• سجل عضوية للتمتع بالمنتدى واكتساب مميزات حصريه منها عدم ظهور الإعلانات

مكتملة بين يوم وليلة - توفيق الحكيم (1 مشاهد)

ابيقور

ميلفاوي أبلودر
عضو
ناشر قصص
ناشر أفلام
ميلفاوي نشيط
إنضم
21 سبتمبر 2023
المشاركات
887
مستوى التفاعل
398
النقاط
36
نقاط
538
النوع
ذكر
الميول
طبيعي

المنظر الأول​

(حجرة الوزير … في إحدى الوزارات … مدير المكتب يدخل من أحد الأبواب وخلفه الساعي يحمل مظروفًا به رزمة من الخطابات.)

الساعي : بوستة معالي الوزير.
مدير المكتب : الوزير السابق.
الساعي : نوصلها إلى منزله؟
مدير المكتب : طبعًا اذهب بها إلى منزله … كما ذهبتَ أمسِ إليه بأوراقه الخصوصية … ألم تسلِّم إليه أوراقه؟
الساعي : سلَّمتها إلى معاليه يدًا بيد … وقد ظهر على وجهه التأثر الشديد … وسأل عن سعادتك.
مدير المكتب : سأل عن سعادتي؟
الساعي : قال: كنت أنتظر من مدير مكتبي أن يحضر على الأقل ليُودِّعني … خصوصًا وهو يعلم أني كنت قد أعددتُ مذكرةً بترقيته ترقيةً استثنائية لولا سقوط الوزارة المفاجئ.
مدير المكتب : أكان يريد مني أن أودِّعه؟ … أغاب عن فطنة معاليه أننا كُنا نترقب زوال عهده البغيض بفروغ صبر؟
الساعي : قلت لمعاليه إن سعادتك مشغول.
مدير المكتب : طبعًا مشغول … هذه الحجرة تحتاج إلى تنظيف … قبل تشريف الوزير الجديد … اذهب وأرسل إليَّ كبير الفراشين.
(الساعي يخرج … بينما يفتح مدير المكتب «أدراج» مكتب الوزير ويُخرج منها الأوراق القديمة وينظر فيها ويمزِّقها.)

الساعي (يعود بعد لحظة) : نسيب معالي الوزير السابق.
مدير المكتب (ببرود) : نسيبه؟
الساعي : خطيب كريمة معاليه.
مدير المكتب : وما شأني به؟
الساعي : يريد مقابلة سعادتك.
مدير المكتب (صائحًا) : ما شاء ****!… أيوجد في رأسك ذرة من العقل؟! أتظن أن وقتي نهب مباح لمن يريدون أن يصاهروا الوزير السابق ويناسبوه ويطلبوا يد ابنته؟
الساعي : أقول له إن سعادتك غير موجود.
مدير المكتب : قل له ما شئت.
(الساعي يهُم بالخروج … وإذا الخطيب يدخل مندفعًا قبل أن يستطيع منعه.)

الخطيب (لمدير المكتب) : نهارك سعيد يا بك!
مدير المكتب (بجفاء) : نهارك سعيد!
الخطيب : لا تؤاخذني … ليس من حقي الدخول عليك بهذه الصورة … ولكن الموضوع في غاية الأهمية … تسمح لي بكلمة على انفراد.
مدير المكتب : كلمة واحدة فقط لأني مشغول.
الخطيب : لن أستغرق من وقتك أكثر من دقيقة.
مدير المكتب : تفضل.
(يشير إلى الساعي فيخرج.)

