𝙷𝚄𝙻𝙺 𝙼𝙸𝙻𝙵𝙰𝚃
HULK MILFAT THE LEGND OF KILLER
مستر ميلفاوي
عضو
ناشر قصص
ناشر صور
ناشر أفلام
ميلفاوي متميز
ناشر موسيقي
ميلفاوي سينماوي
ناشر قصص مصورة
ناشر محتوي
مترجم قصص
ناقد قصصي
من ::_ قيصر الشرق
الجزء الأول
في قديم الزمان حيث كانت الفتاة نقمة على والديها والفتى هو تاج العائلة... ولدت صفية في يوم عاصف شديد البرودة في قصر ارستقراطي يملكه الباشا محمد الإبراهيمي... في الحقيقة ذاك اليوم ولد مولودين احدهما ذكر والثاني انثى.. كان القصر آنذاك مليء بالغموض والغرابة حيث القابلة تولد زوجة الباشا من هنا وفي نفس الوقت تختفي لتذهب تولد الخادمة التي تعمل كمدبرة خدم القصر..
بعد ساعتين بشرت القابلة الباشا انه رزق اخيرا بالصبي الذي إنتظره طويلا بعد إنجابه ثلاث فتيات.. الذي بدوره اكرمها خير كرم ببشراها ومنحها كيسا من النقود الذهبية..
وقبل رحيلها طمنت القابلة زوجة الباشا ان كل الامور على مايرام وتمنت لها ان يطول بعمر ولدها مصطفى ويتربى في عزها وعز والده الباشا الإبراهيمي ولم تبخل عليها زوجة الباشا من شدة فرحها بإبنها ان تمدها بكيس آخر من النقود الذهبية..ووصتها عند مرواحها ان تفعل كما امرتها سابقا.
ذهبت القابلة بعدها مباشرة إلى الخادمة واخبرتها ان تحمل إبنتها وعليها بالرحيل فورا.. ومابين الشد والرد.. إتفقا ان ترحل في اليوم الموالي حتى تهدا العاصفة ويزول عنها بعضا من تعب الولادة..
وفي صباح اليوم الموالي فجرا. قدمت من جديد القابلة القصر واخرجت منه الخادمة وإبنتها الرضيعة خفية لتأخذها إلى بيت صغير مستأجر يبعد عن القصر امتار واميال وقدمت لها كيسا من النقود واخبرتها انها ستتلقى مثله كل شهر وحذرتها ان تعود من جديد للقصر.ووصتها على صفية وان تحسن تربيتها ولاتجعلها تحتاج لأي شيء وودعتها لتعاهدها ان تعود لهما كلما تسمح لها الفرصة..
الجزء الثاني
بعد الوصايا العشر التي ألقتها القابلة بحزم على الخادمة خرجت وهي متوعدة العودة.. اثناءها حملت الخادمة إبنتها صفية في احضانها وانهالت بالبكاء الشديد وهي تردد
_ماذنبك انت ياصغيرتي في كل هذا سامحيني سامحيني.
ودعت **** في تلك اللحظة ان يكون معها ولايتركها بمفردها تتوه مابين قسوة وغلظة الحياة.
بينما زوجة الباشا بعد فرحتها بولادة مصطفى إنقلب حالها بعد ايام رأسا على عقب ولم تستطع ان تحمل إبنها مابين احضانها مرة اخرى بل تركته مابين الخادمات وأخواته الثلاثة اللواتي كان يدللنه كثيرا و يعتنين به خير عناية... بينما هي فكانت دائمة الشرود والتوتر وقلبها منفطر على شيء مفقود لم تصرح به بعد..
مرت قرابة شهرين عادت القابلة إلى الخادمة ثم بعدها لم تعود إليها قط... منحتها في تلك الاثناء كيسا من النقود الذهبية. وقامت بفعل امر غريب إذ امسكت بختم منقوش باللون الاخضر معدنه من حديد. ووضعته على الموقد ليحمى جيدا ثم كوت به الرضيعة صفية تحت حلمة اذنها... وبعدها ذهنت الجلد بزيت واضافت فوقه شيء مطحون من الحشيش.. وتركت الرضيعة تبكي وتصرخ من شدة الالم.. وطمنت الخادمة ان إبنتها ستتعب في اليومين القادمين ثم ستشفى بعدها..
وبالفعل تورمت اذن صفية ولم تستطع النوم ليلا ولا نهارا وهي لايسكت حسها عن البكاء وارتفعت درجة حرارتها كادت ان تأدي بحياتها. لولا والدتها التي كانت تعتني بها جيدا وتضع لها مراهم كي يهدأ من توهج الجلد وخلطات اخرى لتخفيظ درجة حرارتها حتى زال الخطر عنها نهائيا. وبعد اسبوعين ظهر الوشم تحت اذن صفية كأنها صورة مصغرة حقيقية ملتصقة فوق جلدها..
مرت الشهور وانهت الخادمة كل النقود التي بحوزتها ولم تعد تستطيع ان تتدبر امرها خاصة ان القابلة اخلفت وعدها ولم تعد تذر لها بأي مال لتعيل نفسها وابنتها. فاضطرت ان تغير المكان وتبحث عن مكان اخر تسترزق منه.. وماكان عليها سوى ان تعود لمهنتها السابقة وهي الخدمة في البيوت والقصور.
اما مصطفى فهو كان يكبر في وسط عائلة فارهة الثراء لاشيء ينقصه خاصة ان والده الباشا يعامله معاملة خاصة عن دون إخواته الثلاثة..ويوفر له اكثر من ملتزماته. حتى دراسته كان الاساتذة يحضرون للقصر خصيصا كي يدرسوا الصبي الشقي الذي يرفض ان يتلقى التعليم على انواعه.. عكس صفية التي كانت والدتها تهتم بتدريسها وادخلتها الكتاب منذ صغرها وكم كانت متفوقة في ذلك.. كما حرصت ان تعلمها اصول اللباقة في الكلام والإهتمام بنفسها ونظافتها و تنظيم اغراضها بمفردها.
اصيبت زوجة الباشا بإكتآب حاد وأمرت القابلة ان تقابلها في الحال..
والتقت معها خارج القصر على ضفة النهر بعيدا عن اعين افراد عائلتها. لتفتح الحوار الذي خبأته سرا عن الجميع منذ سنين طالبة من القابلة ان تاخذها لترى إبنتها الحقيقية صفية بعد ثمان سنوات من ولادتها إياها دون ان ترى ملامحها يوما..
الجزء الثالث
ظنت القابلة في بادىء الامر ان زوجة الباشا طلبتها كي تمدها بالنقود الشهرية التي ترسلها إلى الخادمة وابنتها..وانتابها الخوف الشديد عندما علمت بطلبها.
_اريد ان تأخذين في الحال إلى إبنتي..
_إبنتك؟!!
_نعم إبنتي مابك تسمرتي مكانك هكذا يامرأة..؟؟
هل ظننتي انني نسيتها يوما هي بعقلي و بقلبي والسنين لم تستطع ان تخرجها من داخل روحي... هيا تقدمي امامي واركبي العربة واريني اين تقطن إبنتي بالضبط.
_ولكن سيدتي.. ولكن..
_ماذا هناك يامرأة. هل حدث مكروه لإبنتي لسمح ****. تكلمي
_لا. لا. اعوذ ب****. ولكن إبنتك في الحقيقة لااعلم اين اراضيها سيدتي..
حينها جن جنون والدة صفية الحقيقية بعد علمها ان القابلة كذبت عليها طيلة تلك السنين الفارطة.. حيث كانت تأخذ تلك النقود الذهبية التي طمعت بها لنفسها وتركت إبنتها في عوز دون مراقبة حالها واحوالها وكل ماذكرته من معلومات عن اخبارها سابقا كان كل ذلك مجرد كذب في كذب من تلفيقها... وعندما هددتها
بإسترجاع كل النقود التي سرقتها منها وإلا ستسجنها... واجهتها القابلة بدورها بوجه لايستحي من فعلتها واخبرتها انها لاتستطيع فعل اي شيء. ولايوجد دليل انها منحتها قرشا واحدا. كما تجردت من الحياء التام وهددتها بكل قلة ادب إن تقدمت صوبها ستخبر محمد الباشا بالحقيقة كاملة..انها على إتفاق معها بالقيام بتغيير المولودين. وان مصطفى ليس إبنه بل إبن الخادمة وابنته الرابعة بجلالة قدرها تعيش مع مجرد خدامة لاحول لها ولاقوة بأمر من زوجته المصون..
اصيبت زوجة الباشا بإنهيار عصبي ولم تستطع الرد على القابلة التي تركتها تتناول ادوية من المهدآت التي تحملها داخل حقيبتها ومضت دون ان تفعل لها شيئا.. وعادت هي من حيث اتت من القصر منكسرة ذليلة خائبة الرجاء بالطمع ان تضم إبنتها وتعانقها كي تبرد لهيب إشتياقها وتأسفا على ندمها انها ابعدتها عنها يوم تملكها الشيطان ووسوس ان كل الحياة عبارة عن عز وجاه الذي هددها زوجها الباشا ذات يوم انه سيحرمها منها ومن كل شيء وبناتها لو انجبت له أنثى مرة اخرى.... ولكن مايفيد الندم بعد ضياع إبنتها من دنياها.
꧁꧂꧁꧂꧁꧂
عملت الخادمة بجهد وفناء في قصر مماثل الذي كانت تعمل به سابقا عند الباشا الإبراهيمي.حيث برهنت لاصحاب القصر انها تستطيع إدارة البلاط بخبرتها الطويلة كيف تسير شؤونه فعينت كبيرة الخدم كان كل امر بسير بداخله يمر عليها اولا ثم تعلم به صاحبة القصر.. ومن بين تلك الامور التي وكلت لها هي تنظيم حفلة كبيرة اقيمت على شرف قران الإبنة الكبرى لهم.
فقامت بالإشراف على كل صغيرة وكبيرة وعلى كل شاردة وواردة طيلة اسبوع وهي تقوم بالتجهيزات والترتيبات حتى تعبت ومرضت في اليوم نفسه الذي اقيمت فيه الحفلة.. فاعتذرت من صاحبة القصر وطمنتها ان إبنتها ستقوم بالنيابة عنها في تقديم الواجبات للضيوف.
صفية في الحقيقة لم تعودها امها او بالاحرى الام البديلة التي ربتها على خدمة احد منذ صغرها حتى عندما كبرت واصبحت فتاة بالغة و رغم كذلك مكوثها مع امها في جناح الخدم. فقلما كانت تظهر امام عيان اصحاب القصر. فكل همها كانت هي الدراسة الذي اصبح شغفها مع الوقت المطالعة و كتابة الشعر والقصص.. وعندما طلبت والدتها ان تستخلفها بحجة مرضها لم تأبى ذلك وقبلت دون مكابرة او ملامة.
وبالفعل اقيمت الحفلة وكان كل المدعوين من الارستقراطيين وكبار البلد ومن بين الانظار التي اخذت اثناء الحفلة هي الخادمة الشابة الفائقة الجمال ذوا الشعر الحريري المنساب إلى اسفل ظهرها مع الغرة التي زادتها بهاءا. والعيون الواسعة كثيرة السواد المتناسقة مع لون شعرها والطول الممشوق مع لباس كلاسيكي اظهرها بحلة كلاسيكية بسيطة ورغم بساطتها ابرزت مفاتنها وقوة شخصيتها تلك الفتاة التي تدير الحفل بكل ثقة وبرودة الاعصاب ولم تنخدع او تغريها المظاهر الفاحشة الثراء التي امامها هي نفسها صفية الذي لم يصدق احد انها تكون بنت خادمة القصر ولكن في الاخير وقعت في شرك المتربصين بها وهي تحمل صينية زجاجة الشنبانيا والكؤوس التي بها بغية ضيافة إحدى البشوات وإذ تسقط هي والصينية امام طاولة المدعويين وامام الجميع. والسبب هو ذاك الشاب المتعجرف الذي وضع قدمه مكرا أثناء عبور صفية امام طاولته لكي تنتبه إليه ولكنها تعثرت وسقطت صفية ارضا.
ذلك الشاب المتعجرف كان مصطفى الآغا والطاولة التي تريد ضيافتها هي كانت طاولة عائلتها الحقيقية.
الجزء الرابع
عندما سقطت الفتاة ارضا من بين كل الجالسين على الطاولات وقفت زوجة الباشا الإبراهيمي من مكانها بلهفة كي تساعدها على النهوض فسألتها إن اصابها مكروه فطمنتها صفية انها بخير وشكرتها على حسن تصرفها معها.. والغريب عندما وقفت صفية امام السيدة كان الشبه بينهما رهيب حتى مصطفى علق عن ذلك امامهما واخبر والدته بأن الفتاة تشبهها لحد كبير.. فما كان عليهما الإثنتان إلا ان إبتسمتا وطلبت من مصطفى ان يحسن التصرف ويبطل مشاكساته وتعليقاته السخيفة.
احرجت صفية من الموقف ولملمت الموضوع بمساعدة بعض الخدم بطريقة سلسة غير مرتبكة.. ولكن الخوف الاكبر لديها كان هو ان تعاقب والدتها من طرف صاحبة القصر بدلا عنها بسبب الحادثة التي وقعت لها دون إرادتها وتنهي عملها داخل القصر..
وبالفعل امرت صاحبة القصر صفية ان تتوقف عن العمل فورا اثناء الحفلة رغم إعتذارها وان الحادثة وقعت غصبا عنها. ولكن الامر صدر وعليها ان تنفذ.
اما زوجة الباشا فقلبها منذ ان رأت صفية لم يهدأ ولم يتوقف عن النبض بسرعة وكل من عيونها كانت مترصدة بالبحث عن الخادمة الجميلة من بين كل الخدم الذين يقومون بضيافة المدعوين.. ولكن لم تجدها من بينهم.. فلم تستطع التحمل وقامت معتذرة لعائلتها انها تود ان تضبط نفسها فتوجهت نحو الباب الخلفي للقاعة المتواجدة بها للبحث عن الفتاة..
وبعد سؤالها عنها لبعض الخدم قادوها عندها مباشرة وتفاجأت صفية بوجود المرأة التي ساعدتها في الداخل هي نفس السيدة المحترمة التي امامها تبحث عنها خصيصا.
_هل اخدمك بشئ سيدتي؟
_لا عزيزتي اردت فقط الإطمئنان عليك عندما لم اجدك تكملين مهامك بالداخل ظننت انه حدث سوء بك..
_ااا شكرا سبدتي انت طيبة جدا... كل الموضوع ان سيدة القصر غضبت مني واوقفتني عن إكمال عملي.. لاتهتمي..
_مؤسف حقا.. لاعليك سيزول غضبها بعد قليل وتعيدك إلى شغلك دون شك..
_ارجوا ذلك..
_ولكن إن طردتك فعلا خذي هذا هو عنواني إن إحتجتي للعمل سأوفره لك بكل تأكيد.
_انا خجلة منك سيدتي فلطفك غمرني. حقيقة اشكرك..
بعد إنتهاء الحفلة ذهبت صاحبة القصر للخادمة المستلقية على الفراش والتي كانت امامها صفية فوبختها دون رحمة او شفقة ولم تتذكر منها اي إستحسان قامت به من اجلهم قبلا. وانبتها ان بسبب سوء إختيار إبنتها للمهمة قامت بفضيحة ستكون كل الجرائد الوطنية تتحدث عنها و التي كانت تنتظر شيء كهذا لتنشره بعنوان عريض في اليوم الموالي.
وبعد ذلك امرتها ان الباشا امر بطردها هي وابنتها وعليهما ان يخليا الغرفة فهناك خادمة جديدة عينها الباشا بنفسه ستلتحق مساء للقصر وقدمت لها ظرف مغلق به آخر مستحقاتها.
لم تصمت هنا صفية بل واجهت السيدة بكل حزم واخبرتها ان تصرفها في هذه اللحظة غير لائق ولايمد بأي اخلاق للبشاوات. وعبرت كيف لها ان تعامل من خدمتهم بكل حسن للنوايا الطيبة منها وبكل طاقتها وقوتها. والدليل هو تعبها المفاجئ و مرضها بسبب الكم الهائل من المجهود الذي بدلته من اجلهم مؤخرا. وفي الاخير جزاءها بغلطة بسيطة لم تكن السبب فيها يطردنها شر طردة. واردفت من يظنون بالعباد هل هم عبيد لهم. يأخذونهم لحما ويرمونهم عضما فهم بشر من ددمم ولحم مثلهم تماما..
ولكن صاحبة القصر لم تتأثر بكلمة واحدة من كلام صفية وامرتهما عند خروجها من باب الغرفة ان يرحلا فورا.
صدمت صفية اما والدتها المريضة أصبحت تنتحب بالبكاء الشديد وهي تطمنها ان كل الامور ستكون بخير. وان لاتخاف فالرزق من عند **** وليس من عباده..
حملت صفية ووالدتها بعض من حقائبهما وعادا إلى المكان القديم الذي كان يستأجرانه ومن حسن حضهما وجدا من صاحب البيت غرفة مفروشة شاغرة لهما.. فحمدا **** انه سهل امريهما ولم يبيتا في العراء.
في تلك الاثناء علمت صفية انه حان الوقت لتعمل بدلا عن امها وترفع قليلا المسؤولية عن كاهلها... والدتها التي إنهك المرض جسدها ولم تستطع الشفاء منه رغم الادوية التي تتناولها صباحا ومساء.
ومرت ايام وايام وصفية تبحث عن العمل هنا وهناك ولكن دون جدوى. والنقود لم ببقى منها إلا القليل فاحتارت مالذي تفعله.. وبدون قصد وهي ترتب اغراضها وجدت ذاك العنوان الذي منحته لها تلك السيدة التي ساعدتها عند سقوطها في الحفلة.. وتذكرت عرضها الخاص وطارت صفية من شدة فرحتها.. واستغربت كيف نست امرا كهذا. وعزمت صباحا ان تذهب للقياها.
في اليوم التالي إستيقظت صفية باكرا متوهجة مبتهجة ليوم جديد قد يكون اجمل من سابقه واستبشرت به وتوكلت على الخالق واستعدت لذهابها إلى السيدة التي عرضت عليها العمل عندها سابقا.
وبعد بزوغ الشمس بسويعات قليلة اخذت صفية العنوان واستقلت عربة ولم تكن المسافة طويلة مابين منزلها وقصر السيدة كما توقعتها.
وهي امام باب القصر طلبت من البواب انها تريد ان تكلم السيدة ولكنه اخبرها انها ليست بالداخل. وان ارادت ان تنتظرها في باحة القصر حتى تعود فذاك شأنها..
وبالفعل إنتظرت صفية السيدة ولكن طال إنتظارها وقابلت هناك سيدتان يظهران عليهما الرقي نزلتا من العربة مع طفلين صغيرين توقعت انهما ولديهما. فألقيتا عليها السلام وعلما انها بإنتظار والدتهما فطلبا منها الدخول معما إلى داخل القصر. واستضافاها في قاعة الإنتظار كما ضيفتها إحداهما القهوة وطلبا منها ان تستريح حتى تعود والدتهما من المشوار واعتذرا منها وانصرفا لقضاء امورهما.
