الجزء الاول
انا بعتذر من الاعضاء اني مقدرتش اوفيهم حقهم انا مضطر اسيب الكتابه الجنسيه واتجه لفرع تاني وسيكمل بدلا مني ابن عمي مجدي الصياد كاتب من مستوى رفيع
بهزر طبعا دا صايع الفرق انه كل يومه فاضي فبيكتب براحته بقا
نبدأ الان
ركنت سيارتها الرياضية الصغيرة بجوار المبنى الذي تقطن فيه مع عائلتها, ألقت السلام على حارس العقار بطريقتها المرحة المحببة ثم اتجهت لتركب المصعد لتصل الى شقتها حيث تسكن مع ابيها وامها وشقيقتها الوحيدة, فتحت الباب ودخلت وهى تلقي بالتحية بمرح هاتفة:
- اهلا يا أهل الدار, أنا جيييييت..
لم تسمع أي إجابة فقطبت ودمدمت بصوت منخفض:
- إيه دا, أومال فين آل الخولي؟..
تلفتت حولها ولم تشاهد والدتها, نظرت جيدا في الردهة الواسعة والتي تحوي على طقم صالون مدهب وفي أحد الأركان سفرة مدهبة مكونة من مائدة زجاجية بيضاوية الشكل ذات 6 كراسي و بوفيه ذو مرايا كبيرة ودولاب لحفظ الصيني والاكواب الكريستال, صعدت الدرجات التي تفصل بين الردهة وغرف المنزل الداخلية والتي هي عبارة عن غرفة للجلوس بها طقم للجلوس مكون من أريكة عريضة كبيرة وأخرى اصغر قليلا ومقعدين كبيرين وطاولة زجاجية وجهاز التلفاز ذو الشاشة العريضة الحديثة ( ال . سي . دي ) وجهاز استقبال لجميع القنوات الفضائية..
سارت قليلا ثم عرجت الى يمينها حيث المطبخ الواسع والذي يتناولون فيه وجباتهم لما فيه من حميمية ودفيء فرأت والدتها وهي تقلب الطعام فوق موقد النار فقفزت اليها قائلة وهي تقبل رأسها بحب :
- ازيك يا لولو!, ايه دا ... انا هنا بئالي نص ساعه يا شيخه وعماله انادي انادي ولا هنا حد! ...
ثم غمزت بمكر وتابعت ضاحكة:
- اومال فين قيس بن الملوح يا ليلى ؟
ضربتها امها خفيفا على يدها الموضوعة على كتفها وقالت بتأنيب :
- عيب يا بنت, انتي مش صغيرة على كدا, وبعدين هكون فين يعني؟, في المطبخ بجهز الغدا يا هانم على ما انتي والست سلمى اختك تشرفوا, وبابا جوا في اودة المكتب... فهمتي يا سُلافة هانم يا لميضة؟!
ابتعدت سُلافة قليلا عن والدتها وقالت بنصف عين :
- مامتي.. لو سمحتي انتي عارفة كويس اني مش بحب حد ينادي لي سلافة!, حد يسمي بنته في القرن الـ21 سلافة؟ نهرتها امها قائلة:
- انتي عارفة اسمك دا معنى ايه؟, انتي خسارة فيكي الإسم تصدقي!, سلافة دا يا هانم معناه عصارة او خلاصة الشيء الصافي النقي الخام اللي لسه ما انضافش له حاجة, على طبيعته.. فهمت يا.... سلافة؟
مالت على أمها مقبلة كتفها وقالت بمداهنة محاولة إرضائها:
- خلاص يا ام سلمى ماتزعليش.. بس يعني سلمى مبلوعة شوية انما سلافة...أهي دي اللي انا مش بالعاها خالص!, علشان كدا قلت لكم ولاصحابي تقولولي سولي!!
قطبت امها وأجابت بإستهزاء :
- أهي سولي دي اللي أنا مش بالعاها ولا يمكن أبلعها خالص!, ايه سولي دا... كلب؟
غضبت سلافة وقالت حانقة:
- ايه يا ماما دا... كلب ايه؟, دا اسم الدلع بتاعي.. سولي!, على فكرة بقه انتو هنا اللي بتتريقوا عليه لكن كل اصحابي بيقولولي انه اسم حلو وشيك أووي...
قالت امها وهى تهز برأسها يمينا ويسارا :
- **** يهديكي يا حبيبتي, بس ياريت بلاش السيرة دي قودام باباكي.. مش كل مرة تفتحي لنا الكلام دا وتخلِّيه يتضايق انت عارفة انه هو اللي ...
قاطعتها بتنهيدة عميقة:
- عارفة, هو اللي مختار لي اسمي, وانكم اتفقتوا.. حضرتك اخترتِي اسم سلمى يبقى هو يختار اسم التاني, وجيت انا من قرعتي سلافة!
قالت الأم وهي تحاول كتم ابتسامة كادت ان تظهر فتتصدع الجدية المرسومة على ملامحها :
- طيب خلاص بطلي رغي وروحي غيّري هدومك وتعالي علشان تحضري الغدا معايا, سلمى أختك عندها نبطشية انهارده, مش هتخلص الا بعد 8 ان شاء****. كلمتني من المستشفى وقالت لى..
