• سجل عضوية للتمتع بالمنتدى واكتساب مميزات حصريه منها عدم ظهور الإعلانات

متسلسلة فانتازيا وخيال شهوة ابليس | السلسلة الاولي | - حتي الجزء الثامن 3/4/2024 (1 مشاهد)

𝙷𝚄𝙻𝙺 𝙼𝙸𝙻𝙵𝙰𝚃

HULK MILFAT THE LEGND OF KILLER
مستر ميلفاوي
عضو
ناشر قصص
ناشر صور
ناشر أفلام
ميلفاوي متميز
ناشر موسيقي
ميلفاوي سينماوي
ناشر قصص مصورة
ناشر محتوي
مترجم قصص
ناقد قصصي
إنضم
30 مايو 2023
المشاركات
5,687
مستوى التفاعل
4,693
النقاط
37
نقاط
1,364
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
المحتوى ناضج .. اذا كنت من القراء المحافظين فلا انصحك بهذه الرواية ..


او



اذا كنت من عشاق النهايات السعيدة فلا انصحك بادمانها ليلا ..


♥️


♥️






اهداء..


الى ابليس هذه قصتي معك ، عندما كنت في سرير رحمتك اكتوي بجمراتك ..و اشرب من بئر انفاسك الحارة ..



اقتباس ..


هي الوحدة و لعنة هذا الجسد ..يا من ايقظت كل هذه الرغبات الحارقة ..فضعت بها يا ابليس ..




اول ليلة مع ابليس ..


و هما في الطريق إلى غرفة النوم استرجعت جميلة كل اللحظات و الذكريات التي وضعت أحمد بطريقها ؛ فلقاءهما بالشركة لم يكن الاول ...


صديقات جميلة دائما ما كانو يثنون على جمالها الجذاب و تناسق جسمها ! مما جعلها تغتر به أحيانا و تحرص على إظهار مفاتنه للعامه ..


صد ر مشدود و مؤخر ة جذابة جداا ، لطالما افتخرت بهما اكثر من حسبها او دراستها فقد كانت متفوقة !


كان أي شخص يرى جميلة لا يستطيع ابعاد نظره عنها ..عن مؤخر تها البارزة ..و هذا لم يكن يضايقها بل بالعكس يزيدها ثقة بنفسها ..


كانت جميلة دائما تسمع لصديقاتها ، لنصائحهن ! بان مفتاح الحصول على رجل هو ابراز تلك الخلفية ؛


لان الرجال ينظرون لما تحمله المرأة من مفاتن اكثر من اي شيئ آخر في جسمها..


...كانت تمهد للارتباط! فهذا كان الخلاص الوحيد لها من عمها البائس .


لم تكن جميلة تعلم ان هذه النصائح الغبية و المفاتن الجسدية التي تمتلكهاو يحسدها الكثير من الناس عليها ، ستكون سبب لمعاناتها ، في اهم يوم لها ...ليلة الدخلة


دخل أحمد بسرعة الى غرفة النوم وهو حامل جميلة..كانت تتخبط بين ذ راعيه كدجاجة مذبوحة !


اغقل باب الغرفة بالمفتاح و راح يشعل التلفزيون بعدما وضح جميلة على السرير ....


"لماذا انتي متوترة ، انا زوجك لا تخجلي مني ٫ ساريك فيلما رائعا ينسيك الدنيا بما فيها ، ستحبينه أعدك بذالك "


نظرت له جميلة في خوف شديد و الصدمة بادية على وجهها :


"أحمد ما بك ؟ اريد ان ارتاح قليلا فالطريق كانت طويلة ارجوك !"


رمقها بنظره و ابتسامه كلها مكر و خداع :


"راحة ماذا ، انا احبك كثيرا ؛ و ساريك ذالك بعد قليل "


لم تدري جميلة كيف تحادث جوزها ، فهي لا تعرفه جيدا ! ولا تعلم الأسلوب الذي يستميله للهدوء ..
لكن سرعان ما خطفها صوت التلفاز ؛ فوجئت بما كانت تسمعه و تراه ..


كان في الفيلم شخص يدخل غرفة النوم ، أين كانت هناك فتاة نائمة على السرير ..اقترب منها !


اخرج عضوه الضخم امامها....قفزت البنت نحوه و بيدها علبة كريم ....وضعت منه القليل عليه !


ادارها الرجل بقوة مخيفة ؛ ثم ادخل كل عضوه في خلفيتها المستديرة ! كانت تصرخ في استمتاع رهيب ؛ عيناها محولتان ....


يتبع

♥️



صدمة اول لقاء مع ابليس...


جميلة كانت في قمة الصدمة ؛ لا تستوعب ما تراه ؛ ما الذي يريده أحمد من كل هذا ! هل ساطبق ما شاهدته الان بالفيديوا ؛ سالت نفسها و هي مرعوبة ..


أحمد كان مستلقي على السرير ، يشاهد الفيديوا ايضا ، و عيناه تسترق النظر لجميلة..ليلاحظ تعابير وجهها و ما ردة فعلها ؛ هل هي مستعدة ؟ هل اعجبها انسجامهما بالفيديوا ؛ تلك الاصوات المثيرة هل اشعلت داخلها !


نهض أحمد من على السرير و ذهب لاغلاق التلفاز ؛


التفت ناحية جميلة و قد بان عليه الانتصا ب :

1

"حبيبتي ما رايك بالفيديوا ؟ هل اعجبك"
كان يتقدم نحوها ، بخطوات ثابتة ؛ منتص.ب تماما ...في سكون و تحجر شديدين من جميلة التي اغرقها خجلها و سيطرت على تعابير وجهها المفاجأة .

1

عانقها أحمد بشدة و راح يقبلها في كل مكان بشهوة كبيرة ....كان يتحسس جسمها المثير من كل مكان ! و هي مستسلمة له تماما ...نظر لها قائلا :


"هل اعجبك هذا ؟ حبيبتي اتعلمين ماهو اكثر شيئ احبك فيكي من اول مرة رايتك فيها امام باب الاقامة الجامعية و يدفعني للجنون بشدة ؟"
تابع كلامه في صمت من جميلة :


" جسدك الفاتن " ..و هو يسحب الكريمه من فوق الطاولة ..


واصل أحمد تقبيل جميلة و شدها اليه بقوة ، افرغها من كل ملابسها ...و هي مستلقية على السرير دون حركة ..كميتة .



تاملها أحمد في جنون ...كانت عا رية تماما امامه كلوحة بها كل مفاتن الدنيا ...

1

اغلق نور الغرفة و ذهب نحو السرير و بيده القليل من الكريم ..


رغبة أحمد بخلفية جميلة فاقت كل التوقعات ،فقد احتضنها بقوة مرة أخرى و بدا بتقبليها بشدة ! لم تستطع جميلة ان تفعل شيئ ؛ كل ما في بالها ان تقدم لاحمد كل ما يريده و ترتاح ؛ فلا مفر لحسون جميل مكسور الجناح من ذئب جائع في غابة مطرية دامسة الظلام .


عادة الرجال بمنطقتنا يهرعون للتاكد من شرف زوجاتهم ...و ابراز رجولتهم ... ولا سبيل لهذا الا بتبليل تلك القماشة البيضاء بقطرات دم ! فألم العروس و رغبتها بذالك غير مهمان اطلاقا في ليلة كهذه .


لكن أحمد كان عكسهم تماما ..


اخذ بيد زوجته الى علبة الكريم ! ارادها ان تدعك ذكره به ...وافقته في شهوته ! غير مقتنعة بما تفعله.


ظهرت علامات الاستمتاع على أحمد :


"انتي رائعة ، احبك واصلي "


ثم باغتها فجأة بقبلة عجيبة ! ولفها نحو ذكره المكسوا بالكريم اللزج ..بعدما كان قد نزع منها ما تبقى من ملابس داخلية على جسمها .


اقعدها على راحة السرير ؛ و هي مستسلمة للغاية ..اوسع قدماها , ليسمع جميلة وقد بدات بالنحيب خائفة :


"لا أنا خائفة يا أحمد ارجوك توقف " ..


فقال لها و الضحكه على محياه :


"لا تخافي ، الم تشاهدي الفتاة التي كانت بالشريط ! كانت مستمتعة جدا ؛ و انتي ايضا ستحسين بحلاوة ؛ انتظري و سترين ..."







سعادة ابليس ..


كان أحمد سعيد للغاية و هو يتحسس جسمها و خلفيتها على وجه الخصوص ..


أخيرا استطاع ان يملكها ، فالبنسبة له كانت بعيدة المنال ولن يكن بمقدوره ان يصل لها دون زواج ؛ فعائلتها معروفة جدا و قوية .


وضع القليل من الكريمة مرة أخرى على الفتحة هناك ....وبدا بنفس اللحظة بدعك فر جها الزهري في جنون .


احست حينها جميلة بنوع من الراحة و المتعة ؛ قشعريرة اجتاحت جسمها كله ..واصبحت تتفاعل بشكل لا ارادي مع أحمد ..تساعده في الدعك من الامام ! اشتعلت نارهما بعدها بلحظات ، اذابتهما في مقتل ..


ادخل احمد كل عضوه بالداخل ..من الخلف !


احست جميلة و كان سكينا شقتها .


الألم سرعان ما بدا بالاختفاء لتحل محله نار المتعة ..


واصل أحمد بما بداه قبل قليل:


"حبيبتي استرخي ٫ لا تقاومي ! ساجعلك اليوم ملكةعلى كل نساء الارض"'


نام على ظهرها و هو يحتضنها بقوة ! احست جميلة برجولته ..وقامت بعناق يديه و الضغط عليهما ؛ ارادته ان لا يتوقف أبدا و تبددت كل مشاعر الكره ..فهذه اول مرة لها بحضن رجل ..


الساعة (6.45) صباحا ..


افاقت جميلة من النوم بعد ليلة صعبة جدا بحضن زوجها أحمد ...ابعدت يداه من عليها و راحت تنهض من الفراش ..


ذهبت نحو حقائبها لتفتش عن اي رداء ؛ ترتديه فقد كانت عا رية تماما ..فاحمد لم يعطها اي فرصة البارحة لتوضيب ما جاءت به من منزل عمها...


ارتديت ما سقطت عليه عينها ، ثم راحت لتستكشف المكان ؛


"مثل اجنحة القصور القديمة " هكذا كلمت نفسها جميلة و هي مندهشة من جمال شقتها ، فاحمد ثري و قد جهز المنزل بكل المستلزمات لحياة زوجية مريحة ..


فرحتها بجمال البيت شجعها على دخول المطبخ من اول يوم و إعداد القهوة لزوجها ! فالان هي لوحدها ، لا توجد بجوارها زوجة عمها التي كانت تجهز كل شيئ ..رغم قسوتها معها إلا أنها قامت باعطائها كل أسرار الطبخ و المطبخ ...


وهي تبحث عن القهوة ..عانقها أحمد برغبة شديدة ! كانت متفاجئة منه ؛ فقد تركته نائما ..
ادارها نحوه ..و همس في اذنها قائلا :


"لماذا لم توقضيني ؟ "


راح أحمد ياكلها كتفاحة من رقبتها ، بشغف كبير ، يشدها من اردا فها و بقوة ! استسلمت جميلة له ؛ و هي تتذكر احدى نصائح صديقاتها " عندما يطلبك زوجك ، كوني له حتى وإن كنت غير قادرة او راغبة به ؛ هذا هو مفتاح كل رجل "


ماهي الا لحظات حتى اخترقها للمرة الثانية ! و فوق طاولة المطبخ في وضعية مؤلمة جدا لها !


كانت تتمنى ان يفكر بها من الامام ؛ فهي لم تنسى تلك المشاعر التي سكنت بها لما دعكها .....من
فر جها الزهري


كان أحمد يهز بقوة ! و جميلة تصرخ من الألم !


حتى فقدت وعيها ..





اللقاء الاول مع رغبتي المحرمة !


حملها احمد نحو غرفة النوم و هو مرتعب ! من ان مكروها قد حدث لها ..


خرج من شقته لينادي جاره ..كانت الساعة 8.30..


دعى **** ان يجده هناك ..


رن جرس منزل جاره ، وماهي الا ثواني حتى فتح بابه ..


"فريد زوجتي اغمي عليها ولا أدري ماذا افعل ارجوك ساعدني .."


اجابه فريد في عجاله " حسنا لنذهب و نرى, لا تقلق "


فريد طبيب عام بمستشفى المدينة ، جار لاحمد منذ سنوات ، اعزب بيتوتي ؛ يجيد الطبخ كثيرا لطالما انجد أحمد بعدة اكلات ؛ فهذا الاخير لا يحب اكل المطاعم ! على الرغم من أنه رجل اعمال معروف و لديه تجارة ناجحة جداا..

1

" تفضل من هنا يا فريد ..."


تحجر فريد للحظات في مكانك قبل أن يباشر معاينة جميلة ، سحره مضهرها من اول نظرة ! فعباية نومها السوداء ذات التطريز المتقن جعلتها كالاميرة النائمة ..اما عيناها فهما السماء الزرقاء ايام الربيع ..بعد ان كشف عليها و جس نبض قلبها ؛ لم يذهب من مخيلته الخانة التي كانت مرسومة على رقبتها ..


طمئن زوجها عليها ..قائلا :


"لا تقلق يا أحمد ، مجرد إجهاد بسيط ؛ ستستيقظ بعد قليل ، فنبضها جيد و كذالك نفسها..."


غادر فريد شقة جاره ، و في مخيلته كانت اجمل امراة رآها في حياته ! سحرته جميلة بتفاصيل شكلها و لون عيونها .


بعد ساعة ..


استيقضت جميلة و أحمد فوق راسها ؛


"ما الذي جرى .."


اجابه زوجها و هو يمسك بيدها :


" لا تقلقي ، مجرد إجهاد يا حبيبتي ، فقط ساعات و ستصبحين بافضل حال.. "


لم يخبرها أحمد ، بمجيئ الطبيب فريد ...تاركا كل شيئ للصدفة !


خرج أحمد من الشقة ، ليشتري بعض اللوازم للمطبخ و يطلب الغداء لزوجته ! فهي على الفراش اليوم ولا يظنها قادرة على الطبيخ..





وسوسه ابليس للمسكينه ..


الساعة الان 11.30


دقات خفيفة تكاد لا تسمع على باب شقة جميلة و أحمد ..في البداية لم تكن متعاقبة و كأن الطارق خجل او خائف من شيئ ما ، لكن بدات تتواتر و بقوة ..سمعتها جميلة فقامت من على السرير متوجهة نحو الباب !


" من الطارق ، أحمد ؟ "


في البداية ظنت بانه زوجها لكن سرعان ما اجابها صاحب الدقات الخفيفة :


" انا فريد جاركم ، آسف ربما ازعجتك " كان في صوته بحة مريحة ذكرت جميلة بصديق لها في الجامعة ، كان معجبا بها جداا و دائما ما كان يساعدها في استيعاب الدروس عندما تتاخر عن الحضور او تغيب لايام !


فتحت جميلة الباب دون تردد ! واذا بها تندهش به ، لم تتصور ان جارها بهذه الوسامة ؛ طويل مع ذقن منحوت ، يعلوه انف صغير حاد اما عينيه فهما بنفس لون عينيها زرقاوتين مثل السماء الصافية ..ترددت للحظة ثم سالته :


"مرحبا ، هل تريد شيئا ؟"


كانت خجلة جداا بتعابير هادئة و صوت رقيق خافت فالتعب تمكن منه ..


ذهل فريد للمرة الثانية بما تراه عيناه ؛ صور جميلة و كأنها حور عين ؛ اميرة من اميرات ديزني !


اجابها ..:


"لا ، لا شيئ فقط احتجت أحمد في موضوع ، اظنه ليس هنا " قال هذا و هو يتفحص جسمها بعينيه الذابلتين و يحك شعره بيده ...كانت هذه شرارتهم الاولى ..


ردت عليه بخجل ..:


"لا ليس هنا ، فقد خرج قبل قليل "


ثم اغلقت الباب باستحاء شديد ، فقد وترتها نظراته و قوامه المثير ..اسندت ظهرها على الباب قائلة :


"يا الاهي ما هذه الوسامه ، لم يسبق لي ان شدني رجل اليه هكذا ولا حتى زوجي " ..


من اعجابها الشديد بفريد ، رمته في مقارنة مع زوجها و كان هو الرابح من اول جولة ..
.




اسبوع الرغبة ..


بعد اسبوع زواج ...


بدا الروتين بدخول حياة الزوجين ، فاحمد يغادر المنزل باتجاه العمل كل صباحا ، تاركا وراءه جميلة التي تستيقظ قبله لتعد له الفطور ثم تودعه امام الباب ، لتلتفت لاشغال البيت من تنظيف و طبخ ..


صباح الخميس الساعة 7.50 ..


استيقظ أحمد مسرعا ..فقد تاخر عن العمل..فاليوم هو مهم بالنسبة له ؛ فبعد حوالي ساعة لديه اجتماع مصيري مع شركاء جدد ..


"جميلة ، انهضي اسرعي لقد تاخرت كثيرا "
نظرت جميلة له بنصف عين و هي تتثائب ؛


قائله :


"ماذا هناك يا أحمد ، انا نعسانه ..اليس هذا يوم راحتك ؟ "


اجابها و هو يرتدي ثيابه في عجل ..


"لدي اجتماع مهم مع شركاء جدد ..نسقنا لهذا البارحة عبر الهاتف ونسيت ان أقول لكي، هم في طريقهم الان الى الشركة هيا .."


أحمد يتبرك بقهوة جميلة و بوجهها الحسن ؛ فبعد اسبوع من زواجهم قفزت مبيعات شغله بالعقارات الى حوالي الضعف ! فهو لا يستطيع مغادرة المنزل دون شرب قهوتها ، او مرافقتها له و توديعه عند الباب بقبلة !


اعدت له جميلة القهوة في ثواني ..و راحت كعادتها ترافقه الى الباب ..


"أحمد ماذا اطبخ لك اليوم للغداء ؟"


اجابها وهو يرد على الرسائل دون انتباه ؛


"كما تريدين يا حبيبتي ، لا يهم ذالك "


فتحت جميلة الباب ليخرج زوجها من الباب بسرعة كبيرة بعد قبلة حارة منه لها ..


اصطدم أحمد بجاره فريد الذي كان يحمل كوبا من القهوة و هو متجه الى باب منزله ...سقطت القهوة امام شقة جميلة لتلطخ كل الارضية ...


صاح فريد قائلا بارتباك شديد :


"آسف ، لم انتبه لخروجك "


لتتدخل جميلة و تحاول تلطيف الأجواء ! ظنا منها انهما لا يعرفان بعضهما ..


" صباح الخير ، لا تقلق فقد نزل الخير ! سانظفه بعد قليل "


ففريد كان مسافرا لاسبوع خارج المدينة في رحلة عمل باحدى المستشفيات هناك ..لذالك لم يخطر على بال
جميلة معرفة زوجها به





ثاني لقاء للرغبة...


أحمد لم يكن مهتما بما يحدث من حوله ، كان مغيبا تماما ! واقف يرد على ايميلاته باهتمام شديد ..فلحسن الحظ القهوة لم تأتي على ثيابه و هذا ما جعله يكمل مراسلاته .


على جانبه و ببضع سنتميترات كانت هناك مبارزة عاطفية ! ففريد كان كان ينظر الى جميلة بشوق شديد ، يتفحص خانتها و قوامها الممشوق ..هي ايضا كانت تاخذها عيناها الى تفاصيل تحبها به الذقن المنحوت و و انفه الصغير الحاد ..


قاطع أحمد بعد ذالك خلوتهم العاطفية ..و هو يقبل زوجته بحرارة شديدة :


"عزيزتي لقد تاخرت ، أراكي على الغداء ..فريد هل انت نازل ؟ ! "


اجابه فريد بدهشة و كانه كان في عالم اخر ..


" لا ، لا لدي بعض الأعمال في المنزل ، يوم موفق "


و راح يفتح باب شقته و العرق يتصصب منه ؛ فجميلة اشعلت رغبته المدفونة منذ اكثر من اسبوع ، قبل آخر لقاء بينهما ..


خرج أحمد مسرعا نحو عمله ، بينما جميلة تركت باب الشقة مفتوح و ذهبت لجلب بعض من الماء لتنظيف القهوة ..


عصبت شعرها ..و راحت تنظفها ، كان صدر ها الرطب يرقص و هي تحرك القماشة ..لتتفاجاة بفريد امامها و بيده قطعة صوف بالية ! يبتسم بوجهها ..


"اتركي عنك ذالك ، سانظفها ! فأنا من سكبتها على امام بيتكم "


تجمدت جميلة بمكانها ، كل نظاراتها ذهبت لشفاهه ؛ و هي تتحركان ! للحظة ر غبت بهما ..


لاحظ فريد ذالك ؛ رغم ان الاضاءة بالمكان كانت غير جيدة تماما ...فالمصابيح لها نظام بالعمارة ؛ تنار بالمساء بعد الغروب مباشرة و تنطفئ صباحا ....


تجمد في مكانيهما ..يحدقان ببعض ! و درجات الرغبة في تزايد مستمر ....
لكليهما






بكاء الرغبة ..


فريد فقد السيطرة على مشاعره ، فصد ر جميلة المثير و شفتاها الورديتان عجلوا بسيلان لعابه ..


تأمل تلك الخانة الموجودة بالجانب الايسر لرقبتها و تمنى ان يملكها ولو لمرة بين شفتيه ، ان تكون ملكه و لو لثواني فقط..


كله هذه التخيلات و هو يقترب منها ...


جميلة لم تحرك ساكنا ..كانت تحترق بنار رغبتها ..لم تلحظ فريد و هو يقترب منها ..


افاقت و فريد يقبلها بحرار ة ؛ فتحت عيناها باندهاش شديد ثم اغلقتهما للحظات..


كانت تستمتع بانفاسه ! بمذاق لعا به ...كانت هذه اول قبلة تحرك بها كل هذه الاحاسيس ! تمنت لو انها لم تنتهي او انها جاءت في ظروف اخرى ..


و في رد مفاجئ منها ..كان عقلها قد ارجعها من ارض الاحلام الى الواقع ..دفعت فريد على الارض قائلة :


"ماذا تفعل هل جننت ، من تحسب نفسك "
بصوت غير مقتنع بما تقوله ، كان شيئا غير منطقي يجبرها على ذالك ، بالقوة ..ربما هو الخوف .

رمت عليه قطعة القماشة تلك و اغلقت باب شقتها بقوة ..

1

فريد لم يهتم بما قالته له ، فهو متاكد بانها تريده مثلما هو يريدها و بجنون ..


كان يمسح شفته السفلى بابهامه ..متلذذ بالطعم الذي كان عليها ...لم يسبق له أن قبل امراة قبل اليوم ...هذه هي قبلته الاولى ..


مسح الارضية بسرعة ثم مشى و هو ينظر الى المكان الذي جمعه بجميلة ، يبتسم و الفرح يغمره ! غير مصدقا بما حدث ..


جميلة ايضا جرت الى الحمام و اغلقت بابه عليها ، غير مستوعبة للامر..تتحسس شفتيها و هي خائفة ! ثم قامت بسرعة تغسلهما
، كانت تبكي ...كأن داخلها تمنى بان يكون فريد هو زوجها و ليس أحمد ...






رغبة الروح ...



شعرت جميلة بآلام حادة اجتاحتها و هي على ارضية الحمام ..يبدوا انها تقلبات العادة الشهرية فهذا هو وقتها ..


استرجعت انفاسها بصعوبة ..حملت جثتها و ذهبت باتجاه المطبخ ! لتعد شاي الاعشاب ، تهدأ به اعصابها فهذه هي عادتها كل شهر ..


تذكرت أحمد و هي تشعل الغاز ؛ لتضع ابريق الشاي !


"يجب ان اعد الغداء ايضا ، فاحمد في الاجتماع الان و سيعود الى المنزل جائعا ؛ أنه يحب بطنه كثيرا كسائر الرجال المتزوجون "


تنهدت ، فتحت الثلاجه لدقيقة ..قبل أن تقرر بان الغداء سيكون طبق الملوخية ..فهو سهل الإعداد و مكوناته موجودة ولن تستغرق الجهد الكبير ....


بعد ساعة و نصف ...


كان المطر غزيرا ، فنافذة المطبخ تطل على الجانب الخلفي للعمارة ، المحاطة باشجار الصفصاف الحزينة...كانت جميلة تتاملها و هي تتناول ما تبقى من الشاي ..كان الألم يراوح مكانه ..


رن جرس المنزل ..مرة واحدة فقط


"هو زوجي أحمد ، و هي تحدث نفسها "
ذهبت لتفتح الباب و خطواتها متثاقلة ! واذا به يغمرها اليه بشدة ؛


"حبيبتي ، لقد وقعت عقد شراكة جديدة ...


قبلها ايضا ...من خجلها الشديد و خوفها من ان تنغص عليه فرحته لم تخبره بمرضها..


"عزيزي هل اسكب لك الغداء "


سالته بصوت تعب ، لم يلاحظه قط ، فالفرح كان يغمره :


"ماذا طبختي ؟ مولوخية ..أكيد ساغسل يدي و الحقك "

لم يسالها حتى ما بها ! فقد كان واضحا عليها المرض ..


وجهها مصفر و يداها ضعيفتان بالكاد كانت تستطيع حمل جثتها..!


عادت للمطبخ ، لتحضر المائدة و الهدوء راسم
على وجهها .







وساوس
ابليس ..


بعد عشرة دقائق ..


كانت أحمد يقضم الاكل بسرعة ..دون مضغ جيد حتى نبهته جميلة لذالك ؛

"أحمد امضغ جيدا والا ستصاب بمغص "


قابلها بابتسامة ساخرة ؛


"الملوخية لذيذة ، و انتي ألذ يا حبيبتي "


اكمل اكله بشراهة كبيرة ؛ كأنه جائع منذ ايام ..ربما فرح الصفقة الجديد زاد من شهيته للاكل..


لحظات بعد ذالك اصيبت جميلة بتشنج ، جعلها تعتصر آلما امام ناظري أحمد ..لكن سرعان ما زال ..


"مابك حبيبتي ، هل اصابك برد في الامعاء ؟ ام مغص او ماذا ، كنت تنصحينني قبل قليل و اذا بك تشكين من نفس الحال الان "


ردت عليه جميلة بانفاس تعبة متقطعة ، وهي تطلب منه ان يناولها الابريق الذي وراءها ..


"انها العادة الشهرية ، ناولني ابريق الشاي الذي وراءك يا أحمد "


كانت جميلة تصر على ان تذكر اسم زوجها في أي محادثة تجمعها معه ، هي تقدره جدا رغم اخطاءه !


فزوجها اصبح عائلتها الوحيدة الان ؛ فبعد ان عنفها عمها و اوقفها عن الدراسة ! وعدها أحمد بان تستانفها العام المقبل ؛


فهي الان تتامل فيه خيرا ولا ترفض له طلبا من أجل هذا ....


احمد زوج طيب ، هكذا تراه جميلة ، هي فقط مسالة الفراش و الحميمية من تقتل حياتها معه ..


"لدي الحل المثالي لمعاناتك يا حبيبتي ، نصف ساعة فقط و سيزول كل ألمك "


تفاجات جميلة من تفاعل أحمد على مشكلتها ..


ظنت في بادئ الامر أنه سياخذها لطبيب او لديه دواء معين ...


ربما سيقوم بجلسة تدليك لها كما كانت تفعل احدى الصديقات بالاقامة الجامعية فهذا يزيل التوتر و يبعث على الإسترخاء ...


لم يخطر ببالها للحظة ! بانه سيعاشر ها
...


يتبع
♥️











حقارة ابليس ..


اكمل أحمد غداءه بسرعة كبيرة...ليطلب من جميلة بان ترتاح في الغرفة الى حين رجوعه الى المنزل ..


"حبيبتي ساخرج لدقائق ثم اعود , ارجوك اذهبي لترتاحي و لا تنسي ان تضعي القليل من عطر شانيل عليكي ؛ فأنا أحب أن اشمه و انا داخل نعطي الى جنتنا "


استغربت جميلة من طلبه ؛ لكن لم تطل تفكيرها كثيرا ، اعتبرته مجرد حماس زائد من زوجها خاصة بعدما حقق صفقة جديدة اليوم ..


جمعت الأطباق و نظفتهم في إستعجال ، فهي تريد ان ترتاح لاحساسها بالتعب الشديد وليس حبا في زوجها ..


دخلت غرفة نومها ، وضعت القليل من العطر عليها بعدما اخذت حماما قصيرا ، فلربما رائحة الطعام كانت عالقة بجلدها لذالك نبهها أحمد الى ضرورة التعطر ..هكذا عاتبت نفسها ..


حبات المطر كانت تضرب النافذة بقوة ، لتؤكد قساوة الجو في الخارج ..


عاد أحمد الى الشقة ! و بيده كيس اسود لا تعلم جميلة ما فيه ..وجدها مستلقية على ظهرها في استرخاء شديد ...


"حبيبتي قمتي باخذ حمام ؟ ما هذه السرعة ! تبدين رائعة الان .."


راح أحمد ينزع قميصه المبلل بالمطر ؛ ثم في سرعة منه قام بتغيير مصباح الغرفة الى اللون الاحمر ! ليضيئ عليهم انوارا بنفس اللون ..ثم وجه سؤالا لزوجته ؛


"حبيبتي ، هكذا احسن اليس كذالك ، المطر خارجا و النور الاحمر يصب علينا ؛ اجواء رومانسية كم هذا رائع "


ابتسمت جميلة ! فعادة زوجها لا يقوم بهكذا حركات ! و يفاجأها ..


رمى أحمد سرواله على الارض ! جميلة لم تنتبه له فقد كانت تضبط منبه ساعتها...حتى باغتها أحمد و هو يحتضنها بقبلات حار ة ..

1

"أحمد ماذا تفعل ، هذا ليس وقته ! انا مريضة الا تدرك ذالك ؟


اجابها و صوته كله شهو ة ..


"سترتاحين من مرضك بعد قليل ، أعدك بذالك ؛ فقط استرخي هيا يا جميلة لا تصعبي الامر "


لم تعلم جميلة ماذا تفعل ؟ هل تهرب منه ام تستسلم له كعادتها ....لم يكن في مقدورها اتخاذ شيئ ؛ فاحمد كان قد فتح رجليها و بدا في دعك رغبتها الزهرية ! بأ صابعه المبلله باللعا ب...كانت جميلة قرفا
نة منه ! فلم يكن عندها اي رغبة خاصة و هي بهذه الحالة ..



جرح المقاومة..


حاولت جميلة بعد ذالك ان تقاومه بيديها الضعيفتين ! لكنها لم تقدر فقد كان أحمد يمسكهما بقوة و هو يعض صدر ها بلذة كبيرة ..


ماهي الا لحظات حتى خارت كل قوة عند جميلة ، كانت فقط تشاهد وجه زوجها المريع و هو يداعب حلما تها ..ياخذ من كل شبر في جسدها قبلة !


كانت تتمنى ان يكمل فقط ما بداه و يتركها في حال سبيلها ..


حتى أنها امتنعت عن الكلام او إصدار ترانيم الوجع تلك.. لم تكن المتعة ...


حتى بدات الدموع تنزل من عينيها...و هي تردد داخلها عنوانا واحد لهذه الليلة " زوجي ياخذني بقوة و انا في هذه الحال "


تناول أحمد الكيس الذي جاء به من الخارج ..فتحه بسرعة كبيرة ..و وضع ما به على عضو ه..


واقي ذكر ي ! هذا ما كان بالكيس الاسود ؟ و ما استدعى أحمد ان يخرج من المنزل لاجله في عز ما كانت المطر تغزو الارض ..


همس باذن جميلة قائلا :


"استرخي فقط ، لن نتاخر أعدك بذالك "


جميلة كانت في عالم اخر ؛ لم تركز على ما كان يقوله ..دموعها على خدها ! كمشهد من فيلم حزين قصته رجل يغتصب فتاة و هو يبرر ذالك بحبه الشديد لها..


احست جميلة بسيف يذبحها من الامام ؛ لكن سرعان ما توالت ضرباته ! بقوة شديدة ..حتى تمكن منها وجعها و بدات تصرخ بين ذراعي أحمد :


"توقف ، هذا مؤلم جداا ! انا لا أستطيع ارجوك "


صراخ جميلة بوجه زوجها ! جعل عدد الضربات تتوالا و تزيد بسرعة ..


كان صوت انفاس أحمد هو بطل المشهد ....إستمر ذالك لدقيقتين بعد ! ثم توقف فجأة تحت صوت وجعه ! و كانه كان يخرج سكينا من جسمه..


قام أحمد من فوق جميلة و توجه نحو الحمام ، اما هي فاستدارت على جانبها
الايمن ، تبكي و هي تضع يدها على فمها رعب و ذهول ..



ايام ..بعد



افاقت جميلة في صباح اليوم التالي ، و لم تجد زوجها بجانبها على غير العادة ؛ فلطالما ايقضها لتعد له فطور الصباح .


كانت عضامها تشكوا و كان شخصا قام بضربها بالمطرقة ..


كانت تنظر للسقف و هي تسترجع بضع تفاصيل من الليلة السابقة ، كيف كان أحمد ياخذ ما يريده بالقوة ! دون ان يراعي الظرف الذي كانت فيه ..


نظرت للساعة و اذا هي 13.50


لم تراوح مكانها قط بل قامت تجري بكل ذالك الثقل لتاخذ حماما و تنظف السرير الذي كان في حالة يرثى لها ..


نظرت لمرآة الخزانة فلم تعرف نفسها ، ملامح باهته ، بقع دم هاربة من قدميها بشعر مخبل تماما و كأنها كانت في حرب وليس في مطارحة للغرام مع زوجها ..


سالت نفسها و هي تنظف "أحمد لماذا لم يوقضني ؟و لماذا لم يتصل بي على الغداء ان كان سيتاخر هكذا ! كانت تكلم نفسها باستغراب شديد..

1

قبل أن تدخل للحمام...


بعد نصف ساعة تقريبا ..


رن جرس الشقة لمرة واحدة فقط ، كانت جميلة تعدل شعرها ؛ اعتقدت بانه أحمد فخرجت من غرفتها نحو الباب لتفتح له ، كانت شبه عا رية بشعر مبلل ، كانت قد لفته بمنشفة الحمام حتى لا يصيبها البرد...فتحت بعجالة ! دون ان تتفحص من الطارق ، و اذا به جارها فريد ..دخل عليها فجأة دون مقدمات !


تراجعت جميلة برعب الى زاوية الباب ؛ وهي تتامله بدهشة شديدة ثم صاحت فيه خوفا :


"ماذا تريد ، الى أين انت داخل؟ تراجع ارجوك "

لم ينتبه فريد لما قالته فتركيزه كله ذهب الى جسدها المكشوف ؛ و بدا يقترب منها بسكون تام !


حتى اصبحا متلاحمين ؛ اغلق الباب و راح يهمس باذنها :


"لم اجدك هذا الصباح ، فقلقت عليكي هل انتي بخير "


كان يضغط عليها بجسمه ، احدى يديه على الباب اما الاخرى فكانت تلعب بشعرها الذهبي وهو يشمه


جميلة كانت تنظر اليه باندهاش شديد ؛ قبل أن تخرج اصوات من الطابق العلوي لتعلن استقلالها من رغبته الشيطانية الخاطفه ..


خرج فريد بسرعة من المنزل ..و اغلق وراءه الباب !


كانت جميلة تراوح مكانها ، جامدة عند الزواية هناك ! فقط سؤال خرج من داخلها يقول " هل ما حدث حقيقي ام أنني اتوهم ؟ ..





خوف الرغبة ..


عزمت جميلة بعد هذا ان لا تفتح الباب لأي أحد ، حتى لزوجها فهو يملك المفتاح الخارجي ..للشقة .


حل المساء ، دخل أحمد الى المنزل بعد ان بقي لدڨائق في الخارج يرن الجرس و يضرب بيده على الباب بقوة ! حتى نادى على جميلة باسمها !


لهذا الحال اوصلها ، خافت ان تصارح زوجها بما حدث ؛ بمضايقة فريد لها ....فالرجال لا يخطئون عندما يتعلق الامر بمسائل الشرف ، هن النساء فقط الملومات على ذالك ..


"عزيزتي مابك لماذا لم تفتحي الباب ؟ هل لازلت مريضة ؟"


و هو يحدق بزوجته باستغراب شديد ، فعادتها ان تفتح له الباب و من اول ثانية يرن الجرس بها ..


اجابته بحذر شديد..

"حبيبي ، لماذا لا تأخذ معك المفتاح ؟ فاحيانا اكون بالحمام او على طاولة المطبخ اعد الطعام و انا حاملة لسماعات الهاتف على اذني ! قد لا اسمعك ، خذ المفاتيح في المرة القادمة ..سيكون ذالك احسن ..قالت له ذالك و هي تعانق ذراعه الايمن و تطبطب على صدره !


زارتها رائحة غير مؤلوفة كانت عالقة بمعطف زوجها ؛ عطر نسائي سكري جدا ! لم ترغب بسؤاله عنه ،خمنت أنه التقطه من احد الإجتماعات التي يقوم بها ..


اوصلت زوجها للغرفة بابتسامة و اهتمام شديدين ، اخذت منه معطفه و حقيبته ..علقتهما ثم طلبت منه ان يغسل و يرتاح الى حين تحضير الطعام ... كل ذالك كان محاولة لمصالحة ضميرها الذي لازال يلومها على ما حدث صباحا مع فريد ....


لم يتفطن أحمد للتغيير الكبير الذي حدث على زوجته ، بينما هي العكس فقد لاحظت غياب زوجها المتكرر على الغداء ! اصبحت تتناوله لوحدها و أحيانا تقوم باعادة تقديمه على العشاء بعد تسخينه !


اصبحت جميلة سجينة المنزل ..ربة منزل تقليديه..هي فقط مضايقات فريد من كانت تكسر روتينها اليومي ، فهو لم يستسلم بقي دائما في نفس الموعد يرن جرس ييتها و ينادي باسمها بصوت خافت جداا ! علها تفتح له الباب ..لكنها رفضت كل محاولاته ..تعد الساعات لعودة أحمد للبيت ..


الى ان مر على هذا الحال شهر بالضبط
..



ايام ..



تعاقبت الايام على جميلة و هي على نفس الحال جليسة البيت من المطبخ الى الصالون ، يسليها فقط التلفاز ..


إستمر غياب أحمد على الغداء و على فراش جميلة ايضا ، فهو لم يمسسها لأكثر من شهر ؛ فقد كانت آخر مرة ، هو اليوم الذي طارحها بقوة ..


الساعة الان 8.18 صباحا ..


استيقظت جميلة و أحمد ليس بجانبها كالعادة ؛ احست بتوعك على الرغم من انها كانت نائمة لمدة تزيد عن العشر ساعات ، فالنوم يساعدها على تمضية الوقت !


توجهت نحو المطبخ لإعداد شاي الاعشاب ..كان الجو ماطرا...لاحظت ذالك و هي تمسح شباك المطبخ من الضباب الذي كان على سطحه .

1

" يا الاهي لقد نسيت ان اطلب من أحمد ان يشتري لي خلطة الاعشاب هذه ! لقد استهلكتها كلها ...حتى القهوة لا احبها ، فهي تبقيني مستيقظة لساعات متاخرة من الليل .."


كانت جميلة تحدث نفسها ، قبل أن تقرر في لحظتها أن تخرج من البيت لشراء ما ينقصها ؛ فاحمد لن يكون على الغداء ، و هي فرصة لتستكشف المدينة و محلاتها .


خرجت كالسارق من بيتها ، بهدوء شديد ! حتى لا يلاحظها فريد و يبدا بحملة مضايقاته لها ...قطعت الطريق الرئيسي متوجهة نحو موقف سيارات الاجرة فلا بديل عنهم الان , هم يمتلكون كل مفاتيح النميمة بالمدينة , يعلمون كل تفاصيلها من محلات و غيرها من الأمور المهمة التي يحتاجها الانسان في حياته اليومية.


لم تكد جميلة ان تصل الى ركن السيارات هناك حتى اوقفتها سيارة ، لم تكن كمثيلاتها ، لها لون و طراز مختلف ..


"هل تريدين توصيلة يا سيدتي ؟" صاح عليها صاحب السيارة ..


كان المطر غزيرا و الطريق موحلة ..ركبت دون تعقيد منها للامور ! وانطلقت السيارة بعد ذالك بسرعة كبيرة ..


"اريد ان اذهب الى. اقرب محل اعشاب من فضلك "كان هذا اول كلام توجهه جميلة الى السائق ، فهي لم تنظر حتى في وجهه ، راحت مسرعة تخرج من حقيبتها منديلا ورقيا و بدات تنشف به قطرات المطر العالقة بشعرها ..



صدمة كبيرة ..


اسمي لؤي ..


هذا اول ما قاله سائق الاجرة لجميلة ..


رمقته بنظرات كلها وقار و اعجاب ، فلؤي له مظهر رائع ..حتى أنها تفاجات بعمله ..من يلحظه عن قرب يظنه احد نجوم السينما لما يتمتع به من مقومات جذابة ..!


بعدها بنصف ساعة ..


انعطف لؤي باتجاه الطريق الجبلي بعدما كان قد صارحها بوجود بائع للاعشاب هناك ، عنده كل كنوز الدنيا من ما تنبت الارض !


و هو يجري للمكان المقصود ! صعقت جميلة بما راته !


زوجها احد على قارعة الطريق و بسيارته فتاة ؛ يقبل بعدها..


ادارت وجهها تتاملهما و هما يبتعدان عنها ..ظنته للوهلة الاولى حلم ، او ربما هذيان الحمى الشتوية لكن لم يكن كذالك أبدا ..


ثواني بعد ..


تفطن لؤي لما شاهدته جميلة و قرر ان يصارحها بلغز هذا الطريق و بالمعلومة التي يجهلها زوار هذا المكان من الاجانب ؛


"سيدتي لا تستغربي ، فهذا الطريق يطلق عليه باسم درب الحب الممنوع ، فيه يلتقي العشاق و الخائنون .."


"ماذا ؟ " اجابته و عيونها تعتصر ألما ..


لم تتصور جميلة بان التغيير الذي جرى على زوجها طوال هذه المدة و بعد ايام فقط من الزواج سببه 'درب الحب الممنوع ' أين يلتقي عشيقته وقت الغداء ..كانت ضربات قلبها تنطلق كالرصاص الى مسامعها ، انفاسها بدات تذهب و كأنه سيغمى عليها ..


"ارجوك اطفئ التكييف" طلبت هذا من لؤي و هي تشد على صدرها ...ليتفاجئ لؤي بتطورات الامور و يحاول تهدئتها ..فقد لاحظ من تصرفاتها بان صاحب السيارة تلك يكون احد معارفها او ربما زوجها ..


"سيدتي ماذا هناك ، انتظري قليلا لقد وصلنا "
ركن سياراته امام العشاب و نزل في سرعة كبيرة ليساعدها ، فتح الباب و ناولها يده.


استندت جميلة على لؤي ..و جلست على احدى الكراسي الخشبية المرصوصة هناك امام ساحة دكانة الاعشاب ..قدم لها لؤي بعض الماء ، و هو يطمئن عليها ..


"هل انتي بخير ؟ هل تحتاجين لشيئ"


قررت جميلة ان تستجمع نفسها بقراءة بعض التوكيدات كانت قد تعلمتها سابقا ..نهضت من على الكرسي بقوة و ثبات و كأن شيئا لم يحدث , نظرت بوجه لؤي قائلة :


"شكرا انا بخير ، ربما التكييف جعلني اختنق ساشتري لوازمي و ارجع ، لا تذهب الى اي مكان ، ساعود معك .."


كانت تبتسم باصطناع شديد و داخلها يتآكل ! في حيرة
من لؤي الذي لم يفهم شيئا ..



درب الحب الممنوع..



تملكت جميلة مشاعر كانت قد غادرتها منذ زمن ، قبل عشرين سنة من الان ، تلك الايام التي عقبت فقدانها لوالديها بحادث مرور آليم ..


الساعة 15.15


كانت جميلة في طريق العودة مع لؤي بسيارته ؛ نظرت اليه بعيون مكسورة حزينة ..و بصوت يحمل كل احزان الدنيا.. سئلته ؛


"هل يمكننا ان نسلك طريق آخر .."


اجابها بابتسماته العريضة ..


"نعم لكنه طريق ترابي ، سوف يستغرق منا ربع ساعة او اكثر حتى نصل منه الى الجانب الاخر من الطريق الرئيسي لنواصل منه وجهتنا الى داخل المدينة .."


ضحك بعدها ثم قال :


"لا أدري لماذا اشرح لكي كل هذا ، انا اقصد بانه سياخذ منا وقت اضافيا ، ربما انتي لا تملكينه ؛ هل انتي مستعجلة ؟


اجابته و صوت انفاسها يسبقها ..


"فالنذهب ...ليس لدي اعمال مهمة هذه الظهيرة"


كانت تشاهد من النافذة اشجار الصنوبر و هي تتعارك مع الرياح ، تروي عينيها بزهور الاعشاب البرية الشتوية المترامية على اطراف الطريق الترابي ..وهي تسترجع فيها ذكريات الماضي ، ايام ما كانت تدرس لامتحانات الكلية ؛ لم يكن حينها الوقت صديقا لها ، بل كان عدوا لدودا لم تستطع ان تملكه يوما ..


بعد حوالي عشرة دقائق ..


كان الصمت بطلا لطريقهما نحو المدينة ؛ تخللته زيارات لحبات المطر على فترات ، ممزوجة برائحة الورود الجبلية الفواحة ..رافقت جميلة و هي تواسيها ..تحاول ان تهون عليها مشهد خيانة زوجها لها هناك على أطراف 'درب الحب الممنوع " .


وصلت سيارة لؤي بجميلة الى موقف السيارات ، وسط جو شتوي بامتيازا ، كانت فيه الرياح و حبات المطر تغزو الارض بقوة ..


"سيدتي لقد وصلنا ، لكن انتظري للحظة من فضلك "


طلب منها لؤي ذالك و هو يفتح صندوق سيارته الخلفي ليناولها مطاريته ٫ فهو لم يفرط بجميلة تحت هذا المطر الغزير ....


نزلت من السيارة و هي تاخذ المطارية من يد لؤي ! نظرت الى عينيه و هي تلامس يديه الباردتين قائلة :


"فليباركك الرب ، لن انسى معروفك هذا "


ركب بعدها لؤي سيارته و هو يسترق النظر إلى اقدام جميلة و هي تمشي مبتعده...استغرب كثيرا لامرها و كأنه يقول " هل امراة بمثل هذا الجمال تخان ؟ اخذت في الابتعاد عنه شيئا فشيئا بين خيوط المطر تلك تختفي وكأنه ظل عجوز في السبعين من العمر بوجه ملائكي
!




خيال ابليس ..


وصلت جميلة الى العمارة ، ركبت المصعد ! لكنها فوجئت بفريد يكسر عليها خلوتها ..بدخوله المفاجئ !


بدا المصعد في الصعود الى الطابق الخامس ..


ضربات قلب جميلة تتصاعد ، هي الان خائفة ، لوحدهما و ثالثهما ابليس ..


اقترب منها مرة أخرى ، أراد منها بضع لحظات تكون فيها الرغبة تسير الى منتهاها ...


خاطبها قائلا:


"احبك ، ماذا افعل "


أراد قبلة فصدته و صفته هاربة الى الخارج ! لحسن حظها ان المصعد فتح بابه بنفس توقيت ذالك المشهد ..


دخلت جميلة الى شقتها و العرق البارد يتصبب منها ، كانت خائفة من ان احد قد رآها بجانب فريد بالمصعد ..وضعت كيس الاعشاب بالمطبخ و راحت تستعد لاخذ حمام لعله يساعدها على الإسترخاء و يهدئ من اعصابها ..


بعد نصف ساعة ..


جميلة مستلقية بحوض الحمام و راسها يتأمل السقف ..كانت تسترجع اللحظات التي جمعتها بفريد ..تتحسس رقبتها وهي تتخيله معها ..ذهبت بيدها نحو الامام هناك امام رغبتها و بدات باللعب فوقه كمجنونة..كانت تحاول الوصول الى النشو ة القصوى ..كل هذا و هي في عالمها الخاص مع عشيقها فريد ، تبتسم في غير وعي و هي تستدعي تلك المشاعر التي سكنتها في خيالها لثواني ..


فتح الحمام بابه..ليدخل فريد منه ! نظرت له جميلة بشوق شديد و هي تقول :


"تعال ، انا بحاجته و الان "
اقترب منها و ملامح الدهشة واضحة عليه ..خرجت من الحوض وبدات بتقبيله بكل حرارة ، من كل مكان و راحت تنزع عنه قميصه ..


"حبيبي ما بالك تضع رائحة كذه ؟ سكرية للغاية لكنها مثيرة عليك "


جن جنون جميلة في الحمام ! كانت تحضنه بقوة حتى ارغمته على الانتصا ب ..فاخذ يعاشر ها بقوة قبل أن يديرها على الحائط و يدخل كل ذكر ه بسرعة كبيرة ، في هذه الاثناء خطف جميلة وجع كبير ؛ بدأ بالاختفاء مع مرور الضربات لتحل محله حلاوة ذكرتها باول ليلة مع زوجها أحمد ...واحدة تلوى الأخرى وهي تصرخ ! و تشد بيدها على ظهره حتى يدخله كله ..بعدها بلحظات احست بماء يتدفق داخلها و صوت مالوف ممزوج بوجع الشهو ة..نظرت الى خلفها واذا به أحمد ..


نظر لها و الفرحة بادية عليه "لم اتخيلكي أبدا بهذا الجمال لقد كنتي آلة حقيقية ! "


ثواني مجنونة ...


جميلة تهرب من الحمام وبيدها المنشفة قائلة " خذ حمام ، سارجع بعد قليل " لتذهب لغرفة نومها و الصدمة قد تمكنت منها ..هوسها بفريد جعلها تطارح زوجها كما لم تطارحه حبا من قبل ..قدمت له كل شيئ برغبة كبيرة ! فاجاته باندفاعها نحوه باشتياق و حب كبيرين
..