بعد قليل دخل مصطفى ينادي على والدته ظنا منه انها بقاعة الإنتظار فاخبرته صفية انها بدورها تنتظرها.. فصعق مصطفى من وجود تلك الخادمة التي سحرته قبلا بجمالها اثناء الحفلة فرحب بها وسألها..
_هل انت نفس الفتاة التي.... . ؟
فتبسمت صفية ودون ان يكمل كلامه اجابته..
_نعم انا نفسها
_هل لديك معرفة خاصة مع والدتي.؟
_ليس الامر هكذا. ولكن لدي طلب خاص عندها..
_حسنا هو سر إذا مابينكما..ولاتريدين مني ان اعلمه
_ليس بالضبط ولكن الموضرع...
هنا دخلت السيدة وتفاجأت بوجود الفتاة التي لم تنسها قط منذ ان إلتقتها آخر مرة في الحفلة... فسعدت بها كثيرا ورحبت بها كأنها صديقتها المقربة التي إلتقت معها بعد فترة طويلة من الغياب. وطلبت منها الجلوس.. هنا إستأذن مصطفى بعد ان اخبر والدته انها يريدها في امر مهم بعد ان تنتهي من المقابلة ..وبعدها انفردت صفية وسيدة القصر التي لم تكن اكثر من ذلك بالنسبة لها.
_مااخبار سوسن هانم؟؟
_لااعلم عنها شيئا فهي منذ ان طردتني بسبب ماحدث في تلك الحفلة لم ارها مجددا
_ااا فعلتها إذا. سوسن كعادتها لاترحم احدا ولاتعطي عذرا لأحد. فهي دائما صارمة. وبالكاد تجدينها تبتسم... لابأس لاتحزني ربما **** وجد فيها خيرا.
_ونعم ب****.. اكيد لااحزن على نفسي ولكن والدتي ماذنبها بذلك فهي خدمتهم لسنين وكل قوتها افنتها عندهم.
_ظننتك انت فقط. ولكن كانت معك والدتك.!!
_نعم والدتي هي من تعمل لديهم وانا قمت بالعمل بدلا عنها لاول مرة عندما مرضت.
_تقصدين بحديثك انت ووالدتك بدون عمل الآن وتبحثين عن فرصة كما عرضت عليك سابقا.
_في الحقيقة هذا ماجئت عنه سبدتي... وارجوا ان تساعديني في تحقيق ذلك..
_والعمل تريدينه لك ام لوالدتك؟
_بل لنفسي سيدتي فوالدتي متوعكة ولاتستطيع حاليا العمل.
_**** يشفيها.. ولكن هل لديك خبرة في التنظيف وغيره من هذه الامور..؟
_بصراحة. لا.. ولكن انا شاطرة واتعلم بسرعة.. فأمي كانت تمنعني منعا باتا ان اساعدها في خدمة القصر وكانت دائما تقول لي
(_ انت لك شأن و ذوا عز ولايصلح لك عملا كهذا. وعليك فقط ان تدرسي وتنجحي بتفوق...) وكان كل إهتمامي بالتعليم والمطالعة.
_حسنا وطلبك لدي.
_هل ماتقولينه صدقا. هل لدي فرصة للعمل عندكم حقا..؟!
_هههه وهل ترينني امزح... من يوم غد ستبدئين العمل هنا بالقصر... اما التفاصيل مالذي تعملينه والأجرة سنتحدث عنها غدا إن شاء ****.
_شكرا جزيلا سيدتي. لن انسى معروفك هذا معي ابدا ..
_اشكري **** عزيزتي فهو مسير اقدارنا حيث يشاء.
فرحت صفية وابتهج قلب والدتها المريضة معها وعندما سألتها عن كنية اصحاب القصر ربما تعلم من هم بصفتها كانت لها دراية بعالم البشاوات نتيجة خدمتها الطويلة في القصور فأخبرتها صفية انها لم تسأل ولم تهتم في تلك الاثناء عن كنيتهم . وكل ماكان يهمها هو ان تجد القبول من طرف السيدة للعمل...كما اخبرتها انها غدا ستسأل عن كنية من اصبحت تعمل لديهم وتخبرها بذلك..
الجزء الخامس
في حديقة القصر كانت سيدته مع احفادها تسقي الورود وتنزع الاعشاب الضارة منها والاطفال يلعبون ويمرحون حولها وفي هذا تجد كثيرا راحتها بحياتها اليومية... إذ تبتعد وتهرب من كل الضوضاء وعن ذكريات الماضي المريرة مابين الخضارة وعبير الورود وعبق الزهور... وفي تلك الاثناء لحق بهم مصطفى وتشاكس مع الطفلين قليلا ثم طلب من والدته انه يريد ان يحدثها في امر هام... فنزعت والدته القفازات من يديها وتركت دلو الإستسقاء جانبا. وتقدمت معه نحو الكرسي ذو الارجوحة المتواجد في وسط حديقة القصر وجلسا معا لجانبي بعضهما البعض. ومصطفى يمزح معها تارة ويقبل يديها احيانا ويلعب بشعرها تارة اخرى..
_ما الذي تريده يامصطفى ادخل في الموضوع مباشرة.. اعلم جيدا حركاتك وتمسكنك حتى تقضي حاجتك ولاتظهر بعدها ثانية..
_دائما تتهميني ياامي. انا طيب ومسكين واريد فقط رضاك.
_مسكين...!!! سبحان **** مصطفى مسكين..!! .مع من تتكلم يامصطفى انا والدتك التي تعلم عنك كل شئ.. ولكن لابأس.. قل لي ما الموضوع الذي تريدني فيه ووالدك قام برفضه...وهو انا متأكدة منه جيدا.
_من الآخر اريد ان تقنعي والدي ان يدعني أسافر برفقة اصدقائي إلى إنجلترا.
_ماذا؟؟ تسافر؟؟ وإلى إنجلترا مرة واحدة!! ومن اين جاءتك هذه الفكرة.؟! . إنتهيت من شراء الملابس الباهضة و شراء الدراجات والعربيات والان لم ينقصك إلا السفر.
_نعم اريد السفر رحلة إستكشاف مع زملائي. وجواز السفر اصبح لدي. فاصدقاء والدي قاموا بالواجب واكثر.
_ياسلام انت مرتب كل شيء إذا... ووالدك لماذا لم يقبل؟
_لااعلم عندما اخبرته قام الدنيا ولم يقعدها وطلب مني ان اخرج الفكرة من رأسي نهائيا
_اكيد. تعلم جيدا يامصطفى ان والدك متعلق بك كثيرا ولايطيق الإبتعاد عنك ولو للحظة فمابالك تفصله عنك بحار وبلدان.
_ ولكن انا لست طفلا يا امي... عليه ان يعلم ذلك جيدا. ولن ابقى سجين القصر حتى هو يقتنع انني لن اطير مابين يديه وادعه وحده..
_الامور لاتفسر هكذا يامصطفى على كل حال سأحاول.
_اعتمد عليك ياامي فموعد السفر بعد اسبوع
_سيدتي هناك فتاة تدعى صفية تنتظرك
_حسنا قل لها انني آتية في الحال..
_امي يقصد تلك الخادمة؟؟
_نعم هي..
_مالذي تريده منك.؟.
_ان تعمل في القصر... والعمل اصبح شاغرا لها منذ الآن.. مصطفى لاتكثر من الاسئلة دعني اذهب لملاقاتها وانت احضر عدي ومالك معك
رحبت السيدة بصفية وادخلتها معها إلى مكتبة القصر. التي إنبهرت صفية بعضمة وكبرها بكل محتوايتها من كتب مرفوفة في الخزائن المخصصة للكتب تصل إرتفاعها للسقف. وبعض التحف المنشورة هنا وهناك في الزوايا والتي يظهر عليها ندرة وجودها من القرون الوسطى.. وماعاد إليها عقلها وبصرها إلا عندما نادتها السيدة بإسمها.
_هل اعجبتك المكتبة ياصفية
_رائعة سيدتي لم ارى ذلك من قبل حتى في مكتبات المدارس
_انها لزوجي خصصها له ولاولادي قصدي بناتي فقط فهم كذلك من عشاق المطالعة.
_جميل جدا
_إن إحتجت إلى بعض الكتب لتساعدك في دراستك فلا تخجلي... خذي منها ماشئتي وعندما تنتهين رديها فقط إلى مكانها..
_شكرا جزيلا لك سيدتي. إختصرتي لي مشواري الطويل إلى المكتبة العامة المتواجدة في وسط البلد.. فشكرا لك مرة ثانية..
_لاتشكريني ياصفية فهذا ايضا يساعدك على عملك الجديد..
_عملي..!! كيف؟
_من هذه اللحظة ستكونين استاذة تقوم بتعليم احفادي عدي ومالك ولدي بناتي... وبما انك متفوقة في دراستك. ستساعدين كذلك في تدريس إبنتي الصغرى التي لديها إمتحانات البكالوريا في الشهر القادم... سأعرفك بها لاحقا. ولكن اريد ان انبهك فقط ان إبنتي تمر بحالة نفسية بعد وقوعها لحادث مأساوي كاد ان يؤدي بحياتها. ولكن **** ستر والحمد *** على قضائه.. فخلف في نفسها اثر كبير لاتريد احد ايا كان ان يعيد امامها الحادثة وخاصة ان الحادثة جعلتها مقعدة على كرسي لاتود ان تعالج بالطريقة التي قدمها لها المعالجون الفزيائيون.
هنا دخل عليهما الباشا محمد الإبراهيمي زوج السيدة والدة صفية ووالدها الحقيقي الذين يلتقون في نقطة واحدة ولااحد يعلم عن ماينسبه الواحد للآخر.
دخل الباشا الإبراهيمي فجأة على زوجته وصفية المتوجدتان بمكتبته.. فعرفته على صفية واعلمته انه من هذا اليوم ستكون مدرسة لحفيدتهما وابنتهما رقية.
فلم يبدي رأيه بالموضوع كل ماذكره ان الفتاة تشبه لحد كبير زوجته وتعطي بعض الملامح لبناته الثلاثة. ولم تنكر زوجته ذلك بل ايدته فيما قاله وذكرت له ان مصطفى ايضا كان له نفس ملاحظته مع إبتسامة وخجل صفية التي اضافت لها جمالا خاصا..
ولكن بعد ذلك إنقلبت إبتسامة صفية إلى بعض من الحزن واحست بالعنصرية من طرف الباشا بعدما سألها عن الطبقة التي تنتمي إليها وماكنية والدها..ربما يتعرف عليه بما انه ينتمي إلى عالم البشاوات.ففي الحقيقة لم يتوقع قط ان صفية معدمة لانها يظهر عليها الرقي وبما انها كذلك متعلمة فهذا يثبت اكثر انها من الطبقة التي يفضلها... هنا تدخلت زوجته وغيرت الموضوع بطريقة ذكية ثم إستأذنت من زوجها لتاخذ صفية تعرفها على رقية إبنتها..
فصعدتا إلى الطابق الاعلى وطرقت والدتها الباب لتستأذن بالدخول ولكنها إبنتها رفضت مصاحبة بعض من صراخها من داخل غرفتها بعدما اصرت والدتها ان تفتح لها الباب لكن دون جدوى.
فاعتذرت السيدة من صفية على سوء تصرف إبنتها وبررت موقفها ان حالتها تدهورت واصبحت ميزاجية منذ الحادثة وكلهم هنا يعاملنها بطريقة إستفزتها اكثر تظنهم انهم يشفقون عليها.
تاثرت صفية على هذه الفتاة البائسة واصرت في نفسها انها ستساعدها وتخرجها من حزنها
وبعد ذلك ذهبتا إلى غرفة مجاورة بها طاولة وكراسي واخبرتها السيدة ان هذه الغرفة ستكون المقر الذي تدرس به *******.
وطلبت منها الجلوس حتى تحضر الصبيين لتبدأ لهما الدرس الاول قبل ان تعودا والداتهما من العمل ويعودان بهما إلى منزليهما المستقلين.
بعد مرور الايام والاسابيع تعودت صفية على افراد عائلة الإبراهيمي فردا فردا وكم اعجبت بتربيتهم وحسن اخلاقهم رغم ان مصطفى كثير الحركة ويحب كل الامور ان يجعلها هزلا ولصالحه إلا انه طيب ولايدع الحزن يسيطر على يومياته والدليل يوم سافر اصدقائه بدونه ولم يستطع حينها ان يقنع والده لاهو ولا والدته. غضب غضبا كبيرا. واضرب عن الطعام ليوم كامل. وفي الغد كانت صفية الوسيطة التي جعلته يلين ويعود إلى الطعام ويعود كما كان لهزله ومزاحه مع الجميع..
اما رقية اخته كانت جد صعبة المزاج والتعامل ولكن قررت صفية ان تقتحم عالمها دون ان تستأذنها بطريقة سلسة وذكية..
ويوم إلتقت بها في الحديقة على كرسيها المتحرك. وجدت الفرصة لتتقرب منها اكثر. فعندما رأت رقية صفية تقترب منها من بعيد ابرمت كرسيها لكي لاتراها وجه لوجه او تحاول ان تتجرأ لتكلمها. لكن صفية هذه المرة ارادت ان تحدثها مباشرة.
_مرحبا آنسة رقية... انا صفية استاذة عدي ومالك هل تذكريني؟.
حركت رقية رأسها بالتأكيد دون ان ترد التحية بالكلام واردفت صفية.
_قالوا لي عائلتك انك على دراية بكل الادوية ومامفعولها على المريض.. وانا لو سمحت اود ان استشيرك عن إسم هذا الدواء هل مفعوله خطير حقا كما يقال..؟ فوالدتي مريضة منذ مدة وخفت ان اعطيها هذا الدواء بما انها لديها ضغط عال.
تمعنت رقية في الورقة المكتوب عليها إسم الدواء صمتت قليلا ثم تكلمت اخيرا.
_وهل والدتك لديها دواء خاص لتعديل معدل ضغطها.؟
_بالتاكيد. فلولا الدواء فهو يرتفع لها كثيرا
_ومعدل نسبة السكر هل هي معتدلة في جسدها؟
_في الحقيقة لم نقس لها معدل السكر في الدم لديها ولو لمرة واحدة.
_إذا قومي بذلك عند اقرب صيدلي وعندما تجدينه معتدل عندها اعطيها تشرب هذا الدواء فلا ضرر... والعكس
_شكرا لك آنستي.. فانت بأسئلتك هذه تثبتين انك على خطى طبيبة بارعة.
فابتسمت رقية عن غير عادتها ثم إنتبهت لنفسها وعادت حادة الملامح كما في الاول... وعندما ارادت العودة ساعدتها صفية في جر الكرسي المتحرك إلى الداخل. وهي تحدثها عن الدراسة وماوصلت إليه من تدهور والتي كانت تشاركها رقية في الحديث من حين لآخر بصفة رسمية... وعندما ارادتا الإفتراق في الردهة إقترحت صفية على رقية ان تأتي غدا صباحا وتأخذها معها إلى استاذة كانت تحبها كثيرا هي من ساعدتها بإقتراحها كتبا مميزة واسئلة سابقة تساعدها على المراجعة لكي تنجح بعامها هذا في البكالوريا بعلامة عالية ومقتدرة تدخل بها مجال الطب.
هنا إنقلبت رقية على صفية وخاطبتها بكل شدة وحزم.
_من قال لك انني اريد ان اكون طبيبة هل انت غبية ام تتغابين... هل رايت في حياتك احد مقعدا يحتاج إلى طبيب بحد ذاته يداوي مريضا..؟
ثم ابرمت رقية في الممر بسرعة متجهة نحو غرفتها.. ولكن صفية لم تدع الامر يمر مرور الكرام بل واجهتها مع نفسها واضافت..
_من قال لك انك مقعدة. فانت من فعلت ذلك بنفسك والاطباء شهود على ذلك.. انت من ألفت الحزن واعتنقت الالم واعتادت على الشفقة من الجميع لتظهرين نفسك امامهم انك مسكينة لاحول لك ولاقوة
عدمتي الإرادة في حياتك وتنازلت عن سعادتك والإستمرار من اول فرصة قدمت لك في الحياة... **** صحيح إبتلاك ولكن اعطاك فرصة عن دونك فمن كان معك في الحادثة فهم تحت التراب. ولكن انت من قتلت نفسك وانت فوقه على يديك... جعلتي من روحك ميتة وانت حية ومااقصى إختيارك بالموت على نفسك...
إذا انت الملامة الوحيدة هنا ولاذنب لاحد مما انت فيه لكي تعذبي به اهلك الذين يحبونك بشدة برايتهم لك هكذا وانت مقعدة ولديك الفرصة ان تمشي مجددا.
كل هذا الكلام ورقية واقفة في الممر مبرمة ظهرها لصفية تسمع لكلامها ثم إستدارت والدموع كانت غزيرة على وجنتيها لتنظر في عيني صفية ثم مضت إلى غرفتها واغلقت الباب وراءها لكي لاتتبعها خلفها..
وفي الصباح من كان ينتظر صفية على باب القصر ومتأهبا وعلى خير إستعداد هي رقية نفسها القاعدة على كرسيها المتحرك.
الجزء السادس
تفاجأت صفية عند ذهابها إلى القصر من الذي كان ينتظرها على بابه هي رقية الصعبة المرأس التي لم تتوقع ان تلين مابين ليلة وضحاها وتوافق على اقتراحها لها وكم فرحت بها وبإقتناعها انه حان التغيير في حياتها اخيرا.
صعدا الإثنتين على العربة المخصصة للعائلة وطلبت من سائقها ان يأخذهما إلى العنوان الذي ذكرته له إياه.. ولكن الصدمة الحقيقية لرقية ان الموعد اخذ لها ليس من طرف استاذة للتعليم بل لطبيب فزيائي متمدرس
لحالتها خصيصا.. غضبت رقية جدا من تصرف صفية دون ان تاخذ بمشورتها او إعلامها بالامر ولكن صفية كم تعبت بعد ذلك بإقناعها ووعدتها انها بعد الإستماع إلى الطبيب و الكشف عليها إن لم تقتنع هذه المرة منه فستنسى امر علاجها ولن تحدثها عنه مطلقا.
وبالفعل قامت رقية بالكشف عند الطبيب وقامت بالاشعة الصينية وكذلك بعض الإختبارات الجسمانية ان كانت قدرتها على التحمل كافية لبدء العلاج او لا..
كانت الجلسة الطبية إيجابية لحد كبير والطبيب بشر رقية انها تستطيع الوقوف مجددا على قدميها ولكن عليها فقط إتباع العلاج الذي سيكون طويلا وعليها الصبر والتحمل وان لاتفقد الثقة ب**** وبنفسها وبعد ذلك كل شيء سبكون هينا.
عادتا صفية ورقية إلى القصر وكم كانت رقية متفائلة بما حدثها عنه الطبيب. واخبرت والدتها بكل ماجرى معها وتاسفت لوالدتها انها اتعبتهم بعنادها كما تاسفت على الوقت الضائع الذي ضيعته منذ ان قامت بالحادثة. ووعدت والدتها انها ستشفى ان شاء **** مادام الطبيب اعطى لها املا 85 بالمئة.
ولاول مرة منذ الحادثة تناولت رقية الغذاء مع افراد عائلتها وهي مبتسمة والدهشة اصابت الجميع عن التغيير الذي طرأ عليها فجأة..
