خولة تقف خلفها ...كأنهما تراجعان شيئا ... مع حمحمة بسيطة من حلقي تعلمهما بوجودي ... بادرتني إيمان بابتسامة تعلمني أن قهوتي جاهزة وسط دهشة علت وجه خولة ... أحسست أنها تراقب خطواتي من خلف ...
ترشفت القهوة وغيّرت ملابسي وتوجهت نحو إيمان أودعها وأنا أمسك لفة أوراق النقدية بين أصابعي ... كرم مضاعف مني فتح عيني المدام على آخرهما وهي تراقبني أخرج من الباب ... لم انزل بالمصعد بل رحت أقفز الدرج كطفل أفلت من المدرسة أخيرا ...
في الغد كررت نفس الموضوع غير أن مدام خولة هي التي بحثت عني في الكافيه وبادرتني بالتحية قبل أن تجلس ... ثم بادرتني بالكلام عند لقائنا في بهو مركز التدليك ... هي بضع كلمات تستفسر إن كانت الخدمة في المركز أعجبتني ... كلمات تكفي لابني علاقة لم أحلم يوما أن أدخلها ... كان يمكنني أن أكون زبونا لها ... ما فهمته من إشارات إيمان البسيطة أن خدمات المركز الغير معلنة يمكن أن تكون مداعبة باليد ... هكذا فهمت من تذمرها أن القانون يمنع عليهن خلع ملابس الممرضات تلك ...
لكن خيالي ورغبتي تكبّرت على تلك اللمسات التي لم يرقص خيالي يوما لتصوّرها حتى ... أريد أن أكون عشيقا ... رجلا تتأبّط يده وهي تسير في الشارع ... كل الكذب الذي ألّفته في روايتي لأمي وخالتي صار شعورا قويا ورغبة متقدة تدفعني لتحقيقه ...
مرّ أسبوع على تلك الحال ... في الصباح انتظرها في المقهى ... ثم اسبقها للمركز وأودعها متفاخرا بلفة نقودي ... نقودي التي لازالت تتزايد كل ليلة بمقادير مختلفة ... كنت كل يوم البس طقم ملابس جديد ... آخر الأسبوع تعمّدت التأخّر في الدخول للكافيه ...
وجدتها تجلس في مكانها وكعادة الشعب في أيام آخر الأسبوع يدللون أنفسهم ... المقهى مكتظ ... رغم وجود بعض الطاولات الشاغرة لكن مكاني المفضل قد حجز ... وقفت طويلا عند الباب أرسم على وجهي ملامح الإنزعاج والغضب ... وكما خططت ... ما إن وقعت عيني على عينها حتى دعتني للجلوس... دعوة كانت مفتاح الباب الموصد طويلا أمامي...
جلست قبالتها على الطاولة متظاهرا بالخجل أو هو حقيقة رسمت على وجهي ... طال صمتي حتى قدوم النادل الذي صار يعرف طلباتي بل ويعاملني معاملة الملوك مقابل بضعة دنانير أتكرم بها عليه ... خولة قطعت صمتي بسؤال عن مدى رضاي بالخدمة المقدمة ... ثم دخلت في التحقيق المفصّل عن شخصيتي ... كانت مستغربة من مصدر أموالي ... أعجبتني صراحتها في السؤال...
خشيت قول الحقيقة فرحت أخترع قصصا أبعد من الخيال نابعة من الواقع ... تقمّصت شخصية مروان إبن خالتي كوني إبن رجل مهم في الدولة ... والّفت رواية عن ميراث جدي الذي تقاتلت عليه أمي وخالي بأن ضخّمت فيه ونسبت ملكيته لي كوصية من جدي ... مداخيل فلاحية وعقارات وووو
ثم لتفادي أي حرج قد توقعني فيه الأيام استلهمت حقيقة شخصية أمي المسيطرة والمتابعة لكل حركة مبررا عدم قدرتي على الغياب عن المنزل مساءا ... شعرت بالنخوة كوني أصبحت كاذبا محترفا ... كلامي كان كالفيروس الذي سكن أركان فكرها ... كانت تتابع كلماتي باهتمام من تسجّل وتحلل وتستنتج
ثم أخذت هي مجرى الحديث ... حدثتني عن طليقها وبنتها ووضعها المادي ... قالت إن المشروع إستنزف كل مدخراتها ... وان المركز لم يعرف بعد وأنها أصلا لن تستطيع دفع إيجار الشهر ... تفاعلت مع ألمها وحاولت التخفيف عنها ... قلت انه يمكنني مساعدتها فرفضت باستحياء ...
حاولت فقط أن تصلها مني بعض المشاعر الحقيقية بالإعجاب فإنطلقت دون لجام ... بغباء و قلة خبرة أعلنت حبي لها هكذا دون تمهيد ... فتراجعت في جلستها قليلا ... وفكّرت مليا ... صدمتها بدت على ملامحها ... قالت أنها لم تتخيّل نفسها في علاقة مع شاب صغير مثلي ...مع تعهدي بالمحافظة على السر وبعض الحجج أني أخشى على نفسي من أمي ... وافقت على قبول المبلغ على شرط أن يكون تسبقة لخدمات في مركز التدليك مع الإبقاء على مواعيدنا في الكافيه حتى حين ...
رغم أن صدها آلمني لكني قبلت مقابل شرط آخر هو أن تقدم لي هي خدمة التدليك ... فوافقت دون تعليق منها ... دفعت حساب الكافيه وتمشينا شارعين ... سحبت المبلغ المطلوب ثم أكملنا طريقنا حتى وصلنا باب العمارة ... إيمان التي صدمها دخولنا مع بعض وقد تعوّدت وجودي دون موعد ...
بحكم الخبرة المكتسبة من الأيام السابقة ... تخلّصت من ثيابي والتحفت بشكيري وخرجت لأجد مدام خولة تنتظرني عند الباب ... مدّت يدها لترشدني لباب الحمام الذي حفظت طريقه ... مجرّد تلامس أصابعنا ببعض أشعل نار الرغبة والحب في قلبي وبين فخذي ...
وقوفها في باب الحمام مطولا جعلني أخلع عني رداء الخجل ... نزعت البشكير ودخلت التقط رذاذ الماء الدافئ تحت مراقبة عيني خولة الحريصتين ... إرتباكي منعني من التركيز مع ردة فعلها ... قبل أن ألتقط منشفة أزيل بها قطرات الماء المنزلقة على جلدي ... لم اشعر إلا بيد ناعمة تمسك المنشفة وتساعدني في تنشيف جسمي من الخلف ... حركتها التنازلية أشعلت نارا صدري مع ملامسة أصابعها لأسفل ظهري ... سحبتني من كتفي برفق وقد غرست عينيها الناعستين ما بين فخذي ... طال صمتي وتركيزها حتى قطعته بصوت حنون يفوح منه ريح الدلال ...
" تعالى د ه انت يندفع فيك مش إنت الي تدفع "
أعقبت كلمتها بضحكة مكتومة تداري بها صراعا إلتهب داخلها ... سحبتني نحو غرفة التدليك ... مع كل خطوة كان قلبي يتوقف عن النبض ثم يعود للحياة ثانية ... كصاعقة كهربائية طلبت مني الصعود على الطاولة عاريا ... إتخذت وضعية النوم على وجهي كما عودتني إيمان ...
لكنها أمسكت يدي وطلبت مني الالتفاف لأنام على ظهري ... " خلاص إنت ما بقتش زبون ... إنت صاحب المكان " ... قبل أن أنطق أو أرد الفعل ... سحبت منشفة زرقاء صغيرة كنت اعتقد أنها ستغطي بها وسطي .. لكنها وضعتها على عيني فجأة ... كنت انوي الاعتراض لكنها بررت ذلك بأنه سيساعدها على التركيز أو التفكير لا أدري
مستلقيا مستسلما لحركات أناملها الرقيقة تداعب مسام جلدي ... لم يكن مساجا عاديا كانت لمسات تلهب الحلق والصدر وتشعل النار في الروح ... بأطراف ظهر أصابعها كانت توزع الزيت على جسدي كله ... تمنيت لو تمكنت من ملاحظة نظرة عينيها لي ... لكن ملمس أصابعها لجسدي أوحى لي انها تحب ما تفعل ...
بدأت حركاتها العبثية تتناسق ... تقترب ببطء من أسفل بطني ... قضيبي الذي ارتفع للسماء حرا من كل قيد لم يطل صبره كثيرا حتى وصلتها أناملها الرقيقة ... رعشة خفيفة هزت جسدي كله مع أول لمسة منها له ... أصابعها الغارقة في زيت تخترق رائحته فؤادي قبل أنفي ...
كذب من قال أن الإنسان يرى بعينيه ... كنت أرى إبهامها يحيط متفحصا فتحت رأس قضيبي .. كنت أراقب قبضتها تعصر قضيبي للأعلى كمن تقيس حجمه ... حركات لم اعلم كم تكررت صعودا ونزولا على جسم قضيبي ثم انفجر بركان رغبتي بدفقات متتالية لم أعلم عددها ... فقط هي وضعت يدها على فمي لتمنع عني آهات كادت أن تزعزع المكان ...
قبل أن يتخلص جسمي من أثر الاهتزاز بدأ الصمت يخيم على المكان ... بعد برهة تخلّصت من المنشفة على وجهي ... الغرفة فارغة ... لولا بقايا رائحة عطرها في الغرفة لضننت أن ما حدث حلم يقظة وردي ... على عجل وبركب مثقلة دخلت الدش أزيل عني كل تلك السوائل ... خرجت للغرفة الخارجية لأجد إيمان وحدها ... خجلت من السؤال عن خولة ...
لم أتطعم القهوة ودخلت في متاهة أفكار ... أفكار سرقت كل وجداني لباقي اليوم ... تناقضات متتالية وأسئلة لا إجابة لها ... هل ندمت على فعلها معي ؟؟؟ ... ألم أعجبها ؟؟؟ ... هل منعها سني من المواصلة معي ؟؟؟ ... لكن لا ؟؟ .. أنا أحسست أنها تحب ما تفعله معي ... هل عادت لرشدها وهربت مني ... هل تسرّعت في فعلي ؟؟؟
مكثت في غرفتي كالمسجون بين شعورين ... ذكريات تلك المداعبة الخيالية من خولة ثم هروبها المفاجئ جعلني كسفينة تتلاطمها أمواج بحر عاصف ... قبل منتصف الليل سمعت رنينا خفيفا من هاتفي ... حالتي أنستني حذري في غلق صوته عند العودة للمنزل ...
إشارة وصول رسالة تزين شاشته ... كنت انوي إهمالها ... ظننت أنها شركة الاتصالات تزعجني ... لكني فتحتها ... قرأت الجملة مليون مرّة ...
" أنا خولة ... أنا موافقة ... نتقابل بكرى الساعة عشرة في الكافيه عشان في شوية تفاصيل "
كنت سأصرخ من الفرح لكني كتمت فرحتي .. بدأت اقفز في أركان غرفتي كطفل سعيد بملابس العيد ... سرحت بخيالي وقلبي ينبض على اشده وأمعائي تتلبك ... ذكريات اليوم في المركز تتمازج مع خيالات صارت أجنحة توصلني للسحاب ...
لا اعلم كيف مرّت تلك الليلة ... وصلت الكافيه قبلها بساعة ... عذاب الانتظار بدأ يقتلني ... ما إن شاهدت طلتها تنير البوابة حتى أشرت لها بإصبعي ... بنظرات الواثقة المقتنعة ابتسمت لي وإقتربت مني ... كرجل همام قمت وسحبت لها الكرسي لتجلس ... قبل أن أعود لمكاني اصابني شلل تام ...
أمي تسحب كرسيا بجانبنا وتجلس دون إستئذان ... لم تنظر لي بل توجهت بالكلام لخولة
" معلش هازعجكم شوية "
الجزء الخامس
كمن خسفت به الأرض ... تسمّرت مكاني فلم أجلس ولم اعتدل في وقفتي ... أصابني العمى والصمم ... فقط كنت أتمنى أن أختفي من الوجود هروبا من هذا الموقف ... أمي بكل برودة أعصاب تنظر بتفحّص لخولة ... ثم نظرت في عيني نظرة استغراب واستنكار ... ثم بصوت حانق لكنه هادئ ...
لم أتخيّل بعد في أي جحيم تخبط شيطانها عندما كان جنينا ... لكن الفكرة راقت لي رغم صدمتي فهي متماشية مع الأحداث الاخيرة ... أمي التي لم تتوقع أن تسمع مثل تلك الإجابة ... راحت تستفسر وركبها تهتزّ من التوتر عن طبيعة هذه العلاقات وهذه التجربة ...
خولة التي حافظت على ثباتها الإنفعالي مع كل سؤال تسأله أمي ... رغم أن رواية خولة تبدو ساقطة من أحد الأفلام السخيفة لكن بعض الهدوء الذي سيطر على أمي يؤكّد أنها إقتنعت أو بدأت تقتنع ... أمي التي لا تقبل أبدا أن تخطأ وجهة نظرها ولا تستسلم بسرعة ... أمسكت بقبضة يدي كمخبر شرطة أوقع لص غسيل ... توجهت لخولة بلهجة ونظرة تفحّص دقيق لقراءة ردود فعلها الجسدية
لا أعلم كم لبثت لأقدر على بلع ريقي الذي تحوّل لرمل في حلقي ... لم أفهم أنجوت بفعلتي بسبب قصّة خولة أم وقعت في فخ كذبي هذه المرّة ... طول الطريق للبيت أحاول أن أستجمع أفكاري ... لكني لم أقدر ... فقط أمي التي تمسك بمعصمي كطفل هرب من المدرسة وهي تعيده إليها ...
صوت قرقعة بابنا الحديدي تاه وسط صراخ أمي ... جحيم من الغضب والصراخ إنصب على رأسي وأذني ... لم أفهم ولى كلمة من أمواج صراخها ... سوى هذي آخرتها ...
إسترجعت كل ذكرياتي الأخيرة معها ... غضب أمي لا يردعه سوى غضب مقابل ... دون تنبه ولا تحذير ... أمسكت كلتا يديها ودفعتها بقوّة على الكنبة ... رغم محاولتها العنيفة بالتملّص من قبضتي والعودة لموقف السيطرة لكنها فشلت ... أحسست أنها تلك هي اللحظة المناسبة لإنهاء هذا العذاب وهذا العقد من الكذب ...
شعور بالندم تحوّل لغضب لو صارحتها بالحقيقة قبل الآن لهان الأمر قبل أن تدخل خولة في الحكاية ... ربما المال كان سيهدأ من روعها لكن وجود تلك السيدة في حياتي وكل تلك المصاريف عليها فأمي لن تقبل ذلك ولن ترضى بأقلّ من شنقي ...
دون خطّة مسبقة لما سأقول ... إن كان حبل هذه الكذبة سيطول إلى ما لا نهاية ... فليكن ... أمي التي تكوّرت على الكنبة تحاول النهوض غصبا عن ثقل جسدي وقوة قبضتي تنظر لي نظرة ممزوجة بالرعب والحنق ...
قبل أن أخرج وفي حالة من الغضب الهستيري أمسكت مطفأة سجائر كانت على المنضدة وإلتفت نحو أمي التي تكوّرت وأخفت رأسها بركبتيها متفادية أن أصيبها بما أحمل بين يدي ... لم افهم أهو الندم أم الغضب من نفسي أني أوصلت أمي بكذبي لتلك الحالة ... دون شعور وبكل قوتي ألقيت المطفأة على صورة كبيرة لأبي وأمي كانت تزيّن حائط الصالون ... وخرجت من البيت جريا قبل أن تختفي أصوات تهشّم الزجاج خلفي ...
لا أعلم أهي عادة جديدة فيا أم ردّة فعل طبيعية ... بدأت بالجري في الأنهج الفرعية ... بدأ الظلام يسيطر على المكان ... ولم أتمالك نفسي بعد ... شعور مزدوج بالغضب من أمي وعليها ... تراقبني كطفل لم يتعلّم المشي بعد ... هي السبب في كل ذلك ... لو كنت أعلم أنها ستبارك فكرتي لأعلمتها بكل خطواتي لوضعت كل مرابيحي تحت قدميها ... لكنها ترفض وسترفض ... ثم أن تحرجني أمام خولة بعد أن كادت خطتي تنجح في الوصول إلى الشيء الوحيد الذي طمحت إليه ...
ومن ناحية أخرى فضميري يخزني أني سببت لها كل ذلك ... فهي أمي والأكيد أنها تريد مصلحتي حتى وإن كنت أرى أني كبرت على تلك الوضعية من الإحاطة الخانقة ...
جلست على أحد الكراسي الخشبية أستريح من عناء الجري ومن ثقل الضمير الذي خنقني ... كنت أهز رأسي محاولا طرد صورتها وهي تتكوّر مرعوبة من ردة فعلي المصطنعة ... لا أعلم أكانت مصطنعة للخروج من مأزق كالمتاهة لا مناص منه ... أم هي حقيقة ولدتها مشاعر الغضب أنها كشفتني وكشفت كذبي أمام خولة ...
شعور متذبذب تحوّل لأصابع تحيط برقبتي ... كيد القدر الثقيلة التي تطبق على صدري مذ نشأت ... فجأة كسر سكون الشارع دون سابق إنذار ... منبهات السيارات تدوي في الشارع الرئيسي وأصوات صراخ الجماهير يعلو متحديا حرارة الطقس ... بدأت الضوضاء تجذب الناس أكثر فأكثر ...
تمشيت بضع خطوات للشارع الذي يجاور مكان جلوسي ... سيارات تحمل أعلام الوطن ... رجال ترقص وفتية يطلقون الشماريخ ... إعتقدت أن فريقنا الوطني ربح مقابلة مهمة فنحن لا يجمعنا علم الوطن إلا في مباريات كرة القدم ... سرت وسط الهاتفين وقفزت مع القافزين دون أن أعلم شيئا ... بدأت الوفود تتجمّع رويدا رويدا كلما إقتربنا من شوارع أخرى ... هذا يصرخ وتلك تزغرد والآخر يلتحف علما ويجري ...
لكن حسب علمي و أنا المتمعش من نتائج كرة القدم لا توجد أي مقابلة مهمة لا في القدم ولا في اليد ولا حتى في التنس ... في غير تلك الألعاب نحن لسنا مصنفين ... صادف مرور الجمع قرب محل العمدة الذي شاهدته يرفع علامة النصر من أمام الباب .. إنسحبت من سيل البشر المنهمر نحو وسط العاصمة والتحقت به ...
وجهه مستبشر وسعيد ككل الناس ... فهمت منه أن حدثا جلالا حدث في البلد ... قرارات سيادية ستغيّر مجرى حياة دولتنا العليلة ... أحد الحاكمين عزل الباقين وجرّدهم من مناصبهم وسيقوم بحسابهم ... هكذا فهمت من كلماته الكثيرة ... لم تمضي دقائق حتى إقتحمت دبابة الجيش والعربات المصفحة الشوارع وتمركزت في كل مفترق طرق ... وجودهم بعث في نفسي بعض الخوف ... ثم تذكّرت أمي ...
كل تلك المشاعر المتضاربة تحوّلت لخشية عليها ... لا أحد يعلم ما سيحدث ... هي سيقتلها الخوف عليا لو سمعت طلقا ناريا واحد يدوي في الشارع ... ركضت بأقصى سرعتي نحو حينا ... وجدت باب البيت الحديدي مفتوحا كما تركته ...
الصالون مظلم إلا من ضوء شاشة التلفزيون ينعكس على بقايا الزجاج المتناثر في كل مكان ... وصلني نحيب أمي التي رفعت صوت حشرجتها ككل الإناث إذا أرادت هزم ذكر أخطأ في حقها ... منعتني طريقة مغادرتي البيت من الإقتراب والإعتذار ... متظاهرا أن شيئا لم يحدث ...
إما اللإعتراف بكل ما حصل وأدفن هذا الذنب وإما المواصلة وليكن ما يكون ... ثم عدّت للبيت ... وجدت أمي التي تمالكت نفسها بأن غسلت وجهها في الدور العلوي تغيّر ملابسها ... وضعت كل المقتنيات في طبقين كبيرين وصعدت للأعلى ... فتحت البلكونة وسحبت سجادة كانت مطوية بجانب بابها وفرشتها ... الإنارة الخفيفة في الشرفة سحبتها وقد صدمت لكمية الأشياء الموضوعة في الأطباق ... شعرت انها لا ترغب في الجلوس هنا
رحت أسرد ثانية كلامي وكلام خولة وبتفاصيل دقيقة محاولا إلقاء المسؤولية على عاتقها ... كيف أن كثرة الحديث عن موضوع إعجابي المزعوم بتلك السيدة والذي أوصلني للمستشفى جعلني ابحث في عالم الانترنت عن تحليل سليم لمشاعري .. وبما أن عالم النت مليء بالحكايات فقد وجد لينك الجامعة المتخصصة في علم النفس و بالدخول اليها وجدت فيها ذلك العرض عن طلب متطوعين للدخول في تجربة فدخلت لهدفين أولهما أن أعالج إن كان هذا مرض وأن أكسب بعض المميزات العينية ... كبعض الملابس والهاتف وذلك المبلغ
أمي التي خنقتني عن طبيعة العلاقة والتجربة لم تقتنع بكلماتي المقتضبة ... فحقيقة لم أجد ما أقول أن الموقع لم يحددها بعد ... أو ربما ستتحدد كلما تقدمنا في التجربة أكثر ...
وأمام حصار أمي إخترعت تفاصيل كثيرة مصدرها الحقيقة عن الحساب البريدي وأكدت لها مرارا أن تلك المؤسسة تحافظ على سرية شخصية المتطوعين حتى القائمون عليها لا يعرفونهم شخصياتهم الحقيقية ... فقط يجب أن تملأ قاعدة بيانات عنك ثم تدخل في إختبار لمدة أسبوع ينتهي بالحصول على وصل مقتطعات شراء انفقتها في الهاتف والملابس وكيف أني كنت ألجأ لحلاق قريب من البيت لتغيير ملابسي خوفا من أن تكشفني ... ثم ما إن يختارك شريك لخوض التجربة حتى تتحصل على مبلغ 500 دينار وعند نهاية التجربة تحصل على مثلها ....
كلام موزون ومنمّق ... هكذا بررت لامي تواجدي مع خولة دون وجع دماغ يتلو تلك الحادثة أو على اقل تقدير بأخف قدر منه ... وتخلصنا من *** دكان البقالة و وضعت في يدها مبلغا يساعدها ... والاهم سوف أتمكن من الخروج من البيت بملابسي الجديدة .... الإيقاع المتزن لحركة أظافر أمي وهي تفتح حبات الفستق يوحي أنها تركز وتحلل كل كلمة اقولها ... شعرت أن هذا السيناريو المحوّر من قصة نجاة خولة بنفسها ينقصه بعض المؤيدات ...
سحبت هاتفي الجديد و فتحت صندوق الرسائل ... بثقة تامة أن أول رسالة تصلني من خولة كانت الأمس لتحديد الموعد ... أمسكت أمي الهاتف بتملي قرأت الرسالة عدة مرات ثم قلّبت الهاتف بين يديها مفكّرة قليلا ... ثم أرجعت في يدي و بأمر صارم قالت
" وريني الموقع ده "
حشرت حبة فستق في حلقي حتى قاربت أن أختنق بها ... أي ركن حشرت فيه نفسي وأي مأزق ... ياليتني إعترفت قبل هذا ... حركتي المترددة على شاشة الهاتف تعكس توتري ... مستجديا الحظ أن أجد شيئا فقط قريا ولو بنسبة العشر لما أقول رحت أحاول فتح المتصفّح فلا يجيب ... أمام تكرار محاولاتي ألقت أمي برأسها فوق كتفي تراقب حركاتي ... كفأر غريق تعلّقت بآخر محاولة للكذب ... الإنترنت إنقطع ...
أمي التي قامت تنفض بعض غبار السجادة عن مؤخرتها تمشّت حافية أمام نظري الأعمي من الصدمة بحثا عن هاتفها في الدور السفلي ... دقائق كدت اسجد فيها للحظ أن أنجاني من هذه الورطة ... لتعود بعدها متمطية كقطة أصابها النعاس ... بصوت يكسوه المكر قالت أن التلفزيون يذيع أن شبكة الاتصالات انقطعت بفعل عمل تخريبي و يعملون على إصلاحها ... ثم انسحبت لغرفتها ...
دقائق قليلة وانتفضت نحو غرفتي ... إذا كان الحظ يقف بجانبي بكل قواه كي لا يكشف كذبي فلن أخذله ... أمسكت جهاز اللابتوب ... شخص مثلي تدرّب على يد خبير مثل رحيم لن يعجز عن إبتكار موقع ينجيه من عار الحقيقة ... الأمر لم يكن هينا عليا لكنه لم يكن مستحيلا ... وضعت كل خبرتي القليلة ... ساعدتني عودة النت السريعة وشجعتني على المواصلة ... هي إشارة من القدر أن انقطع لينجيني وعاد لينجيني ... سرقت كل المقالات وقلّدت أعظم المواقع المختصة ليخرج شيء قريب للواقع ومقنع ...
تحضير هيكل الموقع وملأه بما يجب أن يوضع فيه من مقالات وتعريف ولينك إتصال وصور تعريفية وغيرها تطلّب مني طول الليل ... هو ككل المواقع المنتشرة ... قبل شروق الشمس شعرت بالعطش فرحت أبحث عن شيء يبل ريقي في الشرفة ... النور المتسلل من تحت باب غرفة أمي يوحي أنها لم تنم ليلتها ... أنا أكثر الناس علما بأمي هي تراجع كلامي وكلام خولة وإستنتجاتها بالحرف لتحشرني ثانية ... أنا أعرف
إستعدادا لهجمة مرتدة منها ألحقت الموقع بموقع فرعي ... تطبيق للاجابة عن الأسئلة والتحاور عبر رسائل الهاتف ... هو نفس التطبيق الذي بدأت حكايتي معه يوم دخول خولة لمحل رحيم ... منه إنطلقنا ومنه ننتهي ...
استجمعت ما تبقى في ذهني من قدرة على التركيز ... مربعات تعمّر من طرف المتطوعين ... أسئلة تعريفية عن العمر والحالة الإجتماعية ... الطلبات المرغوبة في الشريك ... نظرت لعملي بنظرة الفخر ... أمن الدولة لن يكتشفوا تزييفي ... آخر خطوة هي نشر الموقع على النت وكدت أن أصاب بشلل رباعي ... سيكتشف أي زائر للموقع عن تاريخ إنجازه ... وهكذا سقط كل عملي في الماء ...
قررت تركه في في مرحلة الإختبار قبل النشر لا احد يراه ... نسخت اللينك على الهاتف ودخلت منه ...الأمر يبدو منطقيا والموقع يبدو مثاليا لمؤسسة مرموقة تكرم المتطوعين للعمل معها .... إختبرت منظره العام وكل محتوياته بدقة قد لا تفعل مثلها أمي ...
الآن سأغلق كل الملفات القديمة ...سأحافظ على صورتي أمام أمي وسيمنحني ذلك راحة بال و نقطة تفوق على أمي التي تدخلت في حياتي فحرمتني فرصة خوض تجربة طالما تقت إليها ...
أغلقت كل شيء وأخفيت كل آثار جريمتي ونزلت للحمام لأتخلّص من مخلفات يوم التوتر ذلك ... قبل خروجي من الحمام سمعت صوت آمي يدندن أغنية شعبية في المطبخ ... تصنعها للبال الرائق ذاك ينبئ بمصيبة ستحدث ...أنا اعرف ذلك فركت عيني كأني صحوت من نوم ثقيل وخرجت ...
كأن حربا لم تدر بيننا أمس ... سألتني إن كنت أريد وجبة الإفطار ... أنا أريد وجبة نوم طويلة ... قبل أن تطأ قدمي درجة السلم الأولى لحقني صوتها يعلمني أن الاتصالات عادت لطبيعتها ... مصطنعا وجها من الاستغراب نظرت إليها كمن لا يفهم مغزى كلامها ..
بصوت واضح طلبت مني مدها بلينك الموقع ... بعد أن أعلمتني أن الموظفين في إجازة لمدة يومين حتى تهدأ الشوارع ... كدت أسجد لعقلي تقديسا له آن هداني لفكرة الإسراع في عملي ليلة أمس ... عدت نحوها بعد جلبي للهاتف بخطى ووجه الواثق ... فتحت اللينك أمامها وتركتها متعللا بالنوم ...
ثقتي في نفسي وجهدي طيلة الليل سحبني لسبات لم أعلم كم طال ... صحوت وقد ارتحلت الشمس ... وجدت هاتفي على منضدة الصالون ولم أجد أمي ... لم أخرج من حمامي بعد وسمعت صوت حركتها في المطبخ ... كنت منتشيا بنصري عليها ... لم تفتح معي موضوع الموقع ولا خولة ولا حتى إشارة لذلك ... قضينا الليل كله في الشرفة ... لمستها الأنثوية جعلت من الشرفة المهملة أجمل قعدة عربية ... السجدات المهملة مفروشة ومخدات ومساند لم ترى النور منذ عقد أو أكثر ... طاولة صغيرة تتوسطها ...
جلسة لم يجلسها هارون الرشيد في قصور بغداد قديما ... من شرفتنا كنا نراقب الحركة البطيئة في شوارع ألجمها حظر التجوال ... بعض الشبابيك المقابلة تشكل مسرح لظلال الساكنين خلفها ... تحدثنا عن الوضع وعما يمكن أن يحصل بعدها ... عن مستقبل هذا البلد لو حكمه الشرفاء ... بعض أحلام السذج سرقتنا ... شعرت ان أمي أعجبت بتفكيري
القليل من نسمات الصيف العليلة جعلتني أحتج على إهمالها لهذا الكنز طيلة سنين ...قالت بصوت مذبوح أن جلوسها هنا يذكرها بأيامها مع أبي ... قالت انه كان يعشق السهر هنا قبل أن تنبت بعض تلك العمارات التي تغطي الأفق ... لأول مرة في حياتي كنت اسمع ذكريات آمي وأبي بشعور مختلف ... هو بعض الإمتنان له لما أورثني إياه ... فكرته المجنونة لترويض الحظ وأمي ...
إن كنت قد تبعت خطاه في لعبته ونجحت فلا بد أن أكمل ما عجز عنه في إسعاد أمي ... هي رسالة وصلتني من العالمين ... عالم هو فيه يرشدني كيف أكسب مالا لا أهتم لشرعيته ورسالة من أمي التي استحسنت كسري لصورتهما ... رغم غضبي من تعليقها لكن قولها بان صورتي هي التي يجب أن تزيّن أركان البيت بعد الآن ... ربما يجب عليا فعلا أن أملأ الفراغ الذي تركه في حياتها ...
تمطت أمي التي كانت كعادتها تلبس قميصا قطنيا لا يصل نصف فخذيها .. خطوتان وألقت بصدرها على سور الشرفة تنظر للحديقة مسدلة نصفها العلوي للأسفل ... استرسلت في شريط ذكرياتها ... لأول مرة تقول ذلك ... قالت أن أبي كثيرا ما حضنها وهي تقف هنا ... شعرت أنها تدعوني لذلك ... تقدمت منها خطوتين محاولا حضنها ظننت أن ستستقيم لمجرد لمسي لخصرها براحة يدي ... لكنها واصلت أرجحتها المقلوبة ...
مؤخرتها الطرية كانت تتصادم مع ما بين فخذي جيئة وذهابا ... لعبها الطفولي أسعدني ... فأمسكت خصرها بقوة أكثر لأسمح لها بالتأرجح وشعرها متدلي للأسفل بكل ثقة ... كعادتي كل صيف عاري الصدر لا البس سوى البوكسر اللاصق على جلدي ... محاولا تعديل وضعي كي أرفع بطنها عن حائط السور واتركها تتأرجح بحرية ودون تنبيه مني ... ارتعبت لحركتي فدفعت نفسها للخلف لنقع كلانا ...
أنا على الأرض وهي فوقي وظهرها لي ورجلاها للأعلى ... قميصها إنزلق حتى وصل رقبتها ... ظهرها عاري فهي لا تلبس سوتيانة في البيت ... موقعي لم يسمح لي برؤية فخذيها بحكم أن جسمها يحجب عني المجال ... قبل أن انطق بكلمة واحدة إنفجرت ضاحكة وهي تحاول الوقوف ...
إحراجها جعلها تنتقم مني بدغدغتي تحت إبطي وصدري ولمنع حركتي جلست فوق بطني ... بضع حركات إهتزازية مني جعلها تفتح رجليها وتتراجع قليلا لشل كل مقاومة مني ... قماش كيلوتها الوردي يغمزني ويداها تجولان بعنف على صدري ومؤخرتها الطرية تضغط على قضيبي الذي لم يلبث أن أعلن عن وجوده للكون منطلقا للأعلى ... رغم انه يستحيل عليها أن لا تحس به لكن جلوسها هكذا طال وانهمكت في دغدغتي أكثر ... لما شعرت أنها انتقمت مني بما يكفي ... قامت من فوقي تمسح بقايا دموع اغتصبها الضحك من مقلتيها
سحبتني إشارة في الأعلى أن أحدا اتصل به ... كنت متأكدا أنها أمي ... تخيّلت أنها ستستفسر عن كلامي ... فتحت الإشارة لأصاب بصاعقة ... أمي سجّلت للمشاركة في البرنامج كمتطوّعة ... لم يسرح بي الخيال أنها ستكذبني لتلك الدرجة ... تسجّل لتتأكد من صدق كلامي ... فليكن ... هي منحتني فرصة أن أمدها ببعض الأموال وبعض المرح دون عناء ...
قرأت بيانتها هي صحيحة لا محالة
العمر 40 سنة
الحالة الإجتماعية ارملة
الطول 165
الوزن 68 كغ
رقم الهاتف
سبب التسجيل ... تجربة جديدة
العمر المطلوب في الشريك 18- 22
هنا اكتشفت خطئي فبمجرّد فتحي للإشعار التطبيق سيرسل لها رسالة يعلمها بتلقي طلب التسجيل ... وهذا من شانه كشفي لكن لا مفر لقد حصل ما حصل ... أرسلت رسالة أخرى كنت أعددتها مسبقا
" أقر أني بعد قراءة هذه الرسالة أني موافق على كل ما فيها ... المشارك يتعامل مع جهاز الكتروني يقيم الحالة وفق بيانات مبرمج لها لذلك يجب
الإلتزام بالإجابة عن الاسئلة و قول الحقيقة دون غيرها
الالتزام بتنفيذ كل الأوامر الصادرة عن البرنامج حسب ما تقتضيه متطلبات مرحلة المشاركة
الإلتزام بإعلام المؤسسة عن أي إخلال يقوم به الشريك
تطبيق التعليمات الجديدة كل ما اقتضت الضرورة ذلك
لا يمكن الانسحاب من التجربة قبل نهاية المرحلة المسجّل فيها كاملة وإذا حدث ذلك للمؤسسة حرية سحب المكافأة المرصودة
تلتزم إدارة البرنامج بالحفاظ على سرية شخصيات المشاركين والسعي لضمان ذلك
تحذير.. إن كل معلومة تساهم في بناء الشخصية لدينا وهو ما يرتبط بكل الأحداث والطلبات بعد ذلك .. ننصحكم بالصدق
إذا إحتجت للمساعدة نمكنك من الاتصال بمختص نفسي
إن كنت موافق على ما سبق ابعث رقم 1 وان رفضت ابعث رقم 2
ما هي إلا دقيقة ووصلني إشعار بوجود رسالة ... هي رقم واحد دون شك ... من باب التسلية وإن كنت سأدفع لامي بعض الأموال فليكن مقابل بعض المعلومات ... بعثت رسالة أخرى ورائها ...
أرسلت لها رسالة
" لقد تم تقييم مشاركتك ... حصلتي على 480 نقطة ... الرجاء مدنا برقم حساب بنكي أو بريدي لتحويل مكافأة التسجيل ورقم صندوق بريد لتلقي الهدايا "
لم تمضي نصف دقيقة ووصلني رقم حساب .. لكن لا أظن انه حسابها ... دخلت موقع البريد وقمت بتحويل مبلغ 480 دينار من حسابي لحسابها ... الشيء الوحيد الذي تطوّرت فيه تونس هو سرية الحسابات المالية ... بعد دقيقتين فقط كنت استمع لتنهيدتها تلهب جو الشرفة قبل سماع طنين هاتفها يعلمها بوصول رسالة ... طال إنتظاري لها أن تدخل غرفتها عبثا ...
فتحت الباب لألمح طيفها متأرجحة على سور الشرفة كما فعلت قبل قليل ... السعادة تشع من جلد فخذيها قبل وجهها الذي لم ألمحه ... لم تمضي دقيقتان وألحقتها برسالة أخرى ...
هل ترغبين في دخول المرحلة الثانية من البرنامج أجب بنعم أو لا ... لم أتوقع سوى إجابة نعم ... لكن هذه المرحلة ستدخلني في حارة مسدودة قد تكشف كذبي ... ماذا إذا طلبت أمي مقابلة احد الشباب ؟؟؟ ... غلبني غروري وثقتي بأن أمي لا تريد فقط سوى إغلاق تلك الفكرة نهائيا ... فقط هي سترى صور الشباب المشاركين و تتأكد ... التحويل قد وصلها وهو تأكيد شبه كلي على صحة كلامنا أنا وخولة ... فقط هي تريد المزيد من الأدلة ...
دخلت على الانترنت في موقع مواعدة أوروبي إخترت بضع صور لشباب دون وجوه ... بلباس كامل عاري الصدر .. ببوكسر فقط ...بلباس بحر ... هذا يستعرض عضلات يديه والآخر فخذيه ... أنشأت موقع رديفا لموقعي ونزلت الصور وصور لي التقطها في الحين كلها ببوكسر غير الذي ألبسه ... كل شخص ركبّت له رقما معقدا ليبدو الأمر أن المشاركين كثر لا غير
فقط هي رسالة عن تحديد المنطقة السكنية المرغوب منها الشريك ... ثم أرسلت لها اللينك ... كنت أتوقع أن تنتهي مغامرة أمي هنا ... أنا موجود وسط بضع شباب من سني على موقع علمي وجدتني عليه خولة فتقابلنا .. هي غنمت بعض المال وأنا إكتفيت من الغنيمة بالسلامة ...
ما هي إلا دقيقة ووصلتني رسالة عليها رقم تسجيلي الوهمي ... توقف قلبي وعقلي لبرهة عن العمل ... إلى أين تريد تصل بشكوكها ... أمي تريد مواعدتي ؟؟؟ ... يجب على هذا الجنون أن ينتهي ...
أرسلت لها رسالة كنت متأكدا أنها ستنهي الموضوع من أصله .... طلبت منها بعض الصور ليراها الشريك ليحدد موقفه بالموافقة أو عدمها ... سمعت باب غرفة أمي يغلق بالمفتاح ... ابتسمت في سري ظنا أني هزمتها ... واستلقيت على سرير أطلب النوم ... لم تنطبق رموشي بعد صوت إشارة خفيف يرن من جهاز اللابتوب ...
خمس صور تصلني من الغرفة المجاورة ... اثنان وهي واقفة أمام مرآة خزانتها تلبس تنورة سوداء لا تصل نصف فخذيها وقميصا ابيض فتحت زرين أعلاه ليظهر مفرق صدرها ... وواحدة تجلس على حافة سريرها تضع رجلا على رجل ومجمل فخذيها عاريان ... وأخرى نائمة على السرير ومؤخرتها مرفوعة للأعلى ... أمي لقد جنّت حقيقة ... هذه صور لموقع مواعدة وردي ... إنها دعوة لل****** ...
كيف تجرأت على ذلك حتى وإن أخفت وجهها ... فكرت أن لا أرد عليها ولكني أردت معرفة مدى شكوكها بي هي حتما تريد إختباري ثانية إن كنت سأقول الحقيقة أم لا ... وإلا لما اختارتني دونا عن الموجودين ... للتأكد من ذلك بعثت رسالة أطلب منها إن كانت تريد نشر الصور علّ أحد المشاركين يدعوها لخوض تجربة أو أنها تريد إرسالها حصريا للشريك المطلوب ...
هي تؤكّد في الرسالة على خصوصيتها وأنها لا تريد لأحد أن يراها غير الشريك المطلوب ... هنا توضّح الأمر بالنسبة لي ... هي تريد فقط إختبار معاهدة الصدق بيننا ... وللخروج من هذا المأزق توجب عليا السهر ثانية لتسجيل نفسي على تطبيق الموقع ثم إستقبال رسائل منه ثم مصارحتها بالأمر ... أنهيت كل ذلك العناء المجاني بعد الفجر فوجدت أمي قد نامت ...
إستسلمت لنوم عميق غير مريح ... حلمت بخولة في محل التدليك ... وحلمت بأمي تجلس مكان إيمان وخالتي تعمل بالمقهى كنادلة ... عرق وحرارة ونوم مجنون وأحلام من الجحيم ... صحوت عند غروب الشمس مثقل الخطى مشلول التفكير ... رسالة من آمي للبرنامج فيها رقم صندوق بريد ... هي لا تضيع وقتها ... وجدتها قد سيّقت الشرفة وفرشتها ثانية ...
قبل أن أنادي عليها وضعت في يدي ورقة نقدية وطلبت مني شراء بعض مستلزمات السهرة .... عند عودتي وجدتها جالسة في الشرفة تداعب هاتفها ... وضعت الكيس بكل ما فيه أمامها وقررت إنهاء هذا الأمر الآن ...
الجزء السادس
غير مستوعب كلمات أمي ... حاولت التفرّس في وجهها مستنكرا قولها علّها تتراجع او تفسّر ... لكنها صمتت ... كعادة كل مذنب قتلني الشك القريب لليقين أنها كشفتني وتسايرني فقط لأعترف ... لم أجد مهربا إلا الإستمرار ... حقيقة لم أصل بعد لدرجة فهم ما تروم إليه ...
أمي لن تتخلى عن طبيعتها في محاصرتي ... حتى في تجربة خيالية أنتجها تسلسل كذبي تتبعني ... لم تتركني تلك الليلة حتى تأكدّت أني أرسلت قراري بالموافقة على قبولها كشريكة في التجربة ولم تهدأ حتى وصلتها رسالة من التطببيق عليها رقم هاتفي ... حرصا منها أن تلعب الدور كما ينبغي أرسلت رسالة تؤكد فيها الموعد معي ... يوحي أنها مقتنعة حد اليقين بالفكرة ... قالت من يدري ربما سيطلبون يوما دليل تأكيد على ذلك ...
ألقيت راسي تصارعني فكرتان .. الأولى تسعدني كوني نجوت من سيل المشاكل التي فتحتها على نفسي ... والثانية تخز قلبي أن عفريت الكذب الذي أطلقته قد تمرّد على قدرتي على السيطرة عليه ... إلتحقت بغرفتي محاولا التركيز لإعداد برنامج أسئلة الغد لكلينا ... الأمر أصبح صعبا بعض الشيء ...
إستعنت ببعض المواقع على الانترنت لتجارب مماثلة ... لم أجد الكثير لكن على الأقل فهمت مبدأ الخطوات الأولى ...
قديما قالوا أن من يمتلك الفيزياء يحكم العالم ... وأنا إكتشفت أن من يمتلك الرياضيات يروّض الحظ ... وتقريبا بدأت أجزم أن من يمتلك المنطق يخضع المشاعر... بنفس المبدأ الذي سارت عليه خطّة أبي ... هي فرضيات لإحتملات يمكن أن تفكّر بها أمي ... سواء بالقبول أو الرفض ... جواب يؤدي لسؤال ...
تسللت صباحا لمركز البريد ... وضعت في الصندوق الذي أرسلت أمي رقمه لي قصاصات شراء بقيمة 500 دينار هو مبلغ يمكن انو يوفر لها بعض الإحتياجات ... رسالة من البرنامج تعلمها بذلك وبعض تفاصيل حجوزات في مركز تجميل وحلاقة ...
حسب اتفاقنا فإن الموعد سيكون بعد الظهر في أحد الكافيهات الراقية ... ولمزيد الحرص منها أصرّت أن يذهب كل منا لوحده ... قالت ربما نكون مراقبين أو تحت الدراسة ... هنا أيقنت أن أمي غرقت حد منخريها في هذه اللعبة ...
تجوّلت كثيرا في المدينة أضحك من نفسي وأين أوصلني كذبي ... خارج في موعد تعارف مع أمي ... ما هذا الهراء ... حاولت مواساة نفسي بكون الصدفة منحتني فرصة توفير بعض المتطلبات لها دون شكوك ... هي حتما ستشتري ملابس وعطور ... هذا سيجعل القسمة عادلة بيننا ...
قبل الموعد المتفق عليه بقليل .. دخلت الكافيه وإخترت مكانا منزويا بعض الشيء ... خشيت من أن يراني أحدهم وأنا لا أحد يعرفني أصلا ... هو خجل يسكن روحي فإنعكس على إختياري ... بضع دقائق وأطلّت أمي ... في أول وهلة لم أعرفها ... قصّت شعرها ... نصف خصلة سوداء قانية مسدلة على عينها اليسرى التي تغطيها نظرات شمسية نسائية شفافة ... بنطلون جينز أزرق يعاني لحشر استدارة فخذيها فيه ... وقميص ازرق مجعّد بلا أكمام يتباهى تحته زنداها اللامعان ... فتحت سلسلته الأمامية لتهدي للناظرين خط الحب الفاصل بين نهديها المرفوعين للأعلى ...
كممثلة بارعة وقفت تبحث عن شريكها المرتقب وكأنها لا تعرف شكله ... إمتزج عندي شعور بالضحك والصدمة والسرور ... أمي مسحت 10 سنين أو أكثر في اقل من نصف يوم ... إبتسامة أشرق معها وجهها وهي تتجه نحوي ... نصف غمزة أيقضتني أن أقف مرحبا بها ... مصافحة خفيفة و ملامح وجهينا ترسم ملامح الإكتشاف المزيف .. أنا حقيقة كنت أكتشف شخصا جديدا ... زاد سروري أني بعثت فيها الروح من جديد ...
جلست تقابلني وهي تتملى في وجهي خشية أن يكون أحد من البرنامج يراقبنا ... المكان المنزوي زاد في حميمية الجو ... أمي التي أكبرت إختياري ذهلت لما إقترب منا النادل واضعا بعض الورود وشمعة تفوح منها رائحة عطرة ...
كنت أرد بكلمات مقتضبة على حواري مع وفاء ... وعقلي يلف في المقارنات ... عدت لإنطباعي عن أمي وخالتي ... أمي أجمل بكثير غير أن هيأتها كانت تخفي حسنها ... بعض العناية أعاد التألق لزهرة طمرت تحت تراب الهم لسنين ...
النادل الذي أيقن بما لا يجعل مجالا للشك أننا عاشقان راح يمطر آذاننا بجمل المديح والتمنيات بالهناء ... كنا نكبت ضحكنا كلما أسمعنا كلماته ... قطع جلستنا مصوّر جوّال ... قالت أمي أن توهمت أن تلك المهنة إندثرت مع الزمن ... طلب منا الوقوف لصورة للذكرى ...
وضعية محرجة نوعا ما لكن مع تشجيع وفاء إستجبت لطلباته ... كانت تضع يدها اليسرى أعلى من رقبتي بقليل بين الأذن والشعر ... واليمنى تضعها على كتفي ... يمناي وضعتها حسب طلب المصوّر على خصرها الأيسر ... مع إصرار مصور الحب أن ترفع قميصها قليلا لتلامس أناملي نعومة جلدها ... كنت أنظر لوجهها مباشرة وهي تنظر نحو قدمي المصوّر ...
أحسست أني ملكت الدنيا لدقائق تمنيت أن تطول أبدا ... تركنا محرّك المشاعر هذا وهو يعدنا أن الصورة ستجهز خلال ربع ساعة ... تلك الفترة الزمنية الوجيزة لم تكفي لاسترجاع الوعي من كلينا ... كل واحد منا سرقته مشاعره ليطبق الصمت على جلستنا ...
ما إن عاد نحونا ممسكا تلك الورقة بين يديه ... حتى غيٍّرت أمي موضع جلستها ... سحبت كرسيها وجلست بجانبي ... رشقت عيناي في الصورة ... قدوم أمي بوجهها نحوي لم يمنحني فرصة التركيز في خلفيتها ... في الصورة إكتشفت أن بنطلون الجينز يصارع لإحتواء تدوّر مؤخرتها ... خياطة القماش السميكة تنغرس بين الهضبتين اللينتين ...
طال تركيزي في الصورة لدرجة جعلت أمي تنطق مستفسرة سبب صمتي ...
تقابلنا عند بداية شارع بيتنا وتمشينا نحو البيت ... قبل الباب بقليل إنفرط رباط حذائي فإنحنيت أربطه بينما سبقتني هي بخطوتين ... رفعت راسي لأجدها واقفة تصارع الباب الحديدي وهو يعاندها ... قبل أن أستقيم في موضعي ألتفتت نحوي تطلب المساعدة ... لم أفهم سبب فتح ثغرها بتلك الطريقة ...
دفعة قوية من كتفي للباب الذي انصاع غصبا عنه ليفتح مع إنفتاح عيني أمي دهشة ... دهشتها غطّت على دهشتي حين وصلني إشعار من جهاز اللابتوب ... أمي لم تغيّر ملابسها بعد وإنهمكت ترد على رسائل التطبيق
تخلّصت من ملابسي وبقيت بالبوكسر وتسللت للشرفة أراقب غروب الشمس ... وفاء التي خرجت تتمطى حافية متفاخرة في قميص بيت خفيف يصل أسفل ركبتيها كشفت مكاني فلحقتني مستفسرة إن كنت أجبت عن أسئلة الموقع ... تقريعها لي على تهاوني في أمر مهم يؤكّد أنها أصبحت ترى تلك اللعبة كمصباح علاء الدين ... وقفت بجانبي تملي عليا إجابتي خوفا أن تتعارض إحداها مع خطتها ...
بعد تأكدها من سلامة إجاباتي نزلت للدور السفلي تجلب بعض مستلزمات الجلسة التي صارت معتادة بالنسبة لكلينا ... توقيت غيابها كان فرصة لإرسال رسالة لها ... أعلمتها أن المرحلة الموالية من البرنامج جاهزة ...
كنت اسمع وقع خطى أمي مسرعة تصعد السلم نحوي لتبشيري بما أعلم ... وقفت بجانبي تستعرض فكرة الأسبوع القادم ... كنت امتلأ فخرا وهي تشيد بحرفية هذه المؤسسة ... قالت أن المراوحة بين ما يحبه الشباب وما تتمتع به سيدة في سنها دليل على أنه برنامج علمي مدروس ... كان صدري يهتز ضحكا من سعادتي كوني خدعتها ...
ما إن أرسلت رسالتها بالموافقة مع بعض الإحترازات كون هذه الجولات مكلفة وأنها لا تمتلك ثوب سباحة وغيرها من الأعذار التي توحي بطلب للمال كما توقعت حتى وصلتها رسالة تؤكّد أن الموضوع سيدرس و سيجاب عنه ...
وجودي بجانبها والرسائل تصلها تلقائيا أكّد براءتي من أي تدخّل في الموضوع ولكي يصبح الأمر رسميا وصلتني رسالة تطالب تأكيد الموافقة على البرنامج والموافقة على أن تتولى هي إدارة المرحلة بكل متطلباتها المادية وإختيار الأماكن وغيرها ... فوافقت ... هكذا القي الأمر على عاتقها ...
بمجرّد انسحابها لغرفتها قمت بتحويل مبلغ ألف دينار لحسابها ... قبل أن أرجع هاتفي لمكانه ... فتح باب الغرفة فجأة لتدخل أمي مسرعة مستبشرة بخبر وصول ذلك المبلغ لحسابها ... كنت لا اسمع شيئا من كلامها ... فقط عيني تسمّرت في جسمها ... كانت ترتدي ملابسها الداخلية فقط ... الاندر وسوتيانة ...
ربما انفعالها جعلها لا تنتبه لذلك ... ارتمت في حضني تعانقني ... حركتها المفاجأة أوقعتني على السرير وهي فوقي ... ملمس جلدها الناعم يؤكّد أن زيارتها لمركز التجميل قامت بواجبها ... هي نفس النعومة التي لاحظتها عند ملامستي لبطنها وقت الصورة ...
دوت ضحكة منها مستهزئة بي ... حيث أنها كثير ما تسببت في وقوعي ... استفزازها لي جعلن انتفض من تحتها .. لأضع يدي تحت خصرها والأخرى تحت رقبتها وأن أرفعها للأعلى وأجري بها لغرفتها ... من مفاجئتي لها تعلّقت في رقبتي خشية أن تسقط ... ألقيتها فوق سريرها الواسع وهي تصرخ بدلال ورعب معا ...
أغلقت الباب خلفي مدعيا الغضب ... وهربت لغرفتي محاولا طرد تلك الصور من عقلي ... أمي انقلب حالها بهذه اللعبة السخيفة ... من ناحية فعلاقتنا بدأت تبنى على نحو يجعلني سعيدا بالتقارب معها ومن ناحية لو تواصل هذا القرب فسأختنق ... الصيف ذهب نصفه قريبا سأسجن خلف أسوار الأكادمية ... لم أتمتع بعد بسهرة ... لن أجد الفرصة لأي شيء يرضي عطشي الروحي بوجودها ...
تصرفاتها معي أصبحت أكثر ودا ... لم تعد تحافظ على حذرها في الكلام أو اللبس أو الجلوس بجانبي ... وضعها المادي تحسّن بسرعة هي لم تتخيلها ... سعادتها بملابسها وبتلك المبالغ التي دفعتها لها جعل عاطفتي تتغلب على أنانيتي ... فليكن هو أسبوع أتمتع فيه برؤية وفاء سعيدة ... ثم لا تلبث خالتي أن تعود وسأعمل خلال هذا الأسبوع على انتزاع بعض الحريات منها ... كالسهر أو ربما المبيت خارج البيت ...
هي ستعود لمرافقة خالتي مع تلك التغيرات فيها وأنا يجب أن أعمل لأتمتع بما بقي من الصيف .... إستسلمت للنوم ... كثرة أكلي للمكسرات والأطعمة الدسمة دفعا الدم في شرايين قضيبي ليلا ... أحلام وردية ملخبطة الملامح كقناة مشفّرة ... صحوت مبكرا على غير العادة ... ملطخا ويغسلني العرق ويخنقني العطش ...
نزلت للحمام أتخلّص من رجس ذاك الحلم ... انعدام الحركة أوحى لي أن المكان فاضي ... فتحت الباب ليسبقني صراخ أمي التي كانت تقف أمام المرآة بملابسها الداخلية تعدّل ماكياجها من علب جديدة رصفتها أمامها
توجهنا لمدينة الألعاب منذ الساعات الأولى للصباح ... المكان لا يزال خاليا نوعا ما ... الدخول لمدينة الملاهي يحيي في الصدر عبث الصغر ... هذا للناس العاديين فما بالك لمن سجنت براءة نعومة أظفاره بين قضبان الفقر ... هي الزيارة الأولى بالنسبة لي ...
وجه وفاء المشرق سعادة يعكس رغبتها في الإنطلاق ... أفطرنا في مطعم هناك ثم بدأنا نجول بين أحياء تلك اللعب والألعاب ... صدق من سماها مدينة ... شاسعة جدا تتوه بين ثناياها ... كصغيرين لعبنا كل الألعاب ... عقارب وقت المرح تطير ولا تزحف ... رويدا وريدا بدأ الناس يرتادون المكان ... مع شعورنا بالإنهاك من اللعب ... طلبنا بعض الراحة ... في أقصى نقطة من المكان علامة كبيرة تشير إلي " قطار الرعب " ... بعد جدال لم يطل قررنا خوض التجربة ...
الشمس قاربت على المغيب ... كغيرنا من الراغبين وقفنا في الصف المؤدي لمدخل اللعبة ... الصف كله مكون من الأزواج ... ولد وبنت ... رجل وسيدة ... رجل وشابة ... وأنا وأمي ... العربة تحمل أربعة أشخاص ... قابلنا رجل في بداية الأربعينات وشابة في بداية العشرينات ... جلسنا في موضعنا وثبتنا موظف بأحزمة لا يمكن فكّها ... وبدأت العربة تتحرّك ...
على سكة حديدية بدأت رحلتنا ... بعض خيوط العنكبوت و صور لبعض الوحوش ... المشهد يبدو عبيطا نوعا ما ... بدأ القطار يسير ويدخل بنا في نفق مظلم ... متحفزا لأي مفاجأة يمكن أن تسبب لي رعبا تستغله أمي في السخرية مني ... رحت أجيل نظري ... مرة يصدمنا قاتل بسيف ومرة ندخل في شبابيك عنكبوت ما إن تمسح وجهك منه حتى ترعبك صورة ثلاثية الأبعاد لثعبان واقع في حجرك ...
ما بين النفق والنفق يدخل بعض بصيص نور يسقط على موضع جلوس المقابلين لنا ... الرجل و الفتاة ... من خلتهما أب وإبنته يحتضنان بعضهما وشفاههما متلاصقان ... قبل عنيفة وحارة تعكس شوقا وحبا جارفا ... شعرت بالحرج فأردت التركيز في اللعبة خوفا أن يكشفا تطفلي ... نصف نظرة لوجه أمي الذي عكست حمرة وجنتيها أنها رأت ما رأيت ....
لا أعلم هل شعرت بي أم أنه خوفها من مفاجآت اللعبة جعلها تتأبط ذراعي بقوة بكلتا يديها ... لمزيد طمأنتها ضغطت بقبضتي ليتضخّم حجم عضلة زندي بين أصابعها .. وصلني أثر ابتسامتها من نصف الحفرة التي رسمت على وجنتها ...
عند توقّف القطار في آخر المسيرة التي لم أرى نصفها تقدّم منا موظّف آخر يفك أحزمتنا ... بدأ بمرافقينا العاشقين ... عند وقوفهما نزلت البنت مباشرة من أمامي بينما تأخّر الرجل لثواني يعدّل هندامه ... إنتفاخ بارز للعيان بين فخذيه على بعد نصف شبر من عيني أمي التي تجلس أمامه ... من خجلها أشاحت بوجهها نحوي لتلتقي عينانا وننفجر ضحكا ما أصاب الرجل العاشق بإرتباك دفعه للهرب ...
الرجل وسط ارتباكه تعثّرت رجلاه في طرف العربة ليسقط أرضا تحت قدمي مرافقته ... كانت صدورنا تهتز كاتمة ضحكا قد يزيد الموقف إحراجا ... ما إن تخلّصنا من أحزمتنا حتى إنطلقنا للخارج وقد دوّ صوت قهقهتنا غصبا عنا ...
تمسكت أمي أكثر بزندي محاولة التماسك من أثر الضحك ممسكة بطنها ... فأعدت نفس حركة ضغط العضلة ... شعرت بإنكماش يديها على زندي كأنها تقيس محيط ذراعي ... للتظاهر ان الحركة كانت عادية فاتحتها بالحديث
إنقرضت سيارات التاكسي من الشارع ... فقررنا المشي ... لن نمشي كل تلك المسافة لكن على أمل أن نبتعد عن الزحام فقط .. في الطريق ولكي تزيد المعانات إنكسر قدم حذاء أمي ...لتبدأ بالمشي متعرجة ... وسط سخريتي من بخلها كونها تختار ارخص الأشياء ... وكعقوبة لي وبحركة مفاجأة تسلّقت ظهري آمرة إياي أن أحملها حتى نجد وسيلة نقل ...
يداها تلتفان على صدري وقدماها على خصري و يداي تمسكان قصبتي رجلها أن تقع ... ولحسن حظي أن لا يفضحني تعبي أمام وزن أمي على ظهري ... صوت فرملة سيارة تقف بجانبنا ... فتح الزجاج لنلمح شابا في مثل سني يركب بجانب سيّدة لم أتبين ملامحها بعد حتى بادرنا بالسؤال إن كنا نحتاج مساعدة ...
كانا يظنان أنا تعرضنا لحادث أو ما شابه وسط ضحكنا جميعا أن الموضوع هو فقط تمزق حذاء أمي أصرا أن يقلانا إلى وجهتنا وسط إعتذارات لبقة من وفاء ... في الطريق أصرت وفاء أن اناديها باسمها خشية أن تكون تلك السيارة مراقبة من البرنامج ...
رفضا الاثنان دعوتنا للدخول لضيافة غير مبرمجة ... هي دعوة الكل يعرف أنها مجرّد كلام كرد الجميل ... ما إن إنطلقت السيارة حتى أرادت أمي التعلق بظهري ثانية وسط تذمري ... قالت أن عقوبتي على قلة أدبي هي أن أوصلها للبيت محمولة... وبحركة لم تتوقها لففت يدي تحت ركبتيها والأخرى تحت إبطها وأرفعها فجأة ... دفعت الباب برجلي فإستجاب غصبا عنه ودخلت البيت جريا لأرميها ككيس حنطة فوق الكنبة وأنا ألهث ...
لتخرج منها صرخة ألم " لا رومنسي عالآخر يا ولد "
سعيد بكل أحداث هذا اليوم ... وفرح بفرح أمي ومبتهج بالتقارب الذي نشأ بيننا ... ومنهك من أثر يوم طويل خلعت كل ملابسي وإرتميت على سريري ... لم يسعفني النوم أن أسترجع كل تلك الذكريات ... على صوت أمي تهز كتفي بنشاط شديد توقظني من سباتي ... كمن عاد من العالم الآخر ... عظم رقبتي يؤلمني فلم اقدر على رفع راسي ... مستنكرا توقيت بداية اليوم سحبت اللحاف وغطيت وجهي طلبا لدقائق إضافية من النوم ...
أمي التي زاد صراخها تسحب اللحاف ثم تصمت فجأة كم صعقه التيار الكهربائي ... إنهاكي ليلا منعني من تغيير البوكسر فنمت دونه ... أجزاء من الدقيقة عم فيها الصمت وأنا غير مدرك ما حدث ... ليلحقني صوت أمي من قرب الباب تأمرني أن أستعجل في تجهيز نفسي ... عند فتح نصف عين لمحتها تقف أمام الباب وتنظر نحو نصفي السفلي ثم إختفت ....
لم أشأ إحراجها أكثر خوفا على وضعية التقارب والسعادة الناشئة بيننا ... إلتحفت بشكيرا ونزلت أطلب حماما بارد أنفض فيه كسل عضلاتي ... التسوّق مع إمرأة هو الجحيم بالنسبة لأي رجل ... مزودين بمقتطعات الشراء ومبلغ من المال لجأنا من حر الشمس لمول المدينة ... ساعتها أيقنت أن عذاب مدينة الملاهي ارحم من المشي ككلب حراسة وراء وفاء ... دخلت كل المحلات وقلّبت كل المعروضات وناقشات كل البائعين والبائعات ولم تشتري شيئا ...
أمام إحتجاجي هربت لمحل لبيع ملابس الرياضة والسباحة ... إخترت شورت أزرق قصير لي وهممت بالخروج فتذكرت تلميح أمي يوم حوارها في التطبيق عن عدم إمتلاكها للبس سباحة .. وقفت طويلا أمام التماثيل المعروضة .. فجأة قفزت في ذهني تلك الصورة في البوم صور أبي ... لم أجد نفس النموذج لكني وجدت نفس الألوان ... حملت كيس مشترياتي الخفيف ورحت أطوف المحلات بحثا عنها ...
عدنا لبيتنا وقت المغيب ... أمام تذمري وشكواي من ألم قدمي ... إقترحت أمي عليا تدليكا خفيفا ... نمت على الكنبة على وجهي فضحكت مني ... سخريتها زادت وهي تخلع عن حذائي ... أمرتني بنزع الشورت والقميص بينما ذهبت نحو الحمام تجلب علبة زيت لم أشم رائحتها في بيتنا من قبل ...
ما إن لمست أناملها أسفل قدمي حتى إستذكرت كل تلك المشاعر الموؤودة في محل خولة ... أغمضت عيني وسرحت في خيالي ... أحيانا تخرج من حلقي تنهيدة ألم كل ما ضغطت امي على عضلة متوترة في قدمي ... أصابعها الغارقة في الزيت ولمساتها العشوائية على عضلات فخذي وذكرياتي السابقة بعثت في قضيبي روحا لم أعهدها فيه من قبل ... وضعية نومي هكذا غير مريحة ...
جف حلقي وهي تأمرني أن اعدل جلستي وأنام على ظهري ... لكن لم أجد مهربا ... إن رفضت كشفت وإن أطعت فضحت ... قررت التعامل كأن الوضع طبيعي ... كان أمي تشيح بوجهها نحو الطاولة تبحث عن علبة الزيت ... أخفيت وجهي بمخدة كنعامة في صحراء الخجل ...
نصف دقيقة لم أفهم فيما أنفقتها أمي ... بدأت بحركات سريعة على أصابع قدمي ثم قصبة رجل ... ثم طال تدليكها لركبتي ... وزاد ضغطها على عضلات فخذي ... وطال ضغطها بإبهاميها معا على العضلة الداخلية المعروفة بالرقيقة ... تلك العضلة التي تنبت من جانب الخصيتين وصولا لنصف الفخذ ... إبهامها كان يتسلل عنوة لتحت البوكسر فيلامس منبت كيس بيضاتي ... لا أعلم كيف تخيّلت يدها الغارقة زيتا تمسك قضيبي ... هي نفس ذكرياتي يوم حلبت خولة رغبتي ...
في جو من الصمت القاتل حرجا ... حرّكت رأسي فتزحزحت المخدّة قليلا عن عيني ... أمي كانت تفتح رجليها فوق ركبي منحنية مركزة في تدليكها وعيناها لا تفارقان قضيبي وعقلها ليس معها ... حركة من يدي لأعيد المخدة لمكانها أعادت أمي للواقع ...
إنسحبت نحو الحمام وهي تقول لي " كفاية عليك كده " ... طال مكوثها في الحمام فلجأت لغرفتي ... لم أفهم ما هو الشعور الذي تملكني ... مزيج من الخجل والغضب والندم... لكن لذة تلك اللمسات الممزوجة بذكريات مريرة لم تفارق صدري ... ونمت ...
كصبيحة يوم أمس ... إعصار من الصراخ والأوامر أن أستيقض ... دون مقدمات سحبت أمي اللحاف من فوقي ... كنت أرتدي البوكسر فلم يطل مكوث أمي في الغرفة ...
تناولنا إفطارنا قرب مدينة الألعاب المائية ... عند دخولنا أمي قالت أنها لن تشاركني اللعب ستكتفي بالمشاهدة ... أمام إستنكاري وتهديدي أن البرنامج يمكن أن يلغي إشتراكنا لو علموا ... تحججت أنها لا تملك لبس سباحة ... فغر فاها وهي تأخذ من العلبة التي سحبتها من حقيبتي ...
لبس الشورت وبقيت انتظر خروجها من غرفة ملابس السيدات ... مر وقت طويل قبل أن تقف أمامي وهي ترفع نصف حاجب ... المايوه كان عبارة عن مزيج بين القطعة والقطعتين ... شريط أزرق غامق يغطي ثديها الأيمن ليختفي فوق كتفها وأخر أزرق فاتح يغطي ثديها الأيسر ليلتصق بشريط آخر في جنب بطنها ثم يسير عكسيا ليمر ما بين فخذيها ويتقاطع معه شريط معاكس في اللون ...
شكله كأنه إنعكاس ظلال شباك مموج ... كتفها عاري نصف صدرها عاري من الوسط ونصف بطنها عاري ونصف اسفل بطنها عاري وفخذاها عاريان ... قبل أن تقترب مني لفّت لتريني ظهرها وهو الشيء الوحيد المستور ... مع تكور مؤخرتها كان ظل ما بين فردتيها يلاحظ من على بعد ميل ...
لم أجد لا كلاما ولا ردة فعل ولا تعليق ..أنا من إشتراه ... فأمسكتها من يديها كعاشقين تمشينا نحو المسبح ... الماء البارد خفف توتري والكل هنا لا يلبسون شيئا تقريبا فلم تكن نشازا ... أمي رفضت أن تشاركني في أي لعبة مرتفعة متعللة الخوف ...
سرعان ما أصابني الملل من اللعب لوحدي فهربنا من قيض الشمس .للمشرب ... كأسا عصير فراولة من الجم الكبير تسبح فيهما قطع الثلج كانا فرصة لبدأ الحديث ...
بخطوات واثقة يهتز معها صدرها الضخم المحشور في قطعتي قماش سود كجزيرتي الإخوات في بحر جلدها الابيض ... تقدّمت منا وسط إستناكرها عدم معرفتنا إياها ... عرّفتنا بنفسها هي السيدة التي أقلّتنا بالسيارة ليلة أول أمس ... أمي التي غمرها الخجل والإرتباك أصرّت أن تدعوها للجلوس كإعتذار وتعويض وإمتنان لجميلها ...
مقلتي تصارعان جاذبية جسم تلك السيدة أن تخرجا من محجريها ... كل ما في جسدها ضخم دون سمنة ... شفاه مكتنزة ووجنتان مكتنزتان تحت عينين خضر ... حتى إستدارة رقبتها سميكة ... لم اسمع أي كلمة بينها وبين وفاء ... كنت تائها في هذا التناقض اللذيذ ...
جسد ملآن دون زيادة ... بطن مسطّحة زادت في بيان حجم صدرها الرهيب ... لم أهتدي بعد لإكتشاف فخذيها وقدميها حتى أخفتهما تحت الطاولة ... طال حديث التعارف بينها وبين آمي ... أمي التي لم تكن يوما إجتماعية تحوّلت في لحظات إلى متحدّثة لبقة ... لم أصحو من سكرتي بعد حتى سمعت صوتها تنادي بقوة " فؤاد ... فؤاد " ...
تقدّم نحونا ... رغم أنهما إصطحبانا في سيارتهم قبل ليلة لكني لم ألاحظ ذلك فيهما ... فؤاد هو إبنها في مثل سني ... لا اعلم إن كان مصطلح جميل ينطبق على الذكور لكن هذا الفتى جميل ... جميل لدرجة أن أمي مسحت كل تفاصيله بعينيها ... بعد مصافحتي بحرارة سلّم على أمي ... قبلاتان من الخد للخد تعتبر عادية في مجتمعنا ... لكن أحسست أن أمي شدّت إليه ...
شعر أصفر ناعم وعينان خضر بملامح عربية ... تلك المميزات العرقية منتشرة نوعا ما في شعبنا لكن صراحة ليس بكل ذاك القدر من الوسامة ... عضلات صدره وذراعيه بارزة رغم عدم تناسقها مع مكونات نصفه الأسفل ...
السيدة إسمها فائزة كانت مقيمة في الخليج وعادت لأرض الوطن ... فؤاد هو إبنها الوحيد من زيجة لم تطل ... ما فهمته من حديثهما أنه عاش في بيت جدته وأنهما هنا لتعويض ما فات ... شعرت بالغيظ من تركيز أمي مع كل تفصيلة تحكيها فائزة عن إبنها وفي المقابل هي لم تروي شيئا عني ...
مازاد حنقي أنها أكبرت إختيار فؤاد لكلية الإعلام والصحافة ... قالت أن مؤهلاته ستجعله نجما من نجوم الإعلام عندنا ... إنتهى كأس العصير ولم ينته مديح أمي لهذا الشاب الذي وقع أمامنا ... كنا نجلس بالخلاف ... أنا أجاور يمين أمي وفائزة على شمال وفؤاد بين أمي وأمه ... نظرة من تلك الفاتنة الشقراء نحو أطفأت كل نيران الغيرة من وجود هذا الشيء في طاولتنا ... سألتني عن دراستي ...
ما إن سارت أمامي خطوتين حتى تاهت عيني في إهتزاز مؤخرتها الهائلة الإرتفاع ... متعجبا من كل ذلك الحجم وإرتفاعه ... ما إن تأكدت أننا إبتعدنا عنهما حتى فكّت رباط ذلك اللحاف لتغوص عيناي قبل رغبتي الملتهبة في اللحم الشبه عاري أمامي ... دائرتان مكتنزتان كل واحدة منهما ضعف راحتي كف يدي يفصل بينهما مفرق أجزم انه يتجاوز الثلاث أصابع ...
ربما شعرت بتأخري ورائها فأمسكت يدي وسحبتني نحو لعبة زحلقة ... همست في أذني أن لا أخبر فؤاد أنها ترتدي البيكيني هكذا ... أحسست بجرح في رجولتي أني سمحت لامي لتعرية فخذيها ومؤخرتها بينما هو يمنع عنها ذلك ... ثم سخرت من فكرتي ... هل ستستر تلك القطعة من القماش شيئا في جبل اللحم هذا ...
جاذبية فائزة لا تقاوم ... هي في مثل سن أمي لكن جسدها مكتمل النضج ... كحبة تين أخذت نصيبها من التغذية في غصنها وصبر عليها قاطفها حتى نزل عسلها منها ... في لعبة التزحلق تلك لا بد أن نتمسّك ببعض ... هنا تهت في ليونة زنها وخصرها ... نعم هي حبة غلال إكتمل نضجها ...
طال لعبنا وزحلقتنا في كل الألعاب ... أدهشتني قدرتها الجسدية على مقاومة التعب ... ضحكنا كثيرا ... قبل المغيب بقليل كنا نودع ألعابنا ... إنسحب أغلب المشاركين الكل يهرع للإستحمام والخروج ... صعدنا إلى أعلى لعبة ... هي لعبة زحلقة كغيرها لكن نستعمل فيها طوافة بلاستيكية منفوخة ... كانت فائزة تصعد أمامي تهز ردفيها مع كل درجة في السلّم ... مع كمية الأنوثة الطاغية تلك تجاوب قضيبي بنصف انتصاب لذيذ ... في اللعبة أجلستها في حجري حماية لها من الوقوع مستغلا خوفها من الإرتفاع ...
هنا صار قضيبي كوتد يثبّت هضبتي مؤخرتها ... لا أعلم أهي حقيقة خوفها أم تجاوبها معي هو ما دفعها أن تطلب مني أن أمسك قصبتي رجلها وأسحبها للخلف ... هذه الوضعية سمحت لقضيبي أن ينغرس أكثر في فتحتها الخلفية ... ثم إنطلقت بنا الطوافة نزولا وصعودا ... لنقع في بركة ما كبيرة ...
وصلت حافتها قبلها وصعدت مادا يدي لها لأساعدها في الصعود ... مع ثقل وزنها وهي تحاول التوازن على حافة البركة أحطها بذراعي من الوسط ... بحكم أنها أطول مني بقليل أصبح قضيبي الذي لم يفلح قماش الشورت أن يستره يحك ما بين فخذيها ... عانقت رقبتي بيديها وحضنتني ليغوص وجهي في صدرها ... وشفتاها تهمس في أذني
" الواضح إنه الواحدة ممكن تعتمد عليك "
... وسبقتني بخطوتين وهي تلف وسطها بقطة القماش ... لم يطل بحثنا كثيرا ... وفاء وفائزة دخلتا غرفة تغيير ملابس النساء ... وأنا وفؤاد سرعان ما تجهزنا ... كعادة النساء في التأخر في كل شيء تحدثنا أنا وهو قليلا ... دمه خفيف وكلامه منمّق رغم أني لم افهم أغلبه ...
أصرا أن يقلانا معهما ... فائزة و أمي في الكرسيين الأماميين وأنا وهو من الخلف ... طوال الطريق وأمي تلح عليهما أنا نستضيفهما في بيتنا المتواضع وهما يرفضان ... لكن انتهى الجدال بوعد منهما أن نتقابل ثانية مع تبادل لارقام الهواتف بين السيدتين ...
أمام بيتنا نزل الكل من السيارة ... مصافحة وداع بيني وبين فؤاد وقبل وداع على الخدود بين كلينا للأمين ...
في تلك الليلة كان كل شيء قد تغيّر ... أمي لجأت لغرفتها وأنا انبطحت على سريري ... مع الإنهاك وكل تلك الذكريات لم أركز في مراجعة الأحداث وردود الأفعال ... فجأة أغمي عليا ونمت ...
صحيت من النوم لوحدي ... نور الغرفة يوحي أن نصف اليوم قد ذهب ... بحثت عن أمي متعجبا أنها لم توقظني متحمسة كعادتها ... وجدتها في الصالون تراقب التلفاز ... أحداث كثيرة جدّت على مستوى الدولة ونحن الشعب لم نركّز ... نحن نلعب ونسهر ...
توجهنا نحو معرض الأدوات المنزلية ... عدم تركيزي ليلة أمس أنساني دفع ثمن مقتطعات شراء كما فعلت قبلها ... مع كل تلك الأجهزة الحديثة ... تلفزيونات وغسالات ومطابخ عصرية ... أمي قالت أن التواجد هنا دون مال هو نوع من التعذيب وليس يوم ترفيه ... لم يطل تجوالنا كثيرا ومع حالة أمي النفسية وحالتي الجسدية عدنا للمنزل مثقلين ببعض أكياس الغلال والمثلجات والعصائر ...
قبل المغيب بقليل كانت جلستنا على الشرفة جاهزة ... لم نجد موضوعا محددا للحديث فيه سوى هذا البرنامج الذي قارب ان ينتهي ... أخذنا الحديث شيئا فشيئا نحو يوم أمس ثم وصلنا لفائزة وفؤاد ... هنا أضاء اللون الأحمر في عقلي ... أمي لم تبدي أي ردة فعل على مرافقتي لفائزة ... مع كل تلك الأنوثة الفائقة وعلمها الأكيد بإنجذابي لمن هي في مثل سنها ... لم تكلّف نفسها حتى عناء السؤال عما فعلنا في مدينة الألعاب ...
بدأت اشك أن أمرا ما يحدث أو سيحدث ... قررت إستفزازها ...
بدأ قلبي يعصر دما مجرّد تخيلها مع ذلك الشاب ... لكن الأمر لم يتوضح بعد ... هل هو حقيقة ما وصل إليه عقلي ... كيف وصلت لهنا ... وإن كان هذا صحيحا هل ستنطفأ النار التي أوقدتها بيدي في روح أمي ... يمكن ان تستغفلني متى شاءت وتذهب لشاب غيره ... أحرقني التفكير ... قضيت الليلة متقلبا على سريري أشوى بنار التفكير ... يجب إنهاء هذا الأمر ... أمي قالت أنها تحب أبي وأن وجودي منعها في الوقوع في الحب ثانية ... الآن زرعت بذرة فكرة بدأت تنمو في صدرها ويجب إقتلاعها ...
مع شروق الشمس خرجت متمشيا عل تغيير المكان يغييّر حالتي ... قادتني قدمي لشارع كبير ... صوت رجل يناديني من بعيد ... إقترب مني ... هو ذلك المصوّر يعاتبني لعدم أخذ الصورة منه ... حمل ثقيل تأبطته لمسافة طويلة ... إطار خشبي مزين و بلور لامع ... مكان الصورة التي كسرتها سابقا ... صورة أمي ببنطلونها ومؤخرتها المهزوزة للأعلى بين أحضاني ...
عينانا تعكس اهتماما وحبا حقيقيين ... صدمت وفاء وهي ترى ذلك الإطار يزيّن الصالون ... وقفت أمامه طويلا وعينها تدمع ... قالت ان ذكريات كثيرة إستفاقت من سباتها ...
قضيت اليوم كله نائما ... عدم سماع حركة في البيت يوحي أن أمي هي الأخرى أخذت نصيبا من الراحة ... الثامنة ليلا بلباس رياضي خفيف لكلينا كنا في المسرح الروماني بقرطاج ... لا تستغرب فالرومان هدموا قرطاج ثم بنوها ثانية ...
المسرح يعج بالناس من كل مشرب ... نحن شعب يعشق الحياة ... الحفلات هي متنفّس للانطلاق وفعلا إنطلقت أمي ... مزيج عجيب بين الأنغام الشامية والرقص التونسي .... كنت أرى روحها ترقص مع الأنغام قبل حزامها ... نحن نرقص من الحزام لا تستغرب ... لكل شعب مميزاته ... المصري يرقص بوسطه والمغربي بأسفل الظهر ونحن بما بينهما ... هي جغرافيا الرقص من صنعت ذلك .. هه
حفلة صاخبة إستنزفت العرق قبل صرخات الإعجاب والرضا ... تصفيق طويل قبل إنسحاب المطرب وفرقته ... مصيبة تونس في من لا يمتلك سيارة ومن يمتلكها كذلك ... بعد يأسنا من الحصول على تاكسي توقف أحدهم وقال أنه ذاهب لسيدي بوسعيد ...
هي ضاحية سياحية للعاصمة أبعد من قرطاج عن منزلنا لكننا ركبنا هكذا دون وجهة ... فطائر تونسية محلات بالسكر معروفة عندنا بالبانبالوني كانت عشائنا ... وسهرة على أنغام عود في القهوة العالية وكأس شاي أخضر بنعناع أصيل كان أنيسنا ...
أول قطار نحو وسط العاصمة ينطلق الفجر ... أمي تتأبط ذراعي ونحن نتمشى من محطة تونس البحرية حتى منزلنا في المنزه الرابع مسافة ليست بالهينة لكنها كانت قصيرة وأنا أسند أمي التي نبت جناحا ساعدتها ... قالت لي ساخرة من نفسها
بنطلون قماش اسود وقميص بنصف أكمام وحذاء اسود لامع ... شعري مصفف وأنتظر أمي في الصالون ... وقع أقدام يوحي بكعب عالي ينزل حذرا في السلّم ... صافرة إعجاب بالقيافة والجمال ... فستان سهرة أسود مغلق من الصدر ينصف كتف عاري ... عقد من المرجان الأبيض يلمع في جيدها ... حزام أبيض يكسر سواد نصف شبر متدلي تحته لا يستر حتى نصف الفخذين ... حذاء بكعب عالي أسود اللون ...
ما إن وصلت قبالتي حتى ركعت على ركبة واحدة وسحبت يدها أقبّلها مقلدا حركات نجوم الأفلام ... قالت أن تلك الحركة كثيرا ما فعلها أبي ... قلت بلهجة الواثق
" مش قلتلك أنا النسخة الحديثة منه "
عشاء راقي في مطعم راقي في حي راقي غير بعيد عن منزلنا ... أنغام بيانو كلاسيكية تداعب صمت المكان ... اضواء خافتتة تنير موضع الطاولات ... الزبائن من علية القوم ... شعرنا بالحرج أنا وأمي من هيبة المكان أن نقوم بفعل يفضح غربتنا عن هؤلاء الناس ...
حاولنا مسايرة الأمر ... ساعة ونصف تقريبا ونحن نأكل ... في العادة الموضوع لا يتطلّب سوى عشر دقائق في البيت ... فهمت سبب الثمن الباهظ للأكل ... الخدمة والفخامة لها ثمن ... أمي رفضت أن تقدّم لها الخمر .. بما أن كل الزبائن من الأزواج وليس المتزوجين ... لم نكن كثيرين ... تقريبا 5 أزوج متفرقين على طاولات متباعدة .... كل طاولة لها خدم مخصصون هذا يغيّر كأس وتلك تحمل طبقا والأخرى تجلب مناديل مطوية ...
لاعب البيانو كان يثير الناس بان يتوجه نحو كل طاولة ويطلب من الجالسين إختيار أغنية من ورقة أمامه ثم يعزفها لهما وهما يرقصان على أنغامها ... إن كانت الأغاني رومنسية فالرقصة ستكون سلو بالتأكيد ... بعد ثلاث إختيارات وأمام إنعدام فرصة للرفض ... رحت أتابع كل حركات الراقصين ... هي الفضيحة لكلينا لو تعثرنا ووقعنا ... أمي التي شارفت على الغثيان فقط لما توجه نحونا لاعب البيانو
أغنية اسمها طويل جد كانت إختياري ... " أريد أن أمضي حياتي أحبّك " لتينا آرينا ومارك أنتوني " ... وسط تصفيق خفيف تشجيعا من الحاضرين وتحت أنظارهم أمسكت يد أمي ووضعتها على كتفي ... سمعت نبض الرعب في معصمها ... وضعت يدي حول خصرها وأمسكت كفها الآخر ...
ما أن بدأت الألحان تعزف حتى شعرت برجفة في صدر أمي ... لكني كنت أقود خطواتها بثبات استغربته من نفسي ... تركيز شديد مني أن لا أخطأ ... فقط أردت أن تنتهي هذه التجربة السعيدة نهاية تليق بها لا أكثر ... فقط هي خمس دقائق أحرقت فيها أنفاس أمي جلد رقبتي وهي تتبعني بخفة نحلة ...
كل راقصين سبقانا أنها حركاتهما بقبلة حب وسط تصفيق الحاضرين ... تمنيت أن لا تنتهي تلك الألحان ... لكنها إنتهت ... لم يصفّق أحد من الحاضرين رغم توقفنا عن الحركة ... فكّرت في تقبيل وفاء على خدها لكن ذلك لن يجدي ...
ركعت على ركبة واحدة وأمسكت يدها وقبّلتها بحنان شديد ... هنا تعال تصفيق الحاضرين والعاملين وراقص البيانو ... أمي التي شلّت حركاتها حتى قبل نهاية أنغام الأغنية سحبتني برفق أن اقف وحضنتني ... ثم أحنينا رأسينا تحية للجميع كما فعل من سبقونا وعدنا لمجلسنا ...
قبل أن أنظر في وجه أمي الذي اشتعل حمرة ... تقدّم منا طاقم العمل يحملون باقة ورد كتب عليها بالفرنسية كلمة " مبروك " أمام إبتسامة خجلة من أمي للجميع سألتها
تخلّصت من حذائي وقميصي وبنطلوني ... غرفتي المغلقة طول النهار ونصف الليل تحولت لأتون حارق ... هربت نحو الشرفة طالبا بعض الهواء وبعض التركيز ... باب غرفة أمي يفتح لتطل من لابسة قميصا قطني بحملات على الأكتاف و يصل لفوق الركبة بقليل ... لحقتني وقد بدا على وجهها بعض الحزن ...
لما انتبهت لي كان إنتصاب قضيبي قد بلغ منتصفه وهي لاحظت ذلك ... لأول مرة أسمع أمي تتذمر حقيقة من حياتنا ... لألف مرة فكّرت أن أكشف لها السر لكن لم يعد ينفع ... للتخفيف عنها رحت أمنيها بحياة أخرى عند تخرجي وعملي ... قالت أن ذلك سيعيق مواصلة حياتي ...وككل إبن بار رحت اعدها أنها الأولى من الكل ...
بدأت أطراف أصابعها تزحف تحت طرف قماش البوكسر ... إنتصابي صار حقيقة لا يمكن نكرانها ... بيدي سحبتها نحو صدري ويداها تتسللان صعودا ... عيني في عينيها ... شفتاها ترجف ... كادت أن تلامس منبت قضيبي حين سمعت حمحمة أيقظتني من غفلتي وصوتا مبحوحا منها أنها يجب أن تنام ... كمن وقع من السحاب ... هوة عميقة سقطت فيها ... لم أتحرّك من مكاني ...
ما كذّبته سابقا الآن صار حقيقة ... قضيبي ينتصب لمجرّد لمسة أو نظرة لأمي ... هذا لم يكن يحدث قبل مدة ... لكن كيف ولماذا ؟؟؟ ... أهي تبعات ما يحصل أم هي ردة فعل طبيعية ؟؟؟ ....
في عملية جلد الذات هذه خرجت بقرار أن هذا الوضع يجب أن ينتهي ... دخلت غرفتي وأمسكت جهاز اللابتوب ... أطرق الحديد وهو ساخن رسالة لامي عن تقييم التجربة ... لم أكن ان أتوقع تجاوبها في ذلك الوقت لكنها تجاوبت … أسئلة بسيطة مبرمجة تلقائية عن الفعل وردة الفعل والتفاعل النفسي ...
هل اثّر وجودكما بالقرب من بعض في عملية الإنجذاب ... هل تغيرت نظرتك للحياة بعد التجربة ... تقييمك لفكرة علاقة بين فئتين عمريتين مختلفتين ... هي الأسئلة المتوقعة والمنطقية ...أسئلة إنتهت بإنتزاع إعتراف من أمي أنها دخلت التجربة ولم تكن تنجذب لمن في مثل سني وخرجت منها وهي تفعل .... أجابت عنها أمي بكل تلقائية ... أكرمتها بمنحها ألف نقطة تشجيعا على صدقها
ولإنهاء المرحلة كان يجب أولا الإجابة عن السؤال المؤجّل من الأول ... تقييم علاقتها بإبنها ... بداية طبيعية منطقية عن نظرتها لإبنها ... تكوين شخصيته علاقتكما ببعض ... أسئلة أشبه بالتعارف ... ثم تحولت لأسئلة اشد جراة
أسئلة من نوعية هل ترين انك أم نرجسية أم متسلّطة ... ها تتدخلين في قرارات إبنك ... هل تراقبين علاقات إبنك الإجتماعية والعاطفية ... من هو صديق إبنك المفظّل ... هل تتشاركين أنتي وإبنك بعض الأنشطة الإجتماعية ... أسئلة نمطية عادية لكن تحمل رسائل إحتجاج مني على تصرفاتها معي ...
الجزء الثاني من الأسئلة كان حول علاقات إبنك العاطفية ... هل ينجذب لمن في مثل سنه أم للأكبر ... هل تسمحين لإبنك بدخول تجربة مماثلة كما دخلتها أنتي مع الشريك ... كلما إزدادت الأسئلة إحراجا كلما راوغت أمي أمي في الإجابة وأحيانا كذبت ... عقابا لها لم أمنحها أي نقطة ...
الجزء الثالث من الأسئلة هي الأشد ثقلا على النفس ... لكن لإضفاء صبغة من المعقولية والمنطقية على كل ما سبق كان يجب عليا طرحها ثم أنهي الموضوع بمكافأة سخية لي ولها ونخرج من هذه الدوامة ...
لم أفهم أهي تقمّصت الشخصية التي تدعيها أم تساير البرنامج تحت هدف تحيّل بسيط لمزيد المكاسب ... روحي محتجزة بين مطرقة الوضع الذي وصلت إليه وسندان رغبتي في إسعاد أمي ... لكن تلك السعادة بدأت تقلب حالنا ككرة ثلج لا يمكن التحكم في حجمها ولا تحديد مسارها ...
تذكّرت وعدي السري لها يوم تذمّرت من سفر خالتي للتصيف في الخارج وهي المحتجزة في هذا الحر ... إعلان مغري يزين صفحات الإنترنت عن رحلة وإقامة لمدة 6 أيام في مخيّم صيفي في أقصى الشمال ... هي منطقة كشبه جزية بين حدود تونس والجزائر ... نتوء صخري يحيط به البحر من 3 جهات وخلفه غابة كثيفة تشقها عين ماء عذب ...
البيوت عبارة عن أكواخ خشبية معلّقة على الشجر .... التونسيون لا يستطيعون الذهاب للسيشال أو المالديف فصنعنا كليهما في شاطئنا ... البيوت تبدو فخمة وبسيطة ومريحة ... لقتل أي مقاومة من ضميري أني تلاعبت بأمي لهذه الدرجة إعتمدت ذلك الوعد السري كوسيلة إطفاء لأي شرارة تراجع ...
ما إن وصلها التأكيد بالموافقة حتى سمعت باب غرفتها يفتح وتقتحم عليا الباب تقفز فرحا لترتمي عليا وأنا ممدد على سريري ... أحضان وقبل وضحك وصراخ ممزوج بكلمات غير مفهومة ... متظاهرا بالسعادة صرت أقفز معها ...
إرتحنا يوم الغد وسط تحضيرات بسيطة لمستلزمات الرحلة ... ملابس بحر وبعض المناشف وكريمات ... حقيبة صغيرة لامي وحقيبة ظهر لي وعند فجر اليوم الموعود كنا في مكان التجمع ... كنا 6 أزواج ... أنا ووفاء .. رجل و فتاة شابة ... ثلاث في نهاية العشرينيات ... وإمرأة وشاب قريب من سني ...
طارت الحافلة بنا تشق الجبال المتراوحة ألوانها بين خضرة أشجار الصنوبر وصفرة بقايا القمح المحصود ... قبل التاسعة صباحا كنا هناك ... غابة كثيفة ما إن تتخطاها حتى تستقبلك رمال البحر البيضاء اللامعة متحدية الزرقة الباهرة لماء البحر النقي ... عن يميننا جرف صخري عالي جدا كجدار صخري يسترنا وعن يسارنا صخرة كبيرة تنطلق من الغابة نحو البحر كسور يحدد مجال حركتنا ...
ككل مشتاق أحرقته نار الهجر ... ما إن وصلنا غرفتنا المعلّقة بين شجرتي صنوبر ضخمتين حتى تخلّصت من ملابسي الخفيفة وطرت نحو ماء البحر ... لحقني صوت وفاء يطلب مني إنتظارها محتجة أني سبقتها ... أمي لا تجيد السباحة وأنا أعتبر مبتدأ فيها ... لم نغامر بالتوغل كثير نحو الأعماق ...
رأيت عينيها ترقص فرحا وهي تلعب معي برذاذ الماء الذي ينتجه دفعها لسطح الماء نحوي ... لعب طفولي بريء وروح تنطلق مسحت عني بعض الألم الذي سكن صدري ... إشتدت الشمس التي صبغت جلدنا باللون البني ... أمي في لباس سباحتها تتألّق كحورية بحر على رمل الشاطئ المبلل ...
لجأنا لشمسية كبيرة من ورق الشجر تحتها كرسيان النوم فيهما أسهل من الجلوس ... قبعة قش تقليدية الصنع كانت هدية الترحيب بنا ... صوت موسيقى يسحب نظرنا نحو مبنى من الخشب كتب عليه المشرب ... أمامه شابتان تتراقصان بزي موحد حوّل طول مكوثهما هنا لونهما لتصبحا أشبه بالبرازيليات ...
من على بعد أمتار تلحظ إهتزاز مؤخرتهما على أنغام الموسيقى الغربية ... هدأت روحي وأنا أرى البشاشة تتراقص على وجنتي أمي قبل عينيها ... أحيانا يصلنا صوت موسيقى مختلفة من جهة اليسار مما ينبئ أن مستعمرة سعادة أخرى أنشأت خلفها ...
مر اليوم الأوّل بين سباحة وقلي تحت أشعة الشمس وزيوت الكريمات و الأكل والشرب ومراقبة الرقص ... في الليل أنيرت كشافات موجهة نحو الماء تدعو من يريد سباحة آمنة أن يتقدّم ... كنت قضيت وطري من ماء البحر ... وقفت على حافة الرمل أراقب أمي التي تغوص بنصف جسدها تحت نور الكشافات ... وأسمع طرب قلبها يصلني مع مد الموج البسيط ... صوت ضحك خفيف سحب نظرنا نحن الإثنين نحو مكان نصف مظلم ... الشاب والسيدة اللذان رافقانا في الرحلة يتعانقان بحميمية مفرطة ... قبل على الشفاه بسيطة وعناق وأيدي تعبث في الأجساد ...
أحسست بالخجل منهما أن أزعجنا خلوتهما ومن أمي أن وجدنا في هذا الموقف ومن نفسي كوني كنت السبب في وجودنا هنا أصلا ... للهروب من هذا الموقف دعوت وفاء أن نتمشى ناحية تلك الصخرة ونكتشف ما خلفها ... لم يتطلّب تسلقها سوى بعض الحذر أن ننزلق ... وقفنا فوقها نشاهد تجمعا أكبر من الذي نتواجد فيه لكن بنفس النمط تقريبا ...
دفعنا الفضول للإقتراب منه ... على بعد بضع عشرات الأمتار ... نار كبيرة تشتعل وصوت الموسيقى الصاخبة بدأت تتوضح معالمه مع كل خطوة ... حشد شبه كبير من الناس يلتفون حول النار يقلدون حركات رقص مضحكة من أحدى المنشطات ...
ما إن إقتربنا لنتبين ما يحدث حتى سحبتني يد من معصمي ... قبل أن افهم ما يحدث وقع سحبي بقوة ليصطدم وجهي بصدر كبير نافر ... نعم الموضوع ليس طبيعيا فائزة التي تقفز فرحا بوجودنا غير مصدقة أننا موجودون هنا ... لم نسمع كلمات الترحيب والإندهاش منها ومن فؤاد بسبب الصوت العالي ... فسحبانا لمشاركتهما الرقص في وضعية تبادلية أنا وفائزة وهو وأمي ...
صراحة لم أجد في نفسي حرجا من ذلك ساعتها ... لم يطل مكوثنا كثيرا ... أصرا أن يتمشيا معنا حتى حدود الصخرة الفاصلة بين التجمعين ... كنت أمشي بجانب فؤاد أستمع لكلماته المنمقة وهو يصف أنه تعود مثل هذه الأجواء وأمي وفائزة خلفي تتمتمان بكلمات لم افهمها ....
تودعنا متواعدين على أن نمضي طول يوم الغد معا ... قبل أن نصل غرفتنا همست أمي في أذني أن فائزة وفؤاد مشاركان في البرنامج معنا دون شك ... رغم دهشتي من هذه الصدفة الغريبة لكني كنت سعيدا بهذا الدليل على صدق كذبي ... إلتحق كل منا في سريره ... ونمنا من الإنهاك متقابلين بالظهر ...
هنا لا تحتاج منبها ... الشمس تتكفل بدعوتك لاستقبال يوم سعيد ... بعد المسافة والتضاريس الصعبة لا يسمح لترددات إشارات الهاتف والانترنت بالوصول ... مكان يجبرك أن تتمتع بكل لحظة تعيشها فيه دون تأثير من الحداثة يسرق منك روعة اللحظة ...
على الموعد وجدنا فائزة و إبنها ينتظراننا تحت شمسية وسط إحتجاج عاملة على وجودهما وهما ينتميان للتجمع المنافس ... لكنها صمتت لما تقابلنا ... يوم جميل وشمس هادئة لا ريح ولا قيض ... سبحنا معا ولعبنا معا وجرينا وتقاذفنا الكرة وتنس البحر بيننا ... يوم رائع زاده إهتزاز صدر فائزة كلما شاركتنا بعض ألعابنا ...
ألفة غريبة ولدت بيني وبين فؤاد الذي وجدت فيه رفيقا يسليني ويشاركني ... أمي التي عوض وجود فائزة معها غياب خالتي في ممارسة هواية النميمة على الخلق ... في بداية الليل وكالعادة أصرت أمي على السباحة ساحبة فائزة معها ... قالت ان السباحة ليلا في الصيف تمنع عنك المرض في الشتاء ... أنا وفؤاد كنا نراقب إنعكاس النور على الماء ... صوت طفق على الماء بإيقاع متزن سحب نظر الكل نحو مصدره ...
ظل تلك السيدة تجلس فاتحة رجليها فوق حجر ذلك الشاب الذي يهز خصره تحتها .... شفاه متلاصقة وصوت ارتطام جسمهما يصدر صوتا متناغما مع بعض الآهات المكبوتة منهما ... حركة عنيفة من فؤاد الذي ضرب الرمل برجله ودعا أمه أن تخرج من الماء بعنف يبدو حقيقيا ...
إنتهى يومنا بذلك الإحراج الذي سببه وجود العاشقين الغير حذرين بجانبنا ... عشاء ممزوج بطعم الخجل ثم إنسحبنا للنوم .... صبيحة اليوم الثالث سمعت صوت فؤاد يناديني للخروج ... أمي لم تنهض بعد ولا حتى الشمس ... طلب مني مرافقته في جولة لمنبع تلك العين العذبة قال انه يحتاجني لأخذ بعض الصور فلم أمانع ...
تبعنا مجرى الماء لمسافة طويلة ... حقيقة المكان يستحق عناء التصوير فيه ... أثنى على مهارتي في التقاط الصور ... كشابين طائشين جلنا في المكان حتى خشينا أن توه في الغابة الكثيفة ... فعدنا من طريق آخر ... وجدنا أنفسنا خلف البيوت ... هو توجه منهكا نحو مخيمهم وأنا تسللت من الخلف ...
أردت ممازحة أمي بأن أتسلق الشجرة وادخل من الشباك وإخافتها ... ما إن أطلّ راسي حتى سمعت صوت حديث في الغرفة ... أمي تجلس على حافة سريرها ... وفائزة تجلس على حافة سريري متقابلين ... أمي تبدو مركزة متعاطفة مع كلام فائزة التي يبدو الحزن على محياها ... فهمت من الموضوع أن سبب طلاقها كان إكتشاف زوجها لخيانتها له ... تلك الخيانة والطلاق أعقبهما علاقات غرامية عدة ... صادف ان شهد فؤاد إحداها وكانت مع شاب اصغر منها ... مما خلق فيه صدمة نفسية جعلته يكره أمه ويكره كل النساء ...
هي قالت أنها حاولت إصلاح علاقتها به خصوصا لما كبر ومع وضعها المادي وكرمها معه جعله يعود تدريجيا إليها ... لكن صدمته في النساء جعلته يميل لغيره من الذكور مع جمال وجهه وجسده أصبح يمارس الجنس المثلي منذ مدة ليست قصيرة ... والحل هو أن تحاول وضعه في تجربة مع إمرأة ربما تجعله يغيّر ميوله ... ويجب ان يبدو الأمر كأن إمرأة أخرى إنجذبت نحوه ... إمأة أكبر منه سنا تنجذب نحوه سيجعل فعل أمه يبدو شبه عادي أو متداول ... هذا سيعزز فرص علاجه حسب قولها ...
كنت انتظر أمي أن تطرد تلك القحبة من أمامها لكنها لم تفعل ... هي فقط مانعت قليلا ومع إصرار فائزة التي قالت أنها لا تطلب منها ممارسة الجنس معه ... فقط قبلة ... مداعبات على فخذه أن تمسك قضيبه وتداعبه ... ثم تخبرها عن ردة فعله معها لا غير ... توسلات عديدة قابلتها أمي بالتحجج بوجودي ... مع طمأنة فائزة لها بأنها ستتولى أمر إبعادي عنها ... وافقت أمي على ذلك ...
كدت أقع من غصن الشجرة لسماع ذلك ... أمي توافق أن تقبّل شابا و تلعب بقضيبه تحت مسمى خدمة إنسانية كما سمتها تلك القحبة ... ما ذنبي أن أدفع ثمن جرم قامت به هي وقت صبى إبنها لتعالجه أمي ... فلتذهب لأي عاهرة أخرى لماذا أمي ... وما معنى ستتولى أمري ؟؟؟ ... هل ستفعل معي مثل فعل أمي مع فؤاد ؟؟؟ ...
مجرّد التفكير في ذلك جعل قضيبي ينتصب ... هل يمكن أن أكون تقبّلت فكرة تبادل الأمهات تلك ... صراع بين صورتين إحداهما وردية باني اشفي نهمي وكبتي مع فائزة تجعل قلبي يدق وإنتصابي يزيد ... وصورة أمي بين أحضان فؤاد تحرق مؤخرتي ورجولتي ...
الأمر ثقيل على كرامتي لكن جسد فائزة يستحق التضحية ...
الجزء السابع
نصف ساعة أو أكثر تائها بين الفكرتين ... إن كنت سأنيك أم فؤاد فلما هو لا ينيك أمي ؟؟ ... لكنها أمي ... والمرأة الأخرى أمه ... وأغلب الأربعينيات هم أمهات لشباب غيري في مثل سني ... فأي واحدة منهن ستكون حالها كحال فائزة ... هنا وصلت لنقطة اللاقرار ... فقررت ...
عدت لغرفتنا أو عشنا أو عشتنا كما يحلو لكم تسميتها ... وجدت أمي تلبس لبس السباحة ... بعض الأسئلة عن سبب غيابي ... أطنبت في التحدث عن فؤاد والجولة والصور وعن روحه الخفيفة ومعرفته بالأشياء ... كنت أراقب وجهها ... أرصد أي تفصيلة تكشف نيتها ... فلم أجد كانت تتحدث بوجه خشب كجدران هذا المكان ...
إرتباك وتلبّك في الأمعاء أصابني وأنا أسمع صوت فائزة ينادينا ... خرجنا تباعا لنجدها وفؤاد تتجهان لشمسية قرب الماء ... سبحنا لوقت غير قصير... مع أشعة الشمس الرحيمة هذا اليوم ... السيدتان طلبتا إكتساب بعض السمرة الإضافية على الشاطئ ... رحنا نتمشى أنا وفؤاد في إتجاه الغرب قال أن تسلّق ذلك الجرف الصخري العالي سيمكننا من رؤية التراب الجزائري ...
من ناحية كنت أريد التجربة والمرح و الإكتشاف ومن ناحية كنت أخشى إنفراد فائزة بأمي ثانية ... وددت الجلوس والتصنّت ثانية ... لكني رافقته غربا متسلحين بقارورتي ماء وبعض البسكويت ... أمي التي لم تحتج ولم يرمش لها جفن رغم علمها بغيابي طوال اليوم ... هذا أصلا هو أحد أهدافي معها ... أريدها أن تفسح لي مجالا من الحرية والخصوصية ... لكني لم أكن سعيدا ...
توجهنا لسفح ذاك الجرف .... كثرة خطوات من سبقونا نحتت طريقنا بأقدامهم على الصخر الكلسي ... الطريق ليس وعرا لكنه طويل ... كنت أتبع خطوات فؤاد ... تنازلي له عن الريادة والزعامة زرع في نفسه نقطة تفوّق حاولت إستغلالها ... طوال الطريق أمدح خبراته في الحياة وأني كنت أتوق أن أصبح مثله ... مع تماديه في الفخر بنفسه ... أصررت أن السبب في ذلك هي أمه ...
شخص تعوّد مزج الكذب بالحقيقة ليخرج برواية منطقية لن يعجزه خداع هذا الصبي ... رحت اشتكي من أمي وحصارها لي لدرجة خنقتني فلم أكتسب أي خبرة من الحياة .... رواية توحي بحسدي له على وضعه وعلاقته بأمه ... كنت استفزّه علّه يعترف بماضيها فلم يفعل ... بل صار يحسدني على سبب شكواي قال أن أمه تركته وسافرت وهو *** وتربى بين يدي جدته ...
قال أنه لا يشعر أنها أمه حقا .. كل كلامه متناسق مع روايتهما السابقة سواء على لسانه أو ما سمعته خلسة ... لمزيد إستفززه تحدثت عن أبي بإطناب وترحمت عليه كثيرا ... ورحت اصف له كيف أن الحال سيكون غير الحال لو كان حيا ... هنا بدأت بعض الحقائق تنسلّ من صدره ... شكاني كثير غياب أبيه وإهماله له ... طلاقه من أمه ليس ذريعة لان يهمل فلذة كبده ... من حديثه إستنتج عقلي البسيط صدق كلام فائزة عن شذوذه ...
صدمته في فعل أمه وغياب أبيه جعل فيه شوقا لصورة الأب ... فإرتمى في أحضان الرجال لتعويض النقص ... طال حديثنا على إمتداد صعودنا ... في العصر وصلنا القمة ... عن شمالنا تقع الجزائر وعن يميننا تونس ... جلسنا لتناول بعض حبات البسكويت تسد جوعنا ... من خلفنا سحب رمادية داكنة تتصاعد من الغابات نحو السماء ... قال فؤاد إنه ضباب كثيف بفعل عملية التبخر الغير عادية ... أنا لست خبيرا في الأرصاد الجوية فصدّقت ...
طوال الجلسة قلب الطاولة عليا راح يسألني أسئلة المحقق عن طفولتي وعن تأثير غياب أبي في حياتي ... عن تأثري بحياتي مع أمي فقط ... هنا بدأت استنفر كل حواسي خشية حركة مروادة مفاجئة منه وأنا من يعلم عنه الكثير ... لكنه كان طبيعيا ... فقط يريد إجابات ترضي روحه أنه على حق فمنحته إياها دون أن يسأل ...
تلكمنا كثيرا عن الحرية وعن العلاقات ... قبل المغيب بقليل عدنا أدراجنا ... حقيقة لم أجد في الشاب شيئا يعيب جلوسي معه ... لو لم أعلم ما قالته أمه عنه لما صدّقت ذلك فيه ... طريق العودة كان أسرع من الذهاب فالنزول أسهل من الصعود ... وصلنا والظلام عم المكان ...
وجدنا وفاء وفائزة وقد صبغا بلون أقرب للأكاجو منه للأحمر ... غيرتا ملابسهما وتنتظران عودتنا ... حضن طويل من أمي شكرا للسماء على سلامتي وحضن مماثل من فائزة و إبنها ... ثم تبادلنا الأدوار ... سحبتني نحو صدرها الضخم برفق وعنف معا ... غاص وجهي في مفرق صدرها ... كنت اريد النظر لفعل أمي ورائي لكن يدها وجذابية جسمها البض الطري منعتني ... ما إن أطلق سراحي من صدرها حتى أمسكت بيدي الإثنتين تسدلهما للأسفل ... واقفين وجها لوجه لا يفصلنا سوى شبر لا يكفي ليمثل مسافة تبعد حلمات صدرها عن صدري ...
مع بداية إنتصاب قوية تنشأ بين فخذي حرّكت يدها كأنها تهزني سعادة بعودتنا سالمين وسط كلمات تصف فيهت كيفا كانتا قلقتين من غيابنا ... لا أعلم سر تلك الرعشة التي أمسكت نخاعي الشوكي وإبهامها يجول حول رأس قضيبي دون حرج ... كانت تنظر للأسفل بين فخذي مباشرة ... كلمات أشبه بحجرجة الموت تخرج من حلقي ... أن لا مبرر لقلقهما فنحن صرنا رجال
طالت نضرتها للأسفل وأصبحت حركة إبهامها أكثر جرأة ... بكل أصابعها راحت تحيط بقضيبي وقد إنفتحت عيناها عن آخرهما لما تأكدت من سمكه ... ثم همست في أذني ... " إنت يتخاف منك مش يتخاف عليك .. "
صوت أمي يامرني بالإسراع بالإستحمام وتغيير ملابسي لتناول العشاء وحضور برنامج السهرة ... قالتا أن هناك تنشيطا موسيقيا سيجمع سكان التجمعين معا فوق الصخرة الفاصلة ... نظرة بسيطة نحوها لنرى النور مركبا هناك وبعض ظلال مضخمات الصوت ...
دخلت الغرفة وقد سلبت إرادتي ... لمستها من فوق قماش الشورت أشد إثارة من لمسات خولة المباشرة وبكل تلك الزيوت ... تحت ماء الحمام البارد تملكتني الرغبة الشديدة الممزوجة بروح الرجل الشرقي ... تذكرت مرارة إنتصابي للمسات أمي ... وفجأة تذكّرت ما حدث مع خالتي رغم أن ذلك لم يعلق بذاكرتي ... أقنعت نفسي أن الحل هو أن هو تحقيق تلك الرغبة ...
فائزة ستكون هي علاجي ... نعم أمي على حق ... خولة التي سرقت روحي بأنوثتها وجعلتني أجري ورائها لا تضاهي فائزة في الإثارة والجمال ... شخص مثلي روّض الحظ غصبا عنه لا بد أن يخضع هذه الأحداث لصالحه ... وقفت عند الباب لا يسترني سوى منشفة على وسطي أنادي بأعلى صوتي على أمي أني أحتاجها ...
إنسحابها نحوي تلبية لندائي جعل فائزة تتجه ناحية تجمّعهم ... أمي تقف أسفل الدرج المؤدي لغرفتنا وعيناي تراقبان فائزة تبتعد ... حال تأكدي من وصولها الجانب الآخر طلبت من أمي الصعود ... وسط بعض التأفف من إزعاجها سحبتها من يدها بعنف لتدخل الغرفة ... وبإشارة من سبابتي على شفتي أن تخفض صوتها ...
بضع حركات قلّدت فيها نجوم أفلام التجسس أني أفتّش الغرفة والشباك والخزانة تسببت في توقّف قلب أمي عن النبض ... كنت أكتم ضحكة قد تفضحني وأنا أرى لونها الأحمر يتحوّل للصفرة رعبا ... حركات من شفتيها دون صوت تتساءل
ثم رحت أضع كل الإحتمالات المنطقية وغير المنطقية أن البرنامج يمكن أن يحرمنا من مكافأة المرحلة الثانية وهي مبلغ ضخم ...
هنا سرحت أمي كثيرا في التفكير وقد عاد لونها وبريق الخبث في عينيها ... قلبي صار ينبض كعداد تاكسي سياحي بعد منتصف الليل ... إنتظرت كثيرا تعقيبها ...
بضع كلمات قبيحة لأوّل مرة أسمعها من أمي صراحة ... كقحبة وملهط ... تؤكّد أن أمي كرهت وجودها ... أمي التي آلمها خداع تلك السيدة لها عادت لوعيها ... هنا حضنت أمي وكرهت نفسي ... خلال ثواني حضن الأمان ذاك ... قفزت في ذهني فكرة مجنونة ... هي مبدأ حياتي الجديدة ... الفوز دون إحتمالات خسارة ...
صمت طويل مني وذهول يخيّم على وجه أمي من أثر الصدمة ... أعتقد أنها كانت ستفعل ما طلبته منها فائزة ... تحت اي ذريعة ... ربما أعجبها الشاب أو دور المساعدة الإجتماعية ... والأكيد هو تأثير هذه اللعبة السخيفة التي أوقعتها في تفاصيلها ... طال ذهولها وصمتها ثم نطقت
بدأ ينتقد ساخر من الوضع العام ... السياسة ... تصرّفات المجتمع ... هي لم تكن أغاني بقدر ما هي فكاهة ... صوت الضحكات يدوي هاربا من حناجر الموجودين غصبا عنهم ...
طريقة الغناء كسرت بعض الحرج من تواجدي مع أمي ... يحشر كلمات بذيئة في الكلمات الأصلية للأغنية ... في تونس نسمي المؤخرة أو الطيز بالترمة ... هو إسم من عدة أسماء لكنه الأكثر شيوعا ... مثلا أغنية كوكب الشرق يقلب كلماتها فيغيرّ مصطلح كلمة بمصطلح ترمة ... " ترمة ونظرة عين والقسمة وياهم .." ... أو يا سيدي مسي علينا أو حتى لمّح بترمة " ... أغنية عمر ذياب يقلبها .. " حبيبي يا بو شفرين .. " ... " قالتلي الليلة نتناكو " بدل من الليلة نتلاقو ....
مطرب رغم عذوبة صوته وإتقانه للعزف إلا أنه بذيئ ... بذائة مستحبّة خفيفة مضحكة إقتلعت الصراخ ضحكا من الحناجر وأحيانا يزداد الجو إثارة بتعليق صادر من أحد الموجودين ... طالت سهرتنا الراقصة الصاخبة البذيئة لحدود الفجر ...
إستلقيت على سريري أراجع كلماتي مع أمي ... ثم تراجعت بي الذكريات لبداية كل هذا ... شعرت أنها نهاية ستكون مرضية للطرفين ... فائزة حتما لن تفضح سرها خصوصا لما ستعلم أن أمي لم تسايرها في طلبها ... وأمي ستفوز بمبلغ المكافأة ... وأنا سأروي عطشي في جسد فائزة ثم أكون إبنا صالحا وينتهي الأمر بلا خسائر ...
عند شروق الشمس تقلّبت لأجد سرير أمي فارغا ... بحثت عنها في الغرفة الضيقة فلم أجدها ... من الباب لمحت طيفها تقف على حافة تلك الصخرة تراقب شروق الشمس ... هي حتما تراجع أفكارها مثلي ... ضميرها وأمومتها وشخصيتها ستتغلّب على رغبتها إن وجدت ... هذا ما كنت أعوّل عليه ... خصوصا مع إعترافها لي بالحقيقة دون ستار ...
لحقتها متسلقا تلك الصخرة ... أرعبها صوت خطواتي من خلفها ... جلست بجانبها مستفسرا سبب إنعزالها ... قالت أنها تسترجع روحها هنا ... لم أفهم مرادها إلا عندما قالت أن أبي كان يعشق السهر حتى طلوع الشمس ... تركتها تسترسل في حديث ذكرياتها ... إستحضار الذكريات الجميلة له مفعولان إما يرفع روحك المعنوية لذكراها أو يصيبك بإحباط لفقدانها ... أمي لم تكن إحدى الحالتين ...
قالت أن وجودي بجانبها ومواقفي الأخيرة خصوصا تدخلي الأخير في موضوع كشف مراقبة الإثنين لنا جعلها تشعر أكثر بالأمان في وجودي ... لوم داخلي لنفسها ... كيف أنها خدعت بمثل تلك السهولة .... وضعت يدي على خصرها وهي وضعت رأسها على كتفي نراقب الشمس تتحدى بعض الغيوم الرمادية الخفيفة ... غيوم لا مبرر لوجودها في مثل هذا الجو سوى أنه طقس تونس ... بلد الأضداد ...
إرتفع القرص الذهبي قليلا في السماء لينير الدنيا ... مؤخرتي آلمتني من طول الجلوس على صخرة صلبة تخزني ... قمت أتمشى لحافة الصخرة ... المياه تحتها صافية وعميقة ... صخرة مرتفعة ومياه عميقة ... شعور عنيف بالرغبة في القفز تملكني ... أمي التي أرعبتها فكرة سقوطي بدأت تزحف نحوي ...
أمسكتها من يديها ونحن ننظر للأسفل كمن يبحث عن قطعة نقدية وقعت منه على غفلة ... لا أعلم السبب لكني فعلتها .... أمسكت معصم أمي وسحبتها معي للأسفل بقوة ... قفزة حرة من إرتفاع بضعة أمتار توقف فيها نبض القلب ... إحساس معاكسة الهواء نزولا أمر مرعب لكنه مثير ... بضع أجزاء من الثانية ووقعنا في الماء ...
موجة إرتدادية سببها سقوطنا على سطح الماء أيقظته من نومه فتجاوب مع جسدينا برذاذ كثيف تصاعد للأعلى ودوائر أحاطت بنا وأجسادنا تخرج من الماء لتبدأ الطواف الطبيعي ... أمي التي لا تجيد السباحة تعلّقت برقبتي رعبا فطمرتني للأسفل ...
صورة غير واضحة المعالم شاهدتها من تحت ... التيشرت الأبيض صعد للأعلى ليحيط برقبتها ... بياض ما تحت قماش المايوه يتحدى الرؤية الضبابية تحت الماء في صراع مع اللون البرونزي للجلد المحترق بالشمس ... صدرها النافر عاري ... هي أجزاء من الثانية تبينت فيهما لون حلماتها المائلة للسمرة ثم صعدت أحاول التماسك لسحبها للخارج قليلا وهي تنفخ الماء بشفتيها مرعوبة ...
بضع حركات للخلف ولامست أصابعي رمال البحر ... أمي التي ما إن تماسكت وقوفا وسط الماء و بسعادتها بالنجاة صبّت جام غضبها على فعلي المتهوّر بأن تعلّقت برقبتي محاولة إغراقي معتمدة على ثقل وزنها لكني صمدت ... لعبنا كثير برش بعضنا بالماء ... وضحكنا كثيرا ...
حركة عفوية أعادتنا لوضعنا العادي .... قبل خروجنا من الماء بنصف خطوة ... صراخ شديد من أمي وهي تمسك رجلها والألم يظهر جليا على ملامح وجهها ... تصرخ مشتكية ألما في رجلها ... حملتها بسرعة لحافة الشاطئ ظنا أنها داست قطعة زجاج مهملة فجرحتها ... لكني لأم أجد في قدمها لا دما ولا أثر إصابة ...
صراخها سحب نظر مصطاف يجلس قريبا منا ... قال بنبرة الخبير أنها داست على سمكة صغيرة شبه سامة ...تسمى عندنا بالطرانشة أو الدنقير ... سمكة لا يتجاوز طولها السبابة تدفن نفسها في الرمل وتترك شوكتها بارزة من تحتها لتوقع ضحية ما قد تدوس عليها ...
مع تلوي أمي على الرمال من الألم لحقتنا شابة من العاملات في المجمّع ... دقائق وجلبت علبة إسعافات أوّلية ... حقنة مضادة للسم و حبة تخفف الألم وقالت أنها ستشفى بعد ساعات الأمر ليس بخطير لكن عليها أن ترتاح ... عاونتني في إسنادها حتى السرير ثم ساعدتها في تغيير ملابسها وأنا أرتجف خوفا عليها رغم كلمات الطمأنة من الجميع ...
دقائق وذهبت أمي في النوم ... كنت أظن السبب هو السهر طول الليل لكن الشابة قالت أنه أثر الحبة ستنام لستة ساعات دون حركة تحت تأثير المنوم ... فإستلقيت بجانبه ونمت نوم الذئاب ... عين بعين ...
بعد الظهر نهضت مع أول حركة من أمي التي حاولت النزول من السرير فمنعتها ... جلبت لها الأكل وأكلت مني يدي كأب يعتني بإبنته الصغيرة .... إبتسامتها تدلّ أنها ليس غاضبة مني ...
بعض الوقت وسمعنا صوت فائزة ينادي من تحت طلبا للإذن بالدخول ... ملامح الفزع تبدو على وجهها مستفسرة عن حالة أمي كأنها صديقتها من زمن بعيد ... تعاطف شديد مع حالتها ... قررت فائزة تأجيل الجولة بالطوافة ليوم الغد ... لكن أمي أصرّت على أن نذهب ولا نفسد يومنا بسببها قالت أنها بخير ... غمزتني سرا أنها فرصة مناسبة للتخلّص من هذه الورطة ....
فؤاد يدخل خجلا غرفتنا شاكرا السماء على سلامتها ... كان القرار مع رفض فؤاد مرافقتنا أن نذهب أنا وفائزة وهو سيعود من حين إلى حين للتطمن على حالة أمي ... لمحت غمزة من فائزة وحركة بهز الرأس من وفاء تؤكّد أن الخطة ستستمر ... لكني شيئا ما في صدري يخزني ...
ذهبت فائزة تتجهّز وأنا لبست شورت السباحة وخرجت ... توجّهت لتلك الشابة التي بادرتني بالسؤال عن حال أمي فأخبرتها أنها بخير لكنها لا زالت تتألّم وإن كان بالإمكان تمكينها بحبّة أخرى لتخفيف الألم ..قالت أن لا مانع من ذلك شريطة أن تكون قد تناولت بعض الطعام ...
كأس عصير فراولة بارد دسست فيه تلك الحبة بعد أن سحقتها وقدّمتها لأمي التي ودعتني بعدة توصيات أن أتماسك وأحافظ على العهد .. قبّلت رأسها أن تطمئن ... خرجت أقفز فرحا مزهوا بذكائي ... الآن سأنفرد بآلهة الإثارة تلك وأنا متأكّد أن لا شيء سيحدث من خلف ظهري ...
قبل مغادرتي المجمّع لحقتني تلك الشابة توصيني بان تبتعد أمي عن أكل أو شرب أي شيء حلو ... قالت أن السكّر والدواء سيجعلها في حالة أشبه بالتخدير والنوم لفترة قد تدوم يوما كاملا ... فرقص قلبي فرحا ....
وجدت فائزة تقف عند الشاطئ وأمامها طوافة ... هي ليست طوافة بل دراجة مائية تعمل بحركة الرجلين على دواستين ... فائزة التي كانت تلبس نفس البيكيني ... تلف وسطها بقماش أسود ... ماكياج خفيف لم أفهم مغزاه لكنه زاد في سحر عيونها ... تمسك حقيبة بها بعض قوارير الماء الصغيرة والعصير وبعض المقرمشات ...
دفعنا تلك العربة الخفيفة فوق سطح الماء لأمتار قليلة ثم ركبنا متجانبين ... دقائق وتجانست حركتنا وبدأنا نخترق سطح الماء ... ما إن تجاوزنا حدود تلك الصخرة حتى إكتشفت تضاريس المكان الرائعة ... عدّة خلجان صغيرة مختلفة الأحجام تتجاور ... يفصل بين كل منها جدار صخري يختلف من منطقة لأخرى ...
أشعة الشمس تنعكس على سطح الماء ... إبتعدنا مسافة ليست بالطويلة عن الشاطئ ... منظر الماء العميق الصافي جعل فائزة تطلب التوقف ... قالت أنها ترغب في الغطس هنا ... وقفت تحاول التماسك أن تسقط ونزعت قطة القماش من وسطها وقفزت برشاقة في الماء ...
كنت أراقبها وهي تطفو على سطحه ... إن سبحت على وجهها سحرني منظر الهضبتين المكتنزتين في مؤخرتها ... وإن سبحت على ظهرها غرقت في الجزيرتين النافرتين من صدرها ... قضيبي ينتصب بهدوء لذيذ كلما راقبتها ... فقط كنت انتظر إشارة منها ...
بدأت شمس الظهيرة تحرق جلدي فأردت القفز في الماء لكنها معتني خوفا أن يسحب التيار عربتنا بعيدا عنا ... غير بعيد عنا تظهر بعض الجزر الصغيرة ... هي ليست جزرا هي حجارة لا يتجاوز قطرها المترين ترتفع بضع صنتمترات عن الماء ... لا يمكن ملاحظتها إلا بسبب خضرة لونها الذي إكتسبته من نمو بعض الطحالب عليها ...
عادت فائزة لمجلسها وتوجهنا لأكبرها حجما محاذرين إصابة قاع الدواسة ... ثبتنا عربتنا بحبل قصير يتدلى من مقدمتها ... وجاهدنا للتماسك أن ننزلق فوق الطحالب ... سبحت قليلا أبرّد مسام جلدي ثم عدت نحوها ... جلست بجانبها نراقب بعض طيور النورس في الأفق ... طال الصمت وطال الإنتظار الحارق ... أعتقد أنها تنتظر مني نصف خطوة لتعود لشخصيتها الماجنة كيوم أمس ... لم أجد بدا إلا من فتح الحديث معها ...
مداعبتها لي بالأمس مع ما سمعته منها إجتمعا مع رغبتي الشديدة ليقتلا أي بوادر خجل قد يخلق في نفسي ... إنتصاب شديد وحرقة في أعلى رأس قضيبي تدفع لساني للكلام ... فكّرت أن أضع يدي و تغوص اصابعي فيهما لكني تراجعت ... هي حركة سخيفة مبتذلة قد تقتل أي رغبة عندها في إتمام الأمر معي
هل أمتلك ما يجعل أي إمرأة ترغب بي ؟؟؟؟ ...
قبل أن أسأل او أنطق ... إرتعشت ركبتاي لملمس يديها لأعلى رأس قضيبي ... حركات طويلة من سبابتها وإبهامها في الدائرة الحساسة بين الرأس والجسم ... ثم بيدها الأخرى حركات لفوق وأسفل على كيس بيضاتي كأنها تستكشف وزنهما ... رفعت راسي للأعلى مستسلما لحركاتها ... نصف زحفة من مؤخرتها نحو وإلتصق صدرها بفخذي ...
ملمس ناعم على مستوى فتحة رأس قضيبي ... ناعم ورطب ولزج ... أنزلت عيني قليلا للأسفل لأرى لسانها يجول حوله ... خشونة لزجة سرقت إرتعاشة من ركبتي ... ثم رفعت راسي للأعلى تاركا مصيري لهذه الخبيرة في التعامل مع الرجال ... شفتاها تحيط بكل قضيبي من الأعلى للأسفل في عملية تزييت ميكانكية ... لم يطل صبري طويلا حتى أدخلت نصفه في فمها وبيده الأخرى تستفز نصف الباقي ...
مراوحا بين إغلاق عيني وفتحها ناظرا للسماء شكرا على هذه الهدية ... بعض السحب الداكنة تغطي الأفق ... ثم سحبت من بين فخذي لنعيم حلقها تحرقني آهات الرغبة ... حركة وصوت أشبه بالإختناق منها مع شعوري بملامسة أعلى قضيبي لمدخل حلقها ... لعاب كثير يسيل منه... طال مصها لي مستجدية رحيق الرغبة ... حركة إنكماش في عظلات مؤخرتي وأسفل ظهري جعلها تنسحب للخلف قليلا وتكمل حركات بيديها ... من بطني نحو رأس قضيبي ...
رعشة قوية فرضت عليا ثني ركبتي قليلا ... دفقات متتالية من قذف ماء رغبتي تنطلق بعنف لتقع على صدرها مصدرة صوت كصوت وقوف حصاة في الماء...