الخطيب : الموضوع دقيق … وإني أعلم أن أمامي رجلًا من رجال الوزير السابق، المعروف عنهم شدة الاتصال به والتشيُّع له.
مدير المكتب : مَن هذا الرجل؟
الخطيب : سعادتك طبعًا.
مدير المكتب (ينظر إلى الأبواب بقلق) : ادخل في الموضوع … ادخل في الموضوع!
الخطيب : هل الخطابات المرسَلة إلى الوزير تفتحها سعادتك؟
مدير المكتب : أي خطابات؟
الخطيب : الخطابات الخاصة.
مدير المكتب : وما دخلي أنا في خطاباته الخاصة؟
الخطيب : لا تطَّلع عليها إذن، ولا تعرف محتوياتها.
مدير المكتب : أنا؟
الخطيب : هذا معقول … ولكن بقيَ شيء … هو أنك تتسلَّم هذه الخطابات قبل أن تصل إلى يد الوزير.
مدير المكتب : ماذا تريد حضرتك أن تقول بالضبط؟
الخطيب : هل تسلَّمت الخطابات الواردة باسم الوزير هذا الصباح؟
مدير المكتب : تسلَّمتها.
الخطيب (في أمل) : أهي موجودة عندك الآن؟
مدير المكتب : مع الأسف … لقد أرسلناها إلى منزله مع أحد السعاة.
الخطيب (في يأس) : يا للمصيبة!
مدير المكتب : مصيبة؟
الخطيب : مصيبتي أنا. لقد جئت من عزبتي في الصعيد بقطار الليل … ولكن كل شيء ذهب سدًى … القسمة! … أشكرك على كل حال (يتحرك للانصراف).
مدير المكتب : لم أفهم منك شيئًا حتى الآن.
الخطيب : لا داعي … ولا فائدة … إنه سوء حظ والسلام.
مدير المكتب : سوء حظك!
الخطيب : وسوء حظك أنت أيضًا.
مدير المكتب : سوء حظي أنا لماذا؟
الخطيب : لسقوط الوزارة … وذهاب هذا الوزير النافع … المصلح … النشيط … الشهم … ألست معي في هذا الرأي؟
مدير المكتب (ناظرًا بخوف إلى الأبواب) : طبعًا.
الخطيب : كان من خِيرة الوزراء … وكان محبوبًا من الجميع … أليس كذلك؟
مدير المكتب : جدًّا.
الخطيب : ولكنه ذهب … ولن يعود … وذهبت آمالنا معه إلى غير رجعة … إني كما تعلم رجل مُزارع … من الأعيان والمُلاك … صاحب أطيان واسعة … ومصالح كثيرة … (يهمس) ألَا ترى أن اتصالي به سيعرِّضني لغضب الوزارة القادمة؟
مدير المكتب : هذا محتمَل الحدوث.
الخطيب : وأنت أيضًا؟ … ما موقفك؟
مدير المكتب : كما ترى.
الخطيب : أرى أنه موقف لا تُحسد عليه … ألم تتنسَّم أخبارًا عن تشكيل الوزارة الجديدة؟
مدير المكتب : ربما تمَّ تأليفها اليوم.
الخطيب : لو لم تُسارِع إلى إرسال خطابات الوزير السابق إلى منزله هذا الصباح، لكان لي شأن آخر.
مدير المكتب : ما الذي يُهمك من هذه الخطابات؟
الخطيب : خطاب واحد … لا غير.
مدير المكتب : أفيه شيء خطير؟
الخطيب : فيه ارتباطي بتحديد يوم الخميس القادم لعقد قراني بكريمة هذا الوزير الساقط … أقصد السابق!
مدير المكتب : أنت الذي حرَّرت هذا الخطاب؟
الخطيب : نعم وبعد أن وضعته في صندوق البريد، جاءت الصحف … وإذا فيها خبر سقوط الوزارة!
مدير المكتب : عندئذٍ قمت في الحال إلى مصر.
الخطيب : بقطار الليل … وجئت كما ترى في الصباح الباكر … عسى أن ألحق الخطاب قبل وقوعه في يد الوزير.
مدير المكتب : وماذا كنت تنوي أن تفعل لو أن خطابك وصل إلى يدك قبل أن يصل إلى يد الوزير؟
الخطيب : طبعًا … أنت سيد العارفين … ما دامت الفاس لم تقع في الراس … ما الذي يحملني على أن أُلقي بمصالحي في يد شخص لم يعد في العِير ولا في النفير؟
مديد المكتب : حقًّا … رجل ما عاد ينفع ولا يضر.
الخطيب : بالعكس يا سيدي البك … بل قد يضر ولا ينفع … فإن مجرد الانتساب إليه الآن قد يُلحق بنا أضرارًا ليست في الحسبان.
(الساعي يظهر وتحت إبطه المظروف.)

الساعي : نبَّهت على كبير الفراشين بالحضور مع أعوانه لتنظيف الحجرة لمعالي الوزير الجديد … والآن … هل تأمر سعادتك بذهابي لتوصيل البوستة إلى منزل الوزير السابق؟
الخطيب (صائحًا) : بوستة الوزير السابق؟
مدير المكتب (للساعي) : هاتِ المظروف! … وانتظر في الخارج حتى أناديك.
(الساعي يسلِّم مظروف الخطابات إلى مدير المكتب ويخرج.)

الخطيب (في صيحة فرح) : لم يكن قد ذهب بها … يا لحسن الحظ!
مدير المكتب (يُفرغ المظروف وينثر ما فيه من خطابات على المكتب) : أين خطابك من بين هذه الخطابات؟
الخطيب (يُفرز خطابًا من بين الخطابات) : ها هو ذا خطي … ها هو ذا خطي!
مدير المكتب : انتظر … ماذا تريد أن تصنع به؟
الخطيب : وأنت؟ … ماذا كنت تصنع به لو كنت في مكاني؟
مدير المكتب : تريد أن تمزِّقه؟
الخطيب : لو أمكن فتح الغلاف بحرص … فإني أستخرج منه الورقة التي فيها تحديد يوم القِران … وأضع بدلًا منها ورقةً فيها فسخ للخِطبة أجعل تاريخها سابقًا لتاريخ سقوط الوزارة؛ بذلك يكون تصرُّفنا في منتهى الكَياسة … ألَا ترى ذلك؟
مدير المكتب : أرني الغلاف!
الخطيب (يُناوله الخطاب) : صمغُه ليس شديد الالتصاق.
مدير المكتب (يفحصه) : حقًّا … من الميسور فتحُه وإعادة تصميغه … خُذ وافعل به ما شئت!
الخطيب (يتناول الخطاب ثم يتناول فتَّاحةً معدِنية من فوق المكتب يفتح بها الغلاف بحرص) : فتَّاحة معالي الوزير!
مدير المكتب : الوزير الجديد!
الخطيب : أتعرف من سيكون؟
مدير المكتب : ما من أحد يعرف بعد … إن كل وزير جديد هو على أي حال خيرٌ من كل وزير سابق!
الخطيب (وهو يضح الفتَّاحة، فتح الغلاف بكل احتياط بدون أن يمس ختم البريد … يستخرج ورقةً من داخل الغلاف.) : وهذه هي الرسالة التي كانت ستُوقعنا في شر أعمالنا!
(يمزِّق الرسالة قِطعًا صغيرة …)