أجابت سلافة وهى تمد يدها لتتناول واحدا من محشي ورق العنب والذي تبرع به والدتها :
- هي اللي جابته لنفسها, حد قالها تدخل طب؟, لا وايه.. تتخصص جراحة باطنه كمان ... واحدة عندها 28 سنة وخلصت الكلية والماجستير وبتحضر الدكتوراه, واحدة فاضية من الآخر, و**** مالها كمبيوتر ساينس؟, أنا أهو... درست كمبيوتر ساينس 5 سنين في الأي . يو . سي .. وخلاص, دراسة لذيذة وشغلها جميل وأديني بشتغل في شركة أجنبية ومرتبي كبير وساعات العمل محددة من 9 الصبح لـ 5 مساءا ويومين اجازة .. مش هيَّ كل شوية نبطشية وشغل وهدَّة حيل, دا غير العيادة الشعبية اللي بتروحها يومين في الاسبوع, ماينفعش كدا.. دي مش حاسة بشبابها خالص, انا اعرف هتتجوز مين؟, اكيد أبو بكر الرازي!!
علقت امها وهي تدفعها خارج المطبخ :
- ما تتعبيش نفسك اختك دكتورة شاطرة وجميلة ولسه صغيرة وألف مين يتمناها, المهم انتي بطلي رغي, واتفضلي روحى غيّري وتعالي اعملي السلاطة على ما اروح اشوف باباكي ...
خرجت سلافة متجهة الى غرفتها بينما اتجهت ألفت الى غرفة مكتب زوجها ورفيق عمرها ( رؤوف ), دخلت بعد أن طرقت الباب فسمعت صوته داعيا للدخول, لتجده جالسا الى مكتبه واضعا نظارته الطبية فوق أنفه ويطالع بعض الاوراق بيده, ابتسمت بحنان وسارت متجهة اليه فإنتبه لقدومها ليبتسم بحنان مقابل بينما أحاطت كتفه بذراعها ومالت عليه هامسة بحنان :
- ايه يا حبيبي مش جعان؟, الغدا خلص ..
أمسك يدها مقبلا اياها قبل ان يقول :
- تسلم ايديكي يا أم البنات ...انت بتتعبي اووي يا حبيبتي.. قلت لك اجيب لك واحده تريحك وتساعدك في شغل البيت ما سمعتيش كلامي..
أجابته وهى تميل برأسها لتنظر اليه :
- حبيبي انا احلى وقت بقضيه و وانا بعملكم كل طلباتكم في البيت .. انت ناسي اني سِبت شغلي مخصوص علشان أتفرغ لك انت والبنات؟, وبعدين يا سيدي.. ما أم سعيد بتجيني مرتين في الاسبوع تنضف الشقة وتروقها كفاية أووي....
قال رؤوف مبتسما :
- **** ما يحرمنا منك ابدا يا حبيبتي .. عارفة كل يوم حبي ليكي بيزيد وبتأكد اني كنت هخسر اغلى حاجه في عمري لو ما كنتش اتجوزتك ! ,
نظرت اليه وقد شاب صوتها بعض الحزن كلما صادف ان طرأ على بالها هذا الأمر أو تحدثا بشأنه:
- يعني انت مش ندمان يا رؤوف انى السبب ان اهلك زعلوا منك وقاطعوك؟
هز برأسه نافيا بقوة وهو يهتف مجيبا:
- ابدا.. وانا متأكد انهم من لو عرفوكي هيحبوكي ويحترموكي, بس هي عوايد بأه اتربوا عليها..
سألته مستفهمة :
- انت لسه عند قرارك؟
هز برأسه مؤكدا وهو يقول :
- اكيد ... وهبلغ البنات بقراري دا انهارده ان شاء ****, لأنهم لازم يعملوا حسابهم وكل واحدة ترتب أمورها وتاخد أجازة من شغلها علشان احنا مش هنقعد يوم ولا اتنين بس.. لأ, انا رايح المرة دي علشان لازم بناتي يتعرفوا على اهلهم .. انا مش دايم لهم يا ألفت ... واهلهم همّا دول عزوتهم اللي هيتقووا بيهم ويبقوا ضهرهم وسندهم من بعدي...
قبلت ألفت رأسه وقالت وهى تربت على كتفه:
- **** يخليك لينا يا حبيبي وما يحرمناش منك أبدا, عموما براحتك حبيبي وانا معاك في أي قرار تاخده .. انا هروح أجهز السفرة على ما إنت تخلص اللي في ايدك وتحصلني علشان نتغدى, عن اذنك..
وانصرفت تاركة زوجها وقد غامت عيناه ببريق الذكريات وهو يقول في نفسه :
- آن أوان الطير المهاجر يرجع لعشّه !! ....
==================
- صباح الخير يا جدي..
ومال مقبّلاً يد جده فقالت سيدة مسنة بلهجة صعيدية:
- وجدتك مالهاشي نفس يا وِلد ولدي؟
ابتسم الشاب ثم اتجه إليها ومد يده متناولا يدها المغضنة ومال عليها مقبلا إياها وهو يجيب:
- هو انا أجدر يا جدتي ...انت الخير والبركة..
اشار له الجد بالجلوس لتناول طعام الافطار وقال :
- أجعد يا غيث يا ولدي .. جدتك فاطنة شكلها إكده رايجة على الصبح...
قالت الجدة بابتسامة:
- وايه اللي مش هيروج بالي يا حاج؟, الحمد *** ولادي بخير وصحة وولادهم ماليين علينا الدار, يبجى ايه اللي يضايجني بعد الشر؟
أجاب الجد ناظرا إليها بتركيز بينما طغى على صوته نبرة الحزن :
- كل ولادك يا فاطنة؟
قالت الجدة وقد شحب وجهها وغابت إبتسامتها:
- **** يسامحك يا حاج ..هو انا كنت بنسى عشان تفكِّرني؟, حدا ينسى ضناه؟
قال غيث بإبتسامة صغيرة محاولا تصفية الاجواء :
- خلاص يا جماعه صلوا على النبي أومال مش إكده,,
ثم التفتت الى جده متابعا:
- عوض البرهامي عاوز يشيل المحصول السنة دي كُمان, ايه رايك يا جدي ؟ ,
قال الجد الذي لا يزال هو صاحب الكلمة الاولى والاخيرة والمتصرف في جميع شؤون عائلة الخولي من صغيرها لكبيرها:
- أني شايف اننا بنتعامل معاه بجالنا كتير, وهو راجل جد كلمته وبيدفع اللي عليه في وجته مش بيمطوح فينا, خلاص.. كلمه يا غيث يا ولدي وجوله ع البركة...