شكرت السيدة صفية كثيرا فخطة إستبدال الاستاذة بالطبيب كانت من طرفيهما ناجحة ولحد كبير ايضا.. ووعدت صفية السيدة انها لن تترك إبنتها في رحلة علاجها قط حتى تقف مجددا على قدميها
.كانت صفية تتوغل مابين افراد العائلة اكثر وألف الجميع حضورها اللطيف بل البعض اصبحوا يستشيرونها في امور خصوصية لهم وكانت هي نعم المجيب والمأتمنة على اسرارهم... ولكن في مرة كانت تدرس عدي ومالك.. كان عدي ليس نشيطا كعادته بل كان حزينا ومكتئبا.. وعندما حاولت ان تجلب من دواخله الباطنية مالذي يحزنه بالضبط.. إنفجر عدي بالبكاء واخبر صفية انه خائف من والده ان يضربه كما كان يفعل تقريبا كان كل ليلة بضرب وتعنيف والدته سألته هل هو متاكد انه يحدث ذلك كثيرا ام وقعت الحادثة مرة واحدة
فأكد عدي ان الامر يحدث كثيراخاصة في الليل عندما يكون هو نائم ينهض على صراخهما ويسمع نحيب والدته عندما يترك والدته مستلقية على الارض بعد ان يبرحها ضربا... فتقوم هي بعناق إبنها لكي تخفف عنه الخوف ثم تعيده إلى فراشه.
فلم تجد صفية حينها ماتقوله للصبي سوى انها طمنته وهدأت من روعه وخوفه واخبرته ان هذه الامور تقع مابين الكبار فقط احيانا. وانه لايجب عليه الخوف وان لايتدخل وان يدع شان ومشاكل الكبار ان يحلانها بمفردهما.
في ذلك اليوم لم ترجع صفية إلى منزلها في وقتها المعتاد بل إنتظرت والدة عدي عودتها من العمل لتأخذ عدي معها إلى منزلهما.. وعندما قابلتها طلبت منها صفية ان تتكلم معها على إنفراد في غرفة الدروس. واول شيء سألتها عنه صفية لمرية عن سبب الكدمات التي تحت عينها اليمنى..
_ااا هل تظهر حقا اثر تزحلقي في الحمام.إنه قساوة السيراميك رغم باهظ الثمن ههههه
_ولكن يامرية هل الذي يسقط يسقط على اسفل عينيه ام بجبهته او لنقول خديه..؟
ولماذا ترتدين الفستان بالكمامات داخل القصر ونحن في عز الصيف..؟
مالذي تودين الوصول إليه ياصفية. وماسبب كل هذه الاسئلة المبهمة!!
_انت تعلمين جيدا مالذي اريد الوصول إليه... لماذا تخفين المعانات التي تعيشينها تقريبا كل يوم عن والديك.. عدي قال كل شيء
_مالذي تقصدين قال كل شيء؟!
_بدون لف ودوران يامرية.. قولي الحقيقة... لماذا تكتمين عن زوجك التعنيف الذي يسلطه عليك كل مساء..
_ومادخلك انت ياصفية مالذي يفعله زوجي بي.. هل وكلك احد علي. ام نسيتي من تكونين وتتدخلين فيما لايعنيك...!
_لم انتظر ان تكلميني هكذا يامرية بصراحة.. ولكن انت على حق.. قد تماديت ربما فعلا فانا اصبحت اعتبركن كإخوتي الذين حرمت منهم في حياتي ولاريد لهن الضرر. ولكن اسفة. انا فعلا مخطأة بالتدخل في شؤونكم.. اردت المساعدة فقط
عندها نهضت صفية من مقعد الطاولة وارادت الخروج من الغرفة مستأذنة.. ولكن مرية انبها ضميرها في تلك اللحظة وطلبت من صفية ان تتوقف وان تسامحها على سوء حديثها معها وادخلت مرية في نوبة من البكاء الشديد وصفية التي اشفقت على حالها بعناقها والطبطبة عليعا طالبة منها ان تبكي وتفرغ كل الكبت الذي بداخلها..
دموع مرية لم تتوقف وهي مابين احضان صفية. وكأنها كانت تنتظر من يفتح جروحاتها التي ألمت بها والتي جعلت منها تعيسة لحد كبير في حياتها اليومية... وعندما هدأت قليلا قامت بمصارحة صفية عما تعيشه من بؤس..
_هذه خطيأتي الوحيدة بحياتي ياصفية وعلي تحملها بمفردي...
_والخطأ يصلح يامرية. ليس شرطا تكملين حياتك بهذه الطريقة الوحشية
_ولكن انا من إخترته غصبا عن والدي اللذان كان يرفضانه بشدة... كيف تريدين مني ان اقوله لهما.. ذاك الرجل الذي إخترته عن دون سواه واحببته بكل جوارحي وجدته مجرد رجلا سكيرا قذرا في سلوكه وتصرفاته
ضحك علي ياصفية كان كل كلامه كذب في كذب واقواله مزورة لاتمده بأي صلة بافعاله الحالية.. ندمت اني احببته وندمت اكثر اني تزوجته.. اصبحت اقترف منه ولااريده ان يلمسني او يقترب مني..
اعطيته فرصا كثيرة ولكنه لايستحق ذلك كان عندما يستفيق من ثمالته يطلب السماح ويقول انه لايعيد كرة ذلك. ولكن ذيل الكلب اعوج عمره لايعتدل.
_انت قلتها يامرية اشخاص مثل زوجك للاسف لن يعتدلوا مهما اعطيتهم من فرص وفرص. وتلك الفرص مجرد ايام وسنوات تضيع من عمرك.. سيمتص يامرية رحيق انوثتك وحيويتك. ستصبحين مجرد إمراة كئيبة ليس لها مستقبل ولا طموح.. ستتعودين الضرب والتعنيف وستجدينه انه امر عادي مع الوقت ومن حق كل إمراة ان يقوم زوجها بضربها. هكذا سيكون تخمينك يامرية إن ضللتي تسكتين عن حقك..
_وعدي ماذنبه ان يعيش بدون والده
_ومن اجل عدي انقذيه من مرض والده وانقذي بدورك نفسك..
عدي سيعيش في بيئة دون عنف سيكبر ليس بحوزته عقد او حقد انكما عيشتماه داخل قوقعتكما السوداء المغلقة.
_تعلمين ياصفية ان عدي اصبح يتبول كل يوم تقريبا. واحيانا انهض على بكائه ولايريد النوم بمفرده في غرفته بسبب خوفه.
_اليوم هو خائف وغدا سيزول خوفه ويصبح إنسان دون احاسيس او مشاعر. وسيتقبل العنف ويحتضنه ليصبح من يتبناه مستقبلا..
خمني يامرية إبتعدي عن هذا الرجل قبل فوات الاوان... انت لديك سند بحياتك ولست وحيدة. فامك لوحدها تغنيك عن مئة رجل تحت وطأة ظروفك هذه.. صارحيها فهي ستسمعك وستكون معك في محنتك. واكيد والدك كذلك لن يخذلك. وسيزيله من امامك كالشعرة التي افسدت صفاء الحليب.
_اعدك ياصفية انني سأفكر... والآن الوقت تأخر عليك لتعودي إلى منزلك دعيني انادي على عدي وسؤوصلك إلى منزلك في طريقي.
_شكرا لك مرية فالوقت تاخر فعلا وأمي الان ستقلق علي.
في تلك الاثناء وجدت مرية عدي نائما فأبت ان توقظه وقررت المبيت في القصر. فاخبرت مصطفى ان يوصل صفية لمنزلها بدلا عنها.
وبالفعل اخذ مصطفى عربته وصفية تركب امامه وطيلة الطريق لم يتخلى مصطفى عن هزله ونكاته وكن ضحكت صفية على حواديثه وشقاوته مع اصدقائه. كما صرح لها انه يحب اخت صديقه. وهو ينوي خطبتها بعد إنتهائها من دراستها وهكذا حتى وصلا إلى المنزل ومن كان ينتظر امام منزل صفية هي والدتها التي قلقت عليها وظنت انها وقع لها سوء اثناء عودتها..
_امي مالامر لما انت خارج المنزل.؟
_قلقت عليك بنيتي ظننتك وقع لك سوء بالطريق لاسمح ****..
_مرحبا سيدتي.. لاتقلقي عليها إبنتك مابين ايد امينة
_امي هذا مصطفى الذي حدثتك عنه إبن السيدة التي اعمل لديها.
_ااا انت مصطفى الشقي هههه مرحبا بني
_إذا هذا ماكلمتك عنه إبنتك عني... هي بذلك ظلمتني سيدتي..
_اكيد ظلمتك فانت إنسان طيب ورجل تستحق التقدير. فلولاك انت لما عادت إبنتي بمفردها في هذا الوقت المتأخر علي شكرك حقيقة بني.
_لاتشكريني فهذا واجبي... تشرفت بمعرفتك سيدتي.و تصبحان على خير..
دخلت صفية ووالدتها داخل منزلهما وبالكاد كانت تصمت والدتها وهي تمدح جمال وبهاء وقامة مصطفى التي اضافت له تميزا خاصا والكثير من الاسئلة لإبنتها عما يفعله بحياته وعمله وهل ينوي الزواج بهذا العمر الصغير... إلخ..
في الحقيقة كل الإهتمام وكثرة الاسئلة من قبل المراة نابع عن غريزة الام. الام التي تحس بقطعة من فلذة كبدها حتى وان لو قطعت صلتها به وهو جنين.. فهناك إحساس وشعور خفي يجذبها إليها دون ان تعلم ماهو. او لماذا.. ؟
وفي اليوم الموالي عند ذهاب صفية إلى العمل تفاجأت بوجود عربة الباشا مارة امامها لاتبعد كثيرا من مكان منزلها.. وسألت نفسها مالذي يأتي به في هذا المكان الغريب عن عالمه الخاص..!!!
الجزء السابع
كثر إستغراب صفية بوجود الباشا الذي كان قريبا من المكان الذي تقطن به.. ذاك المكان الذي لايمده بأي صلة لامن قريب ولا من بعيد من مسكنه او شغله.. وعندما إستفاقت صفية من شرودها لاحظت بوجود شيء غير عادي يحدث مابين الصبين عدي ومالك وهما يبتسمان ويضحكان بخبث. وعندما إقتربت منهما اخفى مالك شيء كان يخبأه بيده وراء ظهره.. فطلبت صفية من مالك الوقوف من مكانه وامرته ان يضع الشئ الذي يخفيه فوق الطاولة.. وبعد تردد كبير فعل ما امرته استاذته القيام به.. فصعقت صفية مما رأت.. الشيء الذي كان يخفيه هو عبارة عن ولاعة وسيجارة.. سألت صفية مالك ممن اخذ هذه الاشياء هل من والده..؟ فطأطأ الصغير رأسه واجابها بل من اغراض والدته. وهنا إكتملت مفاجأة سارة للحدث... فاخذت منه الاغراض ونبهته انه لايأخذ مثل هذه الاشياء من احد ولايحملها معه حتى وإن وجدها ملقات على الارض. ونصحتهما ان مثل هذه الاشياء ضارة ومسممة لاجسادهما وتفكيرهما..
هنا مالك لم يسكت بل قال لها لماذا والدته إذا كانت تدخن فصمتت قليلا صفية واجابته انها لم تكن تعلم بضرره. والطبيبة الآن فقط منعته عليها وستتركه قريبا. وطلبت منه ان يحملها من فوق الطاولة ويرميها في القمامة فهذا هو المكان المناسب لها.
عندما إنتهت حصة الدرس توجهت صفية إلى غرفة والدة مالك التي تحب التواجد بها. فطرقت الباب ولكن لم تجد احدا بالداخل. ففضلت ان تسأل الخدم دون ان تضيع مزيدا من الوقت إن شهدوا مروى وجودها بالقصر ام لا. فاخبروها انها مع والدتها في غرفة مرية مجتمعين معا..
فذهبت صفية في الحال هناك وعندما طرقت الباب وعرفتهم انها صفية رحبن بها وطلبوا منها الدخول.. ومن بين الحاضرات كانت مرية تبتسم لصفية واومأت لها برأسها وقامت بغمزها من طرف عينها اليمنى فعلمت صفية انها في تلك الاثناء صارحت والدتها بكل شئ مما كانت تتلقاه من عنف وتعنيف من قبل زوجها . فردت الإبتسامة صفية وأومأت رأسها بدورها تعبيرا عن الإمتنان لما فعلته لنفسها ولصالحها..
تأسفت صفية لهن إن قاطعت حديثهن ولكن الجميع رحبن بوجودها من بينهن.. وسألت السيدة عن حال صفية وحالة والدتها ان إستقرت ام لا. واقترحت لها امرا كانت تأجله بسبب مرضها على حسب قولها.. وطلبت من صفية ان تأتي بوالدتها وتعيش معهم وإن ارادت تستأنف عملها التي كانت معتادة عليه فلتفعل.. لكن صفية رفضت ان تعمل والدتها مجددا كخادمة.. وذكرت انها كبرت بما يكفي حتى تتحمل تكاليف دراستها ومعيشتهما..
ولكن السيدة اصرت ان تحضر والدتها وتعيش معهم لكي لاتكون بمفردها طيلة اليوم. وخاصة ان صفية اصبحت تعود إلى منزلها متأخرة بعد قيامها بالدروس للصبيين ولرقية واحيانا تاخذها بدورها إلى العلاج الفيزيائي الذي يتطلب مزيدا من الوقت.. فاكدت لها صفية انها موافقة ولكن اولا عليها ان تقنع والدتها وترد عليها..
وفي اخير الحديث طلبت صفية من مروى ان تتحدث معها على إنفراد في موضوع مهم.
فخرجتا من الغرفة وتوجها نحو غرفتها. وهناك امسكت صفية يد مروى ووضعت الولاعة فوق راحتها... هنا مروى لم تستطع الكلام وخرس لسانها واردفت صفية تقول لها.
_اظنك كنت تبحثين عنها... هي لك والحرف الاول والاخير لإسمك المنقوش عليها يثبت انها لك.
_اين وجدتها؟
_في مكان لا افضل ولا تفضلين بدورك ان تكون فيها... عند إبنك مالك وجدتها إضافة إلى سيجارة والتي فضلت ان يرميها في القمامة بنفسه.
تغير لون مروى إلى الإحمرار خجلا من الموقف التي هي فيه
_المشاغب ربما اخذها من درجي الخاص
_وهل هذا فقط مايهمك من اين اخذها... ولايهمك لو قام بتدخينها وهو صغيرا لايزال في اللفة يتعلم ويسير على منهاج وخطى والدته.. والدته القدوة الكبرى في حياته كلها.
_لااعلم كيف علم بالموضوع فلا احد إكتشف تدخيني سواه.
_الصغار فطنين كثيرا بما يدور حولهم وقد يكونوا اذكى مني ومنك في إكتشاف الخفايا
_حاولت وحاولت ان اقلع عن التدخين ولكن غصبا عني لم استطع. فضغط شغلي وبرستيجي امام صديقاتي زاد للطين بلة..
كنت في الاول لاادخن إلا سيجارة او ثلاثة باليوم الكامل وافعل ذلك خارج المنزل. اما الآن اصبحت لاأقاوم نفسي وانا داخل القصر او منزلي. وربما امسكني مالك متلبسة عدة مرات للاسف.
_الاسف ان يأتي شئ كهذا امام ولدها الوحيد.عكس والده الذي لايفعل ذلك رغم انه رجل ويحق له ان يفعل مايشاء مثل بقية الرجال الذين إعتدناهم.
_لا اخطؤك في كلامك ياصفية. ولكن ربما علي ان ادخل دورات رياضية قد تبعدني عن التدخين مع الايام.. وسأبحث عنها إن شاء **** لاحقا بل عاجلا..
قبل خروج صفية من غرفتها ايدت مروى وشجعتها على تفكيرها المبدئي في تخطي إدمانها بشكل نهائي وبعدها سألتها إن كان والدها في مكتبته فهي تريد ان تاخذ بعض الكتب معها منها ولكن لاتود إزعاجه إن كان هناك بالداخل. ولكن مروى اجابتها ان تأخذ راحتها بالكامل فوالدها مسافر خارج البلدة وسيظل اسبوعا حتى يكمل عمله..
ورغم حيرة صفية من كلام مروى إلا انها فضلت الصمت وعدم التعليق عن الموضوع وتيقنت ان الامر يوجد به سر..
الجزء الثامن
تحدثت صفية مع والدتها مساء عند عودتها للمنزل عن إقتراح السيدة بمكوثهما معهم في القصر.. وبعد محاولات جمة من طرف صفية بإقناع والدتها قبلت اخيرا على شرط واحد وهو التعرف على السيدة اولا. فإن رأت منها طيبة وعدم تكبرها فستقبل بالسكن عندهم وإن كان العكس فهي ستفضل أنها تبقى في منزلها الخاص. فهي ملت من تعجرف وتكبر سيدات القصور على الخدم. وتريد ان تلقى الراحة والهدوء النفسي في اواخر عمرها..
وبالفعل في صباح اليوم التالي ذهبت والدة صفية معها إلى القصر وفي الطريق صادفت صفية مرة اخرى لقائها مع عربة الباشا ولكن هذه المرة وجدته خارج من منزل غريب. وألاحت بيدها صفية لامها ناحية العربة التي تتحرك من امام منزل جيرانهم تقريبا وعرفتها بان ذاك هو سيد القصر الذي تعمل لديه. فاخبرتها والدتها انها تسكن في ذلك المتزل إمراة تعيش بمفردها مع *** صغير دائما تلتقي بها عندما تشتري اغراض من محل البقالة... فضحكت صفية وعلقت مازحة اتراه تزوج على زوجته..؟!
وردت عليها والدتها. انها لاتستغرب إن حدث ذلك. وكثيرا مايحدث ذلك في عالم الاغنياء...
وعندما إقتربا من القصر صعقت والدة صفية التي سألت إبنتها..
_صفية إلى اين انت ذاهبة؟!
_هل تعبت ياامي لقد وصلنا تقريبا هاهو القصر الذي اعمل به
_تقصدين هذا القصر وماغيره؟!
_بالطبع هذا هو وهل تجدين واحد آخر امامه هههه مابك ياامي هل فقدتي بصرك؟!
_اتقصدين انك تعملين لدى الباشا محمد الإبراهيمي..؟؟
_كيف تعرفينه.؟لااظن انني حدثتك عن إسمه وكنيته قبلا.!! إنه هو بالضبط ياامي
هنا تغير لون والدة صفية فاصبحت شاحبة وطلبت من سائق عربة الاجرة ان يعود ادراجه فورا دون ان تأخذ بمشورة إبنتها.. ورغم اسئلة صفية عما يحدث لوالدتها ولماذا لم تدخل للقصر وعادت ادراجها.. لكن والدتها كانت الصدمة كبيرة عليها لم تستطع الرد على إبنتها والتي بعدها احست بالتعب و الإختناق. وعندما وجدت صفية والدتها تعبت فجأة وهي تتعرق خافت عليها وفضلت الصمت حتى وصلتا إلى منزلهما. وماإن دخلتا إلى داخله حتى تمددت والدة صفية مباشرة على سريرها وهي ترتجف واسنانها تطقطق من شدة البرد وهي في عز الصيف.. دلفتها صفية ببطانية. واحضرت لها دواءها ومخفف للحرارة. ولازمت مكوثها امامها. حتى هدأت وانخفضت حرارتها اخيرا..