مدير المكتب (مُشيرًا بيده) : إليك سلة المهملات!
الخطيب (وهو يُلقي بالقطع الصغيرة في السلة) : والآن ورقة بيضاء من فضل سعادتك!
مدير المكتب (يبحث بين أوراق المكتب) : خذ هذه ورقة عادية!
الخطيب (وهو يتناولها مع قلم من فوق المكتب) : شكرًا … سأضع تاريخ أمس الأول … أو الأفضل تاريخ اليوم السابق لأمس الأول … (يكتب) حضرة صاحب المعالي … بعد تقديم واجب الاحترام … جدَّت ظروف عائلية تُرغمني على إرجاء التفكير في الزواج في الوقت الحاضر … لذلك يُؤسفني أن أرجو من معاليكم اعتبار موضوع الخطبة كأن لم يكن … وتفضَّلوا … إلى آخره. لا داعي للإطالة. أليس في هذه الكلمة كل المطلوب؟
مدير المكتب : هذه الكلمة كافية جدًّا.
الخطيب (وهو يضع الورقة في الغلاف) : قليلًا من الصمغ لنُغلق الغلاف كما كان.
(يلمح زجاجة الصمغ على المكتب فيتناولها ويُغلق الغلاف.)

مدير المكتب : خلصت الآن؟
الخطيب : كالشعرة من العجين … بفضل **** وفضلكم … إليك الخطاب … ضعه كما كان بين «بوستة» معالي الوزير … السابق!
مدير المكتب (يتناول منه الخطاب ويدسه بين بريد الوزير ويضغط على زر الجرس فيدخل الساعي) : خذ بوستة الوزير السابق واذهب بها في الحال إلى منزله.
الخطيب (للساعي) : بغاية السرعة من فضلك!
مدير المكتب (للساعي) : عندك العجلة طبعًا.
الساعي (وهو يتناول مظروف البريد) : نعم … سأركب العجلة … وأذهب في طرفة عين! (يخرج مسرعًا).
الخطيب (لمدير المكتب) : لساني عاجز عن الشكر … ولن أنصرف الآن حتى آخذ منك وعدًا أكيدًا بأن تشرِّفني في بلدنا لنحتفي بك ونذبح الذبائح ونقوم نحوك ببعض الواجب.
مدير المكتب : لم أفعل شيئًا يستحق كل ذلك.
الخطيب : بل فعلتَ من المروءة ما لا أنساه … ولكأن **** ألهمني أن أُرسل خطابي على الوزارة، تباهيًا أمام الفلاحين … كي يتيح لي رجلًا شهمًا مثلك يُنقذني من المأزق.
مدير المكتب : بل قل إن **** هو الذي أراد إنقاذك وإزالة هذه الغُمة عنك كما أزالها عنا.
الخطيب : حقًّا كانت غمةً وانزاحت.
مدير المكتب : كان عهدًا بغيضًا وزال بِشره.
الخطيب : كان هذا الوزير والشهادة **** ثقيل الظل على قلبي.
مدير المكتب : وماذا نقول نحن الذين عاشرناه في العمل … كان رجلًا في غاية الحمق والسخف والغباء.
الخطيب : كان **** في عونكم! … إني لم أكن قد خالطته بعدُ كل المخالطة، ولكني بالفِراسة أدركت أنه مثل «شرابة الخرج»!
مدير المكتب : كل هذا فضلًا عن ظلمه وقلة نزاهته وارتباكه واعوجاجه في تصريف الأمور.
الخطيب : يا حفيظ!
مدير المكتب : لذلك كان من الضروري أن يأتي عهد جديد … نرى فيه اصلاحًا لهذا الفساد!
الخطيب : البركة في الوزير الجديد.
مدير المكتب : هذا هو أملنا … وموضع.
(جرس التليفون يدق … فيرفع مدير المكتب السماعة ويضعها على أذنه.)

مدير المكتب : ألو … ألو … رياسة مجلس الوزارة؟ … مَن حضرتك؟ آه … صباح الخير … أفندم … الوزارة الجديدة تألَّفت … مبروك.
الخطيب : مبروك.
مدير المكتب (يشير إليه بالصمت ويستأنف حديث التليفون) : ألو … ألو … قل لي مَن الوزراء الجدد … أسماء الوزراء … وزارتنا أولًا … أخبرني من هو وزيرنا الجديد؟ … ماذا تقول؟ … هو … عين الوزير السابق. لم يتغيَّر! دخل الوزارة الجديدة في نفس وزارته! كفى كفى. لا داعي لسماع البقية … متشكر!
(يضع السماعة.)