تفاجئوا بمن يسحب كرسيا للجلوس عليه وهو يقول :
- صباح الخير عليكم جميعا...
هز الجد برأسه غير راض عن سلوك حفيده الآخر بينما قالت جدته بحب :
- صباح الفل والياسمين ...
قال الجد منتقدا :
- صباح الخير يا شهاب بيه.. تجدر سعادتك إتجوللي كنت فين البارحة؟, انا نمت وانت لساتك كنت ما عاودت؟
أجاب شهاب وهو ينظر الى الجد بهدوء:
- انا مش عيل صغير يا جدي !
تدخل غيث زاجرا اياه بعنف :
- شهاب!, لما جدك يسألك سؤال تجاوبه كويس !
نظر اليه شهاب ببرود وأجاب:
- وهو انا عملت ايه يا اخويا الكبير؟, جدى قلقان عليا وانا بقوله انه ما يقلقش .. عموما هريحكم.. كنت مع عزت.. نزلنا البلد وسهرنا مع بعض شوية وجيت.. اطمنت يا جدي ؟
موجها سؤاله الى الجد الذي انتفض في مكانه وهتف بسخط زاغرا اياه:
- عزت وِلد عبدالمجيد أبو سويلم؟
أومأ شهاب برأسه إيجابا وقد بدأ قناع البرود بالتصدع وبدأت عصبيته المشهور بها بالظهور :
- ايوة يا جدي عزت ابوسويلم !
قال الجد منتقدا :
- وما لاجيتش غير الواد التلفان ديه تمشي معاه ؟
أجاب شهاب بعد أن زفر بعمق محاولا الهدوء:
- اولا يا جدي عزت مش واد.. دا مهندس زراعي ودفعتي, تاني حاجه... هو مش تلفان ولا حاجه بالعكس.. ابوه وعيلته كلها بيتشرفوا بيه...
سخر الجد مشيحا برأسه:
- آه ... ديه دلوقيت, لكن في الوّلْ كانوا مش طايجينه ولا طايجين سيرته, لولا وعكة أبوه اللي خالته يرجع تاني عشان يجف جنب أهله وناسه ولا كان خطاها برجليه تاني ..
علق شهاب مهاجما :
- وكل دا ليه يا جدي ها ؟, علشان ابوه كان مرتب له جوازة هو مرضيش بيها ؟, مرضيش يسوقوه زي الدبيحة ؟, وعمل ايه يعني؟, اتجوز واحدة كويسة من عيلة وبنت ناس واصل طيّب, ورضيت تعيش معاه هنا في كفر الخولي مع اهله .... يبقى ايه الغلط اللي عمله ؟, انه استخدم حقه اللي **** اداهوله ؟ هتف غيث زاجرا شهاب:
- شهاب .. بيتهيألي تجفّل ع الموضوع ديه, وياللا عشان تروح المزرعه تشوف شغلك ..
تحدث الجد بصرامة مقاطعا غيث :
- استنى يا غيث لما أجول لاخوك حاجه غايبة عنِّييه ...
ثم أولى انتباهه لشهاب متابعا:
- إهنِه في البلد غير البندر, إهنه لينا عوايدنا وتجاليدنا ...لازمن نحافظ عليها ونراعيها ..احنا كلاتنا إهنه في البلد زي العيلة الواحده ماينفعشي واحد يمشي بدماغه ويفوت الباجيين !!, انت بتجول هو عمل ايه غلط ؟, انا اجولك .. صغَّر بأبوه وسط الناس بعد ما كان جال للناس انه رايد بتِّهم لولده... جيه ولده ورفض الجوازة ولبنية وصغر بيه بين الخلايج !, حاجة كبيرة ديه ولا لاه؟, الكلام كان كلام رجالة, مش كلام اعيال اصغيرين ولا كلام حريم!!
أجاب شهاب ناظرا الى جده بتركيز :
- قصدك زي عمي رؤوف كدا ؟
كان الصوت الذي نهره هذه المرة صوت جدته التى قالت بمنتهى البرود والقوة :
- شهاب .... ديه كلام كبار ماينفعشي الصغار يتكلموا فيه, خلص وكلك واتيسر على شغلك ... واحمد *** ان ابوك ماحاضرش الكلام اللي بتجوله ديه ولا كان إداك حجك صوح..
ثم التفتت الى غيث متابعة راغبة في تغيير الحديث:
-بوك وامك ماجالوش هييجوا ميتى من العمرة ؟
فهم غيث رغبتها بتغيير سير الحديث فأجاب بهدوء وهو يسترق النظر الى شهاب الذي سادت الحمرة وجهه غضبا وغيظا :
- ان شاء **** انهارده آخر النهار هروح اجابلهم في المطار... قالت الجدة بابتسامة :
- ياجوا بالسلامة **** ..
ثم أولت زوجها اهتمامها وقالت :
- حاج عبد الحميد اعملك جهوة ولا حاجة تشربها ؟..
نظر اليها عبد الحميد مجيبا بهدوء نسبي :
- ايوة يا فاطنه ياريت فنجان جهوة من يدك, بلاش البت صباح بتعملها ماسخة مالهاش طعم .
ابتسمت وقالت وهى تنهض واقفة:
- من عينيا يا حاج. انت تؤمر.