وماإن شعرت والدة صفية بتحسن حتى جلست من مرقدها وامسكت يدي إبنتها وهي تبكي وتقول لها.
_عديني بنيتي.. عديني ان لاتعودي مجددا إلى ذاك القصر.. عديني
حاولت صفية ان تفهم مامصدر هلع وخوف والدتها. وسبب طلبها لكن دون جدوى... وعندما وجدتها دخلت في نوبة هستيرية من البكاء والنحيب. وعدتها وطلبت منها فقط ان تهدأ وتنام. وكل شيء سيحدث كما تريده.
عندما تأكدت صفية من إستغراق نوم والدتها بفعل المهدأ الذي تناولته قبل قليل. تذكرت صفية انها لم تحضر الكتب التي تنوي مراجعتها فاليوم الموالي سيكون لها اسئلة بخصوص مواضيعها تخص دراستها العليا.
فعاودت الذهاب إلى القصر ولكن توجهت للمكتبة على نحو سرعة كبيرة لتحمل الكتب وتعود مباشرة قبل ان تستيقظ والدتها... وعندما ارادت ان تترك رسالة صغيرة لسيدتها بأنها ستغيب لبعض الوقت لم تكن تحمل قلما معها فاصبحت تبحث عنه في ادراج المكتبة..
وهي تفتش مابين الاوراق هنا وهناك. وجدت شيئا مختلفا تعرف جيدا ماهو...
فوضعت يدها على الوشم الذي تحت حلمة اذنها.تتحسسه وبيدها الاخرى الخاتم المنقوش بنفس الرسم.. فارتعش جسدها رهي تتمتم في نفسها.
ماهذا بحق السماء...
الجزء التاسع
لم تستطع صفية إستعاب مايحدث امامها هل هي رب صدفة ان يكون النقش على الخاتم هو نفسه الوشم الذي على جلدها.. فوضعت الخاتم في حقيبتها وخرجت مسرعة قبل ان تدرك والدتها غيابها. وعند خروجها نسيت ان تضع ملاحظة غيابها على الورقة كما إعتمدت قبل قليل لسيدتها.. فوجود الخاتم اربكها وأنساها حتى اخذ الكتب التي جاءت من اجلهم وعادت للمنزل بدونهم. شاردة طول الطريق. وعقلها يأخذها يمينا ويسارا ويدها فوق الوشم تضعها.. وقررت ان تسأل والدتها فهي اكيد بعد تصرفها الاخير تخفي امرا خطيرا..
مرت يومين وشفيت والدتها ولكن كانت تتهرب من عيون إبنتها لكي لاتسألها عن شيء وتضطر للكذب فهي لاتنوي مصارحتها لا في تلك الاثناء ولا بعدها...
وعندما لاحظ افراد القصر غياب صفية عن الدروس الخصوصية للصبية ولرقية إستغربوا الامر خاصة انها لم تفعل ذلك سابقا ولم تخبرهم انها إستقالت من عملها عندهم.. وبعد المناوشات الكثيرة مابينهم قررت السيدة ان تذهب إلى منزلها كي تستفسر امر غيابها ظنا ربما انها حدث بها سوء .. وكان مصطفى دليلها بمكان مسكنها بما انه هو الوحيد الذي يعلم مكانها.
وبالفعل اخذ مصطفى والدته على متن عربته متوجها إلى منزل صفية. وفي الطريق وقبل وصوله للمنزل بقليل ركن سيارته فجأة ثم إستدار إلى والدته يسأل هل العربة المركونة امام الباب الغريب ذاك لوالده ام يتهيؤ له؟!
فاكدت والدته انها هي لامحالة مصحوبة بتعجبها واستغراب وجودها. فزوجها اخبرها انه مسافرخارج البلدة يقضي عمل طارئ.
فطلبت من مصطفى النزول وان يتبعها. وتوجهت نحو باب المنزل لتقرعه ومصطفى وراءها حائر من تصرفها....
وماهي إلا ثواني حتى فتح الباب. ومن فتحه *** صغير ومن داخل المنزل صوت مرتفع يقول
_من يابابا القارع...
_وماإن إستدار الطفل الصغير ليبلغ والده ان هناك ضيوف بالباب حتى وجده امامه وهو يبتسم. ثم إنقطعت إبتسامته فجأة.. لينطق مصطفى باعلى صوته.
_بابا. معقول
اما والدة مصطفى امام المواجهة الصعبة مابينهما لم تتفاجأ بل كانت تنتظر شيء مثل هذا منذ زمن ..
لم يستطع الباشا إخراج كلمة واحدة من فاه تحت وطأة الصدمة والإستغراب والخجل الذي إجتمعوا جميعا ليخرسوا لسانه وزوجته تأنبه وتوبخه كأنه *** صغير لم ينضج بعد.
_ايعقل يامحمد باشا حتى في هذا العمر لم تغلب عن امر نزواتك وشهواتك وخياناتك التي تتكرر وليس لها حاجزا لردعها وتوقيفها ايعقل.. لدرجة وجود *** صغير ونحن جميعا لانعلم بوجوده..!! ام هناك ***** اخرون ياباشا كذلك لم نتعرف عليهم
وفي تلك الاثناء حضرت زوجته الثانية من خلفه التي كانت تصغره بكثير وهي تسأل مالذي يحدث بالضبط..
هنا السيدة هنأت زوجها بزواجه ومضت دون ان تضيف كلمة. ولحقها مصطفى ليركبا العربة سائلا هل يعود ادراجه للقصر ام يكمل الطريق المقصودين إليه..
وبعد تنفس والدته الصعداء لوقع الحادثة عليها..
حاولت ان تهدأ من روعها وهي تشتم زوجها بكل الشتائم المتوفرة في قاموسها الخاص.وهي تردد.
الحقير السافل لايستحق مافعلته من اجله..إنه لايستحق وها انا ذا حان الوقت لأعاقب على ذنبي .
وحينها طلبت من مصطفى ان يكمل المشوار الذي بصدد إليه. خاصة ان المنزل لم يفصلهما إلا القليل..
وانطلق مصطفى بعربته وهو حائر عن كل مارآه بمرأى عينيه عن والده ولم يفهم حتى ماتتحدث عنه والدته وماتقصده قبل قليل..
وماهي إلا لحظات حتى وصلا امام منزل صفية. فنزل مصطفى من العربة وتقدم نحو الباب ليطرقه.. ففتحت صفية واندهشت بوجوده ثم رحبت به واخبرها انه ليس بمفرده بل مع والدته التي قلقت على غيابها وجاءت بنفسها لتسأل عليها... فارتبكت صفية واخبرته ان ينادي عليها. وعليهما ان يدخلا لكي تضيفهما شيئا..
وبصدد ذهاب مصطفى لينادي على والدته التي مازالت قابعة في العربة. قدمت والدة صفية إلى الباب لتسألها مابها واقفة بمفردها امامه... وماإن ارادت جوابها بحضور ضيوف لهما من القصر حتى اصحابه قدما بنفسيهما لعندها فظهر مصطفى اولا يرحب بوالدة صفية التي إرتعش جسمها عند رأيتها له. فهي تيقنت من هو بالضبط الذي يقف امامها وجها لوجه ولم تفصلها عنه إلا خطوتين فقط. ثم إلتحقت به والدته من ورائه الذي زحزح مصطفى من مكانه يسارا لتظهر السيدة بوضوح امام مرأى صفية ووالدتها وهنا وقعت الصدمة لكلا الطرفين من السيدة والتي كانت خادمتها آنفا واللتان تعرفتا على بعضهما البعض رغم مرور السنين وكانت الضربة القاضية الثانية للسيدة في آن واحد.
واول من نطقت منهما هي السيدة التي نادت باعلى صوتها عن إستغراب..
- حليمة...!!!
ووالدة صفية مشدوهة
- سيدتي....!!!
تجمدت السيدة في مكانها وهي تنظر تارة إلى حليمة وإلى صفية تارة اخرى وعينيها مفتوحتين على آخزهما وكأنهما يسألان بدلا عن لسانها وفمها الذان شلا بالكامل. يريدان الحراك للنطق. ولكن الصدمة خانتهما دون ذلك
ومافعلته لم يتوقعه احد. ذهبت بخطى بطيئة وكلا قدميها بالكاد تحملانها وجسدها يرتجف بالكامل ذهبت نحو صفية ومدت يدها نحو شعرها الاسود المتدلي على اذنها اليمنى فرفعته للأعلى ليظهر الوشم وضوح الشمس هنا سقطت السيدة ارضا على ركبتيها
_ ص. صف ي .. ة.. هي إببببنتي..!!!
_إبنتك... ؟!
والمتحدث هنا هو الباشا الذي كان خلف المشهد والذي لحق بهما إثر الحدث الاخير الذي وقع بينهما.. ولكن لم يتوقع مشهد مأساوي اكثر من الذي مر به قبل قليل مع زوجته وابنه مصطفى..
꧁꧂꧁꧂꧁꧂
كان المشهد رهيبا ومؤثرا في نفس الوقت. مابين الكذب والحقيقة اللذان جمعهما القدر بالصدفة بعد مرور سنين. والذي ظنا من كليهما انهما لن يلتقيا مطلقا وسيدفن السر معهما للأبد.
الموقف كان صادما للجميع... ومن بينهم السيدة التي تأكدت ان حسها إتجاه صفية لم يخطىء وذاك الإنجاب الغير مبرر ناتج عن الغريزة الامومية وانها هي إبنتها بالفعل و التي كم دعت ربها من قلبها ان يغفرلها ويبعثها من حيث لاتعلم لتعود إلى احضانها بعد فشلها الدريع آخر مرة بالبحث عنها..
اما حليمة التي كانت شجاعة بعض. الشيء امامهم لان الصدمة تلقتها قبل ايام وكادت تأدي بحياتها لولا وقوف صفية بجانبها .. اما البقية من صفية بحد ذاتها ومصطفى والباشا فهم لم يفهموا شيئا من الموقف الذين هم بصدده وخاصة مالذي تخطرف به السيدة بذكر صفية انها إبنتها. وماكان على الجميع إلا وضع النقاط على الحروف في تلك الآونة لتزيح الغشاوة عن تفكيرهم .
تعجب الباشا من ظهور خادمته مجددا في الواجهة مع السيدة بعد غياب دام عمرا... وعندما سألها اين إختفت كل هذه المدة.. ولما عاودت الظهور مجددا.. فردت عليه ان كل الاجوبة سبجدها بحوزة زوجته ...
هنا نطقت اخيرا السيدة. والدموع تنزل من خديها كالامطار الغزيرة..
_مالذي تريد معرفته ياباشا..؟ انا بسببك جعلت من حياتي جحيما.. بسببك لم اذق يوما هنيئا او مرتاحا. وانت تعيش مراهقتك وسعادتك في اخر ايامك بالطول والعرض... مالذي تريد معرفته..؟ انه بسببك قدمت على جرم لن يغفره **** لي.. ولن يغفراه لي الولدان اللذان هما امامك..و اللذان ليس لهما ذنبا فيه
مالذي تهذين به يامرأة.
الحقيقة ياباشا.. الحقيقة
- اي حقيقة؟!
الجزء العاشر- الأخير
مالذي تهذين به يامرأة.
الحقيقة ياباشا.. الحقيقة
- اي حقيقة؟!
_ان هذه الصبية التي امامك وجعلنا منها خادمة لعائلتنا في الوقت التي تكون فيه كبقية اخواتها معززة مكرمة لاينقصها شئ هي نفسها إبنتك..
_ماذا إبنتي...!!
هل هذا هو إنتقامك في هذه اللحظة عندما وجدتني متزوجا عليك تتكلمين بتراهات لن يصدقها عقل..!!!
_امي امي تكلمي مالذي تقوله هذه المرأة..هي تقول بأنني إبنتها...؟ تكلمي ارجوك.. قولي لها ان تبطل كذبا وتخريفا... تكلمي.. امي...
_إسمعيني ياصفية انت حقا إبنتي وانا والدتك الحقيقية
القصة بدأت اكثر من عشرين سنة. يوم وضعني زوجي الحبيب هذا مابين خيارين لاثالث لهما إما ان انجب صبيا بعد اخواته الثلاثة ام اطرد كالكلبة من قصره العظيم ناسيا ان الصبي او البنت سواء هما من خلق **** وليس بيدي او بيد عباده الضعفاء.. ناسيا العشرة والزوجة التي كانت معه في السراء والضراء.. كان شرطه قاسي واعلم من غلظة وقساوة قلبه انه يفعلها. فخفت على بناتي ان يتشردن وتضيع الفرصة في عيشهن رغد والدهن.. الامر كان قاس جدا في تلك الاثناء وكم مررت بهلع وخوف ان تكون مافي بطني بنتا.. والخوف تحقق...ولم يكن بيدي شيئا سوى القبول بما كتبه **** لي..
اخفيت على زوجي المصون ان مابين احشائي بنتا ورغم إلحاحه على معرفة جنسه فما كان غير قولي ان القابلة لم يظهر لها ان كان صبيا ام انثى. كنت اتماطل لاكسب مزيدا من الوقت واتهيأ لأجمع بعضا من النقود منه قبل خروجي من القصر مع اربع بنات وامهن الخامسة..
وفي تلك الليلة المرعبة وانا ألد اخبرتني القابلة ان خادمتي حليمة ايضا تلد معي في نفس الوقت في القصر والتي كانت تخفي حملها علينا ولم تقل لاحد سوى اليوم الاخير الذي طلبت فيه من القابلة ان تساعدها في الولادة وتخفي السر مابينهما مقابل نقود لابأس بها.
فأفشت القابلة السر عندما علمت ان مافي بطن خادمتي صبيا. وطرحت لي الفكرة بتغيير الولدين كي تستغل الفرصة و تنال نصيبا اكثر من النقود .. فلم استطع التفكيير حينها جيدا مع اوجاع الولادة والخوف من الطرد. فقبلت بالإقتراح وبتهديد حليمة اننا سنفضحها امام الجميع بأن ولدها لقيط لايعلم من هو والده وستطرد كذلك شر طردة مع جنينها في الشارع....في الحقيقة إستغلينا ظروف حليمة الصعبة لتكون لصالحنا هي هربت في تلك الاثناء من اهلها الذين ارادوا تزويجها غصبا عنها من إبن عمها الكفيف. وبذلك ليس لها ماوى او مؤونة فاين الخلاص بها؟ وهي مجرد فتاة لاتزال في مقتبل العمر مع زيادة *** صغير مابين يديها.. فما كان عليها بالاخير إلا ان تقبل..
وبالفعل في تلك الليلة المشؤومة تم كل شئ
تم تغيير الصبيين في سرية تامة دون ان يعلم بذلك احد.. ومنحت بعدها كل النقود التي جمعتها انذاك للقابلة تأخذ متها القليل والبقية تمنحها لحليمة كي توفر لنفڛها ولإبنتي بيتا مريحا لا يحتاجا فيه لأحد... ولكن للاسف علمت بعد ذلك عند مطالبتي للقابلة ان ارى إبنتي بانها ليست على دراية بوجود مكانهما حتى وادركت ان كل النقود الذهبية التي كنت اوفرها لهما بعد ذلك كانت تاخذها لنفسها البغيضة... وهذه هي القصة من اولها لآخرها
_امي اظنني احلم...اود ان استفيق منه إنه كابوس وليس مجرد حلم... كيف اكون لست إبنك وابي ليس بأبي...كيف..؟!
وكيف اكون مابين ليلة وضحاها إبن خادمة ومجرد لقيط.. ههههه.. انا سأجن.
_انت ستبقى إبني يامصطفى حتى وان كان لدي عشرة صبية.. انا احبك ولن اتخلى عنك مهما كان اصلك الحقيقي...
_اصله ياسيدتي اصل عريق ذو عز ومكانة فلا تتوقعي الدناءة في اصله.
تكلم ياباشا. ام اتكلم انا....
دعني اتكلم بدلا عنك
مصطفى ياسيدتي هو مصطفى محمد الإبراهيمي اخ صفية الذي كاد ان يكون توأمها بما انهما ولدا في نفس الساعة. ولكن القدر جعلهما يولدا من امين مختلفين ولكن من اب واحد... لاتندهشوا هكذا. فهي الحقيقة التي لايستطيع احد ان يصدقها او حتى يكذبها احد.
هربت من منزل اهلي كي لااتزوج من إبن عمي. فاردت العمل كي اصون شرفي وعرضي من وحشة الشارع. وعندما طلبت ذلك من الباشا واخبرته بكل ظروفي كي يقبل فقط ان اعمل لديه.. ولكنه كبقية الرجال قبل بي خادمة وياليته لم اقبل به كمنقذ لي.. عندها
عملت داخل القصر. كان لطيف وكريم في التعامل معي وظننته انه اشفق على حالي. ولكن بعدها تغير اسلوبه معي وفي يوم اراد ان يأخذ الشئ الذي حافظت عليه رغما عني. فطلبت الحلال ولن يكون غير ذلك... فوافق بعد ان قررت الرحيل.. فقرأ علينا شيخ الفاتحة سرا مع وجود شاهدين. والسيدة تعلمهما من يكونا جيدا وان اردتي ان تسألي عن الامر فهما لن ينكرا حتما. هما البواب عمي محفوظ والجنائني تامر .
مر قرابة خمسة اشهر ثم حملت منه. اراد مني إجهاضه ولكني اخبرته كذبا اني فعلت. وحاولت تجنبه في تلك الاثناء بسبب مرض وهمي ألفقته على نفسي كي لايقترب مني مجددا.. وبالفعل عفني ولم يعاود طلبه لي. فوجدت راحتي وكنت البس ثيابا فضفاضة حتى لااحد يشتبه بحملي.. والبقية انتم اصبحتم تعلموها... ويشهد **** ان قلبي إحترق على إبني ولكن كنت مطئنة انه سيتربى مابين عائلته الاصلية. كما يشهد **** ان صفية قطعة من قلبي وروحي وحاولت قدر إساطاعتي ان اربيها في احسن تربية. والحمد *** فعلت ذلك وضميري لن يانبني عليها ابدا. لانني عاملتها كإبنتي التي ولدتها من رحمي...
بعد مرور سنة من ظهور الحقيقة كاملة.. مصطفى لم يستطع تقبل وضعه الجديد فسافر إلى اروبا دون ان يخبر احدا وعلى إثرها توفى والده الباشا فهو لم يتحمل بعد إبنه المتعلق به اكثر من شيء آخر..
رقية نجحت في علاجها واصبحت تمشي رغم القليل من عرجها..
مرية تطلقت من زوجها الاول وانخطبت لرجل احبته يعمل معها..
مروى اقلعت عن التدخين ولكن ادمنت من جديد على الشيشة.. وانجبت فتاة كالقمر لتكون اخت مالك.
زوجة الباشا الثانية تخلت عن ولدها مابين افراد عائلته وفضلت ان تعيش حياتها..فاشفقت عليه السيدة و قبلت ان تربيه مع احفادها..
