الرئيسية
ما الجديد
الأعضاء
الـتــيـــــــوب
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
تثبيت التطبيق
تثبيت
سجل عضوية للتمتع بالمنتدى واكتساب مميزات حصريه منها عدم ظهور الإعلانات
قسم قصص السكس
قصص سكس تحرر ودياثة
خمسة رجال علموني معنى الحياة ـ ثلاثة عشر جزءا 29/11/2023 (Round trip to org)
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="صبرى فخرى" data-source="post: 65369" data-attributes="member: 2260"><p><strong>بقلم </strong></p><h3>(Round trip to org)</h3><p></p><p>نسخة معدلة</p><p></p><p><strong>قصة بالعربية الفصحى</strong></p><p></p><p>الكاتب: أحمد راضي</p><p></p><p>قصة طويلة متسلسلة</p><p></p><p><u>خمسة رجال علموني معنى الحياة</u></p><p></p><p></p><p></p><p>مدخل:</p><p></p><p>تحكي القصة حياة فتاة من البادية تزوجت باكرا في 14 من العمر وانتقلت لمدينة كبيرة بمشاكلها، خصوصا في فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب. في بداية الخمسينات من القرن الماضي. فجأة تجد نفسها قد أصبحت عضوا في منظمة تقاوم الاستعمار الفرنسي.. لكنها ستخرج منها بأمان بعد مغامرات متعددة. هناك مواقف ومشاهد جنسية وغرامية طبعا، لكنها لا تمثل سوى إضافات قليلة، الغرض منها ترضية خاطر القراء لتشجيعهم على مواصلة القراءة. ثمة أحداث تاريخية وإشارات أخلاقية مهمة، ومعلومات وطنية دقيقة عرفتها البلاد قبيل وبعد الاستقلال في نهاية الخمسينات تستحق منا الاهتمام.</p><p></p><p>أتمنى لكم كامل المتعة والفائدة، أشكر جميع القراء والمهتمين بمتابعة القصص راجيا أن أكون عند حسن الظن.</p><p></p><p></p><p><strong>الفصل الأول</strong></p><p></p><p></p><p>من سنة 1938 إلى 1952</p><p></p><p></p><p></p><p>ولدت سنة 1938 في مكان ما بدون اسم. مكان فارغ تصفر في ربوعه الرياح كل مساء، كأنها تفتح أبواب الحرية لخروج ما تبقى من الحيوانات المتوحشة من ثعالب وابن آوى وذئاب.. وعفاريت أيضا من تحت أشجار الطلح وأشواك النبق الكثيفة المغطاة بأعشاش الطيور. لكنه مكان نبتت فيه فجأة محطة من فراغ.. هناك، فتحت عيني على الدنيا..</p><p></p><p>ليس المهم من أين جاءت تلك المحطة، سواء خرجت من تحت الأرض أم نزلت من الغيب.. المهم أنها ربطت المكان بغيره عبر سكة حديدية، لم أعرف لها إلى حدود اليوم بداية ولا نهاية. أما علاقتي أنا بها، فيسعدني أن أخبركم من البداية أنها علاقة غريبة وسطحية، بما أني كنت البنت الوحيدة في المحطة، بصفتي ابنة واحد من عمالها.</p><p></p><p>هذا المكان البسيط الذي ليس فيه ما يميزه عن سواه، سوف يكون مجالا تخرج منه أغرب القصص والحكايات، ومنها قصتي التي يحتل الجنس فيها مساحة معينة، حكاية فتاة فاتنة ذات شبه كبير بالممثلة الشهيرة، المرحومة "فاتن حمامه" حسب ما سأسمعه مرارا حين كتب لي الانتقال عن طريق الزواج إلى الدار البيضاء.. ولدت هنا وسينتهي بي القدر لأصبح سيدة ذات شأن كبير في المدينة التي سأنتقل إليها، قبل أن يتجاوز عمري سن الرابعة عشر.</p><p></p><p>كنت من البداية فتاة يصفني الناس بالجميلة. وجه مستدير لا يفقد براءته سواء حزنت أو فرحت. بيضاء بشعر كثيف ذي لون كستنائي براق وأملس. تعودت منذ صغري أن أجمعه في ضفيرتين تنحدران من الجانبين أو من وراء الرأس وتنحدران إلى ما بعد الخصر أو الظهر. ذات عيون حوراء شديدة البياض والسواد. بخدود موردة وشفاه دائمة الابتسام، يشع لونهما الوردي مثل شفاه دمية.. وبراءة تزيدني رونقا وجمالا كلما تحركت أو قفزت أو حين أنعزل وحيدة لأن المكان لم يكن به صغار غيري. أما الباقي من الصورة فلم تبدأ معالمه في الظهور المثير إلا حين بلغت العاشرة. كنت منذ سن السادسة أنتقل كالفراشة بين البيوت الستة التي بنتها الشركة للعمال. بيوت امتلأت كلها لسوء حظي بالعجائز والشيوخ من أسر العمال. أزهو وأرقص مدللة من الجميع بما فيهم رئيس المحطة.</p><p></p><p>تراوح عدد العمال بين الخمسة والستة، كان أبي من بينهم لسوء حظي. يبدو أن حسنة المحطة ومهمتها الوحيدة، كانت هي الجمع، مرات عديدة كل يوم، بين قطارين قادمين من جهتين مختلفتين... يتعاكسان في نفس النقطة، لأن المحطة وحدها تتوفر على خطين، ثم ينطلق كل منهما نحو هدفه بعد أن يفرغ كلاهما الخط وراءه لصاحبه. تتكرر هذه العملية طيلة النهار وتتوقف عند مغيب الشمس.</p><p></p><p></p><p></p><p>توفي والدي وأنا في الخامسة. كان واحدا من العمال الأوائل ومن أكبرهم سنا. ذهب وحده كما لو أن الأرض هنا ترفض اجتماع الأجيال في نفس المكان. احتفظت به الشركة من بين عمال تم تمرير خط السكك الحديدية بفضل جهودهم، لكنه رحل مفضلا اللحاق بالسابقين من أقربائه وزملائه. خلف عائلة مكونة من أمي وأختي وأخي ثم أنا. لا أتذكر بالضبط ملامحه لكني أستأنس بوجه أخي لعلني أعثر عليها. لم أعرف اللعب طول حياتي، لأن الحظ لم يسعفني لأحظى بأي صغير يشاركني الجري واللعب. لكني عشقت يومين من أيام الأسبوع، كنت خلالهما أتسلى بحضور أبناء رئيس المحطة الفرنسي وهم ثلاثة، صحبة أمهما. كانوا يسكنون في مدينة الفوسفاط المسماة "خريبكه" طيلة الأسبوع بسبب المدرسة، وفي نهايته يزورون الوالد. تغتنم السيدة الفرصة لتعويض ما فاتها من الحب والغرام طيلة الأسبوع. بينما يملأ الأبناء المحطة والبيت ضجيجا طيلة يومين ثم يرحلون عشية الأحد. أودعهم وأنا لا أفهم بالطبع لماذا يغيبون، كما يودع الناس الموتى بالحزن والبكاء، أحتاج بعد ذلك ليومين أو أكثر لاسترجاع طاقتي ورغبتي في الحياة.</p><p></p><p>لم أفهم أبدا لماذا كان أخي وأمي يعارضان بقوة كلما اقترحت عليهما السيدة "جاكيت" زوجة رئيس المحطة، أن تأخذني معها لتسجيلي بالمدرسة مع أولادها. كانا يخافان علي من دراسة تعلم الكفر وتفسد الناس كما يعتقدان.</p><p></p><p></p><p></p><p>كان الابن الأكبر يكبرني بأربعة أعوام، والأوسط بعامين، أما الأخير فعمره يعادل عمري. كنت أقضي معهم اليومين في بيت رئيس المحطة، حيث كانت أختي التي تكبرني بأعوام عديدة تشتغل لدى أسرة الرئيس، حتى بعد زواجها وإنجابها لولدين، مما سهل علي قضاء الليل أيضا في اللعب معهم دون معارضة من أخي وأمي. أفرغ في حضورهم كل الطاقة التي جمعتها تحت ظلال الحزن والملل وحيدة خلال بقية الأيام.</p><p></p><p>أتذكر أن الأم كانت تغسلنا جماعيا، أنا وابنيها الأوسط والصغير بلا حرج ربحا للوقت واقتصادا للماء. أتيح لي حينها أن أقدر الفوارق الظاهرة والخفية بيني وبين الأولاد منذ سن السادسة. لكن سرعان ما توقفت العملية لما بدأت أنمو وأكبر، أي في سن الثامنة من العمر، إلا أننا كنا نختلق بيننا فرصا أخرى أكثر إثارة وإبداعا حين يخلو لنا الجو. كانت عملية اكتشاف بعضنا البعض مستمرة لا تنقضي. تعلمت منهم بعض الكلمات الفرنسية وتعلموا مني لغتي، وكم كنت أسعد لسبب لا أعرفه حين يلتحق بنا الابن الأكبر.</p><p></p><p></p><p></p><p>تطبخ الأم في المساء طعام العشاء باكرا حتى يتسنى لها التفرغ لزوجها أكبر وقت ممكن. تختفي معه وراء باب الغرفة المغلقة بعد أن تعد له مائدة الطعام والشراب. تتركنا أحرارا نلعب كما نشاء بدون حراسة. كنا نتعمد الاقتراب من باب الغرفة بتحريض من الابن الأكبر، ننتظر بصمت وهدوء بداية مسرحية تبدأ بالغناء والضحك وتنتهي بالصراخ والمواء والأنين. كان الولد الأكبر يحاول جاهدا أن يفسر لنا ما يحدث هناك وراء الباب. حسب فهمه وتقديره طبعا. من جهتنا، كنا نتصنع عدم الفهم ونلح متمسكين بمزيد من التوضيح، كي يفسر لنا بتفصيل ممل ما يعتقد أنه يحصل كل مرة بين الأبوين. انتهى الإلحاح ذات مرة بغضب الولد مما جعله يشتكي من بلادتنا. فقرر إتمام شرحه بالملموس كي نفهم بالضبط. اقترح على أخويه نزع البنطلونات، أما أنا فكان يكفي أن أحمل أسفل قميصي وأعض عليه بأسناني ليظهر جسمي من تحته. وقفنا عراة أمامه مطيعين مستعدين. ففعل مثلنا وأخرج عصفورة صغيرة مستقرة أسفل بطنه، جعل يلعب بها حتى تبدل شكلها وحجمها قليلا. استدار نحوي وبدأ يلمس أفخاذي ويصفع أردافي وأنا مستغرقة في الضحك، لكنه سرعان ما تراجع نحو أخيه الأوسط.</p><p></p><p>حين انتفخ وتضاعف حجم العصفورة التي صار لها مقدمة كرأس الديك. لم يصدقه أحد لما قال بأن والده يملك مثلها مضاعفا عشر مرات وأكثر، وأنه يدخلها بالكامل في جوف الأم، التي ترحب وتغني لها وتصرخ وترقص وتتلوى إلى أن تنهي دورها بالأنين والبكاء. حين رأى الاستغراب في عيوننا، قال إنها تشعر بنفس ما نحس به عندما نأكل "الشوكولاطة" أو اللحم المشوي أو الحلوى. نظر إلي طويلا وهو ممسك بعصفورته في يده، ثم حول نظره صوب أخيه الأوسط. أقعده على ركبتيه ويديه بحيث صار يتكئ على أربعة كالكلب، فبانت عجيزته صاعدة أمام وجه أخيه. ضحكنا كثيرا ونحن نتابع حركاته. بصق في وسطها وجعل يحك قطعته المنتفخة في الفراغ الفاصل بين ردفي أخيه ويتمتم بحروف وكلمات، كاتما صوته بداخله، بينما الابن الأوسط يرفع صوته ضاحكا ويحثه على الإسراع.. ظل لحظة ملتصقا به من الخلف، لم يفلته حتى ارتفع أنينه مثل أمه. هل كان يتصنع فقط أم أنه كان فعلا يشعر بشئ غريب لا نعرفه يسري في جسده الصغير؟ لست أدري لأني بدوري لم أفهم ساعتها المشهد إلا كلعبة مثيرة ومضحكة.</p><p></p><p></p><p></p><p>حدث مثل هذا كثيرا بعد بلوغي سن العاشرة من العمر. أصبح التعري والاحتكاك ببعضنا البعض لعبتنا المفضلة. كنا نمضي النهار بطوله نجري وراء الطيور نصطاد العصافير ونطارد الدجاج، أو نسبح في جفنة واسعة مملوءة بالماء خلال الصيف. ما يكاد الليل أن ينشر بساطه الأسود، وتسرع الأم كالعادة لغرفتها مع الوالد، حتى نسارع بدورنا، بعيدا عنها إلى مسرحيتنا الخاصة. حين جاء دوري أخيرا، طلب مني الابن الكبير أن أتجرد تماما من ثيابي فأطعت.. قال إنني سوف أنوب هذه المرة عن أخيه. كان لا بد أن يأتي زمن البداية في يوم ما.. أغمض عينيه وقبلني. حين شاهد استغرابي ومفاجأتي، عاد يقبلني بحماس أكبر.. خيل لي عندئذ أنه بدأ يخالف أركان اللعبة ويضيف عليها من عنده، لكني شعرت كما لو أن الإضافة زادتني حماسا لإتمام الدور إلى نهايته. بصق على خرمي كما يفعل دائما مع أخيه وجعل يمرر قضيبه صعودا ونزولا وأنا أضحك.. التفت لأرى قطعة اللحم الذي بيده، فإذا بها تتصلب وتنتفخ وتستطيل مثل العصا، كانت ساخنة شديد الحرارة وشكلها تغير تماما. تراجع الغلاف الذي كان عادة يحيط بالرأس ويخفيه. أصبحت نهايتها مثل بيضة في مقدمتها ثقب. شعرت به دافئا ومتعبا ومؤلما. كان يجاهد مضطربا شبه خائف أو متردد.. كأنه جائع يريد أن يسطو على قطعة حلوى ليست له، يحاول غرس رأسه بداخلي.. حين تعب تراجع وعوضه أخوه الأوسط. أردت أن أوقف اللعبة لكنهما معا أرغماني على الاستمرار حتى الخاتمة. ما هي هذه الخاتمة؟ هل هناك خاتمة أجهلها، وإن كانت فما هي؟ سألتهما أن يسرعا لأن الوضعية التي كنت عليها أتعبتني. عاد الأول بعد استراحة قصيرة. وما كاد يضع رأس قضيبه هذه المرة حتى انسل نصفه بداخلي. شعرت بوخزة كأني وضعت قدمي الحافية فوق الشوك، فارتبكت. لم أميز بالضبط هل تألمت أم أحسست بشعور لذيذ، بينما زاد تمسكه بوسطي وبدأ يتقدم ويتراجع شعرت فقط بعضوه الساخن رطبا يتنفس ويتحفز ويتحرك أكثر ذهابا وإيابا.. يحاول أن يدفع قطعته كلها إلى داخلي فأمنعه، أسمعه يلعن.. هل هذه هي الخاتمة التي يتحدثون عنها؟ يصفع مؤخرتي فأهتز ويعيد الصفعة فأضحك.. يرتعش ورائي ويصب بالداخل ماء ساخنا قبل أن يتصلب ويتشنج ثم يهدأ. عندما انسحب بدأت تخرج قطرات بيضاء ذات لزوجة مكثفة كالمخاط.. تناولت سرواله ومسحت تحتي ثم جلست بصعوبة.</p><p></p><p></p><p></p><p>صارت الحكاية لازمة تتكرر كل أسبوع حتى تعودنا عليها. لم يكن عندي لعب تملأ علي الفضاء باستثناء هذه اللعبة. أصبحنا نسارع الزمن ونكثر من الحيل لنيل قسط أكبر من الحرية.. بدأت أقترب من فهم معناها أكثر. أنافس أخاه الأوسط وأسعى لاحتكار قطعة اللحم العجيبة وحدي كل أسبوع. ولا أخفي أن ثقل بقية الأيام بدأ يخف لأنني كل مساء أتذكر اللعبة وأتسلى وحدي على سبيل الاستعداد. أنتظر نهاية الأسبوع بفارغ الصبر. كنا نعيد اللعبة مرارا خصوصا عندما نسمع الأم تموء وتئن مثل قطة.. أصبح صوتها يثيرني على الخصوص فألتصق بالولد الذي بدأ يمثل دور رجل بالغ.. صار يحمل لي هدايا رمزية وقطع حلوى وكتبا مصورة. أقف طويلا أتأمل عينيه وأمرر أصابعي بين خصلات شعره. شيء واحد كان يزعجني هو أني أصبحت ملزمة بالانسحاب عندما يحل المساء. كنت أعرف أنه سيكرر اللعبة مع أخيه الأوسط إلى الصباح. أبكي سوء حظي بصمت. لاحظت أن أخاه الأوسط ينمو بشكل مختلف عن الأخوين، يتصرف كفتاة ناضجة. يعشق دوره في المسرحية أكثر مني. لهذا كنت أتخيل ما يحصل بينهما حين أضطر للعودة إلى البيت.</p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p>حمار الرئيس وأخواته البنات</p><p></p><p></p><p></p><p>في نفس المحطة، رغم أن عدد السكان محدود لا يتعدى الستة والسيد الفرنسي رئيس المحطة، إلا أنها لم تكن ميتة. إذ ما تكاد القطارات تختفي مع مغيب الشمس حتى يبدأ ضجيج من نوع آخر. من بين العمال الستة، اختار الرئيس واحدا يدعى بوشعيب. هو نسبيا أكبر من الباقين. أصبح وحده المكلف بتنظيم العمل. وهو أيضا المكلف بحاجات وأمور بيت الرئيس. يبعثه أحيانا إلى مدينة الفوسفاط لمساعدة الزوجة إذا تطلب الأمر ذلك. أو يبعثه محملا برسائل ووثائق إلى الدار البيضاء للاتصال بإدارة الشركة. لكن أهم وأحسن مهمة بالنسبة لسعادة الرئيس ولرفيقه بوشعيب، هي تنظيم السهرات، التي يجلب فيها بوشعيب أخواته الثلاث، مرتين في الأسبوع، ليرقصن ويغنين، ويقمن بمهام أخرى عند الحاجة. حيث كانت الأخت الكبرى على استعداد دائما. تتأخر عند الرئيس بعد أن تنفض الجلسة. تقضي الليل بكامله معه إلى أن بلغها النصيب وتزوجت أحد العاملين بالمحطة. لهذا كانت كلمة بوشعيب مسموعة وسلطته على بقية العمال كبيرة. بالنسبة لي، كنت أسرع للترحيب به والتمسح بأذياله كلما لمحته عابرا لأنه يحبني ويحرص على جلب الحلويات معه ليقدمها لي كلما قصدته. كان يحبني ويعتني بي. يجلسني فوق فخذه ويداعب شعري برقة، ثم يقول لي ضاحكا: أني جميلة ينتظرني مستقبل كبير.. يحثني على الأكل لأكبر بسرعة.</p><p></p><p></p><p></p><p>من غرائب بوشعيب هذا، أنه تأثر بكل عادات سيده فأصبح مثله في كل شيء تقريبا. تعلم لغته ولبس مثله وقلد حركاته رغم أن شكله ولونه الخمري لا يساعدانه على ذلك. أصبح مدمنا للتدخين والشراب كل مساء. تأثرت الأخوات كذلك بنفس الأمراض فتعاطين التدخين والشراب متى تيسر لهن ذلك. لكن بوشعيب كانت له بعض الحسنات أيضا. فقد تحمس لصحبة أخي، الذي يعزف بإتقان على آلة الكنبري وهي آلة تشبه العود لكنها ذات وترين أو ثلاثة فقط. عمود خشبي يخترق ربع طوله قوقعة سلحفاة ميتة ذات غطاء جلدي ثبتت فوقه الأوتار. لما بلغ أخي العشرين من عمره، أقنع بوشعيب سيده لتسجيله ضمن عمال السكك الحديدية. تبين لنا بعد حين، أنه لم يتوسط لأخي لطفا أو احتراما للعشرة والمحبة، وإنما ليقنعه بالزواج من أخته الوسطى. كان من السهل تسجيل أخي بحكم أن الشركة تضمن للآباء عند الوفاة أو التقاعد من الخدمة حق تعويضهم بأبنائهم.</p><p></p><p>أول ما فعلته زوجة أخي بعد أن خلا لها الجو واستراحت في بيتها، أنها أنزلت كل أعباء البيت فوق كتفي، غير مراعية أني لم أتجاوز العاشرة من العمر بعد. أنظف وأجلب الماء وأطبخ وأقوم بالسخرة وأغسل الثياب المتسخة وأنشفها ثم أجمعها وأطويها وأرتبها في الرفوف داخل الدولاب. حتى يومي السبت والأحد حرمتني منهما. حين أحتج تصرخ في وجهي قائلة: إذا أردت أن تعيشي عليك أن تشتغلي بعرق أكتافك.</p><p></p><p>رغم زواجها من أخي، إلا أنها، قبل أن تلد، ظلت ترافق أخاها متى طلب الرئيس حضورها، في سهراته التي لا تنتهي. يرافقها أخي بآلته أحيانا، ويغيب إذا لم يرغب الرئيس في حضوره. كان الرئيس يعزم بعض أصدقائه من محطات أخرى بعيدة ليشاركوه متعة السهر والشراب. في هذه الحالة يضطر بوشعيب لجلب نساء أخريات، حين يفوق عدد الضيوف عدد أخوات بوشعيب من باب التعويض وسد ثغرة الفراغ. يحضرهن من مدينة الفوسفاط. يأتون في آخر قطار قادم. يأكلون، يشربون ويملؤون صمت المكان طول الليل بالضجيج، ينيكون ثم يختفون في الصباح مع أول قطار مسافر. ومن أغرب الأشياء، أن بقية السكان أنفسهم يتلذذون بما يسمعون من غناء، ويؤثتون أمسياتهم بما يتسرب من تلك السهرات من أخبار.</p><p></p><p></p><p></p><p>بقي الأمر هكذا إلى أن دخلت سن الرابعة عشر. تغير منظري وظهرت بوادر الاستدارات هنا وهناك فوق خريطة جسدي. استغربت كيف أن زوجة أخي، التي رزقت ببنت وولد، أصبحت بغتة تهتم بي أكثر من ذي قبل. كانت تسيطر بغرابة على البيت بكامله بمن فيهم أخي، فلا يقدر أحد أن يخالفها.. لكن اهتمامها بي أعجبني، لأنها تضطر لتخفيف الأتعاب قليلا عن كاهلي. أخبرتني أن أخاها بوشعيب سمع أم الابن الأكبر تسأل عني، وأنها لا تفهم لماذا قاطعت بيتها ولم أعد أزورهم بينما هي تعتبرني دائما من أهل بيتها، لا فرق بيني وبين أولادها. قال إن الأبناء أيضا يسألون عني خصوصا ابنها الأكبر. هل كانت تكذب أم أنها تريد مني الانصياع لرغباتها الشاذة؟ سرني التغيير فلم أهتم بصدق كلامها أو كذبه.. بدأت تصر كي أغتسل على الأقل مرتين كل أسبوع، رغم قلة الماء، لإزالة رائحة العرق. ثم تساعدني في تمشيط الشعر وترتب الضفيرتين وتعطرني بإتقان.. أحسست أن شيئا ما يلوح في الأفق من وراء خبثها.. ما لبث الأمر أن اتضح عندما قالت لي بأنها تحضرني للزواج من الابن الأكبر لرئيس المحطة. هكذا ادعت، أعجبتني الفكرة وإن كنت لم أصدقها.</p><p></p><p></p><p></p><p>كنت أعرف رغم سني، أن زواج فتاة ***** من نصراني مستحيل وغير ممكن، وأن أخي وأمي سيرفضان، وأم الولد نفسها لن تقبل لولدها أن يبدل دينه. مع ذلك استسلمت لزوجة أخي وسايرت هلوساتها. كانت تقول بأن جمالي لا يستحقه مسلمون لأني أشبه النصارى. أصبح موضوعها المفضل، هو أن تتحدث وتطيل في مدح الولد، تصف لي بإعجاب كيف صار شكل جسده وجمال منظره، حتى شككتني في أمرها. ذات ليلة فوجئت بالابن الأكبر يدخل بيتنا.. رتبت زوجة الأخ كل شيء. أمي سافرت لرؤية خالها المريض بالدار البيضاء، وأخي ساهر في بيت الرئيس صحبة بوشعيب.. زوجة أخي وحدها موجودة. تأكدت أنها تقف وراء زيارة الولد عندما وضعت أمامنا فوق المائدة الواطئة قنينة خمر أحمر مع الطعام. لمعت عيناها وابتسمت له. بدت سعيدة في قمة الفرح حين قالت بلغة مرتبكة، خذ حريتك يا سيدي ليس ثمة ما يزعج، كل شيء على ما يرام. عندما حاولت أن تجالسنا نهرها آمرا إياها بالانصراف. تقلصت ملامح وجهها واحمرت أوداجها وقطبت ما بين الحاجبين قبل أن تغادر غاضبة. لم ترجع حتى تعدت الساعة منتصف الليل، قبل أن يرجع أخي من بيت الرئيس مخمورا كعادته. فكرت لحظتها أن خنوعها بهذه الطريقة لم يكن مجانيا فهل كانت تنوي وتستعجل بهذه الهدية العجيبة والمباغتة أن تتخلص من بكارتي؟</p><p></p><p><strong><u>الفصل 2</u></strong></p><p></p><p></p><p></p><p>وقف أمامي رجلا كامل الرجولة، تبينت ملامحه بصعوبة فقد نبتت له لحية خفيفة حاول تشذيبها، وشارب دقيق أشهب جذاب، عظمت كتفاه وتضخمت عضلاته. لعله صار أطول من أبيه قليلا. حتى نظرة عينيه نفاذة تميل إلى القسوة مثل أبيه، لولا الغمازتين عندما يبتسم. مضت ثلاث سنوات لم أره خلالها، لكن صورته القديمة عالقة في الرأس. تأكدت أنه أكثر وسامة ولطفا من وصف زوجة أخي. ألقى التحية وفضحها حين اعترف لي أنها رتبت معه الزيارة بدون علم أمه.. أخرج من جيبه سلسلة ذهبية رقيقة علقت في وسطها صورة كف. تقدم نحوي وأحاطها حول رقبتي.. ابتسمت حين تخيلت أن هذه الكف سوف تصبح قيمتها غالية حينما تندس بعد أعوام قليلة بين نهدين ناضجين. مرت دقائق قبل أن أستفيق من دهشتي لأشكره. سألني عن الأحوال فحركت رأسي يمينا ويسارا، بما يعني " أننا نعيش حسبما اتفق" كنت عاتبة عليه لأنه نسيني، لكني تناسيت العتاب حينما جلس بجواري. لم يمض سوى لحظات حتى التحمنا وغيبتنا القبل الحامية. ارتفعت للسماء ليلتها ونبتت لي أجنحة عندما ضمني إلى صدره وبدأ يعصرني. أحسست بدرجة القوة التي تسحبني وراء حركاته إلى المجهول.. تذكرت فقط أني حذرته كي لا يمس بكارتي.. ضحك وقال بأنه يعلم وأنه أصبح خبيرا.. حزنت لأنه قال:</p><p></p><p></p><p></p><p>= من حسن حظنا أن زوجة أخيك جمعتنا الليلة... قطبت ما بين الحاجبين مستغربة وسألته:</p><p></p><p>= لماذا من حسن الحظ..</p><p></p><p>= لأنني نجحت في امتحان البكالوريا وسأرحل قريبا لفرنسا من أجل الدراسة الجامعية.</p><p></p><p>شعرت بهزة أرضية قوية بداخلي.</p><p></p><p>= ماذا؟ سترحل؟ وهل ستعود بعد ذلك؟</p><p></p><p>= لا أدري.. يمكن أن أعود خلال عطلة الصيف، أي بعد سنة.</p><p></p><p>دار في رأسي فقط أن لقاءنا هذا، وهو هبة جاءت من شخص مكروه، قد تكون الأخيرة. عندئذ ارتميت عليه وبدأت أعريه وأرمي ثيابي في كل اتجاه.</p><p></p><p>= تعال يا حبيبي، ليس أمامنا وقت طويل، قلت هذا وانحنيت أبحث عن قضيبه فقد راودتني لأول مرة رغبة مصه. سمعته يقول بصوت خافت:</p><p></p><p>= على مهلك، هل نسيت كيف تكون لعبتنا القديمة، ثم ضحك.</p><p></p><p>= لم أنس شيئا. لكن قبلني كثيرا ودعني أمص عفريتك قبل أن تأخذ كامل حريتك.</p><p></p><p>كل شيء وجدته جديدا، اختفت قطعة اللحم وعوضها قضيب كامل الأوصاف، طريقة احتضانه وإقباله فوقي، لسانه الجائع، أصابع كفيه الفضولية، إحساسه الساحر، ونظرة عينيه التي تدعوني للغرق في سحرها العميق.</p><p></p><p>= ذلك الوضع القديم لم يعد يناسب سنك. استلق على ظهرك ودعيني أقوم بالباقي.</p><p></p><p></p><p></p><p>شفتاه تتجولان فوق عنقي وفمي وصدري بكامله، ترسمان محيط النهدين كما يريده ويتخيله. قال إن بوادر النهدين تعكس مشروع بستان رائع لم تتفتح كل أزهاره بعد. ارتجفت وارتعشت. فقدت الإحساس بما حولي. انحنى على وسطي وتجاوزه إلى العانة والحوض، بعد أن رفعت فخذي إلى أقصى قدر استطعت فعله. مد يده يبحث عن سرواله دون أن يفارقني. أخرج أنبوبا عصره وتناول منه جرعة مررها على فتحتي. تلاعبت أصابعه بدفع مرهم الفازلين إلى الداخل. تذكرت ضحكي يوم فعلها معي أول مرة. حملني فأحطت عنقه بذراعي خوفا من الضياع. فخذاي تحيطان بوسطه تحاصران ظهره. غافلني ليزرع بأعجوبة وحشه بداخلي، تغاضيت عن الألم وفقدت القدرة على التنفس.. كان لسانه يحاصر لساني ويتجول داخل فمي. تذكرت شهور الفراغ والجوع فتعلقت به أكثر حتى زاد انحشار القضيب بداخلي. بقي واقفا يحملني فجعلت أحرك مؤخرتي ضاغطة بالساقين والقدمين خلف ظهره. كنت بين ذراعيه مثل كثلة لحم مخترقة بسيخ حديدي. شعرت أن كياني كله تعرض للشواء تحت حرارته. عندما لفظ رحيقه بالداخل تمسكت به أكثر وأنا أرتعش متلذذة بنبض القضيب وهو يتراقص بداخلي متسللا لعمق الروح والجسد. كنت محتاجة لامتصاص كل ما تستطيع قوته أن تبعث لعروقي من ماء الحياة وأسرارها. أنزلني وبدأ يستعيد أنفاسه بينما ألقي على جسده نظرة جائعة تنتظر المزيد. تناولت القضيب أمصه بلهفة غريبة حتى استعاد قوته ثم استدرت نحوه قبل أن أوليه ظهري..</p><p></p><p>= مرحبا بالجديد يا "حبيبي" لكني أفضل لعبتنا القديمة، قلت له مبتسمة.</p><p></p><p>استعدت عالمنا وحريتنا القديمة، قاومت رغبتي في البكاء خوفا من تضييع أخر فرصة نزلت علي من السماء.</p><p></p><p>ارتمى فوق ظهري ناشرا جنته الفيحاء في دمي. كلما تحرك قضيبه داخلي أتنفس بصعوبة وألعن الفراغ والغياب وزوجة أخي.. أتذكرها فأرفع نحوه مؤخرتي.. خذها وقطعها واجعلني أنسى المكان والزمان والحياة كلها.. اشتمني لأنك تعلم كم تهيجني شتائمك. بعد رحيلك ستقتلني زوجة الأخ وتدفنني حية بدون رحمة، وتجعلني كلا شئ. لا ترحمني كي لا يبقى لها مني شيء تعذبه وتقتله وتتاجر به هي وأخوها بوشعيب.. دعني أمسحها من ذاكرتي.. تهاطلت علي لعناته وصفعاته حتى حفظتها عن ظهر قلب.. استجاب لدعائي لأني فعلا نسيت زوجة أخي وغبت عن الوعي بعض الوقت..</p><p></p><p></p><p></p><p>صحوت على صوته يوقظني</p><p></p><p>= هيا، حان الوقت.. الساعة تجاوزت منتصف الليل..</p><p></p><p>لم أستطع النطق بتحية الوداع.. خاطبته وأنا أعرف أني أكذب</p><p></p><p>= إلى اللقاء، لا تنس أني هنا متعلقة بالأمل رغم الغياب.</p><p></p><p></p><p></p><p>غادرني بعد ذلك لكن ذكرى تلك الليلة لم تودعني. كيف ترحل من دماغي وقد كانت هي الشعلة التي أدخلتني لفضاء عجيب كان من المستحيل علي الابتعاد عن سحره حتى بعد أن تزوجت. في تلك الليلة راودني إحساس الأنثى عن نفسه قبل أن يتلبس جسدي إلى ما لا نهاية. نزعت السلسلة عن عنقي وأخفيتها كي لا تراها زوجة أخي. قررت الاحتفاظ بها كدليل ملموس يؤنسني ويعيدني متى اشتقت لحقيقتي ومشاعري وذكرياتي.</p><p></p><p></p><p></p><p><u>1952:</u> <u>زواج في سن الرابعة عشر</u></p><p></p><p></p><p></p><p>حين تجاوزت الرابعة عشر بقليل، توفي خال أمي بمدينة الدار البيضاء فسافرت لحضور جنازته. لم تمض سوى شهور قليلة بعد ذلك حتى زارنا ابن خالها، وهو رجل دخل سن الشيخوخة منذ سنوات. لعله قارب الستين حينئذ؟ لم يكن لباسه يشبه لباس الرجال الذين أراهم هنا وهم قلة. كان يرتدي جلبابا أبيض وطربوشا أحمر ويحتذي برجليه حذاء أسود شديد اللمعان. يضع فوق عينيه نظارات واسعة تخفي نصف وجهه ولحيته البيضاء. حين نزعهما ليشاركنا الطعام، بدت عيناه غائصتين داخل الوجه كما لو أنه كان ميتا ثم ندم وعاد للحياة. رجل طويل، يتصنع الابتسام لأن عضلات خديه لا تطيعان محاولته.</p><p></p><p>اثناء وجوده معنا خلال يومين، صادف أن كان رئيس المحطة الفرنسي ينظم كعادته سهرة فبعث بوشعيب ليعزمه لمشاركتهم. لبى الدعوة بفرح وعاد منها سكرانا لا يستطيع الوقوف... نسيت أن أثبت هنا، أن بوشعيب زوج بقية أخواته، الوسطى والكبرى لعاملين من نفس الشلة. وقد كانا معا ضمن الجماعة المكلفة بمراقبة وتدبير المركز الكهربائي الذي يزود محطة القطارات بالطاقة التي تضمن لها القدرة على الانطلاق. رافقت الأولى زوجها الذي نقل إلى محطة مراكش، في حين انتقلت الثانية إلى مدينة الفوسفاط. لكن بوشعيب بعد زواجه عرف كيف يعوض غيابهما بفتيات تجلبهن زوجته من دواوير بعيدة. يسهرن مع جماعة الرئيس ويرحلن صباحا. غير أن السهرات لم تعد بنفس الوتيرة السابقة.</p><p></p><p></p><p></p><p>قبل سفر ابن خال والدتي، أخذني أخي إلى زاوية معزولة وحدثني عن الغرض من زيارته. تبين أن الرجل جاء يطلبني للزواج. فوجئت بالطلب. لم أكن أميز جيدا معناه، وما قد يترتب عليه من تغيير في مسيرتي ومستقبلي. سألته إن كان لزوجته دور في الموضوع، لكنه طمأنني وكانت الطامة أن أمي هي من عرض عليه الزواج مني، شعرت كما لو أنها سعت للتخلص مني.. في الواقع، نظرت للموضوع بعد أن فكرت من زاوية عملية فاتضح لي أن الزواج سيخلصني من زوجة الأخ التي تستغلني بكل الطرق وتعتبرني مشروعا يبشرها بربح كبير. ربما كانت محاولة أمي أيضا قد جاءت بسبب هذه المرأة. المهم أنها تريد أن تبعدني عن براثنها، لعلها علمت من أحدهم بتلك الزيارة الليلية وبالدور الذي قامت به زوجة الأخ، فبدأت مستعجلة تفكر في أسلوب ينجيني من مخاطر الإقامة في هذا المكان.. وقد طالما كانت تحذرني منها ومن أخيها بوشعيب الذي تكررت زياراته لأخته.</p><p></p><p>عارضت زوجة الأخ الزواج. لكن أمي خالفت احتجاجها لأول مرة. بقيت تصرخ وتسب أخي بحجة أني صغيرة وغير قادرة على الزواج بعد. ثم بدأت تتهكم على زوجي وتستهزئ من سنه وشكله. لكن إصرار والدتي جعلها في النهاية تخضع للأمر الواقع.</p><p></p><p></p><p></p><p>هكذا أصبحت زوجة في تمام الرابعة عشر من العمر. ودعني أهلي بصمت في شبه مأتم. كأني بقرة عاقر لا تلد ولا تدر الحليب. انتقلت من لا مكان إلى مدينة تشبه الغول، وهذا في حد ذاته أمر شديد الأهمية. كيف لا وقد نقلت من الفراغ الذي يمتد على مرمى البصر إلى مدينة لا حدود لشوارعها وبناياتها الشامخة وضجيج سياراتها.</p><p></p><p>كان حسن زوجي يعمل كحارس ليلي بإحدى الشركات المختصة في كراء وبيع أدوات وآلات وجرارات تستخدم لبناء العمارات والطرق والقناطر.. شركة كغيرها، في ملكية فرنسيين ويهود. تقع لحسن الحظ غير بعيد عن محطة القطار. كان يتناول عشاءه قبل الثامنة ويخرج لعمله مصحوبا بقنينة خمر وبعض المكسرات، يستأنس بها وحده أو بصحبة من يلحق به من أصحاب الشركة والعمال وبعض الأصدقاء ممن لا أعرفهم، لا يعود للبيت حتى السابعة صباحا. كنت أحيانا أسمعهم يتحاورون بأصوات مرتفعة، كأنهم يتخاصمون أو يقتسمون أشياء ذات قيمة. يتناول فطوره ويغرق في نومه إلى الظهر. هذا يعني أن صلتي به لم تكن منتظمة ولا مضمونة.. لكل يوم حظه وبرنامجه.. باستثناء هذا، استفدت من بيت كبير به غرفتان ومطبخ واسع وصالون مع كل الضروريات. كان بيتا مختلفا عن بيتنا في تلك المحطة. تمتعت فيه بخط التليفون وجهاز المذياع الذي لا يسكت أبدا، حمام مزود بجهاز تسخين يشتغل بالكهرباء.. غير أن عيبه أن مدخله يقع ما وراء الباب الرئيس للشركة.</p><p></p><p></p><p></p><p>فضلت المذياع والحمام على كل ما في البيت من حسنات عديدة. لم يكن لي أي معارف أو عائلات تلزمني باستعمال التليفون فأهملته إلى حين.. وجدت زوجي شخصا لطيفا بشوشا ومسالما للغاية. لا علاقة لتصرفاته بمظهره. ما إن عدنا للمدينة حتى نزع الجلباب والطربوش. كانت روحه شابة رغم سنه. لا ينام إلا قليلا ولا يتوقف عن الحركة حين يستيقظ. ولأن معظم ما في البيت جديد علي، فقد بدأ يعلمني كيف أستعمل الأواني واللوازم الأخرى، من سكاكين وآلات غريبة للطهي أو للشاي وإعداد القهوة تختلف عما عرفته في بيتنا. يغسل الأواني بنشاط عن طيبة خاطر، وينجز حتى تنظيف البيت وتنظيف مكاتب الإدارة بالشركة. أما الغسيل فقد كانت تتكفل به آلة خاصة. كان رجلا متفتحا مسعفا ومتفهما إلى أبعد الحدود. لاحظت أنه كان ميالا لمعاشرة الأجانب من اليهود والنصارى ويتقن لغتهم. خصوصا بعد أن تبين لي أن أهل الحي كلهم من الغرباء والأجانب.</p><p></p><p>أما بخصوص بكارتي، فقد استغربت كيف أنه لم يكن مستعجلا.. سألته عن الموضوع بقلق، لكنه بهدوئه المعتاد طمأنني، معتبرا أن الاستعجال لن ينفع وأن الأمر سوف يتم حين يأتي أوانه.. أمضينا زهاء شهرين ونحن نحاول دون أن نطوي هذه الصفحة. لم يظهر عليه أي انزعاج أبدا. بل هو شخص لا يعرف الانزعاج والغضب سبيلا إلى وجهه وأعصابه. حتى الغيرة لا تسيطر عليه. كثيرا ما شاهدني واقفة عند مدخل الشركة أتفرج على السيارات الكثيرة والمارة أبتسم أو أعبر عن سعادتي بالحركات عند الدهشة. أضحك أحيانا بوجه مكشوف كأي صغيرة، ومع هذا لم يعترض أو يتدخل لمنعي أبدا. بل حدث أن قادني ذات مساء بنفسه إلى صالون حلاقة في ملكية سيدة يهودية في سن الأربعين، متزوجة من يهودي يعمل موظفا إداريا في نفس الشركة يدعى "ميشيل". قدمني إليها وحدثها بفرنسية طليقة لم أفهم كلماتها. أجلستني السيدة بعد فترة انتظار فوق كرسي جلدي دوار. وبدأت تفرك شعري، ثم غسلته وعطرته وبدلت شكل التسريحة التي كنت أختصرها بلف الضفيرتين. علمتني كيف أجمع شعري بسهولة بصيغة ذيل حصان. كان الشعر بهذه الطريقة يلين حتى يصبح مثل الحرير، يتطاير من ورائي سابحا حين أحرك رأسي أو أمشي بسرعة. أصبح يبدو أطول من ذي قبل. تغير منظري وصرت أبدو أكبر قليلا من سني. كانت هذه التسريحة تعتبر يومئذ ثورية ومثيرة للجدل حتى بين الفرنسيات. سرعان ما تعودت على ارتياد الصالون بعد أن تعودت على صاحبته حتى أصبحنا صديقتين.</p><p></p><p></p><p></p><p>قصة البكارة لم أعد أنا نفسي أعيرها أي اهتمام. لم يكن زوجي يغريني بمعاشرته رغم لطفه الواضح وتساهله ومجهوداته. تركت مثله الموضوع في يد القدر ليوم مجهول. لحسن حظي كانت زوجة أخي وأمي بعيدتين، لا تملك أي منهما خطا هاتفيا تزعجني به من خلال تلك الأسئلة المستفزة. عانيت مع زوجي أيامنا الأولى ثم استسلمنا للمصير المكتوب. لم تكن للمسكين أي علاقة شبه مع ما تحمله ذاكرتي من آخر لقاء بولد رئيس المحطة. جسم زوجي نحيل تطل من صدره الضلوع بوضوح يمكنني احتساب عددها لو شئت. يهمل شعر لحيته الأبيض وقلما يعرضه للحلاقة. إضافة إلى ولعه المفرط بالشرب والتدخين مع قلة الأكل.. في الليل أسمع سعاله الحاد من بعيد حين يتجول بين آلات الشركة. لن تكتمل الصورة حتى نضيف إليها تعب الحراسة الليلية.. يدخل باكرا قبل أن أصحو، يغتسل ثم يصنع لنفسه فطورا سريعا، وما إن يلجأ للفراش حتى يعلو غطيط شخيره صاعدا إلى السماء.</p><p></p><p>مرات قليلة، حين يصحو في الظهيرة، يطلبني للممارسة. أنزع قميصي أو سروالي، أستلقي بجواره على ظهري. أحس به يلعب بين أصابعه بقطعته الرخوة. يبصق في كفه ويستمر لفترة طويلة حتى يتبدل حجمها قليلا فيسرع بإقحامها بين فخذي.. وما أن ينتقل إليها الدفء حتى تسرع بالتخلص من مائها، وأحيانا تلفظه حتى قبل أن يدسها بين الشفتين. فيرتمي لاهثا موليا لي ظهره. بدأت أتخيل أني لا أمثل لديه سوى دمية حية تساعده على التفريغ السريع، في انتظار أن يجود الحظ والقدر بلحظة قوية تفي بالغرض.</p><p></p><p></p><p></p><p>طرحت المعضلة على صديقتي اليهودية فابتسمت لي وعلقت قائلة:</p><p></p><p>= طبيعي أن يحدث ذلك في زواج كهذا.. لكن لا تنزعجي هناك حلول كثيرة.. أخبريني بعد أسبوع وسوف أرشدك إلى حل معقول.</p><p></p><p>بدأت أعترض حين يطلبني. أتصنع الغضب والبكاء.. أخبرته أن أمي قد تزورنا قريبا ويجب أن أسعدها بخبر مفيد.. وفي أحد الصباحات أخبرني صاغرا أنه قرر أن يعرضني على طبيب ليفتحني بمشرط. فرحت رغم أنني انزعجت من موضوع المشرط، غير أنه أكد لي أني لن أشعر بأي ألم.</p><p></p><p>دخلنا العيادة.. جلست أنتظر بينما توجه "حسن"، إلى الممرضة، وهي أيضا يهودية، ليسألها هل الطبيب موجود فحركت رأسها علامة الإيجاب، قدم لها نفسه بالاسم وطلب منها إشعار الطبيب، قائلا أنه ينتظر وصولنا. دفعت الممرضة باب غرفة الفحص وغابت قليلا ثم عادت مبتسمة وهي تفسح الطريق أمام زوجي. مكث بالداخل فترة بدت لي طويلة أكثر من اللازم. حين فتح الباب ثانية رأيت الطبيب يرافقه. تقدما نحوي. قدمني إليه. عاد الطبيب للغرفة بينما أخبرني حسن بأن علي الانتظار قليلا وحدي لأنه سيعود للشركة لأخذ قسط من النوم.</p><p></p><p>طال انتظاري إلى ما بعد الظهر حتى أدركني القلق وخلت العيادة من الزوار.. ابتسمت لي الممرضة وهي تقودني نحو الغرفة وتفتح الباب ثم تغلقه خلفي.. سن الطبيب على ما يبدو لا يتعدى الثلاثين. كان وسيما ذا شعر كثيف، ذكرتني هيأته بالولد المهاجر.. عيناه ضيقتان بعض الشئ لكن نظراته حادة وبراقة.. بدا لونهما رماديا خفيفا بفعل الضوء الخافت مع أنه في الواقع أزرق. كنت أتوقع رؤية طبيب شيخ في سن زوجي عندما أخبرني أننا سنزور طبيبا ينهي موضوع البكارة. أمرني بنزع الجلباب وال**** والتمدد فوق مائدة الفحص. غلبت الابتسامة والبشاشة على وجهه ومظهره. كل تحركاته توحي بالاطمئنان.</p><p></p><p></p><p></p><p>قبل أن يشرع في فحصه تراجع منشغلا بآلة قريبة من سرير الفحص. أدخل أصابع يديه في قفازات شفافة. قال وهو يدير لي ظهره:</p><p></p><p>= اسمحي لي من فضلك، سيكون من الأفضل لو تنزعي القميص أيضا لنبدأ العمل.</p><p></p><p>قالها بعربية مخلوطة بكلمات فرنسية وإشارات للتوضيح. المهم أن الأوامر مفهومة. امتثلت بسرعة. كنت ممدودة عارية تماما أمام شخص غريب اسمه الطبيب. لا أحد كان بوسعه من كل الذين تركتهم هناك يمكنه أن يتخيل هذا. بدأ الفحص من الصدر ثم البطن وامتد إلى ما بين الفخذين. كان يعمل دون أن تغادر الابتسامة شفتيه الورديتين. لم يسبق لي أن رأيت طبيبا من قبل، وسرعان ما انسجمت مع الضرورة بكل اطمئنان..</p><p></p><p>عندما بلغت أصابع كفه منطقة البكارة، بدأ حركة دائرية، ثم جمع بين ثلاثة أصابع شفاه الفرج قبل أن يعيد توسيع المسافة ما بينهما. شعرت بوخز فتوقف عن الفحص وتراجع قليلا للوراء. وقال:</p><p></p><p>= نوع بكارتك صلب بعض الشئ لكنه لا يحتاج للمشرط. لقد ترجاني المسيو حسن أن أكون لطيفا معك. الآن أحتاج لموافقتك. اسمحي لي بسؤال.</p><p></p><p>= تفضل...</p><p></p><p>= سأستخدم أصابعي فقط.. إلا إذا...جاءه جوابي سريعا..</p><p></p><p>= إلا إذا، ماذا؟ هل تقصد أن استعمال المشرط أصبح ضروريا</p><p></p><p>= دعيني أجرب من جديد قبل أن أجيبك.. هل تسمحين</p><p></p><p>= المهم خلصني من هذا الكابوس من فضلك، قلت له مبتسمة</p><p></p><p>عاد يتجسس فوق خريطتي بلطف. حين لمس شفاه كسي من جديد أحسست بقشعريرة اختفت بسرعة وحل مكانها شعور لذيذ. نظرت إليه فإذا به يرفع كفه ضاحكا.. كان للبياض اللامع لأسنانه مفعول السحر. حسسني بهدوء غريب. سألته عن زوجي فجأة:</p><p></p><p>= هل تعرف زوجي من قبل...</p><p></p><p>= أعرفه بالطبع منذ مدة طويلة، لأني طبيب الشركة، أعرف كل العمال..</p><p></p><p>= ولماذا خرج ولم ينتظر حتى تنتهي العملية؟</p><p></p><p>= ليس ثمة ضرورة لذلك.. لقد تفاهمنا في كل الاحتمالات الممكنة. لي حرية التصرف ولك حرية الاختيار طبعا.</p><p></p><p>= أي حرية تقصد</p><p></p><p>= أمامك ثلاثة وسائل للتخلص من البكارة. إما الأصابع أو المشرط أو... سكت لحظة وهو يركز نظراته في وجهي،</p><p></p><p>= أو ماذا؟ قلت له خائفة</p><p></p><p>= أو القضيب بالطبع</p><p></p><p>نطقها بالفرنسية. كنت أعرف منذ الصغر معنى الكلمة التي يستعملها النصارى للتدليل على القضيب.. انتفضت في مكاني، وقبل أن أتحدث، استمر يوضح:</p><p></p><p>= لا تنزعجي، لقد شرحت لزوجك بنفس الكلمات</p><p></p><p>= وبماذا أجابك...</p><p></p><p>= لم يجبني، قال لي فقط أن أشرح لك الموضوع وأترك لك الخيار.. لم يكن أنهى كلامه حين استدار لمواجهتي. تساءلت كيف يترك لي زوجي الخيار دون أن يهيئني من قبل؟ هل مثل هذه الطرق مستعملة بشكل معتاد أم في حالتي فقط؟ كان قد فتح السوستة وحرر قضيبه.</p><p></p><p></p><p></p><p>منظر القضيب المنتصب بشكله المتراقص عندما استدار مقتربا مني بدا مغريا حقا. لم أقتنع بقوله لكني استسلمت. أحسست كأني مع ابن رئيس المحطة.. إن كان زوجي فعلا يعرف ما يحدث فمعناه أنه موافق.. ربما لهذا السبب انسحب. الاستمرار في الأسئلة والتفكير مضيعة للوقت. لا داعي للندم الآن. بدأت الأحاسيس اللذيذة تغمرني. استحضرت معاناة زوجي وأنا أغمض عيني. في رمشة عين غمرني شعور مريح.. صرت أتمنى لو تطول الجلسة مع الطبيب من شدة الحرارة التي انتابتني. بدأ جسمي يطرد توتراته المتراكمة منذ جئت لهذه المدينة قبل شهرين ونيف. وقف الطبيب قريبا من رأسي ممسكا بقضيبه الذي تراجع انتصابه قليلا:</p><p></p><p>= لا تخافي، لدي خبرة طويلة، لن أدعك تشعرين بأي ألم.. أنصحك لمصلحتك أن تنسي زوجك الآن.. نحن هنا مضطرين لحل المشكل وقد أخبرته بكل وضوح أن من المصلحة أن نفضل هذا الحل على غيره... لا داعي لأي مقاومة من طرفك.</p><p></p><p>=...أممم ....هههه....اااا</p><p></p><p>تركني أتمتم وهجم على شفتي يقبلني. قبلة خفيفة وسريعة سرعان ما كررها بقبلة أطول رافقها إحساس غامض.. لعل هذا ما يسمونه الهيجان... أغمضت عيني ومددت كفي الأيمن أبحث عن عضوه فلما وجدته أحطته بأصابعي وأخذت أقيس حجمه صاعدة ونازلة. سحبته بقوة. صدر عنه صوت فهمت منه أنه أيضا يتألم.</p><p></p><p>= بهدوء... لا تستعجلي، دعي الأمور تمضي كما لو كنا عشاقا حقيقيين.. لا شيء يدعو للعجلة</p><p></p><p>لسانه يتجول فوق جسدي.. يطوف بدوائر النهدين... بلغني تأوه صوته المتلذذ.. بضع كلمات تنم عن الإعجاب والرضى.. أحنيت رأسي للوراء منتظرة وعيناي معلقتان بالسقف كأن الحل سيأتي من هناك. لم أفلت قضيبه من يدي.. رمى يديه خلف ظهري من جهة الخصر ونزل حتى صارت فلقتا مؤخرتي سجينتين في كفيه.. عصرهما فازداد حنيني إليه. هذه الحركة بالذات ترسخت في لا شعوري منذ بداية اللعب مع أولاد رئيس المحطة.. لم أعتد غيرها.. كلما وضع أحدهم كفه هناك أرتعش وأنسى الألم والخوف وكل العالم. لم أجرب بعد متعة الفرج لأقارن، لكني أعشق الجنس حينما تصفع كف العشاق مؤخرتي.. هذا فقط ما تعودت عليه. أحس كأن بداخلي بركانا سينفجر، أستعجل انفجاره دون رهبة.. أحس فتحة مؤخرتي تنبض وأتذكر أن الطبيب سيخلصني من بكارتي بعد قليل.. لعل النبض انتشر في كل مناطق حساسيتي لأن الطبيب بدأ يمرر أصابعه بين الفتحتين. لعله استنتج من ذلك أن حساسية مؤخرتي مرتفعة. يحاول توجيه الطاقة كلها نحو الأمام.. فجأة أحسست بحرارة لسانه تغزو عانتي وتنزلق إلى أسفل الحوض.. تحركت أضغط رأسه ليحتك برعونة وعنف وخشونة مع بظري وكسي.. بدأ صوتي يعلو وتذكرت أنين زوجة الرئيس.</p><p></p><p><strong><u>الفصل 3</u></strong></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p>ظهرت خبرته حينما رفع فخذي عاليا وضغط عليهما بقوة حتى صار رأسي ونهداي يطلون من بين الفخذين والساقين. دس رأس لسانه مباشرة في فتحتي التي برزت قبالة وجهه وتحت نظراته.. تأوهت شعرت بها تهتز وتنتفض مستجيبة لاستفزازه. غادرها لحظة لتهدأ ثم أعاد الكرة. ارتفع أنيني ولهاثي. كرر العملية مرارا حتى لم تعد ترتعش فانتقل اللسان ليستقر فوق جلدة البكارة التي بعثني زوجي لحضرته كي يفتضها. دفع بين الشفتين لسانه حتى شعرت فعلا أن حساسية فرجي ولدت وتشكلت هنا في جلسة الطبيب هذه. لم أصدق أن تلك النقطة العجيبة التي تشبه حبة الحمص يمكنها أن تشحن الجسد برمته بهذا الإحساس الجميل.</p><p></p><p>بدأت أتحرك رافعة وسطي مستعجلة.. نسيت سبب حضوري. حتى زوجي نسيته.. تخيلت أن رأس القضيب ضخم بعض الشئ وأنا أجسه بأصابعي، لكن تبين لي أنه مقدمة فقط تمتد وراءها كثلة مكتنزة من العضلات والأعصاب. لم يكن طويلا لكن قاعدته أثخن من المعتاد، كأنها قاعدة مثلث أو هرم يتضاءل حجمها بالتدريج كلما نزلت أصابعي جهة الرأس.. أول مرة يجري اللعاب بغزارة في فمي بسبب الرغبة في ابتلاع قضيب ذي بنية حديدية كهذا.. لم تعد أصابعي المحيطة براسه تفي بالغرض وتطفئ اللظى والعطش لأنه أخذ يوجه المثلث نحو فمي، كما لو أن خبرته تقرأ ما أحس وأفكر فيه. لساني يتلهف غارقا بالريق والمخاط.. فتحت شفاهي وفمي إلى أقصى حد أقدر عليه. ألعق الرأس وأستدير حول الجدع هابطة بلساني إلى قاعدته ثم خصيتيه.. ألحس البيضتين وأعود متلهفة نحو الرأس.. كان أكثر حرارة مخملي الملمس. أمد لساني إلى الخارج موسعة فضاء الفم كي يستطيع الرأس أن يملأه مطلا على فتحة الحلق واللهاث.. يده تضغط رأسي كي لا أتراجع فتتوقف أنفاسي وأختنق.. خداي يتمزقان مع ازدياد ضغطه. يتأوه وتحيط سبابة يده وإبهامها بثقبتي أنفي لأتنفس من فمي.. لم نعد معا قادرين على الصمود. سيول لزجة تملأ تحتي. أصابعه تنزلق بسهولة بين الفخذين والشفتين. تعلقت بعنقه حين مرر القضيب مرارا صعودا ونزولا بين الخرم وشفتي الكس. بدأت أغرق أظافري في عضلات ظهره حين تكرم علي أخيرا بوضع رأس القضيب فوق بيت القصيد متجاوزا حدود الشفتين. لم يفلت قضيبه من يده. يدفعه بهدوء مدروس ثم يتراجع وأنا أكاد أبكي من الشهوة لا من الألم. كرر الضغط والتراجع مرات عديدة. فجأة انفجرت مرتعشة غارقة في عرقي.. كل عضلاتي وحتى رقبتي ورأسي وأصابع رجلي ترتعش بدون إرادتي.. في خضم الانفجار أحسست بوخز بسيط وإذا بالعضو يخترقني إلى النصف. كان صدر الطبيب يضطرب ويتنفس بصعوبة فوقي. شعرت بحرارة الامتلاء داخلي وقضيبه يرقص بعنف، يكاد ينفجر بدوره. أحطت ظهره بفخذي وعنقه بذراعي. تركته يزحف بصعوبة بداخلي وأنا أرتعش معه بين يديه. لكنه سل قضيبه بصعوبة عندما شعر باقتراب الانفجار.. كان ما يزال في قمة الانتصاب.. يستمني محاولا تفريغ حمولته من التوتر.. استدرت بدافع الغريزة دون تفكير ورفعت نحوه مؤخرتي.. وما كاد يقترب منها بقضيبه حتى سبقتني منجذبة إليه أكثر لتسهيل الاختراق. حانت اللحظة التي أودع فيها كل البكارات إلى غير رجعة. استغربت كيف تمكن من إخفاء المثلث كله بداخلي.. اندفع هائجا كالثور يتحرك فوقي، ما بين النزول والصعود. شعرت بقاعدته العريضة تشقني وتوسع ما بين الردفين. استمرت الارتعاشات تتراوح ما بيننا. أحسست عند ذاك أن تاريخ زواجي سيبدأ عمليا من هذا اليوم. دخلة فقدت فيها بكارتين دفعة واحدة. طيلة حياتي لم أسمع أن هناك فتاة تفقد بكارتها مرتين بمثل هذه الشهوة واللهفة.. شعرت حقا بما تحسه كل العرائس حين يتم الانتقال من مرحلة الفتاة إلى مرحلة المرأة الكاملة.</p><p></p><p></p><p></p><p>استراح فوق ظهري بعض الوقت حتى بدأ القضيب يتراجع متسللا إلى الخارج. تراجع بعد ذلك ذاهبا نحو المرحاض ليغتسل. بعد قليل سمعته يتحدث مع زوجي بالفرنسية.. عاد يحضنني من الخلف. لويت عنقي ليقبلني قبلة طويلة ثم قال:</p><p></p><p>= لا تنسي أني طبيب الشركة، أرجو ألا تذهب هذه الجهود عبثا... يسعدني أن أحتفظ بصديقة مثلك.. ستبقى العيادة مفتوحة أمامك وقتما تحبين. أخيرا لقد أوصيت زوجك ألا يقترب منك طيلة يومين. يجب أن تتركي الوقت الكافي للجرح ليلتئم دون مشاكل. مبروك لقد أصبحت امرأة كاملة.</p><p></p><p>أخذت فوطة أمسح به قطرات الدم الوردية من فوق السرير. لم تكن غزيرة لأن الفراش كان مغطى بالورق النشاف.</p><p></p><p>حضر زوجي ودخل مباشرة لغرفة الطبيب، لحقت أنا بغرفة الانتظار. كما فعل في الصباح، انتظرته لفترة لا بأس بطولها حتى غادر الغرفة مرفوقا بالطبيب. لاحظت أن هذا الأخير ينظر لي ويبتسم.</p><p></p><p>في طريق العودة، أمسك حسن يدي وبدأ يعصرها.. ظل صامتا وربما صدرت عنه تنهيدة. توقعت منه أن يسألني عن تفاصيل العملية لكنه لم يفعل. سألني فقط هل كان الطبيب لطيفا معي.. لم تكن عيادة الطبيب بعيدة ومع ذلك أوقف حسن سيارة أجرة ودعاني للركوب. أخذني فورا لحي بعيد نسبيا حيث يقع مركز المدينة. جلسنا في مطعم تناولنا فيه سمكا مقليا وسلطات لذيذة. ارتحت قليلا ثم تجولنا بين محلات راقية لبيع ثياب النساء والرجال، على الطريقة الفرنسية طبعا. في أحدها، انحنى حسن على أذني وهمس لي قائلا:</p><p></p><p>= أنت الآن سيدة بيت حقيقية. تسكنين في حي سكانه كلهم نصارى ويهود. ستكونين بزيك هذا مثيرة للشك والريبة. يجب أن نغير ملابسك وطريقة لبسك. لا يعقل أن تحتفظي بالجلباب وال****. أتركي ما يمس الماضي كله في الدولاب، إنه يصلح فقط حين تقومين بزيارة أختك أو أهلك. أخبرك أني اتفقت مع اليهودية صديقتك، كي تدرسك الفرنسية والحساب. أريد أن أكون فخورا بك.</p><p></p><p></p><p></p><p>نبهتني نصيحة زوجي إلى الوضع الذي أعيشه لأني كنت من قبل أعيش بلا تفكير أو تمحيص. كان من الطبيعي أن أصاب بصدمة مما سمعت. لم أتخيل أبدا أني سأرتدي لباسا مغايرا، من شأن هذا أن يبعدني عن انتمائي لأهلي وطبيعتي. هنا، كل نظرة أنظرها أو خطوة أمشيها أو أي صوت أسمعه بالنسبة لي هو مجرد حلم.. لم أشاهد سيارة في حياتي، فوجدت نفسي بغتة في جو يملأه الضجيج والصخب والعربات من كل الألوان والأصناف، لا تتوقف عن السير والزعيق. أضواء تتغير بسرعة لتنظيم السير. عشت غريبة في نقطة ما. لا لون ولا رائحة لها تميزها باستثناء الرياح والغبار والزوابع الصيفية.. أعرف فيها كل الناس لأن إحصاءهم سهل ومعدود. ليس بينهم سوى نصراني واحد قلما يراه الناس خارج المحطة أو البيت، حتى صرت الوحيدة بين نصارى وأجناس أخرى لا أعرفها.. هنا.. حتى زوجي لا أكاد أعرفه بما يكفي.</p><p></p><p></p><p></p><p>أمضيت الشهور الأولى غارقة في الخوف والانبهار. أسلم جسدي حين يطلب مني زوجي ذلك، وقد كان مقترا شحيحا في طلبه. حتى تساءلت عن سبب زواجه ما دام عاجزا عن القيام بمهامه كزوج إلى هذه الدرجة. حتى عمل البيت يقوم به بفرح وحده، ولا أجد ما أفعله سوى زيارة صالون اليهودية أو التجول في سوق الجملة، أتملى فيه بمشاهدة أنواع الفواكه والخضر التي لم أتعلم أسماءها بعد. كان حسن رغم ذلك يسألني على رأس كل شهر عن الجديد. فهمت أنه يريد الخلفة بسرعة. من كثرة انتظاره وأسئلته أخذني بعد ستة أشهر مرة أخرى لزيارة طبيبنا الشاب. مضت شهور عدة منذ زرناه أول مرة. رحبت بالفكرة لتعويض النقص وتفريغ التوتر الذي تراكم في جسدي.. تصنع حسن من جديد أمرا مهما ينتظره. خرج ولم يعد حتى كان الطبيب قد نقلني بطريقته إلى كواكب الدنيا كلها. ما إن وصل دوري حتى هجم علي بلا إذن يقبلني ويعاتبني، لأني نسيت زيارته حسب الاتفاق. اعتذرت له بكثرة الأشغال وأخبرته أني أدرس الفرنسية والحساب وسأضيف اقتراحه لمشاغلي.. ابتسم للجواب وهنأني.</p><p></p><p></p><p></p><p>قلت في نفسي، لو كان ما أعيشه هو الزواج لكنت تزوجت قبل هذا العمر.. يشحنني زوجي بمحاولاته اليائسة لفترة معينة قد تطول، تذكرني محاولاته أني أصبحت أنثى كاملة مفتوحة الشهية على الدوام. حتى إذا زغردت الشهوة في ملامحي، وفضحتني نظراتي، يقودني بإرادته لنفس الطبيب.. يتحدثان بعيدا عني ويفترقان. أدخل لتفريغ شحنة التوتر بهدوء واطمئنان. أستمتع بعلاجه السريع. قد يكون لزوجي عذره لكن طريقة تصرفه وتجاهله لما يحدث مع أنه يتابع كل شيء بالتفصيل، تزيد من هيجاني. تظهرعلي علامات واضحة كلما ارتفع ضغط الشهوة في دمي.. كنت مقتنعة أن حسن يعاملني كابنته لا كزوجته. يحممني بيده ويغسل شعري ويمشطه بحب وشهية. يأخذني بعد الظهر في جولات ويغرقني بالهدايا واللعب أيضا. ألبسني بذوقه تنورات قصيرة وقصت اليهودية ضفائري كما غيرت تسريحة شعري، حتى صار قصيرا على شكل تسريحة الشباب الذكور. لبست نظارات شمسية وبدأت أستعمل قبعات مستديرة تغطي رأسي وتخفي تحتها كل وسائل التجميل التي تدلني عليها صديقتي. لهذا كنت أذوب شهوة بمجرد أن يقترح علي مراجعة الطبيب لإعادة البحوث قصد التحقق من العقم، رغم أن النتائج كانت واضحة وصريحة تؤكده منذ عدة أشهر. لو تشاهدني أمي في لباسي الجديد لما عرفتني.. من العجب أن كثيرا من النصارى بسياراتهم كانوا يعاكسونني ويعرضون علي مرافقتهم طيلة النهار. اعتبرت هذا تأدبا ولطفا لا تحرشا.. وحينما أخبرت حسن، ابتسم وحذرني من ركوب سيارة لا أعرف صاحبها حق المعرفة.. كانت عيناه تفضحان سعادته القصوى عندما تظهر علي علامات الهيجان.. أحس أن بعض التغيير قد أصابه وأنه يتحمس أكثر لمعاشرتي دون فائدة تذكر.</p><p></p><p></p><p></p><p></p><p></p><p><u>1954 1955 كيف أصبحت امرأة وطنية مهمة</u></p><p></p><p></p><p></p><p>لاحظت في بعض الليالي أن جماعة من الرجال، مسلمين يزورون زوجي بين حين وحين. صار يدخلهم للبيت بعد أن كانوا يتصايحون خلف الجرارات أو بجوار جدران المراحيض.. يجتمعون ويرتفع لغطهم حتى وهم لا يشربون سوى الشاي بالنعناع.. يمكثون معه إلى حدود منتصف الليل أو قبله بقليل ثم يغادرون. لما سألته عنهم، وضع سبابة كفه اليمنى على شفتيه وأمرني بالصمت وعدم الاهتمام بشأنهم. وقد اضطررت لسؤاله بسبب أن أحدهم، وهو شاب أسمر خفيف الظل سبق له أن **** بي مرتين رغم أنه يعرف أني زوجة صاحبه. لم أخبر حسن بالحكاية تجنبا للمشاكل.. بعد مدة انقطعوا عن الزيارة فسألت ثانية عنهم. هذه المرة أجابني والأسف باد على محياه:</p><p></p><p>= لقد ألقي القبض على أحدهم فقرر الباقون تغيير مكان اللقاء.</p><p></p><p></p><p></p><p>أصابني الجواب بصدمة أكثر غموضا كأنه لغز.</p><p></p><p>= ولماذا ألقوا عليه القبض؟ هل سرق أو قتل؟</p><p></p><p>= من الصعب أن أشرح لك خوفا عليك. ما تسمعينه خطير جدا، لا أحد يجب أن يعرفه، حتى صديقتك أو أختك</p><p></p><p>= لماذا؟</p><p></p><p>= هؤلاء جماعة من الفدائيين، وقد اختاروني لسني ومعرفتي بالفرنسيين والخونة من المغاربة، و...</p><p></p><p>= وما معنى فدائيين؟</p><p></p><p>= هم رجال يقاومون الاستعمار ويسعون لطرد النصارى من البلاد. مسلحون وأحدهم شارك في وضع القنبلة الشهيرة بمقهى داخل السوق البلدي الذي تناولنا فيه السمك أنا وأنت يوم فقدان بكارتك... خلقت رعبا وذهب ضحيتها العديد من الفرنسيين.. قنبلة ألقيت تضامنا مع النقابي والمناضل التونسي فرحات حشاد..</p><p></p><p></p><p></p><p>ويحي، سلاح.. قتل ... قنابل ومسدسات.. أين وضعتني أمي يا إلهي؟</p><p></p><p></p><p></p><p>بعد أيام، زارنا الشاب الذي **** بي. لاحظت أنه يتنقل فوق دراجة نارية من نوع "موبيليت". وقف عند الباب يسألني عن زوجي:</p><p></p><p>= إنه نائم، تعرف أنه يشتغل ليلا، هل أوقظه؟</p><p></p><p>= لا. لا داعي.. أخبريه فقط أني سأزوره الليلة صحبة رفيق يعرفه. ثم ابتسم لي قبل أن يغادر.</p><p></p><p>أخبرت زوجي بعد أن صحا. حين حلت الساعة العاشرة ليلا، سمعت بعضهم يتحدث في الخارج فإذا هو الشاب ومعه زوجي ورجل آخر.. فتحت الباب لأتأكد. سلموا علي، ثم طلب مني زوجي أن أدخلهما إلى الصالة ريثما يتم جولته وسيعود سريعا. امتثلت له وأدخلتهم.. انسحبت بهدوء لغرفتي وتركتهما وحيدين.. كنت أدقق السمع لتبلغني بعض الجمل من حديث الرجلين. وقد فهمت كثيرا مما كنت أجهله عن زوجي، وعن المكان الذي نعيش فيه.. بعد رجوع حسن من جولته، سمعته يناديني:</p><p></p><p>= ..... تعالي، هؤلاء ليسوا غرباء. نحن عائلة واحدة.</p><p></p><p>قدم لي الشاب على أنه ابن سيدة كان جدي متزوجا منها ثم طلقها فهاجرت للبيضاء وتزوجت. ثم قام معتذرا لهما، لأن الحراسة لا تسمح له بالمكوث أكثر مما فعل.. اغتنم الشاب الفرصة وطلب لنفسه كأسا. خرج زوجي لعمله وأوصاني أن أهتم بالضيفين بعض الوقت لأنه سيعود بعد أقل من ساعتين، بمجرد خروجه سألني الشاب</p><p></p><p>= هل ما زال لديكم بعض الشراب؟ استجبت وأتيت بقنينة بيرة وضعتها أمامه. لم يكن الرجل الثاني يتحدث. ظل صامتا يحملق في وجهي متعجبا. وفجأة سألني ببراءة:</p><p></p><p>= هل أنت ابنة سي حسن؟</p><p></p><p>ضحك الشاب حتى كاد أن يشرق بسبب دخول جرعة الشراب في لهاته حتى منعته من التنفس... صفعه الرجل على ظهره وعنقه عدة مرات حتى استعاد تنفسه وهدوءه، وقال:</p><p></p><p>= إياك أن تعيد السؤال في وجود سي حسن لأنها زوجته.</p><p></p><p>= حرام عليه.. خرج الاستغراب من بين شفتيه بشكل عفوي دون تفكير..</p><p></p><p>التفت نحوي الشاب قائلا:</p><p></p><p>= هذا الشخص مطلوب من الشرطة وهو من مراكش. وقد جاء لنخفيه بيننا بعض الوقت.</p><p></p><p>سكت الشاب قليلا وهو يفكر ثم قال:</p><p></p><p>= مظهرك يشبه منظر النصارى، يستحيل أن يشكوا فيك.. هل تتقنين الفرنسية</p><p></p><p>= ليس بعد. قلت له، لأني أدرسها منذ شهرين فقط، لكني أفهم ما أسمع وأجتهد في الجواب. لماذا تسألني؟</p><p></p><p>= مجرد فكرة خطرت لي.. نحتاج أحيانا لمثلك. كثيرا ما تقام الحواجز بين الأحياء فيستحيل علينا القيام بمهامنا لكثرة التفتيش. كما تعلمين، كلنا نحمل مسدسات. قال هذا ومد يده تحت إبطه الأيسر وأخرج مسدسا وضعه على المائدة.. شعرت بهلع ينتابني. لكن نظرتي للشاب تغيرت. أحسست صوبه بنوع من التقدير والإعجاب.. خصوصا أن أمه كانت زوجة جدي يوما ما. فكان أن زاد اهتمامي به. قلت في نفسي هذا شاب **** مثلي. شجاع، وسيم، خفيف الظل وجرئ.. سيكون من الأفضل لي أن ألجأ إليه عند الحاجة بدل زيارة الطبيب تحت حماية زوجي. بالنسبة لحسن فالسهر مع هذا أفضل من السهر مع النصارى.</p><p></p><p></p><p></p><p>منذ تلك الليلة، لاحظت أن الشاب واسمه "إبراهيم أوحمو" صار يراقب تحركاتي كلما تجولت في السوق أو اقتربت من صالون صديقتي.. لا تفارقه دراجته النارية.. تجرأت بعد يومين وسألته:</p><p></p><p>= لماذا تراقب تحركاتي؟</p><p></p><p>= لا تهتمي.. أنا فقط أجمع بعض المعلومات عن الجو والصداقات والأماكن التي تنتقلين إليها.</p><p></p><p>= في هذه الحالة يجب أن أخبر زوجي.</p><p></p><p>= لا تعذبي نفسك.. إنه يعرف.. الآن انصرفي لا أريد أن يراني أحد بمعيتك.</p><p></p><p>تركني وعاد لدراجته.. بعد رجوعي للبيت، انتظرت حسن حتى صحا من نومه واغتسل لأسأله:</p><p></p><p>= كيف لم تخبرني أن زميلك إبراهيم مكلف بمراقبتي؟ ومن الذي كلفه بهذا؟</p><p></p><p>= لا يمكنني أن أخبرك لأن الموضوع سري، ليس من حقي التدخل فيه.. لقد تم اتخاذ القرار من الجماعة تمهيدا لمهمة ستكلفين بها قريبا..</p><p></p><p>= أية مهمة؟ ابتعدوا عني لا أريد العمل معكم.</p><p></p><p>= لقد وقع عليك الاختيار بصفتك زوجتي.. لك الحق أن ترفضي، لكن الرفض لن يكون في صالحك.. ستصبحين متهمة بالتعاون مع المعمرين.. ليس أمامك سوى القبول.</p><p></p><p>= في هذه الحالة، سوف ألتمس غدا من إبراهيم أن يشرح لي نوعية المهمة المطلوبة مني..</p><p></p><p>= إفعلي، يجب أن تلحي كثيرا لعله يلين ليوضح لك..</p><p></p><p></p><p></p><p>شعرت كأن الظروف نفسها تتصرف ضد زوجي.. فقد بدأت تزيل العقبات وتقربني من إبراهيم بعد أن شعرت بضعفي تجاهه.. كان الندم ينتابني قويا بعد أن قادني زوجي لزيارة طبيب الشركة أكثر من أربع مرات. لكن أعتقد أنه سيخف قليلا لأن إبراهيم **** قريب وصديق.. أعرف أن الذنب هو نفسه، لكن أثره لن يكون قويا مثل ذنب ناتج عن زيارة طبيب فرنسي.. طيبوبة زوجي ولطفه يزعجني. لا أفهم بالضبط لماذا يتصرف معي بهذه الطريقة. في كل مرة ونحن في الطريق للطبيب أتساءل كيف يمكن للحب الزائد أن يدفع زوجا لتقبل مثل هذه الهدايا.. أفكر في حماسه المفاجئ كلما دفعني لزيارة الطبيب وبعد مغادرته. أعرف أنه يعيش معي كل زيارة بجميع جسده، غير أنني أزداد حزنا وتعلقا به كلما سألني في نهاية الشهر " هل من جديد". لم أفهم سبب تعلقه بالخلف والحمل رغم يقينه من نتائج التحليلات السلبية حول العقم.. لكن الذنب يبقى ذنبا مهما حاولت التخفيف من تأثيره.. لا بد لي من حل.. ما دامت الحال على ما هي عليه، يمكنني دون خوف أو حرج أن أوجد طريقة أفتح بها الموضوع بصراحة مع زوجي.. حسن يعرف، وأنا كذلك، لماذا يقودني بنفسه للطبيب.. أكثر من هذا، أعرف لماذا يختلي به فترة معينة يوضح له فيها حالتي وشهوتي قبل أن ينصرف.. لم يعد للسكوت معنى، صار الأمر مسرحية، لن يحدث جديد لو تدخلت في طريقة إخراجها. على الأقل ألعب دوري فيها عن قناعة لا كسلعة مسخرة.</p><p></p><p><strong><u>الفصل 4</u></strong></p><p></p><p></p><p></p><p>صباح اليوم الموالي تعرضت لإبراهيم بمجرد أن لمحته، كنت شبه غاضبة. اقتربت منه لأسأله:</p><p></p><p>= كيف تقررون تكليفي بمهمة دون علمي؟</p><p></p><p>= بإمكانك الرفض لكن تمهلي قليلا لمصلحتك.</p><p></p><p>= لا أرى أي مصلحة في أمر لا أعرفه ولم أقرره.</p><p></p><p>= ألا يفرحك أن تقدمي خدمة بسيطة للوطن.</p><p></p><p>= وما علاقتي أنا بالوطن؟ الوطن لأهله وأنا لا أفهم حتى معناه. أنا بالكاد أفتح عيني لأرى وأفهم كيف أتعامل مع غيري.</p><p></p><p>= ولهذا تم اختيارك يا بطلة.</p><p></p><p>= لم أفهم شيئا ولست بطلة.. لا أحد شرح لي المطلوب لأفكر وأقرر</p><p></p><p>= لن تفهمي المطلوب من مجرد الشرح.. تحتاجين لرؤية بعض الأمور كما هي لتحكمي.</p><p></p><p>= إذن ما المانع لتطلعوني؟</p><p></p><p>= ما دام رأيك هو هذا، تفضلي خلفي فوق الدراجة. هل يمكنك الركوب؟.</p><p></p><p>حرك الدراجة حتى ارتفع ضجيج محركها. ارتمى فوقها وفسح لي جزءا وراءه لأقعد فوقه ففعلت. كان على العجلة الخلفية مواقع مخصصة لتستريح فوقها القدمان. أحطت وسطه بذراعي واتكأت على ظهره وهو ينطلق.. تمسكت به كي لا أسقط.</p><p></p><p></p><p></p><p>تقع الشركة في حي يدعى "درب ابن جدية"، وهو لا يبعد كثيرا عن محطة قطار الدار البيضاء وعن سوق الخضر المركزي. الحي برمته لا يبعد كثيرا عن مركز المدينة من الجهة الغربية. لكن الأحياء الشعبية البسيطة كلها تقع جنوب وشرق وشمال المدينة. هناك بالحي المحمدي، ودرب السلطان والحبوس والطليان ودرب اليهودي وما يليها حيث أسعار الكراء رخيصة، ولهذا يقصدها العمال والمناضلون البسطاء للسكن. كلهم مهاجرون من نواحي بعيدة. هناك بنى بعض التجار بيوتهم أو بنت شركات كثيرة بيوتا لعمالها.</p><p></p><p>ما إن ابتعد إبراهيم بدراجته قليلا حتى ركنها في زواية خالية وشبه مظلمة ثم طلب مني النزول.</p><p></p><p>= انظري هناك.. على بعد حوالي 600 متر. ماذا ترين؟</p><p></p><p>= ماذا أرى، ثمة دراجات كثيرة وسيارات ورجال.. ما الذي يفعلونه هناك، لماذا هم مجتمعون؟</p><p></p><p>= لا شيء.. دققي جيدا على هامش الطريق. هل ترين شيئا آخر؟</p><p></p><p>= هناك رجال شرطة.. لعل حادثة وقعت أو خصومات.. لا أعرف بالضبط</p><p></p><p>= لا. ليس كما تظنين. هذا هو الحاجز الأمني الأول.. هناك غيره كثير</p><p></p><p>= وما السبب في إقامة الحواجز؟</p><p></p><p>= الأمن يبحث عني وعن أمثالي.. هل تتذكرين حين وضعت مسدسي على مائدة الطعام أمامك؟</p><p></p><p>= نعم أذكر جيدا.. لكن لم أفهم بعد ما علاقتي أنا بكل هذا؟</p><p></p><p>= أنظري جيدا هناك. ألا تلاحظين أن الشرطة لا يفتشون النساء..</p><p></p><p>= فعلا.. لا أرى أي امرأة معهم</p><p></p><p>= أحيانا تكون بين الشرطة امرأة تكلف بتفتيش النساء.. من حظنا اليوم أنه ليس معهم أي شرطية. لكن الملاحظة الأهم، أنهم لا يفتشون المرأة الفرنسية أو اليهودية التي تلبس الزي الأوروبي. سيكون بوسعك أنت العبور بينهم ببساطة دون تفتيش حتى في وجود شرطيات. هل فهمت الآن؟</p><p></p><p>= فهمت، لكن ما هي ضرورة حمل السلاح باستمرار. ألا يمكنكم وضعه بالبيت لتخرجوا بدون خوف أو حرج؟</p><p></p><p>= السلاح جزء منا، هو وسيلتنا للكفاح والعيش. به نناضل ونحمي أنفسنا في حالة تعرضنا لأي كمين. نحن دائما على استعداد.</p><p></p><p>= وهل هناك أيضا حواجز في الجهة الأخرى؟ أقصد قريبا من الأحياء التي تسكنونها؟</p><p></p><p>= لا شيء يمنعهم من التجول بيننا ودخول بيوتنا والتعرض لنا حتى في غرف النوم متى أرادوا. ليس هناك مكان أكثر أمنا من حيكم لهذا اخترنا سي حسن ليساعدنا عند الضرورة. عنده نخفي بعض الهاربين من القضاء الفرنسي ريثما نجد سبيلا لتهريبهم إلى الشمال، وعنده نخفي قنابل ومسدسات كثيرة داخل بعض الجرافات التي لم تعد تستعمل. يسهل علينا إرسال أحدنا لحيازتها منه عند اللزوم.. وهو جزاه *** يتدبر أموره بالعقل. الآن سأتجه وحدي نحو الحاجز بدون مسدس، لأني سأتركه لديك. ضعيه تحت الحزام أو أي مكان آخر يريحك، سيكون عليك أن تلحقي بي عبر نفس الحاجز بدون خوف. لن يسألك أحد. إن ألقوا عليك التحية ردي عليها بالفرنسية واستمري في السير. لا تنظري نحو أي منهم. قد يكلمونك من باب التحرش لأن سنك ومظهرك يثيران الشهوة. عليك أن تبتسمي وترددي بعض كلمات الشكر لا غير. إلى اللقاء في الجهة الأخرى إذن.</p><p></p><p></p><p></p><p>حدث فعلا ما توقعه إبراهيم.. نظر لي أحد رجال الأمن مبتسما. لم يسألني وإنما نبهني لمخاطر التأخر في الجهة الأخرى. شعرت أثناء العبور أنني أنمو وأكبر في لحظة. كأني انتقلت من فتاة لعوب إلى سيدة عاقلة مسؤولة في رمشة عين.. التحقت بإبراهيم. أحسست وأنا أحضنه وألف ذراعي حول حوضه أني وجدت الرجل الذي خلق من أجلي.. دارت عجلة الدراجة ومعها دارت أفكاري وتخيلاتي بنفس السرعة. أخذني إبراهيم ليطلعني على ممرات وشوارع ودروب مكتظة بصغار يلعبون.. رأيت دكاكين البقالة وبيوتا مصنوعة من الخشب والقصدير.. فجأة بلغنا حي الحبوس.. توقفت الدراجة أمام مشهد غريب.. وقف جنديان لونهما أسود أمام باب كبيرة مزين بأقواس. على جانبيه مدخلان صغيران مقوسان. بدأ إبراهيم يشرح:</p><p></p><p>= هذان جنديان من السينغال. مكلفان بحماية الماخور..</p><p></p><p>= وما معنى الماخور، سألته. ابتسم وهو يتابع الشرح:</p><p></p><p>= الماخور عبارة عن محلات مبنية على شكل حوانيت. في كل منها فتاة من مختلف البقاع. يمكن للجنود ورجال الشرطة أن يتسلوا بهن مقابل أجر زهيد.. فتح الماخور خصيصا من أجل الجنود الأفارقة.</p><p></p><p>= وما هو دور هؤلاء الجنود؟</p><p></p><p>= سيطول الشرح، المهم أن فرنسا بحاجة إليهم عند الحاجة لقهر الاحتجاجات والتمردات. وقد وقعت هنا حادثة منذ حين بسبب خصومة شبت بين البنات وهؤلاء الرعاع.. مات فيها عدد هائل من الطرفين.</p><p></p><p></p><p></p><p>ألقيت نظرة من بعيد، كانت هناك فتيات صغيرات يقفن أو يتجولن بالداخل في انتظار الزبناء. تخيلت نفسي مكانهن فأصابتني رعشة باردة. هنا إذن يتخفف شباب فرنسيون من توتراتهم بينما الطبيب، ذو الحظ السعيد، ينتظر زيارة زوجي بسخائه المعهود كل شهرين أو ثلاثة. ترى هل يعلم أصحابه بحقيقته أم أن سلوكه معي لا يعنيهم؟ منظر بنات الماخور دفعني للتعجيل بمناقشة أمر تقديمي كهدية للطبيب في كل زيارة مع زوجي. زدت تمسكا بظهر إبراهيم فسمعته يقترح على تخفيف السرعة إن كنت خائفة من السقوط. ابتسمت لأني فعلا خائفة أن ينتشر خبر سقوطي المتعدد، الذي يحدث في كل مرة أتوجه فيها نحو الطبيب. كنت فقط بحاجة لاختلاق المناسبة المواتية كي لا أكون شديدة الوقع على زوجي ساعة المكاشفة.. سوف ألتمس منه تفسير تصرفاته كي أحتفظ له في القلب بقدر أدنى من الاحترام.. من يدري ربما تفضي المكاشفة إلى طلب الطلاق، فهل أنا مستعدة فعلا لتكسير القلة بزيتها؟</p><p></p><p></p><p></p><p>توطدت صلتي بإبراهيم. صرنا نلتقي كل صباح قرب السوق وأنا مثقلة بقفتي.. أشترط عليه فقط ألا يؤخرني كثيرا لأن حسن يستيقظ بعد الظهر وعلي احترام مواعيده. زوجي يتمتع برفقتي معه، وللصراحة أسعد كثيرا بحدبه وعنايته وأحس أني فعلا محبوبة وذات عائلة.. لو قدر لي أن أعمق صلتي بإبراهيم قد تتبدل أمور عديدة في حياتي.. لكنه رجل لا يخلط بين واجباته وبين أمور تافهة حسب رأيه.. لا يلتفت نهائيا لجمالي ومنظري، كأنني معه أفقد صورة الأنثى.. يجب كذلك ألا أبتعد كثيرا عن صديقتي اليهودية ما دمت مستفيدة من علاقتي بها. يجب ألا أتغيب عن درس الفرنسية والحساب لأن ما يجري يتطلب مني أن أتقدم بسرعة..</p><p></p><p>دراجة إبراهيم لا تشتكي.. تأخذنا كل يوم إلى فضاءات بعيدة. تعرفت على الكورنيش والمدينة القديمة وقاعات السينما.. عرفني إبراهيم على ممثلات مصريات على رأسهن، فاتن حمامة شبيهتي كما يقول، نور الهدى واسمهان وشادية وهدى سلطان.. كان أول فلمين أشاهدهما فلم "ظلموني الناس" وفلم" أخلاق للبيع" الأول بصحبة إبراهيم والثاني مع زوجي.. بدأت عديد من الأغاني تنساب وتتسلل إلى قلبي.. أحفظها رغم أني لا أفهم معنى الكلمات بشكل واضح.</p><p></p><p></p><p></p><p>كان من جملة ما تعرفت عليه بواسطة علاقتي مع إبراهيم، قضايا وأمور سياسية كثيرة.. بدأت أعي وأحس بمعنى الوطن.. نفي الملك والحوادث التي ترتبت عنه.. نشاط المقاومة هنا وهناك.. سمعت بوجود مدن وأماكن لم أسمع بها من قبل.. سكن الوطن في القلب ونما واتسعت ربوعه وجراحاته.. كل الناس الذين تركتهم في المحطة، أو الذين أراهم يتحركون من حولي صاروا من أهلي.. كرهت رئيس المحطة وصاحبه بوشعيب وزوجة أخي.. تعلمت بالسليقة والفطرة كيف أقسم الناس إلى فرق ومستويات.. حكيت لإبراهيم ضاحكة عن "ميشيل" وعن مدير شركة زوجي اللذان يتحرشان بي منذ أن وصلت. أخبرته عن الضيق الذي أحسه لأن زوجي غير قادر على حمايتي.. اشتكيت له من زوج اليهودية الذي يغازلني بدون خجل أمام زوجته. حتى صديقتي نفسها لم تفعل شيئا حين أخبرتها عن نية زوجها. ابتسمت وكان ردها غريبا حين ضحكت وفسرت لي الوضع على أنه طبيعي. قالت إن دينهما لا يمنع زوجها من التحرش بي. يحرم عليه أن يزني مع يهودية لكنه لا يحرم عليه مضاجعة ***** أو فرنسية.. وهي نفس الشئ. بل هي ذاتها حاولت مرة أن تدفعني لشرب البيرة بحضور زوجها، شعرت مرارا أنها تستدرجني بكل الوسائل لأقبل معاشرة زوجها. لم أعتبر ذلك غريبا بما أنها يهودية، خصوصا بعدما لاحظت أن من يعاشرهم يتأثر بأخلاقهم وعاداتهم، مثل زوجي نفسه الذي بلا خجل يستدرجني لمعاشرة طبيب الشركة. لولا تمنعي لوقعت أمور عديدة بفضل صديقتي.</p><p></p><p></p><p></p><p>قبل أن أجد الشجاعة الكافية لمناقشة ما يضايقني مع زوجي، وقعت أحداث عديدة في الحي. أحدهم قتل شخصا من جيراننا. كان يركب متن دراجة نارية من نوع "موبيليت" وراء صديقه وأطلق رصاصتين على الضحية فسقط قتيلا في حينه. سرعان ما تبين لي أن القتيل ليس فرنسيا بل يهودي. اتضح أنه "ميشيل" زوج صديقتي، ذاك الذي سبق أن اشتكيت منه أثناء مكاشفاتي مع إبراهيم.. تساءلت مباشرة هل يكون فعلها من أجل الانتقام من الملعون "ميشيل". لو صدق الأمر فإني لن أكون راضية ولا موافقة. لا أحب أن يموت أحد بسببي. ليس معقولا أن يقتل لمجرد أنه راغب في ساعة غرامية معي أو مع أي أنثى.. لو استشرت لفضلت قتل الطبيب الذي لا شك يحترف الفعلة مع زوجات العمال أيضا لأن إصابته بالهوس الجنسي لا يسمح له بالاقتصار فقط على زيارتي مرة كل شهرين أو ثلاثة.</p><p></p><p></p><p></p><p>امتلأت شوارع الحي وملتقيات الطرق بأفراد من الجيش والشرطة.. حتى الجنود السينغاليون بطرابيشهم الحمراء وأحذيتهم الثقيلة يذرعون الشوارع، يوقفون السكان والزوار، يفتشون الجميع بلا استثناء. فتشوني مرارا حتى تدخلت صديقتي وأبعدتهم عني، لكن آخرين قرب بيتي أوقفوني لولا أن زوجي شاهدني.. كان معهم شاب وسيم قيل لي إنه ضابط شرطة.. كلمني وصار يحاصرني كلما رآني ذاهبة أو راجعة من السوق.. حتى ضابط الشرطة هذا طمع في علاقة معي.. ظلوا جميعا بيننا قرابة الشهر ثم رحلوا نحو جهة أخرى..</p><p></p><p></p><p></p><p>خرجت كالعادة بقفتي من السوق. كنت لابسة لقميص أزرق ذي ياقة كبيرة بيضاء. مفتوح من جهة الصدر بحيث يقدم فرصة للنظرات الفضولية لترى الانحدار المفتوح ما بين النهدين. وسروالا خفيفا من ثوب لامع ملتصق يبرز صلابة الفخذين واستدارة الردفين كلما خطوت أو تحركت...اقترب مني شخص لا أعرفه. حدق في وجهي وصدري بنظرات مجنونة حادة جعلتني أرتجف خائفة. لم يكن إبراهيم حاضرا. دفعني الرجل بعنف نحو باب صغير مظلم خارج الباب الرئيسي للسوق، ارتطم رأسي بالباب لكنه لم يعر أي اهتمام لألمي. ثم قال وهو يضغط على أسنانه واللعاب يقطر من حافة فمه حتى خرجت الكلمات بشكل غير واضح:</p><p></p><p>= هل أنت ***** أم فرنسية.. ترددت قليلا</p><p></p><p>= إنطقي بسرعة لا تضيعي وقتي.</p><p></p><p>= ن ن ن نعم.. أنا *****، لماذا تسأل؟</p><p></p><p>= لا يظهر عليك أنك *****.. ما هذا اللباس؟ عودي للجلباب وال**** وإلا لن تلومي سوى نفسك..</p><p></p><p>وقفت حائرة لا أدري بماذا أرد عليه. لحسن حظي التفت فإذا بإبراهيم قادم نحوي. سلم علي ونظر للرجل:</p><p></p><p>= ماذا هناك؟</p><p></p><p>= لا شيء، كنت فقط أحذر هذه المرأة..</p><p></p><p>= دعها وشأنها.. نحن من كلفها بارتداء هذا اللباس.. من اليوم لا يهمك شأنها.. هل سمعت؟</p><p></p><p>= نعم.. ولكن..</p><p></p><p>= قلت لك لا تهتم. لا تتدخل في شأنها ابتداء من اليوم.</p><p></p><p></p><p></p><p>مهنتي الجديدة منذ اتفقت مع إبراهيم، صارت تتلخص في حمل مسدسه واللحاق به كلما تلقى أمرا بتنفيذ عملية ما. أتقنت التنقل وحدي في الحافلة أو سيارات الأجرة. اسلمه أداة القتل، مسدسا أو قنبلة صغيرة أو مجرد رصاصات ثم أختفي. كلفت مرارا بتمرير أشياء ممنوعة لبعض السجناء.. مواعيدنا تتم في نقط متنوعة. حدائق أو قاعات السينما وأحيانا في الحافلة نفسها.. أودعه لحظة وبعد إنجاز مهمته، نلتقي من جديد لأخلصه من حمولته. كنت دائما أحمل قفة التسوق لأخفي في بطنها ما أتسلمه. زوجي يتلقى الخبر. يسلمني الرصاص أو المسدس أو سواه، يوصيني بالحذر ويرافقني حتى أركب. صار الموضوع روتينيا حتى بدأت أمله وأتضايق منه.</p><p></p><p></p><p></p><p>فجأة بدأت أصر على حضور اجتماع المجموعة.. حضر اللقاء خمسة أفراد، زوجي وإبراهيم وأنا وشخصان آخران لم أرهما من قبل. لم يكن لقاء الجماعة يتم في مكان واحد باستمرار.. كان هناك تنويع وانتقال مستمر بين عدة نقط، من بينها بيتي. اكتشفت لأول مرة أن ثمة بابا مغلقا من مطبخ البيت، يوحي بأنه يؤدي لناحية مملوءة بقطع الغيار الفاسدة بينما هو يفضي إلى دهليز وأدراج تؤدي لمرأب أسفل البيت. به رفوف وفراش واسع وحمام. ليس به نوافذ أو فسحة تطل على الشارع. المكان في الأصل مخزن لتعتيق الخمر. تفوح بداخله رائحة الرطوبة والعفن. ما تزال به قنينات يعود تاريخها لسنوات عديدة. لم يكن يعرف بحقيقته سوى مدير الشركة و"ميشيل" ثم زوجي. حين نزلت أول مرة صحبة الجماعة، انضاف إلينا شخصان كانا في المخزن لم أكن على علم بإخفاء زوجي لهما هناك. أحدهما الرجل الهارب من أهل مراكش. زوجي حسن وحده يتكلف بنفقات الإقامة وتنظيم الدخول أو الخروج من المخزن.