الخطيب : هو نفسه؟
مدير المكتب : وزيرنا الجديد هو نفسه الوزير السابق!
الخطيب (صائحًا) : يا داهيتنا الكبيرة! … الخطاب … الخطاب!
مدير المكتب : صه! أين الأوراق التي سأعرضها على معاليه! … بنفسي … الآن … في منزله … منزل معاليه!
الخطيب (يثِب ناهضًا) : وخطابي؟ مَن يرد إليَّ هذا الخطاب الملعون؟ … إلى منزله في طرفة عين … منزل معاليه!
(ستار)

المنظر الثاني​

(بهو في منزل الوزير … في صدره باب يؤدي إلى الحديقة … وفي جانبه باب مفتوح يؤدي إلى حجرة مكتب … وقد جلسَت في البهو كريمة الوزير وهي تحتضن كلبًا صغيرًا … وبقربها جلس الخطيب … يحادثها وعينه لا تفارق حجرة المكتب.)

الخطيبة : لماذا تنظر هكذا دائمًا إلى حجرة المكتب؟
الخطيب : معاليه … والساعي.
الخطيبة : إنه لن يبطئ علينا … بعد لحظة يفرغ من هذا الساعي وأوراقه … ويأتي إلينا.
الخطيب (يمد عنقه نحو حجرة المكتب) : الخطابات؟
الخطيبة : أي خطابات؟
الخطيب (يرسل نظراته إلى حجرة المكتب) : في يده … إنها في يده … أسيفتحها الآن؟!
الخطيبة : لا أظن … ولا ينبغي لنا أن ندعه مشغولًا عنا طويلًا.
الخطيب : نعم … أرجوك … امنعيه من أن يقرأ الآن.
الخطيبة : لا تخف … إنه سيأتي إلينا حالًا … وسيشترك في الحديث … لماذا كل هذه السرعة منك في إعداد برنامج القِران؟
الخطيب (وهو ينظر) : أسرعي … امنعي … إنه يقلِّب بين يديه الخطابات!
الخطيبة (مبتسمة) : كن صبورًا … تعلَّم الصبر … على ذِكر الخطابات لماذا لم تكتب إلينا حتى الآن؟ … كنا ننتظر منك على الأقل خطابًا … تحدِّد فيه الموعد … وتقترح الترتيبات.
الخطيب (وهو ينظر إلى حجرة المكتب) : كتبت … أقصد … أقصد فكَّرت … ولكني فضَّلت الحضور بنفسي … حتى يتم القِران يوم الخميس القادم إن شاء ****!
الخطيبة : الموعد قريب جدًّا.
الخطيب (وهو ينظر) : أسرعي … إنه يريد أن يفتح خطابًا.
الخطيبة (تلتفت إلى حجرة المكتب وتنادي) : بابا … بابا … نحن في انتظارك.
الوزير (من الداخل صائحًا) : لا تؤاخذني.
(ثم يظهر مشيرًا إلى الساعي بالانصراف … ويتقدَّم نحوهما … حاملًا الخطابات في يده … ويجلس على مقعد أمامه منضدة صغيرة … بينما الخطيب ينهض لمجيئه ويجلس بجلوسه.)