اما صفية فهي لم تتخلى عن والدتها التي ربتها وإشترت بيتا واسعا وجميلا من النقود التي منحها لها إياها والدها قبل وفاته لكي تعيشا معها سويا .... ولم تفرط في إخوتها بل كانت دائمة الوجود مابينهم ومع والدتها الحقيقية التي تجهز فرح إبنتها صفية بكل تفاصيله بعد عدة اشهر من خطبتها من زميلها.
تمت
الجزء الأول
في قديم الزمان حيث كانت الفتاة نقمة على والديها والفتى هو تاج العائلة... ولدت صفية في يوم عاصف شديد البرودة في قصر ارستقراطي يملكه الباشا محمد الإبراهيمي... في الحقيقة ذاك اليوم ولد مولودين احدهما ذكر والثاني انثى.. كان القصر آنذاك مليء بالغموض والغرابة حيث القابلة تولد زوجة الباشا من هنا وفي نفس الوقت تختفي لتذهب تولد الخادمة التي تعمل كمدبرة خدم القصر..
بعد ساعتين بشرت القابلة الباشا انه رزق اخيرا بالصبي الذي إنتظره طويلا بعد إنجابه ثلاث فتيات.. الذي بدوره اكرمها خير كرم ببشراها ومنحها كيسا من النقود الذهبية..
وقبل رحيلها طمنت القابلة زوجة الباشا ان كل الامور على مايرام وتمنت لها ان يطول بعمر ولدها مصطفى ويتربى في عزها وعز والده الباشا الإبراهيمي ولم تبخل عليها زوجة الباشا من شدة فرحها بإبنها ان تمدها بكيس آخر من النقود الذهبية..ووصتها عند مرواحها ان تفعل كما امرتها سابقا.
ذهبت القابلة بعدها مباشرة إلى الخادمة واخبرتها ان تحمل إبنتها وعليها بالرحيل فورا.. ومابين الشد والرد.. إتفقا ان ترحل في اليوم الموالي حتى تهدا العاصفة ويزول عنها بعضا من تعب الولادة..
وفي صباح اليوم الموالي فجرا. قدمت من جديد القابلة القصر واخرجت منه الخادمة وإبنتها الرضيعة خفية لتأخذها إلى بيت صغير مستأجر يبعد عن القصر امتار واميال وقدمت لها كيسا من النقود واخبرتها انها ستتلقى مثله كل شهر وحذرتها ان تعود من جديد للقصر.ووصتها على صفية وان تحسن تربيتها ولاتجعلها تحتاج لأي شيء وودعتها لتعاهدها ان تعود لهما كلما تسمح لها الفرصة..
الجزء الثاني
بعد الوصايا العشر التي ألقتها القابلة بحزم على الخادمة خرجت وهي متوعدة العودة.. اثناءها حملت الخادمة إبنتها صفية في احضانها وانهالت بالبكاء الشديد وهي تردد
_ماذنبك انت ياصغيرتي في كل هذا سامحيني سامحيني.
ودعت **** في تلك اللحظة ان يكون معها ولايتركها بمفردها تتوه مابين قسوة وغلظة الحياة.
بينما زوجة الباشا بعد فرحتها بولادة مصطفى إنقلب حالها بعد ايام رأسا على عقب ولم تستطع ان تحمل إبنها مابين احضانها مرة اخرى بل تركته مابين الخادمات وأخواته الثلاثة اللواتي كان يدللنه كثيرا و يعتنين به خير عناية... بينما هي فكانت دائمة الشرود والتوتر وقلبها منفطر على شيء مفقود لم تصرح به بعد..
مرت قرابة شهرين عادت القابلة إلى الخادمة ثم بعدها لم تعود إليها قط... منحتها في تلك الاثناء كيسا من النقود الذهبية. وقامت بفعل امر غريب إذ امسكت بختم منقوش باللون الاخضر معدنه من حديد. ووضعته على الموقد ليحمى جيدا ثم كوت به الرضيعة صفية تحت حلمة اذنها... وبعدها ذهنت الجلد بزيت واضافت فوقه شيء مطحون من الحشيش.. وتركت الرضيعة تبكي وتصرخ من شدة الالم.. وطمنت الخادمة ان إبنتها ستتعب في اليومين القادمين ثم ستشفى بعدها..
وبالفعل تورمت اذن صفية ولم تستطع النوم ليلا ولا نهارا وهي لايسكت حسها عن البكاء وارتفعت درجة حرارتها كادت ان تأدي بحياتها. لولا والدتها التي كانت تعتني بها جيدا وتضع لها مراهم كي يهدأ من توهج الجلد وخلطات اخرى لتخفيظ درجة حرارتها حتى زال الخطر عنها نهائيا. وبعد اسبوعين ظهر الوشم تحت اذن صفية كأنها صورة مصغرة حقيقية ملتصقة فوق جلدها..
مرت الشهور وانهت الخادمة كل النقود التي بحوزتها ولم تعد تستطيع ان تتدبر امرها خاصة ان القابلة اخلفت وعدها ولم تعد تذر لها بأي مال لتعيل نفسها وابنتها. فاضطرت ان تغير المكان وتبحث عن مكان اخر تسترزق منه.. وماكان عليها سوى ان تعود لمهنتها السابقة وهي الخدمة في البيوت والقصور.
اما مصطفى فهو كان يكبر في وسط عائلة فارهة الثراء لاشيء ينقصه خاصة ان والده الباشا يعامله معاملة خاصة عن دون إخواته الثلاثة..ويوفر له اكثر من ملتزماته. حتى دراسته كان الاساتذة يحضرون للقصر خصيصا كي يدرسوا الصبي الشقي الذي يرفض ان يتلقى التعليم على انواعه.. عكس صفية التي كانت والدتها تهتم بتدريسها وادخلتها الكتاب منذ صغرها وكم كانت متفوقة في ذلك.. كما حرصت ان تعلمها اصول اللباقة في الكلام والإهتمام بنفسها ونظافتها و تنظيم اغراضها بمفردها.
اصيبت زوجة الباشا بإكتآب حاد وأمرت القابلة ان تقابلها في الحال..
والتقت معها خارج القصر على ضفة النهر بعيدا عن اعين افراد عائلتها. لتفتح الحوار الذي خبأته سرا عن الجميع منذ سنين طالبة من القابلة ان تاخذها لترى إبنتها الحقيقية صفية بعد ثمان سنوات من ولادتها إياها دون ان ترى ملامحها يوما..
الجزء الثالث
ظنت القابلة في بادىء الامر ان زوجة الباشا طلبتها كي تمدها بالنقود الشهرية التي ترسلها إلى الخادمة وابنتها..وانتابها الخوف الشديد عندما علمت بطلبها.
_اريد ان تأخذين في الحال إلى إبنتي..
_إبنتك؟!!
_نعم إبنتي مابك تسمرتي مكانك هكذا يامرأة..؟؟
هل ظننتي انني نسيتها يوما هي بعقلي و بقلبي والسنين لم تستطع ان تخرجها من داخل روحي... هيا تقدمي امامي واركبي العربة واريني اين تقطن إبنتي بالضبط.
_ولكن سيدتي.. ولكن..
_ماذا هناك يامرأة. هل حدث مكروه لإبنتي لسمح ****. تكلمي
_لا. لا. اعوذ ب****. ولكن إبنتك في الحقيقة لااعلم اين اراضيها سيدتي..
حينها جن جنون والدة صفية الحقيقية بعد علمها ان القابلة كذبت عليها طيلة تلك السنين الفارطة.. حيث كانت تأخذ تلك النقود الذهبية التي طمعت بها لنفسها وتركت إبنتها في عوز دون مراقبة حالها واحوالها وكل ماذكرته من معلومات عن اخبارها سابقا كان كل ذلك مجرد كذب في كذب من تلفيقها... وعندما هددتها
بإسترجاع كل النقود التي سرقتها منها وإلا ستسجنها... واجهتها القابلة بدورها بوجه لايستحي من فعلتها واخبرتها انها لاتستطيع فعل اي شيء. ولايوجد دليل انها منحتها قرشا واحدا. كما تجردت من الحياء التام وهددتها بكل قلة ادب إن تقدمت صوبها ستخبر محمد الباشا بالحقيقة كاملة..انها على إتفاق معها بالقيام بتغيير المولودين. وان مصطفى ليس إبنه بل إبن الخادمة وابنته الرابعة بجلالة قدرها تعيش مع مجرد خدامة لاحول لها ولاقوة بأمر من زوجته المصون..
اصيبت زوجة الباشا بإنهيار عصبي ولم تستطع الرد على القابلة التي تركتها تتناول ادوية من المهدآت التي تحملها داخل حقيبتها ومضت دون ان تفعل لها شيئا.. وعادت هي من حيث اتت من القصر منكسرة ذليلة خائبة الرجاء بالطمع ان تضم إبنتها وتعانقها كي تبرد لهيب إشتياقها وتأسفا على ندمها انها ابعدتها عنها يوم تملكها الشيطان ووسوس ان كل الحياة عبارة عن عز وجاه الذي هددها زوجها الباشا ذات يوم انه سيحرمها منها ومن كل شيء وبناتها لو انجبت له أنثى مرة اخرى.... ولكن مايفيد الندم بعد ضياع إبنتها من دنياها.
꧁꧂꧁꧂꧁꧂
عملت الخادمة بجهد وفناء في قصر مماثل الذي كانت تعمل به سابقا عند الباشا الإبراهيمي.حيث برهنت لاصحاب القصر انها تستطيع إدارة البلاط بخبرتها الطويلة كيف تسير شؤونه فعينت كبيرة الخدم كان كل امر بسير بداخله يمر عليها اولا ثم تعلم به صاحبة القصر.. ومن بين تلك الامور التي وكلت لها هي تنظيم حفلة كبيرة اقيمت على شرف قران الإبنة الكبرى لهم.
فقامت بالإشراف على كل صغيرة وكبيرة وعلى كل شاردة وواردة طيلة اسبوع وهي تقوم بالتجهيزات والترتيبات حتى تعبت ومرضت في اليوم نفسه الذي اقيمت فيه الحفلة.. فاعتذرت من صاحبة القصر وطمنتها ان إبنتها ستقوم بالنيابة عنها في تقديم الواجبات للضيوف.
صفية في الحقيقة لم تعودها امها او بالاحرى الام البديلة التي ربتها على خدمة احد منذ صغرها حتى عندما كبرت واصبحت فتاة بالغة و رغم كذلك مكوثها مع امها في جناح الخدم. فقلما كانت تظهر امام عيان اصحاب القصر. فكل همها كانت هي الدراسة الذي اصبح شغفها مع الوقت المطالعة و كتابة الشعر والقصص.. وعندما طلبت والدتها ان تستخلفها بحجة مرضها لم تأبى ذلك وقبلت دون مكابرة او ملامة.
وبالفعل اقيمت الحفلة وكان كل المدعوين من الارستقراطيين وكبار البلد ومن بين الانظار التي اخذت اثناء الحفلة هي الخادمة الشابة الفائقة الجمال ذوا الشعر الحريري المنساب إلى اسفل ظهرها مع الغرة التي زادتها بهاءا. والعيون الواسعة كثيرة السواد المتناسقة مع لون شعرها والطول الممشوق مع لباس كلاسيكي اظهرها بحلة كلاسيكية بسيطة ورغم بساطتها ابرزت مفاتنها وقوة شخصيتها تلك الفتاة التي تدير الحفل بكل ثقة وبرودة الاعصاب ولم تنخدع او تغريها المظاهر الفاحشة الثراء التي امامها هي نفسها صفية الذي لم يصدق احد انها تكون بنت خادمة القصر ولكن في الاخير وقعت في شرك المتربصين بها وهي تحمل صينية زجاجة الشنبانيا والكؤوس التي بها بغية ضيافة إحدى البشوات وإذ تسقط هي والصينية امام طاولة المدعويين وامام الجميع. والسبب هو ذاك الشاب المتعجرف الذي وضع قدمه مكرا أثناء عبور صفية امام طاولته لكي تنتبه إليه ولكنها تعثرت وسقطت صفية ارضا.
ذلك الشاب المتعجرف كان مصطفى الآغا والطاولة التي تريد ضيافتها هي كانت طاولة عائلتها الحقيقية.
الجزء الرابع
عندما سقطت الفتاة ارضا من بين كل الجالسين على الطاولات وقفت زوجة الباشا الإبراهيمي من مكانها بلهفة كي تساعدها على النهوض فسألتها إن اصابها مكروه فطمنتها صفية انها بخير وشكرتها على حسن تصرفها معها.. والغريب عندما وقفت صفية امام السيدة كان الشبه بينهما رهيب حتى مصطفى علق عن ذلك امامهما واخبر والدته بأن الفتاة تشبهها لحد كبير.. فما كان عليهما الإثنتان إلا ان إبتسمتا وطلبت من مصطفى ان يحسن التصرف ويبطل مشاكساته وتعليقاته السخيفة.
احرجت صفية من الموقف ولملمت الموضوع بمساعدة بعض الخدم بطريقة سلسة غير مرتبكة.. ولكن الخوف الاكبر لديها كان هو ان تعاقب والدتها من طرف صاحبة القصر بدلا عنها بسبب الحادثة التي وقعت لها دون إرادتها وتنهي عملها داخل القصر..
وبالفعل امرت صاحبة القصر صفية ان تتوقف عن العمل فورا اثناء الحفلة رغم إعتذارها وان الحادثة وقعت غصبا عنها. ولكن الامر صدر وعليها ان تنفذ.
اما زوجة الباشا فقلبها منذ ان رأت صفية لم يهدأ ولم يتوقف عن النبض بسرعة وكل من عيونها كانت مترصدة بالبحث عن الخادمة الجميلة من بين كل الخدم الذين يقومون بضيافة المدعوين.. ولكن لم تجدها من بينهم.. فلم تستطع التحمل وقامت معتذرة لعائلتها انها تود ان تضبط نفسها فتوجهت نحو الباب الخلفي للقاعة المتواجدة بها للبحث عن الفتاة..
وبعد سؤالها عنها لبعض الخدم قادوها عندها مباشرة وتفاجأت صفية بوجود المرأة التي ساعدتها في الداخل هي نفس السيدة المحترمة التي امامها تبحث عنها خصيصا.
_هل اخدمك بشئ سيدتي؟
_لا عزيزتي اردت فقط الإطمئنان عليك عندما لم اجدك تكملين مهامك بالداخل ظننت انه حدث سوء بك..
_ااا شكرا سبدتي انت طيبة جدا... كل الموضوع ان سيدة القصر غضبت مني واوقفتني عن إكمال عملي.. لاتهتمي..
_مؤسف حقا.. لاعليك سيزول غضبها بعد قليل وتعيدك إلى شغلك دون شك..
_ارجوا ذلك..
_ولكن إن طردتك فعلا خذي هذا هو عنواني إن إحتجتي للعمل سأوفره لك بكل تأكيد.
_انا خجلة منك سيدتي فلطفك غمرني. حقيقة اشكرك..
بعد إنتهاء الحفلة ذهبت صاحبة القصر للخادمة المستلقية على الفراش والتي كانت امامها صفية فوبختها دون رحمة او شفقة ولم تتذكر منها اي إستحسان قامت به من اجلهم قبلا. وانبتها ان بسبب سوء إختيار إبنتها للمهمة قامت بفضيحة ستكون كل الجرائد الوطنية تتحدث عنها و التي كانت تنتظر شيء كهذا لتنشره بعنوان عريض في اليوم الموالي.
وبعد ذلك امرتها ان الباشا امر بطردها هي وابنتها وعليهما ان يخليا الغرفة فهناك خادمة جديدة عينها الباشا بنفسه ستلتحق مساء للقصر وقدمت لها ظرف مغلق به آخر مستحقاتها.
لم تصمت هنا صفية بل واجهت السيدة بكل حزم واخبرتها ان تصرفها في هذه اللحظة غير لائق ولايمد بأي اخلاق للبشاوات. وعبرت كيف لها ان تعامل من خدمتهم بكل حسن للنوايا الطيبة منها وبكل طاقتها وقوتها. والدليل هو تعبها المفاجئ و مرضها بسبب الكم الهائل من المجهود الذي بدلته من اجلهم مؤخرا. وفي الاخير جزاءها بغلطة بسيطة لم تكن السبب فيها يطردنها شر طردة. واردفت من يظنون بالعباد هل هم عبيد لهم. يأخذونهم لحما ويرمونهم عضما فهم بشر من ددمم ولحم مثلهم تماما..
ولكن صاحبة القصر لم تتأثر بكلمة واحدة من كلام صفية وامرتهما عند خروجها من باب الغرفة ان يرحلا فورا.
صدمت صفية اما والدتها المريضة أصبحت تنتحب بالبكاء الشديد وهي تطمنها ان كل الامور ستكون بخير. وان لاتخاف فالرزق من عند **** وليس من عباده..
حملت صفية ووالدتها بعض من حقائبهما وعادا إلى المكان القديم الذي كان يستأجرانه ومن حسن حضهما وجدا من صاحب البيت غرفة مفروشة شاغرة لهما.. فحمدا **** انه سهل امريهما ولم يبيتا في العراء.
في تلك الاثناء علمت صفية انه حان الوقت لتعمل بدلا عن امها وترفع قليلا المسؤولية عن كاهلها... والدتها التي إنهك المرض جسدها ولم تستطع الشفاء منه رغم الادوية التي تتناولها صباحا ومساء.
ومرت ايام وايام وصفية تبحث عن العمل هنا وهناك ولكن دون جدوى. والنقود لم ببقى منها إلا القليل فاحتارت مالذي تفعله.. وبدون قصد وهي ترتب اغراضها وجدت ذاك العنوان الذي منحته لها تلك السيدة التي ساعدتها عند سقوطها في الحفلة.. وتذكرت عرضها الخاص وطارت صفية من شدة فرحتها.. واستغربت كيف نست امرا كهذا. وعزمت صباحا ان تذهب للقياها.
في اليوم التالي إستيقظت صفية باكرا متوهجة مبتهجة ليوم جديد قد يكون اجمل من سابقه واستبشرت به وتوكلت على الخالق واستعدت لذهابها إلى السيدة التي عرضت عليها العمل عندها سابقا.
وبعد بزوغ الشمس بسويعات قليلة اخذت صفية العنوان واستقلت عربة ولم تكن المسافة طويلة مابين منزلها وقصر السيدة كما توقعتها.
وهي امام باب القصر طلبت من البواب انها تريد ان تكلم السيدة ولكنه اخبرها انها ليست بالداخل. وان ارادت ان تنتظرها في باحة القصر حتى تعود فذاك شأنها..
وبالفعل إنتظرت صفية السيدة ولكن طال إنتظارها وقابلت هناك سيدتان يظهران عليهما الرقي نزلتا من العربة مع طفلين صغيرين توقعت انهما ولديهما. فألقيتا عليها السلام وعلما انها بإنتظار والدتهما فطلبا منها الدخول معما إلى داخل القصر. واستضافاها في قاعة الإنتظار كما ضيفتها إحداهما القهوة وطلبا منها ان تستريح حتى تعود والدتهما من المشوار واعتذرا منها وانصرفا لقضاء امورهما.
بعد قليل دخل مصطفى ينادي على والدته ظنا منه انها بقاعة الإنتظار فاخبرته صفية انها بدورها تنتظرها.. فصعق مصطفى من وجود تلك الخادمة التي سحرته قبلا بجمالها اثناء الحفلة فرحب بها وسألها..