واقفا دون هدف غير مدرك للزمان والمكان ... لوقت ربما قد طال كنت صامتا ناظرا للأعلى ... فائزة التي تدعك ثدييها بأصابعها الغارقين بماء شهوتي ولعابها ... قالت أنه مفيد لنعومة البشرة ...
لكن هذا الجسم وهذه الفرصة يمكن أن لا تتكرر ... لكن الأمر ثقيل على صدري وأنا الذي لا أمتلك أي خبرة في النساء ... بدأت الرهبة و الرغبة تتصارعان داخلي ... مع تراجع قضيبي للخلف مهزوما بنصره ... بدأت أراجع نفسي ... قراري الأخير هو كلمة سمعتها قبلا ... الخبرة هي جملة الأخطاء المرتكبة ... إن لم أخض التجربة فكيف سأفشل وكيف سأنجح ومن أين سأكتسب الخبرة ...
السماء بدأت تظلم قليلا ... خلت أن المغيب قد أزف وعليا إستغلال هذه الفرصة ... الخبيرة بالمص خبيرة بالنيك وهل ساجد أحسن من هذه الفرصة للتعلم على يد خبيرة مثلها .... بعض الأمواج الخفيفة بدأت تتلاطم على سطح جزيرتنا الصغيرة ... خلعت الشورت وتقدّمت نحو فائزة التي كانت تنام على ظهرها فاتحة رجليها تدعوني لدخول أتون النعيم بينهما ...
صوت هدير محركات وصراخ يقترب منا ... نظرنا ناحية المصدر حشية أن يكون بعض المصطافين يتجولون فيكتشفو عرينا ... قاربان بمحركين يطيران مسرعين نحونا من جهة الشاطئ ... الجبل الأخضر وراء التجمعات تحوّل لونه للأحمر والبرتقالي وسط تصاعد أعمدة دخان عالية ....
من الجهة الأخرى بعض القوارب تطير نحو الماء هربا من ألسنة النار ... توقف قارب بجانبنا وأنا ارتدي لباسي بسرعة وإرتباك ... فائزة التي لفّت صدرها العاري بقطعة القماش تجاهد للوصول لحافة القارب ... الوجوه إعتلاها الرعب مستبدلا السعادة ... إقتربت من القارب والأيدي كلها تمتد نحوي للمساعدة ... ما إن صعدت حافته حتى تمليت الوجوه المرعوبة التي إكتسب بعضها سوادا من أثر الرماد ...
لم أجد أمي في هذا القارب ولم ألمح خيالها في الآخر الذي مر مسرعا .... الدواسة انفلتت يسحبها المد مبتعدة عنا ... وألسنة النار تلتهم الشجر والحجر على الشاطئ ...
أمي التي خدّرتها بنفسي لا يمكن أن تستفيق حتى وسط هذا الصخب ... توقّف قلبي ومحرّك القارب يدوي إذنا بالتحرّك نحو الأعماق ...
رميت نفسي أجاهد الماء متجها نحو الدواسة ... والكل يصرخ بي يدعوني للعودة ... ركبت الدواسة وجاهدت لتوجيهها نحو الشاطئ مع حركة فردية مني بدأ الأمر أكثر صعوبة مع المد العكسي و حركة من شخص واحد ... بدأ الشد العضلي يمنع قدمي من الحركة ... إقتربت من الشاطئ قليلا ... ألسنة اللهب تتصاعد للسماء ... أصوات أشجار الصنوبر تتساقط على بعضها كرعد يدوي وراء المخيّم الذي أخفى الدخان ملامحه ....
إقتربت من الرمل فقفزت بحثا عن أمي ... وقفت طويلا أنظر مكان غرفتنا تلتهمه النار وعيناي تبكي دما وقلبي ينزف ندما ... بركت على قدمي ولهيب النار يلفح نفسي صارخا ....
" أمي ... أمي ... وفاء ... وفاء ... أمي .. "
الجزء الثامن
ألسنة النار تتصاعد لتتحدى علو السماء ... لم ينجو شيء منها ... إنعكاس صورة النار تتراقص على سطح المياه المتموجة مع تراقص الدموع الحارة في عيني ... موجة من الدخان ممزوجة بصهد النار خنقتني ... صوت سعالي الشديد يتردد صداه ممزوج بسعال شخص آخر ...
توقّف قلبي للحظات ... خيال بشر يشق النار وصوامع الدخان متقدما نحوي ... تخيلتها أمي ... لكن صوت رجل مبحوح والماء يتقاطر من أنفه الأحمر يتسائل عن سبب وجودي ... لم أتملى في وجهه لكن صوته مألوف ... رغم معارضتي سحبني نحو الماء قائلا أن المجمع قد تم إخلائه تماما قبل إقتراب ألسنة النار من المكان بمدة كافية لإنقاذ الجميع ...
سألته والعبرة تخنقني عن سيدة كانت نائمة في غرفتها فقال أن الموظفين تفقدوا كل الغرف والمحيط قبل أن يركب الجميع المراكب ... لم يتبقى أحد في المكان ... كلمة كانت ستزرع بذرة طمأنينة في قلبي لو لم أكن قد نومت أمي بيدي ...
صوت هدير محرّك قوي يقترب منا وسط الخليج الصغير ... شاب يلبس صدرية إنقاذ على صدره يمتطي دراجة مائية يقترب منا ... كان أحد أعوان الحماية المدنية يطلب منا مرافقته ... قال أن الجميع قد تم إجلائهم على متن زورق تابع للبحرية ...
لو لم يقل أن سيدة أصرّت على أن أذهب للعودة عن شاب إتجه ناحية المجمع رغم إشتعال النار ما كنت رافقته ...بالتأكيد هي أمي ... بين تردد وإقتناع أردفنا ذلك الشاب وراءه مستفسرا عن مخاطرتنا بالبقاء وسط الخطر ... أكبر شجاعتي للعودة بحثا عن أمي المصابة وأنكر وعاتب الرجل عن تأخره في الهروب دون سبب ...
أنوار حمراء وخضراء تنعكس على سطح الماء المحيطة بزورق حربي كبير يقف غير بعيد عن الخلجان ... ساعدنا الطاقم في الصعود ... لم أسمع كلمات الترحيب والشكر على السلامة منهم فقط عيني كانت تجول في الموجودين جلوسا على حواف المركب ...
الكل متوتر ومستبشر وحامد ومستخلف ... لمحت فؤاد وفائزة تتوسط أذرعتهما أمي التي ترتجف رعبا ... تلتحف غطاء صوفيا خفيفا لم يفلح في منع إرتعاشها ... إرتميت بين أحضانها باكيا طالبا الصفح مقبلا يديها... حالتها كالثملة ... فؤاد قال أنه لحسن الحظ أنه توجه نحو غرفتها ليطمئن على سلامتها قبل إقتراب ألسنة اللهب ...
نومها العميق كان سيمنع عنها فرصة النجاة ... كلماته زادت في إختناقي بالبكاء ... شعور بالندم المضاعف يطبق على صدري ... نومها أنا من تسببت فيه بتخديرها مسحوبا بخطوات رغبتي المجنونة ... في حين كان فؤاد يجاهد لإنقاذ أمي كنت أحشر قضيبي في حلق أمه ... قرفت من فعلي ومن نفسي مما دفعني للغثيان ...
لم تطل رحلتنا بإتجاه ميناء صيد صغير ... تسلمتنا سيارات عسكرية تولّت نقلنا كل لمدينته بعد التأكد من سلامتنا ... أمي التي لا تزال مخدّرة وتعرج بألم قدمها لم تفهم ما يحدث ... ساعدتها في توسد مخدة في الصالون وغطيتها لتنام ... طال نومها ولم يفلح ماء الحمام البارد ولا هواء الشرفة في تخفيف لهيب نقمتي على نفسي ...
حتى آلية الدفاع الذاتية في النفس البشرية لم تنجح في منعي من تقريع نفسي ... صفعت نفسي طويلا أمام المرآة ... كدت أقتل أمي بسبب رغبتي ... سابقا كنت كلما حشرتني أخطائي في موقف التقريع هذا إلا وعلّقت سبب الخطأ على شماعة شخصية أمي .. لكن هذه المرة فلا ... أنا المخطأ و يتوجّب عليا محاسبة نفسي ...
صباحا تحرّكت أمي ... صوت تأوه خفيف ناتج عن ألم رجلها سحبني مهرولا نحوها سنتدها للحمام ... تركتها تتخلّص من أثار رحلة الجحيم تلك ... إن أفلح الماء في تنظيف جلده فما الذي سيفلح في مسح كل تلك الذكريات من عقلها ...
جلبت لها ملابس نظيفة وتركتها معلّقة في الباب من الخارج ... حضّرت لها الفطور ... نظّمت مكان جلوسها في الصالون حركات متتالية نشيطة مني تعكس رغبتي في تغيير واقع تسببت فيه ...
ساعدتها في الجلوس والماء يتقاطر من شعرها ... أطعمتها بيدي ... قهوة سوداء داكنة ساعدتها على إستعادة بعض من وعيها ... لم تستوعب كيف وصلنا بيتنا ... رحت أروي لها بالتفصيل ما حدث ... قلت كل الحقيقة إلا مغامرتي مع فائزة ...
حضنتني أمي بقوة لتضحية بنفسي مقابل إنقاذها ... إجلال زاد في حنقي على نفسي ... عدت لأنقذها من موت أنا من كدت أتسبب فيه ... تركتها ترتاح وقد خف ألم تلك اللدغة في قدمها ... مسحت البيت كله من أعلاه لأسفله ... نفضت كل أرجائه من غبار غيابنا لأيام ... هي أعمال منزلية نادرا ما قمت بها و إن فعلت فافعله متأففا ... هذه المرة كنت أنفض غبار ذكريات سوداء علقت بذهني ...
صوت مذيعة في التلفزيون تتحدث عن الحرائق ... قالت أنها منتشرة في كل مكان موجة حرائق يعتقد أنها مفتعلة إنتقاما من القرارات السيادية الأخيرة ... تونس والجزائر تتشاركان نفس الهم دائما ... للحظات تذكّرت تلك السحب ساعة كنا وفؤاد فوق الجرف الصخري ... وإظلام السماء فجأة وقت كنت مع فائزة .... إشارات كثيرة لم ألتقطها ... كيف سأفعل وعقلي كان مسلوبا بجسم تلك العاهرة ...
حتى تلك اللحظات الوردية التي عشتها معها صارت مرادفا للرعب بالنسبة لي ... لا أريد أن أتذكر شيئا ....
وقفت طويلا أما صورتي وأمي المعلّقة حديثا في حائط الصالون ... تلك الصورة هي نقطة بداية كل ما تلاه من احداث كادت أن تزهق روح أمي حرقا بالنار ... مجرّد تخيّل ذلك يرفع ضغطي ... قررت التخلّص منها والعودة إلى ما قبل ذلك ... ما قبل كل شيء ... سأنسى اللعبة والمال وخولة وفائزة وكل ذلك القرف ...
يكفيني الغنيمة بنجاتي وسلامة أمي ... فتحت الثلاجة فلم أجد فيها ما يصلح للأكل ... تركت أمي التي تورّد وجهها مع رائحة معطرات الجو بعبق القرنفل تفوح في البيت ... تركتها تتابع التلفاز ... أحداث كثيرة تحصل ونحن غائبون عن الواقع ...
عدت مثقلا بأكياس فيها كل ما يلزم البيت ... صوت أمي يستقبلني وهي تتحدث في الهاتف ... خالتي في طرف المكالمة الآخر في الجانب الآخر من المتوسّط ... تركتها دون إزعاج ... إنهمكت في رصف المقتنيات في الثلاجة ثم إعداد الفطور ... روحي لا تزال تختنق ...
كنا وصلنا الأسبوع الثاني من شهر أوت .. الشهر الثامن من السنة ... للهروب من ذكريات الماضي المقيت يجب تخيّل مستقبل مغاير ... بذكريات رحلة إنقاذنا على يد الحماية المدنية والبحرية رحت أتخيّل نفسي ربان سفينة حربية ... كنت أقلّد حركات التحية العسكرية كما يفعل طاقم السفينة بلبسهم الأبيض الناصع ... شعور بالفخر والنخوة ملأ صدري وأنا أتخيّل أمي تودعني أمام الباب قبل ذهابي في رحلة عمل أجوب فيها أعالي البحار ...
تلك المشاعر هي الوحيدة التي أطفأت نار غضبي من نفسي وتلك الصورة هي من غطّت صورتي الكريهة ... وضعت بعض الأطباق فيها ما إجتهدت في إعداده من أكلات بسيطة ... لحم مقلي ومرقاز وبعض الخضار والفاكهة وقارورة عصير ... وضعتها بطريقة منمّقة ودعوت أمي للحضور ...
تخيّلت بعض السعادة ستعلو محياها بصنيعي البسيط لكن وجهها كان فاترا يميل للصفرة ... عيناها غائرتان وعقلها شارد ... لم تأكل كثيرا ... لم تستجب لمزاحي حول عدم إجادتي للطبخ ... كانت في عالم غير عالمنا ...
لجأت لغرفتها تخفي حزنا لم أفهم أسبابه ... دخلت الغرفة رتبّت ملابسي ... فتحت جهاز اللابتوب ... راجعت رصيدي ... بقي فيه مبلغ محترم ... لكن قراري بالتخلّص من هذا المال الملعون لا رجعت فيه ... وجدت بعض إعلانات قرى كفالة الأيتام تدعو الناس للتبرّع ... هذا هو الحل ... لست أطلب أجرا على ذلك ... يكفيني فقط أن تذهب لعنة تلك الأموال بعيدا عني ...
سحبت هاتفي وأدخلت رقمي السري وحوّلت كل ما املك في رصيدي لأحد الحسابات ... لكن رغم محاولاتي العديدة لم يفلح الأمر ... هي مشكلة تقنية كثيرا ما تحصل ... شبكات النت في تونس لمن يعرفها فقط ...
أغلقت جهاز اللابتوب ووضعته في الكرتونة وأعدته لغرفة أبي مودعا الفكرة وما إنجرّ عنها ... فقط سأحاول مساءا التخلّص من المال ويكفي ما أصابنا وأصبنا من هذه اللعبة ... سرقني نوم عميق جدا طال حتى منتصف الليل ... رغبة شديدة في دخول الحمام دفعتني للنزول للأسفل ...
أمي متكوّرة على الأريكة تتابع التلفاز وقد زاد شحوب وجهها ... تخلّصت من أثر النوم وجالستها واضعا طبقا من الفواكه لم تمد يدها إليه ... حتى كلماتها معي كانت مقتضبة وقصيرة ... صعقت لمجرّد فكرة أنها علمت بأي طريقة بصنيعي وإلا ما هذا التغييّر المفاجئ ...
رحت أحاول سحبها بالحديث علّها تنفجر وتكفيني شر هذا العذاب ... لكنها كانت تائهة ... رحت أحدثها عن رحلة إنقاذنا ... ما إن طرحت عليها فكرة قراري بالإنظمام للبحرية حتى إنفجر شلال دموعها باكية ... لم أفهم ما حدث وهي لم تعلمني ... بعد محاولات مضنية مني نطقت ...
رحت أراجع السلم الزمني ... هي عقوبة السماء لي لا ريب ... أو هو قدر أن لا أصل لما أريد ... البلد كلها تقلب من أعلى لأسفل فقط لأحرم حلما لم أتقبّله إلا غصبا ... ولما صار يشكّل طوق نجاة لي من بحر التيه هذا أمنع منه ... طال إختناقي ولم أعد أطيق لا الجلوس ولا الوقوف ... عضلات مؤخرتي تخزني وتدفعني للحركة ... قبل خروجي الصامت من البيت لمحت أمي جالسة كجثة تحمل أكياس هم عمر بأسره ....
هي العادة المكتسبة أو المخلوقة فيا بدأت بالجري ... دون وجهة ودون عنوان ... فقط أهرب من وضع لم أفهمه ولم أختره ولا أعلم آخره ... عندما ينهك الجسد يتوقف العقل عن التفكير ... فأسرعت خطواتي أكثر ... عيناي المغرورقتان بالدموع منعت عني الرؤية ... جريت حتى نهض الصباح ...
شابتان تسيران عكس سيري إحداهما تحمل كيسا إرتطمت بي أو إرتطمت بها ... وقعت بعض أغراضها أرضا فتوقفت لإصلاح مصيبة تسببت بها للغير ... ألا يكفي ما يحصل لي حتى أضر غيري ... لا اعلم هل تقبّلت كلمات إعتذاري أم لا لكن إبتسامة عينيها الناعستين رسمت في خيالي ...
صوت العمدة يناديني من الطرف الآخر متذمرا من نكراني لعشرته القصيرة جعلني اذهب للسلام عليه والإعتذار عن المغيب ... سألني وهو يفرك يديه إن كنت حققت بعض الأرباح مؤخّرا ... كلمات أعادتني لعالم أردت الهروب منه فأبى إلا سجني داخله ....
توجهت لاقرب محل إنترنت ... فتحت موقعي المزعوم كتبت رسالة طويلة من البرنامج لامي إعتذار عما تسببوا به و متمنيا لها السلامة و يعلمها بإنتهاء التجربة مع تحويل مبلغ 10 آلاف دينار كمكافأة وتعويض ... ربما هذا الحل سيخرج أمي من دوامة الحزن ...
بعد دخولي للبيت بربع ساعة رن هاتف أمي لتلقيها الرسالة .. تصنّعت الجهل والتجاهل ... عاد قلبي للنبض مع عودة وجه أمي تدريجيا لحالته الطبيعية ... إقتربت منه مستبشرا ...
غريب أمر تأثير المال في النفس البشرية ... طوال العشاء وما بعده عقلي كان تائها ... لما ارمي مبلغا نحن في أمس الحاجة له ... لما لا اصرفه على أمي وعلى بيتنا المتواضع ... سأجعل حياتها أحسن وأسعد وأكثر راحة ... فقط أسبوعان من الرفاهة غيّرت شكلها وروحها ... هي كادت أن تفقد حياتها لكن السبب هو خطوات غير محسوبة مني لا غير ...
بضع أيام لا جديد فيها سوى أني كنت أخطط لصنع حل مقبول لا ثغرة فيه ... نحن أحفاد من قال " إن لم نجد حلا سنصنع واحدا " ... الجو في بيتنا أصبح جميلا هادئا مبهجا ... فقط أنا لم أجد جامعة تقبل إلتحاقي بها وقد أغلقت آجال الترسيم بها ... أمي كانت تشعر بالذنب أني سأخسر سنة بيضاء من عمري ...
كنا عائدين أنا وأمي من حملة تسوق بسيطة حين وجدت أمام باب بيتنا كارت شحن لهاتف جوال ملقى على الأرض ... لم تكن أرقامه مكشوفة فوضعته في جيبي وهي تحسدني على حظي ....
كنا نتسامر في شرفتنا كالعادة حين رن هاتفي ... نظرت إليه نظرة إستغراب ثم رميته ... أمي إندهشت من فعلي وأصرّت أن تعرف ما وصلني ...
مساء الغد وصلتني رسالة فأهملتها ثم الثانية فأهملتها ... في الثالثة أمي خطفت هاتفي وبدأت في المشاركة ... أسئلة من نوعية من إكتشف زراعة الخيار في بطن السمك ومن فاز بجائزة أطول شعر في الإبطين ... تلك الأسئلة الشائعة ... كنت إخترتها بعناية أن لا تكون سهلة ولا مستحيلة ... أمضينا الليلة كلها نتشارك في الإجابات ...
أمي كانت تقفز فرحا حتى كادت تقع لما كسبنا ... هكذا لم أعد أحتاج عذرا ولا مواقع ولا برامج ... هي التي تلعب وهي التي تكسب وأنا من يدفع ... أسبوعان مرا وقد أدمنت أمي فيهما اللعب ... كسبنا بعض المال ... أثاث جديد ... غسالة وثلاجة وموقد ... بإختصار وفّرت لها كل ما حلمت به دون أن تطلب ...
هدأ ضميري وهدأت روحي ونسيت كل ذنوبي معها ... حتى رغبتي تراجعت ... لكن لو واصلنا في اللعب والكسب ستشك أمي في ذلك ... ملابسنا تغيّرت وحالنا صارت رائعة ... تصادف في يوم أن تقابلنا مع مجموعة من الناس يبدون مثقفين في مقهى تقليدي ... سحرتني أمي بتحاليلها للواقع وكمية معرفتها لخفايا البشر ... سخرت من نفسي أن كيف خدعتها يوما ...
أمي بدأت تعشق تلك الجلسة معهم ... وكما توقّعت بدأ رؤسائها في العمل بإزعاجها فهربت بإجازة دون راتب إلى حين ... وأنا بدأت أخشى عليها ... من صارت تجالسهم ووقتها كله فراغ فيهم رجال لا يخلو بعضهم من وسامة ونساء لا تخلو عيونهم من عهر ... قررت إشغالها عنهم خصوصا ورياح فصل الخريف بدأت تهب ... رحت أكلمها طويلا عن قدرتها على التحليل النفسي وأنها كان يجب أن تتخصص في ذلك ...
بالنسبة لي وبما أنها سنة بيضاء لا دراسة فيها ولا شغل إلتحقت ببرنامج تدريب عن بعد في مجال الميلتميديا والإعلام ... تلك الفكرة التي والحق يقال أقنعني كلام فؤاد يوما عنها ... وبما أن الهواتف وأجهزة الحاسوب صارت تقرأ أفكارنا ... كثيرا ما كانت تمرّ أمامي وأمامها إعلانات عن دورات تدريبية في علم النفس ... في الأوّل تجاهلت أمي الأمر بل ورفضته بدعوى .. " بعد ما شاب " ...
لكن هي بضع أيام حتى سجّلت في أحدها وبقينا أنا وأمي ندرس من البيت ... نعم نجحت أن أعيد أمي لمقاعد الدراسة والمراجعة وقراءة الكتب ... ألم أقل يوما أنها عادت لبداية العشرينات ...ها قد عادت بحق ... قلم ووثائق وقصاصات أوراق ... حقيقة انأ سحرني عالمي الجديد وأمي غاصت حتى منكبيها في علم النفس البشرية ...
برنامج تدريبها كان ينتهي بتربص مغلق لمدة أسبوع في أحد النزل ... دروس تطبيقة ولقاء بكبار علماء النفس في البلد ... حقيقة لا اعرف أحدا في تونس يحضا بهذا الشرف لكن عزيزي القارئ " عديها" ...
بين رغبة ورفض منها وتوجس مني أن تتعثر خطاها في أحد يحيي فيها مشاعر الحب والأنوثة بعد أن محوت عدة سنين مقاومة من عمرها بيدي ... قررت أن أشجعها على الذهاب ... إن كنت أطلب منها مسحة حرية لي فلها الحق في مثلها حتى وإن كان صدري يضيق بذلك ... سأثق فيها في حبها لي ووفائها لأبي ...
أسبوع إستغللته في العودة للعبتي ... الشهر الأخير إستنزف كل رصيدي تقريبا ... وبعض الأعمال المنزلية البسيطة كإصلاح بعض الثقوب والدهانات ... كنا نتكلم أنا وأمي كل يوم يطمئن أحدنا الآخر ... حقيقة لم أتقبّل بعدها عني وبعدي عنها ...
أسبوع عادت أمي بعده مثقلة بكمية كتب وروايات ودراسات ... غاصت فيها لأيام ... لكن الدورة إنتهت والتكوين إنتهى ... هي تحصّلت على شهادة في التكوين لكنها مجرّد ورقة ... هنا إستشعرت ملامح الإحباط في عينيها ... خصوصا وأني قررت الإلتحاق بمعهد خاص لعلوم الميلتميديا ... تصوير ومونتاج وميكساج صوت ... وهي ستبقى في الفراغ ثانية ...
هنا كان يجب عليا تدارك الأمر ... حقيقة صرت أخشى على أمي من الفراغ ... شكلها وملابسها وغياب خالتي وتوفر الوقت والمال وإنشغالي مع الروح الجديدة التي سكنتها مع رواسب تلك التجربة في بداية الصيف حتما ستدفعها لشيء لا أرضاه ... ستخرج للمقاهي ... ستتجوّل ..وهنا لا يمكنني توقّع ما سيحدث ... مجرّد تخيلي لها كخولة أو كفائزة يخنقني ... هي غيرة إبن على أمه وقد كاد يقدمها يوما لغيره على طبق أو غيرة من يرى صنيعة يديه يمكن أن تفلت منه ...
الأمر أصبح من مجرّد لعبة أو إخفاء سر عن أمي ... أو حتى لم يعد إيجاد فرصة مبررة لتوفير بعض المال لها .. الموضوع أصبح أخطر بالنسبة لي ... حقا أمي إستعادت نظارتها وتألقها ... حتى في شخصيتها صارت تراوح بين الشباب والنضج ... أصلا صارت أحيانا تسايرني في تصرفاتي الخرقاء ...
ليالي طويلة أنفقت ساعاتها في التحضير للمرحلة الأخيرة من خطتي الغير مخططة ... سأوفر عملا لامي في نفس الميدان الذي أغرمت به ... فكرة أن تفتح عيادة طب نفسي إصطدمت بعدم حصولها على شهادة علمية تسمح لها بذلك .. هي فقط تلقت بعض التدريبات الأقرب لحصص تكوين القادة والمدربين ... لكنها لم تصبح طبيبة نفسية بمعنى الكلمة ... موضوع صرف أدوية الاعصاب والتجارة غير المشروعة فيها يعقدّ الأمر قانونيا .... وهذا ما خلق فيها نوعا من الإحباط يتناما يوما بعد يوم ... والإحباط شعلة للجنون والفراغ وقودها ... وأمي إجتمع فيها الإثنان معا ...
القدر وقف بجانبي كثيرا في هذا الأمر منذ بدايته إما بتيسير الأمور معي وإما بإصلاح الأخطاء ورائي ... كنت أتجوّل في المدينة حين قابلت شابا كان زبونا دائما وطويل الإقامة عنده ... سلام حار وترحيب لم أستسغه صراحة لكنه أصر أن يدعوني على فنجان قهوة ...
أسئلة بسيطة بيني وبين شبه الغريب هذا عن الدراسة والمستقبل ... قال أنه لم يزر محل رحيم منذ مدة ... وأمام إستغرابي وأنا من عهد طول جلوسه وحرصه وتفانيه وراء شاشة الحاسوب منذ سنوات ... أعلمني أنه كان يدير مدونة وقد فقد الشغف منها ... طارت النفحة كما نقول في تونس ... السبب هو إنعدام المردودية المادية وبعض الأشغال التي دفعته للتخلي عنها ...
قال أنها نجحت في إستقطاب آلاف المتابعين ... فكرة ولمعت في راسي أنا فقط أريد تاريخها القديم ... أقنعته أن يتخلى عنها لي مقابل مبلغ من المال ... وافق على الفور خوفا أن أتراجع عن هذه الصفقة الخاسرة بالنسبة إليه ... الثغرة الوحيدة في التطبيق القديم هو تاريخ الإنشاء ... هذه المرة إستعنت بخبير ... خلقت موقعا جديدا متكاملا ... كمن رمم بناءا قديما
بعض المتابعين تفاعلوا مباركين التغييرات الجديدة على أمل تطوير المحتوى ... ووضعت إعلان عمل أعلى الصفحة ... كل المواصفات المطلوبة فيه على مقاس أمي ... من ناحية العمر والخبرة والشهادة ... فقط أردت أن أمنحها فرصة أن تشعر بقيمة نفسها ... هي أيام قليلة وفي إحدى بقايا سهراتنا اللطيفة إقترحت على أمي البحث عن عمل في ميدان شبه تخصصها الجديد ...
فكرة تقبلتها رغم سخريتها الطويلة مني ... لن تخسري شيئا فقط حاولي ...تلك الكلمة لم تشرق عليها الشمس حتى وصلني طلب عمل منها على موقع الجديد المرمم ... هنا شعرت أني وصلت لما أبغي ... ولمزيد التأكيد على جدية الأمر ... وصلتها موافقة مدير الموقع الذي هو أنا طبعا شرط أن تمر بفترة تجريبية ....
تركت أمي تكتب المقالات العلمية عن حالات نفسية في المجتمع ... هكذا إنتهت مغامرتي المجنونة ... أجرة شهرية مقبولة ومنطقية مع إحتمالية الزيادة بنظام النقاط ...
كمن حقق نصرا في حرب أعلنها دون أسلحة ولا جيوش ... هكذا كنت أشعر ... إلتحقت بالمعهد وبدأت حقيقة أبهر بالعالم المنفتح حديثا أمامي ... دروس وأعمال تطبيقية ومشاريع واجبة الإنجاز ... بدأت السكينة تدخل حياتنا ... في النهار أدرس في المعهد ..أعود لبيتنا لأجد أمي غارقة وراء جهاز الكمبيوتر تكتب مقالات وتعدّل وتصلح وتزيد وتنقص ... تبحث عن معلومة في كتاب أو في دراسة ...
وضعنا المادي عال العال ... كنت ألجأ لشبكتي المجنونة كلما أحسست أن الرصيد إنخفض فأزوده ببعض الأصفار وأعود ثانية لحياتي البسيطة ... لم نعد بحاجة لأحد ... وهذا يكفي ... كده رضا ...
قبل مرور شهر على إلتحاقي بالمعهد تعرّفت على بعض الزملاء ... كل المنتمين له من الشباب المجانين ... الفن هو تعبير من تعابير الجنون ... أخر الشهر كان علينا القيام بمشروع نهاية مرحلة ... المشروع يكلّف بعض الأموال ... كنت في الكافيتيريا أتناقش مع بعض الزملاء حين إقتحمت مجلسنا فتاة يبدو وجهها مألوفا ... قالت دون مقدمات بروحها المرحة ... " أنا معاكم في المشروع ده عياقة " ... قبل أن يحتج بعضنا أمسكتني من كتفي تهزني بعنف ... قائلة " مش إنت إلي وقعتلي الكيس من كام يوم ... يبقى أنا معاكم "
نظرة طويلة في وجهها مستنكرا ... فقط عيناها الناعستان هو كل ما أذكر من تفاصيلها ... إحتج الباقون وإنسحبوا وبقينا أنا وهي ... لأول مرة في حياتي أنفرد بزميلة لي ... إسمها تيسير ... أقصر مني بقليل رقبتها طويلة وبيضاء ... جسمها نحيف لكن مع تكوّر على مستوى الصدر يوحي بحجم محترم لثدييها ... لبس شبابي غير متناسق ... بنطلون ممزق على مستوى الفخذ يلمع تحته جلد ناعم أهملت بعض الشعيرات فيه ...
هي أكبر مني بسنتين قالت أنها فشلت في كل جامعة دخلتها ولو فشلت في المعهد فإن عمها سيتبرى منها ... شخصية تشبه شيرين في فيلم ميدو مشاكل ...
وافقت مرغما على أن نكون شريكين في العمل .. هي شريكة بالحضور فقط ... شيء ما دفعني للقبول لم افهمه... كثيرة الكلام والحركة لكنها غير مفيدة ... هي مسلية فقط ... ومنذ ساعتها أصبحت مرافقتي طيلة ساعات الدراسة و بعدها... شعوري بالتفوق عليها جعلني أتناسى الباقين وأركز معها ...
يتيمة الأب والأم وتعيش في بيت جدتها وعمها المقيم في الخارج يكفلها ببعض التحفّظ ... ثمن القهوة والصندويتش والعصائر كانت إتاوة وفرضت عليا لكني كنت سعيدا بذلك ...
تركيزي لأسابيع وإجتهادي في الدراسة والعمل على المشاريع أبعدني عن متابعة ما تنشره أمي وما تكتبه ... النوم المنتظم والأكل الدسم و الملابس الجديدة جعلتني أرى نفسي شخصا جديدا ... فقط كنت أرى السعادة في عينيها وفي تدليلها لي وفي العناية بالبيت ...
أمي التي إكتسبت خبرة في الكتابة والرد على التعاليق أصبحت مسيطرة على المدونة ... رغم أن المتابعين ليسو بكثير ... في أحد الليالي وبسبب كثرة شربي للقهوة مع المجنونة تيسير أصابني السهاد ... فتحت المدونة أطلع على ما تكتب ... مواضيع طويلة عن الطلاق وأسبابه ... الخيانة ... الهجرة غير الشرعية ... كنت اقفز فرحا لما صنعته بها ...
بما أني صاحب الموقع فيمكنني مراقبة كل شيء حتى المحادثات الشخصية ... فقط هي رغبة وفضول أن أعرف إذا كان احد ما يزعجها وكيف تصرّفت ... فتحت صندوق بريدها ... رحت أراجع مراسلاتها مع معجبيها او لنقل مرضاها كما سيحلو لها تسميتهم ... هذا يسألها عن سبب أرقه وتلك تسألها عن إنقطاع رغبتها في الآكل والحياة ...
هي مشاكل الكل يعاني منها ويتعايش معها ولا تلبث أن تنتهي لحالها ... لكن أمي كانت تتعامل معها على أنها مرض نفسي وتقدّم النصائح ... لم يكن ينقصها إلا وصفات الأدوية لتصبح طبيبة نفسية بحق ...
شعرت براحة و نشوة لتجسسي على أخبار الناس وأسرارهم لا أعرف مأتاها ... هي محادثة وحيدة من جعلتني أركّز طويلا ... سيدة تشتكي من حالة إبنها وأمي تجاوبت معها طويلا وركّزت معها وتفاعلت بل وتضامنت ...
أعدت شريط المحادثة بينهما منذ البداية ... على شاكلة جلسات العلاج النفسي ... المريضة تشتكي وأمي تسال أسئلة بسيطة وتدون ملاحظات هذا ما تخيّلت ... هي سيدة تقول أنها ربة منزل في بداية الأربعينات ... مثقفة وأنيقة وجميلة ... مات زوجها الأوّل وترك لها إبنا رضيعا وأمام محاصرة أهلها لها قبلت بالزواج من ثاني وإبنها في عمر الأربع سنين ... وكأي علاقة بين أي زوج أم وإبن ... فولدها لم يتقبّل وجود رجل غريب لم يتعوده دخل حياتهم ومنزلهم وسرير أمه فجأة ... ومن هنا بدأت المشكلة ... أو الحكاية التي ستروى على لسان صاحبتها وسط تدخّل من وفاء
" من كام شهر كده جات وحدة سكنت الشقة المقابلة لينا في العمارة ... وبما إني عايشة مع إبني بس وهي زوجها بيسافر لشهور طويلة فإتصاحبنا على بعض هي ست حلوة وفرفوشة ودمها خفيف ... حكاياتها مسلية ... أصغر مني بكام سنة بس ما جابتش أولاد ...إسمها حنين ... شوية شوية إبتدت علاقتي بيها تبقى أكثر ود وصداقة ووصلت إننا ما بنتفارقش بنفطر سوى ونتغدا سوى ونطبخ سوى ونسهر سوى ... دخولها في حياتنا كان زي الشمعة إلي نوّرت ظلمة الوحدة الي كنت عايشة فيها ... إبني كان بيحبها وبيتعامل معاها زي أمه ... برغم أنه ما بيحبش الناس إلا إنه كان بيحبها ...
بعد شهرين أو ثلاثة من إنتقالها لجيرتنا كنا أنا وهي سهرانين نتفرّج على مسلسل ... إبني في طبيعته إنسان منظّم لأقصى درجة بينام الساعة تسعة بيصحى الساعة ستة الصبح ... هادئ وما بتحسيش بوجوده غير لما تكلميه ... ليلتها كانت برد شوية وكنا سهرانين في الصالون ملفوفين في بطانيات ... فجأة باب غرفة إبني إتفتح وطلع منه لابس هدوم الخروج وجي قعد جنبنا إتفرّج معانا في المسلسل .. شعرو متسرّح وريحته متعطّرة ... المسلسل خلص قام سلم علينا باسني من خدي وباس حنين من خدها لأوّل مرة ودخل نام ... حنين خادت الموضوع ببساطة وأنا وشي كان بقى زي اللمونة ... الليلة الي بعدها نفس الحكاية ... أصلا راح يتناقش معانا في أحداث المسلسل ... أسبوع على نفس النسق ... أنا كنت تايهة في دنيا ثانية ... لغاية ما حنين حسّت بكده و نطقت
يوميها كانت إجازة وعملنا عليه لعبة إنه في عثة بتسبب الحك في دولاب هدومه ... شوية بودرة عفاريت ساعدتنا على كده وكان لازم نغسل كل حاجة ... وفعلا ده حصل ما خليناش ولا قشاية في دولابه ..بوكسراته شورتاته بنطلوناته قمصانه ...كله إتحط في الغسالة ... حنين قالت إنه لو طلع عريان يبقى بجد مريض ولازم نشوف هو إيه السبب ولو لف نفسه بملاية أو بطانية يبقى بيستعبط ... وإستنيناه بالليل ...
في نفس التوقيت كنا أنا وهي سهرانين النور كان مطفي ومافيش غير التلفزيون ... كنا انا وهي قاعدين جنب بعض في كنبة ومستنيين ... فجأة الباب إتفتح ... طلع علينا خالد عريان ملط ... بتاعه بيتمرجح ما بين رجليه ... حنين أصلا صرّخت من الخضة ... جيه قعد معانا من غير ولى كلمة خلّص المسلسل ورجع لغرفته ونام ... أنا وهي ما شوفناش نوم ليلتها
حنين قامت من مكانها كإنها تغير قناة أو توضب الصوت وراحت موطية قدام عينه ... طيزها كانت عريانة إلا من الفتلة الي في النص ... مع النور كانت جلدها بيلمع وعينين خالد بتلمع ... ساعتها شكيت إنه صاحي ... فجأة بتاعه وقف ... أول مرة أشوف زب إبني واقف ... حنين عينيها كانت هتطلع من مكانها وهي بتشوفه ... أنا بقالي سنين ما شفتش زب أصلا ... فالصدمة كانت مضاعفة ... زب خالد مرة ونص قد بتاع أبوه ومرتين قد بتاع زوجي الثاني ...
حنين قرّبت مني وسحبتني من إيدي وقعدنا جنبه ... أصلا طفينا التلفزيون عشان نتأكد ... بس هو فظل قاعد ... حنين بدأت تحرّك صوابعها على فخاذه بشويش وأنا كنت زي المشلولة مش عارفة أعمل إيه ... حبيت أمنعها بس المنظر سحرني ... زب خالد كان واقف زي العمود ناحية السقف وهي بتلعب بصوابعها على فخاذه ... شوية وإبتدت تطلع لفوق أول ما لمست كيس بيضاته إرتعش شوية بس ما عملش أي حركة ثاني ...
هي كانت بتلعب في بيضاته وبإيدها الثانية بتلعب في راس زبه ... صوابعها كانت زي الخيوط مقارنة بحجمه ... عروقه باينة ولونه أحمر حلو .... حاولت أحتج علي بتعمله لكنها سكتتني بإشارة من صباعها و قالت بهمس " بذمتك عمرك شفت زب أحلى من ده " ... الحقيقة أنا عمري ما شفت حاجة بالحلاوة دي ... كنت فرحانة إنه إبني بقى راجل بجد لدرجة خلى وحدة متزوجة وحلوة زي حنين تترمي بين رجليه وتلعب ببتاعه ...
رجعت نص شبر لورى وسبتها تعمل إلي هي عاوزاه ... هو كده كده هيصحة ناسي ... بدات بتلحس راس زبه و شوية دخلته في بقها ... كانت شفايفها بتعاني عشان تحيط بيه كله ... أنا كنت تحت تأثير الصدمة وحلاوة المنظر ... حطيت إيدي على كسي إلي نسيت إنه موجود من زمان وإبتديت أدعك فيه ...
حنين إلي شافتني ضحكت وزب خالد في بقها ... شوية لقيت إيدها بتتسحّب ناحيتي ... ما قاومتش بس ايدي بترعش ... لنص دقيقة بين صوابعي وزب خالد مسافة شعرة ... غمضت عيني ولمسته ... نار وقادت جوة صدري وبين فخاذي ... حنين إلي تراجعت لورى وسابتلي مهمة اللعب في زب خالد ... كنت مفتحة عينيا باتملى في كل حتة منه ... هو عينيه كانت مغمضة ورامي راسه لورى ...
فجأت لقيت حنين عريانة ملط وبتدفعني إني أرجع لورى ... فتحت رجليها فوقيه ... كنت باشوف زبو بيشقها نصين والنار بتغلي جوايا ... نار الشهوة ونار الغيرة ونار التردد ... آهاتها ما بقتش مكتومة وتكميشة وشها من الالم اللذيذ خلتني اولع أكثر ... مدة طويلة بالنسبة ليا على إنه راجل ممكن يقضيها من غير ما يجيب ...
تكميشة من رجلين حنين وصرخة وآهات بتأكد إنها إستمتعت ... نزلت من فوقيه وهي بترعش ... قرّبت من وذني وقالتلي ده دورك ... مش عارفة في حاجة في صدري بتقلي لا وألف حاجة بتقلي كملي ... حنين لفت من ورايا ونزعت عني السوتيانة وإيديها بتفرك في بزازي ... لوحدي ومن غير مساعدة نزعت الأندر وفتحت رجليا وغمضت عيني وركبت زبه ...
كل الفراغ الي في حياتي إتملى في ثانية ... إحساس راس زبه وهو بيوصل لاماكن عمري ما تخيّلت إنها ممكن تتحرك جوايا ... جدران كسي من جوا كان زبه بيحك فيها مع كل حركة مني ... مش عارفة ده إمتنان وإلا إنتقام من حنين سحبت وشها ناحيتي ورحت بايسة شفايفها ... إحساس باللذة مضاعف ... زب صلب مالي كسي وشفايف ناعمة ولسان طري جوى بقي وبزاز ناعمة على صدري ... فجأة خالد إرتعش تحت مني وأنا زلزال وضرب جسدي .. حرارة مية شهوته في جوف بطني بتطفي نار رغبتي .."
-------------------------------------------------------------------------------------
إلى هنا إنتهت محادثة تلك المرأة مع أمي ... في الحقيقة طريقة سردها لحكايتها جعلتني أنتصب ... لكن ما جذب إنتباهي هو أن أمي لم تعلّق بأي طريقة كانت ... فقط كانت كل يوم ترسل لها رسالة تسألها عما حدث بعد ذلك وتلك المرأة لا تجيب ... هي فقط أرادت أن تفضفض عن سر ربما ثقل عليها ... فقصّته على من لا تخشى أن تفشيه يوما وإنصرفت ... أما أمي فقط علقت في نقطة وجوب معرفة ما حدث بعدها ...
رغم إنشغالي في الأيام التالية لكني كنت أدخل من حين لآخر لإكتشاف ما يحدث في مدونة أمي ... صادف يوم أن خرجت أمي لقضاء شأن ما وتركت جهاز الكمبيوتر مفتوح ... هو الفضول الطبيعي والمولود حديثا من بعد قصة تلك السيدة ...
فتحت متصفحها وراجعته ... أكثر كلمة تتكرر هي حب بين أم وإبنها ... إم تنجذب لإبنها ... عقدة أوديب وإليكترا ... بحوث نفسية عديدة عن الموضوع ... أمي ركزت مع تلك القصة أكثر مما يتوجب ... غير أن تلك السيدة لم تشفي غليلها ... ولم تجبها ..
أمي حالها تغيٍّر بعض الشيء .. كثيرة السرحان والتفكير والكتابة .... حتى مقالاتها اليومية بدأت تقل يوما بعد يوم ... لكنها لم تكن تقوم من مجلسها خلف شاشة الكومبيوتر إلا نادرا ... شيء ما دفعني لمعرفة ما يدور في ذهنها ... إنتسبت لمدونتها بإسم سيدة ... حساب مغلوط كمليون حساب منتشر على النت ... تقمّصت شخصية سيدة في سن أمي مقيمة في أمريكا ... تربي إبن أختها وقد تزوجت زوجها بعد أن ماتت ولم تنجب ...
كنت كثير المشاكسة في تعليقاتي مع المتداخلين خصوصا مدعي الفضيلة والناصحين ... شيئا فشيئا أمي لاحظت وجود ذلك الحساب وحركيته ... لدرجة دفعتها لمتابعته و تكوين ملف خاص به ... وبدأ الحوار بيننا ... هي تجلس أمامي وراء شاشتها وأنا أراسلها أخبرتها أني أريد جلسات إستماع ... هي ليست إستماع بالمعنى الحرفي بل كتابة ...
" أنا إسمي مريم .. عمري 42 سنة وكام شهر ... أصغر إخواتي ... متزوجة وعايشة في أمريكا ... ساعة القصة ما كانش عندي أولاد كنت بأربي إبن زوجي إلي هو زوج أختي ... أختي ماتت وهي بتولده ... وعشان ما يترباش يتيم أو على إيد ست غريبة ... إتزوجت منه بعد ما إترمّل بأقل من شهرين ... كنت في السنة الأخيرة من الجامعة بس ضحيت عشان إبن أختي إلي هو حاليا إبني ... أختي كانت بتحب زوجها لدرجة الجنون وهو كان بيعشقها ... هي كانت بتحكيلي كل حاجة عنه ... بس هو لما إتزوجني ده كان بس عشان خاطر أربي له إبنه .. ما فيش ما بينا عواطف أو مشاعر حقيقية بس هو كان بيعاملني كويس وكريم معايا وحنين وعمره لا رفضلي طلب ... إلا طلب واحد ... الخلفة ... موت أختي وهي بتولد عمله عقدة من موضوع الخلفة ... هو أب رائع وزوج حنون بس لو جبتله موضوع الخلفة ده بيركبو 100 عفريت ...
في الأول الموضوع ماكانش فارق معايا ... بس من وقت ما سافرت معاه أمريكا والموضوع بيلف في دماغي ... مراد إبني حاليا ماشي في ال19 سنة وداخل الجامعة ومتفوّق ... بيحب وحدة أمريكية من أصل عراقي ... من ساعة موضوع الجامعة والإرتباط ده وأنا بقيت حاسة إني هاعيش لوحدي ... الولد ما بقاش محتاجني في حاجة و زوجي مشغول في شغله وبحوثه ومراد كده كده هينفصل عني ويشوف حياته ... من سنتين وأنا باتحايل على زوجي إني أحبل بس هو مش راضي وكل شهر بنتخانق لمدة أسبوع أو أكثر ... أمي إنقطع عنها الطمث في بداية الاربعين ... وشكلي هأكون زيها ... الموضوع إبتدى يعملي أزمة ... وخصوصا لما عرفت إننا هنرجع تونس وممكن نسيب مراد لوحده هنا عشان دراسته ...
الموضوع إنه زوجي بينام معايا خفيف خفيف زي ترضية ضمير لا أكثر وهو بيتابع أكثر مني فترات الإباضة وبيتجنّب أصلا إنه يقرّب مني لدرجة إنه الأيام دي بيهرب يبات برة البيت ... آخر خناقة ما بنا صرّخت في وشه وقلتلو طلّقني ... خلاص إنت مش محتاجني ثاني ... ساب البيت وخرج زعلان وغضبان ...
كنت بابكي في المطبخ وفجأة دخل مراد ...
وإزاي هو عمره ما حس إني خالته او مرات أبوه ... قال إنه بيحبني زي أمه الحقيقية وممكن أكثر ... وإبتدى يحاول يلاقي معايا حل لمشكلتي خصوصا إني قلتله إني مصممة على الطلاق ...
خبّطت عليه الباب ودخلت ... كان نايم على سريره بيلعب في التلفون ... أول ما شافني رمى التلفون وإتحرك عشان يسبلي مكان في السرير ... قعدت جنبه نص قعدة ... ومالقتش كلام أقوله ...
زب شاب منتصب عروقه باينة ولونه أحمر حلو على بعد نص متر مني ... سحبت منشفة ولفيتها على وسطي وجريت على سريري ... مش عارفة السبب بس لو مراد لحقني مش هارفض ... هي نص دقيقة والباب إتفتح ... وقفت كإني مستغربة هو عاوز ايه بس هو سحبني لصدره ...عيني في عينه بترجف ولحظة وشفايفنا لصقت في بعض ... بوسة وحدة وكل فكرة للمقاومة إنهارت ... شفرات كسي إتفتحت ... لسانه بيلعب في لساني ... كإني أول مرة اتباس ..هي أول مرة تكون بالحلاوة دي الحقيقة ... إيده اليمين بتلعب في بزازي والشمال بتتسرّق لحد كسي ... مية الحمام ومية كسي خلت صباعه بيجري ما بين شفراته ...
ركبي بقت مش قادرة تشيلني ... وقعت على السرير وهو ركع بين فخاذي على ركبه ... قبل ما اساله بتعمل ايه كان لسانه بيكتشف ملمس كسي .. بيذوق طعم قهري ورغبتي ... أول مرة حد يلحسلي ... مش عارف الدنيا وقفت بيا وإلا انا تهت من نفسي ... رعشة بتجيب رعشة ... لفيت رجليا حوالين رقبته لغاية ما خفت إني أخنقه ...
طلع من بين رجليا وباسني من شفايفي ...طعم كسي بيوصلني عن طريقه ... من غير ما اشعر همست في وذنو وقلته " نيكني ... ماما عاوزة نيكة ما تنسهاش العمر كله "
كإنه كان مستني ... رفع رجليا لفوق وفتحهم ... كان بيفرك زبه بين شفرات كسي المولّع وعلى بضري ... كنت باتراجاه يدخله ...خلاص مش قادرة وياليتني ما فعلت ...حسيت إنه شطرني نصين ... راس زبو بيخبط في سقف رحمي بحنية وعنف لا يمكن تلاقيهم إلا في العضلة دي ... عشر دقايق أو أكثر وانا رجليا فوق ومراد بيتحرك ما بنهم ... طلعت السما السابعة ووقعت منها اكثر من مرّة ...
رعشة طويلة منه وآهات هزت الحيوط ... بعدين بركان من المية السخنة إتصب وسط بطني ... مراد فضل سايب زبه جوايا لغاية ما حجمه تقلّص كإنه كان بيحوش أي قطرة تفلت منه لبرّة ...
ثلاثة أيام ورى بعض ما إفترقناش ... عشت فيهم إلي عمري ما تخيّلت أعيشه ... "
كنت أراقب أمي تتابع بعين ثاقبة كل كلمة ترسلها مريم لها ... كانت تتحرك فوق كرسيها حذرة أن تصدر صوتا يسحب عيني ناحيتها ... كنت أنتظر منها تعليقا ... حكما ... نصيحة ... ردة فعل على هذا الفعل ... لاشيء بدر منها سوى رغبتها الشديدة في معرفة ما حصل بعد ذلك ...
لم أتركها للفراغ الذي تركته فيه القصة الأولى ... لا أعلم السبب لكني فقط تعاطفت مع أبطال قصتي فاردتها نهاية قد تكون سعيدة ... ردا على عدة أسئلة وصلتني منها ...
" وبعدين "
" ولا قبلين ... الشهر إلي بعده عرفت إني حامل ... صدمت زوجي ما طوّلتش ... مراد في حد ذاته ساعدني إنه يقنع أبوه إن ده حدث طبيعي وكان لازم يحصل من مدة وإنه هو كمان مشتاق يبقاله أخ أو اخت ... بعد خمس شهور كنا بنحضّر نفسينا للعدوة لتونس نهائيا لكن حصل إلي ما كنتش متوقعاه ... من غير أسباب ودي أحكام القدر ... زوجي مات ... رجعنا كلنا لتونس أنا ومراد ودفنا أبوه ... مراد كان عاوز يرجع أمريكا بعديها بس أنا كنت باعطله بتعلات وهمية ... مرة ميراث مرة إعلان وفاة مرة مش عارفة إيه ... بطني كانت بتكبر والجنين بقى بيتحرّك في بطني ... مراد خنقه الحزن على ابوه وممكن الندم على إلي حصل ... أنا مجرّد حركة بسيطة من الجنين في بطني كانت بتقتل اي بوادر ندم جوايا ... بس نظرة مراد المنكسرة قدامي كانت بتقتلني وحرصه على العودة لامريكا كان بيزعجني ... آخر حل قدامي عشان أخليه جنبي إنه يستنى لغاية ما أولد بعدين يسافر ...
مراد كان بيذبل شوية شوية كل يوم ... في الشهر التاسع رجعت من زيارة للدكتور ... وبمدأ وداوها بالتي كانت هي الداء ... لبست قميص نوم قصيّر وسترينغ ... ودخلت عليه في سريره قعدت جنبه ... كان سرحان زي عوايده ... حطيت ايدي على رجله وإبتديت أحسس على شعر فخاذه ... كنت باسمع أنفاسه بيتغيّر نسقها وعيني كانت على ما بين رجليه ...
هنا كنت أعتقد أن النهاية قد تشفي غليل أمي ... إبتسامة خفيفة علت محياها لكنها قطّبت حاجبيها كأنها تفكّر ... ثم إنغمست في لوحة الحروف أمامها ...
لا أعلم أين سمعت تلك الجملة من قبل لكني متأكد أني سمعتها على لسان أمي ... حقيقة كنت أتوقع ردة فعل مختلفة من أمي ... نوع من الإحتجاج ... محاولة للنصح والردع ... لكنها فقط تضامنت معها طالما الأمر إنتهى بطريقة سعيدة ...
أيام قليلة بعد ذلك شغلتني الدراسة والعمل الكثير على متابعة أمي ومدونتها ... تصادف في يوم أن كنت أهم بالخروج من البيت حين سمعت صوتا مألوفا ينادي من خلفي ... تيسير تجري بخطواتها المجنونة خلفي تريد أن تلحقني ... تساءلت مستغربة إن كنت أسكن هنا ... قالت أنها كانت تعتقد أني من أبناء علية القوم ... هيأتي ودراستي ومصاريفي توحي بأني من أبناء الأغنياء ...
طوال الطريق وهي تتأبط ذراعي وتعصر صدري لأعترف لها بحقيقة مصدر أموالي ... أصرّت وهي التي تعودت التسوّل مني أن تشاركني في مشاريعي ... وللتخلّص منها قلت ممازحا أني أكتب قصص جنسيا وأبيعها واصرف من مردودها ... توقعت ان ترحمني من زنة إلتصقت بأذني لكنها قالت بعفويتها المعتادة ...
أسبوع لم تصل فيه أمي أي رسالة أو قصة إن صح التعبير تشبه ما وصلها قبل ذلك ... من خلال ردودها المقتضبة أيقنت أن الموضوع يستهوي تفكيرها ... أصلا صارت تنظر قليلا لشاشتها وإن لم تجد شيئا تأتي لمجالستي أو تتابع برامج التلفاز إن كنت مشغولا ... كل ذلك وعلاقتنا عادية لدرجة تبعث على الرتابة ...
آخر الأسبوع كان يوما لا مشاغل فيه بالنسبة لي ... الجو خارجا بدأ يتلبد بسحب آخر الخريف مما إحتجزنا في البيت ... مقابلا لامي كعادتنا هي تداعب جهازها بضجر وأنا أراقبها بحرص ... قررت إعادة التجربة معها ... إن كانت تبحث عن النهاية فسآتيها بقصة من المستقبل ... كالعادة حساب مزيف باسم سيدة إسمها رغد ...
حوار طويل بينها وبين أمي للتعارف وعن رغبتها في الحديث ... كلمة رغبتها في الحديث دفعت أمي لسحب كرسيها للخلف مصدرا صوتا خفيفا ... هنا أيقنت أنها أصبحت تدمن سماع أسرار الناس ... خاصة الأسرار الوردية فقررت السير على نفس النهج ...
رغد سيدة عمرها 63 سنة والقصة حصلت منذ 23 سنة ... في نهاية القرن الماضي ... وبداية هذه الألفية ... بدأت تحكي قصتها كونها تزوّجت صغيرة في السن من رجل مقيم بأوروبا ... وكيف أن حلم الهجرة والعيش بالخارج وضغط أبيها جعلها تترك مقاعد الدراسة .. زواجها من رجل غني له تجارة محترمة في ميدان قطع غيار السيارات ... بيت ضخم ... أمه تقيم في الدور الأرضي وهما في الدور الأول وأخوه وشريكه في الدور الثاني ...
سيارات فخمة وأموال وأملاك جعلتها تقبل دون تردد الزواج به ... صدمتها كانت بعد شهر من زواجها حين علمت أن زوجها سيسافر ويتركها لوحدها في البيت ... حلم السفر لأوروبا دفن قبل أن يرى النور ... قبل إستيعابها الصدمة كانت قد حملت في إبنتها الكبرى رنيم ... وقبل أن تتعوّد على تحديد الإقامة هذا حملت في إبنها رائد ...
كنت أراقب عيني أمي التي ترصد أي حرف يصلها عبر المحادثة بإهتمام كاد يجعلني أضحك ... لكني واصلت سردي للأحداث ...
" لما رنيم نجحت في البكالوريا ... أبوها بطّلها الدراسة وقعدها معايا في البيت قال إنه مش هيسمح إنها تروح جامعة بعيدة أو حتى قريبة ... قال إنه هيشوفلها عريس هي خلاص كبرت ... برغم إنه بيتنا مش ناقصه حاجة ... كل حاجة فيه فخمة وغالية ... بس ناقص روح ومرح ... و رنيم إلي إتسجنت غصب عنها جنبي كانت بتموت كل يوم ... كنا في بداية الخريف ... رائد رجع للدراسة وزوجي رجع لبلاد برة ... وأنا وهي بقينا لوحدينا ...
عمري كله تحت المراقبة ... حماتي من تحت وعيلة أخو زوجي من فوق ... ولو إنه نادرا لما حد يخبط على بابنا منهم أو إحنا نروحلهم لكنهم زي الحرس على تحركاتنا ... مجال الحرية الوحيد كان البيت وحتى دي كانت منقوصة ... طبيعة زوجي وأفكاره المتزمة بتأثّر فينا حتى في غيابه ... التلفزيون قنواته محددة ... التلفون الأرضي كان مخصص إنه زوجي يتطمن علينا منه بس ... رائد و رنيم بما انهم على روس بعض فكانت الحرب دايرة ما بينهم ... وزوجي بيستغل النقطة دي لصالحه ... لو رائد غلط رنيم بتفتن عليه ولو هي غلطت هو بيفتن عليها ... وفي الحالة دي كان لازم إني أفتن عليهم الإثنين قبل ما يفضحو نفسيهم عشان أخلص من غضب زوجي ...
عشرين سنة من عمري في سجن بيت ... حتى عيلتي ما بشوفهمش إلا في المناسبات ... أحيانا بتزورنا بنت أختي إلي كانت صاحبة رنيم لكن من كام شهر ما بتجيش
الحكاية كلها إبتدت بشعرة ... كنت بانظف البانيو يوميها لما لقيت شعر قصيّرة بس خشنة لاصقة فيه ... شعرة لا بتاعتي ولا بتاعت شعر واحد من الأولاد ... إستغربت بجد من مصدرها ... حطيت أولادي تحت المراقبة ... رائد تصرفاته طبيعية ... رنيم بتقفل على نفسها كل يوم بعد الظهر ما تطلعش بعد العصر ... راقبتها لغاية ما في يوم فتحت عليها الباب بقوة لقيتها على سريرها عريانة ...
فاتحة رجليها وبتلعب في كسها وجنبيها ورقة مجلّة ... هجمت عليها زي النسر... سحبت الورقة ...كانت صورة من مجلّة .... صورة زب ... زب كبير شوية وواقف ... إتصدمت ... رحت ضرباها بكل الي قدامي على كل حته في جسمها وهي مرعوبة وبتعيّط وبتطلب الرحمة والصفح ... إحنا كده وباب الشقة إتفتح ... دخول رائد على صوت زعيقي خلاه يدخل الغرفة ... رنيم استخبّت تحت ملايتها وهي بتبكي وأنا كرمشت الصورة وخبيتها في هدومي ...
رائد إلي أصر يعرف في إيه عشان يوصّل الموضوع لأبوه خاف من زعيقي عليه وإنسحب وانا رحت سريري ... كنت مصدومة إزاي رنيم البريئة ... الملاك دي تعمل كده ... عرفت الكلام ده منين وجابت الصورة دي منين ... فتحت الصورة ورجعتها زي ما كانت ... كنت ناوية احرقها بس منظر الزب الواقف ده خلاني اشوفها كثير ... أنا بقالي سنين ما شفتش زب ... وإلي شفته مش بالحلاوة والحجم ده ...
من غير سبب كسي إبتدت شفراته تتحرّك ... ومن غير تحضير رحت العب في كسي ... لأوّل مرة أعملها رغم كبت عمري ... إحساس النشوة والرغبة هزني وهز صدري ... بس في شعور بالذنب خنقني ... خبيت الصورة في الدولاب وغيرت هدومي ودخلت على رنيم
كنت كل يوم بالليل أقفل الباب عليا وأطلّع الصورة والعب في كسي ... شعور مريح بس بيشعل نار جوايا ... في ليلة منهم سهيت أقفل الباب ... أنا في وسط الإندماج والصورة جنبي فجأة لقيت رنيم واقفة قدامي ... نظرة عينيها ما فهمتهاش من ناحية كإنها قرفانة مالي باعمله ومن ناحية كنت باسمع في عينيها نبرة " دي آخرتها " ... والأكيد في كلمة جواها بتردد " هو حلال عليكم حرام علينا "
قبل ما أتحرّك أو أعمل رد فعل ... بصباعها قالتي " أسكتي رائد لسة صاحي " ... ما لقيتش حل غير إني أسمع كلامها ... قفلت الباب وجات قعدت جنبي ... عريانة ومتغطية بس بالملاية ... سحبت الصورة وشافتها كثير بعدين مباشرة في وشي وبصوت واطي
قعدت قدامي وفتحت رجليها ... في الأول حاولت إني أودي وشي الناحية الثانية عشان ما أشوفش ... شوية شوية ولقيت قوة غريبة بتسحبني ... صوت آهاتها المتناغم مع حركة صباعها وهو بيلعب في بضرها خلاني أركّز معاها ... ساعتها إعترفت إنه معاها حق ... وجودها قدامي وهي بتلعب في جسمها ... إيد في كسها وإيد في بزازها وجسمها الطري بيترعش خلاني في حالة أشبه بالسكر ...
من غير شعور ولا إرادة إيدي إتحركت لصدري وإبتديت أدعك في بزازي ... والإيد الثانية بتلعب في كسي ... من غير إتفاق حركاتنا تناغمت ... كل مرة عينيها بتيجي في عيني و بتبتسملي كإنها بتشجعني ... فتحت رجليا على آخرهم وفسحتلها مجال للفرجة أكثر ... وفي لحظة صوت آهاتنا المكتومة ورعشتنا زلزلت المكان ...
دقايق من الصمت وقامت رنيم من قدامي ... حضنتني بقوة ... صدري لصق في صدرها وطبعت بوسة بتحرق على خدي ... ولبست هدومها وسابتني مش قادرة استوعب أنا عملت إيه ...
بكرة الصبح لقيت رنيم صحيت قبلي وحضّرت الفطار لأخوها ووضبت الدنيا ... حجات كانت ما تعملهمش غير بعد ما تنشف ريقي وما تعملهمش كويس ... أول ما أخوها خرج ... مسكتني من إيدي وبتسحبني لسريري
كنت منسجمة في جسمي وعينيا مغمضة ... فجأة حسيت بإيدها بتلعب في بزازي ... قبل ما أتكلّم حطت إيدها على بقي وبهمسة سخنة زي النار في وذني قالتلي سيبيلي نفسك ... فسبت نفسي ... كنت متخدّرة بجد
إيديها بتلعب في بزازي ولّعت النار في جلدي وجسمي ... ما خلصتش من عذاب ايديها حتى لقيت شفايفها بتبوس حلماتي ولسانها بلعب فيهم ... من غير ما أحس لقيت إيديا بتلعب في شعرها ورقبتها وظهرها ... ولاول مرة في حياتي أحس الإحساس ده ... لسانها ما بين شفرات كسي بيتحرك بحرية ... وشفايفها بتمصمص في بضري ... خلاص إستسلمت للبنت الصغيّرة إلي مش فاهمة جابت الخبرة دي كلها منين ...
مش عارفة جبت شهوتي كام مرة بين شفايفها ... بعد ما خلّصت ... نامت على ظهرها وفتحت رجليها وقالتلي دورك بقى ... طعم كسها المملح لسة في شفايفي لغاية دلوقتي ..
قضينا الصبح كله عالسرير ... مرة هي ومرة أنا وفي الآخر كانت المتعة بجد ... كسين بيبوسو بعض ... وصدري في صدرها وشفايفي في شفايفها ...
حتى الحمام إستحمينا سوى ... كنت زي مراهقة واقعة في الحب جديد ... دخلنا نخضر الغداء وكل شوية رنيم بتخطف بوسة مني ... أنا ما كنتش قادرة أقاوم
موضوع جلسات الحب العجيب ده كانت كل يوم وكذا مرة في اليوم ... بقيت باهتم بجسمي ووشي رجعت فيه الروح حتى من جلدي رجعتله النعومة ... كنا بنحط صورة الزب ما بينا ... حتى برغم كل الإثارة والحميمية إلي بتديهالي رنيم كنت متشوقة لزب ... زب بجد ... رفضت إنها تستعمل حاجة ثانية بداله ... خيارة أو جزرة ... نفسي ما تقبلتش ده ... لغاية ما بعد كام يوم من بداية العلاقة بيني وبينها سالتني
قعدت جنبه على السرير وبشويش سحبت اللحاف من عليه ... أول ما نزلت تحت بطنه ..ريقي نشف وقلبي وقف ... البنت للمرة الثالثة معاها حق ... عمود واقف بيتحدى قماش البيجاما ... عاملة زي الخيمة ...
عينيا كانت هتطلع من مكانها وبلساني بألحس شفايفي ... رجعت بظهري ناحية الباب كإني لسة داخلة هأصحيه أوّل ما قرّبت مالباب حسيت بإيد بتلمس كتفي ... لفيت ناحيتها مرعوبة ... لقيت وش حنين في وشي ... وبصوت نص واطي قالتلي ...
ها إيه رايك ؟؟؟ نعمل خطة ؟؟؟
هنا بقى الدنيا وقفت بيا ... رنيم إلي مسكت وذاني زن عن موضوع أخوها .. وإزاي أنه مافيش فرق بين إلي باعمله معاها لو هاعمله مع أخوها ... خصوصا إنه الموضوع آمن وماحدش هياخذ باله ... وأصلا ما حدّش هيفكّر في التهمة دي من أساسه ... أصلا وصلت ما بينا إننا إتخانقنا وبعدنا عن بعض ... ما بقتش حابة أقعد معاها ... مش عارفة ليه تقبّلت إني باتساحق مع بنتي وما تقبّلتش إني أتناك من إبني ... برغم إنه الإثنين واحد ...
تصادف بعد يومين من الموضوع ده إنه رائد زوغ من المدرسة مع أصحابه عشان يشوفو ماتش مهم للمنتخب والناظر رفض يدخّلهم إلا بولي أمرهم ولان رائد كان مرعوب من إن أبوه يعرف ماراحش لعمه ... رجع البيت وشه أصفر ومش عارف يتكلّم ... ولان مالوش حل غير انه يحكي راح بيحكي لاخته ... وده إداها فرصة إنها تلعب لعبتها ...
رائد كان عندو موتوسيكل أو سكوتر محطوط في القراج والقراج بتاعنا ليه باب بيفتح على شارع جانبي ... وممكن نتسحّب من بلكونة الصالون لسطح الجراج وبشوية حذر نطلع برة للشارع الوراني من غير ما حد يحس ... رنيم أقنعتني إننا نساعد رائد عشان أبوه ما يعرفش وأنا وافقت ... وطبعا كان الرعب مالكني وانا راكبة وراه ... المهم حوار الناظر خلص ورائد من ساعتها بقى شخص ثاني ...
بقى بيساعد في شغل البيت بيقعد معانا بيضحك وبيهزّر ... بعد ثلاثة أيام رنيم رجعت للزن ثاني ... مش عارفة ليه كنت سامعها بس ... مش مقتنعة بكلامها بس ما رفضتش ... رنيم أقنعت حسام بما إنه بيفهم في الدش إنه يضيف قنوات المسلسلات والافلام الفرنساوية على الجهاز بتاعنا و يشيلها قبل أبوه ما يرجع ... فوافق ...
إبتدينا كل ليلة نسهر نتفرّج على حاجات جديدة ... مرة أفلام خيال علمي ... مرّة أكشن ... لغاية ما بعد كام ليلة كان في فيلم رومنسي ... هو فيلم عبارة عن ولد بيحب زميلته وما بيعرفش يبوس ... فالموضوع عمله حالة نفسية ... أمه بقى إبتدت تعلمه يبوس إزاي ... الفلم مشي أكثر من نصه ورائد كان هيموت مالخجل ... جيه وقت الإشهار أنا قمت أجيبلهم فشار زي كل أم بتعمل مع اولادها ... ورنيم مسكت رائد ...
"دي حاجة تهوس ...دورك بقى "
رامي إتردد وكان هيرفض بس هي مسكته من ظهره وبتزقه ناحيتي ... رائد بجد كان هيموت مالخجل بس ساب نفسه ليا ولاخته ... بوسة خفيفة كدة من الشفايف ... أنا كسي إتفتح وإتبل بعديها ... رنيم بقت كل ما أخلّص مع أخوها تقلي نعمل ثاني ولما أخلّص معاها تزق أخوها ... هما يجي عشر مرات عملت كده بعدين قالتلي " إحنا بقى هنبوس بعض وإنت تقوللنا رايك "
شخصية رنيم وحركاتها ما خلتش لرائد أي مجال للتردد أو الإحتجاج ... كنت باشوفهم بيبوسو بعض ... زي إثنين حبيبة ... في لحظة رجعتلي ذكريات الخناق بتاعهم وعلاقة القط والفار إلي كانت بينهم ... وقارنت بين الحال دي والحالة الثانية ... مافيش حاجة تغيّر طبع الإنسان أكثر من شهوته ... ليلة البوس الطويلة إنتهت ... هي إنتهت بتعليق مازح مني إنه رنيم أدائها كويّس بس رائد لازمه تدريب زيادة
كمان ليلتها ما نمتش ... ليلة بحالها بأفكّر إزاي بكرة هيكون رد فعل رائد ..... إزاي لما يراجع تصرفاته ... رنيم كانت هربانة منها ... وأنا كنت مش قادرة أعمل حاجة خصوصا بعد إلي حصل بيني وبين بنتي ... كنت احظر الفطار ورنيم كانت بتساعدني ... ماكنتش قادرة أمنع ايديها إلي أحيانا بتداعبني .. عالصبح كده ... أنا كنت مستمتعة ...
رائد صحي بس ماكانش طبيعي ... عينيه في الأرض ومكسوف ... مش عارف مكسوف من نفسه أو مننا أو من افعالنا ... مع كلمة صباح الخير رنيم إنفجرت فيه ... " صباح الخير حاف كده ؟؟؟ ... مافيش بوسة تبل الريق الناشف عالصبح" ..هنا كنت مستنية ردة فعله ...لكنه باس أخته بوسة طويلة وبعدين عمل نفس الحاجة معايا ..وهنا وصلت لنقطة إنه خلاص ما فيش رجوع ...
عدى يوم طويل عليا بارجع فيه كل إلي حصل ... من ناحية ضميري مش مرتاح للي عملته ومن ناحية حالة الود والسلام الجديدة بيني وبين أولادي مريحاني ... في العشا رنيم أصرّت إننا نلبس لبس قصيّر أنا وهي ... هي لبست ميني جيب ضيّق و قميص مفتوح مالصدر وأنا ما كانش عندي حاجة قصيّرة ... هي عباية بيتي ضيّقة ورنيم قصتها بإيدها وخيّطتها ... العباية كانت مطلعاني زي نبيلة عبيد في فيلم حارة بورجوان ...
كنت متوقعة رد فعل عنيف أو حتى إحتجاج خفيف من رائد إلي ما إتعودش يشوفنا كده لكنه سكت ... كنا قاعدين على طرابيزة الأكل ... أنا ورنيم جنب بعض وهو مقابلنا ... انا العباية لما قعدت ما بقتش مغطية من فخاذي حاجة ... الكل كان مركز في الأكل ... وفجأة رنيم توقع الملعقة بتاعتها تحت الطرابيزة ... نزلت عشان تجيبها لكنها ما عرفتش أو عملت نفسها مش لاحقاها ... طلبت من رائد ينزل يجيبها ...
أوّل ما نزل تحت الطرابيزة رنيم فتحت رجليها على آخرهم كإنها بتساعده عشان يلاقيها ... لو كان بيطلّع مرجان من أعماق البحر ما كانش قعد الوقت ده كله ... طلع وشه أحمر ومش عارف يرفع عينيه فينا ... هنا بقى تأكدت إنه رائد مش بيختلف عن رنيم غير إنه محرج بس ...أو الموضوع ثقيل عليه ...
الصدمة كانت في قدرة رنيم على التحكم في الأحداث وفي نفسها ... شوية و حسيت بالغيرة منها ... هي قامت تجيب حاجة مالمطبخ ... مش عارف ليه بس عملت نفسي باكل وفجأة وقّعت المعلقة أنا كمان ... رائد ما إستناش إني أطلب منه يجيبها ... نزل لوحده تحت الطرابيزة وأنا فتحت رجليا ورفعتهم لفوق عشان أساعده يلاقيها ... سبته يتفرج على ما بين فخاذي براحته ... مش عارفة ممكن خمس دقايق بيدور على المعلقة ... نزل شخص وطلع شخص ثاني ...
في السهرة رنيم قالت إنها عاوزة تشتري حاجات مالسوق ... وطبعا الخروج كان شبه ممنوع علينا ... كنت فاكرة إنها هتساوم رائد على موضوع التزويغ مالمدرسة ودي قصاد دي ... بس هو إلي إقترح إنه يساعدنا نخرج من باب الجراج زي ما عمل معايا قبل كام يوم ...
من بكرة رحنا محلات ملابس ... إشترينا كمية لانجري عريانة تنفع جهاز عروسة ... كل ما أجي أتكلم رنيم تقلي " إسمعي كلامي إنتي بس " ... رجعنا لاقينا رائد مستنينا مرعوب في الجراج ورجعنا من نفس السكة ... لسة هناخذ نفسنا ورنيم ندهت عليه ... " تعالى شوف إحنا إشترينا إيه " ....
قدام عينيه وعينيا رنيم كانت بتقلع هدومها وبتلبس طقم ... تلف قدامه وتطلب رايه ... مرة صدرها مرة طيزها مرة الإثنين .... الصدمة الكبيرة إنه لا علّق على الموضوع ولا عمل أي حاجة ... بس كان بيقول رايه في الملابس ... ده حلو وده مش عارفة إيه ... شوية وقالته حتى ماما إشترت هي كمان ...
أنا آخر حاجة كنت أتصورها إني اغير هدومي قدام إبني بس بعد إلي حصل ما ينفعش أقول لا ... خلعت العباية وإتحرجت أتعرى قدامهم فلفيت بظهري ... صوت رنيم وهي بتقول
" يا ستي من قدام حلوة ومن ورى أحلى " ... كنت هاتجنن من كمية الجرأة إلي عندها ...
رنيم بصوت عالي وبكل فجر ... " يخرب بيتك عندك ده كله ومخبيه علينا .. " ... أوّل ما فتحت عينيا لقيت رنيم على ركبها الإثنين وإيديها بتلعب بزب أخوها إلي كان واقف زي العمود ...
" هتتفرجي فينا كثير مش تيجي تساعديني .. " هي الكلمة الي كنت مستنياها ....
على ركبي تحت رجلين إبني وزبه في حلقي على طول ... رنيم نزعت عني القميص وبتلعب في صدري وفي كسي من فوق ... شوية ونيمتني على الأرض وقالت لاخوها .. "مش هتريح أمك بقى " ....
أنا غمضت عنيا ورحت في دنيا ثانية ... خنجر بيطري جفاف كسي من جوة ... "
هنا توقّفت عن الكتابة وركزت في وجه امي التي كانت في عالم آخر .... حقيقة لم اتوقع أن تتجاوب مع تلك القصص المجنونة ... وكالقصص التي قبلها لم تعلّق ولم تحلل ولم تبحث في الأسباب ... فقط هي تريد معرفة النهاية كيف كانت ... فمنحتها ما تريد
" من ساعتها بقيننا ننام أن وهما في نفس السرير ... رائد بقى متفوق في دراسته ... بنعمل كل حاجة سوى ... رنيم أخوها ساعدها تسجل في جامعة قريبة من البيت وبيوديها ويرجعها معاه من باب الجراج ... وأنا كنت باغطي عليهم ... رنيم إلي ما كنتش مفتوحة كانت بتتناك من ورى من رائد ... وفي الحقيقة كان معاها حق ما حدش هيشك ولا يتخيّل إن ده يحصل ... أحيانا كان زوجي بيكون في البيت ورائد حاشر زبو في كسي في المطبخ ورنيم بتراقب الباب ... أحلى نيكة كانت لما يكون موجود ...
بعد كام يوم وبعد وما إتعودت ... الاولاد حكولي إنه كل الي حصل كان إتفاق ما بينهم وإنهم بيعمله كده مع بعض من سنة تقريبا ... ورائد عشان يساعد رنيم في موضوع الجامعة قالها لازم ماما توافق وعشان أوافق لازم نبقى كلنا واحد ...
حاليا رنيم إتخرّجت وشغالة في بنك ورائد مسك شغل أبوه بعد ما مات ... رنيم متزوجة وعندها ولدين ورائد عنده بنت وولد ... وأنا لسة في بيتي ... بقيت بافهم في النت والسوشيال ميديا وهما تسليتي الوحيدة ... "
أمي كأنها لم ترد لهذه القصة أن تنتهي ... فتحت مجال نقاش مع رغد ... بما أن قصتها تعود لتاريخ قديم والأكيد أن الزمن قد غيّر من مشاعرها ونظرتها وحكمها على لما فعلت ...
صباحا وجدت أمي نشيطة متوردة الوجنتين تفوح منها رائحة عطر أخاذ ... فطور الصباح على الطاولة ينتظرني ... لا أعلم السبب لكني شعرت بان شيئا ما تغيٍّر في أمي ... كعادتي المكتسبة حديثا أكلت بسرعة وهممت بالخروج ..
الجزء التاسع
لم أتمالك نفسي ولم أقدر على إخفاء صدمتي ... ربما آخر شيء كنت أتوقعه أن أسمع ذاك السؤال من أمي ... فتحجّر لساني ولم أنبس ببنت شفة ... قضمة كادت تحشر في حلقي وتسسب إختناقي ... طال صمتي وذهولي وضياع بصري في اللاشيء ...
لم ألمح أثر النظرة الأولى في وجه أمي ... لكني كنت متأكدا من أن التدخل المفاجئ للقدر ها هنا سيفتح أبواب نقاش كثيرة بعدها ... هربت من عيني أمي التي تبعتني حتى باب الشقة الخارجي ... تيسير بملابسها وهيأتها المجنونة تقف بعد أمتار من بيتنا ....
إن كنت لا أرى أمي لكني كنت متأكّد أنها تراقبني من بعيد ... لم نمشي سوى بضع خطوات حتى بدأت تيسير في مشاكستي كعادتها ... لا أعلم أهي رغبة دفينة منها أن تشاكسني حتى اصفع مؤخرتها أم هي حركة هزار تعوّدت عليها مني ... لم نصل آخر حينا حتى نالت ما تستحق أو ما تريد .... لم أهتم لشتائمها وتأوهها فقط نظرت خلفي للتأكد أن أمي تراني .. وقد كنت تفعل
مر اليوم في المعهد دون تفاصيل ... لا أذكر فيه ولا منه شيئا سوى أن عقلي كان تائها في ما حدث مع أمي ... منذ البداية ... كل تفاصيل الأشهر القليلة مرت أمامي كشريط سينمائي صامت ... صور كثيرة مختلطة بين الدموع وبين الفرح ... بين الرعب والأمان ... بين الفقر و تحسن الحال ...
فقط بعض الصور لا تفارق خيالي ... ذكرياتنا في مدينة الملاهي ... العشاء الرومنسي ... عناقنا في الشرفة ... منها إنهالت عليا الذكريات ... وصلت لنقطة بداية ذلك الانتصاب الذي أصبح لا يفراقني لمجرّد الذكرى ... خالتي ... حوار أمي وخالتي يوم أعلنت العصيان ... أمي قالت أني ذكرتها في أبي ساعتها ...
لم أركز في تفاصيل الدروس ... حاولت مراجعة الكلمات والحوارات والإشارات .... شعوري بالذنب دائما ما يحيلني لفكرة أن أمي كشفتني وفقط تسايرني .... لكن لما كل هذا الاهتمام منها بقصص العلاقات المحرمة ... هل هو غرامها المولود حديثا بعلم النفس ... أم أن هناك شيء آخر يدور في ذهنها ...
لكن تأثرها بما تقرأ وصل بها لدرجة ان تستدرجني بالكلام عن القبل ... هل ما افكّر به حقيقي ... لكن مالذي أفكّر به أصلا ؟؟؟ ...
أنا لم أحدد ما يدور في ذهني ... كان الأمر ممتعا بالنسبة لي وأنا اصب كل تلك الأفكار من قصصي المزعومة ... متعة أوصلتني حد الإثارة ... لكن كلمة أمي هذا الصباح عن موضوع التقبيل بكل تلك الجرأة منها زعزع كياني ... فقط كنت ألاعبها ... أو هكذا اقنعت نفسي ...
هل تراها أصبحت تراني كأحد أبطال تلك القصص أم ترى نفسها في إحدى شخصياتها ... بدا عقلي يسرح بي بعيدا ... ترى من تكون الأقرب لشخصية أمي منهن ... هل هي أم من يمشي نائما أو يصحو نائما ؟؟؟ ... أم هي مريم الزوجة التي تريد الحمل ؟؟ ... أم رغد ؟؟؟ ...
ربما هو تعاطف من تشابه بهن الحال لا غير ... لكن لا أحد فيهن حالها تشبه حال أمي سوى الحرمان العاطفي والجسدي ... أم هي حالة تقمّص مأتاها الطريقة التي رويت بها القصص ... أم هي رغبة متأصلة فيها نمت وتغذت بتلك الأفكار التي قصفت بها عقلها ...
أو ربما هو مجرد سؤال عابث منها سببه بعدي عنها نسبيا ... أو إنشغالي عنها ... إحترقت مفاصل عقلي من التفكير ولم أهتدي لحل ... زاد إلتهاب عقلي مع استعار نار الغيرة في صدري ... كل تلك المشاعر التي أمطرت بها صحراء عواطفها لا بد أن تثير فيها غريزة ربما تكون دفنتها فانبتت من تحت رماد تلك السنين ... مجرد تلك الخيالات كانت تخنقني ...
تذكّرت حديث أمي عن تسنيم ذات صباح ... هل تشعر بالغيرة من تواجدها في حياتي ... أم هو الفضول لمعرفة مصير مشاعري المزعومة مع خولة ... ربما هي ترى أن تواجد تسنيم في حياتي يمكن أن يكون بذرة تقويم في تكويني النفسي ...
عدت للمنزل مثقلا بهموم الدنيا ... إستقبلتني بابتسامة خبيثة مفادها .. "قفشتك " ... عشاء هادئ وجلسة هادئة ... أحسست أنها فرصة لتعويض بعض أيام التباعد الغير مقصود بيننا ... عرضت عليها مشاهدة فلم إن كانت غير مشغولة ... وافقت بعد ان تفحّصت شاشتها ... هنا أيقنت أن أمي أصبحت لا تبالي بشيء سوى بالمواضيع المحرّمة ...
كنا نختار أحد الأفلام من القائمة المعروضة على إحدى المنصات ... وقع إختيارها على فيلم الاسكندر الاكبر ... قالت أنه آخر فيلم شاهدته مع أبي قبل أن تلدني بأيام ...
حقيقة لست من هواة الأفلام عامة وخصوصا هذه النوعية لكني أمضيت قرابة الثلاث ساعات سعيدا بعودة التقارب العادي بيني وبين أمي ...... كانت تتحدث بسرعة وطلاقة ... هو شعور من إسترجع ذكرى سعيدة فأسعدته ... فقط هي لقطة بين البطل وأمه بعد مشادة كلامية بينهما قبّلها من شفتيها فبصقت في وجهه ثم خرج ولم يعد إليها ثانية ... لم أفهم أهي القبلة أم الفراق من تسبب في تغيير حال أمي .... لا اعتقد أن عقلها تابع الفلم تزامنا مع عينيها ... كانت شاردة ...
أحسست أن الكآبة سيطرت على المكان وخشيت أن تنفر أمي من مسامرتي ليلا وتعود لفراغها ثانية ... فتحت حديثا عن الفيلم بحكم بعض الخبرة البسيطة التي إكتسبتها عن تقنيات التصوير والصوت والمونتاج ... أحسست أن أمي بدأت تتجاوب مع كلماتي فإسترسلت حتى وصلنا للسيناريو وعلاقته بالقصة أو الأسطورة ... حقيقة لم أكن ملما بخبايا التاريخ فتركت العنان لأمي تقودني حيث شاءت ...
هنا تيقنت أن أمي تعشق أن تكون هي سيدة الحوار ... أو تهوى أن تلعب دور المعلمة ... فتركتها تتمتع مع بعض المناكفات ... جن جنونها لما تطرقنا لفشل تلك الشخصية الاسطورية ...
قالت أن وجودي كجزء منه بدأ يحبوا على الأرض وهي لم تخلع سواد الحداد بعد كان كتعويض لها عن فقدانه ... وكل ما كبرت في السن كانت تحاول تفادي أخطاءه في شخصيتي ... قالت أنها أرادت صنع نسخة منه دون أخطاء ... نسخة تستطيع العيش معها براحة وأمان ... هنا استنتجت أن أمي غاب عنها هذا الشعور في حياة والدي ...
طوال عمري حاولت ان تصوّر لي أبي بصور نموذجية ... إله من آلهة الإغريق لا عيب فيه ... وحتى الآن كانت تفضفض بحذر أن تخدش ذلك التمثال ... كلامها المبهم اثار فضولي وعصبيتي في نفس الوقت ...
" جاتك ضربة "
في الايام الموالية لم يطرأ تغيير على حياتي اليومية مع أمي ... فقط بدأت أستشعر الضجر في تصرفاتها... ليلا نشاهد فيلما ثم نناقشه ... بدأت شيئا فشيئا أفرض وجهات نظري على أمي حتى وإن كانت معلوماتي لا تسمح لي بذلك لكني تعلمّت منها فن المحاججة فصرت أهزمها فيه ...
رغم أن مدونة امي كانت تعج بالمتدخلين والمعلقين وطالبي المشورة إلا أنها كانت ترد بإقتضاب أو ببرود ... كأي موظف يقوم بواجبه دون شغف ... هنا تيقنت أن أمي لم يعد يستهويها من مشاكل روادها سوى القصص ... هي الاسرار من وراء الابواب الموصدة فقط ما كانت تبغي ...
رغم محاولتي إرسال بعض القصص السرية عن علاقات أخرى .. منها الخيانة ومنها الحب ومنها علاقات خارج إطار الزواج لكنها لم تتفاعل معها بنفس الروح كمن سبقتها ...
تصادف أن كانت دروس تلك المرحلة في المعهد عن هندسة الصوت ومن ضمنها برامج تغيير الأصوات ... قال مدرسنا أنه يمكن أن تستعمل في بعض البرامج الإجتماعية أين يخشى المتدخّل أن تكشف شخصيته من صوته ... تفاصيل تقنية كثيرة تعلمتها بإهتمام ... إهتمام من سلب لبه عالم الميلتميديا ... وتركيز من بدأت فكرة جديدة تتخبّط في رحم عقله ...
بعد أيام كنت قد تفوقت فيها على الجميع في هذا الميدان دون غيره ... وكعادة تيسير في مشاكستي إقترحت عليا بما أنها صدّقت أني أبيع القصص الجنسية ولها مردودية مادية محترمة ... إقترحت عليا في فكرة مجنونة منها أن ننتج قصصا صوتية ... أنا أكتب وهي تمثّل وهنا لمعت فكرة جديدة في عقلي ...
لا أعلم السبب ولكني أردت أن أعيد وفاء لشغفها المفقود لكن هذه المرة بطريقة أكثر إقناعا ... إستعملنا استوديوهات المعهد للتسجيل ... العجيب في الامر أن تيسير الغبية في كل شيء اتقنت تمثيل دور راوية القصة ... لم تخطأ في حرف رغم أن الموضوع لم يكن مستساغا لها لكنها أبدعت في لعب دورها ...
الموضوع لم يكن معقدا من تغيير صوت شابة لصوت امرأة ... فقط بعض التعديلات التي حرصت عليها وعدت للبيت متسلحا بقصة تدوم لساعات ...
بعد العشاء كانت هي اللحظة الفارقة هل ستلتحق بي أمي لممارسة عادتنا المتفق عليها حديثا أو سيسحبها الحوار الجديد ... حضّرت كل شيء المجلس والفيلم ومستلزمات السهرة وإنتظرت قرارها إما أن تعيش معي دور الام أو تعيش مع الام التي تلعب دورها تيسير ... لكنها خيّرت متابعة الحوار وهنا وصلتني الرسالة ...
لم أكن مخطأ حين قررت تقريب الشخصيات من واقعنا ... كل من مر عليها في التجارب السابقة أحداثهم وظروفهم بعيدة عنا ... لكن هذه المرة تفتق خيالي لتقريب أحداث القصّة لي ولها ...
الحكاية بدأت كتابية فرح ... سيدة تتحدّث ... في أول سنتها الاربعين كما فعلت سابقاتها عن تجربة عاشتها ... لكنها أوهمت وفاء أنها تضجر من الكتابة كثيرا وللحكاية تفاصيل لا تسعفها قدراتها على التعبير عنها كتابيا ... كنت أراقب أمي من خلف جهازي وهي ترتعش لتركيب سماعاتها والتأكد من سلامتها أكاد أجزم أنها لاوّل مرة تستعملها في حياتها ...
تغيير ملامح وجهها مع وصول أوّل رسالة صوتية بعثتها لها تأكد أنها إبتلعت الطعم ... كمن سحبتها رمال كلمات متحركة غرقت منصتة لما كتبته أنا وما قالته تيسير
" زي ما قلتلك أنا إسمي فرح ... ست بسيطة ... ما كمّلتش تعليمي وإتزوّجت وخلّفت ولد بعد سنة واحدة من الزواج ... ولد زي القمر إسمه فواز ... كانت حياتي زي الحلم بالنسبة لاي وحدة ... بس بعد سنتين من ولادة فواز زوجي يتورّط في قضية مخدرات و يتحكم عليه بالمؤبّد المضاعف يعني لا أمل انه يشوف النور من ثاني ... وبرغم أنه كان سايب أملاك كثير لكنها كانت باسمه ...
أنا وسط الصدمة والدربكة والمحامين والدوشة دي راح رافع قضية طلاق من السجن وطلّقني وإخواته استولو على كل حاجة ... ما فظلش غير بيت صغيّر كان مكتوب باسم ابني وده الي عشنا فيه ... هو فلت منهم لانهم كانو هيتدبسو في حضانة ابن أخوهم ... أنا اصلا كرهته وكرهت كل حاجة من ريحته ... أمه الي هي حماتي كانت بتحاول تساعدنا بس انا كنت رافضة آخذ منهم اي فلوس متوسخة ...
أنا بعد كل الي حصل ده اتفرّغت لابني ... وبرغم إن عيلتي جابولي كام عريس كده سكند هاند بس انا رفضت ومع الرفض لقيت نفسي لوحدي ... وعشان أوفر مصاريف إبني اشتغلت في معمل ملابس جاهزة وبقيت خياطة شاطرة ... الشغل والبيت وفواز ما خلونيش احس بالسنين بتجري ولاني ما حستش بيها ما أثرتش عليا لا في الروح ولا في الجسم ...
في الدنيا دي كلها ما كانش ليا غير صاحبة وحدة بتيجي تزورني ... فواز بيحبها جدا وبما إنه بيتنا قريّب من البحر كانت كل صيف تيجي تقعد عندي منها توانسني ومنها نتمتع بالشط ...
فواز كان شاب زي العسل .. لا بيدخّن ولا بيسهر ولا بيصاحب شلل فاسدة ... ومجتهد في دراسته وبيرضى بقليله ... أحيانا كان بينزل يشتغل عشان يوفّر مصاريفه ... مرة في السوق ومرة في محل ... برغم إني حاولت ما أخلهوش يبان أقل من زمايله ... بس الحمل كان ثقيل عليا .... يعني معاه تلفون وجهاز كمبيوتر على القد ... كان حلمه يشتري مكنة تصوير ... لما نجح في الثانوية العامة أخذت سلفة وإشترتله كاميرا كهدية ... كان هيطير مالفرحة ...
في الصيف قبل الي فات ابتدت الحكاية ... صاحبتي كانت عندها بنت أختها وجات تصيّف عندها ... عمرها حوالي 26 سنة وزيها زي كل بنات جيلها ... متحررة في لبسها وتصرفتها ... في الاول وجودها في بيتي كان عادي لغاية ما إبتديت ألاحظ إنه فواز ما بقاش يطلع مالبيت طالما هي موجودة فيه ...
وده خلا كل أجهزة الاستشعار عندي تشتغل من غير ما أخلي حد يلاحظ ... هما كام يوم ويعدو ... البنت دي طول الوقت بتشتم في البلد وعايزة تهج باي طريقة ... الكلام ده كان بالنسبة ليا خطر ... لو فواز إتأثر بكلامها هأبقى خسرت عمري كله إذا هج أو هاجر بعيد عني ...
في يوم لاحظت إنه بيحاول يسحبها تتكلم معاه على إنفراد ... كان بيوريها الكاميرا بتاعته وشوية صور مصورهم ومنزلهم على جهاز الكمبيوتر ... الموضوع يبان طبيعي بس في حاجة في صدري مخلياني مستنفرة ...
كنا أنا وصاحبتي في المطبخ وهما الاثنين في الصالون ... إتسحبت وشفته وهو بيديها فلوس ... ما فهمتش إيه الي بيحصل ... خمسين ألف سؤال دخلو دماغي ورى بعض ... فواز جاب الفلوس دول منين و بيدهملها ليه وايه السر الي ما بينهم ... كملت يوميها ماسكة نافسي بالعافية ... وعشان ما أخسرش صاحبتي طلعت بحكاية إنه حد في عيلتي توفى ولازم أسافر وبكده هما الاثنين لازم يروحو ..
فواز كان برى البيت ولما رجع ما لقاهمش وشه راح ألوان ورجع ألوان ... أنا هنا فهمت إنه موضوع مرواحهم زعله ... وهنا قررت أواجه ... من غير مقدمات وبكل غل الايام الي فاتت رحت رازعاه كف على خده صوته طرقع برى البيت ... الولد ما استوعبش الي حصل ... وأنا بركان وإنفجر في وشه شتايم وضرب وهو واقف مش فاهم حاجة لغاية ما مسك إيدي عشان أبطّل ضرب فيه وزقني على الكنبة وطلع برى البيت بيجري ...
لاوّل مرة يعمل رد فعل عنيف معايا ... ما اعرفش ليه ساعتها حسيت بالندم ... ممكن اتسرعت ... بس حسيت إنه الولد كبر وكأي أم عمرها ما تصدّق إنه إبنها يكبر عليها ... فواز عمره ما طلع من طوعي وعمره ما راح مكان أنا ما اعرفوش وعمره ما خبى عليا ...
إستنيت لساعات إنه يرجع بس الليل راح نصه ولسة ما رجعش وساعتها قلبي بقى ددمم من الخوف والزعل عليه ... أول حاجة جات في دماغي إنه عمل في نفسه حاجة ... الدنيا كلها ولى تسوى إني أخسر شعرة من إبني ... طلعت برى البيت في آخر الليل أدوّر عليه ... كل خطوة قلبي كان بيتخطف ودماغي بتروح وتجيب ... خمسين الف سيناريو إسود شفتهم قدام عينيا ...
قبل الفجر لقيته قاعد على سور جنب البحر ... أول ما شفته اترميت عليه وحضنته ... بس هو زقني وحاول يبعد عني ... كنت بابكي وأنا باترجاه نرجع البيت وهو بيعاند لغاية ما إقتنع ساعتها حسيت بالندم بجد ...
في البيت بعد ما هدينا حاولت ارجع أصالحه لكنه ما كانش يكلمني وأنا الحقيقة ثقل على روحي أعتذرله ... بعد يومين عدو عليا كإنهم سنين رحت لغرفته ... كان عامل نفسه نايم ...
أول ما فتح الباب اتصدمت ... الكراكيب إتحوّلت أستوديو تصوير ... اضاءة وكهرباء ... وزينة عالحيطان وبتعات متعلقة وحاجات شبه الشمسية يمين وشمال ... وهدوم متعلّقة في ركن لوحدها ... من الصدمة لساني اتخرس ...
ما عرفتش اتصرّف إزاي وما فهمتش شعوري إيه ساعتها من ناحية كان الندم واكلني على إني إتصرّفت بغلظة معاه وفي نفس الوقت حسيت إنه الولد كبر وبقى ممكن يعتمد على نفسه والمصيبة إنه تملكني الرعب للشعورين دول ما قدرتش أتخيّل إنه فواز كبر ودي أول خطوة إنه هيبعد عني
طول عمره وهو مرتبط بيا عاطفيا ومحتاجني ماديا وده إلي خلاني أصارع الدنيا وأستحمل كل حاجة مرت في حياتي عشان خاطره ... دلوقتي بمجرّد إنه بقى ممكن يجيب فلوس ويعتمد على نفسه حتى نسبيا خلاني مش عارفة أتصرّف
المصيبة الثانية إنه بقى في بنات ومودل ومواضيع أنا مش عارفاها وهو شاب وفي سنه ممكن يعجب بوحدة وبكده يبقى راح مني بجد ... ساعات باحاول أقنع نفسي إنه ده الطبيعي وهيحصل في يوم من الايام لكن قلبي ماكانش يطاوعني إني اتخيّل ده
إتكلمنا كثير بعد الاكتشاف ده ... أنا عاهدت نفسي إني ما إتصرّفش معاه ثاني كده وهو عاهدني إنه مش هيخبي عني حاجة ثاني ... وده إلي حصل ...
شوية شوية وبحكم إنه فواز موهوب بجد في التصوير زباينه تزايدوا وبالطبع فلوسه بقت أكثر ... والمصيبة إنه المودل بقم أكثر ... وبرغم إنه جلسات التصوير دي كانت بحضوري بس كنت هأنفجر كل مرة تيجي وحدة البيت وأحس إنه فواز بيتعامل معاها بشوية إهتمام ....
من ناحية ثانية فواز كان بتعامل معايا زي ما اكون مديرة أعماله أو شريكته في الشغل ... بيديني كل الفلوس إلي بيكسبها وأصلا انا الي بأحاسب المودل وبقيت باتعامل أصلا مع المصممين أو اصحاب البضايع ...
الموضوع كان ماشي عادي ... كل كذا يوم تيجي شوية ملابس نصورهم ونبعث الصور وبعد كام يوم تيجي شوية فلوس ... التصوير أحيانا كان بيكون في الاستوديو وساعات في أماكن برة البيت ... والموضوع ده زوّد عليا مشاغل اكثر من مشاغلي بس ما كنتش قادرة أسيبه لوحده مع كمية البنات دول ...
ودول مودل ... هما صحيح مش محترفين بس حلوين ومثيرين ... وهو شاب صغّير ... فواز كان بيتعامل مع الموضوع ده على إنه تسلية بحكم إنه بيمارس هوياته ... بس أنا كنت شايفة الموضوع بوجهة نظر مختلفة ...
في يوم كنا قاعدين أنا وهو في البيت لوحدنا ... ما كانش عندنا حاجة نعملها وساعتها طلعت في دماغي فكرة ... إذا كان فواز بيعاملني كشريكة فليه ما نبقاش شركاء بجد ... بكده أظمن إنه هيبقى معايا وتحت عيني مهما كبر ومهما إتغيّر ...
إقترحت عليه إننا نعمل شوية منتجات خاصة بينا وبحكم إنه أنا خبرة في التفصيل والخياطة وهو بيصوّر يبقى المكسب كله لينا ... فواز وافق وبسعادة ومن غير تفكير ... إستعملنا شوية الفلوس إلي كسبناهم وإشترينا مكنة خياطة حديثة وكل مستلزمات القص والتفصيل وشوية قماش وما تبعه ... وإبتدينا
الحقيقة أنا كنت فرحانة إني باعمل الحاجة إلي باحبها وفواز بيشاركني ... كنا بجد مش أم وإبنها بس زي إثنين زملاء ... ابتدى الحوار بشوية فساتين على بنطلونات حريمي ... الموضوع بقى فيه مكسب بجد ... هنا لاحظت إنه فواز بيبقى مجتهد وفنان في كل حاجة أنا عاملاها أكثر من الشغل الي بيجي من برة ...
وطبعا عملنا صفحة فيس بوك وبقينا بننشر منتجاتنا عليها ... الي لاحظته إنه الطلب كان بيوصلنا بكثرة على الملابس الداخلية ... قمصان النوم ... البيبي دول ... وساعتها إبتدى الموضوع يتغيّر
بالنسبة ليا كان حوار تفصيل وخياطة حاجات زي كده مش مشكلة بالعكس كنت باتفنن في صنعهم بس أول مشكلة واجهتنا في إزاي هنعمل إعلانات لمنتجاتنا ... الحقيقة فواز خجل إنه يفاتح أي مودل في الحوار ده ... وأنا أصلا ما كنتش متخيّلة إنه هيشوف بنت لابسه هدوم كده واقفة بتتصوّر قدامه ...
المشكلة إننا صرفنا كثير على البضاعة دي وكان لازم نبيعها ... حاولنا نعمللها صور لوحدها من غير جسم بس ما جابتش نتيجة ... نادرا ما يوصلنا طلب لحاجة منها ... حاولت أفاتح وحدة مالبنات لكنها رفضت والثانية طلبت مبلغ كبير ومن غير وش
بما إن الصور من غير وش وفي حركة لغاية دلوقتي مش عارفة إزاي طلعت منه ... وبما إننا بقينا بنتعامل كشركاء فواز طلب مني إني أتصوّر أنا بالهدوم دي ... في الاول كنت فاكراه بيهزّر
فواز أول ما حس إني إبتديت اقتنع سحبني عشان ندخل الأستوديو ... أنا كنت باسحب نفسي لورى وباقاوم ... وهو كان مصرّ ... برغم كل محاولاته رفضت ... الموضوع كان ثقيل عليا خصوصا إنه التصميمات دي مخصصة لغرف النوم ... مش للنوم
بقينا كام يوم والموضوع ما إتفتحش ما بينا ... بحكم وضعيتنا كنا نادرا ما نطلع مالبيت أنا وفواز ومع الشغل الإضافي الي كان واخذ كل وقتنا بقينا محتجزين في البيت ... في يوم الشارع كان كله دوشة وصوت مزيكا عالية والناس ملمومين ... فرقة سيرك كانت بتزور المدينة وعاملين إستعراض زي الاشهار كده ...
شوية حيونات ... أحصنة صغيّرة وكلاب ظريفة وأسود وفيل وناس كثير ... بنات بملابس متزركشة ... بحكم إنه الحاجات دي مش منتشرة في تونس والموضوع كان مثير نوعا ما ... أصريت إننا نروح نحضر العرض ... فواز كان هيطير مالفرح ...
دخلنا ثاني اليوم العرض الاول ... جو جميل وألعاب وفقرات ساحرة ومثيرة وأحيانا خطيرة ... أنا كنت مبسوطة لدرجة إنه باين على وشي ... وفواز كان زي العيّل الصغيّر ... بيصقف وبيتنطط ويصفّر
الحقيقة هو عمره ما عاش صغره زي باقي الناس ... المفارقة بين جسمه الي بيدل على إنه بقى شاب وبين تصرفات إنه بقى راجل ... حسيت إنه بيحن يرجع صغيّر ...
في العروض كانت اغلب البنات لابسين لبس شبه عريان ... هي لزوم العرض كده ... في فرقة منهم متكونة من ولدين وبنت وست كبيرة شوية ... الاولاد في سن الشباب ... بحكم الشبه باين إنهم عيلة وحدة ... أم وأولادها
العرض خلص وإحنا مروحين ... كنا بنحكي عن العرض والسيرك ... وبالطبع فتحنا موضوع الفرقة دي ... ومنها فواز رجع لنفس الموضوع ... إزاي الاولاد بيلعبوا وبيشاركوا مع أمهم وأختهم الشغل ... وإنهم متقبلين كل ظروف الشغل بخطرها بلبسها ... ومنها رجعنا لحوار الصور والاشهار والشغل ...
حاول يقنعني بكل جهده ... وإنه في شباب كثير بيروحوا البحر وعادي أمهاتهم وإخواتهم يكونو لابسين بطريقة أكثر عري من التصميمات دي ... فظل يزن على دماغي لغاية ما روحنا ...
مش معقولة الحوار كله عشان الفلوس .. وإبتدى الوسواس يدخل دماغي ... معقولة هو عاوز يشوفني كده ... بس أنا أمه ... مليون فكرة سكنت دماغي لدرجة طيّرت النوم من عيني ... بس هو عمره ما عمل حركة ولا نظرة تخليني أشك فيه
أخذت القرار إني أكتشف هو بيفكّر في ايه ورحت لمركز تجميل ونزعت الشعر وكمان عملت شعري ... أنا من سنين طويلة وأنا عايشة مهملة في نفسي وشوية العناية دي رجّعتني لسنين كثيرة لورى ...
آخر النهار رجعت لقيت فواز عامل كل شغل البيت .. من درجة التنظيف والنظام أنا ما عرفتش بيتنا ... حركات فواز بتدل على إنه متحمّس ... دخلت
كانت ركبي بتخبّط في بعض وقلبي كإنه هيتخلع ... حاولت أختار لبس ما يكونش عريان أو مثير لكن مش موجود ... دي تصميمات أنا إلي صنعتها وحطيت فيها كل خيالاتي ... وبجد كانت حاجة مثيرة ...
حصة التصوير الاولى كانت هي الاصعب ... مع شوية كلام تشجيع من فواز و شوية كلام إعجاب إبتديت اتشجّع ... وقوفي لمدة طويلة نص عريانة قدام إبني كان وضع غير مريح بالنسبة ليا ... بس فواز كان سعيد ... عملت كذا حصة لعدة أطقم كل واحد أنيل من الثاني ... هي شبه بعض أندر وسوتيانة وديما فوقيهم حاجة ... يا قميص شفاف يا مشبّك
فواز عملي كام صورة لكل طقم وطبعا بوضعيات مختلفة بتبيّن حلاوة المنتج ... شعور غريب بين الخجل والنشوة والإثارة ... موضوع إنك توقفي لمدة طويلة وتعرضي جسمك للغير ده حوار صعب ... وبيزيد صعوبة لو إنتي واقفة قدام إبنك ...
بس حسيت حصص التصوير الاولى إنه فيه حاجز وإتكسر بيني وبين فواز ... بعد الحصة على طول نزل الصور على الصفحة ... وطبعا كلامه طلع صح وإبتدينا نستقبل طلبات ... ومع الطلبات بقى فيه تعليقات ... صور بالملابس الداخلية أكيد هتجيب تعليقات قليلة الادب ومشاكسات ومعاكسات وإعجابات ...
ملامح وجه فواز كانت تدل إن ما كانش راضي عن بعضها لكن وقع في شر فكرته ... الشغل شغل ... من أوّل ليلة لاحظت إنه صورني صور كثير بس ما ينزلش منها غير إثنين أو ثلاثة على أقصى تقدير ... كنت فاكر إنه عشان شغل هواة وبس ... يعني بيصوّر كثير وبعدين يختار الاحسن عشان ينشرهم ...
بس لاحظت إنه في كل حصّة بيكرر نفس الموضوع ... ومع تركيزي في الحوار إكتشفت إنه كل ما يكون الطقم عريان أكثر ومثير أكثر الصور بتكون أكثر ... وده دخّل الشك في دماغي ... وعشان أنهي الشك ده كان لازم أشوف مصير الصور دي إيه بعد ما يصوّرها ...
بعد كام يوم كنا خلّصنا تقريبا إشهار كل الموديلات إلي عملتهم و المخزون الي كان باير إبتدى يترفع بسرعة ويتباع ... فواز كان في مشوار وأنا رحت فتحت جهاز اللابتوب بتاعه ... لقيت فولدر برايفت ... بعد محاولات إني أفتحه ... كن عامل عليه كلمة سر باسمي ... ولقيت عليه صوري ... صور كاملة بوشي وبكل تفاصيلي ... والصور دي أحلى مني الي اتعرضو ...
هنا بقى كنت هأتجنن ... هو مخلي الصور دي عنده ليه ... ليه ما مسحهاش طالما الموضوع موضوع شغل وهو مش محتاجهم ... يبقى الحوار فيه إن ولازم أعرفها ...
بالليل كنا سهرانين أنا وهو ... وبما إن خلاص ما فيش صور وأنا ما عملتش تصميمات جديدة ... إقترحت عليه إني أصمم أطقم غيرها وهنا شفته كان هيطير مالفرحة رغم إنه كان متضايق إن البضاعة دي ما إتباعتش غير بعد وقت ...
بيني وبين نفسي خلاص كنت متأكدة إنه بيحب يشوفني كده ... بيحب يشوف أمه بلانجري سكسي ومثير ... طيب كل ده ليه ؟؟ ... معقولة يكون شايفني كمرأة مثيرة وجميلة مش كأمه ؟؟؟ ... طب أنا لازم أعرف ردة فعله ... ذاكرتي ما سجّلتش أي حركة تقدر تخليني أفهم دواخل تفكيره ...
من ساعتها بقي كل تفكيري في ردة فعله هتكون إزاي ... إبتديت أحط تصميمات لأطقم تنطّق الحجر ... بقى عقلي وموهبتي وقدراتي كلها تشتغل وأنا باتخيّل ردة فعله هتكون إزاي لما يشوفني كده ... وشوية شوية أنا بقيت في حالة غير حالتي الطبيعية ... كنت أغمّض عينيا وأتخيّل فواز كراجل بتثيره مفاتن وحدة ست تقريبا عريانة قدامه وده إنعكس على شقاوة التصميمات وبالتأكيد على اللون والشكل ...
طلعت حاجة فوق الوصف من الحلاوة ... ولزيادة ضغط التيار في الموضوع تعمّدت إني أدهن جسمي بكريمات تبين نعومة الجلد مع أول طقم ... مثلث صغيٍّر على كسي وخيطين يشدوه من الوسط يعدو من بين فردتين مؤخرتي ... ومثلثين صغيرين يدوب يغطو حلمات صدري ... وعليهم زي العباية شفافة .... اللون الازرق الفاتح كان بيلمع مع لمعان جلدي ... ومعاهم عينين فواز لمعت
من غير ما استنى توجيهات لتغيير الوضعية كنت باتعمّد اقف في وضعيات وحدة عاوزة تتناك ... بين كل جلسة وجلسة كنت باختلس النظر لما بين فخاذه وهنا إتصدمت ... صدمة مضاعفة بين انه فواز بتاعه بيوقف عليا وبين حجم الخيمة إلي عملها ...
المنظر ده سرق تفكيري ... أولا كنت فخورة بيه وثانيا كنت عاوزة اعرف عنه أكثر ... ممكن أنا تخيّلت ده ... وقررت إني أكتشف الحقيقة ... أحيانا كانت بتوصلنا طلبات لبوكسرات رجالي بس كنا بنطنشها .... وبما إنه هو إلي إبتدى الحكاية معايا ... قلت أعمل معاه نفس الحوار ...
عملت كذا تصميم لبوكسرات رجالي بس إيه ... من النوع إلي بيطلعك مش لابس حاجة ... وبما إن الموضوع بقى راشق في دماغي وخيالتي كلها منصبة فيه ... مقاسات فواز ماكانتش غريبة عني ... وهنا بقى ما فيش قدامه حجة غير إنه مين الي هيصور ... وإتلكك بالحكاية دي ...
فواز ما كانش ينفع مودل ... مش من النوعية الي بعضلات و طول بعرض ... بس أغلب الشباب كده وده إلي خلاني أقنعه رغم إنه حاول يتهرّب من الموضوع ... وزي ما هو قال قبل كده ده شغل وفيه مكسب يبقى لازم يتعمل ...
موضوع إني استعمل الكاميرا ماكانش صعب ... شوية إلتزام بالتعليمات ... هو بيضبط الزاوية وأنا بس بادوس عالزراير ... أول تجربة فواز كان واقف ببوكسر رمادي لازق على جسمه ... كنت حاسة إنه مكسوف ودي حاجة أسعدتني ... كإنه إنتقام لنفسي منه ...
من غير شعور عيني جات على منطقة تحت بطنه ... فيه تكوّر باين شوية بس مش ده إلي كنت متوقعاه ... عملنا كام صورة ... ورحنا نحاول نختار أنهي الاحسن ... رغم إنه فيه كام واحدة ممكن ينفعو بس أنا أصريت إننا نعيد الجلسة وده فتح موضوع نقاش كبير ما بينا ...
تيار كهربائي ضرب جسمه لغاية ما إرتعش وصدمة كهربائية ضربت صدري وجسمي خلتني مش عارفة اتحكم في حركاتي ... بس شوية وركّزت ... مع أول لمسة لجلده وزبه تجاوب ووقف نص نص ... أول ما إيدي لمسته إبتدى يكبر بين صوابعي ...
إحساس إنه بتنفخ في إيدي خلاني مش فاهمة إيه حصلي ... تغيّر الحالة من الليونة للقسوة ولّع نار في جسمي ... هما لمستين ورى بعض من فوق البوكسر وخلاص بقى على آخره ... منظره من تحت القماش سرق عينيا ... ريقي نشف وصوابعي بترعش وقلبي هيوقف ...
عشان أهرب من حالتي دي وقفت ورى الكاميرا وحاولت أركز في الصور ... لكن بكده هأركز في الي أنا هربت منه ... هما كذا صورة ورجعنا نتناقش في جودتهم ... أنا كنت راضية ... مش عن الصور بس راضية إني إكتشفت هو مخبي إيه تحت هدومه
الموقف ده ورغم إنه متغلّف بشغل ومع إبني بس خلاني استرجع مشاعر وأحاسيس ما عرفتهمش من سنين طويلة وممكن ما عرفتهمش أصلا ... ما كنتش عاوزة الموضوع يخلص ... كنت عاوزة أشوف أكثر ... وده خلاني اصر إننا نعمل جلسة تصوير ثانية ...
فواز كان عاوز يطلع يغيّر في غرفته بس أنا رميتله كام قطعة كده وقلتله إلبس مافيش وقت ... في الاول إتكسف بس ما لقاش مهرب ... لكنه إداني ظهره ... مجرد إني شفته عريان ده زود نار الفضول جوايا ... كنت فاكراه فضول
مش عارفة إيه القوة والجرأة إلي تملكتني ... بعد ثالث جلسة تصوير فواز كان بيحاول يلبس البوكسر مع السرعة والارتباك لبسه مقلوب ... شوية سخرية خفيفة مني وبخطوتين لقيت نفسي قدامه ... نزلت على ركبي و من غير تردد قمت ساحبة البوكسر لغاية ركبه ... عمود وإنتصب قدام عيني ... إيديا إرتجفت وصدري تهز من المنظر
وحدة بقالها سنين ما شافتش المنظر ده حتى في الصور مش ممكن تقاوم إنها تشوفه على بعد شبر منها ... لكني غلبت نفسي ... ورجعت لورى الكاميرا ... هو كان ملجأ ليا بس ملجا مؤقّت ...
من ساعتها وأنا بقيت باشوف فواز بنظرة مختلفة ... نظرة الراجل الي بيمتلك كل الي ناقصني ... موضوع إننا بقينا بنتشارك كل حاجة حوّل صورته من إبن لشريك ومن هنا تقريبا بقيت باشوفه بطريقة ثانية
منظر بتاعه وهو واقف قدام عيني مع ذكريات ملمسه خلات جسمي يولّع كل ما يكون جنبي وحتى لما يكون بعيد ... للأسف الموديلات إلي عملتها خلصت وخلصت معاها حصص التصوير ... فترة الفراغ دي خلاتني أفكّر وأراجع كل تفصيلة في الموضوع ده إبتدى إزاي ... فواز هو إلي كان حريص إني أنا الي اعرض الأطقم من الاوّل .. فرحته لما وافقت إني أعمل ده وإرتباكه وحماسه كلها بتدل إن الموضوع أكبر من حكاية شغل وصور ومبيعات
طب ما أنا حصلي أكثر منه ... أنا الخبرة والسن ... الكبت والحرمان عندي والرغبة وحب الإكتشاف عنده ممكن توصل لنفس النتيجة ... حاولت أبعد الفكرة دي كثير عن دماغي بس ما قدرتش ... كل ما أوصل ابني حائط مقاومة مجرّد ذكريات اللمسة البسيطة تخليني أضعف ثاني ...
كام يوم عدو علينا عادي ... مافيش تطوّر ... برغم إنه كان بيحاول يقرّب مني بس بإحتشام وتردد ... العلاقة الجديدة دي وصلت ما بينا لمرحلة اللاعودة ... بس ما فيش سبب يخليني أو يخليه يعمل خطوة ثانية لقدام ... وده خلاه يبعد .. وهنا خفت على علاقتي بيه بجد ... فكان لازم أخلق السبب يرجعنا ثاني لمطرح ما وصلنا ...
إشتريت قماش جديد ... حرير ... وحطيت كل أفكاري ورغبتي وشبقي في تصميم جديد ... لانجري حريمي ومن نفس النوعية بوكسرات للرجالة ... طقم للأزواج ... بنفس اللون والتصميم ... أول ما عرضت الفكرة والتصميمات على فواز كان هيطير مالفرحة ... قال إنه دي حاجة مبتكرة والناس هتشتريها من غير تفكير ...
وعشان تتعرض كان لازم تتصوّر ... وبما أن الصور دي لكابل فلازم الصورة تكون ثنائية ... وبما انها ثنائية فلازم تبين الحميمية بين الاثنين ... وأنا ما كنتش عاوزة غير ده ... أولا أفهم إيه الي ساكن روحي وتفكيري من ناحية فواز وثانيا أشوف ردة فعله ...
الكاميرا ساعدتنا على ده ... تصوير أتوماتيكي او من بعيد ... مرة أنا بين أحضانه ومرة هو روايا وأنا قدامه ومرة أنا وراه وإيدا على بطنه ماشية ناحية زبه ... صور كثير أشبه بصور البورن منها لإعلانات ملابس ... الإنجذاب والتفاهم كان هينطق من الصور ... مافيش حد هيشوف الصور يقول إن دول ولد وأمه ... دول إثنين حبيبة مندمجين مع بعض ...
بعد ما نشرنا الصور بشوية إبتدت التعليقات ... فيها السخيف وفيها المعجب وفيها المشجّع ... من غير قصد كان فيه كام مودل حلوين بس المقاسات ماكانتش مضبوطة عليا ... حاولت أعدل في الاندرات فنجحت بس لو عملت ده في مقاسات الصدر التصميم هيتغيّر ... وده خلى فواز منزعج .... حسب كلامه قال إنه التصميمات دي هتضرب مع الناس ... أنا كنت متأكده إنه بس كان عاوز يعيد اللحظات الحميمية بينا وإحنا بنتصوّر ...
الحل كان إنه صدري يكبر شوية ... أنا رميت الكلمة دي بس عشان أسمع رايه ... مش في الفكرة إنما في صدري ... بشوية طرافة وجراة قال إنه هو كده حلو بس لو أكبر هيبقى أحلى ... مواقع النت مليانة إعلانات عن كريمات وزيوت لتكبير الصدر ... وده إلي حصل إشترينا أغلى نوع منهم والأكثر فاعلية ...
فواز كان مصر إنه الحوار ده يحصل بوجوده ... إصرار صاحب الشغل إلي حريص على بضاعته أو حرص إلي عاوز يشوف أكثر ... بما إني إتعوّدت على اني اكون نص عريانة قدامه و بصراحة في حاجة كانت بتدفعني إني اعري صدري قدام عينيه ... بس عشان اشوف ردة فعله ...
بشوية خجل مش مصطنع قلعت السوتيانة و فظلت ببنطلون قماش بتاع النوم ... أوّل مرة فواز يشوف صدري ... عينيه وإرتباكه ورعشة ايديه بتأكد إنه الحوار مش صور .... وعشان أوّلع الجو ما بينا أكثر عملت نفسي مش قادرة أدعك صدري لوحدي بالكريمات دي
فواز كان قلبه هينط من مكانه لما قلتله تعالى ساعدني ... صوابه بتغوص بحنية فاقد الخبرة ... هي حلاوة الاكتشاف خلّت لماسته تولعني ... حسب تعليمات العلبة بتاعة الكريمة كان لازم توقيت المساج ده يقعد ربع ساعة ... والتوقيت ده اكثر من إننا الاثنين نستحمله ....
الاعمى كان هيلاحظ إنتصابه من تحت البوكسر ... وده إلي خلاني ما أركزش في الي بيحصل ... كسي كان بيحرقني مع كل لمسة و كل نظرة ناحية بين فخاذه ... الجلسة الاولنية خلصت ولا أنا ولا هو كنا عاوزينها تخلص ...
قبل ما ألبس السوتيانة بثواني فواز لحقني بكلامه
منظر ركبه وهي بترعش وسيل من بركان رغبته بينطر من زبه على صدري ووشي ماخلاش مجال للمقاومة ... "
هنا انهيت كمية القصف العاطفي والجنسي على عقل أمي ... كنت أراقب تفاعلاتها ... حقيقة القصة وهي مسموعة تختلف كثيرا عن سابقاتها المقروءة ... كنت أتابع حركاتها المتوترة وهي تنقر بأصابعها على لوحة الحروف تطلب معرفة نهاية القصة بشوق وشبق ... لكني لم أرحمها تركتها تعاني ليلتين متتاليتين ... كنت أرى أثر ذلك في عينيها في ترقبها مستجدية أن تصلها رسالة من فرح ...
حقيقة لم أجد سبب واحدا يقنعني شخصيا بما افعل ... في البداية كانت لعبة ثم تسلية والآن ماذا ... أمي هي من إستجابت لهذه المواضيع وهي التي خيٍّرتها على غيرها من مشاكل المنظمين لمتابعيها ... أما أنا فلماذا ؟؟؟
لم أجد إجابة على سؤالي في قرارة صدري وفي مالانهاية أفكاري ... طوال اليومين كنت شارد الذهن في ما ارمي الوصول له مع أمي ... كل ما اردته حققته لها ... علاقتنا تغيّرت ووضعيتنا تغيّرت ... لكن هناك سر يسكن صدري
هل انا حقا معجب بأمي ... وإن كان ذلك فإلى اين يمكن ان تنتهي هذه الفكرة ... لو لم يكن مقدرا لهذا المسار ان ينجح لما وصلت الي هنا ... لكن أنا لم تخامرني تلك الفكرة المجنونة عند البداية ... هو خطأ وأصررت على المواصلة فيه ... من موضوع تبرير مصدر الاموال إلى التفكير في أمي حاليا ...لم أجد إجابة على سؤالي ... فقط هو قرار إما المواصلة وإما التراجع ... موضوع إنسحاب فرح من الحوار يمكن ان يكون عاديا ... سترجعه أمي لاي سبب ...
هنا بدأت أفكّر رغم كل ذلك التوجيه النفسي والعقلي من خلال القصص التي أوسوس بها لامي لم تقم باي إشارة واضحة أنها تفكّر بما تخيّلت أني لا أفكّر به ... قبل أخذ القرار في المواصلة في موضوع القصص والموقع كان يتوجّب عليا رصد موقف أمي من الحكاية المجنونة ...
مع كمية الافكار والقصص والتجارب التي زرعتها فيها كان يجب عليا سبر اغوار تفكيرها ... فواصلت في تجاهل موضوع فرح لعدة ايام حتى شعرت امي بالعطش للفكرة ... بعد مدة زمنية لابد أن الفكرة التي سيطرة عليها قد تخمّرت في ذهنها ...
كانت ليلة باردة بحق ... بعد العشاء ومع يأس أمي من وصول خير من فرح وفواز عرضت عليها ان نسهر معا ... منذ مدة قطعنا عادة الافلام ... لم تعترض ولم تتحمّس ... كان القرار متابعة برنامج حيوانات ... فكرة تبدو بريئة ... لكن سيرورة الاحداث كانت تقودنا لوحدها ...
أنثى الاسد أو اللبؤة كانت محور البرنامج ... فريق العمل يتابعها منذ ولادتها ... حتى كبرت وتعلّمت أصول الصيد والبقاء ... ثم تقرر ترك عشيرتها وتلتقي بأسد ناشئ ... مع تفاصيل السيطرة على رقعة صيد ومحاولات البقاء ... تحمل من الأسد الذي لم يفتأ أن يقع في فخ صيد ويختفي من حياتها ... لتبقى لوحدها تعاند الزمان وقسوة الطبيعة ... ثم لم تلبث أن تلد ثلاث أشبال ... ذكر وأنثتين ... وتصارع لوحدها للبقاء ...
خوف من كل شيء حتى أبناء جنسها ... خوفها ان تتلتحق بقبيبلة أخرى فيقتل الذكر المهيمنة شبلها كما هي سنة حياة الأسود ... العمل التلفزي متقن لدرجة أنه يشدك للمتابعة والتفاعل والخوف والفرح مع كل حدث تعيشه ... في النهاية نجحت أن تفلت بأولادها ويكبروا حتى صاروا أسودا فتية ...
المفروض حسب كلام المعلّق أنها كوّنت نواة لقبيلة أسود يمكن أن تفرض نفسها في هذه الرقة الترابية لكن اللبؤة بطلة الحلقة قامت بتصرّف يعتبر فريدا من نوعه فقد طاردت إبنتيها الاثنتين حتى أبعدتهما عن منطقتها وإنفردت بالذكر ... ثم بعد أشهر ترزق منه بجيل أشبال جديدة ... لم تلبث أن كبرت فأنشأت بهم ساعتها قبيلتها الخاصة ... قبيلة كلها نتجت من رحمها ... وإنتهت الحلقة
هنا لو أردت أنا إخراج وتصوير وكتابة سيناريو مماثل لم أكن لأوفق في إتقان قصة تزيد من التأثير على سير الأحداث هكذا ... أمي كانت تتابع بتركيز شديد كل تفاصيل الحلقة ... ساعتان كانتا كافيتين لنفض الغبار عن عقلها ....
البرد الشديد مع الدفئ الذي نتج عن تكورنا تحت الأغطية الصوفية كان دفعا لان نبقى في مكاننا خشية نسمات لاسعة تصيبنا حال تحولنا لغرفنا ... وهو ما فتح حوارا طويلا بيننا ... حوار إبتدأ من موضوع الأسد وأمه ووصل إلى ما كنت أريده
عبثت بما تبقى من تسجيلات لقصة فواز ... شخصية فواز وأمه شبيهة بوضعيتنا أنا وأمي لكنها مرتكزة على الأحاسيس الجسدية ... الأفعال الجنسية والإثارة ... هي يمكن أن تتدخّل في أخذ القرار لكنها ستكون مؤقتة ... مرتبطة بتوقيت الرغبة لا بالمشاعر والنفسية ... فقررت إنهاءها دون نهاية
حوالي أسبوعين دون أن تصل أمي أي رسالة أو إشارة ... من خلال تفتيش تاريخ بحثها على الانترنت وجدت أنها طوال فترة غيابي أو حتى في حضوري تبحث عن موضوع العلاقات المحرمة و تركز على علاقة الام بابنه ... وأحيانا تقع في بعض مواقع أفلام الجنس على متصفحها لكنها لا تطيل الفرجة كثيرا
حقيقة هي أفلام عبيطة وتافهة ... أجسام جميلة ومثيرة ... أغلبها علاقات محارم بنيت على أساس الرغبة ... والصدفة ... الأفلام الأمريكية كلها هكذا والمكسيكية أكثر عبطا ... أم محرومة وإبن شبق ... مجرّد حضن في المطبخ ينتهي بعلاقة في غرفة النوم ... الأفلام اليابانية على نمط واحد ... إبن يغتصب أمه فتعجبها الحركة فتواصل معه ...