وغادرت المائدة متجهة لصنع القهوة بينما مهض شهاب مستئذنا بالانصراف وهو يقول :
- وانا عن اذنكم هروح المزرعه ...
اشار له الجد بالذهاب فقال غيث ما ان اختفى أخاه عن الانظار:
- معلهش يا جدي, انت خابر شهاب بيحب عزت جد ايه, وهو تجريبا صاحبه الوحيد..
تنهد الجد وأجاب:
- عارف يا ولدي, وديه اللي جالجني عليه... اللي يشوفه ما يصدجش انه بينكم وبين بعض 5 دجايج بس !!, معجوول انتو تووم !, انت اكبر منيه بكتير يا ولدي بعجلك ورجاحة مخك لكن هو **** يهديه **** ..لاه وكله كوم وعصبيته الشديدة ديه كوم تاني, مش بتخلي عنديه فرصة انه يفهم ولا يجدر الكلام اللي بيتجالو, على طول بيهب كيف وابور الجاز الخربان اكده! ابتسم غيث وقال :
- معلهش يا جدي ..انت خابر انه طبعه عصبي بس جلبه طيب وبيروج بسرعه, وبعدين انت اللي صممت انى ادرس تجارة علشان امسك حسابات المزرعة ومصنع اللحوم, وانه يدرس زراعة علشان يمسك المزرعة, شكله إكده من كتر عشرته للبهايم مابجاش بيفهم زين وبجى بينطح زييهم!
ضحك الجد وقال لغيث وهو يهم بالوقوف, فوقف غيث سريعا لمساعدته على السير مستندا على عصاه العاجية :
- تصدج يا غيث يا ولدي.. انت اللي بتخليني اعرف ارووج كيف.. يا ما نفسي افرح بيك انت واخوك في ليلة واحده جبل ما اموت...
سار معه غيث حتى وصلا الى الشرفة التى تطل على الحديقة الواسعه المحيطة بالمنزل ثم جلسا فوق الكراسي الخيزران, وما إن ارتاح جده في جلسته حتى قال غيث:
- طولة العمر ليك يا جدي ان شاء **** ... ما تستعجلش يا جدي كل شيء في أوانه حلو...
قال الجد بلهجة غامضة :
- فعلا يا ولدي كل شيج في اوانه حلو ...وعامة هانت .. فات الكتير ما بجى غير الجليل !!
قطب غيث مستغربا عبارة جده ولكنه لم يتوقف عندها كثيرا وبدلا من التعليق عليها قال مستئذنا بالإنصراف:
- معلهش يا حاج هستأذنك انا علشان أتاخرت يدوب ألحج أروح الديوان أشوف الحسابات وإكده.. في أمان **** يا جدي.. اجابه الجد قائلا :
- في أمان **** يا ولدي في امان ****
انصرف غيث بينما تنهد الجد بعمق وقال بخفوت :
- ايييه يا رؤوف يا ولديْ .... اتوحشتك جوي .. ما توحشتناش انت كُمان ؟, أكتر من تلاتين سنة من يوم ما فارجتنا, سافرت برات مصر ورجعت تاني وأدالك عشر سنين في مصر, من يوم ما تركت البلد وانت رجلك ما طابتش حدانا واصل .. كنت اشوفك سرجه في مصر انا وأمك وماحدش هنا في البلد يعرف اننا عارفين سكتك ... مش آن اوان الطير المهاجر انه يرجع إلـ عشّه يا ولدي ؟!!, ورفع رأسه للسماء ليشاهد صقرا محلقا فاردا جناحيه يطير مخترقا السماء بقوة وسرعه فقال الجد وهو يبتسم ابتسامة خفيفة :
- هتعود يا ولدي.. جلبي بيجوللي انك هتعود إلـ عشّك من تاني, ووجتها ماهاسيبكش تخرج منيه واصل!! .......
- يتبع -
الجزء الثاني
طرقت ألفت باب حجرة ابنتيها قبل ان تدخل لتشاهد ابنتها الكبرى وهي جالسة الى مكتب صغير منزو في ركن بالغرفة تقوم بالعمل على حاسوبها الشخصي بينما ابنتها الصغرى ترقد فوق الفراش نائمة على بطنها تتلاعب بقدميها صعودا وهبوطا وهى تتصفح في مجلة من مجلات الازياء والموضة, دخلت وقالت لابنتيها اللتان لم تنتبها لطرقاتها :
- نحن هنا .. كل التخبيط دا وما اخدتوش بالكم ؟
اعتدلت سلافة من فورها في جلستها ورتبت منامتها القطنية المرسوم عليها احدى الشخصيات الكارتونية الشهيرة بينما التفتت سلمى القابعة امام حاسوبها الى امها وابتسمت ثم وقفت وسارت متقدمة منها وهي تقول بابتسامة ناعمه :
- اهلا.. اهلا بست الكل.. معلهش كنت مركزة مع عم جوجل والسيرشيز اللي بيطلعهالي!
قالت ألفت وهى ترفع حاجبها بدهاء ناظرة الى سلافة :
- طيب انتي علشان بتتابعي حاجات متعلقة برسالة الدكتوراة بتاعتك على النت, والست سلافة هي كمان مركزة علشان هتعمل دكتوراة في احدث صيحات الموضة ؟
صاحت سلافة معترضة :
- ماما ! انا كنت بقرا المجلة.. عادي يعني
أجابت امها إمعانا في غيظها وهى على يقين من ان سبب غضب ابنتها ليس سخريتها منها لشرودها بل لأنها نادتها باسمها سلافة بدون اسم التدليل الذي اختارته لنفسها :
- معلهش يا سلافة بس تقولي ايه؟, اصل مامتك مالهاش في موضة اليومين دول.