سرير المعاناة



دخلت جميلة غرفة نومها و هي تدمع ، احست بقهر كبير وكأن عقلها قد قام باغتصا بها قبل قليل في الحمام ..رمت بجثتها على السرير و هي تتجرع مرارة الخذلان ، فشهو تها الجامحة اتجاه فريد جعلها تحسبه هو من دخل عليها بالحمام ، فراحت تصارح نفسها باندفاع كبير و ترمي بنفسها الى احضا نه ..


كانت تشد اللحاف الصوفي الذي على السرير بقوة و هي خائفة من ان يستعبدها زوجها بعدا تلك الدقائق المجنونة التي جمعتهم بالحمام ..فهو لا يعلم حقيقة كل ذالك ..بانه كان ضحية خيالها و هوسها بجارها فريد .


رن جرس الشقة بعدها بساعة ..كان أحمد بالمطبخ يعد لنفسه كوبا من القهوة بعد ان اخذ حماما ساخنا ، فتح الباب دون ان يسأل من الزائر ..


(أحمد ) : فريد هذا انت كيف حالك ، تفضل لكن ما الذي بيدك ؟


(فريد ) و هو يضحك : شوربة عدس بالدجاج ،اعلم بانك تحبها فقلت في نفسي دعني اضيفك منها ..


(احمد) : تفضل الى الصالون من فضلك ..


اخذ منه وعاء الحساء و توجه به نحو المطبخ ، اما فريد فكان يرمي بنظراته هنا و هناك كالمجنون يبحث عن جميلة !


خرج أحمد من المطبخ و ذهب الى غرفة النوم ليعلم جميلة بوجود ضيوف عندهم ...دخل عندها و صوت مجفف الشعر يعلوا المكان ، فهي لم تسمع كل ما قيل قبل قليل ..وبان فريد عندهم .


"جميلة , حبيبتي عندنا ضيوف "


نظرت اليه باستغراب شديد وهي تضع المجفف على الطاولة " من ، لا تقل لي عمي فقط "


(أحمد ) و هو يضحك : لا ليس عمك بل الطبيب ، جارنا فريد .


وكأن الصاعقة نزلت على وجه جميلة ، لم تدري ماذا تفعل ، تحجرت
في مكانها و هي تنظر الى زوجها ..




نهاية الجزءالثالث ...


" من يستسلم لابليس ...لعن برغباته
! "


كل الحب ♥️


اقتباس رقم 2:


" عندما اكون معك ..في جهنم فراشك ! أشعر بكل تلك الجمرات وهي تحبني ، تتناولني كلي ! فعلا انا على قيد الحياة معك ولاجلك
..




حتى الرغبة لها شيطان
وعيون ...!


اكملت جميلة تجهيز نفسها و هي تتردد كل دقيقة على مرآة الخزانة لترى هل لبسها و مظهرها على ما يرام ؟


وضعت قليلا من أحمر الشفاء , ليتناسب و لون كنزتها ، تنظر الى قرينتنها بالمرآة و تسال نفسها في جنون :


"هل هذا كله كافي ؟ هل ساعجبه ! "


كانت في خضم مقارنات ، بين مظهرها صباحا داخل المصعد و بين توهجها حاليا ! ارادت بكل عزم ان تسرق عقله منه في اول دخول لها للصالون وكأنها تتنقم لنفسها و منه على ما حدث في المصعد و الحمام ! ..
غادرت غرفتها متوجهة نحو الصالون ، سمعته يتحدث عن الأحوال الجوية هذه الايام مع زوجها و اصوات ضحكاتهم تملأ المكان ..


دخلت فكانت كالصاعقة عليهما ، لم يصدقا ما يريانه ! تحجرا في مكانيهما يتأملانها في ذهول كبير ، لتكسره هي بعدها بقليل بابتسامة قائله :


"مساء الخير سيد فريد ، كيف حالك ؟ اتمنى أنني لم أتأخر عليكما "


جلست كملكة على الجانب الايمن من الكنبة لتقابل فريد ..الذي لم يحرك ساكنا ؛ حتى زوجها أحمد كان يحدق بها كمن يقول ؛


"أين كان مختبئ كل هذا الجمال "


جميلة اعتمدت الأسلوب الرياضي في حصارها لفريد متجاهلة بذالك زوجها و كل العالم ' افضل وسيلة للدفاع ضد الرغبات الجامحة هي الهجوم بكل نقاط اثارتها ' هي تدرك تماما بأن فريد يهيم بصدر ها ، فقامت بابرازه كخط اول ..تعلم بان لخانتها تاثيره على درجة رغبته فوضعت القليل من الكحل عليها لتظهرها على بعد اميال ..متاكدة ان عيناها تعذبانه فرسمتهما برسمة فرعونية اخاذة حتى تحرقه اكثر فاكثر و تعذب ابليسه بجمراتها !..


فريد كان قابعا في مكانه يحترق على مهل شديد بناره ؛ يندم على الساعة التي قرر فيها زيارتهم ! فشهو ته الان في أعلى درجة لها و ابليسه يوسوس داخل راسه فزاده بذالك عذابا وكأنه في قاع الجحيم ..


جميلة لم تفوت هذا الانتصار الكبير عليها ؛ قررت ان تحتفل به بابتسامة عريضة و بسؤال ساخر :


"هل اعد لكما القهوة ، مع قليل من البسكوت ؟ أنه بنكهة الفانيليا سيعجبكما انا متاكدة من ذالك ! "


استعدت للنهوض بعد قولها هذا ، فلاحظت ان فريد انتصب ذكر ه على الاخر ! فهو واضح للعيان بين رجليه هناك..فتعمدت زيادة رغبته الى الاخر ! احراقه بلا هوادة حتى الرماد


توجهت نحو المطبخ وهي تمشي كحمامة ، تلعب بمؤخر تها وصوت كعبها يعلوا في المكان ..

فتح أحمد اقفا ل قميصه ! هو الاخر كان ملتهبا ايضا ، ابليسه منعه من مشاهدة تلك المباراة الغرامية التي دارت امام عينيه بين فريد و زوجته ...




الابليس
الرابع بمنزلنا و الرغبة
قرينته !



دقائق بعد ..



رن جرس الشقة مرة ثانية ، كانت جميلة في المطبخ تعد القهوة اما فريد واحمد فبالصالون يتبادلان الحديث بعد ازمتهما الاخيرة مع الرغبة و صديقها ابليس ..


(احمد) و هو يستعد للنهوض : سارى من في الباب و اعود ، خذ راحتك ..


(فريد ) و هو يبتسم : طبعا ، خذ راحتك ..


خرج أحمد باتجاه باب شقته..اما فريد فسارع لاخفاء ما كان بين رجليه ، عدوه الواقف بشموخ واضح ...شيطانه المنتصر عليه دائما !


فتح أحمد الباب كعادته دون ان يسال من كان يرن على جرسه ! كان لؤي ؛ صديقه الاخر ..


(احمد ) وهو يصافح بحرارة كبيرة : " لؤي صديقي كيف حالك ، تفضل اسرع ! يبدوا انك تبللت تماما , تعال انزع معطفك "


قدم لؤي مجموعة من الملفات كانت بيده لاحمد ..قبل أن ينزع معطفه الجلدي و يسلمه هو الاخر له قائلا : ..


(لؤي ) : الحسابات لا تنتظر يا صديقي , رسالتك عجلت بي الى هنا ! الا تتذكر ؟ قلت لي اريدها اليوم ..


لؤي هو الاخر صديق قديم لاحمد ، يعمل معه (شريكه) في شركته الخاصة ببيع و شراء العقارات ..


(احمد) يضحك : اه تذكرت الان , تفضل ارجوك نحو الصالون من هنا ..


خرجت جميلة بعدها بثواني من المطبخ ؛ خيل لها انه صوت عمها فقد وعدها بزيارتها هذا الأسبوع ...فطوال تواجدها في المطبخ كل حواسها كانت تلعب مباراة كرة قدم مع فريد ، فهي لم تسمع رنين الجرس ولا حتى المحادثة التي جمعتهما (لؤي، فريد )..


تفاجات برؤيتها للؤي ! رسم الاستغراب على وجهها وهي تنظر اليه ..


(احمد) وهو يعرفهما على بعض : " هذا لؤي احد شركائي بالعمل ، هذه زوجتي جميلة "


صدمت جميلة من كلام أحمد ، تجمدت في مكانها و الحيرة بادية عليها ، اما لؤي فيبتسم لها وكأنه لم يحدث شيئ ! لتتدارك الامر بعد ذالك و تصافحه ..وهي متوترة !


لؤي هو الاخر ، ذهل بجمالها ، لكنه تعمد انكار معرفته المسبقة بها...لانه يعلم طبع أحمد صديقه سيكثر من الاسئلة لذالك لم يدعه يلاحظ هذا و راح يدخل الصالون متجاهلا جميلة ..التي عادت للمطبخ ؛ و هي تسال نفسها :


" اليس هذا هو سائق الاجرة ؟"


لتتفطن بعدها ، بان سيارته كانت مميزة و لم تشبه قريناتها ! فهو لم يكن أبدا سائق اجرة ؛ ربما أراد فقط تقديم خدمة لها في ذالك الجو الماطر ..لم تاكل داخلها كثيرا ، قابلته بنية حسنه..





نحن ثلاثة و شهوة ابليس
رابعنا !



التقى الثلاثي الخائن في الصالون ، تعرف لؤي بفريد لكن ببرود شديد ! ففريد لا يكثر الكلام كعادته :


(أحمد ) وهو يضحك : هذا فريد جاري ، طبيب مداوم بالمستشفى هنا ، بمدينتنا !


(لؤي ) بابتسامة قصيرة : مرحبا ، تشرفت بك ..


(فريد ) يلعب باصابعه : وبك شكرا ؛


كان الثلاثة يحدقون ببعض ، وكأن كل واحدا منهم ينتظر انقضاض الثاني عليه لتطل بعدها جميلة عبر بوابة الصالون ! صوت كعبها من بعيد زاد للحضور هيبه و وقار ! قبل دخولها بثواني تجهز الكل الى إستقبالها ، ففريد عجل بترتيب ازرار قميصه و جلسته ؛ اما لؤي فكان يعدل في ساعته و أحمد يراقبهما بصمت .


دخلت جميلة عليهم ! الثلاثة ذهبت اعينهم إليها ، نجحت بسرقتها منهم دون عناء ، اقتربت يمينا نحو لؤي وبيدها صينية القهوة ؛ دنت لتعطيه فنجان القهوة و صدر ها يتراقص امام مرأى من عينه ! تنفس في داخله بهدوء قبل أن ياخذ منها ما اعطته ..لم يستطع مقاومتها ، كانت قد اردته رمادا تناثر على شكل انفاس ساخنه في الصالون .. .


مؤخر ة جميلة كانت واضحة للعيان ، عندما دنت نحو لؤي لتقدم له القهوة ! بلع فريد ريقه عندما شاهدها تقابله بها ، تعمدت ذالك ! كانت تأخذ منه انتقامها ببرودة القطب الشمالي ...كانت كطبق لذيذ و هو صائم لايام او ككنز يريد الانفراد به لوحده ..


لكن أحمد لم يلاحظ كل هذا فقد كانت خيالاته المريضة تلعب به مثل الكرة باقدام الاعبين قبل تسجيل هدف الفوز ؛ يعلم بانه هو الفائز ، فهو وحده من يستطيع ركل تلك الكرة باقدامه قبل أن يستيقظ على صوت زوجته جميلة تقول :


(جميلة) بابتسامة : لقد نسيت البسكوت ، اعذروني ! ساحضره و اعود ..


غادرت جميلة الصالون و صوت كعبها كعادته يدوي في المكان كمدفع ! و راحت معها اعين الثلاثة تلحقها ! بل كانت تلحق تضا ريس جسمها المثير ..في مشهد سينمائي صامت ..



استئذن أحمد بعد ذالك من ضيوفه و راح يلحقها الى المطبخ ! كان ذكر ه منتصبا على الاخر ، لم ينتبه لذالك لكن فريد و لؤي شاهداه و اشتعلا معه !



ابليس كاد ان يتمكن
مني...



اشتعلت نار الغيرة بفريد ! عبس بحاجبيه اما عيناه فكانت ترسل غضب السنين ..


دخل أحمد الى المطبخ ! كانت زوجته تزيد من حبات البسكوت في الصحن و تستعد للعودة ! اقترب منها بخطوات هادئة تكاد لا تسمع ..ليحضنها بقوة اليه و شفا هه باذنها تهمس :


(أحمد) بشهو ة كبيرة : ما كل هذا الجمال ، لا اطيق الانتظار ! انا احبك ، انتي ملكي لوحدي ..!


جن جنون أحمد على الاخر ، فهو لم يعطي اهتماما بوجود صديقيه بالصالون ؛ كان يعض على ر قبة جميلة بقوة ، يداه تمسكان بصدر ها وهو يدلك ذ كره على خلفيتها !


انفاسه كانت تتصاعد شيئا فشيئا...


جميلة كانت في حالة صدمة ؛ لا تعلم كيف تتصرف ! فهي لم ترفضه لحد اللحظة ولا طوال زواجهما ..


ظنت في بادئ الامر انها مجرد مغازلة بسيطة و سيرجعان مع بعض للصالون ..لضيوفهما ! ، قبل أن يتطور ذالك الى محاولة معاشر تها و بالقوة ..


(جميلة ) وهي تتخبط بين ذراعي زوجها : ماذا تفعل يا أحمد ؟ هذا ليس وقته ؛ الضيوف سيسمعوننا ! توقف ارجوك ..


وكأن أحمد في عالم اخر ، لم يسمعها قط ، صوت انفاسه يملا المكان ؛ فجميلة ارهقته بالممانعة لكنه عزم على اخذ ما يشتهيه و إن كان كل هذا غصبا ..


ثواني بعد ..


أدارها نحوه و بدأ بتقبيل ر قبتها بحرارة شديدة ، وسط هروب من جميلة التي كانت كالسمكة خارج البحر ..جرها نحو طاولة المطبخ ! كان يحاول طرحها هناك ..


(جميلة) بذعر شديد : توقف ارجوك ، ماذا تفعل ! انا لا أريد ..


صوتها وصل الى مسامع لؤي و فريد !..


هذه كانت اول مرة تصرح فيها جميلة بعدم رغبتها بذالك ! انتفضت لنفسها لكن أحمد كان أقوى منها بكثير و استطاع ان يصنع بذالك معركة ! حربا بين إبليسه و ملاكها ...


طرحها على الطاولة و استعد للخطوة التي انتظرها طويلا , الرغبة التي سيطرة عليه منذ ان رآها بالكنزة الصوفية الحمراء ..لكن كل ذالك توقف ! تحجر بمكانه و هو ينظر ناحية باب المطبخ ؛ رافقته جميلة ايضا بعينيها ! لتصدم هي الاخرى ..



فريد ينظر إليهما و الصدمة بادية عليه ..إستمر هذا لبضع ثواني اخرى ! الثلاثي يحدق ببعضه و الصمت بطل للمشهد....!




ملاكي و ابليس الرغبة معا
وإلى الأبد ...



بعدها بلحظات قليلة جدا تدخل لؤي في المشهد و سحب فريد معه ، من أمام باب المطبخ ! بسرعة ..دون مقدمات ..


لؤي رمق جميلة بنظرات خاطفة ! كالبرق في كبد السماء ؛ بشفقة ..وكأنه ملاك ، مثل من يريد حمايتها من ابليس زوجها ؛ لكن جناحاه مكسرورتان ..لم يستطع الا قتل المارد ، واحد فقط الذي كان يترصدها امام الباب ! ثم سرقت منه قواه و راح يغادر معه المكان ..


رمقته هي الاخرى بنظرات ..خجلة جدا عامرة برسائل العفو و الاعتذار ..


احمد تحول بفعلته من رجل واثق بنفسه الى ذكر النعام ، غرس راسه بارضية المطبخ ! رقبته منحنية كقوس ..امام صديقيه ؛ تمنى لو ان الارض تنشق و تبلعه ..!


غادر لؤي بفريد من المنزل ..اغلق الباب وراءه بهدوء تام ..


ترجعت جميلة بعدها من أمام زوجها ، رمقته بنظرات احتقار و ازدراء ! ثم وجهت له صفعة خاطفة و هي تصرخ قائله :


"أنا لست عاهرتك يا رجل ! يا فحل بل زوجتك ؛ ماذا فعلت ؟ ..لقد فضحتنا ! قل لي متى قصرت معك ؟ كيف تفعل هذا بي ..!


توجهت بخطوات هزيلة نحو الامام ، استدارت و وجهت له كلمات كسهام قاتله :


" دائما معك هنا في ذالك الفراش ؛ و منذ اليوم الاول كنت معك , بين ذراعيك و تحت اقدامك مرغمة ! لارضيك فقط ، لم اكن راغبة ولا سعيدة قط وانا اطارحك الحب "..


اخذت نفسا بصعوبة لتواصل قائلة :


" لكن كل هذا لم يشبع شياطينك ؟ رغباتك او حتى يكفي تملكك لجسدي الحقير هذا ! حتى تفضحنا ها هنا و أمام من ؟ الجار و الصديق "


سحقا لهذا ..




جناح مكسور لكن باحاسيس
ملتهبة جهنمية ..


توجهت جميلة نحو غرفتها ، قالت كل ذالك و الدموع تنهمر من عيناها ! كمياه وادي غاضب ..


فتحت باب غرفتها و هي توجه له آخر طعنة سكين قائلة :


"يا فحل كم اكرهك ..فلينتقم منك **** "


كلمات جميلة كانت جارحة جدا ؛ جعلت أحمد في نصف ثيابه ! على نار دهشة و صدمة غير مسبوق ! كيف لتلك الفتاة الرقيقة و الهادئة ان يخرج منها كل هذا الكلام ..


لم تكن مجرد كلمات ..بل قطرات سم عتيق ! يقتل اقدم العلاقات ..يهوي باجمل المشاعر الى أسفل السافلين ..يفك رباط اي شخصين دون سحر او شعوذة ...


لم يقابل أحمد ما قالته جميلة باي كلمات ..كان بمكانه صامتا ! قبرته في ارضه ..احتقر نفسه و رغبته معا ؛ جلس الى طاولة المطبخ و يداه على راسه...ينحب قدره !


ثواني بعد ..


هز رنين هاتف أحمد صمت المكان ..لم ينظر اليه أحمد في بادئ الامر ! قبل أن يتكرر الاتصال اكثر من مرة و باصرار شديد عبر صوت رسائل لا تعد ..تجاوزت الخمسة !


بعد هذا الهجوم على هاتفه , قرر الدفاع عليه بالاجابة ..



كانت عشيقته هي من تتصل و تراسل هكذا ..بالحاح شديد ! وكانها احست بزلزال الرغبة ..الذي كان عشيقها احد ضحاياه ..




ثورة الرغبة ..


دخلت جميلة غرفتها و اغلقت بابها عليها ، رمت بجثتها على السرير .. احست ببرودته كمثل قطة ضائعة وسط مدينة تكسوها ثلوج الشتاء ..ازقتها خالية ! فقط هي الرياح الصرصر من تزورها ..


كانت تنظر الى مرآة الخزانة في فزع و خوف شديد ..فهذه كانت اول مرة تصفع فيها احد قط و ترمي بكلام قاتل ..


لم يكن هذا اسلوبها قبل اليوم ولا حتى في اشد ايامها سواد ، اللحظات التي كان يزورها عنف عمها و بطش مشاعر زوجته ..


لطالما كانت فتاة مؤمنة بحق ! حق الطريق السهل ..كل صعب فيه يعالج بالمناقشة او التسليم للقدر...بانتظار فرج قادم..


بعدها بدقائق ..


رياح عاتية تضرب نوافذ المنزل بغضب ! ربما هي رسائل عاجلة لجميلة ..خبر غير مريح زائر عن قريب ..


سمعت جميلة همسات زوجها أحمد و هو يتجادل مع شخص هناك ..في المطبخ !


أخذها فضولها الى الاقتراب من باب الغرفة و النوم عليه باذنها اليسار ؛ لتسرق كلمات ! تزود به فقرها تجاه كتمان أحمد الشديد لهذا الحديث ..


(احمد) بصوت خاف تغلب عليه الوشوشة و الانفاس المتهالكة :


"ماذا تريدين الان ؟ قلت لكي عندما اجد الفرصة و الوقت المناسبان ساعاود الاتصال بك ! ..انا بالمنزل حاليا ...


تباع أحمد كلامه الصعب مع عشيقته ، في ترقب و استراق للسمع من جميلة ! :


"ماذا ؟ ما الذي تهذين به ، كيف هذا ! حسنا ..انتظريني هناك في نفس المكان ..نعم ؛ أين انتي الان ؟ انا قادم ..مسافة الطريق .. نصف ساعة و اكون عندك .."


" حسنا اتفقنا ...! ".


اغلق هاتفه و توجه الى الصالون ، لبس معطفه بسرعة كبيرة و خرج يعدو الى الخارج ! حتى أنه لم يتفقد زوجته او يودعها كعادته ..لم يفكر الا بذالك الاتصال و ما جاء فيه من اخبار ربما تكون غير سارة ..نسي خبثه المعهود بتطييب خاطر جميلة باستعمال اجمل الالحان و احلى الكلمات المعسولة لاخذها تحت جناحه ! جناح سجنه الابدي ..حتى لا تقدم على المحظور بشكايته لعمها مثلا ! فاحمد يحب عمله و مصالحة اكثر من اي شيئ آخر ..!




ساقيد ابليسك بملاكي
العاشق..!

سارعت جميلة بعد ذالك الى خزانتها ..فتحتها و اخذت ما وقعت عليه عيناها من ملابس ؛ ثم انطلقت وراءه كخيال ...!
هجمت على ارضية الشقة بصوت كعبها العالي ..كان يغطي على كل الاصوات في المكان ؛ كخيل اصيل في سباق القرن ..من اجل حقيقة هي تريدها .
تحدث نفسها كالمجنونة :
"ذاهب إليها ايها الحقير ! طبعا فأنا مجرد عاهرة تركبها متى أردت .."
"لم يتنازل حتى لتقديم اعتذار ..ساحاسبك ! انتظر...لنرى .."
كانت تعصف بانفاسها بقوة ..كرياح الشمال ؛ اغلقت باب شقتها بقوة و يداها ترجفان !
راحت تتجاهل المصعد خوفا من ظل فريد ؛ واختارت مسلكا آخر ..السلالم ...عند اول درج اخذته فاجأها لؤي !
دون اي مقدمات ٫ بعفوية شديدة و نظرات خاطفة حزينة ... " لؤي أحتاج مساعدتك "
(لؤي) بدهشة : نعم ماذا هناك ! اانتي بخير ؟
(جميلة) : اريد ان الحق بزوجي ..ارجوك ساعدني ! ممكن ؟
رمقها بشفقه قبل أن يجيبها و هو يخطوا خطوة نحو أسفل الدرج ..
(لؤي ) : نعم ، هيا بسرعة قبل أن يضيع منا ، قابلته منذ لحظات على مدخل العمارة !
تبعته جميلة باتجاه الطابق الأرضي ..تسابق الزمن ؛ تتخطى درجات السلالم وصوت انفاسها يتصاعد , كغريق ..يبحث عن اي جرعة اوكسجين تمكنه من البقاء واعيا لاطول مدة ممكنة ..تشد بعصب على صدر ها و معطفها ..
كانت عيناها على ظهر لؤي ..تتأمل ذراعيه القويتين بشغف ..!
ماهي الى ثواني بعد ..
ضربت جميلة قدمها اليمين باختها اليسار ، فقفز جسمها في السماء ..سبح بدون ارادتها ! راسما بذالك ملامح الرعب ..
التقطها لؤي بسرعة كبيرة ، باسطا يديه الضخمتين نحوها !
ليفرشا الارض معا كعاشقين..!


الرغبة و ابليس معا على
فراش واحد !


جميلة افترشت جسم لؤي الرائع ؛ نائمة كاميرة فوقه..شعرها يداعب وجهه الحسن في استحياء كبير..!


صوت انفاسهما شغل المكان ..طرد كل صمته و هما يتصارعان من الاقوى في عاصفته !


عيناهما ياكلان ملامح بعض ..بتفاصيل التفاصيل ! بغير عالم ذهبا..و كأن الزمن توقف بهما ..


كان صوت ضربات قلبيهما على كل مسمع..البعيد قبل القريب ! طلقات مدافع متتالية في غير توقف ..


وفي سهو من لؤي ! فتح ر جليه اسفله ..لتسقط جميلة و ثقلها بينهما ..كانت يداها على صدر ه ، غزتها احاسيس غير مؤلوفة .. و هو كذالك (لؤي) .


كانت قدماه ترتعشان بفعل صعقات كهربائية تعذبه من أسفل قدميه الى أعلى بطنه..لسانه داخل فمه بدأ بالنحيب راغبا بقطرة ماء تروي هذا الشقيان ..!


يداه تحكمان على خصر جميلة ؛ تعانقهما بحب و خوف !


ساقته مشاعره للامام باتجاه شفتيها الورديتان ..و عيناه تغزو فمها الصغير !


لم يستطع السيطرة على نفسه و هي ايضا استرخت و استسلمت له ..رغبتها زارتها بغير استاذان مرة أخرى ! سيطرت عليها و الغت عقلها لثواني ، نفته لغير رجعة ! كانت ضعيفة معه و بين يدين ، ثالثهما كان الألم الذي احساه داخلهما..كان ممتعا جدا ..يلسعهما بمهل ..


حتى ..


قبلا بعضهما ...!

يتبع
♥️


وسقطت في بحر ابليس ..


شعرت جميلة بحرقة في صدر ها ، كمن تريد شربات ماء متواصلة لتتخلص منها ! لكن هذا لم يفلح فبحر لؤي على مد البصر ، من تسقط فيه يجب ان تكون حكيمة ملمة بكل شيئ والا ضاعت ..


تذكرت جميلة زوجها ، وماهي فاعلة الان ؛ الوقت يداهمها ..غادرت شاطئ لؤي عطشه لم ترتوي بعد ..نهضت من على جثته باستنفار كبير ! هجرت كل تلك المشاعر الجميلة التي سكنتها قبل قليل و نفتها من هذا العالم ..


(جميلة) بخجل شديد : آسفة ! حقا انا آسفة...هيا سنفقده حتما ..لقد تاخرنا ...


لم تجد جميلة الكلمات التي ستختبئ وراءها..فهرعت مسرعة تكمل نزولها عبر السلم ..


(لؤي) بابتسامة : حسنا ..! هيا ، لكنك ثقيلة جدا لقد عصرتيني ..بحق


(جميلة ) وهي مرتبكة : هيا اسرع يا لؤي ..هذا ليس وقت مزاحك..


لم تنتبه جميلة بان لؤي كان يتغزل فيها ، واصلت اجتيازها لدرجات السلم و كعبها يشكي جرحه العميق ..


خرجا من العمارة و توجها نحو موقف السيارات هناك على يمين المدخل ..كانت جميلة متوترة للغاية ؛ كسرت كعبها وهي تجري ناحية سيارة لؤي !


هوت للمرة الثانية في ظرف عشر دقائق ؛ لولا ذراعي لؤي اللتان اختطفتها بهدوء لكانت توحلت كلها ..


هذه المرة لم تكن كسابقتها ؛ فصدر ها الرطب المزين بخانة بارزة عند شقه كمنارة ، ظهرت للؤي ! كانت اثدا ئها ترتعد بين يديه ، تعصف كامواج البحر ..ينثر رائحة زكية اعتدات هي أن تضعها له كعنوان للجمال ..شانال هو اسم ذالك العطر ..


للحظة تمنى لؤي لو يستطيع اخذ قبلة منه ، قبل أن يتذكر بان السباحة في هذا المكان خطرة ربما تغرقه او تضربه بعنف ألسنة سكانه !




جثث الرغبة .. حسرة وندم !


هبت عاصفة رياح فجأة ، انتزعت منهما هذه اللحظة الحارة ..تراجعت جميلة في ذعر ! وهي تبحث عن اعين تترصدها او ربما شاهدتها وهي تسرق من لؤي ما تشبع به ابليسها ! لم تجد احد قط ..سوى خيال لؤي من وراءه ..


(جميلة ) بارتباك : أين سيارتك ؟ هيا لقد تآخرنا اظنه انطلق في اتجاه طريق الدرب الممنوع ..


صوتها كان به غصه ، رجفة تكسوها الحسرة و الغضب ! ..


ارادت لو تلك المشاعر التي جمعتها به استمرت اكثر قليلا ، كانت كحلم جميل .. ؛


غريبة هي الرغبة ترمي بنا في قاع الجحيم لنكتوى بمكبوتاتنا .. نحرقها كجرائد كنا قد استغنينا عليها لنتصل بها عند منتصف الليل بتوقيت الحسرة و الندم لنلعن ذالك الحظ و القرار مع بضع جمرات تدخلت في تفاصيل الحلم! حلم اكتمالها و تلاشي كل هذا الشغف ..شغف اشباعها !

(لؤي ) وهو يشير بيده : هناك حبيبتي !
1

صدمت جميلة و هو معها كذالك.. كانت الجملة تنطلق من فمه كالسهم.. باتجاهها ؛ اخترقتها عند المنتصف ! سرقت منها الكثير ..مشاعر الخجل و عدم الطمئنينة حينها لتستبدلها بتلك الاحاسيس التي غرقت بها و لامست جسدها عندما كانت تلامس شفاهه .


اما هو فواصل اخذ تلك الخطوات باتجاه سيارته دون مبالاة بردة فعلها ..فصدق ما تفوه به كان أقوى من اي تبرير .


ركبا السيارة بعدها بلحظات ..كانت المطر تضربهما بقوة وكانها غاضبة او تحاول كسر ذالك السكون الذي كان بهما و معهما !


أشعل لؤي المكيف و راح ينطلق بها من الموقف (السيارات) ...كان الهواء الساخن المنبعث من مكيف السيارة قد شكل سحبا كثيفة بزجاجها حاجبة للنظر ! ..



وهما يغادران موقف السيارات في سرعة ! ذهبت جميلة بيدها لتمسح ذالك الضباب الذي سكن زجاج النافذة و حجب عنها الرؤية ..صنعت دائرة صغيرة على يمينها.. كان يقف في منتصفها فريد.. هناك عند مدخل العمارة و هو ينظر إليهما بغضب ..!





ابليس يحاصر ..


لم تصارح جميلة لؤي بما رأته ..وبأن فريد قد اكتشفهما مع بعض ! داخل ذالك الموقف المريب فهو يذكر ما حدث بينهما في المنزل ، و كيف تعارفا واهتمت فقط باللحاق بزوجها أحمد .


لؤي كان يرمق جميلة بنظرات غريبة ..وهي جالسة بجانبه منذ ركوبهم في السيارة !


هذه النظرات كانت من عالم اخر ..


لاهي اعجاب ولا هي حب ..حتى أنها لا تنتمى الى الشهوانية في شيئ ! بل كانت بالمنتصف ..خليط من كل بحر .


هي نظارت رمادية..غالبا ما تكون بين العشاق الهاربين من اشباح معينة ! الخيانة اشهرها ..


تكون بين القلوب التائهة ؛ الذين تجرفهم مشاعرهم الى علاقات محظورة فيها تغلب احاسيس غير مفهومة و لا تكون واضحة !
1

يرغب ولا يرغب ..يحب و خائف ! شغوف لكن حائر ، شهواني حد الثمالة لكن بمشاعر باردة لا هو مقبل ولا هو ذاهب ..متلهف لكن غير مبالي ..
1

ثواني بعد ..


(لؤي) بدهشه ! انظري اليس هذا أحمد ..هو وراء تلك الشاحنة البيضاء ..


استفاقت جميلة من حلمها الصباحي الممزوج بالقلق و الخوف و ذهبت بعينيها صوب لؤي ..برعب فقط فاجاها بصوته !


كان صوتها معذب بحبات الحزن و الانتظار ..


(جميلة ) : نعم نعم ، أنه هو ؛ لا تدعه يفلت منا ! لكن اتبعه بحذر حتى لا يرانا ، اظنه يعرف سيارتك ؟ اليس كذالك ؛


اجابها لؤي بسخرية و ثقه كبيرة ؛


"هذه لجاري ، تبادلنا سيارتينا ظهيرة اليوم قبل مجيئي اليكم ، لديه سفر بعيد و خاصته هذه لا تكفي بالغرض ..! "


"انك تتذكرينها اليس كذالك (يقصد سيارته ) ،صباح اليوم و هذا الطريق ؟ "


هجمت عليه جميلة بكلمات كلها مخالب ؛


(جميلة ) : نعم ، عندما تنكرت كسائق اجرة ؟ لتسرقني اليك ؟ تابع ملاحقته و سنتحاسب بعد هذا لا تقلق ..!


ابتسم لؤي و اجابها ..


" حسنا ، لكن اريدك ان تعلمي ...! ! "


لم يكمل كلامه حتى صاحت فيه جميلة قائله ؛


"انعطف يسارا ..هيا .."


اخذ أحمد طريق الدرب الممنوع ، كانت الرياح على اشدها مع حبات مطر غاضبة ..متبوعا بسيارة لؤي و دقات قلب جميلة القوية ..




"الفصل 2 من الرغبة "



~اقتباس 1~


"الحب يجب ان يحترق من اجل حب آخر ، لكن ربما هذا ليس ضروريا ، فلمسته الدافئة تكفي ..فلا احد يموت من الحب في عصرنا هذا ، هم يموتون من ادمان لمساته القاتله !"


" الفصل 2 من الرغبة"


~ اقتباس 2 ~


" الحب صبور ، دافئ ، لطيف و صامت هي فقط لمساته على جسدي من تكون غاضبة ،ساخنة ، حارقة تجعلني اصرخ بجنون ! بصوت عالي من داخلي العميق ؛ توقض
كل رغبة ميته بي .."




طريق الرغبة ..



جميلة كانت تتبع سيارة زوجها أحمد بنظرات ملئها الخيبة ..كانت عيناها تضيئان دموعا ، تشد على اقفال معطفها بقوة و يداها ترتعشان ليس من برد المكان او الجو بل من الموقف الذي اضطرها زوجها ان تعيشه !


احمد كان اول رجل يدخل حياتها ..لم تعرف قبله احد قط ، دخلت جحور الرغبة و لسعتها جمرات الخيانة معه ..


في المنتصف اختبرت اسلحة عديدة ، لعل اصعبها كان اختبار الرفض و الخضوع ! معا و في وقت واحد تحت سماء الخوف ..


بعد مسيرة عشرة دقائق على درب الحب الممنوع ، تجاوزت به سيارة لؤي كل مثيلاتها من اللوتي كن ملكا لبعض من العشاق و الخونة ! يترامون على اطراف الطريق ..بين المساحات التي خلفتها اشجار الزيتون و الصنوبر ..


ماهي الا لحظات مجنونة اخرى ! اخذ فيها أحمد سيارته نحو منعرج ترابي بين كل تلك الاشجار الكثيفة ؛ إختفى بينها ..


اوقف لؤي سيارته قبله (المنعرج الترابي ) بحوالي امتار قليلة ..


كان المكان غارقا في هدوء مخيف لا يسمع منه الا صوت الرياح وهي تشاغب الاشجار ؛ استدار الى جميلة و خاطبها قائلا :


"هيا ترجلي , سنلحقه مشيا على الاقدام ..كي لا يرانا "
بصمت غريب و دون اي ردة فعل مبالغ فيها خرجت جميلة من السيارة و راحت تمشي ببطئ شديد ، بين الزيتونات هناك كانت الطريق صعبة على كعبها ! لكنها اشتدت عليه بقوتها و بمساعدة بعض الاغصان..حتى توقفت ..وهي تعانق احدى الاشجار ..اخذت زاوية نظر و يدها على فمها ...


اقترب منها لؤي ..كان وراءها تماما ، انفاسه تلعب على اذنها اليسار ..و هما يشاهدان أحمد من بعيد هناك يتجادل مع عشيقته ! وهي تلوح له بورقة ...


تصرخ و صوتها يزعج هدوء المكان ..و سكانه من الحشرات و الطيور ..


قائله :


"انظر ..انا حامل ..! "


اهتزت جميلة هزتان واحدة على سلم الصاعقة من ما سمعته توا من عشيقة أحمد زوجها ...والاخرى كانت بعدها بلحظات قليلة ، اشد وقعا عليها من صاعقة برق ..


كان صوت فريد من خلفها و هو يسالهما (لؤي ، جميلة ) ..
5


" ماذا تفعلان هنا ؟ "


خبث الرغبات ...!


نزل سؤال فريد على جميلة كالصاعقة ..تحجرت في مكانها كتمثال شمعي اما لؤي فاستدار نحوه بذهول كبير و هو يرمقه بنظرات خائفة .


غاصت جميلة في اعماقها تبحث عن ملاذ ، فلم يكفيها مشهد زوجها مع عشيقته وهما يتجادلان على مستقبل صغيرهما ..حتى زاده هوس فريد ! قبل أن تقرر الطبيعة بان تكون صديقة لها في أصعب امتحان ...


هبت رياح قوية بالمكان , من شدتها سرقت من جميلة تلك القماشة الحمراء التي كانت تلف بها راسها لتستقر على كتف لؤي في مشهد آسر ! كافلام هندية غير منطقية الأحداث ، لكن لطالما كان القدر يخبئ لنا حكايات لم تكن بالحسبان ؛ كنا نشاهدها فقط على شاشات التلفاز و نستهزء بها ..يجعلنا نعيش من خلالها دقائق تحبس لنا الانفاس .. تتوقف فيها القلوب من شدة الحزن او ربما الفرحة ....


....بدات حبات المطر بالسقوط ..فخطر على بال جميلة فكرة جهنمية تحمل من الخبث ما تحمله الارض من رمل و جبال ...!


جرت نحو فريد بسرعة و عانقته وهي تبكي ..!


احتضنته بقوة ..قائلة بصوت يرتعش خوفا و حزنا :


"اليوم هو ذكرى وفاة أمي و ابي ...جئت الى هنا كي استعيد تلك الذكريات ..فتلك الشجرة هناك هي من زرعهما ! "


"يومي كان صعبا للغاية ..كدت ان انساهما ..حمدا *** ان لي أخا من الرضاعة ذكرني بهما.."


رمت كل هذه السهام الحارقة و هي تنظر الى لؤي ! الذي دخل معها في اكذوبتها و توجه بعينيه إلى الارض ..معلنا موافقته على كل ما تقول ..فلم يكن لديه حل آخر ..


لم تكمل جميلة خطتها بعد ، فهدفها كان ابعاد فريد عن المكان باسرع وقت ممكن حتى لا يكتشف السر الحقيقي لوجودها هنا، و ايضا قبل أن يتفطن زوجها هو الاخر الى كل هذا ، فهو ليس ببعيد عنهم ..


راحت تشهق بشدة و هي تعصره بيديها حتى بثت فيه سخونة فسارع هو الاخر (فريد) لمواسلتها !


قادته الى طريق العودة و هي تستند عليه قائلة :



"ارجوك خذني من هنا ..! "



الخيانه ورائي و جهنم امامي ..


راح فريد يحضنها و هو حزين لحالها ..انطلت عليه حيلة معشوقته جميلة و اتجه بها نحو الخارج ..بعيدا عن المكان ..


ابتسمت جميلة و يدها تشد على معطفه ، كمن حققت انتصار في معركة القرن ..!


معركة ابليس و الرغبة !


تبعهما لؤي ..و هو مصدوم من ما قالته جميلة ! لكن كان مجبرا على قبول كل هذا ، فهو لا يملك اي تفسير في حالة مداهمة زوجها للمكان و هم الثلاثة معا ..فهو الاخر كان كل همه ان يخرج فريد و جميلة من هنا و باسرع وقت ممكن ؛ خاصة وان المطر كان على اشده ، مما يعجل بانتهاء لقاء أحمد و عشيقته ..


وصل فريد الى سيارته و معه جميلة ! فتح لها الباب و راح يساعدها على الدخول ...فانتبهت الى ان حيلتها ناقصة ! فهي لم تفسر للؤي علاقتها بفريد بعد و لماذا كذبت تلك الكذبة ؟ و لماذا يهتم فريد بها الى هذا الحد ...


لمع بذهنها كذبة اخرى ..تغطي كل هذا التصدع الواضح بكذبتها الاولى ..


استئذنت فريد قائلة :


"سيارة شقيقي لؤي تعطلت بنا و نحن نتجه الى هنا ..هي هناك على بعد امتار قليلة ! ايمكنه ان يعود معنا ؟


سالته جميلة هذا السؤال و هي تنظر اليه بشغف ! نظرات كلها سيطرة و كان عقله و قلبه و كل ما يملك بيديها و تحت تصرفها ..فالضعف الذي اظهرته له قبل قليل كان كفيلا بان يقدم لها كل مفاتيحه ..كانت تدرك جيدا ماذا تفعل ..تعمل بان فريد لن يرفض لها طلب..


رمقها ببتسامه ..قائلا :


"طبعا ..مثلما تريدين ! "



قفزت جميلة من المكان و توجهت نحو لؤي لتزرع كذبتها الجديدة عنده ..على امل ان تزهر قبولا ..فالوقت يداهمها ..و دقات الرعب على اشدها ..




حميم
الرغبة .. اول قبلة ...!


وقفت جميلة امام لؤي ، الذي كان ينظر إليها بدهشة شديدة و كانه يقول 'انا لا اعرفك من تكونين ! '


ابتسمت له ابتسامه خبث قائلة بصوت خافت :


"لؤي ، ارجوك سايرني قليلا ، فهو صديق من عائلة زوجي ولا اريده ان يعلم بحقيقة الامر ..تعال معنا الان و أعدك بشرح وافي لكل هذه الاسئلة ! لكن ليس الان .."


مسكت ذراعه و راحت تتجه معه نحو سيارة فريد في خطوة جريئة منها ...كانت تلاحق الزمن ! تقاتل ثلاث رغبات في آن واحد ..لحسن الحظ كان المطر ينزل كشهب باردة ..مما عجل بخطوات الثلاثة ..


انطلق الثلاثة نحو طريق العودة ...جميلة كانت بالمقعد الخلفي ! تمسح حبات المطر العالقة بشعرها و على وجهها في مشهد مماثل ....ذكرها بلقاءها الاول مع لؤي ..ابتسمت فاحرقت المكان ..


شاهدها الاثنان بتمعن شديد ...عندما ابتسمت اخترقتهما ...بسهم حميم ..فكلاهما كان واقعان بغرامها .... استرجع فريد لحظاته معها بالمصعد اما لؤي فغرق بحنين قبلته الاولى معها ..


الشيئ المشترك الذي كان بين لؤي و فريد ليس صداقتهما مع زوجها فقط ولا المشاعر التي يكناننا لها بل كان ابعد من ذالك بكثير ..فكلاهما كانت جميلة هي المرأة الاولى في حياته .. اول قبلة و اول ضعف ..


الضعف الذي يشل الانسان عندما يتعلق بشخص او شيئ ما ..يصبح اسيره ..لا يتحرر منه الا بعد معارك كثيرة و كبيرة ..يخرج منها اما منتصرا او خائبا ولا يبقى من تفاصيلها الى ذكريات ..


ذكريات ترجع بنا أحيانا إليها ..لنعيشها بمشاعرنا لا باجسادنا و كاننا قابعين فيها لم نخرج منها اطلاقا ..و الحظ الحظ لو نستطيع النسيان ..كاننا استشهدنا بها مات كل شيئ داخلها ..



الثلاثة كانوا في عالم آخر ..كل واحد فيهم يسترجع ذكرايته مع الاخر...جمعهم فقط الطريق و برد المكان قبل ان يستفيقوا بذعر شديد على سيارة أحمد و هي تتجاوزهم ..



لم يتبقى من الرغبة الاولى الا
دخان ...


كانت سيارة أحمد تسير بسرعة كبيرة ، مخلفة عواصف مطرية وراءها ..قبل أن تفقد سيطرتها على الطريق و تلعب معه دور الغبية في مشيها يمينا و شمالا ..


صرخت جميلة من مكانها في ذعر شديد !


" ماذا يفعلان ؟ يا الاهي ما هذا ! "


التفت إليها فريد و ملامح الاستغراب راسمة على وجهه ! ليتفاجئ هو الاخر بيد لؤي على كتفه تقوده بهدوه قائلا :


" قد بحذر ، الطريق وعرة و المطر جعلتها خطره للغاية ..خذ معه مسافة ، ولا تحاول لحاقه ! "


كان يقصد بذالك سيارة أحمد ..لترمقه جميلة بنظارت كلها حيرة قبل أن تصرخ في وجهه هو الاخر :


"ماذا تقصد بعدم لحاقه ؟ مسافة ماذا ! فريد الحقه ارجوك .."


و مسكته من ذراعه و هي تسئله ان لا يفوتهما ..!


كان لؤي كصوت حكمة ..لم يبالي بما يجري امامه ، حتى أنه لم يتاثر بمشهد سيارة أحمد وهي تذهب يمينا و ترجع يسارا ..كان يركز على جماعته ! اقترب من اذن جميلة و حاول تهدئتها قائلا ..


"لم يبقى سوى القليل و نتجاوز هذا المنحدر الى طريق سلسه ، و ستستقر سيارته لا تقلقي ! "


رافقه فريد ايضا بهدوءه الشهم و دعم كلماته بتصرف حذر ، حيث أنه خفض من سرعة سيارته ..اصبحت تمشي و كأنها سلحفاة عطشة ..


كان أحمد يتجادل مع عشيقته في جنون ، لا تسمع من حديثهما الا صفير عجلات سيارته وهي تتصارع مع هذا الطريق الباكي من ضرب حبات المطر له ..


هز الصمت عرش المكان كان الثلاثة يشاهدون أحمد و هو يتصارع مع عشيقته و سيارته في آن واحد !



ثواني بعد .
.
صرخت جميلة بكل قوتها...استنفر لؤي من مكانه ! اوقف فريد السيارة و هربوا منها في خوف شديد ..ناحية أسفل الوادي هناك أين انقلبت سيارة أحمد فيه و الدخان بطل للمكان في مشهد مهيب..



هربت رغبتي في غير

رجعة ..!


توجهت جميلة بسرعة ناحية المنعرج المطل على واد سحيق ...مزينة ابوابه بحجارة على تنوع احجامها و هي تلهث !


كانت انفاسها في تصاعد و نزول سريعين تشد على معطفها بقوة و عيناها تبكيان مع مطر السماء في لوحة تشبه تلك المؤخوذة عن اتعس الروايات و الافلام ..


ذكرتها سيارة زوجها و هي قابعة هناك أسفل الوادي تحترق بمهل شديد بالحادث الذي عاشته قبل سنوات ..أين فقدت والديها و نجت هي بصعوبة كبيرة .


لم تنسى قط توسلات امها النجاة و هي تتخبط داخل تلك السيارة قبل أن تلفظ انفاسها و هي تبتسم لها ..


كان هذا آخر مشهد جمعها بها ..في هذه الدنيا الخبيثة !


شرعت دون وعي منها في النزول باتجاه سيارة أحمد ، حتى انها كانت غير مدركة بخطورة المكان ! فاي خطوة منها غير دقيقة ، سيعجل بها هي الاخرى على راسها قابعة عند اقرب صخرة حاده ..فالوادي كان شديد الانحدار يفقد أي شخص توازنه اذا قرر النزول به .


مسكها فريد من ذراعها بقوة و اخذ يصرخ بوجهها ، كانت المطر و الرياح على اشدهما :


"ماذا انتي فاعلة ؟ اتريدين الموت ! تراجعي من هنا و اذهبي حالا ..ساتصل بالشرطة و الاسعافات .. "


لحقه ايضا لؤي بكلماته التي نزلت على جميلة كالصاعقة ! انتشلتها من تلك الثواني الهستيرية و ارجعتها الى اللحظة ..الى منطق الحدث ؛


"جميلة ، لن تستطيعي فعل شيئ ! فالوادي خطر للغاية ..حتى وإن نجحتي بالوصول إليهما ربما ستنفجر السيارة بوجهك في أي لحظة ..الشرطة على وصول ماذا ستقولين ؟ ماذا تفعلين هنا ؟ كيف وصلتي ! ربما سيشكون بكي ..هيا لنذهب بسرعة قبل أن يرانا اي احد ، لحسن حظنا الطريق فارغة هذه الاثناء ..هيا ..


احتظنها كطفل ..و اخذ يسوقها بعيدا عن المكان بينما فريد تراجع ناحية سيارته ينتظر وصول النجدة الى المكان ...



لم يكن الحادث ببعيد عن المدينة ، حوالي كيلومترين فقط ..على يساره (المنعرج الذي انقلبت فيه سيارة أحمد ) هناك طريق ترابي مختصر يصل بسالكيه الى الجانب الغربي من المدينة ..قريب من الحي الذي تسكن به جميلة !


روح واحدة و
قدرين احدها مقبرة
عمي ...


في الطريق الثعباني الترابي المزين باشجار الزيتون على اطرافه كان لؤي و جميلة ينزلان بسرعة وسط كرم من السماء على شاكلة حبات مطر ..


كانت جميلة تسبقه بخطوات ، تلهث وكأنها مطاردة من شبح ما ..بين الخطوة و الأخرى تمسح من على خدها بعضا من الدموع ..


تكلم نفسها في خشوع كبير ، هل سارجع الى تلك الدار ؟ و الى جنازات الايام فيها نعشي يكتسي كل ذالك الكلام القاسي و الكلمات الجارحة ! الى صراخ زوجة عمي ..الساحرة التي اكلت عقل عمي و جعلته يحرمني من كل شيئ ..!


كانت جميلة خائبة الظن في القدر ؛ فهي مرعوبة من ان يسلمها مرة أخرى الى يدين عمها ! فيحرق سنينها مرة أخرى ، فلطالما فعل ذالك مع سبق الأصرار و الترصد ..