تيسير التي أصابها الفقر كانت تستفزني لتسجيل قصة أخرى طمعا في بعض المال ... لكن خيالي عجز عن تصور قصة تبدو منطقية مبنية على المشاعر ... فكرت في قصة تكون نسخة بشرية لقصة الأسود لكنها ستكون مبنية من أساس الأنانية ... أم ضحت لأجل إبنها فإستأثرت به ... وضعية نفسية لن تكون مريحة للتعامل معها
طال تفكيري وبالعودة لتاريخي القريب مع أمي بدأت أمسك أطراف الخيط ... أمي كانت شديدة القسوة معي ثم تدريجيا وبتحكمي في مفاصل حياتها بعد حصولي على المال بدأ الوضع بيننا يتغيّر ... حريتي في الإختيار مناقشتي في القرارات الهامة ... وجودي بجانبها ... تضحيتها من أجلي ... كل ذلك يجب إستثماره في القصة الأخيرة قبل الفصل الأخير من حكايتي معها ...
آخر الأسبوع الثالث وقد بدأت أمي تيأس من وصول خبر يبل ريقها العطش لموضوع تروم سماعه ... دخلت مدونتها باسم أنثى كالعادة ... أنا تعودت تقمّص شخصية إلام حتى أتقنتها ... بنفس التفاصيل ... العمر متشابه ... سيدة في أول الأربعين ... من طبقة راقية ... متزوجة ولها ولدان ... بنت مقبلة على الزواج وولد في مثل سني ... لكن أردت أن تتصادق أمي مع هذه السيدة ... أن تتعاطف معها أن تضع نفسها في موقعها ...
الدارج أن الناس تتعاطف مع المظلوم ... فكرة الجرح والانتقام والايذاء تترك أثرا في نفوس البشر ... مع الفراغ الذي تركته قصة فواز وفرح في نفس أمي خصوصا أنها لم تصل الي النهاية ... وباسترجاع كل الذكريات السابقة و التطور في فكري وفي إمكانياتي بدأت الفت نظر أمي لشخصية ... منى ...
أحيانا كنت ادخل بحسابين حساب يطرح الفكرة لأي شخص كان ... رجل أو أنثى ... شاب أو فتاة ثم تقوم منى بالتعليق عليه ... عملية معقدة وصعبة وتحتاج تركيزا شديدا لكني نجحت ... لم يتطلّب الأمر وقتا طويلا لتلتفت أمي لوجود هذه الشخصية في مدونتها ... ثم رويدا رويدا بدأت أمي بمتابعتها وبالتعقيب على كلامها ... من خلال تفاعلها معها تبينت أنها أعجبت بالشخصية من بين حروف تعليقاتها ...
هي أيم قليلة وفرضت منى نفسها كعضو متحرّك فاعل في شاشة التواصل الجماعي ... تنصح هذا وتنهى تلك وتوجه الأخرى ... أمي تعودت في كل ما سبق أن تتوجه إليها المعترفات لوحدهن ... هذه المرة أردت أن تنسحب أمي لوحدها لبريق هذه السيدة وقد حصل ...
لم تطق أمي صبرا للتعرّف عليها ... تحوّلت من التعليقات والإشادة بصواب الرأي والتحليل للمساندة ثم دون سابق إنذار دخلت معها في محادثة خاصة ... كنت مستنفرا كل حواسي وملاكاتي كمن يتأهّب لدخول إمتحان ...
حصة تعارف بسيطة قادتها أمي على خجل غير مبرر ... رغم أنها صاحبة الريادة والسيادة في المكان لكني كنت اشعر بتأثير شخصية منى عليها مما جعلها تقع تحت سيطرتها المعنوية ... المثير في الأمر أن أمي قدّمت معلومات شبه صحيحة عن شخصيتها ووضعيتها ... عملها زواجها حياتها كل المعلومات حقيقية لا زيف فيها ... ربما كانت تبني علاقة مع منى مبنية على الثقة ... حوارات بسيطة تنتهي دون أن تكشف منى سرا واحد من أسرارها... هو ما أغاض أمي ... غيضها دفعها لتتجرّأ وتفتح معها الموضوع مباشرة ...
أنا إنسحبت لغرفتي إبعادا لأي شك ولأفسح المجال لها أن تتعامل على حريتها ... لم تلبث رسائل منى أن وصلتها ... بدأنا برسائل كتابية ...
" شوفي يا ستي أنا زي ما قلتلك إسمي منى ... 42 سنة .. متزوجة من 22 سنة ... زوجي أكبر مني بحوالي 6 سنين ... زوجي كان بيشتغل عند أبويا في شركة مقاولات ... إتعرفت عليه ووقت في حبه وصارعت أهلي عشان اتزوجه ... أنا من عيلة تعتبر غنية نوعا ما ... كنت في الكلية ساعتها ... سحرني بشخصيته بجماله باناقته فاصريت إني اتزوجه ... ابويا ما لقاش حل غير انه يوافق وطبعا زوجي وضعه في الشغل اتغيّر وبقى الذراع اليمين بتاع حماه ... بعد سنة زواج عدّت عليا كإنها حلم جبت بنتي الكبيرة مرام وبعديها بسنتين جبت إبني مازن ...
حياتي كانت اشبه بحلم اي ست في الدنيا ... ما فيش حاجة كانت عاملالي إزعاج غير مازن ... مازن شاب رقيق جدا ... من 4 سنين كان مربي كلبة صغيّرة في الجنينة ... كانت هي كل إهتمامته بيعاملها كإنها صاحبته ... وككل الكللابب كان لازم تعمل شوية شغب ... مرة تسرق فردة جزمة تعضهها ... مرة تقطع قماش كنبة في الجنينة ... أنا بصراحة الموضوع ما فرقش معايا ... بس بنتي ماجدة وزوجي كانو مش طايقنها ... مازن كان بيدافع عليها بشراسة ضدهم ...
لغاية ما في يوم الكلبة ماتت ... مازن كان قلبوه يتقطّع مالحزن ... وإتهم ابوه إنه هو حطلها السم في الاكل ... ومن ساعتها العلاقة ما بينو وبين أبوه وأخته إتحوّلت ... برغم إنه ما بقاش تقريبا موجود معانا في البيت ... لا بيشاركنا أكل ولا شرب ولا سهر ولا خروجات ... بس أنا إستهيفت الموضوع ... وأصلا وقفت في صف أبوه لما كان بيتخانق معاه على تصرفاته ...
بحكم شغل زوجي كان بيسافر كثير ... برة البلد وجواها ... أنا حياتي كانت مقتصرة على النوم والأكل والمحافظة على المنظر الاجتماعي بتاعنا ... اللبس والاتكيت ... وشوية كتب باتسلى بيها .... بعد أبويا ما توفى زوجي هو الي مسك الشغل وأنا بصراحة مش بتاعة شغل ...
ماجدة إتقدملها عريس من شهور ... هي بتحبه وأبوها موافق عليه وأنا ما شفتش فيه عيب واحد ... الفرح كن في الصيف والحكاية حصلت في آخر الربيع ...
في يوم كنت بأعمل لفة على الأوتيلات عشان حوار الفرح والحفلة والحاجات دي ... ساعتها زوجي كان في سفرية للجنوب عشان يتابع مشروع شغل هناك ... في موقف الاوتيل شفت عربيته ... عربية غالية ومش موجود منها كثير لا يمكن اغلط فيها ...
الموضوع ما دخلش دماغي بس قلت ممكن يكون سابها هنا وراح في عربية شغل ثانية ... كلمته بالتلفون ... صوته عادي وطبيعي وكإنه بيشتغل بجد ... عملت تلكيكة إني مش لاقية بطاقة البنك ... وممكن أكون نسيتها في العربية ... عمل نفسه قطع المكالمة وبعد ربع ساعة كلمني و كإنه كان بيدوّر عليها وما لقهاش ... هنا تأكدت إنه موجود في الاوتيل ... عملتله كمين وإستخبيت استنى اشوفه مع مين ... و بيعمل ايه ...
آخر حاجة كنت اتصورها إن أقفشه بيخوني ... ومع مين مع وحدة صاحبة بنتي ... هي أصرّت إنها تشتغل في شركتنا وفي الآخر شفتهم طالعين مع بعض ... الايد في الايد ولا أي إثنين عشاق على كورنيش البحر ...
إتخنقت ... حسيت إن وقعت من جبل ... الدنيا ما بقتش شيلاني ... كنت هالحقه واعمله فضيحة في المكان لكنه طلع بسرعة ... كلمته 50 مرة في التلفون لكنه ما ردش ... خايف لا صوت يطلع كده ولا كده يفضحه ... فاجلت الحرب لغاية ما يرجع ...
في الدنيا ما ليش غير صاحبة وحدة ... اسمها جيهان ...باعرفها وأنا لسة في الحضانة ... ما لقتش حد أفضفله غيرها ... جيهان من طبعها مجنونة وعندها تجارب كثير في الحياة ... كنا قاعدين في الجنينة جنب البسين وانا هاطق من الغيض والعصبي وهي بتحاول تهديني ...
حكيتلها الحكاية ... جيهان ما إستغربتش كثير ... دي بالعكس أكدتلي إنها شافته كام مرّة قبل كده ... وما رضيتش تخرب عليا بيتي على اساس كل الرجالة كده ... غروري وكسرة قلبي وكلام جيهان خلاني أتجنن ... قررت اطلب الطلاق ... جيهان شجعتني على كده ... قالتلي سيبك مالربطة والخنقة وابتدت تحكيلي عن حياتها الي أنا اعرف اغلب تفاصيلها وعن مغامرتها مع الرجالة والشباب ... صورتلي الدنيا بطريقة مختلفة ... مش عارفة ازاي ؟؟؟ ... الغضب والجنان وردة الفعل ... خلاني أوافق إني اخرج اسهر معاها ليلتها أولها نغيّر جو ونتعرف على شباب ...
ما فيش رد على الخيانة غير الخيانة ... طب مش هابات ليلتها غير لما ارجعله الدين وبالفوايض كمان ... جيهان سابتني وروحت تحضر نفسها وانا طلعت اغير واحضّر نفسي ... كل مشاعر الانتقام بتغلي في صدري ... وقفت قدام خزانة ملابسي واخترت اكثر فستان عري وإثارة ... أنا واقفة قدام المراية بأضبّط نفسي ومكياجي وفجاة سمعت صوت من ورايا ... صوت قوي وجوهري وواثق ...
" ما تروحيش "
إرتعبت وإلتفت ورايا بأترعش ... لقيت مازن واقف عند الباب ... نظرة عينيه كلها غضب وإستجداء وحيرة ... مش عارفة انا بقالي كام لا شفته ولا سمعت صوته ... ومش فاهمة هو بيقول ايه ... طال سكوتي لغاية ما نطق ثاني
أنا جسمي قصيّر جدا .. ما بيعديش متر ونص الا بالعافية ... ومازن كان اطول مني يجي بعشرين صانتي ... راح ماسكني من ايديا ودخلني جوة وزقني على السرير ... خطف التلفون من ايدي وطلع قفل عليا الباب من برى ... انا بقى إتجننت ... رحت باكسّر في كل حاجة في البيت ... سمعت صوته وهو بيصرّخ من برى ...
" مش هتطلعي حتى لو ضربتيني بالنار مش بالقلم "
صوت عربية جيهان في الجنينة ... لحظة والسكون عم المكان ... هما دقايق العربية دارت ثاني وصوتها بعد ... كنت باسمع خطوات مازن طالعة في السلم بتتناسق مع دقات قلبي ..وفجأة الدنيا كلها سكتت ... صحيت ثاني يوم ... ايدي ملفوفة بضمادة طبية ونايمة كإني متخدرة ...
أول ما صحيت حاولت اقف ... لقيت ماجدة وزوجي والشغالة واقفين جنبي ... كنت عاوزة اهب في وشه وأسلخه بضوافري لكني ولا حاجة في جسمي تجاوبت غير عينيا بس ... فغمضتهم ثاني ... ماجدة وابوها طلعو والشغالة جات قعدت جنبي
أنا ما باعتبرهاش شغالة ... هي ربتني انا وربّت اولادي ... ست كبيرة وحنينة لدرجة كبيرة ...كنت باسمعها وهي بترغي بالكلام ... عن مازن وعمايله ... بس أنا ما فهمتش هي بتتكلّم عن ايه ... شوية ووصلتني الحكاية مترتبة منها ...
هما فاهمين إنه مازن اتخانق معايا ... وعشان كده انا اتعصّبت وكسّرت الدنيا وبعدين أغمى عليا ... ابوه لما رجع في الفجر إتخانق معاه وضربه وحبسه في غرفته ... ما صدقتش أنا باسمع ايه ؟؟؟ ... مازن عمره ما سكت لابوه في اي خناقة ... اصلا كان بيرد عليه كلمة بكلمة ... حتى بالشتايم الكبيرة ساعات ... إزاي قبل ده من غير رد فعل وهو ماسك على ابوه معلومة تهد عليه الدنيا كلها وانا هاقف جنبه لو ده حصل لاني انا المتضررة ...
دخلت استحميت وغيرت هدومي وحاولت اتماسك نفسي بس عشان افهم مازن عمل كده ليه ... برغم ان موضوع مواجهة زوجي كان صعب خصوصا وهو بيحضني ... قال ايه كان مرعوب على صحتي ... ما رضتش ارد على اسئلته هو وماجدة عشان يفهمه سبب خناقتي المزعومة مع مازن ... قلتلهم ما حدّش يتدخّل ...
شوية كلام عبيط وخشبي عن ضرورة الاحاطة بيه نفسيا وبتاع ... خصوصا انه في سن خطر وفي ثانوية عامة ومش بيروح المدرسة والإمتحانات بعد اسبوعين ... في حالة توهان وضياع نفسي وفكري وعاطفي... مش عارفة جبت الثبات ده منين ... حالة صمم مؤقت أصابتني ... زوجي وبنتي بيتكلمو وطبعا الموضوع هو مازن ... لأوّل مرة أحس إنه فيه تحامل كثير عليه ...
قبل كده كنت بانفعل معاهم وأتبع كلامهم وكنت بازعل من تصرفاته ... موضوع إنه مازن ما تصادمش مع ابوه برغم إنه سمع كل كلامي مع جيهان خلاني أمسك نفسي بصعوبة وأتناسى موضوع زوجي أو باجله لغاية لما أتكلّم معاه ...
هربت من دوشتهم وأفكارهم وأحكامهم على سريري ... أحيانا بتعدي في دماغي صورة زوجي وهو خارج مع البنت المفعوصة حاضنين بعض بتولع في جسمي وتخليني أنتفض وبعدين باتمالك نفسي واتراجع ... بعدين تهت في النوم ... على آخر النهار صحيت بصعوبة ... مذهولة ونفسي مكسورة ...
الفيلا كانت هادية خالص ... لفيت نفسي في روب النوم ونزلت لتحت ... الخدامة أو الدادة قالتلي إني زوجي وبنتي طلعوا يشترو حاجات لزوم الفرح ... ومازن ماحدش شافه من الليلة الي فاتت ... ما طلعش من غرفته ... صراع بين إني لازم أتطمن عليه ومكسوفة من نفسي إزاي أواجهه بعد الي سمع ...
بخطوات ثقيلة قرّبت من الباب وبنقرات خفيفة أعلمته إني عاوزاه ... في العادة لما يكون زعلان مننا أو في نوبة عصيان للاوامر حتى لو جبتيلو قوات الصاعقة ما بيفتحش ... بس المرة دي فتح ... أول ما شفته حسيت إني باشوفه لاول مرة ...
بهدوء مش متعود منه كان بيتملى في تفاصيل وجهي كإنه بيكتشف أنا عاوزة إيه ... لاول مرة أحس إني محتجاله ... موضوع الخيانة كان خانقني لازم أحكي وبما إنه هو عارف كل حاجة فمهما كانت كمية الحرج الاحسن إني أحكي معاه ... بس مازن رقيق ومش هيستحمل ... بس لازم أتكلم ... مش قادرة أتحمّل أكثر
طلبت منه ينزل تحت نتكلّم ... تردد كثير إنه يتواجه مع أبوه ... برغم إنه قالي إنه عارف انه ابوه طلع بس حسيت إني لازم أتكلّم معاه مش في غرفته ... نزلت للجنينة وإستنيته جنب المسبح ... كنت شبه نايمة على كرسي طويل ... بس عشان أكسب شوية وقت أنظم أفكاري ... شوية ولحقني مازن بعد ما غيّر هدومه وسرّح شعره و إتعطّر ...
بصراحة بقاله مدة طويلة جدا مهمل في نفسه ولبسه تبع حالة التمرد الي عايشها ... أصعب حاجة هي الموضوع هيتفتح إزاي ... وخصوصا مع شخص كتوم زي مازن ... والاصعب في وضع زي وضعي النفسي ...
ليلتها ما عرفتش أنام ... كلامي مع مازن خلاني مكسوفة من نفسي وذكريات منظر زوجي مع عشيقته خلاني أكره وجودي بجنبه ... طفيت نور الجنينة وتهت في حالة سرحان بلا هدف ... راجعت كلام مازن بالحرف ... حسيت إنه مش هو ... شخص ناضج وتفكيره سليم ... والاهم من ده كله ما جابش سيرة المصيبة إلي كانت جيهان هتوقعني فيها ...
قبل الفجر بشوية إبتديت أبرد ... قمت اتمشى في الجنينة ... شفت مازن بيراقبني من الشباك ... هنا بقى حسيت إنه في حد بيهتم بحالتي بجد ... عملتله إشارة ينزل فعملي إشارة أطلعله ... وجودنا جنب بعض والباب مقفول حسسني بالأمان والدفئ ... كملنا كلامنا ... حاولت أعتذر عن كل إلي حصل ... عن بعدي عنه ... عن ظلمي وغبائي إني كنت باتبع كلام أبوه وأخته ... بس هو منعني ... كلمة و زرعت شعور غريب في صدري ...
كنت فاكره انه بيقول ده عشان يحافظ على مشاعرها خصوصا وإنها متعلّقة بابوها لدرجة فضيعة بس هو كان ليه راي ثاني ... إنها ممكن تفضح الدنيا وكمان ممكن تكون تعرف الموضوع ومخبية عليا بالرجوع لانها هي الي اصرّت انه صاحبتها تتوضف عندنا في الشركة ... سرك ورقص في دماغي ... كل الدنيا حاوليا بقت غير ثابتة ... نقط التوجيه الوحيدة في حياتي أصبحت كلام مازن ...
من ناحية كنت فخورة بيه وبتفكيره وبذكائه إلي ما تصورتش إنه يكون على المستوى ده من الحكمة ... بس من ناحية ثانية لسة شعوري بالذنب كوني قصّرت في علاقتي بيه بيقرص ضميري وإحساسي بالامومة ومن ناحية ثالثة لسة موضوع جرح الخيانة والرغبة في الانتقام لكرامتي من زوجي بيولع في صدري
وبما إن الدنيا كلها فضيت حواليا في ساعات وبعد كل الي حصل ورغبة مني إني أبني نوع جديد من العلاقة مع مازن خلاني افتحله قلبي أكثر وأتكلم معاه بصراحة أكثر ... دموعي كانت مغرّقة خدودي وأنا باشتكيله من جرح ابوه ... وفي وسط الكلام الي من غير حدود وصلت اني باحكيله عن إحساسي إني كبرت وفقدت جاذبيتي ومشاعري كأي ست في الدنيا ... وهنا كانت الصدمة الحقيقية في أفكار مازن
الفرق مش في طريقة التفكير أو في مستوى الوعي وتحليل الموضوع ... الفرق في الإهتمام ... جيهان الي بتعرف تفاصيل كثير عن حياتي بحكم الصداقة حاولت تصب النار على البنزين ... رجعيله الصاع صاعين ... خونيه زي ما خانك وتطلعي كسبانة من ناحيتين ...
هنا وفي لحظة صراحة بيني وبين نفسي أنا لولا كان في بذرة شوق للجنان وتطفيت الرغبات المكبوتة ما كنتش وافقتها ... بس هي عرفت إزاي تسحبني وتقنعني ... ومازن قدر يفرملني ...
مش عارفة النهار عدى إزاي بس كنت مستنية الليل عشان يجي وأتكلم مع مازن على راحتنا ... ومش عارفة جبت القوة ثاني منين عشان اقدر اسيطر على مشاعري وأنافق زوجي وماجدة وما ابينش حاجة ...
في آخر الليل مازن زي ما يكون فاهم إني محتاجاه ... كنت كالعادة في التيراس جنب المسبح وهو إتسحب ولحقني ... العادي إنه أي أم تقعد مع إبنها بس دي ما كانتش من عادتنا ... وبما إن الكل فاهم إننا إتخانقنا وهو سبب إنهايري العصبي وجرح إيدي ... وجودنا مع بعض قدام عينيهم هيخليهم يركزوا حتى من باب الفظول ...
مازن سحبني من ايدي ... جنب البيسين كان فيه سقف كله سيراميك ... تحتيه كان فيه غرفة موطور الماء والمفروض إنه بيتحط فيه أدوات التنظيف بتاعته ... أنا زي المصدومة والمرعوبة ... نور خفيف ومكان ضيّق ... شباك صغيّر حديد مشبك في أعلى السقف ... أكيد هو سمع حواري مع جهان من هنا بس أنا ما سالتوش ... وجودي جنبه بعيد عن العينين خلاني مرتاحة وعاوزة افضفض ...
مازن الي بقى بيذاكر بجد ... كاي أم كنت باعدي عليه ... سندتوتشات وعصاير ... كنت لما باحضنه عشان اشجعه أو أمسح على شعره جسمي بيتكرهب من كمية المشاعر الي مش عارفة كنت حايشاها فين ... حوالي أسبوعين ما كنتش مركزة غير في مازن وإمتحاناته ... ونسيت كل حاجة ... كإن ما فيش في الدنيا غيره ... وفعلا مازن نجح ... مش بتفوق لكنه نجح وصدم الكل ...
يوم إعلان النتيجة كنت عاوزة أحتفل بيه ... بس هو قال إنه طالع مع اصحابه يحتفلو ... فاصريت اروح معاه ... كنت حاسة إن نجاحه ده تعويض عن خسارتي لزوجي .. أقلها كسبت إبني ... هو ما عارضش إني أرافقه بس حسيت إنه منزعج ... كنت فاكره إنه في بنت زميلته مصاحباه أو حاجة كده ومش عاوزني أعرف ... مش عارفة السبب بس حسيت بالغيرة عليه ... وأصريت إني اروح
إحساسي بالغيرة خلاني اختار لبس شبابي ... بنطلون جينز ملزق وتيشيرت خفيف و كوتشي ... زي بنات الجامعة ... وقفت قدام المرايا كثير ... شفت نفسي زي ما اكون رجعت 20 سنة لورى .. مازن رفض إننا نروح بالعربية فطلعنا بتاكسي ... في الطريق أخذ عليا عهد إن مهما كان الي هاشوفه يبقى سر ... وهنا الغيرة أكلت قلبي ويبقى خلاص في حب في حياته ...
وصلنا حديقة عمومية مليانة شباب ... مازن الخجول في البيت كانت شعبيته وسطهم ولا نجم كرة قدم معروف ... الكل يسلّم عليه و يشوفوني مستغربين ... البنات كلهم بيعرفوه ... والشباب كلهم باين إنهم اصحابه ... ما كنتش مصدقة عينيا من الي باشوفه ... مش عارفة إحساس بالفخر بشعبيته وإلا بالحزن لان ما اعرفش عن ابني حاجة ...
مازن سابني وراح مع كام واحد ... كنت زي التايهة وسط الشباب دول ولو إنه جسمي وسطهم ما يبانش ... الضحك بقى لما احيانا بتقرّب مني شلة تسلّم عليا ويسالوني أنا بادرس فين اصلهم عمرهم ما شافوني ... الكلام ده مفعوله اقوى من 50 سنة علاج نفسي ... شوية والنور إتطفى و اصوات التصفيق والتصفير كسرت حاجز الصوت ... الناس كلها متجهة ناحية ركن في الجنينة
نور ابيض ساطع ... و فجأة لقيت مازن وإثنين شباب و بنتين طالعين على منصة شبه المسرح ... مازن كان واقف ورى طبلتين صغيرين ... التام تام بتاع أفريقيا أو البرازيل ... وإبتدى العرض ... حاجة تطيّر العقل .. مزيج بين الغيثار الأسباني والنغمات الافريقية للفن الشعبي التونسي ...
مازن كان عضو في فرقة مزيكا ... وباين إنه أهم عضو فيها ... أول مرة اشوفه بيعزف وبيغني ... صوته الرقيق كان الابرز والاحلى .. أو أنا سمعته كده ... والشباب الفرحانين بنجاحهم ملاؤوا الدنيا رقص ... أنا وسطهم زي التمثال مصدومة بس منتشية ... مش عارفة ليه كنت مركزة في مازن وانسجامه مع البنتين الي معاه في الفرقة ...
من غير شعور ابتدى وسطي يتحرّك مع النغمات وإبديت أرقص لوحدي ... عينين مازن جات عليا والفرحة اترسمت على خدوده وهو بيغني ... ساعتين من الزمن برى الغم والهم الي عشته ... دي مش حفلة بالنسبة ليا ... دي حصة تفريغ شحنات سلبية ... رقصت لغاية ما التيشرت لصق في لحمي من العرق ...
وكعادة الحكومة في تونس انها تنغص عيشة الي جابونا ... رجال البوليس وقفوا الحفلة ... قال ايه إزعاج وإشغال مكان عام من غير ترخيص ... وطبعا الشباب ما رضيوش وعملو شوية شغب ... فاتقبض على الفرقة ومنهم مازن ...
حاولت افكه من ايديهم ساعتها بس ما عرفتش فلحقتهم لمركز الشرطة ... أول ما دخلت لقيت مازن وفرقته واقفين جنب الحيطة زي الحرامية ... فهمت إنهم مستنين رئيس المركز عشان يشوف هيعمل معاهم إيه ... إتكلمت مع ضابط هناك إني هاضمنهم يروحوا ولو فيه إجراء قانوني يتعمل فيعملوه عادي ...
أول ما دخل الضابط الكبير فيهم ... شخط فينا كلنا ... جيت أكلمه ..قام شخط فيا وقالي روحي أوقفي هناك جنب زمايلك ... وهنا الموجودين كلهم انفجرو من الضحك ... لولا شاف البطايق ما كانش صدق إني أمه ... والحوار خلص بعد شوية دروس عن التراخيص والملك العام والبتاع ده ...
في طريق العودة كنا زي السكرانين ... مازن واصحابه كانوا بيضحكوا من جنابهم ... حسيت إني مش غريبة عنهم فعزمتهم على فرح ماجدة ... ممكن حبيت اعرف سر الانسجام بين مازن والبنتين دول .. بس إتكسفت اسال فقلت اشوف بعيني ...
بعد كام يوم كان يوم الفرح ... بالنسبة ليا الموضوع كان موعد عادي ... فقدت إحساس أم العروسة ... زي اي وحدة غريبة معزومة في فرح ... بس لبست وإتشيكت كويس ... الفرح كان معمول في قاعة أوتيل كبير في أطراف البلد ... في شركة هي تكفّلت بوجع دماغ التحضيرات ده فكنت منفظة دماغي ... ماجدة تكفل بيها اصحابها ومنهم عشيقة زوجي وده خلاني اكره تواجدي بقربها ...
كنت باسلّم على الناس عادي بايتسامة مرة وبنفاق مرة ... العروسين والزفة والحفلة ابتدت والمعازيم قاعدين وأنا ما كانش في دماغي غير مازن راح فين ... معقولة هيدمر كل حاجة وما يحضرش حفلة فرح أخته ... الحفلة كان فيها فنانين كبار ... أكثر من نص الوقت عدى ومازن ما لوش أثر ...
في راحة بين الفترات الموسيقية دخل مازن ببنطلون إسود وقميص أبيض ... شعره متسرّح ومتأنتك على الآخر ... كنت عاوزة أجري وأسئله كنت فين ..لكن زمايله بتوع الفرقة دخلو وراه ... لابسين زيه وراحو ناحية المسرح بتاع الفرقة ... شوية كلام بينهم وبين العازفين ... ومازن مسك المايكرفون ... كنت شايفة وش ابوه أحمر وهينفجر ...
صوته العذب والناعم بيلعلع وسط الناس ... ثقة بالنفس وثبات ... مش بتاع واحد في سنه ... الناس كلها سكتت حسب اوامره ... ترحيب بالضيوف وتمنيات الهناء والرخاء للعروسين بعدين نظراته إترشقت في وشي ... وقال
" هدية للي خلتني أحضر وسطكم ... دي هدية لاغلى الناس عندي "
الناس كلهم سقفوا ومستغربين ... هما كانوا فاهمين إنه هيعمل حركة كده هدية لاخته ... بس أنا حسيت ومتأكدة إنه بيكلمني أنا ... أول ما ابتدى العزف الناس كلها كانت مشدوهة ... قاعة طويلة عريضة مليانة ناس من علية القوم تسبب الارتباك لاي فنان محترف ... بس هو كان واثق من نفسه ... اغنية لاموني الي غارو مني ... تسحر عينيك ... أغاني الغزل التونسية بألحان وميكساج عالمي وأداء ولا اروع خلى الموجودين يسحبوا موبايلاتهم ويصوره وبعدين أجبرهم إنهم يوقفو يسقفوا كثير بعد ما الوصلة خلصت ...
بنات كثير جريوا ناحيتهم يتصورو معاهم ... وسط الدهشة والإعجاب ده ...واحد بس كان مش عاجبوا الحال ... أبوه جيه جنبي وبيهمسلي ... " عجبك إلي بيحصل ده " ... برغم إنه كان عاجبني بس ما جاوبتوش تعمدت اغيضه ورحت عملت زي كل البنات وإتصورت معاه وأنا بابوسه من خده ... مش عارفة باغيض زوجي والا البنات الي باين انهم أعجبو بيه ...
الحفلة خلصت والناس روّحت ... وقفنا أنا ومازن نسلّم على الناس ... أول مرة يتشرّف بانتماؤوا للعيلة دي وبصراحة كنت فخورة بيه ... كنت متشعبطة في ذراعه كإنه حد هيخطفو مني .... اتطمنا على ماجدة وزوجها ركبو السيارة ... وكعادة التوانسة بعد كل فرح .. لازم اتكلم مع ده شوية واشكر ده وانافق دي ... ومازن بصراحة كان متالق جنبي ... الساعة قرّبت على الفجر ... الناس كلها روّحت... جينا نروّح ... لقيت زوجي ركب العربية وسابني هناك وروّح ...
الاوتيل بعيد عن البيت يجي 150 كيلو ... كنت بالعن سلسفيل أهله ... حاولنا نلاقي حاجة توصلنا فما لقيناش ... موظف في الاوتيل اقترح علينا نبات هنا وبكرة يشوفلنا عربية تبع الاوتيل ... ومن حظنا الاوتيل كله مشغول ومافيش غير غرفة وحدة وبسرير واحد كمان ...
مازن في الاول ما عجبوش الحال بس استسلمنا ... أنا رجليا وجعتني من الكعب العالي .. وعرقت واتزفّت في الحفلة ... دخلت آخذ دش وطبعا ما كانش معايا هدوم غير فستان السواريه ... طلعت متلحفة بفوطة ولافة شعري بوحدة ثانية ... لقيت مازن متغطي ونايم ... هدومه محطوطة بترتيب فوق كرسي التسريحة ...
وقفت كثير ياشوف جماله وبراءته وهو نايم ... بقالي سنين طويلة ما شفتوش كده ... نص صدره عريان والباقي متغطي باللحاف ... كسلّت البس السوتيانة والاندر من ثاني ... استحبت كده بالفوطة بس تحت اللحاف جنبه وحاولت انام ... كنت باتعمد اني ما اتحركش أو ما اتقلّبش عشان ما ازعجوش ...
كان نايم على ظهر وعينيه للسقف ... تهت في تفاصيل وشه البريئة كثير ... كإنه باعيد التعرف عليه من الأوّل ... وزي عوايدي لما اغيّر مكان نومي ما اعرفش انام ... أكثر من الساعة وأنا كده ... من غير حركة بس باتملى في وجه وصدر مازن ... شوية شعر بسيط نابت وسط صدره وحاولين حلماته ... مش عارفة ليه حبيت أداعبه ... بطرف صباعي دغدغت شعرة طويلة نسبيا على حلمة صدره اليمين ... وكإني ضغطت على زرار التشغيل ...
مازن إلي كان نايم زي الملاك إبتدى يرفّس برجليه لغاية ما رمى اللحاف على الارض ... وفجأة اتقلب ناحيتي ورمى ايده عليا ... إيده جات على صدري ... كف ايده بيمسك بزي الشمال ... إترعبت وما عرفتش اعمل ايه ... اسيبه والا أحركه ... لو حركته ممكن يصحى ويتحرج وهات بقى هالم الحكاية دي إزاي معاه ... فسبته شوية
مش عارف عدى قد إيه وأنا متثبتة كده ... إيد مازن ماسكة بزي وأنا من غير حركة ... وزي ما كنت متوقعة ما طوّلش كثير وإتقلّب ثاني ينام على ظهره ... اللحاف كان مرمي على الارض ... مازن نايم بالبوكسر بس ... البوكسر كان مشدود لفوق ... ما صدقتش عينيا ... الي يشوف تفاصيل جسمة ورقة صوابعه ونعومة جلده لا يمكن يتخيّل إنه في حاجة بالحجم ده مستخبية بين رجليه ... طب وده جابه منين وكبر إمتى ... أبوه ما عندوش نص الحجم ده ...
حسيت بمكان ايده على صدري لسة بيلسعني ... وريقي نشف وعرقت ووشي إحمر وإرتبكت ... اتقلّبت بهدوء الناحية الثانية وحاولت اغمّض عيني ... بس صورة نصه التحتاني بقت عاملة زي مسرح الظل تحت جفوني ... يا دوب كام دقيقة ومازن يتقلّب ثاني ...
إيده على صدري وحضني جامد ... العمود الي بين رجليه رشق فيا من ورى .... وبحكم إنه أطول مني بتاعه بقى بيحك بين فخاذي من تحت ... كنت فاكراه صاحي ... عدّل تقويسة جسمه عشان بتاعه يرشق بين فلقة مؤخرتي من ورى ....
حرارتي بقت أكثر من قرص الشمس ... كنت زي المتكتفة وما قدرتش اتحرّك ... ما قدرتش استحمل وإتسحبّت من بين إيديه ... نفسه وعينيه بتدل إنه في غيبوبة مش نايم بس ... هربت للدش ممكن المية تبرّد ناري ... صوت تلفون الغرفة بيرن وبعديه صوت مازن بتكلّم بصعوبة ... العربية الي هتروح بينا جاهزة ...
رجعنا البيت ... بس مش زي ما رحنا ... ذكريات الحضن الوردي البريء ده مش مفارقاني ... إعجابي بشخصية مازن الي عرفتها من كام يوم مع الاحساس بالذنب ناحيته ووقوعي تحت تاثيره والاتفاق الي ما بينا وشعوري بالفخر إني دفعته للنجاح خلاني شايفاه بعين مختلفة ...
بعد الفرح بيومين ... مع استرجاع عوايد النوم والتخلّص من ماجدة ... إبتدينا أنا ومازن نستنى ابوه يطلع وندعبس وراه في ورقه وحاجاته ممكن نلاقي حاجة تنفعنا ... بس من غير فايدة ... وزي عوايد زوجي إبتدى يمهدلي إنه عنده سفرية كام يوم وهيغيب على البيت ... كنت عارفة الحقيقة بس بصراحة ما بقتش تفرق ... أصلا كنت مستنياه يسافر ... ارتاح من قرف وجوده في حياتي ... وفعلا من بكره سافر
ويتصادف إن الدادة طلبت يومين راحة تسافر فيهم عالبلد عشان فرح إبن إختها ... فبقينا أنا ومازن لوحدنا ... البيت لما فضي مازن بقى بيتحرك بحرية... بساعدة ... بخفة غير مألوفة ... صحيت الصبح بدري على صوت طرطشة في المسبح ... مازن بيتمتع بالمياه الباردة ... رحت ناحيته عشان يطلع مالمية ...
مش عارفة ليه بس عينايا ما راحتش لوشه ... راحت بين رجليه ... بفعل حركة التقلص الي بيعملها الماء البارد .. في كروة أكبر من كورة التنس باينة من تحت قماش الشورت الخفيف ... مش عارفة هو لاحظ والا لا ... بس انا طول ما انا باتكلّم معاه ما رفعتش عيني من عليه ...
طول النهار وأنا في رغبة جويا بتحرقني إني أعرف هو مخبي إيه هناك ... حاولت اقنع نفسي إنه عيب وما يصحش بس ما قدرتش ... هو إكتشاف زي باقي الاكتشفات الجديدة فيه ... وعشان تكتشف الحقيقة لازم تعريها ...
في الليل مازن كان قاعد معايا يتكلّم عن ابوه وعن فكرة لسة بيضبطها في دماغه نرجع بيها الشركة والفيلا ... أنا ما كنتش سامعة ... فتحنا التلفزيون الي نادرا ما يتفتح ... وهدية تجيني من السماء ... فيلم رعب من النوع المرعب بجد ... مازن حب الفيلم أو ممكن حب إننا نعيش شوية وقت مع بعض ... وركزنا أنا وهو نتفرّج...
برغم إنه الفيلم كان مرعب حقا لكني ما تاثّرتش بيه ... دماغي كانت مشغولة برسم سيناريو مقنع يخليني أقرّب أكثر من مازن ويسمحلي اشفي الحمى المستعرة في روحي ...
الفيلم خلص وطلعنا ننام أنا وهو ... زي الي مستني نتيجة إمتحان كنت بامشي وأرجع بين حيطان الغرفة ... ألف حاجة تقلي لا ما تعمليش كده وحاجة وحدة تدفعني أعمل ... حاولي الساعة إثنين بالليل كنت تأكدّت إنه مازن راح في النوم ... إتسحبّت على غرفته ... خبّطت بشويش على الباب وفتحت حتى قبل ما اسمع منه إجابة ...
مازن صحي مالنوم مش فاهم حصل ايه ... قلتله أنا خايفة أنام لوحدي وطبعا كان لازم يجي ينام جنبي في سريري ... نص ساعة شبيهة بليلة غرفة الاوتيل ... مازن نايم على ظهره ... كان لابس تيشرت نوم خفيف ... كنت مركزة مع ملامح وجه إلي بتأكّد إنه في سابع نومة ... حركة شبه عادية برجلي ودفعت اللحاف لغاية ما وقع على الارض ...
شوية صبر إستنيت إني اتطمّن إنه نام ... عيني مركزة بين رجليه ... كورة التنس باينة من تحت قماش الشورت ... عملت نفسي باتقلّب وبشويش رجلي جات على فخذه ... كل ده وأنا حذرة إني ما أصحيهوش ... شوية وإبتديت أزحف برجلي على فخذه لغاية ما ركبتي جات على زبه ... بهدوء وحنية إبتديت أحرّكها شوية شوية لغاية ما حسيت بتفاعل تحت مني ...
زي الفرخة الي بتحسس فراخ بتفقس تحتيها ... الكورة إبتدت تتحوّل لخرطوم ... والخرطوم إبتدى بكبر تحت رجلي ... قماش الشورت الخفيف بيستهوي إيدي إنها تزحف ناحيته ... صوابعي بترعش على بطنه ... وبحركة سريعة وخفيفة إيدي إتزحلقت تحت الشورت ... زلزال ضرب صدري بالملمس العجيب ده ... نعومة وصلابة وقوة وحنية في عضلة وحدة ...
كل مقاومة بقت عبثية قدام الشعور ده ... بما إن مازن ما تحركّش بعد ما حاولت أمسك زبه بايدي فهو في سابع نومة ... إتشجعت وسحبت قماش الشورت لتحت ... عمود لحم قد نص ذراعي واقف ناحية السقف ... ندمت إني ما ولّعتش النور قبل ما أعمل كده ...
بس المهم إني طفيت نار الفظول جويا عشان تولّع نار ثانية في روحي ... أنا عمري ما شفت حاجة زي دي وعمري ما تخيّلت في اكثر أحلامي الوردية إثارة إنه في حاجة شبيهة بده ... أتاريها موجودة عندي وبتاعتي وقريبة مني ... "
هنا قررت أن تتوقف قصة فرح مؤقتا ... أردت فقط أن ألاحظ تفاعل أمي مع ما يصلها من إشارات ... لا اعلم أنامت ليلتها أم لا لكننا إلتقينا صباحا في المطبخ كالعادة ... عناق شبه معتاد متمنيا لها صباحا سعيدا .. ثم اردفته بقبلة بين الخد والشفة ... لا اعلم أحقيقة ما وصلني أم لا لكنها إرتعشت مع قبلتي ...
في بداية السهرة كنت اتوقع من أمي أن تركز منتظرة وصول بقية أخبار مازن ومنى ... لكني وجدتها اعدت مستلزمات السهرة ... تريد أن نشاهد فيلم كشبه عادتنا ... و هنا وصلتني الصدمة ... تريد مشاهدة فيلم رعب ...
الجزء العاشر
إقتراح أمي بعثر ترتيب أفكاري ... كنت حضّرت ترتيبا نفسيا مغايرا لأن تطلب مني مشاهدة فيلم رعب ... المقترحات كانت كثيرة ... أفلام من كل نوع ... شخصيا لم أكن من هواة هذه الأفلام ... طوال عرض الفيلم كان عقلي يسرح في خيالات عديدة ... هل ستقلّد أمي منى في فعلها ... لكن أمي سبق لها أن رأتني عاريا أو شبه عاري من قبل ولم تقم بخطوة جريئة ...
أحداث الفيلم كانت تتمحور عن شبح يحوم حول ضحاياه ثم يقضي عليهم ... لا أعلم أكان تمثيلا منها أم الحقيقة ... تفاعلها وردود أفعالها مع أحداث الفيلم تدل أنها مرعوبة ... مرة تصرخ ومرة ترتجف ... بالنسبة لي الفيلم الذي يعرض في عقلي من نوع آخر ...
إنتهى عرض الفيلم وكالعادة دخلنا في نقاش وتحليل بعده ... أنا إستعملت كل معرفتي وخيالي لتأكيد وجود الاشباح ... وهو ما إستغلته أمي ... لم تنتظر كما فعلت منى ... طلبت مني باستجداء وإلحاح شديد أن لا اتركها تنام لوحدها ... بحجة الخوف الشديد ...
قلبي كان يخفق حد الإنخلاع من ضلوعي وأنا أخطو أوّل الخطوات في غرفتها ... السرير مرتب والجو معطّر .. كل التفاصيل تدل أنها حضّرت ذلك ... دخلت الفراش النعام وانتظرت قدومها ... هي نفس التفاصيل الموحى إليها بها من قصة منى ومازن ... فقط الفرق في التوقيت أحداث القصة تدور في فصل الصيف ونحن نعيش برد الشتاء ...
الأغطية الصوفية تثقل أجسادنا ... تبعث الدفئ لكنها تعيق الحركة ... قبل النوم دار حوار طويل كقصّة ما قبل النوم بيني وبين أمي ... ربما هي سكرات النوم أو شيء آخر من دفعها إلى الاعتراف أنها اشتاقت أن تنام في حضن رجل ... فحضنتها ...
الاحتكاك الجسدي يولّد الحرارة و يولّد الرغبة ... بدأت اشعر بانتصاب خفيف بين فخذي ... تركت أمي و نمت على ظهري مقلدا مازن في كل شيء ... طال إنتظاري وعيل صبري ... السرير هادئ كسطح البحر في يوم صيف ... لا حركة فيه ... التظاهر بالنوم أصعب من السهر في حد ذاته ...
الدقائق تمر طويلا بلا فائدة ولا جديد ... فقط هي أصوات أنفاسنا يتردد صداها في المكان ... بعد وقت طويل بدأت يد أمي تتحرك ناحيتي ... وضعتها على ركبتي بحذر ثم تجمّدت ... كنت اشعر بنظرات عينيها تنصب على وجهي خشية أن توقضني حركاتها... رويدا رويدا بدأت تزحف بيدها إلى الأعلى .. مع كل أنملة تتقدم بها نحو ما بين فخذي كان إنتصابي يزداد ... ما إن وصلت يدها إلى وجهتها حتى أحسست برعشة أصابت معصمها وقلبها ...
هو العذاب اللذيذ بين أصابعها الرقيقة التي تحاول جاهدة الإحاطة بقطر زبي المنتصب كما لم أعهده سابقا ... كمن يكتشف أرضا جاهد كثيرا للوصول إليها كانت أناملها تجول صعودا ونزولا ... مرّة تقيس الطول ومرة تقيس العرض ... لم اعد اسمع صدى أنفاسها مما يؤكد أنها تحاذر أن اضبطها ...
لم يسعفها وزن الأغطية الصوفية أن تزيل الغطاء عني ومنعها رباط البيجامة أن تنسلّ اناملها تحتها فإستسلمت وأدارت ظهرها لي وحاولت النوم ... لم أقدر على الصبر كثيرا ... إستدرت ناحيتها وحضنتها بكلتا يدي ... يد تحت رقبتها ويد فوق صدرها ... ورددت لها الدين ... يدي تلامس نهدها الطري الحر تحت لباس نومها ...
لم تبدي أي ردة فعل لكنها عدّلت وضعية جسمها لتريح يدي من ثقل وزنها وهو ما جعل قضيبي يجد مكانا يرتاح فيه بين فلقتي مؤخرتها ... فلا هي نامت ولا أنا نمت ... فقط ليلة من العذاب اللذيذ بيننا ...
قبل شروق الشمس بقليل إنسلت من جانبي ونزلت للطابق السفلي ... صوت الأواني تصدم ببعضها يدل أنها تتعمّد اصدار ضجيج يوقظني ... تقابلنا في المطبخ كما لم نتقابل من قبل ... حضن صباحي طويل وقبلة صريحة على الخد قريبا من الفم ...
رغم تاثير النوم إلا أن قلبي كان سعيدا ... مضطرب المشاعر لكن قلبي كان سعيدا ... كنت اراقب حركات أمي تمر أمامي ... تفاصيل جسمها ... وجهها ضحكتها ... هنا لم يعد الامر مبهما بالنسبة لي ... لم أفهم كيف حصل ذلك لكني صرت منجذبا لامي ... وأمي صارت تحت تاثير القصص ... يمكنني التحكم فيها ... توجيه رغباتها لتتوافق مع رغباتي ... مع بعض الرفض الداخلي لما اشعر به وما أفعله ... بدأت افكاري تتشتت ...
قررت أن أواصل اللعبة معها ... ندمت كثيرا على تفويت فرصة التقبيل لما سالتني ربما لو تخطينا ذلك الحاجز لكان الامر أسهل الآن ... فعدت لموضوع القصة ... في تلك الفترة أصيب مدرسنا بنوبة زكام أبعدته عن المعهد لمدة أسبوعين ... وهنا كانت فرصتي ... ما ابعثه لها نهارا أجني ثماره بالليل ...
توفر الوقت لي بعيدا عن الدراسة مكنني من التحدث مع أمي المتفرّغة طول النهار ... كنت ألجأ لركن في أحد المقاهي وأتعامل مع أمي ... طبعا بشخصية منى ...
" من بعد الي حصل في السرير وأنا مش عارفة حصلي ايه ... طول ما مازن جنبي ببقى مرتبكة ... عيني نادرا ما تبعد عن بين فخاذه ... مازن الي بقى ملازم ليا في كل مكان طالما البيت فاضي ... أصلا كنت باتمنى ابوه يسافر ويروح بعيد عشان اقعد معاه وقت أكثر ... مش عارفة إيه السبب بس بقيت شايفة مازن هو الراجل الي أنا كنت استحقه ...
بعد كام يوم من الحوار بتاع إني مسكت بتاعه ... مازن كان بيزن عليا إنه الوقت خلاص أزف إننا نعمل خطة وننتقم ... وبما إننا مش عارفين اي تفصيل عن الشركة والحسابات مازن سالني عن الأرض أو المزرعة إلي أنا اصلا ما رحتهاش من سنين ... كل الي اعرفه عنها مكانها وإنها ارض كبيرة جدا ... وعشان كده مازن إقترح إننا لازم نكتشفها ممكن نلاقي حل ... وطبعا أنا ما ينفعش اروح لان الاكيد في حد من الفلاحين الي هناك هيقول لزوجي وده يهدم كل خطة ممكن تتبني بعدها
على مضض وافقت إنه مازن يروح لوحده ... ممكن الخوف عليه أو إني ما عدتش قادرة على بعده عني ... لكن قلت اهي فرصة أرتب أفكاري ومشاعري من غير اي تاثير عليه أو عليا ... وفعلا مازن سافر لوحده ... قال انه هيعمل نفسه عامل ورايح يدور على كام يوم شغل مؤقت في الفلاحة ...
وزي ما مازن توقّع ... أبوه ما لاحظش غيابه من اساسه ... أنا بس قلبي بيتقطع عليه ... أسبوع كامل بلايليه وساعاته الطويلة عدى عليا كإنه عمر ... كنت باعد الدقايق عشان اشوف مازن ثاني ... وهنا إكتشفت اني بقيت بأحب مازن بجد ... حب أكبر من حب الام لابنها ومختلف عن حب الحبيبة لحبيبها ... حاجة ميكس بين الإثنين ... أول ما شفت اسم مازن على التلفون قلبي اتخطف ... المزرعة ماكانش فيها تغطية شبكة وما اتكلمناش من ساعة ما سافر ...
عرفت إنه خلاص ركب سيارة الأجرة وراجع ... زي المراهقة المتلهفة لرؤية حبيبها ... رحت اسرّح شعري والبس واوضب نفسي ... بعد كام ساعة شفت مازن بيتسحّب من الباب على طول ناحية بيت المطور الي جنب البيسين وفهمت إني لازم الحقه ...
كنت هاعيّط من مظهره ... إبني الرقيق مش حمل بهدلة ولا أشغال شاقة ... إيديه إتورّمت ... وذراعته بتوجعه .. وبيمشي كمان بصعوبة ... زيد على كده ريحته المعفّنة ... أشفقت عليه وحسيت قد إيه هو مهتم إنه ياخذلي حقي من أبوه... من جوايا كنت متعاطفة معاه وحاسة بالذنب بس كنت فرحانة بالي بيعمله عشاني ...
رغم حالته دي حضنته وأكلت خدوده بوس ... هو كان محرج مني بس ما سبتلوش فرصة إنه يصدني ... مش عارفة عشان هو مش متعوّد مني بالحنية دي وإلا مكسوف ... فدخل على طول في الموضوع
هو إستسلم بس كان مكسوف ... وعشان ما يبلش هدومي بمية الدش رجع خطوتين لورى وإداني ظهره ... وممكن عشان ما يحسسنيش انه منزعج بوجودي راح يكمّل كلامه عن المزرعة والي عرفو عنها ... وإزاي إنه الميزة الوحيدة الي فيها إنها فوق طبقة مياه جوفية كبيرة وإنه إتحفر فيها كام بير في خلال كذا سنة عناية هتبقى جنّة وبتاع وكده ...
أنا ما كنتش سامعة هو بيقول ايه ... كنت مركزة فيه وهو غرقان صابون بين صوابعي ... قلتله يحط ايديه على الحيطة ويكمّل كلامه ... خلّصت دعك في ظهره ... ما بقاش دعك ده بقى تحيسيس ... رميت الفوطة وكمّلت بايديا بس ... مازن كان بيحكي بس كلامه إتلخبط لما نزلت ادعك رجليه ... كل ما اقرّب من بين فخاذه من ورى ... عضلات جسمه بتتشد وتتمطط ثاني ...
عجبتني الحركة فرحت مكرراها كثير ... كنت ثانية ركبي وقاعدة وراه ... الوقت الي قعدته باعدك في رجليه أكثر من اللازم بكثير ... ما كنتش عاوزة الحصة دي تخلص ... قلتله يلف أدعكله صدره وبطنه ... تردد كثير ورفض وأمام اصراري وسحبة شديدة من ايدي إستجاب ... وفجأة لقيت نفسي وشي في زبه على طول ...
خلاص ما بيقتش اسمع ولا انطق ... عينيا اترشقت في بتاعه ... وحسيت بجسمي كإنه النار قايدة فيه ... مش عارفة مسكت نفسي ازاي إني ما امسكوش بايدي بس عملت نفسي مش واخدة بالي .... وطلعت مرتبكة ...
بعدها كملنا كلامنا أنا ومازن .. كنت زي اي أم إشتاقت لابنها ... باحطله اكل وعصاير ... عملنا خطة ازاي نخلي زوجي يرجع الشركة والفيلا والحسابات باسمي ثاني ... والموضوع ده معقّد وما يحتملش نص غلطة ... إعتمدنا موضوع المياه ده ...
اسسنا شركة على النت وهمية ومنها بعثنا لشركة كبيرة في مجال التنقيب وكشف المياه ... على اساس تعمل دراسة .. الموضوع تطلّب وقت وفلوس بس أنا كنت فرحانة ... بس لوجود مازن جنبي ... إحساسي إننا بنعمل حاجة مع بعض خلاني اتشد لوجوده أكثر .... في الفترة دي ابتديت اتعود أحط ايدي على زنده مرة وعلى فخذه مرة ... حركات تبان عفوية وبريئة بس أنا كنت باقصد اعمل ده ...
بعد حوالي اسبوعين وصلتنا نتايج الدراسة ... مازن كان بيعرف ناس من الي بيشتغلو كومبارس أو جمهور في برامج التلفزيون ... استخدمنا واحد منهم وفهمناه الحوار بس مش كل الحقيقة ... العرض ما كانش هيترفض خصوصا الأجر والملابس وكام يوم العز الي هيعيشهم ...
الراجل ده تقمّص دور ممثل لشركة تعليب مياه معدنية كبيرة في شمال افريقيا وعاوزة تستثمر في تونس ... وراح حسب معاد يقابل زوجي ... الإتفاق كان إنه يحاول يقنعه يبعلهم الارض دي قدام مبلغ كبير و جزء من الارباح ... وده الي حصل ... واحد إبن كلب زي زوجي لا يمكن يتخدع بسرعة ... كان لازم يتدور ويتأكد بنفسه ...
موقع الشركة شغال وباين إنها شركة كبيرة وكمان لما طلب ووصلته نسخة من الدراسة تاكد كونه الموضوع جدي ... كان قلبي هينخلع لما قالي إنه مسافر يشوف الارض عشان مشكلة عقارية وكده ... كنت عارفة انه رايح يتأكد بنفسه ... يومين عدو علينا كإننا مستنين الموت ...
الاكيد العمال هيبلغوه إنه في ناس دخلت وعملت دراسة لكمية المية وده هيخليه يقتنع ... ولما رجع كانت المفاجأة ... سيناريو محبك منه إنه زهق من شغل الشركات والمكاتب وإنه عاوزر يرجع لاصله ويباشر ارض ابوه وجدوده ...مع شوية محلسة منه إنه ده هيديه فرصة انه يتفرغ ليا ولبيته شوية ونعوض السنين الي فاتت ..كنت باسمع وأنا قلبي بيضحك من شرايينه ... كان عاوزني ارجعله الارض وطبعا أنا اصريت إنه ده مقابل ده ...
وبما إني أنا حمارة في امور الاعمال والادارة ... أقنعني اننا نبيع الشركة ونشتري بثمنها عمارتين ونأجرهم ويبقى كده ضمنا الراحة ... فواز عجبه الاقتراح ده ... بس لسة فاظل الفيلا والفلوس ...
عملت نفسي مش مقتنعة وإني إزاي هافرّط في شركة بابا ومش عارفة ايه وهو كان بيتحايل عليا لغاية ما وافقت بس بشرط نرجع كل حاجة زي ما كانت ... وقدام المبلغ المعروض في حتتة الارض البور دي كان لازم يوافق ...
الامور ما اخذتش وقت كثير ... على آخر الصيف كان الحوار خلص ... فلوسي وشركتي رجعتلي والفيلا وحتى العربية مقابل اني بعتله المزرعة ... أنا بعت الشركة وإشتريت عمارتين أجرتهم لمصحة طبية ... يعني حاجة ما فيهاش وجع دماغ كثير ... وسبناه مستني الراجل بتاع شركة المية يكلمه وطبعا كان فص ملح وذاب ...
مازن كان هيروح الجامعة ... انا أصريت إنه يدخل معهد المهن الموسيقية ويكمّل في هوياته ... ساعتها كنا أنا وهو شخص واحد ... قبل ما يروح الجامعة بكام يوم كنا بنحكي أنا وهو عن المستقبل وايه المفروض يحصل بعد كده ... كنت عاوزة أطلب الطلاق بس مازن ما وافقش
بما إني كنت بانام في غرفة وهو في غرفة وفي حالة وجوده مازن كان بيختفي ... وبما إنه ما عندوش مبرر يغيب عن البيت ... فما بقتش أشوف إبني كثير ... وده خلى حالة الشوق تزيد في قلبي ...
زوجي حاول إنه يشغل وقت فراغه الدائم معايا بس انا كنت مصدراله الطرشة ... طالت الايام عليا رغم قلتها ... شوية شوية إبتديت أندم ... من ناحية فرحانة وشمتانة إني رجّعت فلوسي وخليت زوجي يلف حوالين نفسه من غير وجهة ... ومن ناحية وجوده في البيت بصفة دايمة بيبعد مازن عني ...
بالعافية أقنعت مازن إنه يرجع يقعد معانا على طاولة الاكل أو في السهرة ... الدربكة إلي حصلت في حياة أبوه ووضعيته كده متعلّق بين الامل والكذب على نفسه خلاه ينقص من حدة التعامل ... خصوصا غياب ماجدة عن البيت والتفاهم الجديد بيني وبين مازن خلاه يتغيٍّر من اسلوب المعاملة ...
كنت حاسة إني لسة ما شفتش غليلي من زوجي رغم إن كنت ياستمتع وأنا شايفاه يلف حوالين نفسه زي الفرخة الي ضيعت كتاكيتها ... بس ده ما كانش كفاية ...
كام يوم عدو كده بسلام ومن غير جديد ... مازن كان بيقعد معانا بس ما بيتكلمش ... الترتيب الطبيعي إنه أبوه بيقعد في راس الطاولة وأنا مقابلاه من الجهة الثانية ومازن على اليمين ... بس إنا غيّرت الترتيب وقعدت جنب مازن ... كنت لابسة ميني جيب إسود وهو كان لابس شورت خفيف ...
أبوه منغمس في الاكل وفي تلفونه ... الصمت الغريب والقاتل ده خلاني أنطق ... كنت باشاكس زوجي ... كنت باحس بالسعادة كل ما اشوفه منزعج وحزين ... كنت باحس بمازن بيضحك من جواه كل ما أزعجه كلامي ... وعشان أولع الجو أكثر و مش عارفة إزاي بس فتحت معاه موضوع المزرعة ...
مازن عشان يسكتني قبل ما أغلط أكثر في الكلام حط ايده على فخذي وقرصني بشويش ... مجرّد اللمسة دي صحت كل الذكريات الي لسة ما نسيتهاش ... وفعلا سكت وما نطقتش ثاني مش عشان انتبهت لحركة مازن بس لاني تهت في نفسي ...
مش عارفة ليه بس عجبتني اللعبة ... كنت باتلكك عشان افتح أي موضوع عبيط ممكن يثير شكوك زوجي ... وطبعا مازن يكرر نفس الحركة ... يحط ايده على ركبتي أو على فخذي ويقرصني بشويش عشان يسكتني ... من كثرة ما تماديت في الموضوع مازن ما بقاش يشيل ايده من على فخذي وطبعا ده الي كنت عاوزاه ...
أول ما إنفرد بيا إبتدى يلومني على حماقتي وغبائي وإنه ممكن نفضح نفسينا وبكده ممكن ما نسلمش من إنتقامه ...
تسلسل الاحداث خلاني مضطربة ... إكتشاف مازن من اول وجديد خلاني أحبه ... أحبه بجد ... ممكن عشان شفت فيه تعويض عن حب فشلت فيه ... صورة ثانية أكثر نقاء للمشاعر إلي ابوه شوهها ...
الايام إلي بعدها حاولت إني أتجنّب اللقاء والكلام معاه ... برغم إنه الايام دي عدت مريرة عليا بس تماسكت ... هو كان حاسس إنه فيه حاجة مش مضبوطة ... كنت باحس بأنفاسه حزينة بتحوم في البيت ...
أنا كنت باموت من جوايا لمجرّد إني تخيّلت إن الايام هتعدي كده من غير وجوده ... إشتقت لحضنه لكلماته لنظرة عينه لملمس ايديه ... مش عارفة إزاي العلاقة بيني وبينه إتقلبت من تقارب عنيف لتباعد شديد ... الفترة دي خلاتني اشوف الدنيا بنظرة ثانية ...
تصادف إنه في رابع يوم تنافر بينا تجيني زائرة غير متوقعة ... جيهان الي من قبل فرح ماجدة ما اتصلتش بيها ... غلبها الشوق أو ربما الفضول إنها تيجي تزورنا من غير ميعاد مسبق ... خلال إنفرادنا ببعض عملت بنصيحة مازن وحاولت ابينلها إنه حياتي ماشية بنسق عادي وإنه كل إلي حكيتهولها كان تهيآت مني ...
كنت حاسة بطيف مازن يطوف حواليا ... لا يمكن وجود سيارة جيهان قدام البيت ما يستفزوش ... بس ما شفتوش هو موجود فين ... إنتهت الزيارة الغير مرغوب فيها بكمية نفاق تسحب الاوكسجين من الجو ...
مش عارفة ليه بس كنت عاوزة أستفز مازن لاقصى درجة ... غيّرت ملابسي وحرصت إني اتأنق على سنجة عشرة ... ريحة البارفان تتشم من على بعد أميال ... ماكياج خفيف وفستان سهرة خفيف يدوب يوصل لنص ركبي ... كنت نازلة في السلم باتعمد إنه اعمل دوشة بالكعب العالي عشان الكل يسمع إني طالعة ...
لقيت زوجي في الصالون بيتفرّج على التلفزيون ... هو بس سالني إن كنت هاتأخّر وإلا لا ... كنت حاسة بعينين مازن بتراقبني ... بس ما شفتوش ولا كلمني ... عملت نفسي باتكلّم مع جيهان على التلفون ... كإني باسألها عن المكان الي هنتقابل فيه ... عملت نفسي باكتب العنوان في ورقة وكإني مش متعمدة نسيت الورقة فوق الطرابيزة وركبت السيارة وطلعت ....
طول الطريق وأنا باراهن نفسي إنه مازن هيلحقني ... دخلت المحل ... كان عبارة عن كافيه بيشتغل لغاية الساعة عشرة بالليل بعدين بيقلب لحاجة شبه الديسكو ... إخترت مكان في ركن بعيد وقعدت ... قلبي كان بيوقف كل مرة الباب بيتفتح ... بس ما يطلعش مازن ... اكثر من ساعة ونصف وأنا مستنية لوحدي ... برغم فيه شوية شباب حاولو يعاكسوني ويفتحو معايا كلام ...
وفي لحظة شفت طيفو بيدخل المحل قبل جسمه ... باين عليه التوتر والنرفزة ... عينيه بتلف في كل ركن من المكان بيدوّر علينا ... إتسحبت من وراه ومن غير ما يحس حطيت إيدي على عينيه وهمست في وذنه إتأخّرت عليا كثير ...
رعشة رعب مسكت جسمه وبسرعة فلت من ايدي ولف ناحيتي ... ملامح وشه والعرق بيبيّن إنه جابها مشي أو جري من البيت لغاية هنا ... كنت هأطير مالفرحة ... كسبت الرهان وفي نفس الوقت فرحانة بردة فعل مازن ناحيتي ... مازن إلي إتصدم من وجودي لوحدي وكلامي معاه ... آخر حاجة كان بيتصوّر يلاقيها ... إني أكون قاعدة لوحدي باستناه
شفت الصدمة في ملامح وجهه ... ساعتها بس عرفت إنه الوحيد في الدنيا الي بيهتم بيا ... سحبته وقعدنا في مكان يعتبر منزوي عالناس ... مازن كان شبه اخرص من الي حصل ...
وصلنا مكان هادي عالطريق السريع ... نزلت كنت باحاول إنه عيني ما تجيش في عين مازن بس عشان أسيب الفرصة لنفسي إني أفضفض ... حكيت لمازن كل التاريخ إلي هو ما يعرفوش وإلي أنا أصلا ما إنتبهتش إنه فاتني وراح ... حقيقة إني كنت مخدوعة في زوجي خلاتني ما إنتبهش لتفاصيل كثير في حياتي ... حكيت لمازن كإني بأحكي لنفسي ... وبصراحة كل ما كنت أفضفضله كنت باحس باهمية وجوده جنبي أكثر ...
مازن كان حاطط دماغه بين إيديه وبيسمع من غير أي ردة فعل ... المراوحة بين الذكريات الجميلة والحزينة والعمر إلي سرق أيامي خلاني في حالة إثارة نفسية مش مفهومة مرة دموعي تغلبني ومرة ضحكتني تسبقني ...
حسيت إني لو إتكلمت أكثر لساني هيسرقني وهاغلط في الكلام فسبت مازن يتكلم ... كلام مازن ماكانش غريب عني ... سمعته قبل كده أو بمعنى أصح حسيته قبل كده ... مازن بيكره الكل ... بيكره أبوه وبيكره أخته ... وتقريبا كان بيكرهني لحدود الشهور الاخيرة ... كل كلمة منه كانت بتخليني أتراجع عن الي في دماغي ... وكل كلمة بتشجعني أقرّب منه أكثر ... سبته يفضفض برغم إنه كلامه بيجرحني ... محور الكلام كله إنه كنت بعيدة عنه وعمري ما حس بوجودي جنبه ... من كثرة ما كرر الكلام ده في وذانه زهقت وتعبت ... حبيت أحوّل مجرى الكلام بينا لنوع من الدعابة الوردية ...
نزلونا مالسيارة وحملة تفتيش دقيقة للعربية على امل يمسكو ممنوعات .... كلام الشرطي الثاني معانا بيأكد إنه إحنا إثنين عشاق ... بصراحة عجبتني الفكرة دي وحبيت أكمّل فيها ... مازن الي طلع ورايا بسرعة ماكانش معاه أوراق ثبوتية وأنا عملت نفسي ناسياهم أو مش لاقياهم ... فجرجورنا على القسم ...
كنت ماسكة نفسي إني اضحك ومازن بيحاول يقنع الضباط إني أنا أمه وهما متمسكين إنه بيكذب ... تعليقاتهم إني لا يمكن أكون خلفت شحط زيه خلاتني اكمّل في اللعبة ... إتصلت بزوجي يجيب بطاقة مازن ويدوّر على أوراقي إلي هيا اصلا عندي في العربية .... الفجر قرّب وإحنا قاعدين في مركز الشرطة زي الحرامية ...
دخول زوجي إلي أثبت إني مراته وده إبنه فتح علينا مسورة دروس في الاخلاق عن عمايل الشباب والتعب إلي بيسببوه لاهاليهم ... كنت باستمتع وأنا شايفة وش مازن بيحمّر من الغيض وهو مضطر يوعد الضابط إنه يبقى شاب مهذب ويسمع الكلام ... وما يخليش امه تجري وراه في آخر الليل كده .... والحوار إنتهى ...
قدام مركز الشرطة زوجي حب يسال ويستفسر فأنا ما جاوبتوش و ركبت عربيتي ومازن معايا ... عجبتني اللعبة دي بصراحة
النهار طلع والناس رايحة اشغالها ... مازن كان حابب يضربني كعقوبة لما عرف إني كنت مخبية الاوراق في العربية ... ومش فاهم السبب ورى ده
سبت مازن من غير ما نوصل لنتيجة صريحة في كلامنا ... دخلت أنام ... البيت كان هادي ... زوجي ما عملش ولى ردة فعل على الي حصل ليلة البارح ... نوم النهار بيجيب أحلام ناتجة عن الواقع او صورة للي بتفكر فيه ... صحيت آخر النهار زي ما اكون باستعد للي هيحصل ...
اخذت دش دهنت كل جسمي كريمات ... لبست لبس بيتي بس مثير ... شورت قطني قصيّر وقميص من نفس النوع ما يغطيش بطني ... شفت نفسي كثير قدام المرايا ... منظر مؤخرتي المحشورة غصب عنها في قماش الشورت حسسني اني لسة مثيرة ...
نزلت تحت ... لقيت زوجي زي عوايده الجديدة بيتفرج على التلفزيون ... العشا جاهز حسب كلام الدادة ... زوجي اخذ مكانه وأنا قعدت بالجنب مستنية مازن الي ما إتاخّرش كثير عشان يلتحق ... صحنه كان محطوط جنبي ... من غير تفكير أخذ مكانه وقعد جنبي ...
عجبني في ردوده الهادئة عن الاستفسرات البسيطة من أبوه عن حوار مركز الشرطة البارح ... وبما إنه هو بيتكلّم ده الي اداني الفرصة إني أرد ردود فيها شوية إشارات للتمرد على قرارات ابوه وإنه هو ده الوضع الطبيعي من هنا ورايح ... كنت باتعمد إني استفز مازن انه يحاول يفرملني و يسكتني ...
ما إستنتش كثير مع نبرة صوتي المستفزة لزوجي إننا نتخانق ... مازن حط ايده على ركبتي عشان يهمزني إني اسكت وفعلا سكتت ... شوية ورجع ايده فوق الطرابيزة ... هو رجعها من هنا وانا رجعت لنبرة الخناق ثاني ... فاضطريته يسكتني بنفس الحركة ...
الموضوع إتكرر كذا مرة ... هو يشيل إيده وانا ارجع استفز ابوه ... مازن فهم انه زرار التحكم في صمتي هو ايده على فخذي فما شلهاش ... بقى بياكل بايد وحده ... شوية وقت ونزلت ايدي حطيتها على ضهر ايده ... الوضع كان مربك ومثير ...ايده الصلبة والناعمة في نفس الوقت خلتني اتفاعل معها ... بقيت بادعك في اصابعه الي اتغرست في لحم فخذي العريان والناعم ... شوية وابتديت احرك صوابعي على ذراعه ... باتفحص قوة عضلات معصمه ... وضعية جلوسنا جنب بعض خلا ذراعه تكون قريبة من فخذه ... مازن كان لابس بنطلون جينز ... حطيت ايدي على فخذه وعينيا متركزه على ابوه الي حاطط دماغه في صحن أكله وساكت ...
من غير تردد طلعت ايدي لغاية بين فخاذه ... حركتي الغير متوقعة تسببت في رجفة غير طبيعية لمازن ... زبه ماكانش منتصب ومع قماش البنطلون الخشن والحركة المفاجأة كان صعب انه يتحرك تحت ايدي ... مازن طلّع ايده من تحت الطرابيزة وعمل نفسه بيمثل إنه بياكل ...
ندمت إني إبتديتش الحركة دي أوّل ما قعدنا ناكل ... ابوه ما سابليش الوقت اني اوريه مفعول صوابعي على زبه ...هو قام من هنا وأنا سحبت ايدي وقمت وراه ... الحقيقة كنت خايفة أنفرد بمازن بعد الي حصل ....
قفلت على نفسي الغرفة ... شعور غريب إمتزج بين الندم والراحة ... برغم إني لمست زب مازن قبل كده بس المرة دي الموضوع مختلف ... شعور انه عارف اني بالعب في زبه خلاني دايخة بين الرغبة والخوف ... خوف من ردة فعله هتكون إزاي ... ليلة طويلة عدّت عليا استحال فيها النوم ...
مش عارفة غلبني النعاس إمتى بس نمت ... نمت برغم كل المشاعر الي بتتخانق جوايا .... مع أول نسمات الصبح صحيت ... على غير عوايدي في الفترة الاخيرة صحيت بدري ... الفطار كان جاهز ... جلست مكاني كإن مافيش حاجة حصلت ... شوية وزوجي إلتحق مستغرب من وجودي ....
حاول يفتح معايا أي موضوع يملأ عليه الفراغ إلي عايشه بسببي ... بس أنا ما تجاوبتش ... عدت كام دقيقة ومازن إلتحق بينا ... عدم إنتظام مواعدنا على الفطار خلى الشغالة ما تحطش الأكل غير لما الشخص يجي ... وطبعا الطرابيزة كانت فاضية ... مازن وقف كام ثانية متردد هيقعد فين ... كنت متوقعة إنه هيبعد عني ... هيختار مكان ثاني غير جنبي بس هو كذّب توقعاتي ... قلبي كان بينبض بكل قوة وهو بيسحب الكرسي و يقعد جنبي ... إختياره ده معناه موافقة صامتة على الي حصل في العشا البارح ...
أول ما الشغالة حطّت الاكل ومشيت وبقينا إحنا الثلاثة في جو من الصمت القاتل إبتديت أتلكك لزوجي عشان نتخانق ... برغم إنه قبل شوية كنت باتجاهل أسئلته ... وده سببله صدمة ... مازن الي فهم المقصود من حركتي دي من غير تردد حط ايده على فخذي عشان اسكت او اغيّر الموضوع ...
وده الي كنت مستنياه ... كرد فعل على حركته حطيت ايدي على ايده ومسكت صوابعه بين صوابعي ... بصوابعي الاثنين رحت بافرك في صوابعه ... في معصمه ... وفي ثواني كانت ايدي على ركبته بتزحف لفوق ... قماش البيجاما القطني سهل المهمة مقارنة بالمرة الي فاتت ... مسكت زبه بين ايديا ... كان نص منتصب مش عارفة من تاثيري والا بقايا انتصاب صباحي ... احساس زبه وهو بيكبر وبيعاند حركة ايدي كل ما لمسته خلاني في دنيا ثانية ...
كنت خايفة أشوف ردة فعل مازن فغرست عيني في الصحن وسبت ايدي تقود خيالي حسب امنياتي ... مش عارفة الزمن وقف والا انا تهت من نفسي ... ما انتبهتش غير على صوت كرسي زوجي وهو بيقوم من مكانه وبيطلب القهوة من الشغالة ... بقينا انا ومازن بس قاعدين ... المفروض إني اسحب ايدي بس في مغناطيس شدني ... في داخلي كنت خايفة من مازن هيقول عليا ايه بس خلاص هي وصلت لنقطة اللاعودة ...
مش عارفة السبب يا المتعة يا الحرج فمازن ما إتحركش من مكانه ... طال وقت الفطار أكثر من اللازم وقدوم الدادة كان اشارة لانهاء جلسة التدليك الصباحي اللذيذة ... مازن انسحب لغرفته بيحاول يخفي الخيمة الي عملها العمود بين فخاذه وأنا إتسمرت مكاني مستنية رجوع شفرات كسي لطبيعتها ....
غطست في البانيو وبطريقة صريحة من غير نفاق لعبت في نفسي وأنا باتخيّل نفسي مع مازن ... كنت مستنية أنفرد بيه وهاقله على كل الي في قلبي والي يحصل يحصل ... مازن إختفى طول النهار ... ما شفتوش في اي مكان ... حاولت اتصل بيه بس النمرة ما تردش ... التفكير أخذني لكذا مكان ولكذا حته ....
نزلت ادوّر عليه في كل مكان ... مش موجود ... الدنيا ظلّمت وابتدت تبرد ... وقفت كثير جنب المسبح ... الاكيد إنه مختفي في الوكر أو المخبأ ... من غير تردد دخلت أدور عليه وفعلا لقيته قاعد هناك ... الدنيا ظلمة وبالعافية قدرت اشوفه ... هو كان حاسس بوجودي بس ما اتكلمش ...
كده فجأة من غير مقدمات ... من كثرة الصدمة كل الافكار في دماغي اتخربطتت ... برغم إن الاطباء اكده إنه سبب الوفاة هو مرض قديم في القلب ما إتعالجش بس كنت حاسة إني أنا الي قتلته ... مش بس أنا مازن كمان كان حاسس بده ... فاجعة الموت بتمحو كل الي قبلها ... خصوصا الذكريات السيئة ...
بعد الدفن ومراسم العزاء ... لا انا ولا مازن قدرنا نشوف عينين بعض ... هو خلّص كل حاجة بكلمة " ما تجوزش عليه غير الرحمة " ... برغم كل المشاعر السودة الي كان بيحملها تجاه أبوه بس رغم كل شيء ده ابوه ... تواجد ماجدة الي فقدانها لابوها افقدها بريق الحياة في عنيها ... وده زود من عذابي ...
حاليا الموضوع عدى عليه ستة أشهر ... مافيش اي كلمة اتفتحت بيني وبين مازن من ساعتها ... حاسة بندم أو بتأنيب الضمير بسبب الي حصل ... وعشان كده أنا كلّمتك ...
هنا أردت فقط ان ارمي الكرة في ملعب أمي ... قصة مازن ومنى سحبتها وعاشت معها بكل تفاصيلها وتفاعلت معها بكل جوارحها ... كل ما أردته فقط هو أن استنتج ما وصلت اليه أمي في افكارها ... دراما حزينة تفقد القصة طابعها الوردي وتوشحها بالسواد ... هكذا هي الحياة ...
تعللت منى بتأخّر الوقت وأنها ستعاود الحديث معها غدا لأخذ رايها بحكم أنها الخبيرة في ميدانها ...
على ما اعتقد أن تلك الليلة مرّت على أمي أثقل من هموم الزمن كله ... وهو ما آلمني بحق ... صباحا تركتها وخرجت ... لم البث أن إنزويت في ركن مقهى مستنفرا كل جهود عقلي للحوار الفاصل بين أمي وبيني كشخصية منى ... أحسست أني أحطتها بالإيحاءات الواضحة في كل قصة رويتها لها ... جنس المحارم وإن ثقل على النفس لكنها تقبّلته بل وتفاعلت معه وشجعته في بعض الاحيان ... هنا كان عليا ان اضع فكرها على المحك ...
إتصلت بها منى طالبة النصح ... الحق يقال ان أمي إكتسبت خبرة فوق ذكاءها لمعالجة الموضوع ... بخطى الخبيرة المختصة جعلت تحوّل فكر منى لاقناعها أولا ان ما حصل هو قضاء لا مفر منه ... وأن لا يد لها في ما حصل لزوجها وأنها لم تخطأ في عقابه ... فلا هي سممته ولا طعنته ... هي فقط إنتقمت لكرامتها باخف الوسائل سحبته منه القدرة التي هي وفّرتها اليه ... والقدر لعب دوره ...
صراحة الفكرة استحسنتها على لسان منى بل ووصلها الشعور مني ان منى إقتنعت بكلامها ... جمل إطراء طويلة انهت حوارا امتد على طول اليوم حتى المغيب ... كلمات شكر وإطراء من محدثتها تنم عن إمتنان لتخفيف عبئ عذاب الضمير الذي أزاحته عن صدرها مع التواعد على التحدث غدا ...
عدت للبيت خفيف الروح سعيدا لا أدري لماذا ... ناديت أمي طويلا لكنها لم تجب ... لا أكل في المطبخ ولا حركة في البيت ... وجدت امي في الشرفة ترسل نظرها للافق ... مستغربا وجودها في مثل هذا التوقيت والجو هناك ... قالت انها تريح عينيها من أثر الكتابة والجلوس وراء شاشة الحاسوب طوال اليوم ...
مع إستنكارها لاقتراحي بأخذ راحة من عملها دون تقديم أسباب ... إقتنعت أن أمي تعاطفت مع شخصية منى واصلا أصبحت تعيش همومها ... كتعويض داخلي مني تحججت بعدم وجود أكل في البيت ودعوتها للعشاء خارجا ... مع بعض المزاح الخفيف حول عدم قدرتي على تحمل مصاريف مطعم فخم وافقت ان نتوجه الي مطعم غير بعيد عن البيت ...
المطاعم في فصل الشتاء تصاب بحركة من الركود ... خصوصا بالليل ... حالة التيه والتفكير جعلت امي تلقي عليا عاتق إختيار ما نأكل ... وأمام تلك الحالة التي اعرف سببها قررت التدخل في الموضوع شخصيا ...
قصتي استثني منها فقط الطابع الجنسي والعاطفي ... رغم أني كنت اتوقع ذلك من أمي لكني أصبت بنوع من الخيبة ... كنت اتمنى لو أنها تطرّقت حتى باقتضاب لذلك كي أوجه افكارها مباشرة دون الحاجة للإيحاءات لكنها راوغتني ... كنا نأكل ونتحدث بهدوء ... او بالأحرى كنت استمع بمتعة ... ثم جاء دوري للكلام ... أردت أن ابدو في شكل الناصح المساعد ...
أنا كنت سعيدا بذلك ... إن اشركتني أمي في مشكلة منى ولو بإحتشام شديد اليوم فبيدي أن اضع عقدة امامها تجعلها تلجأ لي وتفتح موضوع العلاقة المحرمة بينهما وهو حجر الاساس الذي اريد بناء الخطوة القادمة معها ...
في الغد كنت متلهفا لتلقي رسائل أمي لتنصح منى ... وفعلا فقد إتبعت كلماتي بالتفصيل وخطوة بخطوة ... فقط وضعت بعض لمساتها في الحوار ... نصحت منى بجلب كلب ذكر لمازن ... وأن تشير أنها لا تطيق ان تحضى أي أنثى أخرى بإهتمامه غيرها ومنها تعيد العلاقة الي النقطة التي توقفت فيها ... والباقي هو رهين قرارها ....
مر أسبوع على نفس الشاكلة ... أمي تعيد عليا ما حدث بينها وبين منى ليلا ... ونهارا أستقبل ما بذرت في عقلها في الليلة الفارطة ... الا أنها لم تشر لا من بعيد ولا من قريب لموضوع رغبة منى في الحصول على إبنها ... هي فقط تحاول تصوير الموضوع على انه خوف طبيعي من أم على مستقبل علاقتها بإبنها ...
وهذا ما استفزني ... أمي صارت تعيش في مخيلتها مع أبطال قصصي بل وتتقمص أدوارهم ... ذكريات تلك الليلة لما قلّدت منى في إكتشاف ما أخفي تحت ثيابي لم تفارقني ... سبب تأثير قصصي في أمي هو أنها نابعة من رغبة حقيقية فيها ... وهذه الرغبة غذاها تجاوب يبدو حقيقا منها ...
كنا في يوم خميس ... لم أزر المعهد منذ مدة ... فقط متفرّغ لامي ومحاورتها ... سئمت هذه الوضعية فقررت وضع حد لما يحصل إما أن أواصل وإما أن أدفن تلك الرغبة تحت لحود العلاقة العادية ويكفي ما فعلته حد الآن ...
إجابات أمي كانت غير مباشرة ... توحي بالتشجيع لكن بإحتشام ... لم تدخل أبدا معها صلب الموضوع ... وهو ما زاد في غيضي ... بدأ الحوار بين منى وأمي طبيعيا لكن ببرود أكثر ... برود لم تستغه أمي ... رغم أنها كانت تقوم بتشجيع منى على مواصلة إعادة العلاقة بينها وبين مازن ... مما دفع منى للإنتفاض بعنف على أمي ...
في طريق العودة للبيت كان عقلي يرقص بافكاري ... هي خلاصة هذه اللعبة إن فتحت أمي الموضوع أمامي فعندها سيمكنني تحديد خطوات ما تبقى وإن واصلت في تجنبي سأنهي هذا الأمر ... هو قرار نهائي ...
كعادتها في الأيام الأخيرة ... كثيرة الذهول ... مرّ وقت العشاء والسهرة رتيبا لا حديث فيه سوى كلمات مقتضبة ... رغم محاولات العديدة لسحبها في الحديث لكنها لم تتجاوب ... ومنها وصلتني تلك الإشارة ... قد إنتهى الامر ... ويكفيني انها لم تكشف أمري لحد الآن ...
كثرة الاجهاد الفكري جعلني أنام لوقت متأخّر والغريب في الامر أنها لم توقظني حتى ... خرجت بعد منتصف النهار على غير هدى ... مررت على دكان العمدة الحلاق ... عاتبني كثيرا على غيابي ... أنا منذ مدة لم أركز في لعبتي وفي شبكتي ... كأنها حالة إقتناع بما جنيت منها فأهملتها .... مع حالة الفراغ التي سأدخل فيها بعد الآن قررت أن أعود لممارسة هواية لا أهواها لكنها تعود عليا بمداخيل قد أحتاجها ...
سئمت من العمدة وثرثرته فخرجت أحوم على غير هدى في المدينة حتى ثقلت خطواتي ... إخترت ركوب سيارة تاكسي تعيدني للبيت وقبل أن أدفع ثمن التوصيلة وجدت أمي وتيسير تتمشيان جنبا لجنب في آخر الشارع ... غيابي الطويل عن الدروس جعلها تقلق وتأتي مستفسرة للبيت ... فقط هي نظرات قاتلة من أمي عن سبب غيابي ... فلا انا أجلس في البيت معها ولا انا أذهب للمعهد فاين كنت ؟؟؟؟
فكرة سريعة مجنونة ألفت فيها عذرا لغيابي هو إلتحاقي بمعهد آخر أتعلم فيه فنون الرسم بالابعاد الثلاثية والرباعية والخماسية ... والدليل أني أعود للبيت بالتاكسي لبعد المكان ... فكرة خلّصتني من ثقل أسئلة تيسير وزرعت حقل اسئلة في عقل أمي ...
ما إن إنفردت بي في البيت حتى عادت سيرتها الاولى ... صراخ وتقريع ولهجة عنيفة في الكلام ... حاولت ان لا اتصادم معها لكني لم أتمالك نفسي ... كررت نفس الحركة الاولى ... أمسكت يديها اللتان تتراقصان امام وجهي ودفعتها على الكنبة محاولا شل حركتها ... ثم حضنتها بعنف محتملا كل إهتزازاتها ...
عناق طويل بينهما بعد غياب يعتبر طويلا عمن كانتا لا تفترقان إلا نادرا ... ساعدت السائق في إنزال الحقيبتين الصغيرتين ... قبل أن تعانقني خالتي معاتبة عدم التصال بها إنطلق هدير السيارة بعيدا ... دخلنا البيت متعانقين ثلاثتنا .... عشاء خفيف مما أعدته أمي ...
خالتي لم تتمالك نفسها للتساؤل عن سر التغيير البارز في حياتنا ... ملابسنا .. أثاث البيت ... حالنا ... قالت انها كانت تخاف علينا مما سيحصل لنا في غيابها ... أمي فقط أجّلت الحديث للسهرة ... أو حتى تنفرد بها ... إنتهى العشاء وكان يتوجّب عليا الانسحاب لفسح المجال أمامهما للانفراد ففعلت ...
كنت أحاول إشغال نفسي في جهاز اللاب توب حتى وصلني صوت إتصال ... الصوت يصل خفيفا من غرفة أمي ... بحثت عن هاتفها ... كنت أهم بأن أحمله نحوها في الأسفل ... لكني أنا المتصل بها بحثت عن هاتفي فلم أجده ... ربما أمي وجدته في الاسفل وتريدني في شيء ما ...
لكن الصوت الذي وصلني عبر الهاتف من تحت يؤكّد ان الاتصال وصل خطأ ... بعض الضجيج ممزوجا بكلمات يؤّكد أن الهاتف محشور تحت إحدى الوسائد ... رغم أن الصوت ليس بالوضوح اللازم لكني كنت أفهم ما يحدث ... وقفت عند آخر السلّم والهاتف في أذني ...
خالتي إستولت على الحوار كله ... تحكي لامي ما فعله زوجها ومدى تورطه في قضايا فساد وأنه بالعودة لما يحدث من تصفية حسابات سياسية سيكون هو أحد أكبر أكباش الفداء... وأنها فقط عادت لتونس لمدة أسبوعين للقيام ببعض إجراءات بيع الفيلا والسيارة وسحب بعض الأموال من الحسابات خشية أن تقع مصادرتها ... كمية الأسرار التي ألقتها خالتي على مسامع أمي كانت كفيلة بالزج بأحدهم في السجن لسنوات ...
طال وقوفي اللذيذ ... وبدأت ساعات الليل تنساب سريعا ... كنت اسمع صوت نحيب خالتي من صدمتها ومما حصل لها مع بعض كلمات المواساة من امي ... إنتهت تلك الجلسة ولم تفتح أمي موضوعنا لكني كنت متأكد أن الأختين لن تخفيا شيئا عن بعضهما والدليل أن خالتي فتحت خزانة خفاياها لأختها دون خجل ...
أعدت هاتف أمي لمكانه ماسحا كل أثر... وألتحقت بغرفتي متظاهرا بالنوم ... لن أترك فرصة إنتزاع إعترافات أمي التي تخفيها تفوتني ... ولن أترك الأمر للصدفة ... مع بزوغ الشمس كنت خارج البيت ... مع رفع أول ستارة باب محلات الكترونية إقتنيت مجموعة كاميرات مراقبة وسماعات من أجود الأنواع ...
للتغطية على غيابي في هذا الوقت المبكّر إشتريت كل ما يلزم إفطار صباحيا من فئة الخمس نجوم ... دخلت البيت محاذرا إيقاضهما لكن عبثا حاولت مع الباب الصدء ... قبل أن تخطو أمي خطواتها الأولى في الطابق السفلي كان صوت خالتي المتثاقل قد سبقها مستعجبا ما افعل ... نفس الدهشة رسمت على وجه أمي مع ملامح أخرى لم افهمها ... سببها نشاطي الغير معتاد ....
ردا على تساؤل أمي الممزوج بالغيرة والحيرة ... قامت خالتي بمعانقتي كتعليل لحركتي بأني حبيبها المفضل ... لم أركز كثيرا في رد فعل أمي التي اهتمت بتحضير ما تبقى من لوازم الأكل ... خروجهما لقضاء بعض الشؤون فسح لي المجال لزرع كل الآلات اللازمة في كل مكان خفي لا تصله عينهما ... ثم استسلمت للنوم ... عودتهما مساءا كانت إشارة لي باليقظة ... كل مشاعري متحفزة لسماع ما يدور بينهما ...
لكن الكلام إنحسر فقط عن لقاء ببعض السماسرة وإجراءات البيع ... رحت أقلّب كفيا ألما ... المؤكد أن الحديث الذي كنت أروم سماعه حكي وهما بالخارج ... فقط هي خالتي التي تتذمّر من إستغلال السماسرة تعجلها البيع لتخفيض الأثمان ...
طال جلوسي دون جدوى ... وهكذا مرت الليلة الثانية بلا جديد ... يبدو أني لن أصل الي ما اريده ... لن أكتشف ما تفكر به أمي ...
في اليوم الموالي كان يتوجب عليا الخروج والا إكتشفت أمي كذبي بشان العمل مع القناة الأجنبية ... شغّلت تقنية التسجيل ربما يكون غيابي فرصة لامي للفضفضة على راحتها .... وفي مثل حالتي لا يسعفني أحد سوى شخص يثرثر قرب اذني يمنع عني التفكير فلجأت لدكان العمدة ... طول الجلسة بيننا مع كثرة أسئلته دفعنا لفتح باب السمسرة والبيع والشراء ... وطبعا شخصية منتشرة إجتماعيا كالعمدة لن تخلو قائمة معارفه منهم ...
آخر اليوم عدت للبيت متظاهرا بالانهاك والتعب ... حتى العشاء لم أشاركهما فيه ... لجأت للغرفة متفحصا ما التقطته سماعاتي علي اشفي غليلي ... هي نصف إجابة ... خالتي التي أصرت على معرفة سر التغيّر في أحوالنا حاصرت أمي حتى بدأت في الاعتراف ...
أكثر من خمس ساعات وهي تحكي بالتفصيل كل ما حدث من ساعة سفرها حتى اليوم ... لكن كل ما قالته أعرفه ... لعبة الهاتف ثم البرنامج والرحلة الصيفية والحريق تلاها برنامج التكوين في علم النفس حتى وصلت الي العمل على النت عن بعد ...
الغريب في الأمر أن خالتي لم تعلّق على الأمر ... خذلت آمالي وخلت أنها نهاية طموحاتي ... أصوات مباشرة نطقت فجأة عبر السماعات ... ما فهمته أن سبب ذلك الصمت أن أمي تركت خالتي تطالع وتستمع لكل القصص الواردة عليها في مدونتها ...
هنا اصابني الرعب ... قدوم شخص بعيد عن الأحداث والصورة يمكن أن يكشف السر ... فلا خالتي عاشت ما عاشته أمي ولا وقعت تحت الضغط المخطط ولا إتبعت الخطى التي رسمتها لها ... هي الآن تعتبر قارئا مرتاح الفكر والتفكير ... وهو ما من شانه تقويض كل ما بنيته من البداية لا بل ومن شأنه أن يفضح كل ما فعلت ...
بدأ قلبي يدق في أذني مع سماع أول كلمات تخرج من حلق خالتي توجهها لامي ... كنت اسمع نبضي يصمني ... فقط إقتنعت أنها النهاية وبدأت افكٍّر في مخرج سريع وآمن لكل ما حصل ... ولكن أي كذبة ستنجينني من هذا .... نبرة صوت خالتي تدل على استغراب شديد وهو ما ذكى نار الرعب في أوصالي ...
كنت مقتنعا أن دفاع امي عن وجهة نظرها مرده الخجل أو الحفاظ على صورة الام النقية المتفانية في عين اختها لا غير ... هي مكابرة نفاق للسترة لا غير وهو ما أكبرته فيها ... هكذا هي اسرار البيت لا يجب ان تخرج من جدرانه حتى للجدار الشقيق ... لكن خالتي قامت بدور لم اطلبه منها ... وتستحق المكافأة عليه
إنتهى الحوار بينهما بشبه شجار أنهته أمي بأنها أقسمت لو أنها فتحت هذا الموضوع ثانية معها ستطردها من البيت وستقطع علاقتها بها نهائيا ... نبرة صوتها دفعت خالتي للتراجع وإنهاء الموضوع ... لم انم ليلتها فقط كنت مستلقيا على السرير تعصف بيا الاحلام والكوابيس في نفس الوقت ... هي مسالة وقت فقط نعود للانفراد ببعضنا ولنرى ما سيحدث
صباحا قابلت خالتي على الإفطار وقد تغيّرت ملامحها بفعل ما حصل بالامس ... أثار الندم بادية على وجهها ... أمي رفضت حتى مرافقتها لمقابلة السمسار ... تطوعت للقيام بذلك ورغم إحتجاج أمي لكنها لم تمنعني ... فلو فعلت ذلك سيكون إشارة الي ان أمرا جللا حصل بينهما وهو ما لم ترد أمي أن تطلعني عليه فوافقت على مضض خشية ان تفتح خالتي موضوع الليلة الفارطة معي ...
قابلنا أحد السماسرة الذي عرض عليها شراء كل شيء مقابل مبلغ يبدو محترما ... كادت خالتي توافق خصوصا ان نقوده جاهزة والامر سينتهي بمجرد إمضاء العقود والتسجيل ...حتى زوجها استعجلها عبر الهاتف ان تنهي وتتصل بمن سيوصل لها الاموال للخارج ... لكني تدخّلت وأجلت موعد الإمضاء للغد ... أمام إستنكار خالتي تعطيلي اياها طرحت عليها فكرة زيارة العمدة ...
صديقي الحلاق رحب بنا ترحابا كبير وفي لحظات إشتغلت شبكة علاقاته ... تقابلنا مع رجل يبدو انه من اصحاب الخبرة في العقارات ... إستغرقت زيارة ممتلاكتهم اليوم بطوله إنتهت باتفاق على مبلغ يفوق ما عرض عليها صباحا ... والموعد بعد غد بعد الثبت في سلامة الأوراق ... كنت اشعر اني قد سددت كل ديوني مع خالتي بما فعلت ....
أمي التي كانت تتلضى بنار الانتظار أمطرت هاتفي بالاتصالات ... إستقبلتنا عند الباب مستفسرة طول غيابنا ... كنت اعرف سبب قلقها لكن قول الحقيقة طمأنها ... مرت تلك الليلة لا جديد فيها سوى بعض المحاولات من خالتي ارجاع الامور الي نصابها مع أختها ... فقط هي أشادت بخصالي وقدرتي ومعارفي متمنية لو كان مروان إبنها يمتلك نصفها
أحسست ان الزمن يعوض عليا كل ما فات ... إنتهت إجراءات البيع والتسجيل وتهريب الأموال ... هو ليس تهريبا بل طريقة تحيّل بسيطة مقابل عمولة تسلّم أموالا تونسية هنا لشخص ويسلّمك آخر في أروبا مبلغ باليورو ... هذه العملية تسير في الإتجاهين من هنا ومن هناك ...
خالتي التي سحبت كل أرصدتها وأرصدة زوجها وباعت كل ما تملك لم يعد يربطها بوطننا سوى أختها وبعض الذكريات ... توجهنا لمكتب أسفار و حجزت موعد عودتها مبكرا ... كردّ للجميل منها أو مكافأة لي وضعت في يدي ظرفا كبير في رزمتان من الأوراق النقدية ... قالت إنها عمولتي في الفارق الذي كسبته ...
إحتراما لحميمية العلاقة بينها وبين أمي ولكل ما فعلته لأجلنا لم أتصنت على ما جرى بينهما تلك الليلة ... أغلقت حتى خاصية التسجيل تاركا إياهما ينفردان ببعضهما في ليلة وداعمها الاخير ... رغم كل شيء فأمي تحب خالتي وإعلان الفراق النهائي سيكون ثقيلا حتما على قلبها ... فتركتهما تتسامران للوداع
نمت طويلا دون تفكير ليلتها ... لحظات الوداع في أروقة المطار كانت ثقيلة ... هو الوداع حتى لو كان مؤقتا شعور ثقيل قاتل ..ناهيك إن ودعت جزء من نفسك وللابد ... طارت خالتي تاركة أمي في حزن ما بعده حزن ... بيتنا الذي دخلته بعض الحركة لبضعة أيام عاد كئيبا أكثر مما كان في الايام الأخيرة ... حتى خطوات أمي بدت مثقلة ....
وضعت أمامها الظرف الذي سلّمته لي خالتي ... قيل قديما أن الفلوس وضعت على وجه الميت فتبسّم ... النقود لها مفعول السحر على البشر حتى لو لم تكن تحتاجها ... عودة الروح قليلا في وجه أمي دفعني لدعوتها للخروج ... دعوة على العشاء ... قالت أنها غير جاهزة لذلك ... ورغم أن ظرف النقود لا يزال بين يديها إلا أني شعرت انها تريد المزيد ...
وضعت يدي في جيبي وسحبت بضع ورقات نقدية ... طلبت منها ان تذهب لمركز تجميل أو الي كوافير ... على ان نلتقي آخر النهار في البيت ... قبل خروجي وكحركة عادية منها لشكري أمسكت وجنتي بأصابعها تقرصني من خديّ وطبعت قبلة على شفتي ... كاد يغمى عليا من الصدمة لكني تمالكت ...
أمي التي إستنكرت وبشدة قول خالتي تعمل بنصيحتها ... تقريبا الصورة أصبحت واضحة أمامي ... أمي تفكّر أو لنقلها صراحة تشتهي الفعل المحرّم لكنها تكابر فقط ... عملية كسر الحدود التدريجية أتت أكلها ... لكنها عملية إفتراضية ... مجرّد أفكار لم تختبر بعد على أرض الواقع ...
سحبت مبلغا ماليا كبيرا نوعا ما ورحت أتجوّل في المدينة ... دخلت أحد محلات الصاغة ... خاتم رقيق ذوقه راقي مرصع بحبة ألماس صغيرة وعقد يتماشى معه في الزخرفة إستنزف ثمنها نصف ما أملك ... توجهت لمركز تسوق اختار طقما فخما يمكنني لبسه في المناسبات الرسمية ... حذاء لامع مريح في قدمي ... ثم أنهيت اليوم في دكان العمدة الذي تفنن في تهذيب شكلي ...
حوالي الساعة السابعة كنت في غرفتي وقد تجهزت للخروج ... صوت حركة خفيفة من غرفة أمي المغلقة يشير إلى أنها تجهّز نفسها ... طال إنتظاري ... كشأن أي رجل ينتظر خروج إمرأة ... بدأت أتمشى جيئة وذهابا محاولا رسم سيناريو أسهّل به الموضوع على كلينا ... فجأة قفز في ذهني حوار أمي وخالتي آخر مرة ... نعم هناك قوة خفية تقود كلينا الي مصيرنا ... وإن كان الأمر كذلك سأتبع خطة الأحداث دون تدخّل ...
فجأة سمعت طرقا خفيفا على باب غرفتي ثم وجه امي المشرق يطل من خلف الباب تكسوه حمرة خجل خفيف ... لم أكد أرفع عيني من الأرض حتى تعلّق نظري بركبتين تلمعان فوق قصبتي رجليها البيضاوان كحد فاصل بين الصلابة والليونة ... فخذاها المكتنزان قليلا محشوران تحت قماش تنورة سوداء تتقاطع مع قميص أبيض مقتوح من الصدر فاسحا المجال لقياس خط الحب الفاصل بين ثدييها ... إبتسمت كثيرا لم رأيت رقبتها خالية من اي مجوهرات ...
صافرة إعجاب طويلة مني بأناقتها وكلمات إطراء على تهذيبي ... مسكتها من يديها وقمت بلفها مرتين في الاتجاهين وعينيا لا تفارق جسدها تعبيرا عن إعجابي ...
طوال الطريق للمطعم كنت أمسك اصابعها بين اصابعي ... أداعب خاتمها القديم ... هي لم تدرك مغزى فعلي لكنها لم تعلّق ... إخترنا نفس المطعم الذي بدات فيه قصتنا ... أصبح بعض العاملين فيه يعرفوننا وهو ما إنعكس على حفاوة الترحيب ... المطعم كعادته ليس كثير الزبائن ... صوت ذلك المايسترو يداعب الباينو الظخم أمامه يبعث سحرا في جو المكان ...
النور الخفيف لم يمنع وجه أمي من التألّق ... تركت حرية الإختيار لامي التي اعجبها تهذيبي والتزامي بالبرتوكلات ... قالت اني صرت ابدو كرجل صغير ... تعليق ساخر مني مغلفا ببعض قلة الادب المستحسنة دفعنا للضحك
بعض الزبائن ممن تعودوا الهدوء امتعضوا من ذلك لكن الامر كان عاديا بالنسبة لنا ... مكان جلوس تلك الشلّة قريبا منا جعل أمي تركز معهم طيلة الجلسة ... مما دفعني للاستغراب ...
الكلام لم يكن مفهوم المغزى لكنه لمس وترا يتراقص أصلا في صدر أمي ... وللخروج من دائرة التفكير في عقلها وبنبرة شبه متحدية لي قالت
ولو أننا لم نعرف اي أنغام تعزف لكننا تماشينا مع الحدث ... خطوات رقيقة قليلة لفت بعدها أمي يديها على رقبتي ومنها تشجعت ووضعت كفيا على خصرها الرقيق ... كانت أنفاسها تلهب قلبي مرورا بجلد رقبتي ... الكل كان ينظر لنا ... ويتابع حركتنا باهتمام ... رغم كل شيء ففرق السن واضح بيننا ...
بعض الهمسات كانت تصلنا غير واضحة وهو ما شعرت به من خلال ارتباك أمي التي أرادت قطع الرقصة قبل نهاية اللحن لكني منعتها بان ضغطت على خصرها وسحبتها نحوي لتخفي رأسها في صدري هروبا من الجميع ... مع نهاية اللحن وبقلة ذوق غير معهودة من الحاضرين لم يصفقو بلهفة او باهتمام ...
بضع حركات بسيطة كمجاملة أو نفاق للمايسترو لا غير ... وجه امي الذي إعتلته فجأة مسحة من الحزن دفعني للقيام بالحركة المجنونة ... ركعت على ركبتي أمامها وسط الجميع وسحبت علبة الخاتم وفتحته أمامها ... ثم ألبسته إياها مكان خاتم والدي ... حركتي صدمت الجميع وشلّت حركة أمي
علت أصوات التصفيق والتنهيدات المكان مع صوت المايسترو يصدع أن يبارك الجميع للحبيبين ... هنا جاءت اللحظة التي كنت أنتظرها وطبعت قبلة على شفتي أمي ... قبلة مطبوعة لا تشابك فيها لكنها تسببت في رجفة لكل أوصالها ... أمي التي كانت تتملى في قطعة المجوهرات ربما للهروب من نظراتي المتفحصة لردة فعلها ... أبدت إعجابها بذوقي ...
ربما كانت تريد الهروب من ردة فعلها على قبلة هي من بادرت بها قبل سويعات في البيت ... قبل المغادرة وقد أفسد عيد ميلاد أحد الحاضرات من الشلة الجو الرومنسي الهادئ للمكان توجهنا للحمام ... كنت أفكر في ما حصل متخيّلا ما سيحصل ... مجرد تلك التخيلات بعثت الروح في قضيبي الذي انتصب كمارد مختنقا بقماش البنطلون ...
وجدت أمي في المساحة المشتركة في الحمام تقف أمام المرآة ... طلبت منها الوقوف دون حراك .. وجهها للمرآة وظهرها ناحيتي ... بحنان الدنيا طلبت منها ان تغمض عينيها ... سحبت علبة القلادة من جيبي ووقفت ورائها محاولا تثبيتها في رقبتها ... دقة العملية تطلبت مني أن اقترب منها لألاصقها ويرتطم قضيبي الصلب بفردتي مؤخرتها اللينتين ....
لا اعلم اهو الشوق لاكتشاف ما علّقت فوق صدرها أم ردة فعل على انتصابي جعلها تفتح عينيها ... مشهد القلادة تتأرجح بين مفرق ثدييها دفعها للانحناء تجاه المرآة لترى بوضوح أكثر ... مع حركتها أصبح زبي مباشرة بين فردتي مؤخرتها دون حرج ... عيناها تنظر للقلادة وعينايا تغوص في انعكاس صورة ثدييها أمامي ... وكإعلان صريح عما افعل أمسكت خصرها بكلتا يديا وسحبتها للخلف ... حركتي أربكتها لكنها لم تمانع بل إلتفت نحوي بحذر وطبعت قبلة طويلة على شفتي ... قبلة كسابقتيها تبدو سطحية لكن توقيتها طويل سرقني من الزمان والمكان ... ودون أي كلمة يمكن أن تكسر الجو السائد بيننا غادرنا ...
طوال الطريق في التاكسي كنت أمسك يدها مداعبا الخاتم ... وجود السائق منعنا من الحديث ... وصلنا البيت حوالي منتصف الليل ... أمي أسرعت لغرفتها بينما دخلت انا الحمام محاولا التخفيف من ضغط انتصابي ... خلعت البنطلون والقميص والسترة وبقيت بالبوكسر وتيشرت حفيف ...
كنت أقف في المطبخ اشرب كأس ماء مع كل ذكريات هذه الليلة ... فجأة شعرت بيدين تلتفان على بطني بحنية ... أمي التي تسللت حافية من خلفي تحضنني من الظهر وهي تضع رأسها بين كتفي ... مع ملمس يديها لبطني تضاعف حجم قضيبي الذي صار منحوتا بكامل تفاصيله تحت قطعة القماش ...
اللعنة على هذا الحذاء ... كلما تقدمت به خطوة للأمام إلا وازداد الألم في رجلي ... الم رجلي يذكرني بألم نفسي ... حذاء حسام ابن خالتي القديم ... كل ملابسي وكتبي وأدباشي هي ما تخلّص منه حسام ... أو أمه إن صح التعبير ...
مذ وعيت على الدنيا وأنا البس ما ضاق عنه ... ادرس بكتبه القديمة ... حتى بطني لا تشبع إلا عند زيارتنا لبيت خالتي ... لم احتج يوما على وضعي ... في بداية سنين الطفولة لم يشكل الأمر عائقا لي ... بل بالعكس ... لكن الطبيعة لم تشأ إلا التضييق عليا في كل تفاصيل حياتي ... طبيعة لم تستوعب أن أمي براتبها البسيط لا تستطيع توفير ملابس جديدة لي ... فلماذا ينمو جسمي لأسبق في المقاسات جسم حسام ...
حذاء ضيق وبنطلون يجاهد في وسطي أن تنفلت احد أزراره ... وقميص يضيق على صدري أكثر مما يضيق صدري بهمومي ... مع ضيق الحذاء يزيد ضيق الحال من معاناتي ... ديون أمي عند صاحب الدكان القريب من بيتنا تجبرني أن اسلك مسافة كيلومترات يوميا بين المسالك الفرعية لاقتني حاجياتنا من مغازة وسط البلد ... وأعود متبعا متاهة من الأنهج الضيقة المتعرجة بخطايا العرجاء من الألم ...
الكيس البلاستيكي بدأ يجرح أصابعي ... أحد المقاعد الخشبية على ناصية الطريق ... كان ملجئي من الألم المضاعف ... وضعت الكيس بجانبي وأخفيت راسي بين راحتي علي ارتاح ولو مؤقتا من عذابي الدائم ...
وضعية جلوسي فرضت عليا النظر غصبا عني لحذائي ... ماركة عالمية معروفة ... كان غالي الثمن حال شرائه ... في بلدنا نعرف القيمة الاجتماعية للشخص من حذائه ... إشارة تقطع كل أمل لي في المستقبل ... لن أكون الا مستودع قمامة لما يتخلّص منه ابن خالتي ...
خالتي أكبر من أمي بسنوات قليلة ... متزوجة من موظف كبير في الحكومة ... مرتب مرتفع ... منصب مهيب ... سيارة إدارية ... مسكن وظيفي ومساكن أخرى فرعية للتصييف ... الموظفون السامون هم من يتخذون القرارات المصيرية للدولة ... يتحكمون بالميزانية ... بتقسيمها ... اغلبها تصرف لتوفير ظروف عيش مريحة للموظفين ورغم ذلك يرتشون ...
أمي تزوجت بعد خالتي بسنتين ... تزوجت أبي عن حب ... أبي لم يسعفه الحظ في الانتساب للوظيفة العمومية ... كان صاحب مكتب حسابات ... أنا لم اعرف أبي إلا من الصور ... توفي وأنا لازلت أتعلم المشي ... تركني أتعثّر في خطواتي ...
مقارنة بين صورة خطواتي الأولى المتعثّرة ... حذاء صغير جميل عليه رسوم ميكي ماوس و يد والدي القوية الحنونة تسندني عن بعد ... الآن وأنا تجاوزت الثامنة عشر ... خطواتي لا تزال تتعثّر في حذاء قديم يقضم أصابعي ... والسبب فقدان يديه لتسندني ...
طعم مالح انسل لشفتي من دمعة سكبتها عيني ... طالما بكيت خلسة ... لا أعلم هل ابكيه أم ابكي نفسي ... لكني اشتاق إليه ...
نسمة باردة تدغدغ ضلوعي تعلمني أني تأخّرت في العودة ... الم مضاعف مع إسراعي في المشي خوفا أن أتأخر عن أمي ... أمي التي لعبت دور الأب والأم في نفس الوقت ... صارمة وذكية ولا تفوتها النسمة المتسلّلة من تحت الباب ... تراقب كل حركاتي تخشى عليا من كل شيء ومن أي شيء ...
تقول دائما أني ثروتها التي استثمرت فيها عمرها ... هي ستبلغ الأربعين قريبا ... أرملة منذ ما يزيد عن ستة عشرة سنة ... تحمّلت الوحدة والفقر والغم لأجلي ... *** آخر يزيد في ضيق صدري ...
انا عن نفسي لم أكلفها شيئا سوى مصاريف الأكل ... نسكن في بيت تركه لنا والدي ... البس ما ترميه خالتي لي بسرور بصدق أحيانا وأتظاهر به أحيانا... اجتهدت في دراستي فلم أكلفها مليما في دروس خصوصية بل كنت اكسب مصاريفي من إعداد بحوث الدراسة لزملائي المرفهين...
نجحت في البكالوريا بتفوّق ... انتظر التوجيه ... أريد الالتحاق بإحدى كليات المحاسبات ...
كنت أحلم أن أصبح محاسبا كأبي ... أن أحقق حلمه وانجح في عمل هو يحبه ... هدف لم ينصفه عمره أن يصل إليه ... استقبلني مشهد سيارة خالتي تقف أمام بابنا ... زادت نفسي ضيقا ... دفعة أخرى من ملابس ستحشر فيها كرامتي قبل جسمي ... ومشاعر مصطنعة مني بالعرفان بالجميل ...
دفعت الباب الحديدي الصدأ بعنف ... صوت قرقعته هو حمايتنا من زائر غير متوقع ... نظرة لليمين والشمال للحديقة الصغيرة ... حركة لا إرادية أهيئ بها صدري و عضلات وجهي للابتسام لمصدر الذل في حياتي ... مع وصولي للباب الخشبي ... صمت يوحي أن قدومي قطع موضعا مهما بين الأختين ...
سلام حار مصطنع مني وبارد حقيقي من خالتي ... وضعت كيس المقتنيات في المطبخ ... وجلست بعيدا عند باب الصالون ... أثاث بيتنا لا يزال يحتفظ برونقه رغم مرور السنين ... لم أكن استمع لما يدور بينهما ... لكني متأكّد أن وجودي تسبب في تغير الموضوع ... لا اعلم لماذا لكني كنت مستمتعا بتأثيري السلبي عليهما ...
طال وجودي الغير مرغوب فيه مما اضطر خالتي للانصراف ... تابعت خطواتهما وأمي توصلها للباب ... أمي أجمل منها بكثير ... فقط الملابس الفخمة هي التي تمنح خالتي تألقها .. وربما تسريحة الشعر والحذاء العالي الذي يرفع مؤخرتها ... كذلك الماكياج ....
أمي في بيجامتها المترهلة تبدو أجمل منها ... لا توجد امرأة أجمل من أمي ... حكمة لا أعلم أين سمعتها .... طالت وشوشتهما عند الباب فانسحبت لغرفتي ...
منزلنا مكون من طابقين ... على الطراز الأمريكي ... غرفة معيشة او الصالون يستقبلك عند دخول البيت بأثاثه ومكتبته, في آخره على اليمن مطبخ مفتوح بمصرف رخامي اجتهد أبي أن يتناسق مع ألوان الرخام فيه ... شبابيك بلورية كبيرة تطل منها بعض شجيرات الزينة من حديقتنا الصغيرة ... انعكاسها كلوحة زيتية تفنن رسام مجتهد أن يبرز تفاصيل الروح الساكنة فيها ... بجانب المطبخ حمام كبير يتوسطه مغطس مدور يتسع لثلاث أشخاص بالراحة ...
الطابق العلوي مكوّن من 3 غرف ... غرفت نوم أمي وغرفتي وغرفة ثالثة ... حرم موت أبي جدرانها أن يسكنها أخ أو أخت لي ... تلك الغرفة مغلقة دائما ... أمي ألقت فيها كل متعلقات أبي ... وأغلقت على ذكريات زمن جميل لم أعشه ... يفصل بين الغرف ممر واسع ينتهي ببوابة بلورية تستقبل نور الشمس من شرفة نصف مستديرة ...
طال الوداع بين أمي وخالتي مما يوحي أن أمرا مهما تطلّب نقشا مستفيضا بينهما ... لجأت للحمام أعالج ورم رجلي من اثر المشي بالحذاء الضيق ... الماء البارد يخفف توتر مسام جلد أصابعي الغضّة ... برودة الماء أشعلت رغبتي في الاستحمام ...
نصف جسدي مختفي في المغطس البارد ... برودة علها تعالج التهاب روحي وجسدي ... شعور نفسي بالضيق والاختناق ... لم أجد له مبررا ...
أغمضت عيني وحاولت أن أتخيل واقعا غير هذا الواقع ... نصف الغرق ونصف الطواف ... نصف البرد ونصف الحر ... نصف الواقع ونصف الخيال ... لا اعلم أين تاه بي خيالي البسيط وكم استغرقت رحلتي في اللامكان واللازمان ... واللافكرة ...
نقر خفيف على الباب سحبني للدنيا ثانية .. صوت أمي تعلمني أن العشاء جاهز ... ملتحفا بمنشفة نصف مهترأة تخفي نصف جسدي السفلي وقطرات ندية تداعب مسام صدري ... ارتديت شورت قصيرا كان يعاني ليجف في حبل معلّق في شباك الحمام الضيق ...
لم اسرّح شعري وعري الصدر حافي القدمين ... لا تزال أصابعي تصارع للعودة لوضعها الطبيعي ... استقبلتني أمي بابتسامة ساخرة ... هي شديدة الاهتمام بصحتي ... لم تعلّق كوني لم استر صدري من نفحات نسيم بداية الصيف الباردة ... على غير عادتها ...
جلست قبالة أمي على طاولة الطعام ... بحكم الخبرة .. كلما وضعت امي صحني مقابلا لعينيها فتلك إشارة أني سأتلقى مجموعة من الأوامر ... حاولت أن انظّم أنفاسي وأخفي ارتباكي الغير مفسّر ...
بضع قضمات من أجنحة الدجاج التي تسبح وسط صحن المرق غمستها بصمت غير مفهوم ... صمت قطعه صوت امي الصارم والحنون في مزيج عجيب كالمزيج الذي أتناوله في صحني ...
- عجبك الاكل ؟؟؟
- حلو زي العادة ... مش عوايدك تسالي .. ما انا بآكل كل الي بتطبخيه ... في ايه ؟؟؟
- لا أبدا اصلك لازم تاكل كويّس اليومين دول يا حضرت الضابط ؟؟؟
- (تجمدّت يدي التي تمسك قطعة الخبز) ضابط ؟؟؟
- ماهو هو ده الموضوع الي اتفقت عليه انا وخالتك ؟؟؟
- إتفقتو ؟؟؟
- ايوة ... انت جايب نتايج ممتازة في البكالوريا وزوج خالتك هيتوسطلك انك تلتحق بأكادمية عسكرية أو أكادمية الشرطة أو الحماية المدنية .. انا كلمت خالتك وهي هتكلم زوجها
- يا سلام اتفقتو واتكلمتو وأخذتو القرار وانا آخر من يعلم
- هو انت شايف حاجة ثانية (بلهجتها الصارمة التي اعتادت ان تقمع بها كل بوادر إحتجاجي)
- ايوة شايف (محاولا التحكم في ارتجافي وخوفي من ردة فعلها)
- شايف ايه ؟؟؟ (تزايدت شدة حزمها)
- (القيت قطعة الخبز من يدي ولاوّل مرّة في تاريخي ارفع عيني مباشرة فيها متحديا) انا عاوز أطلع محاسب زي بابا ... عمري ما إتخيّلت نفسي ضابط ...
وضعية جلوسي ووقوفها توحي بتفوقها عليا ... كنت أتحاشى النظر في عينيها ... وفي نفس الوقت روحي تتوق للتحدي ... فلم تسقط نظرتي للطاولة أو الصحن بل استقرّت في مفرق صدرها الأبيض ... طالت كلمات أمي أمام صمتي ... أحست أني استسلمت وتقبّلت قرارها ...
دون شعور ولأول مرة ثانية ... أتحداها ... وقفت وضربت بكلتا قبضتي على الطاولة ... قلّدت كل حركاتها ... لأول مرة أتكلم وأنا أساميها وجها لوجه ...
- حسام يروح أكبر الجامعات ... وأنا أروح الجيش ... لو كان الموضوع زي ما حضرتك بتقولي ... مش كان اولا بيه يضمن مستقبل ابنه ... ماهو مش معقول هيكون بيفكّر فيا اكثر من إبنه ...
- (نظرة الانكسار والدهشة في عين أمي شجعتني على المواصلة مع تلبكها في الكلام) ... ماهو ...
- ماهو ايه ؟؟؟ ... هو يتعلّم وينبسط و يروح الجامعة وأنا أتخنق في الجيش والحياة الرسمية ... هو أنا مفروض عليا كل حاجة ضيقة عليا ؟؟؟ ... بنطلونات اصغر مني ... جزمة بتاكل صوابعي مع كل خطوة ... عايزين تحشروني في وضيفة أضيق مني طول عمري ... ليه ؟؟؟؟ ... ايه ذنبي ؟؟؟
- ذنبنا اننا فقراء ... ذنبك انك يتيم ... (أحسست بالغبرة تخنق امي ... كأنها تكتم بكاء دفينا) ...
- (انا انفلتت الدموع غصبا عني لتغرورق بها حدقتي وتحجب عني وضوح الرؤيا) يعني كله من بابا إلي مات وسبني مش كده ...
- (تقدّمت مني امي وحضنتني بعنف الي صدرها الطري) ده قدر يا ابني ... يا حبيبي انا عملت كل الي اقدر عليه ... دي فرصة انك تطلع من مستنقع الفقر ده ... كلية محترمة ووظيفة مضمونة ومستقبلها كبير ... وكمان وده الاهم مافيهاش مصاريف ... بالعكس دي بتاخذ فيها منحة ...
- (أردت الرد لكن حضنها خنق تمردي ... احاطت براسي وسحبتني لصدرها بعنف )
- يا ابني انا عاوز اشوفك بخير مش كفاية عمري راح هدر بمغامرات ابوك ... با ابني انا عاوزة اشوفك راجل مالي هدومك ... تتزوج وتفتح بيت وتبقى سيد الرجالة ...
انفلت من بين ذراعيها ... والدموع تملأ وجهي ... الم أصابعي وضيق الحذاء وضيق الحال ... كل شيء تقبّلته إلا أن تمس صورة أبي أمامي ...
- هو أنا قدري اني أكون كيس الزبالة بتاع حسام ... بالبس هدومه القديمة وما اعترضتش ... الجزمة الي بتخليني اعرج واتحملتها ... فضلات اكلهم ... المنة الي بيتكرمو بيها علينا ... هو انا ذنبي ايه ... مش راضيين تخلوني اعيش العيشة الي باختارها ...
- (كلماتي هزمت مشاعر امي فانفرط الدمع سخيا على وجنتيها الحمراوين) يا ابني الي زيينا ما عندوش رفاهية الاختيار ... اسمع كلامي انا اعرف مصلحتك ...
- (أحسست دموع امي ستهزمني في النهاية) ... عاوزاني ابقى راجل مال وهدوم بالصدقة ثاني .... كل حياتي سكند هاند ... عاوزاني اتزوج ... تصدقي احيانا باتخيّل اني هاتزوج وحدة كان بينيكها حسام ولما زهق منها رماها لي
فتحت الباب ... حافي القدمين ... عاري الصدر ... اجري دون وجهة ... كنت أهز راسي لاطرد ذكريات الدقائق الأخيرة ... تهت من جديد في اللا فكرة ... فقط أجري بعيدا عن البيت
ربما إحساسي بالتخلّص من ملابس حسام ... ثورتي على أمي ... رفضي لوضع فرض عليا ولم أختره .. كل هذه الأحداث دفعت فيا شعورا بالسعادة ... هي سعادة ممزوجة بالندم ... سألقى عقابيا نضير ذلك لكن لا يهم ...
لا اعلم كم شارعا قطعت وأنا اركض حافيا شبه عاري تحت انوار الفوانيس النصف معطّلة ... فقط اركض هربا من واقع سأعود إليه حتما ...
صراخ صبيتين صادفتاني وانأ أجري ... ارتعبتا ظنا اني أحد المجانين المنتشرين يرعبون المارة في شوارعنا ... رعبهما أصابني بالخجل من نفسي ... أسرعت أكثر فأكثر ... الإسفلت المحدب بدأ يجرح رجليا ... كنت اشعر بلزوجة تحت قدمي .... لا أعلم اهو ددمم أم قيح تقرّح ... لكني لم أتوقف ...
واصلت الركض هربا من البيت في اتجاه البيت ... لقد صدقت أمي من هو مثلنا لا يمتلك رفاهية الاختيار ... مع اقترابي للبيت بدأ نبض قلبي يتزايد بفعل التعب وبفعل الرعب ... امي ستقتلني ... انا متأكّد ...
تسورت حائط الحديقة بخفة وحذر القطط ... شجرة مشمش عقيمة كانت ملجئي للاختباء ... من ردة فعل أمي ومن ردود فعل شارع لن يتفهّم ما يحدث لي ...
النور الخافت في الصالون ينسل متحديا ظلمة الليل ... من خلف بلور جاهدت امي في تنظيفه ... كنت أراقبها تجلس على الكنبة ... تضع رجليها على حافتيها وتسند رأسها بركبتيها ... تكوّر الانكسار الذي لم أعهده فيها ...
بدأ ضميري يؤنبني ... هممت أن أدخل البيت معتذرا ... لكن عما سأعتذر وأنا الضحية ... طال مكوثي في مخبئي ... انتصف الليل ... حيرة أمي لغيابي دفعها للنمطي أحيانا والتكور أحيانا أخرى .. اقسم أني سمعت نبض قلبها الحنون من هنا ...
نظرة تجاه الباب والأخرى تجاه الساعة ... ثم تعود للتكور ... كنت اسمع شهيق بكائها ... طال انتظارها وطال صبري ... لن أعود للبيت الذي لم أغادره ....
رحت أراجع حواري العنيف معها بدقّة ... هي بالتأكيد تريد مصلحتي ... الوظيفة القارة ... فرصة للنجاح في الحياة دون مصاريف ومعانات ... هي بالتأكيد معها حق ... لكني لن البس حذاءا أضيق مني طول العمر فقط لان معها حق .. أنا لي الحق في الاختيار ... ربما فرصة للتحدي فقط ...
كلمة عمرها الذي إضاعته مغامرات أبي هدرا لا تغادر تفكيري ... مالذي فعله ابي قبل موته جعلها تشعر بالندم الآن بعد صبر السنين ... لو خانها او شيء من ذاك القبيل ما صبرت كل هذه السنين وفية لعهدها معه ... امي جميلة وكان يمكن ان تتزوج غيره بسهولة ...
رفعت راسي علي أجد في انعكاس صورتها إجابة على سؤالي فلم أجدها في مجلسها ... قبل ان تبدأ حيرتي ... اهتز صدري رعبا لصوتها يقول ... " إدخل البيت ... الدنيا برد عليك " ...
لم أشأ ان يتأزّم الوضع أكثر ... إحمرار انفها ووجنتيها اللذان تحديا ظلمة الحديقة يعلماني انها ذرفت دموعا كثيرة ... لكني لن استسلم ... كنت اسبقها بخطوتين وتلحقني أصوات تخرج من انفها تودع بها حالة بكاء طويلة ...
أثار الدماء التصقت بجليز الصالون الرمادي ... حاولت ان تقترب مني تستطلع امر جروحي لكني نهرت يدها التي لامست كتفي ... تراجعت قليلا للوراء ...
قبل ان تبدأ بالكلام ... طلبت منها بنبرة جافة وخشنة مفتاح غرفة أخي الذي لم تحمل به ... قبل ان تستفسر عن السبب ... أجبتها سؤالها الذي لم يسأل
- عاوز اقعد شوية مع بابا ... عاوز اتكلّم معاه
رائحة العتمة تخنق أنفاسي ... الغرفة مغلقة منذ سنين ... غرفة فارغة يتجاوب صدى انفاسي المرهقة مع جدرانها ... القليل من غبار الزمن على بعض الكراتين ... فقط ثلاث صناديق ورقية كبيرة هي كل ما يوجد ... حضنتها كأني أحضن عمري الذي ضاع مع غياب صاحبها ... صوت نقر سقوط دموعي على سطح إحداها وهي تشكل دائرة تحوّل الرمادي إلي البني دفعني لفتحها ...
البوم من الصور القديمة ... مسحت الغبار عنها ... ملامحي تشبه ابي الي حد لا يصدّق ... صوره وهو في مثلي سني ... مسرورا متحديا الدنيا ... ملابسه فخمة حسب طراز زمنها ... وقفته الشامخة ... صوره في الجامعة ... في الرحلات ... في ملهى ليلي مع أترابه ...
المثير في الأمر ان ضحكته وابتسامته لا تفارقه ... اعتقد انه استهلك نصيبي ونصيبه من السعادة في تلك الصور ... انا لا اضحك ولا أتصور ...