الوزير (لابنته) : ألم تطلبي قهوةً لخطيبك؟
الخطيبة : طبعًا يا بابا!
الوزير (يضع الخطابات فوق المنضدة التي أمامه) : قبل أن أنقطع لكما ويجرفنا الحديث … اسمحا لي بلحظة أتصفَّح هذه الخطابات (ويُخرج نظارته من جيبه).
الخطيب (بسرعة ورجفة) : لا يا معالي الباشا … لا … موضوعنا في غاية الأهمية … ويستحق من معاليك أن تنقطع الآن إلينا … التفِت إلينا.
الخطيبة : الحقُّ معه يا بابا … يحسُن أن تترك القراءة الآن … وتشاركنا في الحديث.
الوزير (وهو يُعيد نظارته إلى جيبه) : تركتُ القراءة … أخبراني بما انتهى إليه الرأي بينكما.
الخطيبة (لخطيبها المحملق في الخطابات) : قل رأيك.
الخطيب (يرفع عينيه عن الخطابات مرتبكًا) : أنا!
الخطيبة (لخطيبها) : ما لك؟ … لماذا تنظر هكذا إلى هذه الخطابات؟
الخطيب : أنا؟! … أنا نظرت إليها؟
الخطيبة : أتخشى أن يعود إلى القراءة ويُشغل عن موضوعنا؟
الخطيب (بسرعة) : نعم … هو ذاك (يمد يده نحو الخطابات) اسمح لي يا باشا … أضعها فوق ذلك المكتب … سأذهب بها بعيدًا … هناك … هاتها … هاتها.
الوزير (يضع يده فوق الخطابات) : لا … دعها واطمئن … إني معكما الآن بكل فكري وقلبي … وهل عندي موضوع أهم من موضوعكما … تكلَّما … إني مصغٍ!
الخطيب : لن أطمئن حتى آخذ هذه الخطابات … بعيدًا … بعيدًا عن أنظارك يا باشا (يمد يده محاوِلًا أخذ الخطابات).
الوزير (يسبقه إلى الخطابات) : انتظر سأُريحك … سأضعها في جيبي … لأقرأها فيما بعد … عندما آوي إلى حجرة نومي (يدس الخطابات في جيب جاكتته) هدأ بالك الآن؟ … هيا تكلَّم … وقل رأيك.
الخطيب (ناظرًا في يأسٍ إلى جيب الوزير) : رأيي؟
الخطيبة : نعم … رأيك الذي أبديتَه لي منذ قليل.
الخطيب (وهو يختلس النظر يائسًا إلى جيب جاكتة الوزير التي فيها الخطابات) : رأيي أن كل شيء انتهى!
الوزير : انتهى؟
الخطيب (مستدركًا) : على خير بركة ****!
الوزير : والموعد؟
الخطيب : يوم الخميس القادم إن شاء ****.
الوزير : سوف يكون يومًا مشهودًا … أرى فيه وجوهًا تنكَّرت لي بسرعة البرق … إن هذه الساعات الأربع والعشرين التي مرَّت ما بين استقالتي وعودتي للحكم قد أرتني عجائب وغرائب من طباع الناس … حتى مدير مكتبي … مدير مكتبي الذي شرعت في ترقيته ترقيةً استثنائية قد رفض توديعي ودخول منزلي … ووصف عهدي، كما بلغني، بالعهد البغيض!
الخطيب : قِصَر نظر يا معالي الباشا … قِصَر نظر!
الخطيبة : وماذا تنوي يا بابا أن تفعل بمثل هذا الموظف؟
الوزير : مدير مكتبي؟! … سوف تسمعون بما أنا صانع به وبأمثاله من الزائفين الذين يرتدون ثياب المخلصين!
الخطيب (وهو ينظر إلى جيب جاكتة الوزير) : لعنة **** على الذبذبة والمذَبذَبين!
(يدخل الخادم يحمل صينية القهوة ويتقدَّم نحو الخطيب.)

الخطيبة (وهي تدلِّل كلبها الصغير) : بوبي هذا الصغير لم يتغيَّر وفاؤه في الأيام السود ولا الأيام البيض!
الخطيب (للخادم المقبل عليه بالقهوة) : معالي الباشا أولًا!
الوزير : لا … الضيف أولًا!
الخطيب (يتناول فنجانًا وينهض به إلى الوزير) : لا يمكن … مستحيل أتناول القهوة قبل معاليك.
الوزير : أستغفر ****!
(الخطيب يتعمَّد إسقاط الفنجان على جاكتة الوزير.)

الخطيب (متظاهرًا بالألم) : يا للكارثة! … يا لخيبتي وسوء فعلتي! … كيف أعبِّر عن أسفي يا معالي الوزير؟
الوزير : لا تنزعج … هذا شيء بسيط!
الخطيب : اخلع «الجاكتة» يا باشا … وأنا أتولَّى تنظيفها بنفسي.
الخطيبة (تُطلق كلبها في الخارج وتصيح) : وأنا … ما وظيفتي؟
الخطيب (وهو يحاول أن يخلع الجاكتة عن الوزير) : أقسم ما من أحد يمس هذه «الجاكتة» غيري! أنا الذي أُصلح ما أفسدت … دعوها لي … دعوها لي.
الوزير (يُبعد عنه يد الخطيب برفق) : مهلًا … مهلًا … لا أنت ولا خطيبتك … (يشير إلى الخادم) خذ «الجاكتة» إلى محل التنظيف والمكوى … وأحضر لي «الروب» من حجرتي! … (يخلع الجاكتة ويسلِّمها إلى الخادم) هل هناك أبسط من هذا الحل؟
(الخادم يمشي بالجاكتة … وأنظار الخطيب تمشي خلفها … ثم يتحرَّك خلف الجاكتة بدون وعي.)

الخطيبة (لخطيبها) : إلى أين؟ … إلى أين؟
الخطيب (يقف مرتبكًا) : الجيب … ما في الجيب … الجيوب!
الوزير : صدقت … هات «الجاكتة» يا …
(الخادم يعود بالجاكتة إلى الوزير فيُخرج ما في جيوبها ثم يشير إليه بالذهاب بها.)

الخطيب (يمد يده إلى محتويات الجيوب في يد الباشا) : ناولني هذه الأشياء يا معالي الباشا … حتى لا تتعب يديك!
الوزير : ولماذا أُتعب بها يديك أنت … (يلتفت إلى ابنته) خذيها أنت وضعيها في «درج» المكتب … وأغلقي عليها … هاكِ المفتاح (يُخرج من جيب «بنطلونه» سلسلةً بها بضعة مفاتيح صغيرة).
الخطيبة (تتناول من أبيها المُحتويات وبينها الخطابات وسلسلة المفاتيح وتتجه إلى حجرة المكتب وهي تنادي كلبها) : بوبي … بوبي!
(الخطيب يتبع بنظراته الحائرة الخطابات في يد الخطيبة المتجهة إلى حجرة المكتب … ويمشي خلفها بلا وعي.)