_هل انت نفس الفتاة التي.... . ؟
فتبسمت صفية ودون ان يكمل كلامه اجابته..
_نعم انا نفسها
_هل لديك معرفة خاصة مع والدتي.؟
_ليس الامر هكذا. ولكن لدي طلب خاص عندها..
_حسنا هو سر إذا مابينكما..ولاتريدين مني ان اعلمه
_ليس بالضبط ولكن الموضرع...
هنا دخلت السيدة وتفاجأت بوجود الفتاة التي لم تنسها قط منذ ان إلتقتها آخر مرة في الحفلة... فسعدت بها كثيرا ورحبت بها كأنها صديقتها المقربة التي إلتقت معها بعد فترة طويلة من الغياب. وطلبت منها الجلوس.. هنا إستأذن مصطفى بعد ان اخبر والدته انها يريدها في امر مهم بعد ان تنتهي من المقابلة ..وبعدها انفردت صفية وسيدة القصر التي لم تكن اكثر من ذلك بالنسبة لها.
_مااخبار سوسن هانم؟؟
_لااعلم عنها شيئا فهي منذ ان طردتني بسبب ماحدث في تلك الحفلة لم ارها مجددا
_ااا فعلتها إذا. سوسن كعادتها لاترحم احدا ولاتعطي عذرا لأحد. فهي دائما صارمة. وبالكاد تجدينها تبتسم... لابأس لاتحزني ربما **** وجد فيها خيرا.
_ونعم ب****.. اكيد لااحزن على نفسي ولكن والدتي ماذنبها بذلك فهي خدمتهم لسنين وكل قوتها افنتها عندهم.
_ظننتك انت فقط. ولكن كانت معك والدتك.!!
_نعم والدتي هي من تعمل لديهم وانا قمت بالعمل بدلا عنها لاول مرة عندما مرضت.
_تقصدين بحديثك انت ووالدتك بدون عمل الآن وتبحثين عن فرصة كما عرضت عليك سابقا.
_في الحقيقة هذا ماجئت عنه سبدتي... وارجوا ان تساعديني في تحقيق ذلك..
_والعمل تريدينه لك ام لوالدتك؟
_بل لنفسي سيدتي فوالدتي متوعكة ولاتستطيع حاليا العمل.
_**** يشفيها.. ولكن هل لديك خبرة في التنظيف وغيره من هذه الامور..؟
_بصراحة. لا.. ولكن انا شاطرة واتعلم بسرعة.. فأمي كانت تمنعني منعا باتا ان اساعدها في خدمة القصر وكانت دائما تقول لي
(_ انت لك شأن و ذوا عز ولايصلح لك عملا كهذا. وعليك فقط ان تدرسي وتنجحي بتفوق...) وكان كل إهتمامي بالتعليم والمطالعة.
_حسنا وطلبك لدي.
_هل ماتقولينه صدقا. هل لدي فرصة للعمل عندكم حقا..؟!
_هههه وهل ترينني امزح... من يوم غد ستبدئين العمل هنا بالقصر... اما التفاصيل مالذي تعملينه والأجرة سنتحدث عنها غدا إن شاء ****.
_شكرا جزيلا سيدتي. لن انسى معروفك هذا معي ابدا ..
_اشكري **** عزيزتي فهو مسير اقدارنا حيث يشاء.
فرحت صفية وابتهج قلب والدتها المريضة معها وعندما سألتها عن كنية اصحاب القصر ربما تعلم من هم بصفتها كانت لها دراية بعالم البشاوات نتيجة خدمتها الطويلة في القصور فأخبرتها صفية انها لم تسأل ولم تهتم في تلك الاثناء عن كنيتهم . وكل ماكان يهمها هو ان تجد القبول من طرف السيدة للعمل...كما اخبرتها انها غدا ستسأل عن كنية من اصبحت تعمل لديهم وتخبرها بذلك..
الجزء الخامس
في حديقة القصر كانت سيدته مع احفادها تسقي الورود وتنزع الاعشاب الضارة منها والاطفال يلعبون ويمرحون حولها وفي هذا تجد كثيرا راحتها بحياتها اليومية... إذ تبتعد وتهرب من كل الضوضاء وعن ذكريات الماضي المريرة مابين الخضارة وعبير الورود وعبق الزهور... وفي تلك الاثناء لحق بهم مصطفى وتشاكس مع الطفلين قليلا ثم طلب من والدته انه يريد ان يحدثها في امر هام... فنزعت والدته القفازات من يديها وتركت دلو الإستسقاء جانبا. وتقدمت معه نحو الكرسي ذو الارجوحة المتواجد في وسط حديقة القصر وجلسا معا لجانبي بعضهما البعض. ومصطفى يمزح معها تارة ويقبل يديها احيانا ويلعب بشعرها تارة اخرى..
_ما الذي تريده يامصطفى ادخل في الموضوع مباشرة.. اعلم جيدا حركاتك وتمسكنك حتى تقضي حاجتك ولاتظهر بعدها ثانية..
_دائما تتهميني ياامي. انا طيب ومسكين واريد فقط رضاك.
_مسكين...!!! سبحان **** مصطفى مسكين..!! .مع من تتكلم يامصطفى انا والدتك التي تعلم عنك كل شئ.. ولكن لابأس.. قل لي ما الموضوع الذي تريدني فيه ووالدك قام برفضه...وهو انا متأكدة منه جيدا.
_من الآخر اريد ان تقنعي والدي ان يدعني أسافر برفقة اصدقائي إلى إنجلترا.
_ماذا؟؟ تسافر؟؟ وإلى إنجلترا مرة واحدة!! ومن اين جاءتك هذه الفكرة.؟! . إنتهيت من شراء الملابس الباهضة و شراء الدراجات والعربيات والان لم ينقصك إلا السفر.
_نعم اريد السفر رحلة إستكشاف مع زملائي. وجواز السفر اصبح لدي. فاصدقاء والدي قاموا بالواجب واكثر.
_ياسلام انت مرتب كل شيء إذا... ووالدك لماذا لم يقبل؟
_لااعلم عندما اخبرته قام الدنيا ولم يقعدها وطلب مني ان اخرج الفكرة من رأسي نهائيا
_اكيد. تعلم جيدا يامصطفى ان والدك متعلق بك كثيرا ولايطيق الإبتعاد عنك ولو للحظة فمابالك تفصله عنك بحار وبلدان.
_ ولكن انا لست طفلا يا امي... عليه ان يعلم ذلك جيدا. ولن ابقى سجين القصر حتى هو يقتنع انني لن اطير مابين يديه وادعه وحده..
_الامور لاتفسر هكذا يامصطفى على كل حال سأحاول.
_اعتمد عليك ياامي فموعد السفر بعد اسبوع
_سيدتي هناك فتاة تدعى صفية تنتظرك
_حسنا قل لها انني آتية في الحال..
_امي يقصد تلك الخادمة؟؟
_نعم هي..
_مالذي تريده منك.؟.
_ان تعمل في القصر... والعمل اصبح شاغرا لها منذ الآن.. مصطفى لاتكثر من الاسئلة دعني اذهب لملاقاتها وانت احضر عدي ومالك معك
رحبت السيدة بصفية وادخلتها معها إلى مكتبة القصر. التي إنبهرت صفية بعضمة وكبرها بكل محتوايتها من كتب مرفوفة في الخزائن المخصصة للكتب تصل إرتفاعها للسقف. وبعض التحف المنشورة هنا وهناك في الزوايا والتي يظهر عليها ندرة وجودها من القرون الوسطى.. وماعاد إليها عقلها وبصرها إلا عندما نادتها السيدة بإسمها.
_هل اعجبتك المكتبة ياصفية
_رائعة سيدتي لم ارى ذلك من قبل حتى في مكتبات المدارس
_انها لزوجي خصصها له ولاولادي قصدي بناتي فقط فهم كذلك من عشاق المطالعة.
_جميل جدا
_إن إحتجت إلى بعض الكتب لتساعدك في دراستك فلا تخجلي... خذي منها ماشئتي وعندما تنتهين رديها فقط إلى مكانها..
_شكرا جزيلا لك سيدتي. إختصرتي لي مشواري الطويل إلى المكتبة العامة المتواجدة في وسط البلد.. فشكرا لك مرة ثانية..
_لاتشكريني ياصفية فهذا ايضا يساعدك على عملك الجديد..
_عملي..!! كيف؟
_من هذه اللحظة ستكونين استاذة تقوم بتعليم احفادي عدي ومالك ولدي بناتي... وبما انك متفوقة في دراستك. ستساعدين كذلك في تدريس إبنتي الصغرى التي لديها إمتحانات البكالوريا في الشهر القادم... سأعرفك بها لاحقا. ولكن اريد ان انبهك فقط ان إبنتي تمر بحالة نفسية بعد وقوعها لحادث مأساوي كاد ان يؤدي بحياتها. ولكن **** ستر والحمد *** على قضائه.. فخلف في نفسها اثر كبير لاتريد احد ايا كان ان يعيد امامها الحادثة وخاصة ان الحادثة جعلتها مقعدة على كرسي لاتود ان تعالج بالطريقة التي قدمها لها المعالجون الفزيائيون.
هنا دخل عليهما الباشا محمد الإبراهيمي زوج السيدة والدة صفية ووالدها الحقيقي الذين يلتقون في نقطة واحدة ولااحد يعلم عن ماينسبه الواحد للآخر.
دخل الباشا الإبراهيمي فجأة على زوجته وصفية المتوجدتان بمكتبته.. فعرفته على صفية واعلمته انه من هذا اليوم ستكون مدرسة لحفيدتهما وابنتهما رقية.
فلم يبدي رأيه بالموضوع كل ماذكره ان الفتاة تشبه لحد كبير زوجته وتعطي بعض الملامح لبناته الثلاثة. ولم تنكر زوجته ذلك بل ايدته فيما قاله وذكرت له ان مصطفى ايضا كان له نفس ملاحظته مع إبتسامة وخجل صفية التي اضافت لها جمالا خاصا..
ولكن بعد ذلك إنقلبت إبتسامة صفية إلى بعض من الحزن واحست بالعنصرية من طرف الباشا بعدما سألها عن الطبقة التي تنتمي إليها وماكنية والدها..ربما يتعرف عليه بما انه ينتمي إلى عالم البشاوات.ففي الحقيقة لم يتوقع قط ان صفية معدمة لانها يظهر عليها الرقي وبما انها كذلك متعلمة فهذا يثبت اكثر انها من الطبقة التي يفضلها... هنا تدخلت زوجته وغيرت الموضوع بطريقة ذكية ثم إستأذنت من زوجها لتاخذ صفية تعرفها على رقية إبنتها..
فصعدتا إلى الطابق الاعلى وطرقت والدتها الباب لتستأذن بالدخول ولكنها إبنتها رفضت مصاحبة بعض من صراخها من داخل غرفتها بعدما اصرت والدتها ان تفتح لها الباب لكن دون جدوى.
فاعتذرت السيدة من صفية على سوء تصرف إبنتها وبررت موقفها ان حالتها تدهورت واصبحت ميزاجية منذ الحادثة وكلهم هنا يعاملنها بطريقة إستفزتها اكثر تظنهم انهم يشفقون عليها.
تاثرت صفية على هذه الفتاة البائسة واصرت في نفسها انها ستساعدها وتخرجها من حزنها
وبعد ذلك ذهبتا إلى غرفة مجاورة بها طاولة وكراسي واخبرتها السيدة ان هذه الغرفة ستكون المقر الذي تدرس به *******.
وطلبت منها الجلوس حتى تحضر الصبيين لتبدأ لهما الدرس الاول قبل ان تعودا والداتهما من العمل ويعودان بهما إلى منزليهما المستقلين.
بعد مرور الايام والاسابيع تعودت صفية على افراد عائلة الإبراهيمي فردا فردا وكم اعجبت بتربيتهم وحسن اخلاقهم رغم ان مصطفى كثير الحركة ويحب كل الامور ان يجعلها هزلا ولصالحه إلا انه طيب ولايدع الحزن يسيطر على يومياته والدليل يوم سافر اصدقائه بدونه ولم يستطع حينها ان يقنع والده لاهو ولا والدته. غضب غضبا كبيرا. واضرب عن الطعام ليوم كامل. وفي الغد كانت صفية الوسيطة التي جعلته يلين ويعود إلى الطعام ويعود كما كان لهزله ومزاحه مع الجميع..
اما رقية اخته كانت جد صعبة المزاج والتعامل ولكن قررت صفية ان تقتحم عالمها دون ان تستأذنها بطريقة سلسة وذكية..
ويوم إلتقت بها في الحديقة على كرسيها المتحرك. وجدت الفرصة لتتقرب منها اكثر. فعندما رأت رقية صفية تقترب منها من بعيد ابرمت كرسيها لكي لاتراها وجه لوجه او تحاول ان تتجرأ لتكلمها. لكن صفية هذه المرة ارادت ان تحدثها مباشرة.
_مرحبا آنسة رقية... انا صفية استاذة عدي ومالك هل تذكريني؟.
حركت رقية رأسها بالتأكيد دون ان ترد التحية بالكلام واردفت صفية.
_قالوا لي عائلتك انك على دراية بكل الادوية ومامفعولها على المريض.. وانا لو سمحت اود ان استشيرك عن إسم هذا الدواء هل مفعوله خطير حقا كما يقال..؟ فوالدتي مريضة منذ مدة وخفت ان اعطيها هذا الدواء بما انها لديها ضغط عال.
تمعنت رقية في الورقة المكتوب عليها إسم الدواء صمتت قليلا ثم تكلمت اخيرا.
_وهل والدتك لديها دواء خاص لتعديل معدل ضغطها.؟
_بالتاكيد. فلولا الدواء فهو يرتفع لها كثيرا
_ومعدل نسبة السكر هل هي معتدلة في جسدها؟
_في الحقيقة لم نقس لها معدل السكر في الدم لديها ولو لمرة واحدة.
_إذا قومي بذلك عند اقرب صيدلي وعندما تجدينه معتدل عندها اعطيها تشرب هذا الدواء فلا ضرر... والعكس
_شكرا لك آنستي.. فانت بأسئلتك هذه تثبتين انك على خطى طبيبة بارعة.
فابتسمت رقية عن غير عادتها ثم إنتبهت لنفسها وعادت حادة الملامح كما في الاول... وعندما ارادت العودة ساعدتها صفية في جر الكرسي المتحرك إلى الداخل. وهي تحدثها عن الدراسة وماوصلت إليه من تدهور والتي كانت تشاركها رقية في الحديث من حين لآخر بصفة رسمية... وعندما ارادتا الإفتراق في الردهة إقترحت صفية على رقية ان تأتي غدا صباحا وتأخذها معها إلى استاذة كانت تحبها كثيرا هي من ساعدتها بإقتراحها كتبا مميزة واسئلة سابقة تساعدها على المراجعة لكي تنجح بعامها هذا في البكالوريا بعلامة عالية ومقتدرة تدخل بها مجال الطب.
هنا إنقلبت رقية على صفية وخاطبتها بكل شدة وحزم.
_من قال لك انني اريد ان اكون طبيبة هل انت غبية ام تتغابين... هل رايت في حياتك احد مقعدا يحتاج إلى طبيب بحد ذاته يداوي مريضا..؟
ثم ابرمت رقية في الممر بسرعة متجهة نحو غرفتها.. ولكن صفية لم تدع الامر يمر مرور الكرام بل واجهتها مع نفسها واضافت..
_من قال لك انك مقعدة. فانت من فعلت ذلك بنفسك والاطباء شهود على ذلك.. انت من ألفت الحزن واعتنقت الالم واعتادت على الشفقة من الجميع لتظهرين نفسك امامهم انك مسكينة لاحول لك ولاقوة
عدمتي الإرادة في حياتك وتنازلت عن سعادتك والإستمرار من اول فرصة قدمت لك في الحياة... **** صحيح إبتلاك ولكن اعطاك فرصة عن دونك فمن كان معك في الحادثة فهم تحت التراب. ولكن انت من قتلت نفسك وانت فوقه على يديك... جعلتي من روحك ميتة وانت حية ومااقصى إختيارك بالموت على نفسك...
إذا انت الملامة الوحيدة هنا ولاذنب لاحد مما انت فيه لكي تعذبي به اهلك الذين يحبونك بشدة برايتهم لك هكذا وانت مقعدة ولديك الفرصة ان تمشي مجددا.
كل هذا الكلام ورقية واقفة في الممر مبرمة ظهرها لصفية تسمع لكلامها ثم إستدارت والدموع كانت غزيرة على وجنتيها لتنظر في عيني صفية ثم مضت إلى غرفتها واغلقت الباب وراءها لكي لاتتبعها خلفها..
وفي الصباح من كان ينتظر صفية على باب القصر ومتأهبا وعلى خير إستعداد هي رقية نفسها القاعدة على كرسيها المتحرك.
الجزء السادس
تفاجأت صفية عند ذهابها إلى القصر من الذي كان ينتظرها على بابه هي رقية الصعبة المرأس التي لم تتوقع ان تلين مابين ليلة وضحاها وتوافق على اقتراحها لها وكم فرحت بها وبإقتناعها انه حان التغيير في حياتها اخيرا.
صعدا الإثنتين على العربة المخصصة للعائلة وطلبت من سائقها ان يأخذهما إلى العنوان الذي ذكرته له إياه.. ولكن الصدمة الحقيقية لرقية ان الموعد اخذ لها ليس من طرف استاذة للتعليم بل لطبيب فزيائي متمدرس
لحالتها خصيصا.. غضبت رقية جدا من تصرف صفية دون ان تاخذ بمشورتها او إعلامها بالامر ولكن صفية كم تعبت بعد ذلك بإقناعها ووعدتها انها بعد الإستماع إلى الطبيب و الكشف عليها إن لم تقتنع هذه المرة منه فستنسى امر علاجها ولن تحدثها عنه مطلقا.
وبالفعل قامت رقية بالكشف عند الطبيب وقامت بالاشعة الصينية وكذلك بعض الإختبارات الجسمانية ان كانت قدرتها على التحمل كافية لبدء العلاج او لا..
كانت الجلسة الطبية إيجابية لحد كبير والطبيب بشر رقية انها تستطيع الوقوف مجددا على قدميها ولكن عليها فقط إتباع العلاج الذي سيكون طويلا وعليها الصبر والتحمل وان لاتفقد الثقة ب**** وبنفسها وبعد ذلك كل شيء سبكون هينا.
عادتا صفية ورقية إلى القصر وكم كانت رقية متفائلة بما حدثها عنه الطبيب. واخبرت والدتها بكل ماجرى معها وتاسفت لوالدتها انها اتعبتهم بعنادها كما تاسفت على الوقت الضائع الذي ضيعته منذ ان قامت بالحادثة. ووعدت والدتها انها ستشفى ان شاء **** مادام الطبيب اعطى لها املا 85 بالمئة.
ولاول مرة منذ الحادثة تناولت رقية الغذاء مع افراد عائلتها وهي مبتسمة والدهشة اصابت الجميع عن التغيير الذي طرأ عليها فجأة..