صور له ولامي على شاطئ البحر ... بريق عيني امي وهي تنظر له تؤكد عشقها له حد الجنون ... امي جميلة في ملابس البحر ... لم تغيّر فيها السنين شيئا سوى بريق الحزن في عينيها .... وضعت صورة كبيرة مؤطرة في اطار خشبي مذّهب امامي ... وفتحت قلبي لكل ما لم اقل له بعد ... لا اعلم هل سمع مني كلمة بابا قبل رحيله ام لا ...
اقسم اني رأيت التأثّر في عينيه رفقة بحالي ... بكيته وبكيت عليه وبكيت له ... شيء ما في عينيه يدفعني أن افتح الصندوقين ... إخترت أكبرها ... ملابسه كلها هنا ... بنطلونات جينز ... قمصان ... سترات كثيرة ... حالتها تبدو جيدة رغم كل الإهمال .... بدأت انفض الغبار القليل عنها ...
تجرأت ولبستها ... كنت ارغب ان احضن ريحه فيها ... مقاسها يناسبني بعض الشيء ... حذاء رياضي يعانق أصابع رجلي برفق ... رحت أتمشى امام صورته كأني أفاخره اني كبرت وصرت في مقاسه ... لو كان حيا لضربني على قفايا بحنان ... كما يفعل كل الآباء الذين وصل أبناءهم ليضاهوهم في الطول ...
سعادة غمرتني ... روحه وريحه تعانقاني ... إن كانت الأقدار فرضت عليا ان البس القديم فلألبس ملابس ابي ... مقاس حذاء والدي هو إشارة أن شخصيته وطريقه هي التي تناسبني كما ناسبني المقاس ... انا على حق ... فرصة خالتي ضيقة على روحي كمقاس حذاء ابنها ...
جلست على الأرض احدّث ابي متسائلا ... ان كنت مغامرا كما تقول أمي ألا يخفي الصندوق الآخر سرا ... ألم تدخل في تجربة بورصة وخسرت ساعتها ...ربما تغيّر الحال الآن ... لا يمكن الا تترك لي شيئا الا هذا البيت ... حتى الذكريات لم تتركها لي ...
نبض قلبي يتزايد مع كل ورقة اسحبها من الصندوق ... لم افهم شيئا .. فواتير قديمة ... كراسات على رموز بخط اليد ... علامات قاطع ومقطوع ... ارقام واحد واثنان ... قصاصات جرائد تتحدث عن نتائج كرة القدم ساعتها ... ما السر وراء عشق ابي لكرة القدم لم افهم ذلك ...
ظرف كبير بني اللون ... عقد ملكية بيتنا ... وعقد رهنه لشركة إيجار مالي ... مبلغ كبير وضع فيه ... هل رهن ابي البيت قبل موته ... لكن البيت ملكنا الآن ... انتقلت ملكيته لي ولامي بحكم الميراث ... لم اسمع بهذا الأمر من قبل ... هل سدد أبي رهنه قبل موته ... لم أجد في الأوراق ما يثبت ذلك ... أين ذهبت أموال الرهن ومن سدده ...
نصف اجابة خامرتني عن كلام أمي ... هي جاهدت لسداد ديننا في سنواتي الأولى ... بدأ ضميري يدفعني للاعتذار منها ... جهاز لاب توب من طراز قديم هو آخر ما تبقى في الصندوق ...
صندوق صور مليء بالذكريات ... صندوق ملابس تفوح منها رائحة عز لم أعشه ... وصندوق ورق لم افهم منه شيء ... ربما اللاب توب يحتوي على سر ... لكنه لا يعمل ...
قررت ان آخذه معي لرحيم ... رحيم هو شاب في أواخر العشرينات .. يعتبر الشخص الأقرب لي في الدنيا بعد أمي ... يمتلك محل انترنت وبيع وبعض أدوات الإعلامية ... يقدّم خدمات التسجيل عن بعد ... كنت أساعده في إعداد البحوث المدرسية ... معتمدا على معلوماتي وسرعتي في رقن الحروف ....
كان يكافئني بقطع نقدية او بصندويتش اذا تأخرت عنده في المحلّ ... قررت ان أتسلل به للخارج عندما تحين لي الفرصة ... لا اعلم السبب لكن أحسست ان نظرة ابي من صورته تشجعني على ذلك ...
شعاع نور الفجر يتسلل من تحت الشباك ... ليلة طويلة جدا ... هي ليلة بعمري كله ... حضنت صورة أبي وتوسدت سترته وتغطيت برائحته ونمت ... ربما نمت في حضنه وانا رضيع ... ونمت نوم الرضيع ...
صوت طراد الماء من الحمام يعلمني ان أمي استيقظت ... لا أعلم ما افعل ... هل هي جولة ثانية من الحرب بيننا ... أم أعلن استسلامي والبس الفرصة الضيقة ما بقى من العمر ... استعملت الحبال التي كانت تلف الكراتين ... ربطت اللاب توب في احد قمصان ابي والقيته يتدلى من الشباك للحديقة ...
تسللت للحمام ... غسلت وجهي وسرّحت شعري ... انعكاس صورتي في المرآة جعلني اشعر بالفخر ... لم تخطو رجلي في الممر خطوتين ... صورة اتساع حدقتي أمي سبقت صرخة رعب دوّت في المكان تلاها صوت ارتطامها بالأرض ...
تأبطت جسدها بين يدي وأسرعت بها لغرفتها ... لا الماء ولا بقية زجاجة العطر افلحتا في إيقاضها ... لم اجد طريقا سوى الاتصال بخالتي ... مر الزمن عليا دهرا حتى وصلت ... طبيب في أواخر سنين عمره ... يخزها ابرة ... قال انها صدمة عصبية نتيجة الارهاق ...
الفترة التي تلت خروجه ... دروس متتالية من خالتي عن وجوب طاعة امي ... تذكير بتضحيتها في سبيلي ... انا لا انكر ذلك وممتن لها ... وممتن لخالتي ولحسام وللعالم كله ... فقط لا أريد أن افقد أمي كما فقدت أبي ... لم اترك سريرها دقيقة واحدة ... لم افلت يدها الباردة من يدي ...
سأفعل اي شيء ... فقط عودي للحياة ... شكرت السماء أنها حرّكت راسها ... استيقظت مرعوبة ... أول شيء فعلته طردتنني من الغرفة ... لم احزن لفعلها ولم اغضب انا سببت لها الإرهاق ...
احتجزت نفسي في غرفتي ... كنت اسمع صوت خالتي تسند امي للحمام ... صوت الماء يختلط بصوتها تساعد أختها ... وخزني ضميري على مشاعر كرهي لخالتي ... هي لم تفعل شيئا سوا مساعدتنا طول حياتها ... انا الشيطان المتمرد فقط
ابتعد صوتهما وهما ينزلان الدرج بعد أن غيّرت ثيابها ... فجأة تذكّرت جهاز اللاب توب ... لا يجب لامي ان تراه ... ذنب آخر سيسجل في صحيفة أخطائي ... حاولت سحبه من أعلى لكنه علق بحافة الحائط ... تسللت لباب البيت ... الحبل يتدلى بجانب شباك المطبخ ... اقتربت لافكه
صوت خالتي يصلني بوضوح مستفسرة عما حصل ... صورتها وهي تقدّم قهوة وبعض الطعام لامي ... لم الحق بالحوار من أوله لكن أمي تبدو مرتبكة مذعورة ...
- هو شبه ابوه ... في كل حاجة ... البارح كان بيزعّق بنفس الطريقة ... بيحاججني بنفس سخرية ابوه ... بيحط عينه في عيني يخليني ارتبك زي زمان ... لما كنت حاضناه وهو صدرو عريان حسيتا ني باحضن ابوه ... حتى في ردة فعله وقت الغضب هو شبهه ... والصبح كان لابس هدوم ابوه ... افتكرته صحي من ثاني
عاهدت نفسي اني إذا لم أجد في اللاب توب شيئا أو انه لم يعمل ... سأعود لامي واقبّل رجليها معتذرا ... لو أن الأمر غير ذلك فليكن ما يكون ...
الجزء الثاني
كسجين بين خيارين ... تركت أمي بين يدي خالتي رغم خوفي على صحتها ... تأبطّت اللابتوب وتوجهت نحو متجر رحيم ... استقبلني ببشاشة تشرق في عينيه تحت صلعته اللامعة ... قال أني نزلت له رحمة من السماء ...
المحل مكتظ بالزبائن وهو مشغول في إعداد بعض التطبيقات ... رغم استعجالي لكني قبلت طلبه الملحّ في مساعدته على تلبية طلبات الزبائن حتى يتفرّغ هو لشغله...
كالجالس فوق الجمر... امرر طلب هذا بتسجيل عربته للفحص الفني والآخر يستخرج ورقات مطبوعة ... تفكيري كله فيما حصل وماذا سيحصل ... قلبي يخزني حزنا على أمي ... وكأن الناس تتآمر عليا ... كل ما تخلّصت من أحدهم لحق به الآخر ... ساعات طويلة ضاعت هدرا ... ومرت عليا دهرا ...
ضاق صدري وأنا أنتظر أن يرحمني رحيم ويتفرّغ لي ... بدأت الشمس تسير للزوال ... وخفّت الحركة في المحل معها ...أخيرا ... نظرة فاحصة من رحيم للتحفة الأثرية التي وضعتها بين يديه ... تقطّب حاجباه وهو يصارع زر تشغيل اللاب توب الذي أبى واستعصم ...
مع كل حركة منه يخفق قلبي لبرهة ويتوقّف للحظات ... ترجيت السماء أن تنطق تلك الآلة ... أنا على عهدي ... لكني أترجى فقط فرصة اكتشاف ما فيه ... ليس بعد كل ما حصل مني ستنقطع عني الإشارات ...
قطرات العرق على جبين رحيم وهو الخبير في مجاله تنبئني أن الأمر لن ينجح ... لدقائق خلتها قرونا والصمت يخيم على المكان إلا من صدى نقر أصابعه على الأزرار ... وأخيرا نطق .. نطق كالغريق ... شهق وصمت ثانية ...
أخبرني رحيم أن الأمر يتطلّب وقتا طويلا وهو مشغول ... ترجيته بكل مالي عنده من عواطف أن ينجدني ...يجب أن يعمل هذا الجهاز الآن ... أو في اقرب وقت ...
لم اسمع إجابته بالرفض والقبول حتى قاطعتنا رائحة عطر أنثوي طاغي ... سبقت فتح الباب ... صوت ملائكي يلقي علينا السلام ... خجلي جعل عينيا ترتشقان كسهم على حذاء جلدي يلمع سواده تحت جلد رجلين بيضاوين ... بريق بياضهما أعشى عينيا ونعومة جلدها جعل نظري ينزلق كل ما حاول الصعود للأعلى... لم تستقر نظراتي على ركبتين متناسقتين تحت قماش اسود وصلت إليهما بعد جهد حتى أيقضني صوت رحيم مرحبا ...
صوت قبلتين طبعتهما على وجنيه الناديتين دوى في أذني ... أهملني رحيم وأهمل جهازي وتناسى وجودي ... إن لم يهملني من أجلها فمن أجل من سيفعل ... فلأذهب أنا وجهازي وحزني للجحيم ...
لم ارفع عيني لاكتشف صاحبة الطلّة الطاغية ... كنت أتسلى بتحريك أصابع قدمي على الأرض ... لإخفاء خجلي وغيضي .... ما فهمته أنها افتتحت مشروعا جديدا ورحيم يبارك لها ... حفاوة الترحاب بينهما توحي أنهما معرفة قديمة ... تريد من رحيم أن يصنع لها تطبيقا يردّ على اتصالات الزبائن تلقائيا ... قالت أنها لم تستعن بعد بأحد لمساعدتها ...
نظر رحيم في عيني مستسلما ... ما باليد حيلة يجب تلبية طلبها قبلي ... ربما هي استشعرت حزني وغضبي من وجودها الذي عطّلني ... حاولت أن تنسحب في خجل على أن تعود ثانية ... لكني بصوت خافت تنازلت عن حقي ... وأعطيتها الأولوية ... دهشة علت ملامح رحيم الذي استغرب تراجعي بعد طول إلحاح واستغرب أني نطقت أصلا رغم خجلي ...
ابتسامة منها عرفان لشهامتي أنستني الجهاز والإشارات والقرارات وأمي معهم ... كحل وسط اقترح رحيم أن يضع لها مخطط التطبيق وكل الأمور التقنية ثم اتمم أنا الباقي في رقن الرسائل المراد كتابتها مع إشادة بسرعتي وحذقي لتلك المهمة ...
تلك الكلمات أشعرتني بالفخر والأهمية ... علامات الرضا على وجوه الجميع ... ملامح تردد باهت رسم على ملامح الزائرة ... جلس رحيم وراء جهازه منهمكا في عمله ... وجلست بجانبه أتابع باهتمام حركاته ... أما السيدة فجلست قبالتنا على كرسي ... لا ادري كم استغرق من الوقت لكني بدأت اشعر بالضجر وضلوعي بدأت تخزني ...
حركة لا إرادية مني بتحريك ذراعي للخلف ارتفع معها نظري... خرجت مقلتاي من محجريهما ... السيدة كانت تداعب هاتفها دون اهتمام بنا ... وضعية جلوسها أجبرت قماش تنورتها القصيرة أصلا على الانحسار للخلف ... نصف فخذيها المكتنزين عاريان متلاصقان يشدهما القماش غصبا بعضا ببعض ... لا اعلم من زاد في تلق من ... سواد القماش أم بياض الجلد ...
أشحت بنظري وتظاهرت بالتركيز في حركات رحيم ... كنار تسحب فراشة ... نظري يهزمني ويصرع خجلي وارتباكي ويعود ليغوص في ذاك اللحم الطري ... فجأة ... حركة لا إرادية منها ... تضع رجلا على رجل ... مثلث ظل صنعه قماش تنورتها الأسود على فخذيها سحبني للهاوية ...
دغدغة خفيفة أصابت أسفل بطني صاحبها جفاف في حلقي وتعرّق كاد أن يفضحني ... صوت تنهيدة من رحيم حركة من يده يغيّر وضعية الشاشة تجاهها ... حركته دفعتها للنهوض والتقدّم نحونا ... اقسم أني كنت اسمع صوت موسيقى فيلم الفك المفترس مع كل نقرة من كعب حذائها العالي ...
تظاهرت بالتركيز في الشاشة علي اخرج من مأزقي ... كانت تضع يديها على الطاولة وترشد رحيم لبعض التصليحات ... خاتم زواج يزين إصبعها ... معصمها رقيق وأصابعها نحيفة و طويلة ... رفعت عيني بحذر ناحية وجهها لكني لم أصله ... مفرق صدرها المتدلي من فتح قميصها الأبيض سحبني للهوة ...
انتفاخ وقرص يمسك ما بين فخذي ... رغبة في التبوّل تحرق مثانتي ... هروب سلسل بانسحاب حذر ناحية الباب راجيا أن لا يكشفني انتفاخ بنطلوني ... قطعت الشارع قاصدا المقهى المقابل للتخلّص من حالتي الغريبة ...
عند عودتي وجدت الأماكن تغيّرت ... رحيم يجلس في ركن يسميه المتخبر ... منهمكا في فك براغي جهاز اللاب توب ... والسيدة تجلس في مكاني وكرسي رحيم الدوار فارغ ...
أمر سريع منه بالالتحاق بمكاني " يلى بسرعة مش عاوزين نعطّل الهانم اكثر من كده " ... مررت على حذر من ورائها متحاشيا أن المس ظهرها بأسفل بطني ... رغما عني سقط نظري بين مفرق صدرها لترتفع خيمة بنطلوني في ثانية مرة أخرى ...
جلوسي بجانبها كان أشبه بعملية تعزييب لذيذ ... غرست عيني في الشاشة ألا تهزمني نظراتي وتهرب مني نحو ركبتيها ... رائحة عطرها الأخاذ تدغدغ شعيرات انفي ... مع كل حركة من يديها تشير إلى مكان حرف أخطأت في رسمه على الشاشة ... يلامس نهدها الأيمن مرفقي الأيسر فيزيد صراع قضيبي مع قماش البنطلون ...
لاحظت ارتباكي ... مع عدم انتظام أنفاسي ورعشة أصابعي على لوحة الأرقام ... وتعرقي الغير مبرر ... فرحمتني من عذاب نهدها لي واستبدلته بعذاب أصابعها ... بحركة عفوية أو مفتعلة كانت تقرص على أعلى فخذي بكل أصابعها قصد تنبيهي كلما أخطأت ... وكم كثرت أخطائي ...
حالتي لم تجعلني استوعب الموضوع ... هي صاحبة محل تجميل أو مساج وسونا وبخار ... هي ردود الكترونية عن المواعيد ... العروض ... العنوان ...
تمنيت أن ينتهي تعذيبي وفي نفس الوقت أن يمتد للآبد ... قبل أن انتهي طلبت مني أن اترك خانة الخدمات الأخرى فارغة ... قالت أنها ستتولى تعميرها بعد مدّة ... لم أركز مع ذلك ... كنت مسحوب الإرادة ... خجلا ومستثارا في نفس الوقت ...
صوت حركة كرسي رحيم من خلف مختبره تأمرني أن أفسح له المجال للتثبت في عملي وتسجيله ... وقوفي المرتبك تزامن مع التفاتة منها نحوي ... انفها الدقيق لا تفصله إلا مليمترات قليلة عن الخيمة التي صنعها تعذيبها لي ...
لم افهم سبب اتساع حدقتيها ونصف ابتسامتها ... اختفيت وراء مختبر رحيم أخفي فضيحتي ... كلمات شكر منها لامتناع رحيم عن عدم قبول أي مبلغ منها نظير خدماته ... صوت قبلتين طبعتهما على وجنتيه أصابا حلقي بالجفاف ... لم ارفع عيني نحوهما ... اقتراب وقع قدميها نحوي جعلني ارفع عيني من اللاشيء الذي كنت انظر إليه
يدها الطرية الأنيقة تمتدّ نحوي شاكرة جهدي ... لا اعلم من أين أتتني تلك اللباقة بان أقف لتحيتها قبل المصافحة .. ما إن تلامست أصابعنا حتى سحبتني برفق وطبعت قبلة رقيقة بين انفي وعيني وشفتي ... أصبت بالعمى والزكام وفقدان التذوق بعدها ...
تلبّك في أمعائي وجفاف في حلقي وحرقة أسفل بطني ... لم اشعر بها وهي تسلمني كارت عليه عنوان المحل وأرقامه ... لم أرها وهي تخرج ... فقدت الإحساس بكل شيء ... نقرتان قويتان على صدري من أصابع رحيم أعادتني للحياة أو للموت ... لا أدري ...
بضع دقائق أخرى وصلني صوت رحيم يعلمني أن الجهاز يلزمه قطع غيار قد تكون فقدت من الأسواق حاليا ... عالج بداية دمعتي بإخباري انه يتعيّن عليا تعويضه مبكرا في المحل حتى يتسنى له البحث الدقيق عنها عند بعض التجار وافقت دون تردد .
طوال الطريق وأنا امسك الكارت بين يدي ... أقربه من شفتي ... أشم عطرها فيه ... ثملا بما فعلته تلك اللمسات الخفيفة بوجداني ...
امرأة في مثل سن أمي ... جسدها تفور منه الحياة ... ينبض بالروح والروائح ... مع اقترابي من بيتنا ... طارت عن عقلي سكرته وتكسّرت الموجات الوردية على أزيز الباب الحديدي الصدئ ...
أخفيت الكارت في جيبي الخلفي ... ودخلت البيت مستذكرا كل أدعية السلامة ... لست في حال تسمح لي أن أخوض أي نقاش حتى ولو بسيط ...
أمي التي خاصمتني وضعت طبق أكلي البارد على الطاولة ولم تنتظرني للعشاء وأغلقت باب غرفتها ... فليكن ... عزة نفس مصطنعة منعتني من الأكل ... دخلت غرفتي وتهت في أحلام يقظة أو نوم ...
صوت رنين الهاتف وصوت أمي يليه من وراء الباب بنبرة سجّان غاضب ...
" اصحى رحيم مستنيك في المحل " ...
رحيم هو الشخص الوحيد الذي لا تخشى أمي صحبتي له ... رجل متزوج وسمعته الجيدة تسبقه ... خدوم ويساعد الكل ... بشوش ... أمي تثق به ...
بخطوات أسابق بها الريح مرتديا حذاء والدي المريح ... وجدت رحيم ممتعضا من تأخري عليه ... أوصاني بالقيام ببعض الأعمال البسيطة مع العناية بالمحل ... في الصباح يقتصر الوافدون على بعض الأطفال من أبناء الطبقة الكادحة ... لا يمتلكون رفاهية امتلاك العاب الكترونية أو هواتف ذكية فيلجئون لرحيم ... مقابل قطع نقدية بسيطة يمكنهم من حواسيب يلعبون بها لتوقيت محدد ... كثيرا ما يتجاوزون الوقت المخصص لهم لكنه لا ينهر أحدا ...
كثر صخبهم لكني لم اسمع شيئا ... كنت لازلت أشم ريح عطر تلك السيدة في المكان ... اللون الوردي يغطي أحلام يقظتي المبهمة ... شعور بالتنميل في مسام جلدي لا اعلم سببه لكنها دغدغة ممتعة ...
رحت اسلي نفسي بتقليد حركات رحيم في صنع تلك التطبيقات ... الموضوع ليس معقّدا ... فقط بريد الكتروني وتدفع مبلغا بسيطا لحجز الخدمة ثم لك حرية المحتوى .... أحيانا يسحبني شاب صغير يدفع ثمن استغلاله لأحد الحواسيب ... ثم أعود ... تمرّنت على الأمر كثيرا ... مع تكرار الموضوع أصبح سهلا جدا .. كنت أريد التعويض لرحيم ...
أمر مثير للدهشة ... بعض الشباب والكهول يدخلون فقط للسؤال عن رحيم ...رغم إلحاحي أن ألبي طلباتهم لكنهم يقولون إنهم سيعودن إليه شخصيا ...
قبل منتصف النهار ... دخل رحيم متعرقا ... شتمني ألف مرّة كوني سببت له كل هذا التعب ... أحسست بالذنب نحوه ... لكن قلبي بدأ يخفق بشدّة ... سمعت صوت جهاز والدي ينطق مدويا معلنا للعلن أني ما زلت حيّا ...
مسرعا نحو ركن المختبر ... ألقيت نظرة على شاشته وهي تعود للحياة ... حركات بسيطة من رحيم للتأكد من سلامة عمله ثم انسحب تاركا لي المجال لاحتضان آخر ذكريات والدي ...
إتفظّل ياعم قرفتنا معاك وعرقنا بسببك
(كنت اهم أن أنهال عليه شكرا لكنه سبقني في الكلام)
قلي ؟؟؟ ... مزعّل الست الوالدة ليه ؟؟؟
(أحسست بالإمتعاض ان اسرار بيتنا تخرج للعلن) ...
شوف يا وائل أنا زي أخوك الكبير ... وأمك دي تعتبر أختي ... والمرحوم أبوك جمايله مغرقاني ... فارجوك أنا مش غريب
(مصدوما من إكتشاف علاقة رحيم بابي) طالما قالتلك اني مزعلها أكيد قالتلك عالسبب ؟؟
أيوة قالتلي وبصراحة مش مستوعب ردة فعلك ؟؟
يا سلام ليه بقى ؟؟
أنا شايف اني دي فرصة مش هتكرر ... يا ابني هو حد لاقي ... قيمة وسيمة وسلطة ونفوذ وبدلة ميري .. وممكن تمسك منصب يخلي الكل يترجى رضاك
وكلية من غير مصاريف وهأخذ منحة والنقل ببلاش وووو ... بس انا مش شايف نفسي فيها
يا سلام ... أقرع ونزهي ...
يا عم انت إلي اقرع مش أنا
(صوته يسعل بعد نوبة ضحك تعقيبا على سخريتي) ... آخر خدمة الغز علقة ... كده برضو
(كنت أريد أن اعتذر منه على قلة ادبي لكنه أردف)
طيب أنت عاوز إيه ؟؟ فهمني ممكن نلاقي حل
أنا عاوز أدخل الجامعة ... باحب الحسابات ... عاوز أطلع زي ابويا
والمصاريف واللبس والاكل والسكن
هأدخل الجامعة الي هنا ... الاكل وهآكل في بيتنا ... ومصاريف الكتب هاشوف شغلانة في الصيف توفرلي
(صمت طويل اطبق على جبينه المقطب) ... طيب اسمع كلامي ... إنت تروح تقدّم وتعمل كل الي امك عاوزاها ... إحضر اللجنة ... وإعمل اللازم وما تزعّلش مامتك ... وكده كده مش هتخسر حاجة ... ومن هنا لآخر الصيف لو دبّرت مصاريفك اعمل الي في دماغك ولوما قدرتش اقلها تكون ضمنت حاجة في ايدك
اعتقد أن رحيم على حق ... لن يجبرني احد على الالتحاق بالاكادمية بالغصب ... ودعته بعد أن شكرته واعتذرت منه على تعبه ... تأبطّت الحاسوب وهرولت لبيتنا ... أخفيت الجهاز في الحديقة أن تراه أمي ...
سقوطها المفاجئ صباحا لازال يخز ضميري ... أمي هي كل حياتي ... لا أعرف لي ملجأ غيرها ... دخلت البيت مكسور النظر كعادتي ...
أشاحت بوجهها عني عند دخولي ... توجهت نحوها وقبّلت يديها معتذرا ... حضنها لي أعاد لها الحياة .. أمي لن تستوعب كوني سأخرج من تحت جناحها يوما ... دموعها عمدّت راسي وهي تحضنني إلي صدرها ... صدر أمي اشد صلابة من نهدي تلك السيدة ... ماذا أقول ؟؟؟ ...
عشاء هادئ على شرف نصر أمي المؤقّت ... أنهكني الجوع والصراع النفسي ... وجه أمي عاد للحياة ... غطست في الحمام استرجع أفكاري ... ذكريات بعد ظهر أمس تطاردني ... رائحة العطر تستفز قضيبي ...
كشجرة نخل مقلوبة وسط الماء ... رحت أراقبه وأتخيّل تلك السيدة تستحم معي ... إنتفخت دائرة رأسه ... أردت مداعبته لكن قبل أن تلمسه راحتي ... يأتيني صوت أمي مستعجلا خروجي للسلام على خالتي والاعتذار منها ...
زيارة غير متوقعة في هذا الوقت ... ملابسي في الخارج ولا شيء يسترني سوى تلك المنشفة البالية ... لففت وسطي بها تاركا للوقت مهمة تخفيف انتصابي ومدرات فضيحتي ... وكأن خالتي تستعجل نصيبها من كلمات الاعتذار والعرفان وجدتها أمام الباب ...
إنحنيت لتقبيل يدها طالبا الصفح عن كل ما تسببت به كما فعلت مع أمي ... سحبتني لحضنها ... وجهي المبلل غارق في مفرق صدرها ... صدر خالتي طري كصدر السيدة ... طال عناقها لي ومداعبتها لشعري المبلل مع سيل من النصائح واللوم والعتاب ...
مع لحظة إطلاق سراح راسي ... إتسعت عيناها تعجّبا من مشهد الوتد الذي يشدّ الخيمة المحيطة بوسطي ... حركة شفتيها مزيج بين الدهشة والذهول ... هربت للأعلى مختفيا في غرفتي ...
حاولت طرد كل تلك الأفكار المجنونة من عقلي ... أمي وخالتي يتسامران في الصالون ... يصلني صوت ضحكهما دون أن أفهم محتوى الحوار ...
فتحت جهاز اللاب توب ... لا شيء فيه سوى ملفات حسابات وأرقام ... حسابات شركات كانت زبائن لأبي ... لم افهم شيئا ... بحثت عن ملفات سرية ... لا يوجد ما يشفي غليلي
أعد متابعة الملفات ملفا بملف ... ملفات على تطبيق الاكسيل كلها بأسماء شركات ... ملف اسمه اللعبة ... كنت أعتقد أنه اسم شركة لعب ... فتحته ... لم يكن كسابقيه ... جداول كثيرة عليها رموز ... 1/X/2 تكرر كثيرا في 13 عمود… إحتملات وتتكرر ... لم افهم شيئا ...
ذهبت للغرفة الأخرى صوت أمي وخالتي مزهوتان بنصرهما يصلني بوضوح ... طال سهرهما ... فتحت صندوق الأوراق ... قرأتها ألف مرّة ... زاد الغموض أكثر ... مقتطعات كثيرة عليها نفس الرموز ... تحمل اسم شركة الرهان الرياضي ... لم اسمع بها من قبل ...
بعض صور لشيكات باسم أبي عليها مبالغ مالية صادرة عن نفس الشركة ... الآن توضّح الأمر قليلا ... رجعت لغرفتي وبدأت بالتركيز ...
أبي استعمل ذكائه وخبرته في الرياضيات ... توقعات وحسابات دقيقة لاحتمالات ثلاث ... إما الفريق الأول ينتصر او الثاني او يتعادلان ... فكرة عبقرية ... لكن لماذا مات وتركنا مفلسين ... أين ذهبت مرابيحه ؟؟؟
قبل أن أصل لاجابة وصلني صوت إغلاق الباب الحديدي ... خالتي عادت لبيتها ... أخفيت كل شيء وتظاهرت بالنوم ... دقائق وغمزني انعكاس نور الممر على الحائط ... أمي فتحت الباب ... تقدمت نحوي خطوتين ربما تريد تقبيلي لكنها انسحبت ...
لم يغمض لي جفن وإنا احترق على نار تلك الفكرة ... أبي استعمل ذكائه لكن الأمر مستحيل ... 13 مقابلة ب 3 احتمالات ... 3 * 3 * 3 ... سيصل الامر الي أكثر من نصف مليون إحتمال ...
أحرقتني عينيا وأنا أتابع كل تلك الجداول المرسومة بدقة في الملف ... فهمت نظريته وكيف حاول تطويع الحظ بالمنطق ... لكن يا أبي الحظ والمنطق لا يتقابلان ... المنطق يسير بخطى علمية دقيقة والحظ أعمى في مسيرته ...
خنقني الحزن وأنا أتخيّل تحطم أمال كل مرة ... اللعنة على الحظ الذي حرمني من أبي ... الآن فهمت سبب نوبته القلبية المفاجأة ... حضنت صورته أواسيه نحسه الذي أورثني إياه ...
لا اعلم أنمت أم أغمي عليا كمدا ... نقر خفيف على الباب ... صوت أمي يصلني من خلف الباب ... صحوت من النوم ولم أصحو من الصدمة والغم ... رائحة فطائر شهية تدغدغ أنفي وأنا على مشارف المطبخ ....
غسلت وجهي ألف مرة علي أتخلص من أثر السهاد ... وقفت طويلا أمام المرآة ... أرى انعكاس صورتي في انكسار وجه أبي ... ضممت أصابعي وشددت قبضتي وأردت أن ألكم الحظ الذي حرمني منه وحرمه حلما مجنونا ...
أمي مستبشرة بخير هذا اليوم ... تلبس ملابس الخروج ... بنطلون جينز ازرق فاتح ... وقميص ابيض خفيف يتناسب مع حر بداية الصيف ... إفطار شهي وكرم مبالغ فيه نظير طاعتي لها ... قسمت مهمة إعداد ملف الترشح للالتحاق بأحد الاكادميات بيننا ...
أنا سأستخرج كل بيانات دراستي ونتائجي وهي ستقوم بالإمضاءات القانونية ... أنا في نظر القانون لا أزال قاصرا ... هي قوانين دولة لا تفهم منها شيئا ... في سن الثامنة عشر تستطيع اجتياز امتحان القيادة ... تفتح حسابا بنكيا ... تتزوج و تسافر للخارج دون إذن ... يمكنك البيع والشراء وتسجيل الممتلكات باسمك والتصرّف فيها ... تدفع الضرائب ... حتى السجن تدخله في سن الثامنة عشر ... الأدهى انك تدلي بصوتك في الانتخابات وتقرر مصير شعب وأنت في سن الثامنة عشر ...
لكن سن الرشد القانوني هو عشرون سنة ... التجنيد عشرون سنة والالتحاق بالوظيفة العمومية عشرون سنة ... وان سنحت لك الفرصة لذلك قبل بلوغها يتوجب عليك الحصول على إذن من ولي أمرك ... لا تستغرب صديقي فهي تونس ...
حمير تقود بلدا تصل جذورها في التاريخ إلي ما قبل نشأته ... لا تهتم فكلنا في الهم عرب
قبل خروجي من البيت ... حضنتني أمي ... سحبتني لصدرها طويلا ... ربما تسترجعني بعد أن ظنّت أني تهت منها ... رائحة عطرها الخفيف تملا انفي الذي عصر في صدرها ... بعد إطلاق سراحي لم تنظر في وجهي لم ترفع عينها من الأرض ... الأمر غير معتاد بالنسبة لي ...
رحلة شاقة زادتها أشعة الشمس الحامية مشقّة ... قمت بكل تلك الإجراءات الرتيبة دون رغبة ... فقط أردت الحصول على سلام مؤقت مع أمي ... كعادتي اختبأت في غرفتي ... يبدو إن الأمر قد حسم ... سأسير في درب رسمت خطاه لغيري ... وبيد غيري ...
طال تفكيري في لا شيء ... فقط تهت في تلك الفكرة المجنونة التي وصل إليها أبي ... آخر ما وصلت إليه هو إني فهمت المنهجية التي فكّر بها ... والتي سار عليها ... لكنه فشل ... هو الحظ ... كفرس جامح لا لجام له ...
أغمضت عيني لكن تلك الرموز في ملف " اللعبة " تتراقص في مخيلتي ... هززت راسي ألف مرة لكنها استعصمت أن تسكن ظلمة نظري ... رفضت بخجل مرافقة أمي لبيت خالتي ... رغم شوقي لوليمة تشبع جوعي ... لكن نفسي صارت تقرف لقمة الذل ...
لجأت لمحل رحيم ... مجرّد تذكّر اسم رحيم صار يبعث انتصابا وليدا بين فخذي ... ذكريات تلك السيدة طاغية الأنوثة ... الأمر مثير للسخرية ... لكني تلك اللحظات الوردية أسرت روحي ... المحل شبه خاوي إلا من بعض الشباب ... هذا يتحدّث مع فتاة أجنبية ... والآخر يلعب ... لا عمل لي أضيع فيه بعض الدقائق الثقيلة ...
رحت أنظّف الأرضية من أثار بعض الأقدام ... لفت انتباهي عملية يقوم بها رحيم ... هذا يدفع له أموالا والآخر يأخذ منه بعضها ... كنت اعتقد انها معاملات مالية تخصّ بعض الخدمات عن بعد ... مع تقدّم ساعات النهار... تكاثر طالبو تلك الخدمة ...
رغم أن الأمر استفز فضولي لكني لم أتجرأ على سؤال رحيم ... ربما سيتحرّج من أن يجيبني ... لكن المبالغ المتداولة أكبر أن تكون معلوم خدمة الكترونية كالمعتاد ...
مرّت الأيام الأخيرة من الشهر السادس بسلام ... أمي التي عادت إليها روحها باستسلامي الشبه مموه لقرارها ... طوال اليوم في متجر رحيم أساعده في ما أقدر عليه ... شخصيا بدأت احشر نفسي في فكرة الانضمام للاكادمية ... صدقت أمي فمن هو مثلي لا يملك رفاهية الإختيار ...
بدأت الفكرة تتخمر ببطئ في عقلي ... التضحية بخمس سنوات ثم سيتغيّر الوضع ... راتب محترم ووظيفة مرموقة ... الأهم أني سألبس حذاءا جديدا يناسب مقاسي ... حتى وإن كان البوط العسكري الثقيل ...
آخر يوم في الشهر ... هو يوم حافل بالنسبة لمحل رحيم ... تجديد اشتراكات النت ... فواتير الكترونية ... خدمات لا تحصى ... كنت أجلس بجانبه في مكتبه بالمحل ... من كثرة الزبائن صار يستعملني كعداد للاوراق النقدية التي يخفيها في خزنة صغيرة تحت مكتبه ...
تصادف دخول شاب في مثل سنه للمحل وعلى وجهه علامات السرور... طلب من رحيم سحب مبلغ 5 ألاف دينار من حسابه ... كلمات مبهمة من رحيم يبارك له انجازه ... " أخيرا أمسكتها " ...
مكّنت الرجل من المبلغ ... سعادته وهو يفك مطاط الرزمة من الأوراق النقدية وصل أثرها لروحي ... سحب ورقتين من فئة خمسين دينارا ووضعهما في يد رحيم ... قال إن " طباخ السم يذوقه " ... ثم وضع ورقة نقدية في يدي ... قال بسعادة وشموخ ... " حلال عليك ... ادعيلي الحظ يبتسم ثاني " ...
رعشة أصابت مفاصلي من اثر الصدمة ... أول مرة في التاريخ تكتشف أناملي ملمس تلك الخضراء الساحرة ... بعد إنصرافه لم أتمالك نفسي من التساؤل ...
الأمر غير مبرر ... لا أحد يلقي بالأموال هكذا ببساطة ... أخبرني رحيم أن هذا الشاب عانده الحظ كثيرا واليوم ابتسم له وربح ذلك المبلغ وتلك الأوراق هي حلاوة فوزه ... ربما استبشر بوجهي فأهداني أحدها ...
" رزق وجالك "
غرابة إحساس ملمس تلك الورقة في راحتي اختلط بالكلمات المبهمة من رحيم ... حظ ومكسب وحلاوة ؟؟؟ ... ما دخل رحيم بهذا ؟؟؟ ... تصادف دخول بعض الشباب لإيداع أموال في حسابات لم افهمها ... اختلست النظر لشاشة جهاز رحيم ... ذاكرتي حفظت اسم الموقع الذي زيّن الشاشة ...
قال رحيم انه وسيط فرع رهانات ... مقابل عمولة من عمليات السحب او الإيداع ... مكسب في الحالتين ... الوسطاء كثيرون والمواقع أكثر ... هكذا قال
لا اعلم لما رسمت صورة نظرة أبي المنكسرة أمام عيني طيلة الساعات المتبقية من النهار وبقية الليل ... خضعت للتحقيق في البيت عن مصدر تلك الأموال ... أنا فقط سلمت الورقة لامي علها تستعين بها على مصاريف البيت ... ففتحت على نفسي حنفية أسئلة لا تغلق ... لم تفلت أذني من بين أصابعها حتى تأكّدت شخصيا من رحيم من صدق كلامي ... ورغم ذلك لم تنهي تلك الحفلة من اللوم والتقريع إلا بوعدها أن لا اقبل أي أموال من أي شخص غير رحيم ... ولقاء خدمتي له لا غير ...
كنت امني النفس بابتسامة رقيقة منها جزاء لي ... لأوّل مرة في سنوات عمري أقدم لامي مبلغا اعتبرته مهما جدا ... فقط أردت أن ارسم بسمة على شفتيها فرسمت بقعة حمراء على أعلى أذني ....
اليوم الموالي صادف الفاتح من الشهر السابع ... رحيم تركني لوحدي لقضاء شؤون لا مناص منها ... جالسا وراء شاشة الكمبيوتر الكبيرة ... طال انتظاري لعودته وأصابني السأم .... أحرقني الفضول ... قبل أن أتم رقن اسم ذلك الموقع زينت صورته الشاشة ...
رسم لأوراق لعب ... بوكر ... رولات ... رهانات رياضية ... كرة قدم ... كرة سلة ... بحر واسع من الاختيارات ... صوت ضحكة رحيم المصطنعة ممزوجة بصوت آخر أرعبتني ... كمن فتح عليه الحمام وهو يقضي حاجته أقفلته برعب خشية أن تعبث يدي بشيء يسبب كارثة ...
هو نفس الرجل من يوم أمس ... مبتسما سعيدا يصعد صدره غبطة وسرورا ... انسحبت لأترك المكان لرحيم الذي فتح الشاشة ثم الخزنة وبدأ بوضع رزم النقود أمامه ... قبّلني ذلك الرجل ووضع بضع ورقات في يدي ... قال أني وجه السعد عليه ... ودعنا مسرعا ... أقسم أن خطاه لم تكن تلامس الأرض ... الآن فهمت معنى أن يطير الإنسان فرحا ...
مبلغ مائة دينار وضع في يدي ... نصفه قد تسبب في حملة على أذني يوم أمس ... رفض رحيم قبوله ... قال بتهكم ...
ياعم روح اشربلك عصير في مكان رايق ... اشتري مثلجات ... هي لازم أمك تعرف كل حاجة ...
قررت العمل بنصيحته ... أخفيت المبلغ بحذر في جيب بنطلوني الصغير ... وأخفيت الأمر عن أمي ... طوال الليل وأنا أقارن بين غبطة ذلك الرجل وتخيلاتي لكسرة روح وطموحاتي أبي قبل زمن ... لعنت الحظ ونمت ... حلمت أني عدت لبداية سنيني ... أبي يلاعبني ... يشتري لي الايسكريم ... الحلوى ... يرافقني في مدينة الألعاب ... ملابسي جديدة ... حذاء يناسب رجلي ... وضحكته لا تفارق وجهه ...
صحوت من حلمي على صوت خطوات أمي تستعد للمغادرة ... باكي العينين ضاحك الصدر ... حلم بسيط أرسل لي من لعالم الآخر كتعويض عن واقع لم أعشه ... غبطتي بحلمي دفعتني للعمل بنصيحة رحيم ... إخترت بعضا من ملابس أبي القديمة ... الأقرب من أن تناسب هذا الجو وهذا الزمن ... شكلي أنيق رغم كل شيء ... جسدي يلائمه اي شيء ... ربما لأني رأيت نفسي أشبه أبي ... تأبطت جهاز اللاب توب وخرجت
حديقة أحد المقاهي الفخمة تدعوني للدخول ... بخطى مرتبكة قادني نادل بشوش لركن جميل ... المقهى لم يزدحم بعد ... قررت أن ادلل نفسي لأول مرة ... إفطار صباحي متكامل ... حلويات فرنسية وتونسية وقهوة كبيرة وعصير وبيض مخفوق ومياه باردة وبعض السلطات ... بسيسة وزرير ... عسل وزبدة ... اللعنة على الفقر ...
تهت في فخامة ديكورات المقهى والأطقم الموضوعة أمامي تتأنق فيها تلك المأكولات ... الآن عرفت السر وراء إدمان الناس للصور مع هذه الوجبات ... هذه الوجبات جعلت للذكرى لا للأكل كل يوم
بعض الزبائن يحتلون أماكن غير بعيدة عني ... أجهزت على تلك الوليمة وكنت أهم بالانصراف ... رفعت عيني ورايتها ... نعم هي دون شك ... تلبس بنطلون جينز رمادي يبرز تكوّر مؤخرتها ... لإن حرمني من بياض رجليها لكن فتحت التيشرت الأسود أهدت للناظرين متعة التجوّل في مفرق صدرها النافر...
تبعتها نظراتي حتى استقرّت في مقعد غير بعيد عني ... قررت البقاء حتى حين ... ربما فقط القي عليها السلام ... ستكفيني ابتسامة رقيقة منها ... وان أسعفني حظي ستلامس أصابعي اناملها الرقيقة ثانية ...
نظرة جانبية خلسة لعينيها اللامعتين ... وجه ابيض ناصع كصبيحة يوم مبارك ... شعر اسود قاني تتوه في أمواج ليله بأحلام وردية كوجنتيها ... حرّكت قطع السكر في فنجان قهوتها بحركة خفيفة تطارد معها خيط بخار متصاعد منه ...
قبّلت مبسم سيجارتها قبل أن تلهب صدري بنفس دخان أحرق كل جدران الشوق إليها ... كنت لا زلت اعبث ببقايا الأطباق حين تقدّم مني النادل يسحبها من أمامي متسائلا إن كان لي طلب آخر ... قررت شرب قهوة سوداء لأول مرة ... ربما ستلاحظ أني كبير بما يكفي لشرب القهوة مثلها ...
كجهاز ردار أراقب حركتها علّها تلتفت نحوي ... كنت أتمرن على الابتسامة خوفا أن يهزمني خجلي ... ما إن وضع النادل فنجان القهوة أمامي ... حتى تقدّم منها رجل أنيق ... قبل أن يلامس أصابعها قامت وعانقته عناقا حارا ... أنا فقط أردت ابتسامة فجاء هذا الشيء وخطف حضنا لم أحلم حتى به ...
انكسر قلبي وعدت لواقعي ... هي لا تعرفني أصلا ... ربما نسيت من أكون ... أين سرحت بيا مشاعري ؟؟؟ ... الفرق شاسع بين الكل ... رحت أقارن بيني وبين رفيقها ... شعره الرمادي الناعم ... ملابسه الشبابية الفاخرة لا تتعارض مع تناسق جسمه ... أين أنا منه ؟؟؟ ... ربما سأصبح مثله عندما أصبح في مثل سنه ...
إن كان سبب بقائي هو انتظارها أن تراني فالآن تغيّر الحال ... يجب أن لا تراني ... سحبت جهاز اللاب توب عله يشكّل ساترا لي ... تقدّم مني النادل ووضع ورقة عليها كود الوايفاي ... فرصة لتخفيف ثقل دقائق الانتظار ... دخلت النت ... أنا لست مغرما به ... لا تستهويني مواقعه ...
بعض صور الطبيعة ثم سئمت بسرعة ... تذكّرت موقع رحيم ... دخلت دون خشية ... بدأت أتابع باهتمام مكوناته ... الفرضيات المطروحة ... كيف تسجّل وكيف تلعب ... كيف تربح وكيف تخسر ... الموضوع كغيره فقط توقّع النتيجة ... هذا العالم الذي هزم أبي يوما ...
فتحت الملف الذي ورثته عن أبي ... اللعبة ... تابعت خطوات والدي بعين مختلفة ... عين من فهم العملية ... خرجت باستنتاج ... أبي لم يسعفه العمر أن تخترع هذه المواقع في سنين حياته ... قديما كانت المراهنة على مقابلات محددة ... توقعاتها بسيطة .. ما النتيجة ... ربح ام هزيمة او تعادل ...
هنا الامر مختلف ... انت تختار المتنافسين ... الف اختيار تراهن عليه ... أهداف .. نتيجة ... ركنيات ... ألف لعبة في كل الرياضات ... فقط الفرق هنا انك تحدد المبلغ الذي تريد أن تكسبه ...
يمكنك المراهنة على مقابلة واحدة إن أردت ... المكسب يكون حسب ضارب يحدده الموقع ... وكلما أضفت إختيارا آخر .. يتضاعف ضارب الأول في ضارب الثاني في المبلغ الذي ستراهن به ... وهكذا
سحبني هذا العالم حتى غصت فيه ... شخص مثلي لن تستعصي عليه هذه المعلومات أن يسبر أغوارها بسرعة ... قارنت بين فكرة أبي والاختيارات المطروحة أمامي ... تجارب بيضاء للعملية ... الأرقام المتوقع ربحها تزوغ معها العيون ... تنهيدة حارقة خرجت من صدري ... لو كان أبي حيا لما استطاع أحد عد أمواله الآن ....
رفعت عيني متأسفا عليه ... تلك الطاولة احتلتها عائلة كبيرة تتناول إفطارها ... السيدة ومرافقها غادرا منذ مدة تبدو طويلة ... أين كنت ... أين سحبني هذا العالم ... قبل أن استوعب ما حدث أحسست أن يدا ثقيلة تهز كتفي ... صوت أبي الذي لا أذكره يهزني بشدّة ...
" إن كان العمر لم يسعفني أنا ... فالعمر كله أمامك ... غامر لا تخشى شيئا "
هربت من المقهى ... طوال الطريق وذلك الصوت يدوي في مخيلتي ... لجأت لحضن أمي كرضيع مرتعش ... أمي لم تفهم ما أصابني ... فقط حضنتني بعنف ...
سريري تحوّل لحقل شوك ... سهاد ما بعده سهاد ... شيء خفي يدفعني للتفكير ... ليس التفكير فقط ... سرك من الخيالات ... مزيج من المشاعر بين الرغبة والإثارة والانفعال والخوف والطموح والحلم ...
كلما أغمضت عيني تتراقص تلك الاحتمالات أمامي ... متاهة لم أجد منها مخرجا ... هل اجرّب ... فقط سأضع الخريطة المؤدية لمفتاح الكنز ... فتحت جهاز اللاب توب ...
أنشأت ملفا جديدا " اللعبة 2 " ...
الجزء الثالث
على نفس خطى منهجية والدي ... الفرضيات في الفرضيات ... جداول ومربعات ... استنفرت كل حواسي وقدراتي لرسم ذلك المخطط ... طبّقت الإحتملات على عمليات بيضاء متكررة ... الموضوع ينجح ... أكرره ... فينجح
لا يمكن ان تفلت أي نتيجة مهما كانت من شبكتي المعقدة ... الأمر لم يتطلّب سوى سويعات قليلة ... صرخت كأرخميدس ... وجدتها .. وجدتها .... مزهوا بانجازي ... فخورا بعبقريتي
وانطلق سرك من الأحلام يتراقص أمام عيني ... سيارة فاخرة من أغلى طراز ... ملابس راقية ... فيلا كبيرة بمسبح ... سأزور كل دول العالم ... مهرجان أغاني راقصة انطلق في راسي ... الليل لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد ... عددت المبلغ المتبقي في جيبي يكفي ... لتغطية بضع عمليات ...
لا يهم فهو سيتضاعف بصفة آلية ... خريطة مستقبل مشرق لا اتعب فيه ولا أشقى ... فقط أجني الأرباح ... استثمار في الذكاء ... بدأت أضع خططا دقيقة لتبرير ثروتي أمام أمي ... مهما يكن لا بد من أن أعوض عنها سنين شقائها ... هي تستحق ذلك ...
خطط بسيطة كتفكيري ... أول نقطة انطلاق في خطتي هي وجوب أن أتحاشى رحيم ... هو سيخبر أمي بكل شيء بالطبع والاهم انه سيكتشف طريقتي ويقلّدها ... قال إن فروع ووسطاء مواقع الرهانات كثيرون ... سأبحث عنهم ...
مع بزوغ أول سهام الضوء تخترق ظلمة الليل ... فجر يوم جديد في حياة جديدة ... مفعم بالحيوية رغم عدم نومي ... سكون البيت يؤكّد أن أمي لا تزال نائمة ... حضّرت ملابسي ... تأكدت من الأوراق النقدية وأخفيتها جيّدا في جيبي... رأس مالي البسيط ...
دخلت الحمام بحذر ... ملأت البانيو ببطء ... وغطست فيه أتخلص من كل الفقر التاريخي الذي التصق بي ... الماء البارد زاد في نشاطي ... وقفت أمام مرآة الحمام الكبيرة عاري ... قلبت شعري للخلف ... شعري الناعم بلونه البني المائل للأشقر ... تمليت في انعكاس صورتي ... ورحت أتخيّل نفسي ... في عالمي الجديد الذي وجدت مفتاح النعمة فيه أخيرا ... طال مكوثي أمام المرآة ... صوت رنين الهاتف يتلوه وقع خطوات سريعة على الدرج ثم قرقعة الباب الخارجي تصم الآذان ...
صوت أمي وخالتي يكسر السكون في الخارج ... قرع عنيف على باب الحمام تستعجلان خروجي ... كالعادة لا شيء يسترني سوى تلك الفوطة البالية ... التحفت بها وخرجت عاري الصدر ... أمي تلكزني بمرفقها في جنبي بعنف خفيف إحتجاجا على تعطيلي لها ... وخالتي خلفها تستقبلني فاتحة يديها لاحتضاني ...
لا اعلم السر في ذلك لكن رغم ان جسمي نما وصرت أطول منها لكنها تتعمّد أن تغرس رأسي في صدرها كل ما حضنتني ...ربما هو إحتجاج على مفعول الطبيعة ..تريدني أن تثبت لنفسها قصرا أني لا زلت صغيرا ... ربما ...
رائحة عطر خالتي الغالي يداعب أنفاسي المتطلعة للحرية من مخنقها ... ملمس مفرق صدرها الناعم يدغدغ مسامي خدي الندي ... طال عناقها لي على غير العادة ... انسحبت من بين ذراعيها بهدوء ... أردت تقبيل وجنتيها كالعادة... عيناها لم ترتفع من الأرض كأنها تبحث عن شيء أضاعته ...
لثواني وهي تركز في الأسفل ... ثم كمن استيقظ من غفلته ... نظرت في عيني مباشرة ... حدقتاها تتساعن لترسما دهشة وشفتاها تصوران شعورا خفيا بالرضا ...
التحقت بغرفتي ألتمس فيها الستر... لبست ثيابي والتحقت بهما في الأسفل أمي تسرّح شعرها أما مرآة قرب باب المنزل ... نفس البنطلون ونفس القميص ونفس التسريحة ... فقط انعكاس وجهها الجميل يغمرني بابتسامة حب من عينيها ... تناولت معهما الإفطار الذي أعدته خالتي بسخاء ... لم أفهم فحوى حديثهما ... الموضوع يتعلّق بزيارة محامي ... أمي وخالتي أعلنتا الحرب على خالي بسبب الميراث منذ زمن ...
أمي فقط تساند أختها ... خالي وخالتي أغنياء لا يحتاجان ميراث والدهما البسيط في شيء ... فقط هو العند بينهما وأمي وقفت في صف أختها ... كنت استعجل مرور ساعات الزمن حتى أنطلق لحياتي الجديدة ... المكاسب الكبيرة ... الأموال وما تصنعه بصاحبها ...
إنطلقت هائما في شوارع مدينتنا ... بحثا عن فرع إحدى شركات الرهانات .... وجدت الكثير من علامات الإشهار على بوابات محلات عديدة ... محلات إنترنت عمومي ... مقاهي ... أكشاك سجائر ... لكن كلها مغلقة ... من سيقامر في الساعات الأولى للنهار ...
إستوقفتني إحدى العلامات على محل حلاقة للرجال ... ولو أن الموضوع غير عادي لكن لا يهم ... دخلت فاستقبلني رجل في بداية الأربعينات ... بشوش مستبشر بقدوم زبونه الأول ... أخبرته عن طلبي فلبى ذلك بسرعة وبساطة ... بضع نقرات على هاتفه ... أخذ مني مبلغ 50 دينار للحساب وخمسة له عمولة ... هكذا هو قانون هذي العمليات ... وضع في يدي ورقة عليها اسم عجيب للحساب ورقم سري لفتحه ...
كمن حقق نصرا في حرب خرجت مرفوع الرأس ... أصبح عندي حساب وفيه أموال ... المشكلة الآن أني لا أمتلك منفذا للانترنت ... لجأت لأحد المقاهي ووضعت اللاب توب أمامي ... الساعة العاشرة صباحا ... مقابلات كرة قدم في الصين ستفي بالغرض ...
فتحت ملف خريطتي السحرية للثروة ... وبدأت أتبع الخطوات ... أتممت عمليتي بتركيز شديد وانتظرت النتيجة ... هنا تحطّمت أحلامي ... راهنت بمبلغ جملي قدره 27 دينار لأكسب في أقصى الحالات 26 ؟؟؟
لم أستوعب ما يحدث ... ثم بتحليل بسيط إكتشفت أن من صنع تلك المواقع فكّر في ما فكّرت فيه قبل إنشائها أصلا ... ضارب المقابلات بثلاث إحتمالات لا تتجاوز الثلاثة أبدا .. وذات الاحتمالين لا تتجاوز ضارب إثنين ...
كمن صدمه تيار كهربائي تجمّدت أحاسيسي ... انتظرت نهاية المقابلات كالصنم ... نعم لقد صدقت إحدى إحتمالاتي وهو المتوقع ... لكني لم اكسب شيئا ... سوى سهاد الليلة وحرق الدماغ في التفكير ... والكثير من الخيبة
إنسحبت من المقهى أجر أذيال الانكسار ورائي ... كلما تذكّرت أحلامي التي قبرت إلا وإنتفض صدري بتنهيدة تحرق رماد أحلامي التي وئدت قبل أن تبصر النور ...
سخرت من نفسي كثيرا ... لست أذكى البشر والدليل أن من برمج تلك المواقع تفادى تلك الثغرة قبل أن يبدأ في العمل بها .... عدت للبيت خاوي القلب والفكر ... لجأت لغرفتي أصارع نوما أبى أن يرحمني ... صوت عقلي يسخر مني مدويا ... رانج روفر ؟؟؟ ... سفر ورحلات ..ثم يعقبه دوي ضحكات سخرية قوية ...
أحسست أن مفاصلي ترتعش ... جسدي يتعرّق ... لساني تخشّب وحلقي يجف ... كأني أقع في هاوية ... أردت الصراخ طلبا للنجدة فلم يخرج مني صدى ... أردت النهوض فلم أقدر ... ثم أظلمت الدنيا في عيني ...
طنين خفيف مسترسل بنغمة رتيبة متوازنة يصلني ... ألم وخز في ذراعي اليسرى ... أردت فتح عيني فلم استطع ورحت في النوم ثانية ....
فانوس ابيض طويل معلّق على السقف ... رأيت الرعب في دموع أمي التي تتمسك بذراع خالتي من خلف بلور شباك كبير ... أردت النهوض فلم اقدر ... ونمت ثانية ...
ثلاث أيام على تلك الحالة ... فهمت بعدها أني أصبت بنوبة عصبية وإنهيار نسبة السكري في الدم ... وسط ألف سؤال من أمي عن السبب ... لم اقدر على الإجابة ... لو علمت آمي أني اسبر على خطى أبي ستلحقه ... أنا كنت سألحقه ...
مع عودتي للبيت ..أمي تحصّلت على إجازة من عملها وخالتي رابطت عندنا في البيت وأنا نمت في غرفة النوم ... سرير كبير مريح ... صورة كبيرة لامي تحضن والدي تزيّن الحائط ... مع كل حركة منهما تبديان الاهتمام بي كان قلبي ينفطر حزنا ... ندم شديد على صنيعي ... وأشده الندم على مشاعر الكره تجاه خالتي ...
أسبوع على هذه الحالة مع سخاء في الاكل والراحة استرجعت أنفاسي وبعض شظايا نفسي ... اللحم والسمك والبيض أعادا لي بياض وجهي الشاحب ... أمي تنام على الكنبة في الصالون ... وخالتي تنام في غرفتي ... على أطراف أصابعي تسللت للحمام فرائحة عرق تغشى منها الأبصار تسبقني ... المغطس البارد يعاند الماء فيه حوافه تحضيرا لابتلاعي ....
غسلت عرقي ونتيجة تجربتي الفاشلة ... صوت الماء أيقظ الجميع ... وجهان مستبشران يطلان من وراء الباب ... كفرقة مقاومة الإجرام اقتحمتا عليا الحمام ... غطست حتى أخفي عري خجلا منهما ... كلمات بسيطة مني تطمئنهما أني بخير ... لا شيء يدعو للقلق ...
اشراقة وجه أمي أضائت المكان ثم انسحبتا لإعداد فطور ملكي على شرف سلامتي .... لم أتمتع بعد بثواني من الخلوة .. حتى فتح الباب ثانية ... خالتي التي شمّرت قميصها ليكشف نصف بطنها تمسك بيدها قطعة قماش وزجاجة صابون تبدو جديدة ...
لم تعطني فرصة للاحتجاج على اقتحامها خلوتي ... أمر صارم منها بالجلوس على حافة الحوض ...
" ما أنا ياما حميتك وإنت صغيّر "
كأسير ينتظر دوره أن يباع في سوق الرقيق جلست ملصقا فخذي ببعضهما البعض اخفي منبت قضيبي الذي غزاه الشعر ... حركة دؤوبة من يدي خالتي التي إمتلأت برغوة الصابون تدلك عضلات ظهري ... ضغط شديد من أصابعها على كتفي أشعرني بالألم ... قالت انه يساعد على تخفيف التوتر ...
عبثا حاولت إقناعها أني بخير واستطيع الاستحمام بنفسي ... بدأت تراودني بصوتها الناعم أن اعترف بسبب مرضي ... أحسست بلهفتها عليا وعلى صحتي ووخزني ضميري من سابق شعوري بالمقت تجاهها ... أفلت من قبضتها وغطست في الحوض يغطيني الماء حتى رقبتي ...
- أزمة عاطفية ؟؟؟ ...
- (تخيّلت أن تلك الفكرة قد تكون مخرجا ونهاية لفضولهما قد تعفيني مرارة الاعتراف بالحقيقة)
- تقدري تقولي كده
- كنت متأكدة بس أمك إلي مش مقتنعة
- بس ارجوكي إوعي تقولي لماما .. هي مش ناقصة
- ولو إن الأمر بالنسبة ليا طبيعي إنها تعرف بس اتطمّن
- طيب ممكن تقلي هي مين وإزاي وحصل ايه عشان كل ده
- (هنا شعرت أني وقعت في مأزق أكبر من الإعتراف بالحقيقة ) ...
- لو مش حاب تتحكي انت حر بس ..
- (هنا إختلطت مشاعري بين ضرورة تخز ضميري بالتقرّب من خالتي و بين الحقيقة) مش عارف أقلّك ايه
- لو حاب تتكلم أنا سامعاك ... هي مين ؟؟
الكذب كحبات عقد ... كل ما سحبت حبّة تلحقها الأخرى ... إستذكرت تلك السيدة ... الأنوثة الطاغية ومشاعر الانكسار لما رئتها في المقهى مع رفيقها ... فاقتبست تلك الحكاية والفت منها خرافة لا أساس لها من الصحة ... إن أردت إقناع أحد بكذب عليك تغليف كلامك ببعض الحقائق لاثراء روايتك ...
حقيقة الانجذاب والإعجاب والإحساس بالقهر والغيرة ممزوجة ببعض الأحداث التي لم تحدث أخرجت رواية حب حزينة متكاملة الأركان من صدري ... اعتقد أن خالتي صدّقتني
رغم أني توقعت صدمة وردة فعل عنيفة منها الا أنها جلست على حافة المغطس وبدأت تداعب شعري المبلل بأناملها قصد التخفيف عني ... تلك المداعبة التي تسري في مسام الجلد فتشعر أن روحك تحلّق في سحب الفردوس ... وبدأت اسرد ما حدث ثانية مجيب على كل تساؤل يطرح عليا ... استرجاعي لحدث المقابلة الأولى أيقظ تلك الرغبة التي اشتعلت بين فخذي كأوّل مرة ...
كلما استرسلت في الكلام انتظمت حركات أصابع خالتي بين خصلات شعري الناعم ... كحركات منوم مغنطيسي خبير كانت تحسبني للاعتراف الشبه كاذب أكثر فأكثر .... انتهت الحكاية التي صنعا مخيلتي أحداثها ... كنت انتظر ردا من خالتي ... أي رد فعل لكنها كانت صامتة ... وضعية جلوسها بجانبي وخجلي وانسجامي مع حالة التقمّص التي استلهمتها لم تكن تسمح لي برؤية وجهها ...
كانت تائهة أكثر مني وعيناها تغوصان وسط الماء ... سطح الماء الساكن مع طول سكون حركتي يشقه نتوء من النصف العلوي لرأس قضيبي الذي تحدى برودة الماء وعاد للحياة مع حرارة تلك الذكريات ....
لم تستجب عضلات جسمي الشبه مخدّرة بعد حتى فتح علينا باب الحمام و رأس أمي يطل منه بعلمنا أن الإفطار جاهز ... دخولها أفاق خالتي من شبه غفوتها ثم خرجت مسرعة دون نظرة واحدة نحوي ...
الطاولة تعج بما توفّر من خيرات في ثلاجتنا الشبه خاوية دوما ... فقط صوت أمي يدوي في المكان ضاحكا مستبشرا ... عينا خالتي كانت تتحاشى النظر لي ... قضمت أصابعي ندما على ما حدث غصبا ... أنا أصلا اشعر بالخجل منها لذنب هي لا تعرفه .. الم يكفي ثقل ذلك على قلبي حتى أشوه صورة ابن أختها الذي تحبه بان اجعله عاشقا لسيدة في مثل سن أمه .. وسن خالته ...
لكني لم أجد مخرجا من مأزقي غير ذلك ... وماذا جنيت ... إن أفشت خالتي السر الشبه مكذوب لامي فتلك الطامة الكبرى ... وإن لم تفعل فهي لن تهدا حتى تعرف ما الذي أدى إلي ما حصل لي ...
محاولا زرع الثقة في نفسي بابتسامة حمقاء رسمتها على وجهي ... كنت مركزا نظري على خالتي التي تغرس عينها في الأطباق هربا من صورتي التي شوهتها بحكايتي ... فقط أردت الاطمئنان أنها لن تخبر أمي ...
ما إن نظرت مباشرة نحوي حتى غمزتها مبتسما ... ابتسامة مفادها أننا على عهدنا ... رعشة أصابت يديها جعلت شوكة الأكل تنفلت منها ...
بما أن حالتي الصحية تحسّنت فلم يعد هناك من سبب وجيه لبقائها في بيتنا المتواضع ... قبل مغادرتها أردت فقط التأكيد عليها للمحافظة على السر ... تمشيت ورائهما نحو الباب ... فتحت لها حقيبة سيارتها ووضعت فيها حقيبتها الصغيرة ...
توقّف قلبي وأمي توشوش لخالتي كلمات في أذنها ... تلتها نظرة من كلتيهما نحوي لأصاب بالصمم فجأة ... عند وداعها إقتربت منها لتقبيلها ... فطبعت قبلة بطرف شفتها بين انفي وعيني وشفتي ... هي نفس القبلة ونفس مفعولها ...
لم افهم ما سبب ذلك لكني لم أنتبه ...
قرار صارم من أمي ألا أترك البيت هذه الأيام ... الإختبار الطبي واللجنة في الاكادمية العسكرية بعد أيام ... قالت أنها حماية لي من أي طارئ أن يطرأ ...
استسلمت لقرار السجن دون القدرة على الاحتجاج ... أصلا نفسي لم تعد تطيق الاحتجاج ... كورقة خريف تعبث بي نسمات الهواء عدت مستسلما لأمي ... اغتنمت تلك الأيام للقيام ببعض الأعمال المفيدة ... هي أعمال تافهة في حديقتنا الصغيرة ...
التخلّص من الأعشاب ... تهذيب بعض الشجيرات ... سد بعض الشقوق في حائط السور ألا تسكنه بعض الحشرات ... أشغال شغلتني ليومين ... أمي التي تمتعت بالراحة الجسدية والنفسية بعد الإنهاك الذي سببته لها ... ومع ارتفاع درجة الجرارة في صيفنا القاتل هذا ... خيّرت ملازمة البيت ومتابعة حركاتي من وراء النافذة ...
في بعض الأحيان تشجعني بكوب شاي أو عصير ليمون وقطعة بسكويت ... ورغم تعرقي وتوسخ ملابسي إلا أنها كانت تصر على عناقي ... ذلك العناق الذي لم تستوعب فيه لا هي ولا أختها أني صرت أطول منهما ... تحشرني في صدرها وتمرر يديها على ظهري ...
كنت أتخلّص من كيس جمعت فيه بعض القش والأوراق الميتة في مكب نفايات آخر الشارع ... أرعبني صوت منبه سيارة تلاه صوت ضحكة خالتي التي لا تخطئها أذني ... دعتني للركوب معاها لكني اعتذرت بسبب حالتي الرثة ... تحدتني للسباق من يصل البيت أولا ...
ككلب يطارد سيارة صاحبه كنت اركض خلفها وهي تضحك ... استقبلت أمي ضحكنا معانقة أختها ... لاهثا من أثر الركض حملت أكياس كثيرة وحقيبتان أثقلتا يدي ...
حسام ووالده سافرا لقضاء عطلة الصيف عند عمّه في أوروبا ... الخبر مزعج بالنسبة لي لكني لم انزعج ... لم اشعر بالغيرة نحوه كعادتي ... هي الحياة هكذا كل وما علق في شبكة رزقه ... أعتقد أن صدمة مرضي القصيرة أكسبتني بعض النضج في التفكير ...
خالتي وأمي تستعدان ليوم الغد اليوم الموعود ... لجنة القبول ... رغم طمأنة زوج خالتي للكل إن الأمر قد قضي ... لكن حالة من التوتر تسود الجو ... الكل متوتر ما عداي ... حالة الاستسلام و خيبة أملي في لعبة أبي جعلتني ادخل في حالة من الفتور النفسي ... إن لم أكن أنا سعيدا فلن أعكّر صفو أحد ...
أمر صارم من أمي بالاستحمام صحبه أمر مبطّن خفي بالتخلّص من الشعر الزائد في جسدي ...لم افهم السبب لكن خالتي أرسلت إشارة خجلة انه من ضروريات الكشف الطبي ...
كيس قماشي صغير مشبّك فيه أمواس حلاقة فخمة وصابون وكريم تنعيم وضعته خالتي في يدي ... ذبذبات كهرومغناطسية وهي تقرّب شفتيها من أذني وتقول
" حاسب لا تعوّر نفسك "
دفعني خجلي من بداية إنتصاب غير مبرر للهروب داخل الحمام ... القيام بمهمة دقيقة كتلك لأول مرة دفعني للتركيز ... شعيرات خفيفة تحت إبطي لم تعاند كثيرا حتى استسلمت للجز تحت وطأة الموس الجديد ... الجهد الذي تطلبته عملية التخلّص من شعر ما بين فخذي جعلني أفكّر في الثورة على الفكرة كلّها ... إن كان التحضير لامتحان القبول هكذا فكيف بالتدريبات والحياة هناك ... اللعنة على هذا العذاب
عملية التنعيم والتخلّص من شعيرات أبت واستعصمت أن تلتصق بجلدي استوجب عملية مسك و تحريك كثيرة لقضيبي الذي زاد تضاعف انتصابه ... واقفا أما المرآة الكبيرة في الحمام فخورا بشكلي الجديد ... التخلّص من شعر العانة زاد في حجم قضيبي أو هكذا تخيّلت ...
صوت نقر خفيف على الباب ... خالتي تطلب مني فتحه ... إحتجاجا مني على أني عاري تماما مددت يدي لالتقط بوكسرا جديدا مدته لي ... لأول مرة في سألبس ملابس داخلية جديدة ... قماشه الرمادي يمسك على منبت عضلات فخذي و حزام عليه اسم رجل بالانجليزية يزين وسطي وما بينهما ارتسم قضيبي كثعبان يختفي تحت أوراق شجرة ...
إصرار خالتي على خروجي لا مناص من الانصياع له ... وضعت المنشفة على كتفي تتدلى حتى وسطي ... نصفي الأعلى مستور والاسفل لا يغطيه سوى البوكسر ... رأس أمي يطلّ من وراء مصرف المطبخ ويصلني معها رائحة وصوت نقانق تونسية أصيلة تصرخ في المقلات ... نسميها المرقاز "
خالتي تمسك بيدي لتسحبني لكنبة الصالون ... بنطلون جديد اسود اللون وجوارب سوداء .. قميص قماشي يلمع لونه الأبيض تحت ضوء الفانوس وعلبة لحذاء تنتظر أن تكشف عن محتواها ...
أصرّت على تنشيف ظهري وصدري بيديها خشية أن تفلت قطرة ماء تفسد بياض القماش ... لا أدرى لما طال فركها لجسدي ... تخيّلته حرصا منها ... طلبت مني الوقوف ... وجهي ناحية أمي في المطبخ وظهر خالتي لها ... حركات حريصة من خالتي على الحفاظ على القميص خشية تجعّد يصيبه...
... طلبت مني أن ارفع راسي للأعلى .... مع كل حركة تنازلية من أناملها تغلق أزراره تلامس أظافرها اللينة صدري ... وصلت لبطني المسطحة ثم ثقلت حركتها وتباطأت ... كان نظري معلّق في السقف حسب أوامرها ... استغرق إغلاقها للزرين الأخيرين وقتا أكثر من الأربع الذين سبقوهما ... مع بداية الم في رقبتي خالفت أمرها ...
نظرت للأسفل ... خالتي تجلس على ركبة وتثني الأخرى ... تهت في مفرق صدرها الأبيض المطل من فتحة قميصها الأزرق ... كتناسق بياض رمال شواطئ بحرنا مع زرقة أمواجه ...
أصابعها تتحرك ببطئ كأنها لا تريد أن تنتهي ... وعيناها لا تفارقان التمثال الذي نحته انتصاب قضيبي تحت قماش البوكسر ... نظرة فاحصة طويلة من عينيها اللتان لا يفصلهما عن أسفل بطني سوى نصف شبر .... صوت طبق كبير وضع فوق الطاولة تلاه سؤال أمي
- هاه ... ماقسو كويّس
- كبير قوي
- لا كبير ولا حاجة ده مقاسو بالضبط
- (خالتي مستدركة بصوت مبحوح كمن صحي من نومه للتو) مش عارف اتهيئلي انه كبير
عشاء لذيذ ودسم لم تعهده بطني ... أمي التحقت بغرفتها وهي تؤكّد عليا بالنوم باكرا ... سنصحو عند الفجر ... وخالتي توسدّت مخدة على أريكة الصالون ...
غير متعوّد على حلاقة شعر أسفل بطني أمسكتني حكة عنيفة حرمت عيني النوم ... الحكة المتواصلة أرغمتني على النزول للحمام بحثا عن علبة الكريم المرطّب ... على أطراف أصابعي محاذرا إحداث أي ضجيج من شانه إزعاج خالتي التي تكوّرت في الأريكة ملتحفة غطاءا خفيف تستنجد به من لدغات البعوض الذي استنفر هذه الليلة ...
تلامس أصابعي المغمسة بالسائل اللزج مع منبت قضيبي ... منحني شعورا بالراحة ودفع الدم في شرايينه لينطلق متطلعا للأعلى ... كلما دعكت مكان الحلاقة زادت رغبتي في المواصلة... نعومة الكريم ورائحته الزكية مع ملمس جلدي الناعم زادت في لمعان مسامه تحت أشعة الفانوس الخفيفة ...
جلبة خفيفة مصدرها المطبخ دفعتني لستر نفسي بالبوكسر والخروج بحذر ... عاري الصدر وحافي القدمين ... إطلالة جسد خالتي التي أفزعها صوت فتح باب الحمام تقف وراء مصرف المطبخ الرخامي ممسكة كأس ملأته بالمشروبات الغازية ....
هو مفعول أكل النقانق التونسية أو المرقاز ليلا بالتأكيد ... اللحم والملح والبهارات تشعل نار العطش في البطن مع لهيب هذه الأيام ... لن تجد مفرا من شرب كل ما هو متوفّر لديك ... ظلّ شعر خالتي المنكوش يتراقص على جليز الصالون يصلني قبل أن يصلني صوتها
- ماجالكش نوم ؟؟؟
- لا أبدا كنت نايم وصحيت رحت الحمام ...
- تحب تشرب ؟؟؟ (مدت يدها تمسك القارورة المنتصفة)
- أحب طبعا
النور الخافت يلمع في عينيها ... خالتي تشبه أمي لدرجة لا تصدّق ... وكلتاهما تشبهان الفنانة داليا البحيري ... غير أن طولهما اقصر منها بقليل ... وإختلاف بسيط في لون العينين ... أمي عيناها تميل قليل للزرقة وخالتي تميل للرمادي ... لا تستغرب فنحن هكذا ... غير ذلك فهما نسختان متطابقتان ...
إستندت على رخام حوض الغسيل في المطبخ محاولا التمتع بالمشروب البارد بينما عينا خالتي انغرستا في كأسها ... شعور مضطرب الم بي ... خالتي التي كانت سندا لامي طول سنين عمري والتي لم تبخل عليا بأي شيء ... هي لم تفعل شيئا سوى أنها تهاديني بثياب ابنها القديمة ... لهفتها عليا وخوفها ووقوفها بجانب أمي دوما وخصوصا عندما أكرمتني بثيابي الجديدة مساء اليوم جعلني أشعر بالإمتنان وتأنيب الضمير نحوها .... ذلك الشعور بالامتنان تزامنا مع كمية الحنان التي أغدقتها عليا فجأة ... جعلني اسعد بالبقاء بجانبها
ربما جرعة الحنان التي افتقدتها من أم فرضت عليها الظروف تلك القسوة والشدة ... حنان يحتاجه كل من هو في مثل سني وظروفي ...
تهت في تفكيري لدقائق طويلة من الصمت ... صمت قطعه صوت خالتي الهادئ ... كأنها تستجمع موضوعا تريد طرحه عليا ...
- قلي بقى إيه الي طيّر النوم من عينك ...
- (منعني خجلي من الاعتراف بالحقيقة) لا ابدا بافكّر في اللجنة بكرى ...
- (حركة تقطيب حاجب ورفع الآخر توحي أنها لا تصدقني) بتفكّر في اللجنة وإلا بتفكّر فيها ...
- هي مين ؟؟؟
- (غمزة بنصف عين منها) اهاه ... عليا الكلام ده يا واد .. الست الي كانت هتجيب أجلك قبل ما تطلع مالبيضة ...
- (هنا جف الريق واحترق الحلق... هذه الكذبة لن تنتهي أبدا ؟؟؟ ... كنت سأقسم لكنها قاطعتني)
- طالما سكتت يبقى كلامي صح ... قولي بقى إنت لسة بتحبها ...
- بأحبها ؟؟؟ إنت وصلت لغاية هناك بسرعة ليه ؟؟؟
- أمال ؟؟؟
- ابد اده كان مجرّد إعجاب ... فيها حاجة شدتني ليها ... بس
- يعني عاوز تقنعني إن مجرّد إعجاب يوصلك ترقد في المستشفى وتطلع عيننا معاك ؟؟ مش مصدّقة
- اقسملك هي الحكاية كده
- طيّب إقنعني ...
- مش عارف أقلّك ايه ...
- قول من غير كسوف ... انا سامعاك
- هو مش إعجاب هي حالة ثانية أوّل مرة أحسها ...
هنا وقفت الطريق بالهارب ... سؤال في شكل مأزق يصعب الخروج منه ... على غير عادتي وجدت طريقا للكذب ثانية باعتماد بعض الحقائق ... بما اني سحبت حبة عقد الكذب الأولى كان وجوبا عليا أن استرسل ... مستخدما مخزونا من القهر وحقدي على ظروفي ... بدأ صدري يهتز مع كل حجة عن استحالة أن تنظر لي إحداهن بسبب مظهري الرث وحلة فقري ... لا أستطيع المنافسة على إحداهن ...
استحضار ذلك الشعور النابع من قهر حقيقي أنتج زفرات وحشرجة أشبه بالنحيب ... أحسست بالنصر والنجاة وأنا أرى خالتي تفتح ذراعيها تدعوني لحضن تواسيني به .... إقتربت منها وكعاتها سحبتني لصدرها تحشر رأسي به ... وضعية جلوسها على حافة المصرف الرخامي مع وضع رجليها جعلت راسي يتوسد مفرق صدرها وركبتها المثنية تلامس طرف رأس قضيبي الذي لم يتخلّص من انتصابه بسبب الدعك بالكريمات ...
تزامنت حركة أناملها الرقيقة على شعري الناعم مع حركة خفيفة من ركبتها على رأس قضيبي الذي لا يمكن أن لا تكون أحست به ... رعشة من لم يتعوّد ممزوجة بخجل ورعب وارتباك إنتهت بانطلاق دموع لا أعلم سببها ... هل هي حالة التقمّص التي كنت فيها أم هو إنفعال طبيعي لتلامس محرم لم أتعمده أم خوف من ردة فعل قد تحطّم علاقة امتنان وليدة بعد نكران طويل ...
دموعي الحارة سالت على مفرق صدر خالتي ... تفاعلها مع حالتي جعل نبض قلبها يتسارع تحت خدي ... لهيب العاطفة المتأججة جعلها تريد سحبي أكثر نحوها ... ركبتها تمنع التصاق جسدي الفتي بجسدها الحنون الخبير ...
دفعتني بركبتها من بطني للخلف وهي لا تزال تحيط راسي بذراعيها وفتحت رجليها لتسحبني بينهما لها ... ذراعان يحيطان برقبتي ساحبين راسي لصدرها ورجل تضغط على مؤخرتي ليلتصق وسطي بما بين فخذيها ...
حرارة تلك المودة الغريبة استعرت بتلامس قماش البوكسر بقماش ناعم بين فخذيها ... نعومته فرضت عليا الحركة غصبا عني ... قضيبي يتجوّل محبوسا في البوكسر بين فخذيها دون قصد مني أو منها ... توقعت ارتباك أو رفضا أو صدا لكن مشاعر التعاطف معي هزمتها فطال عناقها لي وازدادت دموعي ...
توقفت عقارب الزمن عن الدوران وأنا بين أحضانها ... لا اعلم كم لبثنا وأصابعها تتجول في خلفية راسي وأعلى رقبتي مانعة عني التفكير وردة الفعل ... شعرت بارتفاع رائحة جلدها وشممت ريح جسدها الناعم لأول مرة هكذا ... ثم أمسكت راسي ورفعته ناحية وجهها ... صارت المسافة بين عينينا اقل من إصبع ... تهت في لونهما قليلا ... رعشة خفيفة من شفتيها ... ثم كم إستيقظ من كابوس مرعب ...
دفعتني برفق وهي تهرب بنظرها نحو ساعة قديمة معلّقة على جدار الصالون ... الساعة تشير للثالثة صباحا ... الزمن يتطاير عندما يهتم بك أحدهم ... بصوت تخنقه حشرجة قالت أن الوقت تأخّر كثير وأمامنا يوم طويل غدا ....
انسحبت كالمصعوق من أمامها أداري قطرات داكنة ابتدأت تتوسع في قماش البوكسر ... ما إن خطوت نصف درجة في اتجاه الأعلى حتى سبقني صوت الفجر ممتزجا بصوت هاتف أمي ونصف كحة تخرج من حلقها معلنة بداية اليوم الموعود
لم تتطلّب التحضيرات وقتا كثيرا ... أمي تولّت مهمة الاعتناء بقيافتي معوضة غياب خالتي التي طال إختفاءها في الحمام ... الساعة تشير للخامسة صباحا ... خالتي تتولى قيادة سيارتها تجانبها آمي وأنا في المقعد الخلفي ... طوال الطريق وأمي فقط تتحدث وسط إجابات مقتضبة من أختها خلت من الروح والابتسامة ...
ساعتان ونصف أكلت عجلات السيارة فيهما المسافة بين مدينتنا والاكادمية العسكرية ... أمي نزلت من السيارة تتأكد باهتمام من مظهري و تتفقد بحرص الوثائق في الظرف الذي بين يدي ... بينما خالتي ترشق نظرها في بلور سيارتها كأنها تهرب من شيء ما ...
تائها وسط حشد من أترابي ... مجموعة كبيرة من الفتيان والفتيات يتأنقون بمختلف درجاتهم الاجتماعية أمام الباب الكبير ... قوس كبير يحمل اسم المنشأة ... تطل من خلفه بنايات كبيرة مسقّفة بالقرميد الأحمر ... يتوسطها صاري طويل يرفرف فوقه العلم الأحمر بنجمته وهلاله ...
مجموعة من الشباب بزي موحد يحملون علامة آلفا بيضاء فوق أكتافهم يتولون تنظيم صفوفنا وتقسيمنا إلى مجموعات حسب الشعبة العلمية ثم حسب العمر والاسم ... كل المترشحين هم من المتفوقين في إختبار البكالوريا ... الأعلى معدلات والأكثر جدارة ... كنت فخورا بأني أحدهم ... لأول مرة اشعر بالفخر
أمر صارم بالتقدم .. ما إن خطت يسراي تحت القوس العالي حتى أحسست بنفسي تغيّرت ... الحدائق الخضراء والأشجار المنمقة تتناسق مع مشهد الضباط بملابسهم الموحدة متمازجة مع الأحذية اللامعة ... الذقون الحليقة في وجوه صارمة واثقة تحت قبعات مزينة بنقوش مختلفة حسب الرتب تتشارك فقط في دائرة عليها العلم ... وقفت شامخة وحركات حريصة من جميعهم على نمط واحد ...
سقطت كل جدران مقاومتي فجأة ... لا أعلم السبب لكن ذلك العالم سحرني ... لم يكن الموضوع صعبا ... زيارة لمصحة يتولى فيها كل عنصر مهمة معينة كقياس الطول والوزن والنظر والسمع ... التأكد من سلامة الجسم من أي أثر لجرح يمنع نشاطه ... طبيب ملامحه جادة تزيّن وجهه الأحمر بشارب أشقر محفف ... يتولى معاينة كل جسدي ...كل الجسد لا يسترني عنه شيء ... من أسفل رجلي حتى أعلى راسي ... ثم اشّر على ورقتي بالقبول ...
بعد المرور في الكشف الطبي ... بدأ قلبي يخفق بشدة ... نصف من دخلوا معي وقع الاستغناء عنه لأسباب عديدة ... الفتيان الذين فهمت أنهم تلامذة ضباط سبقونا بالالتحاق قبل سنة أو سنتين أعادوا تنظيمنا حسب قائمات جديدة ...
اقتربت من قاعة كبيرة ... طاولة بسيطة وطويلة جدا يجلس عليها 12 عشر ضابط برتب مختلفة بتوسطهم رجل وسيم وبشوش يضع على كتفه شعار الجمهورية وثلاث نجمات صفراء لامعة ... هو الأعلى رتبة فيهم ...
مع نصف حركة من شفتيه معناه ان لا تخشى شيئا .... تمالكت ارتباكي ووقفت شامخا متحديا نظراتهم الفاحصة لي ... تحدّثت بطلاقة استغربتها من نفسي ... أجبت عن كل الأسئلة البسيطة ...
إنتهى الأمر ... وقع إكرامنا بغذاء محترم ... جلوسي في المطعم الكبير ... مشهد الحركة والانضباط .... الملابس الموحدة تعطي أصحابها رونقا جميلا جدا ... نسميه في تونس " الوهرة " ... السحر يزداد في عيني ...
قبل انصراف من تبقى منا ولم يتبقى الكثير ... وقفنا في صف متناسقين حسب الطول استعدادا لأمر هام ... هكذا فهمت من الحركية الشديدة وتجمّع الكل في صف واحد
فجأة دوت صرخة شديدة من الرجل البشوش الذي استجوبني يأمر الجميع بالاستعداد ... العيون كلها تتطلّع لباب مكتب في بناية عالية فخمة تزينها مقولة نقشت أعلاها " الحياة عقيدة وجهاد " ... فتح الباب ليخرج علينا رجل عليها علامة المهابة ... يلبس نفس الزي العسكري ... كتفاه مزينان بشعار للجمهورية وسيفين متقاطعين ... قبعته مزركشة برسوم جريد نخل يحيط بها من كل جانب ...
ألقى علينا خطاب ترحيب مقتضب ثم ودعنا بقوله .... " الي كاتبتله خبزة معانا تو ياكلها " ...
كلمة لا زال صداها يتردد في أذني لليوم... معناها من كتب له لقمة عيش هنا سيأكلها ... الموضوع ليس لقمة عيش هي شخصية تتملك بك وتسرق منك شخصيتك الأصلية ... شيء كالسحر أصابني ... دخلت ممتعضا رافضا مجرّد الاقتراب من هذا العالم وخرجت أرى نفسي أنتمي اليه ولا انتمي لغيره ...
مررت من تحت قوس الباب ... منتصب القامة مرفوع الرأس ... أمي وخالتي تحتميان بالسيارة تحت ظل شجرة في مرآب أمام الباب لم تنتبها لخروجي ... سعيدا مزهوا باني كنت أحد المرشحين الباقين للاتلحاق ... سيقع إختيار الافظل منا حسب قولهم ... الأفضل أو من يملك واسطة تساعده ... لا أعلم طرقت باب النافذة منبها اياهما بوصولي ...
نزلت أمي مستفسرة ... نصف ابتسامة ونصف انشراح على وجنتيها بعد علمها بنجاحي في الاختبارات ... ثم ركبنا في طريق العودة ... الصمت يطبق على المكان ... تخيّلت أن الإجهاد تمكّن منهما بسبب السهر والحرارة ... لا خالتي تتكلم ولا أمي تفتح موضوعا ... أرخيت راسي على مقعد السيارة ورحت في شبه حلم ...
حلم كنت بطله ... تخيّلت نفسي بعد سنين طويلة وكتفي تزينها السيوف والكل يرتعد لوقع خطواتي ... بدأت نفسي تتحضّر لعالمها الجديد ...
سرقتني أحلام اليقظة ... فلم اشعر بنفسي إلا والسيارة تتوقف أمام باب بيتنا ... رغم إلحاح أمي على خالتي بالدخول إلا أنها تمسكت بقرار رحيلها متعللة أن الأريكة آلمت ظهرها ...
ما إن خطوت خطوة واحدة داخل البيت مع هدير محرّك سيارة خالتي ... حتى لحقني صوت أمي مدويا في البيت ...
" إيه الي إنت عملته مع خالتك ده ؟؟؟ ... إنت إتجننت ؟؟؟ "
الجزء الرابع
كمن صعقه تيار كهربائي رحت أتفحّص عيني أمي اللاتي اتقدتا كأتون نار مشتعل ... لم يستوعب ذهني المشوش كلماتها ... أي جريمة إرتكبت ؟؟؟ ... كنت أظن خالتي سعيدة بحالة التقارب الحاصلة بيننا مؤخّرا ...
لم أجد مهربا من عيني أمي اللتان راحتا تغوصان في مقلتي كأنهما سهمان يخرقان روحي ... محاولا تمالك نفسي قبل الإعتراف بذنب لم أستوعبه بعد ... غرست عيني في الأرض كعادتي كلما حاصرتني أمي في ركن ... سيل من الشتائم والتحقير لي ولتربيتها لي ... لكني لم أسمع قرار دائرة الإتهام بعد ...
إغرورقت عيناي بالدموع ... هي دموع تعودّتها كلما وقفت في موقف تقريع ... راجعت كل لحظة وكل كلمة دارت بيني وبين أختها فلم اهتدي لما من شانه أن يتخذ قرينة إتهام ضدي ....
طال وقوفي كالصنم تجاه أمي التي اشتعلت نار غضبها أكثر من المعتاد وطال سيل تقريعها لي ... تعودّت منها هجوما لدقائق ثم أمرا لي بالغروب عن وجهها و الإنسحاب لغرفتي ... لكن هذه المرّة لم يصدر ... بل إستعرت نار أتون غضبها الغير مفهوم ... كثرت حركات يديها أمامي ... كنت في حالة إستعداد مني لتلافي صفعة قد تقع على خدي بين الفينة والأخرى لكنها تأخرت هي كذلك ...
لا أعلم كم مرّ من الزمن وهي ترعد وتزبد دون أن توجه تهمة واضحة لي أعترف بها أو أدافع عن نفسي ضدّها ... أحسست بفورة غضب ممزوج بالرعب تشتعل في صدري ... مع تكاثر حركات يدها أمام وجهي لم أعد أستمع لكلامها ... أمسكت معصميها بقوة قصد تخفيف انفعالها ... حركتي المفاجأة سببت لها ألما لم تستطع ملامح وجهها التستر عليه ...
شعوري بالتفوق الجسدي عليها شجعني على المواصلة ... إحتضنتها بعنف بين ذراعي قصد تخفيف غضبها .. لكنها أصرّت على المقاومة والهجوم ... وسط كلمات مني أشبه بالصراخ طالبا منها أن تهدأ وهي تطالب بإطلاق سراحها ... أحسست بالتفوق عليها برفع صوتي فتراجعت ... سحبتها ببطء وهي أسيرة بين ذراعي للكنبة الكبيرة وسط الصالون الشبه مظلم... جلست وسحبتها لتجلس غصبا ... رأسها مدفونة بين صدري وذراعي اليمنى تحوط كتفيها من خلفي بينما أصابع يدي اليسرى تربّت على رأسها علّها تهدأ ...
أحسست بالفخر وفورة الشباب تتفوّق على حالة الارتباك المعهودة ... أوّل مرة أسيطر فيها على إنفعالات أمي ... والحق يقال إنفعالها هذه المرّة كان غير مسبوق ... ككل أنثى في العالم ما إن تحتوي غضبها وتهدأ حتى ينقلب الغضب لبكاء ...
تنهيدة وحشرجة مخلوطة بدموع ساخنة أحرقت جلدي مخترقة قماش القميص ... كل هذا وأنا أنتظر فقط أن أفهم ما يحدث ... أو ما سبب ما يحدث ... طال نحيبها وإنتحابها دون أن تصلني منها كلمة مفهومة واحدة ...
انتظام نفسها المذبوح بنشيجها المكتوم ينبأ أنها بدأت تسيطر على نفسها ... أسندتها بحنان للحمام تغتسل علها تسترد روحها ... وقفت خلفها وهي منحنية تصفع وجهها بموجات من الماء البارد ... صمت مطبق على المكان لا يقطعه سوى خرير الماء وبعض الشهقات من أنفها تعلمني أنها بدأت تعود لوعيها ...
قميصي الأبيض اللامع تزيّن بدوائر سوداء كبيرة على الصدر والبطن سببها إختلاط بكائها بزينة عينها ... أردت إضفاء القليل من الدعابة علّها تقتل روح الغضب فيها ...
- كده وسختي القميص ... هو أنا مش مكتوبلي البس حاجة عدلة في حياتي أبدا
- (كلماتي صدمتها أو أشعرتها ببعض الذنب ) ماهو كله منك ... إقلعو أنظفهولك قبل ما يلزق فيه
- (مستجيبا لأمرها بإبتسام رحت أفتح أزراره تباعا) طيّب ممكن أفهم أنا عملت ايه زعلك مني ... إختبار ورحت ونجحت ... عملت إيه بس ؟؟
- يعني مش عارف إنت عملت ايه ؟؟
- يا ستي أقسملك أنا مش فاهم حاجة ... وإحتياطيا كده أنا آسف مسبقا بس اضحكي ...
- طب تصدقي إنك كده أحلى بكثير
- (إغتصبت كلماتي إبتسامة رقيقة من شفتيها أخفتها بأن صفعت صدري العاري) إقلع البنطلون عشان أغسلهولك بالمرة
- (مستجيبا لطلبها رحت أفتح الحزام وأزرار البنطلون) طيّب قوليلي أنا زعلتكم في إيه ؟؟؟
- أنا بس إلي زعلانة ... خالتك مبسوطة من عينيها بس أنا إلي ما عرفتش أربي
- (أحسست أن فورة غضب ثانية لا تفتأ أن تشتعل) ... أنا غلطان من ساسي لراسي بس قوليلي أنا عملت ايه ؟؟
تطايرت بضع فقاعات صابون انفلت من بين أصابعها لترسم دوائر على ملابسها ... أمر سريع ممزوج بالغضب أن أجلب لها شيء آخر تلبسه قبل أن تفسد ثيابها ... أعتقد أنها فرصة مناسبة لكلينا أن نرتب أفكارنا ... بخطوات كالقط قافزا نحو الدور العلوي ... جلبت أول شيء وقعت عليه يدي في خزانة ثيابها الشبه خاوية ...
عدت للحمام لأجد أمي تخلّصت من قميصها لا تلبس سوى البنطلون و سوتيانة بنفسجية ... صعقني المشهد فلأول مرة أمي تتخلى عن حذرها معي أثناء تغييرها لملابسها ... مددت لها قطعة القماش السوداء ... نظرت لي بتعجّب ... هو قميص اسود نصف طويل لا إشارة فيه ... نظرة استحسان منها لإختياري ثم ضربتني بطرفه وقالت " أول مرة تعمل حاجة عدلة " ...
حشرت نصفها الاعلى فيه بسرعة و إستدارت تفك أزرار بنطلون الجينز ... هزمني خجلي فأطرقت النظر للأسفل ... لم يطل إنتظاري ... رمت ببنطلونها على وجهي تأمرني بتعليقه خلف الباب ... قبل أن أفعل ذلك عالجني سؤال سريع منها
- مش هتنطق بقى وتقلي عملت كده ليه ؟؟؟
- هو ايه ده ؟؟؟ قوليلي إنتي أنا عملت ايه وأنا هافسرلك ... لأني بجد مش فاهم
- (همهمة طويلة وتفكير أطول منها) إنت إزاي تحكي لخالتك الحكاية الي قلتهالها ...
- حكاية ايه ؟؟
- حكاية الست الي بتحبها ...
- (هنا كرهت خالتي نهائيا ... محاولا استرجاع شجاعتي المكتسبة حديثا) هي سالتني وأنا جاوبت
- يا سلام وما قلتليش انا عالموضوع ده ليه ؟؟؟ هو مين أقربلك أنا وإلا هي
- ببساطة لانك ما سالتنيش ؟؟ وكمان أنا كنت فاكر إنك انتي الي بعثتيها تستفسر مني
- وهو أنا لازم أسالك ... المفروض حضرتك تيجي تحكيلي وأنا أنصحك هو أنا مش مامتك ...
- (أطرقت برأسي للأسفل هربا من الموقف ... كنت أنوي أن أعترف لأمي أني كذبت على خالتي لكني تراجعت فلم أنطق ) ...
- هي قالتلي يوم ما دخلت المستشفى إنها أزمة عاطفية بس أنا عاندتها ورفضت الفكرة رغم إني كنت متأكدة ...
- وعاندتيها ليه ؟؟؟ وعرفتي منين
- موضوع عرفت منين دي مش محتاجة سؤال ... أنا أمك ومش محتاجة افسرلك ورفضت وعاندت عشان أحمي صورتك وصورتي قدامها ... إبني زينة الرجالة يدخل مستشفى عشان خاطر وحدة بيحبها ؟؟؟
- (صدمت من كلام أمي ... لم اتوقع منها ذلك التفكير أمي تحكي لخالتي أبسط تفاصيل طبق العشاء فما بالك بحياتنا ككل) ... (غممغمت أن أتكلّم لكني أصبت بالبكم)
- شوف يا حبيبي ... البيوت أسرار وكل بيت لازمه منطقة سرية ما حدّش يعرفها غير أصحاب البيت حتى لو كانت خالتك ... أنا دافعت عنك وأنكرت الفكرة وإنت تعبان تقوم تيجي تفضح نفسك وتصغرها وتصغرني قدامها
- (مسحت بظهر يدي دمعة إنسلّت من عيني غصبا عني ولم انطق)
- لا والمصيبة بقى إنك مش بتحب وحدة زميلتك وإلا وحدة من سنّك ... أزمة عصبية ومستشفى عشان حضرتك معجب بوحدة من سني أنا ...
- (هنا خنقني كذبي ... قررت أن أعترف لامي بالحقيقة وليكن ما يكون ) أصل الموضوع مش زي ما إنتي فاهمة
- لا الموضوع مفهوم ومش محتاج تفسير ... أنا السبب وأنا الي غلطانة
- (تاهت مني ردة فعلي في هذا المنعرج في الحوار) إنتي السبب إزاي ؟؟
إقتربت منها من الخلف ... أحطت ذراعيها بذراعي ... وحضنت ظهرها لصدري بقوة فتجمّدت حركتها ... قبلت أعلى رأسها طالبا الصفح ... أمسكت بمرفقي من الخلف وحركت أصابعها في إشارة أنها سامحتني ... ثم نطقت
- إنت كبرت إمتى يا ولى ... إيدك بقت قوية إمتى ؟؟؟
لجأت لغرفتي محاولا تمالك نفسي من كمية المشاعر المتناحرة في صدري ... شعور بالفخر والتفوق في الإختبار وشعور بالإنكسار والندم ... وشعور بالحسرة لما سببه كذبي على أمي ... سريري الذي تحوّل جمرا يشوي ضلوعي لم يعد يحتملني ... راجعت كل كلمات أمي ... أمي التي إكتشفتها الليلة رغم علاقتها بأختها لكنها استنفرت لما أحست انها ستكون أقرب لي منها ...
كتكفير عن الذنب قررت أن لا مفرّ من الإعتراف ... سأحكي لامي كل شيء ... ربما الصدق سيصلح ما شرخ بيننا ... ستسعدها فكرة أني كذبت على خالتي وإخترعت حكاية ولما جد الجد إعترفت لها بالحقيقة دون زيف ... سحبت كل الأوراق من صندوق أبي فتحت اللاب توب ...
أغمضت عيني أراجع الحكاية من بدايتها حتى لا انسى حرفا يمكن ان تستعمله ضدي يوما ... سأعترف وليكن ما يكون ... نظرة فاحصة مودعا بها خريطة أبي وخريطتي ... ثم نظرة فاحصة بتأني ... لتنفتح عيني وألف قطعة من عقلي ... وألف صورة في خيالي
أبي أدرك تلك الهفوة من زمان ... تلك الجداول ما هي إلا محاولة لتطويع الحظ في مصيدة المنطق ... الأمر قد ينجح ...نسيت سبب فتحي للملفات ... تربعت ووضعت اللابتوب على حجري ... رحت أتابع خطوات أبي بدقة ... بضع نتائج تكون قريبة للمنطق وتعتمد على الحظ والبقية تغلق إحتمالاتها مهما كانت ... قديما لم تنجح بسبب عدم القدرة على إختيار مكونات الرهان .... لكن مع المواقع الجديدة قد تصيب
هنا الإختيارات أكثر .... رسمت شبكة جديدة بنفس منطق أبي ... أشبه بالكلمات المتقاطعة ... جداول كثيرة ... فروع وتركيبات أكثر ... إن وقعت نتائجها في إحداها كسبت وإن أخطأت تكوّن نوات لجدول آخر مبني على الإحتمالات العكسية ... أشبه بشباك صيد أسماك التونة ... إن لم تسقط إحداهن في شبكة بالممرات وقع السرب كله في غرفة الموت ...
نسيت أمي ومشاعرها وخالتي التي أفشت سري ... فقط حضنت صورة أبي بفخر ... فخور بكوني إبنه .... لقد نجحت فيما فشلت فيه ... أنا النسخة الحديثة منك ... في نسخة حديثة للعبة حظ هزمتك يوما ... ذرفت دموعا حارة إمتنانا له هذه المرة ...
مع أشعّة الشمس الأولى دخلت الحمام هذه المرة أغسل صورة أبي من عار الهزيمة ... بنشاط غير معهود حضّرت الفطور لأمي التي صدمت لفعلي حال استيقاظها ... عناق طويل منها ظنا أني فعلت ذلك معتذرا من ذنب يوم أمس ... ما إن إنطلقت لغايتها حتى طرت لغايتي ...
دلفت المقهى متسلحا بآخر دينارين أمتلكهما ... وضعت الإختيارات وإستبقت النتائح في عقلي ... رأيت مكاسبي تتوالى .... رغم ان السرب كله لم يعلق لكن علقت بعض الأسماك .... قهوتي السوداء لم تنتهي بعد وتضاعف رصيدي من 49 دينار ل 485 ... ثم ساعتان قاربت فيهما الألف ... قبل منتصف النهار تجاوزت الألف دينار ... مبلغ لم اتخيّله في حياتي ... هو لا يمثل شيئا بالنسبة للبعض لكنه بالنسبة لمن في مثل سني وحالتي يعتبر ثروة ... لم أصل بعد للعصر والألف صارت ألفين ...
موعد عودة أمي للبيت أجبرني أن اقطع سلسلة مكاسبي الرقمية ... جريا توجهت لمحل الحلاق ... دقائق وتحوّل الرقم في حسابي لأوراق وضعت بين يدي ... ملمسها له مفعول السحر ... مقلدا صنيع ذلك الرجل في محل رحيم ... وضعت ورقتين خضراوين في يدي الحلاق ... إكرامية مني ...
شعرت بالنشوة وهو يوصلني للباب يودعني ... ملعون هو أب مفعول المال في نفوس البشر ... في الطريق كنت أمسك رزمة الأوراق واصفع بها نفسي ... أنا لست في حلم ... دخلت بيتنا لاهثا قبل دقائق من وصول أمي ... كنت ثملا بإنجازي ... أخفيت بعناية ثروتي الجديدة .... لم أصغي لكلامها رغم محاولتها سحبي في الحديث ... كنت أتحسّر على تلك المقابلات التي تدور حاليا ولم تعلق بشبكتي منها أرباح ...
ليس عندنا انترنت في البيت معضلة كبيرة ... لا أعلم كيف مرت تلك الليلة ... في الغد متأبطا جهازا ومنطلقا لأحد الكافيهات ... مستوايا لم يعد يسمح بالجلوس في مقاهي شعبية قد تتلصص منها بعض العيون فتسرق فكرتي ... جلوسي في هناك وهيأتي التي لا تناسبه أشعرني بالحرج رغم امتلاكي لما يسد عين أي محتج ... هكذا رأيت نفسي ...
قبل نهاية اليوم ... تضاعف المبلغ في جيبي إلي 4 آلاف دينار ... ونصفها رأس مال في الحساب ... مررت بجانب مول المدينة ...مكان لم أتجرأ يوما في التفكير أن أدخله ... قتلت حقدي على الأحذية وطعنت كسرة عيني أمام القمصان والسراويل ... ملابس رياضية خفيفة ... جوارب وملابس داخلية ...
إستعملت نفوذي الجديد على الحلاق بكرمي الكبير معه ...إستعملت ركنا في محلّه تركت فيه كل مقتنياتي وأنا واثق أنه سيحفظها ...أنا الدجاجة التي تبيض ذهبا بالنسبة له ... اقتنيت جهاز واي فاي متنقّل ... ممددته بأسلاك الكهرباء وجاهدت للصعود فوق سطح بيتنا ... أخفيته هناك خشية من حملة تفتيش فجئية قد تقوم بها أمي ...
بعد العشاء أمي تبتسم بسعادة ... قالت أن أحد جيراننا ترك جهاز وصل الإنترنت دون رقم سري ... هذا ما إكتشفته في هاتفها القديم ... سعادتها بهديتي التي وصلتها مني دون قصد زرعت شوكا في صدري ... نظرت لملابسها القديمة وقارنت بينها وبين مقتنياتي ...
لكن ما الحل ... إن أخبرتها فلن تتقبل ذلك ... طرف أذني تذكّر ألم تحذيرها لي يوم مددت لها تلك الورقة النقدية فما بالك بكل هذه الثروة ... هذا سيضعني أمام خيارين إما أن أنهي ما بدأته قبل أن اتمتع به وإما أن أصطدم معها وأخسرها نهائيا ... قررت الإبقاء على الأمر سرا حتى حين ...
سهرت طويلا اصطاد بعض المرابيح ...هنا إكتشفت الحقيقة ... شبكتي ليست مثالية يمكن لسوء الطالع أن يتسلل إليها ... لكن الأمر لم يكن محبطا فنسبة النجاح تفوق نسبة الفشل ... مسرورا بواقعية إنجازي لم أحاول البحث عن طريقة لسد تلك الثغرة ... ربما هي قناعة مني ... لا أدري ...
لم أغادر البيت لمدة أيام أفنيتها في المقامرة ... احضّر الفطور لامي التي أسعدها تفاني في برّها .... وصل رصيدي في الحساب لمبلغ لم أتخيّل يوما أن أحلم بإمتلاكه ... صحوت في آخر الأسبوع قبل منتصف النهار بقليل توجهت نحو محل الحلاق ... إسمه عماد وكنيته " العمدة " ...
نصحني باستعمال حساب بريدي أحوّل عليه رصيدي مباشرة ... طريقة تحميني من حمل تلك الرزم النقدية في جيبي ... شريطة أن لا انقطع عنه ... هو يقصد عمولته وإكراميته ... لرد جميله طلبت منه أن يحلق لي شعري ويسهر على قيافتي ...
تغيرت حالتي النفسية مع تغيّر شكلي ... ملابس جديدة تلمع مع لمعان شعري المنمق ... حذاء خفيف وفخم ... عملت بنصيحة العمدة ... حساب بريدي ... إجراء بسيط تحصلت بعده على كارت سحب نقود من الموزعات الآلية ...
مر أسبوع بأكمله على نمط وحد ... اخرج قبل منتصف النهار ... أدخل دكان العمدة في شكل وأخرج منه في حالة أخرى ... دخلت كل المطاعم الفخمة وأكلت كل ما لم اسمع باسمه من قبل ... ثم قبل العصر أعود للبيت وقد استرجعت شكلي المعتاد ... أدخل غرفتي وأنصب شباكي وأحوّل محاصيلها لحساب البريد الذي أصبح يحتوي رقما مهما حوالي الخمسين ألفا في أسبوعين ... أمي التي ساعدها النت المجاني على تسلية نفسها ليلا ... لم تعد تكلمني كثيرا ...
في فترة إنتظار النتائج في الكافيه تعرّفت على شلة من أترابي ... شلة دقيقة في المواعيد ... يدمنون لعبة الليدو تصادف أن نقص أحدهم في يوم ما فدعوني لتعويضه ثم صرت واحدا منهم ... تواجدي معهم في نفس التوقيت جعلني أنظم لهم ... قبل أيام كنت أخجل فقط لمجرد مرور أحدهم بجانبي ... الآن صرت واحد منهم بل وأحيانا أعزمهم على مشروب على حسابي ...
ملعون أبو الفقر ... كل معايير حياتي تغيّرت فجأة ... لا أعلم السبب لكن قلبي كان يخزني .. كأني أهملت شيئا تاه من ذاكرتي ...
بدأت اشعر بالضجر وبالنقص أمام أفراد الشلة ... موعد العودة المبكر صار يخنقني ... هو نقطة ضعفي الوحيدة .... أردت إكتشاف عالم الليل ... لكني لا أقدر ... كنت اسمع مغامراتهم عن ليلة أمس وأنا أموت قهرا ... حديث عن مغامرات وجولات وسهرات ... فصل الصيف هو فصل السهر في تونس ... لا أحد ينام هنا صيفا ... الأفراح و المهرجانات ... حتى من ضاق به الحال يتمشى مستجديا بعض النسمات الباردة إلا أنا ... كنت أصبّر نفسي أني اسهر لجني بعض الأموال من لعبتي ... أمر غريب حدث في بيتنا ولم انتبه له ...
لم أرى خالتي منذ يوم الإختبارات ... خشيت أن أسال أمي فأفتح على نفسي بوابة شكوك لست مهيأ لها ...
دخول تلك الشلة في حياتي تجاوز كونه تسلية أو مذكيا لنار الحقد في صدري ... توافدت بعض الفتيات أحيانا لمجالستنا ... صديقة أحدهم وحبيبة الآخر ... أخت هذا تكون حبيبة ذاك ... وهذان مصاحبان للأختين ... وهذا يغطي أمام أهله غياب أخته التي ستمضي السهرة مع عشيقها مقابل أن تقوم هي بترتيب حضور صديقته للبيت دون إثارة شكوك ... علاقات غريبة لا روادع فيها ولا قوانين كالتي ألفتها ...
جلوسي القصير معهم زاد في شعوري بالنقص ... عناق الأحبة والملامسة الخفيفة ... تشبيك الأصابع ... رغم وجود بوادر إعجاب من فتاة تبدو رقيقة وإشارات من أحد الأعضاء أنها تميل لي لكني إنسحبت ... رغم كل ما صرت عليه إنسحبت ... ماذا سيحدث لو دعيت يوما لحفلة أو سهرة أو تسكع معها .. وأنا المحددة فترة تجولي لما قبل العصر ؟؟؟ ... كفيت نفسي عناء سخرية قبل أن تحدث ... فلم استجب للفكرة من أساسها ...
شعور بالنقص أمام حرية أولائك الشبان جعلني أتحاشى لقائهم ... خط نهاية تلك الصداقة الوليدة كان دعوة من أحدهم أن أرافقهم في سهرة تملّصت منها بلباقة لكني كرهتهم بعدها ... هو الكره الأزلي المولود في نفسي لتلك الطبقة ... المرفهون يتمتعون بمساحة كبيرة من الحرية ... والأشقياء سرعان ما يتمردون على سلطة الأهل ...
أنا لا أنتمي لا إلي هؤلاء ولا للآخرين ... أنا أنتمي لأمي ...
العمدة الذي صار صديقا وفيا وخدوما لي صار مؤنسي الوحيد ودكانه المكيف كان ملجئي من حر الصيف ... كنت أجلس كسيّد على كرسي الحلاقة وكعادة الحلاقين في بلدنا .. بدأ بدعك أكتافي التي أتعبها طول جلسة القرفصاء ليلا ... قال أن حصة من التدليك ستطرد عني التوتر ...
فجأة تذكّرت تلك السيدة ... محل المساج ... أعتقد أن الكارت لا يزال عندي ... إنطلقت كالعقاب في إتجاه بيتنا ... لم يطل بحثي كثيرا ... وجدت البطاقة بين طيات ثيابي القليلة ... إتصلت بالرقم المطلوب ... أغلق الإتصال في وجهي ... ثم وصلتني رسالة ... هي نفس الرسائل التي برمجتها لها سابقا ...
هل تريد حجز موعد ؟؟؟ ... طبعا أريد ... إخترت منتصف النهار موعدا للقاء طال شوقي له ... لم افهم أي كلمة من الخدمات المقدمة رغم أني أنا من كتبها لكني إخترت أغلاها ثمنا ... ربما ذلك سيشكّل فارقا في لقائي الثاني مع من سرقت روحي يوما ...
رحت ابحث عن معاني تلك الخدمات المقدمة في مراكز التدليك ... الكلمات غير مفهومة لكن الصور المرافقة لها مثيرة ... إكتشفت أن مراكز التدليك في تونس أكثر من مراكز الشرطة .... أعتقد أنه مشروع مربح للغاية ... فالشعب يبحث عن إزالة التوتر ... المثير في الأمر أن الأسعار رغم العروض والتخفيضات تبقى مرتفعة ... من يقدر على ذلك وسط الأزمة المادية الخانقة ... سأكتشف الأمر بنفسي ...
يا ليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده ... مؤلف مطلع تلك الغنية يستحق جائزة نوبل في المشاعر ... لم ترد تلك الليلة أن تنتهي ... نار الشوق وقيض الصيف إجتمعا على تعذيبي ... وزادهما عذابا نصف الانتصاب الذي جعل قضيبي كرصاص صنارة داخل البوكسر ... لا أدري ما السرّ لكن مجرّد ذكرى تلك السيدة يولّد انتفاخا بين فخذي ... ناهيك عن خيالاتي التي غذتها تلك الصور ...
نزلت للمطبخ بحثا عن قارورة ماء تطفئ لهيب عطشي ... حركتي الخفيفة سحبت أمي ورائي ... عادة تلصصها على حركاتي لن تتغيّر ... أردت مداعبتها بمزاح ثقيل إختفيت وراء الكنبة قبل أن يلحقني وقع خطوات قدميها الحافيتين ... محاولا إمساك نفسي من الضحك وأنا أراقبها تدنو من باب الحمام وتضع أذنها على الباب ... ثم مع عجزها عن سماع شيء إنحنت تنظر من ثقب المفتاح ...
كانت ترتدي قميصا رماديا قصيرا يصل لمنيت فخذيها مع إنحنائها تبينت لون كيلوت أسود رغم الظلمة ... بياض جلدها عكس سواد القماش ... طال بحثها عن شيء تلمحه داخل الحمام المظلم ... تسحبّت من خلفها وهي منحنية وبحركة سريعة قرصت جانبيها بأصبع يدي الإثنتين ... لتطلق صرخة رعب ثم تتراجع للخلف دون أن تقيم جسدها ... حركة عفوية بسبب الذعر ... رشق قضيبي بين فلقتي مؤخرتها ... محاولة تفادي تلك الوضعية تقدمت للأمام مرتبكة لتصدم رأسها في خشب باب الحمام فترتد ثانية لنفس الوضعية لكن بقوة أكثر
حركتان متعاكستان منها ومني تسببتا في سقوطنا أرضا ... ظهري للأرض وظهر أمي على صدري ورجلاها للأعلى ... مؤخرتها فوق قضيبي مباشرة .... الموقف المحرج والطريف في نفس الوقت خلق جو من الصمت سرعان ما إنقلب ضحكا هستيريا وهي تحاول النزول من فوقي ممسكة جبينها الذي تورم من أثر الصدمة في الباب ... ليونة فردتي مؤخرتها مع صلابة إنتصابي لا يمكن نكرانهما ...
لم اقدر على توقع ما سيحدث لي بعدها فلم أتحرّك .... أمي التي وقفت تنظر لي ماسحة بقيا بلل في رموشها من إختلاط الضحك والرعب فيهما ... كنت لا أزال مطروحا أرضا ... مدّت يدها لتساعدني على النهوض ... محاولة مني لزيادة المزاح لم أساعدها ... ومع ثقل وزني نسبيا على قدراتها العضلية بدل أن تسحبني سحبتها لتقع أرضا وندخل في نوبة ضحك ثانية ...
إنتهى الموقف بهروب أمي للحمام وقد إمتزج ضحكها بسعالها ... أنا لجأت للمطبخ أبحث عن قارورة ماء باردة ... لحقتني أمي وصدرها لا يزال ينتفض من أثر الضحك ... كنت سعيدا أني أدخلت بعض البهجة على قلبها ...
لا هي سالتني عن سبب تواجدي هنا في آخر الليل ... ولا أنا تساءلت عن سبب تلصصها على باب الحمام ... فقط هي استفهمت عن تغيّر لاحظته في سلوك دون أن تنتظر إجابة ... أعتقد أنها تنبهني لشيء لم أرصده في تصرفاتي .... لما طال صمتي بادرتني بالكلام
- هاه قلي بقى نسيتها والا لسة بتحبها
- (صعقتني تلك الكلمة كأن أمي تقرأ أفكاري ... حاولت الهروب من الإجابة بالصمت)
- مش عاوز تحكي ؟؟
- أحكي عن إيه ؟؟؟
- عن الست إلي كانت هتجيب أجلك دي
- (أحسست بالغضب من نفسي ... هذا الكابوس يجب أن ينتهي) مش عارف إنتي مركزة في الموضوع ده ليه
- يا سلام ومش عاوزني أركز في موضوع ز يده هأركز في إيه ؟؟
- طب إيه المهم في الموضوع ؟؟؟
- في كذا تفصيلة في الموضوع لازم يتركز معاها
- إلي هما ؟؟
- عاوز نبتدي منين ؟؟؟
- من المكان إلي يوصلنا إنه الحوار ده ينتهي
- لو مش عاوز تحكي بلاش
- لا عاوز أنهي الموضوع ده نهائي لانه أصبح مزعج بالنسبة ليا
- و بالنسبة ليا أنا كمان
- طيب إضربي النار وخلصيني وخلصي نفسك
- إنت شايف إني لما اتحاور معاك يبقى ضرب نار
- أيوة لانه الموضوع محرج (كنت أهم بالإعتراف)
- محرج لأني بأكلمك والا محرج إنك بتحب وحدة من سن أمّك ؟؟
- أولا أنا مش بأحبها وحضرتك قلتي ده بنفسك قبل كده
- أمال ؟؟؟؟
- ده كان إنجذاب مش أكثر
- ماشي نعتبره إنجذاب وصّلك للمستشفى ... ممكن أعرف إيه السبب فيه من أساسه
- (أحسست بأني حشرت نفسي في ركن ومن المكن أن أخطئ بكلمة تفضح كذبي من أوّله) إسالي وأنا هاجاوبك
- طيب جاوبني ومن غير إحراج ... إيه سبب الإنجذاب ده
- حضرتك قلتيها زمان ... ممكن عشان إنتي كنت صلبة وجافة في تعاملك معايا
- لا الإجابة دي مش مقنعة ممكن تكون فيها نسبة حقيقة بس مش مقنعة
- (هنا توجّب عليا مواصلة الكذب) ممكن عشان الست ذات نفسها
- فهمني ؟؟
أمي جلست في نفس وضعية جلوس خالتي ذات ليلة ... تضع حافة قدمها اليسرى على طرف مصرف المطبخ وتمسك ركبتها بيمناها و تسدل رجلها اليمنى وتمسك علبة العصير بيسراها ... إتخذت مكاني بجانب الحوض وعيني في الأرض ... ثم إسترسلت في الحديث عن تلك السيدة حتى إنتهت ذكريات اللقاء القصيرة وعجز خيالي البسيط عن الوحي بالمزيد ... لكن ذلك لم يشبع فضول أمي في معرفة المزيد ...
أعتقد أنها تعمّدت الإطالة في الحديث وفتح الموضوع للمرة الثانية بحثا عن زلة في كلامي تمسكها عليا ... أسندت ظهرها لحائط المطبخ وعدّلت جلستها بان وضعت كل قدمها على حافة المصرف و ألصقت ركبتها في صدرها بحركة قوية من داخل مرفقها ... حركتها سحبت عيني ناحيتها ... إنحسر طرف قميصها للخلف فاسحا مجال الرؤية أمام عيني لتكتشف قماش الكيلوت الأسود الأسير بين بياض تلاصق فخذيها ...
لا أعلم السبب لكن أمي لم تشفي غليها من عشيقتي الوهمية ... فأعدت عليها الرواية والسبب والشعور للمرة الثالثة ... مع حرارة الجو وبداية بزوغ شعيرات في أطراف منبت قضيبي أشعرني بالحكة ... كنت أنظر للأرض ويدي تداعب قضيبي من فوق قماش البوكسر عل الحكة تخف عني ... مع كل لمسة مني يدي يزداد الرسم المنحوت تحت القماش ...
كنت أعيد تفاصيل روايتي شبه المكذوبة بتركيز شديد منعني من الانتباه لصمت أمي ... لما انتبهت ضننت أنها تنصت بإصغاء لي ... رفعت عيني ناحيتها لأرى وجهها متجها نحوي لكن للأسفل ... إتساع حدقتيها وفغر فمها لم افهم سببه ... كانت تنظر مباشرة نحو إنتصابي الذي يلمحه الأعمي ... مما أشعرني بالحرج والخوف .. لكنها لم تعلّق ... فقط نظرت في عيني وسألتني
- طيب فرضا إنه كلامك كله صح وده فقد إنجذاب ... وإن ظروفنا منعتك أنك تشوف نفسك مرتبط بوحدة من سنك ... ليه هي بالذات ... يعني ليه مش وحدة غيرها
- وحدة زي مين
- ما اعرفش اي وحدة ثانية
- يعني انا هاشوف ستات ثانيين زيها فين
- يا سلام ؟؟؟ للدرجة دي
- لا مش القصد ... يعني أنا من المدرسة للبيت
- طيب ما شفتش غيرها فيهم ؟؟؟؟
- المدرسة ما فيهاش غير المدرسات ودول برى الهدف خالص والبيت ...
- مالو البيت
- (بتعجّب شديد) البيت فيه إنتي وخالتي
- (هنا أحسست كأن أمي تنفض عقلها لتعود للرشد) ايوة عشان كده إنت فاتح قلبك لخالتك ومطنّش أمّك
- يا سلام بعد ده كله ؟؟؟ وكمان إحنا إتكلمنا في الموضوع ده قبل كده ... وبعدين هي فين خالتي ؟؟؟
- (بصوت ممزوج بالخبث) واحشاك ؟؟؟
- (لم استوعب أي إشارة يجب أن أتلقى) أصلها ما بتجيش بقالها كام يوم
- (بصوت جاف دون مشاعر) لا أبدا أصلها لحقت زوجها وابنها في بلاد برة تصيّف
- (أحسست ان هذا الحوار لا يجب ان ينتهي) أحسن
- أحسن ؟؟؟؟
- ايوة خليكي كده مركزة معايا
- إنتي بتغير من خالتك يا ولى ؟؟
- إنتي مش بتغيري منها ؟؟؟
رغم ثقل مرور ما بقي من الوقت تلك الليلة إلا أن ذكريات الموقف مع أمي تدفعني للإبتسام غصبا عني ... أشرقت الشمس ولم يغمض لي جفن بعد .... حركات مستعجلة من أمي التي تعجّبت من عدم تحضيري لفطور الصباح لها ... ما إن غادرت البيت حتى نهضت على عجلة ... مسرعا توجهت نحو دكان العمدة ... على غير العادة لم امكث لتسليته كثيرا .. غيٍّرت ملابسي وتعطّرت وطرت نحو عنوان محل التدليك ... متسلحا برزمة أوراق نقدية تنفخ جيبي وصلت قبل موعدي بدقائق ...
عمارة تبدو الفخامة من بابها ... ألواح كثيرة لعناوين أطباء ومحامين ومحاسبين ... المركز في الطابق الرابع ... دققت الجرس وقد جف ريقي وتوقف قلبي ... مزهوا بالمفاجأة التي سيمثلها حضوري أمامها وأنا في قمة تأنقي ... ألف سيناريو ألف فكرة تخيّلت لكنها تحطّمت مع فتح الباب ... شابة في منتصف العشرينات تستقبلني وقد تحوّلت ابتسامها لنظرة إستغراب وريبة بوجودي ...
زادت دهشتها لما علمت أني صاحب الموعد المسجّل عندها ... أصرّت على أن أدفع ثمن الخدمة مسبقا ... أحسست بجرح في كرامتي وجرح في قلبي لعدم وجود حبيبتي المزعومة ولإحتقار تلك الشابة لي ... هي قالت أنها لم توظّف أحدا بعد لمساعدتها ...فمن أين سقطت هذه في طريق حلمي.... رحت اعد المبلغ المطلوب بهدوء اصطنعته كأني متعود على الصرف ... بعد استيعابي لصدمة غياب صاحبتي ركّزت في ملامح الشابة التي بدأت تعاملني بلطف أكثر ...
فتحت بابا خشبيا ابيض وطلبت مني تغيير ملابسي ... رائحة العطر تتصاعد من شمع وضع في كل مكان ... وجدت بشكيرا أبيض ناعم الملمس معلقا فلبسته وأغلقت حزامه بحرص أن لا أتعرى ... دقائق وسمعت صوت أقفال الباب تغلق ... ثم تبعه نقر خفيف على الباب ورأس الشابة يطل منه مبتسما متسائلة إن كنت جاهزا ...
تبعتها متأملا إهتزاز مؤخرتها الطرية تحت قماش بنطلون وردي ... كانت تلبس كما تلبس الممرضات ... أدخلتني لدش رصف فيه الف نوع من الصابون والشامبو ... قالت أن عليا التخلّص من أثار العرق .... ووقفت أمام الباب ... طال إنتظاري لها ان تذهب حتى أنزع بشكيري ... لما يئست أن تسمع صوت المياه ... نظرت في عيني نظرة إستنكار لم افهمها ثم أغلقت الباب بعنف ...
لما انتهيت من الاستحمام عادة في شخصية أخرى ملتزمة وصارمة لتنطفئ إبتسامتها نهائيا لما أصررت على لبس بوكسر طبي وجدته في الحمام ...
أرشدتني لطاولة أشبه بالسرير... نمت على بطني مستسلما لشعور غريب بتمازج الزيوت الباردة والحارة على جلدي ... لمسات خبيرة وقوية وصلت حد القرص حينا والمداعبة أحيانا ... كلما وصلت أناملها منبت مؤخرتي إلا وتحولت اللمسات إلى أشبه بالدغدغة ... مع توالي الحركات الغارقة في الزيوت ولدت بداية انتصاب سرعان ما شبت واشتدت ... حاولت تلافي الحرج بتعديل جلستي لكنها طلبت مني أن أستدير على ظهري ...
هنا قتلني الحرج فالقماش الخفيف لبوكسر أعد ليستعمل مرة واحدة لن يمنع ذلك العمود الذي انتفض بين فخذي من الانطلاق للأعلى ... أغمضت عيني هروبا منها لكن أصابعها التي بدأت بمداعبة أصابع قدمي سرعان ما بدأت تتسلل للأعلى ... قصبة رجلي ثم ركبتي ثم عضلات فخذي ... أطراف أناملها تتسلل من تحت قماش البوكسر من حين لآخر لتلامس أسفل كيس بيضاتي ...
كنت أرتعش خوفا وخجلا وأنا مغمض العينين كلما لمستني ... طال تعذيبها لي حتى رحمتني وتحوّلت لتقف خلفي ... أمسكت راسي وبدأ يسري في مفاصلي تيار كهربائي يجذبني للنوم ... ثم بدأت تلك اللمسات السحرية على صدري نزولا على بطني ... كلما إنحنت لتلمس أسفل بطني إحتك طرف صدرها بوجهي ..كأنها شعرت بما بي من حرج فزادت في تعذيبي بان أصبحت أناملها تتسل في حركات كأنها عفوية من تحت قماش البوكسر لتلامس منبت قضيبي الذي أوشك أن ينفجر ...