الوزير (للخطيب) : إلى أين؟ … إلى أين؟
الخطيب : إنها تناديني.
الوزير : إنها تنادي «بوبي».
الخطيب : ربما كنتُ أنا «بوبي».
الوزير (ضاحكًا) : لا تعالَ … تعالَ اجلس … إنها لا تقصدك أنت … سوف تُطلق عليك اسمًا من أسماء التدليل … فيما بعد … ولكنه لن يكون «بوبي» على كل حال.
الخطيب (وهو يجلس يائسًا في مقعده) : هذا من سوء حظي!
الخطيبة (من الداخل) : ما الذي أضحكك يا بابا؟
الوزير : خطيبك يقول لك … (يعطس).
الخطيبة (تظهر وهي تلعب بسلسلة المفاتيح) : أنت يا بابا الذي عطست؟
الوزير : نعم.
الخطية : سيُصيبك برد من تخفيف ثيابك.
الوزير (ينهض) : حقًّا يحسُن أن ألبس ثيابًا كاملة … انتظروني … سأعود بعد لحظة! (يخرج مسرعًا).
الخطيبة (لخطيبها) : ماذا كنتما تقولان في غيبتي؟
الخطيب (ناظرًا إلى سلسلة المفاتيح في يدها) : هذه السلسلة من الفضة؟
الخطيبة : لا … إنها عادية … من المعدن.
الخطيب (يمد يده إليها) : أريني … أريني.
الخطيبة : ماذا ترى فيها يثير الاهتمام؟
الخطيب : شكلها … شكل المفاتيح.
الخطيبة : مفاتيح عادية جدًّا.
الخطيب : إنها متشابهة فيما بينها … أهي كلها ﻟ «أدراج» المكتب؟
الخطيبة : نعم … كل «درج» له مفتاحه.
الخطيب : وكيف تستطيعين التمييز بين المفاتيح؟
الخطيبة : أهو أمر صعب إلى هذه الدرجة؟
الخطيب : يبدو لي أن من الصعب استخراج مفتاح كل «درج» بمجرد النظر.
الخطيبة : هذا شيء سهل … يكفي أن تنظر إلى سن كل مفتاح … إن الأسنان فيما بينها تختلف.
الخطيب : حقيقة … ولكن كيف تعرفين أن هذا الدرج بالذات له مفتاحه بهذه الأسنان بالذات؟
الخطيبة : مدهش!
الخطيب : ما هو المدهش؟
الخطيبة : هذا الموضوع الذي نتحدَّث فيه … إنه في غاية الشاعرية! … ألَا تلاحظ؟ … منذ وُجد الزواج … وكل خطيب وخطيبة، إذا اجتمعا في خلوة، تحدَّثا في القمر وفي النسيم وفي الفراق وفي اللقاء … ولكن … قلَّما خطر لواحد منهما أن يتحدَّث في الأدراج والمفاتيح.
الخطيب (يُفيق) : آه … لا مؤاخذة!
الخطيبة : لعل هذا الموضوع له عندك أصل أو مناسبة.
الخطيب : لا … لا … أبدًا … لا يوجد أصل ولا مناسبة … المسألة مجرد.
الخطيبة : مجرد ماذا؟
الخطيب : مجرد … إعجاب بذكائك.
الخطيبة : ذكائي؟
الخطيب : نعم … لقد لفت نظري الآن منك أنك لم تستغرقي وقتًا طويلًا وأنت تضعين الخطابات … أقصد محتويات جاكتة الباشا … في درج المكتب … وفتحتِ الدرج وأغلقتِه بالمفتاح … مع أن المفاتيح في السلسلة متشابهة … هذا طبعًا يدل على الذكاء.
الخطية : متشكرة.
الخطيب : العفو … أنا مثلًا لو كنت في موضعك لكنت حِرت وتُهت بين الأدراج والمفاتيح … وإذا لم تصدِّقي فلنجرِّب … هلمي امتحني درجة ذكائي.
الخطيبة : إني واثقة أنك ستنجح.
الخطيب : من يدري؟ … عند الامتحان يُكرَم المرء أو يُهان.
الخطيبة : كيف تريد مني أن أمتحنك؟
الخطيب : المسألة بسيطة … أريني بسرعة مفتاح الدرج الذي وضعتِ فيه الخطابات … أقصد المحتويات … وقولي لي: اذهب وافتحه بمفردك.
الخطيبة : إنك ستفتحه طبعًا.
الخطيب : أبدًا.
الخطيبة : فلنجرِّب.
الخطيب : نعم … فلنجرِّب.
الخطيبة (بسرعة) : هذا هو المفتاح.
الخطيب : ليس بهذه السرعة … إني لم أرَ شيئًا … مرةً أخرى من فضلك.
الخطيبة (ضاحكة وهي تشير إلى مفتاح من بين مفاتيح السلسلة) : التفت جيدًا هذه المرة … هذا هو المفتاح.
الخطيب (يُسرع ويقبض عليه) : هاتي.
الخطيبة (تتركه له) : خذ واذهب وافتح في طرفة عين مثلما فعلت أنا!
الخطيب (ينهض بالمفتاح مسرعًا وقد جاءه الفرج) : بقي أن أعرف الدُّرج!
الخطيبة : سأعد من واحد إلى عشرة.
الخطيب : إلى عشرين من فضلك.
الخطيبة (في تسامح) : إلى عشرين.
الخطيب (وهو متجه بالمفتاح إلى حجرة المكتب) : يا بركة ****!
الخطيبة : وعند العشرين أُهرَع أنا إلى المكتب لأرى النتيجة … (تعد بصوت مرتفع) واحد … اثنين … ثلاثة.
الخطيب (على عتبة حجرة المكتب) : انتظري … وحياة عينيك … «غششيني» قليلًا وإلا سقطت سقوطًا شنيعًا … قولي لي أين الدرج؟
الخطيبة (ضاحكة) : وماذا بقيَ إذن من مواد الامتحان؟
الخطيب (متوسلًا) : قولي لي … **** لا يفضحك!
الخطيبة (ضاحكة متسامحة) : الدرج الذي في الصدر! … سأستأنف العد … أربعة … خمسة.
الخطيب : لا … لا … أرجوك … عدي من الأول (ثم يختفي سريعًا في حجرة المكتب).
الخطيبة : أمرك و… احد، اثنين، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة.
الخطيب (صائحًا من الداخل) : اسكت يا بوبي … ابعد يا بوبي!
(يُسمع نباح الكلب من الداخل.)