لم تفكر في مصير زوجها للحظة ! فالامر محسوم عندها ...من ينقلب داخل ذالك الوادي فسيقابل ملك الموت لا محالة ..نسيت عشيقة زوجها و طفلها ..فمصيرها هو الاهم الان ..هي لا تريد الرجوع الى عش الدبابير بعد ان ضاقت من عسل الرغبة ما يشفيها ..


كانت تلك الرغبة هي الحرية و جنودها هم من جعلوا عالمها الجديد فيه من المغامرات ما انساها صحراء السنين الماضية و إن كان به قليل من سحابات غير محببة للروح و الجسد !


افاقت من حديثها لنفسها على صوت لؤي التعب ؛


"جميلة هل انتي بخير ؟ "


التفتت اليه وابتسمت ، ففاجأه تصرفها ..حتى أنه لم يصدق تلك القوة التي تظهر بها الان و كأن شيئا لم يحدث ...


"نعم ، انظر نحن على وشك الوصول ! يا الاهي كم كانت طريقا وعرة .."


اوقفت اقدامها عن المشي و راحت تسمح من على قميصه بعضا من بقع الوحل التي استقرت عليه بفعل سرعة خطواته و هو يلحقها ..


رفعت راسها نحوه و قالت :


"ستذهب معي الى المنزل ، لدي هندام كنت قد اشتريته سابقا كهدية لعمي لكنه لم يزرني قط ؛ تغتسل و ترتديه ، سترتاح فيه هذا مؤكد .."


فتح لؤي عينيه على مصرعيهما من الدهشة ، خيل له أن جميلة قد فقدت عقلها او انها في عالم آخر غير هذا ...و في شفقة منه سايرها و هز براسه معلنا موافقته على طلبها .


أراد أن يحميها من نفسها إلى اخر لحظة ، فالاحداث التي مرت بها الى حين اللحظة جعلتها في حالة صدمة ، تأخذ من الذكريات و الأشخاص ما يهرب بها من واقع الان ..فقط لتنسى كسرة قلبها و ما فعله زوجها أحمد !



فاحمد كان قد احرق روحها ..و لم يكتفي..فقدره هناك في الوادي ؛ قد يعجل بنعشها الى مقبرة الماضي ، رجوعها الى دائرة لا نهاية ، منزل عمها و بطش زوجته .



ادفن خوفي برغبة جديدة
اشعلها على نار ذكرياتي ..



ساعدني يا لؤي..


هذه كانت اول جملة تنطق بها جميلة بعد صمت دام اكثر من نصف ساعة ..فقد صوت اقدامهما من كان يبعث على الارتياح ، بانهما بجانب بعض و لم يضيع احدهما الاخر ..و هي تصعد السلالم مسكت بيده اليسار و راحت ترمي بجثتها عليه ..


ارادت ان تشعر به وهو بجانبها ..ليست وحيدة كجل الأحداث التي اختبرتها في الماضي ! خيباتها المقيته و الم فقدانها لوالديها ..بحادث سير.


لؤي لم يبخل عليها بشيئ ، ساعدها على الصعود نحو الطابق الخامس أين توجد شقتها ، على الرغم من عيائه الشديد ..ادرك بان احتياجها له لم يكن في عدم قدرتها على هذا (صعود السلالم ) بل كان نفسي بحت !


الحاجة الانسانية التي لا تقدر بثمن ، بان لك روحا تسند إليها ضعفك و هشاشتك في احلك ايامك ، و عندما يقسوا عليك القدر بظروفه و يبطش بنفسيتك نحو بئر سحيق ..


كانت جميلة تشد على يده بقوة ، تختبر صلابتها و قدرتها على ارضائها من الداخل ، اخماد ذالك الصوت المزعج الذي ينذرها ببدا العد العكسي لاحداث ما ..


عودة الادراج الى حيث بدات قبل شهور ، هناك في منزل عمها..أين كان زواجها من أحمد يعتبر مفتاح نجات وليس جريمة في حق ذاتها ! فلطالما اعتبرته منقذها الشهم على الرغم من عدم حبها له يوما .


وصلت الى الشقه ، لتطلق زفيرا يصل صوته الى باب المصعد ..وكأن جبلا عرضه السماء كان يكتم على انفساها وانزاح بعيدا ..


اطمئنت انه لا أحد بالداخل ..اعطاها ذالك املا بان الاخبار البشعة ضلت طريقها الى هنا ..


بعد دقيقتين ..


رمت جميلة معطفها ارضا و راحت تعبث بدولاب الخزانه ، تبحث عن الملابس التي كانت قد وعدت بها لؤي ...استغرق ذالك منها جهدا ليس بهين قبل أن تصرف النظر عن مواصلة ايجادها و اكتفت بقميص يعود لزوجها ..نادرا ما كان يلبسه !


قدمته له بحرارة بالغة ، و وجهته نحو غرفة الضيوف أين سيرتديه هناك ...أثار ذالك استغراب لؤي فهذه المرأة الواقفه امامه ليست بجميلة المتعبة ، التي كان تصعد معه الادراج قبل ربع ساعة ..كانت اخرى تماما ، اكثر نشاطا و ذات صوت رنان ..كمذيعة في وصلة اخبار !


دخل الغرفة و راح ينزع قميصه الملطخ بوحل الطريق الترابي ...لم يدرك ذالك حتى اقتحمت عليه المكان ..


"اتريد قليلا من القهوة ؟ "


اقتربت منه بضع خطوات ، كان عاريا...صدره ذو العضلات البارزة ارغمها على ايقاظ رغبتها ..


ابتسمت له وهي تردد بضع كلمات نزلت عليه كالصاعقة !



"اتعلم يا لؤي ، لديك جسم رائع ! ذراعين دافئتين و عضلات شهية ، أرغب حقا بلمسها ..اممكن ذالك ؟


يتبع


انتحار الرغبة ...


لم يصدق لؤي ما سمعته اذناه ..و ما تراه عيناه حتى أنه تجمد في مكانه ! استسلم لها ..كله


جميلة وكأنها القت عليه تعويذة ..اصبح كدمية بيديها ، لم يقاومها حتى ..


كانت تعبث بصدره وسط تصاعد كبير لانفاسه ..كان يعض على شفاهه بالم ...الم لم يشعر به ولا لثانية قبل اليوم ؛ كأن روحه تسحب منه و هو سعيد بذالك .


خالجته احاسيس من النوع القاتل..ضربات كهربائية يتلقاها في كل لمسة منها ..كانت جميلة كموت محدق بجثته !


اقتربت من اذنه كهواء ..عانقته بقوة و قالت بصوت خافت يرتجف من شيئ غير معلوم :


"لؤي ، انت طيب جدا و الرجال الطيبون في هذا الزمان يموتون من الوحدة ، اما النساء الطيبات فيطلون عليهم من شرفات منازل الخبثاء و انا اريد ان اتحرر منهم ، معك انت ! "


لم يفهم شيئا واحدا مما قالته لكن الاكيد ان لمساتها الحارة ابلغ من اي كلمات ..


فجميلة لم تصبح تلك المرأة المغلوب على امرها ، تلك المسكينة التي تنظر ان يتصدق عليها أحمد او عمها قليلا من الحنان تقاتل به آلمها و تسكت به رغباتها الجامحة ..


بل تحولت في ظرف يومين الى امراة حكيمة بما تحتاجه ، تقاتل من اجل اخذه بقوة و باي وسيلة كانت ولو كان ذالك في نظر الآخرين مستحيلا او محظورا ..


تلك الذكريات التي زارتها و هي في طريق العودة الى المنزل حرك فيها رغبة الانتحار !


ان تنتحر روحيا من كل الممنوعات و ترمي بكل شخص كان قد آلمها سابقا بعيدا ..تسلمه الى مكان مجهول هناك في ظلام الذاكرة ؛


فالانتحار لا يكون جسديا فقط ، فلربما ياتي أمره على شاكلة نكران لكل حدث جعلنا نشعر بوحدة ، الم ، غضب ، حسرة و ندم ..نقرر في لحظة جنون ان ننتحر و ننحره باستبدال كل ذالك باشخاص ، اشياء ، مشاعر و لحظات نسرقها بخبث و خيال وضيع تقلب ذاتنا الى الاحسن و لو كان ذالك ضربا من الجنون بالنسبة للبعض او حراما وجب مقاومته و دحضه


صوت لؤي و هو يعتصر بين يديها...شجعها على الغوص اكثر ، بعمق مجنون ! بدات تقبل رقبته بحب كبير ..




هلوسة الرغبة ..


لم يتمالك لؤي نفسه و رضخ لرغباته هو الاخر ..كان يموت ألما في كل قبلة حارة تلمس رقبته الملساء ، يقاومها فقط بصوت انينه ..


كان يحترق واقفا دون حطب او بنزين ! قبل أن يسقط صريعا للنشوة على الكنبة الجلدية ذات اللون القرمزي الأخاذ ..


مجرد انفاس نارية تزعج صمت المكان ..


صرخت جميلة وهي تقبله ! ترجته ان يعفوا عنها و يريحها من هذا العذاب !


"لؤي ارجوك ..ارحني الان ! "


مزق ما كانت ترتديه دون عناء ..بقوة واضحة و هو يخنقها بصدره و يداه تعصرانها كغزاله ..


التحما فورا ...


افرشها الكنبة و نام فوقها ..تأملها لثواني كوردة حمراء بحديقة الامراء..


انقض عليها بعد ذالك يعض رقبتها دون توقف كمصاص دماء ..


وهي تتخبط كاميرة مذبوحة !


لم تختبر هذا الشعور من قبل ..ظنته الموت ! يسلب روحها رويدا رويدا دون ان تستطيع شيئا ؛


فقط تشاهده بنصف عين واحدة ..


تبحر في ملذاته كروح عارية !


وضع يده هناك في الاسفل ، وراح يدخل اصبعه اقحم نفسه بالمغارة المحرمة ! ...


صوتها أخيرا تمكن منها و خرج من اعماقها كرصاصة ..


ثواني اخرى بعد ...


صوت هاتف المنزل يرن ! استيقضت جميلة من خيالها الشيطاني و ماتت رغبتها ارضا ..كانت واقفة و لؤي يحدق بها في ذهول !


كان مجرد حلم ..مشاهد عاشتها دون وهي بعالم غير هذا ..عالم الرغبات الشيطانية ..


رمشت عيناها ..تراجعت خطوتين الى الخلف و اطلقت صوتها هذه المرة بارتباك ..بحقيقة اللحظة ! لم تكن في زيارة الى ارض الرغبة و الخيال ..


قالت..


" نعم هو الهاتف أنه يرن دون توقف .. سارد .."


خافت ...ثم راحت تستجمع قواها و لؤي يسارع بارتداء قميصه الجديد ..به من ذكريات أحمد القليل و من رائحة عطره الكثير ..ربما كان عرقه ! قال و هو يشمه قبل أن يموت فضوله و هو بمكانه , احتله صراخ جميلة !


كانت قد ردت على الهاتف !



"هذا منزل أحمد العزم ؟ ..يؤسفني ان اخبرك بان زوجك توفي قبل دقائق ...الو الو سيدتي .."



قبر ، رغبة و قدر ...



بعد مرور ثلاث ايام ...


لزمت جميلة منزلها...وحدها دون ونيس ! فزوجة عمها كانت قد غادرت من اول يوم عزاء و معها عمها ، لدواعي مرضية !


فهي مصابة بمرض اللوكيميا (سرطان الدم ) اكتشفته بجسمها قبل شهر من الان و هذا ما جعلهما يتاخران عن زيارتها كل هذه المدة .


كان القدر و الايام بصف جميلة ! لثاني مرة ..ارغم عائلتها الوحيدة على التغيير ..فهي لم تصدق المرض لولا انها رأت كل ذالك بأم عينها ..زوجة عمها وهي تطرح الدم ..كنافورة من فمها..اصبحت في غير جسم !


شاحبة اللون ، هزيلة القوام ..تشبه في طلتها الاموات الاحياء ..


اشفقت عليها بهم كبير ..فرغم قساوتها إلا أنها الوحيدة من بنات حواء من كانت تعطيها من عصارة خبرتها و ما خرجت به من فصول القدر و محاصيله المتنوعة !


لمست لها الاعذار (زوجة عمها)..فلربما الخوف هو سبب كل ذالك او وسواس التخلي ! فرحمها ميت كصحراء قاحلة لا يعطي اشجارا..جعلها تشك في كل قريب ان يكيد لها فاكلته بخبثها قبل أن يرميها بقدره ..


عمها ايضا تحول الى غير شخص ...اصبح في ثوب اخر تماما ! لا يدقق او يسأل كثيرا فقط قدم واجبه الاجتماعي و رافق زوجته دون وداع !



ترك جميلة هناك ، وحيدة بشقتها ..بخل عليها حتى بنصيحة ! لم تستغرب هي للامر..فلطالما كان حبه الكبير لزوجته فوق كل اعتبار ، اختارها دائما ، استمع إليها و صم عن غيرها ؛ كانت كروحه لا يستطيع ان يفصلها عن جسده !



بداية جديدة ..ميلاد رغبة !



بعد مرور اسبوع....


الساعة 9.40 صباحا...


رن جرس شقة جميلة ..أخيرا زارها ضيف غير متوقع ! اجتاح بغموضه صمتا دام لايام ..


هذا الصمت كان ينتزع منها الكثير ، و بغصب واضح كل ضجيج كان عزيز ..


ذكرها لساعات طويلة ، كم هي شقيقة نفسها و لا أحد يلعن هذه الوحده معها ...صفعها كفوفا لا تعد على وجهها و قبر كل احساس عندها ..


اصدقها الوعد و الموعد ..بانها كانت مجرد دمية ! رغبة او ربما نزوة ...يتقارعها ثلاث رجال ..


الاول ذهب الى غير رجعة ، اما الاثنان الباقيان لم يسمع لهما صوت ؛ كأنهما ارتحلا الى ارض بعيدة او سجنا الى ميعاد غير معلوم ..


جعلها هذا تحقد اكثر ...لكن ليس عليهما بل على رغبتها و ما جرفته لها من اهوال ..


اهوال كانت هي بغنى عنها ...ففريد كانت هي من سايرته غراما ..لتشبع به وحشا لا يشبع ! يحرقها رغما عنها ، هناك بالداخل ..ياخذ كلها و على مرمى من ناظريها .. بقوة ...فاطلقت سراحه (الوحش) ، ليفقدها السيطرة كليا و بصدق ! كتب اسطرا لا تقرا الا بضوء رغبة جامحة اخرى ..


لؤي و هدوئه ..كانت هي من حركت مياهه الراكدة ..صنعت برغبته بركه كلها طين ..غير صافية ! نواياها كانت خبيثة ..عشقها الابدي كان ان تنتزع بتوله برغبة لحظية جامحة و كاذبة ..!


ارادتهما كلاهما ، فلا هي طالت البحر و ملوحته ! ولا شربت من نبع الارض و حلاوته ..


جرت و بيدها كوب ماء نحو باب الشقه ! لتفتح لهذا الزائر الغامض..


فتحت و اذا به المحامي و معه لؤي ..لم تستغرب او تخف..حتى أنها قابلتهما بردود من صقيع !


ادخلتهما الصالون ..بصمت !




للامام ..ولا مكان لحياة
سابقة !


جلس لؤي امامها..قابلها كجبل خجل ، او برج مائل آيل للسقوط في أي لحظة ..تحت اقدام رغبتها !


جلست هي كملكة ! نظرت إليهما بتمعن شديد لما هو قادم ، نظرات قوية ليست مكسورة ولا حزينة ..نظرات ثاقبة تشبه في طلتها نسرا كاسرا ..


توجه المحامي إليها بوجهه وانطلق بكلماته المعزية لمصابها الجلل....بجل بزوجها الراحل ويستذكر بعضا من محاسنه..استرسل في كلامه عنه ، مستغرقا كثيرا من الدقائق ..


ابتسمت له جميلة ! ليس لشيئ فقط لأنها لا تصدقه فاحمد لا يقدم على كل هذه المحاسن دون ان ترجع عليه بالضعف ..او تكون طريقا سهلة اخرها يكون منجما من الذهب !


هذا ما خرجت به عنه طيلة الشهور التي قضتها في منزله و على فراشه..


فجميلة كانت قد كونت قناعة عن هذه العلاقة ، بانها كانت مجرد مومس وليس زوجة ! أداة يفرغ بها شهواته ..فهو لم يهتم بها أبدا ، ربما كان قد احسن اليها أحيانا ، كفقيرة ..ليساير تجارته مع عمها ليس الا ..


ثواني بعد ..


وقف المحامي ليناولها ثلاثه ورقات ..وراح يشرح لها علاقتها مع كل هذا ..


"سيدتي ، زوجك كانت له قروضا بنكية ، لها علاقة بعمله كتاجر ، قمنا باستكمالها طيلة الايام الفارطة ، مع السيد لؤي ، هذا مدون عندك في الورقة الاولى ..اما الثانية فهي تحتاج لامضائك ، فانتي الوريثة الوحيدة لباقي ما يملك ..السيارة ، الشركة و منزلان ! ..الثالثة تخص بعض الأعمال الادارية والتي تحتاج لامضاء مستعجل فالعمل متوقف منذ ايام ، وانتي تعلمين ! هناك عمال ، رواتب ، فواتير و حجوزات ..فالعمل لا ينتظر .."


جلس بمكانه و تابع كلامه ..


"السيد لؤي كان نائبا عن زوجك في الشركة ، طيلة فترة غيابه بالشهور الفارطة ..لديه علم بكل شيئ ! سيساعدك كثيرا اذا قررتي الاستمرار بهذا الطريق .."


نزل كلامه هذا كصعقة برق عليها ..لم تسمع منه الا جملة واحدة ، حرقتها داخلا الى حد الرماد .."زوجك كان غايبا طيلة الشهور الفارطة " !


بدات وساوسها بالرجوع إليها وكأن أحمد على قيد الحياة و هي تريد جرعات من الحقيقية..


" ماذا كان يفعل كل صباح بعد خروجه من عندي ؟ من منزلي ! أين كان يذهب ؟ عندها ، تلك العشيقة اللعينة ..؟ "


استمرت تاكل نفسها للحظات قبل أن يقطع ذالك دقات الباب الخافته...هدوء المكان جعلها وكانها طلقات مدفع !


ادارت نفسها ناحية مدخل الصالون في ذهول شديد ؛ هي تدرك من الطارق ..أنه هو ..


ابليس ..




ابليس مرة أخرى ....لكن ليس
كسابقاتها ..!



جميلة هل أفتح ؟ جميلة !


التفتت و العرق البارد كان قد نال منها ، الهدوء الذي لبس باب المنزل زرع فيها رعبا يشبه ذالك الذي سكنها قبل ايام ..


خشية الخضوع ، او ربما ان تخونها قوتها و تذهب مع عمها بكلمه واحدة منه !


لكن كل هذا لم يحدث ، فهو الاخر (عمها) كان قد اختار زوجته و مرضها المستعصي ، عنها هي ابنة اخيه و وريثته الوحيدة...


ربما هو الاخر سكنه ذالك الشعور بالعجز و الرعب معا ، بانها قد تاخذ كل ما يملكه في سرعة البرق ، و بجواز و قبول من الموت ..الذي يحدق به هو الاخر ! فسنه وصل الى ارذله ..لذالك قرر ان يتركها الى مصيرها ! دون اي نصيحة او مساعدة ..او حتى سؤال ..!


لترتاح روح جميلة هناك بالماضي ، و تستفيق مع ما ينتظرها من عمل جاد ، ميراث غير منتظر!


" نعم ، طبعا تفضل..."


هذا ما اجابت به جميلة لؤي ، الذي سارع بفتح باب الشقة ..!


"فريد ، اهلا ..كيف حالك ؟ "


و اغلق الباب وراءه..لم يدخله الى الداخل ! فقط اصداء صوت و كلمات غير مفهومة كانت تصل متقطعة الى مسامع جميلة ...


تمالكت كل مشاعرها ؛ اغلقت على كل ذكرياتها معه بالشمع الاحمر ..و راحت تتناول كل تلك الاوراق بامضاءها ..


اختارت مصيرها...ان تكون سيدة اعمال و ملكة نفسها من الان ..


لؤي كان حازما معهما ...تركها مع الاهم ، فالميراث لا ينتظر , هناك حقوق و واجبات تستحق كل ثانية منها و الان ، لكن للرغبة الشيطانية كل الوقت !


لعب دور الأخ ببراعة شديدة ، لم يترك لفريد اي منفذ للولوج مرة أخرى إليها !




بداية جديدة ، و ابليس آخر ..


في صباح اليوم التالي ..


الساعة 8.08 ..


جميلة في طريقها الى المجهول ..شركتها و أعمالها التي انتسبت إليها مؤخرا..!


الهاتف لم يتوقف عن الرنين ، كان لؤي ينتظرها أسفل العمارة ..


لؤي : صباح الخير ، أين انتي لقد تاخرنا ..


استغربت جميلة من هذه الجملة البسيطة الفجائية ، فهي لم تتعود على هكذا صوت و ايجاز في الكلام منه ، كان دائما مهتما بادق التفاصيل ..يسأل عن حالها قبل اي شيئ آخر !


كان صوت لؤي يحمل في ذبذباته الهم و حروف بها من المسؤولية ما يشق الجبال ؛


تخوفت جميلة لثواني ..و سرقتها تلك المشاعر الغير مريحة من احلامها الوردية بان كل شيئ يسير في الطريق الصحيح ..


اسئلة كثيرة تبادرت الى ذهنها ، هل سانجح ؟ هل ساقدر على كل هذا ! قصدت بذالك النهوض باكرا كل صباح ، مراجعة الحسابات ، استيعاب المناقصات و التحايل..المكر..استغلال الفرص !


كان كل هذا يميز ماهي مقبلة عليه ، ولا تفقه منه شيئا ..لكن ما ترك في داخلها القليل من الارتياح وجود لؤي ، و كذالك المحامي ..الذي شكلت معه صداقة مميزة في دقائق و كأنهما على وفاق و معرفة لسنوات..


جميلة : وهي تمسك الهاتف و تغلق باب شقتها..انا قادمة لماذا انت مستعجل ..


سقط الهاتف من على يدها..تاففت لثواني..اكملت اغلاق باب المنزل و راحت تتناوله من جديد ..

كلمت هاتفها لبضع لحظات كمجنونة و هي تمشي باتجاه المصعد ..


"حتى انت متخوف من هذا اليوم ، لا أعلم لكن ان لم ننجح لا باس فالحياة صعبة على الجميع ! "


دخلت الى حجرة المصعد و راحت بيدها تنقر على زر الهبوط نحو الطابق الأرضي ..


ماهي الى لحظات من برق ..!


دخل عليها فريد ، تراجعت كيمامه يحدق بها ديك رومي غاضب ..


كانت اصوات انفاسه (فريد ) تتصاعد ، ضربات قلبه هي بطلة للمكان ..تحرج الهدوء الساكن فيه..


اغلق المصعد بابه عليهما...وراح ينزل !


جميلة متحجرة بمكانها ، كان هاتفها ارضا ، سقط من فعل رجفتها الاولى فور دخول فريد ..يرن يرن دون توقف ..!


ماتت رغبتي بك و ساعيدك الى
مقبرة النسيان ...



بضع ثواني بعد ..


اتجه فريد باصبعه نحو مفاتيح المصعد ..أراد أن يغير وجهته ..!


كان جل تفكيره ان ينفرد بجميلة مرة أخرى ، كسابقاتها ..رغب بقوة ان يطفئ نار شوقه ..يلعن معها رغبته الكبيرة بها ..


فالان لا أحد سيوقفه عن مسعاه ، زوجها توفي ! هي وحيدة و كم من ارملة احرقتها شباك ابليس ..فانساقت معه الى ما لا نهاية من رغبات !


كانت هذه الرغبات معلنه او عاشتها فقط في خيالها..اتخذتها كمؤنسة لجليد وحدتها..تسقي بها ما عطش من جسدها ثم تقوم ...الى حياتها و تستمر .


التقطت جميلة هاتفها و ردت بكل برود ! دون اي مقدمات ؛


" لؤي ، اخي ..تعال انا بالمصعد و هو يتجه بي الى الطابق العاشر ..لا أدري لماذا لكن ارجوك قابلني هناك ...! "


اقفلت هاتفها ..عانقت يداها و هي تنظر الى ارقام الطوابق و هي تتصاعد ..


صدم فريد بما شاهده ...كانت جميلة في نسخة اخرى لم يعرفها ..!


ليست تلك المرأة المهزوزة ..البريئة ! التي تخاف من كل شيئ حتى من خيالها ..تستحي من الرياح ان حركت خصلات شعرها ..تبتسم ولا تلعنها...ذهب ذالك البريق الذي يكسوا عيناها عند رؤيته و استبدلت بمكانه نظرات كلها جفاء ..


واقفه كجبل عتيق ..لا يحركها اي شعور او احساس ..مهما كانت تلك المشاعر و الاحاسيس شتوية او صيفية ، فقط صامدة !


صنعت بوحدتها في الايام السابقة جدارا عازل ..ضد كل انفاسه ، نظراته ، مشاعره و رغباته ..ارجعته الى مكانه ..


ذالك المكان أين بدا كل شيئ ...كان كشخص غريب ! فالغرباء هم من نضع معهم مسافات..نتقي بها شرهم او سوء فهمهم ..


كان فريد ينظر لها غير مصدق , ابكمته بتصرفاتها ! كيفية التحول من امراة تفاجأ بدخوله عليها إلى اخرى شامخة لا تعطيه ادنى اهمية ! حتى أنها لم تبادله النظرات او التحية ..


سبق وان قال لها "كيف حالك ، هل انتي بخير "


تجاهلته ..كنكره!


احرقته بناره !


فتح المصعد بابه..كان لؤي هناك ينتظرها ..بخوف شديد !


التقى الثلاث مرة أخرى ..لكن بظروف مختلفة تماما ؛ وكأن القدر يضحك عليهم ..




منزل جديد ..شياطين و رغبات
اخرى ..



كان لؤي يستند على الحائط المقابل لباب المصعد ..يرتاح من عناء صعود عشرة طوابق دفعة واحدة و بسرعة ..


يمسك بهاتفه ..يرن عليها ..كان يظن ان مكروها قد حدث لها داخل المصعد ..محمر الوجنتين ..رموشه ترتعش على غير عادتها الطبيعية ..


لؤي : بارتباك ..


"ماذا حدث ؟ هل هناك مشكلة ! "


عانقته جميلة في خطوة جريئة منها ...و هي تبتسم !


"بخير ..عندما انطلق بي المصعد نحو الاعلى ؛ اعلمتك كي لا تقلق ! لم ارد ان اكسر بخاطر جاري و فضلت ان اوصله أولا الى وجهته , الطابق العاشر .."


كان صوتها يبعث على الخبث ..قالت هذه الكلمات و لم تتكرم حتى بالنظر اليه ! تركته واقفا هناك داخل المصعد كمن توقف قلبه عن النبض ؛ و تحجر بمكانه !


تركته غريبا ، حقيرا بارضه..و راحت في طريقها ؛


لؤي هو الاخر اندهش من تصرفها هذا ، فهي في العادة هادئة ، و تصرفاتها محسوبة ! لكن سرعان ما تذكر كذبتهما و بانه اخوها من الرضاعة ..


عانقت ذراعه ..وسالته بضحكه ملئت المكان ، اعلنت بها خروجها من حقبة و دخولها الى مرحلة اخرى ، تناست بها وفاة زوجها او تعمدت كل هذا !


"هل ننزل لكن بدون إستعمال المصعد ..على السلالم كآخر مرة .."


هنا زادت ضربات قلب لؤي ..اجتاحته تلك الذكريات القريبة ..تلك القبلة الحارة ! ذالك الحضن الدافئ ..!


تحول من اخ الى عشيق سري ..كلماتها اخذته في ثواني من ارض الواقع ..الى جحيم ابليس !


ايقضت رغبته من قبرها ..


"طبعا ..تفضلي .."


كانت تسوقه نحو الأسفل في جنون ، صوت كعبها الاحمر يغطي المكان كله ..! احرجته للؤي ، فهو غير متعود على هذه الحركات ..!


لكنه متاكد من شيئ واحد ..أنه ضعيف جدا امامها ..كطفل رضيع بحضن امه ..!


لا يملك الا الموافقة ..


ولا مكان للرفض..


و هما نازلان ..وجهت اليه سؤالا ثانيا ..


"المنزل الثاني في حي الزهور ، اريد زيارته ، فالمحامي ترك لي مفاتيحه ..ربما انتقل اليه ! انا لم ارى هذا الحي في حياتي لكن سمعت عنه مديحا جيدا من زوجي الراحل ..عندما نكمل دعنا نمر ايه "


كان لؤي كتلميذ ..او كعامل ..



مراوغة الرغبة ..


كان لؤي كتلميذ لجميلة ، لا يرفض لها طلبا. ! يستمع لها بامعان و ينفذ رغباتها دون اي سؤال ..


اشفق عليها حد الجنون ، حتى أنه اصبح لا يستيقظ من سبات خوفه عليها ..فهي امام معترك جديد و حياة اخرى مليئة بالتحديات ..


كان ينزلان عبر السلالم في فرح ..تمسك يده كزوجة واثقة بمن هي مرتبطة به ..


عندما مرا بنفس مكان سقوطهما المهول آخر مرة ، ضحكت جميلة و شدت بذراعه تداعبه اما هو فابتسم. ابتسامه عريضة ! كمراهق ..


تلك اللحظات التي كانت تفصل ما بين آخر سلم و مكان اول عناق بينهما ، دبت فيهما مشاعر مريحة ؛ فلؤي لامس يدها و هو واثق ! اما هي فرمقته بنظرات كلها تقدير و حب ! بل كانت اكبر من ذالك ؛ شاهدته كانه اهم رجل بحياتها الان ..ذالك السند الذي يعولها او سيعولها في قادم الايام ..


بعدها بثواني....


افترقت ايديهما أمام باب العمارة ..كان المطر على اشده ..فتح لؤي مطاريته ؛ نظر الى السماء و راح يتقدم بها (جميلة ) الى السيارة ..عانقها بذراعه الايمن كوساده ..كان اطول منها ببضع سنتمترات ؛ ساعده ذالك كثيرا ..لم يحرج امامها ! بل لوهلة احس بانها ابنته ، هو مجبر على حمايتها حتى من صرصر الريح التي كانت تزعج هدوء المكان ..


فتح باب السيارة ، ادخلها بعدما وضع الحزام..أهتم لؤي بادق التفاصيل ..و كانت هي تبتسم له عند اي حركة او تصرف ..لا تناقشه او تساله...فقط تبتسم و تحرك خصلات شعرها الامامية...





انطلق نحو مكان العمل ..سالته جميلة و هي تنظر له باطمئنان شديد :


"ربما هذه كانت اول مرة ، اليس كذالك ؟ "


نظر إليها من المرآة الامامية للسيارة ، بعينه العسليتين ، ارتبك قليلا ..و هرع إليها بكلمات مزجها صوت حنون..


"ماذا تقصدين ؟ باول مرة ! لم إفهم شيئا من ما قلته"


و ابتسم ..كان يغرق بخجله ! كعاشق غافل..


واصلت جميلة حصاره , بكلماتها المربكة ! اكتسبت شجاعة الهجوم على الرجال من خيباتها السابقة !


اكتشفت ان افضل دفاع ضد رغبة جامحة هي بالهجوم عليها برغبات اخرى أقوى منها و تعاكسها في الاتجاه ، حتى لا يفهم معناها او يتوقع مبتغاها ..!


"اقصد ، هذه اول مرة ترافق فيها سيدة ، اقصد ارملة جميلة مثلي ! تعانق يداها ، تبتسم لها ! تحن عليها من المطر و الرياح ..تساعدها كروحك .."


و راحت تنظر له بحنان ، لمعت عيناها كبرق في سفح الجبال هناك و ابتسمت !


اوقف لؤي السيارة في جنون ...كاد ان يتسبب بحادث ، فامام تلك الكلمات و النظرات فقد كل دروعه الواقية و خارت جدران مشاعره و سقط سقف قلبه...


احتار بما سيجيبها ، حروف بسيطة تسببت له بازمة!


لم يتوقع دهاء جميلة ، فهي اكتشفت المحظور ! السر الذي لم يبح به لاي شخص قبلا ..


بانها كانت اول حواء تدخل حياته و تهزها من عمقها كزلزال ..


بانها كانت اول هواء منعش استنشقه بعد سنوات وسط ادخنه المدينة ..


بانها كانت اول ازمة قلبية تصيبه ، بعد سنوات من الصحة الجيدة !


بانها النور بعد.الظلام ، الرغبة بعد الخريف و الشغف بعد شتاء كله صمت و جفاء ..!


لم يكن بمقدوره شيئ ! الا الدفاع باستعمال المرغوب الممنوع ؛ صد كل هجوماتها بسيف واحد قاتل ، الاختباء وراء فريد ...


التفت إليها كان المطر يضرب نافذة السيارة بقوة ..حدق بها كنسر و سالها هذا السؤال ..


"ماذا كان يريد منك فريد هذا الصباح ، لاحظتك متوترة ؟ فأنا لم اقتنع بما قلته لي قبل قليل ..هل قام بازعاجك ؟ "


نزلت كل تلك الكلمات على جميلة كجبل ! اثقال هذه الحروف غيرت من تعابير وجهها و هربت منه الى النافذة ..قائلة


" كما قلت لك سابقا ، سايرته نحو الطابق العاشر ...اظنه سيلتقي الكهربائي هناك فمنزله بنفس الطابق .."


تابعت بنسج خيوط هروبها من لؤي و سؤاله بقولها وهي مرتبكة :


" والان يا لؤي ، سنتاخر ..هيا انطلق ، الساعة الان 8.08 ! هذا لا يجوز ..اول يوم أصل فيه متاخرة !


ضحك لؤي بوهج شديد..و راح يدير السيارة بسرعة نحو مكان الشركة ...فرح لنجاح ما كان يرمي له بخبث ..ادرك هو الاخر سرها المخفي وراء سابع باب من ابواب جهنم ...




شبح الرغبة ...


توقف المطر مع توقف محادثتهما الجدلية!


بعدما كان كل واحد مهما يريد اسقاط الاخر في فخ الاعتراف ..حتى يسهل الطريق عليهما و تخرج الحروف المختفية على اطراف الالسنة الى العلن..


لؤي إستمر بالتحديق في ملامح جميلة ، اخذته خصلات شعرها الذهبية الى سهول بلدته العتيقه !


اخذ يبتسم ..غير آبه باختراقه للسيارات التي كانت امامه ، بسرعة حتى صاحت جميلة و احتد صوتها خوفا قائله :


" عزيزي ، ما بك ؟ هل جننت لا أريد ان الحق أحمد بنفس قدره ! "


خاطبته جميلة دون وعي بكلمة اعتادت ان تلحقها باي محادثة تجمعها بزوجها الراحل احمد..وكأن عقلها برمجها على ان لؤي سيحل مكانه قريبا ..او انها في سريرتها تتمنى ذالك و بقوة ..


ضحك لؤي عليها ...و راح ينعطف يسارا باتجاه المبنى الاصفر ..الذي كان شاهقا جدا بجدرانه الزجاجية الجميلة !


رد عليها بسخرية و هو ينظر لها و عيناه تشير فرحا .


"انظري هناك ، هذا هو مقر عملك ، شركتنا بالطابق الخامس .."


اقدم
يخترق بسيارته اشجار الصنوبر التي كانت تجاور اطراف الطريق و تابع قائلا باهتمام..


"كل طابق من هذا المبنى تابع لشركة معينة ، فمثلا الرابع هو خاص بشركة الديكورات و السادس هو فرع لشركة سامسونغ ..اما الاول فهو مجزء الى قسمين ، قسم به كافيتيريا صغيرة و الاخر به مطعم للاكلات الخفيفة طبعا "


تابعه كلامه بشرح وفير ..


"الارضى به مكتب للاستقبال..يوجه زائريه الى مبتغاهم .. اوو لماذا ادقق على كل هذا ، ستعتادين على كل هذا مع مرور الوقت .."


سافر لؤي بجميلة الى عالم اخر ...حاكمه الاول هو العمل و مشقاته ...


استقر (لؤي) بعدها بلحظات الى موقف السيارات ، لاحظت جميلة سرابا من النسوة على عدد اشكالهن ..تهرعن الى الداخل في سرعة ...خافت للحظات لكنها استجمعت قواها و راحت تمسك بحقيبتها الجلدية الحمراء ، تستعد الى الالتحاق هي الاخرى بشركتها !


وقف لؤي و جميلة يتأملان المبنى من الخارج ، خاطبته هي بصوت به ارتباك واضح :


"هل سننجح !؟"


التفت إليها بقلب و نظرات حنونة ...


"لا تقلقي ، طبعا ستنجحين ، نحن معك و هناك (بالطابق الخامس) الكثير من ذوي الخبرات سيساعدونكي ...كل ما عليكي هو التعلم و ستختبرين كل هذا مع الوقت .."


هز على ظهرها كأب حنون ، و راح يسوقها الى الداخل ..


صاح به بواب المبنى الاصفر في جنون ..


"لؤي ...يا سيد لؤي ، دقيقة من فضلك "


التفت اليه بوجهه البشوش (لؤي) ، ابتسم اليه و يداه مخبئتان بجيوب معطفه الرمادي ..


"اه تذكرت ..دقيقة من فضلك ، جميلة ادخلي انتي أولا ، واتجهي بالمصعد الى الطابق الخامس ! انظري هناك هذه (بعدما كان قد اشار إليها بيده ) نرجس فتاة الاستقبال ستفيدك "


استقرت جميلة في الداخل بعدها بثواني ، كان مكتب الاستقبال على يمينها...ابتسمت إليها نرجس و رافقتها الى المصعد ...


"سيدتي مقر شركة العقارات بالطابق الخامس ، سارافقك الى هناك بناءا على طلب السيد لؤي ، تفضلي من هنا ارجوك .."


دخلت السيدتان الى داخل المصعد ، باتت الحيرة مرسومه على وجه جميلة و القلق يدب اخمس قدميها...


كانت تشد على حقيبتها بقوة ، و تقبع بوجهها ارضا كنعامه ..خائفة من اشياء عدة ..و أولها كان المجهول ..


ماهي الى ثواني، حتى قبل أن يغلق المصعد بابه ..بشكل خاطف و غير متوقع ! كمشاهد السنيما تلك .. التحق بهما (بالمصعد) شاب بالثلاثنيات من العمر اشقر ذو عينين زرقاوتين و هندام كلاسيكي يشبه في طلته احد نجوم التلفزيون ..


وبصوت شجي ، سرق منهما لحظات من عمر ..قائلا و البشاشة على وجهه :


"آسف حقا ، اظنني ارعبتكما .."


ابتسمت نرجس له قائلة " لا ، تفضل ارجوك .." و هي تكبس على زر الطابق الرابع ..


"الشاب الاشقر ، هو سليم صاحب شركة الديكورات ! ..رمق جميلة بنظرات كلها اعجاب ..ظنها في بادئ الامر موظفة جديدة ، لكن طلتها هي الاخرى اوحت بغير هذا ، كانت في قمة انوثتها ! معطفها الاحمر و شعرها الذهبي ، فتح عليها اعين كثيرة و اخذت عقله هو الاخر من اول نظرة ..


كان سليم قليل الاهتمام بمن حوله من النساء ، كل قناعاته كانت بانهن صائدات ثروة ، يبحثن فقط عن المال و المكانة الاجتماعية...حتى قابلها (جميلة) ، عدم انتباهها له بكل ما يحمله من وسامة و كاريزما و مكانه .. سرقه و من اول دقائق! فالرجال يعشقون التحدي خاصة لو كانت الرغبة مستعصية الوصول ..!


لتولد بذالك رغبة اخرى ..


هي الثالثة


وشبح جميلة الجديد !



شبح الرغبة..2..


بعدها بدقيقتين ...


الساعة 08.58...


فتح المصعد بابه و الثلاثة في عوالم مختلفة ..في صراع مع خيالهم..


نرجس أخذها هذا الخيال الى كوكب زهري..بعيدا عن واقعها الحالي هذا ، فهي فتاة حالمه بطبعها ..كل آمالها بان تملك يوما براندا للمجوهرات و من غيره سليم طريق لكل هذا ..


الدقيقتين و بجواره هنا داخل المصعد كانو كسنتين ، راحت تحلم بفرح بان تكون هي من تاسره و تسكن قلبه...ككل المسلسلات الكلاسيكية التي جمعت الخادمة بالاميرة و كانت النهاية سعيدة !


سليم لم يبعد عيناه من على جميلة ! عدم مبالاتها به و لوجوده الجليل حرقه داخلا ..


فذهب هو الاخر بمخيلته معها الى فراش شتوي و قمصان نوم متطايرة هنا و هناك على اصوات الاغاني الفرنسية الكلاسيكية و آهاتهما ...ظنها كمثيلاتها من اللواتي دخلن سريره باشارة منه و ابتسامه لتتبعها احلام وردية كبيرة ..


ليجدن انفسهمن على مرمى من الشارع بدون كرامه ، يهددهن شبح الاكتئاب و الفضيحة! ..لكن للرغبة قدر و صفحاتها ستبدا معها و الان ..


اما جميلة فقد كانت الرحيمة على مخيلتها منهما..فكل آمالها و احلامها كانت بسيطة ..النجاح و الاعتياد على هذا النمط الجديد من الحياة !


استيقظ ثلاثتهم من هذا الغبار ..و راح سليم يمد يده كنبيل يرافق جميلة الى الخارج ..كنوع من الاتيكات الاستقراطية ! ليتفاجا بنرجس تردها عنه قائلة :


"السيدة نرجس ستستقر في الطابق الخامس ، فهي المدير الجديد هناك .."


ارتبك سليم و تبخرت كل خيالته معها سماءا قائلا :


"اه ، جيد فلتكن فاتحة خير عليها "


رمقته جميلة بتواضع و رسمت على محياها ابتسامه خجولة صعبة ! استدعتها غصبا للموقف الحالي ...


"شكرا ، و الان يا نرجس تاخرنا هيا بنا "


ردودها كانت باردة ، دلت على الكثير من الجهل في سوق الشغل هذا ..كانت بليدة و انانية الكلمات ، او ربما هو مكر الرغبات !


افترق الثلاثة بصوت المصعد يشق طريقة نحو الطابق الخامس ..


بخبث العاملات اللواتي يتمتعن بخبرة النميمة و دهاء الدخلاء ، اثنت نرجس على سليم و لباقته قائلة :


"سيدتي ، السيد سليم من أروع الأشخاص هنا ، هو جتلمان المبنى الاصفر ، من يلحظ تعامله معنا و طريقته في التعاطي لا يصدق أنه يملك المليارات ! "


وراحت تضحك كخبيثه !


ارادت ان تجس نبض هذه الامرأة التي سرقت منها بريقها اما فتى احلامها ..


لكن جميلة كانت بالمرصاد قولا.. فهي معتادة على هذا النوع من الفتيات من ايام الجامعة ..


نظرت الى عداد الارقام و اجابتها كابليس ..


"لقد وصلنا ، شكرا "


تحجرت نرجس بمكانها ..رمقتها كشيطان حائر و داخلها يعتصر فهي لم تحقق مبتغاها ..اخذت المصعد نزولا و هي تغرق في فقرها....عليهما ! فهي العشيقة الحالية له و تغير عليه حتى من نسمة هواء !


دخلت جميلة الى مملكتها الجديدة ! استقبلها رامي مدير العلاقات العامة بالشركة و لحقه لؤي بالتحية كذالك .. !


"اه لؤي ، هذا انت ، لقد تاخرت "


ابتسم لها لؤي و راح يعرفها على كل من بالمكان ..و رامي الشاب ذو النظرات الوسيم يرافقها باهتمام..


اعجب هو الاخر بجميلة ..بهدوئها و ابتسامتها التي تسبق اي جواب ..


دخلوا المكتب الرئيسي ، مكتب المدير و الذي كان سابقا لاحمد و الان هو خاص بسيدة ..


أجتمع الثلاثة على الطاولة ..و التحق بهم آخرون ..غرقت جميلة في تفاصيل العمل ..توزع اسئلة على كل من بالمكان ..تقرا مستندات و تمضي على اوراق ..


يومين بعد ..


المبنى الاصفر الساعة 10.45


الطابق الخامس. ..


استنفر لؤي بالخروج ...ليلحق ببعض الأعمال التي كانت تنتظر اشرافه خارج الشركة !


ودعها الى حين قائلا :


"و الان يا جميلة ساتركك لساعتين ، موعدنا ظهرا لنتفقد معا منزلك الجديد .."


ابسمت له كعادتها ، معلنة موافقتها ..و راحت تتجول بين موظفيها ..استقبلها مرة أخرى رامي بشوق..و عرض عليها ان ينزلا معا للطابق الارضى ..لشرب كوب من القهوة او تناول وجبة خفيفة ..


لكن جميلة صدته باحترام كملكة !


و راحت تنزل وحدها ، بعد ساعات من العمل الصعب و التفاصيل المملة...


دخلت المصعد مرة أخرى ليلحقها سليم في مفاجأة غير متوقعة منه ..


عشق و جنون ..لكن من طرف واحد ..!


ابتسمت جميلة لسليم فور رؤيته للمرة الثانية بجوارها ٫ بنفس المبنى و المكان (المصعد) !


وكأن المصعد هو جحيمها دائما ما يضعها امام اختبارات غير متوقعة !


فهي لم تنسى يوما كيف كان موقف مشاعرها امام جارها السابق ..فريد ، وبماذا اصابتها من ظلم حقير و خذلان مقيت ..؛


نزل بهما المصعد الى الطابق الأرضي ، الى قعر الجحيم مرة أخرى...كانت الرغبات في اشتعال لكن في اتجاه واحد فقط ..


فسليم كان يختنق برائحتها ، خطفته من اول ابتسامه ، سحرته بتلك الوقفة الشامخة..و راح يفتح معها باب الحديث قائلا :


"هل اعجبك المبنى و العمل الجديد .."


رمقته بنظرات سطحية تنم عن عدم اهتمام و ذهبت تتجاهلله في عدة كلمات قائله :


" أنها اولى الايام لي هنا ، لنرى .."


جن جنونه فعبوسها له و عدم اخذه بتلك الجدية جعله في حالة غليان ..


فكل النساء اللواتي عرفنه قبلا ، شيدن له تماثيل من الانبهار و رصعناها بعديد الجواهر النادرة من الاعجاب و على عدد اشكاله..


فتح المصعد بابه بعدها بثواني ...


وراحت جميلة تجري بخطواتها ، كمثل حورية ، تهرب من معجبيها المغفلين الى بحر النسيان ..


لمحها سليم تتجه الى الكافيتيريا ، فلحقها بعتب شديد ..


أراد بقوة ان يوقعها في شباكه خاصة بعدما علم انها صاحبة الشركة الاكثر نجاحا بالمبنى ؛


هي فرصته ولن يعوضها ..


طلبت جميلة قهوتها و سافرت بخيالها تجلس امام آخر زاوية فيها ..تشاهد طيور النورس و هي تتشاجر ..فالمبنى يطل على ميناء ساحر ..


كان سليم يراقبها كخياله ..تواجد بالمكان و لاول مرة منذ انتقال شركته الى هذا المبنى ، كان حديث المقهى لدقائق ، فعادة لا يقدم هذا النوع من الكرم ..


فهو نرجسي ، يزور فقط المطاعم الفاخرة و لسبب وحيد ، هو خدمة أعماله و عقود صفقاته فقط !


طلب هو الاخر كوب قهوة وسط ، و راح يستغل فرصة عدم تواجد الكثير من العمال بالمكان ليجلس بقرب جميلة ، علها تهديه قليلا من الاهتمام ..


بابتسامة ماكرة قال و كوبه يرتجف بيده !


"هل تسمحين لي ؟"


وضعت كوبها من على يدها و راحت تشير له بالجلوس ..ببرود النساء المخضرمات في اللقاءات الغرامية ..


فهي لم تكن بذالك الغباء ، ادركت ما ينويه ..لكن مظهره الجذاب و سمعته بمكتبها جعلها تفكر في اصرافه عنها دون حقارة ، لربما تجمعهما اعمال في المستقبل ..تكون بذالك تركت للود مطرح ..!


سليم لم يتحمل شفاهها و هي تحتسي تلك الرشفات من القهوة ..كان يحدق بها و يستمتع بكل تفصيل ..كقاتل متسلسل يدرس ضحيته القادمة ، كي لا يترك للصدف ان تخيب بمسعاه !


فقد سيطرته بعدها بلحظات و سالها هذا السؤال المحظور و الغير متوقع !


" يبدو انك تفتقدين لاحمد ، اليس كذالك ؟ كان رجل ولا كل الرجال ، صادق ، امين و حنون على عماله لا يفرق بينهم اطلاقا .."


سقط كوب القهوة من جميلة و هي تستمع اطراءه على زوجها الراحل و ذهبت تركله ببعض الكلمات قائلة :


......




كلام شيطاني ..


" لا اظنك تعرف زوجي الراحل حق معرفة ، فهو غامض كقبر و قليل الكلام جدا اما تعاملاته فاي مدير محترم يجدر به ربح موظفيه و اغلاق افواههم من النميمة و التذمر..وهذا لا يكون الا بالمعاملة الحسنة ..! "


صدم سليم بملامحها الجادة ، و شموخ صوتها و هي تقذف عليه هذه الحروف الثقيلة ..


اجابه بخذلان سحيق قائلا :


" طبعا طبعا ، لديك كل الحق فيما قلته .."


وراح يهرب بكوب قهوته ، يرتشفه كسم معتق ..فمحاولاته في استدراجها و فتح كل تلك الابواب الكلامية المغلقة باءت بالفشل الضريع و عاد الى نفسه خائبا ...