لا أعلم كم لبثت هكذا لتهمس في أذني بصوت حرقتني أنفاسه ...
"إحنا كده خلّصنا مش عاوز حاجة ثاني "
لا اعلم هل حبس لساني أم شلّ تفكيري ... هززت رأسي بلا ... تركتني وهي تفتح باب الدش ... لن أنسى ما حييت تلك النظرة في عينيها ... قاستني من أسفل لأعلى ثم اشاحت بوجهها وإنصرفت ...
الماء البارد لم يبرّد إحتراق جوفي والتهاب ما بين فخذي ... طالت محاولاتي أن أتخلص من أثار الزيوت على جلدي .... إلتحفت بشكيرا جديدا وخرجت امشي متثاقل الخطى ... وجدت فنجان قهوة عربية تفوح رائحته على منضدتي وتلك الشابة تغرس عينيها في كتاب أو مجلات وهي تجلس خلف مكتبها العالي ... فقط أشارت أن قهوتي جاهزة ...
قبل مغادرتي وقد عدت لحالتي شبه الطبيعية ... أحسست أن عليا إكرام تلك الشابة ... وضعت يدي في جيبي وسحبت لفة الأوراق النقدية ... مع كلمة " إتفظلي " ... رفعت رأسها ثم عينيها نحوي ... نظرة استغراب وسعادة علت محياها ... قبل أن تنطق بشكر أو غيره فتح الباب ...
صاحبتي تدخل مشرقة متألقة لتضيء المكان ... نظرة ترحيب وسعادة بوجود زبون في ساعة تعتبر مبكّرة من اليوم أخصت كل أحلامي ... هي لم تعرفني ... فقط رحبّت بي ببشاشة متسائلة إن كانت الخدمة أعجبتني ...
مرّت ساعات اليوم الباقية عليا كالجبال ... صدري يثقل عليا دون معرفة السبب ... رحت أراجع ذكريات اليوم متجرعا ألم عدم معرفتها لي ... وألم الإحساس بأني كنت غبيا في تصرفي مع الشابة هي قطعا أرادت مني أن اطلب منها المزيد .... لبسي للبوكسر وإغلاق عيني ورفضي أي خدمة أخرى وأدت فرصتي أن أكتشف الجنس لأوّل مرة ... هي عرضت عليا ذلك أكثر من مرة لكني لم افهم مرادها ...
محاولا الهروب من شعوري بالألم المضاعف... قررت العودة ثانية ...لكن ليس في الغد ... سأصبر يومين أو ثلاث ... حتى أركّز في ما يجب عليا فعله ... الثقة في النفس ... هي تملك ما أريد وأنا أملك ما تريد ...
في صباح الغد توجّهت للكافيه الذي شاهدتها فيه تلك المرة ... هربت من الشلة الجديدة ومن خيبتي وحنقي على غبائي ... المحل كعادته هادئ رغم وجود بعض الزبائن... اخترت ركنا يمكنني من مراقبة الدخول والخروج ... لم يطل إنتظاري ... وقت قليل وسحرتني طلّتها التي أشرقت الشمس بوجودها ... كنت قد بدأت أتناول فطور الصباح ... تابعتها بحذر أين ستجلس ... انتظرت دقائق حتى اختارت ما تستهلك ... كعادة كل البشر وقت الانتظار يجيلون النظر في المحيط ...
نظرت نحوي وكأنها إنتبهت لوجودي ... أشعرني ذلك بالغبطة والسعادة ... بخطى واثقة أجبرتها أن تتبعني بنظرها توجهت نحو الحمام... وقفت طويلا أمام المرآة أشحذ عزيمتي ... ثم خرجت مستمدا شجاعة لا أعهدها في نفسي ... مررت بجانبها ثابت الخطوات أمشي ملكا ... نظرت إليها مباشرة وألقيت التحية مبتسما دون إفراط ... قبل أن ترد التحية عدت لمكاني وانغمست في أطباقي ...
راقبتها قليلا من بعيد ... إحتست قهوتها وأشعلت سيجارة ثم ركزّت في شاشة هاتفها ... أحيانا ترفع عينها وتجول في المكان ... لترمقني بنظرة أقابلها بابتسامة خفيفة ... تكرر الأمر لدرجة صرت متأكدا أنها تهتم لأمري بأي شكل من الأشكال ...
هنا سكنت فكرة مجنونة عقلي ... حجزت موعدا بعد نصف ساعة من الآن لجلسة تدليك... كنت مستثارا لمجرّد فكرة أنها ستراني ثانية في نفس اليوم ... إستقبلتني تلك الشابة ببشاشة ... نفس الأحداث السابقة تكررت ... لا أعلم السبب لكني تمسكت بالصد نحوها ... لبست البوكسر كالعادة لكني هذه المرة تشجعت ... رحت أفتح معها مواضيع وقت المساج ... سؤال مني عن عمرها ومنها عن عملي وسني ... الشابة اسمها أحلام وعمرها 29 سنة خريجة معهد ماساج لم أكن أعلم أن لهذه المهن معاهد خاصة .
... جمعت بعض المعلومات البسيطة عن صاحبتي ... إسمها خولة أو مدام خولة ... في بداية الاربعينات ... مطلّقة ولديها إبنة في مثل سني تقريبا تسكن مع والدها ... غير ذلك خشيت أن أسال أكثر فتنفضح خطتي ... تعمّدت التأخر في الدش ... ملتحفا البشكير الذي لم يفلح في ستر انتصابي الذي صار أزليا .... ما إن سمعت صوت باب الدخول يفتح حتى إستجمعت كل الثقة الناشئة في داخلي وخرجت ...
وجدت إيمان جالسة وراء مكتبها و مدام خولة تقف خلفها ...كأنهما تراجعان شيئا ... مع حمحمة بسيطة من حلقي تعلمهما بوجودي ... بادرتني إيمان بابتسامة تعلمني أن قهوتي جاهزة وسط دهشة علت وجه خولة ... أحسست أنها تراقب خطواتي من خلف ...
ترشفت القهوة وغيّرت ملابسي وتوجهت نحو إيمان أودعها وأنا أمسك لفة أوراق النقدية بين أصابعي ... كرم مضاعف مني فتح عيني المدام على آخرهما وهي تراقبني أخرج من الباب ... لم انزل بالمصعد بل رحت أقفز الدرج كطفل أفلت من المدرسة أخيرا ...
في الغد كررت نفس الموضوع غير أن مدام خولة هي التي بحثت عني في الكافيه وبادرتني بالتحية قبل أن تجلس ... ثم بادرتني بالكلام عند لقائنا في بهو مركز التدليك ... هي بضع كلمات تستفسر إن كانت الخدمة في المركز أعجبتني ... كلمات تكفي لابني علاقة لم أحلم يوما أن أدخلها ... كان يمكنني أن أكون زبونا لها ... ما فهمته من إشارات إيمان البسيطة أن خدمات المركز الغير معلنة يمكن أن تكون مداعبة باليد ... هكذا فهمت من تذمرها أن القانون يمنع عليهن خلع ملابس الممرضات تلك ...
لكن خيالي ورغبتي تكبّرت على تلك اللمسات التي لم يرقص خيالي يوما لتصوّرها حتى ... أريد أن أكون عشيقا ... رجلا تتأبّط يده وهي تسير في الشارع ... كل الكذب الذي ألّفته في روايتي لأمي وخالتي صار شعورا قويا ورغبة متقدة تدفعني لتحقيقه ...
مرّ أسبوع على تلك الحال ... في الصباح انتظرها في المقهى ... ثم اسبقها للمركز وأودعها متفاخرا بلفة نقودي ... نقودي التي لازالت تتزايد كل ليلة بمقادير مختلفة ... كنت كل يوم البس طقم ملابس جديد ... آخر الأسبوع تعمّدت التأخّر في الدخول للكافيه ...
وجدتها تجلس في مكانها وكعادة الشعب في أيام آخر الأسبوع يدللون أنفسهم ... المقهى مكتظ ... رغم وجود بعض الطاولات الشاغرة لكن مكاني المفضل قد حجز ... وقفت طويلا عند الباب أرسم على وجهي ملامح الإنزعاج والغضب ... وكما خططت ... ما إن وقعت عيني على عينها حتى دعتني للجلوس... دعوة كانت مفتاح الباب الموصد طويلا أمامي...
جلست قبالتها على الطاولة متظاهرا بالخجل أو هو حقيقة رسمت على وجهي ... طال صمتي حتى قدوم النادل الذي صار يعرف طلباتي بل ويعاملني معاملة الملوك مقابل بضعة دنانير أتكرم بها عليه ... خولة قطعت صمتي بسؤال عن مدى رضاي بالخدمة المقدمة ... ثم دخلت في التحقيق المفصّل عن شخصيتي ... كانت مستغربة من مصدر أموالي ... أعجبتني صراحتها في السؤال...
خشيت قول الحقيقة فرحت أخترع قصصا أبعد من الخيال نابعة من الواقع ... تقمّصت شخصية مروان إبن خالتي كوني إبن رجل مهم في الدولة ... والّفت رواية عن ميراث جدي الذي تقاتلت عليه أمي وخالي بأن ضخّمت فيه ونسبت ملكيته لي كوصية من جدي ... مداخيل فلاحية وعقارات وووو
ثم لتفادي أي حرج قد توقعني فيه الأيام استلهمت حقيقة شخصية أمي المسيطرة والمتابعة لكل حركة مبررا عدم قدرتي على الغياب عن المنزل مساءا ... شعرت بالنخوة كوني أصبحت كاذبا محترفا ... كلامي كان كالفيروس الذي سكن أركان فكرها ... كانت تتابع كلماتي باهتمام من تسجّل وتحلل وتستنتج
ثم أخذت هي مجرى الحديث ... حدثتني عن طليقها وبنتها ووضعها المادي ... قالت إن المشروع إستنزف كل مدخراتها ... وان المركز لم يعرف بعد وأنها أصلا لن تستطيع دفع إيجار الشهر ... تفاعلت مع ألمها وحاولت التخفيف عنها ... قلت انه يمكنني مساعدتها فرفضت باستحياء ...
حاولت فقط أن تصلها مني بعض المشاعر الحقيقية بالإعجاب فإنطلقت دون لجام ... بغباء و قلة خبرة أعلنت حبي لها هكذا دون تمهيد ... فتراجعت في جلستها قليلا ... وفكّرت مليا ... صدمتها بدت على ملامحها ... قالت أنها لم تتخيّل نفسها في علاقة مع شاب صغير مثلي ...مع تعهدي بالمحافظة على السر وبعض الحجج أني أخشى على نفسي من أمي ... وافقت على قبول المبلغ على شرط أن يكون تسبقة لخدمات في مركز التدليك مع الإبقاء على مواعيدنا في الكافيه حتى حين ...
رغم أن صدها آلمني لكني قبلت مقابل شرط آخر هو أن تقدم لي هي خدمة التدليك ... فوافقت دون تعليق منها ... دفعت حساب الكافيه وتمشينا شارعين ... سحبت المبلغ المطلوب ثم أكملنا طريقنا حتى وصلنا باب العمارة ... إيمان التي صدمها دخولنا مع بعض وقد تعوّدت وجودي دون موعد ...
بحكم الخبرة المكتسبة من الأيام السابقة ... تخلّصت من ثيابي والتحفت بشكيري وخرجت لأجد مدام خولة تنتظرني عند الباب ... مدّت يدها لترشدني لباب الحمام الذي حفظت طريقه ... مجرّد تلامس أصابعنا ببعض أشعل نار الرغبة والحب في قلبي وبين فخذي ...
وقوفها في باب الحمام مطولا جعلني أخلع عني رداء الخجل ... نزعت البشكير ودخلت التقط رذاذ الماء الدافئ تحت مراقبة عيني خولة الحريصتين ... إرتباكي منعني من التركيز مع ردة فعلها ... قبل أن ألتقط منشفة أزيل بها قطرات الماء المنزلقة على جلدي ... لم اشعر إلا بيد ناعمة تمسك المنشفة وتساعدني في تنشيف جسمي من الخلف ... حركتها التنازلية أشعلت نارا صدري مع ملامسة أصابعها لأسفل ظهري ... سحبتني من كتفي برفق وقد غرست عينيها الناعستين ما بين فخذي ... طال صمتي وتركيزها حتى قطعته بصوت حنون يفوح منه ريح الدلال ...
" تعالى د ه انت يندفع فيك مش إنت الي تدفع "
أعقبت كلمتها بضحكة مكتومة تداري بها صراعا إلتهب داخلها ... سحبتني نحو غرفة التدليك ... مع كل خطوة كان قلبي يتوقف عن النبض ثم يعود للحياة ثانية ... كصاعقة كهربائية طلبت مني الصعود على الطاولة عاريا ... إتخذت وضعية النوم على وجهي كما عودتني إيمان ...
لكنها أمسكت يدي وطلبت مني الالتفاف لأنام على ظهري ... " خلاص إنت ما بقتش زبون ... إنت صاحب المكان " ... قبل أن أنطق أو أرد الفعل ... سحبت منشفة زرقاء صغيرة كنت اعتقد أنها ستغطي بها وسطي .. لكنها وضعتها على عيني فجأة ... كنت انوي الاعتراض لكنها بررت ذلك بأنه سيساعدها على التركيز أو التفكير لا أدري
مستلقيا مستسلما لحركات أناملها الرقيقة تداعب مسام جلدي ... لم يكن مساجا عاديا كانت لمسات تلهب الحلق والصدر وتشعل النار في الروح ... بأطراف ظهر أصابعها كانت توزع الزيت على جسدي كله ... تمنيت لو تمكنت من ملاحظة نظرة عينيها لي ... لكن ملمس أصابعها لجسدي أوحى لي انها تحب ما تفعل ...
بدأت حركاتها العبثية تتناسق ... تقترب ببطء من أسفل بطني ... قضيبي الذي ارتفع للسماء حرا من كل قيد لم يطل صبره كثيرا حتى وصلتها أناملها الرقيقة ... رعشة خفيفة هزت جسدي كله مع أول لمسة منها له ... أصابعها الغارقة في زيت تخترق رائحته فؤادي قبل أنفي ...
كذب من قال أن الإنسان يرى بعينيه ... كنت أرى إبهامها يحيط متفحصا فتحت رأس قضيبي .. كنت أراقب قبضتها تعصر قضيبي للأعلى كمن تقيس حجمه ... حركات لم اعلم كم تكررت صعودا ونزولا على جسم قضيبي ثم انفجر بركان رغبتي بدفقات متتالية لم أعلم عددها ... فقط هي وضعت يدها على فمي لتمنع عني آهات كادت أن تزعزع المكان ...
قبل أن يتخلص جسمي من أثر الاهتزاز بدأ الصمت يخيم على المكان ... بعد برهة تخلّصت من المنشفة على وجهي ... الغرفة فارغة ... لولا بقايا رائحة عطرها في الغرفة لضننت أن ما حدث حلم يقظة وردي ... على عجل وبركب مثقلة دخلت الدش أزيل عني كل تلك السوائل ... خرجت للغرفة الخارجية لأجد إيمان وحدها ... خجلت من السؤال عن خولة ...
لم أتطعم القهوة ودخلت في متاهة أفكار ... أفكار سرقت كل وجداني لباقي اليوم ... تناقضات متتالية وأسئلة لا إجابة لها ... هل ندمت على فعلها معي ؟؟؟ ... ألم أعجبها ؟؟؟ ... هل منعها سني من المواصلة معي ؟؟؟ ... لكن لا ؟؟ .. أنا أحسست أنها تحب ما تفعله معي ... هل عادت لرشدها وهربت مني ... هل تسرّعت في فعلي ؟؟؟
مكثت في غرفتي كالمسجون بين شعورين ... ذكريات تلك المداعبة الخيالية من خولة ثم هروبها المفاجئ جعلني كسفينة تتلاطمها أمواج بحر عاصف ... قبل منتصف الليل سمعت رنينا خفيفا من هاتفي ... حالتي أنستني حذري في غلق صوته عند العودة للمنزل ...
إشارة وصول رسالة تزين شاشته ... كنت انوي إهمالها ... ظننت أنها شركة الاتصالات تزعجني ... لكني فتحتها ... قرأت الجملة مليون مرّة ...
" أنا خولة ... أنا موافقة ... نتقابل بكرى الساعة عشرة في الكافيه عشان في شوية تفاصيل "
كنت سأصرخ من الفرح لكني كتمت فرحتي .. بدأت اقفز في أركان غرفتي كطفل سعيد بملابس العيد ... سرحت بخيالي وقلبي ينبض على اشده وأمعائي تتلبك ... ذكريات اليوم في المركز تتمازج مع خيالات صارت أجنحة توصلني للسحاب ...
لا اعلم كيف مرّت تلك الليلة ... وصلت الكافيه قبلها بساعة ... عذاب الانتظار بدأ يقتلني ... ما إن شاهدت طلتها تنير البوابة حتى أشرت لها بإصبعي ... بنظرات الواثقة المقتنعة ابتسمت لي وإقتربت مني ... كرجل همام قمت وسحبت لها الكرسي لتجلس ... قبل أن أعود لمكاني اصابني شلل تام ...
أمي تسحب كرسيا بجانبنا وتجلس دون إستئذان ... لم تنظر لي بل توجهت بالكلام لخولة
" معلش هازعجكم شوية "
الجزء الخامس
كمن خسفت به الأرض ... تسمّرت مكاني فلم أجلس ولم اعتدل في وقفتي ... أصابني العمى والصمم ... فقط كنت أتمنى أن أختفي من الوجود هروبا من هذا الموقف ... أمي بكل برودة أعصاب تنظر بتفحّص لخولة ... ثم نظرت في عيني نظرة استغراب واستنكار ... ثم بصوت حانق لكنه هادئ ...
- أقعد ما تفرجش علينا الناس
- مش تعرفني بالمدام ؟؟؟
- (قبل أن أنطق تكلمت خولة ) أنا مدام خولة وحضرتك ؟؟؟
- أما مامته ؟؟؟ طيب حضرتك مين وتعرفي إبني منين ؟؟؟
- قلتلك أنا مدام خولة وتقريبا ده كفاية لحد دلوقتي وإبنك أصلا انا ما اعرفوش إحنا جايين نتعارف على بعض
- (أمي التي بدأ الارتباك يتمكن منها تردد قليلا قبل مد يده للرد على طلب مصافحة خولة لها ) تتعرفو ؟؟؟
- أيوة .. إحنا كان في ما بينا معاد عشان نتعارف
- (أمي التي تحوّلت لجمر صب عليه ماء ) معاد ؟؟؟ معاد إيه ؟؟؟
لم أتخيّل بعد في أي جحيم تخبط شيطانها عندما كان جنينا ... لكن الفكرة راقت لي رغم صدمتي فهي متماشية مع الأحداث الاخيرة ... أمي التي لم تتوقع أن تسمع مثل تلك الإجابة ... راحت تستفسر وركبها تهتزّ من التوتر عن طبيعة هذه العلاقات وهذه التجربة ...
خولة التي حافظت على ثباتها الإنفعالي مع كل سؤال تسأله أمي ... رغم أن رواية خولة تبدو ساقطة من أحد الأفلام السخيفة لكن بعض الهدوء الذي سيطر على أمي يؤكّد أنها إقتنعت أو بدأت تقتنع ... أمي التي لا تقبل أبدا أن تخطأ وجهة نظرها ولا تستسلم بسرعة ... أمسكت بقبضة يدي كمخبر شرطة أوقع لص غسيل ... توجهت لخولة بلهجة ونظرة تفحّص دقيق لقراءة ردود فعلها الجسدية
- فرضا إنه كلامك صح ... الموقع ده هيوفّر لإبني ملابس ومصروف وكل التغيير ده
- (نصف نظرة استنكار من خولة نحوي ... كلمات أمي كشفت كذب قصتي التي رويتها لها) يعني ما اعرفش الوضع بالنسبة ليه ... هو حط ايه في قاعدة بيناته الي كتبها .. بس أنا بعثولي ماكياج وشوية فلوس كاش
- يا سلام ؟؟؟؟ (نبرة أمي تؤكّد أنها لا تصدّق ولا حرفا مما تسمع)
- ده طبيعي يا مدام .. هما طالبين متطوعين والمتطوعين دول مش بيشتغلو ببلاش ... أكيد في فوائد مادّية أو ممكن بيحاولو يعالجو مشكلة كل متطوّع على حده
- يا ستي قولي كلام يتصدّق ؟؟؟
- (خولة التي تحوّلت لشخصية صارمة ومتحفّزة للدفاع عن نفسها ) شوفي يا مدام ... أنا إلي عندي قلتو ... يعني حضرتك تتخيلي إني هأدفع كل الفلوس دي لإبنك ده ...
- (نبرة صوتها ونظرتها آلمتني و جرحت كبرياء أمي .. أحسست بتعرّق يدها على معصمي )... مالو إبني ده ؟؟؟
- مالو والا مالوش دي مش مشكلتي ... أنا قلتلك الحقيقة وهاعيدها ثاني ... أنا محتاجة فلوس وفي موقع تابع كلية خاصة بيعمل دراسة على طبيعة العلاقات الانسانية طالبين متطوعين ... دخلت سجّلت بعثولي بروفايل إبنك لقيته أحسن واحد في المتطوعين .. وهما وصلوني بيه ... جيت عشان أقابله لاوّل مرّة وتقريا دي هتكون آخر مرة ..
لا أعلم كم لبثت لأقدر على بلع ريقي الذي تحوّل لرمل في حلقي ... لم أفهم أنجوت بفعلتي بسبب قصّة خولة أم وقعت في فخ كذبي هذه المرّة ... طول الطريق للبيت أحاول أن أستجمع أفكاري ... لكني لم أقدر ... فقط أمي التي تمسك بمعصمي كطفل هرب من المدرسة وهي تعيده إليها ...
صوت قرقعة بابنا الحديدي تاه وسط صراخ أمي ... جحيم من الغضب والصراخ إنصب على رأسي وأذني ... لم أفهم ولى كلمة من أمواج صراخها ... سوى هذي آخرتها ...
إسترجعت كل ذكرياتي الأخيرة معها ... غضب أمي لا يردعه سوى غضب مقابل ... دون تنبه ولا تحذير ... أمسكت كلتا يديها ودفعتها بقوّة على الكنبة ... رغم محاولتها العنيفة بالتملّص من قبضتي والعودة لموقف السيطرة لكنها فشلت ... أحسست أنها تلك هي اللحظة المناسبة لإنهاء هذا العذاب وهذا العقد من الكذب ...
شعور بالندم تحوّل لغضب لو صارحتها بالحقيقة قبل الآن لهان الأمر قبل أن تدخل خولة في الحكاية ... ربما المال كان سيهدأ من روعها لكن وجود تلك السيدة في حياتي وكل تلك المصاريف عليها فأمي لن تقبل ذلك ولن ترضى بأقلّ من شنقي ...
دون خطّة مسبقة لما سأقول ... إن كان حبل هذه الكذبة سيطول إلى ما لا نهاية ... فليكن ... أمي التي تكوّرت على الكنبة تحاول النهوض غصبا عن ثقل جسدي وقوة قبضتي تنظر لي نظرة ممزوجة بالرعب والحنق ...
- ماهو كله منّك ... حسستيني إنني أنا مش طبيعي ومحتاج علاج ... قلتلك ألف مرّة إنها كان حالة نفسية عابرة بس إنتي أصريتي إنه ده مش عادي ... يعني عاوزاني أعمل إيه ؟؟؟ ... دخلت اشوف على النت إذا أنا كنت حالة إستثنائية زي ما حضرتك مصرّة تصوريني.... لقيت 50 مليون حكاية وحالة شبهي ... قلت أشوف أكثر ممكن أنا بجد محتاج علاج وصلت لموقع الجامعة دي لقيتهم عاملين تجارب ...
- (أمي التي كانت تخفي وجهها بيدها كل ما حركت يدي كأنها تخشى أن أضربها) بس ..
- ما فيش بس ؟؟؟ ... غلطت أنا في إيه ؟؟؟ ... تجربة علمية وممكن تكون علاج بالنسبة لحالتي وكمان هو حرام عليا إني ألبس هدمة عدلة زي بقيت الخلق ... حرام إني آخذ منهم شوية فلوس تمنع عننا ذل الفقر ومدّ الإيد
قبل أن أخرج وفي حالة من الغضب الهستيري أمسكت مطفأة سجائر كانت على المنضدة وإلتفت نحو أمي التي تكوّرت وأخفت رأسها بركبتيها متفادية أن أصيبها بما أحمل بين يدي ... لم افهم أهو الندم أم الغضب من نفسي أني أوصلت أمي بكذبي لتلك الحالة ... دون شعور وبكل قوتي ألقيت المطفأة على صورة كبيرة لأبي وأمي كانت تزيّن حائط الصالون ... وخرجت من البيت جريا قبل أن تختفي أصوات تهشّم الزجاج خلفي ...
لا أعلم أهي عادة جديدة فيا أم ردّة فعل طبيعية ... بدأت بالجري في الأنهج الفرعية ... بدأ الظلام يسيطر على المكان ... ولم أتمالك نفسي بعد ... شعور مزدوج بالغضب من أمي وعليها ... تراقبني كطفل لم يتعلّم المشي بعد ... هي السبب في كل ذلك ... لو كنت أعلم أنها ستبارك فكرتي لأعلمتها بكل خطواتي لوضعت كل مرابيحي تحت قدميها ... لكنها ترفض وسترفض ... ثم أن تحرجني أمام خولة بعد أن كادت خطتي تنجح في الوصول إلى الشيء الوحيد الذي طمحت إليه ...
ومن ناحية أخرى فضميري يخزني أني سببت لها كل ذلك ... فهي أمي والأكيد أنها تريد مصلحتي حتى وإن كنت أرى أني كبرت على تلك الوضعية من الإحاطة الخانقة ...
جلست على أحد الكراسي الخشبية أستريح من عناء الجري ومن ثقل الضمير الذي خنقني ... كنت أهز رأسي محاولا طرد صورتها وهي تتكوّر مرعوبة من ردة فعلي المصطنعة ... لا أعلم أكانت مصطنعة للخروج من مأزق كالمتاهة لا مناص منه ... أم هي حقيقة ولدتها مشاعر الغضب أنها كشفتني وكشفت كذبي أمام خولة ...
شعور متذبذب تحوّل لأصابع تحيط برقبتي ... كيد القدر الثقيلة التي تطبق على صدري مذ نشأت ... فجأة كسر سكون الشارع دون سابق إنذار ... منبهات السيارات تدوي في الشارع الرئيسي وأصوات صراخ الجماهير يعلو متحديا حرارة الطقس ... بدأت الضوضاء تجذب الناس أكثر فأكثر ...
تمشيت بضع خطوات للشارع الذي يجاور مكان جلوسي ... سيارات تحمل أعلام الوطن ... رجال ترقص وفتية يطلقون الشماريخ ... إعتقدت أن فريقنا الوطني ربح مقابلة مهمة فنحن لا يجمعنا علم الوطن إلا في مباريات كرة القدم ... سرت وسط الهاتفين وقفزت مع القافزين دون أن أعلم شيئا ... بدأت الوفود تتجمّع رويدا رويدا كلما إقتربنا من شوارع أخرى ... هذا يصرخ وتلك تزغرد والآخر يلتحف علما ويجري ...
لكن حسب علمي و أنا المتمعش من نتائج كرة القدم لا توجد أي مقابلة مهمة لا في القدم ولا في اليد ولا حتى في التنس ... في غير تلك الألعاب نحن لسنا مصنفين ... صادف مرور الجمع قرب محل العمدة الذي شاهدته يرفع علامة النصر من أمام الباب .. إنسحبت من سيل البشر المنهمر نحو وسط العاصمة والتحقت به ...
وجهه مستبشر وسعيد ككل الناس ... فهمت منه أن حدثا جلالا حدث في البلد ... قرارات سيادية ستغيّر مجرى حياة دولتنا العليلة ... أحد الحاكمين عزل الباقين وجرّدهم من مناصبهم وسيقوم بحسابهم ... هكذا فهمت من كلماته الكثيرة ... لم تمضي دقائق حتى إقتحمت دبابة الجيش والعربات المصفحة الشوارع وتمركزت في كل مفترق طرق ... وجودهم بعث في نفسي بعض الخوف ... ثم تذكّرت أمي ...
كل تلك المشاعر المتضاربة تحوّلت لخشية عليها ... لا أحد يعلم ما سيحدث ... هي سيقتلها الخوف عليا لو سمعت طلقا ناريا واحد يدوي في الشارع ... ركضت بأقصى سرعتي نحو حينا ... وجدت باب البيت الحديدي مفتوحا كما تركته ...
الصالون مظلم إلا من ضوء شاشة التلفزيون ينعكس على بقايا الزجاج المتناثر في كل مكان ... وصلني نحيب أمي التي رفعت صوت حشرجتها ككل الإناث إذا أرادت هزم ذكر أخطأ في حقها ... منعتني طريقة مغادرتي البيت من الإقتراب والإعتذار ... متظاهرا أن شيئا لم يحدث ...
- سمعتي حصل إيه في البلد
- (أشارت بيدها نحو شاشة التلفاز التي تعرض حركات الشارع وصدرها يهتز من أثر البكاء) ايوة عزلهم كلهم
- (حاولت أن أضفي فسحة من الفكاهة تمكنني من فتح حديث معها) وإنتي بقى بتعيطي عشانهم .... ههه
- (نصف إبتسامة سرقتها من شفتيها ) يتحرقو كلهم ... مش لما اشوف الإنقلاب إلي حاصل في بيتي
- إنقلاب ؟؟؟ ده تصحيح مسار (إقتسبت ذلك المصطلح من كلمات احد المتدخلين في التلفزيون)
- (بنصف إبتسامة تعكس أن فطتني أعجبتها) إنت شايف إنه المسار كان غلط
- مش غلط بس بيمنع التطور والتنمية
- طب فهمني ... نعمل حوار وطني مش تنفرد بالرأي والقرار والسلطة لوحدك
- طالما حوار يبقى نجيب حاجة نشربها ونسهر عليها
إما اللإعتراف بكل ما حصل وأدفن هذا الذنب وإما المواصلة وليكن ما يكون ... ثم عدّت للبيت ... وجدت أمي التي تمالكت نفسها بأن غسلت وجهها في الدور العلوي تغيّر ملابسها ... وضعت كل المقتنيات في طبقين كبيرين وصعدت للأعلى ... فتحت البلكونة وسحبت سجادة كانت مطوية بجانب بابها وفرشتها ... الإنارة الخفيفة في الشرفة سحبتها وقد صدمت لكمية الأشياء الموضوعة في الأطباق ... شعرت انها لا ترغب في الجلوس هنا
- إنت قاعد هنا ليه ؟؟؟
- إنت مش قلتي حوار ؟؟؟ يبقى لازم يكون على أرض محايدة
- (بنصف ابتسامة مكتومة) وفارش سجادة على الأرض ليه
- عشان تبقى أرضية تفاهم نبني عليها الحوار
- (هنا لم تستطع أمي كتم ضحكها من دعابتي) طيب وإيه ده كله ؟؟؟
- دي لمحة عن التغييرات الإقتصادية الي هيعملها تصحيح المسار
- يا واد بطّل هزار هو من إمتى بقيت بتفهم في السياسة
- يعني إنت لسة شايفاني مش بافهم ؟؟ مش مقتنعة إني كبرت دي حتى الحكومة أعطتني حق الإنتخاب
- وهو حق الإنتخاب بيخليك تخبي كل الأسرار دي عن أمّك ؟؟
- ماهو لو أمي كانت بتسمعني وبتفهمني ما كنتش خبيت عليها حاجة
- ياااااااه ... هو إنت شايفني متسلّطة للدرجة دي
- مش متسلّطة بس ما تصدقيش
- يا سلام ... هو إنت قلتلي حاجة وما صدقتكش
رحت أسرد ثانية كلامي وكلام خولة وبتفاصيل دقيقة محاولا إلقاء المسؤولية على عاتقها ... كيف أن كثرة الحديث عن موضوع إعجابي المزعوم بتلك السيدة والذي أوصلني للمستشفى جعلني ابحث في عالم الانترنت عن تحليل سليم لمشاعري .. وبما أن عالم النت مليء بالحكايات فقد وجد لينك الجامعة المتخصصة في علم النفس و بالدخول اليها وجدت فيها ذلك العرض عن طلب متطوعين للدخول في تجربة فدخلت لهدفين أولهما أن أعالج إن كان هذا مرض وأن أكسب بعض المميزات العينية ... كبعض الملابس والهاتف وذلك المبلغ
أمي التي خنقتني عن طبيعة العلاقة والتجربة لم تقتنع بكلماتي المقتضبة ... فحقيقة لم أجد ما أقول أن الموقع لم يحددها بعد ... أو ربما ستتحدد كلما تقدمنا في التجربة أكثر ...
وأمام حصار أمي إخترعت تفاصيل كثيرة مصدرها الحقيقة عن الحساب البريدي وأكدت لها مرارا أن تلك المؤسسة تحافظ على سرية شخصية المتطوعين حتى القائمون عليها لا يعرفونهم شخصياتهم الحقيقية ... فقط يجب أن تملأ قاعدة بيانات عنك ثم تدخل في إختبار لمدة أسبوع ينتهي بالحصول على وصل مقتطعات شراء انفقتها في الهاتف والملابس وكيف أني كنت ألجأ لحلاق قريب من البيت لتغيير ملابسي خوفا من أن تكشفني ... ثم ما إن يختارك شريك لخوض التجربة حتى تتحصل على مبلغ 500 دينار وعند نهاية التجربة تحصل على مثلها ....
كلام موزون ومنمّق ... هكذا بررت لامي تواجدي مع خولة دون وجع دماغ يتلو تلك الحادثة أو على اقل تقدير بأخف قدر منه ... وتخلصنا من *** دكان البقالة و وضعت في يدها مبلغا يساعدها ... والاهم سوف أتمكن من الخروج من البيت بملابسي الجديدة .... الإيقاع المتزن لحركة أظافر أمي وهي تفتح حبات الفستق يوحي أنها تركز وتحلل كل كلمة اقولها ... شعرت أن هذا السيناريو المحوّر من قصة نجاة خولة بنفسها ينقصه بعض المؤيدات ...
سحبت هاتفي الجديد و فتحت صندوق الرسائل ... بثقة تامة أن أول رسالة تصلني من خولة كانت الأمس لتحديد الموعد ... أمسكت أمي الهاتف بتملي قرأت الرسالة عدة مرات ثم قلّبت الهاتف بين يديها مفكّرة قليلا ... ثم أرجعت في يدي و بأمر صارم قالت
" وريني الموقع ده "
حشرت حبة فستق في حلقي حتى قاربت أن أختنق بها ... أي ركن حشرت فيه نفسي وأي مأزق ... ياليتني إعترفت قبل هذا ... حركتي المترددة على شاشة الهاتف تعكس توتري ... مستجديا الحظ أن أجد شيئا فقط قريا ولو بنسبة العشر لما أقول رحت أحاول فتح المتصفّح فلا يجيب ... أمام تكرار محاولاتي ألقت أمي برأسها فوق كتفي تراقب حركاتي ... كفأر غريق تعلّقت بآخر محاولة للكذب ... الإنترنت إنقطع ...
أمي التي قامت تنفض بعض غبار السجادة عن مؤخرتها تمشّت حافية أمام نظري الأعمي من الصدمة بحثا عن هاتفها في الدور السفلي ... دقائق كدت اسجد فيها للحظ أن أنجاني من هذه الورطة ... لتعود بعدها متمطية كقطة أصابها النعاس ... بصوت يكسوه المكر قالت أن التلفزيون يذيع أن شبكة الاتصالات انقطعت بفعل عمل تخريبي و يعملون على إصلاحها ... ثم انسحبت لغرفتها ...
دقائق قليلة وانتفضت نحو غرفتي ... إذا كان الحظ يقف بجانبي بكل قواه كي لا يكشف كذبي فلن أخذله ... أمسكت جهاز اللابتوب ... شخص مثلي تدرّب على يد خبير مثل رحيم لن يعجز عن إبتكار موقع ينجيه من عار الحقيقة ... الأمر لم يكن هينا عليا لكنه لم يكن مستحيلا ... وضعت كل خبرتي القليلة ... ساعدتني عودة النت السريعة وشجعتني على المواصلة ... هي إشارة من القدر أن انقطع لينجيني وعاد لينجيني ... سرقت كل المقالات وقلّدت أعظم المواقع المختصة ليخرج شيء قريب للواقع ومقنع ...
تحضير هيكل الموقع وملأه بما يجب أن يوضع فيه من مقالات وتعريف ولينك إتصال وصور تعريفية وغيرها تطلّب مني طول الليل ... هو ككل المواقع المنتشرة ... قبل شروق الشمس شعرت بالعطش فرحت أبحث عن شيء يبل ريقي في الشرفة ... النور المتسلل من تحت باب غرفة أمي يوحي أنها لم تنم ليلتها ... أنا أكثر الناس علما بأمي هي تراجع كلامي وكلام خولة وإستنتجاتها بالحرف لتحشرني ثانية ... أنا أعرف
إستعدادا لهجمة مرتدة منها ألحقت الموقع بموقع فرعي ... تطبيق للاجابة عن الأسئلة والتحاور عبر رسائل الهاتف ... هو نفس التطبيق الذي بدأت حكايتي معه يوم دخول خولة لمحل رحيم ... منه إنطلقنا ومنه ننتهي ...
استجمعت ما تبقى في ذهني من قدرة على التركيز ... مربعات تعمّر من طرف المتطوعين ... أسئلة تعريفية عن العمر والحالة الإجتماعية ... الطلبات المرغوبة في الشريك ... نظرت لعملي بنظرة الفخر ... أمن الدولة لن يكتشفوا تزييفي ... آخر خطوة هي نشر الموقع على النت وكدت أن أصاب بشلل رباعي ... سيكتشف أي زائر للموقع عن تاريخ إنجازه ... وهكذا سقط كل عملي في الماء ...
قررت تركه في في مرحلة الإختبار قبل النشر لا احد يراه ... نسخت اللينك على الهاتف ودخلت منه ...الأمر يبدو منطقيا والموقع يبدو مثاليا لمؤسسة مرموقة تكرم المتطوعين للعمل معها .... إختبرت منظره العام وكل محتوياته بدقة قد لا تفعل مثلها أمي ...
الآن سأغلق كل الملفات القديمة ...سأحافظ على صورتي أمام أمي وسيمنحني ذلك راحة بال و نقطة تفوق على أمي التي تدخلت في حياتي فحرمتني فرصة خوض تجربة طالما تقت إليها ...
أغلقت كل شيء وأخفيت كل آثار جريمتي ونزلت للحمام لأتخلّص من مخلفات يوم التوتر ذلك ... قبل خروجي من الحمام سمعت صوت آمي يدندن أغنية شعبية في المطبخ ... تصنعها للبال الرائق ذاك ينبئ بمصيبة ستحدث ...أنا اعرف ذلك فركت عيني كأني صحوت من نوم ثقيل وخرجت ...
كأن حربا لم تدر بيننا أمس ... سألتني إن كنت أريد وجبة الإفطار ... أنا أريد وجبة نوم طويلة ... قبل أن تطأ قدمي درجة السلم الأولى لحقني صوتها يعلمني أن الاتصالات عادت لطبيعتها ... مصطنعا وجها من الاستغراب نظرت إليها كمن لا يفهم مغزى كلامها ..
بصوت واضح طلبت مني مدها بلينك الموقع ... بعد أن أعلمتني أن الموظفين في إجازة لمدة يومين حتى تهدأ الشوارع ... كدت أسجد لعقلي تقديسا له آن هداني لفكرة الإسراع في عملي ليلة أمس ... عدت نحوها بعد جلبي للهاتف بخطى ووجه الواثق ... فتحت اللينك أمامها وتركتها متعللا بالنوم ...
ثقتي في نفسي وجهدي طيلة الليل سحبني لسبات لم أعلم كم طال ... صحوت وقد ارتحلت الشمس ... وجدت هاتفي على منضدة الصالون ولم أجد أمي ... لم أخرج من حمامي بعد وسمعت صوت حركتها في المطبخ ... كنت منتشيا بنصري عليها ... لم تفتح معي موضوع الموقع ولا خولة ولا حتى إشارة لذلك ... قضينا الليل كله في الشرفة ... لمستها الأنثوية جعلت من الشرفة المهملة أجمل قعدة عربية ... السجدات المهملة مفروشة ومخدات ومساند لم ترى النور منذ عقد أو أكثر ... طاولة صغيرة تتوسطها ...
جلسة لم يجلسها هارون الرشيد في قصور بغداد قديما ... من شرفتنا كنا نراقب الحركة البطيئة في شوارع ألجمها حظر التجوال ... بعض الشبابيك المقابلة تشكل مسرح لظلال الساكنين خلفها ... تحدثنا عن الوضع وعما يمكن أن يحصل بعدها ... عن مستقبل هذا البلد لو حكمه الشرفاء ... بعض أحلام السذج سرقتنا ... شعرت ان أمي أعجبت بتفكيري
القليل من نسمات الصيف العليلة جعلتني أحتج على إهمالها لهذا الكنز طيلة سنين ...قالت بصوت مذبوح أن جلوسها هنا يذكرها بأيامها مع أبي ... قالت انه كان يعشق السهر هنا قبل أن تنبت بعض تلك العمارات التي تغطي الأفق ... لأول مرة في حياتي كنت اسمع ذكريات آمي وأبي بشعور مختلف ... هو بعض الإمتنان له لما أورثني إياه ... فكرته المجنونة لترويض الحظ وأمي ...
إن كنت قد تبعت خطاه في لعبته ونجحت فلا بد أن أكمل ما عجز عنه في إسعاد أمي ... هي رسالة وصلتني من العالمين ... عالم هو فيه يرشدني كيف أكسب مالا لا أهتم لشرعيته ورسالة من أمي التي استحسنت كسري لصورتهما ... رغم غضبي من تعليقها لكن قولها بان صورتي هي التي يجب أن تزيّن أركان البيت بعد الآن ... ربما يجب عليا فعلا أن أملأ الفراغ الذي تركه في حياتها ...
تمطت أمي التي كانت كعادتها تلبس قميصا قطنيا لا يصل نصف فخذيها .. خطوتان وألقت بصدرها على سور الشرفة تنظر للحديقة مسدلة نصفها العلوي للأسفل ... استرسلت في شريط ذكرياتها ... لأول مرة تقول ذلك ... قالت أن أبي كثيرا ما حضنها وهي تقف هنا ... شعرت أنها تدعوني لذلك ... تقدمت منها خطوتين محاولا حضنها ظننت أن ستستقيم لمجرد لمسي لخصرها براحة يدي ... لكنها واصلت أرجحتها المقلوبة ...
مؤخرتها الطرية كانت تتصادم مع ما بين فخذي جيئة وذهابا ... لعبها الطفولي أسعدني ... فأمسكت خصرها بقوة أكثر لأسمح لها بالتأرجح وشعرها متدلي للأسفل بكل ثقة ... كعادتي كل صيف عاري الصدر لا البس سوى البوكسر اللاصق على جلدي ... محاولا تعديل وضعي كي أرفع بطنها عن حائط السور واتركها تتأرجح بحرية ودون تنبيه مني ... ارتعبت لحركتي فدفعت نفسها للخلف لنقع كلانا ...
أنا على الأرض وهي فوقي وظهرها لي ورجلاها للأعلى ... قميصها إنزلق حتى وصل رقبتها ... ظهرها عاري فهي لا تلبس سوتيانة في البيت ... موقعي لم يسمح لي برؤية فخذيها بحكم أن جسمها يحجب عني المجال ... قبل أن انطق بكلمة واحدة إنفجرت ضاحكة وهي تحاول الوقوف ...
إحراجها جعلها تنتقم مني بدغدغتي تحت إبطي وصدري ولمنع حركتي جلست فوق بطني ... بضع حركات إهتزازية مني جعلها تفتح رجليها وتتراجع قليلا لشل كل مقاومة مني ... قماش كيلوتها الوردي يغمزني ويداها تجولان بعنف على صدري ومؤخرتها الطرية تضغط على قضيبي الذي لم يلبث أن أعلن عن وجوده للكون منطلقا للأعلى ... رغم انه يستحيل عليها أن لا تحس به لكن جلوسها هكذا طال وانهمكت في دغدغتي أكثر ... لما شعرت أنها انتقمت مني بما يكفي ... قامت من فوقي تمسح بقايا دموع اغتصبها الضحك من مقلتيها
- حرمت بقى تهزّر معايا هزارك العبيط ده
- لا حرمت ... وقعتين ثلاثة زي دي ويجيني كسر في الحوض
- مش مهم الحوض يتكسر المهم الحنفية سليمة
سحبتني إشارة في الأعلى أن أحدا اتصل به ... كنت متأكدا أنها أمي ... تخيّلت أنها ستستفسر عن كلامي ... فتحت الإشارة لأصاب بصاعقة ... أمي سجّلت للمشاركة في البرنامج كمتطوّعة ... لم يسرح بي الخيال أنها ستكذبني لتلك الدرجة ... تسجّل لتتأكد من صدق كلامي ... فليكن ... هي منحتني فرصة أن أمدها ببعض الأموال وبعض المرح دون عناء ...
قرأت بيانتها هي صحيحة لا محالة
العمر 40 سنة
الحالة الإجتماعية ارملة
الطول 165
الوزن 68 كغ
رقم الهاتف
سبب التسجيل ... تجربة جديدة
العمر المطلوب في الشريك 18- 22
هنا اكتشفت خطئي فبمجرّد فتحي للإشعار التطبيق سيرسل لها رسالة يعلمها بتلقي طلب التسجيل ... وهذا من شانه كشفي لكن لا مفر لقد حصل ما حصل ... أرسلت رسالة أخرى كنت أعددتها مسبقا
" أقر أني بعد قراءة هذه الرسالة أني موافق على كل ما فيها ... المشارك يتعامل مع جهاز الكتروني يقيم الحالة وفق بيانات مبرمج لها لذلك يجب
الإلتزام بالإجابة عن الاسئلة و قول الحقيقة دون غيرها
الالتزام بتنفيذ كل الأوامر الصادرة عن البرنامج حسب ما تقتضيه متطلبات مرحلة المشاركة
الإلتزام بإعلام المؤسسة عن أي إخلال يقوم به الشريك
تطبيق التعليمات الجديدة كل ما اقتضت الضرورة ذلك
لا يمكن الانسحاب من التجربة قبل نهاية المرحلة المسجّل فيها كاملة وإذا حدث ذلك للمؤسسة حرية سحب المكافأة المرصودة
تلتزم إدارة البرنامج بالحفاظ على سرية شخصيات المشاركين والسعي لضمان ذلك
تحذير.. إن كل معلومة تساهم في بناء الشخصية لدينا وهو ما يرتبط بكل الأحداث والطلبات بعد ذلك .. ننصحكم بالصدق
إذا إحتجت للمساعدة نمكنك من الاتصال بمختص نفسي
إن كنت موافق على ما سبق ابعث رقم 1 وان رفضت ابعث رقم 2
ما هي إلا دقيقة ووصلني إشعار بوجود رسالة ... هي رقم واحد دون شك ... من باب التسلية وإن كنت سأدفع لامي بعض الأموال فليكن مقابل بعض المعلومات ... بعثت رسالة أخرى ورائها ...
- السؤال الأساسي الأول ... قلتي ان سبب الإشتراك هو تجربة جديدة ... هل سبق لكي أن دخلت تجربة عاطفية من قبل ... للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
- الإجابة 1
- كم مرة
- مرة واحدة
- في اي سن حصلت تلك التجربة
- سن ال 18 سنة
- هل تطوّرت تلك التجربة العاطفية لملامسة جسدية من اي نوع
- أكيد
- هل حدث ذلك في إطار علاقة شرعية
- أكيد
- وقبل ذلك هل حصل
- نعم
- إلى اي مدى وصلت تلك الملامسات
- بوس .. أحضان ...
- السؤال الأساسي الثاني ... وضعيتك الإجتماعية أرملة ... هل لك أبناء ؟؟ للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
- نعم
- عددهم ؟؟
- واحد
- الجنس
- ذكر
- منذ متى وأنتي أرملة
- 16 سنة
- هل فكرت في الزواج ثانية
- لا
- هل وقعت في الحب بعد ذلك ؟؟
- لا
- السبب
- وجود إبني في حياتي وحبي الشديد للمرحوم
- السؤال الأساسي الثالث ... قلتي ان سنك 40 سنة هل شعرتي بتقدّم العمر للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
- لا
- ما السبب وراء شعورك
- جسدي لا يزال نظرا و روحي تتوق للحياة
- هل أنتي راضية عن جسدك وجمالك
- نوعا ما
- تفاصيل
- ربما أحتاج لبعض المكياج لملابس الجديدة كي ارضى عن جمالي ( أعجبتني نبرة التحيّل التي وصلتني منها)
- هل يؤثر منسوب رضاك عن جمالك وجسدك على قراراتك العاطفية
- أكيد
- السؤال الرئيسي الرابع ... لماذا حددتي سن الشريك بين 18 و 22 ... الإجابة الاولى حرّة
- ربما لانها كانت أحلى فترة عشتها في حياتي في ذلك العمر
- هل تريدين خوض تلك التجربة من جديد
- نعم
- على الصعيد العاطفي ام الجسدي
- (طال تفكير أمي) الإثنين معا
- هل تنجذبين للشباب في مثل هذا السن
- (طال تفكيرها أكثر) نعم
- (هنا إقتنعت أن أمي مصرة على خوض التجربة لكشف كذبي) هل يوجد في حياتك شخص في مثل هذا السن تنجذبين اليه
- لا يمكنني الحكم بعد
- السؤال الرئيسي رقم خمسة ... هل تريدين تقييم علاقتك مع ابنك للإجابة بنعم رقم 1 وبلا رقم 2 وإن كنت لا تريد الإجابة رقم 3
- رقم 3
- شكرا لقد تم تسجيل بياناتكم سيقع تحليلها والإجابة عليها في أسرع وقت ... شكرا على ثقتكم بنا ...
أرسلت لها رسالة
" لقد تم تقييم مشاركتك ... حصلتي على 480 نقطة ... الرجاء مدنا برقم حساب بنكي أو بريدي لتحويل مكافأة التسجيل ورقم صندوق بريد لتلقي الهدايا "
لم تمضي نصف دقيقة ووصلني رقم حساب .. لكن لا أظن انه حسابها ... دخلت موقع البريد وقمت بتحويل مبلغ 480 دينار من حسابي لحسابها ... الشيء الوحيد الذي تطوّرت فيه تونس هو سرية الحسابات المالية ... بعد دقيقتين فقط كنت استمع لتنهيدتها تلهب جو الشرفة قبل سماع طنين هاتفها يعلمها بوصول رسالة ... طال إنتظاري لها أن تدخل غرفتها عبثا ...
فتحت الباب لألمح طيفها متأرجحة على سور الشرفة كما فعلت قبل قليل ... السعادة تشع من جلد فخذيها قبل وجهها الذي لم ألمحه ... لم تمضي دقيقتان وألحقتها برسالة أخرى ...
هل ترغبين في دخول المرحلة الثانية من البرنامج أجب بنعم أو لا ... لم أتوقع سوى إجابة نعم ... لكن هذه المرحلة ستدخلني في حارة مسدودة قد تكشف كذبي ... ماذا إذا طلبت أمي مقابلة احد الشباب ؟؟؟ ... غلبني غروري وثقتي بأن أمي لا تريد فقط سوى إغلاق تلك الفكرة نهائيا ... فقط هي سترى صور الشباب المشاركين و تتأكد ... التحويل قد وصلها وهو تأكيد شبه كلي على صحة كلامنا أنا وخولة ... فقط هي تريد المزيد من الأدلة ...
دخلت على الانترنت في موقع مواعدة أوروبي إخترت بضع صور لشباب دون وجوه ... بلباس كامل عاري الصدر .. ببوكسر فقط ...بلباس بحر ... هذا يستعرض عضلات يديه والآخر فخذيه ... أنشأت موقع رديفا لموقعي ونزلت الصور وصور لي التقطها في الحين كلها ببوكسر غير الذي ألبسه ... كل شخص ركبّت له رقما معقدا ليبدو الأمر أن المشاركين كثر لا غير
فقط هي رسالة عن تحديد المنطقة السكنية المرغوب منها الشريك ... ثم أرسلت لها اللينك ... كنت أتوقع أن تنتهي مغامرة أمي هنا ... أنا موجود وسط بضع شباب من سني على موقع علمي وجدتني عليه خولة فتقابلنا .. هي غنمت بعض المال وأنا إكتفيت من الغنيمة بالسلامة ...
ما هي إلا دقيقة ووصلتني رسالة عليها رقم تسجيلي الوهمي ... توقف قلبي وعقلي لبرهة عن العمل ... إلى أين تريد تصل بشكوكها ... أمي تريد مواعدتي ؟؟؟ ... يجب على هذا الجنون أن ينتهي ...
أرسلت لها رسالة كنت متأكدا أنها ستنهي الموضوع من أصله .... طلبت منها بعض الصور ليراها الشريك ليحدد موقفه بالموافقة أو عدمها ... سمعت باب غرفة أمي يغلق بالمفتاح ... ابتسمت في سري ظنا أني هزمتها ... واستلقيت على سرير أطلب النوم ... لم تنطبق رموشي بعد صوت إشارة خفيف يرن من جهاز اللابتوب ...
خمس صور تصلني من الغرفة المجاورة ... اثنان وهي واقفة أمام مرآة خزانتها تلبس تنورة سوداء لا تصل نصف فخذيها وقميصا ابيض فتحت زرين أعلاه ليظهر مفرق صدرها ... وواحدة تجلس على حافة سريرها تضع رجلا على رجل ومجمل فخذيها عاريان ... وأخرى نائمة على السرير ومؤخرتها مرفوعة للأعلى ... أمي لقد جنّت حقيقة ... هذه صور لموقع مواعدة وردي ... إنها دعوة لل****** ...
كيف تجرأت على ذلك حتى وإن أخفت وجهها ... فكرت أن لا أرد عليها ولكني أردت معرفة مدى شكوكها بي هي حتما تريد إختباري ثانية إن كنت سأقول الحقيقة أم لا ... وإلا لما اختارتني دونا عن الموجودين ... للتأكد من ذلك بعثت رسالة أطلب منها إن كانت تريد نشر الصور علّ أحد المشاركين يدعوها لخوض تجربة أو أنها تريد إرسالها حصريا للشريك المطلوب ...
هي تؤكّد في الرسالة على خصوصيتها وأنها لا تريد لأحد أن يراها غير الشريك المطلوب ... هنا توضّح الأمر بالنسبة لي ... هي تريد فقط إختبار معاهدة الصدق بيننا ... وللخروج من هذا المأزق توجب عليا السهر ثانية لتسجيل نفسي على تطبيق الموقع ثم إستقبال رسائل منه ثم مصارحتها بالأمر ... أنهيت كل ذلك العناء المجاني بعد الفجر فوجدت أمي قد نامت ...
إستسلمت لنوم عميق غير مريح ... حلمت بخولة في محل التدليك ... وحلمت بأمي تجلس مكان إيمان وخالتي تعمل بالمقهى كنادلة ... عرق وحرارة ونوم مجنون وأحلام من الجحيم ... صحوت عند غروب الشمس مثقل الخطى مشلول التفكير ... رسالة من آمي للبرنامج فيها رقم صندوق بريد ... هي لا تضيع وقتها ... وجدتها قد سيّقت الشرفة وفرشتها ثانية ...
قبل أن أنادي عليها وضعت في يدي ورقة نقدية وطلبت مني شراء بعض مستلزمات السهرة .... عند عودتي وجدتها جالسة في الشرفة تداعب هاتفها ... وضعت الكيس بكل ما فيه أمامها وقررت إنهاء هذا الأمر الآن ...
- ماما في وحدة ست ثانية عاوزة تقابلني
- تقابلك فين ؟؟
- البرنامج بعثلي بيعلمني إنه في وحدة عاوزة تقابلني ومستنين أوافق والا لا ؟؟
- وقلتلهم ايه ؟؟؟
- ما قلتش حاجة ... جيت أقلّك
- طب هما بعثولك ايه ؟؟
- بعثلولي رسالة بيعلموني انه حسابي تلقى طلب بالمقابلة وبعثولي صورها
- وريني كده ؟؟؟
- (راحت تتملى في الصور بهدوء وثقة ) تصدق دي أحلى من الاولنية
- أكيد هو في حد أحلى من ماما ؟؟؟ ... إنتي إزاي عملتي كده
- هو مش برنامج مفتوح للعموم عشان يتطوعو ... دخلت سجلت واتطوعت وبعثولي فلوس كمان ...
- طب معلش إزاي إخترتيني أنا دونا عن الكل
- تصدّق إن الست بتاعة الكافيه معاها حق إنت أحلى واحد فيهم
- بس إنتي أمي
- هو مش جحا اولى بلحم ثوره ؟؟؟؟
الجزء السادس
غير مستوعب كلمات أمي ... حاولت التفرّس في وجهها مستنكرا قولها علّها تتراجع او تفسّر ... لكنها صمتت ... كعادة كل مذنب قتلني الشك القريب لليقين أنها كشفتني وتسايرني فقط لأعترف ... لم أجد مهربا إلا الإستمرار ... حقيقة لم أصل بعد لدرجة فهم ما تروم إليه ...
- مش فاهم حجا ايه ولحم ايه ؟؟؟
- (أمسكت أمي عنقود عنب وتوجهت نحو سور الشرفة ) إنت مستغرب ليه ؟؟؟
- طبعا لأن الوضع مش طبيعي
- فيه ايه مش طبيعي ؟؟؟
- الموضوع كله (هنا أحسست اني لو تماديت لكشفت ثغرات في كذبتي قد تفضحني)
- طيب هما مش طالبين متطوعين وشخصيتهم سريّة
- تمام
- ومش عاوزين يعملو دراسة عن علاقة المراهق بالاربعينية والعكس
- صح
- فين المشكلة لو أنا وإنت دخلنا التجربة دي مع بعض
- بس إنتي أمي
- وإيه الي يمنع ؟؟؟
- (هنا أحسست أنه يمكنني إنهاء الموضوع) هما مش طالبين علاقة شاب بمدرّسة أو بمشرفة إجتماعية .. دي دراسة عن تأثير المشاعر بين الإثنين ...
- وفين المشكلة
- المشكلة إنه إحنا مش عارفين التجربة دي هتودي على فين
- يعني هتودي على فين ؟؟؟ تجربة علمية وإحنا بنتابعها .. يعني مش ممكن أكون أنا إلي مريضة زي ما حضرتك بتقول ... ندخل التجربة سوى ... ولو ما عجبتناش ننسحب بس نكون كسبنا حاجة من وراها
- كسبنا ؟؟؟
- هما مش بيقولو إنه فيه هدايا وفلوس وكده
- أيوة
- طب ليه الفوايد دي نصها يروح للغريب ... مش إحنا أولى
- صح
- فهمت يعني إيه حجا أولى بلحم ثوره
- طيب ما ندخل أنا وإنتي كل واحد في تجربة لوحده
- يا سلام ... مش شايف إنه أنا وإنت هنكون ضمانة لبعض ؟؟؟
أمي لن تتخلى عن طبيعتها في محاصرتي ... حتى في تجربة خيالية أنتجها تسلسل كذبي تتبعني ... لم تتركني تلك الليلة حتى تأكدّت أني أرسلت قراري بالموافقة على قبولها كشريكة في التجربة ولم تهدأ حتى وصلتها رسالة من التطببيق عليها رقم هاتفي ... حرصا منها أن تلعب الدور كما ينبغي أرسلت رسالة تؤكد فيها الموعد معي ... يوحي أنها مقتنعة حد اليقين بالفكرة ... قالت من يدري ربما سيطلبون يوما دليل تأكيد على ذلك ...
ألقيت راسي تصارعني فكرتان .. الأولى تسعدني كوني نجوت من سيل المشاكل التي فتحتها على نفسي ... والثانية تخز قلبي أن عفريت الكذب الذي أطلقته قد تمرّد على قدرتي على السيطرة عليه ... إلتحقت بغرفتي محاولا التركيز لإعداد برنامج أسئلة الغد لكلينا ... الأمر أصبح صعبا بعض الشيء ...
إستعنت ببعض المواقع على الانترنت لتجارب مماثلة ... لم أجد الكثير لكن على الأقل فهمت مبدأ الخطوات الأولى ...
قديما قالوا أن من يمتلك الفيزياء يحكم العالم ... وأنا إكتشفت أن من يمتلك الرياضيات يروّض الحظ ... وتقريبا بدأت أجزم أن من يمتلك المنطق يخضع المشاعر... بنفس المبدأ الذي سارت عليه خطّة أبي ... هي فرضيات لإحتملات يمكن أن تفكّر بها أمي ... سواء بالقبول أو الرفض ... جواب يؤدي لسؤال ...
تسللت صباحا لمركز البريد ... وضعت في الصندوق الذي أرسلت أمي رقمه لي قصاصات شراء بقيمة 500 دينار هو مبلغ يمكن انو يوفر لها بعض الإحتياجات ... رسالة من البرنامج تعلمها بذلك وبعض تفاصيل حجوزات في مركز تجميل وحلاقة ...
حسب اتفاقنا فإن الموعد سيكون بعد الظهر في أحد الكافيهات الراقية ... ولمزيد الحرص منها أصرّت أن يذهب كل منا لوحده ... قالت ربما نكون مراقبين أو تحت الدراسة ... هنا أيقنت أن أمي غرقت حد منخريها في هذه اللعبة ...
تجوّلت كثيرا في المدينة أضحك من نفسي وأين أوصلني كذبي ... خارج في موعد تعارف مع أمي ... ما هذا الهراء ... حاولت مواساة نفسي بكون الصدفة منحتني فرصة توفير بعض المتطلبات لها دون شكوك ... هي حتما ستشتري ملابس وعطور ... هذا سيجعل القسمة عادلة بيننا ...
قبل الموعد المتفق عليه بقليل .. دخلت الكافيه وإخترت مكانا منزويا بعض الشيء ... خشيت من أن يراني أحدهم وأنا لا أحد يعرفني أصلا ... هو خجل يسكن روحي فإنعكس على إختياري ... بضع دقائق وأطلّت أمي ... في أول وهلة لم أعرفها ... قصّت شعرها ... نصف خصلة سوداء قانية مسدلة على عينها اليسرى التي تغطيها نظرات شمسية نسائية شفافة ... بنطلون جينز أزرق يعاني لحشر استدارة فخذيها فيه ... وقميص ازرق مجعّد بلا أكمام يتباهى تحته زنداها اللامعان ... فتحت سلسلته الأمامية لتهدي للناظرين خط الحب الفاصل بين نهديها المرفوعين للأعلى ...
كممثلة بارعة وقفت تبحث عن شريكها المرتقب وكأنها لا تعرف شكله ... إمتزج عندي شعور بالضحك والصدمة والسرور ... أمي مسحت 10 سنين أو أكثر في اقل من نصف يوم ... إبتسامة أشرق معها وجهها وهي تتجه نحوي ... نصف غمزة أيقضتني أن أقف مرحبا بها ... مصافحة خفيفة و ملامح وجهينا ترسم ملامح الإكتشاف المزيف .. أنا حقيقة كنت أكتشف شخصا جديدا ... زاد سروري أني بعثت فيها الروح من جديد ...
جلست تقابلني وهي تتملى في وجهي خشية أن يكون أحد من البرنامج يراقبنا ... المكان المنزوي زاد في حميمية الجو ... أمي التي أكبرت إختياري ذهلت لما إقترب منا النادل واضعا بعض الورود وشمعة تفوح منها رائحة عطرة ...
- أيوة كده ... لو حد شافنا من البرنامج هيتأكد إننا عشاق
- (صدمتني كلمة عشاق التي لم تطرح أصلا في فكرة البرنامج) لو حد شافنا من البرنامج يلغو تواجدنا معاهم على طول
- يا سلام ليه بقى (إعتلت وجهها مسحة حزن مستنكرة أن التغييرات لم تعجبني)
- البرنامج بيقول شاب 18 سنة وسيدة أربعينينة لو شافوكي هيقولو دو إثنين مراهقين
- (مجاملتي سرقت إبتسامة زادت في روعة الجلسة) يا سلام ما فيه مراهقين في الاربعين
- بس مش في حلاوتك
- (بصوت منخفض) أيوة كده خليك على النمط ده ليكون حد سامعنا ومن هنا ورياح تناديني باسمي بلاش كلمة ماما دي
كنت أرد بكلمات مقتضبة على حواري مع وفاء ... وعقلي يلف في المقارنات ... عدت لإنطباعي عن أمي وخالتي ... أمي أجمل بكثير غير أن هيأتها كانت تخفي حسنها ... بعض العناية أعاد التألق لزهرة طمرت تحت تراب الهم لسنين ...
النادل الذي أيقن بما لا يجعل مجالا للشك أننا عاشقان راح يمطر آذاننا بجمل المديح والتمنيات بالهناء ... كنا نكبت ضحكنا كلما أسمعنا كلماته ... قطع جلستنا مصوّر جوّال ... قالت أمي أن توهمت أن تلك المهنة إندثرت مع الزمن ... طلب منا الوقوف لصورة للذكرى ...
وضعية محرجة نوعا ما لكن مع تشجيع وفاء إستجبت لطلباته ... كانت تضع يدها اليسرى أعلى من رقبتي بقليل بين الأذن والشعر ... واليمنى تضعها على كتفي ... يمناي وضعتها حسب طلب المصوّر على خصرها الأيسر ... مع إصرار مصور الحب أن ترفع قميصها قليلا لتلامس أناملي نعومة جلدها ... كنت أنظر لوجهها مباشرة وهي تنظر نحو قدمي المصوّر ...
أحسست أني ملكت الدنيا لدقائق تمنيت أن تطول أبدا ... تركنا محرّك المشاعر هذا وهو يعدنا أن الصورة ستجهز خلال ربع ساعة ... تلك الفترة الزمنية الوجيزة لم تكفي لاسترجاع الوعي من كلينا ... كل واحد منا سرقته مشاعره ليطبق الصمت على جلستنا ...
ما إن عاد نحونا ممسكا تلك الورقة بين يديه ... حتى غيٍّرت أمي موضع جلستها ... سحبت كرسيها وجلست بجانبي ... رشقت عيناي في الصورة ... قدوم أمي بوجهها نحوي لم يمنحني فرصة التركيز في خلفيتها ... في الصورة إكتشفت أن بنطلون الجينز يصارع لإحتواء تدوّر مؤخرتها ... خياطة القماش السميكة تنغرس بين الهضبتين اللينتين ...
طال تركيزي في الصورة لدرجة جعلت أمي تنطق مستفسرة سبب صمتي ...
- مالك ساكت ليه ؟؟؟
- أبدا بأشوف الصورة
- حلوة ؟؟؟
- أكيد مش إنتي فيها ...
- بس مالك مركز كده ليه ؟؟
- أبدا باتملى في تفاصيل جديدة عمري ما شفتها
- (بنبرة إستغراب) يعني كنت بتركّز في التفاصيل القديمة
- (هنا تجمّد لساني .. حقيقة لم أركّز يوما في تفاصيل جسد أمي) هو إحنا مش عايشين في نفس البيت
- (بصوت منخفض) مش قلتلك وطي صوتك ... ويعني ده يخليك تركّز في تفاصيلي ؟؟؟
- أمال هأركز في إيه ؟؟؟
تقابلنا عند بداية شارع بيتنا وتمشينا نحو البيت ... قبل الباب بقليل إنفرط رباط حذائي فإنحنيت أربطه بينما سبقتني هي بخطوتين ... رفعت راسي لأجدها واقفة تصارع الباب الحديدي وهو يعاندها ... قبل أن أستقيم في موضعي ألتفتت نحوي تطلب المساعدة ... لم أفهم سبب فتح ثغرها بتلك الطريقة ...
دفعة قوية من كتفي للباب الذي انصاع غصبا عنه ليفتح مع إنفتاح عيني أمي دهشة ... دهشتها غطّت على دهشتي حين وصلني إشعار من جهاز اللابتوب ... أمي لم تغيّر ملابسها بعد وإنهمكت ترد على رسائل التطبيق
- السؤال الرئيسي رقم 1 : هل قمتي بمقابلة الشريك ؟؟؟
- نعم
- تقييمك للمقابلة : ناجحة/ غير مرضية / لا يمكنك التحديد
- ناجحة
- ما المميز في المقابلة
- الشريك
- تفاصيل ؟؟؟
- شاب ذكي وقوي ووسيم .. روحه خفيفة ... كلامه جذّاب ... (كنت اضحك من نفسي متذكرا المثل الشعبي " القرد في عين أمه "
- هل ترغبين في مواصلة التجربة معه
- نعم
- هل أعلمته بذلك
- نعم
- هل تواعدتما على موعد آخر
- لا
- السبب
- إنتظار تعليمات البرنامج
- السؤال الرئيسي رقم 2 : هل أنت راضية عن مستوى أنوثتك بعد التغييرات
- نعم
- هل إنعكس ذلك على تصرفات الشريك
- أكيد
- هل بدر منه قول أو فعل يؤكّد ذلك
- نعم
- قول أو فعل ؟؟؟
- قول
- هل كنت تمانعين لو أردف القول بفعل نابع من تأثيرك عليه
- نعم
- السبب
- لا أقبل ذلك في الموعد الأوّل
- هل تقبلين ذلك في موعد لاحق
- ربما
- تفاصيل ؟؟؟
- ربما في مكان آخر .. جو رومنسي ... عشاء ... رحلة ...
- في حال توفّر ظرف منها هل تبادرين أم تتركين زمام المبادرة له
- لا أعرف
- السؤال الرئيسي رقم 3 هل توافقين في بداية المرحلة الأولى من التجربة
- نعم
- شكرا لقد تم تسجيل إجاباتكم سيقع تحليلها والإجابة عليها في أسرع وقت ... شكرا على ثقتكم بنا
تخلّصت من ملابسي وبقيت بالبوكسر وتسللت للشرفة أراقب غروب الشمس ... وفاء التي خرجت تتمطى حافية متفاخرة في قميص بيت خفيف يصل أسفل ركبتيها كشفت مكاني فلحقتني مستفسرة إن كنت أجبت عن أسئلة الموقع ... تقريعها لي على تهاوني في أمر مهم يؤكّد أنها أصبحت ترى تلك اللعبة كمصباح علاء الدين ... وقفت بجانبي تملي عليا إجابتي خوفا أن تتعارض إحداها مع خطتها ...
بعد تأكدها من سلامة إجاباتي نزلت للدور السفلي تجلب بعض مستلزمات الجلسة التي صارت معتادة بالنسبة لكلينا ... توقيت غيابها كان فرصة لإرسال رسالة لها ... أعلمتها أن المرحلة الموالية من البرنامج جاهزة ...
- اليوم الأول لقاء وتجوّل في مدينة الملاهي
- اليوم الثاني جولة في المراكز التجارية للتسوق
- اليوم الثالث الذهاب لمدينة الألعاب المائية
- اليوم الرابع حضور معرض للمستلزمات المنزلية
- اليوم الخامس مغامرة في الهواء الطلق أو مسبح
- اليوم السادس عشاء رومانسي
كنت اسمع وقع خطى أمي مسرعة تصعد السلم نحوي لتبشيري بما أعلم ... وقفت بجانبي تستعرض فكرة الأسبوع القادم ... كنت امتلأ فخرا وهي تشيد بحرفية هذه المؤسسة ... قالت أن المراوحة بين ما يحبه الشباب وما تتمتع به سيدة في سنها دليل على أنه برنامج علمي مدروس ... كان صدري يهتز ضحكا من سعادتي كوني خدعتها ...
ما إن أرسلت رسالتها بالموافقة مع بعض الإحترازات كون هذه الجولات مكلفة وأنها لا تمتلك ثوب سباحة وغيرها من الأعذار التي توحي بطلب للمال كما توقعت حتى وصلتها رسالة تؤكّد أن الموضوع سيدرس و سيجاب عنه ...
وجودي بجانبها والرسائل تصلها تلقائيا أكّد براءتي من أي تدخّل في الموضوع ولكي يصبح الأمر رسميا وصلتني رسالة تطالب تأكيد الموافقة على البرنامج والموافقة على أن تتولى هي إدارة المرحلة بكل متطلباتها المادية وإختيار الأماكن وغيرها ... فوافقت ... هكذا القي الأمر على عاتقها ...
بمجرّد انسحابها لغرفتها قمت بتحويل مبلغ ألف دينار لحسابها ... قبل أن أرجع هاتفي لمكانه ... فتح باب الغرفة فجأة لتدخل أمي مسرعة مستبشرة بخبر وصول ذلك المبلغ لحسابها ... كنت لا اسمع شيئا من كلامها ... فقط عيني تسمّرت في جسمها ... كانت ترتدي ملابسها الداخلية فقط ... الاندر وسوتيانة ...
ربما انفعالها جعلها لا تنتبه لذلك ... ارتمت في حضني تعانقني ... حركتها المفاجأة أوقعتني على السرير وهي فوقي ... ملمس جلدها الناعم يؤكّد أن زيارتها لمركز التجميل قامت بواجبها ... هي نفس النعومة التي لاحظتها عند ملامستي لبطنها وقت الصورة ...
دوت ضحكة منها مستهزئة بي ... حيث أنها كثير ما تسببت في وقوعي ... استفزازها لي جعلن انتفض من تحتها .. لأضع يدي تحت خصرها والأخرى تحت رقبتها وأن أرفعها للأعلى وأجري بها لغرفتها ... من مفاجئتي لها تعلّقت في رقبتي خشية أن تسقط ... ألقيتها فوق سريرها الواسع وهي تصرخ بدلال ورعب معا ...
أغلقت الباب خلفي مدعيا الغضب ... وهربت لغرفتي محاولا طرد تلك الصور من عقلي ... أمي انقلب حالها بهذه اللعبة السخيفة ... من ناحية فعلاقتنا بدأت تبنى على نحو يجعلني سعيدا بالتقارب معها ومن ناحية لو تواصل هذا القرب فسأختنق ... الصيف ذهب نصفه قريبا سأسجن خلف أسوار الأكادمية ... لم أتمتع بعد بسهرة ... لن أجد الفرصة لأي شيء يرضي عطشي الروحي بوجودها ...
تصرفاتها معي أصبحت أكثر ودا ... لم تعد تحافظ على حذرها في الكلام أو اللبس أو الجلوس بجانبي ... وضعها المادي تحسّن بسرعة هي لم تتخيلها ... سعادتها بملابسها وبتلك المبالغ التي دفعتها لها جعل عاطفتي تتغلب على أنانيتي ... فليكن هو أسبوع أتمتع فيه برؤية وفاء سعيدة ... ثم لا تلبث خالتي أن تعود وسأعمل خلال هذا الأسبوع على انتزاع بعض الحريات منها ... كالسهر أو ربما المبيت خارج البيت ...
هي ستعود لمرافقة خالتي مع تلك التغيرات فيها وأنا يجب أن أعمل لأتمتع بما بقي من الصيف .... إستسلمت للنوم ... كثرة أكلي للمكسرات والأطعمة الدسمة دفعا الدم في شرايين قضيبي ليلا ... أحلام وردية ملخبطة الملامح كقناة مشفّرة ... صحوت مبكرا على غير العادة ... ملطخا ويغسلني العرق ويخنقني العطش ...
نزلت للحمام أتخلّص من رجس ذاك الحلم ... انعدام الحركة أوحى لي أن المكان فاضي ... فتحت الباب ليسبقني صراخ أمي التي كانت تقف أمام المرآة بملابسها الداخلية تعدّل ماكياجها من علب جديدة رصفتها أمامها
- مش تخبّط ؟؟؟ ... فزعتني ...
- (متفاديا الإحراج الذي حصل وبذكريات ليلة أمس تقدمت نحو المغطس أفتح حنفيته) فزعت ليه
- أنا مش لابسة هدومي
- يا سلام و البارح كان اسمو ايه ده ؟؟
- البارح حصل ايه ؟؟؟
- ساعة ما دخلت عليا تتنططي مش كنتي لابسة كده
- (ثواني من التفكير ثم إنفجرت ضحكا) تصدّق ما خذتش بالي غير دلوقتي
- يعني أخرج ؟؟؟
- لا خلّص بسرعة عشان ورانا يوم طويل
توجهنا لمدينة الألعاب منذ الساعات الأولى للصباح ... المكان لا يزال خاليا نوعا ما ... الدخول لمدينة الملاهي يحيي في الصدر عبث الصغر ... هذا للناس العاديين فما بالك لمن سجنت براءة نعومة أظفاره بين قضبان الفقر ... هي الزيارة الأولى بالنسبة لي ...
وجه وفاء المشرق سعادة يعكس رغبتها في الإنطلاق ... أفطرنا في مطعم هناك ثم بدأنا نجول بين أحياء تلك اللعب والألعاب ... صدق من سماها مدينة ... شاسعة جدا تتوه بين ثناياها ... كصغيرين لعبنا كل الألعاب ... عقارب وقت المرح تطير ولا تزحف ... رويدا وريدا بدأ الناس يرتادون المكان ... مع شعورنا بالإنهاك من اللعب ... طلبنا بعض الراحة ... في أقصى نقطة من المكان علامة كبيرة تشير إلي " قطار الرعب " ... بعد جدال لم يطل قررنا خوض التجربة ...
الشمس قاربت على المغيب ... كغيرنا من الراغبين وقفنا في الصف المؤدي لمدخل اللعبة ... الصف كله مكون من الأزواج ... ولد وبنت ... رجل وسيدة ... رجل وشابة ... وأنا وأمي ... العربة تحمل أربعة أشخاص ... قابلنا رجل في بداية الأربعينات وشابة في بداية العشرينات ... جلسنا في موضعنا وثبتنا موظف بأحزمة لا يمكن فكّها ... وبدأت العربة تتحرّك ...
على سكة حديدية بدأت رحلتنا ... بعض خيوط العنكبوت و صور لبعض الوحوش ... المشهد يبدو عبيطا نوعا ما ... بدأ القطار يسير ويدخل بنا في نفق مظلم ... متحفزا لأي مفاجأة يمكن أن تسبب لي رعبا تستغله أمي في السخرية مني ... رحت أجيل نظري ... مرة يصدمنا قاتل بسيف ومرة ندخل في شبابيك عنكبوت ما إن تمسح وجهك منه حتى ترعبك صورة ثلاثية الأبعاد لثعبان واقع في حجرك ...
ما بين النفق والنفق يدخل بعض بصيص نور يسقط على موضع جلوس المقابلين لنا ... الرجل و الفتاة ... من خلتهما أب وإبنته يحتضنان بعضهما وشفاههما متلاصقان ... قبل عنيفة وحارة تعكس شوقا وحبا جارفا ... شعرت بالحرج فأردت التركيز في اللعبة خوفا أن يكشفا تطفلي ... نصف نظرة لوجه أمي الذي عكست حمرة وجنتيها أنها رأت ما رأيت ....
لا أعلم هل شعرت بي أم أنه خوفها من مفاجآت اللعبة جعلها تتأبط ذراعي بقوة بكلتا يديها ... لمزيد طمأنتها ضغطت بقبضتي ليتضخّم حجم عضلة زندي بين أصابعها .. وصلني أثر ابتسامتها من نصف الحفرة التي رسمت على وجنتها ...
عند توقّف القطار في آخر المسيرة التي لم أرى نصفها تقدّم منا موظّف آخر يفك أحزمتنا ... بدأ بمرافقينا العاشقين ... عند وقوفهما نزلت البنت مباشرة من أمامي بينما تأخّر الرجل لثواني يعدّل هندامه ... إنتفاخ بارز للعيان بين فخذيه على بعد نصف شبر من عيني أمي التي تجلس أمامه ... من خجلها أشاحت بوجهها نحوي لتلتقي عينانا وننفجر ضحكا ما أصاب الرجل العاشق بإرتباك دفعه للهرب ...
الرجل وسط ارتباكه تعثّرت رجلاه في طرف العربة ليسقط أرضا تحت قدمي مرافقته ... كانت صدورنا تهتز كاتمة ضحكا قد يزيد الموقف إحراجا ... ما إن تخلّصنا من أحزمتنا حتى إنطلقنا للخارج وقد دوّ صوت قهقهتنا غصبا عنا ...
تمسكت أمي أكثر بزندي محاولة التماسك من أثر الضحك ممسكة بطنها ... فأعدت نفس حركة ضغط العضلة ... شعرت بإنكماش يديها على زندي كأنها تقيس محيط ذراعي ... للتظاهر ان الحركة كانت عادية فاتحتها بالحديث
- كويس كده ... فقعناهم عين كنا هنجيب أجلو
- يستاهل
- ليه بقى
- عشان بيعافر في حاجة مش هيقدر عليها
- (وصت صمت طويل مستغربا ما سمعته) .. يعني إيه
- ما تاخدش في بالك
إنقرضت سيارات التاكسي من الشارع ... فقررنا المشي ... لن نمشي كل تلك المسافة لكن على أمل أن نبتعد عن الزحام فقط .. في الطريق ولكي تزيد المعانات إنكسر قدم حذاء أمي ...لتبدأ بالمشي متعرجة ... وسط سخريتي من بخلها كونها تختار ارخص الأشياء ... وكعقوبة لي وبحركة مفاجأة تسلّقت ظهري آمرة إياي أن أحملها حتى نجد وسيلة نقل ...
يداها تلتفان على صدري وقدماها على خصري و يداي تمسكان قصبتي رجلها أن تقع ... ولحسن حظي أن لا يفضحني تعبي أمام وزن أمي على ظهري ... صوت فرملة سيارة تقف بجانبنا ... فتح الزجاج لنلمح شابا في مثل سني يركب بجانب سيّدة لم أتبين ملامحها بعد حتى بادرنا بالسؤال إن كنا نحتاج مساعدة ...
كانا يظنان أنا تعرضنا لحادث أو ما شابه وسط ضحكنا جميعا أن الموضوع هو فقط تمزق حذاء أمي أصرا أن يقلانا إلى وجهتنا وسط إعتذارات لبقة من وفاء ... في الطريق أصرت وفاء أن اناديها باسمها خشية أن تكون تلك السيارة مراقبة من البرنامج ...
رفضا الاثنان دعوتنا للدخول لضيافة غير مبرمجة ... هي دعوة الكل يعرف أنها مجرّد كلام كرد الجميل ... ما إن إنطلقت السيارة حتى أرادت أمي التعلق بظهري ثانية وسط تذمري ... قالت أن عقوبتي على قلة أدبي هي أن أوصلها للبيت محمولة... وبحركة لم تتوقها لففت يدي تحت ركبتيها والأخرى تحت إبطها وأرفعها فجأة ... دفعت الباب برجلي فإستجاب غصبا عنه ودخلت البيت جريا لأرميها ككيس حنطة فوق الكنبة وأنا ألهث ...
لتخرج منها صرخة ألم " لا رومنسي عالآخر يا ولد "
سعيد بكل أحداث هذا اليوم ... وفرح بفرح أمي ومبتهج بالتقارب الذي نشأ بيننا ... ومنهك من أثر يوم طويل خلعت كل ملابسي وإرتميت على سريري ... لم يسعفني النوم أن أسترجع كل تلك الذكريات ... على صوت أمي تهز كتفي بنشاط شديد توقظني من سباتي ... كمن عاد من العالم الآخر ... عظم رقبتي يؤلمني فلم اقدر على رفع راسي ... مستنكرا توقيت بداية اليوم سحبت اللحاف وغطيت وجهي طلبا لدقائق إضافية من النوم ...
أمي التي زاد صراخها تسحب اللحاف ثم تصمت فجأة كم صعقه التيار الكهربائي ... إنهاكي ليلا منعني من تغيير البوكسر فنمت دونه ... أجزاء من الدقيقة عم فيها الصمت وأنا غير مدرك ما حدث ... ليلحقني صوت أمي من قرب الباب تأمرني أن أستعجل في تجهيز نفسي ... عند فتح نصف عين لمحتها تقف أمام الباب وتنظر نحو نصفي السفلي ثم إختفت ....
لم أشأ إحراجها أكثر خوفا على وضعية التقارب والسعادة الناشئة بيننا ... إلتحفت بشكيرا ونزلت أطلب حماما بارد أنفض فيه كسل عضلاتي ... التسوّق مع إمرأة هو الجحيم بالنسبة لأي رجل ... مزودين بمقتطعات الشراء ومبلغ من المال لجأنا من حر الشمس لمول المدينة ... ساعتها أيقنت أن عذاب مدينة الملاهي ارحم من المشي ككلب حراسة وراء وفاء ... دخلت كل المحلات وقلّبت كل المعروضات وناقشات كل البائعين والبائعات ولم تشتري شيئا ...
أمام إحتجاجي هربت لمحل لبيع ملابس الرياضة والسباحة ... إخترت شورت أزرق قصير لي وهممت بالخروج فتذكرت تلميح أمي يوم حوارها في التطبيق عن عدم إمتلاكها للبس سباحة .. وقفت طويلا أمام التماثيل المعروضة .. فجأة قفزت في ذهني تلك الصورة في البوم صور أبي ... لم أجد نفس النموذج لكني وجدت نفس الألوان ... حملت كيس مشترياتي الخفيف ورحت أطوف المحلات بحثا عنها ...
عدنا لبيتنا وقت المغيب ... أمام تذمري وشكواي من ألم قدمي ... إقترحت أمي عليا تدليكا خفيفا ... نمت على الكنبة على وجهي فضحكت مني ... سخريتها زادت وهي تخلع عن حذائي ... أمرتني بنزع الشورت والقميص بينما ذهبت نحو الحمام تجلب علبة زيت لم أشم رائحتها في بيتنا من قبل ...
ما إن لمست أناملها أسفل قدمي حتى إستذكرت كل تلك المشاعر الموؤودة في محل خولة ... أغمضت عيني وسرحت في خيالي ... أحيانا تخرج من حلقي تنهيدة ألم كل ما ضغطت امي على عضلة متوترة في قدمي ... أصابعها الغارقة في الزيت ولمساتها العشوائية على عضلات فخذي وذكرياتي السابقة بعثت في قضيبي روحا لم أعهدها فيه من قبل ... وضعية نومي هكذا غير مريحة ...
جف حلقي وهي تأمرني أن اعدل جلستي وأنام على ظهري ... لكن لم أجد مهربا ... إن رفضت كشفت وإن أطعت فضحت ... قررت التعامل كأن الوضع طبيعي ... كان أمي تشيح بوجهها نحو الطاولة تبحث عن علبة الزيت ... أخفيت وجهي بمخدة كنعامة في صحراء الخجل ...
نصف دقيقة لم أفهم فيما أنفقتها أمي ... بدأت بحركات سريعة على أصابع قدمي ثم قصبة رجل ... ثم طال تدليكها لركبتي ... وزاد ضغطها على عضلات فخذي ... وطال ضغطها بإبهاميها معا على العضلة الداخلية المعروفة بالرقيقة ... تلك العضلة التي تنبت من جانب الخصيتين وصولا لنصف الفخذ ... إبهامها كان يتسلل عنوة لتحت البوكسر فيلامس منبت كيس بيضاتي ... لا أعلم كيف تخيّلت يدها الغارقة زيتا تمسك قضيبي ... هي نفس ذكرياتي يوم حلبت خولة رغبتي ...
في جو من الصمت القاتل حرجا ... حرّكت رأسي فتزحزحت المخدّة قليلا عن عيني ... أمي كانت تفتح رجليها فوق ركبي منحنية مركزة في تدليكها وعيناها لا تفارقان قضيبي وعقلها ليس معها ... حركة من يدي لأعيد المخدة لمكانها أعادت أمي للواقع ...
إنسحبت نحو الحمام وهي تقول لي " كفاية عليك كده " ... طال مكوثها في الحمام فلجأت لغرفتي ... لم أفهم ما هو الشعور الذي تملكني ... مزيج من الخجل والغضب والندم... لكن لذة تلك اللمسات الممزوجة بذكريات مريرة لم تفارق صدري ... ونمت ...
كصبيحة يوم أمس ... إعصار من الصراخ والأوامر أن أستيقض ... دون مقدمات سحبت أمي اللحاف من فوقي ... كنت أرتدي البوكسر فلم يطل مكوث أمي في الغرفة ...
تناولنا إفطارنا قرب مدينة الألعاب المائية ... عند دخولنا أمي قالت أنها لن تشاركني اللعب ستكتفي بالمشاهدة ... أمام إستنكاري وتهديدي أن البرنامج يمكن أن يلغي إشتراكنا لو علموا ... تحججت أنها لا تملك لبس سباحة ... فغر فاها وهي تأخذ من العلبة التي سحبتها من حقيبتي ...
لبس الشورت وبقيت انتظر خروجها من غرفة ملابس السيدات ... مر وقت طويل قبل أن تقف أمامي وهي ترفع نصف حاجب ... المايوه كان عبارة عن مزيج بين القطعة والقطعتين ... شريط أزرق غامق يغطي ثديها الأيمن ليختفي فوق كتفها وأخر أزرق فاتح يغطي ثديها الأيسر ليلتصق بشريط آخر في جنب بطنها ثم يسير عكسيا ليمر ما بين فخذيها ويتقاطع معه شريط معاكس في اللون ...
شكله كأنه إنعكاس ظلال شباك مموج ... كتفها عاري نصف صدرها عاري من الوسط ونصف بطنها عاري ونصف اسفل بطنها عاري وفخذاها عاريان ... قبل أن تقترب مني لفّت لتريني ظهرها وهو الشيء الوحيد المستور ... مع تكور مؤخرتها كان ظل ما بين فردتيها يلاحظ من على بعد ميل ...
لم أجد لا كلاما ولا ردة فعل ولا تعليق ..أنا من إشتراه ... فأمسكتها من يديها كعاشقين تمشينا نحو المسبح ... الماء البارد خفف توتري والكل هنا لا يلبسون شيئا تقريبا فلم تكن نشازا ... أمي رفضت أن تشاركني في أي لعبة مرتفعة متعللة الخوف ...
سرعان ما أصابني الملل من اللعب لوحدي فهربنا من قيض الشمس .للمشرب ... كأسا عصير فراولة من الجم الكبير تسبح فيهما قطع الثلج كانا فرصة لبدأ الحديث ...
- هو إنت إزاي تشتريلي مايوه زي ده
- ده ما اسموش مايوه مونوكيني
- يا سلام بقيت بتفهم في لبس الستات
بخطوات واثقة يهتز معها صدرها الضخم المحشور في قطعتي قماش سود كجزيرتي الإخوات في بحر جلدها الابيض ... تقدّمت منا وسط إستناكرها عدم معرفتنا إياها ... عرّفتنا بنفسها هي السيدة التي أقلّتنا بالسيارة ليلة أول أمس ... أمي التي غمرها الخجل والإرتباك أصرّت أن تدعوها للجلوس كإعتذار وتعويض وإمتنان لجميلها ...
مقلتي تصارعان جاذبية جسم تلك السيدة أن تخرجا من محجريها ... كل ما في جسدها ضخم دون سمنة ... شفاه مكتنزة ووجنتان مكتنزتان تحت عينين خضر ... حتى إستدارة رقبتها سميكة ... لم اسمع أي كلمة بينها وبين وفاء ... كنت تائها في هذا التناقض اللذيذ ...
جسد ملآن دون زيادة ... بطن مسطّحة زادت في بيان حجم صدرها الرهيب ... لم أهتدي بعد لإكتشاف فخذيها وقدميها حتى أخفتهما تحت الطاولة ... طال حديث التعارف بينها وبين آمي ... أمي التي لم تكن يوما إجتماعية تحوّلت في لحظات إلى متحدّثة لبقة ... لم أصحو من سكرتي بعد حتى سمعت صوتها تنادي بقوة " فؤاد ... فؤاد " ...
تقدّم نحونا ... رغم أنهما إصطحبانا في سيارتهم قبل ليلة لكني لم ألاحظ ذلك فيهما ... فؤاد هو إبنها في مثل سني ... لا اعلم إن كان مصطلح جميل ينطبق على الذكور لكن هذا الفتى جميل ... جميل لدرجة أن أمي مسحت كل تفاصيله بعينيها ... بعد مصافحتي بحرارة سلّم على أمي ... قبلاتان من الخد للخد تعتبر عادية في مجتمعنا ... لكن أحسست أن أمي شدّت إليه ...
شعر أصفر ناعم وعينان خضر بملامح عربية ... تلك المميزات العرقية منتشرة نوعا ما في شعبنا لكن صراحة ليس بكل ذاك القدر من الوسامة ... عضلات صدره وذراعيه بارزة رغم عدم تناسقها مع مكونات نصفه الأسفل ...
السيدة إسمها فائزة كانت مقيمة في الخليج وعادت لأرض الوطن ... فؤاد هو إبنها الوحيد من زيجة لم تطل ... ما فهمته من حديثهما أنه عاش في بيت جدته وأنهما هنا لتعويض ما فات ... شعرت بالغيظ من تركيز أمي مع كل تفصيلة تحكيها فائزة عن إبنها وفي المقابل هي لم تروي شيئا عني ...
مازاد حنقي أنها أكبرت إختيار فؤاد لكلية الإعلام والصحافة ... قالت أن مؤهلاته ستجعله نجما من نجوم الإعلام عندنا ... إنتهى كأس العصير ولم ينته مديح أمي لهذا الشاب الذي وقع أمامنا ... كنا نجلس بالخلاف ... أنا أجاور يمين أمي وفائزة على شمال وفؤاد بين أمي وأمه ... نظرة من تلك الفاتنة الشقراء نحو أطفأت كل نيران الغيرة من وجود هذا الشيء في طاولتنا ... سألتني عن دراستي ...
- قلي بقى يا وائل إنت في انهي جامعة ؟؟؟
- أنا واخذ البكالوريا (الثانوية العامة) بإمتياز السنة دي
- (بنظرة تعجّب) ليه هو إنت كام سنة ؟؟
- 18 سنة وشهرين
- (رفعت حاجبا وأنزلت الآخر بتعجّب أكثر) . أصل أول ما شفتك إديتك أكثر من كده .. وناوي تخش أنهي جامعة
- (بفخر أغيض به امي أكثر من فؤاد) أنا مشروع ضابط في القوات المسلّحة
- (عقدت حاجبيها بإجلال ثم وضعت يدها على زندي) لايقة عليك بصراحة
ما إن سارت أمامي خطوتين حتى تاهت عيني في إهتزاز مؤخرتها الهائلة الإرتفاع ... متعجبا من كل ذلك الحجم وإرتفاعه ... ما إن تأكدت أننا إبتعدنا عنهما حتى فكّت رباط ذلك اللحاف لتغوص عيناي قبل رغبتي الملتهبة في اللحم الشبه عاري أمامي ... دائرتان مكتنزتان كل واحدة منهما ضعف راحتي كف يدي يفصل بينهما مفرق أجزم انه يتجاوز الثلاث أصابع ...
ربما شعرت بتأخري ورائها فأمسكت يدي وسحبتني نحو لعبة زحلقة ... همست في أذني أن لا أخبر فؤاد أنها ترتدي البيكيني هكذا ... أحسست بجرح في رجولتي أني سمحت لامي لتعرية فخذيها ومؤخرتها بينما هو يمنع عنها ذلك ... ثم سخرت من فكرتي ... هل ستستر تلك القطعة من القماش شيئا في جبل اللحم هذا ...
جاذبية فائزة لا تقاوم ... هي في مثل سن أمي لكن جسدها مكتمل النضج ... كحبة تين أخذت نصيبها من التغذية في غصنها وصبر عليها قاطفها حتى نزل عسلها منها ... في لعبة التزحلق تلك لا بد أن نتمسّك ببعض ... هنا تهت في ليونة زنها وخصرها ... نعم هي حبة غلال إكتمل نضجها ...
طال لعبنا وزحلقتنا في كل الألعاب ... أدهشتني قدرتها الجسدية على مقاومة التعب ... ضحكنا كثيرا ... قبل المغيب بقليل كنا نودع ألعابنا ... إنسحب أغلب المشاركين الكل يهرع للإستحمام والخروج ... صعدنا إلى أعلى لعبة ... هي لعبة زحلقة كغيرها لكن نستعمل فيها طوافة بلاستيكية منفوخة ... كانت فائزة تصعد أمامي تهز ردفيها مع كل درجة في السلّم ... مع كمية الأنوثة الطاغية تلك تجاوب قضيبي بنصف انتصاب لذيذ ... في اللعبة أجلستها في حجري حماية لها من الوقوع مستغلا خوفها من الإرتفاع ...
هنا صار قضيبي كوتد يثبّت هضبتي مؤخرتها ... لا أعلم أهي حقيقة خوفها أم تجاوبها معي هو ما دفعها أن تطلب مني أن أمسك قصبتي رجلها وأسحبها للخلف ... هذه الوضعية سمحت لقضيبي أن ينغرس أكثر في فتحتها الخلفية ... ثم إنطلقت بنا الطوافة نزولا وصعودا ... لنقع في بركة ما كبيرة ...
وصلت حافتها قبلها وصعدت مادا يدي لها لأساعدها في الصعود ... مع ثقل وزنها وهي تحاول التوازن على حافة البركة أحطها بذراعي من الوسط ... بحكم أنها أطول مني بقليل أصبح قضيبي الذي لم يفلح قماش الشورت أن يستره يحك ما بين فخذيها ... عانقت رقبتي بيديها وحضنتني ليغوص وجهي في صدرها ... وشفتاها تهمس في أذني
" الواضح إنه الواحدة ممكن تعتمد عليك "
... وسبقتني بخطوتين وهي تلف وسطها بقطة القماش ... لم يطل بحثنا كثيرا ... وفاء وفائزة دخلتا غرفة تغيير ملابس النساء ... وأنا وفؤاد سرعان ما تجهزنا ... كعادة النساء في التأخر في كل شيء تحدثنا أنا وهو قليلا ... دمه خفيف وكلامه منمّق رغم أني لم افهم أغلبه ...
أصرا أن يقلانا معهما ... فائزة و أمي في الكرسيين الأماميين وأنا وهو من الخلف ... طوال الطريق وأمي تلح عليهما أنا نستضيفهما في بيتنا المتواضع وهما يرفضان ... لكن انتهى الجدال بوعد منهما أن نتقابل ثانية مع تبادل لارقام الهواتف بين السيدتين ...
أمام بيتنا نزل الكل من السيارة ... مصافحة وداع بيني وبين فؤاد وقبل وداع على الخدود بين كلينا للأمين ...
في تلك الليلة كان كل شيء قد تغيّر ... أمي لجأت لغرفتها وأنا انبطحت على سريري ... مع الإنهاك وكل تلك الذكريات لم أركز في مراجعة الأحداث وردود الأفعال ... فجأة أغمي عليا ونمت ...
صحيت من النوم لوحدي ... نور الغرفة يوحي أن نصف اليوم قد ذهب ... بحثت عن أمي متعجبا أنها لم توقظني متحمسة كعادتها ... وجدتها في الصالون تراقب التلفاز ... أحداث كثيرة جدّت على مستوى الدولة ونحن الشعب لم نركّز ... نحن نلعب ونسهر ...
توجهنا نحو معرض الأدوات المنزلية ... عدم تركيزي ليلة أمس أنساني دفع ثمن مقتطعات شراء كما فعلت قبلها ... مع كل تلك الأجهزة الحديثة ... تلفزيونات وغسالات ومطابخ عصرية ... أمي قالت أن التواجد هنا دون مال هو نوع من التعذيب وليس يوم ترفيه ... لم يطل تجوالنا كثيرا ومع حالة أمي النفسية وحالتي الجسدية عدنا للمنزل مثقلين ببعض أكياس الغلال والمثلجات والعصائر ...
قبل المغيب بقليل كانت جلستنا على الشرفة جاهزة ... لم نجد موضوعا محددا للحديث فيه سوى هذا البرنامج الذي قارب ان ينتهي ... أخذنا الحديث شيئا فشيئا نحو يوم أمس ثم وصلنا لفائزة وفؤاد ... هنا أضاء اللون الأحمر في عقلي ... أمي لم تبدي أي ردة فعل على مرافقتي لفائزة ... مع كل تلك الأنوثة الفائقة وعلمها الأكيد بإنجذابي لمن هي في مثل سنها ... لم تكلّف نفسها حتى عناء السؤال عما فعلنا في مدينة الألعاب ...
بدأت اشك أن أمرا ما يحدث أو سيحدث ... قررت إستفزازها ...
- بما إن الوقت لسة بدري إيه رأيك نكلّم فايزة وفؤاد نعزمهم على كافيه او حاجة كده
- تفتكر ؟؟؟
- تعرفي إنهم شخصيات مميزة ؟؟
- إزاي بقى
- مش عارف ... حسيت كده إنه علاقتهم فيها حاجة سبيشيال
- مش فاهمة ؟؟
- يعني بيتعرفو على الناس بسهولة ... بيخرجو مع بعض بيسهرو مع بعض ... تحس إنهم مقربين من بعض كثير
- وإيه المميز في ده
- (عقدت حاجبي ونظرت نحوها ساخرا) يعني أنا وإنتي عمرنا رحنا مكان مع بعض
- (هنا تغيّرت نبرة أمي للجد) هو ظروفنا سمحتلنا بكده وما عملناش
- يعني لولا البرنامج ده عمرنا ما كنا نكون قريبن من بعض كده
- (هنا تألّمت امي قليلا) هو إنت حاسس إني بعيدة عنك
- (دون مشاعر) انا ما حستش بيكي معايا إلا من كام يوم بس
- ما قلتليش ايه رايك في المايوه إلي جبتهولك
- (صدمة من تغيير الموقف فجأة بدت على عينيها) إسمه مونوكيني مش مايوه يا جاهل
- (ضحكة خفيفة صدرت من كلينا) أي كان عجبك ؟؟
- هو حلو بس مش لايق على سني
- سن ايه ؟؟؟ ده إنت صغرتي يجي 16 سنة
- يعني رجعتني لوقت أبوك ما كان عايش
- ده طبيعي لانك بطلتي تعيشي من ساعتها
- (تفكير عميق منها ثم استدركت) تعرف إن أبوك جابلي واحد شبهه زمان ؟؟
- (متظاهرا أني لا أعرف) بجد ؟؟؟
- هما شبه بعض في اللون بس بيختلفو في التصميم
- ما دي نسخة قديمة ودي نسخة جديدة
- بس الإثنين حلوين ... صح
- يعني بجد مستغربة
- من إيه
- من تشابه الذوق بينك وبين أبوك
- ماهو نسخة قديمة وأنا نسخة جديدة
- (لم افهم ردة الفعل على وجهها) بس تعرف إنه المايوه الجديد مريح أكثر في اللبس
- بس عشان هو نسخة جديدة ففيه مميزات أكثر
- مميزات ؟؟
- طبعا الجديد ديما بيكون متطوّر عن القديم ... مريح أكثر ...
- طيب بذمتك أنهي أحلى ؟؟؟ الازرق والا الإسود
- (هنا تفتحت عينا أمي دهشة) قصدك ايه ؟؟
- أنا وإنتي كنا لابسين الأزرق وهما كانو لابسين الإسود
- (برهة من التفكير للتذكر) الأزرق ليه مميزاته والاسود ليه مميزاته
- مش باتكلم عن المميزات باتكلّم عن الشكل
- (هنا شعرت ان أمي تهرب من الإجابة) هو ممكن يكونو فؤاد وفايزة زيينا
- زيينا في إيه يعني
- يعني تبع البرنامج
- أهااا ؟؟
- مش ملاحظ إننا كل ما نروح مكان نلاقيهم ؟؟؟
- ممكن صدفة
- وممكن لا
- بس دول وضعهم المادي مستريح
- يعني هو لازم عشان الفلوس ؟؟ ماممكن في مشكلة بيعالجوها
- مشكلة ؟؟؟ ممكن
- هي قالتلك ايه عن ابنها ؟؟؟
- ما اتكلمناش كثير ... قضيناها لعب وزحلقة ... بس قالتلي ما اقلوش انها شالت القماشة من على وسطها
- (نظرة أمي تعكس أنها فهمت قصدي) هي شالتها
- ايوة قالت انه ابنها ما يحبش بس هي بتستغفله من وراه (مع نظرة عين فاحصة لوجه أمي)
- أهاااا
- هو ما قالكيش حاجة عن علاقته بامه
- أبدا إتكلمنا شوية عن سفرها وطفولته وجدته ... بعدين راح
- وإنتي قعدتي لوحدك ؟؟؟
- (صمتت أمي طويلا كأنها تخفي شيئا) ... ايوة قعدت في المية
بدأ قلبي يعصر دما مجرّد تخيلها مع ذلك الشاب ... لكن الأمر لم يتوضح بعد ... هل هو حقيقة ما وصل إليه عقلي ... كيف وصلت لهنا ... وإن كان هذا صحيحا هل ستنطفأ النار التي أوقدتها بيدي في روح أمي ... يمكن ان تستغفلني متى شاءت وتذهب لشاب غيره ... أحرقني التفكير ... قضيت الليلة متقلبا على سريري أشوى بنار التفكير ... يجب إنهاء هذا الأمر ... أمي قالت أنها تحب أبي وأن وجودي منعها في الوقوع في الحب ثانية ... الآن زرعت بذرة فكرة بدأت تنمو في صدرها ويجب إقتلاعها ...
مع شروق الشمس خرجت متمشيا عل تغيير المكان يغييّر حالتي ... قادتني قدمي لشارع كبير ... صوت رجل يناديني من بعيد ... إقترب مني ... هو ذلك المصوّر يعاتبني لعدم أخذ الصورة منه ... حمل ثقيل تأبطته لمسافة طويلة ... إطار خشبي مزين و بلور لامع ... مكان الصورة التي كسرتها سابقا ... صورة أمي ببنطلونها ومؤخرتها المهزوزة للأعلى بين أحضاني ...
عينانا تعكس اهتماما وحبا حقيقيين ... صدمت وفاء وهي ترى ذلك الإطار يزيّن الصالون ... وقفت أمامه طويلا وعينها تدمع ... قالت ان ذكريات كثيرة إستفاقت من سباتها ...
- يعني ممكن نصنع ذكريات جديدة
- صح
- دي ذكرى حلوة وعملناها مع بعض
- بس القديمة كانت مع ابوك
- هو مش إنتي قلتي إني لازم آخذ محلّه
- ... (لم تنطق وهي تنظر للصورة)
- أنا النسخة الحديثة منه ؟؟؟
قضيت اليوم كله نائما ... عدم سماع حركة في البيت يوحي أن أمي هي الأخرى أخذت نصيبا من الراحة ... الثامنة ليلا بلباس رياضي خفيف لكلينا كنا في المسرح الروماني بقرطاج ... لا تستغرب فالرومان هدموا قرطاج ثم بنوها ثانية ...
المسرح يعج بالناس من كل مشرب ... نحن شعب يعشق الحياة ... الحفلات هي متنفّس للانطلاق وفعلا إنطلقت أمي ... مزيج عجيب بين الأنغام الشامية والرقص التونسي .... كنت أرى روحها ترقص مع الأنغام قبل حزامها ... نحن نرقص من الحزام لا تستغرب ... لكل شعب مميزاته ... المصري يرقص بوسطه والمغربي بأسفل الظهر ونحن بما بينهما ... هي جغرافيا الرقص من صنعت ذلك .. هه
حفلة صاخبة إستنزفت العرق قبل صرخات الإعجاب والرضا ... تصفيق طويل قبل إنسحاب المطرب وفرقته ... مصيبة تونس في من لا يمتلك سيارة ومن يمتلكها كذلك ... بعد يأسنا من الحصول على تاكسي توقف أحدهم وقال أنه ذاهب لسيدي بوسعيد ...
هي ضاحية سياحية للعاصمة أبعد من قرطاج عن منزلنا لكننا ركبنا هكذا دون وجهة ... فطائر تونسية محلات بالسكر معروفة عندنا بالبانبالوني كانت عشائنا ... وسهرة على أنغام عود في القهوة العالية وكأس شاي أخضر بنعناع أصيل كان أنيسنا ...
أول قطار نحو وسط العاصمة ينطلق الفجر ... أمي تتأبط ذراعي ونحن نتمشى من محطة تونس البحرية حتى منزلنا في المنزه الرابع مسافة ليست بالهينة لكنها كانت قصيرة وأنا أسند أمي التي نبت جناحا ساعدتها ... قالت لي ساخرة من نفسها
- أول مرة تعمل مصيبة وتطلع نتيجتها حلوة
- ماهو في حجات كثيرة بتتعمل غلط ونتيجتها تطلع أحسن من الصح
- زي ايه
- زي إني أهرب وأسيبك في الشارع لوحدك
بنطلون قماش اسود وقميص بنصف أكمام وحذاء اسود لامع ... شعري مصفف وأنتظر أمي في الصالون ... وقع أقدام يوحي بكعب عالي ينزل حذرا في السلّم ... صافرة إعجاب بالقيافة والجمال ... فستان سهرة أسود مغلق من الصدر ينصف كتف عاري ... عقد من المرجان الأبيض يلمع في جيدها ... حزام أبيض يكسر سواد نصف شبر متدلي تحته لا يستر حتى نصف الفخذين ... حذاء بكعب عالي أسود اللون ...
ما إن وصلت قبالتي حتى ركعت على ركبة واحدة وسحبت يدها أقبّلها مقلدا حركات نجوم الأفلام ... قالت أن تلك الحركة كثيرا ما فعلها أبي ... قلت بلهجة الواثق
" مش قلتلك أنا النسخة الحديثة منه "
عشاء راقي في مطعم راقي في حي راقي غير بعيد عن منزلنا ... أنغام بيانو كلاسيكية تداعب صمت المكان ... اضواء خافتتة تنير موضع الطاولات ... الزبائن من علية القوم ... شعرنا بالحرج أنا وأمي من هيبة المكان أن نقوم بفعل يفضح غربتنا عن هؤلاء الناس ...
حاولنا مسايرة الأمر ... ساعة ونصف تقريبا ونحن نأكل ... في العادة الموضوع لا يتطلّب سوى عشر دقائق في البيت ... فهمت سبب الثمن الباهظ للأكل ... الخدمة والفخامة لها ثمن ... أمي رفضت أن تقدّم لها الخمر .. بما أن كل الزبائن من الأزواج وليس المتزوجين ... لم نكن كثيرين ... تقريبا 5 أزوج متفرقين على طاولات متباعدة .... كل طاولة لها خدم مخصصون هذا يغيّر كأس وتلك تحمل طبقا والأخرى تجلب مناديل مطوية ...
لاعب البيانو كان يثير الناس بان يتوجه نحو كل طاولة ويطلب من الجالسين إختيار أغنية من ورقة أمامه ثم يعزفها لهما وهما يرقصان على أنغامها ... إن كانت الأغاني رومنسية فالرقصة ستكون سلو بالتأكيد ... بعد ثلاث إختيارات وأمام إنعدام فرصة للرفض ... رحت أتابع كل حركات الراقصين ... هي الفضيحة لكلينا لو تعثرنا ووقعنا ... أمي التي شارفت على الغثيان فقط لما توجه نحونا لاعب البيانو
أغنية اسمها طويل جد كانت إختياري ... " أريد أن أمضي حياتي أحبّك " لتينا آرينا ومارك أنتوني " ... وسط تصفيق خفيف تشجيعا من الحاضرين وتحت أنظارهم أمسكت يد أمي ووضعتها على كتفي ... سمعت نبض الرعب في معصمها ... وضعت يدي حول خصرها وأمسكت كفها الآخر ...
ما أن بدأت الألحان تعزف حتى شعرت برجفة في صدر أمي ... لكني كنت أقود خطواتها بثبات استغربته من نفسي ... تركيز شديد مني أن لا أخطأ ... فقط أردت أن تنتهي هذه التجربة السعيدة نهاية تليق بها لا أكثر ... فقط هي خمس دقائق أحرقت فيها أنفاس أمي جلد رقبتي وهي تتبعني بخفة نحلة ...
كل راقصين سبقانا أنها حركاتهما بقبلة حب وسط تصفيق الحاضرين ... تمنيت أن لا تنتهي تلك الألحان ... لكنها إنتهت ... لم يصفّق أحد من الحاضرين رغم توقفنا عن الحركة ... فكّرت في تقبيل وفاء على خدها لكن ذلك لن يجدي ...
ركعت على ركبة واحدة وأمسكت يدها وقبّلتها بحنان شديد ... هنا تعال تصفيق الحاضرين والعاملين وراقص البيانو ... أمي التي شلّت حركاتها حتى قبل نهاية أنغام الأغنية سحبتني برفق أن اقف وحضنتني ... ثم أحنينا رأسينا تحية للجميع كما فعل من سبقونا وعدنا لمجلسنا ...
قبل أن أنظر في وجه أمي الذي اشتعل حمرة ... تقدّم منا طاقم العمل يحملون باقة ورد كتب عليها بالفرنسية كلمة " مبروك " أمام إبتسامة خجلة من أمي للجميع سألتها
- مبروك على ايه ؟؟ هو إحنا كسبنا حاجة
- (بصوت مبحوح ونصف شفة للأعلى ) إخرص يا حمار دول فاكرين إننا إتخطبنا
تخلّصت من حذائي وقميصي وبنطلوني ... غرفتي المغلقة طول النهار ونصف الليل تحولت لأتون حارق ... هربت نحو الشرفة طالبا بعض الهواء وبعض التركيز ... باب غرفة أمي يفتح لتطل من لابسة قميصا قطني بحملات على الأكتاف و يصل لفوق الركبة بقليل ... لحقتني وقد بدا على وجهها بعض الحزن ...
- مالك زعلانة ليه هي الليلة ما عجبتكش
- لا أبدا دي كانت ليلة ولا في الأحلام
- أمال ... كنت فاكر إني غلطت أو عملت حاجة زعّلتك
- أبدأ ده أنا إتصدمت فيك
- أهاااا
- أيوة حسيت إنك كبرت وبتعرف تتعامل كويس مع الناس ومع بنت لو خرجت معاك في يوم
- وده إلي زعّلك
- (صمت طويل ) مش بالتحديد
- أمال ... أصل الفكرة والمرحلة خلصت وهنرجع بقى لقرف كل يوم
- هي العيشة دي عجبتك للدرجة دي
- ليه هي ما عجبتكش
- أنا كنت باسايرك عشان خاطرك
- يعني إيه ما انبسطتش
- لا إنبسطت عشان إنتي كنتي مبسوطة
لما انتبهت لي كان إنتصاب قضيبي قد بلغ منتصفه وهي لاحظت ذلك ... لأول مرة أسمع أمي تتذمر حقيقة من حياتنا ... لألف مرة فكّرت أن أكشف لها السر لكن لم يعد ينفع ... للتخفيف عنها رحت أمنيها بحياة أخرى عند تخرجي وعملي ... قالت أن ذلك سيعيق مواصلة حياتي ...وككل إبن بار رحت اعدها أنها الأولى من الكل ...
- يعني أنا عندي أعز منك عشان أدلّعه
- يا سلام بأمارة ايه ؟؟
- بامارة إنك أمي
- (غيرت من موضع وقوفها ووقفت أمامي تسحب طرف أذني برفق) هما اليومين الحلوين دول حصلو ليه ؟؟؟ ... مش عشان حضرتك معجبة بوحدة وكنت حتضيع بسببها ... يعني لما يبقى معاك القدرة مش هتعمل كده
- حتى ولو حصل انتي ليكي نصيب فيا (بالم مصطنع)
- يا سلام ... ساعتها ممكن مش هأشوفك أصلا
- ده كلام هو أنا اقدر استغنى عنّك ( تملصت من يدها التي تمسك أذني وفتحت رجلي وسحبتها نحو صدري)
- (بنبرة حزينة قتلتني) حتى لو ده حصل ... هيحصل بعد كام سنة ... هيكون عمري قد إيه وشكلي عامل إزاي ... هو العمر راح خلاص
- هتكوني زي القمر زي عوايدك ... عمر ايه الي راح
بدأت أطراف أصابعها تزحف تحت طرف قماش البوكسر ... إنتصابي صار حقيقة لا يمكن نكرانها ... بيدي سحبتها نحو صدري ويداها تتسللان صعودا ... عيني في عينيها ... شفتاها ترجف ... كادت أن تلامس منبت قضيبي حين سمعت حمحمة أيقظتني من غفلتي وصوتا مبحوحا منها أنها يجب أن تنام ... كمن وقع من السحاب ... هوة عميقة سقطت فيها ... لم أتحرّك من مكاني ...
ما كذّبته سابقا الآن صار حقيقة ... قضيبي ينتصب لمجرّد لمسة أو نظرة لأمي ... هذا لم يكن يحدث قبل مدة ... لكن كيف ولماذا ؟؟؟ ... أهي تبعات ما يحصل أم هي ردة فعل طبيعية ؟؟؟ ....
في عملية جلد الذات هذه خرجت بقرار أن هذا الوضع يجب أن ينتهي ... دخلت غرفتي وأمسكت جهاز اللابتوب ... أطرق الحديد وهو ساخن رسالة لامي عن تقييم التجربة ... لم أكن ان أتوقع تجاوبها في ذلك الوقت لكنها تجاوبت … أسئلة بسيطة مبرمجة تلقائية عن الفعل وردة الفعل والتفاعل النفسي ...
هل اثّر وجودكما بالقرب من بعض في عملية الإنجذاب ... هل تغيرت نظرتك للحياة بعد التجربة ... تقييمك لفكرة علاقة بين فئتين عمريتين مختلفتين ... هي الأسئلة المتوقعة والمنطقية ...أسئلة إنتهت بإنتزاع إعتراف من أمي أنها دخلت التجربة ولم تكن تنجذب لمن في مثل سني وخرجت منها وهي تفعل .... أجابت عنها أمي بكل تلقائية ... أكرمتها بمنحها ألف نقطة تشجيعا على صدقها
ولإنهاء المرحلة كان يجب أولا الإجابة عن السؤال المؤجّل من الأول ... تقييم علاقتها بإبنها ... بداية طبيعية منطقية عن نظرتها لإبنها ... تكوين شخصيته علاقتكما ببعض ... أسئلة أشبه بالتعارف ... ثم تحولت لأسئلة اشد جراة
أسئلة من نوعية هل ترين انك أم نرجسية أم متسلّطة ... ها تتدخلين في قرارات إبنك ... هل تراقبين علاقات إبنك الإجتماعية والعاطفية ... من هو صديق إبنك المفظّل ... هل تتشاركين أنتي وإبنك بعض الأنشطة الإجتماعية ... أسئلة نمطية عادية لكن تحمل رسائل إحتجاج مني على تصرفاتها معي ...
الجزء الثاني من الأسئلة كان حول علاقات إبنك العاطفية ... هل ينجذب لمن في مثل سنه أم للأكبر ... هل تسمحين لإبنك بدخول تجربة مماثلة كما دخلتها أنتي مع الشريك ... كلما إزدادت الأسئلة إحراجا كلما راوغت أمي أمي في الإجابة وأحيانا كذبت ... عقابا لها لم أمنحها أي نقطة ...
الجزء الثالث من الأسئلة هي الأشد ثقلا على النفس ... لكن لإضفاء صبغة من المعقولية والمنطقية على كل ما سبق كان يجب عليا طرحها ثم أنهي الموضوع بمكافأة سخية لي ولها ونخرج من هذه الدوامة ...
- السؤال الرئيسي رقم واحد ... هل أثّرت التجربة السابقة في علاقاتك مع إبنك ؟؟؟
- نعم
- كيف ذلك ؟؟
- صرت أراه باكثر وضوح
- تفسير
- معرفتي بشريك التجربة جعلتني أحكم على تصرفات إبني دون أفكار مسبقة
- مزيد من التفسير
- القرب من شخص في مثل سنه والتأثر بتصرفاته خلق في نفسي نوعا من التسامح والتقبل لتصرفاته
- خلال هذه التجربة هل قابلتم أشخاص آخرين في مثل وضعيتكم
- ليس بالتحديد
- تفسير
- أولا قابلنا كهلا وفتاة عشرينية يجاهران بعلاقة غرامية وإمراة وإبنها يبدو أنهما يعالجان مشكلا ما
- مع من تعاطفتي أكثر من خلال التجربة الزوج الأول أو الثاني
- الثاني
- لماذا
- ربما عاطفة الأمومة هي السبب
- هل ترغبين في مقابلتهما مرة اخرى
- لا
- السبب و بالتحديد من فظلك
- لا إجابة
- السؤال الرئيسي رقم 2 : من خلال التجربة الفارطة ... هل يمكنك التحديد إن كنتي تنجذبين جسديا للشباب الأصغر سنا
- لا يمكنني التحديد
- هل هناك إنجذاب عاطفي
- قليلا
- ما السبب ... هل هو تأثير الشريك أم هناك أسباب أخرى
- ربما الشوق لمرحلة عمرية كانت مثيرة في حياتي
- لو تصادف ووجدتي فرصة للدخول في علاقة مع شريك آخر في نفس الظروف هل تتركين العنان لنفسك
- لا
- السبب
- ممكن التعود على الشريك الأول يشعرني بالراحة
- تفسير
- الأمان الراحة النفسية التفاهم الذي ولد بيننا مشاعر كثيرة مضطربة
- هل تتحكمين في مشاعرك في وجوده
- ليس في كل الاوقات
- شكرا لقد وقع تسجيل مشاركتكم سيتم تقييمها والرد لاحقا
لم أفهم أهي تقمّصت الشخصية التي تدعيها أم تساير البرنامج تحت هدف تحيّل بسيط لمزيد المكاسب ... روحي محتجزة بين مطرقة الوضع الذي وصلت إليه وسندان رغبتي في إسعاد أمي ... لكن تلك السعادة بدأت تقلب حالنا ككرة ثلج لا يمكن التحكم في حجمها ولا تحديد مسارها ...
تذكّرت وعدي السري لها يوم تذمّرت من سفر خالتي للتصيف في الخارج وهي المحتجزة في هذا الحر ... إعلان مغري يزين صفحات الإنترنت عن رحلة وإقامة لمدة 6 أيام في مخيّم صيفي في أقصى الشمال ... هي منطقة كشبه جزية بين حدود تونس والجزائر ... نتوء صخري يحيط به البحر من 3 جهات وخلفه غابة كثيفة تشقها عين ماء عذب ...
البيوت عبارة عن أكواخ خشبية معلّقة على الشجر .... التونسيون لا يستطيعون الذهاب للسيشال أو المالديف فصنعنا كليهما في شاطئنا ... البيوت تبدو فخمة وبسيطة ومريحة ... لقتل أي مقاومة من ضميري أني تلاعبت بأمي لهذه الدرجة إعتمدت ذلك الوعد السري كوسيلة إطفاء لأي شرارة تراجع ...
ما إن وصلها التأكيد بالموافقة حتى سمعت باب غرفتها يفتح وتقتحم عليا الباب تقفز فرحا لترتمي عليا وأنا ممدد على سريري ... أحضان وقبل وضحك وصراخ ممزوج بكلمات غير مفهومة ... متظاهرا بالسعادة صرت أقفز معها ...
إرتحنا يوم الغد وسط تحضيرات بسيطة لمستلزمات الرحلة ... ملابس بحر وبعض المناشف وكريمات ... حقيبة صغيرة لامي وحقيبة ظهر لي وعند فجر اليوم الموعود كنا في مكان التجمع ... كنا 6 أزواج ... أنا ووفاء .. رجل و فتاة شابة ... ثلاث في نهاية العشرينيات ... وإمرأة وشاب قريب من سني ...
طارت الحافلة بنا تشق الجبال المتراوحة ألوانها بين خضرة أشجار الصنوبر وصفرة بقايا القمح المحصود ... قبل التاسعة صباحا كنا هناك ... غابة كثيفة ما إن تتخطاها حتى تستقبلك رمال البحر البيضاء اللامعة متحدية الزرقة الباهرة لماء البحر النقي ... عن يميننا جرف صخري عالي جدا كجدار صخري يسترنا وعن يسارنا صخرة كبيرة تنطلق من الغابة نحو البحر كسور يحدد مجال حركتنا ...
ككل مشتاق أحرقته نار الهجر ... ما إن وصلنا غرفتنا المعلّقة بين شجرتي صنوبر ضخمتين حتى تخلّصت من ملابسي الخفيفة وطرت نحو ماء البحر ... لحقني صوت وفاء يطلب مني إنتظارها محتجة أني سبقتها ... أمي لا تجيد السباحة وأنا أعتبر مبتدأ فيها ... لم نغامر بالتوغل كثير نحو الأعماق ...
رأيت عينيها ترقص فرحا وهي تلعب معي برذاذ الماء الذي ينتجه دفعها لسطح الماء نحوي ... لعب طفولي بريء وروح تنطلق مسحت عني بعض الألم الذي سكن صدري ... إشتدت الشمس التي صبغت جلدنا باللون البني ... أمي في لباس سباحتها تتألّق كحورية بحر على رمل الشاطئ المبلل ...
لجأنا لشمسية كبيرة من ورق الشجر تحتها كرسيان النوم فيهما أسهل من الجلوس ... قبعة قش تقليدية الصنع كانت هدية الترحيب بنا ... صوت موسيقى يسحب نظرنا نحو مبنى من الخشب كتب عليه المشرب ... أمامه شابتان تتراقصان بزي موحد حوّل طول مكوثهما هنا لونهما لتصبحا أشبه بالبرازيليات ...
من على بعد أمتار تلحظ إهتزاز مؤخرتهما على أنغام الموسيقى الغربية ... هدأت روحي وأنا أرى البشاشة تتراقص على وجنتي أمي قبل عينيها ... أحيانا يصلنا صوت موسيقى مختلفة من جهة اليسار مما ينبئ أن مستعمرة سعادة أخرى أنشأت خلفها ...
مر اليوم الأوّل بين سباحة وقلي تحت أشعة الشمس وزيوت الكريمات و الأكل والشرب ومراقبة الرقص ... في الليل أنيرت كشافات موجهة نحو الماء تدعو من يريد سباحة آمنة أن يتقدّم ... كنت قضيت وطري من ماء البحر ... وقفت على حافة الرمل أراقب أمي التي تغوص بنصف جسدها تحت نور الكشافات ... وأسمع طرب قلبها يصلني مع مد الموج البسيط ... صوت ضحك خفيف سحب نظرنا نحن الإثنين نحو مكان نصف مظلم ... الشاب والسيدة اللذان رافقانا في الرحلة يتعانقان بحميمية مفرطة ... قبل على الشفاه بسيطة وعناق وأيدي تعبث في الأجساد ...
أحسست بالخجل منهما أن أزعجنا خلوتهما ومن أمي أن وجدنا في هذا الموقف ومن نفسي كوني كنت السبب في وجودنا هنا أصلا ... للهروب من هذا الموقف دعوت وفاء أن نتمشى ناحية تلك الصخرة ونكتشف ما خلفها ... لم يتطلّب تسلقها سوى بعض الحذر أن ننزلق ... وقفنا فوقها نشاهد تجمعا أكبر من الذي نتواجد فيه لكن بنفس النمط تقريبا ...
دفعنا الفضول للإقتراب منه ... على بعد بضع عشرات الأمتار ... نار كبيرة تشتعل وصوت الموسيقى الصاخبة بدأت تتوضح معالمه مع كل خطوة ... حشد شبه كبير من الناس يلتفون حول النار يقلدون حركات رقص مضحكة من أحدى المنشطات ...
ما إن إقتربنا لنتبين ما يحدث حتى سحبتني يد من معصمي ... قبل أن افهم ما يحدث وقع سحبي بقوة ليصطدم وجهي بصدر كبير نافر ... نعم الموضوع ليس طبيعيا فائزة التي تقفز فرحا بوجودنا غير مصدقة أننا موجودون هنا ... لم نسمع كلمات الترحيب والإندهاش منها ومن فؤاد بسبب الصوت العالي ... فسحبانا لمشاركتهما الرقص في وضعية تبادلية أنا وفائزة وهو وأمي ...