نهضت سلافة من فورها وقد اضطربت تعابير وجهها واتجهت الى والدتها حيث قبّلت كتفها وقالت بدلال لا يليق الا بها :
- مين قال كدا؟, حد يقدر يقول حاجه عليك انت يا جميل!, هو في فيه شياكتك وجمالك؟, وهو كان ايه اللي وقع قيس بن الملوح في دباديبك انت يا قمر؟
قالت امها موبخة اياها :
- انت هتفضلي لسانك طويل كدا لغاية امتى؟, انا مش قلت لك 100 مرة قبل كدا انت كبرت على الدلع دا؟
علقت سلمى بهدوء وابتسامة رقيقة تزين ملامحها :
- معهلش يا ماما سامحيها .. عيلة وغلطت!!
قالت سلافة بدلال وقد احاطت عنق أمها بذراعيها البضتين :
- مالكيش دعوه, انا الصغيرة آخر العنقود سكر معقود .. اتغاظي وفلفلي يا أبلة الناظرة انت !
زفرت ألفت في ضيق ثم نقلت نظراتها بينهما هما الاثنتين وقالت بهدوء :
- بطلوا دلع ومجادلة بينكم انتم الاتنين .. وياللا اتفضلوا قودامي بابا عاوزكم في موضوع مهم في الليفنج ( غرفة المعيشة )..
تقدمتهما الفت بينما تبدلتا النظرات المتسائلة فيما بينهما, فقد استشعرا حدة خفيفة تلوّن سلوك والدتهما ولكنهما اكتفيا برفع كتفيهما علامة عدم الفهم ولحقا بها حيث ينتظرهما والدهما....
- بصوا حبايبي انا عاوزكم في موضوع مهم ...انتو دلوقتي مابئيتوش صغيرين وفيه حاجات لازم تعرفوها!
قالت سلمى مقطبة بين حاجبيها بهدوء حائر:
- حاجات ؟ حاجات زي ايه يا بابا ؟
ابتسم والدها بحنان وأجاب:
- اصبري يا دكتورة... هتعرفي كل حاجه دلوقتي .
ثم تابع حديثه ناظرا لابنتيه الجالستين على المقعدين امامه بينما جلست زوجته بجواره وقال :
- انا عاوزكم تتعرفوا على أهلكم ..أهلي ... جدكم وجدتكم وعمكم وعمتكم وولادهم .. عاوزكم تتعرفوا على عيلتنا .. عيلة الخولي ..أكبر عيلة في كفر الخولي !
قالت سلافة مقطبة :
- كفر الخولي؟, عيلتنا؟, كانوا فين من زمان يا بابا ؟, اول مرة اسمع حضرتك تتكلم عنهم !
أجاب والدها ناظرة اليها بتأنيب:
- ما هو انتم لو تبطلوا تقاطعونى.. هتفهموا كل حاجه!
غطت سلافة فمها بيدها وقالت بخفوت :
- سوري بابايا .. اتفضل حضرتك كمل..
تنهد ثم تابع وقد شاب نبرته بعض التردد البسيط :
- انا عارف انه صعب عليكم دلوقتي انى اقولكم انه ليكم عيلة وزي ما قلتلكم عيلة كبيرة أكبر عيلة في كفر الخولي اللي اتسمى الكفر اساسا على اسم جدكم الخولي الكبير, انتم ليكم أهل وناس وعزوة, مش مقطوعين من شجرة بعد الشر ولا حاجة...
قالت سلمى بهدوء كعادتها:
- معلهش يا بابا بعد اذن حضرتك... كل دا كويس, بس ممكن نعرف هما كانوا فين السنين دي كلها؟, ليه ما كانوش بيزورونا ولا بنزورهم؟, ليه حضرتك ماجيبتش سيرتهم غير دلوقتي ؟
تنهد رؤوف عميقا وأجاب:
- بصوا حبايبي.. في ظروف حصلت خلت من الصعب انى اكون على تواصل معهم .. انا زمان ماحاكيتش حاجه لكم علشان كنتم صغيرين, لكن دلوقتي لازم تعرفوا كل حاجه.. خصوصا قبل ما نروح هناك والموضوع يتحكي لكم بطريقة تانية!!
أرهفت سلمى وسلافة آذانهما في حين تابع والدهما قائلا :
- احنا عندنا في الصعيد البنت بتكون لابن عمها وبتتقري فاتحتهم من وهي لسه في اللفة .. انا عارف انكم هتقولو ان دا كان زمان بس هقولكم العائلات الكبيرة بتكون أحرص الناس على التمسك بالعادات والتقاليد دي .... وانا واخويا الكبير عثمان طبعا كان معروف احنا هنرتبط بمين لما نكبر, ببنات عمى طه .. اخويا عثمان الكبير ياخد راوية بنته وانا اخد اختها زينب ... عثمان ما كملش تعليم ونزل الارض مع ابويا اللي ماسِّكه الشغل كله, انا كانت سكِّتي حاجه تانية .. اخدت الثانوية العامة ودخلت كلية الآداب قسم صحافة في مصر وماكنتش بسافر البلد الا في الاجازات .. وطبعا لما خلصت الكلية لاقيت ابويا بيفاتحني في موضوع ارتباطي بزينب بنت عمي .. انا في الوقت دا كنت طلعت من الاوائل على دفعتي واتعينت معيد في الجامعه واتعرفت على أمكم ألفت !!