ابتسمت جميلة....فتحول المقهى كله الى ساحة حرب ..قلوب الرجال فيه خرجت من غمدانها ، تبحث عن ارقاب حنان لتسفكها ..كانت رغباتهم بها عطشة ..كصحراء لم يزرها المطر لقرون غابرة..


اشارت بيدها و هاهي كل العيون تخرج من جحورها كثعابين سامه..


التفت سليم و اذا به لؤي قادم ناحهما ..يقبل عليهما بفرح يثلج كل سفوح الجبال تلك ..


" أرى انكما قد تعارفتما ..هل فاتني شيئ ؟ "


جلس يقابلهما ..بعدما ان طلب قهوته


بارزه سليم بكلمات ملحمية كلها احترام و باسنان بيضاء تشق فمه قائلا لجميلة :


"أنه صديقي منذ سنوات ، درسنا معا ! هو اختار أحمد كشريك ، عفوا اقصد زوجك الراحل و انا شققت طريقي لوحدي .."


ادار راسه بحب ناحيته و تابع كلامه ..


قائلا :


" كان كأخ لي بحق ، هو عملة نادرة بزمننا هذا ، نعم الصديق و النصوح ، أحتاج دوما لوقفاته و نصائحه ، انظري فقط الى شركتك هي الانجح بالمبنى ! أظن ذالك بفضله ..


ضحك الثلاثة بانسجام كبير ..


خجل لؤي تحت وطئ هذه الكلمات الشاعرية و راح يبادله بمثيلاتها من الاحترام و التقدير.. :


" و انت كذالك ، لا أجيد نسج هذه الجمل مثلك هاها لكن انت ايضا تعني لي الكثير ، صديق و أخ الكفاح و شكرا *** اننا مزلنا في ظهر بعض .."


عبست جميلة بحاجبيها و استقرت بوجهها ملامح الحيرة و ذهبت إليهما بهذا التساؤل :


" عفوا ، هل كنتما معا بالجامعة ؟ أحمد ايضا ! لم إفهم ، فعندما قابلنا لؤي سابقا قال لي نفس الكلام "


ابتسما و اعلنا لها هذا الخبر و بصوت واحد ..غلبه الفخر .. :


" نعم كنا نحن الثلاثة بنفس الجامعة و الكلية و الفصل ..هاها "


تفاجات جميلة بما تسمعه...الثلاثة اصدقاء بل إخوة و ليس هذا فقط بل الثلاثة ايضا لهم مشاعر يكنونها اليها ..


الاول ارتحل الى غير رجعة اما الاثنان الباقيان فالقدر وحده يعلم ما هي مقبلة عليه معهما ...!



صدفة او
ميعاد . 1


الساعة 11.50


اندمجت جميلة في قصصهما عن حياتهم الدراسة و ذكرياتهما مع زوجها الراحل ..


لم تتخيل خفة ظلهما هذه ، و مدى العاطفة التي كان يحملها زوجها الراحل ، فكل الذكريات كانت تعبر و بصدق عن معدنه الطيب !


مساعدته لسليم في بداياته المهنية ، قبوله للؤي كشريك على الرغم من فقره انذاك..وقصص اخرى لم تستوعبها قط !


لكن سرعان ما نسيت كل اخطاءه معهاو تركتها للنسيان.. لتستقر مكانها هذه اللحظات و المشاهد التي شاركوها معها و كأنها هي رابعتهم ..بالمشوار ..


مر الوقت على هذا ، الى ان رن هاتف سليم ..


استئذنهم بجدية رجال الأعمال الناجحين ، ليلحق عمله و اجتماعه القادم..


" مكالمة من العمل ، يجب ان اذهب ، استمتعت بهذا اللقاء القصير و اتمنى ان نعيده لكن في ظروف آخرى .."


رمق جميلة بنظرات اعجاب شديد قائلا :


" سيدتي كان لي الشرف ان اتعرف بك ! "


قبل يدها باحترام شديد و انصرف الى عمله مسرعا ..


ابتسم لؤي لجميلة و ذكرها بامر هام ، كان قد كلمها عنه صباحا ..


" والان يا شريكتي ، هيا بنا الى حي الزهور ! الا تريدين استكشاف منزلك الجديد ؟ "


ضحكت جميلة كطفلة و راحت تنظر الى الساعة ؛


" لؤي ، يا الاهي انها 12 عشر ! ان الوقت هنا يمر و بسرعة ، اظنني ساعشق هذا العمل و اصبح من مدمناته قريبا .."


اجابها بسخرية قائلا :


" البدايات دائما ما تكون رائعة ، لا تتحمسي اكثر و انتظري الى نهاية الشهر و اتمنى من كل قلبي ان يبقى هذا هو رايك ..بالعمل ، المبنى و بي "


غازلته كمراهقة و بضحكة خفية دقت على باب قلبه قائلة :


" لا اظنني ساغير نظرتي عنك أبدا ولا حتى بعد سنوات .."


اخذت حقيبتها و راحت تعانق ذراعه مرة أخرى !


خرجا من المبنى الاصفر كعاشقين ، ليشتعل كل المكان بالنميمة ! لم يتفطنوا لها فهما حاليا بعالم آخر موازي..


اغلب قوانينه ، العاطفة الجياشة و قلوب تحكي حبا ..


السماء به دائما زرقاء ، و الطيور تغرد ليلا و نهار ! موسيقى ، خضار و احلام وردية ..


و هما على مقربة من موقف السيارات بالمبنى الاصفر ، يتبادلان النظرات و قلبهما برائحة العشق يفوح ..


صاح بهما صوت ليس ببعيد عن ذاكرتهما السابقة قائلا :


" انتما هنا ، جميلة ؟ "


التفت جميلة خلفها في ذعر شديد !


صدمها وجود فريد بالمكان و بحالته هذه ..



اول رغبة و ثلاث جمرات ..


لم تعد اقدام جميلة تحملها ، بعدما رأت فريد بهذه الحالة ..


كان بحال يرثى لها ، شعره مجعد ! و على درجة من السكر عالية ..


ظهر بمنظر شحاد ؛ ملابس متربة ! و عيناه بهالات سوداء تدل على فرط السهر ..


اقترب منها بضع خطوات و هو يبكي راجيا منها ان تكلمه على انفراد !


" ارجوك ، اريد ان احدثك ..لوحدنا ! لقد اشتقت لك ، جميلة ..حبيبتي ! "


تراجعت جميلة بعد هذه الكلمات بخطوات الى الخلف و هي مذعورة ..


سارع لؤي باتجاه جميلة و بذراعه خبئها منه ، كامير في ساحة قتال ..


وصاح في وجهه ينهره كطفل مشاغب قائلا :


" ماذا تريد منها ؟ و ما الذي تفعله هنا ! "


ذهب فريد براسه يبحث عن الأمن ! مستغربا وصول فريد الى هذه المنطقة من المبنى الاصفر ، هل تسلسل ؟ ام نام الليل بطوله حتى استغفل عمال البوابة فجرا ! فهذا التوقيت الوحيد الذي تستبدل فيه الطواقم ..


كانت جميلة ترتجف منه رعبا ، فهيئته تدل على أنه فقد عقله ..او أنه تعاطى شيئا من الممنوعات ..


فهذا ليس فريد ، صاحب الملامح الحادة الجذابة ، ذو طلة الامراء ؛


اجابه و قد بدا بوصلة ضحك هستيرية .. :


" كله بسببك ، انت سرقتها مني ؛ تحوم و تحوم عليها حتى خطفتها كمجرم "


فوجئ الاثنان بما يقوله .. و راح لؤي يعجل بمهاتفة رجال الأمن ..


لم يكد يلحق تفعيل المكالمة حتى هجم عليه فريد و صراخ جميلة يملئ المكان ..


" ساقتلك ، لن ادعك تفرح بها و لو للحظة ! "


اعاد هذه الكلمات مرار و تكرارا لثواني بعد ، اما لؤي فقد كان يصرخ على جميلة و يرجوها بان تبتعد عن المكان ..

1

" اذهبي هيا ! "


وهو يقاوم جثة فريد المزروعة فوقه و ايديه الخشنه العابثة بمحياه الجميل .. !


جرت جميلة ناحيةرجال الأمن ، الذين التحقوا بالمكان بعدها بدقائق !


فوجئت جميلة فور رجوعها الى مكان الحادث بالثلاثة ارضا ..


لؤي ، فريد و سليم !


اتسعت عيناها و فتح فمها بابه دهشة بالمشهد المرسوم على ابواب المبنى الاصفر!



يتبع

جزء7


ذاهبة الى جحيم ابليس و معي رجلان !


الاول زوجي و الثاني لا أعرفه ...


هو فقط يزورني في احلامي ..




ذكرى ...


عندما قابلته اول مرة ، زوجني به ابليس ..لم اكن انا قط ..



ليس قراري ..


مشاعري بريئة من انفساه لكن ماذا تفعل الميته برغبة جلادها ..



لحظة وداع ..


حاصر حراس المبنى فريد ..كانو ثلاثة ! اخذوه عنوة دون سؤال من أمام موقف السيارات ..


كان يتخبط بين ايديهم كعجل مذبوح ، كأسير عابس بعد خسارته لحرب ضروس ..


و أي خسارة ..ضياع هوس العمر و رغبة قاتلة لم تكتمل..


كان يبتعد من المكان وسط صراخ و حمى عويل لم تستقر..ينظر الى الثلاثة بحقد دفين ..


" سا قتلكم ! اعدكم بذالك .. "


تفاجأ سليم بما شاهده من غضب جامح و حكاية لم يفهم من سطورها شيئا بعد و راح يؤكد على الحراس ، بضرورة احتجازه حتى مجيئ الشرطة !


خفق قلب جميلة بدماء شفقة ! عليه و على ما سيلقاه من ايام صعبة اذا احتدمت الامور اكثر و اقبلت على سليم تحاوره ..


لبست قناع الثلج و غطت به ملامحها الحارة من هول ما مرت به قبل قليل ..


قائلة :


" سليم ، لطفا هذا ليس وقته أبدا ! لا أريد أن اتورط بفضائح من هذا القبيل .."


شدت بيد لؤي و اكملت كلماتها على نحو بارد ..


" واضح بانه مخمور ، دعنا منه ارجوك ! "


خذلتها الكلمات و لم تجد مفر آخر ، تقنع به الجموع التي رأت هذه المهزلة..


ابتعد عنها لؤي بضع خطوات ...بوجه غاضب ! و بكلمات قاسية حزم الامر الى غير رجعة ..


اغلق كل ابواب العاطفة .. قائلا :


" اظنك سمعتي تهديداته ..لقد هددنا بالقتل .. ! ماذا لو لم يتدخل سليم و بعده الحراس , عن ماذا تتحدثين يا جميلة ؟ شخصيا لن اتسامح معه اكثر ..لقد تجاوز كل حدوده و أين ! هنا بالعمل و على مرمى الجميع يقذفنا بكل تلك الاتهامات..فضيحة اقسم ..بانها فضيحة ..


خارت اعصاب لؤي ! و اصيب بنوبة انفعال شديدة بعدما شاهد جميلة و هي تستجدي العفو عن فريد و الاكتفاء بابعاده عن المكان فقط ..


دقائق بعد..


استلمت الشرطة فريد من حراس المبنى ..و اكد الشرطي على الثلاثة ( سليم ، لؤي و جميلة ) بضرورة لحاقهم لاخذ اقوالهم ..و معرفة ملابسات الحادث !


لؤي بانفعال : تفضلي ، يجب ان نلحقهم ! سحقا من زيارة المنزل الى الذهاب إلى مركز الشرطة ..على ماذا اصبحت يا الاهي ..


تجمدت جميلة بمكانها و تنفست غضبا..لتصيب لؤي في مقتل قائلة :


" لن اذهب معك ، ساذهب لوحدي .. ! "


تصاعد التوتر بين الإثنين ، فجميلة كانت تنتظر من لؤي ان يوافقها كعادته على طلباتها و يكون بظهرها عند اي التباس...لكن معارضته لها ! جرحها و احزنها فهي مدركة جدا بانه لا يعلم قصتها مع فريد ! فخروجه عن السيطرة ارعبها و خافت من ان هذا المهوس المجنون سيخرج كل ما في جعبته من لحظات عاشهما معا سابقا ...في المغفر هناك ..و تفضح امامهما ..


كان الوقت يجري ..


و جميلة في حيرة ! هي لا تريد ان تهتز صورتها امام لؤي و سليم ..


فالاول يعلم بانها جارته و بينهما نوع من الالفة فقط لا تكاد ان ترتقي الى شيئ آخر ..


اما سليم فلا محل له من الاعراب ، كان كالاطرش في الزفة ..اكتفى فقط برؤيتهما يتجادلان ..


لينطق من قبره الهادئ قائلا .. :


" دعونا لا نتاخر عليهم ( الشرطة ) ، و عندما نصل سنرى .."


انتفاضة ...


كان الثلاثة امام المبنى الاصفر واقفين يتاملون بعضهم بشرارة مقاتل..


كسرت جميلة هذا السكون الذي دام ثواني قليلة بكلمات نزلت كبرق كاسر على لؤي ..


نظرت الى سليم و اعلنت هذا النبأ الغاضب !


" حسنا يا سليم أين هي سيارتك ؟ سارافقك الى هناك ( مركز الشرطة) ، طبعا انت على حق دعنا لا نتاخر اكثر .."


رمقها لؤي كمجنون و راح يسير بخطوات متسارعة ناحية سيارته ..ركبها كحصان و اقلع بها ؛ تحت سرعة كبيرة لفتت الانظار اليه ، فالعجلات من غضبه صرخت دخانا..


اوقفها امامهما ، نزل منها كسيل جارف في تربة جافة....فتح بابها الايمن و راح يشد ذراع جميلة ..


"اركبي و الان ، لا يوجد لدينا وقت حقا ، كما تقولين ! لهذا سنسرع الان ..حالا .. "


صاح به سليم قائلا :


" رفقا بها يا لؤي ، ستكسر ذراعها .. ما بك "


و رمق جميلة بملامح تهدئ من روعها و ترسل بها كحمامة مع صديقك المتهور...


ابتسمت له على عجل ، تؤكد بهذا موافقتها له و هي تزحف بخطواتها الى داخل السيارة ..


اغلق لؤي باب سيارته عليها (جميلة) ، و راح يجري الى الناح الاخر ..


اسدلت هي ستار السيارة و بعثت الى سليم حروفا بعبق الربيع المنتظر ..


قائلة:


" سليم هيا رافقنا ، الى نفس المكان و مع نفس الصديق و مع احلى شريكة لك بالمستقبل العاجل..! "


ضحكت جميلة بعد رميها لهذه القنابل على طريقهما الوعر ، استطاعت و في ظرف ثواني ان تقلب داخلهما الى جنة و نار !


انطلق الثلاثة و هم على ارتياح تام ، بان كل المشاحنات قد ظلت طريقها اليهم... و ارتحلت الى مكان اخر ..


لتسكن مكانها اشباح اخرى جنونية اكثر ، ماذا تقصد جميلة بهذه الكلمات .. ؟


بدات الرياح كعادتها تضرب الاشجار الموجودة على طول الطريق و السماء لم تنسى عادتها تلك ، فبعثت برسائل من ماء الى زجاج نوافذ سيارة لؤي !


نهض سليم من مكانه يشكوها الى صديقيه قائلا :


" جو كئيب و مكان ليس باحسن حال منه سنزوره قريبا "


ابتسمت جميلة و غازلته بذكاء قائلة :


" كيف لرجل وسيم و ذو ظل خفيف مثلك ان يكره المطر و رياح الامل هذه ! اتدري يا سليم انا اعشق الشتاء لا لشيئ فقط لأنه يشفي روحي العطشة الى العاطفة ! "


تسمر الرجلان مكانهما ..لم يصدقا هذه الجراة منها و راح يتجول بخاطرهما وسواس مبهم !


اشتعل لؤي بنار الغيرة ، و استنفر بسرعة كبيرة حتى لا يلحق سليم باجابته لجميلة فيتحول هو بعدها من بطل مغوار الى كومبارص فاشل في سماء رغبتها الزرقاء ..


" لقد وصلنا ، انظرو انهم يدخلونه الى الداخل (يقصد فريد ) !


ذهبت جميلة في غير وعي بيديها تمسك ذراع لؤي ! اعلنت على عجل بانها تفضله على سليم الذي جلس يقطع شفا هه بحسرة ..


نزل الثلاثة ..عانقت جميلة مرة أخرى يدي لؤي و تبعهما سليم من الوراء يشكوا رغبته المسجونه ؛ قال في نفسه :


" ستكونين لي أعدك بذالك ، مهما كلف الامر .."



الوداع ..


دخل الثلاثة إلى مركز الشرطة في ارتباك شديد ، خطواتهم متثاقلة و كأنهم يحملون من صخور الجبال ما يحملون !


فجميلة كانت في حرج شديد ، تفكر من أين ستسقي كل هؤلاء ، فضولهم الى الحقيقة ! علاقتها بفريد و زوجها الراحل ..


هل تخفي كل ما عاشته معه في صندوق اسود و ترمي بكل مفاتيح الرغبات التي بداخله في بحر عميق !


ام تصارح الجمع هنا ، بكل تلك الأحداث السابقة ، فهي لم تنكر للحظة صدق ما عاشته مع الثلاثة ..ولو تحت حزام من نار ..


" سيدتي ، المعتدي يقول بانه من معارفك (طبيبك الخاص) ، جاء ليزورك و يطمئن عليك بعد غيابه عن الحي لايام ، فقصد مكان عملك عن جهل بما سيحدث بعدها ! استفز من شريكك فحدث ذالك العراك "


غابت جميلة عن وعيها تماما و أمام الشرطيان اللذان كانا بصدد تحرير المحضر !


لم تسمع من كل كلامهما الا كلمتين " طبيبك الخاص" ، لتفقد وعيها و تفترش الارض هذه المرة وحيدة دون شريك ..كقبر بارد يشد على صاحبته من هول ما اقترفته من آثام و رغبات ماجنة ..


نادى الشرطي على لؤي و سليم ، يخبرهما بما حدث لها ! و هل هي ضريرة بمرض ما ، يستلزم منهم نقلها الى اقرب مستشفى ..


انكر الاثنان معرفتهما بحالتها هذه ..لكن فريد أقبل على الجميع و بخبث ابليس الماكر ، اخبرهم بانه سبق و ان كشف عليها سابقا و بصحبة زوجها أحمد ..فهو طبيب العائلة !


" السيدة لا تعاني من شيئ ، ينزل ضغطها أحيانا عندما تعاني من إجهاد ، بالمناسبة انا طبيب ، اقصد طبيبها و اعمل بالمستشفى الفلاني.. ! "


نظر الجميع اليه و هم محتارين ، كيف لمخمور كهذا ان يكون طبيب ! او أنه ادعى ذالك ..سال لؤي صديقه سليم و هو يرمقه بنظرات استغراب ..


ليشبع الشرطي الواقف معهما فضوله قائلا :


" كشفنا عليه قبل قليل ، لا يوجد اي أثر للخمر او الممنوعات بدمه "


ذهب الاثنان بحيرة واضحة يرمقانه (فريد ) من بعيد و علامات الاستفهام كانت بادية جدا للعيان..


ضحك فريد عليهما بعيون ساخرة و راح يغادر صوب جميلة التي كانت لتوها تستفيق من صرعها ..



" فريد انت هنا ، ماذا حدث لي ! "



" رغبتي بفريد ، لم تكن كمثيلاتها مع اجسا د
اخرى ، فعنده
كان ينتهي كل شيئ ..



ليس قراري ..


مشاعري بريئة من انفساه لكن ماذا تفعل الميته برغبة جلادها ..



لحظة وداع ..


حاصر حراس المبنى فريد ..كانو ثلاثة ! اخذوه عنوة دون سؤال من أمام موقف السيارات ..


كان يتخبط بين ايديهم كعجل مذبوح ، كأسير عابس بعد خسارته لحرب ضروس ..


و أي خسارة ..ضياع هوس العمر و رغبة قاتلة لم تكتمل..


كان يبتعد من المكان وسط صراخ و حمى عويل لم تستقر..ينظر الى الثلاثة بحقد دفين ..


" سا قتلكم ! اعدكم بذالك .. "


تفاجأ سليم بما شاهده من غضب جامح و حكاية لم يفهم من سطورها شيئا بعد و راح يؤكد على الحراس ، بضرورة احتجازه حتى مجيئ الشرطة !


خفق قلب جميلة بدماء شفقة ! عليه و على ما سيلقاه من ايام صعبة اذا احتدمت الامور اكثر و اقبلت على سليم تحاوره ..


لبست قناع الثلج و غطت به ملامحها الحارة من هول ما مرت به قبل قليل ..


قائلة :


" سليم ، لطفا هذا ليس وقته أبدا ! لا أريد أن اتورط بفضائح من هذا القبيل .."


شدت بيد لؤي و اكملت كلماتها على نحو بارد ..


" واضح بانه مخمور ، دعنا منه ارجوك ! "


خذلتها الكلمات و لم تجد مفر آخر ، تقنع به الجموع التي رأت هذه المهزلة..


ابتعد عنها لؤي بضع خطوات ...بوجه غاضب ! و بكلمات قاسية حزم الامر الى غير رجعة ..


اغلق كل ابواب العاطفة .. قائلا :


" اظنك سمعتي تهديداته ..لقد هددنا بالقتل .. ! ماذا لو لم يتدخل سليم و بعده الحراس , عن ماذا تتحدثين يا جميلة ؟ شخصيا لن اتسامح معه اكثر ..لقد تجاوز كل حدوده و أين ! هنا بالعمل و على مرمى الجميع يقذفنا بكل تلك الاتهامات..فضيحة اقسم ..بانها فضيحة ..


خارت اعصاب لؤي ! و اصيب بنوبة انفعال شديدة بعدما شاهد جميلة و هي تستجدي العفو عن فريد و الاكتفاء بابعاده عن المكان فقط ..


دقائق بعد..


استلمت الشرطة فريد من حراس المبنى ..و اكد الشرطي على الثلاثة ( سليم ، لؤي و جميلة ) بضرورة لحاقهم لاخذ اقوالهم ..و معرفة ملابسات الحادث !


لؤي بانفعال : تفضلي ، يجب ان نلحقهم ! سحقا من زيارة المنزل الى الذهاب إلى مركز الشرطة ..على ماذا اصبحت يا الاهي ..


تجمدت جميلة بمكانها و تنفست غضبا..لتصيب لؤي في مقتل قائلة :


" لن اذهب معك ، ساذهب لوحدي .. ! "


تصاعد التوتر بين الإثنين ، فجميلة كانت تنتظر من لؤي ان يوافقها كعادته على طلباتها و يكون بظهرها عند اي التباس...لكن معارضته لها ! جرحها و احزنها فهي مدركة جدا بانه لا يعلم قصتها مع فريد ! فخروجه عن السيطرة ارعبها و خافت من ان هذا المهوس المجنون سيخرج كل ما في جعبته من لحظات عاشهما معا سابقا ...في المغفر هناك ..و تفضح امامهما ..


كان الوقت يجري ..


و جميلة في حيرة ! هي لا تريد ان تهتز صورتها امام لؤي و سليم ..


فالاول يعلم بانها جارته و بينهما نوع من الالفة فقط لا تكاد ان ترتقي الى شيئ آخر ..


اما سليم فلا محل له من الاعراب ، كان كالاطرش في الزفة ..اكتفى فقط برؤيتهما يتجادلان ..


لينطق من قبره الهادئ قائلا .. :


" دعونا لا نتاخر عليهم ( الشرطة ) ، و عندما نصل سنرى .."


انتفاضة ...


كان الثلاثة امام المبنى الاصفر واقفين يتاملون بعضهم بشرارة مقاتل..


كسرت جميلة هذا السكون الذي دام ثواني قليلة بكلمات نزلت كبرق كاسر على لؤي ..


نظرت الى سليم و اعلنت هذا النبأ الغاضب !


" حسنا يا سليم أين هي سيارتك ؟ سارافقك الى هناك ( مركز الشرطة) ، طبعا انت على حق دعنا لا نتاخر اكثر .."


رمقها لؤي كمجنون و راح يسير بخطوات متسارعة ناحية سيارته ..ركبها كحصان و اقلع بها ؛ تحت سرعة كبيرة لفتت الانظار اليه ، فالعجلات من غضبه صرخت دخانا..


اوقفها امامهما ، نزل منها كسيل جارف في تربة جافة....فتح بابها الايمن و راح يشد ذراع جميلة ..


"اركبي و الان ، لا يوجد لدينا وقت حقا ، كما تقولين ! لهذا سنسرع الان ..حالا .. "


صاح به سليم قائلا :


" رفقا بها يا لؤي ، ستكسر ذراعها .. ما بك "


و رمق جميلة بملامح تهدئ من روعها و ترسل بها كحمامة مع صديقك المتهور...


ابتسمت له على عجل ، تؤكد بهذا موافقتها له و هي تزحف بخطواتها الى داخل السيارة ..


اغلق لؤي باب سيارته عليها (جميلة) ، و راح يجري الى الناح الاخر ..


اسدلت هي ستار السيارة و بعثت الى سليم حروفا بعبق الربيع المنتظر ..


قائلة:


" سليم هيا رافقنا ، الى نفس المكان و مع نفس الصديق و مع احلى شريكة لك بالمستقبل العاجل..! "


ضحكت جميلة بعد رميها لهذه القنابل على طريقهما الوعر ، استطاعت و في ظرف ثواني ان تقلب داخلهما الى جنة و نار !


انطلق الثلاثة و هم على ارتياح تام ، بان كل المشاحنات قد ظلت طريقها اليهم... و ارتحلت الى مكان اخر ..


لتسكن مكانها اشباح اخرى جنونية اكثر ، ماذا تقصد جميلة بهذه الكلمات .. ؟


بدات الرياح كعادتها تضرب الاشجار الموجودة على طول الطريق و السماء لم تنسى عادتها تلك ، فبعثت برسائل من ماء الى زجاج نوافذ سيارة لؤي !


نهض سليم من مكانه يشكوها الى صديقيه قائلا :


" جو كئيب و مكان ليس باحسن حال منه سنزوره قريبا "


ابتسمت جميلة و غازلته بذكاء قائلة :


" كيف لرجل وسيم و ذو ظل خفيف مثلك ان يكره المطر و رياح الامل هذه ! اتدري يا سليم انا اعشق الشتاء لا لشيئ فقط لأنه يشفي روحي العطشة الى العاطفة ! "


تسمر الرجلان مكانهما ..لم يصدقا هذه الجراة منها و راح يتجول بخاطرهما وسواس مبهم !


اشتعل لؤي بنار الغيرة ، و استنفر بسرعة كبيرة حتى لا يلحق سليم باجابته لجميلة فيتحول هو بعدها من بطل مغوار الى كومبارص فاشل في سماء رغبتها الزرقاء ..


" لقد وصلنا ، انظرو انهم يدخلونه الى الداخل (يقصد فريد ) !


ذهبت جميلة في غير وعي بيديها تمسك ذراع لؤي ! اعلنت على عجل بانها تفضله على سليم الذي جلس يقطع شفا هه بحسرة ..


نزل الثلاثة ..عانقت جميلة مرة أخرى يدي لؤي و تبعهما سليم من الوراء يشكوا رغبته المسجونه ؛ قال في نفسه :


" ستكونين لي أعدك بذالك ، مهما كلف الامر .."



الوداع ..


دخل الثلاثة إلى مركز الشرطة في ارتباك شديد ، خطواتهم متثاقلة و كأنهم يحملون من صخور الجبال ما يحملون !


فجميلة كانت في حرج شديد ، تفكر من أين ستسقي كل هؤلاء ، فضولهم الى الحقيقة ! علاقتها بفريد و زوجها الراحل ..


هل تخفي كل ما عاشته معه في صندوق اسود و ترمي بكل مفاتيح الرغبات التي بداخله في بحر عميق !


ام تصارح الجمع هنا ، بكل تلك الأحداث السابقة ، فهي لم تنكر للحظة صدق ما عاشته مع الثلاثة ..ولو تحت حزام من نار ..


" سيدتي ، المعتدي يقول بانه من معارفك (طبيبك الخاص) ، جاء ليزورك و يطمئن عليك بعد غيابه عن الحي لايام ، فقصد مكان عملك عن جهل بما سيحدث بعدها ! استفز من شريكك فحدث ذالك العراك "


غابت جميلة عن وعيها تماما و أمام الشرطيان اللذان كانا بصدد تحرير المحضر !


لم تسمع من كل كلامهما الا كلمتين " طبيبك الخاص" ، لتفقد وعيها و تفترش الارض هذه المرة وحيدة دون شريك ..كقبر بارد يشد على صاحبته من هول ما اقترفته من آثام و رغبات ماجنة ..


نادى الشرطي على لؤي و سليم ، يخبرهما بما حدث لها ! و هل هي ضريرة بمرض ما ، يستلزم منهم نقلها الى اقرب مستشفى ..


انكر الاثنان معرفتهما بحالتها هذه ..لكن فريد أقبل على الجميع و بخبث ابليس الماكر ، اخبرهم بانه سبق و ان كشف عليها سابقا و بصحبة زوجها أحمد ..فهو طبيب العائلة !


" السيدة لا تعاني من شيئ ، ينزل ضغطها أحيانا عندما تعاني من إجهاد ، بالمناسبة انا طبيب ، اقصد طبيبها و اعمل بالمستشفى الفلاني.. ! "


نظر الجميع اليه و هم محتارين ، كيف لمخمور كهذا ان يكون طبيب ! او أنه ادعى ذالك ..سال لؤي صديقه سليم و هو يرمقه بنظرات استغراب ..


ليشبع الشرطي الواقف معهما فضوله قائلا :


" كشفنا عليه قبل قليل ، لا يوجد اي أثر للخمر او الممنوعات بدمه "


ذهب الاثنان بحيرة واضحة يرمقانه (فريد ) من بعيد و علامات الاستفهام كانت بادية جدا للعيان..


ضحك فريد عليهما بعيون ساخرة و راح يغادر صوب جميلة التي كانت لتوها تستفيق من صرعها ..



" فريد انت هنا ، ماذا حدث لي ! "



" رغبتي بفريد ، لم تكن كمثيلاتها مع اجسا د
اخرى ، فعنده
كان ينتهي كل شيئ ..



عودة ابليس الى
عشه ..


" ربما هو الثاني لي في هذه الحياة ، الوحيد الذي ياخذني الى عالم الرغبات ، يحاور جسدي كابليس و انعم به حقا تحت فرا ش من حرير الرغبة و حريق الجمرات ! "


...


لا شيئ ، مجرد اعياء بسيط ربما لم تتناولي فطورك هذا الصباح..


" قال فريد "


وهو يحن عليها بنظرات تحمل من العاطفة الكبيرة ما يغرق جيوشا من العشاق..


لحقهما سليم و لؤي كغربان جائعة ! تبحث عن ما يشبع فضولها !


" جميلة هل انتي بخير ، هل تحتاجين لشيئ ! قولي "


قال لؤي وهو يبعث بصواريخ حارة ، ذخيرتها كانت من رصاص الغيرة و فتيلها حقد واضح ..


اجابته " جيدة لا تقلقوا "


دقائق بعد ..


غادر الثلاثة مغفر الشرطة و القلق وشاح ارتادوه غصبا في هذا الشتاء !


فبفضل سليم و معرفته المسبقة مع المدير اقفل هذا الملف الفارغ و العامر باصرار الشهوا ة ..


تحت مطر العصر ، و خطر الرسائل التي كانت تنبعث من اعين الرجال الثلاثة ، باتجاه جميلة ..


صرح فريد بكلمات صاخبة بمراده الاصيل بان يستجدي غفران معشوقته قائلا :


" اذهبي للمنزل و ارتاحي , ساعاود فحصك في المساء ! و لا تنسي تناول بعض الاشياء ارجوكي "

استغرب لؤي من جرأته هذه ! و راح يستفر غيرته كمثيلتها في الصباح ..


قائلا :


" جميلة هيا ساوصلك لمنزلك الجديد ! "


عبس فريد بملامحه و بات عليه الغليان!


قال في نفسه " اي منزل ؟ الذي يتكلم عليه هذا الاحمق !


كان الاثنان يتعاركان بالكلمات عصرا ، و حبات المطر تخدر من آلام شهو تهما المتقدة ..


اما جميلة فكانت في غير دنيا ، تتاملهما باستمتاع كبير و هما يتقاتلان عليها في حرب باردة باستخدام اسلحة الردود !


تدخل سليم بحب كبير و تقدير واضح للموقف..


خاطبها ..


" دعونا نغادر ، فالمرض يتسبب و ربما يكون زائر غير مرحب به في اجواء كهذه ! لؤي ، جميلة هيا "


و راح الثلاثة يركبون في السيارة ، غادرو تحت انظار فريد الذي كان يكيد لجميلة عشقا ..


ساعتين بعد ..


كانت جميلة في المطبخ ! تحت اصوات البرق تسكب من الحساء الساخن الذي كان لؤي قد اعده لها ! قبل مغادرته ..


كانت تشربها و الحنين ياخذها غربا إلى بلاد النسيان...فهذه آخر ليلة في هذا المنزل ..ذكريات و ذكريات و هي تنظر الى نافذة المطبخ ! ..


صاح بابها بدقات بدت مؤلوفه ! غادرها ذالك الحنين الى غير رجعة و دخل الى قلبها الارتباك ، حدثت نفسها بثواني قائلة :


" هو ، فريد "


اقبلت عليه بخطوات متثاقلة ، كستها قشعريرة بمذاق الحنان ..


فتحت له الباب بتواضعها المعروف ، ابتسمت عندما صدق حدسها بانه هو ..


" فريد ، هذا انت "


دخل ، و شفتاهما على واجهة بعض تقترب شيئا فشيئا ! واقفان باقدامهما على ارض حمراء ! ثالثهما ابليس ..




لقاء الشياطين ...


" أتذكر ذالك اليوم جيدا ، فحقيقته وحدها من جعلتني ادخل ذالك القفز مرغمة ..و للابد !"


"
هل انتي بخير ؟ "


هذه اول الكلمات التي نطق بها فريد ، بعد ابحاره في عيني جميلة لدقائق ..


هي ايضا لم تتوقف عن الغوص و بعمق في تلك العينين و الملامح التي كانت قد اسرتها و عذبتها لايام ..


فقررت الهجوم لمرة واحدة ..


بشجاعة و للابد ..


سئمت من الدفاع دائما وسط هذه النيران التي لطالما احرقت جدرانها لشهور مضت ..


" بخير ..عندما رايتك تحسنت اكثر ! "


نطقت هذه الكلمات ، وهي تدرك مخاطرها ..لم تكتفي الى هذا الحد ، بل لم تتراجع ايضا..حدقت به لثواني بعد ! ابتسمت ، اغمضت عيناها و راحت تقبله بشوق كبير ..


احتضنته بقوة و كأنها ارض قاحلة تغتصب الماء لتروي عطشها الذي دام لسنوات ..


هو ايضا عا نقها بقوة ، بذراعيه ! تمشيا على طول الطريق المؤدي الى الصالون حتى واقعا بكنبته تلك ..تحت الانين و الصراخ الجميل الذي يجعل من الجبال تنهار الى تراب !


لم يسمع من كلامها هي سوى إعلانات الحب , التي كان صدها قوي في المكان ..


تخللته اصوات وجع من نوع آخر ، المميز بحلاوته !


" احبك ! "

قال و هو يرمي بقميصه ارضا ..


" وانا ايضا احبك "


قالت .. !


و هي تساعده على الخروج من ملابسه..........الى العرا ء !


كانا يذوبان كقطعتي سكر بكوب قهوة دافئ..


لم ينتبها لقدوم الموت من خلفهما...فاستيقظ كلاهما على صيحته قائلا :


" ماذا تفعلان ، يا الاهي ما هذا "


وراح ينقض على فريد ، يلكمه دون توقف ..


كان لؤي ..



" لؤي ، قبل أن يغادر منزل جميلة اخذ المفتاح الاحتياطي الذي كان لزوجها الراحل احمد ..لم تنتبه هي لكلماته فقد ضرب لها موعدا بعد حوالي ساعة ..كان سيجلب لها الدواء و بعضا من اللوازم الاخرى الخاصة بالمطبخ "


يتبع...

الجزء 8

وسوسة ابليس. .


غادرت جميلة الى شقتها و خيالها يثقلها ، تخاطب نفسها كمجنونة !


" كيف فعلت هذا ، ماذا حدث ، غبية ؛ حمقاء .. "


اغلقت بابها وراءها و سقطت على الجدار تندب حظها ، ايامها ، و وحدتها ..


فابليس كاد ان يتمكن منها لولا دخول لؤي في الوقت المناسب ، فاحتراقها بانفاسه حولها لرماد كانون ! تناثرت جزيئاته بالمكان لترسم لوحة من جنون , فيها من الألوان السبع ، غلب عليها الاحمر و غادرها البياض الى غير رجعة ..


بعدها بثواني ..


" لؤي انتظر ارجوك ، دعني اشرح لك .."


بهذه الكلمات البسيطة توجه فريد الى عدو رغبته بالكلام تحت امطار غزيرة اغرقتهما بمكانهما ..فحرارة الموقف اشعلتهما داخلا ، فلم يكونا بحاجة الى الاختباء اكثر ... من حباتها الباردة ..


توقف لؤي بمكانه كشمعة ، تشتعل لثواني بعين واحدة قبل أن تنطفئ تحت رعد فريد و كلماته...


استجمع الاخر بأسه و راح يرمي بهذه المبررات على وجهه قائلا :


" لم اكن انا صدقني ، تخيلتني أحمد اقسم لك ! "

و سافر به الى لحظاتهما التي جمعتهما قبل قليل ، و خاط شباك كذباته بدقة ..كعنكبوت !


قائلا ..


" سقوطها ارضا في مركز الشرطة استدعا لديها ذكريات موجعة ، الوحدة و ما مرت به من احداث جعلها. تتشوش ، لذالك خاطبتني على انني زوجها أحمد و انا من ارتباكي انغمست معها في وهمها هذا علني اساعدها .. !

" ارجوك لا تطل اكثر فهي بحاجة الى الامان اكثر من اي وقت مضى .. "


غادر لؤي غضبه بعدما سمع من فريد و استهداه عطفه عليها .. اشفق على حالها هذا و ما وصلت به حال ..اقتنع اكثر بضرورة مغادرة جميلة ذالك المنزل ..و ذهب بخطواته راجعا إليها ..

بامل و حب ..كبيرين



كسر خاطر ..


حمل خطواته الشغوفة و ذهب عائدا اليها وهو كله امل بان توافق على طلبه المفاجئ العزيز هذا..


تجاوز فريد دون اي كلمة منه ، فكأنه خيال او أنه كان يحدث شبحه !


احتقر نفسه للحظات ؟ كيف له أن يترك جميلة لهذا الذئب الوحشي ..


زاد حقده اكثر على فريد بعدما سمع منه كل هذا ! تظاهر باقتناعه امامه و قرر في بضع دقائق ان ينجد منه تلك الوردة الى الأبد ..و يغادر بها هذا الحي الكئيب ..

صعد بالمصعد و بروحه فرحة ! حماس البدايات و لهفة اللقاء بالحبيب...


وصل في دقيقتين الى بابها! طرقه بهدوء واضح ، و داخله ينبض عشقا..


اعترف لنفسه أخيرا بانه يحبها. .


وقال مخاطبا نفسه ..


" هل ستوافق ؟ بان اتزوجها و تكون شريكتي بهذه الحياة "


لكن كل هذا تبخر في الهواء ..سرقت احلامه و صارت ملامحه تشبه ذالك العجوز الفقير ..بعدما فتح له الباب شخص آخر غير متوقع بالمرة..


كان سليم ..ضاحكا كطفل.. يخبره هذا النبأ العظيم


كسر خاطره بحروف شيطانية ..


قائلا دون مقدمات ..و ببساطة متقنة!


" الن تبارك لي ؟ جميلة وافقت على الزواج بي ! "


" اعلان هام.."


استقبل لؤي هذا الخبر و هو غير مصدق ! ففي الصباح فقط كان كل شيئ على ما يرام بينهما..جميلة كانت تمازحه ، تغازله ..حتى أنه فكر للحظات بانها ستعرض عليه الزواج ..


تقدم اليه سليم و عانقه فرحا ..اقبلت هي من المطبخ تبتسم ! واقفة امامه و عيناها تضحكان كطفلة !


مالت برقبتها ، تحدق بهما كجنية !


خاطبته دون استحياء قط قائلة :


" ارى ان صديقك قد اخبرك ! الن توافق ؟ "


وضحكت ضحكة صفراء ..مصطنعة !


وكانها تنتقم من نفسها و منه لشيئ ما هو لا يعلمه..


و راح الثلاثة يدخلون الى الصالون ، لكن لؤي كان بربع جثة ! بقايا رجل مهزوم ..لم يفهم من كل هذا شيئا !


جلس سليم و جميلة على يساره..ابتسم لها و هو يخاطبها برقي :


" ماذا ؟ هل اعيد طلبي له مرة أخرى"


ضحكت وهي تطبق على فمها بيدها كسيدة من العصر الفكتوري ..


رمقته بنظرات مجنونة !


و قالت :


" طبعا " ..


سليم :


" لؤي صديقي العزيز ، أحتاج لموافقته حالا فدونها ستعود هي عن قرارها و هذا كان شرطها فهي تعتبرك كأخ لها ! فاجاتك عند الباب بنصف خبر لانني ادرك اجابتك مسبقا ، والان هيا قل اانت موافق على زواجي من شريكتك جوليا ؟ "


ارتعب لؤي مما يسمعه و بقي ينظر إليهما كمعتوه ! جبينه يتصبب عرقا باردا ..و عيناه غارقتان بعيدا في المحيط ..


حاول ان ينطق بكلمات ، لكنه لم يستطع ..


ليهتز مرة أخرى بمكانه ... بضحكاتهما تملئ المكان ..


و هما يقولان بصوت واحد ..


" أنها مزحة ..! "


مشاعر حقيقية ..


صاح لؤي من مكانه فور نطقهما بهذه الحقيقة ! شعر بداخله ينقلب الى حديقة ..صرخ لحد الجنون بهذه الكلمات ..


" مزاح ! يا الاهي انهما يمزحان ..."


ذهب كل هدوئه الى غير رجعة و استقر مكانه حماس الاطفال باللعب الجديدة ..


انطلق من مكانه الى جميلة كالبرق و راح يعانقها بشدة ..


قبلها على خدها دون خجل ...ثم عانقهما كلاهما ..


كاصدقاء من ايام الزمن الجميل ..


انتبه سليم لمشاعره ( لؤي) و احترق داخلا ، لكن دون ان يفصح عن ذالك ! ..اقلقه ذالك حقا ..


واسترجع بفعلها بعضا من المشاهد ..كانت قد جمعته بجميلة ..عندما وصل الى باب منزلها..و وجده مفتوحا ..


انتبه لصوتها تبكي بالصالون فدخل دون سؤال او حتى طرق على الباب ! عانقته هي فورا و راحت تقص عليه غضب لؤي منها ..لكنها اخفت السبب واكتفت بقولها " مشاكل في العمل فقط " ..


طلبت منه المساعدة ! لأنها لا تقدر على شيئا بدونه..فهو ليس بشريك عمل فقط ! بل اكثر من ذالك ..


طمئنها بصدق ..و كشف على خطته لها لاسترجاع رحمته و صداقته بها ..


فلؤي كالطفل ، يدفن غضبه عند اي مزاح حقيقي ..يضحك و ينسى ! وكأن شيئا لم يكن ، فهذا هو طبعه من ايام الجامعة و حسبه لم يتغير أبدا ..ظل بنفس الطبع ..


ثواني بعد ..


قطع عليها هذا المرح و راح يرمي بمسدس كلماته عليهما قائلا :


" تبدوان كزوجين راجعين من فراق نص ساعة ! "


أحمر كلاهما بعد
هذه الكلمات الحارة ..


لكن جميلة لم تفوت الفرصة و ارجعت اليه طلقاته بصاروخ ..اخترقه و ارداه قتيلا ..


قالت ممازحة :


" لؤي زوج رائع .."


وضحكت ..




"مزحة ، فحقيقة .."


استقبل لؤي هذا المديح بصدر رحب ، تشجع كثيرا فور قراءته لتعابير وجهها الجميل


وراح يقذف بهذه الكلمات عليهما ..ليحدث بذالك طوفانا من المشاعر المختلطة..


" انا زوج جيد لك ، او حقا اوافقك الراي و انتي كذالك لن اجد مثلك كرفيقة درب ! تملكين من المحاسن ما يثلج قلبي و يستهوي روحي ..فلنجرب ذالك ما رايك "


رمقه الاثنان بذهول شديد ..


جميلة تحجرت بمكانها ، فما سمعته من لؤي لم يكن مزاحا قط .. كان جاد بكل حرف نطقه ..


اما سليم فضحك ضحكة صفراء ..استغرب جراءة صديقه و هو الذي عهده خجولا ، لا يجيد السباحة في قلوب النساء و تخبطات احاسيسهن !


واصل لؤي هذا المد من الهجمات الغير متوقعة و عاود سؤالها مرة أخرى :


" ماذا قلتي ؟ هل اخطبك و الان "


ابستمت هي لثواني بعد ، ظنته مازحا ..و ردت عليه بحرارة !


قائلة :


" دعنا من هذا المزاح الثقيل يا صديقي ! فنحن لن نسمح لك بتوريطنا و اخذ حقك منا ! هيا لنوقف هذه اللعبة و الان ! "


جلست بمكانها مترددة و تابعت كلماتها ..


" دعونا نتكلم عن العمل .."


قاطعها و هو يتحرى اجابتها ..لاحظ عليها الحياء الجميل و تبدل لون خديها للوردي ، ادرك قبولها به و لو لم تنطق بذالك علنا ..


اشار لصديقه سليم مبتسما :


" انظر الى زوجتي المستقبلية ، كيف يغرقها الخجل و يتمكن منها التردد عندما تكون موافقة ! اظنك ستشهد على عرسي قريبا .. "


لم تتمالك جميلة نفسها و راحت تخرج من الصالون الى غرفتها هاربة ..


فهذا الطوفان الذي احدثه لؤي ! انتزعها أخيرا و من جذورها ..ليظهر عليها الحب أخيرا ..


رغم كل الترقيعات ..


كان باب المنزل مفتوحا ، ظهر منه فريد يسترق السمع و هو في حالة دهشه !


تبدلا كلاهما النظرات ...قبل أن يهرع هو الى منزله و خياله به غضب !


اما هي فاغلقت على نفسها غرفتها الى حين ..



مزحة فحقيقة جزء 2


رمت جميلة بجثتها فوق السرير ، و بدات بمشاهدة انعكاسها على مرآة الخزانة..


تسترجع ذكريات الماضي و ما تفعله شياطين الرغبة بها ..و كأنها في حلقة دائرية تعيد نفسها بنفسها مع نفس الأحداث باختلاف الأشخاص !


بالماضي كان أحمد مع لؤي و فريد بالصالون ، أين خاضت اول معركة ضد الرغبة ! انتصر فيها القدر و انصفها من زوج خائن !


جلعتها تنتشل ضعفها من بئر غامق متعفن بملذات الجسد و احقاد الزمان ..


هاهي اليوم تعيد نفس المعركة مرة أخرى ..مع ثلاثة اخرين !


الاول ..


لؤي من يريدها امام ضوء الشمس و يقف بها كسند في معترك هذه الحياة ..


الثاني ..


سليم لم تفهم منه الا شهوانيته الواضحة اتجاهها ، ربما رغب بها كمثيلاتها من العشيقات المضحيات بسمعتهن في سبيل نظرة منه !


الثالث ..


فريد ، و هوسه الغامض ! فامامه هي ليست الا بقايا امراة تسيرها رغبته كيفما تشاء ..


لا هي قريبة ولا بعيدة .. ولا هي حبيبة او غريبة !


دائما كانت معه في منتصف كل شيئ !


كخيال ، شبح او هوس


او ربما هي صفحات ضائعة كان قد دونها في كتاب يتقدمه عنوان شبيه بشهو ة ابليس ..


استجمعت قواها ، و هزت بمشاعرها الضعيفة بعيدا و راحت تنهض باتجاه الصالون ..لتعلن قدرها الجديد ..فلا مجال للانتظار اكثر ..


فشهو ة فريد قد احرقتها بما فيه الكفاية ولا يوجد مكان آخر للتعافي ..فقط برجل آخر !


الم يقل القدماء في معرض حكاويهم ان نسيان رجل لا يكون الا برجل آخر ..


جميلة ايضا ادركت هذا أخيرا ..و قررت البيان التالي ..


رن هاتفها فجأة ..


كانت جارة عمها...توترت للحظات قبل أن تجيب عليها بصوت مبحوح تعبان ..


لتسقط هاتفها من هول ما سمعته منها ..


ادركت انها مع لعبة اخرى من القدر ..


فزوجة عمها توفيت صباحا بالمستشفى ! و عمها منهار ..ينتظرها حالا بالمنزل ..


من صدمتها ، جرت نحو حقيبتها ...تتفحص بطاقتها الشخصية و عيناها تنهمران مطرا ..


انفاسها تعبة ، قلبها كصوت رعد غاضب و قدميها بمظهر سلحفاة عتيقة ..


فتحت باب غرفتها ، قابلها لؤي بقلق واضح !


" ماذا حدث ؟ من أتصل بكي "


لم تسمع من كلامه الا ما قاله قبل ساعة من الان !


اقبلت عليه تعانقه كعاشقة مضحية مر على هجران حبيبها لها سنوات ..


شدت بقميصه خوفا و قالت ..