صراحة لم أجد في نفسي حرجا من ذلك ساعتها ... لم يطل مكوثنا كثيرا ... أصرا أن يتمشيا معنا حتى حدود الصخرة الفاصلة بين التجمعين ... كنت أمشي بجانب فؤاد أستمع لكلماته المنمقة وهو يصف أنه تعود مثل هذه الأجواء وأمي وفائزة خلفي تتمتمان بكلمات لم افهمها ....
تودعنا متواعدين على أن نمضي طول يوم الغد معا ... قبل أن نصل غرفتنا همست أمي في أذني أن فائزة وفؤاد مشاركان في البرنامج معنا دون شك ... رغم دهشتي من هذه الصدفة الغريبة لكني كنت سعيدا بهذا الدليل على صدق كذبي ... إلتحق كل منا في سريره ... ونمنا من الإنهاك متقابلين بالظهر ...
هنا لا تحتاج منبها ... الشمس تتكفل بدعوتك لاستقبال يوم سعيد ... بعد المسافة والتضاريس الصعبة لا يسمح لترددات إشارات الهاتف والانترنت بالوصول ... مكان يجبرك أن تتمتع بكل لحظة تعيشها فيه دون تأثير من الحداثة يسرق منك روعة اللحظة ...
على الموعد وجدنا فائزة و إبنها ينتظراننا تحت شمسية وسط إحتجاج عاملة على وجودهما وهما ينتميان للتجمع المنافس ... لكنها صمتت لما تقابلنا ... يوم جميل وشمس هادئة لا ريح ولا قيض ... سبحنا معا ولعبنا معا وجرينا وتقاذفنا الكرة وتنس البحر بيننا ... يوم رائع زاده إهتزاز صدر فائزة كلما شاركتنا بعض ألعابنا ...
ألفة غريبة ولدت بيني وبين فؤاد الذي وجدت فيه رفيقا يسليني ويشاركني ... أمي التي عوض وجود فائزة معها غياب خالتي في ممارسة هواية النميمة على الخلق ... في بداية الليل وكالعادة أصرت أمي على السباحة ساحبة فائزة معها ... قالت ان السباحة ليلا في الصيف تمنع عنك المرض في الشتاء ... أنا وفؤاد كنا نراقب إنعكاس النور على الماء ... صوت طفق على الماء بإيقاع متزن سحب نظر الكل نحو مصدره ...
ظل تلك السيدة تجلس فاتحة رجليها فوق حجر ذلك الشاب الذي يهز خصره تحتها .... شفاه متلاصقة وصوت ارتطام جسمهما يصدر صوتا متناغما مع بعض الآهات المكبوتة منهما ... حركة عنيفة من فؤاد الذي ضرب الرمل برجله ودعا أمه أن تخرج من الماء بعنف يبدو حقيقيا ...
إنتهى يومنا بذلك الإحراج الذي سببه وجود العاشقين الغير حذرين بجانبنا ... عشاء ممزوج بطعم الخجل ثم إنسحبنا للنوم .... صبيحة اليوم الثالث سمعت صوت فؤاد يناديني للخروج ... أمي لم تنهض بعد ولا حتى الشمس ... طلب مني مرافقته في جولة لمنبع تلك العين العذبة قال انه يحتاجني لأخذ بعض الصور فلم أمانع ...
تبعنا مجرى الماء لمسافة طويلة ... حقيقة المكان يستحق عناء التصوير فيه ... أثنى على مهارتي في التقاط الصور ... كشابين طائشين جلنا في المكان حتى خشينا أن توه في الغابة الكثيفة ... فعدنا من طريق آخر ... وجدنا أنفسنا خلف البيوت ... هو توجه منهكا نحو مخيمهم وأنا تسللت من الخلف ...
أردت ممازحة أمي بأن أتسلق الشجرة وادخل من الشباك وإخافتها ... ما إن أطلّ راسي حتى سمعت صوت حديث في الغرفة ... أمي تجلس على حافة سريرها ... وفائزة تجلس على حافة سريري متقابلين ... أمي تبدو مركزة متعاطفة مع كلام فائزة التي يبدو الحزن على محياها ... فهمت من الموضوع أن سبب طلاقها كان إكتشاف زوجها لخيانتها له ... تلك الخيانة والطلاق أعقبهما علاقات غرامية عدة ... صادف ان شهد فؤاد إحداها وكانت مع شاب اصغر منها ... مما خلق فيه صدمة نفسية جعلته يكره أمه ويكره كل النساء ...
هي قالت أنها حاولت إصلاح علاقتها به خصوصا لما كبر ومع وضعها المادي وكرمها معه جعله يعود تدريجيا إليها ... لكن صدمته في النساء جعلته يميل لغيره من الذكور مع جمال وجهه وجسده أصبح يمارس الجنس المثلي منذ مدة ليست قصيرة ... والحل هو أن تحاول وضعه في تجربة مع إمرأة ربما تجعله يغيّر ميوله ... ويجب ان يبدو الأمر كأن إمرأة أخرى إنجذبت نحوه ... إمأة أكبر منه سنا تنجذب نحوه سيجعل فعل أمه يبدو شبه عادي أو متداول ... هذا سيعزز فرص علاجه حسب قولها ...
كنت انتظر أمي أن تطرد تلك القحبة من أمامها لكنها لم تفعل ... هي فقط مانعت قليلا ومع إصرار فائزة التي قالت أنها لا تطلب منها ممارسة الجنس معه ... فقط قبلة ... مداعبات على فخذه أن تمسك قضيبه وتداعبه ... ثم تخبرها عن ردة فعله معها لا غير ... توسلات عديدة قابلتها أمي بالتحجج بوجودي ... مع طمأنة فائزة لها بأنها ستتولى أمر إبعادي عنها ... وافقت أمي على ذلك ...
كدت أقع من غصن الشجرة لسماع ذلك ... أمي توافق أن تقبّل شابا و تلعب بقضيبه تحت مسمى خدمة إنسانية كما سمتها تلك القحبة ... ما ذنبي أن أدفع ثمن جرم قامت به هي وقت صبى إبنها لتعالجه أمي ... فلتذهب لأي عاهرة أخرى لماذا أمي ... وما معنى ستتولى أمري ؟؟؟ ... هل ستفعل معي مثل فعل أمي مع فؤاد ؟؟؟ ...
مجرّد التفكير في ذلك جعل قضيبي ينتصب ... هل يمكن أن أكون تقبّلت فكرة تبادل الأمهات تلك ... صراع بين صورتين إحداهما وردية باني اشفي نهمي وكبتي مع فائزة تجعل قلبي يدق وإنتصابي يزيد ... وصورة أمي بين أحضان فؤاد تحرق مؤخرتي ورجولتي ...
الأمر ثقيل على كرامتي لكن جسد فائزة يستحق التضحية ...
الجزء السابع
نصف ساعة أو أكثر تائها بين الفكرتين ... إن كنت سأنيك أم فؤاد فلما هو لا ينيك أمي ؟؟ ... لكنها أمي ... والمرأة الأخرى أمه ... وأغلب الأربعينيات هم أمهات لشباب غيري في مثل سني ... فأي واحدة منهن ستكون حالها كحال فائزة ... هنا وصلت لنقطة اللاقرار ... فقررت ...
عدت لغرفتنا أو عشنا أو عشتنا كما يحلو لكم تسميتها ... وجدت أمي تلبس لبس السباحة ... بعض الأسئلة عن سبب غيابي ... أطنبت في التحدث عن فؤاد والجولة والصور وعن روحه الخفيفة ومعرفته بالأشياء ... كنت أراقب وجهها ... أرصد أي تفصيلة تكشف نيتها ... فلم أجد كانت تتحدث بوجه خشب كجدران هذا المكان ...
إرتباك وتلبّك في الأمعاء أصابني وأنا أسمع صوت فائزة ينادينا ... خرجنا تباعا لنجدها وفؤاد تتجهان لشمسية قرب الماء ... سبحنا لوقت غير قصير... مع أشعة الشمس الرحيمة هذا اليوم ... السيدتان طلبتا إكتساب بعض السمرة الإضافية على الشاطئ ... رحنا نتمشى أنا وفؤاد في إتجاه الغرب قال أن تسلّق ذلك الجرف الصخري العالي سيمكننا من رؤية التراب الجزائري ...
من ناحية كنت أريد التجربة والمرح و الإكتشاف ومن ناحية كنت أخشى إنفراد فائزة بأمي ثانية ... وددت الجلوس والتصنّت ثانية ... لكني رافقته غربا متسلحين بقارورتي ماء وبعض البسكويت ... أمي التي لم تحتج ولم يرمش لها جفن رغم علمها بغيابي طوال اليوم ... هذا أصلا هو أحد أهدافي معها ... أريدها أن تفسح لي مجالا من الحرية والخصوصية ... لكني لم أكن سعيدا ...
توجهنا لسفح ذاك الجرف .... كثرة خطوات من سبقونا نحتت طريقنا بأقدامهم على الصخر الكلسي ... الطريق ليس وعرا لكنه طويل ... كنت أتبع خطوات فؤاد ... تنازلي له عن الريادة والزعامة زرع في نفسه نقطة تفوّق حاولت إستغلالها ... طوال الطريق أمدح خبراته في الحياة وأني كنت أتوق أن أصبح مثله ... مع تماديه في الفخر بنفسه ... أصررت أن السبب في ذلك هي أمه ...
شخص تعوّد مزج الكذب بالحقيقة ليخرج برواية منطقية لن يعجزه خداع هذا الصبي ... رحت اشتكي من أمي وحصارها لي لدرجة خنقتني فلم أكتسب أي خبرة من الحياة .... رواية توحي بحسدي له على وضعه وعلاقته بأمه ... كنت استفزّه علّه يعترف بماضيها فلم يفعل ... بل صار يحسدني على سبب شكواي قال أن أمه تركته وسافرت وهو *** وتربى بين يدي جدته ...
قال أنه لا يشعر أنها أمه حقا .. كل كلامه متناسق مع روايتهما السابقة سواء على لسانه أو ما سمعته خلسة ... لمزيد إستفززه تحدثت عن أبي بإطناب وترحمت عليه كثيرا ... ورحت اصف له كيف أن الحال سيكون غير الحال لو كان حيا ... هنا بدأت بعض الحقائق تنسلّ من صدره ... شكاني كثير غياب أبيه وإهماله له ... طلاقه من أمه ليس ذريعة لان يهمل فلذة كبده ... من حديثه إستنتج عقلي البسيط صدق كلام فائزة عن شذوذه ...
صدمته في فعل أمه وغياب أبيه جعل فيه شوقا لصورة الأب ... فإرتمى في أحضان الرجال لتعويض النقص ... طال حديثنا على إمتداد صعودنا ... في العصر وصلنا القمة ... عن شمالنا تقع الجزائر وعن يميننا تونس ... جلسنا لتناول بعض حبات البسكويت تسد جوعنا ... من خلفنا سحب رمادية داكنة تتصاعد من الغابات نحو السماء ... قال فؤاد إنه ضباب كثيف بفعل عملية التبخر الغير عادية ... أنا لست خبيرا في الأرصاد الجوية فصدّقت ...
طوال الجلسة قلب الطاولة عليا راح يسألني أسئلة المحقق عن طفولتي وعن تأثير غياب أبي في حياتي ... عن تأثري بحياتي مع أمي فقط ... هنا بدأت استنفر كل حواسي خشية حركة مروادة مفاجئة منه وأنا من يعلم عنه الكثير ... لكنه كان طبيعيا ... فقط يريد إجابات ترضي روحه أنه على حق فمنحته إياها دون أن يسأل ...
تلكمنا كثيرا عن الحرية وعن العلاقات ... قبل المغيب بقليل عدنا أدراجنا ... حقيقة لم أجد في الشاب شيئا يعيب جلوسي معه ... لو لم أعلم ما قالته أمه عنه لما صدّقت ذلك فيه ... طريق العودة كان أسرع من الذهاب فالنزول أسهل من الصعود ... وصلنا والظلام عم المكان ...
وجدنا وفاء وفائزة وقد صبغا بلون أقرب للأكاجو منه للأحمر ... غيرتا ملابسهما وتنتظران عودتنا ... حضن طويل من أمي شكرا للسماء على سلامتي وحضن مماثل من فائزة و إبنها ... ثم تبادلنا الأدوار ... سحبتني نحو صدرها الضخم برفق وعنف معا ... غاص وجهي في مفرق صدرها ... كنت اريد النظر لفعل أمي ورائي لكن يدها وجذابية جسمها البض الطري منعتني ... ما إن أطلق سراحي من صدرها حتى أمسكت بيدي الإثنتين تسدلهما للأسفل ... واقفين وجها لوجه لا يفصلنا سوى شبر لا يكفي ليمثل مسافة تبعد حلمات صدرها عن صدري ...
مع بداية إنتصاب قوية تنشأ بين فخذي حرّكت يدها كأنها تهزني سعادة بعودتنا سالمين وسط كلمات تصف فيهت كيفا كانتا قلقتين من غيابنا ... لا أعلم سر تلك الرعشة التي أمسكت نخاعي الشوكي وإبهامها يجول حول رأس قضيبي دون حرج ... كانت تنظر للأسفل بين فخذي مباشرة ... كلمات أشبه بحجرجة الموت تخرج من حلقي ... أن لا مبرر لقلقهما فنحن صرنا رجال
طالت نضرتها للأسفل وأصبحت حركة إبهامها أكثر جرأة ... بكل أصابعها راحت تحيط بقضيبي وقد إنفتحت عيناها عن آخرهما لما تأكدت من سمكه ... ثم همست في أذني ... " إنت يتخاف منك مش يتخاف عليك .. "
صوت أمي يامرني بالإسراع بالإستحمام وتغيير ملابسي لتناول العشاء وحضور برنامج السهرة ... قالتا أن هناك تنشيطا موسيقيا سيجمع سكان التجمعين معا فوق الصخرة الفاصلة ... نظرة بسيطة نحوها لنرى النور مركبا هناك وبعض ظلال مضخمات الصوت ...
دخلت الغرفة وقد سلبت إرادتي ... لمستها من فوق قماش الشورت أشد إثارة من لمسات خولة المباشرة وبكل تلك الزيوت ... تحت ماء الحمام البارد تملكتني الرغبة الشديدة الممزوجة بروح الرجل الشرقي ... تذكرت مرارة إنتصابي للمسات أمي ... وفجأة تذكّرت ما حدث مع خالتي رغم أن ذلك لم يعلق بذاكرتي ... أقنعت نفسي أن الحل هو أن هو تحقيق تلك الرغبة ...
فائزة ستكون هي علاجي ... نعم أمي على حق ... خولة التي سرقت روحي بأنوثتها وجعلتني أجري ورائها لا تضاهي فائزة في الإثارة والجمال ... شخص مثلي روّض الحظ غصبا عنه لا بد أن يخضع هذه الأحداث لصالحه ... وقفت عند الباب لا يسترني سوى منشفة على وسطي أنادي بأعلى صوتي على أمي أني أحتاجها ...
إنسحابها نحوي تلبية لندائي جعل فائزة تتجه ناحية تجمّعهم ... أمي تقف أسفل الدرج المؤدي لغرفتنا وعيناي تراقبان فائزة تبتعد ... حال تأكدي من وصولها الجانب الآخر طلبت من أمي الصعود ... وسط بعض التأفف من إزعاجها سحبتها من يدها بعنف لتدخل الغرفة ... وبإشارة من سبابتي على شفتي أن تخفض صوتها ...
بضع حركات قلّدت فيها نجوم أفلام التجسس أني أفتّش الغرفة والشباك والخزانة تسببت في توقّف قلب أمي عن النبض ... كنت أكتم ضحكة قد تفضحني وأنا أرى لونها الأحمر يتحوّل للصفرة رعبا ... حركات من شفتيها دون صوت تتساءل
- هو في إيه ؟؟؟ يا إبني إنطق
- (بصوت منخفض وحركة من يدي أن تنتظر توجهت نحو الباب أتأكد أن لا أحد هناك) إمشي ناحية الشباك
- (طبّقت أمري دون تردد و بصوت لا صوت فيه ) هو في إيه ؟؟
- (إقتربت منها هامسا) إنتي معاكي حق
- في إيه
- فؤاد وأمه
- مالهم ؟؟؟
- دول تابع البرنامج
- مش قلتلك ... أصل كل ما نروح حته نلاقيهم ... كنت متأكده
- مش بس كده
- في إيه ثاني ؟؟؟
- دول مراقبين لينا من البرنامج
- يا لهوي ... قلبي كان حاسس إن الناس دي مش بترمي فلوس في الهوى ... وعرفت إزاي
- من فؤاد
- (قطّبت حاجبيها مستنكرة) هو إلي قالك
- مش بالضبط
- أمال
- إنت صدقتي إنه طلعني فوق قمّة الصخرة عشان نشوف الجزائر ؟؟؟
- أمال
- دي الحتة الوحيدة إلي فيها إشارة
- يعني إيه ؟؟
- كان بيبعث تقرير للبرنامج عننا
- وعرفت إزاي
ثم رحت أضع كل الإحتمالات المنطقية وغير المنطقية أن البرنامج يمكن أن يحرمنا من مكافأة المرحلة الثانية وهي مبلغ ضخم ...
هنا سرحت أمي كثيرا في التفكير وقد عاد لونها وبريق الخبث في عينيها ... قلبي صار ينبض كعداد تاكسي سياحي بعد منتصف الليل ... إنتظرت كثيرا تعقيبها ...
- على كده البرنامج عرفو إن إنتي إبني
- (كسم الزنقة بنت الكلب دي) طب ما يعرفو
- بس إحنا قابلنا فايزة وفؤاد الأسبوع إلي فات في المرحلة الأولى ووصلونا البيت
- يعني إيه
- يعني هما بعثونا هنا وهما عارفين إننا إبن وأمه
- مش فاهم
- ولا أنا
- (هنا فقط أردت كسب بعض الوقت لصنع حل من مأزق لم أتوقعه) مش دي المشكلة
- أمال ؟؟؟ ... يا إبني إنطق لأخنقك
- المشكلة إنه كلمني كثير عن أمه
- قالك ايه
- (صمت طويل مني) ... مكسوف أقلّك
- يا إبني إنطق ما تفورش دمي
- هو قالي إنه سبب طلاق أبوه أمه إنها ضبطته بيخونها مع شابة صغيّرة ... وده عملها أزمة نفسية ودخلت في حالة إحباط ... وإنها بقت حاسة إنها مش جذابة وكرهت كل الرجالة ... ولعلاج حالتها لازم تحس إنها لسة مطلوبة ... وعشان كده لازم شاب صغيّر يعاكسها او يوقع في حبها
- وبعدين
- ولا قبلين هو طلب مني إني أعمل كده خصوصا إنه قال إنه حاسس إنها بتميل ناحيتي ...
- وإنت قلت إيه ؟؟؟
- قلتله حأفكّر لغاية لما نتكلّم أنا وإنتي
- جدع يا واد
- وهي ما قالتكيش حاجة عنه ؟؟؟
بضع كلمات قبيحة لأوّل مرة أسمعها من أمي صراحة ... كقحبة وملهط ... تؤكّد أن أمي كرهت وجودها ... أمي التي آلمها خداع تلك السيدة لها عادت لوعيها ... هنا حضنت أمي وكرهت نفسي ... خلال ثواني حضن الأمان ذاك ... قفزت في ذهني فكرة مجنونة ... هي مبدأ حياتي الجديدة ... الفوز دون إحتمالات خسارة ...
صمت طويل مني وذهول يخيّم على وجه أمي من أثر الصدمة ... أعتقد أنها كانت ستفعل ما طلبته منها فائزة ... تحت اي ذريعة ... ربما أعجبها الشاب أو دور المساعدة الإجتماعية ... والأكيد هو تأثير هذه اللعبة السخيفة التي أوقعتها في تفاصيلها ... طال ذهولها وصمتها ثم نطقت
- طب والحل ؟؟
- طب لو قلتلك على الحل تسمعي كلامي ؟
- أكيد لو حاجة عدلة
- طيب إمشي معايا بدماغك وحدة وحدة
- هما مش عاوزين يكتشفو كذبنا و يحرمونا من المكافأة
- صح
- إحنا نثبتلهم العكس
- إزاي
- طيب إحنا نسايرهم ... نعمل إلي هما عاوزينه
- يا سلام (بصوت عالي وبنبرة أمي المتعودة)
- بشويش ما تفضحيناش ... إحنا نعمل إلي هما عاوزينه ... أنا هاروح مع فايزة وإنتي مع فؤاد بس مش هنعمل حاجة لا نحبّهم ولا نيلة
- مش فاهمة إيه الفايدة ... طب ما نرفض وننهي الموضوع
- لو رفضنا بعد إلي حصل ممكن يكتشفو الحقيقة وخصوصا إن البرنامج عرف إننا أم وإبنها
- أه صحيح ودي نحلّها إزاي
- إحنا ننفرد بيهم وما نعملش حاجة ... لما هو يسئلني أقله إني ما قدرتش أسايرها عشان ما عنديش خبرة وخفت وكده وإنتي تقوليلها إنه هو ما عملش أي حركة عشان تبتدي معاه الموضوع
- (غمزتني أمي بسعادة من فكرتي العبيطة ثم تراجعت) ... بس موضوع إني أمّك دي نحلها إزاي
- يا ستي نقول إننا وقعنا في حب بعض من المرحلة الأولى وإنتي عزمتيني عندك في البيت عشان كده هما شافونا مع بعض
- وتفتكر هتعدي عليهم
- دي نخليها لوقت ما نرجع ... دلوقتني لازم نشوف اللعبة دي هتنتهي إزاي
بدأ ينتقد ساخر من الوضع العام ... السياسة ... تصرّفات المجتمع ... هي لم تكن أغاني بقدر ما هي فكاهة ... صوت الضحكات يدوي هاربا من حناجر الموجودين غصبا عنهم ...
طريقة الغناء كسرت بعض الحرج من تواجدي مع أمي ... يحشر كلمات بذيئة في الكلمات الأصلية للأغنية ... في تونس نسمي المؤخرة أو الطيز بالترمة ... هو إسم من عدة أسماء لكنه الأكثر شيوعا ... مثلا أغنية كوكب الشرق يقلب كلماتها فيغيرّ مصطلح كلمة بمصطلح ترمة ... " ترمة ونظرة عين والقسمة وياهم .." ... أو يا سيدي مسي علينا أو حتى لمّح بترمة " ... أغنية عمر ذياب يقلبها .. " حبيبي يا بو شفرين .. " ... " قالتلي الليلة نتناكو " بدل من الليلة نتلاقو ....
مطرب رغم عذوبة صوته وإتقانه للعزف إلا أنه بذيئ ... بذائة مستحبّة خفيفة مضحكة إقتلعت الصراخ ضحكا من الحناجر وأحيانا يزداد الجو إثارة بتعليق صادر من أحد الموجودين ... طالت سهرتنا الراقصة الصاخبة البذيئة لحدود الفجر ...
إستلقيت على سريري أراجع كلماتي مع أمي ... ثم تراجعت بي الذكريات لبداية كل هذا ... شعرت أنها نهاية ستكون مرضية للطرفين ... فائزة حتما لن تفضح سرها خصوصا لما ستعلم أن أمي لم تسايرها في طلبها ... وأمي ستفوز بمبلغ المكافأة ... وأنا سأروي عطشي في جسد فائزة ثم أكون إبنا صالحا وينتهي الأمر بلا خسائر ...
عند شروق الشمس تقلّبت لأجد سرير أمي فارغا ... بحثت عنها في الغرفة الضيقة فلم أجدها ... من الباب لمحت طيفها تقف على حافة تلك الصخرة تراقب شروق الشمس ... هي حتما تراجع أفكارها مثلي ... ضميرها وأمومتها وشخصيتها ستتغلّب على رغبتها إن وجدت ... هذا ما كنت أعوّل عليه ... خصوصا مع إعترافها لي بالحقيقة دون ستار ...
لحقتها متسلقا تلك الصخرة ... أرعبها صوت خطواتي من خلفها ... جلست بجانبها مستفسرا سبب إنعزالها ... قالت أنها تسترجع روحها هنا ... لم أفهم مرادها إلا عندما قالت أن أبي كان يعشق السهر حتى طلوع الشمس ... تركتها تسترسل في حديث ذكرياتها ... إستحضار الذكريات الجميلة له مفعولان إما يرفع روحك المعنوية لذكراها أو يصيبك بإحباط لفقدانها ... أمي لم تكن إحدى الحالتين ...
قالت أن وجودي بجانبها ومواقفي الأخيرة خصوصا تدخلي الأخير في موضوع كشف مراقبة الإثنين لنا جعلها تشعر أكثر بالأمان في وجودي ... لوم داخلي لنفسها ... كيف أنها خدعت بمثل تلك السهولة .... وضعت يدي على خصرها وهي وضعت رأسها على كتفي نراقب الشمس تتحدى بعض الغيوم الرمادية الخفيفة ... غيوم لا مبرر لوجودها في مثل هذا الجو سوى أنه طقس تونس ... بلد الأضداد ...
إرتفع القرص الذهبي قليلا في السماء لينير الدنيا ... مؤخرتي آلمتني من طول الجلوس على صخرة صلبة تخزني ... قمت أتمشى لحافة الصخرة ... المياه تحتها صافية وعميقة ... صخرة مرتفعة ومياه عميقة ... شعور عنيف بالرغبة في القفز تملكني ... أمي التي أرعبتها فكرة سقوطي بدأت تزحف نحوي ...
أمسكتها من يديها ونحن ننظر للأسفل كمن يبحث عن قطعة نقدية وقعت منه على غفلة ... لا أعلم السبب لكني فعلتها .... أمسكت معصم أمي وسحبتها معي للأسفل بقوة ... قفزة حرة من إرتفاع بضعة أمتار توقف فيها نبض القلب ... إحساس معاكسة الهواء نزولا أمر مرعب لكنه مثير ... بضع أجزاء من الثانية ووقعنا في الماء ...
موجة إرتدادية سببها سقوطنا على سطح الماء أيقظته من نومه فتجاوب مع جسدينا برذاذ كثيف تصاعد للأعلى ودوائر أحاطت بنا وأجسادنا تخرج من الماء لتبدأ الطواف الطبيعي ... أمي التي لا تجيد السباحة تعلّقت برقبتي رعبا فطمرتني للأسفل ...
صورة غير واضحة المعالم شاهدتها من تحت ... التيشرت الأبيض صعد للأعلى ليحيط برقبتها ... بياض ما تحت قماش المايوه يتحدى الرؤية الضبابية تحت الماء في صراع مع اللون البرونزي للجلد المحترق بالشمس ... صدرها النافر عاري ... هي أجزاء من الثانية تبينت فيهما لون حلماتها المائلة للسمرة ثم صعدت أحاول التماسك لسحبها للخارج قليلا وهي تنفخ الماء بشفتيها مرعوبة ...
بضع حركات للخلف ولامست أصابعي رمال البحر ... أمي التي ما إن تماسكت وقوفا وسط الماء و بسعادتها بالنجاة صبّت جام غضبها على فعلي المتهوّر بأن تعلّقت برقبتي محاولة إغراقي معتمدة على ثقل وزنها لكني صمدت ... لعبنا كثير برش بعضنا بالماء ... وضحكنا كثيرا ...
حركة عفوية أعادتنا لوضعنا العادي .... قبل خروجنا من الماء بنصف خطوة ... صراخ شديد من أمي وهي تمسك رجلها والألم يظهر جليا على ملامح وجهها ... تصرخ مشتكية ألما في رجلها ... حملتها بسرعة لحافة الشاطئ ظنا أنها داست قطعة زجاج مهملة فجرحتها ... لكني لأم أجد في قدمها لا دما ولا أثر إصابة ...
صراخها سحب نظر مصطاف يجلس قريبا منا ... قال بنبرة الخبير أنها داست على سمكة صغيرة شبه سامة ...تسمى عندنا بالطرانشة أو الدنقير ... سمكة لا يتجاوز طولها السبابة تدفن نفسها في الرمل وتترك شوكتها بارزة من تحتها لتوقع ضحية ما قد تدوس عليها ...
مع تلوي أمي على الرمال من الألم لحقتنا شابة من العاملات في المجمّع ... دقائق وجلبت علبة إسعافات أوّلية ... حقنة مضادة للسم و حبة تخفف الألم وقالت أنها ستشفى بعد ساعات الأمر ليس بخطير لكن عليها أن ترتاح ... عاونتني في إسنادها حتى السرير ثم ساعدتها في تغيير ملابسها وأنا أرتجف خوفا عليها رغم كلمات الطمأنة من الجميع ...
دقائق وذهبت أمي في النوم ... كنت أظن السبب هو السهر طول الليل لكن الشابة قالت أنه أثر الحبة ستنام لستة ساعات دون حركة تحت تأثير المنوم ... فإستلقيت بجانبه ونمت نوم الذئاب ... عين بعين ...
بعد الظهر نهضت مع أول حركة من أمي التي حاولت النزول من السرير فمنعتها ... جلبت لها الأكل وأكلت مني يدي كأب يعتني بإبنته الصغيرة .... إبتسامتها تدلّ أنها ليس غاضبة مني ...
بعض الوقت وسمعنا صوت فائزة ينادي من تحت طلبا للإذن بالدخول ... ملامح الفزع تبدو على وجهها مستفسرة عن حالة أمي كأنها صديقتها من زمن بعيد ... تعاطف شديد مع حالتها ... قررت فائزة تأجيل الجولة بالطوافة ليوم الغد ... لكن أمي أصرّت على أن نذهب ولا نفسد يومنا بسببها قالت أنها بخير ... غمزتني سرا أنها فرصة مناسبة للتخلّص من هذه الورطة ....
فؤاد يدخل خجلا غرفتنا شاكرا السماء على سلامتها ... كان القرار مع رفض فؤاد مرافقتنا أن نذهب أنا وفائزة وهو سيعود من حين إلى حين للتطمن على حالة أمي ... لمحت غمزة من فائزة وحركة بهز الرأس من وفاء تؤكّد أن الخطة ستستمر ... لكني شيئا ما في صدري يخزني ...
ذهبت فائزة تتجهّز وأنا لبست شورت السباحة وخرجت ... توجّهت لتلك الشابة التي بادرتني بالسؤال عن حال أمي فأخبرتها أنها بخير لكنها لا زالت تتألّم وإن كان بالإمكان تمكينها بحبّة أخرى لتخفيف الألم ..قالت أن لا مانع من ذلك شريطة أن تكون قد تناولت بعض الطعام ...
كأس عصير فراولة بارد دسست فيه تلك الحبة بعد أن سحقتها وقدّمتها لأمي التي ودعتني بعدة توصيات أن أتماسك وأحافظ على العهد .. قبّلت رأسها أن تطمئن ... خرجت أقفز فرحا مزهوا بذكائي ... الآن سأنفرد بآلهة الإثارة تلك وأنا متأكّد أن لا شيء سيحدث من خلف ظهري ...
قبل مغادرتي المجمّع لحقتني تلك الشابة توصيني بان تبتعد أمي عن أكل أو شرب أي شيء حلو ... قالت أن السكّر والدواء سيجعلها في حالة أشبه بالتخدير والنوم لفترة قد تدوم يوما كاملا ... فرقص قلبي فرحا ....
وجدت فائزة تقف عند الشاطئ وأمامها طوافة ... هي ليست طوافة بل دراجة مائية تعمل بحركة الرجلين على دواستين ... فائزة التي كانت تلبس نفس البيكيني ... تلف وسطها بقماش أسود ... ماكياج خفيف لم أفهم مغزاه لكنه زاد في سحر عيونها ... تمسك حقيبة بها بعض قوارير الماء الصغيرة والعصير وبعض المقرمشات ...
دفعنا تلك العربة الخفيفة فوق سطح الماء لأمتار قليلة ثم ركبنا متجانبين ... دقائق وتجانست حركتنا وبدأنا نخترق سطح الماء ... ما إن تجاوزنا حدود تلك الصخرة حتى إكتشفت تضاريس المكان الرائعة ... عدّة خلجان صغيرة مختلفة الأحجام تتجاور ... يفصل بين كل منها جدار صخري يختلف من منطقة لأخرى ...
أشعة الشمس تنعكس على سطح الماء ... إبتعدنا مسافة ليست بالطويلة عن الشاطئ ... منظر الماء العميق الصافي جعل فائزة تطلب التوقف ... قالت أنها ترغب في الغطس هنا ... وقفت تحاول التماسك أن تسقط ونزعت قطة القماش من وسطها وقفزت برشاقة في الماء ...
كنت أراقبها وهي تطفو على سطحه ... إن سبحت على وجهها سحرني منظر الهضبتين المكتنزتين في مؤخرتها ... وإن سبحت على ظهرها غرقت في الجزيرتين النافرتين من صدرها ... قضيبي ينتصب بهدوء لذيذ كلما راقبتها ... فقط كنت انتظر إشارة منها ...
بدأت شمس الظهيرة تحرق جلدي فأردت القفز في الماء لكنها معتني خوفا أن يسحب التيار عربتنا بعيدا عنا ... غير بعيد عنا تظهر بعض الجزر الصغيرة ... هي ليست جزرا هي حجارة لا يتجاوز قطرها المترين ترتفع بضع صنتمترات عن الماء ... لا يمكن ملاحظتها إلا بسبب خضرة لونها الذي إكتسبته من نمو بعض الطحالب عليها ...
عادت فائزة لمجلسها وتوجهنا لأكبرها حجما محاذرين إصابة قاع الدواسة ... ثبتنا عربتنا بحبل قصير يتدلى من مقدمتها ... وجاهدنا للتماسك أن ننزلق فوق الطحالب ... سبحت قليلا أبرّد مسام جلدي ثم عدت نحوها ... جلست بجانبها نراقب بعض طيور النورس في الأفق ... طال الصمت وطال الإنتظار الحارق ... أعتقد أنها تنتظر مني نصف خطوة لتعود لشخصيتها الماجنة كيوم أمس ... لم أجد بدا إلا من فتح الحديث معها ...
- باين إن الشمس عملت شغلها معاكي ( مررت أصابعي على جلد فخذها كأني اشير للبرونزاج)
- (نظرة لمكان إصبعي ثم في وجهي مباشرة وبغنج شديد) عجبك
- كثير
- طيب أنهي أحلى إلي بالبرونزاج وإلا إلي من غيرو
- أصلي ما شفتكيش قبلو فمش عارف أقول إيه
- قصدك إيه ؟؟ (بنوع من الجدية المفضوحة)
- لا أبدا
- (طال صمتي فأحسّت هي أنها ألجمت لساني فقالت) طيب ممكن أطلب منك طلب ويبقى سر ما بينا
- تحت امرك
- ممكن ما تقولش لفؤاد على إلي هأعمله
- إلي هو إيه
- عاوزة أعمل برونزاج لنصي الفوقاني
- طب ما تعملي
- قصدي هأقلع البرا
مداعبتها لي بالأمس مع ما سمعته منها إجتمعا مع رغبتي الشديدة ليقتلا أي بوادر خجل قد يخلق في نفسي ... إنتصاب شديد وحرقة في أعلى رأس قضيبي تدفع لساني للكلام ... فكّرت أن أضع يدي و تغوص اصابعي فيهما لكني تراجعت ... هي حركة سخيفة مبتذلة قد تقتل أي رغبة عندها في إتمام الأمر معي
- طيب ممكن أسئلك سؤال ؟؟
- أكيد (بصوت يحيي الرغبة في مومياء محنّطة)
- هو صدرك ده طبيعي
- يعني إيه
- يعني كده من الطبيعة مش بتدخّل جراحي
- إنت بتقول كده ليه
- أصل الحجم والشكل ده مش عادي
- ما عجبكش ؟؟؟ (بنبرة إستنكار مصطنعة ممزوجة بالإثارة ثم وضعت كلتا يديها تعصر ثدييها ليلتصقا ببعضهما)
- أبدا دي حاجة تهوس ..
- طب تعالى إتأكد بنفسك
- يعني عمرك شفت أحلى منهم ؟؟؟
- بصراحة ... دي أول مرة في حياتي اشوف كده اصلا
- (كلمتي استفزتها قليلا) ... يعني إنت عمرك ما عرفت بنات قبل كده ؟؟
- الصراحة أه
- مش مصدّقة ؟؟
- ليه بقى ؟؟
- أصلك جذاب وعندك مؤهلات تخلي أي وحدة تتمنا ساعة معاك
هل أمتلك ما يجعل أي إمرأة ترغب بي ؟؟؟؟ ...
- طيب ممكن أطلب منك طلب
- أكيد (بصوت يؤكّد أنها تنتظر أي فعل مني دون رفض)
- ممكن ما تقوليش لماما علي هاعمله
- وإنت هاتعمل إيه ؟؟؟ (بغنج يعني أنا تحت أمرك)
- عاوز أعمل برونزاج لنصي التحتاني
- (أغلقت نصف عين وفتحت الأخرى وهمست في إذني بحرارة تحرق قلبي) سرّك في بير
قبل أن أسأل او أنطق ... إرتعشت ركبتاي لملمس يديها لأعلى رأس قضيبي ... حركات طويلة من سبابتها وإبهامها في الدائرة الحساسة بين الرأس والجسم ... ثم بيدها الأخرى حركات لفوق وأسفل على كيس بيضاتي كأنها تستكشف وزنهما ... رفعت راسي للأعلى مستسلما لحركاتها ... نصف زحفة من مؤخرتها نحو وإلتصق صدرها بفخذي ...
ملمس ناعم على مستوى فتحة رأس قضيبي ... ناعم ورطب ولزج ... أنزلت عيني قليلا للأسفل لأرى لسانها يجول حوله ... خشونة لزجة سرقت إرتعاشة من ركبتي ... ثم رفعت راسي للأعلى تاركا مصيري لهذه الخبيرة في التعامل مع الرجال ... شفتاها تحيط بكل قضيبي من الأعلى للأسفل في عملية تزييت ميكانكية ... لم يطل صبري طويلا حتى أدخلت نصفه في فمها وبيده الأخرى تستفز نصف الباقي ...
مراوحا بين إغلاق عيني وفتحها ناظرا للسماء شكرا على هذه الهدية ... بعض السحب الداكنة تغطي الأفق ... ثم سحبت من بين فخذي لنعيم حلقها تحرقني آهات الرغبة ... حركة وصوت أشبه بالإختناق منها مع شعوري بملامسة أعلى قضيبي لمدخل حلقها ... لعاب كثير يسيل منه... طال مصها لي مستجدية رحيق الرغبة ... حركة إنكماش في عظلات مؤخرتي وأسفل ظهري جعلها تنسحب للخلف قليلا وتكمل حركات بيديها ... من بطني نحو رأس قضيبي ...
رعشة قوية فرضت عليا ثني ركبتي قليلا ... دفقات متتالية من قذف ماء رغبتي تنطلق بعنف لتقع على صدرها مصدرة صوت كصوت وقوف حصاة في الماء...
واقفا دون هدف غير مدرك للزمان والمكان ... لوقت ربما قد طال كنت صامتا ناظرا للأعلى ... فائزة التي تدعك ثدييها بأصابعها الغارقين بماء شهوتي ولعابها ... قالت أنه مفيد لنعومة البشرة ...
- هاه إنبسطت ؟؟؟
- (بنوع من الخجل الذي يتبع القيام بذنب ما هززت رأسي موافقا دون كلام)
- طب ودلوقتي
- (هززت راسي غير مدرك مغزى كلامها)
- مش قلتلك سرّك في بير
- أهااااااا
- طب ما تيجي نخبي السر في البير (ووضعت يديها بين فخذيها من فوق قماش المايوه)
لكن هذا الجسم وهذه الفرصة يمكن أن لا تتكرر ... لكن الأمر ثقيل على صدري وأنا الذي لا أمتلك أي خبرة في النساء ... بدأت الرهبة و الرغبة تتصارعان داخلي ... مع تراجع قضيبي للخلف مهزوما بنصره ... بدأت أراجع نفسي ... قراري الأخير هو كلمة سمعتها قبلا ... الخبرة هي جملة الأخطاء المرتكبة ... إن لم أخض التجربة فكيف سأفشل وكيف سأنجح ومن أين سأكتسب الخبرة ...
السماء بدأت تظلم قليلا ... خلت أن المغيب قد أزف وعليا إستغلال هذه الفرصة ... الخبيرة بالمص خبيرة بالنيك وهل ساجد أحسن من هذه الفرصة للتعلم على يد خبيرة مثلها .... بعض الأمواج الخفيفة بدأت تتلاطم على سطح جزيرتنا الصغيرة ... خلعت الشورت وتقدّمت نحو فائزة التي كانت تنام على ظهرها فاتحة رجليها تدعوني لدخول أتون النعيم بينهما ...
صوت هدير محركات وصراخ يقترب منا ... نظرنا ناحية المصدر حشية أن يكون بعض المصطافين يتجولون فيكتشفو عرينا ... قاربان بمحركين يطيران مسرعين نحونا من جهة الشاطئ ... الجبل الأخضر وراء التجمعات تحوّل لونه للأحمر والبرتقالي وسط تصاعد أعمدة دخان عالية ....
من الجهة الأخرى بعض القوارب تطير نحو الماء هربا من ألسنة النار ... توقف قارب بجانبنا وأنا ارتدي لباسي بسرعة وإرتباك ... فائزة التي لفّت صدرها العاري بقطعة القماش تجاهد للوصول لحافة القارب ... الوجوه إعتلاها الرعب مستبدلا السعادة ... إقتربت من القارب والأيدي كلها تمتد نحوي للمساعدة ... ما إن صعدت حافته حتى تمليت الوجوه المرعوبة التي إكتسب بعضها سوادا من أثر الرماد ...
لم أجد أمي في هذا القارب ولم ألمح خيالها في الآخر الذي مر مسرعا .... الدواسة انفلتت يسحبها المد مبتعدة عنا ... وألسنة النار تلتهم الشجر والحجر على الشاطئ ...
أمي التي خدّرتها بنفسي لا يمكن أن تستفيق حتى وسط هذا الصخب ... توقّف قلبي ومحرّك القارب يدوي إذنا بالتحرّك نحو الأعماق ...
رميت نفسي أجاهد الماء متجها نحو الدواسة ... والكل يصرخ بي يدعوني للعودة ... ركبت الدواسة وجاهدت لتوجيهها نحو الشاطئ مع حركة فردية مني بدأ الأمر أكثر صعوبة مع المد العكسي و حركة من شخص واحد ... بدأ الشد العضلي يمنع قدمي من الحركة ... إقتربت من الشاطئ قليلا ... ألسنة اللهب تتصاعد للسماء ... أصوات أشجار الصنوبر تتساقط على بعضها كرعد يدوي وراء المخيّم الذي أخفى الدخان ملامحه ....
إقتربت من الرمل فقفزت بحثا عن أمي ... وقفت طويلا أنظر مكان غرفتنا تلتهمه النار وعيناي تبكي دما وقلبي ينزف ندما ... بركت على قدمي ولهيب النار يلفح نفسي صارخا ....
" أمي ... أمي ... وفاء ... وفاء ... أمي .. "
الجزء الثامن
ألسنة النار تتصاعد لتتحدى علو السماء ... لم ينجو شيء منها ... إنعكاس صورة النار تتراقص على سطح المياه المتموجة مع تراقص الدموع الحارة في عيني ... موجة من الدخان ممزوجة بصهد النار خنقتني ... صوت سعالي الشديد يتردد صداه ممزوج بسعال شخص آخر ...
توقّف قلبي للحظات ... خيال بشر يشق النار وصوامع الدخان متقدما نحوي ... تخيلتها أمي ... لكن صوت رجل مبحوح والماء يتقاطر من أنفه الأحمر يتسائل عن سبب وجودي ... لم أتملى في وجهه لكن صوته مألوف ... رغم معارضتي سحبني نحو الماء قائلا أن المجمع قد تم إخلائه تماما قبل إقتراب ألسنة النار من المكان بمدة كافية لإنقاذ الجميع ...
سألته والعبرة تخنقني عن سيدة كانت نائمة في غرفتها فقال أن الموظفين تفقدوا كل الغرف والمحيط قبل أن يركب الجميع المراكب ... لم يتبقى أحد في المكان ... كلمة كانت ستزرع بذرة طمأنينة في قلبي لو لم أكن قد نومت أمي بيدي ...
صوت هدير محرّك قوي يقترب منا وسط الخليج الصغير ... شاب يلبس صدرية إنقاذ على صدره يمتطي دراجة مائية يقترب منا ... كان أحد أعوان الحماية المدنية يطلب منا مرافقته ... قال أن الجميع قد تم إجلائهم على متن زورق تابع للبحرية ...
لو لم يقل أن سيدة أصرّت على أن أذهب للعودة عن شاب إتجه ناحية المجمع رغم إشتعال النار ما كنت رافقته ...بالتأكيد هي أمي ... بين تردد وإقتناع أردفنا ذلك الشاب وراءه مستفسرا عن مخاطرتنا بالبقاء وسط الخطر ... أكبر شجاعتي للعودة بحثا عن أمي المصابة وأنكر وعاتب الرجل عن تأخره في الهروب دون سبب ...
أنوار حمراء وخضراء تنعكس على سطح الماء المحيطة بزورق حربي كبير يقف غير بعيد عن الخلجان ... ساعدنا الطاقم في الصعود ... لم أسمع كلمات الترحيب والشكر على السلامة منهم فقط عيني كانت تجول في الموجودين جلوسا على حواف المركب ...
الكل متوتر ومستبشر وحامد ومستخلف ... لمحت فؤاد وفائزة تتوسط أذرعتهما أمي التي ترتجف رعبا ... تلتحف غطاء صوفيا خفيفا لم يفلح في منع إرتعاشها ... إرتميت بين أحضانها باكيا طالبا الصفح مقبلا يديها... حالتها كالثملة ... فؤاد قال أنه لحسن الحظ أنه توجه نحو غرفتها ليطمئن على سلامتها قبل إقتراب ألسنة اللهب ...
نومها العميق كان سيمنع عنها فرصة النجاة ... كلماته زادت في إختناقي بالبكاء ... شعور بالندم المضاعف يطبق على صدري ... نومها أنا من تسببت فيه بتخديرها مسحوبا بخطوات رغبتي المجنونة ... في حين كان فؤاد يجاهد لإنقاذ أمي كنت أحشر قضيبي في حلق أمه ... قرفت من فعلي ومن نفسي مما دفعني للغثيان ...
لم تطل رحلتنا بإتجاه ميناء صيد صغير ... تسلمتنا سيارات عسكرية تولّت نقلنا كل لمدينته بعد التأكد من سلامتنا ... أمي التي لا تزال مخدّرة وتعرج بألم قدمها لم تفهم ما يحدث ... ساعدتها في توسد مخدة في الصالون وغطيتها لتنام ... طال نومها ولم يفلح ماء الحمام البارد ولا هواء الشرفة في تخفيف لهيب نقمتي على نفسي ...
حتى آلية الدفاع الذاتية في النفس البشرية لم تنجح في منعي من تقريع نفسي ... صفعت نفسي طويلا أمام المرآة ... كدت أقتل أمي بسبب رغبتي ... سابقا كنت كلما حشرتني أخطائي في موقف التقريع هذا إلا وعلّقت سبب الخطأ على شماعة شخصية أمي .. لكن هذه المرة فلا ... أنا المخطأ و يتوجّب عليا محاسبة نفسي ...
صباحا تحرّكت أمي ... صوت تأوه خفيف ناتج عن ألم رجلها سحبني مهرولا نحوها سنتدها للحمام ... تركتها تتخلّص من أثار رحلة الجحيم تلك ... إن أفلح الماء في تنظيف جلده فما الذي سيفلح في مسح كل تلك الذكريات من عقلها ...
جلبت لها ملابس نظيفة وتركتها معلّقة في الباب من الخارج ... حضّرت لها الفطور ... نظّمت مكان جلوسها في الصالون حركات متتالية نشيطة مني تعكس رغبتي في تغيير واقع تسببت فيه ...
ساعدتها في الجلوس والماء يتقاطر من شعرها ... أطعمتها بيدي ... قهوة سوداء داكنة ساعدتها على إستعادة بعض من وعيها ... لم تستوعب كيف وصلنا بيتنا ... رحت أروي لها بالتفصيل ما حدث ... قلت كل الحقيقة إلا مغامرتي مع فائزة ...
حضنتني أمي بقوة لتضحية بنفسي مقابل إنقاذها ... إجلال زاد في حنقي على نفسي ... عدت لأنقذها من موت أنا من كدت أتسبب فيه ... تركتها ترتاح وقد خف ألم تلك اللدغة في قدمها ... مسحت البيت كله من أعلاه لأسفله ... نفضت كل أرجائه من غبار غيابنا لأيام ... هي أعمال منزلية نادرا ما قمت بها و إن فعلت فافعله متأففا ... هذه المرة كنت أنفض غبار ذكريات سوداء علقت بذهني ...
صوت مذيعة في التلفزيون تتحدث عن الحرائق ... قالت أنها منتشرة في كل مكان موجة حرائق يعتقد أنها مفتعلة إنتقاما من القرارات السيادية الأخيرة ... تونس والجزائر تتشاركان نفس الهم دائما ... للحظات تذكّرت تلك السحب ساعة كنا وفؤاد فوق الجرف الصخري ... وإظلام السماء فجأة وقت كنت مع فائزة .... إشارات كثيرة لم ألتقطها ... كيف سأفعل وعقلي كان مسلوبا بجسم تلك العاهرة ...
حتى تلك اللحظات الوردية التي عشتها معها صارت مرادفا للرعب بالنسبة لي ... لا أريد أن أتذكر شيئا ....
وقفت طويلا أما صورتي وأمي المعلّقة حديثا في حائط الصالون ... تلك الصورة هي نقطة بداية كل ما تلاه من احداث كادت أن تزهق روح أمي حرقا بالنار ... مجرّد تخيّل ذلك يرفع ضغطي ... قررت التخلّص منها والعودة إلى ما قبل ذلك ... ما قبل كل شيء ... سأنسى اللعبة والمال وخولة وفائزة وكل ذلك القرف ...
يكفيني الغنيمة بنجاتي وسلامة أمي ... فتحت الثلاجة فلم أجد فيها ما يصلح للأكل ... تركت أمي التي تورّد وجهها مع رائحة معطرات الجو بعبق القرنفل تفوح في البيت ... تركتها تتابع التلفاز ... أحداث كثيرة تحصل ونحن غائبون عن الواقع ...
عدت مثقلا بأكياس فيها كل ما يلزم البيت ... صوت أمي يستقبلني وهي تتحدث في الهاتف ... خالتي في طرف المكالمة الآخر في الجانب الآخر من المتوسّط ... تركتها دون إزعاج ... إنهمكت في رصف المقتنيات في الثلاجة ثم إعداد الفطور ... روحي لا تزال تختنق ...
كنا وصلنا الأسبوع الثاني من شهر أوت .. الشهر الثامن من السنة ... للهروب من ذكريات الماضي المقيت يجب تخيّل مستقبل مغاير ... بذكريات رحلة إنقاذنا على يد الحماية المدنية والبحرية رحت أتخيّل نفسي ربان سفينة حربية ... كنت أقلّد حركات التحية العسكرية كما يفعل طاقم السفينة بلبسهم الأبيض الناصع ... شعور بالفخر والنخوة ملأ صدري وأنا أتخيّل أمي تودعني أمام الباب قبل ذهابي في رحلة عمل أجوب فيها أعالي البحار ...
تلك المشاعر هي الوحيدة التي أطفأت نار غضبي من نفسي وتلك الصورة هي من غطّت صورتي الكريهة ... وضعت بعض الأطباق فيها ما إجتهدت في إعداده من أكلات بسيطة ... لحم مقلي ومرقاز وبعض الخضار والفاكهة وقارورة عصير ... وضعتها بطريقة منمّقة ودعوت أمي للحضور ...
تخيّلت بعض السعادة ستعلو محياها بصنيعي البسيط لكن وجهها كان فاترا يميل للصفرة ... عيناها غائرتان وعقلها شارد ... لم تأكل كثيرا ... لم تستجب لمزاحي حول عدم إجادتي للطبخ ... كانت في عالم غير عالمنا ...
لجأت لغرفتها تخفي حزنا لم أفهم أسبابه ... دخلت الغرفة رتبّت ملابسي ... فتحت جهاز اللابتوب ... راجعت رصيدي ... بقي فيه مبلغ محترم ... لكن قراري بالتخلّص من هذا المال الملعون لا رجعت فيه ... وجدت بعض إعلانات قرى كفالة الأيتام تدعو الناس للتبرّع ... هذا هو الحل ... لست أطلب أجرا على ذلك ... يكفيني فقط أن تذهب لعنة تلك الأموال بعيدا عني ...
سحبت هاتفي وأدخلت رقمي السري وحوّلت كل ما املك في رصيدي لأحد الحسابات ... لكن رغم محاولاتي العديدة لم يفلح الأمر ... هي مشكلة تقنية كثيرا ما تحصل ... شبكات النت في تونس لمن يعرفها فقط ...
أغلقت جهاز اللابتوب ووضعته في الكرتونة وأعدته لغرفة أبي مودعا الفكرة وما إنجرّ عنها ... فقط سأحاول مساءا التخلّص من المال ويكفي ما أصابنا وأصبنا من هذه اللعبة ... سرقني نوم عميق جدا طال حتى منتصف الليل ... رغبة شديدة في دخول الحمام دفعتني للنزول للأسفل ...
أمي متكوّرة على الأريكة تتابع التلفاز وقد زاد شحوب وجهها ... تخلّصت من أثر النوم وجالستها واضعا طبقا من الفواكه لم تمد يدها إليه ... حتى كلماتها معي كانت مقتضبة وقصيرة ... صعقت لمجرّد فكرة أنها علمت بأي طريقة بصنيعي وإلا ما هذا التغييّر المفاجئ ...
رحت أحاول سحبها بالحديث علّها تنفجر وتكفيني شر هذا العذاب ... لكنها كانت تائهة ... رحت أحدثها عن رحلة إنقاذنا ... ما إن طرحت عليها فكرة قراري بالإنظمام للبحرية حتى إنفجر شلال دموعها باكية ... لم أفهم ما حدث وهي لم تعلمني ... بعد محاولات مضنية مني نطقت ...
- أصلي خالتك كلمتني النهاردة ... كانت بتكلمني من كام يوم وإحنا مش موجودين
- (إبتلعت ريقي بصعوبة) هي بخير
- مش بالتحديد
- حصلها حاجة ؟؟؟ مروان حصلو حاجة ؟؟؟ في إيه
- (أشارت بيدها لشريط أخبار أسفل شاشة التلفاز يعلن عزل قيادات كثيرة في الدولة) جوز خالتك واحد منهم
- مش فاهم
- جوز خالتك إتعزل و كمان متحوّل للتحقيق وممكن يتحكم عليه
- (حاولت التضامن مع خالتي لكني حقدي الدفين على زوجها وإبنها منعني) يعني إتقبض عليه ؟؟
- لا هو في الخارج ومش ناويين يرجعو
- أهااااااااا ... وإنتي زعلانة عشان هتغيب عنك كثير وإلا عشان خاطرها
- أنا زعلانة عشان خاطرنا إحنا ؟؟؟
- إحنا ؟؟؟ هو إنت إسمك مكتوب مع قائمة الفاسدين وإلا إيه
- (لم تفلح دعابتي معها في رسم نصف بسمة) لا إحنا رحنا في داهية وشكلنا هنشوف ايام سودة
- (توقّف قلبي طويلا حتى كاد يغمى عليا) يا خبر ؟؟؟ ليه كده ؟؟؟
- مش فاهم ؟؟؟
- أقسملك ولا فاهم حاجة ؟؟
- (إعتدلت في جلستها وهي تمسح ماء سال من أنفها بكم يدها) طب إمسك نفسك
- ... (جف حلقي فلم أنطق)
- أولا أنا كنت باشتغل هنا بحماية من زوج خالتك ودلوقتي الأكيد يا هيقرفوني في الشغل يا هينقلوني لأبعد مكان و إنت شايف إننا هنا عايشن بمرتبي بالعافية ... هنعمل إيه لو رحت حتتة ثانية ؟؟؟
- (أمسكت أعلى أنفي وقطّبت حاجبي من أثر صدمة الخبر) دي مصيبة
- يا ريتها هتيجي على قد كده
- في ايه ثاني
- إنت ؟؟؟
- مالي أنا كمان
- مين هيدخّلك الأكادمية ... مش زوج خالتك ... أهو دلوقتي راح ... حتى أصلا لو إتقبلت بمجهودك مجرّد قرابتك بيه وتوصيته عليك هتخليهم يرفضو يقبلوك بحكم إنه فاسد (وأجهشت بالبكاء)
رحت أراجع السلم الزمني ... هي عقوبة السماء لي لا ريب ... أو هو قدر أن لا أصل لما أريد ... البلد كلها تقلب من أعلى لأسفل فقط لأحرم حلما لم أتقبّله إلا غصبا ... ولما صار يشكّل طوق نجاة لي من بحر التيه هذا أمنع منه ... طال إختناقي ولم أعد أطيق لا الجلوس ولا الوقوف ... عضلات مؤخرتي تخزني وتدفعني للحركة ... قبل خروجي الصامت من البيت لمحت أمي جالسة كجثة تحمل أكياس هم عمر بأسره ....
هي العادة المكتسبة أو المخلوقة فيا بدأت بالجري ... دون وجهة ودون عنوان ... فقط أهرب من وضع لم أفهمه ولم أختره ولا أعلم آخره ... عندما ينهك الجسد يتوقف العقل عن التفكير ... فأسرعت خطواتي أكثر ... عيناي المغرورقتان بالدموع منعت عني الرؤية ... جريت حتى نهض الصباح ...
شابتان تسيران عكس سيري إحداهما تحمل كيسا إرتطمت بي أو إرتطمت بها ... وقعت بعض أغراضها أرضا فتوقفت لإصلاح مصيبة تسببت بها للغير ... ألا يكفي ما يحصل لي حتى أضر غيري ... لا اعلم هل تقبّلت كلمات إعتذاري أم لا لكن إبتسامة عينيها الناعستين رسمت في خيالي ...
صوت العمدة يناديني من الطرف الآخر متذمرا من نكراني لعشرته القصيرة جعلني اذهب للسلام عليه والإعتذار عن المغيب ... سألني وهو يفرك يديه إن كنت حققت بعض الأرباح مؤخّرا ... كلمات أعادتني لعالم أردت الهروب منه فأبى إلا سجني داخله ....
توجهت لاقرب محل إنترنت ... فتحت موقعي المزعوم كتبت رسالة طويلة من البرنامج لامي إعتذار عما تسببوا به و متمنيا لها السلامة و يعلمها بإنتهاء التجربة مع تحويل مبلغ 10 آلاف دينار كمكافأة وتعويض ... ربما هذا الحل سيخرج أمي من دوامة الحزن ...
بعد دخولي للبيت بربع ساعة رن هاتف أمي لتلقيها الرسالة .. تصنّعت الجهل والتجاهل ... عاد قلبي للنبض مع عودة وجه أمي تدريجيا لحالته الطبيعية ... إقتربت منه مستبشرا ...
- خير جوز خالتي طلع براءة ؟؟؟
- لا ده البرنامج
- برنامج إيه ؟؟؟ (دقائق تفكير مصطنعة) إوعي تقولي إنك ناوية تكملي ... أنا مش هأكمّل
- لا دول بيعلمونا إنه التجربة خلصت على كده وبيتأسفو للي حصل وبعثولنا فلوس
- حلو كده ... كثر خيرهم وكفاية علينا منهم
- أه أنا بأقول كده برضو
- هو المبلغ كام
- عشرة آلاف
- (سعادة إعتلت وجهي بعودة أمي لحالتها التي أعرفها) أهي إتحلّت أهي
- إزاي
- يعني ده مبلغ يغطي مصاريفنا سنة لغاية لما نشوف حل
- وإنت هتعمل إيه
- هي باين إنها مش مكتوبالك ... دي فرصة إنك تختار إنت عاوز إيه ... أنا بجد كنت غلطانة
- غلطانة في إيه
- في الدنيا
- إزاي
- الدنيا ما حدش يقدر يحدد خطواتو فيها ... اليومين الأخيرين دول خلوني أراجع حاجات كثير ... يعني لو كنت أعرف إن كل ده هيحصل كنت أخذت قرارت مختلفة ... الدنيا لازم تعيشها حسب متغيراتها مش زي ما إنت عاوزها ...
- (أطرقت كثيرا كأنها كانت تتكلم بلساني) تعرفي إنك بقيتي حكيمة
- إزاي
- بتدي حقن (على راي عادل إمام)
غريب أمر تأثير المال في النفس البشرية ... طوال العشاء وما بعده عقلي كان تائها ... لما ارمي مبلغا نحن في أمس الحاجة له ... لما لا اصرفه على أمي وعلى بيتنا المتواضع ... سأجعل حياتها أحسن وأسعد وأكثر راحة ... فقط أسبوعان من الرفاهة غيّرت شكلها وروحها ... هي كادت أن تفقد حياتها لكن السبب هو خطوات غير محسوبة مني لا غير ...
بضع أيام لا جديد فيها سوى أني كنت أخطط لصنع حل مقبول لا ثغرة فيه ... نحن أحفاد من قال " إن لم نجد حلا سنصنع واحدا " ... الجو في بيتنا أصبح جميلا هادئا مبهجا ... فقط أنا لم أجد جامعة تقبل إلتحاقي بها وقد أغلقت آجال الترسيم بها ... أمي كانت تشعر بالذنب أني سأخسر سنة بيضاء من عمري ...
كنا عائدين أنا وأمي من حملة تسوق بسيطة حين وجدت أمام باب بيتنا كارت شحن لهاتف جوال ملقى على الأرض ... لم تكن أرقامه مكشوفة فوضعته في جيبي وهي تحسدني على حظي ....
كنا نتسامر في شرفتنا كالعادة حين رن هاتفي ... نظرت إليه نظرة إستغراب ثم رميته ... أمي إندهشت من فعلي وأصرّت أن تعرف ما وصلني ...
- مين بيكلّمك ؟؟؟
- دي رسالة من شركة الإتصالات ... عاوزني أكسب عشرة آلاف دينار (هذه الرسائل المقرفة تصلنا كل ساعة مرة إكسب سيارة مرة شارك لتكسب رحلة للقمر ... أي عبط كان فقط لسحب رجلك وإستنزاف رصيدك)
- طب ما تشارك (إستغربت كلام أمي)
- يا بنتي دول بيستغفلونا ويسحبو الرصيد وما حدش بيكسب ... عمرك سمعتي عن حد كسب منهم حاجة
- طب ما تجرّب حظّك
- يا سلام ... بعد النحس إلي في حياتي كله هيتعدل حظي في دي
- مين يعرف وأهو مبلغ يساعدنا مع إلي معانا
مساء الغد وصلتني رسالة فأهملتها ثم الثانية فأهملتها ... في الثالثة أمي خطفت هاتفي وبدأت في المشاركة ... أسئلة من نوعية من إكتشف زراعة الخيار في بطن السمك ومن فاز بجائزة أطول شعر في الإبطين ... تلك الأسئلة الشائعة ... كنت إخترتها بعناية أن لا تكون سهلة ولا مستحيلة ... أمضينا الليلة كلها نتشارك في الإجابات ...
أمي كانت تقفز فرحا حتى كادت تقع لما كسبنا ... هكذا لم أعد أحتاج عذرا ولا مواقع ولا برامج ... هي التي تلعب وهي التي تكسب وأنا من يدفع ... أسبوعان مرا وقد أدمنت أمي فيهما اللعب ... كسبنا بعض المال ... أثاث جديد ... غسالة وثلاجة وموقد ... بإختصار وفّرت لها كل ما حلمت به دون أن تطلب ...
هدأ ضميري وهدأت روحي ونسيت كل ذنوبي معها ... حتى رغبتي تراجعت ... لكن لو واصلنا في اللعب والكسب ستشك أمي في ذلك ... ملابسنا تغيّرت وحالنا صارت رائعة ... تصادف في يوم أن تقابلنا مع مجموعة من الناس يبدون مثقفين في مقهى تقليدي ... سحرتني أمي بتحاليلها للواقع وكمية معرفتها لخفايا البشر ... سخرت من نفسي أن كيف خدعتها يوما ...
أمي بدأت تعشق تلك الجلسة معهم ... وكما توقّعت بدأ رؤسائها في العمل بإزعاجها فهربت بإجازة دون راتب إلى حين ... وأنا بدأت أخشى عليها ... من صارت تجالسهم ووقتها كله فراغ فيهم رجال لا يخلو بعضهم من وسامة ونساء لا تخلو عيونهم من عهر ... قررت إشغالها عنهم خصوصا ورياح فصل الخريف بدأت تهب ... رحت أكلمها طويلا عن قدرتها على التحليل النفسي وأنها كان يجب أن تتخصص في ذلك ...
بالنسبة لي وبما أنها سنة بيضاء لا دراسة فيها ولا شغل إلتحقت ببرنامج تدريب عن بعد في مجال الميلتميديا والإعلام ... تلك الفكرة التي والحق يقال أقنعني كلام فؤاد يوما عنها ... وبما أن الهواتف وأجهزة الحاسوب صارت تقرأ أفكارنا ... كثيرا ما كانت تمرّ أمامي وأمامها إعلانات عن دورات تدريبية في علم النفس ... في الأوّل تجاهلت أمي الأمر بل ورفضته بدعوى .. " بعد ما شاب " ...
لكن هي بضع أيام حتى سجّلت في أحدها وبقينا أنا وأمي ندرس من البيت ... نعم نجحت أن أعيد أمي لمقاعد الدراسة والمراجعة وقراءة الكتب ... ألم أقل يوما أنها عادت لبداية العشرينات ...ها قد عادت بحق ... قلم ووثائق وقصاصات أوراق ... حقيقة انأ سحرني عالمي الجديد وأمي غاصت حتى منكبيها في علم النفس البشرية ...
برنامج تدريبها كان ينتهي بتربص مغلق لمدة أسبوع في أحد النزل ... دروس تطبيقة ولقاء بكبار علماء النفس في البلد ... حقيقة لا اعرف أحدا في تونس يحضا بهذا الشرف لكن عزيزي القارئ " عديها" ...
بين رغبة ورفض منها وتوجس مني أن تتعثر خطاها في أحد يحيي فيها مشاعر الحب والأنوثة بعد أن محوت عدة سنين مقاومة من عمرها بيدي ... قررت أن أشجعها على الذهاب ... إن كنت أطلب منها مسحة حرية لي فلها الحق في مثلها حتى وإن كان صدري يضيق بذلك ... سأثق فيها في حبها لي ووفائها لأبي ...
أسبوع إستغللته في العودة للعبتي ... الشهر الأخير إستنزف كل رصيدي تقريبا ... وبعض الأعمال المنزلية البسيطة كإصلاح بعض الثقوب والدهانات ... كنا نتكلم أنا وأمي كل يوم يطمئن أحدنا الآخر ... حقيقة لم أتقبّل بعدها عني وبعدي عنها ...
أسبوع عادت أمي بعده مثقلة بكمية كتب وروايات ودراسات ... غاصت فيها لأيام ... لكن الدورة إنتهت والتكوين إنتهى ... هي تحصّلت على شهادة في التكوين لكنها مجرّد ورقة ... هنا إستشعرت ملامح الإحباط في عينيها ... خصوصا وأني قررت الإلتحاق بمعهد خاص لعلوم الميلتميديا ... تصوير ومونتاج وميكساج صوت ... وهي ستبقى في الفراغ ثانية ...
هنا كان يجب عليا تدارك الأمر ... حقيقة صرت أخشى على أمي من الفراغ ... شكلها وملابسها وغياب خالتي وتوفر الوقت والمال وإنشغالي مع الروح الجديدة التي سكنتها مع رواسب تلك التجربة في بداية الصيف حتما ستدفعها لشيء لا أرضاه ... ستخرج للمقاهي ... ستتجوّل ..وهنا لا يمكنني توقّع ما سيحدث ... مجرّد تخيلي لها كخولة أو كفائزة يخنقني ... هي غيرة إبن على أمه وقد كاد يقدمها يوما لغيره على طبق أو غيرة من يرى صنيعة يديه يمكن أن تفلت منه ...
الأمر أصبح من مجرّد لعبة أو إخفاء سر عن أمي ... أو حتى لم يعد إيجاد فرصة مبررة لتوفير بعض المال لها .. الموضوع أصبح أخطر بالنسبة لي ... حقا أمي إستعادت نظارتها وتألقها ... حتى في شخصيتها صارت تراوح بين الشباب والنضج ... أصلا صارت أحيانا تسايرني في تصرفاتي الخرقاء ...
ليالي طويلة أنفقت ساعاتها في التحضير للمرحلة الأخيرة من خطتي الغير مخططة ... سأوفر عملا لامي في نفس الميدان الذي أغرمت به ... فكرة أن تفتح عيادة طب نفسي إصطدمت بعدم حصولها على شهادة علمية تسمح لها بذلك .. هي فقط تلقت بعض التدريبات الأقرب لحصص تكوين القادة والمدربين ... لكنها لم تصبح طبيبة نفسية بمعنى الكلمة ... موضوع صرف أدوية الاعصاب والتجارة غير المشروعة فيها يعقدّ الأمر قانونيا .... وهذا ما خلق فيها نوعا من الإحباط يتناما يوما بعد يوم ... والإحباط شعلة للجنون والفراغ وقودها ... وأمي إجتمع فيها الإثنان معا ...
القدر وقف بجانبي كثيرا في هذا الأمر منذ بدايته إما بتيسير الأمور معي وإما بإصلاح الأخطاء ورائي ... كنت أتجوّل في المدينة حين قابلت شابا كان زبونا دائما وطويل الإقامة عنده ... سلام حار وترحيب لم أستسغه صراحة لكنه أصر أن يدعوني على فنجان قهوة ...
أسئلة بسيطة بيني وبين شبه الغريب هذا عن الدراسة والمستقبل ... قال أنه لم يزر محل رحيم منذ مدة ... وأمام إستغرابي وأنا من عهد طول جلوسه وحرصه وتفانيه وراء شاشة الحاسوب منذ سنوات ... أعلمني أنه كان يدير مدونة وقد فقد الشغف منها ... طارت النفحة كما نقول في تونس ... السبب هو إنعدام المردودية المادية وبعض الأشغال التي دفعته للتخلي عنها ...
قال أنها نجحت في إستقطاب آلاف المتابعين ... فكرة ولمعت في راسي أنا فقط أريد تاريخها القديم ... أقنعته أن يتخلى عنها لي مقابل مبلغ من المال ... وافق على الفور خوفا أن أتراجع عن هذه الصفقة الخاسرة بالنسبة إليه ... الثغرة الوحيدة في التطبيق القديم هو تاريخ الإنشاء ... هذه المرة إستعنت بخبير ... خلقت موقعا جديدا متكاملا ... كمن رمم بناءا قديما
بعض المتابعين تفاعلوا مباركين التغييرات الجديدة على أمل تطوير المحتوى ... ووضعت إعلان عمل أعلى الصفحة ... كل المواصفات المطلوبة فيه على مقاس أمي ... من ناحية العمر والخبرة والشهادة ... فقط أردت أن أمنحها فرصة أن تشعر بقيمة نفسها ... هي أيام قليلة وفي إحدى بقايا سهراتنا اللطيفة إقترحت على أمي البحث عن عمل في ميدان شبه تخصصها الجديد ...
فكرة تقبلتها رغم سخريتها الطويلة مني ... لن تخسري شيئا فقط حاولي ...تلك الكلمة لم تشرق عليها الشمس حتى وصلني طلب عمل منها على موقع الجديد المرمم ... هنا شعرت أني وصلت لما أبغي ... ولمزيد التأكيد على جدية الأمر ... وصلتها موافقة مدير الموقع الذي هو أنا طبعا شرط أن تمر بفترة تجريبية ....
تركت أمي تكتب المقالات العلمية عن حالات نفسية في المجتمع ... هكذا إنتهت مغامرتي المجنونة ... أجرة شهرية مقبولة ومنطقية مع إحتمالية الزيادة بنظام النقاط ...
كمن حقق نصرا في حرب أعلنها دون أسلحة ولا جيوش ... هكذا كنت أشعر ... إلتحقت بالمعهد وبدأت حقيقة أبهر بالعالم المنفتح حديثا أمامي ... دروس وأعمال تطبيقية ومشاريع واجبة الإنجاز ... بدأت السكينة تدخل حياتنا ... في النهار أدرس في المعهد ..أعود لبيتنا لأجد أمي غارقة وراء جهاز الكمبيوتر تكتب مقالات وتعدّل وتصلح وتزيد وتنقص ... تبحث عن معلومة في كتاب أو في دراسة ...
وضعنا المادي عال العال ... كنت ألجأ لشبكتي المجنونة كلما أحسست أن الرصيد إنخفض فأزوده ببعض الأصفار وأعود ثانية لحياتي البسيطة ... لم نعد بحاجة لأحد ... وهذا يكفي ... كده رضا ...
قبل مرور شهر على إلتحاقي بالمعهد تعرّفت على بعض الزملاء ... كل المنتمين له من الشباب المجانين ... الفن هو تعبير من تعابير الجنون ... أخر الشهر كان علينا القيام بمشروع نهاية مرحلة ... المشروع يكلّف بعض الأموال ... كنت في الكافيتيريا أتناقش مع بعض الزملاء حين إقتحمت مجلسنا فتاة يبدو وجهها مألوفا ... قالت دون مقدمات بروحها المرحة ... " أنا معاكم في المشروع ده عياقة " ... قبل أن يحتج بعضنا أمسكتني من كتفي تهزني بعنف ... قائلة " مش إنت إلي وقعتلي الكيس من كام يوم ... يبقى أنا معاكم "
نظرة طويلة في وجهها مستنكرا ... فقط عيناها الناعستان هو كل ما أذكر من تفاصيلها ... إحتج الباقون وإنسحبوا وبقينا أنا وهي ... لأول مرة في حياتي أنفرد بزميلة لي ... إسمها تيسير ... أقصر مني بقليل رقبتها طويلة وبيضاء ... جسمها نحيف لكن مع تكوّر على مستوى الصدر يوحي بحجم محترم لثدييها ... لبس شبابي غير متناسق ... بنطلون ممزق على مستوى الفخذ يلمع تحته جلد ناعم أهملت بعض الشعيرات فيه ...
هي أكبر مني بسنتين قالت أنها فشلت في كل جامعة دخلتها ولو فشلت في المعهد فإن عمها سيتبرى منها ... شخصية تشبه شيرين في فيلم ميدو مشاكل ...
وافقت مرغما على أن نكون شريكين في العمل .. هي شريكة بالحضور فقط ... شيء ما دفعني للقبول لم افهمه... كثيرة الكلام والحركة لكنها غير مفيدة ... هي مسلية فقط ... ومنذ ساعتها أصبحت مرافقتي طيلة ساعات الدراسة و بعدها... شعوري بالتفوق عليها جعلني أتناسى الباقين وأركز معها ...
يتيمة الأب والأم وتعيش في بيت جدتها وعمها المقيم في الخارج يكفلها ببعض التحفّظ ... ثمن القهوة والصندويتش والعصائر كانت إتاوة وفرضت عليا لكني كنت سعيدا بذلك ...
تركيزي لأسابيع وإجتهادي في الدراسة والعمل على المشاريع أبعدني عن متابعة ما تنشره أمي وما تكتبه ... النوم المنتظم والأكل الدسم و الملابس الجديدة جعلتني أرى نفسي شخصا جديدا ... فقط كنت أرى السعادة في عينيها وفي تدليلها لي وفي العناية بالبيت ...
أمي التي إكتسبت خبرة في الكتابة والرد على التعاليق أصبحت مسيطرة على المدونة ... رغم أن المتابعين ليسو بكثير ... في أحد الليالي وبسبب كثرة شربي للقهوة مع المجنونة تيسير أصابني السهاد ... فتحت المدونة أطلع على ما تكتب ... مواضيع طويلة عن الطلاق وأسبابه ... الخيانة ... الهجرة غير الشرعية ... كنت اقفز فرحا لما صنعته بها ...
بما أني صاحب الموقع فيمكنني مراقبة كل شيء حتى المحادثات الشخصية ... فقط هي رغبة وفضول أن أعرف إذا كان احد ما يزعجها وكيف تصرّفت ... فتحت صندوق بريدها ... رحت أراجع مراسلاتها مع معجبيها او لنقل مرضاها كما سيحلو لها تسميتهم ... هذا يسألها عن سبب أرقه وتلك تسألها عن إنقطاع رغبتها في الآكل والحياة ...
هي مشاكل الكل يعاني منها ويتعايش معها ولا تلبث أن تنتهي لحالها ... لكن أمي كانت تتعامل معها على أنها مرض نفسي وتقدّم النصائح ... لم يكن ينقصها إلا وصفات الأدوية لتصبح طبيبة نفسية بحق ...
شعرت براحة و نشوة لتجسسي على أخبار الناس وأسرارهم لا أعرف مأتاها ... هي محادثة وحيدة من جعلتني أركّز طويلا ... سيدة تشتكي من حالة إبنها وأمي تجاوبت معها طويلا وركّزت معها وتفاعلت بل وتضامنت ...
أعدت شريط المحادثة بينهما منذ البداية ... على شاكلة جلسات العلاج النفسي ... المريضة تشتكي وأمي تسال أسئلة بسيطة وتدون ملاحظات هذا ما تخيّلت ... هي سيدة تقول أنها ربة منزل في بداية الأربعينات ... مثقفة وأنيقة وجميلة ... مات زوجها الأوّل وترك لها إبنا رضيعا وأمام محاصرة أهلها لها قبلت بالزواج من ثاني وإبنها في عمر الأربع سنين ... وكأي علاقة بين أي زوج أم وإبن ... فولدها لم يتقبّل وجود رجل غريب لم يتعوده دخل حياتهم ومنزلهم وسرير أمه فجأة ... ومن هنا بدأت المشكلة ... أو الحكاية التي ستروى على لسان صاحبتها وسط تدخّل من وفاء
" من كام شهر كده جات وحدة سكنت الشقة المقابلة لينا في العمارة ... وبما إني عايشة مع إبني بس وهي زوجها بيسافر لشهور طويلة فإتصاحبنا على بعض هي ست حلوة وفرفوشة ودمها خفيف ... حكاياتها مسلية ... أصغر مني بكام سنة بس ما جابتش أولاد ...إسمها حنين ... شوية شوية إبتدت علاقتي بيها تبقى أكثر ود وصداقة ووصلت إننا ما بنتفارقش بنفطر سوى ونتغدا سوى ونطبخ سوى ونسهر سوى ... دخولها في حياتنا كان زي الشمعة إلي نوّرت ظلمة الوحدة الي كنت عايشة فيها ... إبني كان بيحبها وبيتعامل معاها زي أمه ... برغم أنه ما بيحبش الناس إلا إنه كان بيحبها ...
بعد شهرين أو ثلاثة من إنتقالها لجيرتنا كنا أنا وهي سهرانين نتفرّج على مسلسل ... إبني في طبيعته إنسان منظّم لأقصى درجة بينام الساعة تسعة بيصحى الساعة ستة الصبح ... هادئ وما بتحسيش بوجوده غير لما تكلميه ... ليلتها كانت برد شوية وكنا سهرانين في الصالون ملفوفين في بطانيات ... فجأة باب غرفة إبني إتفتح وطلع منه لابس هدوم الخروج وجي قعد جنبنا إتفرّج معانا في المسلسل .. شعرو متسرّح وريحته متعطّرة ... المسلسل خلص قام سلم علينا باسني من خدي وباس حنين من خدها لأوّل مرة ودخل نام ... حنين خادت الموضوع ببساطة وأنا وشي كان بقى زي اللمونة ... الليلة الي بعدها نفس الحكاية ... أصلا راح يتناقش معانا في أحداث المسلسل ... أسبوع على نفس النسق ... أنا كنت تايهة في دنيا ثانية ... لغاية ما حنين حسّت بكده و نطقت
- مالك مش على بعضك ليه من كام يوم
- لا أبدا ما تاخديش في بالك
- ما أخدش في بالي إزاي ده إنتي بقالك كام يوم مش هنا خالص
- ما فيش حاجة قلتلك
- هتخبي عليا ؟؟ هو إحنا مش أصحاب وإلا إيه
- ده كلام
- طيب قولي
- خالد إبني ؟؟؟
- مالو ؟؟
- رجعتلو الحالة ثاني
- حالة حالة إيه ؟؟؟
- بيصحى وهو نايم
- إيه ؟؟؟
- بيصحى وهو ناااايم
- قصد بيمشي وهو نايم ؟؟؟
- لا بيصحى وهو نايم
- وده إيه ده ما كل الناس بتصحى وهي نايمة وبتنام ثاني
- لا دي حالة ثانية
- إزاي دي مش فاهمة حاجة
- من بعد ما أبوه مات وهو صغيّر كان بينام في حضني زي أي عيّل عادي بس أهلي أصرو عليا إني أتزوج واحد ثاني ومن ساعتها حالتو إتقلبت
- إزاي
- طبعا زوجي الثاني كان بيبقى عاوز ينفرد بيا بالليل فنقلنا خالد لغرفة ثانية خصوصا إنه سنه ساعتها خمس سنين
- أها وبعدين
- كان بيغلبني على ما ينام ... هي ساعة زمن وكان بيجي عندنا في السرير وينام وسطينا
- كل العيال بتعمل كده حتى مع أبهاتهم ... وبعدين
- ولا قبلين الحوار كبر على الآخر ...
- إزاي
- حاولت أتكلم مع خالد وأفهمه إنه كبر ولازم ينام لوحده .. بس هو مصر إنه بينام في سريره وعمرو ما صحي بالليل ومش مصدق إلي باقلهوله ... بس بالليل بيرجع ينام وسطينا ثاني
- وطبعا زوجك ما عجبوش الكلام ده
- ايوة لغاية ما وصل في يوم مد ايده عليه
- أهااا
- وساعتها خالد دخل في حالة غير طبيعية بيرجّع وإسهال وما ياكلش حاجة لغاية ما بقى يطلّع ددمم من بطنه وكان هيموت
- وما وديتهوش دكتور
- ده أنا حفيت من عيادة لعيادة ... لغاية ما قالو إنه ده مرض نفسي
- طب ما وديتهوش لدكتور نفسي
- وديناه وهو أصلا إتصدم من الحالة ... قال إن دي حالة فريدة ما بتحصلش إلا نادرا ... هي اشبه بالمشي وهو نايم لكن بيكون صاحي و بعد ما بينام بينسى هو عمل إيه
- أما حكاية دي وبعدين
- وعشان يخف لازم اي حاجة يبقى نفسه فيها طول النهار نعملهاله والا يقوم يعملها لوحده بالليل
- إزاي
- دي وصلت بيه مرة إنه نزل الشارع الساعة إثنين بالليل يجيب أيسكريم و رجع
- وطبعا من بكرة أنكر كل حاجة
- عليكي نور
- طيب كملي
- خلاص ... ما كملتش سنة زواج إتطلقنا أنا وزوجي الثاني
- وحصل إيه
- المشكلة خلصت ...
- إزاي
- خالد ما بقاش بيصحى بالليل وأصلا تقبّل فكرة إنه ينام لوحده .. ده بقى بيتخانق معايا ويقول إنه كبر وبقى راجل
- حلو
- لا حلو لولا نيلة ... ماهو بعد السنين دي كلها رجع يصحى ثاني
- طيّب قوليلي هو ما عملهاش بعد ما إتطلقتي ؟؟؟
- أبدا
- يعني من ساعة ما أنا جيت وهو رجعتله الحالة ... أنا السبب
- ما إنتي بقالك شهرين وزيادة هنا ... إشمعنا الأيام دي
- مش عارفة ... ما تيجي نوديه لدكتور ؟؟
- مش هيرضى وهو في باكلوريا ومش عاوزاه يتأثر بحاجة ممكن تخليه يسقط
- طب ما تيجي نشوف هو نفسه في إيه ونعملهوله
- شوفي يا حبيبتي .. أنا شايفة إنه إبنك بيتدلّع ولا مرض نفسي ولا بتاع
- إزاي ؟؟
- إنت فاكرة شادية في فيلم الزوجة الثلاثتاشر
- أيوة
- إبنك بيعمل كده
- يا سلام
- أيوة .. زمان كان بيعمل كده عشان غيران من زوج أمه والحكاية نجحت معاه
- طب ودلوقتي
- أكيد في حاجة في دماغه ولازم نعرفها
- طب ما تيجي نعمل زي الفلم ونعمل عليه لعبة ... لو مريض بجد يبقى هنعرف
- إزاي
- طيب هو مش بيطلع يسهر معانا ويصحى ناسي ...
- أيوة
- طب ما تيجي نسهر معاه في يوم وإحنا لابسين لبس خفيف ... لبس حريمي عريان والأكيد هو هيتكسف ومش هيكررها ثاني
- هي فكرة بس تفتكري هتجيب نتيجة ؟؟؟
- لو نجحت يبقى قفشناه ولو فشلت وهو تعبان بجد فمش هيفتكر
يوميها كانت إجازة وعملنا عليه لعبة إنه في عثة بتسبب الحك في دولاب هدومه ... شوية بودرة عفاريت ساعدتنا على كده وكان لازم نغسل كل حاجة ... وفعلا ده حصل ما خليناش ولا قشاية في دولابه ..بوكسراته شورتاته بنطلوناته قمصانه ...كله إتحط في الغسالة ... حنين قالت إنه لو طلع عريان يبقى بجد مريض ولازم نشوف هو إيه السبب ولو لف نفسه بملاية أو بطانية يبقى بيستعبط ... وإستنيناه بالليل ...
في نفس التوقيت كنا أنا وهي سهرانين النور كان مطفي ومافيش غير التلفزيون ... كنا انا وهي قاعدين جنب بعض في كنبة ومستنيين ... فجأة الباب إتفتح ... طلع علينا خالد عريان ملط ... بتاعه بيتمرجح ما بين رجليه ... حنين أصلا صرّخت من الخضة ... جيه قعد معانا من غير ولى كلمة خلّص المسلسل ورجع لغرفته ونام ... أنا وهي ما شوفناش نوم ليلتها
- الموضوع طلع جد أهو
- أه صحيح ده جد الجد
- طب إيه الحل
- قلتلك نوديه دكتور
- وأنا قلتلك مش عاوزاه يتصدم
- طب نعمل ايه مش عارفة
- طب ما تتكلمي معاه
- مش قلتلك ده بيصحى ناسي
- أه صحيح
- طب ما نشوف هو عاوز إيه ...
- ودي نعرفها إزاي
- أنا متاكده إنه أنا السبب
- إزاي
- هو مش كان خف وراحتله الحالة دي وما رجعتش غير من كام يوم بعد ما أنا بقيت باسهر وابات عندك
- يعني هو بيغير منك زي زوج أمه
- مش بالضرورة
- ممكن يكون حاجة ثانية
- زي إيه
- ممكن يكون نفسه فيا ؟؟
- إنتي بتقولي ايه ؟؟
- عندك تفسير ثاني
- ده إنتي في سن أمه
- وإيه المشكلة
- إنت مجنونة رسمي
- طب تراهنيني
- ودي هنعرفها إزاي
- بكره نعرف
- إزاي نلبس لبس خفيف ونكمل في حوار غسيل الهدوم ده ... إنتي تقعدي في كنبة وأنا في كنبة ونشوف هو هيعمل إيه
- ولو إني عارفه إن كلامك كلام مجانين بس ماشي
حنين قامت من مكانها كإنها تغير قناة أو توضب الصوت وراحت موطية قدام عينه ... طيزها كانت عريانة إلا من الفتلة الي في النص ... مع النور كانت جلدها بيلمع وعينين خالد بتلمع ... ساعتها شكيت إنه صاحي ... فجأة بتاعه وقف ... أول مرة أشوف زب إبني واقف ... حنين عينيها كانت هتطلع من مكانها وهي بتشوفه ... أنا بقالي سنين ما شفتش زب أصلا ... فالصدمة كانت مضاعفة ... زب خالد مرة ونص قد بتاع أبوه ومرتين قد بتاع زوجي الثاني ...
حنين قرّبت مني وسحبتني من إيدي وقعدنا جنبه ... أصلا طفينا التلفزيون عشان نتأكد ... بس هو فظل قاعد ... حنين بدأت تحرّك صوابعها على فخاذه بشويش وأنا كنت زي المشلولة مش عارفة أعمل إيه ... حبيت أمنعها بس المنظر سحرني ... زب خالد كان واقف زي العمود ناحية السقف وهي بتلعب بصوابعها على فخاذه ... شوية وإبتدت تطلع لفوق أول ما لمست كيس بيضاته إرتعش شوية بس ما عملش أي حركة ثاني ...
هي كانت بتلعب في بيضاته وبإيدها الثانية بتلعب في راس زبه ... صوابعها كانت زي الخيوط مقارنة بحجمه ... عروقه باينة ولونه أحمر حلو .... حاولت أحتج علي بتعمله لكنها سكتتني بإشارة من صباعها و قالت بهمس " بذمتك عمرك شفت زب أحلى من ده " ... الحقيقة أنا عمري ما شفت حاجة بالحلاوة دي ... كنت فرحانة إنه إبني بقى راجل بجد لدرجة خلى وحدة متزوجة وحلوة زي حنين تترمي بين رجليه وتلعب ببتاعه ...
رجعت نص شبر لورى وسبتها تعمل إلي هي عاوزاه ... هو كده كده هيصحة ناسي ... بدات بتلحس راس زبه و شوية دخلته في بقها ... كانت شفايفها بتعاني عشان تحيط بيه كله ... أنا كنت تحت تأثير الصدمة وحلاوة المنظر ... حطيت إيدي على كسي إلي نسيت إنه موجود من زمان وإبتديت أدعك فيه ...
حنين إلي شافتني ضحكت وزب خالد في بقها ... شوية لقيت إيدها بتتسحّب ناحيتي ... ما قاومتش بس ايدي بترعش ... لنص دقيقة بين صوابعي وزب خالد مسافة شعرة ... غمضت عيني ولمسته ... نار وقادت جوة صدري وبين فخاذي ... حنين إلي تراجعت لورى وسابتلي مهمة اللعب في زب خالد ... كنت مفتحة عينيا باتملى في كل حتة منه ... هو عينيه كانت مغمضة ورامي راسه لورى ...
فجأت لقيت حنين عريانة ملط وبتدفعني إني أرجع لورى ... فتحت رجليها فوقيه ... كنت باشوف زبو بيشقها نصين والنار بتغلي جوايا ... نار الشهوة ونار الغيرة ونار التردد ... آهاتها ما بقتش مكتومة وتكميشة وشها من الالم اللذيذ خلتني اولع أكثر ... مدة طويلة بالنسبة ليا على إنه راجل ممكن يقضيها من غير ما يجيب ...
تكميشة من رجلين حنين وصرخة وآهات بتأكد إنها إستمتعت ... نزلت من فوقيه وهي بترعش ... قرّبت من وذني وقالتلي ده دورك ... مش عارفة في حاجة في صدري بتقلي لا وألف حاجة بتقلي كملي ... حنين لفت من ورايا ونزعت عني السوتيانة وإيديها بتفرك في بزازي ... لوحدي ومن غير مساعدة نزعت الأندر وفتحت رجليا وغمضت عيني وركبت زبه ...
كل الفراغ الي في حياتي إتملى في ثانية ... إحساس راس زبه وهو بيوصل لاماكن عمري ما تخيّلت إنها ممكن تتحرك جوايا ... جدران كسي من جوا كان زبه بيحك فيها مع كل حركة مني ... مش عارفة ده إمتنان وإلا إنتقام من حنين سحبت وشها ناحيتي ورحت بايسة شفايفها ... إحساس باللذة مضاعف ... زب صلب مالي كسي وشفايف ناعمة ولسان طري جوى بقي وبزاز ناعمة على صدري ... فجأة خالد إرتعش تحت مني وأنا زلزال وضرب جسدي .. حرارة مية شهوته في جوف بطني بتطفي نار رغبتي .."
-------------------------------------------------------------------------------------
إلى هنا إنتهت محادثة تلك المرأة مع أمي ... في الحقيقة طريقة سردها لحكايتها جعلتني أنتصب ... لكن ما جذب إنتباهي هو أن أمي لم تعلّق بأي طريقة كانت ... فقط كانت كل يوم ترسل لها رسالة تسألها عما حدث بعد ذلك وتلك المرأة لا تجيب ... هي فقط أرادت أن تفضفض عن سر ربما ثقل عليها ... فقصّته على من لا تخشى أن تفشيه يوما وإنصرفت ... أما أمي فقط علقت في نقطة وجوب معرفة ما حدث بعدها ...
رغم إنشغالي في الأيام التالية لكني كنت أدخل من حين لآخر لإكتشاف ما يحدث في مدونة أمي ... صادف يوم أن خرجت أمي لقضاء شأن ما وتركت جهاز الكمبيوتر مفتوح ... هو الفضول الطبيعي والمولود حديثا من بعد قصة تلك السيدة ...
فتحت متصفحها وراجعته ... أكثر كلمة تتكرر هي حب بين أم وإبنها ... إم تنجذب لإبنها ... عقدة أوديب وإليكترا ... بحوث نفسية عديدة عن الموضوع ... أمي ركزت مع تلك القصة أكثر مما يتوجب ... غير أن تلك السيدة لم تشفي غليلها ... ولم تجبها ..
أمي حالها تغيٍّر بعض الشيء .. كثيرة السرحان والتفكير والكتابة .... حتى مقالاتها اليومية بدأت تقل يوما بعد يوم ... لكنها لم تكن تقوم من مجلسها خلف شاشة الكومبيوتر إلا نادرا ... شيء ما دفعني لمعرفة ما يدور في ذهنها ... إنتسبت لمدونتها بإسم سيدة ... حساب مغلوط كمليون حساب منتشر على النت ... تقمّصت شخصية سيدة في سن أمي مقيمة في أمريكا ... تربي إبن أختها وقد تزوجت زوجها بعد أن ماتت ولم تنجب ...
كنت كثير المشاكسة في تعليقاتي مع المتداخلين خصوصا مدعي الفضيلة والناصحين ... شيئا فشيئا أمي لاحظت وجود ذلك الحساب وحركيته ... لدرجة دفعتها لمتابعته و تكوين ملف خاص به ... وبدأ الحوار بيننا ... هي تجلس أمامي وراء شاشتها وأنا أراسلها أخبرتها أني أريد جلسات إستماع ... هي ليست إستماع بالمعنى الحرفي بل كتابة ...
" أنا إسمي مريم .. عمري 42 سنة وكام شهر ... أصغر إخواتي ... متزوجة وعايشة في أمريكا ... ساعة القصة ما كانش عندي أولاد كنت بأربي إبن زوجي إلي هو زوج أختي ... أختي ماتت وهي بتولده ... وعشان ما يترباش يتيم أو على إيد ست غريبة ... إتزوجت منه بعد ما إترمّل بأقل من شهرين ... كنت في السنة الأخيرة من الجامعة بس ضحيت عشان إبن أختي إلي هو حاليا إبني ... أختي كانت بتحب زوجها لدرجة الجنون وهو كان بيعشقها ... هي كانت بتحكيلي كل حاجة عنه ... بس هو لما إتزوجني ده كان بس عشان خاطر أربي له إبنه .. ما فيش ما بينا عواطف أو مشاعر حقيقية بس هو كان بيعاملني كويس وكريم معايا وحنين وعمره لا رفضلي طلب ... إلا طلب واحد ... الخلفة ... موت أختي وهي بتولد عمله عقدة من موضوع الخلفة ... هو أب رائع وزوج حنون بس لو جبتله موضوع الخلفة ده بيركبو 100 عفريت ...
في الأول الموضوع ماكانش فارق معايا ... بس من وقت ما سافرت معاه أمريكا والموضوع بيلف في دماغي ... مراد إبني حاليا ماشي في ال19 سنة وداخل الجامعة ومتفوّق ... بيحب وحدة أمريكية من أصل عراقي ... من ساعة موضوع الجامعة والإرتباط ده وأنا بقيت حاسة إني هاعيش لوحدي ... الولد ما بقاش محتاجني في حاجة و زوجي مشغول في شغله وبحوثه ومراد كده كده هينفصل عني ويشوف حياته ... من سنتين وأنا باتحايل على زوجي إني أحبل بس هو مش راضي وكل شهر بنتخانق لمدة أسبوع أو أكثر ... أمي إنقطع عنها الطمث في بداية الاربعين ... وشكلي هأكون زيها ... الموضوع إبتدى يعملي أزمة ... وخصوصا لما عرفت إننا هنرجع تونس وممكن نسيب مراد لوحده هنا عشان دراسته ...
الموضوع إنه زوجي بينام معايا خفيف خفيف زي ترضية ضمير لا أكثر وهو بيتابع أكثر مني فترات الإباضة وبيتجنّب أصلا إنه يقرّب مني لدرجة إنه الأيام دي بيهرب يبات برة البيت ... آخر خناقة ما بنا صرّخت في وشه وقلتلو طلّقني ... خلاص إنت مش محتاجني ثاني ... ساب البيت وخرج زعلان وغضبان ...
كنت بابكي في المطبخ وفجأة دخل مراد ...
- إيه إتخانقتو ثاني ؟؟؟
- أيوة
- طيب ممكن أفهم إيه السبب .. عمركم ما كنتو كده ... إيه إلي جرى عشان ده كله
- لا أبدا ما تاخدش في بالك
- يعني مش من حقي أعرف
- مش عاوزة أدوشك معايا بمشاكلنا خليك في دراستك
- يعني أشوف وأمي وأبويا زعلانين مع بعض وأسكت عادي وأركز في دراستي ... سمعتك بتقلولي هتتطلقي
- (ما قدرتش أرد)
- يعني الموضوع بجد
- (هزيت راسي وأنا بأبكي)
- أبويا بيعرف عليكي وحدة ثانية
- (ضحكت في سري من تفكيره) لا أبدا أبوك مش كده
- أمال ؟؟؟
وإزاي هو عمره ما حس إني خالته او مرات أبوه ... قال إنه بيحبني زي أمه الحقيقية وممكن أكثر ... وإبتدى يحاول يلاقي معايا حل لمشكلتي خصوصا إني قلتله إني مصممة على الطلاق ...
- طيب إنتي لما تطلقي هتتزوجي ثاني ؟؟ صح
- مش بالضرورة
- فرضا يعني إنك إتزوجتي في زنقة الزمن وفي حالتك دي فأكيد مش هيكون عندك وقت للإختيار
- قصدك إيه
- قصدي إنك هتتزوجي أي راجل عشان تحبلي منه
- فرضا
- طب مش شايفة كده إنك بتظلمي نفسك أكثر من ظلم أبويا ليكي
- مش فاهمة
- ما يمكن الراجل ده يبقى شخصية زبالة ويمرمطك إنتي وإلي هتخلفيه
- أهااا
- وأصلا إنتي كده هتظلميه هو قبل ما تظلمي نفسك لانك هتتزوجي فحل عشار مش شريك حياة
- تصدق أنا مصدومة
- يا سلام ... من إيه
- من دماغك وطريقة تفكيرك دي ... إنت كبرت إمتى يا واد ؟؟
- طب إنت كده عقدتها أكثر وما حليتهاش
- طب إيه رايك في متبرّع بالسائل المنوي ونعمل عملية حقن مجهري
- أحيه
- مالك ... إحنا في أمريكا والموضوع هنا عادي
- لا جبت التايهة ... وأبوك ؟؟؟
- هو أبويا لما هيعرف إنك خلاص حامل والفاس جات في الراس ... مش هيكون قدامه حل غير إنه يقبل بالوضع ... فمش هيقلك نزليه لان ده خطر أكثر من الولادة ... وكده تكوني وصلتي للي إنتي عاوزاه
- تصدّق إنا إتصدمت فيك ثاني
- من عبقريتي صح
- لا من حموريتك
- ليه كده ؟؟؟ ... ده جزايا إني باحاول اساعد
- با حبيبي ... الموضوع ده مكلّف ... ولازمله تراتيب وأدوية ومواعيد ووجع دماغ ...
- لو عالتكاليف أنا محوّش 500 دولار خوذيهم
- دول تفسح بيهم المفعوصة بتاعتك ... دي ولى 15 ألف يكفوها غير فلوس المتبرع
- يا بنتي المهم إنتي موافقة على المبدأ ... الفلوس هنلاقيلها حل
- طب يا سيدي لاقينا حل في الفلوس ... وأبوك إقتنع إن ده إبنه ... ما يمكن أجيبله عيّل إسود أو شعره أصفر وعنيه زرقاء ... ساعتها مش هيتهمني بالخيانة ... وتبقى مصيبتي مصيبتين ... وبعدين إنت هترضى يبقالك أخ غريب ؟؟؟ مش أخوك فعلا ؟؟؟
- طيب أنا ممكن أتبرعلك وببلاش وأنا نسخة طبق الأصل من أبويا
- ما تيجي أحبل منك إنت وبلاش وجع دماغ ... وتبقى إنت أبو أخوك ونخلص
- تصدقي فكرة ... يلى بينا
خبّطت عليه الباب ودخلت ... كان نايم على سريره بيلعب في التلفون ... أول ما شافني رمى التلفون وإتحرك عشان يسبلي مكان في السرير ... قعدت جنبه نص قعدة ... ومالقتش كلام أقوله ...
- مراد إنت كنت بتقول إيه في الصالون
- أنا قلت كلام كثير ... أنهي حاجة فيهم
- موضوع الحمل
- ماله
- إنت كنت بتتكلم بجد
- (صوته إتغيّر) تحبي الحقيقة
- مش عاوزة غيرها
- دي أمنية ومتأكد إنها مش هتتحقق (إعتدل في جلسته وبقت العين في العين)
- إزاي
- أقول وما تزعليش
- أنا مش ممكن أزعل منك
- أنا كنت باتابعك من زمان .. باشوفك وإنتي بتنظفي ... بتتحركي ... بأحب ريحتك ..طلّتك ... ساعات كنت باراقبك وإنتي بتستحمي
- قول كلام غير ده
- طيب إنت شايف إن ده طبيعي ؟؟؟
- طبيعي وإلا صناعي ... أنا كده كنت باكون مبسوط
- مبسوط ؟؟؟
- أيوة باحب أشوفك عريانة
- وكنت بتعمل إيه ساعتها
- أقلك ؟؟
- هي جات على دي
- كنت بالعب في زبي
- طب وريني
- أوريكي إيه
- كنت بتلعب فيه إزاي
- طب خشي إستحمي عشان تبقى محكاة للواقع بجد
زب شاب منتصب عروقه باينة ولونه أحمر حلو على بعد نص متر مني ... سحبت منشفة ولفيتها على وسطي وجريت على سريري ... مش عارفة السبب بس لو مراد لحقني مش هارفض ... هي نص دقيقة والباب إتفتح ... وقفت كإني مستغربة هو عاوز ايه بس هو سحبني لصدره ...عيني في عينه بترجف ولحظة وشفايفنا لصقت في بعض ... بوسة وحدة وكل فكرة للمقاومة إنهارت ... شفرات كسي إتفتحت ... لسانه بيلعب في لساني ... كإني أول مرة اتباس ..هي أول مرة تكون بالحلاوة دي الحقيقة ... إيده اليمين بتلعب في بزازي والشمال بتتسرّق لحد كسي ... مية الحمام ومية كسي خلت صباعه بيجري ما بين شفراته ...
ركبي بقت مش قادرة تشيلني ... وقعت على السرير وهو ركع بين فخاذي على ركبه ... قبل ما اساله بتعمل ايه كان لسانه بيكتشف ملمس كسي .. بيذوق طعم قهري ورغبتي ... أول مرة حد يلحسلي ... مش عارف الدنيا وقفت بيا وإلا انا تهت من نفسي ... رعشة بتجيب رعشة ... لفيت رجليا حوالين رقبته لغاية ما خفت إني أخنقه ...
طلع من بين رجليا وباسني من شفايفي ...طعم كسي بيوصلني عن طريقه ... من غير ما اشعر همست في وذنو وقلته " نيكني ... ماما عاوزة نيكة ما تنسهاش العمر كله "
كإنه كان مستني ... رفع رجليا لفوق وفتحهم ... كان بيفرك زبه بين شفرات كسي المولّع وعلى بضري ... كنت باتراجاه يدخله ...خلاص مش قادرة وياليتني ما فعلت ...حسيت إنه شطرني نصين ... راس زبو بيخبط في سقف رحمي بحنية وعنف لا يمكن تلاقيهم إلا في العضلة دي ... عشر دقايق أو أكثر وانا رجليا فوق ومراد بيتحرك ما بنهم ... طلعت السما السابعة ووقعت منها اكثر من مرّة ...
رعشة طويلة منه وآهات هزت الحيوط ... بعدين بركان من المية السخنة إتصب وسط بطني ... مراد فضل سايب زبه جوايا لغاية ما حجمه تقلّص كإنه كان بيحوش أي قطرة تفلت منه لبرّة ...
ثلاثة أيام ورى بعض ما إفترقناش ... عشت فيهم إلي عمري ما تخيّلت أعيشه ... "
كنت أراقب أمي تتابع بعين ثاقبة كل كلمة ترسلها مريم لها ... كانت تتحرك فوق كرسيها حذرة أن تصدر صوتا يسحب عيني ناحيتها ... كنت أنتظر منها تعليقا ... حكما ... نصيحة ... ردة فعل على هذا الفعل ... لاشيء بدر منها سوى رغبتها الشديدة في معرفة ما حصل بعد ذلك ...
لم أتركها للفراغ الذي تركته فيه القصة الأولى ... لا أعلم السبب لكني فقط تعاطفت مع أبطال قصتي فاردتها نهاية قد تكون سعيدة ... ردا على عدة أسئلة وصلتني منها ...
" وبعدين "
" ولا قبلين ... الشهر إلي بعده عرفت إني حامل ... صدمت زوجي ما طوّلتش ... مراد في حد ذاته ساعدني إنه يقنع أبوه إن ده حدث طبيعي وكان لازم يحصل من مدة وإنه هو كمان مشتاق يبقاله أخ أو اخت ... بعد خمس شهور كنا بنحضّر نفسينا للعدوة لتونس نهائيا لكن حصل إلي ما كنتش متوقعاه ... من غير أسباب ودي أحكام القدر ... زوجي مات ... رجعنا كلنا لتونس أنا ومراد ودفنا أبوه ... مراد كان عاوز يرجع أمريكا بعديها بس أنا كنت باعطله بتعلات وهمية ... مرة ميراث مرة إعلان وفاة مرة مش عارفة إيه ... بطني كانت بتكبر والجنين بقى بيتحرّك في بطني ... مراد خنقه الحزن على ابوه وممكن الندم على إلي حصل ... أنا مجرّد حركة بسيطة من الجنين في بطني كانت بتقتل اي بوادر ندم جوايا ... بس نظرة مراد المنكسرة قدامي كانت بتقتلني وحرصه على العودة لامريكا كان بيزعجني ... آخر حل قدامي عشان أخليه جنبي إنه يستنى لغاية ما أولد بعدين يسافر ...
مراد كان بيذبل شوية شوية كل يوم ... في الشهر التاسع رجعت من زيارة للدكتور ... وبمدأ وداوها بالتي كانت هي الداء ... لبست قميص نوم قصيّر وسترينغ ... ودخلت عليه في سريره قعدت جنبه ... كان سرحان زي عوايده ... حطيت ايدي على رجله وإبتديت أحسس على شعر فخاذه ... كنت باسمع أنفاسه بيتغيّر نسقها وعيني كانت على ما بين رجليه ...
- مش أنا رحت للدكتور النهارده
- وقالك إيه كله تمام ...
- (كنت باحرك صوابعي على فخاذه) كله تمام ... قال إني ممكن أولد طبيعي
- طب حلو ...وإمتى ده هيحصل
- آخر الشهر ... ليه زهقت مالقعدة هنا
- لا أبدا بس عاوز أسافر ... إتأخرت
- يعني كلها 3 أسابيع ... ما تضيقش خلقك
- لا عادي أديني قاعد
- (حسيت إنه ما بقاش طايقني بجد .. فإبتديت أزحف بصوابعي ناحية زبه وعيني مركزة على اي رد فعل منه) يعني الدكتور قالي إني هاولد طبيعي وده موضوع محتاج شوية تمارين
- طب ما تعمليهم ... تمارين إيه
- هي تمارين بسيطة بس محتاجة حد يساعدني
- إزاي
- يعني محتاجة أتمشى كل يوم لمسافة طويلة شوية
- طب ما تتمشي ؟؟
- لوحدي ... أخاف أقع وأنا بطني كده ...(بحركة من إيدي فتحت رباط قميص النوم عشان بزازي تبان )
- ماشي يا ستي هاتمشى معاكي (هنا بقى الشورت إلي لابسه إترفع شوية وده الي كنت عاوزاه)
- وفي تمرين ثاني لازم تساعدني فيه
- أساعدك وأنا عندي أغلى منك (من ساعة ما رجعنا تونس ماسمعتش منه كلمة حلوة )
- حبيبي (وحطيت إيدي على صدره والثانية بينها وبين زبه نص صانتي)
- تمرين إيه قولي ؟؟
- (همست في وذنه بدلع ) عشان أولد طبيعي من غير مشاكل لازم عنق الرحم يوسع شوية ... وده مش هيحصل غير لما ده يشوف شغله (حطيت إيدي على زبه ومسكته بقوة كإني بأعصره لفوق) وبكثرة كمان
هنا كنت أعتقد أن النهاية قد تشفي غليل أمي ... إبتسامة خفيفة علت محياها لكنها قطّبت حاجبيها كأنها تفكّر ... ثم إنغمست في لوحة الحروف أمامها ...
- طب وحصل إيه بعد كده
- (هنا أحسست أن أمي تريد الوصول لنهاية سعيدة حقا لهذه المغامرة المجنونة ) حصل حاجات كثير
- إزاي
- جبت بنوته حلوة زي القمر
- جميل وبعدين
- مراد بطّل موضوع السفر وحاليا هو قاعد معايا ... بيربي معايا مرام ... عندها دلوقتي 4 سنين .. بيلعب معاها بيفسحها بيحبها بجد وبيحبني
- طب وإنتي وهو ؟؟
- لسة زي ما إحنا
- لسة بينام معاكي
- أه وفي نفس السرير وبرغبة ما تنتهيش وبروعة ما تتوصفش
- طب مش مفتقدة زوجك
- الحقيقة أنا ما كانش في بيني وبينه حب حقيقي ... وحاليا معايا نسخة منه بس نسخة أحسن من غير عيوب ... مراد ملأ كل فراغ في حياتي وجسمي ...
- طب وإنتي حاليا حاسة بإيه ؟؟
- مش عارفة ... عندي شعور متضارب ..من ناحية سعيدة إني جبت بنت زي القمر وسعيدة بوجود مرد جنبي ... بس حاسة إني عملت غلطة ... ومن ناحية كنت بتخيّل لو زوجي مات وأنا مش حامل كان هيجرالي ايه
- طيب طالما إنتي وهو ما سببتوش ضرر لحد وانتم الإثنين فرحانين وسعداء ... إنسي موضوع الغلطة ... لان في أخطاء كثير كانت نتيجتها أروع من الصح
لا أعلم أين سمعت تلك الجملة من قبل لكني متأكد أني سمعتها على لسان أمي ... حقيقة كنت أتوقع ردة فعل مختلفة من أمي ... نوع من الإحتجاج ... محاولة للنصح والردع ... لكنها فقط تضامنت معها طالما الأمر إنتهى بطريقة سعيدة ...
أيام قليلة بعد ذلك شغلتني الدراسة والعمل الكثير على متابعة أمي ومدونتها ... تصادف في يوم أن كنت أهم بالخروج من البيت حين سمعت صوتا مألوفا ينادي من خلفي ... تيسير تجري بخطواتها المجنونة خلفي تريد أن تلحقني ... تساءلت مستغربة إن كنت أسكن هنا ... قالت أنها كانت تعتقد أني من أبناء علية القوم ... هيأتي ودراستي ومصاريفي توحي بأني من أبناء الأغنياء ...
طوال الطريق وهي تتأبط ذراعي وتعصر صدري لأعترف لها بحقيقة مصدر أموالي ... أصرّت وهي التي تعودت التسوّل مني أن تشاركني في مشاريعي ... وللتخلّص منها قلت ممازحا أني أكتب قصص جنسيا وأبيعها واصرف من مردودها ... توقعت ان ترحمني من زنة إلتصقت بأذني لكنها قالت بعفويتها المعتادة ...
- طب ما تشركني معاك ... ده أنا حالتي ضنك
- أشركك في إيه دي قصص ... لما أفتح فرع أفلام بورن هابعثلك
- (ضحكت طويلا حتى إنقطع نفسها) لو معاك وإنت البطل ما عنديش مانع
أسبوع لم تصل فيه أمي أي رسالة أو قصة إن صح التعبير تشبه ما وصلها قبل ذلك ... من خلال ردودها المقتضبة أيقنت أن الموضوع يستهوي تفكيرها ... أصلا صارت تنظر قليلا لشاشتها وإن لم تجد شيئا تأتي لمجالستي أو تتابع برامج التلفاز إن كنت مشغولا ... كل ذلك وعلاقتنا عادية لدرجة تبعث على الرتابة ...
آخر الأسبوع كان يوما لا مشاغل فيه بالنسبة لي ... الجو خارجا بدأ يتلبد بسحب آخر الخريف مما إحتجزنا في البيت ... مقابلا لامي كعادتنا هي تداعب جهازها بضجر وأنا أراقبها بحرص ... قررت إعادة التجربة معها ... إن كانت تبحث عن النهاية فسآتيها بقصة من المستقبل ... كالعادة حساب مزيف باسم سيدة إسمها رغد ...
حوار طويل بينها وبين أمي للتعارف وعن رغبتها في الحديث ... كلمة رغبتها في الحديث دفعت أمي لسحب كرسيها للخلف مصدرا صوتا خفيفا ... هنا أيقنت أنها أصبحت تدمن سماع أسرار الناس ... خاصة الأسرار الوردية فقررت السير على نفس النهج ...
رغد سيدة عمرها 63 سنة والقصة حصلت منذ 23 سنة ... في نهاية القرن الماضي ... وبداية هذه الألفية ... بدأت تحكي قصتها كونها تزوّجت صغيرة في السن من رجل مقيم بأوروبا ... وكيف أن حلم الهجرة والعيش بالخارج وضغط أبيها جعلها تترك مقاعد الدراسة .. زواجها من رجل غني له تجارة محترمة في ميدان قطع غيار السيارات ... بيت ضخم ... أمه تقيم في الدور الأرضي وهما في الدور الأول وأخوه وشريكه في الدور الثاني ...
سيارات فخمة وأموال وأملاك جعلتها تقبل دون تردد الزواج به ... صدمتها كانت بعد شهر من زواجها حين علمت أن زوجها سيسافر ويتركها لوحدها في البيت ... حلم السفر لأوروبا دفن قبل أن يرى النور ... قبل إستيعابها الصدمة كانت قد حملت في إبنتها الكبرى رنيم ... وقبل أن تتعوّد على تحديد الإقامة هذا حملت في إبنها رائد ...
كنت أراقب عيني أمي التي ترصد أي حرف يصلها عبر المحادثة بإهتمام كاد يجعلني أضحك ... لكني واصلت سردي للأحداث ...
" لما رنيم نجحت في البكالوريا ... أبوها بطّلها الدراسة وقعدها معايا في البيت قال إنه مش هيسمح إنها تروح جامعة بعيدة أو حتى قريبة ... قال إنه هيشوفلها عريس هي خلاص كبرت ... برغم إنه بيتنا مش ناقصه حاجة ... كل حاجة فيه فخمة وغالية ... بس ناقص روح ومرح ... و رنيم إلي إتسجنت غصب عنها جنبي كانت بتموت كل يوم ... كنا في بداية الخريف ... رائد رجع للدراسة وزوجي رجع لبلاد برة ... وأنا وهي بقينا لوحدينا ...
عمري كله تحت المراقبة ... حماتي من تحت وعيلة أخو زوجي من فوق ... ولو إنه نادرا لما حد يخبط على بابنا منهم أو إحنا نروحلهم لكنهم زي الحرس على تحركاتنا ... مجال الحرية الوحيد كان البيت وحتى دي كانت منقوصة ... طبيعة زوجي وأفكاره المتزمة بتأثّر فينا حتى في غيابه ... التلفزيون قنواته محددة ... التلفون الأرضي كان مخصص إنه زوجي يتطمن علينا منه بس ... رائد و رنيم بما انهم على روس بعض فكانت الحرب دايرة ما بينهم ... وزوجي بيستغل النقطة دي لصالحه ... لو رائد غلط رنيم بتفتن عليه ولو هي غلطت هو بيفتن عليها ... وفي الحالة دي كان لازم إني أفتن عليهم الإثنين قبل ما يفضحو نفسيهم عشان أخلص من غضب زوجي ...
عشرين سنة من عمري في سجن بيت ... حتى عيلتي ما بشوفهمش إلا في المناسبات ... أحيانا بتزورنا بنت أختي إلي كانت صاحبة رنيم لكن من كام شهر ما بتجيش
الحكاية كلها إبتدت بشعرة ... كنت بانظف البانيو يوميها لما لقيت شعر قصيّرة بس خشنة لاصقة فيه ... شعرة لا بتاعتي ولا بتاعت شعر واحد من الأولاد ... إستغربت بجد من مصدرها ... حطيت أولادي تحت المراقبة ... رائد تصرفاته طبيعية ... رنيم بتقفل على نفسها كل يوم بعد الظهر ما تطلعش بعد العصر ... راقبتها لغاية ما في يوم فتحت عليها الباب بقوة لقيتها على سريرها عريانة ...
فاتحة رجليها وبتلعب في كسها وجنبيها ورقة مجلّة ... هجمت عليها زي النسر... سحبت الورقة ...كانت صورة من مجلّة .... صورة زب ... زب كبير شوية وواقف ... إتصدمت ... رحت ضرباها بكل الي قدامي على كل حته في جسمها وهي مرعوبة وبتعيّط وبتطلب الرحمة والصفح ... إحنا كده وباب الشقة إتفتح ... دخول رائد على صوت زعيقي خلاه يدخل الغرفة ... رنيم استخبّت تحت ملايتها وهي بتبكي وأنا كرمشت الصورة وخبيتها في هدومي ...
رائد إلي أصر يعرف في إيه عشان يوصّل الموضوع لأبوه خاف من زعيقي عليه وإنسحب وانا رحت سريري ... كنت مصدومة إزاي رنيم البريئة ... الملاك دي تعمل كده ... عرفت الكلام ده منين وجابت الصورة دي منين ... فتحت الصورة ورجعتها زي ما كانت ... كنت ناوية احرقها بس منظر الزب الواقف ده خلاني اشوفها كثير ... أنا بقالي سنين ما شفتش زب ... وإلي شفته مش بالحلاوة والحجم ده ...
من غير سبب كسي إبتدت شفراته تتحرّك ... ومن غير تحضير رحت العب في كسي ... لأوّل مرة أعملها رغم كبت عمري ... إحساس النشوة والرغبة هزني وهز صدري ... بس في شعور بالذنب خنقني ... خبيت الصورة في الدولاب وغيرت هدومي ودخلت على رنيم
- شوفي أنا مش هأقول لحد على الي حصل بس توعديني إن دي آخر مرة
- أوعدك بس ما تقوليش لبابا
- أقله إيه ده كان يقتلك ... أنا مش مستغنية عنّك ... بس قوليلي جبتي الصورة دي منين
- من بنت خالتي وأبوس رجلك ما تعمليلهاش مشكلة
- ماشي ... ماشي
كنت كل يوم بالليل أقفل الباب عليا وأطلّع الصورة والعب في كسي ... شعور مريح بس بيشعل نار جوايا ... في ليلة منهم سهيت أقفل الباب ... أنا في وسط الإندماج والصورة جنبي فجأة لقيت رنيم واقفة قدامي ... نظرة عينيها ما فهمتهاش من ناحية كإنها قرفانة مالي باعمله ومن ناحية كنت باسمع في عينيها نبرة " دي آخرتها " ... والأكيد في كلمة جواها بتردد " هو حلال عليكم حرام علينا "
قبل ما أتحرّك أو أعمل رد فعل ... بصباعها قالتي " أسكتي رائد لسة صاحي " ... ما لقيتش حل غير إني أسمع كلامها ... قفلت الباب وجات قعدت جنبي ... عريانة ومتغطية بس بالملاية ... سحبت الصورة وشافتها كثير بعدين مباشرة في وشي وبصوت واطي
- هي عجبتك للدرجة دي
- إنت بتقولي إيه ؟؟
- بقلك الصورة عجبتك للدرجة دي
- (ما قدررتش أرد)
- شوفي يا ماما ... أنا مش زيكم ..وأنا عارفة كل حاجة وفاهمة ومتفهمة
- (أحسست أنها تطعنني بكلامها) فاهمة ايه
- إنت ست حلوة ولسة صغيّرة وأبويا مش موجود ولما يبقى موجود مش بيعمل حاجة .. فعادي تريحي نفسك
- إنتي بتقولي إيه
- بقول الحقيقة ... وإلا أنا غلطانة
- (ما قدرتش أرد للمرة الثانية)
- أنا ستر وغطا عليكي بس إنتي إلي ماشية ورى كلام بابا ومحبكاها كثير ...
- إزاي
- ده موضوع طويل ... أنا شفتك بتعملي إيه ومش معترضة وباشجعك تكملي كمان ... بس على شرط
- شرط إيه
- تخليني أعمل أنا كمان
- (ما لقتش حل غير إني أوافق... رجعتلها الصورة ) روحي
- لا أنا عاوزة أعمل هنا معاكي
- إنتي إتجننتي
- صدقيني كده هيبقى أحلى ...
- بتقولي إيه
- لما نعمل قدام بعض هيبقى أحلى
- إنتي إتجننتي
- بأتكلم بجد ... صدقيني
- وعرفتي إزاي
- ما أنا وبنت خالتي كنا بنعمل مع بعض
قعدت قدامي وفتحت رجليها ... في الأول حاولت إني أودي وشي الناحية الثانية عشان ما أشوفش ... شوية شوية ولقيت قوة غريبة بتسحبني ... صوت آهاتها المتناغم مع حركة صباعها وهو بيلعب في بضرها خلاني أركّز معاها ... ساعتها إعترفت إنه معاها حق ... وجودها قدامي وهي بتلعب في جسمها ... إيد في كسها وإيد في بزازها وجسمها الطري بيترعش خلاني في حالة أشبه بالسكر ...
من غير شعور ولا إرادة إيدي إتحركت لصدري وإبتديت أدعك في بزازي ... والإيد الثانية بتلعب في كسي ... من غير إتفاق حركاتنا تناغمت ... كل مرة عينيها بتيجي في عيني و بتبتسملي كإنها بتشجعني ... فتحت رجليا على آخرهم وفسحتلها مجال للفرجة أكثر ... وفي لحظة صوت آهاتنا المكتومة ورعشتنا زلزلت المكان ...
دقايق من الصمت وقامت رنيم من قدامي ... حضنتني بقوة ... صدري لصق في صدرها وطبعت بوسة بتحرق على خدي ... ولبست هدومها وسابتني مش قادرة استوعب أنا عملت إيه ...
بكرة الصبح لقيت رنيم صحيت قبلي وحضّرت الفطار لأخوها ووضبت الدنيا ... حجات كانت ما تعملهمش غير بعد ما تنشف ريقي وما تعملهمش كويس ... أول ما أخوها خرج ... مسكتني من إيدي وبتسحبني لسريري
- طب مش يلى بقى
- هو في إيه يا بت هو كل يوم ؟؟؟
- أه كل يوم وكذا مرة في اليوم ... العفريت ده مش لازم يهمد (ومن غير حرج قامت حطا إيدها بين فخاذي)
- بس أنا ماليش نفس ومش عاوزة
- بس أنا عاوزة ومولعة
- طب خشي إنتي
- لا أنا من هنا ورايح مش هأعمل لوحدي ... تعالي أقعدي جنبي وإنتي هيجيلك نفس
كنت منسجمة في جسمي وعينيا مغمضة ... فجأة حسيت بإيدها بتلعب في بزازي ... قبل ما أتكلّم حطت إيدها على بقي وبهمسة سخنة زي النار في وذني قالتلي سيبيلي نفسك ... فسبت نفسي ... كنت متخدّرة بجد
إيديها بتلعب في بزازي ولّعت النار في جلدي وجسمي ... ما خلصتش من عذاب ايديها حتى لقيت شفايفها بتبوس حلماتي ولسانها بلعب فيهم ... من غير ما أحس لقيت إيديا بتلعب في شعرها ورقبتها وظهرها ... ولاول مرة في حياتي أحس الإحساس ده ... لسانها ما بين شفرات كسي بيتحرك بحرية ... وشفايفها بتمصمص في بضري ... خلاص إستسلمت للبنت الصغيّرة إلي مش فاهمة جابت الخبرة دي كلها منين ...
مش عارفة جبت شهوتي كام مرة بين شفايفها ... بعد ما خلّصت ... نامت على ظهرها وفتحت رجليها وقالتلي دورك بقى ... طعم كسها المملح لسة في شفايفي لغاية دلوقتي ..
قضينا الصبح كله عالسرير ... مرة هي ومرة أنا وفي الآخر كانت المتعة بجد ... كسين بيبوسو بعض ... وصدري في صدرها وشفايفي في شفايفها ...
حتى الحمام إستحمينا سوى ... كنت زي مراهقة واقعة في الحب جديد ... دخلنا نخضر الغداء وكل شوية رنيم بتخطف بوسة مني ... أنا ما كنتش قادرة أقاوم
- رنيم هو إنتي إتعلمتي كل الحركات دي فين
- أقلّك وتكتمي السر
- إنتي لسة بتسالي بعد السر الي ما بينا
- من بنت خالتي
- يا سلام ..وده إمتى ده
- كل ما تيجي تزورنا
- وأنا كنت فين
- في البيت عادي ورامي كمان في البيت وساعات بابا بيبقى هنا
- يا قوة قلبك يا بنتي ... ما خفتيش
- هأخاف من إيه ؟؟؟ ... كنا نقفل الباب علينا وما حدش هيشك في بنتين قاعدين مع بعض ... حتى لو حد حاول يفتح الباب ولقاه مقفول هنقول إننا كنا بنلبس أو بنغيّر
- يخرب بيتك ده إنتي مصيبة ...
موضوع جلسات الحب العجيب ده كانت كل يوم وكذا مرة في اليوم ... بقيت باهتم بجسمي ووشي رجعت فيه الروح حتى من جلدي رجعتله النعومة ... كنا بنحط صورة الزب ما بينا ... حتى برغم كل الإثارة والحميمية إلي بتديهالي رنيم كنت متشوقة لزب ... زب بجد ... رفضت إنها تستعمل حاجة ثانية بداله ... خيارة أو جزرة ... نفسي ما تقبلتش ده ... لغاية ما بعد كام يوم من بداية العلاقة بيني وبينها سالتني
- ماما إنتي آخر مرة شفتي زب كان إمتى
- لو كنت هاسمي زب أبوك زب فمن سنين طويلة ولو زب زي ده فعمري ما شفت
- ياااه وإستحملتي إزاي
- هاعمل إيه يعني ؟؟
- ما حاولتيش ؟؟؟
- إنتي بتقولي إيه ... هو أنا بتاعت الكلام ده
- لا يا راجل ؟؟؟
- طب فرضا فكّرت ده هيحصل إزاي وانا محبوسة هنا
- طب ما نشوف هنا ؟؟؟
- نشوف إيه ؟؟؟
- هو مش في راجل في البيت ؟؟؟
- إنتي بتقولي إيه ؟؟؟ رائد ؟؟؟
- وماله ؟؟؟
- ده إبني ؟؟؟
- وأنا مش بنتك ؟؟؟
- الموضوع مختلف ؟؟؟
- لا مختلف ولا بتاع ... إنتي رايك إيه ؟؟؟
- لا لا .. ده هيفضحنا وممكن يتصدم
- يفضحنا دي نلاقيلها حل ويتصدم دي نعملها خطّة
- خطة ؟؟؟
- يا ستي إسمعي كلامي
- لا لا ... وبعدين ده أكيد طالع لابوه والموضوع مش مستاهل
- طب لو طلع يستاهل؟؟؟
- إنتي بتوقلي إيه ؟؟؟
- أنا بأقلّك يستاهل ومتأكده
- متأكده من إيه
- رائد عنده زب جنان وأكبر وأحلى من إلي في الصورة
- (دماغي لفّت وما قدرتش أجاوب)
- ها قلتي إيه
- طب إنتي عرفتي إزاي ؟؟؟
- شفته
- يخرب بيتك ؟؟؟ شفتيه فين وإزاي
- عادي وهو نايم ... سحبت الملاية وشفته ..