شكرت السيدة صفية كثيرا فخطة إستبدال الاستاذة بالطبيب كانت من طرفيهما ناجحة ولحد كبير ايضا.. ووعدت صفية السيدة انها لن تترك إبنتها في رحلة علاجها قط حتى تقف مجددا على قدميها
.كانت صفية تتوغل مابين افراد العائلة اكثر وألف الجميع حضورها اللطيف بل البعض اصبحوا يستشيرونها في امور خصوصية لهم وكانت هي نعم المجيب والمأتمنة على اسرارهم... ولكن في مرة كانت تدرس عدي ومالك.. كان عدي ليس نشيطا كعادته بل كان حزينا ومكتئبا.. وعندما حاولت ان تجلب من دواخله الباطنية مالذي يحزنه بالضبط.. إنفجر عدي بالبكاء واخبر صفية انه خائف من والده ان يضربه كما كان يفعل تقريبا كان كل ليلة بضرب وتعنيف والدته سألته هل هو متاكد انه يحدث ذلك كثيرا ام وقعت الحادثة مرة واحدة
فأكد عدي ان الامر يحدث كثيراخاصة في الليل عندما يكون هو نائم ينهض على صراخهما ويسمع نحيب والدته عندما يترك والدته مستلقية على الارض بعد ان يبرحها ضربا... فتقوم هي بعناق إبنها لكي تخفف عنه الخوف ثم تعيده إلى فراشه.
فلم تجد صفية حينها ماتقوله للصبي سوى انها طمنته وهدأت من روعه وخوفه واخبرته ان هذه الامور تقع مابين الكبار فقط احيانا. وانه لايجب عليه الخوف وان لايتدخل وان يدع شان ومشاكل الكبار ان يحلانها بمفردهما.
في ذلك اليوم لم ترجع صفية إلى منزلها في وقتها المعتاد بل إنتظرت والدة عدي عودتها من العمل لتأخذ عدي معها إلى منزلهما.. وعندما قابلتها طلبت منها صفية ان تتكلم معها على إنفراد في غرفة الدروس. واول شيء سألتها عنه صفية لمرية عن سبب الكدمات التي تحت عينها اليمنى..
_ااا هل تظهر حقا اثر تزحلقي في الحمام.إنه قساوة السيراميك رغم باهظ الثمن ههههه
_ولكن يامرية هل الذي يسقط يسقط على اسفل عينيه ام بجبهته او لنقول خديه..؟
ولماذا ترتدين الفستان بالكمامات داخل القصر ونحن في عز الصيف..؟
مالذي تودين الوصول إليه ياصفية. وماسبب كل هذه الاسئلة المبهمة!!
_انت تعلمين جيدا مالذي اريد الوصول إليه... لماذا تخفين المعانات التي تعيشينها تقريبا كل يوم عن والديك.. عدي قال كل شيء
_مالذي تقصدين قال كل شيء؟!
_بدون لف ودوران يامرية.. قولي الحقيقة... لماذا تكتمين عن زوجك التعنيف الذي يسلطه عليك كل مساء..
_ومادخلك انت ياصفية مالذي يفعله زوجي بي.. هل وكلك احد علي. ام نسيتي من تكونين وتتدخلين فيما لايعنيك...!
_لم انتظر ان تكلميني هكذا يامرية بصراحة.. ولكن انت على حق.. قد تماديت ربما فعلا فانا اصبحت اعتبركن كإخوتي الذين حرمت منهم في حياتي ولاريد لهن الضرر. ولكن اسفة. انا فعلا مخطأة بالتدخل في شؤونكم.. اردت المساعدة فقط
عندها نهضت صفية من مقعد الطاولة وارادت الخروج من الغرفة مستأذنة.. ولكن مرية انبها ضميرها في تلك اللحظة وطلبت من صفية ان تتوقف وان تسامحها على سوء حديثها معها وادخلت مرية في نوبة من البكاء الشديد وصفية التي اشفقت على حالها بعناقها والطبطبة عليعا طالبة منها ان تبكي وتفرغ كل الكبت الذي بداخلها..
دموع مرية لم تتوقف وهي مابين احضان صفية. وكأنها كانت تنتظر من يفتح جروحاتها التي ألمت بها والتي جعلت منها تعيسة لحد كبير في حياتها اليومية... وعندما هدأت قليلا قامت بمصارحة صفية عما تعيشه من بؤس..
_هذه خطيأتي الوحيدة بحياتي ياصفية وعلي تحملها بمفردي...
_والخطأ يصلح يامرية. ليس شرطا تكملين حياتك بهذه الطريقة الوحشية
_ولكن انا من إخترته غصبا عن والدي اللذان كان يرفضانه بشدة... كيف تريدين مني ان اقوله لهما.. ذاك الرجل الذي إخترته عن دون سواه واحببته بكل جوارحي وجدته مجرد رجلا سكيرا قذرا في سلوكه وتصرفاته
ضحك علي ياصفية كان كل كلامه كذب في كذب واقواله مزورة لاتمده بأي صلة بافعاله الحالية.. ندمت اني احببته وندمت اكثر اني تزوجته.. اصبحت اقترف منه ولااريده ان يلمسني او يقترب مني..
اعطيته فرصا كثيرة ولكنه لايستحق ذلك كان عندما يستفيق من ثمالته يطلب السماح ويقول انه لايعيد كرة ذلك. ولكن ذيل الكلب اعوج عمره لايعتدل.
_انت قلتها يامرية اشخاص مثل زوجك للاسف لن يعتدلوا مهما اعطيتهم من فرص وفرص. وتلك الفرص مجرد ايام وسنوات تضيع من عمرك.. سيمتص يامرية رحيق انوثتك وحيويتك. ستصبحين مجرد إمراة كئيبة ليس لها مستقبل ولا طموح.. ستتعودين الضرب والتعنيف وستجدينه انه امر عادي مع الوقت ومن حق كل إمراة ان يقوم زوجها بضربها. هكذا سيكون تخمينك يامرية إن ضللتي تسكتين عن حقك..
_وعدي ماذنبه ان يعيش بدون والده
_ومن اجل عدي انقذيه من مرض والده وانقذي بدورك نفسك..
عدي سيعيش في بيئة دون عنف سيكبر ليس بحوزته عقد او حقد انكما عيشتماه داخل قوقعتكما السوداء المغلقة.
_تعلمين ياصفية ان عدي اصبح يتبول كل يوم تقريبا. واحيانا انهض على بكائه ولايريد النوم بمفرده في غرفته بسبب خوفه.
_اليوم هو خائف وغدا سيزول خوفه ويصبح إنسان دون احاسيس او مشاعر. وسيتقبل العنف ويحتضنه ليصبح من يتبناه مستقبلا..
خمني يامرية إبتعدي عن هذا الرجل قبل فوات الاوان... انت لديك سند بحياتك ولست وحيدة. فامك لوحدها تغنيك عن مئة رجل تحت وطأة ظروفك هذه.. صارحيها فهي ستسمعك وستكون معك في محنتك. واكيد والدك كذلك لن يخذلك. وسيزيله من امامك كالشعرة التي افسدت صفاء الحليب.
_اعدك ياصفية انني سأفكر... والآن الوقت تأخر عليك لتعودي إلى منزلك دعيني انادي على عدي وسؤوصلك إلى منزلك في طريقي.
_شكرا لك مرية فالوقت تاخر فعلا وأمي الان ستقلق علي.
في تلك الاثناء وجدت مرية عدي نائما فأبت ان توقظه وقررت المبيت في القصر. فاخبرت مصطفى ان يوصل صفية لمنزلها بدلا عنها.
وبالفعل اخذ مصطفى عربته وصفية تركب امامه وطيلة الطريق لم يتخلى مصطفى عن هزله ونكاته وكن ضحكت صفية على حواديثه وشقاوته مع اصدقائه. كما صرح لها انه يحب اخت صديقه. وهو ينوي خطبتها بعد إنتهائها من دراستها وهكذا حتى وصلا إلى المنزل ومن كان ينتظر امام منزل صفية هي والدتها التي قلقت عليها وظنت انها وقع لها سوء اثناء عودتها..
_امي مالامر لما انت خارج المنزل.؟
_قلقت عليك بنيتي ظننتك وقع لك سوء بالطريق لاسمح ****..
_مرحبا سيدتي.. لاتقلقي عليها إبنتك مابين ايد امينة
_امي هذا مصطفى الذي حدثتك عنه إبن السيدة التي اعمل لديها.
_ااا انت مصطفى الشقي هههه مرحبا بني
_إذا هذا ماكلمتك عنه إبنتك عني... هي بذلك ظلمتني سيدتي..
_اكيد ظلمتك فانت إنسان طيب ورجل تستحق التقدير. فلولاك انت لما عادت إبنتي بمفردها في هذا الوقت المتأخر علي شكرك حقيقة بني.
_لاتشكريني فهذا واجبي... تشرفت بمعرفتك سيدتي.و تصبحان على خير..
دخلت صفية ووالدتها داخل منزلهما وبالكاد كانت تصمت والدتها وهي تمدح جمال وبهاء وقامة مصطفى التي اضافت له تميزا خاصا والكثير من الاسئلة لإبنتها عما يفعله بحياته وعمله وهل ينوي الزواج بهذا العمر الصغير... إلخ..
في الحقيقة كل الإهتمام وكثرة الاسئلة من قبل المراة نابع عن غريزة الام. الام التي تحس بقطعة من فلذة كبدها حتى وان لو قطعت صلتها به وهو جنين.. فهناك إحساس وشعور خفي يجذبها إليها دون ان تعلم ماهو. او لماذا.. ؟
وفي اليوم الموالي عند ذهاب صفية إلى العمل تفاجأت بوجود عربة الباشا مارة امامها لاتبعد كثيرا من مكان منزلها.. وسألت نفسها مالذي يأتي به في هذا المكان الغريب عن عالمه الخاص..!!!
الجزء السابع
كثر إستغراب صفية بوجود الباشا الذي كان قريبا من المكان الذي تقطن به.. ذاك المكان الذي لايمده بأي صلة لامن قريب ولا من بعيد من مسكنه او شغله.. وعندما إستفاقت صفية من شرودها لاحظت بوجود شيء غير عادي يحدث مابين الصبين عدي ومالك وهما يبتسمان ويضحكان بخبث. وعندما إقتربت منهما اخفى مالك شيء كان يخبأه بيده وراء ظهره.. فطلبت صفية من مالك الوقوف من مكانه وامرته ان يضع الشئ الذي يخفيه فوق الطاولة.. وبعد تردد كبير فعل ما امرته استاذته القيام به.. فصعقت صفية مما رأت.. الشيء الذي كان يخفيه هو عبارة عن ولاعة وسيجارة.. سألت صفية مالك ممن اخذ هذه الاشياء هل من والده..؟ فطأطأ الصغير رأسه واجابها بل من اغراض والدته. وهنا إكتملت مفاجأة سارة للحدث... فاخذت منه الاغراض ونبهته انه لايأخذ مثل هذه الاشياء من احد ولايحملها معه حتى وإن وجدها ملقات على الارض. ونصحتهما ان مثل هذه الاشياء ضارة ومسممة لاجسادهما وتفكيرهما..
هنا مالك لم يسكت بل قال لها لماذا والدته إذا كانت تدخن فصمتت قليلا صفية واجابته انها لم تكن تعلم بضرره. والطبيبة الآن فقط منعته عليها وستتركه قريبا. وطلبت منه ان يحملها من فوق الطاولة ويرميها في القمامة فهذا هو المكان المناسب لها.
عندما إنتهت حصة الدرس توجهت صفية إلى غرفة والدة مالك التي تحب التواجد بها. فطرقت الباب ولكن لم تجد احدا بالداخل. ففضلت ان تسأل الخدم دون ان تضيع مزيدا من الوقت إن شهدوا مروى وجودها بالقصر ام لا. فاخبروها انها مع والدتها في غرفة مرية مجتمعين معا..
فذهبت صفية في الحال هناك وعندما طرقت الباب وعرفتهم انها صفية رحبن بها وطلبوا منها الدخول.. ومن بين الحاضرات كانت مرية تبتسم لصفية واومأت لها برأسها وقامت بغمزها من طرف عينها اليمنى فعلمت صفية انها في تلك الاثناء صارحت والدتها بكل شئ مما كانت تتلقاه من عنف وتعنيف من قبل زوجها . فردت الإبتسامة صفية وأومأت رأسها بدورها تعبيرا عن الإمتنان لما فعلته لنفسها ولصالحها..
تأسفت صفية لهن إن قاطعت حديثهن ولكن الجميع رحبن بوجودها من بينهن.. وسألت السيدة عن حال صفية وحالة والدتها ان إستقرت ام لا. واقترحت لها امرا كانت تأجله بسبب مرضها على حسب قولها.. وطلبت من صفية ان تأتي بوالدتها وتعيش معهم وإن ارادت تستأنف عملها التي كانت معتادة عليه فلتفعل.. لكن صفية رفضت ان تعمل والدتها مجددا كخادمة.. وذكرت انها كبرت بما يكفي حتى تتحمل تكاليف دراستها ومعيشتهما..
ولكن السيدة اصرت ان تحضر والدتها وتعيش معهم لكي لاتكون بمفردها طيلة اليوم. وخاصة ان صفية اصبحت تعود إلى منزلها متأخرة بعد قيامها بالدروس للصبيين ولرقية واحيانا تاخذها بدورها إلى العلاج الفيزيائي الذي يتطلب مزيدا من الوقت.. فاكدت لها صفية انها موافقة ولكن اولا عليها ان تقنع والدتها وترد عليها..
وفي اخير الحديث طلبت صفية من مروى ان تتحدث معها على إنفراد في موضوع مهم.
فخرجتا من الغرفة وتوجها نحو غرفتها. وهناك امسكت صفية يد مروى ووضعت الولاعة فوق راحتها... هنا مروى لم تستطع الكلام وخرس لسانها واردفت صفية تقول لها.
_اظنك كنت تبحثين عنها... هي لك والحرف الاول والاخير لإسمك المنقوش عليها يثبت انها لك.
_اين وجدتها؟
_في مكان لا افضل ولا تفضلين بدورك ان تكون فيها... عند إبنك مالك وجدتها إضافة إلى سيجارة والتي فضلت ان يرميها في القمامة بنفسه.
تغير لون مروى إلى الإحمرار خجلا من الموقف التي هي فيه
_المشاغب ربما اخذها من درجي الخاص
_وهل هذا فقط مايهمك من اين اخذها... ولايهمك لو قام بتدخينها وهو صغيرا لايزال في اللفة يتعلم ويسير على منهاج وخطى والدته.. والدته القدوة الكبرى في حياته كلها.
_لااعلم كيف علم بالموضوع فلا احد إكتشف تدخيني سواه.
_الصغار فطنين كثيرا بما يدور حولهم وقد يكونوا اذكى مني ومنك في إكتشاف الخفايا
_حاولت وحاولت ان اقلع عن التدخين ولكن غصبا عني لم استطع. فضغط شغلي وبرستيجي امام صديقاتي زاد للطين بلة..
كنت في الاول لاادخن إلا سيجارة او ثلاثة باليوم الكامل وافعل ذلك خارج المنزل. اما الآن اصبحت لاأقاوم نفسي وانا داخل القصر او منزلي. وربما امسكني مالك متلبسة عدة مرات للاسف.
_الاسف ان يأتي شئ كهذا امام ولدها الوحيد.عكس والده الذي لايفعل ذلك رغم انه رجل ويحق له ان يفعل مايشاء مثل بقية الرجال الذين إعتدناهم.
_لا اخطؤك في كلامك ياصفية. ولكن ربما علي ان ادخل دورات رياضية قد تبعدني عن التدخين مع الايام.. وسأبحث عنها إن شاء **** لاحقا بل عاجلا..
قبل خروج صفية من غرفتها ايدت مروى وشجعتها على تفكيرها المبدئي في تخطي إدمانها بشكل نهائي وبعدها سألتها إن كان والدها في مكتبته فهي تريد ان تاخذ بعض الكتب معها منها ولكن لاتود إزعاجه إن كان هناك بالداخل. ولكن مروى اجابتها ان تأخذ راحتها بالكامل فوالدها مسافر خارج البلدة وسيظل اسبوعا حتى يكمل عمله..
ورغم حيرة صفية من كلام مروى إلا انها فضلت الصمت وعدم التعليق عن الموضوع وتيقنت ان الامر يوجد به سر..
الجزء الثامن
تحدثت صفية مع والدتها مساء عند عودتها للمنزل عن إقتراح السيدة بمكوثهما معهم في القصر.. وبعد محاولات جمة من طرف صفية بإقناع والدتها قبلت اخيرا على شرط واحد وهو التعرف على السيدة اولا. فإن رأت منها طيبة وعدم تكبرها فستقبل بالسكن عندهم وإن كان العكس فهي ستفضل أنها تبقى في منزلها الخاص. فهي ملت من تعجرف وتكبر سيدات القصور على الخدم. وتريد ان تلقى الراحة والهدوء النفسي في اواخر عمرها..
وبالفعل في صباح اليوم التالي ذهبت والدة صفية معها إلى القصر وفي الطريق صادفت صفية مرة اخرى لقائها مع عربة الباشا ولكن هذه المرة وجدته خارج من منزل غريب. وألاحت بيدها صفية لامها ناحية العربة التي تتحرك من امام منزل جيرانهم تقريبا وعرفتها بان ذاك هو سيد القصر الذي تعمل لديه. فاخبرتها والدتها انها تسكن في ذلك المتزل إمراة تعيش بمفردها مع *** صغير دائما تلتقي بها عندما تشتري اغراض من محل البقالة... فضحكت صفية وعلقت مازحة اتراه تزوج على زوجته..؟!
وردت عليها والدتها. انها لاتستغرب إن حدث ذلك. وكثيرا مايحدث ذلك في عالم الاغنياء...
وعندما إقتربا من القصر صعقت والدة صفية التي سألت إبنتها..
_صفية إلى اين انت ذاهبة؟!
_هل تعبت ياامي لقد وصلنا تقريبا هاهو القصر الذي اعمل به
_تقصدين هذا القصر وماغيره؟!
_بالطبع هذا هو وهل تجدين واحد آخر امامه هههه مابك ياامي هل فقدتي بصرك؟!
_اتقصدين انك تعملين لدى الباشا محمد الإبراهيمي..؟؟
_كيف تعرفينه.؟لااظن انني حدثتك عن إسمه وكنيته قبلا.!! إنه هو بالضبط ياامي
هنا تغير لون والدة صفية فاصبحت شاحبة وطلبت من سائق عربة الاجرة ان يعود ادراجه فورا دون ان تأخذ بمشورة إبنتها.. ورغم اسئلة صفية عما يحدث لوالدتها ولماذا لم تدخل للقصر وعادت ادراجها.. لكن والدتها كانت الصدمة كبيرة عليها لم تستطع الرد على إبنتها والتي بعدها احست بالتعب و الإختناق. وعندما وجدت صفية والدتها تعبت فجأة وهي تتعرق خافت عليها وفضلت الصمت حتى وصلتا إلى منزلهما. وماإن دخلتا إلى داخله حتى تمددت والدة صفية مباشرة على سريرها وهي ترتجف واسنانها تطقطق من شدة البرد وهي في عز الصيف.. دلفتها صفية ببطانية. واحضرت لها دواءها ومخفف للحرارة. ولازمت مكوثها امامها. حتى هدأت وانخفضت حرارتها اخيرا..
وماإن شعرت والدة صفية بتحسن حتى جلست من مرقدها وامسكت يدي إبنتها وهي تبكي وتقول لها.