" لؤي دعنا نتزوج حالا ، ارجوك "



يتبع
 

𝙷𝚄𝙻𝙺 𝙼𝙸𝙻𝙵𝙰𝚃

HULK MILFAT THE LEGND OF KILLER
مستر ميلفاوي
عضو
ناشر قصص
ناشر صور
ناشر أفلام
ميلفاوي متميز
ناشر موسيقي
ميلفاوي سينماوي
ناشر قصص مصورة
ناشر محتوي
مترجم قصص
ناقد قصصي
إنضم
30 مايو 2023
المشاركات
5,687
مستوى التفاعل
4,693
النقاط
37
نقاط
1,364
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
استمتعوا
 

🦂 the king Scorpion

مشرف عام
إدارة ميلفات
مشرف عام
مستر ميلفاوي
ناشر قصص
ناشر صور
ناشر أفلام
فضفضاوي متألق
ميلفاوي متميز
ميلفاوي كوميدي
إستشاري مميز
ميلفاوي شاعر
ناشر موسيقي
ميلفاوي سينماوي
ميلفاوي نشيط
ناشر محتوي
الأكثر نشر هذا الشهر
إنضم
16 ديسمبر 2023
المشاركات
36,859
مستوى التفاعل
13,539
النقاط
0
نقاط
171,138
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
جميلة جدا ⚡️⚡️
 

شاب نييك

ميلفاوي منحرف
عضو
إنضم
25 مارس 2024
المشاركات
38
مستوى التفاعل
5
النقاط
0
نقاط
83
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
المحتوى ناضج .. اذا كنت من القراء المحافظين فلا انصحك بهذه الرواية ..


او



اذا كنت من عشاق النهايات السعيدة فلا انصحك بادمانها ليلا ..


♥️


♥️






اهداء..


الى ابليس هذه قصتي معك ، عندما كنت في سرير رحمتك اكتوي بجمراتك ..و اشرب من بئر انفاسك الحارة ..



اقتباس ..


هي الوحدة و لعنة هذا الجسد ..يا من ايقظت كل هذه الرغبات الحارقة ..فضعت بها يا ابليس ..




اول ليلة مع ابليس ..


و هما في الطريق إلى غرفة النوم استرجعت جميلة كل اللحظات و الذكريات التي وضعت أحمد بطريقها ؛ فلقاءهما بالشركة لم يكن الاول ...


صديقات جميلة دائما ما كانو يثنون على جمالها الجذاب و تناسق جسمها ! مما جعلها تغتر به أحيانا و تحرص على إظهار مفاتنه للعامه ..


صد ر مشدود و مؤخر ة جذابة جداا ، لطالما افتخرت بهما اكثر من حسبها او دراستها فقد كانت متفوقة !


كان أي شخص يرى جميلة لا يستطيع ابعاد نظره عنها ..عن مؤخر تها البارزة ..و هذا لم يكن يضايقها بل بالعكس يزيدها ثقة بنفسها ..


كانت جميلة دائما تسمع لصديقاتها ، لنصائحهن ! بان مفتاح الحصول على رجل هو ابراز تلك الخلفية ؛


لان الرجال ينظرون لما تحمله المرأة من مفاتن اكثر من اي شيئ آخر في جسمها..


...كانت تمهد للارتباط! فهذا كان الخلاص الوحيد لها من عمها البائس .


لم تكن جميلة تعلم ان هذه النصائح الغبية و المفاتن الجسدية التي تمتلكهاو يحسدها الكثير من الناس عليها ، ستكون سبب لمعاناتها ، في اهم يوم لها ...ليلة الدخلة


دخل أحمد بسرعة الى غرفة النوم وهو حامل جميلة..كانت تتخبط بين ذ راعيه كدجاجة مذبوحة !


اغقل باب الغرفة بالمفتاح و راح يشعل التلفزيون بعدما وضح جميلة على السرير ....


"لماذا انتي متوترة ، انا زوجك لا تخجلي مني ٫ ساريك فيلما رائعا ينسيك الدنيا بما فيها ، ستحبينه أعدك بذالك "


نظرت له جميلة في خوف شديد و الصدمة بادية على وجهها :


"أحمد ما بك ؟ اريد ان ارتاح قليلا فالطريق كانت طويلة ارجوك !"


رمقها بنظره و ابتسامه كلها مكر و خداع :


"راحة ماذا ، انا احبك كثيرا ؛ و ساريك ذالك بعد قليل "


لم تدري جميلة كيف تحادث جوزها ، فهي لا تعرفه جيدا ! ولا تعلم الأسلوب الذي يستميله للهدوء ..
لكن سرعان ما خطفها صوت التلفاز ؛ فوجئت بما كانت تسمعه و تراه ..


كان في الفيلم شخص يدخل غرفة النوم ، أين كانت هناك فتاة نائمة على السرير ..اقترب منها !


اخرج عضوه الضخم امامها....قفزت البنت نحوه و بيدها علبة كريم ....وضعت منه القليل عليه !


ادارها الرجل بقوة مخيفة ؛ ثم ادخل كل عضوه في خلفيتها المستديرة ! كانت تصرخ في استمتاع رهيب ؛ عيناها محولتان ....


يتبع

♥️



صدمة اول لقاء مع ابليس...


جميلة كانت في قمة الصدمة ؛ لا تستوعب ما تراه ؛ ما الذي يريده أحمد من كل هذا ! هل ساطبق ما شاهدته الان بالفيديوا ؛ سالت نفسها و هي مرعوبة ..


أحمد كان مستلقي على السرير ، يشاهد الفيديوا ايضا ، و عيناه تسترق النظر لجميلة..ليلاحظ تعابير وجهها و ما ردة فعلها ؛ هل هي مستعدة ؟ هل اعجبها انسجامهما بالفيديوا ؛ تلك الاصوات المثيرة هل اشعلت داخلها !


نهض أحمد من على السرير و ذهب لاغلاق التلفاز ؛


التفت ناحية جميلة و قد بان عليه الانتصا ب :

1

"حبيبتي ما رايك بالفيديوا ؟ هل اعجبك"
كان يتقدم نحوها ، بخطوات ثابتة ؛ منتص.ب تماما ...في سكون و تحجر شديدين من جميلة التي اغرقها خجلها و سيطرت على تعابير وجهها المفاجأة .

1

عانقها أحمد بشدة و راح يقبلها في كل مكان بشهوة كبيرة ....كان يتحسس جسمها المثير من كل مكان ! و هي مستسلمة له تماما ...نظر لها قائلا :


"هل اعجبك هذا ؟ حبيبتي اتعلمين ماهو اكثر شيئ احبك فيكي من اول مرة رايتك فيها امام باب الاقامة الجامعية و يدفعني للجنون بشدة ؟"
تابع كلامه في صمت من جميلة :


" جسدك الفاتن " ..و هو يسحب الكريمه من فوق الطاولة ..


واصل أحمد تقبيل جميلة و شدها اليه بقوة ، افرغها من كل ملابسها ...و هي مستلقية على السرير دون حركة ..كميتة .



تاملها أحمد في جنون ...كانت عا رية تماما امامه كلوحة بها كل مفاتن الدنيا ...

1

اغلق نور الغرفة و ذهب نحو السرير و بيده القليل من الكريم ..


رغبة أحمد بخلفية جميلة فاقت كل التوقعات ،فقد احتضنها بقوة مرة أخرى و بدا بتقبليها بشدة ! لم تستطع جميلة ان تفعل شيئ ؛ كل ما في بالها ان تقدم لاحمد كل ما يريده و ترتاح ؛ فلا مفر لحسون جميل مكسور الجناح من ذئب جائع في غابة مطرية دامسة الظلام .


عادة الرجال بمنطقتنا يهرعون للتاكد من شرف زوجاتهم ...و ابراز رجولتهم ... ولا سبيل لهذا الا بتبليل تلك القماشة البيضاء بقطرات دم ! فألم العروس و رغبتها بذالك غير مهمان اطلاقا في ليلة كهذه .


لكن أحمد كان عكسهم تماما ..


اخذ بيد زوجته الى علبة الكريم ! ارادها ان تدعك ذكره به ...وافقته في شهوته ! غير مقتنعة بما تفعله.


ظهرت علامات الاستمتاع على أحمد :


"انتي رائعة ، احبك واصلي "


ثم باغتها فجأة بقبلة عجيبة ! ولفها نحو ذكره المكسوا بالكريم اللزج ..بعدما كان قد نزع منها ما تبقى من ملابس داخلية على جسمها .


اقعدها على راحة السرير ؛ و هي مستسلمة للغاية ..اوسع قدماها , ليسمع جميلة وقد بدات بالنحيب خائفة :


"لا أنا خائفة يا أحمد ارجوك توقف " ..


فقال لها و الضحكه على محياه :


"لا تخافي ، الم تشاهدي الفتاة التي كانت بالشريط ! كانت مستمتعة جدا ؛ و انتي ايضا ستحسين بحلاوة ؛ انتظري و سترين ..."







سعادة ابليس ..


كان أحمد سعيد للغاية و هو يتحسس جسمها و خلفيتها على وجه الخصوص ..


أخيرا استطاع ان يملكها ، فالبنسبة له كانت بعيدة المنال ولن يكن بمقدوره ان يصل لها دون زواج ؛ فعائلتها معروفة جدا و قوية .


وضع القليل من الكريمة مرة أخرى على الفتحة هناك ....وبدا بنفس اللحظة بدعك فر جها الزهري في جنون .


احست حينها جميلة بنوع من الراحة و المتعة ؛ قشعريرة اجتاحت جسمها كله ..واصبحت تتفاعل بشكل لا ارادي مع أحمد ..تساعده في الدعك من الامام ! اشتعلت نارهما بعدها بلحظات ، اذابتهما في مقتل ..


ادخل احمد كل عضوه بالداخل ..من الخلف !


احست جميلة و كان سكينا شقتها .


الألم سرعان ما بدا بالاختفاء لتحل محله نار المتعة ..


واصل أحمد بما بداه قبل قليل:


"حبيبتي استرخي ٫ لا تقاومي ! ساجعلك اليوم ملكةعلى كل نساء الارض"'


نام على ظهرها و هو يحتضنها بقوة ! احست جميلة برجولته ..وقامت بعناق يديه و الضغط عليهما ؛ ارادته ان لا يتوقف أبدا و تبددت كل مشاعر الكره ..فهذه اول مرة لها بحضن رجل ..


الساعة (6.45) صباحا ..


افاقت جميلة من النوم بعد ليلة صعبة جدا بحضن زوجها أحمد ...ابعدت يداه من عليها و راحت تنهض من الفراش ..


ذهبت نحو حقائبها لتفتش عن اي رداء ؛ ترتديه فقد كانت عا رية تماما ..فاحمد لم يعطها اي فرصة البارحة لتوضيب ما جاءت به من منزل عمها...


ارتديت ما سقطت عليه عينها ، ثم راحت لتستكشف المكان ؛


"مثل اجنحة القصور القديمة " هكذا كلمت نفسها جميلة و هي مندهشة من جمال شقتها ، فاحمد ثري و قد جهز المنزل بكل المستلزمات لحياة زوجية مريحة ..


فرحتها بجمال البيت شجعها على دخول المطبخ من اول يوم و إعداد القهوة لزوجها ! فالان هي لوحدها ، لا توجد بجوارها زوجة عمها التي كانت تجهز كل شيئ ..رغم قسوتها معها إلا أنها قامت باعطائها كل أسرار الطبخ و المطبخ ...


وهي تبحث عن القهوة ..عانقها أحمد برغبة شديدة ! كانت متفاجئة منه ؛ فقد تركته نائما ..
ادارها نحوه ..و همس في اذنها قائلا :


"لماذا لم توقضيني ؟ "


راح أحمد ياكلها كتفاحة من رقبتها ، بشغف كبير ، يشدها من اردا فها و بقوة ! استسلمت جميلة له ؛ و هي تتذكر احدى نصائح صديقاتها " عندما يطلبك زوجك ، كوني له حتى وإن كنت غير قادرة او راغبة به ؛ هذا هو مفتاح كل رجل "


ماهي الا لحظات حتى اخترقها للمرة الثانية ! و فوق طاولة المطبخ في وضعية مؤلمة جدا لها !


كانت تتمنى ان يفكر بها من الامام ؛ فهي لم تنسى تلك المشاعر التي سكنت بها لما دعكها .....من
فر جها الزهري


كان أحمد يهز بقوة ! و جميلة تصرخ من الألم !


حتى فقدت وعيها ..





اللقاء الاول مع رغبتي المحرمة !


حملها احمد نحو غرفة النوم و هو مرتعب ! من ان مكروها قد حدث لها ..


خرج من شقته لينادي جاره ..كانت الساعة 8.30..


دعى **** ان يجده هناك ..


رن جرس منزل جاره ، وماهي الا ثواني حتى فتح بابه ..


"فريد زوجتي اغمي عليها ولا أدري ماذا افعل ارجوك ساعدني .."


اجابه فريد في عجاله " حسنا لنذهب و نرى, لا تقلق "


فريد طبيب عام بمستشفى المدينة ، جار لاحمد منذ سنوات ، اعزب بيتوتي ؛ يجيد الطبخ كثيرا لطالما انجد أحمد بعدة اكلات ؛ فهذا الاخير لا يحب اكل المطاعم ! على الرغم من أنه رجل اعمال معروف و لديه تجارة ناجحة جداا..

1

" تفضل من هنا يا فريد ..."


تحجر فريد للحظات في مكانك قبل أن يباشر معاينة جميلة ، سحره مضهرها من اول نظرة ! فعباية نومها السوداء ذات التطريز المتقن جعلتها كالاميرة النائمة ..اما عيناها فهما السماء الزرقاء ايام الربيع ..بعد ان كشف عليها و جس نبض قلبها ؛ لم يذهب من مخيلته الخانة التي كانت مرسومة على رقبتها ..


طمئن زوجها عليها ..قائلا :


"لا تقلق يا أحمد ، مجرد إجهاد بسيط ؛ ستستيقظ بعد قليل ، فنبضها جيد و كذالك نفسها..."


غادر فريد شقة جاره ، و في مخيلته كانت اجمل امراة رآها في حياته ! سحرته جميلة بتفاصيل شكلها و لون عيونها .


بعد ساعة ..


استيقضت جميلة و أحمد فوق راسها ؛


"ما الذي جرى .."


اجابه زوجها و هو يمسك بيدها :


" لا تقلقي ، مجرد إجهاد يا حبيبتي ، فقط ساعات و ستصبحين بافضل حال.. "


لم يخبرها أحمد ، بمجيئ الطبيب فريد ...تاركا كل شيئ للصدفة !


خرج أحمد من الشقة ، ليشتري بعض اللوازم للمطبخ و يطلب الغداء لزوجته ! فهي على الفراش اليوم ولا يظنها قادرة على الطبيخ..





وسوسه ابليس للمسكينه ..


الساعة الان 11.30


دقات خفيفة تكاد لا تسمع على باب شقة جميلة و أحمد ..في البداية لم تكن متعاقبة و كأن الطارق خجل او خائف من شيئ ما ، لكن بدات تتواتر و بقوة ..سمعتها جميلة فقامت من على السرير متوجهة نحو الباب !


" من الطارق ، أحمد ؟ "


في البداية ظنت بانه زوجها لكن سرعان ما اجابها صاحب الدقات الخفيفة :


" انا فريد جاركم ، آسف ربما ازعجتك " كان في صوته بحة مريحة ذكرت جميلة بصديق لها في الجامعة ، كان معجبا بها جداا و دائما ما كان يساعدها في استيعاب الدروس عندما تتاخر عن الحضور او تغيب لايام !


فتحت جميلة الباب دون تردد ! واذا بها تندهش به ، لم تتصور ان جارها بهذه الوسامة ؛ طويل مع ذقن منحوت ، يعلوه انف صغير حاد اما عينيه فهما بنفس لون عينيها زرقاوتين مثل السماء الصافية ..ترددت للحظة ثم سالته :


"مرحبا ، هل تريد شيئا ؟"


كانت خجلة جداا بتعابير هادئة و صوت رقيق خافت فالتعب تمكن منه ..


ذهل فريد للمرة الثانية بما تراه عيناه ؛ صور جميلة و كأنها حور عين ؛ اميرة من اميرات ديزني !


اجابها ..:


"لا ، لا شيئ فقط احتجت أحمد في موضوع ، اظنه ليس هنا " قال هذا و هو يتفحص جسمها بعينيه الذابلتين و يحك شعره بيده ...كانت هذه شرارتهم الاولى ..


ردت عليه بخجل ..:


"لا ليس هنا ، فقد خرج قبل قليل "


ثم اغلقت الباب باستحاء شديد ، فقد وترتها نظراته و قوامه المثير ..اسندت ظهرها على الباب قائلة :


"يا الاهي ما هذه الوسامه ، لم يسبق لي ان شدني رجل اليه هكذا ولا حتى زوجي " ..


من اعجابها الشديد بفريد ، رمته في مقارنة مع زوجها و كان هو الرابح من اول جولة ..
.




اسبوع الرغبة ..


بعد اسبوع زواج ...


بدا الروتين بدخول حياة الزوجين ، فاحمد يغادر المنزل باتجاه العمل كل صباحا ، تاركا وراءه جميلة التي تستيقظ قبله لتعد له الفطور ثم تودعه امام الباب ، لتلتفت لاشغال البيت من تنظيف و طبخ ..


صباح الخميس الساعة 7.50 ..


استيقظ أحمد مسرعا ..فقد تاخر عن العمل..فاليوم هو مهم بالنسبة له ؛ فبعد حوالي ساعة لديه اجتماع مصيري مع شركاء جدد ..


"جميلة ، انهضي اسرعي لقد تاخرت كثيرا "
نظرت جميلة له بنصف عين و هي تتثائب ؛


قائله :


"ماذا هناك يا أحمد ، انا نعسانه ..اليس هذا يوم راحتك ؟ "


اجابها و هو يرتدي ثيابه في عجل ..


"لدي اجتماع مهم مع شركاء جدد ..نسقنا لهذا البارحة عبر الهاتف ونسيت ان أقول لكي، هم في طريقهم الان الى الشركة هيا .."


أحمد يتبرك بقهوة جميلة و بوجهها الحسن ؛ فبعد اسبوع من زواجهم قفزت مبيعات شغله بالعقارات الى حوالي الضعف ! فهو لا يستطيع مغادرة المنزل دون شرب قهوتها ، او مرافقتها له و توديعه عند الباب بقبلة !


اعدت له جميلة القهوة في ثواني ..و راحت كعادتها ترافقه الى الباب ..


"أحمد ماذا اطبخ لك اليوم للغداء ؟"


اجابها وهو يرد على الرسائل دون انتباه ؛


"كما تريدين يا حبيبتي ، لا يهم ذالك "


فتحت جميلة الباب ليخرج زوجها من الباب بسرعة كبيرة بعد قبلة حارة منه لها ..


اصطدم أحمد بجاره فريد الذي كان يحمل كوبا من القهوة و هو متجه الى باب منزله ...سقطت القهوة امام شقة جميلة لتلطخ كل الارضية ...


صاح فريد قائلا بارتباك شديد :


"آسف ، لم انتبه لخروجك "


لتتدخل جميلة و تحاول تلطيف الأجواء ! ظنا منها انهما لا يعرفان بعضهما ..


" صباح الخير ، لا تقلق فقد نزل الخير ! سانظفه بعد قليل "


ففريد كان مسافرا لاسبوع خارج المدينة في رحلة عمل باحدى المستشفيات هناك ..لذالك لم يخطر على بال
جميلة معرفة زوجها به





ثاني لقاء للرغبة...


أحمد لم يكن مهتما بما يحدث من حوله ، كان مغيبا تماما ! واقف يرد على ايميلاته باهتمام شديد ..فلحسن الحظ القهوة لم تأتي على ثيابه و هذا ما جعله يكمل مراسلاته .


على جانبه و ببضع سنتميترات كانت هناك مبارزة عاطفية ! ففريد كان كان ينظر الى جميلة بشوق شديد ، يتفحص خانتها و قوامها الممشوق ..هي ايضا كانت تاخذها عيناها الى تفاصيل تحبها به الذقن المنحوت و و انفه الصغير الحاد ..


قاطع أحمد بعد ذالك خلوتهم العاطفية ..و هو يقبل زوجته بحرارة شديدة :


"عزيزتي لقد تاخرت ، أراكي على الغداء ..فريد هل انت نازل ؟ ! "


اجابه فريد بدهشة و كانه كان في عالم اخر ..


" لا ، لا لدي بعض الأعمال في المنزل ، يوم موفق "


و راح يفتح باب شقته و العرق يتصصب منه ؛ فجميلة اشعلت رغبته المدفونة منذ اكثر من اسبوع ، قبل آخر لقاء بينهما ..


خرج أحمد مسرعا نحو عمله ، بينما جميلة تركت باب الشقة مفتوح و ذهبت لجلب بعض من الماء لتنظيف القهوة ..


عصبت شعرها ..و راحت تنظفها ، كان صدر ها الرطب يرقص و هي تحرك القماشة ..لتتفاجاة بفريد امامها و بيده قطعة صوف بالية ! يبتسم بوجهها ..


"اتركي عنك ذالك ، سانظفها ! فأنا من سكبتها على امام بيتكم "


تجمدت جميلة بمكانها ، كل نظاراتها ذهبت لشفاهه ؛ و هي تتحركان ! للحظة ر غبت بهما ..


لاحظ فريد ذالك ؛ رغم ان الاضاءة بالمكان كانت غير جيدة تماما ...فالمصابيح لها نظام بالعمارة ؛ تنار بالمساء بعد الغروب مباشرة و تنطفئ صباحا ....


تجمد في مكانيهما ..يحدقان ببعض ! و درجات الرغبة في تزايد مستمر ....
لكليهما






بكاء الرغبة ..


فريد فقد السيطرة على مشاعره ، فصد ر جميلة المثير و شفتاها الورديتان عجلوا بسيلان لعابه ..


تأمل تلك الخانة الموجودة بالجانب الايسر لرقبتها و تمنى ان يملكها ولو لمرة بين شفتيه ، ان تكون ملكه و لو لثواني فقط..


كله هذه التخيلات و هو يقترب منها ...


جميلة لم تحرك ساكنا ..كانت تحترق بنار رغبتها ..لم تلحظ فريد و هو يقترب منها ..


افاقت و فريد يقبلها بحرار ة ؛ فتحت عيناها باندهاش شديد ثم اغلقتهما للحظات..


كانت تستمتع بانفاسه ! بمذاق لعا به ...كانت هذه اول قبلة تحرك بها كل هذه الاحاسيس ! تمنت لو انها لم تنتهي او انها جاءت في ظروف اخرى ..


و في رد مفاجئ منها ..كان عقلها قد ارجعها من ارض الاحلام الى الواقع ..دفعت فريد على الارض قائلة :


"ماذا تفعل هل جننت ، من تحسب نفسك "
بصوت غير مقتنع بما تقوله ، كان شيئا غير منطقي يجبرها على ذالك ، بالقوة ..ربما هو الخوف .

رمت عليه قطعة القماشة تلك و اغلقت باب شقتها بقوة ..

1

فريد لم يهتم بما قالته له ، فهو متاكد بانها تريده مثلما هو يريدها و بجنون ..


كان يمسح شفته السفلى بابهامه ..متلذذ بالطعم الذي كان عليها ...لم يسبق له أن قبل امراة قبل اليوم ...هذه هي قبلته الاولى ..


مسح الارضية بسرعة ثم مشى و هو ينظر الى المكان الذي جمعه بجميلة ، يبتسم و الفرح يغمره ! غير مصدقا بما حدث ..


جميلة ايضا جرت الى الحمام و اغلقت بابه عليها ، غير مستوعبة للامر..تتحسس شفتيها و هي خائفة ! ثم قامت بسرعة تغسلهما
، كانت تبكي ...كأن داخلها تمنى بان يكون فريد هو زوجها و ليس أحمد ...






رغبة الروح ...



شعرت جميلة بآلام حادة اجتاحتها و هي على ارضية الحمام ..يبدوا انها تقلبات العادة الشهرية فهذا هو وقتها ..


استرجعت انفاسها بصعوبة ..حملت جثتها و ذهبت باتجاه المطبخ ! لتعد شاي الاعشاب ، تهدأ به اعصابها فهذه هي عادتها كل شهر ..


تذكرت أحمد و هي تشعل الغاز ؛ لتضع ابريق الشاي !


"يجب ان اعد الغداء ايضا ، فاحمد في الاجتماع الان و سيعود الى المنزل جائعا ؛ أنه يحب بطنه كثيرا كسائر الرجال المتزوجون "


تنهدت ، فتحت الثلاجه لدقيقة ..قبل أن تقرر بان الغداء سيكون طبق الملوخية ..فهو سهل الإعداد و مكوناته موجودة ولن تستغرق الجهد الكبير ....


بعد ساعة و نصف ...


كان المطر غزيرا ، فنافذة المطبخ تطل على الجانب الخلفي للعمارة ، المحاطة باشجار الصفصاف الحزينة...كانت جميلة تتاملها و هي تتناول ما تبقى من الشاي ..كان الألم يراوح مكانه ..


رن جرس المنزل ..مرة واحدة فقط


"هو زوجي أحمد ، و هي تحدث نفسها "
ذهبت لتفتح الباب و خطواتها متثاقلة ! واذا به يغمرها اليه بشدة ؛


"حبيبتي ، لقد وقعت عقد شراكة جديدة ...


قبلها ايضا ...من خجلها الشديد و خوفها من ان تنغص عليه فرحته لم تخبره بمرضها..


"عزيزي هل اسكب لك الغداء "


سالته بصوت تعب ، لم يلاحظه قط ، فالفرح كان يغمره :


"ماذا طبختي ؟ مولوخية ..أكيد ساغسل يدي و الحقك "

لم يسالها حتى ما بها ! فقد كان واضحا عليها المرض ..


وجهها مصفر و يداها ضعيفتان بالكاد كانت تستطيع حمل جثتها..!


عادت للمطبخ ، لتحضر المائدة و الهدوء راسم
على وجهها .







وساوس
ابليس ..


بعد عشرة دقائق ..


كانت أحمد يقضم الاكل بسرعة ..دون مضغ جيد حتى نبهته جميلة لذالك ؛

"أحمد امضغ جيدا والا ستصاب بمغص "


قابلها بابتسامة ساخرة ؛


"الملوخية لذيذة ، و انتي ألذ يا حبيبتي "


اكمل اكله بشراهة كبيرة ؛ كأنه جائع منذ ايام ..ربما فرح الصفقة الجديد زاد من شهيته للاكل..


لحظات بعد ذالك اصيبت جميلة بتشنج ، جعلها تعتصر آلما امام ناظري أحمد ..لكن سرعان ما زال ..


"مابك حبيبتي ، هل اصابك برد في الامعاء ؟ ام مغص او ماذا ، كنت تنصحينني قبل قليل و اذا بك تشكين من نفس الحال الان "


ردت عليه جميلة بانفاس تعبة متقطعة ، وهي تطلب منه ان يناولها الابريق الذي وراءها ..


"انها العادة الشهرية ، ناولني ابريق الشاي الذي وراءك يا أحمد "


كانت جميلة تصر على ان تذكر اسم زوجها في أي محادثة تجمعها معه ، هي تقدره جدا رغم اخطاءه !


فزوجها اصبح عائلتها الوحيدة الان ؛ فبعد ان عنفها عمها و اوقفها عن الدراسة ! وعدها أحمد بان تستانفها العام المقبل ؛


فهي الان تتامل فيه خيرا ولا ترفض له طلبا من أجل هذا ....


احمد زوج طيب ، هكذا تراه جميلة ، هي فقط مسالة الفراش و الحميمية من تقتل حياتها معه ..


"لدي الحل المثالي لمعاناتك يا حبيبتي ، نصف ساعة فقط و سيزول كل ألمك "


تفاجات جميلة من تفاعل أحمد على مشكلتها ..


ظنت في بادئ الامر أنه سياخذها لطبيب او لديه دواء معين ...


ربما سيقوم بجلسة تدليك لها كما كانت تفعل احدى الصديقات بالاقامة الجامعية فهذا يزيل التوتر و يبعث على الإسترخاء ...


لم يخطر ببالها للحظة ! بانه سيعاشر ها
...


يتبع
♥️











حقارة ابليس ..


اكمل أحمد غداءه بسرعة كبيرة...ليطلب من جميلة بان ترتاح في الغرفة الى حين رجوعه الى المنزل ..


"حبيبتي ساخرج لدقائق ثم اعود , ارجوك اذهبي لترتاحي و لا تنسي ان تضعي القليل من عطر شانيل عليكي ؛ فأنا أحب أن اشمه و انا داخل نعطي الى جنتنا "


استغربت جميلة من طلبه ؛ لكن لم تطل تفكيرها كثيرا ، اعتبرته مجرد حماس زائد من زوجها خاصة بعدما حقق صفقة جديدة اليوم ..


جمعت الأطباق و نظفتهم في إستعجال ، فهي تريد ان ترتاح لاحساسها بالتعب الشديد وليس حبا في زوجها ..


دخلت غرفة نومها ، وضعت القليل من العطر عليها بعدما اخذت حماما قصيرا ، فلربما رائحة الطعام كانت عالقة بجلدها لذالك نبهها أحمد الى ضرورة التعطر ..هكذا عاتبت نفسها ..


حبات المطر كانت تضرب النافذة بقوة ، لتؤكد قساوة الجو في الخارج ..


عاد أحمد الى الشقة ! و بيده كيس اسود لا تعلم جميلة ما فيه ..وجدها مستلقية على ظهرها في استرخاء شديد ...


"حبيبتي قمتي باخذ حمام ؟ ما هذه السرعة ! تبدين رائعة الان .."


راح أحمد ينزع قميصه المبلل بالمطر ؛ ثم في سرعة منه قام بتغيير مصباح الغرفة الى اللون الاحمر ! ليضيئ عليهم انوارا بنفس اللون ..ثم وجه سؤالا لزوجته ؛


"حبيبتي ، هكذا احسن اليس كذالك ، المطر خارجا و النور الاحمر يصب علينا ؛ اجواء رومانسية كم هذا رائع "


ابتسمت جميلة ! فعادة زوجها لا يقوم بهكذا حركات ! و يفاجأها ..


رمى أحمد سرواله على الارض ! جميلة لم تنتبه له فقد كانت تضبط منبه ساعتها...حتى باغتها أحمد و هو يحتضنها بقبلات حار ة ..

1

"أحمد ماذا تفعل ، هذا ليس وقته ! انا مريضة الا تدرك ذالك ؟


اجابها و صوته كله شهو ة ..


"سترتاحين من مرضك بعد قليل ، أعدك بذالك ؛ فقط استرخي هيا يا جميلة لا تصعبي الامر "


لم تعلم جميلة ماذا تفعل ؟ هل تهرب منه ام تستسلم له كعادتها ....لم يكن في مقدورها اتخاذ شيئ ؛ فاحمد كان قد فتح رجليها و بدا في دعك رغبتها الزهرية ! بأ صابعه المبلله باللعا ب...كانت جميلة قرفا
نة منه ! فلم يكن عندها اي رغبة خاصة و هي بهذه الحالة ..



جرح المقاومة..


حاولت جميلة بعد ذالك ان تقاومه بيديها الضعيفتين ! لكنها لم تقدر فقد كان أحمد يمسكهما بقوة و هو يعض صدر ها بلذة كبيرة ..


ماهي الا لحظات حتى خارت كل قوة عند جميلة ، كانت فقط تشاهد وجه زوجها المريع و هو يداعب حلما تها ..ياخذ من كل شبر في جسدها قبلة !


كانت تتمنى ان يكمل فقط ما بداه و يتركها في حال سبيلها ..


حتى أنها امتنعت عن الكلام او إصدار ترانيم الوجع تلك.. لم تكن المتعة ...


حتى بدات الدموع تنزل من عينيها...و هي تردد داخلها عنوانا واحد لهذه الليلة " زوجي ياخذني بقوة و انا في هذه الحال "


تناول أحمد الكيس الذي جاء به من الخارج ..فتحه بسرعة كبيرة ..و وضع ما به على عضو ه..


واقي ذكر ي ! هذا ما كان بالكيس الاسود ؟ و ما استدعى أحمد ان يخرج من المنزل لاجله في عز ما كانت المطر تغزو الارض ..


همس باذن جميلة قائلا :


"استرخي فقط ، لن نتاخر أعدك بذالك "


جميلة كانت في عالم اخر ؛ لم تركز على ما كان يقوله ..دموعها على خدها ! كمشهد من فيلم حزين قصته رجل يغتصب فتاة و هو يبرر ذالك بحبه الشديد لها..


احست جميلة بسيف يذبحها من الامام ؛ لكن سرعان ما توالت ضرباته ! بقوة شديدة ..حتى تمكن منها وجعها و بدات تصرخ بين ذراعي أحمد :


"توقف ، هذا مؤلم جداا ! انا لا أستطيع ارجوك "


صراخ جميلة بوجه زوجها ! جعل عدد الضربات تتوالا و تزيد بسرعة ..


كان صوت انفاس أحمد هو بطل المشهد ....إستمر ذالك لدقيقتين بعد ! ثم توقف فجأة تحت صوت وجعه ! و كانه كان يخرج سكينا من جسمه..


قام أحمد من فوق جميلة و توجه نحو الحمام ، اما هي فاستدارت على جانبها
الايمن ، تبكي و هي تضع يدها على فمها رعب و ذهول ..



ايام ..بعد



افاقت جميلة في صباح اليوم التالي ، و لم تجد زوجها بجانبها على غير العادة ؛ فلطالما ايقضها لتعد له فطور الصباح .


كانت عضامها تشكوا و كان شخصا قام بضربها بالمطرقة ..


كانت تنظر للسقف و هي تسترجع بضع تفاصيل من الليلة السابقة ، كيف كان أحمد ياخذ ما يريده بالقوة ! دون ان يراعي الظرف الذي كانت فيه ..


نظرت للساعة و اذا هي 13.50


لم تراوح مكانها قط بل قامت تجري بكل ذالك الثقل لتاخذ حماما و تنظف السرير الذي كان في حالة يرثى لها ..


نظرت لمرآة الخزانة فلم تعرف نفسها ، ملامح باهته ، بقع دم هاربة من قدميها بشعر مخبل تماما و كأنها كانت في حرب وليس في مطارحة للغرام مع زوجها ..


سالت نفسها و هي تنظف "أحمد لماذا لم يوقضني ؟و لماذا لم يتصل بي على الغداء ان كان سيتاخر هكذا ! كانت تكلم نفسها باستغراب شديد..

1

قبل أن تدخل للحمام...


بعد نصف ساعة تقريبا ..


رن جرس الشقة لمرة واحدة فقط ، كانت جميلة تعدل شعرها ؛ اعتقدت بانه أحمد فخرجت من غرفتها نحو الباب لتفتح له ، كانت شبه عا رية بشعر مبلل ، كانت قد لفته بمنشفة الحمام حتى لا يصيبها البرد...فتحت بعجالة ! دون ان تتفحص من الطارق ، و اذا به جارها فريد ..دخل عليها فجأة دون مقدمات !


تراجعت جميلة برعب الى زاوية الباب ؛ وهي تتامله بدهشة شديدة ثم صاحت فيه خوفا :


"ماذا تريد ، الى أين انت داخل؟ تراجع ارجوك "

لم ينتبه فريد لما قالته فتركيزه كله ذهب الى جسدها المكشوف ؛ و بدا يقترب منها بسكون تام !


حتى اصبحا متلاحمين ؛ اغلق الباب و راح يهمس باذنها :


"لم اجدك هذا الصباح ، فقلقت عليكي هل انتي بخير "


كان يضغط عليها بجسمه ، احدى يديه على الباب اما الاخرى فكانت تلعب بشعرها الذهبي وهو يشمه


جميلة كانت تنظر اليه باندهاش شديد ؛ قبل أن تخرج اصوات من الطابق العلوي لتعلن استقلالها من رغبته الشيطانية الخاطفه ..


خرج فريد بسرعة من المنزل ..و اغلق وراءه الباب !


كانت جميلة تراوح مكانها ، جامدة عند الزواية هناك ! فقط سؤال خرج من داخلها يقول " هل ما حدث حقيقي ام أنني اتوهم ؟ ..





خوف الرغبة ..


عزمت جميلة بعد هذا ان لا تفتح الباب لأي أحد ، حتى لزوجها فهو يملك المفتاح الخارجي ..للشقة .


حل المساء ، دخل أحمد الى المنزل بعد ان بقي لدڨائق في الخارج يرن الجرس و يضرب بيده على الباب بقوة ! حتى نادى على جميلة باسمها !


لهذا الحال اوصلها ، خافت ان تصارح زوجها بما حدث ؛ بمضايقة فريد لها ....فالرجال لا يخطئون عندما يتعلق الامر بمسائل الشرف ، هن النساء فقط الملومات على ذالك ..


"عزيزتي مابك لماذا لم تفتحي الباب ؟ هل لازلت مريضة ؟"


و هو يحدق بزوجته باستغراب شديد ، فعادتها ان تفتح له الباب و من اول ثانية يرن الجرس بها ..


اجابته بحذر شديد..

"حبيبي ، لماذا لا تأخذ معك المفتاح ؟ فاحيانا اكون بالحمام او على طاولة المطبخ اعد الطعام و انا حاملة لسماعات الهاتف على اذني ! قد لا اسمعك ، خذ المفاتيح في المرة القادمة ..سيكون ذالك احسن ..قالت له ذالك و هي تعانق ذراعه الايمن و تطبطب على صدره !


زارتها رائحة غير مؤلوفة كانت عالقة بمعطف زوجها ؛ عطر نسائي سكري جدا ! لم ترغب بسؤاله عنه ،خمنت أنه التقطه من احد الإجتماعات التي يقوم بها ..


اوصلت زوجها للغرفة بابتسامة و اهتمام شديدين ، اخذت منه معطفه و حقيبته ..علقتهما ثم طلبت منه ان يغسل و يرتاح الى حين تحضير الطعام ... كل ذالك كان محاولة لمصالحة ضميرها الذي لازال يلومها على ما حدث صباحا مع فريد ....


لم يتفطن أحمد للتغيير الكبير الذي حدث على زوجته ، بينما هي العكس فقد لاحظت غياب زوجها المتكرر على الغداء ! اصبحت تتناوله لوحدها و أحيانا تقوم باعادة تقديمه على العشاء بعد تسخينه !


اصبحت جميلة سجينة المنزل ..ربة منزل تقليديه..هي فقط مضايقات فريد من كانت تكسر روتينها اليومي ، فهو لم يستسلم بقي دائما في نفس الموعد يرن جرس ييتها و ينادي باسمها بصوت خافت جداا ! علها تفتح له الباب ..لكنها رفضت كل محاولاته ..تعد الساعات لعودة أحمد للبيت ..


الى ان مر على هذا الحال شهر بالضبط
..



ايام ..



تعاقبت الايام على جميلة و هي على نفس الحال جليسة البيت من المطبخ الى الصالون ، يسليها فقط التلفاز ..


إستمر غياب أحمد على الغداء و على فراش جميلة ايضا ، فهو لم يمسسها لأكثر من شهر ؛ فقد كانت آخر مرة ، هو اليوم الذي طارحها بقوة ..


الساعة الان 8.18 صباحا ..


استيقظت جميلة و أحمد ليس بجانبها كالعادة ؛ احست بتوعك على الرغم من انها كانت نائمة لمدة تزيد عن العشر ساعات ، فالنوم يساعدها على تمضية الوقت !


توجهت نحو المطبخ لإعداد شاي الاعشاب ..كان الجو ماطرا...لاحظت ذالك و هي تمسح شباك المطبخ من الضباب الذي كان على سطحه .

1

" يا الاهي لقد نسيت ان اطلب من أحمد ان يشتري لي خلطة الاعشاب هذه ! لقد استهلكتها كلها ...حتى القهوة لا احبها ، فهي تبقيني مستيقظة لساعات متاخرة من الليل .."


كانت جميلة تحدث نفسها ، قبل أن تقرر في لحظتها أن تخرج من البيت لشراء ما ينقصها ؛ فاحمد لن يكون على الغداء ، و هي فرصة لتستكشف المدينة و محلاتها .


خرجت كالسارق من بيتها ، بهدوء شديد ! حتى لا يلاحظها فريد و يبدا بحملة مضايقاته لها ...قطعت الطريق الرئيسي متوجهة نحو موقف سيارات الاجرة فلا بديل عنهم الان , هم يمتلكون كل مفاتيح النميمة بالمدينة , يعلمون كل تفاصيلها من محلات و غيرها من الأمور المهمة التي يحتاجها الانسان في حياته اليومية.


لم تكد جميلة ان تصل الى ركن السيارات هناك حتى اوقفتها سيارة ، لم تكن كمثيلاتها ، لها لون و طراز مختلف ..


"هل تريدين توصيلة يا سيدتي ؟" صاح عليها صاحب السيارة ..


كان المطر غزيرا و الطريق موحلة ..ركبت دون تعقيد منها للامور ! وانطلقت السيارة بعد ذالك بسرعة كبيرة ..


"اريد ان اذهب الى. اقرب محل اعشاب من فضلك "كان هذا اول كلام توجهه جميلة الى السائق ، فهي لم تنظر حتى في وجهه ، راحت مسرعة تخرج من حقيبتها منديلا ورقيا و بدات تنشف به قطرات المطر العالقة بشعرها ..



صدمة كبيرة ..


اسمي لؤي ..


هذا اول ما قاله سائق الاجرة لجميلة ..


رمقته بنظرات كلها وقار و اعجاب ، فلؤي له مظهر رائع ..حتى أنها تفاجات بعمله ..من يلحظه عن قرب يظنه احد نجوم السينما لما يتمتع به من مقومات جذابة ..!


بعدها بنصف ساعة ..


انعطف لؤي باتجاه الطريق الجبلي بعدما كان قد صارحها بوجود بائع للاعشاب هناك ، عنده كل كنوز الدنيا من ما تنبت الارض !


و هو يجري للمكان المقصود ! صعقت جميلة بما راته !


زوجها احد على قارعة الطريق و بسيارته فتاة ؛ يقبل بعدها..


ادارت وجهها تتاملهما و هما يبتعدان عنها ..ظنته للوهلة الاولى حلم ، او ربما هذيان الحمى الشتوية لكن لم يكن كذالك أبدا ..


ثواني بعد ..


تفطن لؤي لما شاهدته جميلة و قرر ان يصارحها بلغز هذا الطريق و بالمعلومة التي يجهلها زوار هذا المكان من الاجانب ؛


"سيدتي لا تستغربي ، فهذا الطريق يطلق عليه باسم درب الحب الممنوع ، فيه يلتقي العشاق و الخائنون .."


"ماذا ؟ " اجابته و عيونها تعتصر ألما ..


لم تتصور جميلة بان التغيير الذي جرى على زوجها طوال هذه المدة و بعد ايام فقط من الزواج سببه 'درب الحب الممنوع ' أين يلتقي عشيقته وقت الغداء ..كانت ضربات قلبها تنطلق كالرصاص الى مسامعها ، انفاسها بدات تذهب و كأنه سيغمى عليها ..


"ارجوك اطفئ التكييف" طلبت هذا من لؤي و هي تشد على صدرها ...ليتفاجئ لؤي بتطورات الامور و يحاول تهدئتها ..فقد لاحظ من تصرفاتها بان صاحب السيارة تلك يكون احد معارفها او ربما زوجها ..


"سيدتي ماذا هناك ، انتظري قليلا لقد وصلنا "
ركن سياراته امام العشاب و نزل في سرعة كبيرة ليساعدها ، فتح الباب و ناولها يده.


استندت جميلة على لؤي ..و جلست على احدى الكراسي الخشبية المرصوصة هناك امام ساحة دكانة الاعشاب ..قدم لها لؤي بعض الماء ، و هو يطمئن عليها ..


"هل انتي بخير ؟ هل تحتاجين لشيئ"


قررت جميلة ان تستجمع نفسها بقراءة بعض التوكيدات كانت قد تعلمتها سابقا ..نهضت من على الكرسي بقوة و ثبات و كأن شيئا لم يحدث , نظرت بوجه لؤي قائلة :


"شكرا انا بخير ، ربما التكييف جعلني اختنق ساشتري لوازمي و ارجع ، لا تذهب الى اي مكان ، ساعود معك .."


كانت تبتسم باصطناع شديد و داخلها يتآكل ! في حيرة
من لؤي الذي لم يفهم شيئا ..



درب الحب الممنوع..



تملكت جميلة مشاعر كانت قد غادرتها منذ زمن ، قبل عشرين سنة من الان ، تلك الايام التي عقبت فقدانها لوالديها بحادث مرور آليم ..


الساعة 15.15


كانت جميلة في طريق العودة مع لؤي بسيارته ؛ نظرت اليه بعيون مكسورة حزينة ..و بصوت يحمل كل احزان الدنيا.. سئلته ؛


"هل يمكننا ان نسلك طريق آخر .."


اجابها بابتسماته العريضة ..


"نعم لكنه طريق ترابي ، سوف يستغرق منا ربع ساعة او اكثر حتى نصل منه الى الجانب الاخر من الطريق الرئيسي لنواصل منه وجهتنا الى داخل المدينة .."


ضحك بعدها ثم قال :


"لا أدري لماذا اشرح لكي كل هذا ، انا اقصد بانه سياخذ منا وقت اضافيا ، ربما انتي لا تملكينه ؛ هل انتي مستعجلة ؟


اجابته و صوت انفاسها يسبقها ..


"فالنذهب ...ليس لدي اعمال مهمة هذه الظهيرة"


كانت تشاهد من النافذة اشجار الصنوبر و هي تتعارك مع الرياح ، تروي عينيها بزهور الاعشاب البرية الشتوية المترامية على اطراف الطريق الترابي ..وهي تسترجع فيها ذكريات الماضي ، ايام ما كانت تدرس لامتحانات الكلية ؛ لم يكن حينها الوقت صديقا لها ، بل كان عدوا لدودا لم تستطع ان تملكه يوما ..


بعد حوالي عشرة دقائق ..


كان الصمت بطلا لطريقهما نحو المدينة ؛ تخللته زيارات لحبات المطر على فترات ، ممزوجة برائحة الورود الجبلية الفواحة ..رافقت جميلة و هي تواسيها ..تحاول ان تهون عليها مشهد خيانة زوجها لها هناك على أطراف 'درب الحب الممنوع " .


وصلت سيارة لؤي بجميلة الى موقف السيارات ، وسط جو شتوي بامتيازا ، كانت فيه الرياح و حبات المطر تغزو الارض بقوة ..


"سيدتي لقد وصلنا ، لكن انتظري للحظة من فضلك "


طلب منها لؤي ذالك و هو يفتح صندوق سيارته الخلفي ليناولها مطاريته ٫ فهو لم يفرط بجميلة تحت هذا المطر الغزير ....


نزلت من السيارة و هي تاخذ المطارية من يد لؤي ! نظرت الى عينيه و هي تلامس يديه الباردتين قائلة :


"فليباركك الرب ، لن انسى معروفك هذا "


ركب بعدها لؤي سيارته و هو يسترق النظر إلى اقدام جميلة و هي تمشي مبتعده...استغرب كثيرا لامرها و كأنه يقول " هل امراة بمثل هذا الجمال تخان ؟ اخذت في الابتعاد عنه شيئا فشيئا بين خيوط المطر تلك تختفي وكأنه ظل عجوز في السبعين من العمر بوجه ملائكي
!




خيال ابليس ..


وصلت جميلة الى العمارة ، ركبت المصعد ! لكنها فوجئت بفريد يكسر عليها خلوتها ..بدخوله المفاجئ !


بدا المصعد في الصعود الى الطابق الخامس ..


ضربات قلب جميلة تتصاعد ، هي الان خائفة ، لوحدهما و ثالثهما ابليس ..


اقترب منها مرة أخرى ، أراد منها بضع لحظات تكون فيها الرغبة تسير الى منتهاها ...


خاطبها قائلا:


"احبك ، ماذا افعل "


أراد قبلة فصدته و صفته هاربة الى الخارج ! لحسن حظها ان المصعد فتح بابه بنفس توقيت ذالك المشهد ..


دخلت جميلة الى شقتها و العرق البارد يتصبب منها ، كانت خائفة من ان احد قد رآها بجانب فريد بالمصعد ..وضعت كيس الاعشاب بالمطبخ و راحت تستعد لاخذ حمام لعله يساعدها على الإسترخاء و يهدئ من اعصابها ..


بعد نصف ساعة ..


جميلة مستلقية بحوض الحمام و راسها يتأمل السقف ..كانت تسترجع اللحظات التي جمعتها بفريد ..تتحسس رقبتها وهي تتخيله معها ..ذهبت بيدها نحو الامام هناك امام رغبتها و بدات باللعب فوقه كمجنونة..كانت تحاول الوصول الى النشو ة القصوى ..كل هذا و هي في عالمها الخاص مع عشيقها فريد ، تبتسم في غير وعي و هي تستدعي تلك المشاعر التي سكنتها في خيالها لثواني ..


فتح الحمام بابه..ليدخل فريد منه ! نظرت له جميلة بشوق شديد و هي تقول :


"تعال ، انا بحاجته و الان "
اقترب منها و ملامح الدهشة واضحة عليه ..خرجت من الحوض وبدات بتقبيله بكل حرارة ، من كل مكان و راحت تنزع عنه قميصه ..


"حبيبي ما بالك تضع رائحة كذه ؟ سكرية للغاية لكنها مثيرة عليك "


جن جنون جميلة في الحمام ! كانت تحضنه بقوة حتى ارغمته على الانتصا ب ..فاخذ يعاشر ها بقوة قبل أن يديرها على الحائط و يدخل كل ذكر ه بسرعة كبيرة ، في هذه الاثناء خطف جميلة وجع كبير ؛ بدأ بالاختفاء مع مرور الضربات لتحل محله حلاوة ذكرتها باول ليلة مع زوجها أحمد ...واحدة تلوى الأخرى وهي تصرخ ! و تشد بيدها على ظهره حتى يدخله كله ..بعدها بلحظات احست بماء يتدفق داخلها و صوت مالوف ممزوج بوجع الشهو ة..نظرت الى خلفها واذا به أحمد ..


نظر لها و الفرحة بادية عليه "لم اتخيلكي أبدا بهذا الجمال لقد كنتي آلة حقيقية ! "


ثواني مجنونة ...