- لا لا الموضوع ده تشيليه من دماغك
قعدت جنبه على السرير وبشويش سحبت اللحاف من عليه ... أول ما نزلت تحت بطنه ..ريقي نشف وقلبي وقف ... البنت للمرة الثالثة معاها حق ... عمود واقف بيتحدى قماش البيجاما ... عاملة زي الخيمة ...
عينيا كانت هتطلع من مكانها وبلساني بألحس شفايفي ... رجعت بظهري ناحية الباب كإني لسة داخلة هأصحيه أوّل ما قرّبت مالباب حسيت بإيد بتلمس كتفي ... لفيت ناحيتها مرعوبة ... لقيت وش حنين في وشي ... وبصوت نص واطي قالتلي ...
ها إيه رايك ؟؟؟ نعمل خطة ؟؟؟
هنا بقى الدنيا وقفت بيا ... رنيم إلي مسكت وذاني زن عن موضوع أخوها .. وإزاي أنه مافيش فرق بين إلي باعمله معاها لو هاعمله مع أخوها ... خصوصا إنه الموضوع آمن وماحدش هياخذ باله ... وأصلا ما حدّش هيفكّر في التهمة دي من أساسه ... أصلا وصلت ما بينا إننا إتخانقنا وبعدنا عن بعض ... ما بقتش حابة أقعد معاها ... مش عارفة ليه تقبّلت إني باتساحق مع بنتي وما تقبّلتش إني أتناك من إبني ... برغم إنه الإثنين واحد ...
تصادف بعد يومين من الموضوع ده إنه رائد زوغ من المدرسة مع أصحابه عشان يشوفو ماتش مهم للمنتخب والناظر رفض يدخّلهم إلا بولي أمرهم ولان رائد كان مرعوب من إن أبوه يعرف ماراحش لعمه ... رجع البيت وشه أصفر ومش عارف يتكلّم ... ولان مالوش حل غير انه يحكي راح بيحكي لاخته ... وده إداها فرصة إنها تلعب لعبتها ...
رائد كان عندو موتوسيكل أو سكوتر محطوط في القراج والقراج بتاعنا ليه باب بيفتح على شارع جانبي ... وممكن نتسحّب من بلكونة الصالون لسطح الجراج وبشوية حذر نطلع برة للشارع الوراني من غير ما حد يحس ... رنيم أقنعتني إننا نساعد رائد عشان أبوه ما يعرفش وأنا وافقت ... وطبعا كان الرعب مالكني وانا راكبة وراه ... المهم حوار الناظر خلص ورائد من ساعتها بقى شخص ثاني ...
بقى بيساعد في شغل البيت بيقعد معانا بيضحك وبيهزّر ... بعد ثلاثة أيام رنيم رجعت للزن ثاني ... مش عارفة ليه كنت سامعها بس ... مش مقتنعة بكلامها بس ما رفضتش ... رنيم أقنعت حسام بما إنه بيفهم في الدش إنه يضيف قنوات المسلسلات والافلام الفرنساوية على الجهاز بتاعنا و يشيلها قبل أبوه ما يرجع ... فوافق ...
إبتدينا كل ليلة نسهر نتفرّج على حاجات جديدة ... مرة أفلام خيال علمي ... مرّة أكشن ... لغاية ما بعد كام ليلة كان في فيلم رومنسي ... هو فيلم عبارة عن ولد بيحب زميلته وما بيعرفش يبوس ... فالموضوع عمله حالة نفسية ... أمه بقى إبتدت تعلمه يبوس إزاي ... الفلم مشي أكثر من نصه ورائد كان هيموت مالخجل ... جيه وقت الإشهار أنا قمت أجيبلهم فشار زي كل أم بتعمل مع اولادها ... ورنيم مسكت رائد ...
- إلا قلي يا رائد إنت تعرف تبوس ؟؟؟
- (الولد وشه إحمر كإنه إتخنق) إنتي بتقولي إيه ؟؟
- باسئلك مافيهاش حاجة ... إنت بتعرف تبوس يعني بوست وحدة قبل كده زي في الفيلم
- وده هيحصل إزاي يعني ؟؟
- يعني زملتك .. وحدة صاحبتك
- لا أنا مليش في الكلام ده
- عليا أنا ... يعني واد حليوة زيّك مافيش ولا وحد جرّت ناعم معاك
- بصراحة ؟؟
- أه
- فيه بس أنا إديتها طناش
- ليه بس ؟؟
- ولو أبوكي عرف ؟؟؟
- يا دي أبوك إلي خانقنا
- طب إنتي تعرفي تبوسي
- أه طبعا
- بتقولي إيه ؟؟؟
- بابوس إيدي وش وظهر على نعمة إني عندي أخ زيّك
- هزري هزري
- طب ما نتعلّم نبوس ؟؟؟
- ودي تيجي إزاي ؟؟؟
- أنا وإنت
- إنتي مجنونة ... أنا أخوكي ؟؟
- ما كده أحسن يا حمار ... نتعلّم في بعض عشان ما نتحرجش مع الغريب
- إنتي إتجننتي صح ؟؟؟
- طب إيه رايك نقول لماما تعلّمنا
- إنت خلاص هربت منك .... بتقولي إيه ؟؟؟
- هو مش البطل إلي في الفيلم عمل كده
- بس ده فيلم ؟؟؟
- ماهو شبه الواقع بتاعنا
- حتى لو فرضنا ... تفتكري مامتك هتوافق ؟؟؟
- ماما إنتي تعرفي تبوسي
- نعم ؟؟؟؟؟؟
- بقلّك تعرفي تبوسي ؟؟؟
- إنتي إزاي تتكلمي كده قدام أخوكي
- يعني أنا ورائد كنا نتكلّم بما إني أنا وهو ما نعرفش نبوس ... ما تعليمينا
"دي حاجة تهوس ...دورك بقى "
رامي إتردد وكان هيرفض بس هي مسكته من ظهره وبتزقه ناحيتي ... رائد بجد كان هيموت مالخجل بس ساب نفسه ليا ولاخته ... بوسة خفيفة كدة من الشفايف ... أنا كسي إتفتح وإتبل بعديها ... رنيم بقت كل ما أخلّص مع أخوها تقلي نعمل ثاني ولما أخلّص معاها تزق أخوها ... هما يجي عشر مرات عملت كده بعدين قالتلي " إحنا بقى هنبوس بعض وإنت تقوللنا رايك "
شخصية رنيم وحركاتها ما خلتش لرائد أي مجال للتردد أو الإحتجاج ... كنت باشوفهم بيبوسو بعض ... زي إثنين حبيبة ... في لحظة رجعتلي ذكريات الخناق بتاعهم وعلاقة القط والفار إلي كانت بينهم ... وقارنت بين الحال دي والحالة الثانية ... مافيش حاجة تغيّر طبع الإنسان أكثر من شهوته ... ليلة البوس الطويلة إنتهت ... هي إنتهت بتعليق مازح مني إنه رنيم أدائها كويّس بس رائد لازمه تدريب زيادة
كمان ليلتها ما نمتش ... ليلة بحالها بأفكّر إزاي بكرة هيكون رد فعل رائد ..... إزاي لما يراجع تصرفاته ... رنيم كانت هربانة منها ... وأنا كنت مش قادرة أعمل حاجة خصوصا بعد إلي حصل بيني وبين بنتي ... كنت احظر الفطار ورنيم كانت بتساعدني ... ماكنتش قادرة أمنع ايديها إلي أحيانا بتداعبني .. عالصبح كده ... أنا كنت مستمتعة ...
رائد صحي بس ماكانش طبيعي ... عينيه في الأرض ومكسوف ... مش عارف مكسوف من نفسه أو مننا أو من افعالنا ... مع كلمة صباح الخير رنيم إنفجرت فيه ... " صباح الخير حاف كده ؟؟؟ ... مافيش بوسة تبل الريق الناشف عالصبح" ..هنا كنت مستنية ردة فعله ...لكنه باس أخته بوسة طويلة وبعدين عمل نفس الحاجة معايا ..وهنا وصلت لنقطة إنه خلاص ما فيش رجوع ...
عدى يوم طويل عليا بارجع فيه كل إلي حصل ... من ناحية ضميري مش مرتاح للي عملته ومن ناحية حالة الود والسلام الجديدة بيني وبين أولادي مريحاني ... في العشا رنيم أصرّت إننا نلبس لبس قصيّر أنا وهي ... هي لبست ميني جيب ضيّق و قميص مفتوح مالصدر وأنا ما كانش عندي حاجة قصيّرة ... هي عباية بيتي ضيّقة ورنيم قصتها بإيدها وخيّطتها ... العباية كانت مطلعاني زي نبيلة عبيد في فيلم حارة بورجوان ...
كنت متوقعة رد فعل عنيف أو حتى إحتجاج خفيف من رائد إلي ما إتعودش يشوفنا كده لكنه سكت ... كنا قاعدين على طرابيزة الأكل ... أنا ورنيم جنب بعض وهو مقابلنا ... انا العباية لما قعدت ما بقتش مغطية من فخاذي حاجة ... الكل كان مركز في الأكل ... وفجأة رنيم توقع الملعقة بتاعتها تحت الطرابيزة ... نزلت عشان تجيبها لكنها ما عرفتش أو عملت نفسها مش لاحقاها ... طلبت من رائد ينزل يجيبها ...
أوّل ما نزل تحت الطرابيزة رنيم فتحت رجليها على آخرهم كإنها بتساعده عشان يلاقيها ... لو كان بيطلّع مرجان من أعماق البحر ما كانش قعد الوقت ده كله ... طلع وشه أحمر ومش عارف يرفع عينيه فينا ... هنا بقى تأكدت إنه رائد مش بيختلف عن رنيم غير إنه محرج بس ...أو الموضوع ثقيل عليه ...
الصدمة كانت في قدرة رنيم على التحكم في الأحداث وفي نفسها ... شوية و حسيت بالغيرة منها ... هي قامت تجيب حاجة مالمطبخ ... مش عارف ليه بس عملت نفسي باكل وفجأة وقّعت المعلقة أنا كمان ... رائد ما إستناش إني أطلب منه يجيبها ... نزل لوحده تحت الطرابيزة وأنا فتحت رجليا ورفعتهم لفوق عشان أساعده يلاقيها ... سبته يتفرج على ما بين فخاذي براحته ... مش عارفة ممكن خمس دقايق بيدور على المعلقة ... نزل شخص وطلع شخص ثاني ...
في السهرة رنيم قالت إنها عاوزة تشتري حاجات مالسوق ... وطبعا الخروج كان شبه ممنوع علينا ... كنت فاكرة إنها هتساوم رائد على موضوع التزويغ مالمدرسة ودي قصاد دي ... بس هو إلي إقترح إنه يساعدنا نخرج من باب الجراج زي ما عمل معايا قبل كام يوم ...
من بكرة رحنا محلات ملابس ... إشترينا كمية لانجري عريانة تنفع جهاز عروسة ... كل ما أجي أتكلم رنيم تقلي " إسمعي كلامي إنتي بس " ... رجعنا لاقينا رائد مستنينا مرعوب في الجراج ورجعنا من نفس السكة ... لسة هناخذ نفسنا ورنيم ندهت عليه ... " تعالى شوف إحنا إشترينا إيه " ....
قدام عينيه وعينيا رنيم كانت بتقلع هدومها وبتلبس طقم ... تلف قدامه وتطلب رايه ... مرة صدرها مرة طيزها مرة الإثنين .... الصدمة الكبيرة إنه لا علّق على الموضوع ولا عمل أي حاجة ... بس كان بيقول رايه في الملابس ... ده حلو وده مش عارفة إيه ... شوية وقالته حتى ماما إشترت هي كمان ...
أنا آخر حاجة كنت أتصورها إني اغير هدومي قدام إبني بس بعد إلي حصل ما ينفعش أقول لا ... خلعت العباية وإتحرجت أتعرى قدامهم فلفيت بظهري ... صوت رنيم وهي بتقول
" يا ستي من قدام حلوة ومن ورى أحلى " ... كنت هاتجنن من كمية الجرأة إلي عندها ...
- يا بت إنت إزاي تقولي كده قدام أخوكي
- يعني هو إنزعج من حاجة ( ولفت ناحية رائد) إنت منزعج من حاجة يا رائد (هز راسه بالنفي)
- طب ما فيش حد حصلتله مشكلة مالك مش على بعضك ليه ...
- أصله ما يصحّش ... (وكنت هأكمّل كلامي بس هي قاطعتني)
- تصدقي ما يصحّش ... أنا وإنتي عريانين ورائد بهدومه
- أنا اشتريتلك بوكسر جديد تعالى جرّبه
رنيم بصوت عالي وبكل فجر ... " يخرب بيتك عندك ده كله ومخبيه علينا .. " ... أوّل ما فتحت عينيا لقيت رنيم على ركبها الإثنين وإيديها بتلعب بزب أخوها إلي كان واقف زي العمود ...
- لا يا رنيم كده كثير ... إنت تجاوزتي كل الحدود
- (ولا كإنها سمعتني) بذمتك ده زب ينفع يستخبى ... ده يتعمل تمثال أو تابلوه وبتعلّق
- (أنا كنت هاتجنن مالي بيحصل) رائد إنت موافق علي بيحصل ده (كنت باكذب على روحي بس)
- (رائد ما نطقش رنيم هي إلي إتكلّمت) موافق ؟؟؟ ... ده موافق ومتمتع كمان حتى شوفي
" هتتفرجي فينا كثير مش تيجي تساعديني .. " هي الكلمة الي كنت مستنياها ....
على ركبي تحت رجلين إبني وزبه في حلقي على طول ... رنيم نزعت عني القميص وبتلعب في صدري وفي كسي من فوق ... شوية ونيمتني على الأرض وقالت لاخوها .. "مش هتريح أمك بقى " ....
أنا غمضت عنيا ورحت في دنيا ثانية ... خنجر بيطري جفاف كسي من جوة ... "
هنا توقّفت عن الكتابة وركزت في وجه امي التي كانت في عالم آخر .... حقيقة لم اتوقع أن تتجاوب مع تلك القصص المجنونة ... وكالقصص التي قبلها لم تعلّق ولم تحلل ولم تبحث في الأسباب ... فقط هي تريد معرفة النهاية كيف كانت ... فمنحتها ما تريد
" من ساعتها بقيننا ننام أن وهما في نفس السرير ... رائد بقى متفوق في دراسته ... بنعمل كل حاجة سوى ... رنيم أخوها ساعدها تسجل في جامعة قريبة من البيت وبيوديها ويرجعها معاه من باب الجراج ... وأنا كنت باغطي عليهم ... رنيم إلي ما كنتش مفتوحة كانت بتتناك من ورى من رائد ... وفي الحقيقة كان معاها حق ما حدش هيشك ولا يتخيّل إن ده يحصل ... أحيانا كان زوجي بيكون في البيت ورائد حاشر زبو في كسي في المطبخ ورنيم بتراقب الباب ... أحلى نيكة كانت لما يكون موجود ...
بعد كام يوم وبعد وما إتعودت ... الاولاد حكولي إنه كل الي حصل كان إتفاق ما بينهم وإنهم بيعمله كده مع بعض من سنة تقريبا ... ورائد عشان يساعد رنيم في موضوع الجامعة قالها لازم ماما توافق وعشان أوافق لازم نبقى كلنا واحد ...
حاليا رنيم إتخرّجت وشغالة في بنك ورائد مسك شغل أبوه بعد ما مات ... رنيم متزوجة وعندها ولدين ورائد عنده بنت وولد ... وأنا لسة في بيتي ... بقيت بافهم في النت والسوشيال ميديا وهما تسليتي الوحيدة ... "
أمي كأنها لم ترد لهذه القصة أن تنتهي ... فتحت مجال نقاش مع رغد ... بما أن قصتها تعود لتاريخ قديم والأكيد أن الزمن قد غيّر من مشاعرها ونظرتها وحكمها على لما فعلت ...
- معلش ممكن سؤال ؟؟؟
- أكيد إتفظلي
- إنتي شايفة إلي عملتيه إزاي ؟؟
- يعني أنا عارفة إني عملت حاجة غلط بس نتيجتها كانت أكثر من الصح (إقتبست كلمات أمي)
- طب مش ندمانة علي حصل
- كنت هأندم لو ما حصلش
- فهميني
- يعني مش هأحكيلك على المتعة والرغبة كأي ست مكبوتة ... أنا هأكلمك كأم ... تخيلي لوده ما حصلش ... أكيد رنيم كانت هتتزوج زواجة تقليدية من حيوان من معارف أبوها وقاعدة في البيت زي حتته أثاث مرمية ... بينما دلوقتي ست ناجحة وبشغلها وبعربيتها وبفلوسها وبتتحكم في حياتها بنفسها ... حاولي تقارني بين الوضعيتين وقلولي أندم وإلا لا ؟؟؟
- طب ورائد ؟؟
- رائد هو كمان كان هيكون مصيره إيه لو ما حصلش إلي حصل ... أبوه أكيد كان هيفرض عليه وحدة من أقاربه وأكيد هتكون علاقة من غير حب ولا تجارب سابقة ... ولما ورث فلوس أبوه ... تخيلي هيفرتكهم في قد إيه عشان يعوّض إلي ما عاشوش ... خمرة ومخدرات وبنات .؟؟؟ دلوقتي هو ناجح في شغله ومن الكبار في مجاله ... نسخة من أبوه في الشغل بس نسخة مختلفة في المشاعر والتفكير وده باين على علاقته بعيلته ...
- ممكن أعرف تفاصيل ؟؟
- مثلا بنته الكبيرة بتدرس في بلاد برة لوحدها من وهي سنها 17 سنة ... وإبنه هيلحقها ... وناجحين ومتفوقين ... تخيلي لو كان ماشي على نفس خطى أبوه مش ممكن يكونو في أنهي حالة
- طب وأولاد رنيم ؟؟
- هما دول المشكلة بجد
- إزاي
- ما بيسمعوش كلامها ومطلعين عينيها في الدراسة وكل يوم جايبين مصيبة ... خناقة على مشاكل على تزويغ مالمدارس ... ده حتى واحد منهم بيدخّن
- معلش في نقطة مش فاهماها ...
- إلي هي ... طب إزاي وحدة بشخصية رنيم الذكية دي ما قدرتش تروض أولادها ... وهي عرفت تروض أخوها وأمها قبل كده وغيّرت مسير حياتها كله ... غلبت مع دول
- قصدك يعني تكرر نفس الموضوع معاهم ؟؟؟
- مش بالتحديد بس طالما نجح معاكم ليه لا
صباحا وجدت أمي نشيطة متوردة الوجنتين تفوح منها رائحة عطر أخاذ ... فطور الصباح على الطاولة ينتظرني ... لا أعلم السبب لكني شعرت بان شيئا ما تغيٍّر في أمي ... كعادتي المكتسبة حديثا أكلت بسرعة وهممت بالخروج ..
- خلّص فطارك مستعجل ليه ؟؟؟
- ورايا دراسة وإتأخرت
- وراك دراسة والا حاجة ثانية ؟؟؟
- حاجة زي إيه ؟؟
- يعني حب جديد .. زميلة حلوة فرفوشة
- إنتي بتقولي إيه
- أصلك من مدة بعيد عني ومش بنحكي إلا نادرا
- يعني أنا شايفك مشغولة في دراساتك ومقالاتك ما حبتش أزعجك
- لدرجة ما بقتش تسال عني أو تحكي معايا
- يعني أنا كمان موضوع المعهد ده شاغلني وعاوز أنجح في الميدان ده
- بس كده ؟؟
- هو في ايه ؟؟؟ بتلفي وتدوري على إيه ؟؟؟
- أبدا أصل في ناس شافوك بتتمشى مع بنوتة حلوة كثير الايام دي فحبيت أعرف ؟؟؟
- بنوته ؟؟؟ ... تيسيير ؟؟؟ (وإنفجرت ضحكا) حلوة ؟؟؟ ... تقريبا إلي وصلك المعلومة ده أعمى ... تيسير حلوة
- أه حلوة وفرفوشة كمان
- دي مجنونة رسمي .. وبعدين عرفتي منين إنها حلوة
- لا ابدا من كام يوم شفتكم من البلكونة ماشيين ...
- إنتي حاطاني تحت المراقبة بقى
- عندك مانع
- لا ابدا حقّك
- وائل إنت بتعرف تبوس ؟؟؟؟ .... عمرك بست بنت قبل كده ؟؟؟
الجزء التاسع
لم أتمالك نفسي ولم أقدر على إخفاء صدمتي ... ربما آخر شيء كنت أتوقعه أن أسمع ذاك السؤال من أمي ... فتحجّر لساني ولم أنبس ببنت شفة ... قضمة كادت تحشر في حلقي وتسسب إختناقي ... طال صمتي وذهولي وضياع بصري في اللاشيء ...
- مالك ساكت ليه ؟؟
- مش فاهم حضرتك تقصدي إيه ؟؟؟
- هو انا باتكلم تركي ؟؟؟ سالتك تعرف تبوس وإلا لا ؟؟؟
- ما كل الناس تعرف تبوس ؟؟؟
- لا البوس الي هو البوس الثاني
- (محاولة تهرّب مني) هو البوس كمن فيه أنواع ؟؟؟
- إستعبط عليا إستعبط
- لا باتكلّم بجد
- يعني إن بعد كل إلي عرفته عنّك عاوز تقنعني إنك مش فاهم انا باقصد إيه
- فرضا فهمت إني بتقصدي إيه ؟؟؟ مغزى سؤالك ده إيه
- لا ولى حاجة بأتطمّن على قدرات إبني بس
- قدرات إيه ؟؟؟
لم ألمح أثر النظرة الأولى في وجه أمي ... لكني كنت متأكدا من أن التدخل المفاجئ للقدر ها هنا سيفتح أبواب نقاش كثيرة بعدها ... هربت من عيني أمي التي تبعتني حتى باب الشقة الخارجي ... تيسير بملابسها وهيأتها المجنونة تقف بعد أمتار من بيتنا ....
إن كنت لا أرى أمي لكني كنت متأكّد أنها تراقبني من بعيد ... لم نمشي سوى بضع خطوات حتى بدأت تيسير في مشاكستي كعادتها ... لا أعلم أهي رغبة دفينة منها أن تشاكسني حتى اصفع مؤخرتها أم هي حركة هزار تعوّدت عليها مني ... لم نصل آخر حينا حتى نالت ما تستحق أو ما تريد .... لم أهتم لشتائمها وتأوهها فقط نظرت خلفي للتأكد أن أمي تراني .. وقد كنت تفعل
مر اليوم في المعهد دون تفاصيل ... لا أذكر فيه ولا منه شيئا سوى أن عقلي كان تائها في ما حدث مع أمي ... منذ البداية ... كل تفاصيل الأشهر القليلة مرت أمامي كشريط سينمائي صامت ... صور كثيرة مختلطة بين الدموع وبين الفرح ... بين الرعب والأمان ... بين الفقر و تحسن الحال ...
فقط بعض الصور لا تفارق خيالي ... ذكرياتنا في مدينة الملاهي ... العشاء الرومنسي ... عناقنا في الشرفة ... منها إنهالت عليا الذكريات ... وصلت لنقطة بداية ذلك الانتصاب الذي أصبح لا يفراقني لمجرّد الذكرى ... خالتي ... حوار أمي وخالتي يوم أعلنت العصيان ... أمي قالت أني ذكرتها في أبي ساعتها ...
لم أركز في تفاصيل الدروس ... حاولت مراجعة الكلمات والحوارات والإشارات .... شعوري بالذنب دائما ما يحيلني لفكرة أن أمي كشفتني وفقط تسايرني .... لكن لما كل هذا الاهتمام منها بقصص العلاقات المحرمة ... هل هو غرامها المولود حديثا بعلم النفس ... أم أن هناك شيء آخر يدور في ذهنها ...
لكن تأثرها بما تقرأ وصل بها لدرجة ان تستدرجني بالكلام عن القبل ... هل ما افكّر به حقيقي ... لكن مالذي أفكّر به أصلا ؟؟؟ ...
أنا لم أحدد ما يدور في ذهني ... كان الأمر ممتعا بالنسبة لي وأنا اصب كل تلك الأفكار من قصصي المزعومة ... متعة أوصلتني حد الإثارة ... لكن كلمة أمي هذا الصباح عن موضوع التقبيل بكل تلك الجرأة منها زعزع كياني ... فقط كنت ألاعبها ... أو هكذا اقنعت نفسي ...
هل تراها أصبحت تراني كأحد أبطال تلك القصص أم ترى نفسها في إحدى شخصياتها ... بدا عقلي يسرح بي بعيدا ... ترى من تكون الأقرب لشخصية أمي منهن ... هل هي أم من يمشي نائما أو يصحو نائما ؟؟؟ ... أم هي مريم الزوجة التي تريد الحمل ؟؟ ... أم رغد ؟؟؟ ...
ربما هو تعاطف من تشابه بهن الحال لا غير ... لكن لا أحد فيهن حالها تشبه حال أمي سوى الحرمان العاطفي والجسدي ... أم هي حالة تقمّص مأتاها الطريقة التي رويت بها القصص ... أم هي رغبة متأصلة فيها نمت وتغذت بتلك الأفكار التي قصفت بها عقلها ...
أو ربما هو مجرد سؤال عابث منها سببه بعدي عنها نسبيا ... أو إنشغالي عنها ... إحترقت مفاصل عقلي من التفكير ولم أهتدي لحل ... زاد إلتهاب عقلي مع استعار نار الغيرة في صدري ... كل تلك المشاعر التي أمطرت بها صحراء عواطفها لا بد أن تثير فيها غريزة ربما تكون دفنتها فانبتت من تحت رماد تلك السنين ... مجرد تلك الخيالات كانت تخنقني ...
تذكّرت حديث أمي عن تسنيم ذات صباح ... هل تشعر بالغيرة من تواجدها في حياتي ... أم هو الفضول لمعرفة مصير مشاعري المزعومة مع خولة ... ربما هي ترى أن تواجد تسنيم في حياتي يمكن أن يكون بذرة تقويم في تكويني النفسي ...
عدت للمنزل مثقلا بهموم الدنيا ... إستقبلتني بابتسامة خبيثة مفادها .. "قفشتك " ... عشاء هادئ وجلسة هادئة ... أحسست أنها فرصة لتعويض بعض أيام التباعد الغير مقصود بيننا ... عرضت عليها مشاهدة فلم إن كانت غير مشغولة ... وافقت بعد ان تفحّصت شاشتها ... هنا أيقنت أن أمي أصبحت لا تبالي بشيء سوى بالمواضيع المحرّمة ...
كنا نختار أحد الأفلام من القائمة المعروضة على إحدى المنصات ... وقع إختيارها على فيلم الاسكندر الاكبر ... قالت أنه آخر فيلم شاهدته مع أبي قبل أن تلدني بأيام ...
حقيقة لست من هواة الأفلام عامة وخصوصا هذه النوعية لكني أمضيت قرابة الثلاث ساعات سعيدا بعودة التقارب العادي بيني وبين أمي ...... كانت تتحدث بسرعة وطلاقة ... هو شعور من إسترجع ذكرى سعيدة فأسعدته ... فقط هي لقطة بين البطل وأمه بعد مشادة كلامية بينهما قبّلها من شفتيها فبصقت في وجهه ثم خرج ولم يعد إليها ثانية ... لم أفهم أهي القبلة أم الفراق من تسبب في تغيير حال أمي .... لا اعتقد أن عقلها تابع الفلم تزامنا مع عينيها ... كانت شاردة ...
أحسست أن الكآبة سيطرت على المكان وخشيت أن تنفر أمي من مسامرتي ليلا وتعود لفراغها ثانية ... فتحت حديثا عن الفيلم بحكم بعض الخبرة البسيطة التي إكتسبتها عن تقنيات التصوير والصوت والمونتاج ... أحسست أن أمي بدأت تتجاوب مع كلماتي فإسترسلت حتى وصلنا للسيناريو وعلاقته بالقصة أو الأسطورة ... حقيقة لم أكن ملما بخبايا التاريخ فتركت العنان لأمي تقودني حيث شاءت ...
هنا تيقنت أن أمي تعشق أن تكون هي سيدة الحوار ... أو تهوى أن تلعب دور المعلمة ... فتركتها تتمتع مع بعض المناكفات ... جن جنونها لما تطرقنا لفشل تلك الشخصية الاسطورية ...
- تعرفي إنه الشخصية دي نص الي بيتقال حواليها كذب ؟؟؟؟
- إزاي ده إحتل العالم المعروف ساعتها ... ده وصل إحتل الهند ؟؟؟
- طب معلش إزاي هو وصل إحتل الهند إلي في آخر الدنيا وروما و قرطاج فردة كعب من بلده وما قرّبش ناحيتهم
- قصدك إيه ؟؟
- إلي أعرفه إنه تاريخيا وقت بروز قوة المقدونيين كان الرومان والقرطاجيين نازلين طحن في بعض في المتوسط ... صح والا أنا معلوماتي غلط
- صح بس مش فاهمة وجهة نظرك ؟؟؟
- طب إذا كان هو بالعبقرية والعظمة دي وكل الي إتحاكا عنه صح ليه ما إحتلش القوتين الي اقرب لبلده ؟؟؟
- (هنا شعرت أني هزمت امي وتطرقت لفكرة لم يطرحها أحد قبلي ... فطال صمتها)
- طب مش المفروض روما وقرطاج بكل الثروات والأساطيل والقوة والمستعمرات يكونوا اول أهدافه ؟؟؟
- (فكرت أمي قليلا للخروج من هذا المأزق) طب ما تعكس كلامك ؟؟؟؟
- إزاي ؟؟؟
- ليه روما و قرطاج ما حدش منهم حارب الاسكندر الاكبر ؟؟؟ رغم أنهم كانو مالكين المتوسط ساعتها
- ببساطة لانهم ما كانوش شايفينه ... ولا دولة منهم كانت شايفة إنه بشكل تهديد عليهم ؟؟؟
- أو ممكن هو كان ذكي ... سابهم يخلصو على بعض والي يكسب منهم يفضاله
- طب كده كلامي يبقى صح ؟؟
- صح إزاي ؟؟ ... إنه ما يحاربش غير الممالك الي يقدر عليها .. وبكده تبقى أسطورة مزيفة
- إلي واخذ عقلك ؟؟؟
- (كمن صحى من غفوة) ... تعرف ؟؟؟ ... أنا وأبوك إتناقشنا في الفلم ده كثير والحوار ده كثير ساعتها
- لا صحيح ؟؟؟
- أه بجد ... بس مش بالطريقة دي ... أبوك كانت أفكاره شبهك كده بس مش بنفس الطريقة
- (هنا إسترجعت تلك الجملة القديمة) مش قلتلك أنا نسخة محدّثة منه ؟؟؟
- (هذه الكلمة صارت تعبث بعقل أمي) طيب قلي إيه رأيك في علاقة الاسكندر بامه ؟؟
- بصراحة أنا شايف إنه لولا أمه ماكانش وصل للي وصله
- بس هو بقى شايفها عدو
- عشان كده إتهزم
- لكن هي حبّت تسيطر عليه ؟؟
- لانها شايفة انه صنيعة إيديها وده من حقها ...
- حقها إزاي
- هي ضحّت عشانه وكانت بتحميه من المؤامرات وأصلا هي الي صنعت كل الاساطير دي حواليه
- تعرف أنا وأبوك كمان إتناقشنا حوالين الموضوع ده زمان
- لا يا راجل ؟؟؟
- لا بجد ... بس هو ساعتها كان بيدافع عن الابن وأنا عن الام .. ومعاك الوضع إتغيّر
- ممكن عشان أمه مش شبه أمي ؟؟؟
- تقصد إنه في شبه بيني وبينها
- مش في الشكل ... انتم الاثنين شبه بعض في الشخصية ...
- (أحسست أن كلامي وصل لاعماق قلب امي) إزاي بقى
- بصراحة أنا ما اعرفش اي حاجة عن علاقة ابويا بامه بس إنت شبه أم الاسكندر كثير
- فهمني ؟؟؟
- يعني التضحية ... ربيتني وإنت لوحدك ... ضحيتي بشبابك عشاني ... مسيطرة نوعا ما ... بتحبيبني ... تعرفي تختاري الطريق الصح ... (صمت أمي دفعني للمزيد) بس إنتي أحسن منها بكثير
- (نظرة من أمي دفعتني للمواصلة) وده من إمتى ده
- أقولك الحقيقة ولا تزعليش ؟؟؟
- أكيد .. أنا عمري ما أزعل منك لما تصارحني
- زمان كنت شايفك أم متسلّطة ... قوية ... أوامر وبس .. الحقيقة كنت عاذرك حتى من قبل ما ابتدي أفهم الدنيا ... يعني أم أرملة في سنك و بتعاني ظروف مادية وإجتماعية زي الي عشناها لازم تكون بالجبروت ده
- جبروت حته وحدة
- خليني أكمّل
- كمّل
- أه جبروت ... كنت باخاف منك بجد ... مش خوف الابن العادي من أمه ... بس خوف الانسان من القدر ... لكن من كام شهر الوضع إتغيّر
- قصد من موضوع الاكادمية والي جي بعديه
- أيوه هو ده
- طب إتغيّر إزاي
- ما بقتش أخاف منك ... (نظرة امي تعكس أن كلمتي جرحتها) .. بقيت بأخاف عليكي ... ومش خوف إبن عادي على أمه إنما خوف الانسان على دنيته كلها ...
- إنت بجد بقيت شايفني دنيتك كلها
- إنت شايفة حاجة ثانية
- يعني إنت العمر لسة قدامك ... مستقبل وإرتباط وزواج ... مسيرك هتستقل بحياتك و تروح بعيد عنّي
- (هذه الجملة أرعبتني) مستحيل أبعد عنك ... وبعدين زواج إيه ونيلة إيه ... إحنا في ايه والا ايه
- با ابني دي نواميس الكون ... حتى العصافير بتهجر عشها لما تتعلّم تطير
- بس أنا ما باطرش ومش حابب اتعلّم أطير
- يعني هتفظل ملازمني كده كثير ؟؟
- هو الباين شكلك زهقتي مني وعاوزة تشوفيلي صرفة ؟؟؟ ... هو في إيه ؟؟؟
- ايه خلاك تقول كده ؟؟
- مش عارف بس حاسس كده ... من يوم حوار الاكادمية وانا بافكّر في الموضوع ده
- موضوع إيه ؟
- موضوع إنك حاسة إنك أديتي الامانة وأنا كبرت ولازم أطلع من العش واطير بعيد عنك
- إيه الي انت بتقوله ده ؟؟
- يعني لو الموضوع ده بجد ... قوليلي ... في حد دخل حياتك ؟؟
- إنت بتقول ايه ؟؟؟
- عاوز اسمع منك
- تسمع إيه ؟؟ هو إنت متخيل إنه بعد العمر ده كله انا اعمل كده
- عمر إيه ؟؟؟ ... كثير في سنك لسة ما تزوجوش من اساسه
- هو انت بتشجعني على كده ؟؟؟
- أنا لو حد قرّب منك اطيّر رقبته بس عاوز اسمع منك
قالت أن وجودي كجزء منه بدأ يحبوا على الأرض وهي لم تخلع سواد الحداد بعد كان كتعويض لها عن فقدانه ... وكل ما كبرت في السن كانت تحاول تفادي أخطاءه في شخصيتي ... قالت أنها أرادت صنع نسخة منه دون أخطاء ... نسخة تستطيع العيش معها براحة وأمان ... هنا استنتجت أن أمي غاب عنها هذا الشعور في حياة والدي ...
طوال عمري حاولت ان تصوّر لي أبي بصور نموذجية ... إله من آلهة الإغريق لا عيب فيه ... وحتى الآن كانت تفضفض بحذر أن تخدش ذلك التمثال ... كلامها المبهم اثار فضولي وعصبيتي في نفس الوقت ...
- طيب معلش هي إيه الحاجات الي مش عجباكي في صورة أبويا ؟؟؟
- ما اقدرش أقلّك عشان صورته ما تهززش في نظرك
- صورته ؟؟؟ ... صورته إلي أنا كسرتها بايدي ؟؟؟ (وأشرت لصورتنا التي تزيّن الحائط)
- ما إنت حطيت صورتك مكانه ؟؟؟
- طب ما تحطيني إنتي مكانه ؟؟؟ وإحكيلي
- ياه الوقت إتأخّر كثير ... إنت ما وراكش حاجة بكره ؟؟؟
- أنا من هنا ورايح ما وراييش حاجة غيرك
- (بنبرة صوت ملأها الدلال الانثوي) يا بكاش روح نام عشان ما تتأخّرش على البنت المفعوصة بتاعتك
- بنت مين ؟؟؟
- ايوة إعملهم عليا ؟؟؟
- تيسير ؟؟؟
- دي مجنونة
- بس مزة
- دي مزة ؟؟؟ ... بركة إنه ما لكيش في الحريم والا بذوقك ده كنا رحنا في داهية
- ومين قالك إنه .. (وفجأة سكتت كأنها تراجع كلام كانت ستقوله) ... مين قالك إنه ذوقي وحش .. طب سيبني أخترلك عروسة وهتشوف ؟؟؟
- لا طالما هتختريها شبه تيسير يبقى خليني فرداني أحسن
- طب إنت عاوزها شبه مين ؟؟
- لو شبهك إنتي يبقى تمام أقل من كده مش هأرضى
- شبهي ؟؟؟ ... تصدّق ما فيش حد شبهي غير خالتك ؟؟؟
- بس خالتي في أوروبا ؟؟؟
- ولو كانت هنا كان ينفع تتجوزها
- أه حقيقة ما ينفعش ... دي متزوجة
- يخرب بيتك يا حمار
" جاتك ضربة "
في الايام الموالية لم يطرأ تغيير على حياتي اليومية مع أمي ... فقط بدأت أستشعر الضجر في تصرفاتها... ليلا نشاهد فيلما ثم نناقشه ... بدأت شيئا فشيئا أفرض وجهات نظري على أمي حتى وإن كانت معلوماتي لا تسمح لي بذلك لكني تعلمّت منها فن المحاججة فصرت أهزمها فيه ...
رغم أن مدونة امي كانت تعج بالمتدخلين والمعلقين وطالبي المشورة إلا أنها كانت ترد بإقتضاب أو ببرود ... كأي موظف يقوم بواجبه دون شغف ... هنا تيقنت أن أمي لم يعد يستهويها من مشاكل روادها سوى القصص ... هي الاسرار من وراء الابواب الموصدة فقط ما كانت تبغي ...
رغم محاولتي إرسال بعض القصص السرية عن علاقات أخرى .. منها الخيانة ومنها الحب ومنها علاقات خارج إطار الزواج لكنها لم تتفاعل معها بنفس الروح كمن سبقتها ...
تصادف أن كانت دروس تلك المرحلة في المعهد عن هندسة الصوت ومن ضمنها برامج تغيير الأصوات ... قال مدرسنا أنه يمكن أن تستعمل في بعض البرامج الإجتماعية أين يخشى المتدخّل أن تكشف شخصيته من صوته ... تفاصيل تقنية كثيرة تعلمتها بإهتمام ... إهتمام من سلب لبه عالم الميلتميديا ... وتركيز من بدأت فكرة جديدة تتخبّط في رحم عقله ...
بعد أيام كنت قد تفوقت فيها على الجميع في هذا الميدان دون غيره ... وكعادة تيسير في مشاكستي إقترحت عليا بما أنها صدّقت أني أبيع القصص الجنسية ولها مردودية مادية محترمة ... إقترحت عليا في فكرة مجنونة منها أن ننتج قصصا صوتية ... أنا أكتب وهي تمثّل وهنا لمعت فكرة جديدة في عقلي ...
لا أعلم السبب ولكني أردت أن أعيد وفاء لشغفها المفقود لكن هذه المرة بطريقة أكثر إقناعا ... إستعملنا استوديوهات المعهد للتسجيل ... العجيب في الامر أن تيسير الغبية في كل شيء اتقنت تمثيل دور راوية القصة ... لم تخطأ في حرف رغم أن الموضوع لم يكن مستساغا لها لكنها أبدعت في لعب دورها ...
الموضوع لم يكن معقدا من تغيير صوت شابة لصوت امرأة ... فقط بعض التعديلات التي حرصت عليها وعدت للبيت متسلحا بقصة تدوم لساعات ...
بعد العشاء كانت هي اللحظة الفارقة هل ستلتحق بي أمي لممارسة عادتنا المتفق عليها حديثا أو سيسحبها الحوار الجديد ... حضّرت كل شيء المجلس والفيلم ومستلزمات السهرة وإنتظرت قرارها إما أن تعيش معي دور الام أو تعيش مع الام التي تلعب دورها تيسير ... لكنها خيّرت متابعة الحوار وهنا وصلتني الرسالة ...
لم أكن مخطأ حين قررت تقريب الشخصيات من واقعنا ... كل من مر عليها في التجارب السابقة أحداثهم وظروفهم بعيدة عنا ... لكن هذه المرة تفتق خيالي لتقريب أحداث القصّة لي ولها ...
الحكاية بدأت كتابية فرح ... سيدة تتحدّث ... في أول سنتها الاربعين كما فعلت سابقاتها عن تجربة عاشتها ... لكنها أوهمت وفاء أنها تضجر من الكتابة كثيرا وللحكاية تفاصيل لا تسعفها قدراتها على التعبير عنها كتابيا ... كنت أراقب أمي من خلف جهازي وهي ترتعش لتركيب سماعاتها والتأكد من سلامتها أكاد أجزم أنها لاوّل مرة تستعملها في حياتها ...
تغيير ملامح وجهها مع وصول أوّل رسالة صوتية بعثتها لها تأكد أنها إبتلعت الطعم ... كمن سحبتها رمال كلمات متحركة غرقت منصتة لما كتبته أنا وما قالته تيسير
" زي ما قلتلك أنا إسمي فرح ... ست بسيطة ... ما كمّلتش تعليمي وإتزوّجت وخلّفت ولد بعد سنة واحدة من الزواج ... ولد زي القمر إسمه فواز ... كانت حياتي زي الحلم بالنسبة لاي وحدة ... بس بعد سنتين من ولادة فواز زوجي يتورّط في قضية مخدرات و يتحكم عليه بالمؤبّد المضاعف يعني لا أمل انه يشوف النور من ثاني ... وبرغم أنه كان سايب أملاك كثير لكنها كانت باسمه ...
أنا وسط الصدمة والدربكة والمحامين والدوشة دي راح رافع قضية طلاق من السجن وطلّقني وإخواته استولو على كل حاجة ... ما فظلش غير بيت صغيّر كان مكتوب باسم ابني وده الي عشنا فيه ... هو فلت منهم لانهم كانو هيتدبسو في حضانة ابن أخوهم ... أنا اصلا كرهته وكرهت كل حاجة من ريحته ... أمه الي هي حماتي كانت بتحاول تساعدنا بس انا كنت رافضة آخذ منهم اي فلوس متوسخة ...
أنا بعد كل الي حصل ده اتفرّغت لابني ... وبرغم إن عيلتي جابولي كام عريس كده سكند هاند بس انا رفضت ومع الرفض لقيت نفسي لوحدي ... وعشان أوفر مصاريف إبني اشتغلت في معمل ملابس جاهزة وبقيت خياطة شاطرة ... الشغل والبيت وفواز ما خلونيش احس بالسنين بتجري ولاني ما حستش بيها ما أثرتش عليا لا في الروح ولا في الجسم ...
في الدنيا دي كلها ما كانش ليا غير صاحبة وحدة بتيجي تزورني ... فواز بيحبها جدا وبما إنه بيتنا قريّب من البحر كانت كل صيف تيجي تقعد عندي منها توانسني ومنها نتمتع بالشط ...
فواز كان شاب زي العسل .. لا بيدخّن ولا بيسهر ولا بيصاحب شلل فاسدة ... ومجتهد في دراسته وبيرضى بقليله ... أحيانا كان بينزل يشتغل عشان يوفّر مصاريفه ... مرة في السوق ومرة في محل ... برغم إني حاولت ما أخلهوش يبان أقل من زمايله ... بس الحمل كان ثقيل عليا .... يعني معاه تلفون وجهاز كمبيوتر على القد ... كان حلمه يشتري مكنة تصوير ... لما نجح في الثانوية العامة أخذت سلفة وإشترتله كاميرا كهدية ... كان هيطير مالفرحة ...
في الصيف قبل الي فات ابتدت الحكاية ... صاحبتي كانت عندها بنت أختها وجات تصيّف عندها ... عمرها حوالي 26 سنة وزيها زي كل بنات جيلها ... متحررة في لبسها وتصرفتها ... في الاول وجودها في بيتي كان عادي لغاية ما إبتديت ألاحظ إنه فواز ما بقاش يطلع مالبيت طالما هي موجودة فيه ...
وده خلا كل أجهزة الاستشعار عندي تشتغل من غير ما أخلي حد يلاحظ ... هما كام يوم ويعدو ... البنت دي طول الوقت بتشتم في البلد وعايزة تهج باي طريقة ... الكلام ده كان بالنسبة ليا خطر ... لو فواز إتأثر بكلامها هأبقى خسرت عمري كله إذا هج أو هاجر بعيد عني ...
في يوم لاحظت إنه بيحاول يسحبها تتكلم معاه على إنفراد ... كان بيوريها الكاميرا بتاعته وشوية صور مصورهم ومنزلهم على جهاز الكمبيوتر ... الموضوع يبان طبيعي بس في حاجة في صدري مخلياني مستنفرة ...
كنا أنا وصاحبتي في المطبخ وهما الاثنين في الصالون ... إتسحبت وشفته وهو بيديها فلوس ... ما فهمتش إيه الي بيحصل ... خمسين ألف سؤال دخلو دماغي ورى بعض ... فواز جاب الفلوس دول منين و بيدهملها ليه وايه السر الي ما بينهم ... كملت يوميها ماسكة نافسي بالعافية ... وعشان ما أخسرش صاحبتي طلعت بحكاية إنه حد في عيلتي توفى ولازم أسافر وبكده هما الاثنين لازم يروحو ..
فواز كان برى البيت ولما رجع ما لقاهمش وشه راح ألوان ورجع ألوان ... أنا هنا فهمت إنه موضوع مرواحهم زعله ... وهنا قررت أواجه ... من غير مقدمات وبكل غل الايام الي فاتت رحت رازعاه كف على خده صوته طرقع برى البيت ... الولد ما استوعبش الي حصل ... وأنا بركان وإنفجر في وشه شتايم وضرب وهو واقف مش فاهم حاجة لغاية ما مسك إيدي عشان أبطّل ضرب فيه وزقني على الكنبة وطلع برى البيت بيجري ...
لاوّل مرة يعمل رد فعل عنيف معايا ... ما اعرفش ليه ساعتها حسيت بالندم ... ممكن اتسرعت ... بس حسيت إنه الولد كبر وكأي أم عمرها ما تصدّق إنه إبنها يكبر عليها ... فواز عمره ما طلع من طوعي وعمره ما راح مكان أنا ما اعرفوش وعمره ما خبى عليا ...
إستنيت لساعات إنه يرجع بس الليل راح نصه ولسة ما رجعش وساعتها قلبي بقى ددمم من الخوف والزعل عليه ... أول حاجة جات في دماغي إنه عمل في نفسه حاجة ... الدنيا كلها ولى تسوى إني أخسر شعرة من إبني ... طلعت برى البيت في آخر الليل أدوّر عليه ... كل خطوة قلبي كان بيتخطف ودماغي بتروح وتجيب ... خمسين الف سيناريو إسود شفتهم قدام عينيا ...
قبل الفجر لقيته قاعد على سور جنب البحر ... أول ما شفته اترميت عليه وحضنته ... بس هو زقني وحاول يبعد عني ... كنت بابكي وأنا باترجاه نرجع البيت وهو بيعاند لغاية ما إقتنع ساعتها حسيت بالندم بجد ...
في البيت بعد ما هدينا حاولت ارجع أصالحه لكنه ما كانش يكلمني وأنا الحقيقة ثقل على روحي أعتذرله ... بعد يومين عدو عليا كإنهم سنين رحت لغرفته ... كان عامل نفسه نايم ...
- طب إنت هتفظل مخاصمني كثير ؟؟
- عادي ... إضربيني ثاني لو إشتقتي لده أنا قدامك أهو
- إنت زعلان عشان ضربتك ؟؟ ... هي أول مرة ؟؟
- بس أنا ما عملتش حاجة تزعلك وتخليكي تضربيني ؟؟
- ما عملتش حاجة ؟؟؟ ... طب عيني في عينك كده ؟؟
- أه ما عملتش حاجة ؟؟
- طب والفلوس وحواراتك إنت والبنت بقالكم كام يوم ؟؟؟
- (فواز سكت لمدة طويلة مالصدمة)
- شفت انك عامل عملة ولسة بتكذب عليا
- (لاوّل مرة أسمع نبرة صوت فواز بقت صوت راجل) كذبت عليكي ممكن معاكي حق إنما عامل عملة فده مش حقيقي
- يا سلام ؟؟؟ طب جبت الفلوس دي منين وبتيدهم للبنت قليلة الادب دي ليه
- أولا البنت قليلة الادب دي إنتي الي جبتيها عندنا مش أنا وثانيا أنا راجل ومن حقي أجيب فلوس واعمل الي انا عاوزه
- تعمل الي إنت عاوزه ؟؟ ... يا سلام ؟؟ مش مكسوف من نفسك تقول كده قدام أمك
- لا أنا حر وأنا مش غلطان ؟؟
- ده إنت الغلط راكبك من ساسك لراسك ؟؟ في بيتي وأنا موجودة ومع القحبة دي ؟؟
- (كلمة قحبة أول مرة تطلع من لسانه في وجوده فاتصدم) .... هو إنت بتقولي ايه ؟؟؟
- باقول الي شفته بعيني ؟؟؟
- شوفتي ايه ؟؟
- شوفتكم وإنتم بتتسحبو لوحدكم ؟؟ وشفتكم خارجين من غرفة الكراكيب ؟؟؟ وشفتك بتديها الفلوس ؟؟
أول ما فتح الباب اتصدمت ... الكراكيب إتحوّلت أستوديو تصوير ... اضاءة وكهرباء ... وزينة عالحيطان وبتعات متعلقة وحاجات شبه الشمسية يمين وشمال ... وهدوم متعلّقة في ركن لوحدها ... من الصدمة لساني اتخرس ...
- وعملت كل ده إمتى وإزاي وجبت المصاريف دي منين ...؟؟؟
- إمتى وإزاي ده حوار طويل والمصاريف حوار أطول
- فهمني وأنا ورايا حاجة غيرك
ما عرفتش اتصرّف إزاي وما فهمتش شعوري إيه ساعتها من ناحية كان الندم واكلني على إني إتصرّفت بغلظة معاه وفي نفس الوقت حسيت إنه الولد كبر وبقى ممكن يعتمد على نفسه والمصيبة إنه تملكني الرعب للشعورين دول ما قدرتش أتخيّل إنه فواز كبر ودي أول خطوة إنه هيبعد عني
طول عمره وهو مرتبط بيا عاطفيا ومحتاجني ماديا وده إلي خلاني أصارع الدنيا وأستحمل كل حاجة مرت في حياتي عشان خاطره ... دلوقتي بمجرّد إنه بقى ممكن يجيب فلوس ويعتمد على نفسه حتى نسبيا خلاني مش عارفة أتصرّف
المصيبة الثانية إنه بقى في بنات ومودل ومواضيع أنا مش عارفاها وهو شاب وفي سنه ممكن يعجب بوحدة وبكده يبقى راح مني بجد ... ساعات باحاول أقنع نفسي إنه ده الطبيعي وهيحصل في يوم من الايام لكن قلبي ماكانش يطاوعني إني اتخيّل ده
إتكلمنا كثير بعد الاكتشاف ده ... أنا عاهدت نفسي إني ما إتصرّفش معاه ثاني كده وهو عاهدني إنه مش هيخبي عني حاجة ثاني ... وده إلي حصل ...
شوية شوية وبحكم إنه فواز موهوب بجد في التصوير زباينه تزايدوا وبالطبع فلوسه بقت أكثر ... والمصيبة إنه المودل بقم أكثر ... وبرغم إنه جلسات التصوير دي كانت بحضوري بس كنت هأنفجر كل مرة تيجي وحدة البيت وأحس إنه فواز بيتعامل معاها بشوية إهتمام ....
من ناحية ثانية فواز كان بتعامل معايا زي ما اكون مديرة أعماله أو شريكته في الشغل ... بيديني كل الفلوس إلي بيكسبها وأصلا انا الي بأحاسب المودل وبقيت باتعامل أصلا مع المصممين أو اصحاب البضايع ...
الموضوع كان ماشي عادي ... كل كذا يوم تيجي شوية ملابس نصورهم ونبعث الصور وبعد كام يوم تيجي شوية فلوس ... التصوير أحيانا كان بيكون في الاستوديو وساعات في أماكن برة البيت ... والموضوع ده زوّد عليا مشاغل اكثر من مشاغلي بس ما كنتش قادرة أسيبه لوحده مع كمية البنات دول ...
ودول مودل ... هما صحيح مش محترفين بس حلوين ومثيرين ... وهو شاب صغّير ... فواز كان بيتعامل مع الموضوع ده على إنه تسلية بحكم إنه بيمارس هوياته ... بس أنا كنت شايفة الموضوع بوجهة نظر مختلفة ...
في يوم كنا قاعدين أنا وهو في البيت لوحدنا ... ما كانش عندنا حاجة نعملها وساعتها طلعت في دماغي فكرة ... إذا كان فواز بيعاملني كشريكة فليه ما نبقاش شركاء بجد ... بكده أظمن إنه هيبقى معايا وتحت عيني مهما كبر ومهما إتغيّر ...
إقترحت عليه إننا نعمل شوية منتجات خاصة بينا وبحكم إنه أنا خبرة في التفصيل والخياطة وهو بيصوّر يبقى المكسب كله لينا ... فواز وافق وبسعادة ومن غير تفكير ... إستعملنا شوية الفلوس إلي كسبناهم وإشترينا مكنة خياطة حديثة وكل مستلزمات القص والتفصيل وشوية قماش وما تبعه ... وإبتدينا
الحقيقة أنا كنت فرحانة إني باعمل الحاجة إلي باحبها وفواز بيشاركني ... كنا بجد مش أم وإبنها بس زي إثنين زملاء ... ابتدى الحوار بشوية فساتين على بنطلونات حريمي ... الموضوع بقى فيه مكسب بجد ... هنا لاحظت إنه فواز بيبقى مجتهد وفنان في كل حاجة أنا عاملاها أكثر من الشغل الي بيجي من برة ...
وطبعا عملنا صفحة فيس بوك وبقينا بننشر منتجاتنا عليها ... الي لاحظته إنه الطلب كان بيوصلنا بكثرة على الملابس الداخلية ... قمصان النوم ... البيبي دول ... وساعتها إبتدى الموضوع يتغيّر
بالنسبة ليا كان حوار تفصيل وخياطة حاجات زي كده مش مشكلة بالعكس كنت باتفنن في صنعهم بس أول مشكلة واجهتنا في إزاي هنعمل إعلانات لمنتجاتنا ... الحقيقة فواز خجل إنه يفاتح أي مودل في الحوار ده ... وأنا أصلا ما كنتش متخيّلة إنه هيشوف بنت لابسه هدوم كده واقفة بتتصوّر قدامه ...
المشكلة إننا صرفنا كثير على البضاعة دي وكان لازم نبيعها ... حاولنا نعمللها صور لوحدها من غير جسم بس ما جابتش نتيجة ... نادرا ما يوصلنا طلب لحاجة منها ... حاولت أفاتح وحدة مالبنات لكنها رفضت والثانية طلبت مبلغ كبير ومن غير وش
بما إن الصور من غير وش وفي حركة لغاية دلوقتي مش عارفة إزاي طلعت منه ... وبما إننا بقينا بنتعامل كشركاء فواز طلب مني إني أتصوّر أنا بالهدوم دي ... في الاول كنت فاكراه بيهزّر
- إنت بتقول ايه ؟؟؟
- أنا باتكلّم بجد ؟؟؟
- أنا أبقى مودل وأتصوّر
- طب وإنتي ناقصك ايه ... ده حتى إنت جسمك مناسب أكثر منهم
- بلاش قلة أدب
- أنا باتكلّم بحكم الخبرة ... البنات دول ما ينفعوش لهدوم ز يدي ... وإنت وشك مش هيبان فإيه المانع
- إيه المانع ؟؟؟
- أه أولا هنتخلّص من تدبيسة البضاعة دي ثانيا هنوفّر أجرة المودل وبكده نبقى كسبانين
- طب وإنت ترضى إن الناس تشوفني كده
- أولا ده شغل ثانيا هو مين هيعرفك أساسا
- (سكت ما قدرتش ارد) .. طب وتفتكر أنا أنفع لكده
- إنتي أحسن وحدة تنفعي لده
- وإيه الي يخليك متأكد من كده ؟؟
- قومي شوفي نفسك
فواز أول ما حس إني إبتديت اقتنع سحبني عشان ندخل الأستوديو ... أنا كنت باسحب نفسي لورى وباقاوم ... وهو كان مصرّ ... برغم كل محاولاته رفضت ... الموضوع كان ثقيل عليا خصوصا إنه التصميمات دي مخصصة لغرف النوم ... مش للنوم
بقينا كام يوم والموضوع ما إتفتحش ما بينا ... بحكم وضعيتنا كنا نادرا ما نطلع مالبيت أنا وفواز ومع الشغل الإضافي الي كان واخذ كل وقتنا بقينا محتجزين في البيت ... في يوم الشارع كان كله دوشة وصوت مزيكا عالية والناس ملمومين ... فرقة سيرك كانت بتزور المدينة وعاملين إستعراض زي الاشهار كده ...
شوية حيونات ... أحصنة صغيّرة وكلاب ظريفة وأسود وفيل وناس كثير ... بنات بملابس متزركشة ... بحكم إنه الحاجات دي مش منتشرة في تونس والموضوع كان مثير نوعا ما ... أصريت إننا نروح نحضر العرض ... فواز كان هيطير مالفرح ...
دخلنا ثاني اليوم العرض الاول ... جو جميل وألعاب وفقرات ساحرة ومثيرة وأحيانا خطيرة ... أنا كنت مبسوطة لدرجة إنه باين على وشي ... وفواز كان زي العيّل الصغيّر ... بيصقف وبيتنطط ويصفّر
الحقيقة هو عمره ما عاش صغره زي باقي الناس ... المفارقة بين جسمه الي بيدل على إنه بقى شاب وبين تصرفات إنه بقى راجل ... حسيت إنه بيحن يرجع صغيّر ...
في العروض كانت اغلب البنات لابسين لبس شبه عريان ... هي لزوم العرض كده ... في فرقة منهم متكونة من ولدين وبنت وست كبيرة شوية ... الاولاد في سن الشباب ... بحكم الشبه باين إنهم عيلة وحدة ... أم وأولادها
العرض خلص وإحنا مروحين ... كنا بنحكي عن العرض والسيرك ... وبالطبع فتحنا موضوع الفرقة دي ... ومنها فواز رجع لنفس الموضوع ... إزاي الاولاد بيلعبوا وبيشاركوا مع أمهم وأختهم الشغل ... وإنهم متقبلين كل ظروف الشغل بخطرها بلبسها ... ومنها رجعنا لحوار الصور والاشهار والشغل ...
حاول يقنعني بكل جهده ... وإنه في شباب كثير بيروحوا البحر وعادي أمهاتهم وإخواتهم يكونو لابسين بطريقة أكثر عري من التصميمات دي ... فظل يزن على دماغي لغاية ما روحنا ...
- طب تعالي نجرّب لو ما عجبوكيش ما نكمّلش
- طب مش النهاردة خليها بكرة
- لا تؤجّل عمل اليوم للغد ... مش إنتي ديما بتقولي كده
- لا في دي لازم تتأجّل
- يا ستي إسمعي كلامي
- لا الموضوع لازمله شوية تحضيرات ...
- تحضيرات إيه
- (سحبت شوية البنطلون ووريته قصبة رجلي كإشارة إني لازم أشيل الشعر) ...
- (فواز وشه إحمّر وكإنه هيتراجع) ...
- التحضيرات دي هتبقى على حسابك
- يا ستي خوذي الفلوس كلها بس خلصينا
مش معقولة الحوار كله عشان الفلوس .. وإبتدى الوسواس يدخل دماغي ... معقولة هو عاوز يشوفني كده ... بس أنا أمه ... مليون فكرة سكنت دماغي لدرجة طيّرت النوم من عيني ... بس هو عمره ما عمل حركة ولا نظرة تخليني أشك فيه
أخذت القرار إني أكتشف هو بيفكّر في ايه ورحت لمركز تجميل ونزعت الشعر وكمان عملت شعري ... أنا من سنين طويلة وأنا عايشة مهملة في نفسي وشوية العناية دي رجّعتني لسنين كثيرة لورى ...
آخر النهار رجعت لقيت فواز عامل كل شغل البيت .. من درجة التنظيف والنظام أنا ما عرفتش بيتنا ... حركات فواز بتدل على إنه متحمّس ... دخلت
كانت ركبي بتخبّط في بعض وقلبي كإنه هيتخلع ... حاولت أختار لبس ما يكونش عريان أو مثير لكن مش موجود ... دي تصميمات أنا إلي صنعتها وحطيت فيها كل خيالاتي ... وبجد كانت حاجة مثيرة ...
حصة التصوير الاولى كانت هي الاصعب ... مع شوية كلام تشجيع من فواز و شوية كلام إعجاب إبتديت اتشجّع ... وقوفي لمدة طويلة نص عريانة قدام إبني كان وضع غير مريح بالنسبة ليا ... بس فواز كان سعيد ... عملت كذا حصة لعدة أطقم كل واحد أنيل من الثاني ... هي شبه بعض أندر وسوتيانة وديما فوقيهم حاجة ... يا قميص شفاف يا مشبّك
فواز عملي كام صورة لكل طقم وطبعا بوضعيات مختلفة بتبيّن حلاوة المنتج ... شعور غريب بين الخجل والنشوة والإثارة ... موضوع إنك توقفي لمدة طويلة وتعرضي جسمك للغير ده حوار صعب ... وبيزيد صعوبة لو إنتي واقفة قدام إبنك ...
بس حسيت حصص التصوير الاولى إنه فيه حاجز وإتكسر بيني وبين فواز ... بعد الحصة على طول نزل الصور على الصفحة ... وطبعا كلامه طلع صح وإبتدينا نستقبل طلبات ... ومع الطلبات بقى فيه تعليقات ... صور بالملابس الداخلية أكيد هتجيب تعليقات قليلة الادب ومشاكسات ومعاكسات وإعجابات ...
ملامح وجه فواز كانت تدل إن ما كانش راضي عن بعضها لكن وقع في شر فكرته ... الشغل شغل ... من أوّل ليلة لاحظت إنه صورني صور كثير بس ما ينزلش منها غير إثنين أو ثلاثة على أقصى تقدير ... كنت فاكر إنه عشان شغل هواة وبس ... يعني بيصوّر كثير وبعدين يختار الاحسن عشان ينشرهم ...
بس لاحظت إنه في كل حصّة بيكرر نفس الموضوع ... ومع تركيزي في الحوار إكتشفت إنه كل ما يكون الطقم عريان أكثر ومثير أكثر الصور بتكون أكثر ... وده دخّل الشك في دماغي ... وعشان أنهي الشك ده كان لازم أشوف مصير الصور دي إيه بعد ما يصوّرها ...
بعد كام يوم كنا خلّصنا تقريبا إشهار كل الموديلات إلي عملتهم و المخزون الي كان باير إبتدى يترفع بسرعة ويتباع ... فواز كان في مشوار وأنا رحت فتحت جهاز اللابتوب بتاعه ... لقيت فولدر برايفت ... بعد محاولات إني أفتحه ... كن عامل عليه كلمة سر باسمي ... ولقيت عليه صوري ... صور كاملة بوشي وبكل تفاصيلي ... والصور دي أحلى مني الي اتعرضو ...
هنا بقى كنت هأتجنن ... هو مخلي الصور دي عنده ليه ... ليه ما مسحهاش طالما الموضوع موضوع شغل وهو مش محتاجهم ... يبقى الحوار فيه إن ولازم أعرفها ...
بالليل كنا سهرانين أنا وهو ... وبما إن خلاص ما فيش صور وأنا ما عملتش تصميمات جديدة ... إقترحت عليه إني أصمم أطقم غيرها وهنا شفته كان هيطير مالفرحة رغم إنه كان متضايق إن البضاعة دي ما إتباعتش غير بعد وقت ...
بيني وبين نفسي خلاص كنت متأكدة إنه بيحب يشوفني كده ... بيحب يشوف أمه بلانجري سكسي ومثير ... طيب كل ده ليه ؟؟ ... معقولة يكون شايفني كمرأة مثيرة وجميلة مش كأمه ؟؟؟ ... طب أنا لازم أعرف ردة فعله ... ذاكرتي ما سجّلتش أي حركة تقدر تخليني أفهم دواخل تفكيره ...
من ساعتها بقي كل تفكيري في ردة فعله هتكون إزاي ... إبتديت أحط تصميمات لأطقم تنطّق الحجر ... بقى عقلي وموهبتي وقدراتي كلها تشتغل وأنا باتخيّل ردة فعله هتكون إزاي لما يشوفني كده ... وشوية شوية أنا بقيت في حالة غير حالتي الطبيعية ... كنت أغمّض عينيا وأتخيّل فواز كراجل بتثيره مفاتن وحدة ست تقريبا عريانة قدامه وده إنعكس على شقاوة التصميمات وبالتأكيد على اللون والشكل ...
طلعت حاجة فوق الوصف من الحلاوة ... ولزيادة ضغط التيار في الموضوع تعمّدت إني أدهن جسمي بكريمات تبين نعومة الجلد مع أول طقم ... مثلث صغيٍّر على كسي وخيطين يشدوه من الوسط يعدو من بين فردتين مؤخرتي ... ومثلثين صغيرين يدوب يغطو حلمات صدري ... وعليهم زي العباية شفافة .... اللون الازرق الفاتح كان بيلمع مع لمعان جلدي ... ومعاهم عينين فواز لمعت
من غير ما استنى توجيهات لتغيير الوضعية كنت باتعمّد اقف في وضعيات وحدة عاوزة تتناك ... بين كل جلسة وجلسة كنت باختلس النظر لما بين فخاذه وهنا إتصدمت ... صدمة مضاعفة بين انه فواز بتاعه بيوقف عليا وبين حجم الخيمة إلي عملها ...
المنظر ده سرق تفكيري ... أولا كنت فخورة بيه وثانيا كنت عاوزة اعرف عنه أكثر ... ممكن أنا تخيّلت ده ... وقررت إني أكتشف الحقيقة ... أحيانا كانت بتوصلنا طلبات لبوكسرات رجالي بس كنا بنطنشها .... وبما إنه هو إلي إبتدى الحكاية معايا ... قلت أعمل معاه نفس الحوار ...
عملت كذا تصميم لبوكسرات رجالي بس إيه ... من النوع إلي بيطلعك مش لابس حاجة ... وبما إن الموضوع بقى راشق في دماغي وخيالتي كلها منصبة فيه ... مقاسات فواز ماكانتش غريبة عني ... وهنا بقى ما فيش قدامه حجة غير إنه مين الي هيصور ... وإتلكك بالحكاية دي ...
فواز ما كانش ينفع مودل ... مش من النوعية الي بعضلات و طول بعرض ... بس أغلب الشباب كده وده إلي خلاني أقنعه رغم إنه حاول يتهرّب من الموضوع ... وزي ما هو قال قبل كده ده شغل وفيه مكسب يبقى لازم يتعمل ...
موضوع إني استعمل الكاميرا ماكانش صعب ... شوية إلتزام بالتعليمات ... هو بيضبط الزاوية وأنا بس بادوس عالزراير ... أول تجربة فواز كان واقف ببوكسر رمادي لازق على جسمه ... كنت حاسة إنه مكسوف ودي حاجة أسعدتني ... كإنه إنتقام لنفسي منه ...
من غير شعور عيني جات على منطقة تحت بطنه ... فيه تكوّر باين شوية بس مش ده إلي كنت متوقعاه ... عملنا كام صورة ... ورحنا نحاول نختار أنهي الاحسن ... رغم إنه فيه كام واحدة ممكن ينفعو بس أنا أصريت إننا نعيد الجلسة وده فتح موضوع نقاش كبير ما بينا ...
- طب هي مالها الصور ؟؟؟ ...
- مش عارفة حاسة إنها مش جذابة كفاية
- ما قلتلك أنا ما انفعش مودل تصوير
- يا سلام إذا كنت أنا نفعت
- الموضوع مختلف
- لا مختلف ولا حاجة إنت إلي بتلكك
- طيب فهميني إيه إلي ناقصها
- شوف الناس لما تحب تختار حاجة بتختارها حسب الاماني ... الزبون بيتخيّل نفسه شبه الصورة ودي بتخليه يشتري الطقم الي بيتخيّل إنه هيناسبه أكثر ... وده جاب نتيجة في الموديلات الحريمي
- فهميني ؟؟
- طب وعاملي فيها مصوّر محترف وبتاع ...
- (تعبيراته بتاكد إني جرحت كبريائه) ... طب منك نستفيد يا هانم
- في الموديلات الحريمي ... الست بتشتري اللانجري إلي بتشوف فيه نفسها مثيرة ... بتبين أماكن الجمال فيها وده الاساسي في طريقة الاختيار ... مع الرجالة الموضوع مختلف
- مختلف إزاي
- الراجل بيشتري الملابس الداخلية الي بتكون مريحة ليه في أي وضعية لانه هيلبسه طول اليوم ... والاحسن يكون شكله حلو ومريح في نفس الوقت
- برضو مش فاهم
- (هنا أنا حسيت بالحرج ) ... الراجل بيختلف عن الست في المقاسات ... عندو حاجات بتكبر وبتتقلّص حسب الوضع فهمت
- حاجات إيه
- (هنا مش عارفة بيستعبط وإلا دي الحقيقة فنطقت ) بتاعه يا ابني ساعات بيوقف وساعات بينام وساعت يبقى نص نص
- (فواز وشه إحمر بس فهم قصدي) وده دخله إيه في الصور
- ماهو لازم يشوف الصورة وبتاعك واقف عشان يتطمن إنه البوكسر مريح
- ودي نعملها إزاي
- داهية لا يكون بتاعك ما يوقفش
- لا بيوقف بس هو دلوقتي نايم
- طب صحيه
- مش هاعرف
- طب ما تدعكو وهو يوقف ؟؟
- أدعكو ليه ... هو بيوقف لوحده وبينام لوحده
- يعني عمرك ما دعكتو
- لا
تيار كهربائي ضرب جسمه لغاية ما إرتعش وصدمة كهربائية ضربت صدري وجسمي خلتني مش عارفة اتحكم في حركاتي ... بس شوية وركّزت ... مع أول لمسة لجلده وزبه تجاوب ووقف نص نص ... أول ما إيدي لمسته إبتدى يكبر بين صوابعي ...
إحساس إنه بتنفخ في إيدي خلاني مش فاهمة إيه حصلي ... تغيّر الحالة من الليونة للقسوة ولّع نار في جسمي ... هما لمستين ورى بعض من فوق البوكسر وخلاص بقى على آخره ... منظره من تحت القماش سرق عينيا ... ريقي نشف وصوابعي بترعش وقلبي هيوقف ...
عشان أهرب من حالتي دي وقفت ورى الكاميرا وحاولت أركز في الصور ... لكن بكده هأركز في الي أنا هربت منه ... هما كذا صورة ورجعنا نتناقش في جودتهم ... أنا كنت راضية ... مش عن الصور بس راضية إني إكتشفت هو مخبي إيه تحت هدومه
الموقف ده ورغم إنه متغلّف بشغل ومع إبني بس خلاني استرجع مشاعر وأحاسيس ما عرفتهمش من سنين طويلة وممكن ما عرفتهمش أصلا ... ما كنتش عاوزة الموضوع يخلص ... كنت عاوزة أشوف أكثر ... وده خلاني اصر إننا نعمل جلسة تصوير ثانية ...
فواز كان عاوز يطلع يغيّر في غرفته بس أنا رميتله كام قطعة كده وقلتله إلبس مافيش وقت ... في الاول إتكسف بس ما لقاش مهرب ... لكنه إداني ظهره ... مجرد إني شفته عريان ده زود نار الفضول جوايا ... كنت فاكراه فضول
مش عارفة إيه القوة والجرأة إلي تملكتني ... بعد ثالث جلسة تصوير فواز كان بيحاول يلبس البوكسر مع السرعة والارتباك لبسه مقلوب ... شوية سخرية خفيفة مني وبخطوتين لقيت نفسي قدامه ... نزلت على ركبي و من غير تردد قمت ساحبة البوكسر لغاية ركبه ... عمود وإنتصب قدام عيني ... إيديا إرتجفت وصدري تهز من المنظر
وحدة بقالها سنين ما شافتش المنظر ده حتى في الصور مش ممكن تقاوم إنها تشوفه على بعد شبر منها ... لكني غلبت نفسي ... ورجعت لورى الكاميرا ... هو كان ملجأ ليا بس ملجا مؤقّت ...
من ساعتها وأنا بقيت باشوف فواز بنظرة مختلفة ... نظرة الراجل الي بيمتلك كل الي ناقصني ... موضوع إننا بقينا بنتشارك كل حاجة حوّل صورته من إبن لشريك ومن هنا تقريبا بقيت باشوفه بطريقة ثانية
منظر بتاعه وهو واقف قدام عيني مع ذكريات ملمسه خلات جسمي يولّع كل ما يكون جنبي وحتى لما يكون بعيد ... للأسف الموديلات إلي عملتها خلصت وخلصت معاها حصص التصوير ... فترة الفراغ دي خلاتني أفكّر وأراجع كل تفصيلة في الموضوع ده إبتدى إزاي ... فواز هو إلي كان حريص إني أنا الي اعرض الأطقم من الاوّل .. فرحته لما وافقت إني أعمل ده وإرتباكه وحماسه كلها بتدل إن الموضوع أكبر من حكاية شغل وصور ومبيعات
طب ما أنا حصلي أكثر منه ... أنا الخبرة والسن ... الكبت والحرمان عندي والرغبة وحب الإكتشاف عنده ممكن توصل لنفس النتيجة ... حاولت أبعد الفكرة دي كثير عن دماغي بس ما قدرتش ... كل ما أوصل ابني حائط مقاومة مجرّد ذكريات اللمسة البسيطة تخليني أضعف ثاني ...
كام يوم عدو علينا عادي ... مافيش تطوّر ... برغم إنه كان بيحاول يقرّب مني بس بإحتشام وتردد ... العلاقة الجديدة دي وصلت ما بينا لمرحلة اللاعودة ... بس ما فيش سبب يخليني أو يخليه يعمل خطوة ثانية لقدام ... وده خلاه يبعد .. وهنا خفت على علاقتي بيه بجد ... فكان لازم أخلق السبب يرجعنا ثاني لمطرح ما وصلنا ...
إشتريت قماش جديد ... حرير ... وحطيت كل أفكاري ورغبتي وشبقي في تصميم جديد ... لانجري حريمي ومن نفس النوعية بوكسرات للرجالة ... طقم للأزواج ... بنفس اللون والتصميم ... أول ما عرضت الفكرة والتصميمات على فواز كان هيطير مالفرحة ... قال إنه دي حاجة مبتكرة والناس هتشتريها من غير تفكير ...
وعشان تتعرض كان لازم تتصوّر ... وبما أن الصور دي لكابل فلازم الصورة تكون ثنائية ... وبما انها ثنائية فلازم تبين الحميمية بين الاثنين ... وأنا ما كنتش عاوزة غير ده ... أولا أفهم إيه الي ساكن روحي وتفكيري من ناحية فواز وثانيا أشوف ردة فعله ...
الكاميرا ساعدتنا على ده ... تصوير أتوماتيكي او من بعيد ... مرة أنا بين أحضانه ومرة هو روايا وأنا قدامه ومرة أنا وراه وإيدا على بطنه ماشية ناحية زبه ... صور كثير أشبه بصور البورن منها لإعلانات ملابس ... الإنجذاب والتفاهم كان هينطق من الصور ... مافيش حد هيشوف الصور يقول إن دول ولد وأمه ... دول إثنين حبيبة مندمجين مع بعض ...
بعد ما نشرنا الصور بشوية إبتدت التعليقات ... فيها السخيف وفيها المعجب وفيها المشجّع ... من غير قصد كان فيه كام مودل حلوين بس المقاسات ماكانتش مضبوطة عليا ... حاولت أعدل في الاندرات فنجحت بس لو عملت ده في مقاسات الصدر التصميم هيتغيّر ... وده خلى فواز منزعج .... حسب كلامه قال إنه التصميمات دي هتضرب مع الناس ... أنا كنت متأكده إنه بس كان عاوز يعيد اللحظات الحميمية بينا وإحنا بنتصوّر ...
الحل كان إنه صدري يكبر شوية ... أنا رميت الكلمة دي بس عشان أسمع رايه ... مش في الفكرة إنما في صدري ... بشوية طرافة وجراة قال إنه هو كده حلو بس لو أكبر هيبقى أحلى ... مواقع النت مليانة إعلانات عن كريمات وزيوت لتكبير الصدر ... وده إلي حصل إشترينا أغلى نوع منهم والأكثر فاعلية ...
فواز كان مصر إنه الحوار ده يحصل بوجوده ... إصرار صاحب الشغل إلي حريص على بضاعته أو حرص إلي عاوز يشوف أكثر ... بما إني إتعوّدت على اني اكون نص عريانة قدامه و بصراحة في حاجة كانت بتدفعني إني اعري صدري قدام عينيه ... بس عشان اشوف ردة فعله ...
بشوية خجل مش مصطنع قلعت السوتيانة و فظلت ببنطلون قماش بتاع النوم ... أوّل مرة فواز يشوف صدري ... عينيه وإرتباكه ورعشة ايديه بتأكد إنه الحوار مش صور .... وعشان أوّلع الجو ما بينا أكثر عملت نفسي مش قادرة أدعك صدري لوحدي بالكريمات دي
فواز كان قلبه هينط من مكانه لما قلتله تعالى ساعدني ... صوابه بتغوص بحنية فاقد الخبرة ... هي حلاوة الاكتشاف خلّت لماسته تولعني ... حسب تعليمات العلبة بتاعة الكريمة كان لازم توقيت المساج ده يقعد ربع ساعة ... والتوقيت ده اكثر من إننا الاثنين نستحمله ....
الاعمى كان هيلاحظ إنتصابه من تحت البوكسر ... وده إلي خلاني ما أركزش في الي بيحصل ... كسي كان بيحرقني مع كل لمسة و كل نظرة ناحية بين فخاذه ... الجلسة الاولنية خلصت ولا أنا ولا هو كنا عاوزينها تخلص ...
قبل ما ألبس السوتيانة بثواني فواز لحقني بكلامه
- هي الكريمة دي ما بتكبّرش حاجات ثانية
- حاجات ثانية زي إيه
- (مسك العلبة وكأنه بتابع التعليمات المكتوبة فيها) .. مكتوب لتكبير الثدي والارداف وحاجة ثانية
- حاجة إيه
- (وراني العلبة مكتوب فيها تكبير القضيب ... بنظرة دهشة عينيا جات بين فخاذه) .. أنا شايفة إنه كبير كفاية
- ده بجد ؟؟؟
- أه ... الحجم حلو ... والشكل حلو
- (من غير تردد فواز نزّل البوكسر لتحت رجليه ووقف قدامي عريان) إنتي شايفة كده
- (كمية الإثارة الي ضربت في دماغي ما تتحسبش) إنت شايف حاجة ثانية
- إنتي إلي تقولي ؟؟؟ ... أنا هاعرف منين
- (مش عارفة دي الحقيقة والا أنا كنت مسحوبة ورى كلامه) ... أنا شايفة إنه أكبر من امنيات اي وحدة
- أي وحدة ... الكلام دهب ينطبق عليكي ؟؟
- إنت بتقول ايه ؟؟؟
- هو مش إنتي وحدة ست ؟؟
- أه ... بس أنا أمّك
- أنا طلبت رايك كإمرأة مش كأم ؟؟
- أنا شايفة إنه حاجة حلوة ومثيرة
- طب لو كان اكبر من كده مش هيبقى أحلى ؟؟؟
- مش عارفة ... ممكن
- طب ما تيجي نجرّب ...
- جرّب
- طب مش أنا ساعدتك ؟؟؟ ... إنتي لازم تساعديني
منظر ركبه وهي بترعش وسيل من بركان رغبته بينطر من زبه على صدري ووشي ماخلاش مجال للمقاومة ... "
هنا انهيت كمية القصف العاطفي والجنسي على عقل أمي ... كنت أراقب تفاعلاتها ... حقيقة القصة وهي مسموعة تختلف كثيرا عن سابقاتها المقروءة ... كنت أتابع حركاتها المتوترة وهي تنقر بأصابعها على لوحة الحروف تطلب معرفة نهاية القصة بشوق وشبق ... لكني لم أرحمها تركتها تعاني ليلتين متتاليتين ... كنت أرى أثر ذلك في عينيها في ترقبها مستجدية أن تصلها رسالة من فرح ...
حقيقة لم أجد سبب واحدا يقنعني شخصيا بما افعل ... في البداية كانت لعبة ثم تسلية والآن ماذا ... أمي هي من إستجابت لهذه المواضيع وهي التي خيٍّرتها على غيرها من مشاكل المنظمين لمتابعيها ... أما أنا فلماذا ؟؟؟
لم أجد إجابة على سؤالي في قرارة صدري وفي مالانهاية أفكاري ... طوال اليومين كنت شارد الذهن في ما ارمي الوصول له مع أمي ... كل ما اردته حققته لها ... علاقتنا تغيّرت ووضعيتنا تغيّرت ... لكن هناك سر يسكن صدري
هل انا حقا معجب بأمي ... وإن كان ذلك فإلى اين يمكن ان تنتهي هذه الفكرة ... لو لم يكن مقدرا لهذا المسار ان ينجح لما وصلت الي هنا ... لكن أنا لم تخامرني تلك الفكرة المجنونة عند البداية ... هو خطأ وأصررت على المواصلة فيه ... من موضوع تبرير مصدر الاموال إلى التفكير في أمي حاليا ...لم أجد إجابة على سؤالي ... فقط هو قرار إما المواصلة وإما التراجع ... موضوع إنسحاب فرح من الحوار يمكن ان يكون عاديا ... سترجعه أمي لاي سبب ...
هنا بدأت أفكّر رغم كل ذلك التوجيه النفسي والعقلي من خلال القصص التي أوسوس بها لامي لم تقم باي إشارة واضحة أنها تفكّر بما تخيّلت أني لا أفكّر به ... قبل أخذ القرار في المواصلة في موضوع القصص والموقع كان يتوجّب عليا رصد موقف أمي من الحكاية المجنونة ...
مع كمية الافكار والقصص والتجارب التي زرعتها فيها كان يجب عليا سبر اغوار تفكيرها ... فواصلت في تجاهل موضوع فرح لعدة ايام حتى شعرت امي بالعطش للفكرة ... بعد مدة زمنية لابد أن الفكرة التي سيطرة عليها قد تخمّرت في ذهنها ...
كانت ليلة باردة بحق ... بعد العشاء ومع يأس أمي من وصول خير من فرح وفواز عرضت عليها ان نسهر معا ... منذ مدة قطعنا عادة الافلام ... لم تعترض ولم تتحمّس ... كان القرار متابعة برنامج حيوانات ... فكرة تبدو بريئة ... لكن سيرورة الاحداث كانت تقودنا لوحدها ...
أنثى الاسد أو اللبؤة كانت محور البرنامج ... فريق العمل يتابعها منذ ولادتها ... حتى كبرت وتعلّمت أصول الصيد والبقاء ... ثم تقرر ترك عشيرتها وتلتقي بأسد ناشئ ... مع تفاصيل السيطرة على رقعة صيد ومحاولات البقاء ... تحمل من الأسد الذي لم يفتأ أن يقع في فخ صيد ويختفي من حياتها ... لتبقى لوحدها تعاند الزمان وقسوة الطبيعة ... ثم لم تلبث أن تلد ثلاث أشبال ... ذكر وأنثتين ... وتصارع لوحدها للبقاء ...
خوف من كل شيء حتى أبناء جنسها ... خوفها ان تتلتحق بقبيبلة أخرى فيقتل الذكر المهيمنة شبلها كما هي سنة حياة الأسود ... العمل التلفزي متقن لدرجة أنه يشدك للمتابعة والتفاعل والخوف والفرح مع كل حدث تعيشه ... في النهاية نجحت أن تفلت بأولادها ويكبروا حتى صاروا أسودا فتية ...
المفروض حسب كلام المعلّق أنها كوّنت نواة لقبيلة أسود يمكن أن تفرض نفسها في هذه الرقة الترابية لكن اللبؤة بطلة الحلقة قامت بتصرّف يعتبر فريدا من نوعه فقد طاردت إبنتيها الاثنتين حتى أبعدتهما عن منطقتها وإنفردت بالذكر ... ثم بعد أشهر ترزق منه بجيل أشبال جديدة ... لم تلبث أن كبرت فأنشأت بهم ساعتها قبيلتها الخاصة ... قبيلة كلها نتجت من رحمها ... وإنتهت الحلقة
هنا لو أردت أنا إخراج وتصوير وكتابة سيناريو مماثل لم أكن لأوفق في إتقان قصة تزيد من التأثير على سير الأحداث هكذا ... أمي كانت تتابع بتركيز شديد كل تفاصيل الحلقة ... ساعتان كانتا كافيتين لنفض الغبار عن عقلها ....
البرد الشديد مع الدفئ الذي نتج عن تكورنا تحت الأغطية الصوفية كان دفعا لان نبقى في مكاننا خشية نسمات لاسعة تصيبنا حال تحولنا لغرفنا ... وهو ما فتح حوارا طويلا بيننا ... حوار إبتدأ من موضوع الأسد وأمه ووصل إلى ما كنت أريده
- رايك إيه في الحلقة
- مشوقة وحلوة ونهايتها سعيدة
- هي سعيدة بس المعلّق قال إنها مش طبيعية
- في حاجات كثير بتبقى مش طبيعية بس بتجيب نتايج حلوة والدليل نهاية القصة
- (هنا تأخّرت أمي في الرد كأنها تفكّر) طب إنت شايف تصرف الام إزاي
- يعني من الناحية البشرية شايف إنه تصرّف عادي
- إزاي
- هي ضحّت وصارعت عشان تكبّر أولادها ولما كبرو ما رضيتش حد يشاركها في إنجازها
- بس دي طردت بناتها
- لانهم أصبحو تهديد لوجودها ... أو ما رضيتش إنهم يشاركوها في إبنها إلي حسب كلام المعلق هو السبب إنها أخذت قرار إنها تنعزل بيهم وتعيش كل إلي عاشته ... كان ممكن تلتحق باي قبيلة ثانية وتبدي الولاء للذكر وتضحي بحياة إبنها وتعيش اسهل من الي حصلها
- إنت كده بتتكلّم كإنهم بشر مش حيونات
- دي كائنات حية وكل كائن وليه مشاعره
- بس الحيوانات بتعيش بالغريزة
- وفي الحالة دي غريزة الامومة تغلّبت على غريزة البقاء وبعدين غريزة البقاء تغلّبت على غريزة الامومة ... الفرق بس انها ما تخليتش عن بناتها غير لما إتطمنت إنهم هيقدرو يعيشو
- كان ممكن تسيب الكل وترحل لقبيلة جديدة
- وتسيب إنجازها يتمتع بيه غيرها ... دي تبقى حمارة مش لبوة (على فكرة في تونس كلمة لبوة مش كلمة عيب)
- حاساك متعاطف معاها
- لانها عملت الصح ...
- إزاي
- ضحت لمدة معينة وتحمّلت كل شيء بعدين كان لازم تحصد نتيجة تضحيتها
- بس دول بناتها هما كمان
- ساعتها هي بقت شيفاهم إناث منافسين ... الحوار ده كمان بيحصل مع الذكور
- إزاي
- الاب لما يشوف أولاده الذكور كبره وهينافسوه عالزعامة يطردهم .. وفي منهم إلي بيغلب أبوه
- على فكر الحوار ده هو نفسه كان بيحصل في البشر البدائيين
- دي نظرية مش مثبتة
- لا موضوع التعامل الإنساني تطوّر حسب الزمان
- يعني إيه
- يعني حاجات كثير إتغيّرت حسب تغيّر طبيعة البشر
- إزاي ؟؟
- المعروف إنه البشرية إبتدت من زواج الإخوات
- في ناس كثير بتشكك في ده
- أكيد لأنهم بيشوفو الحدث حسب مفاهيم الزمن ده
- فسرلي
- مثلا إحنا حاليا الراجل مش مسموحله يجمع بين أختين يتزوجهم .. صح ؟؟؟
- صح
- بس مثبت عندنا إنه في شخصية مقدسة كان متزوج إثنين إخوات في نفس التوقيت ...
- بمعنى
- بمعنى المحرم دلوقتي كان مسموح بيه زمان ... فيه حضارات كثير كان بتسن قوانين عكس دلوقتي
- إزاي
- مثلا كانه بيمنعو التزاوج من برى العيلة عشان الملك والملكية
- يعني ده حقيقي
- وفي ديانات دلوقتي بتمنع زاوج أولاد العم أو أولاد الخال من بعض وفي غيرها بتسمح بده
- طب وتفتكر العيشة ما بينهم كانت إزاي
- إزاي دي إيه ؟؟
- يعني مثلا لما أخ يتزوج أخته
- مالهم
- يعني موضوع المشاعر
- يعني أكيد كانو هيحبو بعض لانهم ما تربوش على نظرية إن ده محرّم
- ما إفقتكرش ...
- لان مشاعرنا مرتبطة بالعرف السائد
- إزاي
- يعني مثلا تخيلي إننا بنعيش في مجتمع بيحرم الزاواج من غير العائلة و بيعتبرها جريمة ... فأكيد الناس هتتولد ومشاعرها العاطفية منجذبة ناحية المحلل ليهم إلي هما الاخ والأخت ... أو الام
- (كلمة الام لامست وترا حساسا في تفكيرها فصمتت كثيرا) ... الام
- أه في حضارات كثير كانت بتسمح بده لا دي أصلا كانت بتفرضه في حالة وفات الاب أو غيره
- بس ده كان زمان
- أعتقد إنه في دول لسة بتسمح بده
- ما اعتقدش
عبثت بما تبقى من تسجيلات لقصة فواز ... شخصية فواز وأمه شبيهة بوضعيتنا أنا وأمي لكنها مرتكزة على الأحاسيس الجسدية ... الأفعال الجنسية والإثارة ... هي يمكن أن تتدخّل في أخذ القرار لكنها ستكون مؤقتة ... مرتبطة بتوقيت الرغبة لا بالمشاعر والنفسية ... فقررت إنهاءها دون نهاية
حوالي أسبوعين دون أن تصل أمي أي رسالة أو إشارة ... من خلال تفتيش تاريخ بحثها على الانترنت وجدت أنها طوال فترة غيابي أو حتى في حضوري تبحث عن موضوع العلاقات المحرمة و تركز على علاقة الام بابنه ... وأحيانا تقع في بعض مواقع أفلام الجنس على متصفحها لكنها لا تطيل الفرجة كثيرا
حقيقة هي أفلام عبيطة وتافهة ... أجسام جميلة ومثيرة ... أغلبها علاقات محارم بنيت على أساس الرغبة ... والصدفة ... الأفلام الأمريكية كلها هكذا والمكسيكية أكثر عبطا ... أم محرومة وإبن شبق ... مجرّد حضن في المطبخ ينتهي بعلاقة في غرفة النوم ... الأفلام اليابانية على نمط واحد ... إبن يغتصب أمه فتعجبها الحركة فتواصل معه ...
تيسير التي أصابها الفقر كانت تستفزني لتسجيل قصة أخرى طمعا في بعض المال ... لكن خيالي عجز عن تصور قصة تبدو منطقية مبنية على المشاعر ... فكرت في قصة تكون نسخة بشرية لقصة الأسود لكنها ستكون مبنية من أساس الأنانية ... أم ضحت لأجل إبنها فإستأثرت به ... وضعية نفسية لن تكون مريحة للتعامل معها
طال تفكيري وبالعودة لتاريخي القريب مع أمي بدأت أمسك أطراف الخيط ... أمي كانت شديدة القسوة معي ثم تدريجيا وبتحكمي في مفاصل حياتها بعد حصولي على المال بدأ الوضع بيننا يتغيّر ... حريتي في الإختيار مناقشتي في القرارات الهامة ... وجودي بجانبها ... تضحيتها من أجلي ... كل ذلك يجب إستثماره في القصة الأخيرة قبل الفصل الأخير من حكايتي معها ...
آخر الأسبوع الثالث وقد بدأت أمي تيأس من وصول خبر يبل ريقها العطش لموضوع تروم سماعه ... دخلت مدونتها باسم أنثى كالعادة ... أنا تعودت تقمّص شخصية إلام حتى أتقنتها ... بنفس التفاصيل ... العمر متشابه ... سيدة في أول الأربعين ... من طبقة راقية ... متزوجة ولها ولدان ... بنت مقبلة على الزواج وولد في مثل سني ... لكن أردت أن تتصادق أمي مع هذه السيدة ... أن تتعاطف معها أن تضع نفسها في موقعها ...
الدارج أن الناس تتعاطف مع المظلوم ... فكرة الجرح والانتقام والايذاء تترك أثرا في نفوس البشر ... مع الفراغ الذي تركته قصة فواز وفرح في نفس أمي خصوصا أنها لم تصل الي النهاية ... وباسترجاع كل الذكريات السابقة و التطور في فكري وفي إمكانياتي بدأت الفت نظر أمي لشخصية ... منى ...
أحيانا كنت ادخل بحسابين حساب يطرح الفكرة لأي شخص كان ... رجل أو أنثى ... شاب أو فتاة ثم تقوم منى بالتعليق عليه ... عملية معقدة وصعبة وتحتاج تركيزا شديدا لكني نجحت ... لم يتطلّب الأمر وقتا طويلا لتلتفت أمي لوجود هذه الشخصية في مدونتها ... ثم رويدا رويدا بدأت أمي بمتابعتها وبالتعقيب على كلامها ... من خلال تفاعلها معها تبينت أنها أعجبت بالشخصية من بين حروف تعليقاتها ...
هي أيم قليلة وفرضت منى نفسها كعضو متحرّك فاعل في شاشة التواصل الجماعي ... تنصح هذا وتنهى تلك وتوجه الأخرى ... أمي تعودت في كل ما سبق أن تتوجه إليها المعترفات لوحدهن ... هذه المرة أردت أن تنسحب أمي لوحدها لبريق هذه السيدة وقد حصل ...
لم تطق أمي صبرا للتعرّف عليها ... تحوّلت من التعليقات والإشادة بصواب الرأي والتحليل للمساندة ثم دون سابق إنذار دخلت معها في محادثة خاصة ... كنت مستنفرا كل حواسي وملاكاتي كمن يتأهّب لدخول إمتحان ...
حصة تعارف بسيطة قادتها أمي على خجل غير مبرر ... رغم أنها صاحبة الريادة والسيادة في المكان لكني كنت اشعر بتأثير شخصية منى عليها مما جعلها تقع تحت سيطرتها المعنوية ... المثير في الأمر أن أمي قدّمت معلومات شبه صحيحة عن شخصيتها ووضعيتها ... عملها زواجها حياتها كل المعلومات حقيقية لا زيف فيها ... ربما كانت تبني علاقة مع منى مبنية على الثقة ... حوارات بسيطة تنتهي دون أن تكشف منى سرا واحد من أسرارها... هو ما أغاض أمي ... غيضها دفعها لتتجرّأ وتفتح معها الموضوع مباشرة ...
- مش عارفة حاسة إنك برغم كل القوة الي بتتعاملي بيها هنا مع الناس بتخبي حقيقة مغايرة
- مغايرة إزاي
- يعني مخبية نقاط ضعف كثير أسرار كثير ... من كلامك باين إن عندك كلام كثير كاتماه ومش سايباه يطلع
- وعرفتي إزاي ؟؟؟
- دي شغلتي .. ممكن من باب الخبرة او من باب التعاطف ... مش عارفة تحديدا بس أنا متأكدة من كده
- أولا أحييكي على فراستك وقدرتك وثانيا هو كلامك فيه جوانب كثير من الصحة
- طب ما تحكي ممكن نتشارك إننا نلاقي حل ... أو ممكن أساعدك
- معلش أعذريني ( أردت فقط ان أعرف مدى حرص امي على معرفة حقيقة منى)
- يعني أنا باكلمك من باب علم النفس .. وممكن تعتبريه لت نسوان عادي ... مجرّد فضفضة .. وتاكدي إنك في آمان معايا
- هو مش موضوع عدم ثقة بس الموضوع صعب إن يتحكي
- للدرجة دي ؟؟
- أيوة
- ليه بقى ؟؟ إيه السبب ؟؟
- أسباب كثير
- منها ؟؟؟
- الحكاية طويلة جدا ومش متوقعة
- مش مشكلة عندنا وقت كثير ... وأنا بالنسبة ليا متسامحة مع اي فكرة حتى لو كانت عجيبة ... غير كده
- مش عارفة
- إنتي مش حابة تحكي لان الموضوع مسيطر على تفكيرك وعاوزة تنسيه عشان كده دخلتي هنا
- دي حقيقة
- طب ما تحكيه عشان يطلع من تفكيرك
- صعب
- هو كده ... يا اما تطلعيه من تفكيرك بالتناسي يا إما توصلي لقرار فيه ... فكده كده لازم تحكي
- وده ممكن يحصل
- على حسب الموضوع يبقى إيه
أنا إنسحبت لغرفتي إبعادا لأي شك ولأفسح المجال لها أن تتعامل على حريتها ... لم تلبث رسائل منى أن وصلتها ... بدأنا برسائل كتابية ...
" شوفي يا ستي أنا زي ما قلتلك إسمي منى ... 42 سنة .. متزوجة من 22 سنة ... زوجي أكبر مني بحوالي 6 سنين ... زوجي كان بيشتغل عند أبويا في شركة مقاولات ... إتعرفت عليه ووقت في حبه وصارعت أهلي عشان اتزوجه ... أنا من عيلة تعتبر غنية نوعا ما ... كنت في الكلية ساعتها ... سحرني بشخصيته بجماله باناقته فاصريت إني اتزوجه ... ابويا ما لقاش حل غير انه يوافق وطبعا زوجي وضعه في الشغل اتغيّر وبقى الذراع اليمين بتاع حماه ... بعد سنة زواج عدّت عليا كإنها حلم جبت بنتي الكبيرة مرام وبعديها بسنتين جبت إبني مازن ...
حياتي كانت اشبه بحلم اي ست في الدنيا ... ما فيش حاجة كانت عاملالي إزعاج غير مازن ... مازن شاب رقيق جدا ... من 4 سنين كان مربي كلبة صغيّرة في الجنينة ... كانت هي كل إهتمامته بيعاملها كإنها صاحبته ... وككل الكللابب كان لازم تعمل شوية شغب ... مرة تسرق فردة جزمة تعضهها ... مرة تقطع قماش كنبة في الجنينة ... أنا بصراحة الموضوع ما فرقش معايا ... بس بنتي ماجدة وزوجي كانو مش طايقنها ... مازن كان بيدافع عليها بشراسة ضدهم ...
لغاية ما في يوم الكلبة ماتت ... مازن كان قلبوه يتقطّع مالحزن ... وإتهم ابوه إنه هو حطلها السم في الاكل ... ومن ساعتها العلاقة ما بينو وبين أبوه وأخته إتحوّلت ... برغم إنه ما بقاش تقريبا موجود معانا في البيت ... لا بيشاركنا أكل ولا شرب ولا سهر ولا خروجات ... بس أنا إستهيفت الموضوع ... وأصلا وقفت في صف أبوه لما كان بيتخانق معاه على تصرفاته ...
بحكم شغل زوجي كان بيسافر كثير ... برة البلد وجواها ... أنا حياتي كانت مقتصرة على النوم والأكل والمحافظة على المنظر الاجتماعي بتاعنا ... اللبس والاتكيت ... وشوية كتب باتسلى بيها .... بعد أبويا ما توفى زوجي هو الي مسك الشغل وأنا بصراحة مش بتاعة شغل ...
ماجدة إتقدملها عريس من شهور ... هي بتحبه وأبوها موافق عليه وأنا ما شفتش فيه عيب واحد ... الفرح كن في الصيف والحكاية حصلت في آخر الربيع ...
في يوم كنت بأعمل لفة على الأوتيلات عشان حوار الفرح والحفلة والحاجات دي ... ساعتها زوجي كان في سفرية للجنوب عشان يتابع مشروع شغل هناك ... في موقف الاوتيل شفت عربيته ... عربية غالية ومش موجود منها كثير لا يمكن اغلط فيها ...
الموضوع ما دخلش دماغي بس قلت ممكن يكون سابها هنا وراح في عربية شغل ثانية ... كلمته بالتلفون ... صوته عادي وطبيعي وكإنه بيشتغل بجد ... عملت تلكيكة إني مش لاقية بطاقة البنك ... وممكن أكون نسيتها في العربية ... عمل نفسه قطع المكالمة وبعد ربع ساعة كلمني و كإنه كان بيدوّر عليها وما لقهاش ... هنا تأكدت إنه موجود في الاوتيل ... عملتله كمين وإستخبيت استنى اشوفه مع مين ... و بيعمل ايه ...
آخر حاجة كنت اتصورها إن أقفشه بيخوني ... ومع مين مع وحدة صاحبة بنتي ... هي أصرّت إنها تشتغل في شركتنا وفي الآخر شفتهم طالعين مع بعض ... الايد في الايد ولا أي إثنين عشاق على كورنيش البحر ...
إتخنقت ... حسيت إن وقعت من جبل ... الدنيا ما بقتش شيلاني ... كنت هالحقه واعمله فضيحة في المكان لكنه طلع بسرعة ... كلمته 50 مرة في التلفون لكنه ما ردش ... خايف لا صوت يطلع كده ولا كده يفضحه ... فاجلت الحرب لغاية ما يرجع ...
في الدنيا ما ليش غير صاحبة وحدة ... اسمها جيهان ...باعرفها وأنا لسة في الحضانة ... ما لقتش حد أفضفله غيرها ... جيهان من طبعها مجنونة وعندها تجارب كثير في الحياة ... كنا قاعدين في الجنينة جنب البسين وانا هاطق من الغيض والعصبي وهي بتحاول تهديني ...
حكيتلها الحكاية ... جيهان ما إستغربتش كثير ... دي بالعكس أكدتلي إنها شافته كام مرّة قبل كده ... وما رضيتش تخرب عليا بيتي على اساس كل الرجالة كده ... غروري وكسرة قلبي وكلام جيهان خلاني أتجنن ... قررت اطلب الطلاق ... جيهان شجعتني على كده ... قالتلي سيبك مالربطة والخنقة وابتدت تحكيلي عن حياتها الي أنا اعرف اغلب تفاصيلها وعن مغامرتها مع الرجالة والشباب ... صورتلي الدنيا بطريقة مختلفة ... مش عارفة ازاي ؟؟؟ ... الغضب والجنان وردة الفعل ... خلاني أوافق إني اخرج اسهر معاها ليلتها أولها نغيّر جو ونتعرف على شباب ...
ما فيش رد على الخيانة غير الخيانة ... طب مش هابات ليلتها غير لما ارجعله الدين وبالفوايض كمان ... جيهان سابتني وروحت تحضر نفسها وانا طلعت اغير واحضّر نفسي ... كل مشاعر الانتقام بتغلي في صدري ... وقفت قدام خزانة ملابسي واخترت اكثر فستان عري وإثارة ... أنا واقفة قدام المراية بأضبّط نفسي ومكياجي وفجاة سمعت صوت من ورايا ... صوت قوي وجوهري وواثق ...
" ما تروحيش "
إرتعبت وإلتفت ورايا بأترعش ... لقيت مازن واقف عند الباب ... نظرة عينيه كلها غضب وإستجداء وحيرة ... مش عارفة انا بقالي كام لا شفته ولا سمعت صوته ... ومش فاهمة هو بيقول ايه ... طال سكوتي لغاية ما نطق ثاني
- ما تروحيش
- ما ارحش فين
- ما تسمعيش كلام الست المجنونة دي
- إنت بتقول ايه ؟؟
- أنا سمعت كل حاجة وباقلّك ما تروحيش
- (إحساسي بالحرج خلاني انفعل في وشه ) إنت بتجسس عليا ؟؟؟ .. هي وصلت بيك لكده ؟؟؟
- مش ده موضوعنا ... قلتلك ما تروحيش وخلاص ؟؟؟
- (حاولت اتمالك نفسي وما ابينش ضعفي) ... إنت مالكش سلطة عليا وأنا حرة
- لا مش حرة ... ومش هاتروحي
أنا جسمي قصيّر جدا .. ما بيعديش متر ونص الا بالعافية ... ومازن كان اطول مني يجي بعشرين صانتي ... راح ماسكني من ايديا ودخلني جوة وزقني على السرير ... خطف التلفون من ايدي وطلع قفل عليا الباب من برى ... انا بقى إتجننت ... رحت باكسّر في كل حاجة في البيت ... سمعت صوته وهو بيصرّخ من برى ...
" مش هتطلعي حتى لو ضربتيني بالنار مش بالقلم "
صوت عربية جيهان في الجنينة ... لحظة والسكون عم المكان ... هما دقايق العربية دارت ثاني وصوتها بعد ... كنت باسمع خطوات مازن طالعة في السلم بتتناسق مع دقات قلبي ..وفجأة الدنيا كلها سكتت ... صحيت ثاني يوم ... ايدي ملفوفة بضمادة طبية ونايمة كإني متخدرة ...
أول ما صحيت حاولت اقف ... لقيت ماجدة وزوجي والشغالة واقفين جنبي ... كنت عاوزة اهب في وشه وأسلخه بضوافري لكني ولا حاجة في جسمي تجاوبت غير عينيا بس ... فغمضتهم ثاني ... ماجدة وابوها طلعو والشغالة جات قعدت جنبي
أنا ما باعتبرهاش شغالة ... هي ربتني انا وربّت اولادي ... ست كبيرة وحنينة لدرجة كبيرة ...كنت باسمعها وهي بترغي بالكلام ... عن مازن وعمايله ... بس أنا ما فهمتش هي بتتكلّم عن ايه ... شوية ووصلتني الحكاية مترتبة منها ...
هما فاهمين إنه مازن اتخانق معايا ... وعشان كده انا اتعصّبت وكسّرت الدنيا وبعدين أغمى عليا ... ابوه لما رجع في الفجر إتخانق معاه وضربه وحبسه في غرفته ... ما صدقتش أنا باسمع ايه ؟؟؟ ... مازن عمره ما سكت لابوه في اي خناقة ... اصلا كان بيرد عليه كلمة بكلمة ... حتى بالشتايم الكبيرة ساعات ... إزاي قبل ده من غير رد فعل وهو ماسك على ابوه معلومة تهد عليه الدنيا كلها وانا هاقف جنبه لو ده حصل لاني انا المتضررة ...
دخلت استحميت وغيرت هدومي وحاولت اتماسك نفسي بس عشان افهم مازن عمل كده ليه ... برغم ان موضوع مواجهة زوجي كان صعب خصوصا وهو بيحضني ... قال ايه كان مرعوب على صحتي ... ما رضتش ارد على اسئلته هو وماجدة عشان يفهمه سبب خناقتي المزعومة مع مازن ... قلتلهم ما حدّش يتدخّل ...
شوية كلام عبيط وخشبي عن ضرورة الاحاطة بيه نفسيا وبتاع ... خصوصا انه في سن خطر وفي ثانوية عامة ومش بيروح المدرسة والإمتحانات بعد اسبوعين ... في حالة توهان وضياع نفسي وفكري وعاطفي... مش عارفة جبت الثبات ده منين ... حالة صمم مؤقت أصابتني ... زوجي وبنتي بيتكلمو وطبعا الموضوع هو مازن ... لأوّل مرة أحس إنه فيه تحامل كثير عليه ...
قبل كده كنت بانفعل معاهم وأتبع كلامهم وكنت بازعل من تصرفاته ... موضوع إنه مازن ما تصادمش مع ابوه برغم إنه سمع كل كلامي مع جيهان خلاني أمسك نفسي بصعوبة وأتناسى موضوع زوجي أو باجله لغاية لما أتكلّم معاه ...
هربت من دوشتهم وأفكارهم وأحكامهم على سريري ... أحيانا بتعدي في دماغي صورة زوجي وهو خارج مع البنت المفعوصة حاضنين بعض بتولع في جسمي وتخليني أنتفض وبعدين باتمالك نفسي واتراجع ... بعدين تهت في النوم ... على آخر النهار صحيت بصعوبة ... مذهولة ونفسي مكسورة ...
الفيلا كانت هادية خالص ... لفيت نفسي في روب النوم ونزلت لتحت ... الخدامة أو الدادة قالتلي إني زوجي وبنتي طلعوا يشترو حاجات لزوم الفرح ... ومازن ماحدش شافه من الليلة الي فاتت ... ما طلعش من غرفته ... صراع بين إني لازم أتطمن عليه ومكسوفة من نفسي إزاي أواجهه بعد الي سمع ...
بخطوات ثقيلة قرّبت من الباب وبنقرات خفيفة أعلمته إني عاوزاه ... في العادة لما يكون زعلان مننا أو في نوبة عصيان للاوامر حتى لو جبتيلو قوات الصاعقة ما بيفتحش ... بس المرة دي فتح ... أول ما شفته حسيت إني باشوفه لاول مرة ...
بهدوء مش متعود منه كان بيتملى في تفاصيل وجهي كإنه بيكتشف أنا عاوزة إيه ... لاول مرة أحس إني محتجاله ... موضوع الخيانة كان خانقني لازم أحكي وبما إنه هو عارف كل حاجة فمهما كانت كمية الحرج الاحسن إني أحكي معاه ... بس مازن رقيق ومش هيستحمل ... بس لازم أتكلم ... مش قادرة أتحمّل أكثر
طلبت منه ينزل تحت نتكلّم ... تردد كثير إنه يتواجه مع أبوه ... برغم إنه قالي إنه عارف انه ابوه طلع بس حسيت إني لازم أتكلّم معاه مش في غرفته ... نزلت للجنينة وإستنيته جنب المسبح ... كنت شبه نايمة على كرسي طويل ... بس عشان أكسب شوية وقت أنظم أفكاري ... شوية ولحقني مازن بعد ما غيّر هدومه وسرّح شعره و إتعطّر ...
بصراحة بقاله مدة طويلة جدا مهمل في نفسه ولبسه تبع حالة التمرد الي عايشها ... أصعب حاجة هي الموضوع هيتفتح إزاي ... وخصوصا مع شخص كتوم زي مازن ... والاصعب في وضع زي وضعي النفسي ...
- طيب مش هاتقلي رايك في الي حصل ؟؟
- أنهي حاجة فيهم ؟؟
- إنت شايف في موضوع أهم من حكاية ابوك
- أكيد ... موضوعك إنتي
- (حسيت بالحرج و النقص قدامه) أنا ؟؟؟ ... أنا عملت إيه ؟؟؟
- عملتي وكنتي هتعملي مصيبة أكبر من الي هو عمله
- (ما قدرتش امسك نفسي إني أبكي وما قدرتش أرد)
- لو هتكملي تبكي كده أنا هامشي
- (حاولت أني اتمالك نفسي بس ما قدرتش)
- طب هدي نفسك ... ما حصلش حاجة وبالنسبة ليا هاعتبر ما سمعتش حاجة
- (لسة أثر البكاء باين في صوتي) يعني إنت زي الكل ... نسيت تحاسب أبوك عالي عمله وبتحاسبني علي فكرت اعمله ؟؟؟؟
- مين قال كده ؟؟ ... أنا مندهش منك بس
- ومش مندهش من أبوك
- بالنسبة ليا عادي ومتوقع منه أكثر من كده
- للدرجة دي ؟؟
- لان أنا لوحدي الي شايف الحقيقة
- حقيقة إيه ؟؟؟
- حقيقة إنه ما بيهتمش غير لنفسه وبس ... إحنا وحياتنا ومشاعرنا وطلباتنا مجرد كماليات في حياته والي مستغربله أكثر إنك إزاي بعد العمر ده كله ما لاحظتيش ده
- (كلامه جرح كرامتي أكثر وصدمني لطريقة تفكيره فكمان ما قدرتش أرد)
- (بنبرة جادة) وإلي مستغربله أكثر إنك إزاي تغلطي غلطة زي دي
- غلطة ؟؟؟ ... غلطة إيه ؟؟؟
- جيهان
- (حسيت إني هابكي ثاني وتقريبا الخجل أخرسني)
- يعني مش عارف إزاي ما حستيش إنها مش بتحبّك وبتغير منك
- جيهان صاحبتي الوحيدة
- عشان كده إستغلّت لحظة ضعفك وكانت هتسحبك للمستنقع بتاعها
- (الحقيقة حسيت إنه كلامه صح وتوقعت إنه هيديني درس شرف وأخلاق .. بس هو قلب الموضوع)
- مش مستوعب إزاي في حد عاقل بيطلّع كل تفاصيل حياته لحد غريب بطريقتك دي
- طب إنت قلتلها إيه لما جات
- قلتلها إنك طلعتي تتعشي مع بابا
- (ما صدقتش وذاني) وليه ده
- عشان أكذّب كل كلمة قلتيها عنه
- للدرجة دي صورته مهمة بالنسبالك
- لا صورتي أنا وصورتك انتي وصورة ماجدة ولو إنها ما تستحقّش ... صورة العيلة كلها
- أبوك كسر الصورة دي وشوهها ...
- بس ما حدش شافها غيرنا .. غيري أنا وإنتي
- يا سلام ؟؟؟ ... يعني عاوزني أسامحه ؟؟؟
- مين قال كده ؟؟؟ ...
- كلامك
- لا يا ستي ... هو كسر صورة العيلة لكن المطلوب إنك إنتي ما تنسفيهاش
- ( الجملة دي رجعت دماغي تشتغل ثاني) ما أنسفهاش إزاي
- بإنك ما تتصرفيش بغباء
- غباء ؟؟؟ إني آخذ حقي منه يبقى غباء
- طب فرضا خذتي حقك ؟؟؟ هيكون إزاي ... هتتطلقي عشان خاين ... وفرح بنتك إلي بعد مدة قصيرة ... شماتة الناس فيكي ... أنا بالنسبة ليا وجوده وعدمه ما يفرقش بس إنتي مهمة بالنسبة ليا
- (الكلمة دي شقت قلبي نصين .. وترتيب دماغه خلاني مكسوفة من نفسي أكثر) إنت عمرك ما بينت كده
- عشان إنتي كنت عاملة حواجز بيني وبينك .. بتعومي على عمهم ... لا فهمتيني ولا قربتي مني ... عمرك ما حسستيني إنك امي
ليلتها ما عرفتش أنام ... كلامي مع مازن خلاني مكسوفة من نفسي وذكريات منظر زوجي مع عشيقته خلاني أكره وجودي بجنبه ... طفيت نور الجنينة وتهت في حالة سرحان بلا هدف ... راجعت كلام مازن بالحرف ... حسيت إنه مش هو ... شخص ناضج وتفكيره سليم ... والاهم من ده كله ما جابش سيرة المصيبة إلي كانت جيهان هتوقعني فيها ...
قبل الفجر بشوية إبتديت أبرد ... قمت اتمشى في الجنينة ... شفت مازن بيراقبني من الشباك ... هنا بقى حسيت إنه في حد بيهتم بحالتي بجد ... عملتله إشارة ينزل فعملي إشارة أطلعله ... وجودنا جنب بعض والباب مقفول حسسني بالأمان والدفئ ... كملنا كلامنا ... حاولت أعتذر عن كل إلي حصل ... عن بعدي عنه ... عن ظلمي وغبائي إني كنت باتبع كلام أبوه وأخته ... بس هو منعني ... كلمة و زرعت شعور غريب في صدري ...
- مش ممكن ازعل منك مهما حصل ... إنتي الوحيدة إلي باحبها في الدنيا دي
- يعني نظرتك ليا ما إتغيّرتش ؟؟
- عشان إيه
- يعني موضوع جيهان والهبل الي كنت هاعمله
- إنتي بالنسبة ليا أحسن حد في العالم وديما شايفك بعين قلبي بس زعلان منك
- ليه ؟؟
- عشان كنتي هاتضري نفسك
كنت فاكره انه بيقول ده عشان يحافظ على مشاعرها خصوصا وإنها متعلّقة بابوها لدرجة فضيعة بس هو كان ليه راي ثاني ... إنها ممكن تفضح الدنيا وكمان ممكن تكون تعرف الموضوع ومخبية عليا بالرجوع لانها هي الي اصرّت انه صاحبتها تتوضف عندنا في الشركة ... سرك ورقص في دماغي ... كل الدنيا حاوليا بقت غير ثابتة ... نقط التوجيه الوحيدة في حياتي أصبحت كلام مازن ...
من ناحية كنت فخورة بيه وبتفكيره وبذكائه إلي ما تصورتش إنه يكون على المستوى ده من الحكمة ... بس من ناحية ثانية لسة شعوري بالذنب كوني قصّرت في علاقتي بيه بيقرص ضميري وإحساسي بالامومة ومن ناحية ثالثة لسة موضوع جرح الخيانة والرغبة في الانتقام لكرامتي من زوجي بيولع في صدري
وبما إن الدنيا كلها فضيت حواليا في ساعات وبعد كل الي حصل ورغبة مني إني أبني نوع جديد من العلاقة مع مازن خلاني افتحله قلبي أكثر وأتكلم معاه بصراحة أكثر ... دموعي كانت مغرّقة خدودي وأنا باشتكيله من جرح ابوه ... وفي وسط الكلام الي من غير حدود وصلت اني باحكيله عن إحساسي إني كبرت وفقدت جاذبيتي ومشاعري كأي ست في الدنيا ... وهنا كانت الصدمة الحقيقية في أفكار مازن
- معلش اعذرني بس إنتي غلطانة في حكمك ده
- إزاي
- يعني موضوع إنك ربطت خيانة ابويا بنفسك أو بانك ما بقتيش جذابة مع إن ده مش صحيح
- أمال ايه الحقيقي
- الحقيقة انه الراجل خاين بطبعه ... الي ما خانش في الواقع ده لان ما لقاش فرصة فتلاقيه بخون حتى في خياله
- طب والستات
- ما اعرفش الستات بس أقدر احكم على الرجالة
- طب فهمني
- طيب في حالتك إنتي وبابا ... الراجل لازم يحس إنه متفوّق على مراته ... محتجاه .. معجبة بوجوده بتصرفاته بتأثيره على حياتها ... وده الي مش موجود في حياتكم
- ممكن معاك حق بس ده بيعطيه الذريعة إنه يخوني
- اي راجل وصل لسنه ... أكيد هيكون عدى بكبوات وإنكسرات كثيرة ... في الشغل والفلوس والظروف والصحة حتى في العلاقة الحميمية ... مع تكرار الحكايات دي ثقة الراجل في نفسه هتقل وبوجد مراته واقفة جنبه وبتسانده ومش مقصرة معاه وبتعديله ... فهو هيحس إنها اصبحت متفوقة عليه حتى كونها طنشت المواضيع دي وعدتها بكيفها فلو شاف نظرة الانبهار دي في عين وحدة ثانية على طول هيروحلها عشان يفرض نفسه وده مالهوش علاقة بموضوع الأنوثة والجاذبية ... والاكيد راجل في سنه مين هينبهر بيه ؟؟؟ ... أكيد شابة صغيّرة لسة محتاجة حد يوقف معاها ويسندها ويوجهها ... ويصرف عليها ... وفي حالة زي حالته مع الفلوس والجاه والسلطة والمركز هيلاقي الف وحدة تشوفه بالنظرة دي ... فهمتي
- فهمت بس مصدومة
- من ايه
- من تفكيرك ؟؟ ... إنت بتعرف الحاجات دي إزاي
- عشان انا باشوف الصورة من بعيد ... من غير عاطفة أو تاثير نفسي
الفرق مش في طريقة التفكير أو في مستوى الوعي وتحليل الموضوع ... الفرق في الإهتمام ... جيهان الي بتعرف تفاصيل كثير عن حياتي بحكم الصداقة حاولت تصب النار على البنزين ... رجعيله الصاع صاعين ... خونيه زي ما خانك وتطلعي كسبانة من ناحيتين ...
هنا وفي لحظة صراحة بيني وبين نفسي أنا لولا كان في بذرة شوق للجنان وتطفيت الرغبات المكبوتة ما كنتش وافقتها ... بس هي عرفت إزاي تسحبني وتقنعني ... ومازن قدر يفرملني ...
مش عارفة النهار عدى إزاي بس كنت مستنية الليل عشان يجي وأتكلم مع مازن على راحتنا ... ومش عارفة جبت القوة ثاني منين عشان اقدر اسيطر على مشاعري وأنافق زوجي وماجدة وما ابينش حاجة ...
في آخر الليل مازن زي ما يكون فاهم إني محتاجاه ... كنت كالعادة في التيراس جنب المسبح وهو إتسحب ولحقني ... العادي إنه أي أم تقعد مع إبنها بس دي ما كانتش من عادتنا ... وبما إن الكل فاهم إننا إتخانقنا وهو سبب إنهايري العصبي وجرح إيدي ... وجودنا مع بعض قدام عينيهم هيخليهم يركزوا حتى من باب الفظول ...
مازن سحبني من ايدي ... جنب البيسين كان فيه سقف كله سيراميك ... تحتيه كان فيه غرفة موطور الماء والمفروض إنه بيتحط فيه أدوات التنظيف بتاعته ... أنا زي المصدومة والمرعوبة ... نور خفيف ومكان ضيّق ... شباك صغيّر حديد مشبك في أعلى السقف ... أكيد هو سمع حواري مع جهان من هنا بس أنا ما سالتوش ... وجودي جنبه بعيد عن العينين خلاني مرتاحة وعاوزة افضفض ...
- إحنا عاملين زي زعماء العصابة ... بس أنا عمري ما شفت المكان ده قبل كده
- عشان إنتي بتشوفي الي هما عاوزينك تشوفيه
- هما ؟؟؟ هما مين ؟؟
- بابا وماجدة ... والكل
- (مع كمية الشك الي فيا ما عارضتوش) يعني انا غبية
- لا ابدا بس واقعة تحت التأثير ... والي تحت التأثير ما بيشوفش كويّس
- طب وإنت ؟؟؟
- أنا تخلّصت من تاثيرهم من زمان ؟؟
- من يوم حادثة الكلبة ؟؟؟
- مش قلتلك هو الي قتلها ... أنا من ساعتها ما باثقش في حد فيهم ... غدر بيها وهي متطمناله مع إنها ما عملتلوش حاجة
- بس دي حيوان
- لكنها روح وأحساس ... والاهم ما عملش إعتبار لمشاعري أنا لما هافقدها
- للدرجة دي بتحبها ...
- الوحيدة الي كانت بتفهمني
- (حسيت بالمرار والغيرة من مكانة الكلبة في قلب إبني) .. طب سيبنا مالكلبة وخلينا في الكلب
- لا الكللابب اوفى منهم بكثير
- إنت ليه بتجمع الكل في كلامك ؟؟
- عشان انا عارف إنه الكل زي بعض
- الكل زي بعض ؟؟ ... بما فيهم أنا ؟؟؟
- إنت مضحوك عليك ... إتغدرتي زي الكلبة بالضبط ... ولو كنت شايفك زيهم كنت خليتك تدمري نفسك وأشمت فيكي
- يعني إنت عاوز تشمت فيهم
- كل حاجة بوقتها
- طب وأنا عاوزة أشمت
- بطريقتك دي تبقي بتشمتي في روحك مش فيه
- إزاي
- أوهوه ... دي قصة طويلة
- إنت وراك حاجة
- أبدا .. بس خايف من ردة فعلك
- لا ابدا إحكي ... أنا حبيت الكلام معاك
- ممكن تعويض عن الي فات ؟؟؟ ... (وشي فضح الالم في صدري فنبرة صوته إتغيّرت) .. أنا كنت أتمنى اتكلم معاكي كده من زمان بس انتي كنتي في دنيا ثانية
- طب ما نتبتدي من جديد
- إزاي
- إحكيلي الاوّل
- يعني تخيلي لو حضرتك رحتي مع جيهان وطلعوا عاملين عليكي ملعوب ... (ملامح الدهشة في وجهي لا يمكن تتخبى) ... مستغربة ليه ... أه ملعوب ... تطلعي خاينة و سيرتك وحشة وتتطلقي وتخسري كل حاجة ...
- بس أنا عاوزة اشفي غليلي
- ممكن بس مش بطريقة جيهان المبتذلة دي
- ( كنت حاسة انه ابويا بيكلمني مش إبني) أمال ؟؟؟
- طيب ... هو مش سارقه الجاه والسلطة والفلوس ... مش دي نقطة قوته وتفوقه والحاجة الي مخلياه دايس على الكل حتى إنتي
- (كلامه بيولّع النار أكثر من كلام جيهان) صح .. بس تقصد إيه
- تجرديه من كل ده ؟؟؟
- ما أقدرش
- لسة ما بتشوفيش كويس حتى بعد الي حصل
- لا أصل الشركة والفيلا والفلوس وكل حاجة باسمه ؟؟؟
- باسمه ؟؟؟ هو مش ميراث جدي ...أبوكي
- أيوة بس انا بدّلت معاه من زمان ... كتبتله كل حاجة وهو كتبلي مزرعة وارثها من أبوه
- مزرعة ؟؟
- أه مزرعة في بلدهم ... مزرعة كبيرة وفيها شجر و فلاحة
- لا كده الموضوع لازمله تكتيك طويل
- ما نتكتك ونبقى شركاء ونحقق غرضنا
- بس ده صعب ولازمله شغل جامد
- شغل إزاي ؟؟
- أول حاجة تناميله في الذرة ... مش لازم لا هو ولا جيهان ولا حتى الشغالة تحس باي تغيير
- بس أنا مش طايقة أشوف وشه ... إزاي هنام معاه في نفس السرير
- خلاص ما تناميش جنبه
- ماهو كده هيشك
- إعملي نفسك بتشخري وإقرفيه بالليل
- (كتمت ضحكتي من إقتراحه بس عجبتني الفكرة) تصدق حلو الكلام وبعدين
- وبعدين لازم نعدي فرح ماجدة بسلام وبعديها نلعب على راحتنا
- نلعب يا باشا ( وصافحنا بعض زي العصابات) .. بس في موضوع ثاني
- موضوع إيه ؟؟
- إنت ؟؟؟
- أنا ؟؟؟ مالي ؟؟؟
- لازم تعمل زي ؟؟؟
- أشخّر يعني ؟؟؟
- لا .. دراستك
- .... (وسكت وما ردّش)
- ماهو يا فالح لو كملت كده هتسقط ... ولو سقطت هيعمل من وشك مداس وأنا مش هأقدر أسكتله فالخطة تبوض
مازن الي بقى بيذاكر بجد ... كاي أم كنت باعدي عليه ... سندتوتشات وعصاير ... كنت لما باحضنه عشان اشجعه أو أمسح على شعره جسمي بيتكرهب من كمية المشاعر الي مش عارفة كنت حايشاها فين ... حوالي أسبوعين ما كنتش مركزة غير في مازن وإمتحاناته ... ونسيت كل حاجة ... كإن ما فيش في الدنيا غيره ... وفعلا مازن نجح ... مش بتفوق لكنه نجح وصدم الكل ...