</p><p></p><p></p><p></p><p>دار النقاش خلال الاجتماع، بعد استهلاله بقراءة الفاتحة، حول عدد من المواضيع. تناول زوجي الحديث أولا ليخبرنا عن نسبة تنفيذ مهام صدرت فيها أوامر من قبل.. لم يكن راضيا لأن تشديد الحراسة وتقوية الحواجز بين الأحياء، وصعوبة التنقل بين المدن حال دون تنفيذ الكثير من التعهدات. هذا التعطيل، حسب زوجي، يزيد من تعنت بعض المتعاونين مع المستعمر ويعطيهم فرصة التشكيك في قوتنا وطبيعة عملنا.. عملية محاربة التدخين ومقاطعة المنتوجات الفرنسية، التي صدرت مؤخرا أوامر بصددها، غير مرضية بدورها. بناء على ذلك تقرر الشروع في قطع آذان كل من يرفض هذه الأوامر بين السكان المغاربة، وكذا تم الاتفاق لأول مرة على تنفيذ حكم تمزيق شفاه من يرتادون خمارات النصارى، وقتل بعض المتعاونين المغاربة مع الشرطة الاستعمارية مع تحديد أسمائهم، وأمكنة تواجدهم. تنفيذ هذه الأوامر يعيد الهيبة للتنظيم ويجعل المواطنين مؤمنين بأهمية استمرار المقاومة. هنا تقرر إشراك من هم في وضعية الاختفاء للمساهمة في تنفيذ عمليات القتل.</p><p></p><p>تساءلت من أين لحسن بكل هاته المعلومات وكيف جمعها.. استنتجت أن وضعيته في التنظيم أهم من بقية الحاضرين.</p><p></p><p>بالنسبة لي كلفوني بزيارة السجن المحلي لتبليغ أوامر وأموال لمناضلين سجناء ينتظرون المحاكمة، تقرر العمل ليتم تهريب بعضهم بوضع كمين أثناء نقلهم خارج المدينة نحو سجن آخر يبعد عن المدينة بحوالي ستين كيلو. تساءل إبراهيم عمن سيتكلف بالحصول على موعد نقل السجناء بالضبط، لكن حسن نظر إليه باستغراب وذكره بأن هذه المهمة سيتكلف بها أفراد جماعة أخرى. ختمنا اللقاء بالاتفاق على ضرورة التنسيق مع جماعتين من المناضلين ينشط أعضاؤها في مدينة مجاورة، إحداهما تقع في المدينة التي يقع فيها السجن المفروض أن السجناء سينقلون إليه. وقد تكلف زوجي بالعملية.</p><p></p><p>عند انتهاء اللقاء الرسمي، سمح لي بالتدخل. بدأت حديثي بسؤال شخصي:</p><p></p><p>= هل أنا البنت الوحيدة في ساحة النضال؟ أجابني إبراهيم:</p><p></p><p>= لا، لست الوحيدة؟</p><p></p><p>= وكيف لا ألتقيهم ولا يسمح لي بمعرفتهم؟</p><p></p><p>= لأنهن موجودات في أحياء بعيدة، وظيفتهن هناك مختلفة وأكثر نفعا.. ستتعرفين على بعضهن قريبا لأننا سننظم في حيكم مسيرة للتنديد بنفي الملك والمطالبة بعودته. ستنطلق المسيرة من داخل السوق المركزية للخضر..</p><p></p><p>= هل يمكنني المشاركة فيها؟</p><p></p><p>= لا ليس ممكنا لأن حضورك فيها يعطي للشرطة فرصة التعرف عليك، ووضعك تحت المراقبة، وفي هذا خطر علينا جميعا.</p><p></p><p>= وهل يمكنني الآن تقديم شكاية شخصية، أقصد عن أمور تضايقني في حياتي الخاصة؟</p><p></p><p>= مع الأسف لا. لدي صورة تقريبية عما تودين الحديث عنه. لو كان ذلك يخفف عنك دعينا أنا وحسن وأنت نحل المشكل بطريقة عائلية. أعتقد أن ثمة سوء تفاهم فقط.</p><p></p><p>= لكني لست مرتاحة ما لم أفضفض وأفرغ ما بداخلي</p><p></p><p>= أرجوك. دعي الموضوع إلى الغد، صدقيني سترتاحين.</p><p></p><p></p><p></p><p>انفض اللقاء. تركنا المختفيين بالمخزن. ثم انسل عضوان واحدا وراء الثاني، يفصل بينهما عشر دقائق. بينما صعدنا، إبراهيم ثم زوجي وأنا، إلى الصالون.. كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بقليل. صار الخروج والتنقل بين الأحياء خطيرا، لهذا طلبنا من إبراهيم أن يقضي ما تبقى من الليل صحبتنا. حاول التملص لكن زوجي ألح عليه. أعددت بسرعة براد الشاي بالنعناع وجلسنا نكمل حديثنا التماسا للنوم.. فجأة نظر إبراهيم إلى زوجي وقال:</p><p></p><p>= ما رأيك سي حسن أن ننهي موضوع قلق المدام هذه الليلة؟ اليس من حقها أن تعرف الحقيقة كاملة؟</p><p></p><p>= حسب ما أعرفه عن مزاجها الصلب فإنها لن تقبل تفسيرات الحركة. أجابه زوجي.. في حين أسرعت بالجلوس منتبهة بكل مشاعري لما يقال</p><p></p><p>= المهم أن نزيل ثقل المسؤولية عن أنفسنا.</p><p></p><p>= إشرح لها أنت سي إبراهيم اعفني أنا من الموضوع.</p><p></p><p>= طيب.. أرجو أن تنتبهي جيدا لكل ما سأقول.. هذه الأمور خارجة عن نطاقنا أنا وزوجك، لقد كان القرار صادرا من أعلى مستوى من قيادة الحركة..</p><p></p><p>لقد كان والد سي حسن موظفا مهما بالشركة. عندما أصيب بمرض خطير أقعده عن عمله، تم تشغيل زوجك مكانه لكي لا تضطر الشركة لدعوته لإفراغ البيت، شريطة أن يتزوج لتقوم زوجته بأعمال تنظيف المكاتب الإدارية للشركة.. وقد صادف أن عرضت عليه أمك الزواج منك، بعد زيارته لها هناك في بيت أخيك.. بعد رجوعه أخبرنا عنك وعن محنتك مع زوجة الأخ، وما قد تتعرضين له من القواد بوشعيب وأخته، حيث كان مؤكدا أنه سيدفعك هدية سهلة لرئيس المحطة، ليقضيا من ورائك عدة مصالح.. أصبح زواجه منك هو الحل الوحيد.</p><p></p><p>سكت قليلا ليتأمل وقع كلماته علي.. احتسى جرعة من الشاي وعاد يتكلم بعد أن تأكد من اهتمامي:</p><p></p><p>المهم جئت هنا على أساس أنك زوجة سي حسن.. الجميع لاحظ سنك والفارق الكبير بينكما. زيادة على أن ما سمي زواجا لم يكتمل.. ولكي تفهمي ما أعني بالضبط، اسمحي لي أن أسألك، هل تملكين عقد نكاح مسجل؟ لا أعتقد، حيث بقي زواجك عرفيا مبنيا فقط على قراءة الفاتحة مع الأخ بصفته ولي أمرك.. ثم سافرت بدون أي عقد.</p><p></p><p>هنا، بعد أن بعثنا للحركة تقريرا مفصلا عن شكلك وإمكانياتك وسنك.. صدر أمر بالتراجع عن إتمام الزواج ولحسن الحظ لم يكن سي حسن قد دخل بك، أو هذا ما تم تسجيله بالتقرير على الأقل. لهذا لم يكتب عليك.</p><p></p><p>تركنا الوضع بالنسبة للشركة كما هو، أي على أساس أنكما زوجان.. لكن في الحقيقة أن سي حسن كان مكلفا فقط برعايتك وحمايتك ريثما تتدبر الحركة مصيرك.. فقد برزت خطة جديدة بنيت على أساس إعدادك لتتقمصي دور جاسوسة تبعثها الحركة في مهام محددة..</p><p></p><p></p><p></p><p>أما الموقف الذي لم يرقك، وهو المتصل بزيارات الطبيب، فقد لعب فيها سوء حظك دورا أساسيا.. لأن الطبيب عضو مهم في الحزب الشيوعي الفرنسي بالمغرب. وهو مساند لكفاحنا ضد الاستعمار.. يتعاطف مع السحناء وكافة المناضلين. وقد ساعدنا في تأسيس فرع نقابي تابع للحزب الشيوعي.. كما أنه يقوم بدور الوسيط بيننا وبين عدة محامين فرنسيين يتولون مجانا الدفاع عن المعتقلين من الحركة.. وسنحاول عن طريقه معرفة موعد نقل الإخوة السجناء إلى سجن مدينة "موغادور" في حال تعذر علينا الوصول للموعد بوسائلنا الخاصة. وكان من أفضاله علينا أنه تدخل عدة مرات لفائدة فدائيين جرحوا برصاص العدو ومنهم سي حسن نفسه الذي أصيب برصاصة استقرت في ذراعه الأيمن. حيث كتب علينا ذات مرة أن وقعنا عند العودة من أحد اللقاءات كان منظما بمدينة فضالة، في فخ نصب على مستوى مدخل الدار البيضاء، بحي عين السبع. لهذا تعتبر الحركة أن ما حصل بينك وبين الطبيب أمرا جاء في حينه لإرضائه وتأكيد رغبتنا في التعاون معه ومع حزبه، وفي نفس لإعدادك لأدوار أكبر عن طريق تخليصك من البكارة. اعتبرنا الأمر في مصلحتك لأسباب موضوعية وكذا بعد أن اشتكى سي حسن من عجزه الجنسي وفشله في تلبية حاجتك. لقد كان ترددك عليه فيما بعد يدخل في نطاق خطة إعدادك كنوع من التدريب الفعلي لمثل تلك المواقف المحرجة.. من أجل الوطن كل التضحيات مطلوبة بما فيها زيارتك للطبيب أو لغيره.. لهذا، أرجو ألا تحملي مسؤولية ما وقع لهذا الرجل المسكين أمامك، لأنه مظلوم أكثر منك، جنى عليه موقعه كما جنى عليك موقعك وشكلك.</p><p></p><p>باختصار، هذه قصتك مع التنظيم. لحد الساعة تعول الحركة على نضجك وعلى إتمام عملية تكوينك. لأن تعليمك الفرنسية والحساب تدفع الحركة نفقاته وليس سي حسن. قريبا ستتلقين دروسا في فن الرقص الشرقي وفي أمور أخرى مثل التصوير والتسجيل وإطلاق النار وتكوينا سياسيا أيضا ورياضيا، بطرق مختلفة. هذا جزء مما أعرف أنا وزوجك. سيتم استدعاؤك عما قريب لمقابلة شخص مبعوث من الحركة ليفهمك أكثر مما سمعت الآن.</p><p></p><p></p><p></p><p>بعد سكوته نظرت لزوجي الذي كان مطرقا برأسه كأنه غير معني مثلي بهذه القصة. أصابني دوار وحيرة.. خطة، تدريب، رقص وتعليم.. اعتقدت دوما أني مخيرة أتسلى بما أتعلم وأعمق صلتي باليهودية فإذا كل ذلك واجب سينتهي بتحمل مسؤولية لا أعلم لحد الساعد نوعها ولا طبيعتها.. أردت أن أعرب عن الاحتجاج والرفض لكل ما سمعت، لكني عجزت عن الكلام.. لن يسمح لي بأي تراجع ما دامت الحركة تضعني فوق سكة سرية غير مرئية تقودني لمصير مجهول لا أتحكم فيه.. مصير جعلني وسيلة ولعبة تصفي بها الحركة حساباتها مع الأعداء.. ولعل ما سيأتي أخطر وأعمق. شيء واحد تمكنت من قطعه والاعتراض عليه:</p><p></p><p>= هل يجب علي دائما الاستجابة حينما يحين وقت زيارتي القادمة للطبيب؟</p><p></p><p></p><p></p><p>ابتسم الرجلان من السؤال، ونطق حسن أخيرا:</p><p></p><p>= لا.. لست ملزمة، لكن قد توجهين حسب نفس الخطة، بعد إتقان اللغة الفرنسية لمستويات أعلى. هناك مسؤولون فرنسيون ذوو سلط إدارية وقضائية وأمنية محط أنظار التنظيم. نحتاج إما لتعاونهم أو للانتقام من بعضهم. ستكونين ضمن كتيبة من ثلاث فتيات تسلطهن الحركة للتجسس عليهم ومعرفة برامجهم ونواياهم. هذا يتطلب وقتا طويلا نسبيا. في انتظار بلوغ التوقيت المطلوب، سنفكر كالعادة في وسيلة تناسب المستوى والذوق، هذا إن كنت راغبة في تخفيف توترك.. من شروط الخطة أن تتحكمي في أعصابك وتركيزك وهو ما يفرض أن نهتم بكل احتياجاتك حتى النفسية والجنسية لو استدعت الضرورة..</p><p></p><p>= وهل تدعون لي حرية الاختيار؟</p><p></p><p>= لا. من غير الممكن أن يسمح لك بأية حرية.. أي تحرر قد يسقطك في علاقة حب حقيقية.. وهذا شيء خطير ومرفوض تماما. الآن جاءت ساعة النوم. وراءنا أشغال ومهام صباح غد.. هيا بنا إلى الراحة.</p><p></p><p>حدقت عيناي في وجه إبراهيم كأني ألتمس عونه.. اغرورقت عيناي وبدأت أبكي بصمت. تناول حسن فوطة كان يضعها فوق ركبته وحاول مسح دموعي.. كان إبراهيم بدوره يبكي في صمت ويحدق من وراء دموعه في وجهي.. أذكر أن يده ربتت على ظهري قبل أن تلتف حول كتفي لتواسيني.. كنت بحاجة لأي صدر يحضنني. أحسست برعشة وأنا أسند رأسي فوق كتفه. تردد قليلا قبل أن يحضنني لأغرق وجهي تحت جناحه.. كانت رعشته ودقات قلبه تدل على أنه يتنفس بصعوبة. تناول نفس الفوطة ليخلط دموعه بدموعي.. مرر كفه تحت ذقني حتى خلت أنه سيقبلني. لكنه قبل جبهتي ودعاني للصبر والخلود للنوم.</p><p></p><p><strong><u>الفصل 5</u></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>رغم الدموع والبكاء، شعرت بنار حارقة تضطرب بداخلي، بعد أن ألقى فيها إبراهيم براميل مملوءة بالغاز والنفط.. لم تعد هناك إمكانية ولا فائدة في التمنع والرفض.. الصمود لا يجدي.. تذكرت أمي التي ولدت وترعرعت في بيئة قاسية. كانت تقول لي حين أصرخ أو أبكي.. أنظري جيدا يا ابنتي ماذا يحدث للأشجار الشامخة التي تصمد في وجه العواصف والرياح.. إنها تتكسر وتقتلع العواصف جذورها وتموت، أما أعواد القصب الضعيفة فإنها تنحني لتقف قوية شامخة بعد مرور العواصف العاتية فوقها.. الصمود يقتل القوة الخارقة أحيانا.. هذا العالم لا يعيش فيه إلا الأذكياء، ثمة فوارق شاسعة بين القوة والذكاء.. هناك مثل يا ابنتي يقول: "إذا ارتبكت الرؤية وغطى الضباب عينيك، فعليك أن تجلسي قليلا لتستردي بصيرتك وتتضح الرؤية أمام عينيك" وقد كان ذلك ما عولت على فعله ريثما تتضح الأمور أكثر..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مرت ثلاث سنوات على ما سمي زواجي.. يئست من الخلفة والحمل بعدما أكدت التحاليل أني عاقر.. اشتقت لأمي وأخي، أما أختي فهي معي في نفس المدينة وبينما انشغلت هي عني بأولادها الأربعة، انشغلت أنا عنها بإبراهيم ومهامي ضمن التنظيم الفدائي.. يقترب عمري اليوم من سن الثمانية عشر إذ لم يبق لي سوى شهرين أو ثلاثة.. لم يعد ثمة أي علاقة بين الفتاة الساذجة التي قدمت من محطة بدون اسم إلى عالم لا يرحم.. وبين السيدة التي أمثلها في تلك اللحظة.. علاقتي بإبراهيم تقتصر فقط على بعض المهام المحدودة. تفكيري انتقل لأمور أنتظر قدومها وإن كنت لا أعرف عنها شيئا.. تحسنت لغتي الفرنسية. أصبحت قادرة على اقتحام غمار نقاشات سياسية. كان زوجي وإبراهيم والمذياع واليهودية صديقتي، هم مصادر الأخبار عندي.. حتى الطبيب، بعد مرور عدة أشهر دون أي زيارة من طرفي فاجأني بإطلالة إلى الشركة، بحجة فحص بعض العمال.. فزعت لرؤيته لكنه طمأنني. قال محذرا، إن ظروفا أشد قسوة قادمة وعلي أن أكون حذرة أكثر في جولاتي بالمدينة. سألته التوضيح لكنه ادعى أنه لا يعرف التفاصيل ثم ذهب..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في المساء، رويت لزوجي ما سمعته من الطبيب. بدأ يجري عدة اتصالات بالهاتف. حين وضع السماعة عاد نحوي ليعيد علي ما توصل به من معلومات:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= فعلا، كلام الطبيب صحيح.. هناك حملة قوية ضد التنظيم والحركة.. عدد كبير من المعتقلين على راسهم قيادة العمل السياسي للحزب "..أ..". لحسن الحظ أن قيادة الحزب المنافس "..ب.." لم يتم اعتقالهم لأنهم فروا جميعا إلى المنطقة الواقعة تحت حكم الاستعمار الاسباني بالشمال. هم الآن يسهرون على تدبير العمل الوطني وعمل المقاومة من هناك. المطلوب الأساسي هو الحذر وتجميد المهام العنيفة ريثما ينجلي الضباب.. ركزي على الرياضة ودروس الرقص والتحدث بالفرنسية ولا تعيري أهمية لما يحدث..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في خضم هذه الأحداث، حظيت بمفاجأة جميلة، إذ زارني أخي وأمي لقضاء يومين أو ثلاثة قبل زيارة أختي وزوجها. حدثتني عن أخبار المحطة وأهلها.. هاجر أبناء الرئيس لفرنسا بعدما كبروا.. عادت زوجته من مدينة الفوسفاط إلى بيتها.. انتهت صلاحية بوشعيب فطرد من عمله ثم اختفى من الوجود. الرئيس نفسه صار ينتقل هنا وهناك عند أصدقائه رؤساء المحطات الأخرى متى نظم أحدهم سهرة.. سبحان مبدل الأحوال.. زوجة أخي صارت أما لولدين وبنت واحدة. هي اليوم عاملة مساعدة لزوجة الرئيس بعد أن كانت ترقص وتغني وتسكر في نفس البيت..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مسألة العقم عقدتني وغيرت أمورا كثيرة في حياتي.. ارتفعت شهوتي للجنس حتى أصبح كل رجل وسيم أصادفه في الطريق مشروع زائر أكاد أمد له يدي لأسحبه ورائي.. حكاية زوجي لم تعد تسبب لي أي مشكل.. لن أخفي أني راودت إبراهيم عن نفسه مرارا.. ليس ذلك بسبب الجوع وحده.. خيل لي أن كثرة الممارسة بطريقة الإيلاج العميق قد تحدث مفاجأة، لأن فرص المني القوي لبلوغ عنق الرحم كبيرة مهما بلغت درجة كثافته. سألت اليهودية عن أفضل الأوضاع لضمان تخصيب البويضة فنصحتني بوضعية الكلبة والإيلاج من الخلف. قالت إنها تضمن للقضيب أن يصب حقينته مباشرة في سقف الرحم.. أتأمل مباشرة أحواض الرجال، وأتخيل الباقي. أفكر باستمرار في الجنس، وكلما ركبت خلف إبراهيم فوق دراجته النارية، أحيطه بذراعي وأترك أصابعي تتلصص تحت حزامه.. نهرني مرارا وأحيانا يغضب ويطلب مني أن أركز على العمل بدل تضييع الوقت فيما لا يفيد. لكني اغتنمت صراحة أول فرصة أتيحت لي للدخول إلى الغرفة التي يكتريها فوق سطح أحد المنازل، لأحاول إقناعه بمضاجعتي.. قلت له منفعلة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لماذا تتجاهلني هكذا دائما؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تعرفين أنك ممنوعة علي بسبب عملنا. لولا العمل لكنت تزوجتك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وأنت أول من يعرف أن الزواج ممنوع بالنسبة لي أيضا،</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لديك سي حسن وإذا لم تكتف به فهناك الطبيب</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تستهزئ بي أرجوك. دع عنك سي حسن فهو ضحية مثلي، أما الطبيب فقد أقسمت ألا يلمسني بعد الذي مضى. أظن أن من حقي أن أنبسط وأتنفس وأعيش في انتظار عودة القيادة لأتوصل بأوامر جديدة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما دمت متوترة وهائجة لهذه الدرجة فلماذا لا تصارحي سي حسن في بيتكم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أصارحه بماذا؟ هل تقصد...</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نعم، أقصد أنني لن أرضي شهوتك بدون علمه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما دام هذا رأيك، دع الموضوع على حسابي، سأجس نبضه الليلة، وأقترح عليك أن تتعشى وتقضي الليل معنا. لو وافقت يمكنني أن أصارحه هذا المساء، اتفقنا؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= اتفقنا..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>عدت للبيت، عندما استيقظ زوجي من نومه بعد الظهر، أخبرته بأن إبراهيم سيتعشى الليلة معنا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أحنى رأسه ينظر للأرض ولم ينبس بكلمة. هل كان يتوقع مني أن أفعلها مع إبراهيم؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لم تجبني، ما هو رأيك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إبراهيم ليس ضيفا، نحن نرحب به متى شاء.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>تلقيت موافقته بسرور كبير. دخلت الحمام لأغتسل وأتهيأ لسهرتي. كنت في قمة الفرح وظهر أني تعلقت بإبراهيم حتى بدأت اشك أني وقعت في حبه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>حضر ضيفنا قبيل المغرب. نزل إلى المخزن لفترة ليسلم ويتحدث قليلا مع الضيفين الهاربين. لم يصعد حتى حل موعد العشاء. كنت في قمة زينتي مما جعل إبراهيم يبتسم. اغتنم غياب زوجي خارج البيت لقضاء حاجة ليسألني:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل كلمت زوجك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سوف أكلمه بحضورك، ما عليك سوى الصمت والانتظار.. يبدو أنه مستعد لحل هذه العقدة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>فعلا عاد زوجي.. تعشينا وشربنا كؤوس الشاي.. تحدثنا عن الجديد في السياسة. ترددت لأني ما زلت أبحث عن المناسبة.. طال الانتظار، فجأة تنحنح زوجي، وأخذ يتحدث:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سي إبراهيم. تعلم أنك مثل ابني لو كنت تزوجت في سنك. وتعلم أن الأخت هذه مثل ابنتي وأن زواجي منها صوري.. وتعلم أنها عاقر وأني لا ألبي رغبتها.. لا حياء بيننا في هذه الأمور طبعا.. شعرت منذ شهر تقريبا أنها تغيرت ولم تعد تركز في عملها.. لقد حفظت كل عاداتها.. من قبل، كنت أقودها بنفسي لزيارة الطبيب. أحدثه عن أسباب الزيارة، أتركهما ساعة أو أكثر ريثما يقوم بالواجب لتخفيف توترها. أعود لأجدها شبه نائمة بمزاج هادئ وسعيد.. الآن، وقع اختيارها عليك. فهل...</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سي حسن، تعرف أن بيننا التنظيم والعمل. يسرني أن أعتني بها لكني أخاف أن يعلم أحد سوانا بالأمر. أنت تعرف العواقب. لهذا لو أقسمت لي ألا تكلم أحدا عن اتفاقنا اليوم فإني سأعتني بها حتى تعود القيادة ويصدر في حقها قرار جديد</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هو كذلك، أعدك أني سأكتم الأمر، الآن أهنئك وهي كذلك، تستحقان بعضكما.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>تسربت لجسدي موجة طافحة من الفرح وإن حز في نفسي موقف زوجي وشهامته. مهما يكن فهو زوجي بالعرف. قلت لهما:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= انتظرا، لقد قضيت زهاء ثلاثة أعوام في حضانة سي حسن بناء على قراءة الفاتحة. وبما أنه اليوم يتنازل عني صراحة فعلى الأقل، سنعتبره كشاهد، لنجعل من هذه الليلة مناسبة رسمية يتحول فيها العرف من سي حسن إلى إبراهيم. لهذا علينا أن نقرأ الفاتحة من جديد، و*** غفور رحيم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بعد الانتهاء من القراءة، قادنا سي حسن إلى غرفة النوم. لمعت عيناه كأن دمعة تنساب منهما. الألفة أشد من الحب كما يقال. كبر وزادت قيمته في نظري.. قدرت مرونة تصرفه النبيل. نظرت إليه واقفا عند الباب. فوجئت تحت حزامه بنتوء ظاهر.. هل يكون قضيبه منتصبا؟ لو صح هذا فمعناه أنه ما زال طامعا في الاحتفاظ بي وعودتي إلى حضانته في أية مناسبة، وأن وجود شخص أقوى منه معنا يثيره.. لا يهمني المستقبل لأني ركزت منذ أيام كل تفكيري على إبراهيم.. يجب أن أطرد توتري وأشبع جسدي أولا ثم نرى ما ستأمر به الحركة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>التفت زوجي الأول راجعا للصالون بينما انحنى الزوج الثاني ليحملني كدمية بين ذراعيه. مددني على الفراش. شعر بلهفتي عندما بدأت أنزع ثيابي وأرميها قطعة هنا وقطعة في الزاوية البعيدة. فجأة خيل لي أن خيالا ما يتحرك قرب الباب. نبهت إبراهيم لكنه لم ينتبه. كان الظل يظهر ثم يختفي. تركت إبراهيم تائها يكتشف تفاصيل جسدي دون أن أغفل عن تتبع حكاية الخيال. تأكدت أن سي حسن يتابع المعركة بفضول عن كثب. لعله يريد أن يتأكد أن زميله يختلف عنه في الهيجان وينجز المطلوب على أكمل وجه.. دامت المقبلات دقائق طويلة دون أن يرحل الخيال.. هو ولا أحد سواه... كل هذا وإبراهيم غارق في بحري يكاد يفقد أنفاسه.. بلغت مرحلة الضياع فأغفلت متابعتي للخيال.. أغمضت عيني لأشعر بحرارة الهدية التي طالما انتظرتها.. فقدنا معا علاقتنا بالمكان ومشاكله.. نسينا وجود حسن.. وسرعان ما خطر ببالي أن من حقه أن يراقبني.. ليس من العدل أن أحرمه أخيرا من الاستمتاع بمن كانت قبل ساعة واحدة زوجته، ولو بالمراقبة.. حصل علي بالشهود والقراءة وضيعني بهما.. مهما يكن فهما معا متزوجان بنفس الطريقة، فلا يوجد حقا أي فرق قانوني بينهما.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>لا أدري بعد ذلك كم استمرت المراقبة ولا متى تعب الخيال واختفى. كان إحساسي في تلك اللحظة هو بالضبط ما يحس به الكثيرون.. خصوصا الذين تتشابه أحوالهم مع ما كنت فيه.. يتصارع بداخلي شخصان. كل منهما يحاول أن يقنعني بوجهة نظره. أحدهما غاضب يتقزز ويسعى لإيقاف ما يجري، يذكرني بالقانون والكرامة والعزة والأنفة، والثاني يحثني على عدم تضييع الفرصة ويحثني للكف عن التفكير في حالة فصل في أمرها السابقون من الأجداد.. أنتهي بي التفكير بتصديق الشخصين معا، لأن الأهم هو إطفاء الحريق وعقد الصلح لأستمتع وأستريح.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>على سبيل التوضيح، كنت أعرف أن فكرة الزواج بطريقة العرف منتشرة في البوادي والمناطق القروية البعيدة عن المدن والمحاكم، نظرا لصعوبة توثيق عقود النكاح، وصعوبة انتقال الشهود. لانتشارها هناك ما يبرره.. لكن المشكل أن الفكرة تحولت إلى معتقدات ثقافية ثابتة تغني عن اللجوء للتوثيق. يلجأ إليها الانتهازيون حتى عندما يتزوجون بالمدن. الأمر مقبول ومرغوب فيه لسهولته لأنه عرف معترف به من طرف المجتمع، مما يجعله في البداية شبه قانوني، لأنه سيكتسب صفته القانونية بعد ولادة الأبناء، لضرورة إثبات النسب. أما قبل ذلك فهو أقرب إلى تبادل معترف به للزوجات والأزواج كما هو الوضع في حالتي.. طلق أنت زوجتك لأني سأتزوجها بنفس السهولة غدا أو بعده.. الشئ الوحيد المخالف هو عدم احترام فترة العدة، أي تطبيق المثل القائل بأن خير البر عاجله، وهذا ليس ذنبا ولا جريمة..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أشعر في داخلي أني أقوم بشئ غير عادي ولا منطقي، لكنه في نفس الوقت مريح في غاية المتعة. ليس من السهل على فتاة في مثل وضعيتي النفسية والجنسية أن تتمكن، بموافقة المسؤول وحضوره، من تغيير زوجها بمجرد الاتفاق وإعلان القبول وقراءة الفاتحة.. أن تتخلص من شيخ وقور ضعيف الصحة لتحصل على شاب وسيم طالما اشتهت السقوط في حضنه.. مباركة القوم مريحة لكن الضمير الملعون يرفض الاستسلام للموروث لعدم اقتناعه بمنطقه..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>عندما استيقظت في صباح الغد، لم أجد إبراهيم زوجي بجانبي.. قفزت من الفراش مفزوعة مخافة أن يكون خرج قبل أن نتفق على أمور ضرورية.. ليس الحال سهلا كما يبدو.. موضوع الشركة والبيت يحتم علي أن أبقى، ولو صوريا، مع سي حسن.. وإبراهيم لا يمكنه أن يقضي الليل معنا دائما وإلا أثار الشك.. هذا يعني أني تزوجت شبحا بعد أن ودعت الشبح الأول.. كيف سنتقابل وأين سنمارس؟ سي حسن بدون شك كان يفكر في هذه العواقب في الوقت الذي انصهرنا أنا وإبراهيم في ممارسة الحب غير مصدقين ما يحدث.. حتى في غرفته لا يمكنني أن استقر دائما لنفس السبب.. لم يبق أمامنا سوى التفاوض مع زوجي الأول ليجد لنا حلا معقولا.. أظن أنه لن يعارض لو طلبت منه أن يفرغ البيت لمدة نتفق حولها متى أردنا الاختلاء للحاجة وحدنا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>لحسن الحظ وجدت إبراهيم ما يزال حول مائدة الفطور مع زوجي الأول.. أمر مضحك ومثير في آن واحد أن أجد نفسي باستمرار بينهما.. كانا غارقين في حديث خاص. توقفا عن الحديث عندما التحقت بهما.. أردت أن اسألهما عن موضوع الحديث، لكني فضلت أن أفطر أولا.. كان سي حسن بكرمه المعهود قد أعد فطورا ملكيا بمناسبة الزواج.. شاي وبيض وقطعة من اللحم المخلع، وأنواع من الحلويات الفرنسية والخبز البلدي مع الزبدة والعسل وعصير برتقال.. بعد الانتهاء من الطعام. سمعت إبراهيم يقترح على حسن أن يتكلم.. أحسست بشئ ما وراء الصمت المباغت.. أعرف أني لست محظوظة لكني لم أتوقع أي مفاجأة ضارة ابتداء من أول ليلة أقضيها مع زوجي الذي اخترته بإرادتي.. سمعت مرات عديدة أن الهدايا التي نحصل عليها بالمراوغة والغش سرعان ما تختفي عندما تشرق عليها أشعة الشمس.. أخيرا نطق حسن قائلا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= عزيزتي يؤسفني أن أخبرك أن أوامر جديدة تخصك قد وصلت خلال ليلة البارحة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أوامر؟ ألا يمكن أن تمهلوني يومين أو ثلاثة؟ لماذا لا تدعوني أسعد لفترة على الأقل؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= غير ممكن، الخلية المكلفة بالحصول على موعد نقل الإخوة السجناء أوقفت عملها، لأن أحد أفرادها معتقل</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وما هو المطلوب مني بالضبط؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= في الحقيقة، ليس لدينا أي معلومة. ستكونين مضطرة لانتظار من يتصل بك. أين ومتى لا ندري.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما دام الموضوع كما تقول، فإن من حقنا أنا وإبراهيم أن نستمتع إلى أقصى حد قبل أن يتم الاتصال.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ضحك سي حسن من ردة فعلي</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما باليد حيلة. إبراهيم أيضا مضطر للقيام بجولة تفقد في نواحي مختلفة من المدينة لجمع معطيات ضرورية.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يأخذني معه كالمعتاد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= غير ممكن لأن الوسيط الذي سيبلغك ينتظر وصوله في أي وقت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>هكذا حكم علينا بالانتظار أنا وحسن وباتت ليلة البارحة أقرب للأحلام منها إلى الحقيقة. خرج زوجي لمهمته. راودتني فكرة فسألت:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا أعتقد أن مهمتي الجديدة ستحرمني من إبراهيم. ألا يمكنني الجمع بينهما؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تفكير سليم لكنه لا يقبل التنفيذ. الارتباط الدائم بإبراهيم يعرضه للخطر حاليا. لا يستحسن نهائيا أن يبقى قريبا منك بمجرد أن تتسلمي الأوامر وتشرعي في التنفيذ. العدو سيراقبك وأنا أيضا للتأكد أن علاقتك بالضحية المقصودة تصرف عادي ليس وراءه ما يريبه ويشكك في سلامته.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مضى وقت طويل قبل أن يرن الهاتف. حمل حسن السماعة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= آلو.. من الهاتف.. آه أوكي. إنها معي. لماذا تريدها.... نعم. سأبعثها لعيادتك بسرعة، بعد عشر دقائق تكون عندك.. شكرا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>وضع السماعة والتفت نحوي. كانت مكالمة من الطبيب.. قطبت ما بين الحاجبين وسألته:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وماذا يريد منا الطبيب؟ لقد وضحت له أني..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تريثي قليلا حتى أنهي الخبر. إنه يقول إن المحامي مبعوث الحركة موجود عنده ويود رؤيتك في الحال.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ولماذا لا يعطيه رقم الهاتف ليتصل بنا هنا مباشرة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كيف لي أن أعلم؟ اصبري ربما سيوضح لك كل شيء حين تكونين معه. الآن حضري نفسك بسرعة لأنه ينتظرك.</strong></p><p><strong></strong></p><p></p><p>فيما يلي الأجزاء الثمانية المتبقية من القصة، يسرني أن أضيفها دفعة واحدة لتجنيب القراء الأعزاء متاعب وقلق الانتظار.</p><p></p><p><strong><u>الفصل 6</u></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بأقصى سرعة غسلت وجهي وارتديت ملابسي دون مكياج أو تبرج، وخرجت مسرعة. حين بلغت العيادة استقبلتني الممرضة اليهودية مبتسمة كعادتها وأدخلتني فورا لمكتب الطبيب.. كان معه شاب جاوز الثلاثين بقليل. وجهه شديد السمرة ينم على أنه من أهل الجنوب. قدمه لي بسرعة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= الأستاذ محمود محام معروف، يربطنا معا عضوية الحزب الشيوعي. هو هنا لرؤيتك في غرض محدد. هل تفضلان البقاء هنا أم تتحدثون في مكان آخر؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أفضل مكانا آخر لو سمح الأستاذ طبعا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كما تحبين، في هذه الحالة لكما كامل الحرية للتصرف.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ودعنا الطبيب. في الشارع اقترح علي الطبيب أن نجلس في مقهى بجوار محطة القطار. قطعنا المسافة الفاصلة بين العيادة والمقهى مشيا. بدأنا الحديث قبل وصولنا. قال المحامي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل من الممكن أن أعرف سنك، تبدين صغيرة جدا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هناك من يقول العكس، أبدو أكبر من سني الحقيقي. بعد شهرين أبلغ الثامنة عشر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= جيد. مسؤوليتك أو مهمتك الجديدة توجد في أحد النوادي المخصصة لتنشيط وجمع رجال القضاء وبعض الموظفين والضباط الكبار. هو ناد موجود قريبا من كورنيش "عين الدياب". دوري أنا يتحدد في تسهيل ولوجك للنادي، الذي لا يدخله إلا الأعضاء المسجلون. نحتاج لصورتين واحدة لك والأخرى لزوجك سي حسن لنعد لك بطاقة عضوية تسهل عليك الدخول متى تريدين. نحتاج أيضا لشهادة إدارية تثبت عمل زوجك مع الشركة. من توقيع المدير مباشرة. ستحصلين على عضوية النادي بضمانتي أنا والطبيب. سأعرض عليك صورة القاضي المكلف بملف الإخوة السجناء. هو فرنسي فهل تتقنين الحديث بهذه اللغة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أظن ذلك فقد قضيت سنتين ونصف أدرسها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= جيد، سيسهل عليك الأمر أولا، لأن للقاضي نقط ضعف واضحة عرف بها، هي حبه الشديد للفتيات في مثل سنك. لكن عليك أن تكوني حذرة لأنه شخص شديد الذكاء والاحتياط. هذا سيصعب مهمتك ولكن لو استعملت ذكاء الأنثى مع بعض الدلال والغنج ستنجحين. في جميع الأحوال، حاولي اكتشاف نقط ضعفه، واعملي على استغلالها بقوة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يعني مطلوب مني أن أسقطه في شباكي، وماذا بعد؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تستعجلي، ستتوصلين بأوامر أخرى بعد أن تنجحي في الخطوة الأولى، أي في ربط العلاقة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كنا داخل ركن شبه مظلم بالمقهى بعيدا عن أعين الرقباء والفضوليين. لم أستطع تبين ملامح القاضي من الصورة لأنها كانت باللونين الأبيض والأسود.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هذه صورة غير واضحة، أليس عندك صورة أكثر وضوحا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= للأسف لا. لعلها ستكون أوضح تحت نور الشمس، وأنا واثق أنك ستتعرفين عليه بسهولة، إضافة إلى أني لا بد أن أكون حاضرا معك في البداية لأني مكلف بإدخالك للنادي، ومكلف بتسجيل بعض الملاحظات الأخرى كذلك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= متى سنذهب للنادي إذن؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= في هذه الليلة. هذا النوع من الموظفين لا يلتقون إلا خلال الليل. سأنتظرك الساعة العاشرة ليلا أمام العيادة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>شكرته وأنا أودعه. عدت للبيت مشيا. كانت السماء غائمة تمطر مطرا خفيفا. تذكرت إبراهيم فتنهدت. ليلة واحدة لم تكن كافية لأسكت شغفي وأنسى توتري. لا أعلم متى ستتاح لي معه ليلة أخرى.. ربما سأكون مضطرة للتردد عدة ليال على النادي كي ألف شباكي حول عنق القاضي.. لا أعلم بالضبط كيف أتصرف لأني لست خبيرة بعد، لكني أستسلم للأنثى وحدها لتقودني حسب الفطرة والغريزة. في البيت لم يسألني حسن عن التفاصيل، اكتفى بمعرفة الغاية الأساسية من المهمة وهي ربط علاقة غرامية مع أحد القضاة. لعله فهم ما لم أستطع أنا فهمه، إلا أنه لم يقل شيئا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>دفعت لمحامي الحركة ما طلبه بعد يومين. في اليوم الثالث تسلمت بطاقة العضوية. أخبرني أثناء مصاحبتي أول مرة للنادي، أن على سي حسن، زوجي أن ينتظر حتى يتوصل بأمر يدعوه للتدخل لمصاحبتك. خلال هذه الأيام لم يظهر لإبراهيم أي أثر حتى بدأت أقلق عليه. عندما لاحظ حسن علامات الخوف والترقب، ابتسم وأخبرني أنه سافر إلى الجنوب لرؤية والده وإخوته، وسيقوم في نفس الوقت بدور آخر يدخل في نطاق التبادل والتنسيق بين خلايا الحركة.. غضبت لأنه لم يخبرني. حددت مع المحامي موعدا لزيارة النادي خلال النهار لأدرس كل جنبات المكان بمعرفته ومساعدته. أحسست أني تحولت إلى ضابطة بالجيش تتفقد ساحة المعركة التي هي مدعوة لخوضها قريبا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أثناء مصاحبتي في الطريق إلى النادي، أخبرني المحامي عن بعض المعطيات السياسية. قال بعدما دعاني للتركيز، أن معرفتها ضرورية لأنني ربما سأجد نفسي مقحمة في نقاشات عامة أو ذات خلفية سياسية. أول مرة أسمع أن هناك محاولات جادة من الوطنيين وجيش التحرير بالشمال، للتفاوض مع فرنسا حول ما سماه استقلال البلاد وعودة السلطان محمد ابن يوسف. وقد أنشئ وفد رسمي مكون من الحزبين الرئيسيين وبعض الوجهاء المغاربة، وهم في هذه الأيام يفاوضون المستعمر. أخبرني كذلك عن أحداث وقعت بسبب هجوم جماعة على مطعم في مركز المدينة يرتاده جنود فرنسيون وقد تبعته مظاهرات واحتجاجات مما جعل فرنسا تغير المقيم العام بشخص آخر عرف عنه أنه معتدل، بغية ترطيب وتخفيف الاحتقان.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>وجدت النادي عبارة عن جنة. يحتل مسافة واسعة جدا. تبدأ من البر على الساحل وتنتهي بجسور خشبية تمتد مسافة مهمة داخل البحر، ربطت حولها قوارب بمحركات للسياحة البحرية. وممرات مبلطة تختال بين الأشجار والظلال والعشب والزهور المتنوعة. على يمين الداخل أقيمت بنايات واطئة تمتد على مسافة نصف كيلو على الأقل. هي عبارة عن قاعات للقمار ومراحيض وصالتان واسعتان وقاعة بلياردو ومطعم وبار، ثم تنحرف على شكل " L" معكوسة نحو اليسار. في كل أركان النادي هناك أشجار باسقة وزهور زاهية الألوان ومساحات كبيرة مغروسة بالعشب الأخضر يتوسطها مسبح كبير من ماء البحر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أغلب الأعضاء يتجمعون في المطعم أو قاعة القمار أو البار.. كان علي ألتعرف على القاضي وأمكنة تنقلاته وجلوسه. وأن أقيس درجة ارتباطه بالخمر وأي نوع يستهلك بكثرة. وهل له زورق خاص أم يشارك غيره، عدد ونوعية أصدقائه المقربين، وفي مرأب النادي يجب علي التعرف على نوع سيارته. عدت للبيت لأخذ قسط من الراحة لأني مضطرة للعودة للنادي مساء نفس اليوم. رجوت من المحامي أن يضحي معي للمرة الأخيرة لأن من واجبه على أية حال أن يدلني على الهدف المقصود. كان يحترس كي لا يراه القاضي برفقتي، لأنه يعرفه بحكم المهنة. سيدلني عليه من بعيد ويدعني بعد ذلك أتدبر أحوال مهمتي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أمر مضحك ما يقع لي. جئت لهذه المدينة الغريبة هاربة من بوشعيب وأخته كي أتحول هنا إلى لعبة يحركها عن بعد غرباء لا أعرفهم.. أتفهم أن يقدموني هدية لطبيب يستفيدون منه بشكل ما، لكني أرى من الصعب والمضحك أن أتقبل البحث عن قاضي ليستمتع بي دون أن أعرف السبب. ربما يريدون منه التساهل مع بعض السجناء. ربما يحاولون إغراءه كي يعفو عن آخرين. لن أحكم عليه قبل رؤيته، من يدري لعل من مصلحتي اكتساب عطفه كقاض إذ لا أحد في مثل هذه المدينة يستطيع التكهن بما قد يحدث له من مصائب في المستقبل.