جميلة تهرب من الحمام وبيدها المنشفة قائلة " خذ حمام ، سارجع بعد قليل " لتذهب لغرفة نومها و الصدمة قد تمكنت منها ..هوسها بفريد جعلها تطارح زوجها كما لم تطارحه حبا من قبل ..قدمت له كل شيئ برغبة كبيرة ! فاجاته باندفاعها نحوه باشتياق و حب كبيرين
..



سرير المعاناة



دخلت جميلة غرفة نومها و هي تدمع ، احست بقهر كبير وكأن عقلها قد قام باغتصا بها قبل قليل في الحمام ..رمت بجثتها على السرير و هي تتجرع مرارة الخذلان ، فشهو تها الجامحة اتجاه فريد جعلها تحسبه هو من دخل عليها بالحمام ، فراحت تصارح نفسها باندفاع كبير و ترمي بنفسها الى احضا نه ..


كانت تشد اللحاف الصوفي الذي على السرير بقوة و هي خائفة من ان يستعبدها زوجها بعدا تلك الدقائق المجنونة التي جمعتهم بالحمام ..فهو لا يعلم حقيقة كل ذالك ..بانه كان ضحية خيالها و هوسها بجارها فريد .


رن جرس الشقة بعدها بساعة ..كان أحمد بالمطبخ يعد لنفسه كوبا من القهوة بعد ان اخذ حماما ساخنا ، فتح الباب دون ان يسأل من الزائر ..


(أحمد ) : فريد هذا انت كيف حالك ، تفضل لكن ما الذي بيدك ؟


(فريد ) و هو يضحك : شوربة عدس بالدجاج ،اعلم بانك تحبها فقلت في نفسي دعني اضيفك منها ..


(احمد) : تفضل الى الصالون من فضلك ..


اخذ منه وعاء الحساء و توجه به نحو المطبخ ، اما فريد فكان يرمي بنظراته هنا و هناك كالمجنون يبحث عن جميلة !


خرج أحمد من المطبخ و ذهب الى غرفة النوم ليعلم جميلة بوجود ضيوف عندهم ...دخل عندها و صوت مجفف الشعر يعلوا المكان ، فهي لم تسمع كل ما قيل قبل قليل ..وبان فريد عندهم .


"جميلة , حبيبتي عندنا ضيوف "


نظرت اليه باستغراب شديد وهي تضع المجفف على الطاولة " من ، لا تقل لي عمي فقط "


(أحمد ) و هو يضحك : لا ليس عمك بل الطبيب ، جارنا فريد .


وكأن الصاعقة نزلت على وجه جميلة ، لم تدري ماذا تفعل ، تحجرت
في مكانها و هي تنظر الى زوجها ..




نهاية الجزءالثالث ...


" من يستسلم لابليس ...لعن برغباته ! "


كل الحب ♥️


اقتباس رقم 2:


" عندما اكون معك ..في جهنم فراشك ! أشعر بكل تلك الجمرات وهي تحبني ، تتناولني كلي ! فعلا انا على قيد الحياة معك ولاجلك
..




حتى الرغبة لها شيطان
وعيون ...!


اكملت جميلة تجهيز نفسها و هي تتردد كل دقيقة على مرآة الخزانة لترى هل لبسها و مظهرها على ما يرام ؟


وضعت قليلا من أحمر الشفاء , ليتناسب و لون كنزتها ، تنظر الى قرينتنها بالمرآة و تسال نفسها في جنون :


"هل هذا كله كافي ؟ هل ساعجبه ! "


كانت في خضم مقارنات ، بين مظهرها صباحا داخل المصعد و بين توهجها حاليا ! ارادت بكل عزم ان تسرق عقله منه في اول دخول لها للصالون وكأنها تتنقم لنفسها و منه على ما حدث في المصعد و الحمام ! ..
غادرت غرفتها متوجهة نحو الصالون ، سمعته يتحدث عن الأحوال الجوية هذه الايام مع زوجها و اصوات ضحكاتهم تملأ المكان ..


دخلت فكانت كالصاعقة عليهما ، لم يصدقا ما يريانه ! تحجرا في مكانيهما يتأملانها في ذهول كبير ، لتكسره هي بعدها بقليل بابتسامة قائله :


"مساء الخير سيد فريد ، كيف حالك ؟ اتمنى أنني لم أتأخر عليكما "


جلست كملكة على الجانب الايمن من الكنبة لتقابل فريد ..الذي لم يحرك ساكنا ؛ حتى زوجها أحمد كان يحدق بها كمن يقول ؛


"أين كان مختبئ كل هذا الجمال "


جميلة اعتمدت الأسلوب الرياضي في حصارها لفريد متجاهلة بذالك زوجها و كل العالم ' افضل وسيلة للدفاع ضد الرغبات الجامحة هي الهجوم بكل نقاط اثارتها ' هي تدرك تماما بأن فريد يهيم بصدر ها ، فقامت بابرازه كخط اول ..تعلم بان لخانتها تاثيره على درجة رغبته فوضعت القليل من الكحل عليها لتظهرها على بعد اميال ..متاكدة ان عيناها تعذبانه فرسمتهما برسمة فرعونية اخاذة حتى تحرقه اكثر فاكثر و تعذب ابليسه بجمراتها !..


فريد كان قابعا في مكانه يحترق على مهل شديد بناره ؛ يندم على الساعة التي قرر فيها زيارتهم ! فشهو ته الان في أعلى درجة لها و ابليسه يوسوس داخل راسه فزاده بذالك عذابا وكأنه في قاع الجحيم ..


جميلة لم تفوت هذا الانتصار الكبير عليها ؛ قررت ان تحتفل به بابتسامة عريضة و بسؤال ساخر :


"هل اعد لكما القهوة ، مع قليل من البسكوت ؟ أنه بنكهة الفانيليا سيعجبكما انا متاكدة من ذالك ! "


استعدت للنهوض بعد قولها هذا ، فلاحظت ان فريد انتصب ذكر ه على الاخر ! فهو واضح للعيان بين رجليه هناك..فتعمدت زيادة رغبته الى الاخر ! احراقه بلا هوادة حتى الرماد


توجهت نحو المطبخ وهي تمشي كحمامة ، تلعب بمؤخر تها وصوت كعبها يعلوا في المكان ..

فتح أحمد اقفا ل قميصه ! هو الاخر كان ملتهبا ايضا ، ابليسه منعه من مشاهدة تلك المباراة الغرامية التي دارت امام عينيه بين فريد و زوجته ...




الابليس
الرابع بمنزلنا و الرغبة
قرينته !



دقائق بعد ..



رن جرس الشقة مرة ثانية ، كانت جميلة في المطبخ تعد القهوة اما فريد واحمد فبالصالون يتبادلان الحديث بعد ازمتهما الاخيرة مع الرغبة و صديقها ابليس ..


(احمد) و هو يستعد للنهوض : سارى من في الباب و اعود ، خذ راحتك ..


(فريد ) و هو يبتسم : طبعا ، خذ راحتك ..


خرج أحمد باتجاه باب شقته..اما فريد فسارع لاخفاء ما كان بين رجليه ، عدوه الواقف بشموخ واضح ...شيطانه المنتصر عليه دائما !


فتح أحمد الباب كعادته دون ان يسال من كان يرن على جرسه ! كان لؤي ؛ صديقه الاخر ..


(احمد ) وهو يصافح بحرارة كبيرة : " لؤي صديقي كيف حالك ، تفضل اسرع ! يبدوا انك تبللت تماما , تعال انزع معطفك "


قدم لؤي مجموعة من الملفات كانت بيده لاحمد ..قبل أن ينزع معطفه الجلدي و يسلمه هو الاخر له قائلا : ..


(لؤي ) : الحسابات لا تنتظر يا صديقي , رسالتك عجلت بي الى هنا ! الا تتذكر ؟ قلت لي اريدها اليوم ..


لؤي هو الاخر صديق قديم لاحمد ، يعمل معه (شريكه) في شركته الخاصة ببيع و شراء العقارات ..


(احمد) يضحك : اه تذكرت الان , تفضل ارجوك نحو الصالون من هنا ..


خرجت جميلة بعدها بثواني من المطبخ ؛ خيل لها انه صوت عمها فقد وعدها بزيارتها هذا الأسبوع ...فطوال تواجدها في المطبخ كل حواسها كانت تلعب مباراة كرة قدم مع فريد ، فهي لم تسمع رنين الجرس ولا حتى المحادثة التي جمعتهما (لؤي، فريد )..


تفاجات برؤيتها للؤي ! رسم الاستغراب على وجهها وهي تنظر اليه ..


(احمد) وهو يعرفهما على بعض : " هذا لؤي احد شركائي بالعمل ، هذه زوجتي جميلة "


صدمت جميلة من كلام أحمد ، تجمدت في مكانها و الحيرة بادية عليها ، اما لؤي فيبتسم لها وكأنه لم يحدث شيئ ! لتتدارك الامر بعد ذالك و تصافحه ..وهي متوترة !


لؤي هو الاخر ، ذهل بجمالها ، لكنه تعمد انكار معرفته المسبقة بها...لانه يعلم طبع أحمد صديقه سيكثر من الاسئلة لذالك لم يدعه يلاحظ هذا و راح يدخل الصالون متجاهلا جميلة ..التي عادت للمطبخ ؛ و هي تسال نفسها :


" اليس هذا هو سائق الاجرة ؟"


لتتفطن بعدها ، بان سيارته كانت مميزة و لم تشبه قريناتها ! فهو لم يكن أبدا سائق اجرة ؛ ربما أراد فقط تقديم خدمة لها في ذالك الجو الماطر ..لم تاكل داخلها كثيرا ، قابلته بنية حسنه..





نحن ثلاثة و شهوة ابليس
رابعنا !



التقى الثلاثي الخائن في الصالون ، تعرف لؤي بفريد لكن ببرود شديد ! ففريد لا يكثر الكلام كعادته :


(أحمد ) وهو يضحك : هذا فريد جاري ، طبيب مداوم بالمستشفى هنا ، بمدينتنا !


(لؤي ) بابتسامة قصيرة : مرحبا ، تشرفت بك ..


(فريد ) يلعب باصابعه : وبك شكرا ؛


كان الثلاثة يحدقون ببعض ، وكأن كل واحدا منهم ينتظر انقضاض الثاني عليه لتطل بعدها جميلة عبر بوابة الصالون ! صوت كعبها من بعيد زاد للحضور هيبه و وقار ! قبل دخولها بثواني تجهز الكل الى إستقبالها ، ففريد عجل بترتيب ازرار قميصه و جلسته ؛ اما لؤي فكان يعدل في ساعته و أحمد يراقبهما بصمت .


دخلت جميلة عليهم ! الثلاثة ذهبت اعينهم إليها ، نجحت بسرقتها منهم دون عناء ، اقتربت يمينا نحو لؤي وبيدها صينية القهوة ؛ دنت لتعطيه فنجان القهوة و صدر ها يتراقص امام مرأى من عينه ! تنفس في داخله بهدوء قبل أن ياخذ منها ما اعطته ..لم يستطع مقاومتها ، كانت قد اردته رمادا تناثر على شكل انفاس ساخنه في الصالون .. .


مؤخر ة جميلة كانت واضحة للعيان ، عندما دنت نحو لؤي لتقدم له القهوة ! بلع فريد ريقه عندما شاهدها تقابله بها ، تعمدت ذالك ! كانت تأخذ منه انتقامها ببرودة القطب الشمالي ...كانت كطبق لذيذ و هو صائم لايام او ككنز يريد الانفراد به لوحده ..


لكن أحمد لم يلاحظ كل هذا فقد كانت خيالاته المريضة تلعب به مثل الكرة باقدام الاعبين قبل تسجيل هدف الفوز ؛ يعلم بانه هو الفائز ، فهو وحده من يستطيع ركل تلك الكرة باقدامه قبل أن يستيقظ على صوت زوجته جميلة تقول :


(جميلة) بابتسامة : لقد نسيت البسكوت ، اعذروني ! ساحضره و اعود ..


غادرت جميلة الصالون و صوت كعبها كعادته يدوي في المكان كمدفع ! و راحت معها اعين الثلاثة تلحقها ! بل كانت تلحق تضا ريس جسمها المثير ..في مشهد سينمائي صامت ..



استئذن أحمد بعد ذالك من ضيوفه و راح يلحقها الى المطبخ ! كان ذكر ه منتصبا على الاخر ، لم ينتبه لذالك لكن فريد و لؤي شاهداه و اشتعلا معه !



ابليس كاد ان يتمكن
مني...



اشتعلت نار الغيرة بفريد ! عبس بحاجبيه اما عيناه فكانت ترسل غضب السنين ..


دخل أحمد الى المطبخ ! كانت زوجته تزيد من حبات البسكوت في الصحن و تستعد للعودة ! اقترب منها بخطوات هادئة تكاد لا تسمع ..ليحضنها بقوة اليه و شفا هه باذنها تهمس :


(أحمد) بشهو ة كبيرة : ما كل هذا الجمال ، لا اطيق الانتظار ! انا احبك ، انتي ملكي لوحدي ..!


جن جنون أحمد على الاخر ، فهو لم يعطي اهتماما بوجود صديقيه بالصالون ؛ كان يعض على ر قبة جميلة بقوة ، يداه تمسكان بصدر ها وهو يدلك ذ كره على خلفيتها !


انفاسه كانت تتصاعد شيئا فشيئا...


جميلة كانت في حالة صدمة ؛ لا تعلم كيف تتصرف ! فهي لم ترفضه لحد اللحظة ولا طوال زواجهما ..


ظنت في بادئ الامر انها مجرد مغازلة بسيطة و سيرجعان مع بعض للصالون ..لضيوفهما ! ، قبل أن يتطور ذالك الى محاولة معاشر تها و بالقوة ..


(جميلة ) وهي تتخبط بين ذراعي زوجها : ماذا تفعل يا أحمد ؟ هذا ليس وقته ؛ الضيوف سيسمعوننا ! توقف ارجوك ..


وكأن أحمد في عالم اخر ، لم يسمعها قط ، صوت انفاسه يملا المكان ؛ فجميلة ارهقته بالممانعة لكنه عزم على اخذ ما يشتهيه و إن كان كل هذا غصبا ..


ثواني بعد ..


أدارها نحوه و بدأ بتقبيل ر قبتها بحرارة شديدة ، وسط هروب من جميلة التي كانت كالسمكة خارج البحر ..جرها نحو طاولة المطبخ ! كان يحاول طرحها هناك ..


(جميلة) بذعر شديد : توقف ارجوك ، ماذا تفعل ! انا لا أريد ..


صوتها وصل الى مسامع لؤي و فريد !..


هذه كانت اول مرة تصرح فيها جميلة بعدم رغبتها بذالك ! انتفضت لنفسها لكن أحمد كان أقوى منها بكثير و استطاع ان يصنع بذالك معركة ! حربا بين إبليسه و ملاكها ...


طرحها على الطاولة و استعد للخطوة التي انتظرها طويلا , الرغبة التي سيطرة عليه منذ ان رآها بالكنزة الصوفية الحمراء ..لكن كل ذالك توقف ! تحجر بمكانه و هو ينظر ناحية باب المطبخ ؛ رافقته جميلة ايضا بعينيها ! لتصدم هي الاخرى ..



فريد ينظر إليهما و الصدمة بادية عليه ..إستمر هذا لبضع ثواني اخرى ! الثلاثي يحدق ببعضه و الصمت بطل للمشهد....!




ملاكي و ابليس الرغبة معا
وإلى الأبد ...



بعدها بلحظات قليلة جدا تدخل لؤي في المشهد و سحب فريد معه ، من أمام باب المطبخ ! بسرعة ..دون مقدمات ..


لؤي رمق جميلة بنظرات خاطفة ! كالبرق في كبد السماء ؛ بشفقة ..وكأنه ملاك ، مثل من يريد حمايتها من ابليس زوجها ؛ لكن جناحاه مكسرورتان ..لم يستطع الا قتل المارد ، واحد فقط الذي كان يترصدها امام الباب ! ثم سرقت منه قواه و راح يغادر معه المكان ..


رمقته هي الاخرى بنظرات ..خجلة جدا عامرة برسائل العفو و الاعتذار ..


احمد تحول بفعلته من رجل واثق بنفسه الى ذكر النعام ، غرس راسه بارضية المطبخ ! رقبته منحنية كقوس ..امام صديقيه ؛ تمنى لو ان الارض تنشق و تبلعه ..!


غادر لؤي بفريد من المنزل ..اغلق الباب وراءه بهدوء تام ..


ترجعت جميلة بعدها من أمام زوجها ، رمقته بنظرات احتقار و ازدراء ! ثم وجهت له صفعة خاطفة و هي تصرخ قائله :


"أنا لست عاهرتك يا رجل ! يا فحل بل زوجتك ؛ ماذا فعلت ؟ ..لقد فضحتنا ! قل لي متى قصرت معك ؟ كيف تفعل هذا بي ..!


توجهت بخطوات هزيلة نحو الامام ، استدارت و وجهت له كلمات كسهام قاتله :


" دائما معك هنا في ذالك الفراش ؛ و منذ اليوم الاول كنت معك , بين ذراعيك و تحت اقدامك مرغمة ! لارضيك فقط ، لم اكن راغبة ولا سعيدة قط وانا اطارحك الحب "..


اخذت نفسا بصعوبة لتواصل قائلة :


" لكن كل هذا لم يشبع شياطينك ؟ رغباتك او حتى يكفي تملكك لجسدي الحقير هذا ! حتى تفضحنا ها هنا و أمام من ؟ الجار و الصديق "


سحقا لهذا ..




جناح مكسور لكن باحاسيس
ملتهبة جهنمية ..


توجهت جميلة نحو غرفتها ، قالت كل ذالك و الدموع تنهمر من عيناها ! كمياه وادي غاضب ..


فتحت باب غرفتها و هي توجه له آخر طعنة سكين قائلة :


"يا فحل كم اكرهك ..فلينتقم منك **** "


كلمات جميلة كانت جارحة جدا ؛ جعلت أحمد في نصف ثيابه ! على نار دهشة و صدمة غير مسبوق ! كيف لتلك الفتاة الرقيقة و الهادئة ان يخرج منها كل هذا الكلام ..


لم تكن مجرد كلمات ..بل قطرات سم عتيق ! يقتل اقدم العلاقات ..يهوي باجمل المشاعر الى أسفل السافلين ..يفك رباط اي شخصين دون سحر او شعوذة ...


لم يقابل أحمد ما قالته جميلة باي كلمات ..كان بمكانه صامتا ! قبرته في ارضه ..احتقر نفسه و رغبته معا ؛ جلس الى طاولة المطبخ و يداه على راسه...ينحب قدره !


ثواني بعد ..


هز رنين هاتف أحمد صمت المكان ..لم ينظر اليه أحمد في بادئ الامر ! قبل أن يتكرر الاتصال اكثر من مرة و باصرار شديد عبر صوت رسائل لا تعد ..تجاوزت الخمسة !


بعد هذا الهجوم على هاتفه , قرر الدفاع عليه بالاجابة ..



كانت عشيقته هي من تتصل و تراسل هكذا ..بالحاح شديد ! وكانها احست بزلزال الرغبة ..الذي كان عشيقها احد ضحاياه ..




ثورة الرغبة ..


دخلت جميلة غرفتها و اغلقت بابها عليها ، رمت بجثتها على السرير .. احست ببرودته كمثل قطة ضائعة وسط مدينة تكسوها ثلوج الشتاء ..ازقتها خالية ! فقط هي الرياح الصرصر من تزورها ..


كانت تنظر الى مرآة الخزانة في فزع و خوف شديد ..فهذه كانت اول مرة تصفع فيها احد قط و ترمي بكلام قاتل ..


لم يكن هذا اسلوبها قبل اليوم ولا حتى في اشد ايامها سواد ، اللحظات التي كان يزورها عنف عمها و بطش مشاعر زوجته ..


لطالما كانت فتاة مؤمنة بحق ! حق الطريق السهل ..كل صعب فيه يعالج بالمناقشة او التسليم للقدر...بانتظار فرج قادم..


بعدها بدقائق ..


رياح عاتية تضرب نوافذ المنزل بغضب ! ربما هي رسائل عاجلة لجميلة ..خبر غير مريح زائر عن قريب ..


سمعت جميلة همسات زوجها أحمد و هو يتجادل مع شخص هناك ..في المطبخ !


أخذها فضولها الى الاقتراب من باب الغرفة و النوم عليه باذنها اليسار ؛ لتسرق كلمات ! تزود به فقرها تجاه كتمان أحمد الشديد لهذا الحديث ..


(احمد) بصوت خاف تغلب عليه الوشوشة و الانفاس المتهالكة :


"ماذا تريدين الان ؟ قلت لكي عندما اجد الفرصة و الوقت المناسبان ساعاود الاتصال بك ! ..انا بالمنزل حاليا ...


تباع أحمد كلامه الصعب مع عشيقته ، في ترقب و استراق للسمع من جميلة ! :


"ماذا ؟ ما الذي تهذين به ، كيف هذا ! حسنا ..انتظريني هناك في نفس المكان ..نعم ؛ أين انتي الان ؟ انا قادم ..مسافة الطريق .. نصف ساعة و اكون عندك .."


" حسنا اتفقنا ...! ".


اغلق هاتفه و توجه الى الصالون ، لبس معطفه بسرعة كبيرة و خرج يعدو الى الخارج ! حتى أنه لم يتفقد زوجته او يودعها كعادته ..لم يفكر الا بذالك الاتصال و ما جاء فيه من اخبار ربما تكون غير سارة ..نسي خبثه المعهود بتطييب خاطر جميلة باستعمال اجمل الالحان و احلى الكلمات المعسولة لاخذها تحت جناحه ! جناح سجنه الابدي ..حتى لا تقدم على المحظور بشكايته لعمها مثلا ! فاحمد يحب عمله و مصالحة اكثر من اي شيئ آخر ..!




ساقيد ابليسك بملاكي
العاشق..!

سارعت جميلة بعد ذالك الى خزانتها ..فتحتها و اخذت ما وقعت عليه عيناها من ملابس ؛ ثم انطلقت وراءه كخيال ...!
هجمت على ارضية الشقة بصوت كعبها العالي ..كان يغطي على كل الاصوات في المكان ؛ كخيل اصيل في سباق القرن ..من اجل حقيقة هي تريدها .
تحدث نفسها كالمجنونة :
"ذاهب إليها ايها الحقير ! طبعا فأنا مجرد عاهرة تركبها متى أردت .."
"لم يتنازل حتى لتقديم اعتذار ..ساحاسبك ! انتظر...لنرى .."
كانت تعصف بانفاسها بقوة ..كرياح الشمال ؛ اغلقت باب شقتها بقوة و يداها ترجفان !
راحت تتجاهل المصعد خوفا من ظل فريد ؛ واختارت مسلكا آخر ..السلالم ...عند اول درج اخذته فاجأها لؤي !
دون اي مقدمات ٫ بعفوية شديدة و نظرات خاطفة حزينة ... " لؤي أحتاج مساعدتك "
(لؤي) بدهشة : نعم ماذا هناك ! اانتي بخير ؟
(جميلة) : اريد ان الحق بزوجي ..ارجوك ساعدني ! ممكن ؟
رمقها بشفقه قبل أن يجيبها و هو يخطوا خطوة نحو أسفل الدرج ..
(لؤي ) : نعم ، هيا بسرعة قبل أن يضيع منا ، قابلته منذ لحظات على مدخل العمارة !
تبعته جميلة باتجاه الطابق الأرضي ..تسابق الزمن ؛ تتخطى درجات السلالم وصوت انفاسها يتصاعد , كغريق ..يبحث عن اي جرعة اوكسجين تمكنه من البقاء واعيا لاطول مدة ممكنة ..تشد بعصب على صدر ها و معطفها ..
كانت عيناها على ظهر لؤي ..تتأمل ذراعيه القويتين بشغف ..!
ماهي الى ثواني بعد ..
ضربت جميلة قدمها اليمين باختها اليسار ، فقفز جسمها في السماء ..سبح بدون ارادتها ! راسما بذالك ملامح الرعب ..
التقطها لؤي بسرعة كبيرة ، باسطا يديه الضخمتين نحوها !
ليفرشا الارض معا كعاشقين..!


الرغبة و ابليس معا على
فراش واحد !


جميلة افترشت جسم لؤي الرائع ؛ نائمة كاميرة فوقه..شعرها يداعب وجهه الحسن في استحياء كبير..!


صوت انفاسهما شغل المكان ..طرد كل صمته و هما يتصارعان من الاقوى في عاصفته !


عيناهما ياكلان ملامح بعض ..بتفاصيل التفاصيل ! بغير عالم ذهبا..و كأن الزمن توقف بهما ..


كان صوت ضربات قلبيهما على كل مسمع..البعيد قبل القريب ! طلقات مدافع متتالية في غير توقف ..


وفي سهو من لؤي ! فتح ر جليه اسفله ..لتسقط جميلة و ثقلها بينهما ..كانت يداها على صدر ه ، غزتها احاسيس غير مؤلوفة .. و هو كذالك (لؤي) .


كانت قدماه ترتعشان بفعل صعقات كهربائية تعذبه من أسفل قدميه الى أعلى بطنه..لسانه داخل فمه بدأ بالنحيب راغبا بقطرة ماء تروي هذا الشقيان ..!


يداه تحكمان على خصر جميلة ؛ تعانقهما بحب و خوف !


ساقته مشاعره للامام باتجاه شفتيها الورديتان ..و عيناه تغزو فمها الصغير !


لم يستطع السيطرة على نفسه و هي ايضا استرخت و استسلمت له ..رغبتها زارتها بغير استاذان مرة أخرى ! سيطرت عليها و الغت عقلها لثواني ، نفته لغير رجعة ! كانت ضعيفة معه و بين يدين ، ثالثهما كان الألم الذي احساه داخلهما..كان ممتعا جدا ..يلسعهما بمهل ..


حتى ..


قبلا بعضهما ...!

يتبع
♥️


وسقطت في بحر ابليس ..



شعرت جميلة بحرقة في صدر ها ، كمن تريد شربات ماء متواصلة لتتخلص منها ! لكن هذا لم يفلح فبحر لؤي على مد البصر ، من تسقط فيه يجب ان تكون حكيمة ملمة بكل شيئ والا ضاعت ..


تذكرت جميلة زوجها ، وماهي فاعلة الان ؛ الوقت يداهمها ..غادرت شاطئ لؤي عطشه لم ترتوي بعد ..نهضت من على جثته باستنفار كبير ! هجرت كل تلك المشاعر الجميلة التي سكنتها قبل قليل و نفتها من هذا العالم ..


(جميلة) بخجل شديد : آسفة ! حقا انا آسفة...هيا سنفقده حتما ..لقد تاخرنا ...


لم تجد جميلة الكلمات التي ستختبئ وراءها..فهرعت مسرعة تكمل نزولها عبر السلم ..


(لؤي) بابتسامة : حسنا ..! هيا ، لكنك ثقيلة جدا لقد عصرتيني ..بحق


(جميلة ) وهي مرتبكة : هيا اسرع يا لؤي ..هذا ليس وقت مزاحك..


لم تنتبه جميلة بان لؤي كان يتغزل فيها ، واصلت اجتيازها لدرجات السلم و كعبها يشكي جرحه العميق ..


خرجا من العمارة و توجها نحو موقف السيارات هناك على يمين المدخل ..كانت جميلة متوترة للغاية ؛ كسرت كعبها وهي تجري ناحية سيارة لؤي !


هوت للمرة الثانية في ظرف عشر دقائق ؛ لولا ذراعي لؤي اللتان اختطفتها بهدوء لكانت توحلت كلها ..


هذه المرة لم تكن كسابقتها ؛ فصدر ها الرطب المزين بخانة بارزة عند شقه كمنارة ، ظهرت للؤي ! كانت اثدا ئها ترتعد بين يديه ، تعصف كامواج البحر ..ينثر رائحة زكية اعتدات هي أن تضعها له كعنوان للجمال ..شانال هو اسم ذالك العطر ..


للحظة تمنى لؤي لو يستطيع اخذ قبلة منه ، قبل أن يتذكر بان السباحة في هذا المكان خطرة ربما تغرقه او تضربه بعنف ألسنة سكانه !




جثث الرغبة .. حسرة وندم !


هبت عاصفة رياح فجأة ، انتزعت منهما هذه اللحظة الحارة ..تراجعت جميلة في ذعر ! وهي تبحث عن اعين تترصدها او ربما شاهدتها وهي تسرق من لؤي ما تشبع به ابليسها ! لم تجد احد قط ..سوى خيال لؤي من وراءه ..


(جميلة ) بارتباك : أين سيارتك ؟ هيا لقد تآخرنا اظنه انطلق في اتجاه طريق الدرب الممنوع ..


صوتها كان به غصه ، رجفة تكسوها الحسرة و الغضب ! ..


ارادت لو تلك المشاعر التي جمعتها به استمرت اكثر قليلا ، كانت كحلم جميل .. ؛


غريبة هي الرغبة ترمي بنا في قاع الجحيم لنكتوى بمكبوتاتنا .. نحرقها كجرائد كنا قد استغنينا عليها لنتصل بها عند منتصف الليل بتوقيت الحسرة و الندم لنلعن ذالك الحظ و القرار مع بضع جمرات تدخلت في تفاصيل الحلم! حلم اكتمالها و تلاشي كل هذا الشغف ..شغف اشباعها !

(لؤي ) وهو يشير بيده : هناك حبيبتي !
1

صدمت جميلة و هو معها كذالك.. كانت الجملة تنطلق من فمه كالسهم.. باتجاهها ؛ اخترقتها عند المنتصف ! سرقت منها الكثير ..مشاعر الخجل و عدم الطمئنينة حينها لتستبدلها بتلك الاحاسيس التي غرقت بها و لامست جسدها عندما كانت تلامس شفاهه .


اما هو فواصل اخذ تلك الخطوات باتجاه سيارته دون مبالاة بردة فعلها ..فصدق ما تفوه به كان أقوى من اي تبرير .


ركبا السيارة بعدها بلحظات ..كانت المطر تضربهما بقوة وكانها غاضبة او تحاول كسر ذالك السكون الذي كان بهما و معهما !


أشعل لؤي المكيف و راح ينطلق بها من الموقف (السيارات) ...كان الهواء الساخن المنبعث من مكيف السيارة قد شكل سحبا كثيفة بزجاجها حاجبة للنظر ! ..



وهما يغادران موقف السيارات في سرعة ! ذهبت جميلة بيدها لتمسح ذالك الضباب الذي سكن زجاج النافذة و حجب عنها الرؤية ..صنعت دائرة صغيرة على يمينها.. كان يقف في منتصفها فريد.. هناك عند مدخل العمارة و هو ينظر إليهما بغضب ..!





ابليس يحاصر ..


لم تصارح جميلة لؤي بما رأته ..وبأن فريد قد اكتشفهما مع بعض ! داخل ذالك الموقف المريب فهو يذكر ما حدث بينهما في المنزل ، و كيف تعارفا واهتمت فقط باللحاق بزوجها أحمد .


لؤي كان يرمق جميلة بنظرات غريبة ..وهي جالسة بجانبه منذ ركوبهم في السيارة !


هذه النظرات كانت من عالم اخر ..


لاهي اعجاب ولا هي حب ..حتى أنها لا تنتمى الى الشهوانية في شيئ ! بل كانت بالمنتصف ..خليط من كل بحر .


هي نظارت رمادية..غالبا ما تكون بين العشاق الهاربين من اشباح معينة ! الخيانة اشهرها ..


تكون بين القلوب التائهة ؛ الذين تجرفهم مشاعرهم الى علاقات محظورة فيها تغلب احاسيس غير مفهومة و لا تكون واضحة !
1

يرغب ولا يرغب ..يحب و خائف ! شغوف لكن حائر ، شهواني حد الثمالة لكن بمشاعر باردة لا هو مقبل ولا هو ذاهب ..متلهف لكن غير مبالي ..
1

ثواني بعد ..


(لؤي) بدهشه ! انظري اليس هذا أحمد ..هو وراء تلك الشاحنة البيضاء ..


استفاقت جميلة من حلمها الصباحي الممزوج بالقلق و الخوف و ذهبت بعينيها صوب لؤي ..برعب فقط فاجاها بصوته !


كان صوتها معذب بحبات الحزن و الانتظار ..


(جميلة ) : نعم نعم ، أنه هو ؛ لا تدعه يفلت منا ! لكن اتبعه بحذر حتى لا يرانا ، اظنه يعرف سيارتك ؟ اليس كذالك ؛


اجابها لؤي بسخرية و ثقه كبيرة ؛


"هذه لجاري ، تبادلنا سيارتينا ظهيرة اليوم قبل مجيئي اليكم ، لديه سفر بعيد و خاصته هذه لا تكفي بالغرض ..! "


"انك تتذكرينها اليس كذالك (يقصد سيارته ) ،صباح اليوم و هذا الطريق ؟ "


هجمت عليه جميلة بكلمات كلها مخالب ؛


(جميلة ) : نعم ، عندما تنكرت كسائق اجرة ؟ لتسرقني اليك ؟ تابع ملاحقته و سنتحاسب بعد هذا لا تقلق ..!


ابتسم لؤي و اجابها ..


" حسنا ، لكن اريدك ان تعلمي ...! ! "


لم يكمل كلامه حتى صاحت فيه جميلة قائله ؛


"انعطف يسارا ..هيا .."


اخذ أحمد طريق الدرب الممنوع ، كانت الرياح على اشدها مع حبات مطر غاضبة ..متبوعا بسيارة لؤي و دقات قلب جميلة القوية ..




"الفصل 2 من الرغبة "



~اقتباس 1~


"الحب يجب ان يحترق من اجل حب آخر ، لكن ربما هذا ليس ضروريا ، فلمسته الدافئة تكفي ..فلا احد يموت من الحب في عصرنا هذا ، هم يموتون من ادمان لمساته القاتله !"


" الفصل 2 من الرغبة"


~ اقتباس 2 ~


" الحب صبور ، دافئ ، لطيف و صامت هي فقط لمساته على جسدي من تكون غاضبة ،ساخنة ، حارقة تجعلني اصرخ بجنون ! بصوت عالي من داخلي العميق ؛ توقض
كل رغبة ميته بي .."




طريق الرغبة ..



جميلة كانت تتبع سيارة زوجها أحمد بنظرات ملئها الخيبة ..كانت عيناها تضيئان دموعا ، تشد على اقفال معطفها بقوة و يداها ترتعشان ليس من برد المكان او الجو بل من الموقف الذي اضطرها زوجها ان تعيشه !


احمد كان اول رجل يدخل حياتها ..لم تعرف قبله احد قط ، دخلت جحور الرغبة و لسعتها جمرات الخيانة معه ..


في المنتصف اختبرت اسلحة عديدة ، لعل اصعبها كان اختبار الرفض و الخضوع ! معا و في وقت واحد تحت سماء الخوف ..


بعد مسيرة عشرة دقائق على درب الحب الممنوع ، تجاوزت به سيارة لؤي كل مثيلاتها من اللوتي كن ملكا لبعض من العشاق و الخونة ! يترامون على اطراف الطريق ..بين المساحات التي خلفتها اشجار الزيتون و الصنوبر ..


ماهي الا لحظات مجنونة اخرى ! اخذ فيها أحمد سيارته نحو منعرج ترابي بين كل تلك الاشجار الكثيفة ؛ إختفى بينها ..


اوقف لؤي سيارته قبله (المنعرج الترابي ) بحوالي امتار قليلة ..


كان المكان غارقا في هدوء مخيف لا يسمع منه الا صوت الرياح وهي تشاغب الاشجار ؛ استدار الى جميلة و خاطبها قائلا :


"هيا ترجلي , سنلحقه مشيا على الاقدام ..كي لا يرانا "
بصمت غريب و دون اي ردة فعل مبالغ فيها خرجت جميلة من السيارة و راحت تمشي ببطئ شديد ، بين الزيتونات هناك كانت الطريق صعبة على كعبها ! لكنها اشتدت عليه بقوتها و بمساعدة بعض الاغصان..حتى توقفت ..وهي تعانق احدى الاشجار ..اخذت زاوية نظر و يدها على فمها ...


اقترب منها لؤي ..كان وراءها تماما ، انفاسه تلعب على اذنها اليسار ..و هما يشاهدان أحمد من بعيد هناك يتجادل مع عشيقته ! وهي تلوح له بورقة ...


تصرخ و صوتها يزعج هدوء المكان ..و سكانه من الحشرات و الطيور ..


قائله :


"انظر ..انا حامل ..! "


اهتزت جميلة هزتان واحدة على سلم الصاعقة من ما سمعته توا من عشيقة أحمد زوجها ...والاخرى كانت بعدها بلحظات قليلة ، اشد وقعا عليها من صاعقة برق ..


كان صوت فريد من خلفها و هو يسالهما (لؤي ، جميلة ) ..
5


" ماذا تفعلان هنا ؟ "


خبث الرغبات ...!


نزل سؤال فريد على جميلة كالصاعقة ..تحجرت في مكانها كتمثال شمعي اما لؤي فاستدار نحوه بذهول كبير و هو يرمقه بنظرات خائفة .


غاصت جميلة في اعماقها تبحث عن ملاذ ، فلم يكفيها مشهد زوجها مع عشيقته وهما يتجادلان على مستقبل صغيرهما ..حتى زاده هوس فريد ! قبل أن تقرر الطبيعة بان تكون صديقة لها في أصعب امتحان ...


هبت رياح قوية بالمكان , من شدتها سرقت من جميلة تلك القماشة الحمراء التي كانت تلف بها راسها لتستقر على كتف لؤي في مشهد آسر ! كافلام هندية غير منطقية الأحداث ، لكن لطالما كان القدر يخبئ لنا حكايات لم تكن بالحسبان ؛ كنا نشاهدها فقط على شاشات التلفاز و نستهزء بها ..يجعلنا نعيش من خلالها دقائق تحبس لنا الانفاس .. تتوقف فيها القلوب من شدة الحزن او ربما الفرحة ....


....بدات حبات المطر بالسقوط ..فخطر على بال جميلة فكرة جهنمية تحمل من الخبث ما تحمله الارض من رمل و جبال ...!


جرت نحو فريد بسرعة و عانقته وهي تبكي ..!


احتضنته بقوة ..قائلة بصوت يرتعش خوفا و حزنا :


"اليوم هو ذكرى وفاة أمي و ابي ...جئت الى هنا كي استعيد تلك الذكريات ..فتلك الشجرة هناك هي من زرعهما ! "


"يومي كان صعبا للغاية ..كدت ان انساهما ..حمدا *** ان لي أخا من الرضاعة ذكرني بهما.."


رمت كل هذه السهام الحارقة و هي تنظر الى لؤي ! الذي دخل معها في اكذوبتها و توجه بعينيه إلى الارض ..معلنا موافقته على كل ما تقول ..فلم يكن لديه حل آخر ..


لم تكمل جميلة خطتها بعد ، فهدفها كان ابعاد فريد عن المكان باسرع وقت ممكن حتى لا يكتشف السر الحقيقي لوجودها هنا، و ايضا قبل أن يتفطن زوجها هو الاخر الى كل هذا ، فهو ليس ببعيد عنهم ..


راحت تشهق بشدة و هي تعصره بيديها حتى بثت فيه سخونة فسارع هو الاخر (فريد) لمواسلتها !


قادته الى طريق العودة و هي تستند عليه قائلة :



"ارجوك خذني من هنا ..! "



الخيانه ورائي و جهنم امامي ..


راح فريد يحضنها و هو حزين لحالها ..انطلت عليه حيلة معشوقته جميلة و اتجه بها نحو الخارج ..بعيدا عن المكان ..


ابتسمت جميلة و يدها تشد على معطفه ، كمن حققت انتصار في معركة القرن ..!


معركة ابليس و الرغبة !


تبعهما لؤي ..و هو مصدوم من ما قالته جميلة ! لكن كان مجبرا على قبول كل هذا ، فهو لا يملك اي تفسير في حالة مداهمة زوجها للمكان و هم الثلاثة معا ..فهو الاخر كان كل همه ان يخرج فريد و جميلة من هنا و باسرع وقت ممكن ؛ خاصة وان المطر كان على اشده ، مما يعجل بانتهاء لقاء أحمد و عشيقته ..


وصل فريد الى سيارته و معه جميلة ! فتح لها الباب و راح يساعدها على الدخول ...فانتبهت الى ان حيلتها ناقصة ! فهي لم تفسر للؤي علاقتها بفريد بعد و لماذا كذبت تلك الكذبة ؟ و لماذا يهتم فريد بها الى هذا الحد ...


لمع بذهنها كذبة اخرى ..تغطي كل هذا التصدع الواضح بكذبتها الاولى ..


استئذنت فريد قائلة :


"سيارة شقيقي لؤي تعطلت بنا و نحن نتجه الى هنا ..هي هناك على بعد امتار قليلة ! ايمكنه ان يعود معنا ؟


سالته جميلة هذا السؤال و هي تنظر اليه بشغف ! نظرات كلها سيطرة و كان عقله و قلبه و كل ما يملك بيديها و تحت تصرفها ..فالضعف الذي اظهرته له قبل قليل كان كفيلا بان يقدم لها كل مفاتيحه ..كانت تدرك جيدا ماذا تفعل ..تعمل بان فريد لن يرفض لها طلب..


رمقها ببتسامه ..قائلا :


"طبعا ..مثلما تريدين ! "



قفزت جميلة من المكان و توجهت نحو لؤي لتزرع كذبتها الجديدة عنده ..على امل ان تزهر قبولا ..فالوقت يداهمها ..و دقات الرعب على اشدها ..




حميم
الرغبة .. اول قبلة ...!


وقفت جميلة امام لؤي ، الذي كان ينظر إليها بدهشة شديدة و كانه يقول 'انا لا اعرفك من تكونين ! '


ابتسمت له ابتسامه خبث قائلة بصوت خافت :


"لؤي ، ارجوك سايرني قليلا ، فهو صديق من عائلة زوجي ولا اريده ان يعلم بحقيقة الامر ..تعال معنا الان و أعدك بشرح وافي لكل هذه الاسئلة ! لكن ليس الان .."


مسكت ذراعه و راحت تتجه معه نحو سيارة فريد في خطوة جريئة منها ...كانت تلاحق الزمن ! تقاتل ثلاث رغبات في آن واحد ..لحسن الحظ كان المطر ينزل كشهب باردة ..مما عجل بخطوات الثلاثة ..


انطلق الثلاثة نحو طريق العودة ...جميلة كانت بالمقعد الخلفي ! تمسح حبات المطر العالقة بشعرها و على وجهها في مشهد مماثل ....ذكرها بلقاءها الاول مع لؤي ..ابتسمت فاحرقت المكان ..


شاهدها الاثنان بتمعن شديد ...عندما ابتسمت اخترقتهما ...بسهم حميم ..فكلاهما كان واقعان بغرامها .... استرجع فريد لحظاته معها بالمصعد اما لؤي فغرق بحنين قبلته الاولى معها ..


الشيئ المشترك الذي كان بين لؤي و فريد ليس صداقتهما مع زوجها فقط ولا المشاعر التي يكناننا لها بل كان ابعد من ذالك بكثير ..فكلاهما كانت جميلة هي المرأة الاولى في حياته .. اول قبلة و اول ضعف ..


الضعف الذي يشل الانسان عندما يتعلق بشخص او شيئ ما ..يصبح اسيره ..لا يتحرر منه الا بعد معارك كثيرة و كبيرة ..يخرج منها اما منتصرا او خائبا ولا يبقى من تفاصيلها الى ذكريات ..


ذكريات ترجع بنا أحيانا إليها ..لنعيشها بمشاعرنا لا باجسادنا و كاننا قابعين فيها لم نخرج منها اطلاقا ..و الحظ الحظ لو نستطيع النسيان ..كاننا استشهدنا بها مات كل شيئ داخلها ..



الثلاثة كانوا في عالم آخر ..كل واحد فيهم يسترجع ذكرايته مع الاخر...جمعهم فقط الطريق و برد المكان قبل ان يستفيقوا بذعر شديد على سيارة أحمد و هي تتجاوزهم ..



لم يتبقى من الرغبة الاولى الا
دخان ...


كانت سيارة أحمد تسير بسرعة كبيرة ، مخلفة عواصف مطرية وراءها ..قبل أن تفقد سيطرتها على الطريق و تلعب معه دور الغبية في مشيها يمينا و شمالا ..


صرخت جميلة من مكانها في ذعر شديد !


" ماذا يفعلان ؟ يا الاهي ما هذا ! "


التفت إليها فريد و ملامح الاستغراب راسمة على وجهه ! ليتفاجئ هو الاخر بيد لؤي على كتفه تقوده بهدوه قائلا :


" قد بحذر ، الطريق وعرة و المطر جعلتها خطره للغاية ..خذ معه مسافة ، ولا تحاول لحاقه ! "


كان يقصد بذالك سيارة أحمد ..لترمقه جميلة بنظارت كلها حيرة قبل أن تصرخ في وجهه هو الاخر :


"ماذا تقصد بعدم لحاقه ؟ مسافة ماذا ! فريد الحقه ارجوك .."


و مسكته من ذراعه و هي تسئله ان لا يفوتهما ..!


كان لؤي كصوت حكمة ..لم يبالي بما يجري امامه ، حتى أنه لم يتاثر بمشهد سيارة أحمد وهي تذهب يمينا و ترجع يسارا ..كان يركز على جماعته ! اقترب من اذن جميلة و حاول تهدئتها قائلا ..


"لم يبقى سوى القليل و نتجاوز هذا المنحدر الى طريق سلسه ، و ستستقر سيارته لا تقلقي ! "


رافقه فريد ايضا بهدوءه الشهم و دعم كلماته بتصرف حذر ، حيث أنه خفض من سرعة سيارته ..اصبحت تمشي و كأنها سلحفاة عطشة ..


كان أحمد يتجادل مع عشيقته في جنون ، لا تسمع من حديثهما الا صفير عجلات سيارته وهي تتصارع مع هذا الطريق الباكي من ضرب حبات المطر له ..


هز الصمت عرش المكان كان الثلاثة يشاهدون أحمد و هو يتصارع مع عشيقته و سيارته في آن واحد !



ثواني بعد .
.
صرخت جميلة بكل قوتها...استنفر لؤي من مكانه ! اوقف فريد السيارة و هربوا منها في خوف شديد ..ناحية أسفل الوادي هناك أين انقلبت سيارة أحمد فيه و الدخان بطل للمكان في مشهد مهيب..



هربت رغبتي في غير

رجعة ..!


توجهت جميلة بسرعة ناحية المنعرج المطل على واد سحيق ...مزينة ابوابه بحجارة على تنوع احجامها و هي تلهث !


كانت انفاسها في تصاعد و نزول سريعين تشد على معطفها بقوة و عيناها تبكيان مع مطر السماء في لوحة تشبه تلك المؤخوذة عن اتعس الروايات و الافلام ..


ذكرتها سيارة زوجها و هي قابعة هناك أسفل الوادي تحترق بمهل شديد بالحادث الذي عاشته قبل سنوات ..أين فقدت والديها و نجت هي بصعوبة كبيرة .


لم تنسى قط توسلات امها النجاة و هي تتخبط داخل تلك السيارة قبل أن تلفظ انفاسها و هي تبتسم لها ..


كان هذا آخر مشهد جمعها بها ..في هذه الدنيا الخبيثة !


شرعت دون وعي منها في النزول باتجاه سيارة أحمد ، حتى انها كانت غير مدركة بخطورة المكان ! فاي خطوة منها غير دقيقة ، سيعجل بها هي الاخرى على راسها قابعة عند اقرب صخرة حاده ..فالوادي كان شديد الانحدار يفقد أي شخص توازنه اذا قرر النزول به .


مسكها فريد من ذراعها بقوة و اخذ يصرخ بوجهها ، كانت المطر و الرياح على اشدهما :


"ماذا انتي فاعلة ؟ اتريدين الموت ! تراجعي من هنا و اذهبي حالا ..ساتصل بالشرطة و الاسعافات .. "


لحقه ايضا لؤي بكلماته التي نزلت على جميلة كالصاعقة ! انتشلتها من تلك الثواني الهستيرية و ارجعتها الى اللحظة ..الى منطق الحدث ؛


"جميلة ، لن تستطيعي فعل شيئ ! فالوادي خطر للغاية ..حتى وإن نجحتي بالوصول إليهما ربما ستنفجر السيارة بوجهك في أي لحظة ..الشرطة على وصول ماذا ستقولين ؟ ماذا تفعلين هنا ؟ كيف وصلتي ! ربما سيشكون بكي ..هيا لنذهب بسرعة قبل أن يرانا اي احد ، لحسن حظنا الطريق فارغة هذه الاثناء ..هيا ..


احتظنها كطفل ..و اخذ يسوقها بعيدا عن المكان بينما فريد تراجع ناحية سيارته ينتظر وصول النجدة الى المكان ...



لم يكن الحادث ببعيد عن المدينة ، حوالي كيلومترين فقط ..على يساره (المنعرج الذي انقلبت فيه سيارة أحمد ) هناك طريق ترابي مختصر يصل بسالكيه الى الجانب الغربي من المدينة ..قريب من الحي الذي تسكن به جميلة !


روح واحدة و
قدرين احدها مقبرة
عمي ...


في الطريق الثعباني الترابي المزين باشجار الزيتون على اطرافه كان لؤي و جميلة ينزلان بسرعة وسط كرم من السماء على شاكلة حبات مطر ..


كانت جميلة تسبقه بخطوات ، تلهث وكأنها مطاردة من شبح ما ..بين الخطوة و الأخرى تمسح من على خدها بعضا من الدموع ..


تكلم نفسها في خشوع كبير ، هل سارجع الى تلك الدار ؟ و الى جنازات الايام فيها نعشي يكتسي كل ذالك الكلام القاسي و الكلمات الجارحة ! الى صراخ زوجة عمي ..الساحرة التي اكلت عقل عمي و جعلته يحرمني من كل شيئ ..!