الخطيبة (ضاحكة ومستمرة في العد) : ثمانية … تسعة … عشرة.
الخطيب (صائحًا) : حوشي بوبي … يا للكارثة! … الكلب خطف السلسلة. خطف المفاتيح.
الخطيبة (ناهضة بسرعة) : بوبي!
الخطيب (يظهر مهرولًا) : قفز بالمفاتيح من النافذة إلى الحديقة.
الخطيبة : وأنت … إلى أين تجري؟
الخطيب : خلفه … أُمسك به … أُحضر المفاتيح … لم أفتح بعد … يا للحظ العاثر! يا لليوم الشؤم (يهرول من الباب المؤدي إلى الحديقة).
الخطيبة (تتبعه بأنظارها عند الباب ضاحكة) : لن تلحق به … ارجع … خيرًا لك.
الخطيب (في الحديقة يُمصمص بفمه للكلب) : بوبي … تعالَ … تعالَ يا حبيبي … أرجوك … أنا في جاهك … كن لطيفًا … أرجع المفاتيح (يخفت صوته كمن ابتعد خلف الكلب).
(الخطيبة بالباب تضحك … وعندئذٍ يُسمع في الخارج قرب الباب جلبة وهمهمة أصوات مقتربة … ثم صوت مدير المكتب يهتف.)

مدير المكتب (في الخارج) : فليحيَ وزيرنا المحبوب!
أصوات (في الخارج تُردِّد هاتفة) : فليحيَ وزيرنا المحبوب!
مدير المكتب (في الخارج لمَن معه) : لا تدخلوا … لا تُزعجوا الباشا … انتظروا أنتم حتى يخرج لكم … (يظهر بالباب وتحت إبطه مظروف) معالي الوزير في حجرة المكتب؟
الخطيبة : إنه يلبس … لحظة واحدة (تخرج مسرعةً من أحد الأبواب الجانبية).
(مدير المكتب يتقدَّم في البهو … ويضع مظروفه على المنضدة ويهم بالجلوس … وعندئذٍ يظهر «الخطيب» داخلًا من الحديقة يمسح عرقه بمنديله.)