_عديني بنيتي.. عديني ان لاتعودي مجددا إلى ذاك القصر.. عديني
حاولت صفية ان تفهم مامصدر هلع وخوف والدتها. وسبب طلبها لكن دون جدوى... وعندما وجدتها دخلت في نوبة هستيرية من البكاء والنحيب. وعدتها وطلبت منها فقط ان تهدأ وتنام. وكل شيء سيحدث كما تريده.
عندما تأكدت صفية من إستغراق نوم والدتها بفعل المهدأ الذي تناولته قبل قليل. تذكرت صفية انها لم تحضر الكتب التي تنوي مراجعتها فاليوم الموالي سيكون لها اسئلة بخصوص مواضيعها تخص دراستها العليا.
فعاودت الذهاب إلى القصر ولكن توجهت للمكتبة على نحو سرعة كبيرة لتحمل الكتب وتعود مباشرة قبل ان تستيقظ والدتها... وعندما ارادت ان تترك رسالة صغيرة لسيدتها بأنها ستغيب لبعض الوقت لم تكن تحمل قلما معها فاصبحت تبحث عنه في ادراج المكتبة..
وهي تفتش مابين الاوراق هنا وهناك. وجدت شيئا مختلفا تعرف جيدا ماهو...
فوضعت يدها على الوشم الذي تحت حلمة اذنها.تتحسسه وبيدها الاخرى الخاتم المنقوش بنفس الرسم.. فارتعش جسدها رهي تتمتم في نفسها.
ماهذا بحق السماء...
الجزء التاسع
لم تستطع صفية إستعاب مايحدث امامها هل هي رب صدفة ان يكون النقش على الخاتم هو نفسه الوشم الذي على جلدها.. فوضعت الخاتم في حقيبتها وخرجت مسرعة قبل ان تدرك والدتها غيابها. وعند خروجها نسيت ان تضع ملاحظة غيابها على الورقة كما إعتمدت قبل قليل لسيدتها.. فوجود الخاتم اربكها وأنساها حتى اخذ الكتب التي جاءت من اجلهم وعادت للمنزل بدونهم. شاردة طول الطريق. وعقلها يأخذها يمينا ويسارا ويدها فوق الوشم تضعها.. وقررت ان تسأل والدتها فهي اكيد بعد تصرفها الاخير تخفي امرا خطيرا..
مرت يومين وشفيت والدتها ولكن كانت تتهرب من عيون إبنتها لكي لاتسألها عن شيء وتضطر للكذب فهي لاتنوي مصارحتها لا في تلك الاثناء ولا بعدها...
وعندما لاحظ افراد القصر غياب صفية عن الدروس الخصوصية للصبية ولرقية إستغربوا الامر خاصة انها لم تفعل ذلك سابقا ولم تخبرهم انها إستقالت من عملها عندهم.. وبعد المناوشات الكثيرة مابينهم قررت السيدة ان تذهب إلى منزلها كي تستفسر امر غيابها ظنا ربما انها حدث بها سوء .. وكان مصطفى دليلها بمكان مسكنها بما انه هو الوحيد الذي يعلم مكانها.
وبالفعل اخذ مصطفى والدته على متن عربته متوجها إلى منزل صفية. وفي الطريق وقبل وصوله للمنزل بقليل ركن سيارته فجأة ثم إستدار إلى والدته يسأل هل العربة المركونة امام الباب الغريب ذاك لوالده ام يتهيؤ له؟!
فاكدت والدته انها هي لامحالة مصحوبة بتعجبها واستغراب وجودها. فزوجها اخبرها انه مسافرخارج البلدة يقضي عمل طارئ.
فطلبت من مصطفى النزول وان يتبعها. وتوجهت نحو باب المنزل لتقرعه ومصطفى وراءها حائر من تصرفها....
وماهي إلا ثواني حتى فتح الباب. ومن فتحه *** صغير ومن داخل المنزل صوت مرتفع يقول
_من يابابا القارع...
_وماإن إستدار الطفل الصغير ليبلغ والده ان هناك ضيوف بالباب حتى وجده امامه وهو يبتسم. ثم إنقطعت إبتسامته فجأة.. لينطق مصطفى باعلى صوته.
_بابا. معقول
اما والدة مصطفى امام المواجهة الصعبة مابينهما لم تتفاجأ بل كانت تنتظر شيء مثل هذا منذ زمن ..
لم يستطع الباشا إخراج كلمة واحدة من فاه تحت وطأة الصدمة والإستغراب والخجل الذي إجتمعوا جميعا ليخرسوا لسانه وزوجته تأنبه وتوبخه كأنه *** صغير لم ينضج بعد.
_ايعقل يامحمد باشا حتى في هذا العمر لم تغلب عن امر نزواتك وشهواتك وخياناتك التي تتكرر وليس لها حاجزا لردعها وتوقيفها ايعقل.. لدرجة وجود *** صغير ونحن جميعا لانعلم بوجوده..!! ام هناك ***** اخرون ياباشا كذلك لم نتعرف عليهم
وفي تلك الاثناء حضرت زوجته الثانية من خلفه التي كانت تصغره بكثير وهي تسأل مالذي يحدث بالضبط..
هنا السيدة هنأت زوجها بزواجه ومضت دون ان تضيف كلمة. ولحقها مصطفى ليركبا العربة سائلا هل يعود ادراجه للقصر ام يكمل الطريق المقصودين إليه..
وبعد تنفس والدته الصعداء لوقع الحادثة عليها..
حاولت ان تهدأ من روعها وهي تشتم زوجها بكل الشتائم المتوفرة في قاموسها الخاص.وهي تردد.
الحقير السافل لايستحق مافعلته من اجله..إنه لايستحق وها انا ذا حان الوقت لأعاقب على ذنبي .
وحينها طلبت من مصطفى ان يكمل المشوار الذي بصدد إليه. خاصة ان المنزل لم يفصلهما إلا القليل..
وانطلق مصطفى بعربته وهو حائر عن كل مارآه بمرأى عينيه عن والده ولم يفهم حتى ماتتحدث عنه والدته وماتقصده قبل قليل..
وماهي إلا لحظات حتى وصلا امام منزل صفية. فنزل مصطفى من العربة وتقدم نحو الباب ليطرقه.. ففتحت صفية واندهشت بوجوده ثم رحبت به واخبرها انه ليس بمفرده بل مع والدته التي قلقت على غيابها وجاءت بنفسها لتسأل عليها... فارتبكت صفية واخبرته ان ينادي عليها. وعليهما ان يدخلا لكي تضيفهما شيئا..
وبصدد ذهاب مصطفى لينادي على والدته التي مازالت قابعة في العربة. قدمت والدة صفية إلى الباب لتسألها مابها واقفة بمفردها امامه... وماإن ارادت جوابها بحضور ضيوف لهما من القصر حتى اصحابه قدما بنفسيهما لعندها فظهر مصطفى اولا يرحب بوالدة صفية التي إرتعش جسمها عند رأيتها له. فهي تيقنت من هو بالضبط الذي يقف امامها وجها لوجه ولم تفصلها عنه إلا خطوتين فقط. ثم إلتحقت به والدته من ورائه الذي زحزح مصطفى من مكانه يسارا لتظهر السيدة بوضوح امام مرأى صفية ووالدتها وهنا وقعت الصدمة لكلا الطرفين من السيدة والتي كانت خادمتها آنفا واللتان تعرفتا على بعضهما البعض رغم مرور السنين وكانت الضربة القاضية الثانية للسيدة في آن واحد.
واول من نطقت منهما هي السيدة التي نادت باعلى صوتها عن إستغراب..
- حليمة...!!!
ووالدة صفية مشدوهة
- سيدتي....!!!
تجمدت السيدة في مكانها وهي تنظر تارة إلى حليمة وإلى صفية تارة اخرى وعينيها مفتوحتين على آخزهما وكأنهما يسألان بدلا عن لسانها وفمها الذان شلا بالكامل. يريدان الحراك للنطق. ولكن الصدمة خانتهما دون ذلك
ومافعلته لم يتوقعه احد. ذهبت بخطى بطيئة وكلا قدميها بالكاد تحملانها وجسدها يرتجف بالكامل ذهبت نحو صفية ومدت يدها نحو شعرها الاسود المتدلي على اذنها اليمنى فرفعته للأعلى ليظهر الوشم وضوح الشمس هنا سقطت السيدة ارضا على ركبتيها
_ ص. صف ي .. ة.. هي إببببنتي..!!!
_إبنتك... ؟!
والمتحدث هنا هو الباشا الذي كان خلف المشهد والذي لحق بهما إثر الحدث الاخير الذي وقع بينهما.. ولكن لم يتوقع مشهد مأساوي اكثر من الذي مر به قبل قليل مع زوجته وابنه مصطفى..
꧁꧂꧁꧂꧁꧂
كان المشهد رهيبا ومؤثرا في نفس الوقت. مابين الكذب والحقيقة اللذان جمعهما القدر بالصدفة بعد مرور سنين. والذي ظنا من كليهما انهما لن يلتقيا مطلقا وسيدفن السر معهما للأبد.
الموقف كان صادما للجميع... ومن بينهم السيدة التي تأكدت ان حسها إتجاه صفية لم يخطىء وذاك الإنجاب الغير مبرر ناتج عن الغريزة الامومية وانها هي إبنتها بالفعل و التي كم دعت ربها من قلبها ان يغفرلها ويبعثها من حيث لاتعلم لتعود إلى احضانها بعد فشلها الدريع آخر مرة بالبحث عنها..
اما حليمة التي كانت شجاعة بعض. الشيء امامهم لان الصدمة تلقتها قبل ايام وكادت تأدي بحياتها لولا وقوف صفية بجانبها .. اما البقية من صفية بحد ذاتها ومصطفى والباشا فهم لم يفهموا شيئا من الموقف الذين هم بصدده وخاصة مالذي تخطرف به السيدة بذكر صفية انها إبنتها. وماكان على الجميع إلا وضع النقاط على الحروف في تلك الآونة لتزيح الغشاوة عن تفكيرهم .
تعجب الباشا من ظهور خادمته مجددا في الواجهة مع السيدة بعد غياب دام عمرا... وعندما سألها اين إختفت كل هذه المدة.. ولما عاودت الظهور مجددا.. فردت عليه ان كل الاجوبة سبجدها بحوزة زوجته ...
هنا نطقت اخيرا السيدة. والدموع تنزل من خديها كالامطار الغزيرة..
_مالذي تريد معرفته ياباشا..؟ انا بسببك جعلت من حياتي جحيما.. بسببك لم اذق يوما هنيئا او مرتاحا. وانت تعيش مراهقتك وسعادتك في اخر ايامك بالطول والعرض... مالذي تريد معرفته..؟ انه بسببك قدمت على جرم لن يغفره **** لي.. ولن يغفراه لي الولدان اللذان هما امامك..و اللذان ليس لهما ذنبا فيه
مالذي تهذين به يامرأة.
الحقيقة ياباشا.. الحقيقة
- اي حقيقة؟!
الجزء العاشر- الأخير
مالذي تهذين به يامرأة.
الحقيقة ياباشا.. الحقيقة
- اي حقيقة؟!
_ان هذه الصبية التي امامك وجعلنا منها خادمة لعائلتنا في الوقت التي تكون فيه كبقية اخواتها معززة مكرمة لاينقصها شئ هي نفسها إبنتك..
_ماذا إبنتي...!!
هل هذا هو إنتقامك في هذه اللحظة عندما وجدتني متزوجا عليك تتكلمين بتراهات لن يصدقها عقل..!!!
_امي امي تكلمي مالذي تقوله هذه المرأة..هي تقول بأنني إبنتها...؟ تكلمي ارجوك.. قولي لها ان تبطل كذبا وتخريفا... تكلمي.. امي...
_إسمعيني ياصفية انت حقا إبنتي وانا والدتك الحقيقية
القصة بدأت اكثر من عشرين سنة. يوم وضعني زوجي الحبيب هذا مابين خيارين لاثالث لهما إما ان انجب صبيا بعد اخواته الثلاثة ام اطرد كالكلبة من قصره العظيم ناسيا ان الصبي او البنت سواء هما من خلق **** وليس بيدي او بيد عباده الضعفاء.. ناسيا العشرة والزوجة التي كانت معه في السراء والضراء.. كان شرطه قاسي واعلم من غلظة وقساوة قلبه انه يفعلها. فخفت على بناتي ان يتشردن وتضيع الفرصة في عيشهن رغد والدهن.. الامر كان قاس جدا في تلك الاثناء وكم مررت بهلع وخوف ان تكون مافي بطني بنتا.. والخوف تحقق...ولم يكن بيدي شيئا سوى القبول بما كتبه **** لي..
اخفيت على زوجي المصون ان مابين احشائي بنتا ورغم إلحاحه على معرفة جنسه فما كان غير قولي ان القابلة لم يظهر لها ان كان صبيا ام انثى. كنت اتماطل لاكسب مزيدا من الوقت واتهيأ لأجمع بعضا من النقود منه قبل خروجي من القصر مع اربع بنات وامهن الخامسة..
وفي تلك الليلة المرعبة وانا ألد اخبرتني القابلة ان خادمتي حليمة ايضا تلد معي في نفس الوقت في القصر والتي كانت تخفي حملها علينا ولم تقل لاحد سوى اليوم الاخير الذي طلبت فيه من القابلة ان تساعدها في الولادة وتخفي السر مابينهما مقابل نقود لابأس بها.
فأفشت القابلة السر عندما علمت ان مافي بطن خادمتي صبيا. وطرحت لي الفكرة بتغيير الولدين كي تستغل الفرصة و تنال نصيبا اكثر من النقود .. فلم استطع التفكيير حينها جيدا مع اوجاع الولادة والخوف من الطرد. فقبلت بالإقتراح وبتهديد حليمة اننا سنفضحها امام الجميع بأن ولدها لقيط لايعلم من هو والده وستطرد كذلك شر طردة مع جنينها في الشارع....في الحقيقة إستغلينا ظروف حليمة الصعبة لتكون لصالحنا هي هربت في تلك الاثناء من اهلها الذين ارادوا تزويجها غصبا عنها من إبن عمها الكفيف. وبذلك ليس لها ماوى او مؤونة فاين الخلاص بها؟ وهي مجرد فتاة لاتزال في مقتبل العمر مع زيادة *** صغير مابين يديها.. فما كان عليها بالاخير إلا ان تقبل..
وبالفعل في تلك الليلة المشؤومة تم كل شئ
تم تغيير الصبيين في سرية تامة دون ان يعلم بذلك احد.. ومنحت بعدها كل النقود التي جمعتها انذاك للقابلة تأخذ متها القليل والبقية تمنحها لحليمة كي توفر لنفڛها ولإبنتي بيتا مريحا لا يحتاجا فيه لأحد... ولكن للاسف علمت بعد ذلك عند مطالبتي للقابلة ان ارى إبنتي بانها ليست على دراية بوجود مكانهما حتى وادركت ان كل النقود الذهبية التي كنت اوفرها لهما بعد ذلك كانت تاخذها لنفسها البغيضة... وهذه هي القصة من اولها لآخرها
_امي اظنني احلم...اود ان استفيق منه إنه كابوس وليس مجرد حلم... كيف اكون لست إبنك وابي ليس بأبي...كيف..؟!
وكيف اكون مابين ليلة وضحاها إبن خادمة ومجرد لقيط.. ههههه.. انا سأجن.
_انت ستبقى إبني يامصطفى حتى وان كان لدي عشرة صبية.. انا احبك ولن اتخلى عنك مهما كان اصلك الحقيقي...
_اصله ياسيدتي اصل عريق ذو عز ومكانة فلا تتوقعي الدناءة في اصله.
تكلم ياباشا. ام اتكلم انا....
دعني اتكلم بدلا عنك
مصطفى ياسيدتي هو مصطفى محمد الإبراهيمي اخ صفية الذي كاد ان يكون توأمها بما انهما ولدا في نفس الساعة. ولكن القدر جعلهما يولدا من امين مختلفين ولكن من اب واحد... لاتندهشوا هكذا. فهي الحقيقة التي لايستطيع احد ان يصدقها او حتى يكذبها احد.
هربت من منزل اهلي كي لااتزوج من إبن عمي. فاردت العمل كي اصون شرفي وعرضي من وحشة الشارع. وعندما طلبت ذلك من الباشا واخبرته بكل ظروفي كي يقبل فقط ان اعمل لديه.. ولكنه كبقية الرجال قبل بي خادمة وياليته لم اقبل به كمنقذ لي.. عندها
عملت داخل القصر. كان لطيف وكريم في التعامل معي وظننته انه اشفق على حالي. ولكن بعدها تغير اسلوبه معي وفي يوم اراد ان يأخذ الشئ الذي حافظت عليه رغما عني. فطلبت الحلال ولن يكون غير ذلك... فوافق بعد ان قررت الرحيل.. فقرأ علينا شيخ الفاتحة سرا مع وجود شاهدين. والسيدة تعلمهما من يكونا جيدا وان اردتي ان تسألي عن الامر فهما لن ينكرا حتما. هما البواب عمي محفوظ والجنائني تامر .
مر قرابة خمسة اشهر ثم حملت منه. اراد مني إجهاضه ولكني اخبرته كذبا اني فعلت. وحاولت تجنبه في تلك الاثناء بسبب مرض وهمي ألفقته على نفسي كي لايقترب مني مجددا.. وبالفعل عفني ولم يعاود طلبه لي. فوجدت راحتي وكنت البس ثيابا فضفاضة حتى لااحد يشتبه بحملي.. والبقية انتم اصبحتم تعلموها... ويشهد **** ان قلبي إحترق على إبني ولكن كنت مطئنة انه سيتربى مابين عائلته الاصلية. كما يشهد **** ان صفية قطعة من قلبي وروحي وحاولت قدر إساطاعتي ان اربيها في احسن تربية. والحمد *** فعلت ذلك وضميري لن يانبني عليها ابدا. لانني عاملتها كإبنتي التي ولدتها من رحمي...
بعد مرور سنة من ظهور الحقيقة كاملة.. مصطفى لم يستطع تقبل وضعه الجديد فسافر إلى اروبا دون ان يخبر احدا وعلى إثرها توفى والده الباشا فهو لم يتحمل بعد إبنه المتعلق به اكثر من شيء آخر..
رقية نجحت في علاجها واصبحت تمشي رغم القليل من عرجها..
مرية تطلقت من زوجها الاول وانخطبت لرجل احبته يعمل معها..
مروى اقلعت عن التدخين ولكن ادمنت من جديد على الشيشة.. وانجبت فتاة كالقمر لتكون اخت مالك.
زوجة الباشا الثانية تخلت عن ولدها مابين افراد عائلته وفضلت ان تعيش حياتها..فاشفقت عليه السيدة و قبلت ان تربيه مع احفادها..
اما صفية فهي لم تتخلى عن والدتها التي ربتها وإشترت بيتا واسعا وجميلا من النقود التي منحها لها إياها والدها قبل وفاته لكي تعيشا معها سويا .... ولم تفرط في إخوتها بل كانت دائمة الوجود مابينهم ومع والدتها الحقيقية التي تجهز فرح إبنتها صفية بكل تفاصيله بعد عدة اشهر من خطبتها من زميلها.
تمت