كانت جميلة خائبة الظن في القدر ؛ فهي مرعوبة من ان يسلمها مرة أخرى الى يدين عمها ! فيحرق سنينها مرة أخرى ، فلطالما فعل ذالك مع سبق الأصرار و الترصد ..


لم تفكر في مصير زوجها للحظة ! فالامر محسوم عندها ...من ينقلب داخل ذالك الوادي فسيقابل ملك الموت لا محالة ..نسيت عشيقة زوجها و طفلها ..فمصيرها هو الاهم الان ..هي لا تريد الرجوع الى عش الدبابير بعد ان ضاقت من عسل الرغبة ما يشفيها ..


كانت تلك الرغبة هي الحرية و جنودها هم من جعلوا عالمها الجديد فيه من المغامرات ما انساها صحراء السنين الماضية و إن كان به قليل من سحابات غير محببة للروح و الجسد !


افاقت من حديثها لنفسها على صوت لؤي التعب ؛


"جميلة هل انتي بخير ؟ "


التفتت اليه وابتسمت ، ففاجأه تصرفها ..حتى أنه لم يصدق تلك القوة التي تظهر بها الان و كأن شيئا لم يحدث ...


"نعم ، انظر نحن على وشك الوصول ! يا الاهي كم كانت طريقا وعرة .."


اوقفت اقدامها عن المشي و راحت تسمح من على قميصه بعضا من بقع الوحل التي استقرت عليه بفعل سرعة خطواته و هو يلحقها ..


رفعت راسها نحوه و قالت :


"ستذهب معي الى المنزل ، لدي هندام كنت قد اشتريته سابقا كهدية لعمي لكنه لم يزرني قط ؛ تغتسل و ترتديه ، سترتاح فيه هذا مؤكد .."


فتح لؤي عينيه على مصرعيهما من الدهشة ، خيل له أن جميلة قد فقدت عقلها او انها في عالم آخر غير هذا ...و في شفقة منه سايرها و هز براسه معلنا موافقته على طلبها .


أراد أن يحميها من نفسها إلى اخر لحظة ، فالاحداث التي مرت بها الى حين اللحظة جعلتها في حالة صدمة ، تأخذ من الذكريات و الأشخاص ما يهرب بها من واقع الان ..فقط لتنسى كسرة قلبها و ما فعله زوجها أحمد !



فاحمد كان قد احرق روحها ..و لم يكتفي..فقدره هناك في الوادي ؛ قد يعجل بنعشها الى مقبرة الماضي ، رجوعها الى دائرة لا نهاية ، منزل عمها و بطش زوجته .



ادفن خوفي برغبة جديدة
اشعلها على نار ذكرياتي ..



ساعدني يا لؤي..


هذه كانت اول جملة تنطق بها جميلة بعد صمت دام اكثر من نصف ساعة ..فقد صوت اقدامهما من كان يبعث على الارتياح ، بانهما بجانب بعض و لم يضيع احدهما الاخر ..و هي تصعد السلالم مسكت بيده اليسار و راحت ترمي بجثتها عليه ..


ارادت ان تشعر به وهو بجانبها ..ليست وحيدة كجل الأحداث التي اختبرتها في الماضي ! خيباتها المقيته و الم فقدانها لوالديها ..بحادث سير.


لؤي لم يبخل عليها بشيئ ، ساعدها على الصعود نحو الطابق الخامس أين توجد شقتها ، على الرغم من عيائه الشديد ..ادرك بان احتياجها له لم يكن في عدم قدرتها على هذا (صعود السلالم ) بل كان نفسي بحت !


الحاجة الانسانية التي لا تقدر بثمن ، بان لك روحا تسند إليها ضعفك و هشاشتك في احلك ايامك ، و عندما يقسوا عليك القدر بظروفه و يبطش بنفسيتك نحو بئر سحيق ..


كانت جميلة تشد على يده بقوة ، تختبر صلابتها و قدرتها على ارضائها من الداخل ، اخماد ذالك الصوت المزعج الذي ينذرها ببدا العد العكسي لاحداث ما ..


عودة الادراج الى حيث بدات قبل شهور ، هناك في منزل عمها..أين كان زواجها من أحمد يعتبر مفتاح نجات وليس جريمة في حق ذاتها ! فلطالما اعتبرته منقذها الشهم على الرغم من عدم حبها له يوما .


وصلت الى الشقه ، لتطلق زفيرا يصل صوته الى باب المصعد ..وكأن جبلا عرضه السماء كان يكتم على انفساها وانزاح بعيدا ..


اطمئنت انه لا أحد بالداخل ..اعطاها ذالك املا بان الاخبار البشعة ضلت طريقها الى هنا ..


بعد دقيقتين ..


رمت جميلة معطفها ارضا و راحت تعبث بدولاب الخزانه ، تبحث عن الملابس التي كانت قد وعدت بها لؤي ...استغرق ذالك منها جهدا ليس بهين قبل أن تصرف النظر عن مواصلة ايجادها و اكتفت بقميص يعود لزوجها ..نادرا ما كان يلبسه !


قدمته له بحرارة بالغة ، و وجهته نحو غرفة الضيوف أين سيرتديه هناك ...أثار ذالك استغراب لؤي فهذه المرأة الواقفه امامه ليست بجميلة المتعبة ، التي كان تصعد معه الادراج قبل ربع ساعة ..كانت اخرى تماما ، اكثر نشاطا و ذات صوت رنان ..كمذيعة في وصلة اخبار !


دخل الغرفة و راح ينزع قميصه الملطخ بوحل الطريق الترابي ...لم يدرك ذالك حتى اقتحمت عليه المكان ..


"اتريد قليلا من القهوة ؟ "


اقتربت منه بضع خطوات ، كان عاريا...صدره ذو العضلات البارزة ارغمها على ايقاظ رغبتها ..


ابتسمت له وهي تردد بضع كلمات نزلت عليه كالصاعقة !



"اتعلم يا لؤي ، لديك جسم رائع ! ذراعين دافئتين و عضلات شهية ، أرغب حقا بلمسها ..اممكن ذالك ؟


يتبع

انتحار
الرغبة ...


لم يصدق لؤي ما سمعته اذناه ..و ما تراه عيناه حتى أنه تجمد في مكانه ! استسلم لها ..كله


جميلة وكأنها القت عليه تعويذة ..اصبح كدمية بيديها ، لم يقاومها حتى ..


كانت تعبث بصدره وسط تصاعد كبير لانفاسه ..كان يعض على شفاهه بالم ...الم لم يشعر به ولا لثانية قبل اليوم ؛ كأن روحه تسحب منه و هو سعيد بذالك .


خالجته احاسيس من النوع القاتل..ضربات كهربائية يتلقاها في كل لمسة منها ..كانت جميلة كموت محدق بجثته !


اقتربت من اذنه كهواء ..عانقته بقوة و قالت بصوت خافت يرتجف من شيئ غير معلوم :


"لؤي ، انت طيب جدا و الرجال الطيبون في هذا الزمان يموتون من الوحدة ، اما النساء الطيبات فيطلون عليهم من شرفات منازل الخبثاء و انا اريد ان اتحرر منهم ، معك انت ! "


لم يفهم شيئا واحدا مما قالته لكن الاكيد ان لمساتها الحارة ابلغ من اي كلمات ..


فجميلة لم تصبح تلك المرأة المغلوب على امرها ، تلك المسكينة التي تنظر ان يتصدق عليها أحمد او عمها قليلا من الحنان تقاتل به آلمها و تسكت به رغباتها الجامحة ..


بل تحولت في ظرف يومين الى امراة حكيمة بما تحتاجه ، تقاتل من اجل اخذه بقوة و باي وسيلة كانت ولو كان ذالك في نظر الآخرين مستحيلا او محظورا ..


تلك الذكريات التي زارتها و هي في طريق العودة الى المنزل حرك فيها رغبة الانتحار !


ان تنتحر روحيا من كل الممنوعات و ترمي بكل شخص كان قد آلمها سابقا بعيدا ..تسلمه الى مكان مجهول هناك في ظلام الذاكرة ؛


فالانتحار لا يكون جسديا فقط ، فلربما ياتي أمره على شاكلة نكران لكل حدث جعلنا نشعر بوحدة ، الم ، غضب ، حسرة و ندم ..نقرر في لحظة جنون ان ننتحر و ننحره باستبدال كل ذالك باشخاص ، اشياء ، مشاعر و لحظات نسرقها بخبث و خيال وضيع تقلب ذاتنا الى الاحسن و لو كان ذالك ضربا من الجنون بالنسبة للبعض او حراما وجب مقاومته و دحضه


صوت لؤي و هو يعتصر بين يديها...شجعها على الغوص اكثر ، بعمق مجنون ! بدات تقبل رقبته بحب كبير ..




هلوسة الرغبة ..


لم يتمالك لؤي نفسه و رضخ لرغباته هو الاخر ..كان يموت ألما في كل قبلة حارة تلمس رقبته الملساء ، يقاومها فقط بصوت انينه ..


كان يحترق واقفا دون حطب او بنزين ! قبل أن يسقط صريعا للنشوة على الكنبة الجلدية ذات اللون القرمزي الأخاذ ..


مجرد انفاس نارية تزعج صمت المكان ..


صرخت جميلة وهي تقبله ! ترجته ان يعفوا عنها و يريحها من هذا العذاب !


"لؤي ارجوك ..ارحني الان ! "


مزق ما كانت ترتديه دون عناء ..بقوة واضحة و هو يخنقها بصدره و يداه تعصرانها كغزاله ..


التحما فورا ...


افرشها الكنبة و نام فوقها ..تأملها لثواني كوردة حمراء بحديقة الامراء..


انقض عليها بعد ذالك يعض رقبتها دون توقف كمصاص دماء ..


وهي تتخبط كاميرة مذبوحة !


لم تختبر هذا الشعور من قبل ..ظنته الموت ! يسلب روحها رويدا رويدا دون ان تستطيع شيئا ؛


فقط تشاهده بنصف عين واحدة ..


تبحر في ملذاته كروح عارية !


وضع يده هناك في الاسفل ، وراح يدخل اصبعه اقحم نفسه بالمغارة المحرمة ! ...


صوتها أخيرا تمكن منها و خرج من اعماقها كرصاصة ..


ثواني اخرى بعد ...


صوت هاتف المنزل يرن ! استيقضت جميلة من خيالها الشيطاني و ماتت رغبتها ارضا ..كانت واقفة و لؤي يحدق بها في ذهول !


كان مجرد حلم ..مشاهد عاشتها دون وهي بعالم غير هذا ..عالم الرغبات الشيطانية ..


رمشت عيناها ..تراجعت خطوتين الى الخلف و اطلقت صوتها هذه المرة بارتباك ..بحقيقة اللحظة ! لم تكن في زيارة الى ارض الرغبة و الخيال ..


قالت..


" نعم هو الهاتف أنه يرن دون توقف .. سارد .."


خافت ...ثم راحت تستجمع قواها و لؤي يسارع بارتداء قميصه الجديد ..به من ذكريات أحمد القليل و من رائحة عطره الكثير ..ربما كان عرقه ! قال و هو يشمه قبل أن يموت فضوله و هو بمكانه , احتله صراخ جميلة !


كانت قد ردت على الهاتف !



"هذا منزل أحمد العزم ؟ ..يؤسفني ان اخبرك بان زوجك توفي قبل دقائق ...الو الو سيدتي .."



قبر ، رغبة و قدر ...



بعد مرور ثلاث ايام ...


لزمت جميلة منزلها...وحدها دون ونيس ! فزوجة عمها كانت قد غادرت من اول يوم عزاء و معها عمها ، لدواعي مرضية !


فهي مصابة بمرض اللوكيميا (سرطان الدم ) اكتشفته بجسمها قبل شهر من الان و هذا ما جعلهما يتاخران عن زيارتها كل هذه المدة .


كان القدر و الايام بصف جميلة ! لثاني مرة ..ارغم عائلتها الوحيدة على التغيير ..فهي لم تصدق المرض لولا انها رأت كل ذالك بأم عينها ..زوجة عمها وهي تطرح الدم ..كنافورة من فمها..اصبحت في غير جسم !


شاحبة اللون ، هزيلة القوام ..تشبه في طلتها الاموات الاحياء ..


اشفقت عليها بهم كبير ..فرغم قساوتها إلا أنها الوحيدة من بنات حواء من كانت تعطيها من عصارة خبرتها و ما خرجت به من فصول القدر و محاصيله المتنوعة !


لمست لها الاعذار (زوجة عمها)..فلربما الخوف هو سبب كل ذالك او وسواس التخلي ! فرحمها ميت كصحراء قاحلة لا يعطي اشجارا..جعلها تشك في كل قريب ان يكيد لها فاكلته بخبثها قبل أن يرميها بقدره ..


عمها ايضا تحول الى غير شخص ...اصبح في ثوب اخر تماما ! لا يدقق او يسأل كثيرا فقط قدم واجبه الاجتماعي و رافق زوجته دون وداع !



ترك جميلة هناك ، وحيدة بشقتها ..بخل عليها حتى بنصيحة ! لم تستغرب هي للامر..فلطالما كان حبه الكبير لزوجته فوق كل اعتبار ، اختارها دائما ، استمع إليها و صم عن غيرها ؛ كانت كروحه لا يستطيع ان يفصلها عن جسده !



بداية جديدة ..ميلاد رغبة !



بعد مرور اسبوع....


الساعة 9.40 صباحا...


رن جرس شقة جميلة ..أخيرا زارها ضيف غير متوقع ! اجتاح بغموضه صمتا دام لايام ..


هذا الصمت كان ينتزع منها الكثير ، و بغصب واضح كل ضجيج كان عزيز ..


ذكرها لساعات طويلة ، كم هي شقيقة نفسها و لا أحد يلعن هذه الوحده معها ...صفعها كفوفا لا تعد على وجهها و قبر كل احساس عندها ..


اصدقها الوعد و الموعد ..بانها كانت مجرد دمية ! رغبة او ربما نزوة ...يتقارعها ثلاث رجال ..


الاول ذهب الى غير رجعة ، اما الاثنان الباقيان لم يسمع لهما صوت ؛ كأنهما ارتحلا الى ارض بعيدة او سجنا الى ميعاد غير معلوم ..


جعلها هذا تحقد اكثر ...لكن ليس عليهما بل على رغبتها و ما جرفته لها من اهوال ..


اهوال كانت هي بغنى عنها ...ففريد كانت هي من سايرته غراما ..لتشبع به وحشا لا يشبع ! يحرقها رغما عنها ، هناك بالداخل ..ياخذ كلها و على مرمى من ناظريها .. بقوة ...فاطلقت سراحه (الوحش) ، ليفقدها السيطرة كليا و بصدق ! كتب اسطرا لا تقرا الا بضوء رغبة جامحة اخرى ..


لؤي و هدوئه ..كانت هي من حركت مياهه الراكدة ..صنعت برغبته بركه كلها طين ..غير صافية ! نواياها كانت خبيثة ..عشقها الابدي كان ان تنتزع بتوله برغبة لحظية جامحة و كاذبة ..!


ارادتهما كلاهما ، فلا هي طالت البحر و ملوحته ! ولا شربت من نبع الارض و حلاوته ..


جرت و بيدها كوب ماء نحو باب الشقه ! لتفتح لهذا الزائر الغامض..


فتحت و اذا به المحامي و معه لؤي ..لم تستغرب او تخف..حتى أنها قابلتهما بردود من صقيع !


ادخلتهما الصالون ..بصمت !




للامام ..ولا مكان لحياة
سابقة !


جلس لؤي امامها..قابلها كجبل خجل ، او برج مائل آيل للسقوط في أي لحظة ..تحت اقدام رغبتها !


جلست هي كملكة ! نظرت إليهما بتمعن شديد لما هو قادم ، نظرات قوية ليست مكسورة ولا حزينة ..نظرات ثاقبة تشبه في طلتها نسرا كاسرا ..


توجه المحامي إليها بوجهه وانطلق بكلماته المعزية لمصابها الجلل....بجل بزوجها الراحل ويستذكر بعضا من محاسنه..استرسل في كلامه عنه ، مستغرقا كثيرا من الدقائق ..


ابتسمت له جميلة ! ليس لشيئ فقط لأنها لا تصدقه فاحمد لا يقدم على كل هذه المحاسن دون ان ترجع عليه بالضعف ..او تكون طريقا سهلة اخرها يكون منجما من الذهب !


هذا ما خرجت به عنه طيلة الشهور التي قضتها في منزله و على فراشه..


فجميلة كانت قد كونت قناعة عن هذه العلاقة ، بانها كانت مجرد مومس وليس زوجة ! أداة يفرغ بها شهواته ..فهو لم يهتم بها أبدا ، ربما كان قد احسن اليها أحيانا ، كفقيرة ..ليساير تجارته مع عمها ليس الا ..


ثواني بعد ..


وقف المحامي ليناولها ثلاثه ورقات ..وراح يشرح لها علاقتها مع كل هذا ..


"سيدتي ، زوجك كانت له قروضا بنكية ، لها علاقة بعمله كتاجر ، قمنا باستكمالها طيلة الايام الفارطة ، مع السيد لؤي ، هذا مدون عندك في الورقة الاولى ..اما الثانية فهي تحتاج لامضائك ، فانتي الوريثة الوحيدة لباقي ما يملك ..السيارة ، الشركة و منزلان ! ..الثالثة تخص بعض الأعمال الادارية والتي تحتاج لامضاء مستعجل فالعمل متوقف منذ ايام ، وانتي تعلمين ! هناك عمال ، رواتب ، فواتير و حجوزات ..فالعمل لا ينتظر .."


جلس بمكانه و تابع كلامه ..


"السيد لؤي كان نائبا عن زوجك في الشركة ، طيلة فترة غيابه بالشهور الفارطة ..لديه علم بكل شيئ ! سيساعدك كثيرا اذا قررتي الاستمرار بهذا الطريق .."


نزل كلامه هذا كصعقة برق عليها ..لم تسمع منه الا جملة واحدة ، حرقتها داخلا الى حد الرماد .."زوجك كان غايبا طيلة الشهور الفارطة " !


بدات وساوسها بالرجوع إليها وكأن أحمد على قيد الحياة و هي تريد جرعات من الحقيقية..


" ماذا كان يفعل كل صباح بعد خروجه من عندي ؟ من منزلي ! أين كان يذهب ؟ عندها ، تلك العشيقة اللعينة ..؟ "


استمرت تاكل نفسها للحظات قبل أن يقطع ذالك دقات الباب الخافته...هدوء المكان جعلها وكانها طلقات مدفع !


ادارت نفسها ناحية مدخل الصالون في ذهول شديد ؛ هي تدرك من الطارق ..أنه هو ..


ابليس ..




ابليس مرة أخرى ....لكن ليس
كسابقاتها ..!



جميلة هل أفتح ؟ جميلة !


التفتت و العرق البارد كان قد نال منها ، الهدوء الذي لبس باب المنزل زرع فيها رعبا يشبه ذالك الذي سكنها قبل ايام ..


خشية الخضوع ، او ربما ان تخونها قوتها و تذهب مع عمها بكلمه واحدة منه !


لكن كل هذا لم يحدث ، فهو الاخر (عمها) كان قد اختار زوجته و مرضها المستعصي ، عنها هي ابنة اخيه و وريثته الوحيدة...


ربما هو الاخر سكنه ذالك الشعور بالعجز و الرعب معا ، بانها قد تاخذ كل ما يملكه في سرعة البرق ، و بجواز و قبول من الموت ..الذي يحدق به هو الاخر ! فسنه وصل الى ارذله ..لذالك قرر ان يتركها الى مصيرها ! دون اي نصيحة او مساعدة ..او حتى سؤال ..!


لترتاح روح جميلة هناك بالماضي ، و تستفيق مع ما ينتظرها من عمل جاد ، ميراث غير منتظر!


" نعم ، طبعا تفضل..."


هذا ما اجابت به جميلة لؤي ، الذي سارع بفتح باب الشقة ..!


"فريد ، اهلا ..كيف حالك ؟ "


و اغلق الباب وراءه..لم يدخله الى الداخل ! فقط اصداء صوت و كلمات غير مفهومة كانت تصل متقطعة الى مسامع جميلة ...


تمالكت كل مشاعرها ؛ اغلقت على كل ذكرياتها معه بالشمع الاحمر ..و راحت تتناول كل تلك الاوراق بامضاءها ..


اختارت مصيرها...ان تكون سيدة اعمال و ملكة نفسها من الان ..


لؤي كان حازما معهما ...تركها مع الاهم ، فالميراث لا ينتظر , هناك حقوق و واجبات تستحق كل ثانية منها و الان ، لكن للرغبة الشيطانية كل الوقت !


لعب دور الأخ ببراعة شديدة ، لم يترك لفريد اي منفذ للولوج مرة أخرى إليها !




بداية جديدة ، و ابليس آخر ..


في صباح اليوم التالي ..


الساعة 8.08 ..


جميلة في طريقها الى المجهول ..شركتها و أعمالها التي انتسبت إليها مؤخرا..!


الهاتف لم يتوقف عن الرنين ، كان لؤي ينتظرها أسفل العمارة ..


لؤي : صباح الخير ، أين انتي لقد تاخرنا ..


استغربت جميلة من هذه الجملة البسيطة الفجائية ، فهي لم تتعود على هكذا صوت و ايجاز في الكلام منه ، كان دائما مهتما بادق التفاصيل ..يسأل عن حالها قبل اي شيئ آخر !


كان صوت لؤي يحمل في ذبذباته الهم و حروف بها من المسؤولية ما يشق الجبال ؛


تخوفت جميلة لثواني ..و سرقتها تلك المشاعر الغير مريحة من احلامها الوردية بان كل شيئ يسير في الطريق الصحيح ..


اسئلة كثيرة تبادرت الى ذهنها ، هل سانجح ؟ هل ساقدر على كل هذا ! قصدت بذالك النهوض باكرا كل صباح ، مراجعة الحسابات ، استيعاب المناقصات و التحايل..المكر..استغلال الفرص !


كان كل هذا يميز ماهي مقبلة عليه ، ولا تفقه منه شيئا ..لكن ما ترك في داخلها القليل من الارتياح وجود لؤي ، و كذالك المحامي ..الذي شكلت معه صداقة مميزة في دقائق و كأنهما على وفاق و معرفة لسنوات..


جميلة : وهي تمسك الهاتف و تغلق باب شقتها..انا قادمة لماذا انت مستعجل ..


سقط الهاتف من على يدها..تاففت لثواني..اكملت اغلاق باب المنزل و راحت تتناوله من جديد ..

كلمت هاتفها لبضع لحظات كمجنونة و هي تمشي باتجاه المصعد ..


"حتى انت متخوف من هذا اليوم ، لا أعلم لكن ان لم ننجح لا باس فالحياة صعبة على الجميع ! "


دخلت الى حجرة المصعد و راحت بيدها تنقر على زر الهبوط نحو الطابق الأرضي ..


ماهي الى لحظات من برق ..!


دخل عليها فريد ، تراجعت كيمامه يحدق بها ديك رومي غاضب ..


كانت اصوات انفاسه (فريد ) تتصاعد ، ضربات قلبه هي بطلة للمكان ..تحرج الهدوء الساكن فيه..


اغلق المصعد بابه عليهما...وراح ينزل !


جميلة متحجرة بمكانها ، كان هاتفها ارضا ، سقط من فعل رجفتها الاولى فور دخول فريد ..يرن يرن دون توقف ..!


ماتت رغبتي بك و ساعيدك الى
مقبرة النسيان ...



بضع ثواني بعد ..


اتجه فريد باصبعه نحو مفاتيح المصعد ..أراد أن يغير وجهته ..!


كان جل تفكيره ان ينفرد بجميلة مرة أخرى ، كسابقاتها ..رغب بقوة ان يطفئ نار شوقه ..يلعن معها رغبته الكبيرة بها ..


فالان لا أحد سيوقفه عن مسعاه ، زوجها توفي ! هي وحيدة و كم من ارملة احرقتها شباك ابليس ..فانساقت معه الى ما لا نهاية من رغبات !


كانت هذه الرغبات معلنه او عاشتها فقط في خيالها..اتخذتها كمؤنسة لجليد وحدتها..تسقي بها ما عطش من جسدها ثم تقوم ...الى حياتها و تستمر .


التقطت جميلة هاتفها و ردت بكل برود ! دون اي مقدمات ؛


" لؤي ، اخي ..تعال انا بالمصعد و هو يتجه بي الى الطابق العاشر ..لا أدري لماذا لكن ارجوك قابلني هناك ...! "


اقفلت هاتفها ..عانقت يداها و هي تنظر الى ارقام الطوابق و هي تتصاعد ..


صدم فريد بما شاهده ...كانت جميلة في نسخة اخرى لم يعرفها ..!


ليست تلك المرأة المهزوزة ..البريئة ! التي تخاف من كل شيئ حتى من خيالها ..تستحي من الرياح ان حركت خصلات شعرها ..تبتسم ولا تلعنها...ذهب ذالك البريق الذي يكسوا عيناها عند رؤيته و استبدلت بمكانه نظرات كلها جفاء ..


واقفه كجبل عتيق ..لا يحركها اي شعور او احساس ..مهما كانت تلك المشاعر و الاحاسيس شتوية او صيفية ، فقط صامدة !


صنعت بوحدتها في الايام السابقة جدارا عازل ..ضد كل انفاسه ، نظراته ، مشاعره و رغباته ..ارجعته الى مكانه ..


ذالك المكان أين بدا كل شيئ ...كان كشخص غريب ! فالغرباء هم من نضع معهم مسافات..نتقي بها شرهم او سوء فهمهم ..


كان فريد ينظر لها غير مصدق , ابكمته بتصرفاتها ! كيفية التحول من امراة تفاجأ بدخوله عليها إلى اخرى شامخة لا تعطيه ادنى اهمية ! حتى أنها لم تبادله النظرات او التحية ..


سبق وان قال لها "كيف حالك ، هل انتي بخير "


تجاهلته ..كنكره!


احرقته بناره !


فتح المصعد بابه..كان لؤي هناك ينتظرها ..بخوف شديد !


التقى الثلاث مرة أخرى ..لكن بظروف مختلفة تماما ؛ وكأن القدر يضحك عليهم ..




منزل جديد ..شياطين و رغبات
اخرى ..



كان لؤي يستند على الحائط المقابل لباب المصعد ..يرتاح من عناء صعود عشرة طوابق دفعة واحدة و بسرعة ..


يمسك بهاتفه ..يرن عليها ..كان يظن ان مكروها قد حدث لها داخل المصعد ..محمر الوجنتين ..رموشه ترتعش على غير عادتها الطبيعية ..


لؤي : بارتباك ..


"ماذا حدث ؟ هل هناك مشكلة ! "


عانقته جميلة في خطوة جريئة منها ...و هي تبتسم !


"بخير ..عندما انطلق بي المصعد نحو الاعلى ؛ اعلمتك كي لا تقلق ! لم ارد ان اكسر بخاطر جاري و فضلت ان اوصله أولا الى وجهته , الطابق العاشر .."


كان صوتها يبعث على الخبث ..قالت هذه الكلمات و لم تتكرم حتى بالنظر اليه ! تركته واقفا هناك داخل المصعد كمن توقف قلبه عن النبض ؛ و تحجر بمكانه !


تركته غريبا ، حقيرا بارضه..و راحت في طريقها ؛


لؤي هو الاخر اندهش من تصرفها هذا ، فهي في العادة هادئة ، و تصرفاتها محسوبة ! لكن سرعان ما تذكر كذبتهما و بانه اخوها من الرضاعة ..


عانقت ذراعه ..وسالته بضحكه ملئت المكان ، اعلنت بها خروجها من حقبة و دخولها الى مرحلة اخرى ، تناست بها وفاة زوجها او تعمدت كل هذا !


"هل ننزل لكن بدون إستعمال المصعد ..على السلالم كآخر مرة .."


هنا زادت ضربات قلب لؤي ..اجتاحته تلك الذكريات القريبة ..تلك القبلة الحارة ! ذالك الحضن الدافئ ..!


تحول من اخ الى عشيق سري ..كلماتها اخذته في ثواني من ارض الواقع ..الى جحيم ابليس !


ايقضت رغبته من قبرها ..


"طبعا ..تفضلي .."


كانت تسوقه نحو الأسفل في جنون ، صوت كعبها الاحمر يغطي المكان كله ..! احرجته للؤي ، فهو غير متعود على هذه الحركات ..!


لكنه متاكد من شيئ واحد ..أنه ضعيف جدا امامها ..كطفل رضيع بحضن امه ..!


لا يملك الا الموافقة ..


ولا مكان للرفض..


و هما نازلان ..وجهت اليه سؤالا ثانيا ..


"المنزل الثاني في حي الزهور ، اريد زيارته ، فالمحامي ترك لي مفاتيحه ..ربما انتقل اليه ! انا لم ارى هذا الحي في حياتي لكن سمعت عنه مديحا جيدا من زوجي الراحل ..عندما نكمل دعنا نمر ايه "


كان لؤي كتلميذ ..او كعامل ..



مراوغة الرغبة ..


كان لؤي كتلميذ لجميلة ، لا يرفض لها طلبا. ! يستمع لها بامعان و ينفذ رغباتها دون اي سؤال ..


اشفق عليها حد الجنون ، حتى أنه اصبح لا يستيقظ من سبات خوفه عليها ..فهي امام معترك جديد و حياة اخرى مليئة بالتحديات ..


كان ينزلان عبر السلالم في فرح ..تمسك يده كزوجة واثقة بمن هي مرتبطة به ..


عندما مرا بنفس مكان سقوطهما المهول آخر مرة ، ضحكت جميلة و شدت بذراعه تداعبه اما هو فابتسم. ابتسامه عريضة ! كمراهق ..


تلك اللحظات التي كانت تفصل ما بين آخر سلم و مكان اول عناق بينهما ، دبت فيهما مشاعر مريحة ؛ فلؤي لامس يدها و هو واثق ! اما هي فرمقته بنظرات كلها تقدير و حب ! بل كانت اكبر من ذالك ؛ شاهدته كانه اهم رجل بحياتها الان ..ذالك السند الذي يعولها او سيعولها في قادم الايام ..


بعدها بثواني....


افترقت ايديهما أمام باب العمارة ..كان المطر على اشده ..فتح لؤي مطاريته ؛ نظر الى السماء و راح يتقدم بها (جميلة ) الى السيارة ..عانقها بذراعه الايمن كوساده ..كان اطول منها ببضع سنتمترات ؛ ساعده ذالك كثيرا ..لم يحرج امامها ! بل لوهلة احس بانها ابنته ، هو مجبر على حمايتها حتى من صرصر الريح التي كانت تزعج هدوء المكان ..


فتح باب السيارة ، ادخلها بعدما وضع الحزام..أهتم لؤي بادق التفاصيل ..و كانت هي تبتسم له عند اي حركة او تصرف ..لا تناقشه او تساله...فقط تبتسم و تحرك خصلات شعرها الامامية...





انطلق نحو مكان العمل ..سالته جميلة و هي تنظر له باطمئنان شديد :


"ربما هذه كانت اول مرة ، اليس كذالك ؟ "


نظر إليها من المرآة الامامية للسيارة ، بعينه العسليتين ، ارتبك قليلا ..و هرع إليها بكلمات مزجها صوت حنون..


"ماذا تقصدين ؟ باول مرة ! لم إفهم شيئا من ما قلته"


و ابتسم ..كان يغرق بخجله ! كعاشق غافل..


واصلت جميلة حصاره , بكلماتها المربكة ! اكتسبت شجاعة الهجوم على الرجال من خيباتها السابقة !


اكتشفت ان افضل دفاع ضد رغبة جامحة هي بالهجوم عليها برغبات اخرى أقوى منها و تعاكسها في الاتجاه ، حتى لا يفهم معناها او يتوقع مبتغاها ..!


"اقصد ، هذه اول مرة ترافق فيها سيدة ، اقصد ارملة جميلة مثلي ! تعانق يداها ، تبتسم لها ! تحن عليها من المطر و الرياح ..تساعدها كروحك .."


و راحت تنظر له بحنان ، لمعت عيناها كبرق في سفح الجبال هناك و ابتسمت !


اوقف لؤي السيارة في جنون ...كاد ان يتسبب بحادث ، فامام تلك الكلمات و النظرات فقد كل دروعه الواقية و خارت جدران مشاعره و سقط سقف قلبه...


احتار بما سيجيبها ، حروف بسيطة تسببت له بازمة!


لم يتوقع دهاء جميلة ، فهي اكتشفت المحظور ! السر الذي لم يبح به لاي شخص قبلا ..


بانها كانت اول حواء تدخل حياته و تهزها من عمقها كزلزال ..


بانها كانت اول هواء منعش استنشقه بعد سنوات وسط ادخنه المدينة ..


بانها كانت اول ازمة قلبية تصيبه ، بعد سنوات من الصحة الجيدة !


بانها النور بعد.الظلام ، الرغبة بعد الخريف و الشغف بعد شتاء كله صمت و جفاء ..!


لم يكن بمقدوره شيئ ! الا الدفاع باستعمال المرغوب الممنوع ؛ صد كل هجوماتها بسيف واحد قاتل ، الاختباء وراء فريد ...


التفت إليها كان المطر يضرب نافذة السيارة بقوة ..حدق بها كنسر و سالها هذا السؤال ..


"ماذا كان يريد منك فريد هذا الصباح ، لاحظتك متوترة ؟ فأنا لم اقتنع بما قلته لي قبل قليل ..هل قام بازعاجك ؟ "


نزلت كل تلك الكلمات على جميلة كجبل ! اثقال هذه الحروف غيرت من تعابير وجهها و هربت منه الى النافذة ..قائلة


" كما قلت لك سابقا ، سايرته نحو الطابق العاشر ...اظنه سيلتقي الكهربائي هناك فمنزله بنفس الطابق .."


تابعت بنسج خيوط هروبها من لؤي و سؤاله بقولها وهي مرتبكة :


" والان يا لؤي ، سنتاخر ..هيا انطلق ، الساعة الان 8.08 ! هذا لا يجوز ..اول يوم أصل فيه متاخرة !


ضحك لؤي بوهج شديد..و راح يدير السيارة بسرعة نحو مكان الشركة ...فرح لنجاح ما كان يرمي له بخبث ..ادرك هو الاخر سرها المخفي وراء سابع باب من ابواب جهنم ...




شبح الرغبة ...


توقف المطر مع توقف محادثتهما الجدلية!


بعدما كان كل واحد مهما يريد اسقاط الاخر في فخ الاعتراف ..حتى يسهل الطريق عليهما و تخرج الحروف المختفية على اطراف الالسنة الى العلن..


لؤي إستمر بالتحديق في ملامح جميلة ، اخذته خصلات شعرها الذهبية الى سهول بلدته العتيقه !


اخذ يبتسم ..غير آبه باختراقه للسيارات التي كانت امامه ، بسرعة حتى صاحت جميلة و احتد صوتها خوفا قائله :


" عزيزي ، ما بك ؟ هل جننت لا أريد ان الحق أحمد بنفس قدره ! "


خاطبته جميلة دون وعي بكلمة اعتادت ان تلحقها باي محادثة تجمعها بزوجها الراحل احمد..وكأن عقلها برمجها على ان لؤي سيحل مكانه قريبا ..او انها في سريرتها تتمنى ذالك و بقوة ..


ضحك لؤي عليها ...و راح ينعطف يسارا باتجاه المبنى الاصفر ..الذي كان شاهقا جدا بجدرانه الزجاجية الجميلة !


رد عليها بسخرية و هو ينظر لها و عيناه تشير فرحا .


"انظري هناك ، هذا هو مقر عملك ، شركتنا بالطابق الخامس .."


اقدم
يخترق بسيارته اشجار الصنوبر التي كانت تجاور اطراف الطريق و تابع قائلا باهتمام..


"كل طابق من هذا المبنى تابع لشركة معينة ، فمثلا الرابع هو خاص بشركة الديكورات و السادس هو فرع لشركة سامسونغ ..اما الاول فهو مجزء الى قسمين ، قسم به كافيتيريا صغيرة و الاخر به مطعم للاكلات الخفيفة طبعا "


تابعه كلامه بشرح وفير ..


"الارضى به مكتب للاستقبال..يوجه زائريه الى مبتغاهم .. اوو لماذا ادقق على كل هذا ، ستعتادين على كل هذا مع مرور الوقت .."


سافر لؤي بجميلة الى عالم اخر ...حاكمه الاول هو العمل و مشقاته ...


استقر (لؤي) بعدها بلحظات الى موقف السيارات ، لاحظت جميلة سرابا من النسوة على عدد اشكالهن ..تهرعن الى الداخل في سرعة ...خافت للحظات لكنها استجمعت قواها و راحت تمسك بحقيبتها الجلدية الحمراء ، تستعد الى الالتحاق هي الاخرى بشركتها !


وقف لؤي و جميلة يتأملان المبنى من الخارج ، خاطبته هي بصوت به ارتباك واضح :


"هل سننجح !؟"


التفت إليها بقلب و نظرات حنونة ...


"لا تقلقي ، طبعا ستنجحين ، نحن معك و هناك (بالطابق الخامس) الكثير من ذوي الخبرات سيساعدونكي ...كل ما عليكي هو التعلم و ستختبرين كل هذا مع الوقت .."


هز على ظهرها كأب حنون ، و راح يسوقها الى الداخل ..


صاح به بواب المبنى الاصفر في جنون ..


"لؤي ...يا سيد لؤي ، دقيقة من فضلك "


التفت اليه بوجهه البشوش (لؤي) ، ابتسم اليه و يداه مخبئتان بجيوب معطفه الرمادي ..


"اه تذكرت ..دقيقة من فضلك ، جميلة ادخلي انتي أولا ، واتجهي بالمصعد الى الطابق الخامس ! انظري هناك هذه (بعدما كان قد اشار إليها بيده ) نرجس فتاة الاستقبال ستفيدك "


استقرت جميلة في الداخل بعدها بثواني ، كان مكتب الاستقبال على يمينها...ابتسمت إليها نرجس و رافقتها الى المصعد ...


"سيدتي مقر شركة العقارات بالطابق الخامس ، سارافقك الى هناك بناءا على طلب السيد لؤي ، تفضلي من هنا ارجوك .."


دخلت السيدتان الى داخل المصعد ، باتت الحيرة مرسومه على وجه جميلة و القلق يدب اخمس قدميها...


كانت تشد على حقيبتها بقوة ، و تقبع بوجهها ارضا كنعامه ..خائفة من اشياء عدة ..و أولها كان المجهول ..


ماهي الى ثواني، حتى قبل أن يغلق المصعد بابه ..بشكل خاطف و غير متوقع ! كمشاهد السنيما تلك .. التحق بهما (بالمصعد) شاب بالثلاثنيات من العمر اشقر ذو عينين زرقاوتين و هندام كلاسيكي يشبه في طلته احد نجوم التلفزيون ..


وبصوت شجي ، سرق منهما لحظات من عمر ..قائلا و البشاشة على وجهه :


"آسف حقا ، اظنني ارعبتكما .."


ابتسمت نرجس له قائلة " لا ، تفضل ارجوك .." و هي تكبس على زر الطابق الرابع ..


"الشاب الاشقر ، هو سليم صاحب شركة الديكورات ! ..رمق جميلة بنظرات كلها اعجاب ..ظنها في بادئ الامر موظفة جديدة ، لكن طلتها هي الاخرى اوحت بغير هذا ، كانت في قمة انوثتها ! معطفها الاحمر و شعرها الذهبي ، فتح عليها اعين كثيرة و اخذت عقله هو الاخر من اول نظرة ..


كان سليم قليل الاهتمام بمن حوله من النساء ، كل قناعاته كانت بانهن صائدات ثروة ، يبحثن فقط عن المال و المكانة الاجتماعية...حتى قابلها (جميلة) ، عدم انتباهها له بكل ما يحمله من وسامة و كاريزما و مكانه .. سرقه و من اول دقائق! فالرجال يعشقون التحدي خاصة لو كانت الرغبة مستعصية الوصول ..!


لتولد بذالك رغبة اخرى ..


هي الثالثة


وشبح جميلة الجديد !



شبح الرغبة..2..


بعدها بدقيقتين ...


الساعة 08.58...


فتح المصعد بابه و الثلاثة في عوالم مختلفة ..في صراع مع خيالهم..


نرجس أخذها هذا الخيال الى كوكب زهري..بعيدا عن واقعها الحالي هذا ، فهي فتاة حالمه بطبعها ..كل آمالها بان تملك يوما براندا للمجوهرات و من غيره سليم طريق لكل هذا ..


الدقيقتين و بجواره هنا داخل المصعد كانو كسنتين ، راحت تحلم بفرح بان تكون هي من تاسره و تسكن قلبه...ككل المسلسلات الكلاسيكية التي جمعت الخادمة بالاميرة و كانت النهاية سعيدة !


سليم لم يبعد عيناه من على جميلة ! عدم مبالاتها به و لوجوده الجليل حرقه داخلا ..


فذهب هو الاخر بمخيلته معها الى فراش شتوي و قمصان نوم متطايرة هنا و هناك على اصوات الاغاني الفرنسية الكلاسيكية و آهاتهما ...ظنها كمثيلاتها من اللواتي دخلن سريره باشارة منه و ابتسامه لتتبعها احلام وردية كبيرة ..


ليجدن انفسهمن على مرمى من الشارع بدون كرامه ، يهددهن شبح الاكتئاب و الفضيحة! ..لكن للرغبة قدر و صفحاتها ستبدا معها و الان ..


اما جميلة فقد كانت الرحيمة على مخيلتها منهما..فكل آمالها و احلامها كانت بسيطة ..النجاح و الاعتياد على هذا النمط الجديد من الحياة !


استيقظ ثلاثتهم من هذا الغبار ..و راح سليم يمد يده كنبيل يرافق جميلة الى الخارج ..كنوع من الاتيكات الاستقراطية ! ليتفاجا بنرجس تردها عنه قائلة :


"السيدة نرجس ستستقر في الطابق الخامس ، فهي المدير الجديد هناك .."


ارتبك سليم و تبخرت كل خيالته معها سماءا قائلا :


"اه ، جيد فلتكن فاتحة خير عليها "


رمقته جميلة بتواضع و رسمت على محياها ابتسامه خجولة صعبة ! استدعتها غصبا للموقف الحالي ...


"شكرا ، و الان يا نرجس تاخرنا هيا بنا "


ردودها كانت باردة ، دلت على الكثير من الجهل في سوق الشغل هذا ..كانت بليدة و انانية الكلمات ، او ربما هو مكر الرغبات !


افترق الثلاثة بصوت المصعد يشق طريقة نحو الطابق الخامس ..


بخبث العاملات اللواتي يتمتعن بخبرة النميمة و دهاء الدخلاء ، اثنت نرجس على سليم و لباقته قائلة :


"سيدتي ، السيد سليم من أروع الأشخاص هنا ، هو جتلمان المبنى الاصفر ، من يلحظ تعامله معنا و طريقته في التعاطي لا يصدق أنه يملك المليارات ! "


وراحت تضحك كخبيثه !


ارادت ان تجس نبض هذه الامرأة التي سرقت منها بريقها اما فتى احلامها ..


لكن جميلة كانت بالمرصاد قولا.. فهي معتادة على هذا النوع من الفتيات من ايام الجامعة ..


نظرت الى عداد الارقام و اجابتها كابليس ..


"لقد وصلنا ، شكرا "


تحجرت نرجس بمكانها ..رمقتها كشيطان حائر و داخلها يعتصر فهي لم تحقق مبتغاها ..اخذت المصعد نزولا و هي تغرق في فقرها....عليهما ! فهي العشيقة الحالية له و تغير عليه حتى من نسمة هواء !


دخلت جميلة الى مملكتها الجديدة ! استقبلها رامي مدير العلاقات العامة بالشركة و لحقه لؤي بالتحية كذالك .. !


"اه لؤي ، هذا انت ، لقد تاخرت "


ابتسم لها لؤي و راح يعرفها على كل من بالمكان ..و رامي الشاب ذو النظرات الوسيم يرافقها باهتمام..


اعجب هو الاخر بجميلة ..بهدوئها و ابتسامتها التي تسبق اي جواب ..


دخلوا المكتب الرئيسي ، مكتب المدير و الذي كان سابقا لاحمد و الان هو خاص بسيدة ..


أجتمع الثلاثة على الطاولة ..و التحق بهم آخرون ..غرقت جميلة في تفاصيل العمل ..توزع اسئلة على كل من بالمكان ..تقرا مستندات و تمضي على اوراق ..


يومين بعد ..


المبنى الاصفر الساعة 10.45


الطابق الخامس. ..


استنفر لؤي بالخروج ...ليلحق ببعض الأعمال التي كانت تنتظر اشرافه خارج الشركة !


ودعها الى حين قائلا :


"و الان يا جميلة ساتركك لساعتين ، موعدنا ظهرا لنتفقد معا منزلك الجديد .."


ابسمت له كعادتها ، معلنة موافقتها ..و راحت تتجول بين موظفيها ..استقبلها مرة أخرى رامي بشوق..و عرض عليها ان ينزلا معا للطابق الارضى ..لشرب كوب من القهوة او تناول وجبة خفيفة ..


لكن جميلة صدته باحترام كملكة !


و راحت تنزل وحدها ، بعد ساعات من العمل الصعب و التفاصيل المملة...


دخلت المصعد مرة أخرى ليلحقها سليم في مفاجأة غير متوقعة منه ..


عشق و جنون ..لكن من طرف واحد ..!


ابتسمت جميلة لسليم فور رؤيته للمرة الثانية بجوارها ٫ بنفس المبنى و المكان (المصعد) !


وكأن المصعد هو جحيمها دائما ما يضعها امام اختبارات غير متوقعة !


فهي لم تنسى يوما كيف كان موقف مشاعرها امام جارها السابق ..فريد ، وبماذا اصابتها من ظلم حقير و خذلان مقيت ..؛


نزل بهما المصعد الى الطابق الأرضي ، الى قعر الجحيم مرة أخرى...كانت الرغبات في اشتعال لكن في اتجاه واحد فقط ..


فسليم كان يختنق برائحتها ، خطفته من اول ابتسامه ، سحرته بتلك الوقفة الشامخة..و راح يفتح معها باب الحديث قائلا :


"هل اعجبك المبنى و العمل الجديد .."


رمقته بنظرات سطحية تنم عن عدم اهتمام و ذهبت تتجاهلله في عدة كلمات قائله :


" أنها اولى الايام لي هنا ، لنرى .."


جن جنونه فعبوسها له و عدم اخذه بتلك الجدية جعله في حالة غليان ..


فكل النساء اللواتي عرفنه قبلا ، شيدن له تماثيل من الانبهار و رصعناها بعديد الجواهر النادرة من الاعجاب و على عدد اشكاله..


فتح المصعد بابه بعدها بثواني ...


وراحت جميلة تجري بخطواتها ، كمثل حورية ، تهرب من معجبيها المغفلين الى بحر النسيان ..


لمحها سليم تتجه الى الكافيتيريا ، فلحقها بعتب شديد ..


أراد بقوة ان يوقعها في شباكه خاصة بعدما علم انها صاحبة الشركة الاكثر نجاحا بالمبنى ؛


هي فرصته ولن يعوضها ..


طلبت جميلة قهوتها و سافرت بخيالها تجلس امام آخر زاوية فيها ..تشاهد طيور النورس و هي تتشاجر ..فالمبنى يطل على ميناء ساحر ..


كان سليم يراقبها كخياله ..تواجد بالمكان و لاول مرة منذ انتقال شركته الى هذا المبنى ، كان حديث المقهى لدقائق ، فعادة لا يقدم هذا النوع من الكرم ..


فهو نرجسي ، يزور فقط المطاعم الفاخرة و لسبب وحيد ، هو خدمة أعماله و عقود صفقاته فقط !


طلب هو الاخر كوب قهوة وسط ، و راح يستغل فرصة عدم تواجد الكثير من العمال بالمكان ليجلس بقرب جميلة ، علها تهديه قليلا من الاهتمام ..


بابتسامة ماكرة قال و كوبه يرتجف بيده !


"هل تسمحين لي ؟"


وضعت كوبها من على يدها و راحت تشير له بالجلوس ..ببرود النساء المخضرمات في اللقاءات الغرامية ..


فهي لم تكن بذالك الغباء ، ادركت ما ينويه ..لكن مظهره الجذاب و سمعته بمكتبها جعلها تفكر في اصرافه عنها دون حقارة ، لربما تجمعهما اعمال في المستقبل ..تكون بذالك تركت للود مطرح ..!


سليم لم يتحمل شفاهها و هي تحتسي تلك الرشفات من القهوة ..كان يحدق بها و يستمتع بكل تفصيل ..كقاتل متسلسل يدرس ضحيته القادمة ، كي لا يترك للصدف ان تخيب بمسعاه !


فقد سيطرته بعدها بلحظات و سالها هذا السؤال المحظور و الغير متوقع !


" يبدو انك تفتقدين لاحمد ، اليس كذالك ؟ كان رجل ولا كل الرجال ، صادق ، امين و حنون على عماله لا يفرق بينهم اطلاقا .."


سقط كوب القهوة من جميلة و هي تستمع اطراءه على زوجها الراحل و ذهبت تركله ببعض الكلمات قائلة :


......




كلام شيطاني ..


" لا اظنك تعرف زوجي الراحل حق معرفة ، فهو غامض كقبر و قليل الكلام جدا اما تعاملاته فاي مدير محترم يجدر به ربح موظفيه و اغلاق افواههم من النميمة و التذمر..وهذا لا يكون الا بالمعاملة الحسنة ..! "


صدم سليم بملامحها الجادة ، و شموخ صوتها و هي تقذف عليه هذه الحروف الثقيلة ..


اجابه بخذلان سحيق قائلا :


" طبعا طبعا ، لديك كل الحق فيما قلته .."