حانت منه نظرة حنان الى ألفت زوجه الجالسة بجواره فيما ربتت ألفت على ذراع زوجها والذي تبادل معها نظرة تفيض بمشاعر الحب ثم أكمل قائلا :
- ألفت باباها كان أستاذي وهي كانت طالبة في سنة أولى لما اتعينت معيد في الجامعه ... شدتني ليها من اول يوم ... وسافرت البلد علشان افاتح ابويا انه يخطبها لي وطبعا اتفاجئت بحكاية بنت عمي وان ابويا كان مستني لما اخلص جامعة علشان يفرح بيا انا وعثمان اخويا في ليلة واحدة.. بس أنا رفضت وخيّرني يا اما اكون ابنه طوعه وما صغِّرش بيه مع عمي طه يا إما أنفذ اللي في دماغي وساعتها ابقى لا ابنه ولا يعرفه, وطبعا انا رفضت!, انا مش بنت يجوزوني زي ما هما عاوزين... واتجوزت أمكم وخلصت الماجستير والدكتوراه, وسافرت إعارة في الخليج وهناك جيتي انتي يا سلمى وبعد 4 سنين جات سلافة, ورجعنا مصر, لما سلمى خدت الثانوية العامة علشان تدخل الكلية هنا, وقتها حاسيت بشوق جامد أووي لأهلي وكلمتهم, أبويا اللي رد عليا وخد عنواني وجه زارني هو وأمي, وماقدرتش أقولكم كنتم ساعتها لسه صغيرين سلمى 18 سنة وانت يا سلافة 14 سنة, ما كانش حُكْمُكُمْ على عيلتي هيبقى صح, كنتو هتبقوا مندفعين ليا ولمامتكم, لكن انتم دلوقتي كبرتوا وتخرجتوا وبتشتغلوا وتقدروا توزنوا الأمور صح.
سكت قليلا ليتأكد من استيعابهم لكلامه ثم واصل:
- عموما نرجع لموضوعنا, انا ماقدرتش انزل البلد... اخويا عثمان مقاطعني من يومها.. بيقول لي انى صغّرت بأبويا, وعمي طه علاقته بأبويا بئيت وحشة بس اللي رضاه انه عرف ان ابويا طردني ...احنا رجعنا من 10 سنين ماشوفتش فيها ابويا إلا 3 مرات بس وسرقة, لكن انتم دلوقتي كبرتم ولكم حق على العيلة دي .... انتم لكم أهل لازم تتعرفوا عليهم, علشان كدا أنا عاوز كل واحده فيكم تقدم على أجازة من شغلها علشان أنا قررت إننا نسافر كفر الخولي في اقرب وقت..
علّقت سلمى بدهشة:
- أيوة يا بابا, بس حضرتك عارف طبيعة شغلي مش هقدر آخد اجازة طويلة... دا غير الرسالة بتاعتي..
قال والدها بهدوء:
- سلمى حبيبتي... السفرية دي ضروري نقوم بيها, وبعدين يا ستّي العربية موجودة.. وقت ما تحتاجي تنزلي مصر مافيش مشكلة ...
تدخلت سلافة في الحديث قائلة:
- بص يا بابايا.. انت عارف انى مقدرش ارفض لك طلب, من بكرة هقدم على أجازة, وأنا عموما عندي رصيد أجازات يسمح إنى آخد أجازة كويسة .
قال الأب مبتسما:
- يبقى كدا تمام .... رتبوا نفسكم في خلال يومين هنكون مسافرين ان شاء****..
هتفت سلمى متسائلة:
- هتقول لجدي يا بابا؟
أظلمت عينا والدها بنظرة غموض وأجاب:
- أكيد لازم أقوله, جدكم هو اللي في إيده كل حاجه ..
ثم نهض قائلا : ها اقولكم تصبحوا على خير بأه ..
نهضت ألفت وقد ألقت بتحية المساء على ابنتيها وخرجت برفقة زوجها متجهان الى غرفتهما بينما تبادل كلا من سلمى وسلافة نظرات الاستفهام والتساؤل !!
=======================
- حمدلله ع السلامة يا عتمان يا ولدي.
قبل عثمان يد أبوه وأمه وقال وهو يجلس بجوارهما بينما قبلت راوية بدورها يد حماها وحماتها :
- **** يسلمك يا بووي ...اتوحشتكم جوي والرحلة كانت ناجصاكم و**** انت وأمي.
قالت أمه ببشاشة:
- ان شاء **** المرة الجاية نكون صحبة عند النبي عليه الصلاة والسلام.
ثم التفتت الى راوية زوجة ولدها وتابعت بإبتسامتها الحنون: -
- كيفك يا أم غيث؟
أجابت راوية بابتسامة صغيرة :
- الحمد*** يا مرات عمي, الواحد ماكانِش عاوز يفوت الحرم واصل ويرجع, الود ودنا كنا نجعد إهناك على جد ما **** يجدرنا, لكن ماعينفعش, الحملة اللي طلعنا تبعها لها وجت مخصوص .
قال الحاج عبد الحميد بابتسامة :
- ان شاء **** تسافري في رمضان اللي جاي متل كل سنة.
قال غيث مستفهما :
- اومال وينه شهاب يا جدي ؟
زفر الجد بغيظ وضرب بعصاه العاجية الارض وأجاب بحنق ونظراته يعتليها الضيق:
- خووك خرج مع عزت ولد أبو سويلم زي كل ليلة.. وجال مش هيعوَّج... ساعة زمن وياجي وبجالو فوج عن ساعتين زمن !!
هتفت راوية بقلق:
- هو لساتو مصاحب ولد أبو سويلم ؟
فيما جحظت عينا عثمان غضبا وكتم انفعاله بصعوبة احتراما لجلوس والده وقال بغضب مكتوم:
- ولا يهمك يا حاج, ما تشيليش هم, أني لما أشوفه ليَّا معاه كلام كتير جووي, شهاب ماعادش إصغير, وماهواش جاعد إلحاله عشان يتصرف على مزاجه... لاه ... فيه حاجه اسمها الكبير.. والكبير كلمته لازمن تُحترم وتمشي على الكبير جبل الصغير..