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في نفس المساء، تعرفت على الشخص المطلوب. رجل في حوالي الأربعين من عمره، ذو شعر كثيف يغطي أذنيه، رمادي اللون مائل للبياض. عيناه واسعتان تحت حاجبين سوداوين، وسط وجه مستدير بفضل اكتناز خديه باللحم. التناقض بين لون العينين ولون الشعر يضفي على وجهه مسحة ساحرة، رغم كثلة اللحم تحت دقنه. طويل القامة ضخم الجثة وصاحب كرش متدلية أمامه. يبدو أنيقا في بذلته الزرقاء وقميصه الأبيض وربطة عنقه الحمراء. كان معه حارسان، أمرهما بالبقاء خارج البار. كنت مع المحامي حين مر بقربنا دون أن يعيرنا ولو نظرة واحدة. انسحب رفيقي وطفقت أتابع القاضي بنظراتي حتى رايته يدخل البار. كنت ألبس تنورة بيضاء عليها صور زهور حمر، قصيرة لا تغطي ركبتي، ومعطفا رمادي اللون وحذاء أحمر عالي الكعبين. وأضع كشكولا ناصع البياض حول عنقي. وقفت لحظة عند مدخل الحانة أتفحص الفضاء وأهله. لمحت القاضي جالسا حول طاولة صحبة ثلاثة أشخاص. كانوا يضحكون بصوت مرتفع ويضعون أمامهم زجاجة بها سائل شفاف، لعله الشامبانيا، لأنها مغطوسة في سطل وسط ركام من القطع الثلجية.. اخترت بسرعة طاولة مقابلة تفصلها طاولتان فقط عن تلك التي يجلس فيها مع جماعته.. طلبت زجاجة كوكا متوسطة الحجم وبضع مكسرات. عندما سألني النادل إن كنت وحدي، ابتسمت له وأجبت أن لي موعدا مع زوجي. حرك رأسه ثم وضع الزجاجة وانسحب. رسمت ابتسامة عريضة على وجهي ورفعت رأسي أنظر من وراء زجاج واجهة البار، متجاهلة كل النظرات التي أحس بها كالسهام دون معرفة العيون التي صوبتها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مضى قرابة نصف ساعة حين وقف القاضي ليتجه للمرحاض. اكتشف وجودي وحيدة. مر مباشرة جنب طاولتي محدقا في وجهي. نظراته بدت قاسية تكاد تعريني. ابتسمت له فمر مسرعا دون أي حركة زائدة. بعد عودته لنفس المقعد انهمك فيما كان مشغولا به من قبل. مضت لحظة فراغ ثم فجأة رفع وجهه وركز نظرته نحوي. ربما كان يفكر قبل اتخاذ أي قرار. مد ذراعه مشيرا للنادل الذي استجاب مسرعا. وقف بجواره وانحنى محاولا التقاط كلمات مهموسة كأن القاضي يقول له شيئا. فوجئت بالنادل يقصدني، انحنى ليهمس لي بأن حضرة القاضي وجماعته سألوه عني، وأنه أخبرهم أني عضو جديدة في النادي وأني أنتظر قدوم زوجي. ختم كلماته بأن سعادته يعرض علي مجالستهم لو أمكن في انتظار وصول زوجي. قلت له دعني أفكر وسأرد بعد قليل. انتظر عدة دقائق، حملت حقيبتي ورحلت كي ألتحق بهم. وقفوا جميعا لتحيتي في الوقت الذي فسح لي القاضي مقعدا قريبا منه ودعاني للجلوس.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>غصت في صمتي حائرة أترقب ما سيقع. أول مرة أندم فيها لأني لم أستجب لصديقتي حين حاولت دفعي لتذوق طعم البيرة. كانت اليهودية أذكى من جماعتي المناضلة. علموني كل شيء ولا أحد منهم فكر أني قد أقع في موقف كهذا.. سأغامر، الأمر سيان سواء سقطت أنا أو سقط هو بين يدي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>قدم لي أصحابه بأسمائهم ووظائفهم ثم قدم لي نفسه، وختم حديثه بالسؤال عن اسمي. كنت أتوقع طلبه لهذا أجبته مبتسمة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تشرفت بمعرفتكم، اسمي المدام سعاد حسن.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= اسم جميل فعلا تشرفنا.. هل لك شغل معين</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا أبدا، لست محتاجة للعمل</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يا لحظك السعيد.. ماذا تشربين؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا شيء، شكرا فقد تناولت زجاجة "كوكا"</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ضحك بصوت مرتفع وهو يردد:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= زجاجة ماذا؟ هذا غير معقول لا يليق بسيدة جميلة مثلك، لا بد أن تشرفينا بتناول كأس من الشامبانيا معنا. قبل أن ينهي كلمته حمل الزجاجة ليصب لي كأسا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كان كأس كريستال يلمع عاكسا بعض الأشعة. أمسكته شاكرة واحتسيت منه ربع جرعة. شعرت بدبيب فقاعات تلسع لساني. قلت في نفسي كيف يصبح الزنى عند الجماعة حلالا ويبقى الشراب محرما. وضعت الكأس أمامي وأخذت أستمع للنقاش الدائر. بعد فترة لم يبق في الكأس قطرة واحدة. أحسست بدفء عجيب جعلني أقف لنزع المعطف. أردت وضعه حول الكرسي غير أن سيادة القاضي طلب النادل وسلمه إياه، التفت نحوي مركزا نظراته حول ذراعي العارية:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هكذا أحسن، ثم أفرغ لي كأسا ثانية:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تفضلي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أمسكت الكأس واحتسيتها مغمضة العينين دفعة واحدة. تذكرت بعض نصائح والدتي. كانت تقول: إذا وجدت نفسك أمام أي شيء لا يعجبك ولا تقدرين على مجابهته، أغمضي عينيك ولا تفكري فيه، سوف تتعودين عليه إن لم يمر بسرعة. لما وضعت الكأس فارغة سمعت أحدهم يعلق:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= على مهلك سيدتي، الشراب لا يطفئ العطش بل يزيد الحرقة ويرفع الحرارة. رد عليه القاضي ضاحكا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أراك تتدخل كعادتك فيما لا يعنيك. دع السيدة تشرب كما تشاء. ثم رفع الزجاجة وصب لي كأسا ثالثة</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا أرجوك. أكتفي بهذا القدر. على أية حال يبدو أن زوجي لن يحضر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= اشربي هذه، أما عن زوجك فحتى لو غاب، فأنت هنا مع قوم متحضرين، يمكننا أن نوصلك لبيتك متى ترغبين</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شكرا لكن لا داعي لإزعاج سيادتك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ليس ثمة إزعاج، ما قيمتنا إن لم نخدم الجميلات، انتظريني قليلا، إن كنت مستعجلة يمكن أن يوصلك السائق. لم تخبريني عن محل سكناك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أسكن في عين برجة، قرب محطة القطار.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يسعدني خدمتك، لا تنسي تشريفنا بحضورك مرة أخرى قريبا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أتمنى ذلك، سأعرض الموضوع على زوجي. أظن أنه لن يعارض. طاب مساؤكم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>نادى القاضي على أحد الرجلين وسلمه مفاتيح السيارة. أمره ألا يتحرك حتى أدخل لبيتي. شكرته مع الجماعة وأعدت التحية. حين وقفت أحسست بدوار خفيف حتى كدت أسقط. لاحظ القاضي ارتباكي المباغت فوقف. ساعدني لألبس المعطف ثم أحاط خصري بذراعه لمساعدتي على المشي. جعلتني هامته الطويلة أنحشر تحت جناحه وملت برأسي على صدره. كانت حرارة ذراعه ترسل ذبذبات متسارعة إلى جسمي. سار بجانبي حتى بلغنا السيارة ففتح لي الباب وقال مازحا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يبدو أن زوجك رجل غير مسؤول. كيف لزوج عاقل أن ينسى زوجة مثلك وحدها كل هذا الوقت؟ ابتسم لي وهو يغلق خلفي الباب بكل لباقة. سمعته يكرر الأمر على السائق. بمجرد انطلاق السيارة أغمضت جفني وارسلت رأسي للوراء ليتكئ على وسادة المقعد. أيقظني السائق أمام المحطة فأرشدته شاكرة لمدخل الشركة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كان حسن غائبا يتجول كالعادة بين الجرارات. نزعت الحذاء والتنورة بسرعة وارتميت نصف عارية فوق الفراش، لم أشعر بعد هذا بالزمن حتى استيقظت في الصباح. كان حسن قد غطاني دون أن اشعر بوجوده. اغتسلت ولحقت به في المطبخ. منذ صدرت أوامر من المقاومة بمقاطعة التدخين والخمر لم يعد كما عرفته.. أصبح أكثر حساسية غير قادر على الصبر والنقاش بنفس الهدوء. يفضل الصمت والخمول. الأواني والصحون والكؤوس متراكمة في المغسلة.. هل يعاني من نقص الدخان والشراب أم هو متأثر بابتعادي عنه وزواجي من إبراهيم؟ كان بالكاد قادرا على إعداد القهوة وبعض شطائر من الخبز المشوية إلى جانب الجبنة، أصبح يتقاعس حتى عن تحضير فطور الصباح.. قبل أن أقص عليه تفاصيل أول ليلة في النادي سألته عن إبراهيم. رد علي بدون حماس قائلا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= فكري في نفسك ومهمتك، إبراهيم مشغول مع أهله وقد وجد عذرا يتعلق بمهام طارئة ليطيل زيارته، حدثيني عن النادي. هل قابلت القاضي؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نعم، قابلته. وجدته رجلا لبقا ذا مزاج لطيف ومؤدب. بعث سائقه ليوصلني للبيت</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شممت في أنفاسك رائحة الخمر عندما غطيتك، هل شربت؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وماذا كنت تنتظر مني حين عرض علي أن أشاركه مع جماعته الشراب؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كان عليك القبول لكن ليس إلى درجة السكر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لقد فاجأني، والحركة لم تحضرني جيدا لمثل هذه المفاجآت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تفقدي تركيزك، كانت هذه هي أهم توصية، الإفراط في الشرب يضيع التركيز ويعرضك للخطر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كيف سأكسب ثقته إذا لم أشاركه في الشراب والطعام؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا أدري، هناك تقنيات أخرى تعرفها المرأة بالفطرة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شكرا على المدح، تريدني أن أعرض جمالي شبه عارية من أول لقاء، هذا ما تقصده.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قلت لك تصرفي والسلام. لو كان العري يسهل المهمة مرحبا به. عليك الاشتغال وفق مبدأ " الغاية تبرر الوسيلة"</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= للأسف لست متفقة معك، الدخول مباشرة للعري يجعلني في نظره مجرد عاهرة تسترزق. تمنح نفسها مقابل أجر محدد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= الذي أفهمه أنا وبقية أعضاء الحركة هو النتيجة التي أرسلناك للقيام بها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كان على الأعضاء إذن أن يتكفلوا بأنفسهم بالمهمة بدلا من اللجوء لجسدي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرى أن ليلة واحدة غيرتك وجعلتك تنتقدين التوجيهات. المهم أني نصحتك. ربما يجب أن أرافقك مساء اليوم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ليس من الضروري أن نذهب اليوم للنادي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= خير البر عاجله كما يقال، يجب أن نحاصر الهدف كل يوم وكل دقيقة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= بل يجب أن نجعله يفكر أنني لم أكن هناك من أجله أو من أجل غيره. دعه ينتظر قليلا، غيابي عنه سيجعله يفكر بي وينتظر عودتي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كما ترين إذن، أنت المسؤولة</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>حرصت بعد أن تغيبت ليلتين عن زيارة النادي، أن يصحبني حسن في الليلة الثالثة. قبل هذا دفعته لتحسين شكله وهندامه. ألبسته بذلة رمادية مع قميص وردي يضفي عليه مسحة عصرية ويخفف قليلا من ضعفه وشيخوخته. بدا كأنه موظف مهم في الشركة. وجدنا البار شبه فارغ لأن دخولنا كان مبكرا بعض الشئ. في حوالي الساعة العاشرة دخل القاضي مع رجلين من شلته. جلسوا تقريبا في نفس الطاولة وأسرع النادل ليهتم بطلباتهم. كان قميصي الأبيض ذو الياقة المفتوحة يبرز صدري ويساهم في تنوير الفضاء ناشرا في الجو ذبذبات مثيرة. كنت السيدة الوحيدة في المكان. لم يلتفت القاضي عند دخوله لنا لكنه ما لبث أن تفطن لوجودي بعد أن تعودت عيناه على النور الخافت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>لم يتردد في إرسال النادل لنا ومعه دعوة مؤكدة كي نلتحق أنا و"زوجي" بشلته. عندما وقفت بدا جزء مهم من أفخاذي عاريا. قدمت لهم زوجي بينما قدم لنا القاضي صاحبيه. كان أول كلماته في شكل سؤال كأنه يعاتبني:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرجو أن يكون سبب غيابك عنا خيرا، أين كنت طيلة يومين؟ ثم التفت مازحا نحو حسن:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وأنت أيها الزوج الغريب، هل أنت أحمق؟ ألا تعلم أن من له مثل زوجتك ليس من حقه تركها تتسكع وحيدة في الليل؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= عذرا، لقد أخطأت لأني فوجئت ببعض الظروف</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أية ظروف لعينة هذه التي ترغم الرجل على الابتعاد عن لؤلؤة نادرة كزوجتك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= مجرد أشغال بسيطة بالبيت لا غير.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= المهم، أحذرك لا تبتعد عنها لأنها فاتنة ومثيرة وصغيرة. دعنا نشرب الليلة كأسا على نخبها..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرجو أن تعفيني، الخمر يسبب لي حساسية مفرطة، نصحني الطبيب بالابتعاد عنه لفترة، لم أعد أطيقه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أي طبيب أحمق هذا؟ لا تدع الأطباء يفسدون مزاجك، ولا تحرم زوجتك من الحياة وإلا.. التفت نحو أصدقائه ضاحكا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أحضر النادل زجاجتين غارقتين وسط قطع الثلج داخل سطل وقد غطت قطعة قماش مطرزة رأسهما. فتح إحداهما وانصرف، في حين ملأ القاضي أربعة كؤوس، حمل أول كأس وقدمها لي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= في صحتك يا أميرة، دعي زوجك يتفرج واهتمي بحياتك، يكفيه أن تكون لديه زوجة مثلك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>جحظت عينا حسن وهو ينظر لي. لعله تعجب حين رآني أحتسي مثل القاضي كأسي حتى الثمالة دفعة واحدة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنظر أيها الرجل مقدار تعطشنا للحياة. أظن أنك لا تسقي زوجتك عندما تغيب عن النادي. ثم أفرغ لي وله كأسا ثانية. وضعت كأسي على الطاولة والتفت نحو القاضي مبتسمة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرى بدوري أنك تبالغ في الشراب، لقد أرسلتني تلك الليلة في حالة سكر حتى أني لم أشعر بوجود زوجي بجانبي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ضحك وهو يرد بنفس الطريقة الساخرة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= حسنا تفعلين، لن ينفعك وجوده ما دام يسمع نصائح الأطباء.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لكني أخبرك من البداية أنك ستكون مضطرا في نهاية السهرة لتوصلنا مرة أخرى للبيت، لأننا جئنا في سيارة أجرة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= على الرحب والسعة. يسعدني خدمتك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بعد افراغ الزجاجة الأولى. طلب القاضي من النادل أن يحمل الثانية ويسبقنا بنقلها إلى القارب. فجأة وجدنا أنفسنا مع جماعته وسط ظلام البحر والارتجاجات. كان المركب مزودا بمحرك قوي وسطحه متسع بالقدر الكافي لاحتواء جماعتنا. أضواء المصابيح الكهربائية تبدو كلوحة رائعة من بعيد. فهمت لماذا نقلنا حضرته إلى هذا المكان. هنا يهدهدنا البحر. الجو بارد يساعد على الشرب والنقاش بأصوات مرتفعة دون إزعاج بقية مرتادي النادي، ودون خوف من إقحام الفضوليين فيما نتحدث فيه. للمكان غاية أخرى. إذ ما لبث القاضي أن أطلق العنان ليديه للتجسس في أفخاذي وصدري تحت جنح الظلام. بين حين وأخر أشعر بسبابة اليد اليمنى لزوجي تنغرز في خصري. كان ينصحني بالتريث والتركيز بدلا من مسايرة القاضي وجماعته. مع الكأس الثالثة انفتحت أبواب الحرية في وجهي وارتفعت حرارة جسدي. غمرتني رغبة في الاسترخاء والضحك. يدي تسافر دون استشارتي لتحط مثل فراشة فوق فخذ القاضي، مستجيبة لمحاولته الخفية. تلمسه منجذبة لحرارة صدره وبطنه المتدلية. تعود لتستريح على خدي أو فوق فخذي. بدأ أفراد الشلة يحكون نكتا بذيئة وفاسقة.. أستغل الفرصة حين أضحك معلنة استجابتي للجو وأترك مزيدا من الحرية ليدي. تارة تلمس صدره وتارة فخده وتارة تستقر فوق كفه. حسن يلكزني بسبابته ليردعني ويخفف من سرعة انسجامي. شعرت كأن القاضي بدأ يطمئن لحركاتي وينتظر مني مزيدا من الجرأة. خطرت لي فكرة فوقفت فجأة. دعوته ليسندني كي لا أسقط عند ذهابي للمرحاض. أحاطت ذراعه خصري وشعرت كفه تنغرز في خصري، تضمني لألتصق به. أخطو وفق رغبته بهدوء حتى بلغنا المرحاض الموجود في مؤخرة القارب. قلت له قبل أن انسل للداخل:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرجوك أن تغمض عينيك لو صدرت عني حركات محرجة أمام أصدقائك. لست متعودة على الشرب بهذه السرعة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أبدا.. لا تنسي أننا هنا جميعا لنضحك ونستريح من أعباء الشغل والحياة. لولا زوجك لفعلت أكثر منك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>قضيت حاجتي بسرعة وعدت أختبئ تحت جناحه كعصفور عائد لعشه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شكرا على مساعدتك، لا تهتم بوجود زوجي، إنه رجل متفتح، cool .. حينما تعرفه أكثر سيعجبك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= بفضل جمالك وخفة دمك يجب أن أتقبله حتى وإن لم يعجبني مزاجه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أكيد سيروقك، إنه طيب للغاية، يلبي جميع رغباتي، لا يعارضني أبدا ويسعد كثيرا لسعادتي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إنه رجل محظوظ، لو كنت مكانه لتنازلت حتى عن كبريائي من أجلك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نحن نقترب من الجماعة الآن، بودي لو نتحدث أكثر بيننا فيما بعد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سأترك لك رقم التلفون لتتصلي بي متى شئت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كنا نقترب من الجماعة، فاضطر من أجل مساعدتي على الجلوس أن يرفع ذراعه قليلا فوق مستوى الخصر قليلا حتى صار نهدي كله في كفه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong><u>الفصل 7</u></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بمجرد جلوسنا ذهبت يدي لتستقر فوق فخذه من جديد، بينما كانت عينا حسن جاحظة موزعة نظراتها بيني وبين القاضي. جاء دوري لألكز خصره لأن تصرفه قد يفهم على أنه غيرة منه ضد لجوئي لمساعدة القاضي عند الذهاب للمرحاض. التفت إليه مبتسمة وغمزته لتطمينه. أردته أن يستكين ويخفف خوفه غير المبرر. ملأ القاضي كأسا رابعة وقال موجها كلماته نحوي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لقد جاء دورك لتسمعينا بعض النكت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لست متعودة ولا أحفظ ما يضحك، في المرة المقبلة سوف أستعد للأمر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تضحكي علينا بهذه الكلمات، لن تفلتي منا.. قولي أي شيء</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>فكرت لفترة وعصرت ذاكرتي. عادت بي الذكريات إلى زمن بعيد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تربيت في صغري مع ثلاثة أبناء من جيراننا. كانت أمهم تغسلنا جميعا في وقت واحد. ثم بقيت العادة نفسها بيننا حتى كبرنا قليلا.. أحد الإخوة كان خولا. بينما أخوه الأكبر كان يغتنم فرصة وجودي معهم لأساعده حتى يتمكن من نيك أخيه. مع مرور الوقت بدأنا نوزع بيننا الأدوار، نكلف الأخ الأصغر بدور الحراسة، وأفتتح أنا المسرحية بتحفيز الأوسط للإسراع بنزع سرواله وتمكين أخيه من طيزه. كانت مهمتي أن أجتهد لإدخال قضيب الأكبر في خرم أخيه الأوسط. لم يكن الأمر صعبا ولا مؤلما لأنه بالنسبة لنا كان مجرد لعب وحجم جهاز الولد لم يكن مخيفا. بعد فترة انفصلنا عن بعضنا حتى جمعتنا إحدى المناسبات بعد سنتين. أشار لي الابن الأكبر لنختفي وراء بعض الأشجار الكثيفة كي نتذكر لعبتنا القديمة. توجهنا أنا والأخوين الأكبر والأوسط. أردت إعادة تمثيل دوري لكن ما كدت أنزع سروال الخول حتى كان قضيب أخيه داخلا بكامله في طيزه. سألتهما مستغربة: وأنا، ما هو دوري؟ أجابني الأكبر لاهثا دون أن يتوقف عن حركة الدخول والخروج:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أصبح لك دوران، الأول أن تعرفي ما ينتظرك والثاني أن تشهدي أن أخي صار خولا كاملا يعشق هذا، وأشار بيده إلى قضيبه. قلت له محتجة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= غير ممكن، دعني كما كنت أفعل من قبل، أقود أنا قضيبك لخرم أخيك. فرد علي وهو يحرث مؤخرة أخيه</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا.. لأنك لو أمسكت قضيبي هذه المرة لن تفلتيه ولن تدخليه في خرم أخي بل في خرمك..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ضحك الجميع بما فيهم زوجي حتى أفرزت عيون بعضهم دموعا غزيرة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>شربت الكأس الخامسة ذلك المساء وأبحرت في عالم لم أتخيل أنه لذيذ ومسالم لا عداوة فيه ولا قواعد أو حدود تقلل من سحره وحلاوته. كدت أنسى وجود زوجي لأني سافرت مستسلمة لغرائزي الطبيعية. القارب والبحر والظلام تجعلني أتخيل أن كل الحواجز والأعراف والتقاليد تركناها وراءنا على الشاطئ البعيد. تعثرت الكلمات عند خروجها من صدري وفمي. يدي لم تعد تطيعني، كلما أعدتها لحضني تصرعلى الرجوع لحضن القاضي.. رأسي صار ثقيلا يتحرك ويحن لصدره. خيل لي أن زوجي تحدث لكني لم أميز كلماته بوضوح. أحسست ذراع القاضي تسحبني وسمعته يقول لزوجي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= المدام لم تعد قادرة على الوقوف.. أظن أن الوقت حان لنعود.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لو تفضلت أكون ممنونا لحضرتك..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كانت عيناي مغمضتين لكني شعرت أني محمولة بين ذراعين قويتين. باب السيارة مفتوحة وأنا ممددة فوق المقعد الخلفي. غفوت ثم صحوت حين لمستني يد توقظني. نفس الذراعين تؤرجحني وزوجي يفتح باب الشركة ثم باب البيت. دخلت محمولة وتم التخلص مني فوق الكنبة الطويلة بالصالون. حلمت بزوجي يشكر القاضي ويلتمس منه الجلوس لحظة. حاول الاعتذار لكن حسن أبقاه لفترة ريثما يعود. أعرف بالفطرة أنه سيمنحه زجاجة نبيذ معتقة من المخزن. هو عادة يفتخر أنه يحتفظ بقنينات يعود تاريخها لأزيد من خمسين سنة. سلمه الهدية بعد حين وأخذ منه رقم الهاتف الذي سبق أن وعدني به. خيل لي أن القاضي يخبره أنه سيتصل صباح الغد ليطمئن علي. في ذات الوقت سمعت زوجي يقول إنه لا داعي لذلك لأننا سنلتقي غدا بالنادي. صوت الباب يغلق بقوة وجسدي يرتعش مرعوبا ثم يغادرني.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>استيقظت في وقت متأخر على غير العادة. تجاوزت الساعة منتصف النهار. لم يكن حسن حاضرا بالبيت.. راسي أثقل من صخرة وأعضائي كلها متعبة تؤلمني. بصعوبة تمكنت من التوجه للحمام لأغتسل. حضرت القهوة وصببت كأسا بدون سكر.. ما إن جلست حتى عاد حسن. وضع القفة ففهمت أنه كان بالسوق. ألقيت عليه تحية الصباح لكنه لم يرد. لعله غاضب مني. نظر إلي وقال بصوت خافت لا يكاد يسمع:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= خذي حبة أسبرين أو اشربي بيرة واحدة لتخفيف صداع رأسك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>فضلت شرب البيرة لأنها باردة جدا، وابتلعت حبة أسبرين في نفس الوقت. بعد قليل سمعت حسن يسألني:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أخبريني حين يخف الصداع لأن هناك أمورا مستجدة يجب أن تسمعيها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرجوك، قلت له، اعفني اليوم من الأخبار. ألا يمكن أن تنتظر حتى المساء؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سأنتظر قليلا لكنك ملزمة أن تسمعي بما يحدث.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أمسكت رأسي بين يدي وخلدت ثانية للنوم. لم أتذكر كم استغرقت لكن حسن أيقظني ساعة الغروب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كفى من النوم، وراءنا أمور لا تقبل التأخير. هل أنت مستعدة؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تفضل هل من جديد؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ركزي معي جيدا. لا أريدك أن تتأثري. جاءتنا أخبار سيئة من الجنوب، من بلد إبراهيم..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما الذي حدث لإبراهيم؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أفيقي قلت لك، لم يحدث له شيء. تقول الأخبار أنه سافر لرؤية زوجته ليطمئن عليها بعد أن ولدت صبيا. نعم، أنا نفسي لم أكن أعرف أنه متزوج وإلا ما تخليت عنك.. الطامة الكبرى أنه شارك هناك في مهمة واعتقل على إثرها في كمين نصب له. وجدوا معه المسدس الذي قتل به مواطنا فرنسيا في إحدى الضيعات نواحي مدينة أغادير..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>يا للصدمة.. يا لحظي التعيس. كتب علي أن أسقط كلما خطوت خطوة خارج العذاب المقدر والمألوف. متزوج.. كمين.. قاتل ومعتقل.. صدمتي بألف رأس، لم أدر هل أبكي أم أغضب. ها هو القانون الإلهي ينتقم منا جميعا. عبثا نراوغه لكنه ينتصر دائما. تزوجني وعاشرني دون أن يعرف أحد من أصدقائه في الحركة عنه وعن حياته الأولى أي شيء. كيف يطاوعه ضميره ليدخل حلبة مقدسة باسم الوطن وهو يخفي حقيقته عن أصدقاء يشركونه في المقاومة والتضحية بأغلى ما يملكون وهو الحياة. ما ذا سيكون وضعي بعد اعتقاله؟ ما هو مصيري أنا كزوجة؟ من يصدقني لو حاولت الدفاع عنه؟ كيف لي أن أثبت أني فعلا زوجة له أو لغيره؟ حسن وحده شاهد لكن الشرع يشترط حضور اثنين على الأقل، ثم إن الشرع نفسه يعرف أني زوجة سابقة بدون ورقة طلاق. أليس هذا خير دليل على الهرطقة والزندقة والتلاعب؟ خير دليل على العهارة والاتجار بشرفي في سبيل المجهول؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>وحيث أن المصائب تتعاون ضدي، فقد وضع حسن مزيدا من الحطب على النار المشتعلة بداخلي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما وقع وقع. الحزن أو الغضب لن ينفعنا الآن. لا تنسي مهمتك الكبرى بسبب إبراهيم أو غيره. لعلمك فإن القاضي قد اتصل ليطمئن عليك حين كنت نائمة. وألمح لي أنه ربما سيزورنا للتأكد قبل توجهه للنادي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لست مستعدة لأي شيء. أليس من حقي أن أستريح بعض الوقت؟ كان عليك أن تبلغه أني بخير ولا داعي لإزعاجه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= حاولت فعلا لكنه لم يترك لي الخيار. يجب أن نستعد لاستقباله لو أصرعلى الزيارة. لقد حضرت بعض الطعام. سمك مقلي وسلطات ومكسرات، ما زال أمامنا وقت يكفي للإضافة لو أحببت اقتراح أشياء أخرى.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا داعي لذلك أظن ما حضرت يكفي، فكر في المشروبات فقط مع أني قررت ألا أقرب الشراب مدة أسبوع على الأقل.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في حوالي التاسعة والنصف ليلا، رن الجرس وأطل علينا وجه القاضي. كنت ممدودة بلباس البيجامة الشفاف. لم أكلف نفسي تغييره بل وضعت فقط إزارا غطيت به فخدي ووسطي وبقي صدري بارزا شبه عار. ألقى التحية وجلس بقربي</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا بأس عليك، لقد تأثرنا لما وقع. أحس بالذنب لأني أنا السبب. لم أعتقد أنك رهيفة لا تحتملين.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بعده نطق حسن، محاولا استدراك ما ضاع بسبب أخطائي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= الحقيقة سيدي أنها عنيدة. لقد فاجأتني، لن تصدقني إن قلت لحضرتك أنها لم تشرب في حياتها سوى مرة واحدة، ولم تتعد ثلاث زجاجات من البيرة. كانت تريد أن ترضيك بمسايرتك لا غير.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= المهم هل أنت متأكدة أنك بخير.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نعم أنا بخير، أحتاج فقط ليوم من الراحة لأسترجع طاقتي. شكرا لك على الاهتمام.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إذن سنراك غدا بلا شك في النادي كالعادة، أليس كذلك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نعم لكن لو قبلت حضرتك أن توصلنا ذهابا وإيابا</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= على الرحب والسعة، أمر عليكم في مثل هذه الساعة غدا</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لكن أرجوك أن تقبل الآن مشاركتنا طعام العشاء. لدينا سمك مقلي وسلطات ولدينا نبيذ معتق أيضا</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أشرب معكم كأسا وأمضي، لا داعي للعشاء، الظروف قاسية هذه الأيام، الخروج ليلا صار يعرض صاحبه للخطر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>قدم له حسن زجاجة النبيذ، افتضها بنفسه وسمع صوت فرقعة قوية عندما أخرج السدادة. صب كأسين ومد لي واحدة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كأس واحدة سترمم أعطابك لكن لا تزيدي عليها. نراكم غدا. وضع كأسه فارغة ثم قام مستعدا للخروج، انحنى علي وقبلني من شفتي. كان حسن واقفا ينتظره ليرافقه خارج الشركة، رآه يقبلني ولم يقل شيئا. بعد عودته سألته:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ألم تر شجاعته؟ لقد قبل شفتي أمامك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نعم، هذا دليل على أنك قريبة من تحقيق طفرة مهمة. لعلك نسيت ما كنت تفعلين ليلة أمس.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نسيت؟ ماذا فعلت؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا لم تفعلي، فقط دفعت يدك ومرفقك كله تحت قميصه، وقلت كلاما كثيرا لم يحن وقته بعد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ماذا قلت؟ ذكرني لأني لا أذكر شيئا مما جرى.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شرحت له أني لست غيورا، قلت أني عاقر وشيخ ولا فائدة ترجى من ورائي، وأني أستمتع وأتحمس عندما أراك نشيطة وسعيدة بين الرجال، وأني أنظم سهرات كثيرة في بيتي وأصر على حضورك وأدعوك للرقص فيها ويعجبني أن يمدحك الضيوف ويتغزلوا بفتنتك وجمال جسدك...إلخ كنت خائفا أن تحكي لهم عن زياراتنا للطبيب وعن حفلة البكارة وما تلاها..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل قلت كل هذا حقا؟ إن حدث هذا أرجو أن تسامحني</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا داعي للاعتذار، لم أعترض ولم أعلق على كلامك لأني بالعكس، لاحظت أن كلامك يختصر علينا الطريق. لقد بدأ يلين ويهتم. أراك تقطعين أشواطا وتحرقين المراحل بسرعة. لم يبق أمامنا سوى ليلة كهذه لنحقق المطلوب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= مع هذا أرجو أن تعذرني، لم أقصد الإساءة إليك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كنا نتحدث حين رن جرس الهاتف فجأة، حمل حسن السماعة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= آلو.. من معي؟.. نعم ما زالت صاحية لم تنم.. حاضر. ومد لي السماعة. من الطرف الأخر جاءني صوت القاضي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تركت مكانك فارغا. زوجة أحد الصديقين هنا، لقد رافقته وتود التعرف عليك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سلم عليها وأخبرها أننا سنلتقي مرة أخرى لو شاءت. اشكرك على الاتصال يسعدني سماع صوتك</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هذا واجب لقد اشتقت لشقاوتك وخفة روحك</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لهذا ذهبت مسرعا كأنك هارب من النار</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا أبدا، لقد أخبرتك أن التجول بالليل أصبح خطيرا كما أني لم أرد إحراج زوجك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لقد أخبرتك مرارا أن زوجي لطيف معي ويحب سعادتي.. سأحكي لك كل شيء عنه لتفهمني جيدا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما المانع أن تحكيها الآن، أنا لا أحب السوسبينس والانتظار</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وأنا أفضل حرارة الحديث المباشر، أحب أن أنظر إلى عينيك حين أتحدث.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما رأيك إذن لو أمر عليكم في نهاية سهرة الليلة</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= مرحبا متى شئت إن لم يكن ذلك يتعبك، لكن لا تتأخر كثيرا لأني متعبة. إلى اللقاء</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة والنصف ليلا. سألت حسن</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل سمعت؟ إنه سيمر علينا في نهاية سهرته. قال إنه لا يتحمل غيابي عن السهرة ولا يستطيع الصبر حتى ليلة الغد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= جيد.. على أي لن نحتاج إلا لزجاجة شامبانيا وهي موجودة. عليك أن تغتسلي وتحضري نفسك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سأفعل بسرعة لكن التحضير الحقيقي هو موضوع الحديث.. يبدو أنك صرت موضوعنا الوحيد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تصرفي وسأرى من جهتي كيف أساعدك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تغضب إن سمعتني أكذب بعض الشئ. المهم علينا اغتنام الفرصة في أقل مدة ممكنة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بعد الحمام نشفت شعري. ولونت شفتي بالأحمر. غيرت لباسي ولبست بيجامة على شكل قميص يمتد إلى القدمين، ضيقة عند الصدر ومفتوحة مباشرة بعد الحزام بحيث يتحرر فخذي الأيمن حين أقف أو أقعد.. جلست أنتظر. حوالي منتصف الليل رن الجرس. دخل ضيفي متعثرا يكاد يسقط، فاستنتجت أنه بالغ في الشرب. جلس بجانبي على الكنبة غير قادر على توقيف حركة عنقه ورأسه. وضع حسن القنينة وسط السطل والثلج. وصب ثلاثة كؤوس، ضحك القاضي بصوت مرتفع وقال:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ههه... يبدو مسيو حسن.. نسيت... نصائح الطبيب. كلماته متقطعة يبلع ريقه بين كلمة وأخرى. سألته:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أين السائق والحراس؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= في النادي، أكره... أن أطلعهم على... أسراري، أخاف أن يخ....بروا.. زوجتي،</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لكن السائق سبق أن أوصلني وهو يعرف بيتي</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هناك فرق... بين أن يوصلك...هق.. وبين أن..هق.. يراني ساهرا...