يوم إعلان النتيجة كنت عاوزة أحتفل بيه ... بس هو قال إنه طالع مع اصحابه يحتفلو ... فاصريت اروح معاه ... كنت حاسة إن نجاحه ده تعويض عن خسارتي لزوجي .. أقلها كسبت إبني ... هو ما عارضش إني أرافقه بس حسيت إنه منزعج ... كنت فاكره إنه في بنت زميلته مصاحباه أو حاجة كده ومش عاوزني أعرف ... مش عارفة السبب بس حسيت بالغيرة عليه ... وأصريت إني اروح
إحساسي بالغيرة خلاني اختار لبس شبابي ... بنطلون جينز ملزق وتيشيرت خفيف و كوتشي ... زي بنات الجامعة ... وقفت قدام المرايا كثير ... شفت نفسي زي ما اكون رجعت 20 سنة لورى .. مازن رفض إننا نروح بالعربية فطلعنا بتاكسي ... في الطريق أخذ عليا عهد إن مهما كان الي هاشوفه يبقى سر ... وهنا الغيرة أكلت قلبي ويبقى خلاص في حب في حياته ...
وصلنا حديقة عمومية مليانة شباب ... مازن الخجول في البيت كانت شعبيته وسطهم ولا نجم كرة قدم معروف ... الكل يسلّم عليه و يشوفوني مستغربين ... البنات كلهم بيعرفوه ... والشباب كلهم باين إنهم اصحابه ... ما كنتش مصدقة عينيا من الي باشوفه ... مش عارفة إحساس بالفخر بشعبيته وإلا بالحزن لان ما اعرفش عن ابني حاجة ...
مازن سابني وراح مع كام واحد ... كنت زي التايهة وسط الشباب دول ولو إنه جسمي وسطهم ما يبانش ... الضحك بقى لما احيانا بتقرّب مني شلة تسلّم عليا ويسالوني أنا بادرس فين اصلهم عمرهم ما شافوني ... الكلام ده مفعوله اقوى من 50 سنة علاج نفسي ... شوية والنور إتطفى و اصوات التصفيق والتصفير كسرت حاجز الصوت ... الناس كلها متجهة ناحية ركن في الجنينة
نور ابيض ساطع ... و فجأة لقيت مازن وإثنين شباب و بنتين طالعين على منصة شبه المسرح ... مازن كان واقف ورى طبلتين صغيرين ... التام تام بتاع أفريقيا أو البرازيل ... وإبتدى العرض ... حاجة تطيّر العقل .. مزيج بين الغيثار الأسباني والنغمات الافريقية للفن الشعبي التونسي ...
مازن كان عضو في فرقة مزيكا ... وباين إنه أهم عضو فيها ... أول مرة اشوفه بيعزف وبيغني ... صوته الرقيق كان الابرز والاحلى .. أو أنا سمعته كده ... والشباب الفرحانين بنجاحهم ملاؤوا الدنيا رقص ... أنا وسطهم زي التمثال مصدومة بس منتشية ... مش عارفة ليه كنت مركزة في مازن وانسجامه مع البنتين الي معاه في الفرقة ...
من غير شعور ابتدى وسطي يتحرّك مع النغمات وإبديت أرقص لوحدي ... عينين مازن جات عليا والفرحة اترسمت على خدوده وهو بيغني ... ساعتين من الزمن برى الغم والهم الي عشته ... دي مش حفلة بالنسبة ليا ... دي حصة تفريغ شحنات سلبية ... رقصت لغاية ما التيشرت لصق في لحمي من العرق ...
وكعادة الحكومة في تونس انها تنغص عيشة الي جابونا ... رجال البوليس وقفوا الحفلة ... قال ايه إزعاج وإشغال مكان عام من غير ترخيص ... وطبعا الشباب ما رضيوش وعملو شوية شغب ... فاتقبض على الفرقة ومنهم مازن ...
حاولت افكه من ايديهم ساعتها بس ما عرفتش فلحقتهم لمركز الشرطة ... أول ما دخلت لقيت مازن وفرقته واقفين جنب الحيطة زي الحرامية ... فهمت إنهم مستنين رئيس المركز عشان يشوف هيعمل معاهم إيه ... إتكلمت مع ضابط هناك إني هاضمنهم يروحوا ولو فيه إجراء قانوني يتعمل فيعملوه عادي ...
أول ما دخل الضابط الكبير فيهم ... شخط فينا كلنا ... جيت أكلمه ..قام شخط فيا وقالي روحي أوقفي هناك جنب زمايلك ... وهنا الموجودين كلهم انفجرو من الضحك ... لولا شاف البطايق ما كانش صدق إني أمه ... والحوار خلص بعد شوية دروس عن التراخيص والملك العام والبتاع ده ...
في طريق العودة كنا زي السكرانين ... مازن واصحابه كانوا بيضحكوا من جنابهم ... حسيت إني مش غريبة عنهم فعزمتهم على فرح ماجدة ... ممكن حبيت اعرف سر الانسجام بين مازن والبنتين دول .. بس إتكسفت اسال فقلت اشوف بعيني ...
بعد كام يوم كان يوم الفرح ... بالنسبة ليا الموضوع كان موعد عادي ... فقدت إحساس أم العروسة ... زي اي وحدة غريبة معزومة في فرح ... بس لبست وإتشيكت كويس ... الفرح كان معمول في قاعة أوتيل كبير في أطراف البلد ... في شركة هي تكفّلت بوجع دماغ التحضيرات ده فكنت منفظة دماغي ... ماجدة تكفل بيها اصحابها ومنهم عشيقة زوجي وده خلاني اكره تواجدي بقربها ...
كنت باسلّم على الناس عادي بايتسامة مرة وبنفاق مرة ... العروسين والزفة والحفلة ابتدت والمعازيم قاعدين وأنا ما كانش في دماغي غير مازن راح فين ... معقولة هيدمر كل حاجة وما يحضرش حفلة فرح أخته ... الحفلة كان فيها فنانين كبار ... أكثر من نص الوقت عدى ومازن ما لوش أثر ...
في راحة بين الفترات الموسيقية دخل مازن ببنطلون إسود وقميص أبيض ... شعره متسرّح ومتأنتك على الآخر ... كنت عاوزة أجري وأسئله كنت فين ..لكن زمايله بتوع الفرقة دخلو وراه ... لابسين زيه وراحو ناحية المسرح بتاع الفرقة ... شوية كلام بينهم وبين العازفين ... ومازن مسك المايكرفون ... كنت شايفة وش ابوه أحمر وهينفجر ...
صوته العذب والناعم بيلعلع وسط الناس ... ثقة بالنفس وثبات ... مش بتاع واحد في سنه ... الناس كلها سكتت حسب اوامره ... ترحيب بالضيوف وتمنيات الهناء والرخاء للعروسين بعدين نظراته إترشقت في وشي ... وقال
" هدية للي خلتني أحضر وسطكم ... دي هدية لاغلى الناس عندي "
الناس كلهم سقفوا ومستغربين ... هما كانوا فاهمين إنه هيعمل حركة كده هدية لاخته ... بس أنا حسيت ومتأكدة إنه بيكلمني أنا ... أول ما ابتدى العزف الناس كلها كانت مشدوهة ... قاعة طويلة عريضة مليانة ناس من علية القوم تسبب الارتباك لاي فنان محترف ... بس هو كان واثق من نفسه ... اغنية لاموني الي غارو مني ... تسحر عينيك ... أغاني الغزل التونسية بألحان وميكساج عالمي وأداء ولا اروع خلى الموجودين يسحبوا موبايلاتهم ويصوره وبعدين أجبرهم إنهم يوقفو يسقفوا كثير بعد ما الوصلة خلصت ...
بنات كثير جريوا ناحيتهم يتصورو معاهم ... وسط الدهشة والإعجاب ده ...واحد بس كان مش عاجبوا الحال ... أبوه جيه جنبي وبيهمسلي ... " عجبك إلي بيحصل ده " ... برغم إنه كان عاجبني بس ما جاوبتوش تعمدت اغيضه ورحت عملت زي كل البنات وإتصورت معاه وأنا بابوسه من خده ... مش عارفة باغيض زوجي والا البنات الي باين انهم أعجبو بيه ...
الحفلة خلصت والناس روّحت ... وقفنا أنا ومازن نسلّم على الناس ... أول مرة يتشرّف بانتماؤوا للعيلة دي وبصراحة كنت فخورة بيه ... كنت متشعبطة في ذراعه كإنه حد هيخطفو مني .... اتطمنا على ماجدة وزوجها ركبو السيارة ... وكعادة التوانسة بعد كل فرح .. لازم اتكلم مع ده شوية واشكر ده وانافق دي ... ومازن بصراحة كان متالق جنبي ... الساعة قرّبت على الفجر ... الناس كلها روّحت... جينا نروّح ... لقيت زوجي ركب العربية وسابني هناك وروّح ...
الاوتيل بعيد عن البيت يجي 150 كيلو ... كنت بالعن سلسفيل أهله ... حاولنا نلاقي حاجة توصلنا فما لقيناش ... موظف في الاوتيل اقترح علينا نبات هنا وبكرة يشوفلنا عربية تبع الاوتيل ... ومن حظنا الاوتيل كله مشغول ومافيش غير غرفة وحدة وبسرير واحد كمان ...
مازن في الاول ما عجبوش الحال بس استسلمنا ... أنا رجليا وجعتني من الكعب العالي .. وعرقت واتزفّت في الحفلة ... دخلت آخذ دش وطبعا ما كانش معايا هدوم غير فستان السواريه ... طلعت متلحفة بفوطة ولافة شعري بوحدة ثانية ... لقيت مازن متغطي ونايم ... هدومه محطوطة بترتيب فوق كرسي التسريحة ...
وقفت كثير ياشوف جماله وبراءته وهو نايم ... بقالي سنين طويلة ما شفتوش كده ... نص صدره عريان والباقي متغطي باللحاف ... كسلّت البس السوتيانة والاندر من ثاني ... استحبت كده بالفوطة بس تحت اللحاف جنبه وحاولت انام ... كنت باتعمد اني ما اتحركش أو ما اتقلّبش عشان ما ازعجوش ...
كان نايم على ظهر وعينيه للسقف ... تهت في تفاصيل وشه البريئة كثير ... كإنه باعيد التعرف عليه من الأوّل ... وزي عوايدي لما اغيّر مكان نومي ما اعرفش انام ... أكثر من الساعة وأنا كده ... من غير حركة بس باتملى في وجه وصدر مازن ... شوية شعر بسيط نابت وسط صدره وحاولين حلماته ... مش عارفة ليه حبيت أداعبه ... بطرف صباعي دغدغت شعرة طويلة نسبيا على حلمة صدره اليمين ... وكإني ضغطت على زرار التشغيل ...
مازن إلي كان نايم زي الملاك إبتدى يرفّس برجليه لغاية ما رمى اللحاف على الارض ... وفجأة اتقلب ناحيتي ورمى ايده عليا ... إيده جات على صدري ... كف ايده بيمسك بزي الشمال ... إترعبت وما عرفتش اعمل ايه ... اسيبه والا أحركه ... لو حركته ممكن يصحى ويتحرج وهات بقى هالم الحكاية دي إزاي معاه ... فسبته شوية
مش عارف عدى قد إيه وأنا متثبتة كده ... إيد مازن ماسكة بزي وأنا من غير حركة ... وزي ما كنت متوقعة ما طوّلش كثير وإتقلّب ثاني ينام على ظهره ... اللحاف كان مرمي على الارض ... مازن نايم بالبوكسر بس ... البوكسر كان مشدود لفوق ... ما صدقتش عينيا ... الي يشوف تفاصيل جسمة ورقة صوابعه ونعومة جلده لا يمكن يتخيّل إنه في حاجة بالحجم ده مستخبية بين رجليه ... طب وده جابه منين وكبر إمتى ... أبوه ما عندوش نص الحجم ده ...
حسيت بمكان ايده على صدري لسة بيلسعني ... وريقي نشف وعرقت ووشي إحمر وإرتبكت ... اتقلّبت بهدوء الناحية الثانية وحاولت اغمّض عيني ... بس صورة نصه التحتاني بقت عاملة زي مسرح الظل تحت جفوني ... يا دوب كام دقيقة ومازن يتقلّب ثاني ...
إيده على صدري وحضني جامد ... العمود الي بين رجليه رشق فيا من ورى .... وبحكم إنه أطول مني بتاعه بقى بيحك بين فخاذي من تحت ... كنت فاكراه صاحي ... عدّل تقويسة جسمه عشان بتاعه يرشق بين فلقة مؤخرتي من ورى ....
حرارتي بقت أكثر من قرص الشمس ... كنت زي المتكتفة وما قدرتش اتحرّك ... ما قدرتش استحمل وإتسحبّت من بين إيديه ... نفسه وعينيه بتدل إنه في غيبوبة مش نايم بس ... هربت للدش ممكن المية تبرّد ناري ... صوت تلفون الغرفة بيرن وبعديه صوت مازن بتكلّم بصعوبة ... العربية الي هتروح بينا جاهزة ...
رجعنا البيت ... بس مش زي ما رحنا ... ذكريات الحضن الوردي البريء ده مش مفارقاني ... إعجابي بشخصية مازن الي عرفتها من كام يوم مع الاحساس بالذنب ناحيته ووقوعي تحت تاثيره والاتفاق الي ما بينا وشعوري بالفخر إني دفعته للنجاح خلاني شايفاه بعين مختلفة ...
بعد الفرح بيومين ... مع استرجاع عوايد النوم والتخلّص من ماجدة ... إبتدينا أنا ومازن نستنى ابوه يطلع وندعبس وراه في ورقه وحاجاته ممكن نلاقي حاجة تنفعنا ... بس من غير فايدة ... وزي عوايد زوجي إبتدى يمهدلي إنه عنده سفرية كام يوم وهيغيب على البيت ... كنت عارفة الحقيقة بس بصراحة ما بقتش تفرق ... أصلا كنت مستنياه يسافر ... ارتاح من قرف وجوده في حياتي ... وفعلا من بكره سافر
ويتصادف إن الدادة طلبت يومين راحة تسافر فيهم عالبلد عشان فرح إبن إختها ... فبقينا أنا ومازن لوحدنا ... البيت لما فضي مازن بقى بيتحرك بحرية... بساعدة ... بخفة غير مألوفة ... صحيت الصبح بدري على صوت طرطشة في المسبح ... مازن بيتمتع بالمياه الباردة ... رحت ناحيته عشان يطلع مالمية ...
مش عارفة ليه بس عينايا ما راحتش لوشه ... راحت بين رجليه ... بفعل حركة التقلص الي بيعملها الماء البارد .. في كروة أكبر من كورة التنس باينة من تحت قماش الشورت الخفيف ... مش عارفة هو لاحظ والا لا ... بس انا طول ما انا باتكلّم معاه ما رفعتش عيني من عليه ...
طول النهار وأنا في رغبة جويا بتحرقني إني أعرف هو مخبي إيه هناك ... حاولت اقنع نفسي إنه عيب وما يصحش بس ما قدرتش ... هو إكتشاف زي باقي الاكتشفات الجديدة فيه ... وعشان تكتشف الحقيقة لازم تعريها ...
في الليل مازن كان قاعد معايا يتكلّم عن ابوه وعن فكرة لسة بيضبطها في دماغه نرجع بيها الشركة والفيلا ... أنا ما كنتش سامعة ... فتحنا التلفزيون الي نادرا ما يتفتح ... وهدية تجيني من السماء ... فيلم رعب من النوع المرعب بجد ... مازن حب الفيلم أو ممكن حب إننا نعيش شوية وقت مع بعض ... وركزنا أنا وهو نتفرّج...
برغم إنه الفيلم كان مرعب حقا لكني ما تاثّرتش بيه ... دماغي كانت مشغولة برسم سيناريو مقنع يخليني أقرّب أكثر من مازن ويسمحلي اشفي الحمى المستعرة في روحي ...
الفيلم خلص وطلعنا ننام أنا وهو ... زي الي مستني نتيجة إمتحان كنت بامشي وأرجع بين حيطان الغرفة ... ألف حاجة تقلي لا ما تعمليش كده وحاجة وحدة تدفعني أعمل ... حاولي الساعة إثنين بالليل كنت تأكدّت إنه مازن راح في النوم ... إتسحبّت على غرفته ... خبّطت بشويش على الباب وفتحت حتى قبل ما اسمع منه إجابة ...
مازن صحي مالنوم مش فاهم حصل ايه ... قلتله أنا خايفة أنام لوحدي وطبعا كان لازم يجي ينام جنبي في سريري ... نص ساعة شبيهة بليلة غرفة الاوتيل ... مازن نايم على ظهره ... كان لابس تيشرت نوم خفيف ... كنت مركزة مع ملامح وجه إلي بتأكّد إنه في سابع نومة ... حركة شبه عادية برجلي ودفعت اللحاف لغاية ما وقع على الارض ...
شوية صبر إستنيت إني اتطمّن إنه نام ... عيني مركزة بين رجليه ... كورة التنس باينة من تحت قماش الشورت ... عملت نفسي باتقلّب وبشويش رجلي جات على فخذه ... كل ده وأنا حذرة إني ما أصحيهوش ... شوية وإبتديت أزحف برجلي على فخذه لغاية ما ركبتي جات على زبه ... بهدوء وحنية إبتديت أحرّكها شوية شوية لغاية ما حسيت بتفاعل تحت مني ...
زي الفرخة الي بتحسس فراخ بتفقس تحتيها ... الكورة إبتدت تتحوّل لخرطوم ... والخرطوم إبتدى بكبر تحت رجلي ... قماش الشورت الخفيف بيستهوي إيدي إنها تزحف ناحيته ... صوابعي بترعش على بطنه ... وبحركة سريعة وخفيفة إيدي إتزحلقت تحت الشورت ... زلزال ضرب صدري بالملمس العجيب ده ... نعومة وصلابة وقوة وحنية في عضلة وحدة ...
كل مقاومة بقت عبثية قدام الشعور ده ... بما إن مازن ما تحركّش بعد ما حاولت أمسك زبه بايدي فهو في سابع نومة ... إتشجعت وسحبت قماش الشورت لتحت ... عمود لحم قد نص ذراعي واقف ناحية السقف ... ندمت إني ما ولّعتش النور قبل ما أعمل كده ...
بس المهم إني طفيت نار الفظول جويا عشان تولّع نار ثانية في روحي ... أنا عمري ما شفت حاجة زي دي وعمري ما تخيّلت في اكثر أحلامي الوردية إثارة إنه في حاجة شبيهة بده ... أتاريها موجودة عندي وبتاعتي وقريبة مني ... "
هنا قررت أن تتوقف قصة فرح مؤقتا ... أردت فقط أن ألاحظ تفاعل أمي مع ما يصلها من إشارات ... لا اعلم أنامت ليلتها أم لا لكننا إلتقينا صباحا في المطبخ كالعادة ... عناق شبه معتاد متمنيا لها صباحا سعيدا .. ثم اردفته بقبلة بين الخد والشفة ... لا اعلم أحقيقة ما وصلني أم لا لكنها إرتعشت مع قبلتي ...
في بداية السهرة كنت اتوقع من أمي أن تركز منتظرة وصول بقية أخبار مازن ومنى ... لكني وجدتها اعدت مستلزمات السهرة ... تريد أن نشاهد فيلم كشبه عادتنا ... و هنا وصلتني الصدمة ... تريد مشاهدة فيلم رعب ...
الجزء العاشر
إقتراح أمي بعثر ترتيب أفكاري ... كنت حضّرت ترتيبا نفسيا مغايرا لأن تطلب مني مشاهدة فيلم رعب ... المقترحات كانت كثيرة ... أفلام من كل نوع ... شخصيا لم أكن من هواة هذه الأفلام ... طوال عرض الفيلم كان عقلي يسرح في خيالات عديدة ... هل ستقلّد أمي منى في فعلها ... لكن أمي سبق لها أن رأتني عاريا أو شبه عاري من قبل ولم تقم بخطوة جريئة ...
أحداث الفيلم كانت تتمحور عن شبح يحوم حول ضحاياه ثم يقضي عليهم ... لا أعلم أكان تمثيلا منها أم الحقيقة ... تفاعلها وردود أفعالها مع أحداث الفيلم تدل أنها مرعوبة ... مرة تصرخ ومرة ترتجف ... بالنسبة لي الفيلم الذي يعرض في عقلي من نوع آخر ...
إنتهى عرض الفيلم وكالعادة دخلنا في نقاش وتحليل بعده ... أنا إستعملت كل معرفتي وخيالي لتأكيد وجود الاشباح ... وهو ما إستغلته أمي ... لم تنتظر كما فعلت منى ... طلبت مني باستجداء وإلحاح شديد أن لا اتركها تنام لوحدها ... بحجة الخوف الشديد ...
قلبي كان يخفق حد الإنخلاع من ضلوعي وأنا أخطو أوّل الخطوات في غرفتها ... السرير مرتب والجو معطّر .. كل التفاصيل تدل أنها حضّرت ذلك ... دخلت الفراش النعام وانتظرت قدومها ... هي نفس التفاصيل الموحى إليها بها من قصة منى ومازن ... فقط الفرق في التوقيت أحداث القصة تدور في فصل الصيف ونحن نعيش برد الشتاء ...
الأغطية الصوفية تثقل أجسادنا ... تبعث الدفئ لكنها تعيق الحركة ... قبل النوم دار حوار طويل كقصّة ما قبل النوم بيني وبين أمي ... ربما هي سكرات النوم أو شيء آخر من دفعها إلى الاعتراف أنها اشتاقت أن تنام في حضن رجل ... فحضنتها ...
الاحتكاك الجسدي يولّد الحرارة و يولّد الرغبة ... بدأت اشعر بانتصاب خفيف بين فخذي ... تركت أمي و نمت على ظهري مقلدا مازن في كل شيء ... طال إنتظاري وعيل صبري ... السرير هادئ كسطح البحر في يوم صيف ... لا حركة فيه ... التظاهر بالنوم أصعب من السهر في حد ذاته ...
الدقائق تمر طويلا بلا فائدة ولا جديد ... فقط هي أصوات أنفاسنا يتردد صداها في المكان ... بعد وقت طويل بدأت يد أمي تتحرك ناحيتي ... وضعتها على ركبتي بحذر ثم تجمّدت ... كنت اشعر بنظرات عينيها تنصب على وجهي خشية أن توقضني حركاتها... رويدا رويدا بدأت تزحف بيدها إلى الأعلى .. مع كل أنملة تتقدم بها نحو ما بين فخذي كان إنتصابي يزداد ... ما إن وصلت يدها إلى وجهتها حتى أحسست برعشة أصابت معصمها وقلبها ...
هو العذاب اللذيذ بين أصابعها الرقيقة التي تحاول جاهدة الإحاطة بقطر زبي المنتصب كما لم أعهده سابقا ... كمن يكتشف أرضا جاهد كثيرا للوصول إليها كانت أناملها تجول صعودا ونزولا ... مرّة تقيس الطول ومرة تقيس العرض ... لم اعد اسمع صدى أنفاسها مما يؤكد أنها تحاذر أن اضبطها ...
لم يسعفها وزن الأغطية الصوفية أن تزيل الغطاء عني ومنعها رباط البيجامة أن تنسلّ اناملها تحتها فإستسلمت وأدارت ظهرها لي وحاولت النوم ... لم أقدر على الصبر كثيرا ... إستدرت ناحيتها وحضنتها بكلتا يدي ... يد تحت رقبتها ويد فوق صدرها ... ورددت لها الدين ... يدي تلامس نهدها الطري الحر تحت لباس نومها ...
لم تبدي أي ردة فعل لكنها عدّلت وضعية جسمها لتريح يدي من ثقل وزنها وهو ما جعل قضيبي يجد مكانا يرتاح فيه بين فلقتي مؤخرتها ... فلا هي نامت ولا أنا نمت ... فقط ليلة من العذاب اللذيذ بيننا ...
قبل شروق الشمس بقليل إنسلت من جانبي ونزلت للطابق السفلي ... صوت الأواني تصدم ببعضها يدل أنها تتعمّد اصدار ضجيج يوقظني ... تقابلنا في المطبخ كما لم نتقابل من قبل ... حضن صباحي طويل وقبلة صريحة على الخد قريبا من الفم ...
رغم تاثير النوم إلا أن قلبي كان سعيدا ... مضطرب المشاعر لكن قلبي كان سعيدا ... كنت اراقب حركات أمي تمر أمامي ... تفاصيل جسمها ... وجهها ضحكتها ... هنا لم يعد الامر مبهما بالنسبة لي ... لم أفهم كيف حصل ذلك لكني صرت منجذبا لامي ... وأمي صارت تحت تاثير القصص ... يمكنني التحكم فيها ... توجيه رغباتها لتتوافق مع رغباتي ... مع بعض الرفض الداخلي لما اشعر به وما أفعله ... بدأت افكاري تتشتت ...
قررت أن أواصل اللعبة معها ... ندمت كثيرا على تفويت فرصة التقبيل لما سالتني ربما لو تخطينا ذلك الحاجز لكان الامر أسهل الآن ... فعدت لموضوع القصة ... في تلك الفترة أصيب مدرسنا بنوبة زكام أبعدته عن المعهد لمدة أسبوعين ... وهنا كانت فرصتي ... ما ابعثه لها نهارا أجني ثماره بالليل ...
توفر الوقت لي بعيدا عن الدراسة مكنني من التحدث مع أمي المتفرّغة طول النهار ... كنت ألجأ لركن في أحد المقاهي وأتعامل مع أمي ... طبعا بشخصية منى ...
" من بعد الي حصل في السرير وأنا مش عارفة حصلي ايه ... طول ما مازن جنبي ببقى مرتبكة ... عيني نادرا ما تبعد عن بين فخاذه ... مازن الي بقى ملازم ليا في كل مكان طالما البيت فاضي ... أصلا كنت باتمنى ابوه يسافر ويروح بعيد عشان اقعد معاه وقت أكثر ... مش عارفة إيه السبب بس بقيت شايفة مازن هو الراجل الي أنا كنت استحقه ...
بعد كام يوم من الحوار بتاع إني مسكت بتاعه ... مازن كان بيزن عليا إنه الوقت خلاص أزف إننا نعمل خطة وننتقم ... وبما إننا مش عارفين اي تفصيل عن الشركة والحسابات مازن سالني عن الأرض أو المزرعة إلي أنا اصلا ما رحتهاش من سنين ... كل الي اعرفه عنها مكانها وإنها ارض كبيرة جدا ... وعشان كده مازن إقترح إننا لازم نكتشفها ممكن نلاقي حل ... وطبعا أنا ما ينفعش اروح لان الاكيد في حد من الفلاحين الي هناك هيقول لزوجي وده يهدم كل خطة ممكن تتبني بعدها
على مضض وافقت إنه مازن يروح لوحده ... ممكن الخوف عليه أو إني ما عدتش قادرة على بعده عني ... لكن قلت اهي فرصة أرتب أفكاري ومشاعري من غير اي تاثير عليه أو عليا ... وفعلا مازن سافر لوحده ... قال انه هيعمل نفسه عامل ورايح يدور على كام يوم شغل مؤقت في الفلاحة ...
وزي ما مازن توقّع ... أبوه ما لاحظش غيابه من اساسه ... أنا بس قلبي بيتقطع عليه ... أسبوع كامل بلايليه وساعاته الطويلة عدى عليا كإنه عمر ... كنت باعد الدقايق عشان اشوف مازن ثاني ... وهنا إكتشفت اني بقيت بأحب مازن بجد ... حب أكبر من حب الام لابنها ومختلف عن حب الحبيبة لحبيبها ... حاجة ميكس بين الإثنين ... أول ما شفت اسم مازن على التلفون قلبي اتخطف ... المزرعة ماكانش فيها تغطية شبكة وما اتكلمناش من ساعة ما سافر ...
عرفت إنه خلاص ركب سيارة الأجرة وراجع ... زي المراهقة المتلهفة لرؤية حبيبها ... رحت اسرّح شعري والبس واوضب نفسي ... بعد كام ساعة شفت مازن بيتسحّب من الباب على طول ناحية بيت المطور الي جنب البيسين وفهمت إني لازم الحقه ...
كنت هاعيّط من مظهره ... إبني الرقيق مش حمل بهدلة ولا أشغال شاقة ... إيديه إتورّمت ... وذراعته بتوجعه .. وبيمشي كمان بصعوبة ... زيد على كده ريحته المعفّنة ... أشفقت عليه وحسيت قد إيه هو مهتم إنه ياخذلي حقي من أبوه... من جوايا كنت متعاطفة معاه وحاسة بالذنب بس كنت فرحانة بالي بيعمله عشاني ...
رغم حالته دي حضنته وأكلت خدوده بوس ... هو كان محرج مني بس ما سبتلوش فرصة إنه يصدني ... مش عارفة عشان هو مش متعوّد مني بالحنية دي وإلا مكسوف ... فدخل على طول في الموضوع
- شوفي بقى يا ستي
- قبل كل حاجة طمني عليك
- يا ستي انا إتسلخت بس مش مهم
- أنا آسفة علي حصلك بسببي
- يا ستي أن كل فداكي ... هو أنا عندي أهم منك ؟؟
- (الكلمة دي كانت هتخليني أترمي عليه وأبوسه) حبيب قلبي (قلتها وأنا قصداها)
- طيب خلينا في المهم
- خلينا
- يا ستي إنتي إتضحك عليكي ضحك السنين
- إزاي
- الارض دي أرض فلاحية ولا تسوى نكلة
- فيها كام شجرة زتون ولوز بيعافروا عشان يعيشو ... وما تصلحش غير لزراعة شوية علف للبهايم
- يا سلام بقيت بتقول بهايم
- البركة فيكي (وضحك) ... المزرعة دي ولا تسوى حتى واحد على عشرة من قيمة شركة ابوكي
- وإنت عرفت منين
- ما أنا عملت نفسي بادور على كام يوم شغل ودخلت المزرعة بتاعتنا على إني عامل و هناك فهمت حاجات كثير
- يعني إتضحك عليا (صوتي كان مخنوق)
- حل ؟؟؟ إزاي
- دي لازمها تكتيك وتخطيط
- ما نخطط ( كنت فرحانة إننا إجتمعنا انا ومازن على هدف واحد وكمان جو الانتقام والتخطيط ده مثير)
- يعني سيبيني أستحمى الاوّل ونخطط هنعمل ايه
هو إستسلم بس كان مكسوف ... وعشان ما يبلش هدومي بمية الدش رجع خطوتين لورى وإداني ظهره ... وممكن عشان ما يحسسنيش انه منزعج بوجودي راح يكمّل كلامه عن المزرعة والي عرفو عنها ... وإزاي إنه الميزة الوحيدة الي فيها إنها فوق طبقة مياه جوفية كبيرة وإنه إتحفر فيها كام بير في خلال كذا سنة عناية هتبقى جنّة وبتاع وكده ...
أنا ما كنتش سامعة هو بيقول ايه ... كنت مركزة فيه وهو غرقان صابون بين صوابعي ... قلتله يحط ايديه على الحيطة ويكمّل كلامه ... خلّصت دعك في ظهره ... ما بقاش دعك ده بقى تحيسيس ... رميت الفوطة وكمّلت بايديا بس ... مازن كان بيحكي بس كلامه إتلخبط لما نزلت ادعك رجليه ... كل ما اقرّب من بين فخاذه من ورى ... عضلات جسمه بتتشد وتتمطط ثاني ...
عجبتني الحركة فرحت مكرراها كثير ... كنت ثانية ركبي وقاعدة وراه ... الوقت الي قعدته باعدك في رجليه أكثر من اللازم بكثير ... ما كنتش عاوزة الحصة دي تخلص ... قلتله يلف أدعكله صدره وبطنه ... تردد كثير ورفض وأمام اصراري وسحبة شديدة من ايدي إستجاب ... وفجأة لقيت نفسي وشي في زبه على طول ...
خلاص ما بيقتش اسمع ولا انطق ... عينيا اترشقت في بتاعه ... وحسيت بجسمي كإنه النار قايدة فيه ... مش عارفة مسكت نفسي ازاي إني ما امسكوش بايدي بس عملت نفسي مش واخدة بالي .... وطلعت مرتبكة ...
بعدها كملنا كلامنا أنا ومازن .. كنت زي اي أم إشتاقت لابنها ... باحطله اكل وعصاير ... عملنا خطة ازاي نخلي زوجي يرجع الشركة والفيلا والحسابات باسمي ثاني ... والموضوع ده معقّد وما يحتملش نص غلطة ... إعتمدنا موضوع المياه ده ...
اسسنا شركة على النت وهمية ومنها بعثنا لشركة كبيرة في مجال التنقيب وكشف المياه ... على اساس تعمل دراسة .. الموضوع تطلّب وقت وفلوس بس أنا كنت فرحانة ... بس لوجود مازن جنبي ... إحساسي إننا بنعمل حاجة مع بعض خلاني اتشد لوجوده أكثر .... في الفترة دي ابتديت اتعود أحط ايدي على زنده مرة وعلى فخذه مرة ... حركات تبان عفوية وبريئة بس أنا كنت باقصد اعمل ده ...
بعد حوالي اسبوعين وصلتنا نتايج الدراسة ... مازن كان بيعرف ناس من الي بيشتغلو كومبارس أو جمهور في برامج التلفزيون ... استخدمنا واحد منهم وفهمناه الحوار بس مش كل الحقيقة ... العرض ما كانش هيترفض خصوصا الأجر والملابس وكام يوم العز الي هيعيشهم ...
الراجل ده تقمّص دور ممثل لشركة تعليب مياه معدنية كبيرة في شمال افريقيا وعاوزة تستثمر في تونس ... وراح حسب معاد يقابل زوجي ... الإتفاق كان إنه يحاول يقنعه يبعلهم الارض دي قدام مبلغ كبير و جزء من الارباح ... وده الي حصل ... واحد إبن كلب زي زوجي لا يمكن يتخدع بسرعة ... كان لازم يتدور ويتأكد بنفسه ...
موقع الشركة شغال وباين إنها شركة كبيرة وكمان لما طلب ووصلته نسخة من الدراسة تاكد كونه الموضوع جدي ... كان قلبي هينخلع لما قالي إنه مسافر يشوف الارض عشان مشكلة عقارية وكده ... كنت عارفة انه رايح يتأكد بنفسه ... يومين عدو علينا كإننا مستنين الموت ...
الاكيد العمال هيبلغوه إنه في ناس دخلت وعملت دراسة لكمية المية وده هيخليه يقتنع ... ولما رجع كانت المفاجأة ... سيناريو محبك منه إنه زهق من شغل الشركات والمكاتب وإنه عاوزر يرجع لاصله ويباشر ارض ابوه وجدوده ...مع شوية محلسة منه إنه ده هيديه فرصة انه يتفرغ ليا ولبيته شوية ونعوض السنين الي فاتت ..كنت باسمع وأنا قلبي بيضحك من شرايينه ... كان عاوزني ارجعله الارض وطبعا أنا اصريت إنه ده مقابل ده ...
وبما إني أنا حمارة في امور الاعمال والادارة ... أقنعني اننا نبيع الشركة ونشتري بثمنها عمارتين ونأجرهم ويبقى كده ضمنا الراحة ... فواز عجبه الاقتراح ده ... بس لسة فاظل الفيلا والفلوس ...
عملت نفسي مش مقتنعة وإني إزاي هافرّط في شركة بابا ومش عارفة ايه وهو كان بيتحايل عليا لغاية ما وافقت بس بشرط نرجع كل حاجة زي ما كانت ... وقدام المبلغ المعروض في حتتة الارض البور دي كان لازم يوافق ...
الامور ما اخذتش وقت كثير ... على آخر الصيف كان الحوار خلص ... فلوسي وشركتي رجعتلي والفيلا وحتى العربية مقابل اني بعتله المزرعة ... أنا بعت الشركة وإشتريت عمارتين أجرتهم لمصحة طبية ... يعني حاجة ما فيهاش وجع دماغ كثير ... وسبناه مستني الراجل بتاع شركة المية يكلمه وطبعا كان فص ملح وذاب ...
مازن كان هيروح الجامعة ... انا أصريت إنه يدخل معهد المهن الموسيقية ويكمّل في هوياته ... ساعتها كنا أنا وهو شخص واحد ... قبل ما يروح الجامعة بكام يوم كنا بنحكي أنا وهو عن المستقبل وايه المفروض يحصل بعد كده ... كنت عاوزة أطلب الطلاق بس مازن ما وافقش
- القرار دع غلط ؟؟
- غلط في ايه ؟؟
- كده هيكتشف إنه إحنا السبب في الي حصله
- طب ما يكتشف ؟؟
- وليه نفتح على نفسينا حرب إحنا في غنا عنها
- بس أنا كرهته ومش طايقة وجوده جنبي
- طب ليه ما تتمتعيش بكسرة عينه ... ليه ما تشوفيش بعينك نتيجة إلي عملناه ...
بما إني كنت بانام في غرفة وهو في غرفة وفي حالة وجوده مازن كان بيختفي ... وبما إنه ما عندوش مبرر يغيب عن البيت ... فما بقتش أشوف إبني كثير ... وده خلى حالة الشوق تزيد في قلبي ...
زوجي حاول إنه يشغل وقت فراغه الدائم معايا بس انا كنت مصدراله الطرشة ... طالت الايام عليا رغم قلتها ... شوية شوية إبتديت أندم ... من ناحية فرحانة وشمتانة إني رجّعت فلوسي وخليت زوجي يلف حوالين نفسه من غير وجهة ... ومن ناحية وجوده في البيت بصفة دايمة بيبعد مازن عني ...
بالعافية أقنعت مازن إنه يرجع يقعد معانا على طاولة الاكل أو في السهرة ... الدربكة إلي حصلت في حياة أبوه ووضعيته كده متعلّق بين الامل والكذب على نفسه خلاه ينقص من حدة التعامل ... خصوصا غياب ماجدة عن البيت والتفاهم الجديد بيني وبين مازن خلاه يتغيٍّر من اسلوب المعاملة ...
كنت حاسة إني لسة ما شفتش غليلي من زوجي رغم إن كنت ياستمتع وأنا شايفاه يلف حوالين نفسه زي الفرخة الي ضيعت كتاكيتها ... بس ده ما كانش كفاية ...
كام يوم عدو كده بسلام ومن غير جديد ... مازن كان بيقعد معانا بس ما بيتكلمش ... الترتيب الطبيعي إنه أبوه بيقعد في راس الطاولة وأنا مقابلاه من الجهة الثانية ومازن على اليمين ... بس إنا غيّرت الترتيب وقعدت جنب مازن ... كنت لابسة ميني جيب إسود وهو كان لابس شورت خفيف ...
أبوه منغمس في الاكل وفي تلفونه ... الصمت الغريب والقاتل ده خلاني أنطق ... كنت باشاكس زوجي ... كنت باحس بالسعادة كل ما اشوفه منزعج وحزين ... كنت باحس بمازن بيضحك من جواه كل ما أزعجه كلامي ... وعشان أولع الجو أكثر و مش عارفة إزاي بس فتحت معاه موضوع المزرعة ...
مازن عشان يسكتني قبل ما أغلط أكثر في الكلام حط ايده على فخذي وقرصني بشويش ... مجرّد اللمسة دي صحت كل الذكريات الي لسة ما نسيتهاش ... وفعلا سكت وما نطقتش ثاني مش عشان انتبهت لحركة مازن بس لاني تهت في نفسي ...
مش عارفة ليه بس عجبتني اللعبة ... كنت باتلكك عشان افتح أي موضوع عبيط ممكن يثير شكوك زوجي ... وطبعا مازن يكرر نفس الحركة ... يحط ايده على ركبتي أو على فخذي ويقرصني بشويش عشان يسكتني ... من كثرة ما تماديت في الموضوع مازن ما بقاش يشيل ايده من على فخذي وطبعا ده الي كنت عاوزاه ...
أول ما إنفرد بيا إبتدى يلومني على حماقتي وغبائي وإنه ممكن نفضح نفسينا وبكده ممكن ما نسلمش من إنتقامه ...
- بس أنا لسة ما شفتش غليلي منه
- وعشان كده هتودينا في داهية
- داهية إيه ؟؟؟ هو في ايده ايه يعمله ... أنا رجعت كل حاجة وأصلا لا بقى في شركة نخاف عليها والفلوس إشترينا بيها العمارتين ...
- و إنت فاكره إنك كده بقيت في أمان ؟؟؟ ...
- أمال
- هو ما بقاش عنده حاجة يخسرها وعايش على امل يتمم صفقة المزرعة ... تخيلي لو إكتشف إننا ضحكنا عليه هيسكت
- يتفلق ؟؟؟ ... أعلى ما في خيله يركبه
- طب وليه نفتح علينا ابواب مشاكل إحنا في غنى عنها وكمان أنا شايف إنه الموضوع كده ممتع أكثر
- ممتع إزاي ؟؟؟
- تتمتعي وإنت بتشوفي كسرة العين ... الفراغ ... حالة الترقب من غير نتيجة ... كل ده ما يحسسكش بالنشوة
- مش كفاية
- ليه يعني
- الوضع بيني وبينك مختلف
- إزاي ؟؟؟
- إنت في الاول والآخر إبنه ... ممكن تكون بتكره فيه كذا تصرّف ... ذكريات مش حلوة .. بس في الآخر إنت إبنه ... بتخاف عليه ... مش عاوزه يتضرّ
- مين الي قالك كده ؟؟؟
- ده الطبيعي ؟؟؟ ... هو في الآخر أبوك
- بس انتي غلطانة ...
- غلطانة في إيه ؟؟؟
- يعني لو إنتي فاكره إني عملت ده عشان انتقم لنفسي أو أحاول أصلّح صورة أب مش عاجباني فإنتي غلطانة
- ...
- أنا عملت كل ده بس عشان أساعدك ... أنا لا عمري شفته كأب ولا عمري شفت ماجدة كأخت ولا حتى إنتي عمري ما شفتك كأم ...
- (كنت هاتكلم لكن مازن سكتني)
- طول عمري كنت شايفكم كقدر مفروض عليا ... ناس مجبر إني اعيش معاهم غصب ومضطر إني اتحمل كل السخافة المحيطة بينا على امل إنه يجي يوم وأخلص منكم ... بس لما شفتك هتضيعي نفسك حسيت إحساس مختلف ...
- (كنت ماسكة دموعي بالعافية ) مختلف إزاي ؟؟؟
- ما اعرفش يمكن الحب الفطري في صدري خلاني اتعاطف معاكي ... مع إنه الذكريات بتشجعني اني اسيبك توقعي على جذور رقبتك ... لكن خفت عليكي ...
- من إيه ؟؟؟
- من نفسك ؟؟؟
- إزاي
- ممكن لاني اعرفك لأكثر ما تعرفي نفسك ... سهل يتضحك عليكي ... على نياتك بتمشي بمشاعرك من غير تفكير ... إختياراتك غلط ولما تحبي بتستعيني باكثر ناس ممكن تسببلك ضرر .. فتكون النتيجة ضرر أكثر والامثلة كثير وآخرها الي إحنا فيه دلوقتي ...
- (حسيت إنه كلامه جارح رغم إنه صح فرديت بعنف) طيب يا حكيم زمانك ... فرضا إني أنا حمارة وعبيطة ولولاك ودي الحقيقة كان زمان الدنيا حواليا خربت ... تفتكر إنه الموضوع لحد كده كفاية ؟؟؟
- كفاية إزاي ؟؟؟
- برغم إن دماغك عجباني وإنت بتفكر بطريقة صح وبتعمل كل حاجة بحساب ... بس في حاجة فيتاك
- حاجة ؟؟؟ حاجة زي إيه ؟؟؟
- إنه أنا ست ... ست إتخانت من زوجها ... إتجرحت في كرامتها ... وإنت شاهد إني ما قصرتش ناحيته في حاجة فلما كبر عمل في كل ده ... وحضرتك عاوزني أفظل مستحملة وجوده جنبي وباتظاهر بكإني مش عارفة حاجة لمجرد إني اتمتع باشوفه بيتكسر يوم ورى يوم ؟؟ ... الموضوع ده صعب عليا ... ومستحيل وحدة ثانية تستحمله
- طب إنتي عاوزة إيه ؟؟؟
- مش هاقدر أقلّك أكثر من كده
تسلسل الاحداث خلاني مضطربة ... إكتشاف مازن من اول وجديد خلاني أحبه ... أحبه بجد ... ممكن عشان شفت فيه تعويض عن حب فشلت فيه ... صورة ثانية أكثر نقاء للمشاعر إلي ابوه شوهها ...
الايام إلي بعدها حاولت إني أتجنّب اللقاء والكلام معاه ... برغم إنه الايام دي عدت مريرة عليا بس تماسكت ... هو كان حاسس إنه فيه حاجة مش مضبوطة ... كنت باحس بأنفاسه حزينة بتحوم في البيت ...
أنا كنت باموت من جوايا لمجرّد إني تخيّلت إن الايام هتعدي كده من غير وجوده ... إشتقت لحضنه لكلماته لنظرة عينه لملمس ايديه ... مش عارفة إزاي العلاقة بيني وبينه إتقلبت من تقارب عنيف لتباعد شديد ... الفترة دي خلاتني اشوف الدنيا بنظرة ثانية ...
تصادف إنه في رابع يوم تنافر بينا تجيني زائرة غير متوقعة ... جيهان الي من قبل فرح ماجدة ما اتصلتش بيها ... غلبها الشوق أو ربما الفضول إنها تيجي تزورنا من غير ميعاد مسبق ... خلال إنفرادنا ببعض عملت بنصيحة مازن وحاولت ابينلها إنه حياتي ماشية بنسق عادي وإنه كل إلي حكيتهولها كان تهيآت مني ...
كنت حاسة بطيف مازن يطوف حواليا ... لا يمكن وجود سيارة جيهان قدام البيت ما يستفزوش ... بس ما شفتوش هو موجود فين ... إنتهت الزيارة الغير مرغوب فيها بكمية نفاق تسحب الاوكسجين من الجو ...
مش عارفة ليه بس كنت عاوزة أستفز مازن لاقصى درجة ... غيّرت ملابسي وحرصت إني اتأنق على سنجة عشرة ... ريحة البارفان تتشم من على بعد أميال ... ماكياج خفيف وفستان سهرة خفيف يدوب يوصل لنص ركبي ... كنت نازلة في السلم باتعمد إنه اعمل دوشة بالكعب العالي عشان الكل يسمع إني طالعة ...
لقيت زوجي في الصالون بيتفرّج على التلفزيون ... هو بس سالني إن كنت هاتأخّر وإلا لا ... كنت حاسة بعينين مازن بتراقبني ... بس ما شفتوش ولا كلمني ... عملت نفسي باتكلّم مع جيهان على التلفون ... كإني باسألها عن المكان الي هنتقابل فيه ... عملت نفسي باكتب العنوان في ورقة وكإني مش متعمدة نسيت الورقة فوق الطرابيزة وركبت السيارة وطلعت ....
طول الطريق وأنا باراهن نفسي إنه مازن هيلحقني ... دخلت المحل ... كان عبارة عن كافيه بيشتغل لغاية الساعة عشرة بالليل بعدين بيقلب لحاجة شبه الديسكو ... إخترت مكان في ركن بعيد وقعدت ... قلبي كان بيوقف كل مرة الباب بيتفتح ... بس ما يطلعش مازن ... اكثر من ساعة ونصف وأنا مستنية لوحدي ... برغم فيه شوية شباب حاولو يعاكسوني ويفتحو معايا كلام ...
وفي لحظة شفت طيفو بيدخل المحل قبل جسمه ... باين عليه التوتر والنرفزة ... عينيه بتلف في كل ركن من المكان بيدوّر علينا ... إتسحبت من وراه ومن غير ما يحس حطيت إيدي على عينيه وهمست في وذنه إتأخّرت عليا كثير ...
رعشة رعب مسكت جسمه وبسرعة فلت من ايدي ولف ناحيتي ... ملامح وشه والعرق بيبيّن إنه جابها مشي أو جري من البيت لغاية هنا ... كنت هأطير مالفرحة ... كسبت الرهان وفي نفس الوقت فرحانة بردة فعل مازن ناحيتي ... مازن إلي إتصدم من وجودي لوحدي وكلامي معاه ... آخر حاجة كان بيتصوّر يلاقيها ... إني أكون قاعدة لوحدي باستناه
شفت الصدمة في ملامح وجهه ... ساعتها بس عرفت إنه الوحيد في الدنيا الي بيهتم بيا ... سحبته وقعدنا في مكان يعتبر منزوي عالناس ... مازن كان شبه اخرص من الي حصل ...
- إنت بتعمل ايه هنا ؟؟؟
- جيت وراكي بس ..
- أنا من ساعة ما شفت جيهان عندنا في البيت وأنا متأكّد من إن ده هيحصل
- متأكد من إيه ؟؟؟
- إنها لا يمكن هتسيبك غير لما تعمل إلي في بالها
- إلي هو إيه
- (كسوفه منعه إنه ينطق) ...
- طب إنت شايف إني عبيطة للدرجة دي ؟؟
- مش فاهم
- يعني لو أنا كنت حابة أعمل كده كنت هاستنى جيهان
- يعني إيه ؟؟
- يعني أنا ضحكت عليك بس
- إزاي
- حبيت بس استفزك
- وده ليه ؟؟؟
- أبدا اصلك وحشتني
- وحشتك إزاي وأنا معاكي على طول
- موجود قريب مني بس مش معايا
- إزاي ؟؟؟ ... أنا طول الوقت في البيت
- صح بس مش معايا ... بقيت بتتجنب تكلمني وزعلان مني وبتتهرب مني ... حتى الكلام ما بتكلمنيش
- لاني حسيت إنك إنتي متا بقيتيش تحبي تتكلمي معايا
- يا سلام ... ودي تيجي إزاي
- مش عارف آخر مرة الكلام ما بينا إنتهى بطريقة وحشة وأنا كنت فاكرك زعلانة مني
- أنا زعلانة بس مش منك إنت ؟؟؟
- أمال
- زعلانة من الوضعية إلي إتحطيت فيها
- وضعية إيه
- في كلام كثير ما ينفعش أقولهولك
- ليه بقى
- عشان أنت إبني وأنا أمك
- وإيه المانع ؟؟
- لان الكلام ده محرج ؟؟
- لدرجة إنك تقاطعيني
- ممكن لأنه الكلام ده محشور في صدري والوحيد إلي برتاح لما أحكيله ما ينفعش أقلهوله
- دي فزورة بقى
- مش فزورة إنما عقدة
- طب ما تيجي نحاول نحلها
- صعب جدا
- للدرجة دي ؟؟
- وأكثر
- يا سلام وده ليه بقى
- ببساطة لانك إبني ...
- بس إنتي قلتي إني أنا الوحيد إلي بترتاحي لانك تتكلمي معاه
- ده صحيح ... بس ما ينفعش
- طب ما تيجي نحاول
- مش هتقدر
- إنتي مستقلية بيا كده ليه ؟؟
- أبدا بالعكس إنا شايفة إنك تقدر تعمل حاجات كثير ... بس في الموضوع ده مستحيل
- هي وصلت لدرجة مستحيل ؟؟؟ يعني فرضا لو ما كنتش إبنك كان الوضع هيتغيّر
- لا ... هو لولا كنت ابني الموضوع ده ماكانش ينفع
- هو إيه ده ؟؟؟
- مش قلتلك عقدة ؟؟؟
- طب تيجي نمسك العصايا من نصها
- إزاي
- نتعامل كإننا إبن وأمه بس بطريقة مختلفة
- إزاي نبقى أصحاب ومن غير اسرار ومن غير حدود
- من غير حدود إزاي ؟؟؟
- يعني ما فيش ممنوعات ؟؟؟ ما نعملش حيطان ما بينا
- تفتكر هتقدر ؟؟؟
- مش هنخسر حاجة ؟؟؟
- إنت بتتوهم
- إزاي
- لان الحدود دي لو تجاوزناها ممكن مع بعض أو نخسر بعض للابد
- أنا عمري ما هأخسرك
- أبوك كمان وعدني بكده وأديك شفت النهاية
- بس أنا مش زيه (نبرة صوته العصبية شجعتني إني العب على الوتر ده)
- ده اكيد إنت نسخة مختلفة عنه كثير
- طب بتقولي كده ليه ...
- يعني لو حكيتلك صورتي مش هتتهز قدامك
- يعني لو كانت صورتك هتتهز قدامي كنت لحقتك هنا ؟؟؟؟
- ما إنت لحقتني عشان كنت فاكر إني جاية اتصرمح وأعمل إلي في دماغي
- مش حقيقي
- أمال
- (سكوت طويل منه إستفزني لدرجة خنقتني)
- يعني جيت ورايا مثلا عشان بتغير عليا ؟؟؟
- (صدمة مازن إترسمت على عينيه بس ما نطقش)
- يعني بتغير عليا فعلا ؟؟؟
- (سكوت طويل إنتهى بانه هرب من نظراتي المتركزة في عينيه)
- شفت إنه معايا حق ؟؟؟
- في إيه
- إنك مش هتقدر ؟؟؟ ... أهو من اول الكلام ما عرفتش ترد
- الموضوع مش زي ما إنتي فاهمة
- أمال
- أنا مش متعود على النقاشات دي
- طب طالما ما تعرفش تتكلم ممكن تسمع ؟؟؟
- أكيد ...
- وبعد ما تسمع ؟؟؟
- ممكن أتكلّم
وصلنا مكان هادي عالطريق السريع ... نزلت كنت باحاول إنه عيني ما تجيش في عين مازن بس عشان أسيب الفرصة لنفسي إني أفضفض ... حكيت لمازن كل التاريخ إلي هو ما يعرفوش وإلي أنا أصلا ما إنتبهتش إنه فاتني وراح ... حقيقة إني كنت مخدوعة في زوجي خلاتني ما إنتبهش لتفاصيل كثير في حياتي ... حكيت لمازن كإني بأحكي لنفسي ... وبصراحة كل ما كنت أفضفضله كنت باحس باهمية وجوده جنبي أكثر ...
مازن كان حاطط دماغه بين إيديه وبيسمع من غير أي ردة فعل ... المراوحة بين الذكريات الجميلة والحزينة والعمر إلي سرق أيامي خلاني في حالة إثارة نفسية مش مفهومة مرة دموعي تغلبني ومرة ضحكتني تسبقني ...
حسيت إني لو إتكلمت أكثر لساني هيسرقني وهاغلط في الكلام فسبت مازن يتكلم ... كلام مازن ماكانش غريب عني ... سمعته قبل كده أو بمعنى أصح حسيته قبل كده ... مازن بيكره الكل ... بيكره أبوه وبيكره أخته ... وتقريبا كان بيكرهني لحدود الشهور الاخيرة ... كل كلمة منه كانت بتخليني أتراجع عن الي في دماغي ... وكل كلمة بتشجعني أقرّب منه أكثر ... سبته يفضفض برغم إنه كلامه بيجرحني ... محور الكلام كله إنه كنت بعيدة عنه وعمري ما حس بوجودي جنبه ... من كثرة ما كرر الكلام ده في وذانه زهقت وتعبت ... حبيت أحوّل مجرى الكلام بينا لنوع من الدعابة الوردية ...
- على كده إنت ما سبتليش حل إني أصلّح الأمور بيني وبينك
- إزاي ؟؟؟
- طالما مش راضي تتجاوز فكرة إني كنت مقصٍّرة في حقك فكده مش هينفع
- طب إنتي شايفة إنك ما كنتيش مقصّرة
- فرضا إنه كلامك صح وأنا كنت مقصّرة ... إنت كده مش سايبلي حل غير إني أرجعك بطني وأولدك ثاني
- (مازن بيحاول يمنع ضحكة إنها تطلع منه غصب عنه ... ودي فرصتي)
- حتى لو حبيت أعمل كده مش هينفع ... إنت حجمك بقى كبير إني أشيلك ثاني في بطني ... حتى أصغر عضو فيك صعب إني أدخله جويا دلوقتي
نزلونا مالسيارة وحملة تفتيش دقيقة للعربية على امل يمسكو ممنوعات .... كلام الشرطي الثاني معانا بيأكد إنه إحنا إثنين عشاق ... بصراحة عجبتني الفكرة دي وحبيت أكمّل فيها ... مازن الي طلع ورايا بسرعة ماكانش معاه أوراق ثبوتية وأنا عملت نفسي ناسياهم أو مش لاقياهم ... فجرجورنا على القسم ...
كنت ماسكة نفسي إني اضحك ومازن بيحاول يقنع الضباط إني أنا أمه وهما متمسكين إنه بيكذب ... تعليقاتهم إني لا يمكن أكون خلفت شحط زيه خلاتني اكمّل في اللعبة ... إتصلت بزوجي يجيب بطاقة مازن ويدوّر على أوراقي إلي هيا اصلا عندي في العربية .... الفجر قرّب وإحنا قاعدين في مركز الشرطة زي الحرامية ...
دخول زوجي إلي أثبت إني مراته وده إبنه فتح علينا مسورة دروس في الاخلاق عن عمايل الشباب والتعب إلي بيسببوه لاهاليهم ... كنت باستمتع وأنا شايفة وش مازن بيحمّر من الغيض وهو مضطر يوعد الضابط إنه يبقى شاب مهذب ويسمع الكلام ... وما يخليش امه تجري وراه في آخر الليل كده .... والحوار إنتهى ...
قدام مركز الشرطة زوجي حب يسال ويستفسر فأنا ما جاوبتوش و ركبت عربيتي ومازن معايا ... عجبتني اللعبة دي بصراحة
النهار طلع والناس رايحة اشغالها ... مازن كان حابب يضربني كعقوبة لما عرف إني كنت مخبية الاوراق في العربية ... ومش فاهم السبب ورى ده
- عجبك المرمطة دي
- بصراحة أه
- (باستغراب شديد) إنتي مجنونة ؟؟؟ ... في حد يجيب لنفسه قلة القيمة دي
- طالما إنت معايا يبقى باحب كده
- يا سلام ؟؟؟ ... وده ليه بقى
- ما اعرفش ... عجبني الوضع لما فكرونا إثنين عشاق
- فحبيتي تثبتي التهمة علينا
- لا حبيت أكمّل في الاحساس ده
- (سكوت طويل منه) للدرجة دي نفسك يكونلك عشيق
- حتى لو كده بعد الي حصل النهاردة ما بقاش ينفع
- مش فاهم ؟؟
- تخيّل لو ... نقول لو ... اتمسكت مع واحد غيرك هيكون مصيري إيه
- يعني عرفتي إنه كلأمي صح ؟؟؟
- بس لما لقوني معاك الموضوع خلص
- بس رحنا القسم واتمرمطنا
- يعني لو وريتهم أوراقي كانو سابونا من الاوّل
- وإنت ما عملتيش كده وسبتينا نتمرمط ... وبعدين عجبك الموقف مع بابا ؟؟؟
- د هانا هأطير مالفرح
- ليه
- وهتفهمني ؟؟
- هاحاول ولو إنه صعب
- طب فاكر يوم ما كنت باعك بالكلام وإحنا بتعشى وإنت بتنبهني
- فاكر بس إيه علاقة ده بده
- ساعتها حسيت إني بانتقم من أبوك ... حسيت بمتعة إنه راجل ثاني يحط ايده علىيا وهو موجود ... ده الرد المناسب على اي عمله فيا
- راجل ثاني ؟؟؟
- إنت شايف نفسك حاجة ثانية
- بس أنا إبنك ؟؟؟ مش راجل غريب
- ماهي دي المتعة ؟؟ ودي العقدة الي كنت باكلمك عنها
- متعة ؟؟؟
- أه ... وجودك جنبي هيكون بصفة طبيعية ومن غير شكوك
- إنتي بتحاولي تقولي إيه
- مش عارفة أفهمك أكثر من كده
- ليه
- خايفة
- مني
- ممكن منك وممكن من ردة فعلك
- ما هو أنا لازم أفهم
- طيب هو إنت مش ناقم على ابوك عشان حرمك من الحاجة الي بتحبها
- صح بس مش بس كده
- ما علينا المهم النقطة دي موجوده
- وبعدين ؟؟؟
- وأنا برغم كل الي عملناه فيه لسة حاسة إني ما شفتش غليلي منه
- أها
- وطالما إحنا كنا شركاء في الخطة من الاوّل ... وإنت أثبتلي إنك راجل وممكن يعتمد عليك ... وأنا عارفة إنه قلبي مش هيهدأ غير لما أرجعله الصاع صاعين ... و من ناحية ثانية أنا لوعملت كده مع اي حد مش هأكون مرتاحة
- مش مرتاحة ؟؟؟؟ ... إزاي
- يعني بعد إلي حصل الأيام الي فاتت ... وصلت لنتيجة إني لو شفيت غليلي منه ممكن أجرحك إنت وأنا ما يهونش عليا جرحك ... والا أنا غلطانة
- ممكن تقولي صح
- هأعتبرها إجابة صح ...
- والمطلوب ؟؟؟
- نرجع زي ما كنا
- إزاي
- نرجع اصحاب وحبايب ثاني (شفت تاثير كلمة حبايب في عينين مازن فقررت أكمل)
- حبايب ؟؟؟
- اه حبايب ... هو إنت مش بتحبني وتغير عليا
- أغير عليكي
- أمال جيت ورايا ليه ؟؟؟
- بس
- ما فيش بس هي مالهاش تفسير ثاني غير كده
سبت مازن من غير ما نوصل لنتيجة صريحة في كلامنا ... دخلت أنام ... البيت كان هادي ... زوجي ما عملش ولى ردة فعل على الي حصل ليلة البارح ... نوم النهار بيجيب أحلام ناتجة عن الواقع او صورة للي بتفكر فيه ... صحيت آخر النهار زي ما اكون باستعد للي هيحصل ...
اخذت دش دهنت كل جسمي كريمات ... لبست لبس بيتي بس مثير ... شورت قطني قصيّر وقميص من نفس النوع ما يغطيش بطني ... شفت نفسي كثير قدام المرايا ... منظر مؤخرتي المحشورة غصب عنها في قماش الشورت حسسني اني لسة مثيرة ...
نزلت تحت ... لقيت زوجي زي عوايده الجديدة بيتفرج على التلفزيون ... العشا جاهز حسب كلام الدادة ... زوجي اخذ مكانه وأنا قعدت بالجنب مستنية مازن الي ما إتاخّرش كثير عشان يلتحق ... صحنه كان محطوط جنبي ... من غير تفكير أخذ مكانه وقعد جنبي ...
عجبني في ردوده الهادئة عن الاستفسرات البسيطة من أبوه عن حوار مركز الشرطة البارح ... وبما إنه هو بيتكلّم ده الي اداني الفرصة إني أرد ردود فيها شوية إشارات للتمرد على قرارات ابوه وإنه هو ده الوضع الطبيعي من هنا ورايح ... كنت باتعمد إني استفز مازن انه يحاول يفرملني و يسكتني ...
ما إستنتش كثير مع نبرة صوتي المستفزة لزوجي إننا نتخانق ... مازن حط ايده على ركبتي عشان يهمزني إني اسكت وفعلا سكتت ... شوية ورجع ايده فوق الطرابيزة ... هو رجعها من هنا وانا رجعت لنبرة الخناق ثاني ... فاضطريته يسكتني بنفس الحركة ...
الموضوع إتكرر كذا مرة ... هو يشيل إيده وانا ارجع استفز ابوه ... مازن فهم انه زرار التحكم في صمتي هو ايده على فخذي فما شلهاش ... بقى بياكل بايد وحده ... شوية وقت ونزلت ايدي حطيتها على ضهر ايده ... الوضع كان مربك ومثير ...ايده الصلبة والناعمة في نفس الوقت خلتني اتفاعل معها ... بقيت بادعك في اصابعه الي اتغرست في لحم فخذي العريان والناعم ... شوية وابتديت احرك صوابعي على ذراعه ... باتفحص قوة عضلات معصمه ... وضعية جلوسنا جنب بعض خلا ذراعه تكون قريبة من فخذه ... مازن كان لابس بنطلون جينز ... حطيت ايدي على فخذه وعينيا متركزه على ابوه الي حاطط دماغه في صحن أكله وساكت ...
من غير تردد طلعت ايدي لغاية بين فخاذه ... حركتي الغير متوقعة تسببت في رجفة غير طبيعية لمازن ... زبه ماكانش منتصب ومع قماش البنطلون الخشن والحركة المفاجأة كان صعب انه يتحرك تحت ايدي ... مازن طلّع ايده من تحت الطرابيزة وعمل نفسه بيمثل إنه بياكل ...
ندمت إني إبتديتش الحركة دي أوّل ما قعدنا ناكل ... ابوه ما سابليش الوقت اني اوريه مفعول صوابعي على زبه ...هو قام من هنا وأنا سحبت ايدي وقمت وراه ... الحقيقة كنت خايفة أنفرد بمازن بعد الي حصل ....
قفلت على نفسي الغرفة ... شعور غريب إمتزج بين الندم والراحة ... برغم إني لمست زب مازن قبل كده بس المرة دي الموضوع مختلف ... شعور انه عارف اني بالعب في زبه خلاني دايخة بين الرغبة والخوف ... خوف من ردة فعله هتكون إزاي ... ليلة طويلة عدّت عليا استحال فيها النوم ...
مش عارفة غلبني النعاس إمتى بس نمت ... نمت برغم كل المشاعر الي بتتخانق جوايا .... مع أول نسمات الصبح صحيت ... على غير عوايدي في الفترة الاخيرة صحيت بدري ... الفطار كان جاهز ... جلست مكاني كإن مافيش حاجة حصلت ... شوية وزوجي إلتحق مستغرب من وجودي ....
حاول يفتح معايا أي موضوع يملأ عليه الفراغ إلي عايشه بسببي ... بس أنا ما تجاوبتش ... عدت كام دقيقة ومازن إلتحق بينا ... عدم إنتظام مواعدنا على الفطار خلى الشغالة ما تحطش الأكل غير لما الشخص يجي ... وطبعا الطرابيزة كانت فاضية ... مازن وقف كام ثانية متردد هيقعد فين ... كنت متوقعة إنه هيبعد عني ... هيختار مكان ثاني غير جنبي بس هو كذّب توقعاتي ... قلبي كان بينبض بكل قوة وهو بيسحب الكرسي و يقعد جنبي ... إختياره ده معناه موافقة صامتة على الي حصل في العشا البارح ...
أول ما الشغالة حطّت الاكل ومشيت وبقينا إحنا الثلاثة في جو من الصمت القاتل إبتديت أتلكك لزوجي عشان نتخانق ... برغم إنه قبل شوية كنت باتجاهل أسئلته ... وده سببله صدمة ... مازن الي فهم المقصود من حركتي دي من غير تردد حط ايده على فخذي عشان اسكت او اغيّر الموضوع ...
وده الي كنت مستنياه ... كرد فعل على حركته حطيت ايدي على ايده ومسكت صوابعه بين صوابعي ... بصوابعي الاثنين رحت بافرك في صوابعه ... في معصمه ... وفي ثواني كانت ايدي على ركبته بتزحف لفوق ... قماش البيجاما القطني سهل المهمة مقارنة بالمرة الي فاتت ... مسكت زبه بين ايديا ... كان نص منتصب مش عارفة من تاثيري والا بقايا انتصاب صباحي ... احساس زبه وهو بيكبر وبيعاند حركة ايدي كل ما لمسته خلاني في دنيا ثانية ...
كنت خايفة أشوف ردة فعل مازن فغرست عيني في الصحن وسبت ايدي تقود خيالي حسب امنياتي ... مش عارفة الزمن وقف والا انا تهت من نفسي ... ما انتبهتش غير على صوت كرسي زوجي وهو بيقوم من مكانه وبيطلب القهوة من الشغالة ... بقينا انا ومازن بس قاعدين ... المفروض إني اسحب ايدي بس في مغناطيس شدني ... في داخلي كنت خايفة من مازن هيقول عليا ايه بس خلاص هي وصلت لنقطة اللاعودة ...
مش عارفة السبب يا المتعة يا الحرج فمازن ما إتحركش من مكانه ... طال وقت الفطار أكثر من اللازم وقدوم الدادة كان اشارة لانهاء جلسة التدليك الصباحي اللذيذة ... مازن انسحب لغرفته بيحاول يخفي الخيمة الي عملها العمود بين فخاذه وأنا إتسمرت مكاني مستنية رجوع شفرات كسي لطبيعتها ....
غطست في البانيو وبطريقة صريحة من غير نفاق لعبت في نفسي وأنا باتخيّل نفسي مع مازن ... كنت مستنية أنفرد بيه وهاقله على كل الي في قلبي والي يحصل يحصل ... مازن إختفى طول النهار ... ما شفتوش في اي مكان ... حاولت اتصل بيه بس النمرة ما تردش ... التفكير أخذني لكذا مكان ولكذا حته ....
نزلت ادوّر عليه في كل مكان ... مش موجود ... الدنيا ظلّمت وابتدت تبرد ... وقفت كثير جنب المسبح ... الاكيد إنه مختفي في الوكر أو المخبأ ... من غير تردد دخلت أدور عليه وفعلا لقيته قاعد هناك ... الدنيا ظلمة وبالعافية قدرت اشوفه ... هو كان حاسس بوجودي بس ما اتكلمش ...
- أنا عارفة إنه الموضوع صعب عليك ...
- موضوع ؟؟؟ ... أنهي موضوع
- الوضع كله الي إتحطيت فيه
- مش فاهم (كان بيكلمني وعينيه في السقف)
- يعني الماضي والحاضر والمستقبل
- خشي في الموضوع على طول
- أنا مش عارفة اقول ايه ... في حالة ارتباك بتصيبني كل ما أكون جنبك
- ما كنت بتكلمي بسلاسة قبل كده
- ده قبل الي حصل النهاردة ... ممكن تفاعل المشاعر جوايا هو الي عملي كده
- طب إحكي
- ماشي قلي قبل اي حاجة إنت زعلان مني ؟؟؟
- لا مش زعلان بس مصدوم
- (الكلمة دي هدت كل افكاري وطموحاتي) مصدوم ثاني ... إنت ما تعودتش على الصدمات مني
- (ضحكة خفيفة اترسمت على شفايفه وما إتكلمش)
- هو باين قدرك كده ... أمك ولازم تستحملني ... هتعمل ايه
- ده طبيعي ... أنا معاكي مهما كان الي بتعمليه بس ...
- بس ايه
- (كإنه بيهرب من الجواب) كنتي عاوزة تقولي ايه
- (حبيت أخفف عنه) قبل كل حاجة أنا آسفة
- آسفة على ايه
- على كل حاجة ... على سوء إختياري لابوك ... على السنين الي فاتت ... على التعب الي سببتهولك معايا ... بس عاوزاك تعرف إنك انت الوحيد في الدنيا إلي بأهتم لشانه ... مش كإبن بس ... كصديق .. كأمل ... كملاك حارس ... كبوصلة تحددلي خطواتي في متاهة الدنيا دي ... كحبيب ... كمستقبل الايام الجاية ... إنت بس الي تعنيلي
- (حب يرد لكني منعته)
- أنا عارفة إني حطيتك في وضعية أكبر من سنك ومن قدراتك ونجحت فيها ... وقفت جنبي وساعدتني ارجع أملاكي ... ساعدتني انتقم من ابوك من غير ما اقع في مشاكل ... لاول مرة أحس إني معايا راجل يعتمد عليه ... وزي ما إنت قلت أنا إبتديت اشوفك بعين ثانية
- عين ثانية إزاي ؟؟؟
- عين الست الي خسرت كل حاجة وكانت رايحة في داهية وفجأة طلعلها ملاك سحبها من الي هي فيه ... ما تتصورش فرحتي يوم ما لحقتني في المحل ... ساعتها عرفت إنك لا يمكن تسبني رغم إنه ضميري واجعني
- ليه بقى ؟؟
- لاني خليتك تشوفني في صورة الست المش كويسة ...الست الي بتمشي ورى اهوائها ... صورة الام الشرموطة
- (هنا مازن قام من مكانه وحظني بقوة عشان يسكتني) ... أولا أنا شايفك أحسن ست في الدنيا ... وثانيا لو حد قال عليك نص كلمة وحشة أحط صوابعي في بقه و أضربه على طيزه ...
- (رفعت راسي عشان اشوف عينيه وما قدرتش امسك نفسي من العياط)
- طب بتبكي ليه ؟؟
- بابكي لأني مش ممكن الاقي راجل زيّك ... في حنيتك في جمالك في وسامتك في حكمتك ... كلك تتحب بالغصب (ورميت راسي على صدره ... شوية وابتدى يمشي ايده على شعري كإنه بيهديني)
- طب ما أنا جنبك أهو وباحبك ولا يمكن هاسيبك
- أه والدليل هربت مني واستخبيت هنا
- أنا ما هربتش منك ... هربت من الوضع الي اتحطيت فيه
- وضع ايه
- (هنا مازن افلتني ورجع مكانه ) وضع إنك تستعمليني وسيلة تنتقمي بيها من زوجك ... من غير تفكير في مشاعري ...
- (هنا حسيت بحجم الغلطة الي غلطتها ) ماهو ما كانش قدامي حل ثاني .؟؟؟
- عشان كده استعملتيني كممثل ثانوي في قصتك
- لا ابدا إنت البطل بس ما قدرتش اعبّر عن كده
- بتقولي ايه ؟؟؟
- انا الخجل والكسوف منعني من اني اقلّك أو اتعامل معاك غير كده ... أنا من يوم فرح أختك وأنا صورتك مش مفارقة تفكيري واحلامي ورغباتي
- من يوم الفرح ؟؟؟؟
- طب وما قلتليش ليه قبل كده
- خفت منك وخفت عليك وخفت اخسرك
- تخسريني ؟؟؟
- أه ... ما كنتش متوقعة ردت فعلك
- ممكن تسكتي شوية وتسمعيني
- أكيد
- أنا من صغري وأنا حاسس إننا في وضع مش طبيعي ... كنت باكره بابا ومستني الفرصة عشان انتقم منه ... كنت باكره ماجدة ومستني امتى تغور وارتاح من عكننتها ... كنت بارسم في خيالي ألف صورة والف سيناريو للانتقام منهم ...
- طب وانا
- أنا كنت شايفك زيي ... مظلومة ومغمية عينيكي عن الحقيقة ... عمري ما شفتك كام بس عمري ما كرهتك ... عمري ما إتمنيت حاجة أكثر من إنك تفوقي وتفتحي عينيكي ... إنتي فاكرة ايام ما كنت باهرب منكم ...
- أه
- ده عشان ما اشوفش العبط والغباء إلي بتتعاملي بيه مع بابا برغم انه المؤشرات كلها بتدل إنه هيضرّك كانت باينة للاعمى ... كنت باتخنق لما باشوفك بتتفاني برومنسية في ارضاءه وهو بيخونك ... كنت باتخيّلك مع راجل ثاني يعرف يقدّرك
- راجل ثاني
- أه راجل بيعرف قيمتك وبيقدّرك و بيحبّك بجد
- وده يطلع مين
- ده إنتي الي قلتي عليه
- إلي هو إنت ؟؟؟
- كنت باموت وانا باشوفك بتمشي قدامي ... باتخنق الف مرة وإنت داخلة تنامي جنبه ... كنت عاوز انبهك بس كنت متأكد إنك مش هتصدقيني ... لغاية ما القدر تدخّل وجابلي الفرصة ...
- طب ما انا جيتلك اهو ؟؟؟ جيتلك انت بس من غير أبوك ولا انتقام ولا اي فكرة زبالة ... انا جيتلك عشان محتجالك ... إنت الوحيد الي يقدر يسعدني ... الي يقدر يملى فراغ روحي
- اسعدك ؟؟؟
كده فجأة من غير مقدمات ... من كثرة الصدمة كل الافكار في دماغي اتخربطتت ... برغم إن الاطباء اكده إنه سبب الوفاة هو مرض قديم في القلب ما إتعالجش بس كنت حاسة إني أنا الي قتلته ... مش بس أنا مازن كمان كان حاسس بده ... فاجعة الموت بتمحو كل الي قبلها ... خصوصا الذكريات السيئة ...
بعد الدفن ومراسم العزاء ... لا انا ولا مازن قدرنا نشوف عينين بعض ... هو خلّص كل حاجة بكلمة " ما تجوزش عليه غير الرحمة " ... برغم كل المشاعر السودة الي كان بيحملها تجاه أبوه بس رغم كل شيء ده ابوه ... تواجد ماجدة الي فقدانها لابوها افقدها بريق الحياة في عنيها ... وده زود من عذابي ...
حاليا الموضوع عدى عليه ستة أشهر ... مافيش اي كلمة اتفتحت بيني وبين مازن من ساعتها ... حاسة بندم أو بتأنيب الضمير بسبب الي حصل ... وعشان كده أنا كلّمتك ...
هنا أردت فقط ان ارمي الكرة في ملعب أمي ... قصة مازن ومنى سحبتها وعاشت معها بكل تفاصيلها وتفاعلت معها بكل جوارحها ... كل ما أردته فقط هو أن استنتج ما وصلت اليه أمي في افكارها ... دراما حزينة تفقد القصة طابعها الوردي وتوشحها بالسواد ... هكذا هي الحياة ...
تعللت منى بتأخّر الوقت وأنها ستعاود الحديث معها غدا لأخذ رايها بحكم أنها الخبيرة في ميدانها ...
على ما اعتقد أن تلك الليلة مرّت على أمي أثقل من هموم الزمن كله ... وهو ما آلمني بحق ... صباحا تركتها وخرجت ... لم البث أن إنزويت في ركن مقهى مستنفرا كل جهود عقلي للحوار الفاصل بين أمي وبيني كشخصية منى ... أحسست أني أحطتها بالإيحاءات الواضحة في كل قصة رويتها لها ... جنس المحارم وإن ثقل على النفس لكنها تقبّلته بل وتفاعلت معه وشجعته في بعض الاحيان ... هنا كان عليا ان اضع فكرها على المحك ...
إتصلت بها منى طالبة النصح ... الحق يقال ان أمي إكتسبت خبرة فوق ذكاءها لمعالجة الموضوع ... بخطى الخبيرة المختصة جعلت تحوّل فكر منى لاقناعها أولا ان ما حصل هو قضاء لا مفر منه ... وأن لا يد لها في ما حصل لزوجها وأنها لم تخطأ في عقابه ... فلا هي سممته ولا طعنته ... هي فقط إنتقمت لكرامتها باخف الوسائل سحبته منه القدرة التي هي وفّرتها اليه ... والقدر لعب دوره ...
صراحة الفكرة استحسنتها على لسان منى بل ووصلها الشعور مني ان منى إقتنعت بكلامها ... جمل إطراء طويلة انهت حوارا امتد على طول اليوم حتى المغيب ... كلمات شكر وإطراء من محدثتها تنم عن إمتنان لتخفيف عبئ عذاب الضمير الذي أزاحته عن صدرها مع التواعد على التحدث غدا ...
عدت للبيت خفيف الروح سعيدا لا أدري لماذا ... ناديت أمي طويلا لكنها لم تجب ... لا أكل في المطبخ ولا حركة في البيت ... وجدت امي في الشرفة ترسل نظرها للافق ... مستغربا وجودها في مثل هذا التوقيت والجو هناك ... قالت انها تريح عينيها من أثر الكتابة والجلوس وراء شاشة الحاسوب طوال اليوم ...
مع إستنكارها لاقتراحي بأخذ راحة من عملها دون تقديم أسباب ... إقتنعت أن أمي تعاطفت مع شخصية منى واصلا أصبحت تعيش همومها ... كتعويض داخلي مني تحججت بعدم وجود أكل في البيت ودعوتها للعشاء خارجا ... مع بعض المزاح الخفيف حول عدم قدرتي على تحمل مصاريف مطعم فخم وافقت ان نتوجه الي مطعم غير بعيد عن البيت ...
المطاعم في فصل الشتاء تصاب بحركة من الركود ... خصوصا بالليل ... حالة التيه والتفكير جعلت امي تلقي عليا عاتق إختيار ما نأكل ... وأمام تلك الحالة التي اعرف سببها قررت التدخل في الموضوع شخصيا ...
- إلي واخذ عقلك ؟؟؟
- لا ابدا ما فيش
- ما فيش إزاي إنت مش معايا أصلا
- على اساس إنت معايا
- أنا ديما معاكي بس شايفك مشغولة اليومين دول فمش حابب أزعجك
- وأنا كمان مش حابة أزعجك
- تزعجيني ؟؟؟ ... في حاجة حصلت (نطقت كلماتي بنبرة تستفز أمي ان تعترف وتأد كل فكرة قد تتخبط في رحم عقلي)
- ما تاخذش في بالك ... دي مشكلة وحدة عندي في المدونة
- وللدرجة دي المشكلة سارقة تفكيرك
- الحقيقة المشكلة معقدة لدرجة مش لاقيالها حل
- طب ما تحكيلي ممكن أساعد والا دي أسرار المرضى
- الحكاية طويلة ومش عاوزة ادوشك
- والليل طويل وانا باحب لما اسمعك
قصتي استثني منها فقط الطابع الجنسي والعاطفي ... رغم أني كنت اتوقع ذلك من أمي لكني أصبت بنوع من الخيبة ... كنت اتمنى لو أنها تطرّقت حتى باقتضاب لذلك كي أوجه افكارها مباشرة دون الحاجة للإيحاءات لكنها راوغتني ... كنا نأكل ونتحدث بهدوء ... او بالأحرى كنت استمع بمتعة ... ثم جاء دوري للكلام ... أردت أن ابدو في شكل الناصح المساعد ...
- هو أحسن حاجة عملتيها إنك خليتيها تبعد عذاب الضمير عن روحها لان ده كان هيدمرها ... بس لسة المرحلة الاهم
- إلي هي
- إنها تعمل نفس الشيء مع إبنها عشان ما تخسروش
- تخسرو
- طبعا لان الولد بقى مقتنع إنه كان السبب في موت أبوه بالتعاون مع أمه وبكده هيكره تواجده مع أمه ويبعد عنها
- فعلا ده حصل ...
- فعشان كده لازم تقنعه إن ماحدش له دخل في الي حصل
- إزاي
- لازم توصله فكرة إنه ده قدر ودي أحكامه وإنهم مالهمش دخل فيه
- وده هيحصل إزاي
- بإنها تخليه يحس إنه القدر تدخل لصالحهم مش ضدهم
- (سكوت طويل من أمي يدل على انها لم تستوعب الفكرة) ... إزاي
- بإنها تحسسه إنه فقدان أبوهم الي كده كده ما حدش كان طايقه منهم هيخلي الحياة ما بينهم أحسن وبحرية أكثر
- مش فاهمة
- طيب هي مش قالتلك إنه سبب بداية مشاكل الولد مع ابوه موضوع الكلبة الي قتلها
- صح
- طب ما تشتريله كلبة من نفس النوع ونفس اللون وبكده توصلّه فكرة إنه غياب ابوه فيه مميزات رغم الالم الي حصل
- (نظرة إستحسان منها لكلامي) تصدق فكرة بس وبعدين
- بعدين دي راجعة ليها هي ... خليها تبتدي بموضوع الكلبة وتشوف تاثير الحركة دي عليه لو تقبّلها يبقى هيتقبّل أي تقارب ثاني ما بينهم
- تقارب ؟؟؟؟ (أحسست ان الكلمة دغدغت وترا حساسا في فكر أمي) تقارب من انهي ناحية
- هي مش قالت إنها قبل موت أبوه كانت هي وإبنها مشكلين تحالف ثنائي بينهم في كل حاجة وتناغم جميل هي خايفة تخسره بعد إلي حصل
- صح
- يبقى لو إبنها تقبّل موضوع انها تسمحله يربي كلبة من جديد في البيت خصوصا إنه الموانع راحت بموت أبوه يبقى تقدر ترجع العلاقة للنقطة الي كانت عليها قبل حادثة الوفاة مع إيجابية إنه الممنوعات أو المحرمات اصبحت مسموحة بموته
أنا كنت سعيدا بذلك ... إن اشركتني أمي في مشكلة منى ولو بإحتشام شديد اليوم فبيدي أن اضع عقدة امامها تجعلها تلجأ لي وتفتح موضوع العلاقة المحرمة بينهما وهو حجر الاساس الذي اريد بناء الخطوة القادمة معها ...
في الغد كنت متلهفا لتلقي رسائل أمي لتنصح منى ... وفعلا فقد إتبعت كلماتي بالتفصيل وخطوة بخطوة ... فقط وضعت بعض لمساتها في الحوار ... نصحت منى بجلب كلب ذكر لمازن ... وأن تشير أنها لا تطيق ان تحضى أي أنثى أخرى بإهتمامه غيرها ومنها تعيد العلاقة الي النقطة التي توقفت فيها ... والباقي هو رهين قرارها ....
مر أسبوع على نفس الشاكلة ... أمي تعيد عليا ما حدث بينها وبين منى ليلا ... ونهارا أستقبل ما بذرت في عقلها في الليلة الفارطة ... الا أنها لم تشر لا من بعيد ولا من قريب لموضوع رغبة منى في الحصول على إبنها ... هي فقط تحاول تصوير الموضوع على انه خوف طبيعي من أم على مستقبل علاقتها بإبنها ...
وهذا ما استفزني ... أمي صارت تعيش في مخيلتها مع أبطال قصصي بل وتتقمص أدوارهم ... ذكريات تلك الليلة لما قلّدت منى في إكتشاف ما أخفي تحت ثيابي لم تفارقني ... سبب تأثير قصصي في أمي هو أنها نابعة من رغبة حقيقية فيها ... وهذه الرغبة غذاها تجاوب يبدو حقيقا منها ...
كنا في يوم خميس ... لم أزر المعهد منذ مدة ... فقط متفرّغ لامي ومحاورتها ... سئمت هذه الوضعية فقررت وضع حد لما يحصل إما أن أواصل وإما أن أدفن تلك الرغبة تحت لحود العلاقة العادية ويكفي ما فعلته حد الآن ...
إجابات أمي كانت غير مباشرة ... توحي بالتشجيع لكن بإحتشام ... لم تدخل أبدا معها صلب الموضوع ... وهو ما زاد في غيضي ... بدأ الحوار بين منى وأمي طبيعيا لكن ببرود أكثر ... برود لم تستغه أمي ... رغم أنها كانت تقوم بتشجيع منى على مواصلة إعادة العلاقة بينها وبين مازن ... مما دفع منى للإنتفاض بعنف على أمي ...
- أنا ما بقتش فاهماكي على فكرة
- ليه بقى
- مش قادرة أحدد موقفك معايا
- موقفي معاكي ... أنا باساعدك بس
- لكن إنتي لغاية دلوقتي ما قلتليش لا رايك الشخصي ولا حتى الراي العلمي والنفسي في موضوعي ... بتقدميلي إقتراحات مساعدة بس
- وكده ابقى غلطانة
- أنا باتكلم مع مرشدة نفسية مش مع صاحبتي
- ممكن معاكي حق ... أنا إتعاطفت معاكي فعشان كده ممكن وصلك الشعور ده
- طيب وبعدين
- من ناحية الرأي العلمي والنفسي فالموضوع معقد بس ممكن نختصره بحالة إنجذاب لشخص بتحبيه زوده الشعور بالذنب والتقصير على الي فات مع إحساسك إنه وقف معاكي وما لقتيش حد غيره في محنتك فخلاكي تنجذبي ليه جسديا
- بس أنا باحبه
- ده عادي ... ممكن تطوّر إحساس الحب الفطري مع كل الي حصل خلاكي تشوفيه بنظرة ثانية ... خلاكي تشوفي فيه الحب الي ما عشتهوش أو إتمنيتي تعيشيه قبل كده
- بس ده إبني
- وده السبب
- إزاي
- زي ما قلتلك هي تراكمات عاطفية وصّلتك للاحساس ده
- طيب ممكن نكون أوضح أكثر
- أكيد
- إنتي شايفة إن ده طبيعي
- سبق وقلتي إن تعاطفت معاكي ودي لوحدها إجابة
- طب ده سببه إيه ... التعاطف ده
- ممكن من كثرة القصص الشبيهة الي مرت عليا من خلال شغلي خلاتني أتعاطف معاكي خصوصا المزيج بين الحب والرغبة الموجودة ما بينكم
- بس
- أكيد
- طب ممكن سؤال ؟؟؟
- طبعا
- إنت عندك أولاد ؟؟؟
- أيوة عندي ولد
- عنده كام سنة
- 18
- ومتزوجة ؟؟
- لا ارملة
- من زمان
- أيوة من سنين عديدة
- طب علاقتك بإبنك إزاي ؟؟
- طبيعية
- لاي درجة ؟؟؟
- مش فاهمة
- يعني مش عارفة ... طالما تعاطفتي مع قصتي ... فرضا لو إتحطيتي في نفس ظروفي كنت هتتعاملي إزاي
- (هنا سكتت أمي طويلا ولم ترد)
- شفتي إنه طالما الموضوع بعيد عنك تتعاطفي وتحلمي وتساندي إنما مجرّد تخيّل إنك تتحطي في مكاني خلاكي ما تقدريش تجاوبي
- لا الموضوع مش كده
- لا هو كده ... تقدمي نصايح ممكن ... تشجعيني كمان ... إنما لما تتحطي في مكاني ما تقدريش تعملي إلي إنتي بتنصحيني بيه
- (هنا وصلني الارتباك في مشاعر أمي) قلتلك الموضوع مش زي ما فهمتيه
- (أردت أن أدفع أمي للاعتراف بما في داخلها) طيب ممكن نكون صرحاء أكثر
- أكيد
- هل إتخيلتي في يوم إبنك زي ما أنا باشوف مازن ؟؟؟
- (هنا صمتت أمي كثيرا)
في طريق العودة للبيت كان عقلي يرقص بافكاري ... هي خلاصة هذه اللعبة إن فتحت أمي الموضوع أمامي فعندها سيمكنني تحديد خطوات ما تبقى وإن واصلت في تجنبي سأنهي هذا الأمر ... هو قرار نهائي ...
كعادتها في الأيام الأخيرة ... كثيرة الذهول ... مرّ وقت العشاء والسهرة رتيبا لا حديث فيه سوى كلمات مقتضبة ... رغم محاولات العديدة لسحبها في الحديث لكنها لم تتجاوب ... ومنها وصلتني تلك الإشارة ... قد إنتهى الامر ... ويكفيني انها لم تكشف أمري لحد الآن ...
كثرة الاجهاد الفكري جعلني أنام لوقت متأخّر والغريب في الامر أنها لم توقظني حتى ... خرجت بعد منتصف النهار على غير هدى ... مررت على دكان العمدة الحلاق ... عاتبني كثيرا على غيابي ... أنا منذ مدة لم أركز في لعبتي وفي شبكتي ... كأنها حالة إقتناع بما جنيت منها فأهملتها .... مع حالة الفراغ التي سأدخل فيها بعد الآن قررت أن أعود لممارسة هواية لا أهواها لكنها تعود عليا بمداخيل قد أحتاجها ...
سئمت من العمدة وثرثرته فخرجت أحوم على غير هدى في المدينة حتى ثقلت خطواتي ... إخترت ركوب سيارة تاكسي تعيدني للبيت وقبل أن أدفع ثمن التوصيلة وجدت أمي وتيسير تتمشيان جنبا لجنب في آخر الشارع ... غيابي الطويل عن الدروس جعلها تقلق وتأتي مستفسرة للبيت ... فقط هي نظرات قاتلة من أمي عن سبب غيابي ... فلا انا أجلس في البيت معها ولا انا أذهب للمعهد فاين كنت ؟؟؟؟
فكرة سريعة مجنونة ألفت فيها عذرا لغيابي هو إلتحاقي بمعهد آخر أتعلم فيه فنون الرسم بالابعاد الثلاثية والرباعية والخماسية ... والدليل أني أعود للبيت بالتاكسي لبعد المكان ... فكرة خلّصتني من ثقل أسئلة تيسير وزرعت حقل اسئلة في عقل أمي ...
ما إن إنفردت بي في البيت حتى عادت سيرتها الاولى ... صراخ وتقريع ولهجة عنيفة في الكلام ... حاولت ان لا اتصادم معها لكني لم أتمالك نفسي ... كررت نفس الحركة الاولى ... أمسكت يديها اللتان تتراقصان امام وجهي ودفعتها على الكنبة محاولا شل حركتها ... ثم حضنتها بعنف محتملا كل إهتزازاتها ...
- إهدي بس ... إنتي زعلانة ليه
- (سؤال لم تجد له إجابة حينية ... هي فقط تفرغ غضبها كله فيا) يعني مش عارف ؟؟؟
- حصل ايه بس
- (محاولة تمالك أعصابها وترتيب افكارها) أديك رجعت تخبي عليا ؟؟؟
- أخبي عليكي إيه ؟؟؟
- موضوع المعهد الثاني
- إنتي صدقتي أنا بس كنت باسوّح تيسير عشان تعتقني
- تعتقك ؟؟؟ ... هو في ايه ما بينكم
- يا دي النيلة على دماغك دي
- أمال ايه الموضوع
- الموضوع يا ستي إنه المدرّس بتاعنا عندو شغل مع قناة أجنبية بتصور وثائقي عندنا في البلد وأخذني معاه عشان أنا متفوق وأنفعه
- (نظرة عين أمي لم افهم مغزاها لا هي صدقتني وفي نفس الوقت شعرت بالفخر) طب وما قلتليش ليه
- أقلّك الحقيقة
- وكمان بتسأل (وضربتني بشبه عنف على صدري)
- أصلي كنت ناوي أعملهالك مفاجأة
- إزاي
- ماهو الشغل ده هناخذ عليه شوية فلوس حلوين ...وكنت ناوي أشتريلك هدية أو أعملك فسحة تخرجك من الي إنتي فيه ... بس
- بس إيه
- بس دلوقتي غيّرت راي
- يا سلام (بلهجة دلال وإستنكار)
- طبعا طالما حضرتك أجبرتيني أكشفلك السر يبقى خلاص حلال عليا المبلغ
- (قامت من جانبي) أنا أصلا ما عرفتش حاجة ومش هأرضى غير بالهدية والفسحة .. الاثنين
عناق طويل بينهما بعد غياب يعتبر طويلا عمن كانتا لا تفترقان إلا نادرا ... ساعدت السائق في إنزال الحقيبتين الصغيرتين ... قبل أن تعانقني خالتي معاتبة عدم التصال بها إنطلق هدير السيارة بعيدا ... دخلنا البيت متعانقين ثلاثتنا .... عشاء خفيف مما أعدته أمي ...
خالتي لم تتمالك نفسها للتساؤل عن سر التغيير البارز في حياتنا ... ملابسنا .. أثاث البيت ... حالنا ... قالت انها كانت تخاف علينا مما سيحصل لنا في غيابها ... أمي فقط أجّلت الحديث للسهرة ... أو حتى تنفرد بها ... إنتهى العشاء وكان يتوجّب عليا الانسحاب لفسح المجال أمامهما للانفراد ففعلت ...
كنت أحاول إشغال نفسي في جهاز اللاب توب حتى وصلني صوت إتصال ... الصوت يصل خفيفا من غرفة أمي ... بحثت عن هاتفها ... كنت أهم بأن أحمله نحوها في الأسفل ... لكني أنا المتصل بها بحثت عن هاتفي فلم أجده ... ربما أمي وجدته في الاسفل وتريدني في شيء ما ...
لكن الصوت الذي وصلني عبر الهاتف من تحت يؤكّد ان الاتصال وصل خطأ ... بعض الضجيج ممزوجا بكلمات يؤّكد أن الهاتف محشور تحت إحدى الوسائد ... رغم أن الصوت ليس بالوضوح اللازم لكني كنت أفهم ما يحدث ... وقفت عند آخر السلّم والهاتف في أذني ...
خالتي إستولت على الحوار كله ... تحكي لامي ما فعله زوجها ومدى تورطه في قضايا فساد وأنه بالعودة لما يحدث من تصفية حسابات سياسية سيكون هو أحد أكبر أكباش الفداء... وأنها فقط عادت لتونس لمدة أسبوعين للقيام ببعض إجراءات بيع الفيلا والسيارة وسحب بعض الأموال من الحسابات خشية أن تقع مصادرتها ... كمية الأسرار التي ألقتها خالتي على مسامع أمي كانت كفيلة بالزج بأحدهم في السجن لسنوات ...
طال وقوفي اللذيذ ... وبدأت ساعات الليل تنساب سريعا ... كنت اسمع صوت نحيب خالتي من صدمتها ومما حصل لها مع بعض كلمات المواساة من امي ... إنتهت تلك الجلسة ولم تفتح أمي موضوعنا لكني كنت متأكد أن الأختين لن تخفيا شيئا عن بعضهما والدليل أن خالتي فتحت خزانة خفاياها لأختها دون خجل ...
أعدت هاتف أمي لمكانه ماسحا كل أثر... وألتحقت بغرفتي متظاهرا بالنوم ... لن أترك فرصة إنتزاع إعترافات أمي التي تخفيها تفوتني ... ولن أترك الأمر للصدفة ... مع بزوغ الشمس كنت خارج البيت ... مع رفع أول ستارة باب محلات الكترونية إقتنيت مجموعة كاميرات مراقبة وسماعات من أجود الأنواع ...
للتغطية على غيابي في هذا الوقت المبكّر إشتريت كل ما يلزم إفطار صباحيا من فئة الخمس نجوم ... دخلت البيت محاذرا إيقاضهما لكن عبثا حاولت مع الباب الصدء ... قبل أن تخطو أمي خطواتها الأولى في الطابق السفلي كان صوت خالتي المتثاقل قد سبقها مستعجبا ما افعل ... نفس الدهشة رسمت على وجه أمي مع ملامح أخرى لم افهمها ... سببها نشاطي الغير معتاد ....
ردا على تساؤل أمي الممزوج بالغيرة والحيرة ... قامت خالتي بمعانقتي كتعليل لحركتي بأني حبيبها المفضل ... لم أركز كثيرا في رد فعل أمي التي اهتمت بتحضير ما تبقى من لوازم الأكل ... خروجهما لقضاء بعض الشؤون فسح لي المجال لزرع كل الآلات اللازمة في كل مكان خفي لا تصله عينهما ... ثم استسلمت للنوم ... عودتهما مساءا كانت إشارة لي باليقظة ... كل مشاعري متحفزة لسماع ما يدور بينهما ...
لكن الكلام إنحسر فقط عن لقاء ببعض السماسرة وإجراءات البيع ... رحت أقلّب كفيا ألما ... المؤكد أن الحديث الذي كنت أروم سماعه حكي وهما بالخارج ... فقط هي خالتي التي تتذمّر من إستغلال السماسرة تعجلها البيع لتخفيض الأثمان ...
طال جلوسي دون جدوى ... وهكذا مرت الليلة الثانية بلا جديد ... يبدو أني لن أصل الي ما اريده ... لن أكتشف ما تفكر به أمي ...
في اليوم الموالي كان يتوجب عليا الخروج والا إكتشفت أمي كذبي بشان العمل مع القناة الأجنبية ... شغّلت تقنية التسجيل ربما يكون غيابي فرصة لامي للفضفضة على راحتها .... وفي مثل حالتي لا يسعفني أحد سوى شخص يثرثر قرب اذني يمنع عني التفكير فلجأت لدكان العمدة ... طول الجلسة بيننا مع كثرة أسئلته دفعنا لفتح باب السمسرة والبيع والشراء ... وطبعا شخصية منتشرة إجتماعيا كالعمدة لن تخلو قائمة معارفه منهم ...
آخر اليوم عدت للبيت متظاهرا بالانهاك والتعب ... حتى العشاء لم أشاركهما فيه ... لجأت للغرفة متفحصا ما التقطته سماعاتي علي اشفي غليلي ... هي نصف إجابة ... خالتي التي أصرت على معرفة سر التغيّر في أحوالنا حاصرت أمي حتى بدأت في الاعتراف ...
أكثر من خمس ساعات وهي تحكي بالتفصيل كل ما حدث من ساعة سفرها حتى اليوم ... لكن كل ما قالته أعرفه ... لعبة الهاتف ثم البرنامج والرحلة الصيفية والحريق تلاها برنامج التكوين في علم النفس حتى وصلت الي العمل على النت عن بعد ...
الغريب في الأمر أن خالتي لم تعلّق على الأمر ... خذلت آمالي وخلت أنها نهاية طموحاتي ... أصوات مباشرة نطقت فجأة عبر السماعات ... ما فهمته أن سبب ذلك الصمت أن أمي تركت خالتي تطالع وتستمع لكل القصص الواردة عليها في مدونتها ...
هنا اصابني الرعب ... قدوم شخص بعيد عن الأحداث والصورة يمكن أن يكشف السر ... فلا خالتي عاشت ما عاشته أمي ولا وقعت تحت الضغط المخطط ولا إتبعت الخطى التي رسمتها لها ... هي الآن تعتبر قارئا مرتاح الفكر والتفكير ... وهو ما من شانه تقويض كل ما بنيته من البداية لا بل ومن شأنه أن يفضح كل ما فعلت ...
بدأ قلبي يدق في أذني مع سماع أول كلمات تخرج من حلق خالتي توجهها لامي ... كنت اسمع نبضي يصمني ... فقط إقتنعت أنها النهاية وبدأت افكٍّر في مخرج سريع وآمن لكل ما حصل ... ولكن أي كذبة ستنجينني من هذا .... نبرة صوت خالتي تدل على استغراب شديد وهو ما ذكى نار الرعب في أوصالي ...
- إنتي مش شايفة إنه الحوار غريب شوية
- غريب من أنهي ناحية
- من كل النواحي ... من البداية لغاية دلوقتي
- مش فاهمة
- مش عارفة بس تحسي كده إنه الموضوع زي قطع البازل ... الكلمات المتقاطعة ... الكلمة الضايعة ... الأمور بتمشي معاكي كإنه حد مخططلها
- حد ؟؟؟ زي مين (هنا توقف قلبي عن النبض متيقنا أن نهايتي إقتربت)
- مش عارفة ... بس تحسي إنه القدر بيمشي بخطوات ثابته للوصول لهدف ؟؟؟
- هدف ؟؟؟ ... قدر ؟؟؟ ... وضحي كلامك عشان أنا دماغي مش ناقصة
- طيب تيجي نحلل الموضوع وحدة وحدة
- ماشي
- البداية بموضوع الدراسة والمشاركة واللعبة دي كلها مش داخلة دماغي
- إزاي
- الحوار ده ممكن يحصل في بلاد أجنبية بس عندنا ما اعتقدش إنه في إهتمام بعلم النفس للدرجة دي إنه يتصرف عليه المبالغ دي كلها ... أصلا إحنا الشعب كله مريض نفسي ولا حد واخذ باله
- (هنا إبتدأت اتخيّل شكل فضيحتي أمام أمي) وتفتكري الموضوع ده اصله إيه
- الموضوع ممكن كان عملية تحيّل ... إبتزاز جنسي ...
- بس الموضوع خلص
- ممكن حكاية الحريقة هي السبب ... فالي كانو حابين يعملو كده تراجعو ... إتقبض عليهم أي قصة
- بس إحنا ما سمعناش حاجة عنهم ووصلتنا منهم رسالة اعتذار ومبلغ كتعويض
- ماشي فلنتفترض إنه ده حقيقي والحوار خلص
- موضوع علم النفس ده
- شوفي مش هتشككيني في حاجات أنا عشتها وعملتها بإرادتي ... أنا الي اهتميت بالميدان ده وأنا الي إخترت الكورس بتاع التكوين من بين كذا عرض ... فإطلعي من دماغي لاحسن حسستيني إن إحنا متراقبين
- لا مش للدرجة دي ... بس الموضوع تحسي إنه مرسوم متسطّر
- متسطٍّر إزاي
- موضوع شغلك ده
- يا بنتي أنا الي بعثت أدوّر على شغل واتقبلت من وسط كذا حد مترشّح ..فكل ده حصل برغبتي
- ما ده الي أنا باقوله
- إنت بتعطي في الكلام وبتخوفيني
- لا انا باحلل معاكي الموضوع
- طب حللي
- طيب ومن وسط كل القرف الي المجتمع عايشه والإحباط وفقدان الامل وحالة الغم السايدة ما يوقعش في ايدك غير الناس الي عاشت تجارب جنسية فريدة من نوعها
- ده عشان أنا إخترت أتعامل مع الحالات دي
- أهاااااااا ... ليه بقى
- مش عارفة بالضبط بس لقيت نفسي باتجاوب مع الحكايات دي وباقدر أساعد
- تساعدي فإنك تنصحيهم يكملو ؟؟؟
- قصدك إيه
- قصدي إنه لولا الموضوع ده عجبك ما كنتيش تختاريه دونا عن الباقي ... والقدر مشي مع إختيارك
- عشان حاسة إنه الباقي نصه كذب وعبط ... الحالات دي هي الي حقيقية
- حقيقية والا قريبة من حقيقتك ؟؟؟
- قصدك إيه
- مش ملاحظة إن كل الشخصيات دي شبهك ... أو قريبة منك
- قريبة مني يعني إيه
- يعني عايشة وضعية شبيهة بوضعيتك ... وحدة في نص عمرها لسة جميلة ووحيدة وعندها إبن شاب ووسيم وقدراته مرضية وعايشين ظروف تخليهم يقربوا من بعض لغاية ما تحصل بينهم علاقة عاطفية وجنسية
- مش فاهمة
- لا بتتهربي
- باتهرّب ليه
- يعني مش حالة اي وحدة فيهم تخليكي تفكري في إبنك ؟؟؟
- أفكّر فيه يعني ؟؟؟
- أيوة يعني
- (هنا اصابني أنا وأمي الشلل ... طال الصمت حتى خلت ان اجهزتي تعطّلت)
- مالك ساكتة ليه ؟؟؟
- مش عارفة اقلّك ايه
- إحكيلي الحقيقة
- (بضع دقائق من الصمت) ... الحقيقة إنه الموضوع ما كانش محتاج لا قصص ولا مدونة ولا بتاع ... إنت فاكرة يوم ما إتخانقت أنا ووائل عشان حوار الاكادمية ...
- أكيد فاكرة يوم ما تعبتي ؟؟؟
- أيوة هو اليوم ده ... يوميها سبب الصدمة العصبية إني ما شفتش وائل إبني قدامي .. يوميها شفت المرحوم
- وبعدين
- من ساعتها وانا شايفاه بعين ثانية
- عين إيه ؟؟
- يعني هتكون عين مية ؟؟؟ ... عين ست بتشوف شاب يافع وسيم وحلو بمشي قدامها
- أهااااااااا وقدراته
- بلاش قلة أدب
- عاوزة توهميني إنك بعد كل القصف العاطفي ده ما استفزكيش تكتشفي
- الحقيقة حصل
- (صوت صفقة من كفي خالتي تنبأ أن الحوار إكتسى الصبغة الوردية وأنا في الامان الآن) أهاااااااااا
- طب ما تحكي
- أحكي إيه
- إحكيلي حصل إيه
- (سكوت ينبأ عن خجل أمي)
- إنتي هتتكسفي مني بعد كل الي حصل
- يعني دخلت عليه الحمام كذا مرة بس ما شفتوش بوضوح و اصلا لعبت بيه
- لعبتي بايه ؟؟؟
- ببتاعه ... إرتحتي
- أحاااا هي وصلت لهنا
- طب إحكيلي
- يعني إتلككت عليه في يوم ينام جنبي وهو نايم حسست عليه
- وحسيت بايه
- مش هاقلّك
- يبقى الحوار مثير بالنسبة ليكي
- ممكن زي ما إنتي قلتي كنت واقعة تحت تاثير الكلام الي بوصلني في المنتدى
- وما كررتيهاش ثاني
- لا خفت
- خفتي من ايه ؟؟
- منه ... من وائل
- إزاي
- يعني هتكون ردة فعله ايه
- يعني انك فكّرتي فيه كشريك جنسي
- (نبرة صوت أمي الغاضبة تنم عن ان خالتي لامست آخر أوتارها الحساسة) انتي يتقولي ايه
- مالهاش تفسير ثاني
- قلتلك كنت تحت تاثير القصص الي بتوصلني
- لا ده مش حقيقي ...
- يعني انا باكذب
- لا ابدا ... بس ده بيأكد كلامي
- بيأكد إيه
- إنه في قوة خفية بتوديكم ناحية الموضوع ده
- إزاي ؟؟؟
- كل حاجة ... اللعبة والسفر والبحر والشغل ده ... إنتي كنتي في عالم وإنتقلت لعالم ثاني ... عالم بيقرّبك من وائل بطريقة مختلفة
- إني بتقولي ايه
- انا باقول نفس الكلام الي بتقوليه للي بتسميهم المرضى بتوعك
- أنا بس نصحتها عشان ما تخسرش ابنها
- ومش ممكن تكون هي دي نفس الحالة معاكي ...اقلها تكسبي ابنك
- انت مجنونة ؟؟؟
- لا أنا باتكلّم بالعقل ...
- عقل ايه
- ده عين الجنان
- طيب ... هو مش وائل عنده ميول للي اكبر منه في السن
- صح وده ايه علاقته بالموضوع
- مش يمكن يكون بيشوفك زي ما بيشوف أي وحدة في السن ده
- مش صحيح
- إزاي
- لان أنا فتحت معاه موضوع البوس وهو إتهرّب وده ما خلنيش أكررها ثاني
- لانك كسفتيه أو حسستيه بالإحراج ... الموضوع لازم يكون وحدة وحدة
- إزاي
- مش عارفة تعوديه يبوسك من شفايفك عادي وبعدين تشوفي ردة الفعل ... مش خبط لزق كده
كنت مقتنعا أن دفاع امي عن وجهة نظرها مرده الخجل أو الحفاظ على صورة الام النقية المتفانية في عين اختها لا غير ... هي مكابرة نفاق للسترة لا غير وهو ما أكبرته فيها ... هكذا هي اسرار البيت لا يجب ان تخرج من جدرانه حتى للجدار الشقيق ... لكن خالتي قامت بدور لم اطلبه منها ... وتستحق المكافأة عليه
إنتهى الحوار بينهما بشبه شجار أنهته أمي بأنها أقسمت لو أنها فتحت هذا الموضوع ثانية معها ستطردها من البيت وستقطع علاقتها بها نهائيا ... نبرة صوتها دفعت خالتي للتراجع وإنهاء الموضوع ... لم انم ليلتها فقط كنت مستلقيا على السرير تعصف بيا الاحلام والكوابيس في نفس الوقت ... هي مسالة وقت فقط نعود للانفراد ببعضنا ولنرى ما سيحدث
صباحا قابلت خالتي على الإفطار وقد تغيّرت ملامحها بفعل ما حصل بالامس ... أثار الندم بادية على وجهها ... أمي رفضت حتى مرافقتها لمقابلة السمسار ... تطوعت للقيام بذلك ورغم إحتجاج أمي لكنها لم تمنعني ... فلو فعلت ذلك سيكون إشارة الي ان أمرا جللا حصل بينهما وهو ما لم ترد أمي أن تطلعني عليه فوافقت على مضض خشية ان تفتح خالتي موضوع الليلة الفارطة معي ...
قابلنا أحد السماسرة الذي عرض عليها شراء كل شيء مقابل مبلغ يبدو محترما ... كادت خالتي توافق خصوصا ان نقوده جاهزة والامر سينتهي بمجرد إمضاء العقود والتسجيل ...حتى زوجها استعجلها عبر الهاتف ان تنهي وتتصل بمن سيوصل لها الاموال للخارج ... لكني تدخّلت وأجلت موعد الإمضاء للغد ... أمام إستنكار خالتي تعطيلي اياها طرحت عليها فكرة زيارة العمدة ...
صديقي الحلاق رحب بنا ترحابا كبير وفي لحظات إشتغلت شبكة علاقاته ... تقابلنا مع رجل يبدو انه من اصحاب الخبرة في العقارات ... إستغرقت زيارة ممتلاكتهم اليوم بطوله إنتهت باتفاق على مبلغ يفوق ما عرض عليها صباحا ... والموعد بعد غد بعد الثبت في سلامة الأوراق ... كنت اشعر اني قد سددت كل ديوني مع خالتي بما فعلت ....
أمي التي كانت تتلضى بنار الانتظار أمطرت هاتفي بالاتصالات ... إستقبلتنا عند الباب مستفسرة طول غيابنا ... كنت اعرف سبب قلقها لكن قول الحقيقة طمأنها ... مرت تلك الليلة لا جديد فيها سوى بعض المحاولات من خالتي ارجاع الامور الي نصابها مع أختها ... فقط هي أشادت بخصالي وقدرتي ومعارفي متمنية لو كان مروان إبنها يمتلك نصفها
أحسست ان الزمن يعوض عليا كل ما فات ... إنتهت إجراءات البيع والتسجيل وتهريب الأموال ... هو ليس تهريبا بل طريقة تحيّل بسيطة مقابل عمولة تسلّم أموالا تونسية هنا لشخص ويسلّمك آخر في أروبا مبلغ باليورو ... هذه العملية تسير في الإتجاهين من هنا ومن هناك ...
خالتي التي سحبت كل أرصدتها وأرصدة زوجها وباعت كل ما تملك لم يعد يربطها بوطننا سوى أختها وبعض الذكريات ... توجهنا لمكتب أسفار و حجزت موعد عودتها مبكرا ... كردّ للجميل منها أو مكافأة لي وضعت في يدي ظرفا كبير في رزمتان من الأوراق النقدية ... قالت إنها عمولتي في الفارق الذي كسبته ...
إحتراما لحميمية العلاقة بينها وبين أمي ولكل ما فعلته لأجلنا لم أتصنت على ما جرى بينهما تلك الليلة ... أغلقت حتى خاصية التسجيل تاركا إياهما ينفردان ببعضهما في ليلة وداعمها الاخير ... رغم كل شيء فأمي تحب خالتي وإعلان الفراق النهائي سيكون ثقيلا حتما على قلبها ... فتركتهما تتسامران للوداع
نمت طويلا دون تفكير ليلتها ... لحظات الوداع في أروقة المطار كانت ثقيلة ... هو الوداع حتى لو كان مؤقتا شعور ثقيل قاتل ..ناهيك إن ودعت جزء من نفسك وللابد ... طارت خالتي تاركة أمي في حزن ما بعده حزن ... بيتنا الذي دخلته بعض الحركة لبضعة أيام عاد كئيبا أكثر مما كان في الايام الأخيرة ... حتى خطوات أمي بدت مثقلة ....
وضعت أمامها الظرف الذي سلّمته لي خالتي ... قيل قديما أن الفلوس وضعت على وجه الميت فتبسّم ... النقود لها مفعول السحر على البشر حتى لو لم تكن تحتاجها ... عودة الروح قليلا في وجه أمي دفعني لدعوتها للخروج ... دعوة على العشاء ... قالت أنها غير جاهزة لذلك ... ورغم أن ظرف النقود لا يزال بين يديها إلا أني شعرت انها تريد المزيد ...
وضعت يدي في جيبي وسحبت بضع ورقات نقدية ... طلبت منها ان تذهب لمركز تجميل أو الي كوافير ... على ان نلتقي آخر النهار في البيت ... قبل خروجي وكحركة عادية منها لشكري أمسكت وجنتي بأصابعها تقرصني من خديّ وطبعت قبلة على شفتي ... كاد يغمى عليا من الصدمة لكني تمالكت ...
أمي التي إستنكرت وبشدة قول خالتي تعمل بنصيحتها ... تقريبا الصورة أصبحت واضحة أمامي ... أمي تفكّر أو لنقلها صراحة تشتهي الفعل المحرّم لكنها تكابر فقط ... عملية كسر الحدود التدريجية أتت أكلها ... لكنها عملية إفتراضية ... مجرّد أفكار لم تختبر بعد على أرض الواقع ...
سحبت مبلغا ماليا كبيرا نوعا ما ورحت أتجوّل في المدينة ... دخلت أحد محلات الصاغة ... خاتم رقيق ذوقه راقي مرصع بحبة ألماس صغيرة وعقد يتماشى معه في الزخرفة إستنزف ثمنها نصف ما أملك ... توجهت لمركز تسوق اختار طقما فخما يمكنني لبسه في المناسبات الرسمية ... حذاء لامع مريح في قدمي ... ثم أنهيت اليوم في دكان العمدة الذي تفنن في تهذيب شكلي ...
حوالي الساعة السابعة كنت في غرفتي وقد تجهزت للخروج ... صوت حركة خفيفة من غرفة أمي المغلقة يشير إلى أنها تجهّز نفسها ... طال إنتظاري ... كشأن أي رجل ينتظر خروج إمرأة ... بدأت أتمشى جيئة وذهابا محاولا رسم سيناريو أسهّل به الموضوع على كلينا ... فجأة قفز في ذهني حوار أمي وخالتي آخر مرة ... نعم هناك قوة خفية تقود كلينا الي مصيرنا ... وإن كان الأمر كذلك سأتبع خطة الأحداث دون تدخّل ...
فجأة سمعت طرقا خفيفا على باب غرفتي ثم وجه امي المشرق يطل من خلف الباب تكسوه حمرة خجل خفيف ... لم أكد أرفع عيني من الأرض حتى تعلّق نظري بركبتين تلمعان فوق قصبتي رجليها البيضاوان كحد فاصل بين الصلابة والليونة ... فخذاها المكتنزان قليلا محشوران تحت قماش تنورة سوداء تتقاطع مع قميص أبيض مقتوح من الصدر فاسحا المجال لقياس خط الحب الفاصل بين ثدييها ... إبتسمت كثيرا لم رأيت رقبتها خالية من اي مجوهرات ...
صافرة إعجاب طويلة مني بأناقتها وكلمات إطراء على تهذيبي ... مسكتها من يديها وقمت بلفها مرتين في الاتجاهين وعينيا لا تفارق جسدها تعبيرا عن إعجابي ...
طوال الطريق للمطعم كنت أمسك اصابعها بين اصابعي ... أداعب خاتمها القديم ... هي لم تدرك مغزى فعلي لكنها لم تعلّق ... إخترنا نفس المطعم الذي بدات فيه قصتنا ... أصبح بعض العاملين فيه يعرفوننا وهو ما إنعكس على حفاوة الترحيب ... المطعم كعادته ليس كثير الزبائن ... صوت ذلك المايسترو يداعب الباينو الظخم أمامه يبعث سحرا في جو المكان ...
النور الخفيف لم يمنع وجه أمي من التألّق ... تركت حرية الإختيار لامي التي اعجبها تهذيبي والتزامي بالبرتوكلات ... قالت اني صرت ابدو كرجل صغير ... تعليق ساخر مني مغلفا ببعض قلة الادب المستحسنة دفعنا للضحك
- صغير في السن ممكن بس كبير في حاجات ثانية
- حاجات ثانية زي إيه
- هتعرفي كل حاجة في وقتها
بعض الزبائن ممن تعودوا الهدوء امتعضوا من ذلك لكن الامر كان عاديا بالنسبة لنا ... مكان جلوس تلك الشلّة قريبا منا جعل أمي تركز معهم طيلة الجلسة ... مما دفعني للاستغراب ...
- لو مش عاجبك الجو ممكن نغيّر المحل
- بعد المصاريف دي كلها
- ولا يهمك لسة معايا الي يكفي
- لا ده كثير عليك بس مش كثير عليكي إنتي
- (نصف ابتسامة رضا علت شفتيها) لا مش مشكلة خلينا نشوف هيعملو ايه واهي تسلية
- لا بجد اصلي شايفك مركزة معاهم
- عاوز الحقيقة
- أكيد
- كنت شايفاك قاعد معاهم
- قاعد معاهم إزاي
- المفروض دول قريبين من سنك ... شلة شباب منطلقين وفرافيش ... المفروض تكون قاعد مع وحدة منهم ووسطهم مش قاعد معايا
- بس أنا قاعد مع الي احلى منهم
- يا واد بطل بكش بقى
- بكش ؟؟؟ ... طب بذمتك تعالي نقارن بينك وبين أي وحدة من دول ...
- بس أنا لو إتخيلتك انتي وسطهم هأزعل
- يا سلام
- طبعا شوفي الشباب ... طول بعرض بعظلات بلبس بروح بإنطلاق
- بس يا واد ده أجدعها شنب فيهم ما يجيش شعرة في لحيتك
- بس أنا حلقتها
- طب شعرة في بطاتك
- برضو حلقتهم
- (هنا سكتت أمي قليلا فتجشعت قليلا)
- مش هتختاري مكان ثاني
- لو نزلت تحت شوية برضو حتقلي حلقته
- (ضحكت خفيفة ممزوجة ببعض الدهشة لدفع الحرج) وعرفتي إزاي
- (سكتت أمي قليلا) من الشعر الي بتسيبه في الحمام يا معفّن
الكلام لم يكن مفهوم المغزى لكنه لمس وترا يتراقص أصلا في صدر أمي ... وللخروج من دائرة التفكير في عقلها وبنبرة شبه متحدية لي قالت
- تفتكر هتقدر ؟؟؟
ولو أننا لم نعرف اي أنغام تعزف لكننا تماشينا مع الحدث ... خطوات رقيقة قليلة لفت بعدها أمي يديها على رقبتي ومنها تشجعت ووضعت كفيا على خصرها الرقيق ... كانت أنفاسها تلهب قلبي مرورا بجلد رقبتي ... الكل كان ينظر لنا ... ويتابع حركتنا باهتمام ... رغم كل شيء ففرق السن واضح بيننا ...
بعض الهمسات كانت تصلنا غير واضحة وهو ما شعرت به من خلال ارتباك أمي التي أرادت قطع الرقصة قبل نهاية اللحن لكني منعتها بان ضغطت على خصرها وسحبتها نحوي لتخفي رأسها في صدري هروبا من الجميع ... مع نهاية اللحن وبقلة ذوق غير معهودة من الحاضرين لم يصفقو بلهفة او باهتمام ...
بضع حركات بسيطة كمجاملة أو نفاق للمايسترو لا غير ... وجه امي الذي إعتلته فجأة مسحة من الحزن دفعني للقيام بالحركة المجنونة ... ركعت على ركبتي أمامها وسط الجميع وسحبت علبة الخاتم وفتحته أمامها ... ثم ألبسته إياها مكان خاتم والدي ... حركتي صدمت الجميع وشلّت حركة أمي
علت أصوات التصفيق والتنهيدات المكان مع صوت المايسترو يصدع أن يبارك الجميع للحبيبين ... هنا جاءت اللحظة التي كنت أنتظرها وطبعت قبلة على شفتي أمي ... قبلة مطبوعة لا تشابك فيها لكنها تسببت في رجفة لكل أوصالها ... أمي التي كانت تتملى في قطعة المجوهرات ربما للهروب من نظراتي المتفحصة لردة فعلها ... أبدت إعجابها بذوقي ...
ربما كانت تريد الهروب من ردة فعلها على قبلة هي من بادرت بها قبل سويعات في البيت ... قبل المغادرة وقد أفسد عيد ميلاد أحد الحاضرات من الشلة الجو الرومنسي الهادئ للمكان توجهنا للحمام ... كنت أفكر في ما حصل متخيّلا ما سيحصل ... مجرد تلك التخيلات بعثت الروح في قضيبي الذي انتصب كمارد مختنقا بقماش البنطلون ...
وجدت أمي في المساحة المشتركة في الحمام تقف أمام المرآة ... طلبت منها الوقوف دون حراك .. وجهها للمرآة وظهرها ناحيتي ... بحنان الدنيا طلبت منها ان تغمض عينيها ... سحبت علبة القلادة من جيبي ووقفت ورائها محاولا تثبيتها في رقبتها ... دقة العملية تطلبت مني أن اقترب منها لألاصقها ويرتطم قضيبي الصلب بفردتي مؤخرتها اللينتين ....
لا اعلم اهو الشوق لاكتشاف ما علّقت فوق صدرها أم ردة فعل على انتصابي جعلها تفتح عينيها ... مشهد القلادة تتأرجح بين مفرق ثدييها دفعها للانحناء تجاه المرآة لترى بوضوح أكثر ... مع حركتها أصبح زبي مباشرة بين فردتي مؤخرتها دون حرج ... عيناها تنظر للقلادة وعينايا تغوص في انعكاس صورة ثدييها أمامي ... وكإعلان صريح عما افعل أمسكت خصرها بكلتا يديا وسحبتها للخلف ... حركتي أربكتها لكنها لم تمانع بل إلتفت نحوي بحذر وطبعت قبلة طويلة على شفتي ... قبلة كسابقتيها تبدو سطحية لكن توقيتها طويل سرقني من الزمان والمكان ... ودون أي كلمة يمكن أن تكسر الجو السائد بيننا غادرنا ...
طوال الطريق في التاكسي كنت أمسك يدها مداعبا الخاتم ... وجود السائق منعنا من الحديث ... وصلنا البيت حوالي منتصف الليل ... أمي أسرعت لغرفتها بينما دخلت انا الحمام محاولا التخفيف من ضغط انتصابي ... خلعت البنطلون والقميص والسترة وبقيت بالبوكسر وتيشرت حفيف ...
كنت أقف في المطبخ اشرب كأس ماء مع كل ذكريات هذه الليلة ... فجأة شعرت بيدين تلتفان على بطني بحنية ... أمي التي تسللت حافية من خلفي تحضنني من الظهر وهي تضع رأسها بين كتفي ... مع ملمس يديها لبطني تضاعف حجم قضيبي الذي صار منحوتا بكامل تفاصيله تحت قطعة القماش ...
- ما قلتليش ايه رايك ؟؟؟
- في ايه ؟؟
- أنا وفيت بوعدي والا لا ؟؟؟
- الي هو ؟؟
- الفسحة والهدية ؟؟
- الهدية حلوة ؟؟ ذوقها راقي جدا
- عجبتك ؟؟؟
- طبعا
- يبقى أنا وفيت بعهدي كمان مرة
- إلي هو
- مش قلتلك انا هاعوضك عنه ؟؟
- الخاتم ؟؟
- الي إنتي عاوزاه
- بس إنت ما خلتش حاجة لنفسك
- أولا أنا لو اطول اجيبلك الدنيا هاجيبها وكمان إنتي مش ملاحظة حاجة (كنت امسك كاس العصير بيدي وبالأخرى كنت اعدّل وضع قضيبي تحت قماش البوكسر كي يظهر أكثر ... سحبته ليرتاح فوق فخذي)
- حاجة إزاي (عينا أمي إنغرستا بين فخذي وهي تتابع حركتي لا إراديا)
- إنه إحنا من ساعة ما قربنا مع بعض والدنيا بقت اسهل ؟؟؟
- مش فاهمة
- يعني من ساعة ما بقينا كده والحياة بقت احلى واسهل
- يعني إيه ؟؟؟
- يعني ما تخافيش من موضوع المصاريف أنا شايف إنه كل ما قربنا أكثر من بعض الخير بيزيد
- تقدر تقول كلامك صح
- طب في حاجة ثانية عاوز آخذ فيها رايك (وحركت يدي ثانية لأعدل وضع قضيبي للإتجاه الآخر ساحبا نظر أمي ناحيته دون قصد)
- حاجة إيه .؟؟ (نبرة صوتها فيها بعض التردد)
- في حاجة كنتي عاوزة تعرفيها زمان وأنا ما جاوبتكيش
- إلي هي
- إنتي مش مرة سالتيني إن كنت اعرف أبوس والا لا
- (حمرة الخجل والارتباك علت وجه أمي) إنت لسة فاكر
- أنا ما انساش حاجة إنتي قلتيها
- أهاااااا وبعدين
- عاوز آخذ رايك ؟؟؟
- في ايه ؟؟
- باعرف ابوس والا لا ؟؟؟
- (ضحكة خجل وعيناها للارض أو لما بين فخذي لا أدري) وإنت بتسمي الي عملناه ده بوس ؟؟؟؟