• سجل عضوية للتمتع بالمنتدى واكتساب مميزات حصريه منها عدم ظهور الإعلانات

قصيرة لا تصدق مذيعات برامج الطهي بالاذاعة - توفيق الحكيم (1 مشاهد)

جدو سامى 🕊️ 𓁈

كبير المشرفين
إدارة ميلفات
كبير المشرفين
مستر ميلفاوي
كاتب ذهبي
ناشر قصص
ناشر صور
ناشر أفلام
فضفضاوي متألق
ميلفاوي متميز
ميلفاوي كوميدي
إستشاري مميز
ميلفاوي شاعر
ناشر موسيقي
ميلفاوي سينماوي
ميلفاوي نشيط
ناشر قصص مصورة
نجم ميلفات
ملك الصور
ناقد قصصي
زعيم الفضفضة
إنضم
20 يوليو 2023
المشاركات
5,998
مستوى التفاعل
2,572
النقاط
62
نقاط
29,184
النوع
ذكر
الميول
طبيعي

13024945301440053745.jpg

أسعد زوجين! يقولون ما لا يفعلون .. لا تصدق مذيعات برامج الطهي بالاذاعة​

جلس يُصغي بانتباه إلى جهاز الراديو وقد تصاعد منه صوتٌ ناعمٌ بديع: «يوضَع اللَّحم في البرام، ثُم يُغطَّى بالبطاطس، وتُفرى بصلة فريًا ناعمًا جدًّا، وتُحمَّر في السَّمن حتى يحمرَّ لونها، فيُضاف الدقيق ويُقلَّب حتى يُصبح ذا لون بني فاتح، ثُم تُزاح الصلصة من على النار، وتُضاف مع البقدونس والملح والفلفل والبهار …»

إلى آخر ما جاء في برنامج التدبير المنزلي ذلك اليوم، وكان ذلك المستمع الكريم يسمع بقلب يخفق هيامًا، وفؤاد يطير شوقًا، ولعاب يسيل حنانًا، وبرح به الغرام، والأذن تعشق قبل العين أحيانًا، فلم يُطق صبرًا، وقام إلى أهله يعلن إليهم: لا بُدَّ لي من الزواج بهذه المرأة.

فسألوه: هل تعرفها؟

– لا أعرف إلَّا إذاعتها اللذيذة في الراديو، إنها تهزُّ قلبي.

وكان صاحبنا هذا من أولئك الذين يخلطون بين القلب والمعدة، فإذا سأله طبيب يومًا: أين معدتك؟ أشار إلى قلبه، وإذا سأله: أين قلبك؟ أشار إلى معدته. وكان لا بُدَّ للمرأة التي تريد استلاب قلبه من أن تستولي على المعدة أوَّلًا، فإذا ملكتها ملكت كل شيء.

وتمَّت مراسم القِران، وجاءت ليلة الزفاف، وأحيت الحفلةَ إحدى المطربات جعلت تُغنِّي طول الليل: «إحنا الاتنين، والعين في العين، أهنأ قلبين، وأسعد عريسين.» والعريس يتملَّل في مقعده ضجرًا من هذا الغناء، ويود الكلام في موضوع أعزَّ عليه وألذَّ من هذا الهراء، وضاق صدره آخرَ الأمر ولم يحتمل، فانحنى على عروسه، وقال لها باهتمام: حدثيني بعد أن وضعتِ اللَّحم في البرام، لقد قلتِ إنه يجب أن تُفرى البصلة فريًا ناعمًا جدًّا، وتُحمَّر في السَّمن، ما قولك لو أضفنا مع البصل شيئًا من الثُّوم والكزبرة والكمُّون؟

فنظرت إليه العروس طويلًا، ولم تجب.

ومرَّت الأيام الأولى من أيام الزوجية، والعريس يتقلب على الشوق ويتقلَّى منتظرًا اليوم الذي تدخل فيه زوجته المطبخ، وتلبس فوطتها، وتُشمِّر عن ساعديها، تطبخ له تلك الأصناف الشهيَّة التي طالما شنَّفت أسماعه بوصفها اللذيذ في الراديو.

ودخلت الزوجة المطبخ أخيرًا، وزوجها يُباركها ويسأل **** أن يحميها، وعاد من عمله في الظُّهر وهو يتلمَّظ ويقول: «صلوات **** على تلك التي ستسعدني بالأكلة المثاليَّة والطبخة النموذجيَّة.»

وانتظر ساعةً، ثُم ساعةً، ثُم كاد العصر يؤذِّن، فخرجت الزوجة النشيطة من المطبخ والعرق والهباب يسيلان معًا من وجهها وهي ملبوخة من رأسها إلى قدمها، وقالت له: لا مؤاخذة! أنا استسهلت خوفًا من التأخير، عملت لك طبق بيض مقلي.

فأخفى الرجل حسرته وكتم غضبه، ومدَّ يده صامتًا إلى طبق البيض المقليِّ، كما قالت، فوجد سمنه قد تبخَّر، وبياضه قد احترق، وصفاره قد تحجَّر.

ودقَّت الساعة الرابعة، فبادرت الزوجة إلى ثياب الخروج فارتدتها، وانطلقت مُسرعةً كأنها على موعدٍ هام.

وما وافت الخامسة والربع، حتى سمع الزوج المسكين صوت امرأته الحنون يتصاعد من الراديو، ويُذيع على المستمعين المصدِّقين: «يوضَع اللَّحم في البرام، ثُم يُغطَّى بالبطاطس، وتُفرى بصلة فريًا ناعمًا جدًّا، وتُحمَّر في السَّمن … إلخ.» وأطرق الزوج مليًّا، ولم يعد يدري ماذا يفعل.

هل يضحك؟! هل يبكي؟!
 

المستخدمون الذين يشاهدون هذا الموضوع

أعلى أسفل