هق.. معك.. ثم ضحك من جديد.. ساد الصمت قليلا وإذا بزوجي يقول:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أعتذر لأنني سأقوم بجولة داخل إدارة الشركة لقضاء غرض ثم أعود إليكم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كنت شبه متأكدة أن نوع المساعدة التي يمكنه القيام بها، تشبه تلك التي فعلها مرارا عند زيارة الطبيب. ملت برأسي على كتف القاضي، وهمست في أذنه:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قبلني لقد اشتقت إليك بدوري. جذبني إلى صدره وكور شفتيه على صورة خاتم ثم قبلني قبلة خاطفة. جذبت رأسه نحوي وتلقمت شفتيه البضتين بين شفاهي. تركت لساني يتجول حرا داخل فمه.. حين حررت رأسه قرأت المفاجأة في نظرة عينيه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= حسنا فعلت بمجيئك الليلة. كنت بحاجة كي أفرغ قلبي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تفضلي.. هق.. أنا معك مه...ما طال الحد....يث</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لن يطول، أحس بالأمان مع حضرتك. عند سماعه كلمة حضرتك، قاطعني قائلا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نحن.. أصدقاء...لا تنطقي...هذه الكلمة، أنت دخلت قلبي.. هق...</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أعرف وأحس بصدق ما تقول، لهذا أرغب أن أفرغ همومي لو سمحت. سكت لحظة لأحتسي جرعة من الكأس، ثم واصلت الحديث:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قلت لك لا تهتم بوجود زوجي.. لعلك لاحظت أنه يكبرني بأزيد من أربعين سنة. زد على هذا أنه منذ أكثر من سنة لم يعد يلمسني. أصيب بمرض سرطان البروستات، أجرى على إثره عملية أثرت أكثر على حياته معي.. صار يتعامل معي كأب لا كزوج.. يحزنني منظره عندما ألاحظ كل الجهود التي يقوم بها ليرضيني. خاصة حين ينظم سهراته ويدعوني لمجالسة أصدقائه ومنهم مدير الشركة وأعضاء من الحزب الشيوعي.. ولا أخفيك سرا إذا اعترفت بأن تصرفه يؤلمني لأنه يحاول أن يدفعني لتعويض الحنان الذي فقدته ...</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أمر محزن فعلا..هق</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>هنا ارتميت أنا عليه من جديد. قبلته قبلة طويلة. مد يده يتلمس فخذي، ثم صدري. يده الضخمة تسجن نهدي وتنتقل للثاني. بدأت أرتعش لكني رجوته أن يتوقف</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لماذا هل أز...عجتك..هق.. أم..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= حاشى لم تزعجني، بل تثيرني لأني نسيت معنى الحب والجنس.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنا هنا...هق.. من أجلك</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لم تفهمني جيدا، اعذرني من فضلك. أنا لا أشتكي كي تعوضني. لست خائنة أردت فقط أن تعرف كيف أعيش.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كما..تحبين.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= مع الأسف، الموضوع ليس سهلا. لم أتعود. تربيتي البدوية لا تسمح لي بخيانة زوجي. لا أجد الشجاعة المطلوبة كي أخونه. أنتظر منه أن يرخص لي بوضوح قبل أن أفعل أي شيء. هذا أمر صعب لست قادرة عليه رغم رغبتي وحماسي. أظن من الأحسن لنا أن نحافظ على صداقتنا ونقويها بطرق أخرى. أنتظر كل يوم أن يرخص لي لأنه لم يعد يتحمل أن يراني دائما قلقة ومتوترة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>قبلته بقوة مرة أخرى، تركت لساني يتجول داخل فمه ويدي تتلصص أسفل حوضه حتى عثرت على كومة اللحم تحت كرشه المنتفخة. تنهدت ثم بدأت أبكي وصدري ملتصق برأسه. تركته يلعب بنهدي ويحضنني ويدي تعصر قضيبه وهو داخل السروال. بدأ يلهث ويتجاوب.. كدت بدوري أنصاع معه للهاوية، لكني تمالكت نفسي. حاول إدخال يده من فتحة البيجامة عند الفخذ لكني دفعته بعنف حتى كاد يسقط. توقعت أن يغضب مني لكنه على العكس استحسن ما قمت به. سمعت خطوات زوجي قادمة. تراجع هو للوراء بينما مررت أصابع كفي بين خصلات شعري أعيد ترتيبها. ألقى حسن نظرة علينا ثم جلس وقال:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هذه السنة الجو في الخارج بارد رغم أننا لم نخرج بعد من الصيف.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ألقيت نظرة عاجلة تحت كرش الضيف. خيمته ما تزال منتصبة وبدا عليه أنه تضايق برجوع زوجي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أتمنى أن تكون هذه المرأة قد قامت بواجب الضيافة. أراك لم تشرب كأسك بعد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا.. أنا الذي... جئتكم في وقت... غير مناسب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كل الأوقات مناسبة لرؤيتك، لا تقل هذا يا رجل، نحن أصدقاء. زوجتي على الخصوص لا تكف عن مدحك. إنها معجبة بشخصك وكرمك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنا أيضا... معجب بها.. وبك أيضا. أجبته بدون تردد:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يسعدنا أن نستقبلك بدورنا كل يوم، حتى أصدقاؤك مرحبا بهم ما دمت ترتاح إليهم، ليس من الأدب أن نبعدك عنهم. تحول الحديث إلى ضحك ودعابة. ثم استسمح القاضي ليذهب إلى المرحاض. وقفت بجانبه لأدله على الطريق ولاحظت أنه أطال النظر لزوجي. كما لو أنه يريد قول شيء ما لكنه تردد. قبل فتح باب الحمام همس بأذني وهو يقبلني:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لماذا لا نصارح...زوجك.. دعينا نستم...تع... ونعيش.. هق..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تتعجل، سأتحدث معه حين تنضج الظروف.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>حينما وقف حسن ليوصله إلى الخارج سألته أن يقوم بدور السائق لأن حالة القاضي لا تسمح له بالسياقة، على أن يتدبر أمره عند العودة. لم يتقبل القاضي في البداية لكني ألححت عليه فقبل. لم أطمئن حتى رأيت السيارة تنطلق وتختفي منحرفة عند نهاية الشارع.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بعد عودة حسن سألني عن الجديد مع حضرة القاضي. فتنهدت:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يبدو أنه لم يعد يحتمل، أظن أن عليك غدا، حين يأتي، أن تقضي وقتا أطول حينما تقوم بجولتك وإلا سنجعلك تتفرج على ما قد يزعجك. إن تأخرنا عليه أكثر قد يصيبه باليأس وربما يشك في أمرنا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= رأيك على صواب، لكن أليس الأمر محرجا لي وله؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= بالعكس، بالنسبة إليك لن يكون ثمة شيء غريب أو جديد، لقد تعودت منك مثل هذا مرارا. أما بالنسبة إليه هو، فيستحسن أن نأخذ رأيه، لأني شرحت له الوضع وصورتك كشخص لم يعد قادرا بسبب عملية جراحية أجريتها على جهازك التناسلي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إذن لم تتركي شيئا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong><u>الفصل 8</u></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في العاشرة من صباح يوم غد، قررت زيارة صالون اليهودية لترتيب شعري وتجميل وجهي. قضيت معها ساعتين نتحدث في كل شيء. لم أزرها كثيرا منذ مقتل زوجها. حتى الدروس لم أعد أستفيد منها كثيرا وعوضتها بالتحدث المباشر والاستماع للأخبار من خلال الراديو. لحسن حظي أنها لا تعرف علاقتي بمقتل زوجها وإلا فإنها قد تفكر في الانتقام. كانت حزينة تحس بالفراغ وصارت تفكر في الهجرة إلى البلد الجديد الذي سموه إسرائيل. لاحظت في طريق عودتي وجود عدد مهم من الناس على غير العادة. يدل شكلهم ولباسهم أنهم قادمون من أحياء هامشية بعيدة. كلهم يصرخون ويحملون صور السلطان المنفي. يشبهون كثيرا أهل بلدتي التي تركتها خلفي في تلك النقطة المجهولة من الأرض.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>لما عدت فتحت الباب بصمت وهدوء حتى لا أوقظ حسن من نومه قبل الموعد المعلوم. لكني فوجئت به واقفا يحمل سماعة الهاتف بيده:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نعم سيدي.. ها هي قد عادت، أظن أنها كانت على ما يبدو في صالون الحلاقة.. كنت أحدثك بصراحة عنها، إن كنت تريد أن تكلمها نكمل حديثنا في المساء.. لا.. أوكي، كما يحلو لك. أكمل حديثي إذن؟ حاضر. قلت لسيادتك أني لم أتزوجها من أجل رغبتي في الزواج بفتاة تصغرني بما يفوق أربعة عقود، الإدارة اشترطت علي للبقاء في المسكن الذي كان يقيم فيه والدي بعد وفاته أن أتزوج. وهي في الحقيقة من العائلة. أمها ابنة عمتي، وجدها من ناحية أمها هو جدي من جهة أبي. إضافة إلى هذا، كانت زوجة أخيها تستعبدها وتشغلها في كل ما يتصل بالبيت، كانت فرصة لأنقدها. حتى بكارتها فتحها الطبيب بمشرط.. نعم هو كذلك.. سأبلغها، هي تنتظر زيارة المساء بفارغ الصبر. إلى اللقاء. وضع السماعة والتفت نحوي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كنت أكلم القاضي، اتصل ليسأل عنك، يبدو أنه صار مهووسا بحبك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ولماذا أخبرته بقصتي كاملة؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= اغتنمت الفرصة لأشجعه على الاقتراب منا أكثر. لن يتردد بعد أن سمع قصتنا. لكن.. كدت أنسى، الذي أيقظني مبكرا هو وصول أوامر جديدة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مد لي رسالة، فتحتها، لما رأيت أنها مكتوبة باللغة العربية أعدتها إليه وسألته:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تعرف أني لا أقرأ العربية، لماذا سلمتها لي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نسيت أنك تجهلين الخط العربي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= اقرأها إذن وفسر لي ما فيها من فضلك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>" تطوان 12 نوفمبر 1955</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>السلام عليكم ورحمة *** تعالى وبركاته، وبعد</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>وصلنا تقرير مفصل عن تطورات غير محمودة، حصلت في نطاق العلاقة التي كلفتم بها. ذلك أن الهدف كما هو محدد مسبقا ينحصر في الحصول في أقل وقت ممكن، وقبل وقوع ما لا تحمد عقباه، على معطيات واضحة وهي كالتالي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>1 = التعرف على موعد نقل سجناء المقاومة الأشاوس من سجن عين برجة إلى سجن آخر قرب مدينة مازاغان.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>2 = توقيت العملية</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>3 = الطريق التي ستمر منها سيارة حراس السجن</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>وإن تمكنتم من معرفة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>4 = عدد الحراس المرافقين لها، يكون ذلك إنجازا تشكرون عليه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أما غير هذا، مثل توطيد العلاقة أو ارتكاب فاحشة الزنى فهي مرفوضة لا نوصي بها ولا نتحمل وزرها. وإذا حصلت، تتحملون وحدكم مسؤوليتها. لأن الحركة لا تقبل أية علاقة بين كافر ومناضلة *****.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>دمتم بحفظ *** ورعايته.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>قيادة حركة"...................."</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>نظرت لحسن لعله يكون فهم ما لم أفهمه.. أشعر يوما بعد يوم أني صرت بدون قيمة. هل يتصور صاحب الرسالة أننا سحرة، أو أصحاب قوة جبارة قادرة على معرفة المطالب الواردة في الرسالة بسهولة؟ هل يتصور أن الضحية التي هي أنا، راغبة في ارتكاب جريمة الزنى مع كافر بإرادتي، أو أن القاضي الذي أرشدوني إليه، باعتباره المسؤول عن الأحكام وعن قرار نقل السجناء سوف يخبرني بدون عناء عن برنامج عمله؟ وحتى لو تمكنت من معرفة خبر النقل فكيف أستخرج منه بقية الأخبار، وهي على ما يبدو ليست من اختصاصه وحده؟ على أي، تعقدت المهمة أكثر، وأصبح من الواجب أن أتصرف بسرعة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>التفت نحو حسن:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما هو رأيك أنت، هل ترى من مخرج؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أظن أن المخرج الوحيد هو تغيير الخطة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كيف؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نستعمل العنف والحيلة لنستخرج منه ما أمكن؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إذا لجأت إلى العنف فأنا أرفض المشاركة. استعمال العنف سيؤدي لما هو أفدح. سيكون علينا قتله وإلا سنلقي بأيدينا إلى التهلكة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= دعيه يدخل ويجلس كالعادة، سأرى مع الصديقين في الأسفل ما يجب فعله. بوسعك أن تظلي معنا أو تخرجين في جولة ريثما نكمل العمل.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يا لك من عبقري. أتظن الأمر سهلا إلى هذه الدرجة؟ هل تصدق حقا أن القاضي يزورنا بدون علم الحراس وبدون أن يخبر الشرطة مسبقا بمكان وجوده؟ هل الاستعمار بليد في نظركم إلى هذه الدرجة؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وما العمل إذن؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= العمل هو أن تختفي تماما بمجرد وصوله، دعني كأنثى أتصرف. ما يأتي بالحب والمتعة لا يأتي بالقوة، إلا أن الأخبار ستظل ناقصة لأن جزءا منها يتعلق بالشرطة ورجال الحراسة. والآن دعني أرتاح قليلا حتى لا أبدو مريضة أو متعبة ساعة وصوله.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= الأهم هو الموعد، وسنرى غدا كيف نتدبر الباقي،</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سنرى.. دعني أرتاح من فضلك ولها مدبر حكيم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في الساعة التاسعة مساء بالضبط رن جرس الباب. فتح حسن وسمعته يكلم الطارق، بعد برهة عاد:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= حضرة ضيفنا يقترح أن نتعشى في مطعم ثم نعود للبيت، ما هو رأيك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= رأي معقول. اسبقني والتمس منه أن ينتظر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كان قد حجز طاولة في مطعم شهير في حي "بلفيدير"، لا يبعد كثيرا عن محطة القطار. تخلصنا من المعاطف عند دخولنا إليه. كل الطاولات بدت مشغولة وثمة أناس غيرنا ينتظرون عند المدخل. بمجرد أن شاهدنا النادل أسرع يرحب بالقاضي وضيوفه. تبعناه لطاولة فارغة في نهاية الممر. كان الضوء خافتا. طلب القاضي قنينته المعلومة فجاء النادل بسطله مسرعا. ما كدنا نتعود على جو المكان حتى وقع بصري على الطبيب جالسا مع سيدة لعلها زوجته. هو أيضا شاهدنا فوقف ليسلم علينا. فجأة وقع نظره على القاضي فصاح بصوت يطبعه الفرح:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أهلا وسهلا حضرة القاضي المحترم. أين كل هذا الغياب منذ مدة لم تشرفنا بالمطعم. سلم علي أنا وحسن ونادى على السيدة لتلحق بطاولتنا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل تسمح لي سيدي القاضي أن أجلس معكم أنا وزوجتي؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تفضل، أنا سعيد برؤيتك، عندما حجزت لم أتوقع أن أجدك حاضرا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنا مضطر لمراقبة العمل هنا كي يحافظ المطعم على سمعته.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= حسنا تفعل لا بد من المراقبة. أنا من زوار المطعم حتى قبل أن تتحول ملكيته إليك. كيف هي أحوال الحزب؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنت أعلم مني بأحواله. اليمين ضيق علينا الخناق في فرنسا وهنا أيضا يتهمنا بمساندة المقاومة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تقل هذا. قوتكم مشهود بها، قد سمعت أنكم أنشأتم بالفعل جناحا مغربيا صرفا ونقابة تابعة للكنفدرالية الفرنسية أيضا. وهي نشيطة ولو أنها تخلط بين السياسة والشغل.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= فعلا لكنكم تحاصرون كل أعمالنا هنا وهناك. المهم شرفنا بتقديم الضيوف الأعزاء.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أبدا، لا تحاول الضحك علينا، أنت تعرف المدام حسن لأنك طبيب الشركة وتعرف ما لا أعرف أنا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وهو كذلك، لكن دعنا أولا نشرب نخب لقائنا، واسمح لي أن استضيفكم الليلة على حساب المطعم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كرم كبير من حضرة شيوعي يهودي، لكني أفضل أن أدفع. هناك فرص أخرى قادمة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل يمكن أن نترك للضيوف أيضا فرصة الحديث، خصوصا مدام حسن.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نحن هنا مجرد ضيوف عند حضرة القاضي. قلت له</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا بد من مشاركتنا الحديث، أنت وزوجتي وسي حسن أيضا لديه ما يقال، أليس كذلك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما ذا تريدني أن أقول؟ أنا مجرد عامل بسيط.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا من فضلك، هل تظن أني أجهل نوع مسؤولياتك النقابية وحتى السياسية. هل أخبرت معالي القاضي بدورك في الحزب الشيوعي المغربي؟ طبعا لا وأجزم أن صداقتكم لم تتجاوز حدود السهر والشراب و...،</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أعتقد أنك بدأت تتجاوز الحدود قليلا. رد عليه القاضي. أرجوك لا تكهرب الجو.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= بالعكس أنا أستدرج سي حسن وحرمه ليخبرونا عن أنشطتهم. لا شك أن لهم دورا فيما يحصل بمركز المدينة هذه الأيام.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما ذا ستستفيد أنت لو حدثناك عن أنشطتنا التي تتخيلها، هل تعتقد أن حضرة القاضي لا يعرف ما كنت تفعله معي؟ تريد أن تصغرني في عينه وتنقص من قيمتي قبل أن أفضحك أنا مع زوجتك.. هل هذا هو ما تسعى إليه؟ قلت له وأنا أقف ناوية الخروج من المطعم. التفت في نفس الوقت لزوجي وللقاضي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= عندما تتناولان عشاءكما ستجداني بالبيت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>وقف القاضي يحاول إقناعي بالعدول عن موقفي لكني تمسكت بالخروج. بدأت أبتعد وأنا أوجه الكلام للطبيب:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لو كنت أعرف أننا مدعوون لمطعمك ما قبلت المجئ. طلبت معطفي وخرجت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>تبعني حسن ومعه القاضي. في السيارة أجلسني القاضي بجواره، بعد إقلاعنا نظر إلي مبتسما وقال:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يا لك من لبؤة جبارة. من يشاهدك لا يتصور أنك صلبة وعنيدة إلى هذ الدرجة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنا بالعكس لينة ولطيفة، لكن لا أقبل أن يضحك علي مثل هذا المتحذلق. للكرامة حدودها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= الآن هل نبحث عن مطعم آخر أم نعود للبيت؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= مرحبا. كل شيء متوفر حضرتك. حتى أنواع الشراب متوفرة، لقد كهرب اليهودي مزاجنا، لم يعد المطعم ضروريا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بمجرد وصولنا، لاحظت أن القاضي سأل زوجي إن كان بوسعه أن يخفي سيارته بالداخل لأنه لا يريد أن يتعرف عليها أحد من الشرطة أو الفضوليين. كانت المائدة مليئة بأنواع من السلطات والسمك واللحم المقلي. أخرج حسن نفس الشامبانيا في سطلها وثلجها. وبدأنا السهرة. التمست من الضيف أن يسمح لي لحظة لأقوم بتغيير لبسي. عند رجوعي ارتديت قميصا نصف شفاف. عبارة عن خيوط حريرية بعضها أسود وبعضها أبيض. لا يزيد عرض كل خيط عن سنتمتر واحد، ملتصقة عند الحواف في الوسط وحول الكتفين والرقبة، لكنها سائبة من الأسفل تفضح كل شيء، كما تطل حلمتاي من خلالها كأقمار سجينة كلما تحركت. أجلس بجوار الضيف فتفسح الخيوط فراغات واسعة تظهر عبرها الفخذان. صب حسن الكؤوس الثلاثة وحين نظر إلي غمزته ليتذكر التعليمات، تجرع كأسه بسرعة وقال:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يمكنكم التصرف بكل حرية، سأخرج أنا للقيام بجولتي المعتادة، أعتذر إن تأخرت عنكم لكني عائد بعد ساعتين على أبعد تقدير.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تهتم سأقوم بالواجب وأكثر قلت له.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا.. مستر حسن، يمكنك البقاء. قد نحتاج إليك، غير معقول، الناس لا يتصرفون هكذا مع الضيوف.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= دعه يقوم بعمله، خروجه سيحررنا أكثر، لم يعد هناك ما نخفيه عنه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>خرج حسن بعد أن وضع في جيبه مكسرات ونصف لتر من النبيذ.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لن تصدقيني لو اعترفت لك أني كنت أتمنى لو بقي حسن معنا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ليس معقولا ما تقول. سوف يضايقني حضوره، إلا إذا كنت ممن يفضلون ممارسة الجنس تحت المراقبة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نعم أنا منهم، وأحتاج إلى أكثر من ذلك. عندما أعاشر زوجتي لا أحس تقريبا بأية متعة. أقوم بالواجب فقط لأتهرب من الغيرة وكثرة الأسئلة. لكني حين أعاشر امرأة متزوجة مثلك، أشعر بشهوتي تتضاعف وتنفجر إذا حضر معنا زوجها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إذا كان الموضوع كما تقول يمكن أن ننادي عليه. لكن ما هي الأمور الأخرى التي أشرت إليها؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تستعجلي، سيأتي وقتها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا بد أن تخبرني مسبقا حتى أعمل حسابي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قلت لك لا تهتمي الآن بالأمر. أفكر هل وجود زوجك يسمح لي بأن أفعل ما أحلم بفعله أم لا؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>سحبته نحوي وقبلته قبلة خفيفة، اعتقدت أنه متردد.. لن نصل للغاية لو بقي مترددا هكذا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تظني أني متردد. دعينا نشرب قليلا، ربما أشرح لك حين نبلغ الكأس الرابعة أو الخامسة. قبل ذلك لو سمحت هل عندكم ويسكي؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كل الأنواع عندنا. زوجي يستقبل ضيوفه في البيت. قمت لأحضر له الويسكي من المطبخ.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لدي سؤال لو سمحت</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تفضل</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= عندما تستقبلون الضيوف، هل يخرج زوجك كما فعل الآن؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا مطلقا. يجلسني معهم ويسمح لي أن أتصرف بحرية، أشارك في كل النقاشات حتى في حالة استخدام كلمات فاحشة، لكنه لا يخرج ولا يقبل حركات خارجة عن الحدود.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ولماذا يتصرف معي أنا بالذات بهذا الكرم؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ضيوفنا ليسوا كلهم قضاة، أحيانا يكون بينهم ضباط من الشرطة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لست أدري لماذا أرغب في حضوره رغم أني سأتحول بعد قليل إلى كائن آخر، وسيظهر مني تصرفات غير مفهومة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= المهم أن تكون تصرفات تزيد من الشهوة والحماس. لا تجعلني أضيع ليلة اليوم، فقد عانيت طويلا قبل أن أحصل على رجل حقيقي من طينتك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لو طاوعتني ونفذت ما يلبي رغبتي أعدك أنك لن تندمي. الآن اسمحي لي، كدت أنسى.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>وقف وسار حتى بلغ معطفه المعلق خلف باب الصالة وأخرج منه علبة صغيرة مكتوب عليها CARTIER.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرجو أن تتقبلي مني هذه الهدية البسيطة. تستحقين أكثر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>فتحها وأخرج منها عقدا مرصوصا بالجواهر لم أحلم يوما أني سأتمتع بمثله. انحنى قليلا ومرر يديه وراء رقبتي ليعقده من الخلف. شعرت أن جسدي يهتز ويرتعش حتى قبل أن نبدأ. سرى في عروقي لهيب نابع من بريق الجواهر التي تدلى لعانها فوق صدري. تذكرت هدية الولد البكر لرئيس محطة القطار. وقفت بجانبه قبل أن يجلس تعلقت بعنقه أقبله وأشكره. أجلسني برفق على فخذيه ثم قال.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= دعينا نشرب قليلا ونأكل بعض الطعام ثم ننطلق أحرارا فيما اجتمعنا من أجله. لم يعد يهمني زوجك يأتي أو لا يأتي. كنت خائفا أن يراني في أوضاع غير لائقة، بداخلي الآن صوتان أحدهما يفضل غيابه والثاني يقول العكس. لكني مصر أن وجوده يحسسني أكثر بحقيقتي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong><u>الفصل 9</u></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كلماته بدت لي كالطلاسم، مهما يكن فلن يحدث بالنسبة لي أكثر من ممارسة الجنس. ربما هو فخور بجسمه وقوته وفخامة قضيبه، لكني أنا أيضا فخورة بجسمي وسني وشهوتي. ربما سيؤلمني لو رغب في معاشرتي من الخلف، لكن من الضروري أن أصبر. سوف يساعدني الشرب على التحمل، لا ينبغي علي نسيان مهمتي وأهدافي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>وصلنا الكأس السادسة من زجاجة الويسكي. أخيرا دقت ساعة الحساب. بدأ حضرته يسترخي. ينظر إلي ويقبلني ويتفسح بعينيه ويديه فوق جسدي. رميت القماش المخطط لأنه يضايقني. جلست عارية أحاول التغلب على آخر ذرات الخجل والتردد. فجأة تحدث قائلا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرجو أن تسمعيني جيدا. عندي في الجيب الداخلي للمعطف مجموعة أدوات، هاتها لأشرح لك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>قصدت المعطف وأدخلت يدي في أحد جيوبه الداخلية. أخرجت سوطا تدلت من قبضته خيوط عديدة مصنوعة من جلد البقر، وسلسلة حديدية لتقييد اليدين، وقناعا جلديا أحمر اللون. كان قد تعرى تماما وتدلى قضيبه مسترخيا كقضيب حمار. انزعجت. ما ذا أقول لو أراد وضع السلسلة حول معصمي؟ والقناع، ما هي منفعته؟ وهذا السوط ما هو دوره؟ وقفت أمامه مرعوبة ومددت له أدواته.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تفزعي. هذه كلها ليست لك. سأضع يدي معا خلف ظهري، والقناع على وجهي. سأجثو على ركبي وعليك بعد قليل أن تحركي السوط بهدوء أولا وترفعي وتيرة الجلد تدريجيا. لا تتوقفي. لا تتعجبي مني، سوف ترين قضيبي ينتفخ وينتفخ بشكل لا يصدق.. لا تتوقفي عن تحريك السوط فوق مؤخرتي.. حين أدعوك للتوقف انبطحي أمامي ودعيني أفرغ ما يتجمع في الخصيتين.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>قلب ذراعيه لأتمكن من تقييد معصميه خلف ظهره. جثا على ركبتيه بعد أن غطى القناع وجهه. أصبح أمامي شخص مجهول، لولا ضخامة الجثة لما تعرفت عليه. شعرت بالفخر والعزة لما بدأت أصفع مؤخرته بالسوط. كان يصرخ ويأمرني برفع الحدة والوتيرة. يدعوني للضرب بقوة أكبر. ترى لو حضر زوجي ماذا سيقول؟ أي عجب هذا؟ هل النصارى مخبولين ومجانين إلى هذه الدرجة؟ ما ذا أستفيد أنا من كل هذا؟ لو كنت أحب العنف والانتقام لفرحت للدور الذي كلفني به حضرته. أسمعه وأرفع القوة والوتيرة. لون مؤخرته الأبلق يحمر ويكاد الدم ينفر منه. اسمعه يأمر فأزيد، تعبت من الضرب ولم تتعب مؤخرته من لسعات السوط بعد. ألقيت نظرة تحته فصعقت. يا له من منظر لا يحتمل. كيف تقبل امرأة أن تتزوج بمثل هذا؟ قد يعجب العجائز أو العاهرات المتعودات، لكنني فتاة في بداية الطريق، زوجي رجل مسكين لم يدربني على شيء غير طبيعي. كان القضيب يجلد بطنه من الأسفل كلما انقبض صعد حتى ينطح بطنه. يحدث صوتا كأنه يقلدني أو يرد على صوت الضربات فوق المؤخرة، فجأة رفع رأسه وأمرني بالتوقف.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>جثوت أمامه على ركبتي ويدي. رأسي محني إلى أقصى درجة ومؤخرتي عند حوضه. لم يطلب مني تحرير يديه لهذا صعب عليه أن يتحكم في جسدي. كان يلهث كحصان ويحاول دفع عموده بين ردفي ويتجه به نحو فرجي، لكن القضيب أعمى حائر بين هدفين. يدخل بين فلقتي المؤخرة ويعود الصعود حتى أشعر برأسه على ظهري. توقف وانحنى بوجهه وشعرت به يلحسني بين الردفين ويولج لسانه في فتحة الشرج. يا إلهي، هل ينوي اقتحامي؟ بالتأكيد لن ينجح في تمرير ربع طوله لو دخل في الفرج، أما الشرج فيستحيل أن يتجاوز منه الفتحة. شيئا فشيئا جعلني لسانه أسترخي وبدأت أفرز عسلي. نهض ورائي ونزل رأس القضيب فوق كسي. بدا أن صلابته مكنته من إدخال رأسه. توقف لاهثا ثم عاد يجاهد كي يدفع الباقي. بدأت أختنق وفكرت في الانسحاب. الجزء الذي استطاع الولوج ساخن ينبض بقوة شديدة. تذكرت مشاهد البادية حين كنا نتفرج على جماع الحمير والبغال. لا يختلف قضيب حضرته عن تلك المخلوقات. ربما قد يكون أسهل علي لو جامعت حمارا. بعد عجزه عن الدخول شعرت به يتضاءل قليلا. سحبه وعاد يأمرني برفع السوط والاستمرار بقسوة في الضرب حتى يستعيد إنعاظه وانتصابه الأول. بعد قليل أوقفني فألقيت نظرة على القضيب. بدا لي من الأحسن أن أحرر يديه ليستطيع التحكم في جسدي ويحسسني بقوته بدلا من هذا العذاب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يبدو أن علي تحرير يديك لتتمكن مني.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نعم. نعم، إن كان هذا يريحك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>حررته فأمسكني من الخصر بقوة. شعرت ببرودة يديه تحاصرني، كنت أتقاطر من العرق وعسلي يسيل فوق فخذي. بعد معاناة قصيرة وألم بسيط شعرت بنصف القضيب يملأ فرجي. شهقت محاولة التنفس وجسمي كله يرغب في المزيد. بدأ يرهز محاولا الحفر داخلي مثل جرار يدك الأرض ويفجر عيونها. تعودت على حجم القضيب واستأنست به. أصبح مثيرا ولذته لا تقارن. فهمت عندئذ لماذا بعض النساء يعشقن الحجم الثخين. ثلاث هجمات جعلتني أرتعش. عندما شعر بفرجي ينبض ويسيل عسله زادني هجوما وزاد القضيب دخولا فتواتر شهيقي وسال عرقي وعسلي. انتقلت بسرعة البرق للهزة الثانية ومنها للثالثة والرابعة. جسمي وعضلاتي كلها ترتعش بدون رغبتي وإرادتي. فقدت كل سيطرة على نفسي وغطى الضباب عيني. لم يقذف الملعون حتى اقتربت من فقدان الوعي. توقفنا معا وانبطحنا ملتصقين فوق الكنبة. شعرت بالقضيب كأرنب خائف يرتاح بجوار فخذي. عانقني وقبلني. شربنا كأسين إضافيين وأراد أن يعيد نفس السيناريو. لكني أوقفته قائلة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= دعنا نستريح قليلا الليل أمامنا ممتد إلى الصباح.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شكرا على تحملك. كم أنت رائعة. سوف أحبك كما لا تتصورين، لن أفرط فيك أبدا. هل يمكنك المناداة على زوجك. يثيرني كثيرا أن يستمتع مثله بإهانتي. متعة نادرة قلما تتكرر. لكن لا تنسي أن ورائي غدا برنامج عمل مكثف.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= عملك مكثف في سائر الأيام، حضرة القاضي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا غدا يوم خاص، لدينا بعض الإرهابيين سننقلهم لسجن قرب مدينة "مازاغان") هذه المدينة سيصبح اسمها مدينة "الجديدة" بعد الاستقلال مباشرة(. يا للصدفة، ها هي المهمة تنتهي، الخبر الذي كافحت من أجله سمعته بدون أن أسأل عنه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لماذا تعذبون أنفسكم بنقلهم؟ اتركوهم حيث هم الآن واستريحوا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا. نقلهم ضروري، هناك سيطبق في حقهم حكم الإعدام رميا بالرصاص في غضون أسبوع على أكثر تقدير.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إعدام؟ يا للهول، أكره سماع أخبار كهذه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إنه الشغل، هل تعتقدين أني سعيد بإعدام الناس؟ شرح لي أحدهم أن عشقي للسوط والتعذيب والإهانة، سببه طبيعة عملي. أحس كأنني نذل حقير ينتقم من نفسه لكل الذين كان سببا في إعدامهم. لهذا يجب أن يحضر زوجك ليشاهد ما تعرضينني له من إهانة. لو استطعت إحضار غيره من المساكين والضعفاء لفعلت.. عليك من اليوم أن تتعلمي كيف تكونين أشد قسوة، فكلما أتقنت إهانتي كلما زادت شهوتي. معها ستزيد قيمتك وأزداد تمسكا بك.. هذه بتلك لكي أريحك يجب عليك أنت أولا أن تريحيني. الآن نادي على زوجك لو سمحت. دعيه يتفرج على حقيقتي كي لا يظن أني أضاجع زوجته مجانا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>فتحت الباب عارية وناديت على حسن. جاء بسرعة، لم يستغرب حين رآنا عاريين، نظراته تغيرت حين شاهد السلسلة والسوط والقناع وحجم القضيب. طلب منه القاضي أن يجلس بعيدا، يتناول كأسين ثم يتفرج ساكتا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>رمى ذراعيه ثانية خلف ظهره. قيدته ووضعت القناع حول وجهه. بدا يضحك وينظر لزوجي. حملت السوط وبدأت أصفع مؤخرته. حرصت كما طلب أن أكون أقسى هذه المرة. دفعت رأسه نحو الأرض بعنف دون أن أوقف السوط. وضعت قدمي على قفاه وضغطت عليه. تأوه متلذذا، بدأت أفهم نقط ضعفه. نزلت بالسوط وجلست على ظهره رافعة قدمي عن الأرض كأني راكبة فوق ظهر حمار. ضربت مؤخرته بقدمي فاهتز فرحا. حاول الالتفات بوجهه نحوي فدفعته بقدمي ليعود لإلصاق خده بالأرض. نزلت من جديد. كان قضيبه ينتفخ بسرعة فائقة حتى استعاد حجمه السابق. ركزت نظري عليه وشعرت برغبة في الالتصاق به. تمنيت لو يصفع ظهري وصدري كما يصفع بطنه. تاقت يدي لإمساكه واللعب به. عدت لقسوتي وبصقت فوق ظهره. خطر لي أن ألعنه. هي مناسبة عابرة أفرغ فيها لوعتي وغضبي. لعنته بالعربية ودفعت إبهام قدمي اليمنى داخل خرمه. بدا أنه استحسن جرأتي لأن قضيبه اهتز بعنف وشرع يتأرجح راسما ربع دائرة في الهواء برأسه. كان يتدلى بين الفخذين ويرتفع صاعدا حتى يلمس بقوة بطنه المتدلية. صوت ارتطامه يحدث إيقاعا رتيبا مع كل انقباض. نظرت لحسن فإذا بعينيه جاحظتان مستغربة ما يحدث. لعنته مرة ثانية بالفرنسية فاهتز جسمه كله.. لم أوقف السوط حتى رسمت خطوطا حمراء يوشك الدم أن ينفجر منها. أوقفني. مباشرة حررت يديه واندفعت تحته رافعة رجلي وفخذي إلى أعلى قدر ثم أرحتها فوق كتفيه. صارت أمامه كل الأبواب المؤدية إلى جنة الروح المعذبة. كانت خصيتاه فوق فرجي وقضيبه يكاد رأسه يلامس جواهر العقد المنيرة فوق صدري. أمسك قضيبه بيده وزرعه دفعة واحدة حتى اختفى فشهقت بصوت مرتفع مغمضة عيني وفاتحة فمي. انحبس الهواء في حلقي. لفترة طويلة لم أتنفس. شهقت ثانية وخامسة وعاشرة وبدأت أرتفع وأطير. سل عموده ونظر لزوجي، كما لو أنه يقول هكذا تكون معاملة الأنثى. وضعه عند فتحة الشرج ودفعه حتى صرخت متألمة. توقف لأستريح وجره للخارج. عاد يدفعه فلم يستطع دفع أكثر من الربع داخلي لأني أوقفته. فهم الوضع فسله وأعاده لمكانه الأول. همس في أذني وهو يقبلني، لما سكت؟ إلعني أصولي وقبيلتي وجنسي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= عليك اللعنة أيها الخول أنت وأهلك وعشيرتك. كلما سمع الشتائم يتقوى ويطعنني في أبعد نقطة من روحي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= متى ستنتهي أيها الكلب الحقير؟ متى ستغادر؟ أي عمل منحط تقوم به غدا أيها الحيوان؟ كم يسعدني أن تبقى إلى نهاية الزمن هكذا تحت حكمي وسيطرتي،</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لن أغادر ولن أنتهي. لا أحد يترك لبؤة مثلك يا شيطانة روحي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>خطرت لي فكرة أن أدخل أصبعين في خرمه ففعلت، صرخ وتنهد ثم قال بصوت مرتفع:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أعيدي ما فعلت أرجوك. أصابعك رحيمة، لطيفة أدخلي ثلاثة أو أكثر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سأدخل يدي كلها في خرمك لأنك سالب وحيوان وكلب حقير. لو كان زوجي فحلا لجعلته يقتحم شرجك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كل شتيمة تجعله أقوى. سمعته يهمس في أذني:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنت ملعونة وشيطانة، تزوجيني سأجعلك ملكة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= مثلك لا يتزوجه إلا أحمق أو حقير مثلك. قل لي متى تبدأ عملك غدا، هيا قل بسرعة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قلت لك سنغادر باكرا. العاشرة تقريبا حسب استعداد رجال الحراسة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل تأخذني معك إن كنت ستتعطل هناك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ليتك تفعلين، أكره البقاء وحيدا. سنبيت هناك يومين أو ثلاثة، لم أعد أحتمل فراقك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كان يحفرني بعموده وهو يجيب، بلغت أنا عددا لا أذكره من الهزات. كنت أجاريه مرتعشة متحملة راغبة في المزيد من الأخبار.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ألا يمكن الانتظار إلى ما بعد غد. أريدك معي ليلة أخرى. لن أتحمل غيابك عني طيلة يومين.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= غير ممكن لقد تحدد وقت ترحيلهم. سترافقينني غدا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>صرخ وبدأ يتخلص من حليبه.. كان المني غزيرا يتقاطر بكثرة فوق جسدي وفوق الكنبة. لم أشاهد مثل هذا القدر من قبل حتى لدى الولد والطبيب، كان كثيفا وثقيلا مثل العجين والمخاط. لو كان زوجي مثله لكنت اليوم أما لقبيلة من الصبايا، قلت لنفسي وأنا أنسحب من تحته. أمسكت القضيب بلهفة ومررت فوقه لساني أغسله. بينما زوجي يتعجب مني.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>حين خرج القاضي من الحمام عاريا كان حجم قضيبه قد تضاءل إلى الربع. سألته وأنا ألبس بيجامتي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل أنت صادق في دعوتك لي لمرافقتك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= طبعا لو سمح زوجك. سنسبق نحن سيارة نقل الإرهابيين. أنزلك بالفندق وأذهب للسجن لاستقبالهم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لم يسبق لي أن سافرت في هذا الطريق، هل هي جميلة؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= طبعا جميلة، سنمر على مدينة صغيرة معظم سكانها من اليهود والبرتغاليين تسمى أزمور. فيها ميناء صغير يصب عندها نهر أم الربيع. لا يفصلها عن المدينة التي نقصدها سوى بضع كلومترات. الآن لا تنسي، سأمر لأخذك في الساعة التاسعة والنصف. ارتاحي جيدا. حتى أدواتي ستبقى معك. شكرا على المتعة. إلى غد. تصبح على خير مستر حسن.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>رافقه حسن ليخرج سيارته. عند عودته كانت علامات الاستغراب ما تزال مرسومة على تقاسيم وجهه ونظراته. سألته:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لماذا تتعجب، هكذا يكون الجنس وليس ما كنت أرى منك. من الطبيعي أن تجد فيه مثل هذه العجائب. لكن هل سمعت ما قاله؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سمعت ولم اسمع. كان يهمس في أذنيك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قال إن سيارة النقل ستخرج من السجن عند العاشرة. سيسلكون طريق مدينة آزمور يعني الطريق البحرية. لعله لا يعرف بعد عدد الحراس، لهذا لم يقل شيئا عنهم. لم يبق الآن سوى التنفيذ. أتمنى أن تكون الجماعة مستعدة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لكن يبدو أن حالة الرجل أعجبتك، لهذا سترافقينه</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كم أنت أهبل، أو لعل عقلك يخرف. إذا لم أرافقه سوف يشك في أني أنا مصدر تسريب الخبر وستتعقد بيننا العلاقة. هل فهمت؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ليس الوقت الآن للمناقشة. يجب أن أبلغ الجماعة سريعا بما توصلنا إليه من معلومات. أتمنى أن تكون الخطة موضوعة من قبل ولا تنتظر إلا هذه المراسلة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أيقظني حسن في الثامنة والنصف صباحا. كنت في حالة يرثى لها. ذهبت للحمام لأغتسل. آثار الضغط مصبوغة باللون البنفسجي تظهر واضحة في كل أنحاء جسمي. ألم فظيع في الشرج يمنعني من الجلوس. أعرف أنه سيزول سريعا لو وضعت مرهما ضد الألم. ما يزال أمامي ساعة ونصف كي أعد نفسي لاستقبال من جعل شكلي يبدو كلوحة تشكيلية لبيكاسو رسمها طالب مبتدئ. لم أسأل حسن إن كان بعث الرسالة. كنت خائفة أن تضيع كل جهودي هباء منثورا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في التاسعة والنصف تماما أطل وجه الكلب الحقير. استقبلني بترحيب فائق كالعادة وقبلني داخل السيارة. فتح الراديو لنستمع للأخبار وبعض الأغاني الفرنسية. سلكنا طريقا يوازي شاطئ البحر الأطلسي في اتجاه الجنوب. كانت هناك مسافة تعدت ثلاثين كلم مجاورة للبحر قبل أن تبتعد قليلا إلى داخل البر. سرعان ما عادت إليه بعد مسافة مغطاة بأشجار الزيتون والتين وبعض النخيل وأشجار التين الشوكي. توقفنا قليلا بالقرب من آزمور لشرب القهوة ثم واصلنا السير.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كانت الأخبار عادية. باستثناء ما يتصل ببعض المحاكمات على إثر مظاهرات وقعت هنا وهناك. بينما نحن نستمع إذ خيل لي أني سمعت اسم إبراهيم إدحمو. كان الخبر يدور حول أحكام صدرت في حق إرهابيين بمحكمة مراكش. ورد اسمه ضمن مجموعة حكم عليهم بالسجن المؤبد. تأسفت لضياعه وإن كنت من قبل حاقدة وغاضبة بسبب ما أخفاه عني. بمجرد انتهاء النشرة التفت القاضي نحوي، وضع كفه اليمين فوق فخذي وقال:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل تودين السفر في الأسبوع المقبل لمراكش؟ سيطلب مني بالتأكيد السهر على نقل هؤلاء أيضا لنفس السجن، لأن بينهم مجموعة محكومة بالإعدام.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= دعني أفكر في الموضوع ثم أرد عليك. لكني لم أخبرك بعد أن مؤخرتي تؤلمني كثيرا. ضحك بصوت مرتفع وهو يرد:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نحن متعادلان. أنا أيضا تؤلمني مؤخرتي. هل نسيت؟ ثم أتم ضحكته. أستغرب كيف أن النشرة لم تتطرق لموضوع أكثر أهمية.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وما هو هذا الموضوع المهم في نظرك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هناك علامات تدل على تقدم المفاوضات بين فرنسا وممثلين عن أكبر حزبين إضافة للوجهاء من المغرب، حول إمكانية عودة السلطان محمد بن يوسف من المنفى وإلغاء عقد الحماية الذي بموجبه تحكمكم فرنسا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وما ذا سوف نستفيد لو تغيرت اليد الحاكمة؟ ربما نفقد بعض الأصدقاء فقط وسيبقى كل شيء على حاله؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ألا يسعدك الخبر لو تحقق فعلا؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لست سوى مواطنة بسيطة وحالي سيبقى هو نفسه إن لم يزدد سوءا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إن رغبت في الانتقال لفرنسا للتزوج هناك يمكن أن نساعدك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شكرا، أمي ما تزال حية ولا يمكنني التخلي عنها، كما لدي عائلة مكونة من الأخ وأولاده وأختي وعائلتها أيضا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سفرك لا يعني قطع الصلة، تستطيعين زيارتهم كل عام لو شئت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= عندنا مثل يقول: دعه يولد أولا ثم نسميه سعيد ) تايزيد ونسميوه سعيد (</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وما معناه؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= معناه أنك تقول إن الخبر غير مؤكد بعد، فلننتظر أولا أن يتحقق وبعد ذلك نرى ما يمكن عمله.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong><u>الفصل 10</u></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>وصلنا الفندق حوالي منتصف النهار. حجزنا غرفة واسعة تطل على البحر مباشرة. تركني ليذهب للسجن كما هو مقرر. شعرت بالجوع والعطش فاتجهت فورا لمطعم الفندق. بينما أنا منهمكة أتناول طعام الغذاء، أتساءل وحدي عما يكون قد حصل، إذا بالنادل يقصد طاولتي مسرعا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= من فضلك، هل حضرتك مدام سعاد حسن؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= نعم، ماذا هناك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= حضرة القاضي يسأل عنك في الهاتف. إنه ينتظرك على الخط.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أحسست بانقباض حاد في معدتي. أكيد أن المكالمة لها علاقة بموضوع نقل السجناء. ترى ما الذي حصل بالضبط؟ هل فشلت العملية أم نجحت الحركة في تحريرهم؟ لو كان يشك أني أنا من سرب الخبر لكان بعث لي بالشرطة بدلا من مهاتفتي. هل يريد أولا أن يستجوبني للتأكد؟ إنه يعرف عجزي وأني لن أعرف كيف أعود أو أفر، لهذا أجل الحسم حتى يختبرني. أمسكت السماعة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= آلو... من الهاتف؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنا.. اجمعي الحقائب وحضري نفسك. حصل طارئ يفرض علينا العودة للبيضاء في أقرب وقت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كانت سحنته متبدلة عند عودته. بدا أنه غاضب أو مفزوع. يقود السيارة بعصبية وهو صامت. الطريق كلها مليئة بفرق مسلحة من الرجال. جيش ودرك وشرطة. قاد السيارة بسرعة فائقة. لم يفتح الراديو كعادته.. لا شك أن سيارة السجن تعرضت لكمين. من الذي قتل ومن فر؟ لعل العملية فشلت أو ألغيت. مهما تحمسنا فإن الغلبة تكون دائما للأقوى، هذا هو المنطق. احترمت صمته وتركته يركز على السياقة. فكرت في أنه ربما وجد لي علاقة بما حدث وهو الآن يقودني للاستنطاق عندما نصل. لكني قررت أن أتصنع البلادة، فسألته:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لماذا هذه العودة المستعجلة؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ظل صامتا يفكر، ولم يجبني كأنه لم يسمع سؤالي. المسألة إذن فيها ما يدفع للتفكير. حينما اقترب موعد نشرة أخبار الساعة الثانية بعد الظهر، فتح الراديو. استمعنا لنهاية أغنية خلال بضع دقائق ثم توقفت، لتتلوها عناوين النشرة. "الإرهابيون ينصبون كمينا لإحدى سيارات سجن عين البرجة". وتلته أخبار أخرى تتحدث عن مظاهرات كبيرة في عدة مدن مثل فاس ومراكش والدار البيضاء، حمل المشاركون فيها صور السلطان وطالبوا بعودته من النفي. في تفاصيل الخبر الأول جاء أن سيارة نقل الإرهابيين من البيضاء إلى سجن "مازاغان" تعرضت لكمين، نصبه مجموعة من الإرهابيين على بعد حوالي ثلاثين كلم من البيضاء. وقد أسفرت المواجهة عن هروب كل السجناء ومقتل فرد واحد من الإرهابيين بينما قتل ثلاثة حراس ونجا من الموت اثنان آخران. وقع الهجوم الغادر على الرغم من كون الطريق كانت موضوعة منذ ليلة أمس تحت رقابة مشددة نظرا للمكانة التي يحتلها هؤلاء المجرمون في التنظيم الإرهابي. أما عن الخطة فقد تبين أن المجرمين جاؤوا من ناحية البحر، عن طريق قاربين سريعين مزودين بمحركات قوية. حيث يبدو أنهم كانوا على علم مسبق بمسار القافلة مما مكنهم من الاستعداد لمباغتتها. قاموا بجريمتهم ثم عادوا إلي البحر مصحوبين بالسجناء الخمسة. ويبدو أن عملية الملاحقة لم تفلح رغم محاصرة الموانئ القريبة من الموقع، حيث كانت فيالق من البحرية العسكرية تنتظرهم بسبب تأخر وصول الدعم في عين المكان الذي تمت فيه مهاجمة قافلة السجن، وكذا لعدم توفر رجال الحراسة على طائرة لملاحقة المجرمين عبر البحر.. ومعلوم أن للإرهابيين علاقة تعاون قوية مع بواخر صيد إسبانية في المياه الدولية، ولهذا يكون من المحتمل أن القاربين تابعان لإحدى تلك البواخر. وسنوافي حضراتكم في النشرة المقبلة بمزيد من التفاصيل عن هذا الحادث. انتهت النشرة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>نظر إلي وهو يتنهد. أحسست من نظراته المهمومة أنه يتحسر ويفكر كيف يمكن أن يحدث ما حدث. لم يكن باديا على وجهه أنه شك بي، أو على الأقل خيل لي ذلك. لو كان يشك لما ظل بجواري ساكتا ثابت الجأش كاتما غيظه في صدره. ربما يفكر بأني لو كانت لي علاقة لما سافرت معه. إذ كان مفروضا، لولا وجودي معه، أن يكون قريبا من سيارة نقل السجناء. ابتعاده عنها كان لأنه أراد إخفاء العلاقة بيننا حتى لا يتفضل أحد من الحراس بتوصيل أخبارنا إلى زوجته.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>لما أوصلني للبيت كان حسن ما يزال يغط في النوم. طلبت من حضرة القاضي أن يتفضل بالدخول. لست أدري لماذا قبل رغم أن المناسبة وكثرة المهام التي تنتظره تفرض عليه رفض الدعوة. دخل مباشرة للمرحاض واغتنم الفرصة ليطل على غرفة النوم التي كان بابها مفتوحا. تأكد أن حسن نائم ثم لحق بي إلى المطبخ. لم نأكل شيئا منذ فطور الصباح. سألته هل عنده شهية للطعام، فأجابني متنهدا بالنفي. صب لنفسه فقط كأسا من النبيذ وجلس على نفس الكنبة التي عرفت مغامراتنا من قبل. ركز من جديد نظرته في وجهي كأنه يصارع أفكارا تجول بخياله، وقال:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= مهما يكن تعلقي وحبي لك، أقسم أني لن أرحمك إذا تأكدت أن تسريب الخبر صدر منك. أنت وزوجك فقط تعلمان التفاصيل. لكن يجب أن ننتظر ما سيسفر عنه البحث المعمق.. سنوقف العلاقة لفترة وآمل من قلبي وكل جوارحي ألا تكون لكما أدنى صلة بالموضوع... سكت ليتنهد ثم أكمل.. وإلا لن أرحمك لا أنت ولا زوجك. سأودعك الآن لكن ستبقين تحت المراقبة ريثما نكمل البحث. ثم غادر شبه غاضب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مرحلة حرجة: من نوفمبر 1955 إلى 3 مارس 1956</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>عندما حكيت لحسن عما حصل، خاصة تهديدات القاضي لنا معا ضحك مستهزئا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تخافي، لن يخرج الاستنطاق ولا المراقبة بأي شيء، بينت العملية مدى حيرة وضعف إدارة الحكم الفرنسي. قريبا سيتم التوقيع رسميا على اتفاقية التفاوض مع الحكومة الفرنسية. فرنسا سلمت بعودة السلطان من المنفى إلى عرشه، وسيعود قريبا جدا. ليس من مصلحتها التصعيد، حتى لو وصل الاستنطاق لاتهامنا وإلقاء القبض علينا فإن الاحتجاجات الحالية ستزداد. لن يحكم علينا بأحكام قاسية. من المنتظر أن يعلن قريبا عن إطلاق سراح كل الفدائيين المعتقلين. لهذا، لا تشغلي بالك بالأمر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنا لا أريد أن أعتقل، فكر معي في وسيلة تخلط الأوراق وتمكننا من الخروج سالمين. أول ما يجب عمله هو توقيف أي نشاط وطني. لنبدأ أولا بتحرير الشخصين الموجودين في الدهليز تحت البيت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لقد حررتهما صباح اليوم. لم يبق هناك مبرر للهروب والتخفي. ألبستهما بلوزة العمال كي لا يثير خروجهما أي شك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أخبرني كيف تمت عملية تحرير السجناء.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كانت الحركة مستعدة في موقعين. الأول من البحر والثاني في قرية تقع قريبا من الطريق المؤدية لمدينة مراكش. بمجرد معرفة التوقيت والمسار الذي تسلكه البعثة تم إخبار الفرقة المقيمة بالبحر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= اسمع جيدا، علينا العودة لتنظيم سهراتنا. يجب أن ندعو لحضورها حتى بعض الضباط.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما علاقة هذا بما نحن فيه؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= العلاقة هي أننا سنبين لمن يراقبنا أننا غير خائفين، سنبتعد عن اجتماعاتنا السابقة مع رجال الحركة والتنظيم الفدائي. سنظهر للقاضي أننا نتصرف باطمئنان وليس لدينا ما نخفيه أو نخاف منه، نحن لا نمثل أي خطر. بهذه الطريقة سنرجح كفة البراءة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا أعتقد أننا ملزمون بكل هذا الاحتياط. في حالة الاضطرار لدي أسلحة ترغم القاضي على تغليب كفة براءتك. لا تخافي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرجوك، لا تكلمني بالأسرار. أوضح من فضلك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يوم كان القاضي معك عاريا جاثما على ركبتيه، وكنت تضربين مؤخرته بالسوط وتهينينه إلى أقصى حد كنت مع ثلاثة أشخاص نراقبه من خلف ستار النافذة. كلهم سيشهدون بما رأوه من سلوك القاضي. بوسعي أن أرفع دعوى ضده لأنه دخل بيتي واعتدى على شرفي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يا لك من مجرم. سمعتي أنا لا وزن لها في نظرك. ما يهمك هو كيف تحرج القاضي حتى لو بلغت المسألة للمحاكمة والصحافة والرأي العام. شكرا</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كل ما عملت هو اتخاذ الحيطة لحمايتنا معا. سمعتك على العكس ستتحسن لأن الجميع سيسمع بما تقومين به من تضحيات لصالح القضية الوطنية.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بعد شهر من التحقيق والمراقبة، تبين أن تسريب أخبار خطة نقل السجناء لم تتم من جهة القاضي بل من جهة الضابط المكلف بتنظيم حراسة القافلة.. تأكد للسلطات أن زوجة الضابط هي من سرب المعلومات المتعلقة بعملية النقل. لأنها كانت غاضبة على زوجها بعد أن اكتشفت خيانته مع زوجة أحد عمال نادي القضاة. فتحايلت على زوجها حتى علمت بخبر وتوقيت العملية، ثم أسرعت للنادي لتفضح زوجها. أخبرت العامل المعني بكل شئ، بما في ذلك ما يتصل بعملية نقل السجناء. كانت تعتقد أنها تنتقم منه وتفضح عجزه وفشله.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بعد يومين من إعلان النتيجة، رن الهاتف صباحا. كان حسن نائما فأسرعت للسماعة. كلمني القاضي كان مترددا على غير العادة. غلب على صوته مسحة محتشمة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أهلا سلطانتي العزيزة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= بدليل ماذا؟ بدليل اتهامك الفارغ؟ وحرماني من حرية التجول؟ وتضييق الخناق علي واستدعائي عشرات المرات للاستنطاق؟ يا لي من سلطانة خائبة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ضرورة العمل والواجب فرضت علينا ذلك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لدي الآن ما يجعلني أفهم. لقد استفدت في الوقت المناسب. أخطأت كثيرا بمغامرتي مع حضرتك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سأعوض لك كل ما ضاع، لا تكوني عنيدة وقاسية.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أنت من علمني وترجاني أن أكون قاسية. هل نسيت؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= اسمحي لي بزيارة قصيرة مساء اليوم علني أستطيع إقناعك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا يمكن طرد من يزورني. ليس هذا السلوك من عاداتنا. لكن سأعاملك كأي شخص غريب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= امنحيني ساعة واحدة وإذا لم تقتنعي أعدك أني سوف أنسحب إلى الأبد. لن أثقل عليك مستقبلا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أقفلت الخط دون أي إشعار أو اعتذار. اعتقدت أن تصرفي سوف يزعجه وأنه لن يأتي، لم أخبر حسن بمكالمة الهاتف. في التاسعة مساء، كان حسن واقفا أمام الباب، يتحدث مع صديق من الشركة حين وقفت سيارة القاضي. أسرع يسلم عليه ثم دعاه للدخول. ما إن وقع بصري عليه قادما حتى لجأت لغرفة النوم وأغلقت ورائي الباب. لحق بي حسن وترجاني أن أخفف غضبي وقال إن من العيب أن أتصرف بهذه الطريقة. الرجل جاء لإعلان الصلح. لنسمع منه وبعدها نودعه بدون أي التزام.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>لبست عباءة سوداء تقليدية، ولحقت بالصالة دون أي احتياط. كانت صورة وجهي بشعة ومتعبة. تخيلت أن شكلي البئيس سوف يقنعه بأني لم أعد صالحة للمعاشرة. وقف يحييني. قبل أن أنطق رأيته يضع على الطاولة بعض الأوراق. التفت نحو حسن ليسأله:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل معك رخصة سياقة؟ فلما أجابه رد عليه مسرعا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لقد حضرت للإعراب عن حسن نيتي. أنا مستعد لتعويضكم عما لحقكم من تعب بسببي. ها هي ذي أوراق سيارة من نوع "بيجو" آخر طراز كهدية باسم المدام سعاد حسن. يمكنكم في أي وقت إخراجها من وكالة البيع. ثم وضع جنب الأوراق مفاتيح السيارة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في الوقت الذي أسرع فيه حسن يشكره على الهدية، اخترت أنا الاتجاه المعاكس:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لم تفهم موقفي جيدا، بل لم تفهم شخصيتي نهائيا. هل كنت تعتقد أني لجأت إليك طمعا في الجوائز؟ بل كنت بحاجة لرجل حقيقي يعوضني ما عشته من الضياع. عرفتك على أسرار بيتي على حساب معنويات زوجي لكنك بعتني في أول مناسبة. في لحظة نسيت تضحيتي.. ظننت أني أحتمي بك فإذا بك أول من طعنني. والآن أرجوك أن تغادر غير مطرود.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شكرا، هل وصل بك الغضب إلى الطرد؟ تدخل حسن ليمنعه من الخروج والتفت إلي غاضبا. كانت تلك أول مرة أراه في حالة عصبية:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سعاد اهدئي من فضلك. أنا الخاسر الحقيقي، ضيعتك وعانيت بصمت، فلا تضاعفي خسارتي. حضرته يطلب الصلح معبرا عن ذلك بهدية محترمة. لا تربطي ما وقع بالكرامة لأنه معذور. ليس من السهل عليه ما حدث، لقد مسته العملية في مقتل وكفى بها من عقاب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>اتجه نحوي وأخذني لأسلم على القاضي. كان هذا جالسا في نفس مكانه المعتاد. جلست موجهة وجهي نحو الباب كي لا تلتقي العينان. أكمل حسن كلماته:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= دعوني أجلب قنينة النبيذ لتوقيع المصالحة. أقسم أنك لم تخلقي لتقطيب حاجبيك هكذا، لا بد أن تبتسمي. دعينا نفرح لأن كل الحزازات ستموت قريبا، أليس كذلك حضرة القاضي؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>صب ثلاثة كؤوس مد لي كأسا وللقاضي مد الثانية. شربنا المحتوى في وقت واحد. قبل أن أوجه بصري نحوه وضع القاضي ذراعه الثقيلة حول كتفي وعانقني.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شكرا مسيو حسن.. أنت رجل طيب وعظيم. أما أنت سعاد أعدك أن أصبح خاتما في أصبعك. الليلة في القارب بالنادي علينا أن نحتفل بالصلح، فرصة لكما لتجربوا السيارة الجديدة، مبروك. ثم قبل أذني.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= في هذه الحالة أرجو أن نبقى وحدنا. هل لديك مانع؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أبدا، لكن المسيو حسن لا بد من حضوره.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سي حسن هو الخيط الرابط بيننا، بل هو الوقود والطاقة بالنسبة إليك فكيف نتركه؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كنا في نهاية شهر أكتوبر ومنتصف فصل الخريف. سمعت بالراديو أن السلطان سينتقل من منفاه بجزيرة كورسيكا إلى باريس. أصبحت عودته للمغرب مسألة وقت فقط. زاد حماس الناس وأصبحت الاعتداءات على كثير من المعمرين أمرا عاديا. بدأ معظم الموظفين الفرنسيين يلزمون بيتهم خوفا من الغضب العارم. لم يبق أمام فرنسا فرص كثيرة للمراوغة. هكذا أعيد السلطان ظافرا معززا كريما لوطنه. لن أقف كثيرا عند مستوى الاحتفالات التي نظمت لاستقبال عودته. كان ذلك بتاريخ 16 من شهر نوفمبر 1955. بعدها بيومين ألقى خطابه الذي تحدث فيه عن قرب التوقيع على وثيقة استقلال البلاد، ونطق فيه جملته الشهيرة "لقد خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" أي أننا حققنا السهل وسيكون علينا مواجهة الأصعب وهو محاربة الجهل والفقر وبناء الدولة. أعلن تاريخ 18 فبراير من كل سنة كيوم وطني باعتباره تاريخ الاستقلال رسميا. في نفس الوقت صدر ظهير ملكي بموجبه ألغيت تسمية السلطان وحلت مكانها تسميته ملكا باسم محمد الخامس. رفعت الرايات المغربية في كل مكان. صار الناس يتجولون بكامل الحرية، وأطلق سراح أغلب السجناء من الفدائيين. تحرر الوطن وأنا ما زلت سجينة، قلت في نفسي معلقة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مرت شهور أربعة ونحن في أوج نشاطنا وفرحنا حين تم التوقيع رسميا على وثيقة الاستقلال خلال شهر مارس 1956. تعودت على إهانة القاضي بالشكل الذي يحوله إلى حصان يركض بدون رحمة فوق خريطة جسمي طيلة هذه الفترة. لكني حصلت منه، قبل أن ينتهي دوره بالمغرب، على وساطة مكنتني من الحصول على بيت تابع لوزارة الأوقاف في حي الحبس بدرب السلطان. غير بعيد عن المكان الذي يكتري فيه إبراهيم غرفته فوق السطح. عبارة عن دار أرضية بنيت على الشكل التقليدي، فيها غرفتان وصالة ومطبخ مع بقية الضروريات. كانت الوساطة بمثابة آخر هدية أتلقاها منه قبل توديعه وسفره. لكن لم يخطر بالبال أني سأقابل إبراهيم ثانية.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>خرجت كعادتي القديمة مصحوبة بالقفة متجهة إلى السوق. كانت اليهودية قد رحلت إلى إسرائيل وأغلق الصالون. فجأة شعرت بيد أحدهم تمسك ذراعي. التفت فإذا هو إبراهيم. فرحت وهنأته على الحرية، لكني لم أزد على هذا. استغرب من طريقة استقبالي. دفعني بأدب على هامش جدار قريب وقال:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= جئت أبحث عنك ولدي عتاب كبير. توقعت أن تسألي عني وانتظرت زيارتك. لقد كدت أفقد حياتي، هل نسيت أنك زوجتي؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كيف؟ هل تظن أني لا أعرف حكايتك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما الذي أخبروك به؟ أي حكاية تقصدين؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أقصد أنك كاذب محترف. ذهبت لزيارة زوجتك بمناسبة ميلاد ابنك، وقتلت فلاحا فرنسيا. أليست هذه هي الحكاية؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أعوذ با ***، أية زوجة؟ المسألة فيها سوء تفاهم. تلقيت أوامر بالتوجه لمراكش للسهر على تداريب خاصة ببعض المناضلين. كانت تجري بإحدى الضيعات نواحي أغادير. بجوار ضيعة ثانية يملكها معمر فرنسي. كنا ننام ونتدرب آمنين مطمئنين في نفس الضيعة، لكن الجار أخبر رجال الدرك، ولولا وجود أحد العمال في مركز الدرك بالصدفة، الذي استطاع الاتصال بنا سريعا قبل وصولهم لكنا جميعا في خبر كان. صبرت يومين ثم هجمت على الجار الفرنسي وقتلته. أثناء محاولة فراري سقطت وحدي في كمين. كان المسدس معي لأني لم أنتبه لوجودهم. أما مسألة زوجتي فهي غريبة، قلت لك سابقا أني أعزب ولست متزوجا وأنا صادق.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= من أين إذن جاء خبر زوجتك وميلاد ابنك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هذا ما يحيرني الساعة. لقد فاجأتني اليوم بهذا الخبر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وأنا بدوري تغاضيت عن التفكير فيك والسؤال عنك لأني غضبت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل ما تزالين مع سي حسن؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أين تريدني أن أكون؟ قل لي أولا أين إقامتك منذ أطلق سراحك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= جئت قبل يومين فقط من أغادير. لم أتصل بك أو بحسن لأن بعض الإخوة أصروا أن أبقى عندهم بعض الأيام ريثما أجد سكنا، غالبا سأعود لنفس الغرفة لو رضيت الانتقال معي إليها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تعال نجلس في مطعم لنتم الحديث. أظن أن ما حدث لك يدعو للتفكير العميق. لا بد من معرفة من زوق وفبرك الكذبة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= رأي وجيه لكن ليس معي أموال لندفع ثمن ما سنستهلكه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سأدفع أنا لا تخف.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong><u>الفصل 11</u></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ولجنا مطعما يحضر وجبات شعبية رخيصة. تساءلت هل يكون حسن كذب علي لغرض في نفسه؟ لكن ما الفائدة ما دام قد تخلى عني بإرادته وزوجني بنفسه لإبراهيم؟ هناك بلا شك لغز غامض في الموضوع، يجب اكتشافه. سكت إبراهيم طويلا يفكر. أحسست أن وراء الأمر خيوطا متشابكة وغير واضحة المعالم. فجأة خرج إبراهيم عن صمته:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= الظروف السابقة كانت تستدعي الاحتراز الشديد، لكنها اليوم بدأت تتغير، وأنت على أية حال مناضلة مثلي ولا داعي لمزيد من الكتمان. يجب أن تعرفي أن جماعتنا أنا وحسن مكونة من حزبين. حزب" ..ب...ّ" وحزب "..ج.." وهناك جماعات أخرى تابعة لحزب منافس "..أ.." الذي يزعم أنه وحده الأقوى، وأنه صاحب الأغلبية المتعاطفة بين السكان. الخلاف في الأصل بسيط يمكن تلخيصه فيما يلي: حركتنا وحزبنا "..ب.." يدعو لضرورة المطالبة بالديمقراطية والاستقلال معا في نفس الوقت، لأن بالإمكان وضع هذا الهدف وفرضه من خلال المقاومة وجيش التحرير على الاستعمار. بينما يقول الحزب الآخر، أننا ينبغي أن نركز المطالب على الاستقلال فقط . بعد عودة السلطان وتحرير البلاد نفكر في الديمقراطية. هذا الخلاف النظري أدى إلى تواجد جماعات مناضلة ومقاومة بالسلاح من الأحزاب الثلاثة وحتى من دون أي انتماء سياسي.. وأظن أن صانع الخبر ينتمي بالتأكيد للمنافسين من حزب "..أ..". هذه علامة على أن الصراع سيشتد بيننا من الآن فصاعدا ويجب علينا اتخاذ الحذر الضروري. لن يقتصر النزاع على الكيد والكذب مستقبلا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وحسن؟ وأنا؟ من أي فرقة نحن؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قلت لك إن جماعتنا تنتمي لحزبين. أنا من المطالبين بالديقراطية والاستقلال معا. وحسن من الحزب الشيوعي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= دعنا نفكر في سكن يليق بك. يمكنني أن أدفع ثمنه في انتظار أن تجد عملا، لكن أرجوك دون أن يعرف حسن، بل أقترح أن تبقى بعيدا عن الحي والبيت لفترة حتى تظهر الحقيقة. ما رأيك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= متفق معك، الحيلة أفضل من العار كما يقال.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>عندما افترقنا، ذهب تفكيري إلى القاضي الذي لزم بيته في انتظار أمر بالمغادرة. جاء إبراهيم إذن في الوقت المناسب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>دخلت الحمام كعادتي ثم وقفت أنظر لجسدي عارية. يداي ترسوان على الوركين وخصري ضامر كخاتم. نهداي كتاجين يزهوان كنجمتين فوق صحراء من الرمال الذهبية. لم أتاثر كثيرا بغلظة وعنف القاضي، فقط الحلمتان زادتا نفورا كلوزتين وسط عسل أسمر. مثل هذا السحر لا يستحق العذاب والحرمان. فكرت في إبراهيم وفجأة سمعت حسن يطلبني. وضعت فوطة واسعة حول وسطي وخرجت. وجدته مضطربا يكاد يرتعش. لونه الأسمر تحول إلى اصفرار ففزعت من منظره:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لدي أخبار غاية في السوء، أكاد أختنق. البسي ثيابك لنخرج من هنا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما الذي دهاك في هذا الصباح؟ أية أخبار تقصد بعد أن استقل البلد وعاد حاكمه؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= المصائب لا تأتي فرادى. البسي بسرعة، وراءنا مصائب كثيرة يجب أن تسمعيها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ارتديت بسرعة سروالا وقميصا فوقه تي شورت من الصوف، ثم خرجت وراءه. قلت له:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل هي أخبار مستعجلة لهذه الدرجة؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هي أكثر من ذلك، لست أدري من أين ابدأ.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قل ما شئت وأرحني. لقد عيل صبري.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لقد تم اختطاف إبراهيم ليلة أمس.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= من خطفه؟ ألم يتعظ المعمرون بعد؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= اختطفه إخوة لنا من حزب "..أ.." يقال بأنهم أخذوه مع عديد من الفدائيين المنخرطين معه في نفس الحزب "..ب.."</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لكن ألم تتشكل الحكومة بعد؟ لماذا لا نشتكيهم للسلطات؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= فكري جيدا، الحكومة أغلب مناصبها احتلهم رجال من نفس الحزب "..أ.." حتى وزير الأمن الوطني منهم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وكيف تم لهم هذا؟ ومن أين علموا بعودته للدار البيضاء؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أمر مضحك. إنهم يتتبعون خطى كل المناضلين من حزب إبراهيم. يقولون هي مسألة تصفية حسابات. ومن أخبرني قال لي بأن اختطافه جاء بسببك. هو نفس الشخص الذي سبق أن أخبرني بأنه متزوج وزوجته في أغادير رزقت بولد. كان مجرد كذبة. والغاية منها إبعاده عنك مستعملين كحجة أنه معارض قوي لحزبهم. الثورة هكذا دائما تأكل أبناءها. أخذوا كل المخطوفين إلى نواحي مدينة تطوان في مكان يسمى "دار بريشة" ويوجد بينهم زعماء ورجال مقاومة مهمين للغاية.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هي حرب جديدة إذن، سبق لإبراهيم أن حذرني. لقد كان شاعرا بالغدر منذ زمن. كيف اصطادوه؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لعلك لا تعلمين أنه حصل على وساطة ليشتغل في مطبعة الحزب مع مناضلين آخرين. يسهرون على طبع جريدة الحزب. انتظروا خروجه وتعرضوا سبيله أمام عمال الجريدة، وقد نشر الخبر هذا الصباح.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما العمل الآن؟ هل نقف مكتوفي الأيدي؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا نستطيع عمل أي شيء. زعيم الحزب راسل الملك أكثر من مرة وقدم له تقارير مفصلة عن حوادث الاختطاف والتنكيل بمناضلي الحزب. علينا الانتظار فقط.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قلت إن اختطافه كان بسببي، ما علاقتي أنا بالموضوع؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= الرجل الحزبي المسؤول شاهدك منذ زمن "الموبيليت" وسمع عن تحركاتك، وأغرم بك وليس بعيدا أن يبحث عنك بعد أن تخلص من زوجك. إنه لا يعرف أنك زوجته. عليك اتخاذ الحيطة، احمدي *** لأنه لا يعرف سكنك الجديد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وما هي بقية الأخبار؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= الشركة التي نستفيد من سكنها بيعت، اشتراها أحد التجار المنتمين إلى حزب "..أ..". يبدو أن اليهودي صاحبها راجع حساباته. كان يعتقد أن الحزب الشيوعي سيكون ضمن الحكومة، لهذا احتفظ بي رغم بلوغي سن التقاعد منذ حين. عندما لاحظ أنه أخطأ التقدير، حول دفة الشركة وبحث عن أحد رجال الحزب الحاكم ليبيعه الشركة. لعله تخلص منها بأبخس ثمن. والمصيبة أن المالك الجديد، زار الشركة أمس وقرر إيقافي عن العمل، وحرماني من استغلال البيت أيضا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كيف؟ هل أصبحنا بلا سكن إذن؟ هل كل ما قدمناه من تضحيات لا يشفع لنا اليوم؟ يتحرر الوطن ونطرد نحن للشارع؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هناك أمور كثيرة ستتغير قريبا. من حسن الحظ أن لك بيتا في حي الأحباس بدرب السلطان، سنرحل عشية اليوم إليه. ما يثير القلق هو أن توقيفي تم خارج القوانين، تلقيت الأمر من سعادته بدون حقوق. ما سأتلقاه بعد شهر لن يكفينا حتى للطعام.