دلف شهاب بمرح وهو يلقي السلام وقال بينما يتجه ليقبل يد والديْه وجديْه :
- ألف حمدلله ع السلامة يا حاج انت وامي..
قال ابوه بعد ان جلس بجواره شهاب وهو يتطلع الى ولده بجدية وصرامة:
- شهاب.. إوعاك تكون فاهم اكمنك درست وجعدت في البندر سنين دراستك انك خلاص... تجلع توبك وتلبس توب البنادر!, أنا كم مرة منبه عليك عزت ابوسويلم لع؟, لكن انت اللي في راسك لازمن تعمله .... راسك يابس كيف الصخر.. وأنا مش هعيد كلامي تاني يا شهاب .. وانت ما انتاشِ إصغير عشان أجولك تصاحب مين وتسيب مين .. عزت صاحبك ماجولناش حاجه.. بس مش لدرجة كل ليلة سهر إمعاه .. انت عارف اللي حُصل منِّيه كويس والحديت ديه مش عاوز أجوله تاني كنِّهُ جصِّة أبو زيد, صاحبك ديه خف عنِّيه شوية... مفهوم يا باشمهندز؟
أومأ شهاب برأسه الى أعلى وأسفل وأجاب وهو يكتم غضبه وغيظه بصعوبة :
- ماشي يا حاج, اللي تؤمر بيه... عن إذنكم وحمد *** على السلامة مرة تانية ...
ونهض مستئذنا في الانصراف مغادرا الى غرفته بينما قالت الجدة :
- معلهش يا عتمان يا ولدي, شهاب لساتو شاب وانت خابر طيش الشباب زين, بس أني متأكده انه مش هيعمل حاجه غلط واصل ,
قال عثمان زافرا بضيق :
- ان شاء **** يا ام عتمان ان شاء **** ...
قال الجد ناظرا الى عثمان بجدية :
- عتمان يا ولدي بعد ما اتغير خلجاتك وتريح اشويْ عاوزك تلافيني لداري, في موضوع إكده عاوز أجولك عليه...
نظر عثمان الى ابيه وقال بلهفة وقلق:
- خير يا حاج ؟
أجاب الجد ونظرات الغموض تكتنف مقلتيه :
- خير يا ولدي, ان شاء **** خير ...
- انت بتجول ايه يا أبوي.. خوي رؤوف هياجي أهنه ؟
هتف عثمان بعبارته بتساؤل ودهشة وعدم تصديق, فيما أومأ الجد بالايجاب وأجاب متنهدا بعمق:
- أيوة يا ولدي .. خوك هياجي...كلها ييمين.. تلاته.. وتلاجيه إهنه.. وسط أهله وناسه, لازمن الطير المهاجر يعاود لعشه من تاني يا عتمان يا ولدي.
قال عثمان وهو لا يدري أيفرح لعودة شقيقه الصغير الغائب منذ ما يقرب الثلاثين عاما... أم يغضب لابتعاده عنهم طوال هذه السنوات دون أي محاولة منه للتواصل معه على أق تقدير شقيقه الأكبر؟!, ولكن الإنطباع الذي غلب عليه هو الحيرة!, نعم.. لِما الآن؟, ما الذي حدث وجعله يقرر العودة الى أهله وبلدته؟, فهو منذ أن غادرهم بعد ان حصل على ليسانس الآداب وقرر ان يقترن بمن اختارها رغما عن رأي والده بل ورأي كبار العائلة وهو لم يسمع منه او عنه شيئا... وان كان يشك ان والده يعرف عنه ولكنه لا يصرّح بهذا...
التفت الى والده وقال :
- وانت عرفت من وين يا حاج ؟
نظر الجد اليه وقال بصرامة :
- انت عارف انى ما انجطعتش عن ولدي يا عتمان ... رؤوف خوك كان بيكلمني ويتحدت إمعايْ ويطمني عن أخباره أول بأول, ولو عليه كان رجع لنا من زمان... بس كان عامل حساب عمك طه وزعله منِّيه... ولمان عرف بمرض عمك جبل ما يموت زاره في المشتشفى واستسمح منه وحبْ على راسه... انا كنت يومها إهناك... وهو اللي طلب مني انه يزوره وسمحت له, وعمك طه سامحه, وكان نفسه يرجع تاني لهله وناسه, بس ولد عمك عدنان **** يهديه كان رافض انه يشوفه... بيجول خلا سيرتنا على لسان اهل البلد كلاتهم, الكل كان مستغرب وِلْد عمها فاتها ليه.. وكلام الناس كتير... حتى لو عاوز يتجوز من مصر.. الشرع حلل له أربعة.. يُبجى فاتها ليه جبل الجواز بحاجة بسيطة؟, وحلف ما عاد له ولد عم اسمه رؤوف ولو شافه هيدفنه مكانه!, وانت خابر عدنان ولد عمك ماعيتفاهمش واللي براسه ما في مخلوج يجدر يخرّجه منِّيه!!