الخطيب : أف! اختفى الكلب!
مدير المكتب (يلتفت نحوه) : الكلب؟
الخطيب (يرى مدير المكتب) : أنت؟ … وتعني «هباب» … (يهمس في أذنه) كلام في سرك … الخطاب الملعون في هذا المكتب … في درج الصدر … ومكثت ساعةً أُحاول الحصول عليه بكافة الوسائل … وأخيرًا نجحت في أخذ المفتاح … وما كدت أدنو به من الدرج … حتى خطفه ذلك الكلب الأزعر … إني في أحْرج مركز … إني منكوب. لن أعرف طعم الراحة ما دام الخطاب هناك … لم أحصل عليه قبل أن يقرأه.
مدير المكتب : هدِّئ بالك … اعتمد عليَّ.
الخطيب : أعتمد عليك أنت … الآن؟! … أنت أيضًا وقْعتك ثقيلة … سبحان المنجي!
مدير المكتب (يلتفت إلى الباب الجانبي) : صه! معالي الوزير.
الوزير (يظهر ويقول بنبرة تهكُّم) : أهلًا بمدير مكتبنا المخلص!
مدير المكتب : دائمًا يا معالي الوزير.
الوزير : طبعًا … دائمًا وفي كل وقت … حتى بعد الاستقالة.
مدير المكتب : هل عند معاليك شك في إخلاصي؟
الوزير (متهكمًا) : أبدًا … حاشا ***! … وهل هناك إخلاص أشد من أن تدخل بيتي بعد استقالتي … وتودِّعني ذلك الوداع المؤثر … دون أن تتنصَّل أو تخاف أو تهرب؟
مدير المكتب : أودِّع معاليك؟ … لماذا؟ … لا يا معالي الوزير … إني لم أُرِد أن أجيئك مودِّعًا … لأني كنت عميق الإيمان بك وبعودتك في الوزارة الجديدة … يودِّعك اليائس … أمَّا أنا فلم أيئس … كنت على يقين أن كفاءتك العظيمة ومواهبك النادرة لا يمكن أن توضع على الرف … .
الوزير : أهذا حقًّا كان تفكيرك؟
مدير المكتب : تفكيري وإيماني وعقيدتي يا معالي الوزير … وإنه من بواعث فخري أن إيماني بك لم يتزعزع في يوم من الأيام.
الوزير : وعهدي ألم يكن بغيضًا؟
مدير المكتب : طبعًا … كان بغيضًا … عند خصومك وحُسَّادك … وأولئك الجاحدين الذين لم يرَوا أعمالك ومشروعاتك وإصلاحاتك!
الوزير : كانوا هم إذن الذين يقولون ذلك!
مدير المكتب : بالتأكيد … كل الأفذاذ والمصلحين يسمعون أحيانًا ما يكرهون ويبلُغهم من تقوُّلات الناس ما لا يحبون … ويشهد **** كم كان يؤذي سمعي أن أسمع فيك بعض هذا الجحود … ولكني كنت أعزِّي نفسي دائمًا بقولي: معاليه من العباقرة العظماء … وتلك ضريبة العبقرية والعظمة.
الوزير : إني على كل حال لم أصنع لك إلا كل خير.
مدير المكتب : وهل من المعقول أن أنسى … كل ترقية لي كانت على يدَي معاليك! … إن أقل الواجب وأضعف الإيمان أن أكون على الأقل من أشد المتحمِّسين لك وأخلَص المُتصلين بك!
الوزير : يجب أن يكون الأمر كذلك.
مدير المكتب : أُقسِم لمعاليك أن هذا هو الواقع … وإن كره الواشون والحُساد والنمَّامون … إن إخلاصي لمعاليك شيء في دمي، وإيماني بشخصيتك الممتازة وعقليتك الجبارة *** راسخ في قلبي.
الوزير : أرجو أن تكون دائمًا مدير مكتبي الذي أضع فيه كامل ثقتي!
مدير المكتب : ثقة معاليك الغالية كل زادي … وكل ثروتي … و**** يشهد في سمائه أني بهذه الثقة جدير.
الوزير : عندي مجلس وزراء بعد نصف ساعة.
مدير المكتب (يتناول المظروف) : جهَّزت لمعاليك كل الأوراق اللازمة.
الخطيبة (تدخل حاملةً بوبي والمفاتيح) : ها هو بوبي جاءني بنفسه يحمل سلسلة المفاتيح.
الخطيب (بدون وعي) : هاتي … أرجوك.
الوزير (لابنته) : أعطي المفاتيح لمدير مكتبي ليعرض عليَّ ما فيه من بريد وأوراق … كالعادة.
مدير المكتب (وهو يتسلَّم المفاتيح) : شكرًا … تسمح معاليك لحظة.
الوزير : ماذا؟
مدير المكتب (يقترب من الباب ويهتف) : فليحيَ وزيرنا المحبوب!
الأصوات (في الخارج) : فليحيَ وزيرنا المحبوب!
الوزير : ما هذا؟
مدير المكتب : موظفو مكتبي جاءوا معي يُظهرون ابتهاجهم بعودة معاليك للوزارة.
الوزير (باسمًا) : أنت الذي نظَّمت هذه المظاهرة (يتجه الوزير نحو الباب وخلفه ابنته).
مدير المكتب : هذا شعور طبيعي قد تفجَّر … ومن ذا الذي ينسى إحسان معاليك لموظفي مكتبك؟
الوزير : لا تنسَ أن تُذكِّرني بقرار ترقيتك الاستثنائية!
(يخرج إلى عتبة الباب ويحيِّي الهاتفين بيديه … وخلفه ابنته تشاهد هي وكلبها بوبي … بينما يمسك الخطيب بذراع مدير المكتب ويحاول جذبه إلى ناحية حجرة المكتب.)

الخطيب (هامسًا لمدير المكتب) : المفتاح في يدك … أنا في جاهك … أنقِذني!
مدير المكتب (هامسًا) : هدِّئ بالك! … قلت لك اعتمد عليَّ … ولكنك لم تصدق.
الخطيب : صدَّقت … وآمنت … كنت مغفلًا ولم أفهم.
مدير المكتب : تفهم ماذا؟
الخطيب : أن صاحب السلطة بسهولة يصدق المَلَق … وبسرعة ينسى النفاق!
(ستار)
 

المستخدمون الذين يشاهدون هذا الموضوع

أعلى أسفل