وراح يهرب بكوب قهوته ، يرتشفه كسم معتق ..فمحاولاته في استدراجها و فتح كل تلك الابواب الكلامية المغلقة باءت بالفشل الضريع و عاد الى نفسه خائبا ...


ابتسمت جميلة....فتحول المقهى كله الى ساحة حرب ..قلوب الرجال فيه خرجت من غمدانها ، تبحث عن ارقاب حنان لتسفكها ..كانت رغباتهم بها عطشة ..كصحراء لم يزرها المطر لقرون غابرة..


اشارت بيدها و هاهي كل العيون تخرج من جحورها كثعابين سامه..


التفت سليم و اذا به لؤي قادم ناحهما ..يقبل عليهما بفرح يثلج كل سفوح الجبال تلك ..


" أرى انكما قد تعارفتما ..هل فاتني شيئ ؟ "


جلس يقابلهما ..بعدما ان طلب قهوته


بارزه سليم بكلمات ملحمية كلها احترام و باسنان بيضاء تشق فمه قائلا لجميلة :


"أنه صديقي منذ سنوات ، درسنا معا ! هو اختار أحمد كشريك ، عفوا اقصد زوجك الراحل و انا شققت طريقي لوحدي .."


ادار راسه بحب ناحيته و تابع كلامه ..


قائلا :


" كان كأخ لي بحق ، هو عملة نادرة بزمننا هذا ، نعم الصديق و النصوح ، أحتاج دوما لوقفاته و نصائحه ، انظري فقط الى شركتك هي الانجح بالمبنى ! أظن ذالك بفضله ..


ضحك الثلاثة بانسجام كبير ..


خجل لؤي تحت وطئ هذه الكلمات الشاعرية و راح يبادله بمثيلاتها من الاحترام و التقدير.. :


" و انت كذالك ، لا أجيد نسج هذه الجمل مثلك هاها لكن انت ايضا تعني لي الكثير ، صديق و أخ الكفاح و شكرا *** اننا مزلنا في ظهر بعض .."


عبست جميلة بحاجبيها و استقرت بوجهها ملامح الحيرة و ذهبت إليهما بهذا التساؤل :


" عفوا ، هل كنتما معا بالجامعة ؟ أحمد ايضا ! لم إفهم ، فعندما قابلنا لؤي سابقا قال لي نفس الكلام "


ابتسما و اعلنا لها هذا الخبر و بصوت واحد ..غلبه الفخر .. :


" نعم كنا نحن الثلاثة بنفس الجامعة و الكلية و الفصل ..هاها "


تفاجات جميلة بما تسمعه...الثلاثة اصدقاء بل إخوة و ليس هذا فقط بل الثلاثة ايضا لهم مشاعر يكنونها اليها ..


الاول ارتحل الى غير رجعة اما الاثنان الباقيان فالقدر وحده يعلم ما هي مقبلة عليه معهما ...!



صدفة او
ميعاد . 1


الساعة 11.50


اندمجت جميلة في قصصهما عن حياتهم الدراسة و ذكرياتهما مع زوجها الراحل ..


لم تتخيل خفة ظلهما هذه ، و مدى العاطفة التي كان يحملها زوجها الراحل ، فكل الذكريات كانت تعبر و بصدق عن معدنه الطيب !


مساعدته لسليم في بداياته المهنية ، قبوله للؤي كشريك على الرغم من فقره انذاك..وقصص اخرى لم تستوعبها قط !


لكن سرعان ما نسيت كل اخطاءه معهاو تركتها للنسيان.. لتستقر مكانها هذه اللحظات و المشاهد التي شاركوها معها و كأنها هي رابعتهم ..بالمشوار ..


مر الوقت على هذا ، الى ان رن هاتف سليم ..


استئذنهم بجدية رجال الأعمال الناجحين ، ليلحق عمله و اجتماعه القادم..


" مكالمة من العمل ، يجب ان اذهب ، استمتعت بهذا اللقاء القصير و اتمنى ان نعيده لكن في ظروف آخرى .."


رمق جميلة بنظرات اعجاب شديد قائلا :


" سيدتي كان لي الشرف ان اتعرف بك ! "


قبل يدها باحترام شديد و انصرف الى عمله مسرعا ..


ابتسم لؤي لجميلة و ذكرها بامر هام ، كان قد كلمها عنه صباحا ..


" والان يا شريكتي ، هيا بنا الى حي الزهور ! الا تريدين استكشاف منزلك الجديد ؟ "


ضحكت جميلة كطفلة و راحت تنظر الى الساعة ؛


" لؤي ، يا الاهي انها 12 عشر ! ان الوقت هنا يمر و بسرعة ، اظنني ساعشق هذا العمل و اصبح من مدمناته قريبا .."


اجابها بسخرية قائلا :


" البدايات دائما ما تكون رائعة ، لا تتحمسي اكثر و انتظري الى نهاية الشهر و اتمنى من كل قلبي ان يبقى هذا هو رايك ..بالعمل ، المبنى و بي "


غازلته كمراهقة و بضحكة خفية دقت على باب قلبه قائلة :


" لا اظنني ساغير نظرتي عنك أبدا ولا حتى بعد سنوات .."


اخذت حقيبتها و راحت تعانق ذراعه مرة أخرى !


خرجا من المبنى الاصفر كعاشقين ، ليشتعل كل المكان بالنميمة ! لم يتفطنوا لها فهما حاليا بعالم آخر موازي..


اغلب قوانينه ، العاطفة الجياشة و قلوب تحكي حبا ..


السماء به دائما زرقاء ، و الطيور تغرد ليلا و نهار ! موسيقى ، خضار و احلام وردية ..


و هما على مقربة من موقف السيارات بالمبنى الاصفر ، يتبادلان النظرات و قلبهما برائحة العشق يفوح ..


صاح بهما صوت ليس ببعيد عن ذاكرتهما السابقة قائلا :


" انتما هنا ، جميلة ؟ "


التفت جميلة خلفها في ذعر شديد !


صدمها وجود فريد بالمكان و بحالته هذه ..



اول رغبة و ثلاث جمرات ..


لم تعد اقدام جميلة تحملها ، بعدما رأت فريد بهذه الحالة ..


كان بحال يرثى لها ، شعره مجعد ! و على درجة من السكر عالية ..


ظهر بمنظر شحاد ؛ ملابس متربة ! و عيناه بهالات سوداء تدل على فرط السهر ..


اقترب منها بضع خطوات و هو يبكي راجيا منها ان تكلمه على انفراد !


" ارجوك ، اريد ان احدثك ..لوحدنا ! لقد اشتقت لك ، جميلة ..حبيبتي ! "


تراجعت جميلة بعد هذه الكلمات بخطوات الى الخلف و هي مذعورة ..


سارع لؤي باتجاه جميلة و بذراعه خبئها منه ، كامير في ساحة قتال ..


وصاح في وجهه ينهره كطفل مشاغب قائلا :


" ماذا تريد منها ؟ و ما الذي تفعله هنا ! "


ذهب فريد براسه يبحث عن الأمن ! مستغربا وصول فريد الى هذه المنطقة من المبنى الاصفر ، هل تسلسل ؟ ام نام الليل بطوله حتى استغفل عمال البوابة فجرا ! فهذا التوقيت الوحيد الذي تستبدل فيه الطواقم ..


كانت جميلة ترتجف منه رعبا ، فهيئته تدل على أنه فقد عقله ..او أنه تعاطى شيئا من الممنوعات ..


فهذا ليس فريد ، صاحب الملامح الحادة الجذابة ، ذو طلة الامراء ؛


اجابه و قد بدا بوصلة ضحك هستيرية .. :


" كله بسببك ، انت سرقتها مني ؛ تحوم و تحوم عليها حتى خطفتها كمجرم "


فوجئ الاثنان بما يقوله .. و راح لؤي يعجل بمهاتفة رجال الأمن ..


لم يكد يلحق تفعيل المكالمة حتى هجم عليه فريد و صراخ جميلة يملئ المكان ..


" ساقتلك ، لن ادعك تفرح بها و لو للحظة ! "


اعاد هذه الكلمات مرار و تكرارا لثواني بعد ، اما لؤي فقد كان يصرخ على جميلة و يرجوها بان تبتعد عن المكان ..

1

" اذهبي هيا ! "


وهو يقاوم جثة فريد المزروعة فوقه و ايديه الخشنه العابثة بمحياه الجميل .. !


جرت جميلة ناحيةرجال الأمن ، الذين التحقوا بالمكان بعدها بدقائق !


فوجئت جميلة فور رجوعها الى مكان الحادث بالثلاثة ارضا ..


لؤي ، فريد و سليم !


اتسعت عيناها و فتح فمها بابه دهشة بالمشهد المرسوم على ابواب المبنى الاصفر!



يتبع

جزء7


ذاهبة الى جحيم ابليس و معي رجلان !


الاول زوجي و الثاني لا أعرفه ...


هو فقط يزورني في احلامي ..




ذكرى ...


عندما قابلته اول مرة ، زوجني به ابليس ..لم اكن انا قط ..



ليس قراري ..


مشاعري بريئة من انفساه لكن ماذا تفعل الميته برغبة جلادها ..



لحظة وداع ..


حاصر حراس المبنى فريد ..كانو ثلاثة ! اخذوه عنوة دون سؤال من أمام موقف السيارات ..


كان يتخبط بين ايديهم كعجل مذبوح ، كأسير عابس بعد خسارته لحرب ضروس ..


و أي خسارة ..ضياع هوس العمر و رغبة قاتلة لم تكتمل..


كان يبتعد من المكان وسط صراخ و حمى عويل لم تستقر..ينظر الى الثلاثة بحقد دفين ..


" سا قتلكم ! اعدكم بذالك .. "


تفاجأ سليم بما شاهده من غضب جامح و حكاية لم يفهم من سطورها شيئا بعد و راح يؤكد على الحراس ، بضرورة احتجازه حتى مجيئ الشرطة !


خفق قلب جميلة بدماء شفقة ! عليه و على ما سيلقاه من ايام صعبة اذا احتدمت الامور اكثر و اقبلت على سليم تحاوره ..


لبست قناع الثلج و غطت به ملامحها الحارة من هول ما مرت به قبل قليل ..


قائلة :


" سليم ، لطفا هذا ليس وقته أبدا ! لا أريد أن اتورط بفضائح من هذا القبيل .."


شدت بيد لؤي و اكملت كلماتها على نحو بارد ..


" واضح بانه مخمور ، دعنا منه ارجوك ! "


خذلتها الكلمات و لم تجد مفر آخر ، تقنع به الجموع التي رأت هذه المهزلة..


ابتعد عنها لؤي بضع خطوات ...بوجه غاضب ! و بكلمات قاسية حزم الامر الى غير رجعة ..


اغلق كل ابواب العاطفة .. قائلا :


" اظنك سمعتي تهديداته ..لقد هددنا بالقتل .. ! ماذا لو لم يتدخل سليم و بعده الحراس , عن ماذا تتحدثين يا جميلة ؟ شخصيا لن اتسامح معه اكثر ..لقد تجاوز كل حدوده و أين ! هنا بالعمل و على مرمى الجميع يقذفنا بكل تلك الاتهامات..فضيحة اقسم ..بانها فضيحة ..


خارت اعصاب لؤي ! و اصيب بنوبة انفعال شديدة بعدما شاهد جميلة و هي تستجدي العفو عن فريد و الاكتفاء بابعاده عن المكان فقط ..


دقائق بعد..


استلمت الشرطة فريد من حراس المبنى ..و اكد الشرطي على الثلاثة ( سليم ، لؤي و جميلة ) بضرورة لحاقهم لاخذ اقوالهم ..و معرفة ملابسات الحادث !


لؤي بانفعال : تفضلي ، يجب ان نلحقهم ! سحقا من زيارة المنزل الى الذهاب إلى مركز الشرطة ..على ماذا اصبحت يا الاهي ..


تجمدت جميلة بمكانها و تنفست غضبا..لتصيب لؤي في مقتل قائلة :


" لن اذهب معك ، ساذهب لوحدي .. ! "


تصاعد التوتر بين الإثنين ، فجميلة كانت تنتظر من لؤي ان يوافقها كعادته على طلباتها و يكون بظهرها عند اي التباس...لكن معارضته لها ! جرحها و احزنها فهي مدركة جدا بانه لا يعلم قصتها مع فريد ! فخروجه عن السيطرة ارعبها و خافت من ان هذا المهوس المجنون سيخرج كل ما في جعبته من لحظات عاشهما معا سابقا ...في المغفر هناك ..و تفضح امامهما ..


كان الوقت يجري ..


و جميلة في حيرة ! هي لا تريد ان تهتز صورتها امام لؤي و سليم ..


فالاول يعلم بانها جارته و بينهما نوع من الالفة فقط لا تكاد ان ترتقي الى شيئ آخر ..


اما سليم فلا محل له من الاعراب ، كان كالاطرش في الزفة ..اكتفى فقط برؤيتهما يتجادلان ..


لينطق من قبره الهادئ قائلا .. :


" دعونا لا نتاخر عليهم ( الشرطة ) ، و عندما نصل سنرى .."


انتفاضة ...


كان الثلاثة امام المبنى الاصفر واقفين يتاملون بعضهم بشرارة مقاتل..


كسرت جميلة هذا السكون الذي دام ثواني قليلة بكلمات نزلت كبرق كاسر على لؤي ..


نظرت الى سليم و اعلنت هذا النبأ الغاضب !


" حسنا يا سليم أين هي سيارتك ؟ سارافقك الى هناك ( مركز الشرطة) ، طبعا انت على حق دعنا لا نتاخر اكثر .."


رمقها لؤي كمجنون و راح يسير بخطوات متسارعة ناحية سيارته ..ركبها كحصان و اقلع بها ؛ تحت سرعة كبيرة لفتت الانظار اليه ، فالعجلات من غضبه صرخت دخانا..


اوقفها امامهما ، نزل منها كسيل جارف في تربة جافة....فتح بابها الايمن و راح يشد ذراع جميلة ..


"اركبي و الان ، لا يوجد لدينا وقت حقا ، كما تقولين ! لهذا سنسرع الان ..حالا .. "


صاح به سليم قائلا :


" رفقا بها يا لؤي ، ستكسر ذراعها .. ما بك "


و رمق جميلة بملامح تهدئ من روعها و ترسل بها كحمامة مع صديقك المتهور...


ابتسمت له على عجل ، تؤكد بهذا موافقتها له و هي تزحف بخطواتها الى داخل السيارة ..


اغلق لؤي باب سيارته عليها (جميلة) ، و راح يجري الى الناح الاخر ..


اسدلت هي ستار السيارة و بعثت الى سليم حروفا بعبق الربيع المنتظر ..


قائلة:


" سليم هيا رافقنا ، الى نفس المكان و مع نفس الصديق و مع احلى شريكة لك بالمستقبل العاجل..! "


ضحكت جميلة بعد رميها لهذه القنابل على طريقهما الوعر ، استطاعت و في ظرف ثواني ان تقلب داخلهما الى جنة و نار !


انطلق الثلاثة و هم على ارتياح تام ، بان كل المشاحنات قد ظلت طريقها اليهم... و ارتحلت الى مكان اخر ..


لتسكن مكانها اشباح اخرى جنونية اكثر ، ماذا تقصد جميلة بهذه الكلمات .. ؟


بدات الرياح كعادتها تضرب الاشجار الموجودة على طول الطريق و السماء لم تنسى عادتها تلك ، فبعثت برسائل من ماء الى زجاج نوافذ سيارة لؤي !


نهض سليم من مكانه يشكوها الى صديقيه قائلا :


" جو كئيب و مكان ليس باحسن حال منه سنزوره قريبا "


ابتسمت جميلة و غازلته بذكاء قائلة :


" كيف لرجل وسيم و ذو ظل خفيف مثلك ان يكره المطر و رياح الامل هذه ! اتدري يا سليم انا اعشق الشتاء لا لشيئ فقط لأنه يشفي روحي العطشة الى العاطفة ! "


تسمر الرجلان مكانهما ..لم يصدقا هذه الجراة منها و راح يتجول بخاطرهما وسواس مبهم !


اشتعل لؤي بنار الغيرة ، و استنفر بسرعة كبيرة حتى لا يلحق سليم باجابته لجميلة فيتحول هو بعدها من بطل مغوار الى كومبارص فاشل في سماء رغبتها الزرقاء ..


" لقد وصلنا ، انظرو انهم يدخلونه الى الداخل (يقصد فريد ) !


ذهبت جميلة في غير وعي بيديها تمسك ذراع لؤي ! اعلنت على عجل بانها تفضله على سليم الذي جلس يقطع شفا هه بحسرة ..


نزل الثلاثة ..عانقت جميلة مرة أخرى يدي لؤي و تبعهما سليم من الوراء يشكوا رغبته المسجونه ؛ قال في نفسه :


" ستكونين لي أعدك بذالك ، مهما كلف الامر .."



الوداع ..


دخل الثلاثة إلى مركز الشرطة في ارتباك شديد ، خطواتهم متثاقلة و كأنهم يحملون من صخور الجبال ما يحملون !


فجميلة كانت في حرج شديد ، تفكر من أين ستسقي كل هؤلاء ، فضولهم الى الحقيقة ! علاقتها بفريد و زوجها الراحل ..


هل تخفي كل ما عاشته معه في صندوق اسود و ترمي بكل مفاتيح الرغبات التي بداخله في بحر عميق !


ام تصارح الجمع هنا ، بكل تلك الأحداث السابقة ، فهي لم تنكر للحظة صدق ما عاشته مع الثلاثة ..ولو تحت حزام من نار ..


" سيدتي ، المعتدي يقول بانه من معارفك (طبيبك الخاص) ، جاء ليزورك و يطمئن عليك بعد غيابه عن الحي لايام ، فقصد مكان عملك عن جهل بما سيحدث بعدها ! استفز من شريكك فحدث ذالك العراك "


غابت جميلة عن وعيها تماما و أمام الشرطيان اللذان كانا بصدد تحرير المحضر !


لم تسمع من كل كلامهما الا كلمتين " طبيبك الخاص" ، لتفقد وعيها و تفترش الارض هذه المرة وحيدة دون شريك ..كقبر بارد يشد على صاحبته من هول ما اقترفته من آثام و رغبات ماجنة ..


نادى الشرطي على لؤي و سليم ، يخبرهما بما حدث لها ! و هل هي ضريرة بمرض ما ، يستلزم منهم نقلها الى اقرب مستشفى ..


انكر الاثنان معرفتهما بحالتها هذه ..لكن فريد أقبل على الجميع و بخبث ابليس الماكر ، اخبرهم بانه سبق و ان كشف عليها سابقا و بصحبة زوجها أحمد ..فهو طبيب العائلة !


" السيدة لا تعاني من شيئ ، ينزل ضغطها أحيانا عندما تعاني من إجهاد ، بالمناسبة انا طبيب ، اقصد طبيبها و اعمل بالمستشفى الفلاني.. ! "


نظر الجميع اليه و هم محتارين ، كيف لمخمور كهذا ان يكون طبيب ! او أنه ادعى ذالك ..سال لؤي صديقه سليم و هو يرمقه بنظرات استغراب ..


ليشبع الشرطي الواقف معهما فضوله قائلا :


" كشفنا عليه قبل قليل ، لا يوجد اي أثر للخمر او الممنوعات بدمه "


ذهب الاثنان بحيرة واضحة يرمقانه (فريد ) من بعيد و علامات الاستفهام كانت بادية جدا للعيان..


ضحك فريد عليهما بعيون ساخرة و راح يغادر صوب جميلة التي كانت لتوها تستفيق من صرعها ..



" فريد انت هنا ، ماذا حدث لي ! "



" رغبتي بفريد ، لم تكن كمثيلاتها مع اجسا د
اخرى ، فعنده
كان ينتهي كل شيئ ..



ليس قراري ..


مشاعري بريئة من انفساه لكن ماذا تفعل الميته برغبة جلادها ..



لحظة وداع ..


حاصر حراس المبنى فريد ..كانو ثلاثة ! اخذوه عنوة دون سؤال من أمام موقف السيارات ..


كان يتخبط بين ايديهم كعجل مذبوح ، كأسير عابس بعد خسارته لحرب ضروس ..


و أي خسارة ..ضياع هوس العمر و رغبة قاتلة لم تكتمل..


كان يبتعد من المكان وسط صراخ و حمى عويل لم تستقر..ينظر الى الثلاثة بحقد دفين ..


" سا قتلكم ! اعدكم بذالك .. "


تفاجأ سليم بما شاهده من غضب جامح و حكاية لم يفهم من سطورها شيئا بعد و راح يؤكد على الحراس ، بضرورة احتجازه حتى مجيئ الشرطة !


خفق قلب جميلة بدماء شفقة ! عليه و على ما سيلقاه من ايام صعبة اذا احتدمت الامور اكثر و اقبلت على سليم تحاوره ..


لبست قناع الثلج و غطت به ملامحها الحارة من هول ما مرت به قبل قليل ..


قائلة :


" سليم ، لطفا هذا ليس وقته أبدا ! لا أريد أن اتورط بفضائح من هذا القبيل .."


شدت بيد لؤي و اكملت كلماتها على نحو بارد ..


" واضح بانه مخمور ، دعنا منه ارجوك ! "


خذلتها الكلمات و لم تجد مفر آخر ، تقنع به الجموع التي رأت هذه المهزلة..


ابتعد عنها لؤي بضع خطوات ...بوجه غاضب ! و بكلمات قاسية حزم الامر الى غير رجعة ..


اغلق كل ابواب العاطفة .. قائلا :


" اظنك سمعتي تهديداته ..لقد هددنا بالقتل .. ! ماذا لو لم يتدخل سليم و بعده الحراس , عن ماذا تتحدثين يا جميلة ؟ شخصيا لن اتسامح معه اكثر ..لقد تجاوز كل حدوده و أين ! هنا بالعمل و على مرمى الجميع يقذفنا بكل تلك الاتهامات..فضيحة اقسم ..بانها فضيحة ..


خارت اعصاب لؤي ! و اصيب بنوبة انفعال شديدة بعدما شاهد جميلة و هي تستجدي العفو عن فريد و الاكتفاء بابعاده عن المكان فقط ..


دقائق بعد..


استلمت الشرطة فريد من حراس المبنى ..و اكد الشرطي على الثلاثة ( سليم ، لؤي و جميلة ) بضرورة لحاقهم لاخذ اقوالهم ..و معرفة ملابسات الحادث !


لؤي بانفعال : تفضلي ، يجب ان نلحقهم ! سحقا من زيارة المنزل الى الذهاب إلى مركز الشرطة ..على ماذا اصبحت يا الاهي ..


تجمدت جميلة بمكانها و تنفست غضبا..لتصيب لؤي في مقتل قائلة :


" لن اذهب معك ، ساذهب لوحدي .. ! "


تصاعد التوتر بين الإثنين ، فجميلة كانت تنتظر من لؤي ان يوافقها كعادته على طلباتها و يكون بظهرها عند اي التباس...لكن معارضته لها ! جرحها و احزنها فهي مدركة جدا بانه لا يعلم قصتها مع فريد ! فخروجه عن السيطرة ارعبها و خافت من ان هذا المهوس المجنون سيخرج كل ما في جعبته من لحظات عاشهما معا سابقا ...في المغفر هناك ..و تفضح امامهما ..


كان الوقت يجري ..


و جميلة في حيرة ! هي لا تريد ان تهتز صورتها امام لؤي و سليم ..


فالاول يعلم بانها جارته و بينهما نوع من الالفة فقط لا تكاد ان ترتقي الى شيئ آخر ..


اما سليم فلا محل له من الاعراب ، كان كالاطرش في الزفة ..اكتفى فقط برؤيتهما يتجادلان ..


لينطق من قبره الهادئ قائلا .. :


" دعونا لا نتاخر عليهم ( الشرطة ) ، و عندما نصل سنرى .."


انتفاضة ...


كان الثلاثة امام المبنى الاصفر واقفين يتاملون بعضهم بشرارة مقاتل..


كسرت جميلة هذا السكون الذي دام ثواني قليلة بكلمات نزلت كبرق كاسر على لؤي ..


نظرت الى سليم و اعلنت هذا النبأ الغاضب !


" حسنا يا سليم أين هي سيارتك ؟ سارافقك الى هناك ( مركز الشرطة) ، طبعا انت على حق دعنا لا نتاخر اكثر .."


رمقها لؤي كمجنون و راح يسير بخطوات متسارعة ناحية سيارته ..ركبها كحصان و اقلع بها ؛ تحت سرعة كبيرة لفتت الانظار اليه ، فالعجلات من غضبه صرخت دخانا..


اوقفها امامهما ، نزل منها كسيل جارف في تربة جافة....فتح بابها الايمن و راح يشد ذراع جميلة ..


"اركبي و الان ، لا يوجد لدينا وقت حقا ، كما تقولين ! لهذا سنسرع الان ..حالا .. "


صاح به سليم قائلا :


" رفقا بها يا لؤي ، ستكسر ذراعها .. ما بك "


و رمق جميلة بملامح تهدئ من روعها و ترسل بها كحمامة مع صديقك المتهور...


ابتسمت له على عجل ، تؤكد بهذا موافقتها له و هي تزحف بخطواتها الى داخل السيارة ..


اغلق لؤي باب سيارته عليها (جميلة) ، و راح يجري الى الناح الاخر ..


اسدلت هي ستار السيارة و بعثت الى سليم حروفا بعبق الربيع المنتظر ..


قائلة:


" سليم هيا رافقنا ، الى نفس المكان و مع نفس الصديق و مع احلى شريكة لك بالمستقبل العاجل..! "


ضحكت جميلة بعد رميها لهذه القنابل على طريقهما الوعر ، استطاعت و في ظرف ثواني ان تقلب داخلهما الى جنة و نار !


انطلق الثلاثة و هم على ارتياح تام ، بان كل المشاحنات قد ظلت طريقها اليهم... و ارتحلت الى مكان اخر ..


لتسكن مكانها اشباح اخرى جنونية اكثر ، ماذا تقصد جميلة بهذه الكلمات .. ؟


بدات الرياح كعادتها تضرب الاشجار الموجودة على طول الطريق و السماء لم تنسى عادتها تلك ، فبعثت برسائل من ماء الى زجاج نوافذ سيارة لؤي !


نهض سليم من مكانه يشكوها الى صديقيه قائلا :


" جو كئيب و مكان ليس باحسن حال منه سنزوره قريبا "


ابتسمت جميلة و غازلته بذكاء قائلة :


" كيف لرجل وسيم و ذو ظل خفيف مثلك ان يكره المطر و رياح الامل هذه ! اتدري يا سليم انا اعشق الشتاء لا لشيئ فقط لأنه يشفي روحي العطشة الى العاطفة ! "


تسمر الرجلان مكانهما ..لم يصدقا هذه الجراة منها و راح يتجول بخاطرهما وسواس مبهم !


اشتعل لؤي بنار الغيرة ، و استنفر بسرعة كبيرة حتى لا يلحق سليم باجابته لجميلة فيتحول هو بعدها من بطل مغوار الى كومبارص فاشل في سماء رغبتها الزرقاء ..


" لقد وصلنا ، انظرو انهم يدخلونه الى الداخل (يقصد فريد ) !


ذهبت جميلة في غير وعي بيديها تمسك ذراع لؤي ! اعلنت على عجل بانها تفضله على سليم الذي جلس يقطع شفا هه بحسرة ..


نزل الثلاثة ..عانقت جميلة مرة أخرى يدي لؤي و تبعهما سليم من الوراء يشكوا رغبته المسجونه ؛ قال في نفسه :


" ستكونين لي أعدك بذالك ، مهما كلف الامر .."



الوداع ..


دخل الثلاثة إلى مركز الشرطة في ارتباك شديد ، خطواتهم متثاقلة و كأنهم يحملون من صخور الجبال ما يحملون !


فجميلة كانت في حرج شديد ، تفكر من أين ستسقي كل هؤلاء ، فضولهم الى الحقيقة ! علاقتها بفريد و زوجها الراحل ..


هل تخفي كل ما عاشته معه في صندوق اسود و ترمي بكل مفاتيح الرغبات التي بداخله في بحر عميق !


ام تصارح الجمع هنا ، بكل تلك الأحداث السابقة ، فهي لم تنكر للحظة صدق ما عاشته مع الثلاثة ..ولو تحت حزام من نار ..


" سيدتي ، المعتدي يقول بانه من معارفك (طبيبك الخاص) ، جاء ليزورك و يطمئن عليك بعد غيابه عن الحي لايام ، فقصد مكان عملك عن جهل بما سيحدث بعدها ! استفز من شريكك فحدث ذالك العراك "


غابت جميلة عن وعيها تماما و أمام الشرطيان اللذان كانا بصدد تحرير المحضر !


لم تسمع من كل كلامهما الا كلمتين " طبيبك الخاص" ، لتفقد وعيها و تفترش الارض هذه المرة وحيدة دون شريك ..كقبر بارد يشد على صاحبته من هول ما اقترفته من آثام و رغبات ماجنة ..


نادى الشرطي على لؤي و سليم ، يخبرهما بما حدث لها ! و هل هي ضريرة بمرض ما ، يستلزم منهم نقلها الى اقرب مستشفى ..


انكر الاثنان معرفتهما بحالتها هذه ..لكن فريد أقبل على الجميع و بخبث ابليس الماكر ، اخبرهم بانه سبق و ان كشف عليها سابقا و بصحبة زوجها أحمد ..فهو طبيب العائلة !


" السيدة لا تعاني من شيئ ، ينزل ضغطها أحيانا عندما تعاني من إجهاد ، بالمناسبة انا طبيب ، اقصد طبيبها و اعمل بالمستشفى الفلاني.. ! "


نظر الجميع اليه و هم محتارين ، كيف لمخمور كهذا ان يكون طبيب ! او أنه ادعى ذالك ..سال لؤي صديقه سليم و هو يرمقه بنظرات استغراب ..


ليشبع الشرطي الواقف معهما فضوله قائلا :


" كشفنا عليه قبل قليل ، لا يوجد اي أثر للخمر او الممنوعات بدمه "


ذهب الاثنان بحيرة واضحة يرمقانه (فريد ) من بعيد و علامات الاستفهام كانت بادية جدا للعيان..


ضحك فريد عليهما بعيون ساخرة و راح يغادر صوب جميلة التي كانت لتوها تستفيق من صرعها ..



" فريد انت هنا ، ماذا حدث لي ! "



" رغبتي بفريد ، لم تكن كمثيلاتها مع اجسا د
اخرى ، فعنده
كان ينتهي كل شيئ ..



عودة ابليس الى
عشه ..


" ربما هو الثاني لي في هذه الحياة ، الوحيد الذي ياخذني الى عالم الرغبات ، يحاور جسدي كابليس و انعم به حقا تحت فرا ش من حرير الرغبة و حريق الجمرات ! "


...


لا شيئ ، مجرد اعياء بسيط ربما لم تتناولي فطورك هذا الصباح..


" قال فريد "


وهو يحن عليها بنظرات تحمل من العاطفة الكبيرة ما يغرق جيوشا من العشاق..


لحقهما سليم و لؤي كغربان جائعة ! تبحث عن ما يشبع فضولها !


" جميلة هل انتي بخير ، هل تحتاجين لشيئ ! قولي "


قال لؤي وهو يبعث بصواريخ حارة ، ذخيرتها كانت من رصاص الغيرة و فتيلها حقد واضح ..


اجابته " جيدة لا تقلقوا "


دقائق بعد ..


غادر الثلاثة مغفر الشرطة و القلق وشاح ارتادوه غصبا في هذا الشتاء !


فبفضل سليم و معرفته المسبقة مع المدير اقفل هذا الملف الفارغ و العامر باصرار الشهوا ة ..


تحت مطر العصر ، و خطر الرسائل التي كانت تنبعث من اعين الرجال الثلاثة ، باتجاه جميلة ..


صرح فريد بكلمات صاخبة بمراده الاصيل بان يستجدي غفران معشوقته قائلا :


" اذهبي للمنزل و ارتاحي , ساعاود فحصك في المساء ! و لا تنسي تناول بعض الاشياء ارجوكي "

استغرب لؤي من جرأته هذه ! و راح يستفر غيرته كمثيلتها في الصباح ..


قائلا :


" جميلة هيا ساوصلك لمنزلك الجديد ! "


عبس فريد بملامحه و بات عليه الغليان!


قال في نفسه " اي منزل ؟ الذي يتكلم عليه هذا الاحمق !


كان الاثنان يتعاركان بالكلمات عصرا ، و حبات المطر تخدر من آلام شهو تهما المتقدة ..


اما جميلة فكانت في غير دنيا ، تتاملهما باستمتاع كبير و هما يتقاتلان عليها في حرب باردة باستخدام اسلحة الردود !


تدخل سليم بحب كبير و تقدير واضح للموقف..


خاطبها ..


" دعونا نغادر ، فالمرض يتسبب و ربما يكون زائر غير مرحب به في اجواء كهذه ! لؤي ، جميلة هيا "


و راح الثلاثة يركبون في السيارة ، غادرو تحت انظار فريد الذي كان يكيد لجميلة عشقا ..


ساعتين بعد ..


كانت جميلة في المطبخ ! تحت اصوات البرق تسكب من الحساء الساخن الذي كان لؤي قد اعده لها ! قبل مغادرته ..


كانت تشربها و الحنين ياخذها غربا إلى بلاد النسيان...فهذه آخر ليلة في هذا المنزل ..ذكريات و ذكريات و هي تنظر الى نافذة المطبخ ! ..


صاح بابها بدقات بدت مؤلوفه ! غادرها ذالك الحنين الى غير رجعة و دخل الى قلبها الارتباك ، حدثت نفسها بثواني قائلة :


" هو ، فريد "


اقبلت عليه بخطوات متثاقلة ، كستها قشعريرة بمذاق الحنان ..


فتحت له الباب بتواضعها المعروف ، ابتسمت عندما صدق حدسها بانه هو ..


" فريد ، هذا انت "


دخل ، و شفتاهما على واجهة بعض تقترب شيئا فشيئا ! واقفان باقدامهما على ارض حمراء ! ثالثهما ابليس ..




لقاء الشياطين ...


" أتذكر ذالك اليوم جيدا ، فحقيقته وحدها من جعلتني ادخل ذالك القفز مرغمة ..و للابد !"


"
هل انتي بخير ؟ "


هذه اول الكلمات التي نطق بها فريد ، بعد ابحاره في عيني جميلة لدقائق ..


هي ايضا لم تتوقف عن الغوص و بعمق في تلك العينين و الملامح التي كانت قد اسرتها و عذبتها لايام ..


فقررت الهجوم لمرة واحدة ..


بشجاعة و للابد ..


سئمت من الدفاع دائما وسط هذه النيران التي لطالما احرقت جدرانها لشهور مضت ..


" بخير ..عندما رايتك تحسنت اكثر ! "


نطقت هذه الكلمات ، وهي تدرك مخاطرها ..لم تكتفي الى هذا الحد ، بل لم تتراجع ايضا..حدقت به لثواني بعد ! ابتسمت ، اغمضت عيناها و راحت تقبله بشوق كبير ..


احتضنته بقوة و كأنها ارض قاحلة تغتصب الماء لتروي عطشها الذي دام لسنوات ..


هو ايضا عا نقها بقوة ، بذراعيه ! تمشيا على طول الطريق المؤدي الى الصالون حتى واقعا بكنبته تلك ..تحت الانين و الصراخ الجميل الذي يجعل من الجبال تنهار الى تراب !


لم يسمع من كلامها هي سوى إعلانات الحب , التي كان صدها قوي في المكان ..


تخللته اصوات وجع من نوع آخر ، المميز بحلاوته !


" احبك ! "

قال و هو يرمي بقميصه ارضا ..


" وانا ايضا احبك "


قالت .. !


و هي تساعده على الخروج من ملابسه..........الى العرا ء !


كانا يذوبان كقطعتي سكر بكوب قهوة دافئ..


لم ينتبها لقدوم الموت من خلفهما...فاستيقظ كلاهما على صيحته قائلا :


" ماذا تفعلان ، يا الاهي ما هذا "


وراح ينقض على فريد ، يلكمه دون توقف ..


كان لؤي ..



" لؤي ، قبل أن يغادر منزل جميلة اخذ المفتاح الاحتياطي الذي كان لزوجها الراحل احمد ..لم تنتبه هي لكلماته فقد ضرب لها موعدا بعد حوالي ساعة ..كان سيجلب لها الدواء و بعضا من اللوازم الاخرى الخاصة بالمطبخ "


يتبع...

الجزء 8

وسوسة ابليس. .


غادرت جميلة الى شقتها و خيالها يثقلها ، تخاطب نفسها كمجنونة !


" كيف فعلت هذا ، ماذا حدث ، غبية ؛ حمقاء .. "


اغلقت بابها وراءها و سقطت على الجدار تندب حظها ، ايامها ، و وحدتها ..


فابليس كاد ان يتمكن منها لولا دخول لؤي في الوقت المناسب ، فاحتراقها بانفاسه حولها لرماد كانون ! تناثرت جزيئاته بالمكان لترسم لوحة من جنون , فيها من الألوان السبع ، غلب عليها الاحمر و غادرها البياض الى غير رجعة ..


بعدها بثواني ..


" لؤي انتظر ارجوك ، دعني اشرح لك .."


بهذه الكلمات البسيطة توجه فريد الى عدو رغبته بالكلام تحت امطار غزيرة اغرقتهما بمكانهما ..فحرارة الموقف اشعلتهما داخلا ، فلم يكونا بحاجة الى الاختباء اكثر ... من حباتها الباردة ..


توقف لؤي بمكانه كشمعة ، تشتعل لثواني بعين واحدة قبل أن تنطفئ تحت رعد فريد و كلماته...


استجمع الاخر بأسه و راح يرمي بهذه المبررات على وجهه قائلا :


" لم اكن انا صدقني ، تخيلتني أحمد اقسم لك ! "

و سافر به الى لحظاتهما التي جمعتهما قبل قليل ، و خاط شباك كذباته بدقة ..كعنكبوت !


قائلا ..


" سقوطها ارضا في مركز الشرطة استدعا لديها ذكريات موجعة ، الوحدة و ما مرت به من احداث جعلها. تتشوش ، لذالك خاطبتني على انني زوجها أحمد و انا من ارتباكي انغمست معها في وهمها هذا علني اساعدها .. !

" ارجوك لا تطل اكثر فهي بحاجة الى الامان اكثر من اي وقت مضى .. "


غادر لؤي غضبه بعدما سمع من فريد و استهداه عطفه عليها .. اشفق على حالها هذا و ما وصلت به حال ..اقتنع اكثر بضرورة مغادرة جميلة ذالك المنزل ..و ذهب بخطواته راجعا إليها ..

بامل و حب ..كبيرين



كسر خاطر ..


حمل خطواته الشغوفة و ذهب عائدا اليها وهو كله امل بان توافق على طلبه المفاجئ العزيز هذا..


تجاوز فريد دون اي كلمة منه ، فكأنه خيال او أنه كان يحدث شبحه !


احتقر نفسه للحظات ؟ كيف له أن يترك جميلة لهذا الذئب الوحشي ..


زاد حقده اكثر على فريد بعدما سمع منه كل هذا ! تظاهر باقتناعه امامه و قرر في بضع دقائق ان ينجد منه تلك الوردة الى الأبد ..و يغادر بها هذا الحي الكئيب ..

صعد بالمصعد و بروحه فرحة ! حماس البدايات و لهفة اللقاء بالحبيب...


وصل في دقيقتين الى بابها! طرقه بهدوء واضح ، و داخله ينبض عشقا..


اعترف لنفسه أخيرا بانه يحبها. .


وقال مخاطبا نفسه ..


" هل ستوافق ؟ بان اتزوجها و تكون شريكتي بهذه الحياة "


لكن كل هذا تبخر في الهواء ..سرقت احلامه و صارت ملامحه تشبه ذالك العجوز الفقير ..بعدما فتح له الباب شخص آخر غير متوقع بالمرة..


كان سليم ..ضاحكا كطفل.. يخبره هذا النبأ العظيم


كسر خاطره بحروف شيطانية ..


قائلا دون مقدمات ..و ببساطة متقنة!


" الن تبارك لي ؟ جميلة وافقت على الزواج بي ! "


" اعلان هام.."


استقبل لؤي هذا الخبر و هو غير مصدق ! ففي الصباح فقط كان كل شيئ على ما يرام بينهما..جميلة كانت تمازحه ، تغازله ..حتى أنه فكر للحظات بانها ستعرض عليه الزواج ..


تقدم اليه سليم و عانقه فرحا ..اقبلت هي من المطبخ تبتسم ! واقفة امامه و عيناها تضحكان كطفلة !


مالت برقبتها ، تحدق بهما كجنية !


خاطبته دون استحياء قط قائلة :


" ارى ان صديقك قد اخبرك ! الن توافق ؟ "


وضحكت ضحكة صفراء ..مصطنعة !


وكانها تنتقم من نفسها و منه لشيئ ما هو لا يعلمه..


و راح الثلاثة يدخلون الى الصالون ، لكن لؤي كان بربع جثة ! بقايا رجل مهزوم ..لم يفهم من كل هذا شيئا !


جلس سليم و جميلة على يساره..ابتسم لها و هو يخاطبها برقي :


" ماذا ؟ هل اعيد طلبي له مرة أخرى"


ضحكت وهي تطبق على فمها بيدها كسيدة من العصر الفكتوري ..


رمقته بنظرات مجنونة !


و قالت :


" طبعا " ..


سليم :


" لؤي صديقي العزيز ، أحتاج لموافقته حالا فدونها ستعود هي عن قرارها و هذا كان شرطها فهي تعتبرك كأخ لها ! فاجاتك عند الباب بنصف خبر لانني ادرك اجابتك مسبقا ، والان هيا قل اانت موافق على زواجي من شريكتك جوليا ؟ "


ارتعب لؤي مما يسمعه و بقي ينظر إليهما كمعتوه ! جبينه يتصبب عرقا باردا ..و عيناه غارقتان بعيدا في المحيط ..


حاول ان ينطق بكلمات ، لكنه لم يستطع ..


ليهتز مرة أخرى بمكانه ... بضحكاتهما تملئ المكان ..


و هما يقولان بصوت واحد ..


" أنها مزحة ..! "


مشاعر حقيقية ..


صاح لؤي من مكانه فور نطقهما بهذه الحقيقة ! شعر بداخله ينقلب الى حديقة ..صرخ لحد الجنون بهذه الكلمات ..


" مزاح ! يا الاهي انهما يمزحان ..."


ذهب كل هدوئه الى غير رجعة و استقر مكانه حماس الاطفال باللعب الجديدة ..


انطلق من مكانه الى جميلة كالبرق و راح يعانقها بشدة ..


قبلها على خدها دون خجل ...ثم عانقهما كلاهما ..


كاصدقاء من ايام الزمن الجميل ..


انتبه سليم لمشاعره ( لؤي) و احترق داخلا ، لكن دون ان يفصح عن ذالك ! ..اقلقه ذالك حقا ..


واسترجع بفعلها بعضا من المشاهد ..كانت قد جمعته بجميلة ..عندما وصل الى باب منزلها..و وجده مفتوحا ..


انتبه لصوتها تبكي بالصالون فدخل دون سؤال او حتى طرق على الباب ! عانقته هي فورا و راحت تقص عليه غضب لؤي منها ..لكنها اخفت السبب واكتفت بقولها " مشاكل في العمل فقط " ..


طلبت منه المساعدة ! لأنها لا تقدر على شيئا بدونه..فهو ليس بشريك عمل فقط ! بل اكثر من ذالك ..


طمئنها بصدق ..و كشف على خطته لها لاسترجاع رحمته و صداقته بها ..


فلؤي كالطفل ، يدفن غضبه عند اي مزاح حقيقي ..يضحك و ينسى ! وكأن شيئا لم يكن ، فهذا هو طبعه من ايام الجامعة و حسبه لم يتغير أبدا ..ظل بنفس الطبع ..


ثواني بعد ..


قطع عليها هذا المرح و راح يرمي بمسدس كلماته عليهما قائلا :


" تبدوان كزوجين راجعين من فراق نص ساعة ! "


أحمر كلاهما بعد
هذه الكلمات الحارة ..


لكن جميلة لم تفوت الفرصة و ارجعت اليه طلقاته بصاروخ ..اخترقه و ارداه قتيلا ..


قالت ممازحة :


" لؤي زوج رائع .."


وضحكت ..




"مزحة ، فحقيقة .."


استقبل لؤي هذا المديح بصدر رحب ، تشجع كثيرا فور قراءته لتعابير وجهها الجميل


وراح يقذف بهذه الكلمات عليهما ..ليحدث بذالك طوفانا من المشاعر المختلطة..


" انا زوج جيد لك ، او حقا اوافقك الراي و انتي كذالك لن اجد مثلك كرفيقة درب ! تملكين من المحاسن ما يثلج قلبي و يستهوي روحي ..فلنجرب ذالك ما رايك "


رمقه الاثنان بذهول شديد ..


جميلة تحجرت بمكانها ، فما سمعته من لؤي لم يكن مزاحا قط .. كان جاد بكل حرف نطقه ..


اما سليم فضحك ضحكة صفراء ..استغرب جراءة صديقه و هو الذي عهده خجولا ، لا يجيد السباحة في قلوب النساء و تخبطات احاسيسهن !


واصل لؤي هذا المد من الهجمات الغير متوقعة و عاود سؤالها مرة أخرى :


" ماذا قلتي ؟ هل اخطبك و الان "


ابستمت هي لثواني بعد ، ظنته مازحا ..و ردت عليه بحرارة !


قائلة :


" دعنا من هذا المزاح الثقيل يا صديقي ! فنحن لن نسمح لك بتوريطنا و اخذ حقك منا ! هيا لنوقف هذه اللعبة و الان ! "


جلست بمكانها مترددة و تابعت كلماتها ..


" دعونا نتكلم عن العمل .."


قاطعها و هو يتحرى اجابتها ..لاحظ عليها الحياء الجميل و تبدل لون خديها للوردي ، ادرك قبولها به و لو لم تنطق بذالك علنا ..


اشار لصديقه سليم مبتسما :


" انظر الى زوجتي المستقبلية ، كيف يغرقها الخجل و يتمكن منها التردد عندما تكون موافقة ! اظنك ستشهد على عرسي قريبا .. "


لم تتمالك جميلة نفسها و راحت تخرج من الصالون الى غرفتها هاربة ..


فهذا الطوفان الذي احدثه لؤي ! انتزعها أخيرا و من جذورها ..ليظهر عليها الحب أخيرا ..


رغم كل الترقيعات ..


كان باب المنزل مفتوحا ، ظهر منه فريد يسترق السمع و هو في حالة دهشه !


تبدلا كلاهما النظرات ...قبل أن يهرع هو الى منزله و خياله به غضب !


اما هي فاغلقت على نفسها غرفتها الى حين ..



مزحة فحقيقة جزء 2


رمت جميلة بجثتها فوق السرير ، و بدات بمشاهدة انعكاسها على مرآة الخزانة..


تسترجع ذكريات الماضي و ما تفعله شياطين الرغبة بها ..و كأنها في حلقة دائرية تعيد نفسها بنفسها مع نفس الأحداث باختلاف الأشخاص !


بالماضي كان أحمد مع لؤي و فريد بالصالون ، أين خاضت اول معركة ضد الرغبة ! انتصر فيها القدر و انصفها من زوج خائن !


جلعتها تنتشل ضعفها من بئر غامق متعفن بملذات الجسد و احقاد الزمان ..


هاهي اليوم تعيد نفس المعركة مرة أخرى ..مع ثلاثة اخرين !


الاول ..


لؤي من يريدها امام ضوء الشمس و يقف بها كسند في معترك هذه الحياة ..


الثاني ..


سليم لم تفهم منه الا شهوانيته الواضحة اتجاهها ، ربما رغب بها كمثيلاتها من العشيقات المضحيات بسمعتهن في سبيل نظرة منه !


الثالث ..


فريد ، و هوسه الغامض ! فامامه هي ليست الا بقايا امراة تسيرها رغبته كيفما تشاء ..


لا هي قريبة ولا بعيدة .. ولا هي حبيبة او غريبة !


دائما كانت معه في منتصف كل شيئ !


كخيال ، شبح او هوس


او ربما هي صفحات ضائعة كان قد دونها في كتاب يتقدمه عنوان شبيه بشهو ة ابليس ..


استجمعت قواها ، و هزت بمشاعرها الضعيفة بعيدا و راحت تنهض باتجاه الصالون ..لتعلن قدرها الجديد ..فلا مجال للانتظار اكثر ..


فشهو ة فريد قد احرقتها بما فيه الكفاية ولا يوجد مكان آخر للتعافي ..فقط برجل آخر !


الم يقل القدماء في معرض حكاويهم ان نسيان رجل لا يكون الا برجل آخر ..


جميلة ايضا ادركت هذا أخيرا ..و قررت البيان التالي ..


رن هاتفها فجأة ..


كانت جارة عمها...توترت للحظات قبل أن تجيب عليها بصوت مبحوح تعبان ..


لتسقط هاتفها من هول ما سمعته منها ..


ادركت انها مع لعبة اخرى من القدر ..


فزوجة عمها توفيت صباحا بالمستشفى ! و عمها منهار ..ينتظرها حالا بالمنزل ..


من صدمتها ، جرت نحو حقيبتها ...تتفحص بطاقتها الشخصية و عيناها تنهمران مطرا ..


انفاسها تعبة ، قلبها كصوت رعد غاضب و قدميها بمظهر سلحفاة عتيقة ..


فتحت باب غرفتها ، قابلها لؤي بقلق واضح !


" ماذا حدث ؟ من أتصل بكي "


لم تسمع من كلامه الا ما قاله قبل ساعة من الان !


اقبلت عليه تعانقه كعاشقة مضحية مر على هجران حبيبها لها سنوات ..


شدت بقميصه خوفا و قالت ..


" لؤي دعنا نتزوج حالا ، ارجوك "



يتبع
كمل يا برنس
 

المستخدمون الذين يشاهدون هذا الموضوع

أعلى أسفل