قال عثمان مشفق على حال ابن عمه:
- ما هو رؤوف محجوج يا حاج .. كلاتنا غلطناه.. وانا بنفسي نصحته وجولت له لو عاوز يتجوز من مصر ماشي بس ما يصغرش بيك ولا بعمه وبت عمه, جعد يجولي كلام كبير زي انا لو اتجوزتها هظلمها وانا ماعينفعش اكون منافج واخبي على مرتي اللي في مصر, وانه زينب من حجها تتجوز راجل يكون رايدها هيا مش عشان كلام الناس, وركب راسه وعمل اللي في دماغه هو وبس ... بس عموما الكلام ديه من زمن وعدنان ماعادشِ الشاب الصّغيّر اللي بيتحِمِجْ على أجلّها حاجه, هو كبير عيلته دِلْوَكْ بعد عمي طه **** يرحمه ما اتوفى, وانا متأكد انه سامح رؤوف, وخلاص زينب اتجوزت راجل زين وبيحترمها ومن عيلة كبيرة ... رياض طول عمره محترم إمعانا وبيكبر بينا, و**** بيحب عمي وبت عمي انه عوضهم بواحد زييه...
قال الجد منهيا الحوار :
- جُصر الكلام ... خوك هيوصل في ظرف ييمين تلاته بالكَتير, ومش عاوز حد يفتّح في كلام فات.. خلاص اللي فات مات واحنا ولاد انّهاردِه, ولازمن تاخد خوك وولاده في حضنك وتحت جناحك, انت دلوَكْ عمهم الكبير وهما بنات مالهومش بعد **** سبحانه وتعالى الا ابوهم واحنا !!
ارتسمت بسمة حانية على شفاه عثمان وقال :
- هو رؤوف عنديه بنات ؟
أجاب الجد بإبتسامة هادئة:
- إيوة عنديه بتتين !
قطب عثمان وقال :
- مافيش إولاد ؟
هز الجد برأسه نافيا :
- لع... مافيشي ولاد... بتتين واحده دَكتورة والتانية مش عارف بتشتغل في شركة اجنبية ومخلصة حاجه اكده خووك بيجول انها شهادة عالية جووي, لكن انا ماهيمنيش همّا بيشتغلوا ايه, بناتنا مش بيشتغلوا حدا حد.. اللي يهمني انهم يتعلّموا سلوْ بلدنا وعوايدنا وتجاليدنا, ويعيشوا معانا إهنه, خلاص كفاياه خوك سفر وغربة وشحططة!!
قال عثمان ساخرا :
- وبت البندر مرته هترضى تعيش حدانا في الكفر؟, واكيد بناتها طالعين لها .... هيسيبو البندر وياجو يعيشو إهنه؟
أجاب الجد بحزم:
- الحريم مالهومِش شور .. الراي في الاول والاخير راي راجلها وهي اتنفذ وبس!, واذا كان خوك جعدته في البندر نسيته عوايدنا احنا هنفكرو بيها ..اهم شيء انت تكلم عدنان ولد عمك .. هو هياجي الليلة يتحمد لك بالسلامة هو وعايدة اختك مراته وهتاجي سلسبيل بتِّك معهم, زوجها مسافر كم يوم اسكَندرية عشان شغل, واستأذنته انها تاجي مع ابوه وامه تسلم عليكم وهو وافق...
هز عثمان برأسه راضيا وقال :
- راضي طول عمره طيب ومش بيرضى يزعل سلسبيل واصل, عكس خووه ليث.. نار جايده طول الوجت اسم على مسمى صوح ليث وهو كيف الليث في غضبه وعصبيته!, هو وراضي خوه تمام كيف ولدي شهاب وخوه, اللي يشوفه ماهيصدجش انه وغيث توم حتى مش شبه بعض ..عموما اطمن يا ... رؤوف خوي هيرجع بلده وبيته واهله بالسلامة وبناته بناتنا ومرته هنشيلها فووج روسنا كرامة له, لكن هي برضيك لازم تراعي الاصول معانا .
هز الجد برأسه مبتسما وقال :
- اني شوفتها نوبتين تلاته إكده, وعاوز اطمنك إنها كانت في منتهى الاحترام معاي انا وامك ..عموما انا متأكد انها هتراعي جوزها وهتعرف تعيش وسطينا ... طمنت جلبي يا عتمان يا ولدي **** يطمن جلبك...
نهض عثمان ومال على والده مقبلا كتفه وقال :
- طب عن اذنك أني يا حاج, هروح أريح شوي... وماتشيلش هم حاجه واصل, ولادك كيف ما ربيتهم... مش احنا اللي نرفض ولدنا ونطلعه من وسطينا, الزمن فات يا حاج والكل شاف حاله وعيال البارحة بجوا رجالة انهاردِه وولادنا بيتزوجوا, وعمي **** يرحمه مات وهو مسامحه وعدنان أنا خابره زين, جلبه كيف الجُطن الابيض, رؤف خويْ هياجي يلاجي بيتنا ودراعتنا وجلوبنا مفتوحا له هو ومرته وبناته!
ابتسم الجد وعقّب:
- **** يرضى عنيك يا ولدي.. روح يا ولدي دارك ريح جتتك شويْ **** يبارك فيك وفي عيالك, انت كبير عيلة الخولي من بعدي, اني إكده اطمنت ع العيلة من بعديْ...
انصرف عثمان وهو يدعو لوالده بطول العمر تاركا والده والابتسامة تزين ملامحه .......
================================
صعدوا الى سيارتهم العائلية والتي تقودها سلمى - فوالدها ممنوع بأمر الاطباء من القيادة نظرا لحالة قلبه - وقد جلس والدها بجوارها بينما والدتها وشقيقتها تجلسان في الخلف وقال ابوها بابتسامة :
- ياللا يا سلمى يا حبيبتي رجّعينا بلدنا.. اشتقت لريحتها ولناسها ولزرعها وسماها .
ابتسمت سلمى في حنان وهزت برأسها إيجابا ثم أدارت المحرك وانطلقت في حين نظر رؤوف الى السماء وقال :
- الطير راجع يابا.......الصقر راجع لاهله وعزوته
وبدأت رحلة العودة .... ترى هل سيندم رؤوف على عودته وما مصير بناته ؟؟؟