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>استغربت كيف لحسن أن يقف على قدميه رغم ضعف جسمه ورغم سنه. بدأت أفكر في الأمر. هل كتب علي العودة من حيث أتيت لأحتمي بأهلي في بلدتي الخالية. هناك لن يستطيع مسؤول الحزب المذكور الوصول إلي. لا توجد هناك سياسة ولا أحزاب ولا وطن. بلدتي نقطة غير موجودة فوق خريطة أي حزب. الناس هناك على بساطتهم وضعفهم قانعون لا يهمهم سواء كان الحاكم فرنسيا أو من أي كوكب آخر. يعملون، يأكلون، يتزوجون، يجامعون زوجاتهم ثم يخلدون بعد المغرب مباشرة للنوم. أفق حياتهم محدود رغم أن أفق البلدة وحدودها هي السماء والفراغ. حتى أمثال بوشعيب الذي طمع في خلود النصارى وبقائهم، وكان قادرا على بيعي لهم أو لمسؤول الحزب، لم يظهر له أثر منذ طردته زوجة الرئيس حين كبر أبناؤها. الخطر الوحيد كامن في زوجة أخي لكنها لن تعلم بهروبي، سأدعي أن حسن طلقني.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>قررت زيارة أختي وطلب رأيها في عودتي. منذ مدة انشغلت عنها بالقاضي. ورزقت هي أثناء غيابي بابنتين فصار عندها ولد وحيد مات أخوه البكر منذ أزيد من ثلاث سنوات، وأربعة بنات كلهن أصغر منه. الذكر الوحيد من أبناء أختي أصغر مني بحوالي ست سنوات. بلغ الثني عشر عاما عندما كنت أنا في الثامنة عشر. بيت أختي يتركب من ثلاث غرف ومطبخ صغير ومرحاض وحوش فارغ. طلبت من حسن أن يوصلني بسيارتنا الجديدة التي كسبتها بعرق الجبين واحتفظنا بها كذكرى. يوجد البيت في الحي الصناعي بين بيوت خصصتها شركة السكة الحديدية لعمالها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>حكيت لأختي عن كل شيء. طلاقي من حسن وزواجي من إبراهيم واختطافه وكتمت عنها الباقي. لم أحدثها عن المقاومة والسلاح والقتل. وحين أخبرتها أن الذي نظم وسهر على اختطاف زوجي فعل ذلك من أجل أن يخلو له الجو ليستمتع بي. خافت وبكت وعانقتني. بعد فترة قالت:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إن رحال زوجي له أصدقاء، كانوا يتاجرون في الحشيش وهم مسلحون، لو شئت أن أكلمه ليساعدوك سترتاحين منه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ابتسمت لسذاجتها وأجبتها قائلة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= دعك من هذا. الرجل يمثل الحزب القوي الذي أصبح هو الحاكم في البلد. وزير الأمن الوطني من أصدقائه وقادته. لقد جئت أقترح عليك أن أعود للبلدة، ما رأيك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إياك أن تفعلي. زوجة أخينا ستفضحك وتعمل على توصيل خبرك إلى من تهربين منه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ما العمل إذن؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= هل يعرف هذا المخبول أن لك أختا تسكن بالبيضاء؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا أبدا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إذن عودي كما كنت سابقا. انزعي عنك ملابس النصارى والبسي ال**** والجلباب وامكثي معنا حتى تتبدل الأوضاع أو نجد لك زوجا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= شكرا لكن أرجوك لا أريد زوجا. لا تنسي أن زوجي مختطف وقد يطلقون سراحه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كما تريدين. إذن اختاري الوقت المناسب وحاولي ألا يتبعك أحد من رجاله. لا تركبي مع حسن في سيارته لأنها ستكون مراقبة. وستنامين مع ابني سعيد في غرفته. للأسف كل البنات ينمن في الغرفة الثالثة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في طريق عودتي اخترت ركوب الحافلة. فكرت فيما اقترحته أختي. فكرة التخفي وتبديل المظهر فكرة معقولة. لن يعرفني هنا أحد، ستقول لمن يسألها أني جئت للتو من البلدة باحثة عن زواج بالمدينة. سأقلل من الخروج وربما أغير اسمي أيضا. سأطلب من حسن أن يبيع السيارة ونقتسم ثمن البيع. هو أيضا محتاج مثلي. نفذت الاقتراح واسترحت من السياسة والمراقبة وأخبار القتل والاختطافات. شيئا فشيئا بدأت أنسجم حتى كدت أنسى إبراهيم. بعد حوالي شهرين زرت حسن في بيت الأحباس. كان بدوره قد استراح من السهرات والمناقشات وأخبار المقاومة. أخبرني أن المعتدين الجدد حاصروه يوما فقال إنه بدوره لا يعرف أين اتجهت. وهو مثلهم يبحث عمن يخبره. لم يصدقوه في البداية لكن اليأس أدركهم فصدقوه. وجدت عنده مراسلات من القاضي يسأل عني ويقترح علينا معا أن نلتحق به إلى فرنسا. أحرقناها كلها ودفنا أخبارنا الماضية معها. عندما ودعته نصحني ألا أزوره مرة أخرى خوفا علي من الاختطاف.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كانت أختي تنسج مع جاراتها الزرابي كل شهر تقريبا. لما انتقلت للسكن معها، صرت أرافقها عندما تذهب للسوق. نشتري الصوف ونشتغل على تحضيره وصباغته بألوان مختلفة. تبني بمساعدتي منسجا في بداية كل شهر. نكمل الزربية قبل نهايته. نبيعها، فتمنحني جزءا من الثمن وتعطي الباقي لزوجها أو تصرفه على الأولاد. وعلى ذكرهم، كنت أحاول التعود بصعوبة على الجو. كل ليلة أسمع الولد يتحرك متضايقا. وسرعان ما بدأت أمنحه بقشيشا أو أشتري له لعبة أو أساعده في دروسه الفرنسية أوفي دروس الحساب. أصبح يميل لي وينام معي. أحضنه وأبكي. حين يسألني أداري يأسي وذكرياتي بالضحك ولا أجيب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>فاجأني حسن ذات ليلة بزيارة خاطفة. كان زوج أختي موجودا فأدخلته للبيت. شربنا الشاي وتحدثنا في مواضيع مختلفة تدور كلها حول الوضع الجديد. في منتصف الليل ودعناه. استفرد بي وقال:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= عظم *** أجرك. سمعت من صاحبي الحزبي أن إبراهيم قد قتل ودفن.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كيف؟ وأين دفن؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا أحد يعلم لكن في الغالب في نفس المكان قرب تطوان. أنت حرة إذن ولا عيب عليك. ثم غاب تحت الظلام الكثيف.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong><u>الفصل 12</u></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مارس 1956 ماي 1960</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>لم أخبر أختي بوفاة زوجي. بكيت وحدي كل مساء. تركتها تأمل عودته في يوم قريب، لأنها لو علمت ستتعقد وضعيتي عندها. الولد يكبر بسرعة وعما قريب سيصبح وجودي معه في غرفة معزولة أمرا محرجا لي وله ولأمه وأخواته. لا أدري كم سيستمر الوضع. انسد في وجهي الأفق رغم رحابته. أصبح تحركي داخل المنزل وخارجة محسوبا. في ظلمة الليل أختبئ باكرا في غرفة سعيد لأبكي وأستحضر الماضي بخيره وشره. أحداث عديدة كنت أخالها حسنة وجميلة صرت أنظر إليها بصفتها أبشع السيئات. أحيانا يسرقني النوم من الملل والتعب، وأحيانا تؤنسني فاطمة البنت الكبرى لأختي في انتظار رغبة سعيد في النوم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أمضيت شهورا عديدة أسمع الراديو خلال النهار قبل أن يحتكره زوجها عند رجوعه من العمل. لا شيء جديد سوى خبر العدوان الثلاثي على مصر. القوى العظمى كلها باستثناء الاتحاد السوفياتي كانت غاضبة مهددة جمال عبد الناصر بسبب سياسته في قناة السويس. حدث مرة أن طل علينا شاب ذو صلة قربى بعيدة من ناحية أمي. لم يكن جميلا ولا وسيما لكن بنيته قوية وعمره لا يتعدى الثلاثين. كان بدون عمل أيضا وكل أملاكه دراجة عادية. التمست من أختي أن تدعني أرافقه إلى صالة السينما القريبة من البيت، لكنها رفضت بذريعة أن زوجها سيغضب لو علم. إلحاحي وتوسلاتي وبكائي جعلها تقبل شريطة اصطحاب سعيد معنا والعودة قبل موعد رجوع زوجها. أوصت ابنها أن يجلس بيننا وينتبه لكل الحركات كي لا يبادر أحدنا بالنار تحت جنح الظلام. لم تكن لي فكرة أو نية لأي تواصل معه لكنها نبهتني. أما سعيد فهو بالنسبة لي ليس عقبة أو حاجزا يمنعني لو فكرت في مخالفة الأوامر والتوصيات. كان سعيد مهووسا بشراب الكوكاكولا ولعب البلياردو في المقهى المجاور للقاعة ولديه شوق رهيب في قراءة القصص المصورة لبعض الأبطال، مثل "بليك لو روك" أو "روديو" أو "تانتان". اشتريت له نسخا جديدة ونفحته بعض الدريهمات ليتسلى بلعب هوايته مع أقرانه، فرح وقرر عدم الدخول نهائيا للقاعة لأنه لا يحب الأفلام المصرية.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كان عنوان الفلم " رابعة العدوية" فلم أهتم بمتابعته. لم يقع الكثير بيننا لكنها كانت فرصة تعيدني لنفسي وذكرياتي الطيبة. لبث الولد يحملق تحت الظلام في وجهي غير مصدق. عندما طالت يدي لتلامس فخذه أحسست به يقفز من مكانه. لا أدري هل هي رعشة الفرح أم ارتعاشة الخوف والدهشة. أعجبني خجله فتشجعت كي أمرر يدي على حجره. كانت حركة غير إرادية لأن حنيني وشوقي لتلمس ذلك الشئ الذي طالما حملتني حرارته إلى السماوات العليا، جذبتني إليه بدون شعور. تفاجأت حين أحسست بانتصابه فمددت وجهي أقبل الولد الذي استجاب لمحاولتي وإن بغير اقتناع. فكرت في إسقاط مفاتيح البيت من يدي وأغتنمت فرصة البحث عنها. سمع صوت السقوط رغم الموسيقى التصويرية وحديث الممثلين. انحنيت بغرض البحث عنها لكن يدي كانت تفك الغزال من سجنه. اقترب وجهي من حجر الولد فقبلت هدفي ولحسته وتمنيت لو طال انحنائي كي أمصه. بصقت في كف يدي اليسرى وأخذت أقيس طوله وحجمه صعودا ونزولا. تراجعت للخلف ومددت رجلي كي أتلذذ باستمنائه. لم أكد أشرع في الترحيب به حتى انفجر في يدي. دقائق محدودة كانت كافية ليفرغ ما في جعبته. خيل لي أنه فاغر فاه متعجبا غير متوقع أن أباغته بمثل هذه الجرأة. حملت حقيبتي ودعوته للخروج لأبحث عن سعيد قبل أن يفكر في الرجوع لبيتهم. وجدته ما زال يلعب ورجاني أن أمنحه مزيدا من الوقت. لم تمض سوى ساعة وربع منذ غادرنا. فكرت أن عودتنا المبكرة ستجعل أختي تشك في الأمر. أمضينا ساعة أخرى في حديقة قريبة تحت نظرات الفضوليين. حاول مستدركا أن يقنعني أن له صديقا يسكن معه في غرفة فوق السطوح غير بعيد. أجبته ببرود شديد أن ذلك حلم غير ممكن ثم سألته عن بعض الأمور السياسية فنظر لي مستغربا وفمه مفتوح من شدة التعجب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>سرت بداخلي موجة من الحزن بلا دموع. غصة ثقيلة تكاد تحبس أنفاسي. صمت شهورا لأفطر على شبح لا حول له. لعنت حظي الذي نقلني من صورة ملونة إلى أخرى باهتة. الحسنة الوحيدة لزيارة الولد أنها ذكرتني بأنوثتي التي كدت أنساها. كرر زياراته طمعا في فرص أخرى لكن أختي طردته بعنف فغاب بدون رجعة. استفدت من هذه الغلطة بشئ واحد. قررت الاقتراب أكثر من سعيد ومعاملته كأنه ابني الذي حرمتني منه الطبيعة. اهتمامي به سينسيني ما أنا فيه. كل الآفاق صوبي مصبوغة بالسواد. كل قصور الذهب التي بنيتها على إبراهيم لما أطلق الاستعمار سراحه تهدمت باختطافه من رجال مقاومة يكرهونه.. ارتباطي الوثيق بابن أختي هو الحل رغم أن فارق السن بيني وبينه لا يتعدى ست سنوات. بعد أيام سيجتاز امتحان الدخول للمدرسة الإعدادية. يجب علي إذن أن أنسى الذي مضى وأرجع للبراءة بأي ثمن. لن يكون الأمر سهلا بعد الذي عشت ورأيت. لكني سأبدأ تعلم العربية معه وأدرس في دفاتره وسألتحق به في شهادة نهاية الدروس الإعدادية. تفصله ثلاث سنوات عنها ابتداء من الموسم الدراسي المقبل. لا يبدو أنني سأتزوج قريبا في ظل ما تعيشه البلاد من صراعات. حتى لو تقدم لي أي كان لا بد أن اشترط عليه ضرورة إكمال مشروعي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>نجح سعيد في شهادة الدروس الابتدائية. قدمت له هدية وقبلته بشهية وإلحاح لم يعهده. صار يفضل معانقتي والاستغراق في نومه بين أحضاني. أصبح من الطبيعي حتى لو كنت نائمة قبله أن يندس بجواري. أمد ذراعي لأحضنه وأواصل نومي. لم أمهله حتى يستريح. كان يتعامل مع طلباتي كأنها لعبة تسعده وتحسسه بقيمته. نقضي جزءا كبيرا من كل يوم في تعلم رصيده من العلم والمعرفة. يضحك ويستهزئ بي متى حرفت النطق أو تأخرت في فك ركوز الحروف. لم تكتمل عطلة الصيف حتى كنت أكتب وأقرأ بسهولة نصف كتبه. لو واصلت بنفس التركيز سأتقدم حرة لاجتياز نفس شهادته. وجدت بعض الصعوبة في دروس الحساب والرياضيات، لكن إصراري من جهة وكل الهدايا فتحا لي قلبه وتيسرت لي مساعدته.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مضت سنتان على هروبي واختفائي لدى أختي. الحنين لحسن وأخباره ولذكرياتي يزورني كل ليلة. قررت زيارته في. كالعادة تحرص أختي أن يرافقني سعيد. وجدت بعض الحرج لأنه سيحرمني من حريتي. لن استطيع التحدث بطلاقة في كل الأمور. كان القاضي يبعث رسائله ويسأل عني. حسن يكلمه تارة بالهاتف وتارة يكتب له رسالة مقتضبة. يتجنب الخوض في السياسة وتفاصيلها. يسلم ويكذب قليلا. كل شيء بخير، نتذكرك أنا وسعاد. كلنا حنين لأيامنا الحلوة. تحياتي. ينهي رسائله بما قل ودل وينتظر الرد القادم. انتهت ظروف الخوف واختفى الشخص العنيد الذي كان يترصدني. هناك إشاعات أنه قتل بعد اختفائي بحوالي نصف عام. حاصره بعض ضحاياه في ليلة سوداء وأشبعوه ضربا ثم فروا. بقي في الهواء الطلق لساعات طويلة ينزف دما بدون حراك. في الصباح الباكر عثر عليه زبال. اجتمع الناس واتصلوا بالشرطة لينقلوه للمستشفى لكنه لفظ أنفاسه في الطريق. بموته أتخلص من الماضي كله.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>الحالة الصحية لحسن ازدادت سوءا، كان يسعل بقوة حتى تنحبس أنفاسه وتجحظ عيناه. ربما لن أجده المرة القادمة حيا أما فكرة العودة للعيش معه فلم تعد مطروحة وليس لها معنى. كنت مدفوعة برغبتي الجديدة. لم تمض سوى سنة واحدة حتى تقدمت للشهادة الابتدائية فنجحت بميزة جيدة. بسهولة أصبح الفرق بيني وبين سعيد سنة واحدة. سأختصرها بنفس السرعة لألحق بمستواه في نهاية الموسم، وسوف نتقدم لنيل شهادة الإعدادي في نفس الوقت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بدأت أشعر بحرج شديد لما تجاوز عمر سعيد سن الثالثة عشر والنصف. ما زال متعودا على معانقتي والالتصاق بي رغم أن أمه بدأت تنصحني بضرورة طرده حرصا على تربيته الحسنة. كدت مرات عديدة أن أستعمل القسوة والجفاء، لكنه يتصنع البراءة كأنه لم يغادر طفولته. أحيانا كنت أتعمد تفحص تصرفاته أثناء النوم فاكتشفت أن شيأه ينتصب باستمرار. قررت مخاصمته لعله يبتعد عن فراشي ويعود لسريره. بالمقابل رد علي بالامتناع عن مساعدتي بالدروس الجديدة. رضخت في الأخير لإصراره. كان يبكي حين أزجره وأبعده. في النهاية عزمت على توضيح الموضوع بصراحة. فسرت له أنه كبر وأن أمه ستغضب مني ومنه. سألني عن السبب. قلت له أنت لم تعد صغيرا. صرت رجلا. فاجأني بأن والده رجل ومع ذلك ينام مع والدته في نفس الفراش. ضحكت كثيرا وبصعوبة فسرت له أني خالته ولست زوجته. تصنع البلادة وألح على موقفه. بكى وهو يلتصق بي. وعدني أنه لن يفعل ما يغضبني أو يزعجني. صدقته لكن المشكل لم يكن منه وحده، بل مني أنا. لم يعد النوم يتسلل لجفوني ببساطة كلما تذكرت مشهد شيئه المنتصب الذي لامسته يدي بالصدفة أثناء تقلبي في الفراش.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في سن الخامسة عشر بلغت أنا سن الواحدة بعد العشرين. في ظرف سنتين من الدراسة طويت كل سنوات الابتدائي وسنة من الإعدادي. صرت أرغم سعيد على المبيت في فراشه بعيدا عني. لكنه مع ذلك يتركني حتى أستغرق في النوم ويعود إلى جواري. يقول لي حين نصحو "اعتبريني ما زلت طفلا". أجيبه بابتسامة وأنا أفكر في خبثه وشيطنته. اقترب موعد امتحانات الشهادة. صرنا معا مجبرين على تكثيف المراجعة. قبل حوالي شهر، كنت أسهر بعد نومه لمتابعة الدراسة. صار الحلم قريبا مني. لغتي الفرنسية تضمن لي مستوى جيدا ونقطا إضافية. تمكنت من دروس النحو حتى صرت اشطر من سعيد نفسه. بقية الدروس تعتمد على الحفظ، مثل الجغرافيا والتاريخ والنصوص الأدبية، لذلك لم تطرح لي أي مشكل. حتى أختي شعرت بأهمية حلمي فباتت تعفيني من مساعدتها في أعمال البيت ونسج الزرابي. فاطمة أخت سعيد حصلت بدورها على الشهادة الابتدائية فأضيف لي مهمة مساعدتها. استغل في الوقت ذاته الفرصة لمراجعة دروس السنة الأولى. كنت أسابق الزمن خصوصا بعد أن استمعت في الراديو بحق الحاصلين على شهادة التعليم الإعدادي في اجتياز مباراة الدخول لمدرسة تكوين المعلمين والمعلمات. كانت المدارس بحاجة للمعلمين بعد تعريب التعليم ومغادرة الأطر الفرنسية بكثافة. شعرت بقيمة الأوقات التي ضيعتها في الترهات والسهر. جسدي لم يعد له أي دور. نسيت همومه ومشاعره أو لعلني عملت على دفنها. عناد سعيد وحده يذكرني بها أثناء الليل.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أنهينا الامتحان ونجحنا معا. سعيد ما زال مصرا على النوم في حضني. أستيقظ أحيانا فأجده شبه عار فأطيل النظر في الظلام لشكل فخذيه. كان رياضيا يواظب على كرة القدم مع رفاقه كل يوم. مرات عديدة يركلني وحين أصحيه لأستفسره يقول إنه يحلم. يعانقني ويعود لأحلامه. أعطف عليه وأحبه لكنه يفزعني ويخيفني. في الواقع أخاف من ضعفي أنا. هو لغاية تلك اللحظة لا يهتم ولا يريد أن يفهم. أحيانا أشعر به شبه منتصب وهو ملتصق بي. ما بين اليقظة والنعاس تضعف الرقابة الذاتية. يسهل على الغرائز أن تكشر عن أنيابها وتشعل نيرانها في الأجساد. تصبح الحقيقة ضبابا قابلا للانسحاب إلى الوراء. مشهد بألوان الطيف يعرض علينا عالمه الخالي من القانون والأخلاق، يدعونا أن نجرب اكتشاف أفكاره. أتذكر تارة أني عاقر وأن ممارسة جنسية عابرة لن تخلف لي أي ضرر، أتساءل عما سيقع لو طاوعت غريزتي. الولد ليس سوى مراهق مدفوع بتعلقه بي. تحولات جسده المبكرة تضعف إرادته. تقوده مثلي بلا تفكير للجسد القريب رهن إشارته، تلك التي ترقد بجواره مكان خالته الغائبة... لست أدري بالضبط ما يدور بخلده لكن أفكاره لن تكون بعيدة عن هذا. هو الآن مثل كرة حديدية تتدحرج فوق طريق منحدر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أحسست به يندس جنبي كالعادة. عانقته وهمست في أذنه:" حيرتني معك. أمك لا تعرف أنك تنام معي. إن سألتك قل لها إنك تنام في فراشك." تشجع وزاد التصاقه بي حتى شعرت بدفء جسده. وضع راسه قريبا من صدري ونام. لا أدري كيف فسر همسي، لكني شعرت به يرتاح ويغرق بسرعة في نومه. استغربت أني كلما لمست ذلك الجزء من جسمه أجده في صراع مع سروال نومه. أحيانا يلتصق بفخذي وكأني به يحتك عن قصد. كل ليلة تمضي اشعر كأني أدخل في حرب ضد قدري. أراوغ إرادتي وأقتل ترددي وحرجي. أسلم نفسي للتساؤلات التي تعذب جسدي وتحرمه من راحة النوم. أحاول الصمود ثم أسلم أمري للظروف. تكررت عمليات التصاقه كأن غريزته تتحدى ترددي. تأكدت أنه بلغ ذروة النضج عندما شعرت بالبلل والرطوبة ذات ليلة على فخذي. وقعت في فخ خبث الولد بدون شعور. قررت أن أحاسبه في الصباح لكني لم أفعل. نظرت إليه فلم يظهر على تصرفه ما يفيد أنه لم يفعل أمرا غير لائق. رمى سروال بيجامته فوق الفراش كعادته. لبس سروال دجين ثم غادر الغرفة لتناول فطوره. فطرت بدوري وعدت أغسل وأنظف البيجامة معتقدة أنه مجرد احتلام غير مقصود.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>اجتزت المباراة بنجاح. أصبح من الواجب أن أغادر غرفة سعيد بعد حصولي على غرفة في داخلية مدرسة المعلمين. يستمر التكوين موسما دراسيا قبل الحصول على تعييني كمعلمة. كنت عازمة على مواصلة الدراسة مع سعيد حتى الحصول على البكالوريا والالتحاق بالجامعة. أكملت سن الواحدة والعشرين. سعيد بلغ ستة عشر سنة. لحسن الحظ أني ابتعدت عنه، ولو أني مرغمة في نهاية كل أسبوع أن أرجع لغرفته. عندما أكون بعيدة عنه أفكر فيه واصمم أن أقنعه باللجوء لفراشه. في أول رجوع لي للبيت، رايته في قمة السعادة فلم أقدر على إقناعه. تركته يرتمي بجواري كعادته ويعانقني. لكن بعد منتصف الليل أحسست به يرمي الفراش عنه ويبتعد عني قليلا. أصبح مديرا لي ظهره ويداه تتحركان بهدوء. أصخت سمعي فاكتشفت أنه يستمني بلا حرج. بلغ السيل الزبي. يجب أن أخبر أختي. خفت أن تعاتبني أنا بدلا منه لأنها نصحتني قبل سنتين كي اتخذ حذري واحتياطي. رميت ذراعي حوله مدعية النوم فوقع كفي مباشرة على رأس قضيبه. استغربت لطراوة ملمسه. فتحت كفي أمامه لأختبر حرارته. بينما توقف هو عن الحركة خائفا متوجسا مما سيقع. تركت كفي مفتوحة فنزل القضيب بكامله في وسطها. يا لحرارته وحجمه وأنا أستقبله بين أصابعي. لا يبدو عليه في النهار أنه يملك كل هذا. بدأ الشيطان يلكزني ويجرني لأتابع اللعب به، لكني تراجعت والتفت مولية له ظهري. تركته يتم العملية معززا بلمستي التي زادت حماسه.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كمن يهرب من نفسه، تغيبت طيلة شهر عن البيت حتى اتصلت أختي بالمدرسة لتسأل عني. اعتذرت لها بكثرة الدروس وحرصي على البقاء مع زميلاتي قبل أن أعدها أني سأعود عشية الجمعة. لم يظهر على سعيد حين رآني ما يفيد أنه اقترف جريمته. تصرف ببرودة كما لو أنه لم يقم بأي غلطة. استقبلني بنفس السعادة والفرح. بعد العشاء غادر للذهاب لمشاهدة فلم أمريكي مع أصدقاء. سهرت قليلا مع أختي وبناتها ثم ذهبت للنوم. لم يعد سعيد تلك الليلة إلا قبيل الفجر بقليل. كان الجو حارا فرميت الغطاء عني. لم يكن تصرفه عاديا لأنه كان يغني ويترنح غير خائف من عقاب أهله. اندس جنبي فأوليت وجهي نحو الجدار وظهري للباب. شعرت به يلتصق بكل صفاقة بظهري دون انتظار ولا مراوغة كما لو أني زوجته. مرر ذراعيه أمامي وأمسك نهدي. ارتبكت لأني لم أتوقع منه جرأة مماثلة. لست في كامل صحوتي. ما أيقظني هو حرارة قضيبه وسرعة احتكاكه بمؤخرتي محاولا أن يدس شيأه بين ردفي. تصلب جسمه وهو يتمسك بصدري وفخذه القوية تحاصر فخذي ومؤخرتي. لم أعرف ما ينبغي علي القيام به. كنت راغبة في النوم منتظرة أن يغامر أكثر معربا عن كامل نيته ورغبته. حركت فخذي الأيسر للوراء ومددت الأيمن للأمام لينفسح له مجال الانسلال إلى الفجوة الفاصلة بين الردفين. أصبح القضيب المنتصب ممتدا أسفل حوضي. لا فرق بينه وبين أي قضيب سبق لي تذوق طعمه. حركت عضلات الردفين أشجعه. كان نبضه عاليا وأنفاسه متسارعة. شعرت به يحاول أن يزيل سرواله. زادت الحرارة حين صار عضوه عاريا متحررا. تراجعت قليلا للوراء لأفسح له طريق الاختيار بين الفتحتين. لم أسأل نفسي عما يحدث. أجاريه فقط متصنعة الغفلة والنوم كأني مخدرة أو منومة. حركاتي تشبه ردود فعل لا إرادية. أصبح الوضع محرجا له ولي على السواء. لا أشعر براحة تامة إن لم أتخلص من البيجامة أيضا، لكن كيف؟ عزمت أن أسهل له الفرصة ما أمكن دون أن أستيقظ فعلا حتى لا أحرج نفسي وأحرجه، كأنثى راغبة في المشاركة عن طريق الصمت والامتثال فحسب. بيجامتي قميص خفيف. استعملت يدي اليسرى لأنه لا يراها ولا يحس بها. أمسكت حافة القميص قريبا من ركبتي وسحبته إلى أعلى والتفت مولية ظهري للجدار. صرت مواجهة له فانقلب مسرعا على ظهره. حركته السريعة أكدت لي أنه ما زال معتقدا أنه يسرق مني متعته بدون علمي. كصقر جارح ينقض على ضحيته في غفلة ثم يطير. سقطت يدي على قضيبه الصاعد كصومعة نابعة من عانته. تركت اليد فوق القضيب لحظة حتى لا يقل حماس الولد ثم التفت ثانية مولية له ظهري وقد تعرت مؤخرتي تماما. تنفست مرتين عميقا بصوت مرتفع ليعتقد أني نائمة. مضت برهة قبل أن يلتصق بي من جديد. فهمت من تردده أنه يتخبط في ارتباك البدايات ونقص الخبرة. عاد القضيب مسرعا في الأخدود. توقف برهة أثناءها شعرت بإفرازاته تبلل شرجي. تراجعت كأني في حلم ليتخذ رأسه وضعا مريحا عند الفتحة. أثارني نبضه وحرارته فحركت فتحتي كأني أرحب به. عادت ذراعه تحاصرني من الأمام ليتمكن من الانسلال داخلي بهدوء. سحبه ليغطي رأسه بالمخاط واللعاب قبل أن يعيده حيث كان. برودة اللعاب تقززني لكنها سهلت المهمة. ظل يعافر ويتنفس بصوت مرتفع لوقت طويل حتى أدخل بعضه. لم أعد أطيق فتراجعت في ردة فعل مفاجئة كي أعينه على الاندفاع إلى أبعد ما يستطيع داخلي. لكنه ظل ثابتا دون حراك. خطر لي أن أنقلب على بطني أو أصحو تماما. خفت عليه من المفاجأة فتصبرت وتجمدت. كان قضيبه ساكنا صامدا بداخلي ينبض بقوة. تراجعت فجأة للخلف حتى صار نصف الولد تحتي ونصف وركي فوقه. لم يخرج القضيب مني لكنه تراجع قليلا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong><u>الفصل 13</u></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>انتظرت منه أن يفعل شيئا لكنه ظل جامدا لا يتحرك. بدأت شياطين الشهوة القديمة في جسدي تتحرك. بدا لي أن ما وقع يكفي للتدليل على أن كلا منا يراوغ صاحبه. وأننا معا في محنة. لن يقع أكثر مما وصلنا إليه. تم الإيلاج لكنه لم يكتمل ولم يغير من شهوتنا. لو صحوت بشكل كامل سيحس أني أتلاعب به وأمثل دور البراءة. هو يحس تماما من حركاتي أنها تتعدى مجرد كونها ردود أفعال، بل هي تحكم وتوجيه كامل للعملية. يحس أني لا أتهرب ولا أحلم بل أعمل على تسهيل الممارسة واقتحام فضاء المتعة. محنته ناتجة عن نقص تجاربه في الميدان، أو عن بقايا خوف يهدد لذته. لهاثه وتنفسه المتسارع يعبر عن خوفه من ضياع متعة طالما مارس خبثه كي يفوز بها. لعله كان يظن أني سأحتج أو أغضب وأوقف المغامرة. هكذا بدأت أتصور أن كل شيء مصيره بيدي. إما إكمال الهجوم بشكل صحيح، كما لو أن قدري ساقني إليه كي أقوم بدور المربية والمعلمة، ألقنه كيف ينكح خالته ويبني تدريجيا مع جسدها رجولته، وإما الصبر على هذا الوضع الميت الذي لا يحترم الماضي ولا ينفع الحاضر. بالنسبة له سيفرغ حتى لو بقينا على نفس الوضع المتجمد، أما أنا فسأحتفظ بذكرى مريضة مثل آخر ذكرياتي. تلك التي فعلتها مع الشاب الزائر في قاعة السينما.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>التفت نحوه صاحية. تصنعت حالة الاستغراب والدهشة، أفرك عيني كأني لم أكن قبل لحظة أتحكم في مستقبل رجولته. سألته عما يقع ويدي تتلمس من ورائي قضيبه الذي انسحب مني دون أن يفارق انتصابه. تجمد خائفا. مضت برهة تصنعت فيها التعجب ثم ابتسمت له وجذبته لحضني. أدخلته في صميم مصادفة غير منتظرة. عانقته بقوة قبل أن أقبل شفتيه قبلة حارة طويلة. أحسست به يتقوى ويتحمس ويهيج مرتاحا طاردا خوفه ودهشته. انحنيت على عضوه أفركه قليلا ثم أولجه في فمي. تركته يبلغ حلقي ولساني يرسم عروقه بلذة. كان فاغرا فاه ينظر إلي. نزعت قميصي وسرواله وما تبقى على صدره. تمددت على بطني ويدي ممسكة بالعضو لا تفارقه حتى أولجته في فتحتي. قلت له هامسة وأنا أغمزه تحرك. بدأ يلهث صاعدا ونازلا. همست له ثانية، على مهلك لا تفجر شهوتك بسرعة التحرك. ايقظتني لنستمتع لا لنتحارب. سرعان ما جعلته تحتى على ظهره وجلست فوقه. أحببت أن أجعلها ليلة خالدة لن ينساها أبدا. غابت الأخلاق والقواعد بالنسبة لي أيضا أما هو فإنه لم يجرب قيودها وحواجزها بعد.. لعله لا يدرك حتى أني محرمة عليه. قلت في نفسي ليس هذا وقت التفكير والتحليل. عندما شعرت أنه يقترب من القذف توقفت عن الحركة. أخرجته ومسحته بقميص نومي وعدت أمص رأسه. يكاد سعيد أن يبكي من اللذة. رفعته تقريبا وأنا أستلقي على ظهري رافعة رجلي للسماء كما كنت أفعل مع القاضي. صار جاثما أمامي على ركبتيه وقلمه في يده كأنه رجل إطفاء يهم بإطفاء حرقتي. سحبته بقوة إلي وابتلعت القضيب كله في كسي حتى شهقت. بدأت أهز وسطي وهو فوقي محاولة دفعه ليتحرك. أدرك أني أشتهيه حقا فسقط نصفه الأعلى فوق صدري بين فخذي المرفوعتين. عانقته وجعلت فخذي وراءه لأضمه بهما نحو عانتي. كان قضيبه ينازع الروح بداخلي بعد أن جاءتني الهزة الأولى وهو محاصر بالفخذين المحيطتين بخصره وظهره. أحسست به يفرغ داخلي وينتشي مزهوا فانهمر جسدي في سلسلة من الهزات. شهق وكاد يصرخ. ضممته بذراعي وأبعدت فخذي عن ظهره. انبطح بجواري يتدارك أنفاسه. تنفست بدوري لحظة قصيرة لا تتعدى خمس دقائق ثم قبلته ونزلت ثانية نحو القضيب أفركه وأمصه. لم يقل شيئا. همست له بأني سأعلمه أن يتحاشى في المستقبل الهجوم على خالته وهي نائمة. "أحبك" هذا كل ما تمكن من قوله. استعاد انتصابه بسرعة فواصلت هجومي على براءته أمسحها وأبعدها عنه إلى غير رجعة. قلت له بهمس وأنا أجلس فوقه، عليك أن تتغذى جيدا، هجومك هذا سيفتح صنابير شهوتي المدفونة، قفزنا الحاجز المانع وخرجنا من دائرة المسموح به، لن يكون للمغامرة أي معنى إن لم نكررها مرارا وتكرارا. أنت اليوم رجل كامل يا عزيزي. من الآن فصاعدا ليس بيننا أسرار، حين تستريح عد إلى فراشك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>تعجبت كيف لم أشعر بأي ندم صباح الغد. انتظرت حتى خرج لتمارينه الرياضية لأغادر الغرفة. بدأت أتذكر كل ما لقيته من الصعوبات والمقادير في الماضي علها تخفف عني ما أحسه من قلق نفسي. أنا سيدة مدفوعة فحسب، لم أتعلم من قبل ما يجعلني أتحمل مسؤولية أفعالي. لكني بعد التفكير جيدا لاحظت أني ربما سأجرم في حق الولد. ما كدت أقضي يومين في داخلية مدرسة التكوين حتى وصلتني منه رسالة الحب الأولى. ملأها بقصائد من شعر الغزل من الماضي والحاضر. سيصبح عما قريب شاعرا مبدعا بسببي. بدا أنه ينظر لما حصل من طرفي كرسالة عشق. لم ينس أن يذكرني بالموعد المقبل عشية يوم الجمعة.. ما دمت وعدت يجب علي احترام وعدي. أن أسايره حتى تخف رغباته، ولو استمر بنا الحال إلى نهاية الموسم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كانت هناك مفاجأة ثانية تنتظرني. عند دخولي للمدرسة لم يكن المدير قد تم تعيينه بعد. فلما مضى شهران واقتربنا من عطلة الشتاء، عين المدير. لم أنتبه إليه ولم يحدث أن صادفته يتجول في الساحة. فوجئت بالحارس يسلم علي ذات صباح ويبلغني أن سيادته يريد مقابلتي. خفت أن يكون أحدهم عرف حقيقتي وبلغه عن تاريخي وعلاقتي مع القاضي.. عندما فتحت باب مكتبه استقبلني كبطلة وعانقني. تأملت في وجهه فإذا هو نفسه الرجل الهارب من مراكش، الذي قضى في بيتي شهورا طويلة مختفيا عن الأنظار. شعرت بسعادة عارمة وأعدت معانقته كأني أتعلق برائحة الماضي. قال لي بأنه التحق بالجماعة التي انفصلت عن حزب "..أ.." مؤخرا. تحدثنا عن أصدقائنا جميعا وتأسفنا لموت إبراهيم. سألني لماذا لم أسجل نفسي كفدائية ضحت بشرفها من أجل المقاومة لأحصل على بعض الامتيازات الرمزية رغم قلتها. أجبته أني لم أقم بشئ يذكر. كل ما فعلته كان من أجل الوطن فضحك. قال بأن أناسا كثيرين لم يقوموا بنصف ما قمت به، يتسابقون للحصول على بطاقة المقاومة. معظمهم من أهل وأصدقاء مناضلين من نفس حزب"..أ..". أخبرني أنه تزوج وصار له ولدان. قبل أن نفترق عزمني للتعرف على زوجته وأنه يسكن في دار تابعة للمدرسة. أجبته أن ذلك يشرفني ووعدته بأن أرافقه في نهاية الأسبوع.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>حرص المدير أن أتعشى مع عائلته فقبلت على أن يوصلني بسيارته لبيت أختي بعد العشاء، لأن المدرسة بعيدة جدا عن بيت الأخت. زوجته سيدة لم تبلغ الأربعين بعد.. كانت حبلى فدخلت أساعدها لتحضير وجبة العشاء. السيد المدير بقي في صالون البيت مع شاب يبدو أنه تجاوز العشرين سنة بقليل. سألت زوجة المدير عنه فقالت إنه أخوها. وهو طالب بكلية الحقوق بمدينة الرباط، سيتخرج منها قريبا وينوي أن يمتهن المحاماة.. لا أدري لم فرحت بالخبر مع أني لم أفكر أبدا في التعرف على صديق أو الدخول في قصة حب. أنوي الاكتفاء حاليا بسعيد رغم صغره لأنه سيلبي رغباتي ولن يكلفني غير أوقات قصيرة بالليل كل أسبوع. قدمني المدير إلى الشاب كما أنا بدون تزويق. قال له لا تنخدع حين تراها هادئة بسيطة هكذا، في الجلباب وال****. أخبره أني كنت متزوجة من مناضل شيخ، كان يترأس جماعة فدائية ينتمي أفرادها للحزب الشيوعي. حكى له كيف أخفيته هو شخصيا في دهليز تحت بيتي لأن سكني يقع داخل شركة يملكها فرنسي، لا يخطر ببال الشياطين أن يشكوا في وجود المختفين فيها. حدثه عن قصة تهريب السجناء وعن الدور الذي قمت به، وعن المرات الكثيرة التي أنقذت فيها إبراهيم وجماعته حينما كنت أتقمص دور يهودية أو فرنسية وأخفي مسدساتهم في قعر قفتي تحت البضائع والخضر لأساعدهم على تجاوز حواجز المراقبة بين الأحياء الهامشية ومركز المدينة خوفا على النخبة التي تسكن هناك. لمعت عينا الشاب وأخذ يحملق في وجهي غير مصدق.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= من يشاهدك لا يصدق فعلا أنك فعلت كل هذه التضحيات.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تصور أنها رفضت حتى تقديم طلب للحصول على بطاقة المقاومة. تقول إنها ناضلت من أجل الوطن وعودة السلطان. أضاف المدير لما سبق.. ثم انتقل الحديث إلى الحاضر حين سألني كيف دخلت مدرسة تكوين المعلمين. رويت له ما يجهل من قصتي أمام الشاب فزاد إعجابه بي. بعد تناول طعام العشاء طلبت من المدير أن يوصلني فرافقه نسيبه. في الطريق سألني هذا عما أنوي فعله بعد تخرجي من المدرسة، فأجبته قائلة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= إذا لم يتم تعييني في مكان بعيد، أنوي أن أحصل على شهادة نهاية التعليم الثانوي ثم أسجل نفسي في الجامعة لدراسة الحقوق، لا أريد إنهاء حياتي كمعلمة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لدي معارف من مسؤولين بالوزارة، سوف نساعدك لتحصلي على تعيين قريب، قال المدير.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>حينما وصلت التمس مني الشاب ألا أكتفي بتلك الزيارة. بدا أنه يفكر فيما سمع وينوي ربط تواصل مستمر معي. أما العجيب حقا، فهو أنه صادف أن التقيت بأخته مرة فسلمت علي وترجتني أن أزورها لشرب كأس من الشاي. لم يكن أخوها حاضرا، لأنه مثلي لا يغادر الكلية والحي الجامعي إلا في نهاية الأسبوع. من أغرب ما سمعته منها، أن أخاها حدثها عني وهو يرغب في التقرب مني إن لم أرى مانعا، فوافقت بدون أخذ فرصة للتفكير. فرحت وقبلت خدي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كانت أموري تسير حسب ما أهوى ببطء. أقضي مساء الجمعة والسبت في حضن الولد سعيد. عودت نفسي على رغباته للتخفيف من شهوات الجسد وإسكاته، لأتمكن من التركيز جيدا على الدروس دون نسيان برنامج السنة الأولى من الثانوي. هو أيضا كان ولدا شاطرا. يدرس جيدا، ينظم بالنهار أشعار الغزل وبالليل يتجاوب معي، يعبر ويجتهد. خصصت ساعتين فقط عشية الجمعة للشاب في بيت أخته للتعرف. ثم سرعان ما بدأنا نلتقي صباح السبت لنتجول في مركز المدينة التي نسيت دروبها ومحلاتها تقريبا. كان الشاب لطيفا هادئ الطبع والمزاج. يجيبني عن كل سؤال أطرحه. كنت مهتمة بجو الدراسة الجامعية وكيفية الوصول إليها. وعدني أنه سيرافقني فيما بعد لزيارة الرباط وسيأخذني للتعرف على الكلية. كان مما أثارني فيه أنه صريح لا يخفي ما يحس به، إلى درجة أنه قال لي بأن لبس الجلباب يقلل من شأني، لأني فتاة لها تجربة في الحياة وينبغي أن تكمل دورها كنموذج للمرأة الحديثة والمتحضرة. قال إن ما يعرف باسم اللباس الأوربي ليس خاصا بأوروبا. وأن من حق نساء العالم ارتداؤه. ذكرني حديثه بما سبق أن سمعته من حسن قبيل ارتباطي بخلايا المقاومة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بدأت أحس برغبة قوية لقضاء أكثر ما يمكن من الوقت مع "فؤاد" أخو زوجة المدير. شيئا فشيئا عرفت أنه مثل نسيبه انضم للجماعة المنشقة عن حزب "..أ.." سنة 1959. مع ذلك لم يعرض علي أن أنخرط معه في نفس الجماعة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>بعد تخرجي تم تعييني في مدرسة تقع قريبا من بيت أختي بفضل أصدقاء المدير، عندما جئت لأشكره، أجابني:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= مجموع نقطك هي التي سهلت تعيينك حيث ترغبين. لا تنسي أنك تستحقين أكثر من هذا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ذهبت لتوديع زوجته فوجدت "فواد" حاضرا.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= الآن بعد تخرجك هل يمكنني التقدم لخطبتك من أهلك؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>فوجئت بسؤاله فاحمر وجهي. لم أتوقع أن يحدث هذا بسرعة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يسعدني اقتراحك، لكن دعني أستقر وأفكر قليلا ثم أجيبك. هل معنى كلامك أنك ستلغي لقاءنا صباح يوم السبت؟ سألته مبتسمة. ابتسم بدوره وهو يجيب:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كيف ألغيه وفيه أجدد طاقتي وحنيني؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>تخرج "فؤاد" وبدأ تمرينات التدريب في مكتب محام معروف من نفس الجماعة المنشقة. سارت شؤوني مع سعيد كما يرام. صرت أساهم بنصف أجرتي في مصاريف البيت، دون التغافل عن هدايا لعشيقي الصغير. يخطو عمره نحو الثامنة عشر، لكن جسمه الفارع الذي يشبه والده يبدو أكبر من سنه. صار يتدخل في شؤوني، مع بوادر إحساس بالغيرة. بدأت تظهر بيننا نزاعات خفيفة، لكنها تهدد بانفجار قريب إن لم أوقف غيرته عند حدودها. كان حبه يقوى كلما كبر. اضطررت مرة أن اسأله:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قل لي ما مصير هذه العلاقة؟ هل تتخيل أنها ستقودنا إلى ارتباط دائم، زواج حقيقي مثلا؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ولم لا؟ ألسنا حبيبين؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وماذا نقول للناس وأمك وأبيك؟ هل تريدهما أن يقتلاني أو ينتحران؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= تعالي نهرب بعيدا ونبدل أسماءنا. قريبا أدخل الجامعة و...و..</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= كفاك أحلاما. لقد كبرت وتعلمت وصرت قادرا على إعادة النظر في تصرفاتك. وأنا الآن امرأة تعديت الرابعة والعشرين، ألم تتصور أن بإمكاني أن أتزوج يوما ما؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سأقتل من يتزوجك وأقتل نفسي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تخرف يا ولد.. أخذنا معا من الحياة متعة ليست من حقنا، وقد جاء وقت المراجعة، كان لا بد للحلم من نهاية.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= وأنا؟ ألم تفكري في مصيري؟</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= مالك أنت؟ لقد أخلصت لك حتى صرت شابا ولم أحرمك من أي متعة. تصرف كما لو أننا كنا زوجين ثم تطلقنا. وستتعود بسرعة لأنك تستطيع التعرف على بنت جميلة في مثل سنك بكل سهولة عندما تبلغ الجامعة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا أتخيل الحياة بدونك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لا تخف، ما أقصد قوله هو أن عليك أن تفكر في مصير حياتك بعيدا عني. سألبي رغباتك ورغباتي حتى تحصل على رفيقة تؤنسك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= في هذه الحالة سأتقبل اقتراحك رغم أنه مؤلم.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أرأيت؟ ها قد نضجت وبدأت تفكر وتستخدم مخك كسائر الناس.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>تساءلت هل فعلا كنت أراوغه وأهرب منه؟ أم أني أنا أيضا مشدودة إليه خوفا من فراغ عاطفي لم أعد أطيقه؟ لكن كيف أفعل حين يتقدم "فؤاد" لخطبتي؟ لم يمض وقت طويل حتى اتصل السيد مدير مدرسة تكوين المعلمين بالمدرسة التي عينت بها. أخبرني أن "فؤاد" يلح على ضرورة إعلان الخطوبة في أسرع وقت. اعتذرت له بحجة كوني لم أستعد بعد، لأني ملتزمة مع أختي، وترجيته أن يهدئه ويقنعه بالانتظار بعض الوقت. كنت أسعى لتمطيط فترة الانتظار لأن فؤاد لم يكمل فترة التدريب ليبدأ عمله فعلا، بالتالي سنعيش مشاكل مادية أولها تدبير سكن نستقر فيه. بعبارة أخرى، إعلان الخطوبة سيعطي لفؤاد الحق في التمتع بجسمي. سيدخلني ذلك في ورطة مع سعيد، لهذا سعيت لتأخير الخطوبة، حيث لو تمت سنضطر معا للمبيت في نفس غرفة سعيد مرتين كل أسبوع.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>مرت سنة كاملة منذ تخرجي.. شعرت بالحنين للرجوع لتلك البلدة التي تقيم فيها أمي.. لم أزرها منذ تزوجني حسن وخروجي منها بدون ضجيج.. كان الصيف حارا لا يناسب الإقامة في داخل البلاد. تشجعت مدفوعة بالحنين لرؤية والدتي وأبناء أخي.. بعد الاستقلال أصبح هناك قطار من ثلاث عربات خشبية ينطلق من محطة الدار البيضاء نحو مدينة خريبكة صباحا ويعود في المساء. قطار لا تتعدى سرعته خمسين كلم في الساعة. يقطع مسافة مائة وعشرين كلم في خمس ساعات. لم يكن فيه مكيفات ونوافذه لا توصد. حين بلغت البلدة لم أتعرف على المكان. رحل الرئيس الفرنسي وحل مكانه رئيس مغربي مصحوبا بزوجته. نبتت حول المحطة بيوت عديدة واشجار. أصبح فيها شارع وحيد. ذكرني منظرها بالقرى الأمريكية في زمن رعاة البقر.. أبناء أخي كبروا كلهم. ولدان وثلاث بنات، أصغرهن في سنها الرابعة. على عادة أهلي، حرصت أن اشتري هدايا للجميع بمن فيهم زوجة أخي.. قابلتني بشكل محتشم وكأنها نادمة على قسوتها السابقة. أبديت لها الصفح متناسية كل الماضي. قضيت معهم أربعة أيام قبل العودة مرفوقة بأمي. اعتذرت لأخي بكثرة الأشغال لأني أغتنم فرصة العطلة الصيفية لمتابعة تحضير دروس السنة الباقية من المستوى الثانوي. لم يبق أمامي سوى سنة واحدة لأتقدم لاجتياز امتحان الشهادة التي تمكنني من ولوج الجامعة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>عند استئناف الدخول المدرسي، تقدم أحد الجيران من أصدقاء زوج أختي لطلب يدي فرفضته. كان حلاقا في الحي. ليس احتقارا لمهنته ولكن بسبب ما سمعته عنه. كانت سمعته سيئة للغاية. سبق له أن دخل السجن بسبب دعوة قضائية رفعها أب ضده لأنه اتهمه بالتحرش بابنه. قضى ما يقارب أربعة أعوام. حين لاحظت مساندة زوج الأخت له، قررت أن أخبر "فؤاد" بالوضع الجديد. اتصلت به في مكتب زميله وأستاذه في الحزب حيث يمارس تدريبه. فرح باتصالي معه وحرص على تقديمي لأستاذه. رحب الاثنان بزيارتي وشكرني الأستاذ ملوحا لضرورة الالتحاق بالحزب الجديد الذي كونته جماعته المنشقة تحت اسم " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية". وعدته بدراسة اقتراحه ضاحكة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أشكرك على تقديرك واهتمامك بي، على الأقل تحسسني بقيمتي أما هذا الانسان فانتمائي للسياسة لا يخطر بباله.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>ضحكنا ثم غادرنا المكتب لتناول وجبة الغذاء أنا وفؤاد. ودعنا الأستاذ على أمل أن تسنح لنا فرص أخرى. للأسف الشديد، عين الملك حكومة جديدة أوكل رئاستها لعضو مهم في الحزب، فكان أن تم تنصيبه كوزير فيها. بعد الغذاء، سألني فؤاد عن الداعي للزيارة، فأخبرته برغبة زوج الأخت بتزويجي من صديقه الحلاق. سألني عما يجمع بين رجلين أحدهما عامل تقني في شركة السكك الحديدية والثاني حلاق. ابتسمت للتمويه:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= أبدا، زوج أختي يدخن الحشيش أحيانا وهو يجد ضالته في محل الحلاقة. يعني أنه يبحث عن التدخين بالمجان.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= دعينا من الضحك، الموضوع جدي. يجب أن نسرع لو سمحت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لأجل ذلك حضرت لزيارتك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= من جهتي سأخبر أختي وزوجها ليستعدوا لمرافقتي، وأنت من ناحيتك أخبري أختك. سنتفق على الموعد فيما بعد.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>أخبرت أختي بأن زميلا لي يشتغل محاميا يريد التقدم لطلب يدي. لا يهم كيف تعرفت عليه. سأفصل لك الحكاية فيما بعد. قلت لها:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= المهم الآن، هو أن تحاولي إقناع زوجك كي يتخلى عن صاحبه. لو تمسك به أخبريه أني سأضمن له من الحشيش ما يكفيه لسنة كاملة.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= ولكنه سيسأل عن مساهمتك في مصاريف البيت.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= طالما أنا موجودة معكم سأستمر في المساهمة. لكن بعد انتقالي لبيت زوجي سأفعل ما باستطاعتي أن أقوم به.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>حضر المدير وزوجته وفؤاد في نهاية شهر دجنبر. كانت أمي وأخي حاضرين أيضا. استغرق إقناع زوج الأخت شهرين تقريبا. احتاجت خلالها المسكينة للتضحية بليال طويلة ذكرت زوجها بأيام الزواج الأولى. كان تدخين الحشيش يرفع من رغبته ويقويه. ابتسمت لها حينما اشتكت لي فقلت لها مبتسمة:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= سأعوضك عن صبرك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>رحبنا بهم. فرحت أختي وحتى زوجها لما اقتنع أن الخطيب صاحب مهنة مشرفة قد تنفع في الحياة. قالها بوضوح.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= يشرفنا أن نناسب شخصا له حرفة كحرفة سيادتك. لكن سعاد عزيزة وجميلة تستحق مثلك.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>جرى الاتفاق بعد قراءة الفاتحة أن أبقى مع أسرة الأخت حتى يكتب علي ويتزوجني. تذكرت زواجي الأول وكيف غادرت البيت بصمت حزين في صباح باكر كأني هاربة من جريمة اقترفتها. حين انتبهت ليلا لسعيد وجدته يبكي. ذكرته بوعدي:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= لماذا تبكي؟ لن يتغير لقاؤنا طالما لم نتزوج ولم نعثر على سكن. أمامنا مدة كافية لتشبع مني. الصيف ما زال بعيدا. فكر في الامتحان الذي لم يبق له سوى بضعة أشهر.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كنت ألتقي فؤاد زوال يوم السبت بعد أن يقوم بزيارتنا لتناول الغذاء. حاولت ربط صلة صداقة بينه وبين سعيد. من حسن الحظ أنه كان عاقلا يتقبل النصائح حتى عرض عليه فؤاد أن ينخرط مع شبيبة الحزب ففرح وقبل الاقتراح. خصوصا بعد أن أخبره بأمور مهمة قائلا:</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>= قريبا ستدخل الجامعة. نفكر في السيطرة على الاتحاد الوطني للطلبة وعيليك أن تهئ نفسك جيدا من الآن لتكون في المكتب التنفيذي. ما عليك سوى التردد من الآن على مركز الحزب، هناك ستعرف أصدقاء جددا يسهرون على تكوين الشباب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>كل الأمور إذن تتحسن. لكن واقعة غير منتظرة نزلت مثل حجر طائش فوق سطح بركة مياه هادئة. أساءت للمشهد السعيد. أقامت أختي وزوجها حفلة بمناسبة عيد ميلاد إحدى بناتها. عبارة عن سهرة نظمتها مساء أحد الأيام. تأخر فيها فؤاد عن العودة لبيت أخته كالمعتاد. في منتصف الليل خرجنا للبحث عن بقال يملك خطا هاتفيا ليتصل بزوج أخته. في نهاية الخمسينات من القرن 20 لم تكن مودة الاشتراك في شبكة التلفون الثابت قد انتشرت. كانت جميع الحوانيت مغلقة لبرودة الجو الشتوية القاسية. لم يبق أمامه من حل سوى قضاء الليلة بجواري في غرفة سعيد. كان الوضع محرجا لنا نحن الثلاثة. بالطبع لم أسمح لفؤاد أن يغامر رغم محاولته ولمساته ورغبته في مضاجعتي. لكني طوال الليل أصخت السمع لترصد ردود فعل سعيد الذي لا شك أنه لم يتقبل. خيل لي أني التقطت نبرات توحي بأنه يستمني. صوت انزلاق قضيبه بين أصابعه الغارقة في اللعاب والمخاط لا تخطئه الأذن المدربة. ثم خيل لي أنه يبكي. مع اقتراب الفجر أدركني النوم من شدة التعب.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>في الصباح لم يظهر لسعيد أي أثر حتى بعد ذهاب فؤاد. بعد عودته قبيل منتصف الليل كان متعبا. بدا أنه شرب فوق ما يحتمل. ألقى بنفسه على الفراش جنبي بثيابه وحذائه الرياضي. أشعلت النور ونزعت الثياب والحذاء وتركته عاريا تماما. نوم فؤاد ليلة أمس بجواري أيقظ شهوتي التي اضطررت لكتمانها. نزعت قميصي رغم البرودة القاسية وتسللت أستدفئ ملتصقة بحرارة جسمه السكران. تململ أخيرا بعد مدة وتحسس جسمي. قفزت فرحة وانحنيت على قضيبه أفركه وألعب به حتى استيقظ من غفوته وأجابتني طلعته البهية كصومعة. كنت من مدة أحرم سعيد من طعن مؤخرتي كي لا أؤثر على ميوله وأجعله يتعود. كثير من العلاقات تنقطع بسبب عناد أزواج يلحون على ممارسة الجنس الشرجي مع زوجات لا تجارب لهن في الميدان. كنت أخاف عليه. قررت تعويضه عما فات بسبب ما قاساه من ألم ليلة أمس. وضعت لعابي بين الردفين ومررت قضيبه المنتصب بينهما فانقض مندفعا بعنف لم أتعوده منه. لف يدي خلف ظهري وألقاني منكفئة على وجهي. دفع يده وذراعه تحت بطني وجذبني إليه بقوة. ارتفعت مؤخرتي نحوه مطيعة. ظل يطعنني حتى سال عرقه دون أن يهتم بتأوهات الألم. توقف لحظة وكأنه أخرج كل سخطه وغضبه. انهار جنبي وعانقني وقلمه يلمع كنجمة سقطت من السماء من أجلي. مسحت النجمة واحترق جسمي من لهيبها. كان عسلي يفيض من تحتي. جففت بعناية جسم القضيب ونزلت فوقه حتى أوقفتني الخصيتان. شهقت وانبطح جسمي وصدري فوق صدره. مد يديه يعصر الردفين ويدخل لأول مرة أصبعين في فتحة الشرج. زاد تأوهي وذبت بفعل سرب من الهزات المتتالية. حين أحس بي أرتعش فوق صدره قلبني على ظهري. رفع رجلي وفخذي وبدأ يفرغ حمولته الحامية في أبعد نقطة من مهبلي.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong>لست أدري لم خيل لي في الصباح، أنها ستكون آخر ليلة أقضيها مع سعيد. في المساء تعجبت لآنه استلقى بعيدا عني. لما سألته تنهد ولم يجب. في الصباح ترك لي ورقة كتب فوقها.</strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong></strong></p><p><strong><em>" حبيبتي وخالتي العزيزة:</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>شكرا على كل تضحياتك معي. لن أنسى ما حييت ما تعلمته منك. ظروفك الجديدة مع الأستاذ فؤاد، وليلة مبيته معنا نبهتني لحقائق كنت أتجاهلها. ما سمعته منه جعلني أنظر بعين الأمل للمستقبل وأستعد مثله ومثلك لتحمل مسؤوليات جسيمة لا يعقل القيام بها في مثل حالتي اليوم. أرجو أن تغفري لي ما مضى. أتمنى لكما السعادة وحسن الختام.</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>ابن أختك " سعيد"</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>الدار البيضاء 3 مارس 1959 "</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>فرحت وحزنت في نفس الوقت. لن أسمح لفؤاد ثانية أن يتأخر معنا إن لم يكن متأكدا أن زوج أخته سيأتي لينقله للبيت. يجب أن نركز أنا وسعيد على مواد الامتحان الذي يفصلنا عنه شهران ونصف فقط. لحسن الحظ أن مهمتي كمعلمة لا تأخذ من وقتي الشئ الكثير. خصوصا أني حصلت على نفس المستوى الذي درسته السنة الماضية. كلفت بتدريس اللغة الفرنسية بعد أن صرت نموذجا بين أصدقائي وصديقاتي.</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>استفاد فؤاد من تعيين أستاذه كوزير، حيث خلا له جو المكتب الذي صار تحت تصرفه وأوامره. تحسن دخله بفعل سمعة المكتب. بعد الامتحان مباشرة اتصل بي المدير نسيب فؤاد ليخبرني بوفاة حسن. بكيت من أجله لحنانه ورقته وحسن معاملته. حزنت لكل الأشياء التي تعلمتها أو تحصلت عليها بفضله. أصبح بيتي في حي الأحباس بدرب السلطان فارغا. أخبرت فؤاد بالأمر لاتخاذ إجراءات الدفن وإجراءات استعادة حقوقي في البيت. بدأنا نهتم بالتأثيث.</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>ظهرت النتائج وحصلت أنا وسعيد على نقط جيدة. سأدخل الجامعة بعد شهرين لمتابعة دراسة القانون باللغة الفرنسية. وسأنتقل للرباط إلى الحي الجامعي. لا يستبعد أن أغير مهنتي لممارسة مهنة التوثيق العقاري أو مهنة المحاماة كزوجي. أقمنا حفلة زواج لم أحلم بها عندما كنت فتاة مثقلة بغشاء البكارة. أحس ببعض الندم لأني لم أعترف لفؤاد بحقيقة العقم. سأخبره لاحقا وليحدث ما هو مقدر ومكتوب.</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>عند انتقالي للدراسة بالرباط، حصل زوجي بسهولة على منصب مستشار قانوني في ديوان أحد وزراء الحزب. كنا نلتقي كل مساء ثم نفترق. في نهاية الأسبوع نشد الرحال لبيتنا الجديد. وتستمر الحياة.</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>هذه الفصول كلها مستمدة من رواية طويلة. أجريت تعديلات واختصرتها في هذه الفصول. تحياتي لكل عشاق الأدب الإيروسي. ومتمنياتي للمنتدى بكامل الفوز والانتصار.</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>تمت بتاريخ</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>نيو يورك 30/10/2023</em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em></em></strong></p><p><strong><em>أحمد راضي. Round trip to or</em></strong></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="صبرى فخرى, post: 65369, member: 2260"] [B]بقلم [/B] [HEADING=2](Round trip to org)[/HEADING] نسخة معدلة [B]قصة بالعربية الفصحى[/B] الكاتب: أحمد راضي قصة طويلة متسلسلة [U]خمسة رجال علموني معنى الحياة[/U] مدخل: تحكي القصة حياة فتاة من البادية تزوجت باكرا في 14 من العمر وانتقلت لمدينة كبيرة بمشاكلها، خصوصا في فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب. في بداية الخمسينات من القرن الماضي. فجأة تجد نفسها قد أصبحت عضوا في منظمة تقاوم الاستعمار الفرنسي.. لكنها ستخرج منها بأمان بعد مغامرات متعددة. هناك مواقف ومشاهد جنسية وغرامية طبعا، لكنها لا تمثل سوى إضافات قليلة، الغرض منها ترضية خاطر القراء لتشجيعهم على مواصلة القراءة. ثمة أحداث تاريخية وإشارات أخلاقية مهمة، ومعلومات وطنية دقيقة عرفتها البلاد قبيل وبعد الاستقلال في نهاية الخمسينات تستحق منا الاهتمام. أتمنى لكم كامل المتعة والفائدة، أشكر جميع القراء والمهتمين بمتابعة القصص راجيا أن أكون عند حسن الظن. [B]الفصل الأول[/B] من سنة 1938 إلى 1952 ولدت سنة 1938 في مكان ما بدون اسم. مكان فارغ تصفر في ربوعه الرياح كل مساء، كأنها تفتح أبواب الحرية لخروج ما تبقى من الحيوانات المتوحشة من ثعالب وابن آوى وذئاب.. وعفاريت أيضا من تحت أشجار الطلح وأشواك النبق الكثيفة المغطاة بأعشاش الطيور. لكنه مكان نبتت فيه فجأة محطة من فراغ.. هناك، فتحت عيني على الدنيا.. ليس المهم من أين جاءت تلك المحطة، سواء خرجت من تحت الأرض أم نزلت من الغيب.. المهم أنها ربطت المكان بغيره عبر سكة حديدية، لم أعرف لها إلى حدود اليوم بداية ولا نهاية. أما علاقتي أنا بها، فيسعدني أن أخبركم من البداية أنها علاقة غريبة وسطحية، بما أني كنت البنت الوحيدة في المحطة، بصفتي ابنة واحد من عمالها. هذا المكان البسيط الذي ليس فيه ما يميزه عن سواه، سوف يكون مجالا تخرج منه أغرب القصص والحكايات، ومنها قصتي التي يحتل الجنس فيها مساحة معينة، حكاية فتاة فاتنة ذات شبه كبير بالممثلة الشهيرة، المرحومة "فاتن حمامه" حسب ما سأسمعه مرارا حين كتب لي الانتقال عن طريق الزواج إلى الدار البيضاء.. ولدت هنا وسينتهي بي القدر لأصبح سيدة ذات شأن كبير في المدينة التي سأنتقل إليها، قبل أن يتجاوز عمري سن الرابعة عشر. كنت من البداية فتاة يصفني الناس بالجميلة. وجه مستدير لا يفقد براءته سواء حزنت أو فرحت. بيضاء بشعر كثيف ذي لون كستنائي براق وأملس. تعودت منذ صغري أن أجمعه في ضفيرتين تنحدران من الجانبين أو من وراء الرأس وتنحدران إلى ما بعد الخصر أو الظهر. ذات عيون حوراء شديدة البياض والسواد. بخدود موردة وشفاه دائمة الابتسام، يشع لونهما الوردي مثل شفاه دمية.. وبراءة تزيدني رونقا وجمالا كلما تحركت أو قفزت أو حين أنعزل وحيدة لأن المكان لم يكن به صغار غيري. أما الباقي من الصورة فلم تبدأ معالمه في الظهور المثير إلا حين بلغت العاشرة. كنت منذ سن السادسة أنتقل كالفراشة بين البيوت الستة التي بنتها الشركة للعمال. بيوت امتلأت كلها لسوء حظي بالعجائز والشيوخ من أسر العمال. أزهو وأرقص مدللة من الجميع بما فيهم رئيس المحطة. تراوح عدد العمال بين الخمسة والستة، كان أبي من بينهم لسوء حظي. يبدو أن حسنة المحطة ومهمتها الوحيدة، كانت هي الجمع، مرات عديدة كل يوم، بين قطارين قادمين من جهتين مختلفتين... يتعاكسان في نفس النقطة، لأن المحطة وحدها تتوفر على خطين، ثم ينطلق كل منهما نحو هدفه بعد أن يفرغ كلاهما الخط وراءه لصاحبه. تتكرر هذه العملية طيلة النهار وتتوقف عند مغيب الشمس. توفي والدي وأنا في الخامسة. كان واحدا من العمال الأوائل ومن أكبرهم سنا. ذهب وحده كما لو أن الأرض هنا ترفض اجتماع الأجيال في نفس المكان. احتفظت به الشركة من بين عمال تم تمرير خط السكك الحديدية بفضل جهودهم، لكنه رحل مفضلا اللحاق بالسابقين من أقربائه وزملائه. خلف عائلة مكونة من أمي وأختي وأخي ثم أنا. لا أتذكر بالضبط ملامحه لكني أستأنس بوجه أخي لعلني أعثر عليها. لم أعرف اللعب طول حياتي، لأن الحظ لم يسعفني لأحظى بأي صغير يشاركني الجري واللعب. لكني عشقت يومين من أيام الأسبوع، كنت خلالهما أتسلى بحضور أبناء رئيس المحطة الفرنسي وهم ثلاثة، صحبة أمهما. كانوا يسكنون في مدينة الفوسفاط المسماة "خريبكه" طيلة الأسبوع بسبب المدرسة، وفي نهايته يزورون الوالد. تغتنم السيدة الفرصة لتعويض ما فاتها من الحب والغرام طيلة الأسبوع. بينما يملأ الأبناء المحطة والبيت ضجيجا طيلة يومين ثم يرحلون عشية الأحد. أودعهم وأنا لا أفهم بالطبع لماذا يغيبون، كما يودع الناس الموتى بالحزن والبكاء، أحتاج بعد ذلك ليومين أو أكثر لاسترجاع طاقتي ورغبتي في الحياة. لم أفهم أبدا لماذا كان أخي وأمي يعارضان بقوة كلما اقترحت عليهما السيدة "جاكيت" زوجة رئيس المحطة، أن تأخذني معها لتسجيلي بالمدرسة مع أولادها. كانا يخافان علي من دراسة تعلم الكفر وتفسد الناس كما يعتقدان. كان الابن الأكبر يكبرني بأربعة أعوام، والأوسط بعامين، أما الأخير فعمره يعادل عمري. كنت أقضي معهم اليومين في بيت رئيس المحطة، حيث كانت أختي التي تكبرني بأعوام عديدة تشتغل لدى أسرة الرئيس، حتى بعد زواجها وإنجابها لولدين، مما سهل علي قضاء الليل أيضا في اللعب معهم دون معارضة من أخي وأمي. أفرغ في حضورهم كل الطاقة التي جمعتها تحت ظلال الحزن والملل وحيدة خلال بقية الأيام. أتذكر أن الأم كانت تغسلنا جماعيا، أنا وابنيها الأوسط والصغير بلا حرج ربحا للوقت واقتصادا للماء. أتيح لي حينها أن أقدر الفوارق الظاهرة والخفية بيني وبين الأولاد منذ سن السادسة. لكن سرعان ما توقفت العملية لما بدأت أنمو وأكبر، أي في سن الثامنة من العمر، إلا أننا كنا نختلق بيننا فرصا أخرى أكثر إثارة وإبداعا حين يخلو لنا الجو. كانت عملية اكتشاف بعضنا البعض مستمرة لا تنقضي. تعلمت منهم بعض الكلمات الفرنسية وتعلموا مني لغتي، وكم كنت أسعد لسبب لا أعرفه حين يلتحق بنا الابن الأكبر. تطبخ الأم في المساء طعام العشاء باكرا حتى يتسنى لها التفرغ لزوجها أكبر وقت ممكن. تختفي معه وراء باب الغرفة المغلقة بعد أن تعد له مائدة الطعام والشراب. تتركنا أحرارا نلعب كما نشاء بدون حراسة. كنا نتعمد الاقتراب من باب الغرفة بتحريض من الابن الأكبر، ننتظر بصمت وهدوء بداية مسرحية تبدأ بالغناء والضحك وتنتهي بالصراخ والمواء والأنين. كان الولد الأكبر يحاول جاهدا أن يفسر لنا ما يحدث هناك وراء الباب. حسب فهمه وتقديره طبعا. من جهتنا، كنا نتصنع عدم الفهم ونلح متمسكين بمزيد من التوضيح، كي يفسر لنا بتفصيل ممل ما يعتقد أنه يحصل كل مرة بين الأبوين. انتهى الإلحاح ذات مرة بغضب الولد مما جعله يشتكي من بلادتنا. فقرر إتمام شرحه بالملموس كي نفهم بالضبط. اقترح على أخويه نزع البنطلونات، أما أنا فكان يكفي أن أحمل أسفل قميصي وأعض عليه بأسناني ليظهر جسمي من تحته. وقفنا عراة أمامه مطيعين مستعدين. ففعل مثلنا وأخرج عصفورة صغيرة مستقرة أسفل بطنه، جعل يلعب بها حتى تبدل شكلها وحجمها قليلا. استدار نحوي وبدأ يلمس أفخاذي ويصفع أردافي وأنا مستغرقة في الضحك، لكنه سرعان ما تراجع نحو أخيه الأوسط. حين انتفخ وتضاعف حجم العصفورة التي صار لها مقدمة كرأس الديك. لم يصدقه أحد لما قال بأن والده يملك مثلها مضاعفا عشر مرات وأكثر، وأنه يدخلها بالكامل في جوف الأم، التي ترحب وتغني لها وتصرخ وترقص وتتلوى إلى أن تنهي دورها بالأنين والبكاء. حين رأى الاستغراب في عيوننا، قال إنها تشعر بنفس ما نحس به عندما نأكل "الشوكولاطة" أو اللحم المشوي أو الحلوى. نظر إلي طويلا وهو ممسك بعصفورته في يده، ثم حول نظره صوب أخيه الأوسط. أقعده على ركبتيه ويديه بحيث صار يتكئ على أربعة كالكلب، فبانت عجيزته صاعدة أمام وجه أخيه. ضحكنا كثيرا ونحن نتابع حركاته. بصق في وسطها وجعل يحك قطعته المنتفخة في الفراغ الفاصل بين ردفي أخيه ويتمتم بحروف وكلمات، كاتما صوته بداخله، بينما الابن الأوسط يرفع صوته ضاحكا ويحثه على الإسراع.. ظل لحظة ملتصقا به من الخلف، لم يفلته حتى ارتفع أنينه مثل أمه. هل كان يتصنع فقط أم أنه كان فعلا يشعر بشئ غريب لا نعرفه يسري في جسده الصغير؟ لست أدري لأني بدوري لم أفهم ساعتها المشهد إلا كلعبة مثيرة ومضحكة. حدث مثل هذا كثيرا بعد بلوغي سن العاشرة من العمر. أصبح التعري والاحتكاك ببعضنا البعض لعبتنا المفضلة. كنا نمضي النهار بطوله نجري وراء الطيور نصطاد العصافير ونطارد الدجاج، أو نسبح في جفنة واسعة مملوءة بالماء خلال الصيف. ما يكاد الليل أن ينشر بساطه الأسود، وتسرع الأم كالعادة لغرفتها مع الوالد، حتى نسارع بدورنا، بعيدا عنها إلى مسرحيتنا الخاصة. حين جاء دوري أخيرا، طلب مني الابن الكبير أن أتجرد تماما من ثيابي فأطعت.. قال إنني سوف أنوب هذه المرة عن أخيه. كان لا بد أن يأتي زمن البداية في يوم ما.. أغمض عينيه وقبلني. حين شاهد استغرابي ومفاجأتي، عاد يقبلني بحماس أكبر.. خيل لي عندئذ أنه بدأ يخالف أركان اللعبة ويضيف عليها من عنده، لكني شعرت كما لو أن الإضافة زادتني حماسا لإتمام الدور إلى نهايته. بصق على خرمي كما يفعل دائما مع أخيه وجعل يمرر قضيبه صعودا ونزولا وأنا أضحك.. التفت لأرى قطعة اللحم الذي بيده، فإذا بها تتصلب وتنتفخ وتستطيل مثل العصا، كانت ساخنة شديد الحرارة وشكلها تغير تماما. تراجع الغلاف الذي كان عادة يحيط بالرأس ويخفيه. أصبحت نهايتها مثل بيضة في مقدمتها ثقب. شعرت به دافئا ومتعبا ومؤلما. كان يجاهد مضطربا شبه خائف أو متردد.. كأنه جائع يريد أن يسطو على قطعة حلوى ليست له، يحاول غرس رأسه بداخلي.. حين تعب تراجع وعوضه أخوه الأوسط. أردت أن أوقف اللعبة لكنهما معا أرغماني على الاستمرار حتى الخاتمة. ما هي هذه الخاتمة؟ هل هناك خاتمة أجهلها، وإن كانت فما هي؟ سألتهما أن يسرعا لأن الوضعية التي كنت عليها أتعبتني. عاد الأول بعد استراحة قصيرة. وما كاد يضع رأس قضيبه هذه المرة حتى انسل نصفه بداخلي. شعرت بوخزة كأني وضعت قدمي الحافية فوق الشوك، فارتبكت. لم أميز بالضبط هل تألمت أم أحسست بشعور لذيذ، بينما زاد تمسكه بوسطي وبدأ يتقدم ويتراجع شعرت فقط بعضوه الساخن رطبا يتنفس ويتحفز ويتحرك أكثر ذهابا وإيابا.. يحاول أن يدفع قطعته كلها إلى داخلي فأمنعه، أسمعه يلعن.. هل هذه هي الخاتمة التي يتحدثون عنها؟ يصفع مؤخرتي فأهتز ويعيد الصفعة فأضحك.. يرتعش ورائي ويصب بالداخل ماء ساخنا قبل أن يتصلب ويتشنج ثم يهدأ. عندما انسحب بدأت تخرج قطرات بيضاء ذات لزوجة مكثفة كالمخاط.. تناولت سرواله ومسحت تحتي ثم جلست بصعوبة. صارت الحكاية لازمة تتكرر كل أسبوع حتى تعودنا عليها. لم يكن عندي لعب تملأ علي الفضاء باستثناء هذه اللعبة. أصبحنا نسارع الزمن ونكثر من الحيل لنيل قسط أكبر من الحرية.. بدأت أقترب من فهم معناها أكثر. أنافس أخاه الأوسط وأسعى لاحتكار قطعة اللحم العجيبة وحدي كل أسبوع. ولا أخفي أن ثقل بقية الأيام بدأ يخف لأنني كل مساء أتذكر اللعبة وأتسلى وحدي على سبيل الاستعداد. أنتظر نهاية الأسبوع بفارغ الصبر. كنا نعيد اللعبة مرارا خصوصا عندما نسمع الأم تموء وتئن مثل قطة.. أصبح صوتها يثيرني على الخصوص فألتصق بالولد الذي بدأ يمثل دور رجل بالغ.. صار يحمل لي هدايا رمزية وقطع حلوى وكتبا مصورة. أقف طويلا أتأمل عينيه وأمرر أصابعي بين خصلات شعره. شيء واحد كان يزعجني هو أني أصبحت ملزمة بالانسحاب عندما يحل المساء. كنت أعرف أنه سيكرر اللعبة مع أخيه الأوسط إلى الصباح. أبكي سوء حظي بصمت. لاحظت أن أخاه الأوسط ينمو بشكل مختلف عن الأخوين، يتصرف كفتاة ناضجة. يعشق دوره في المسرحية أكثر مني. لهذا كنت أتخيل ما يحصل بينهما حين أضطر للعودة إلى البيت. حمار الرئيس وأخواته البنات في نفس المحطة، رغم أن عدد السكان محدود لا يتعدى الستة والسيد الفرنسي رئيس المحطة، إلا أنها لم تكن ميتة. إذ ما تكاد القطارات تختفي مع مغيب الشمس حتى يبدأ ضجيج من نوع آخر. من بين العمال الستة، اختار الرئيس واحدا يدعى بوشعيب. هو نسبيا أكبر من الباقين. أصبح وحده المكلف بتنظيم العمل. وهو أيضا المكلف بحاجات وأمور بيت الرئيس. يبعثه أحيانا إلى مدينة الفوسفاط لمساعدة الزوجة إذا تطلب الأمر ذلك. أو يبعثه محملا برسائل ووثائق إلى الدار البيضاء للاتصال بإدارة الشركة. لكن أهم وأحسن مهمة بالنسبة لسعادة الرئيس ولرفيقه بوشعيب، هي تنظيم السهرات، التي يجلب فيها بوشعيب أخواته الثلاث، مرتين في الأسبوع، ليرقصن ويغنين، ويقمن بمهام أخرى عند الحاجة. حيث كانت الأخت الكبرى على استعداد دائما. تتأخر عند الرئيس بعد أن تنفض الجلسة. تقضي الليل بكامله معه إلى أن بلغها النصيب وتزوجت أحد العاملين بالمحطة. لهذا كانت كلمة بوشعيب مسموعة وسلطته على بقية العمال كبيرة. بالنسبة لي، كنت أسرع للترحيب به والتمسح بأذياله كلما لمحته عابرا لأنه يحبني ويحرص على جلب الحلويات معه ليقدمها لي كلما قصدته. كان يحبني ويعتني بي. يجلسني فوق فخذه ويداعب شعري برقة، ثم يقول لي ضاحكا: أني جميلة ينتظرني مستقبل كبير.. يحثني على الأكل لأكبر بسرعة. من غرائب بوشعيب هذا، أنه تأثر بكل عادات سيده فأصبح مثله في كل شيء تقريبا. تعلم لغته ولبس مثله وقلد حركاته رغم أن شكله ولونه الخمري لا يساعدانه على ذلك. أصبح مدمنا للتدخين والشراب كل مساء. تأثرت الأخوات كذلك بنفس الأمراض فتعاطين التدخين والشراب متى تيسر لهن ذلك. لكن بوشعيب كانت له بعض الحسنات أيضا. فقد تحمس لصحبة أخي، الذي يعزف بإتقان على آلة الكنبري وهي آلة تشبه العود لكنها ذات وترين أو ثلاثة فقط. عمود خشبي يخترق ربع طوله قوقعة سلحفاة ميتة ذات غطاء جلدي ثبتت فوقه الأوتار. لما بلغ أخي العشرين من عمره، أقنع بوشعيب سيده لتسجيله ضمن عمال السكك الحديدية. تبين لنا بعد حين، أنه لم يتوسط لأخي لطفا أو احتراما للعشرة والمحبة، وإنما ليقنعه بالزواج من أخته الوسطى. كان من السهل تسجيل أخي بحكم أن الشركة تضمن للآباء عند الوفاة أو التقاعد من الخدمة حق تعويضهم بأبنائهم. أول ما فعلته زوجة أخي بعد أن خلا لها الجو واستراحت في بيتها، أنها أنزلت كل أعباء البيت فوق كتفي، غير مراعية أني لم أتجاوز العاشرة من العمر بعد. أنظف وأجلب الماء وأطبخ وأقوم بالسخرة وأغسل الثياب المتسخة وأنشفها ثم أجمعها وأطويها وأرتبها في الرفوف داخل الدولاب. حتى يومي السبت والأحد حرمتني منهما. حين أحتج تصرخ في وجهي قائلة: إذا أردت أن تعيشي عليك أن تشتغلي بعرق أكتافك. رغم زواجها من أخي، إلا أنها، قبل أن تلد، ظلت ترافق أخاها متى طلب الرئيس حضورها، في سهراته التي لا تنتهي. يرافقها أخي بآلته أحيانا، ويغيب إذا لم يرغب الرئيس في حضوره. كان الرئيس يعزم بعض أصدقائه من محطات أخرى بعيدة ليشاركوه متعة السهر والشراب. في هذه الحالة يضطر بوشعيب لجلب نساء أخريات، حين يفوق عدد الضيوف عدد أخوات بوشعيب من باب التعويض وسد ثغرة الفراغ. يحضرهن من مدينة الفوسفاط. يأتون في آخر قطار قادم. يأكلون، يشربون ويملؤون صمت المكان طول الليل بالضجيج، ينيكون ثم يختفون في الصباح مع أول قطار مسافر. ومن أغرب الأشياء، أن بقية السكان أنفسهم يتلذذون بما يسمعون من غناء، ويؤثتون أمسياتهم بما يتسرب من تلك السهرات من أخبار. بقي الأمر هكذا إلى أن دخلت سن الرابعة عشر. تغير منظري وظهرت بوادر الاستدارات هنا وهناك فوق خريطة جسدي. استغربت كيف أن زوجة أخي، التي رزقت ببنت وولد، أصبحت بغتة تهتم بي أكثر من ذي قبل. كانت تسيطر بغرابة على البيت بكامله بمن فيهم أخي، فلا يقدر أحد أن يخالفها.. لكن اهتمامها بي أعجبني، لأنها تضطر لتخفيف الأتعاب قليلا عن كاهلي. أخبرتني أن أخاها بوشعيب سمع أم الابن الأكبر تسأل عني، وأنها لا تفهم لماذا قاطعت بيتها ولم أعد أزورهم بينما هي تعتبرني دائما من أهل بيتها، لا فرق بيني وبين أولادها. قال إن الأبناء أيضا يسألون عني خصوصا ابنها الأكبر. هل كانت تكذب أم أنها تريد مني الانصياع لرغباتها الشاذة؟ سرني التغيير فلم أهتم بصدق كلامها أو كذبه.. بدأت تصر كي أغتسل على الأقل مرتين كل أسبوع، رغم قلة الماء، لإزالة رائحة العرق. ثم تساعدني في تمشيط الشعر وترتب الضفيرتين وتعطرني بإتقان.. أحسست أن شيئا ما يلوح في الأفق من وراء خبثها.. ما لبث الأمر أن اتضح عندما قالت لي بأنها تحضرني للزواج من الابن الأكبر لرئيس المحطة. هكذا ادعت، أعجبتني الفكرة وإن كنت لم أصدقها. كنت أعرف رغم سني، أن زواج فتاة ***** من نصراني مستحيل وغير ممكن، وأن أخي وأمي سيرفضان، وأم الولد نفسها لن تقبل لولدها أن يبدل دينه. مع ذلك استسلمت لزوجة أخي وسايرت هلوساتها. كانت تقول بأن جمالي لا يستحقه مسلمون لأني أشبه النصارى. أصبح موضوعها المفضل، هو أن تتحدث وتطيل في مدح الولد، تصف لي بإعجاب كيف صار شكل جسده وجمال منظره، حتى شككتني في أمرها. ذات ليلة فوجئت بالابن الأكبر يدخل بيتنا.. رتبت زوجة الأخ كل شيء. أمي سافرت لرؤية خالها المريض بالدار البيضاء، وأخي ساهر في بيت الرئيس صحبة بوشعيب.. زوجة أخي وحدها موجودة. تأكدت أنها تقف وراء زيارة الولد عندما وضعت أمامنا فوق المائدة الواطئة قنينة خمر أحمر مع الطعام. لمعت عيناها وابتسمت له. بدت سعيدة في قمة الفرح حين قالت بلغة مرتبكة، خذ حريتك يا سيدي ليس ثمة ما يزعج، كل شيء على ما يرام. عندما حاولت أن تجالسنا نهرها آمرا إياها بالانصراف. تقلصت ملامح وجهها واحمرت أوداجها وقطبت ما بين الحاجبين قبل أن تغادر غاضبة. لم ترجع حتى تعدت الساعة منتصف الليل، قبل أن يرجع أخي من بيت الرئيس مخمورا كعادته. فكرت لحظتها أن خنوعها بهذه الطريقة لم يكن مجانيا فهل كانت تنوي وتستعجل بهذه الهدية العجيبة والمباغتة أن تتخلص من بكارتي؟ [B][U]الفصل 2[/U][/B] وقف أمامي رجلا كامل الرجولة، تبينت ملامحه بصعوبة فقد نبتت له لحية خفيفة حاول تشذيبها، وشارب دقيق أشهب جذاب، عظمت كتفاه وتضخمت عضلاته. لعله صار أطول من أبيه قليلا. حتى نظرة عينيه نفاذة تميل إلى القسوة مثل أبيه، لولا الغمازتين عندما يبتسم. مضت ثلاث سنوات لم أره خلالها، لكن صورته القديمة عالقة في الرأس. تأكدت أنه أكثر وسامة ولطفا من وصف زوجة أخي. ألقى التحية وفضحها حين اعترف لي أنها رتبت معه الزيارة بدون علم أمه.. أخرج من جيبه سلسلة ذهبية رقيقة علقت في وسطها صورة كف. تقدم نحوي وأحاطها حول رقبتي.. ابتسمت حين تخيلت أن هذه الكف سوف تصبح قيمتها غالية حينما تندس بعد أعوام قليلة بين نهدين ناضجين. مرت دقائق قبل أن أستفيق من دهشتي لأشكره. سألني عن الأحوال فحركت رأسي يمينا ويسارا، بما يعني " أننا نعيش حسبما اتفق" كنت عاتبة عليه لأنه نسيني، لكني تناسيت العتاب حينما جلس بجواري. لم يمض سوى لحظات حتى التحمنا وغيبتنا القبل الحامية. ارتفعت للسماء ليلتها ونبتت لي أجنحة عندما ضمني إلى صدره وبدأ يعصرني. أحسست بدرجة القوة التي تسحبني وراء حركاته إلى المجهول.. تذكرت فقط أني حذرته كي لا يمس بكارتي.. ضحك وقال بأنه يعلم وأنه أصبح خبيرا.. حزنت لأنه قال: = من حسن حظنا أن زوجة أخيك جمعتنا الليلة... قطبت ما بين الحاجبين مستغربة وسألته: = لماذا من حسن الحظ.. = لأنني نجحت في امتحان البكالوريا وسأرحل قريبا لفرنسا من أجل الدراسة الجامعية. شعرت بهزة أرضية قوية بداخلي. = ماذا؟ سترحل؟ وهل ستعود بعد ذلك؟ = لا أدري.. يمكن أن أعود خلال عطلة الصيف، أي بعد سنة. دار في رأسي فقط أن لقاءنا هذا، وهو هبة جاءت من شخص مكروه، قد تكون الأخيرة. عندئذ ارتميت عليه وبدأت أعريه وأرمي ثيابي في كل اتجاه. = تعال يا حبيبي، ليس أمامنا وقت طويل، قلت هذا وانحنيت أبحث عن قضيبه فقد راودتني لأول مرة رغبة مصه. سمعته يقول بصوت خافت: = على مهلك، هل نسيت كيف تكون لعبتنا القديمة، ثم ضحك. = لم أنس شيئا. لكن قبلني كثيرا ودعني أمص عفريتك قبل أن تأخذ كامل حريتك. كل شيء وجدته جديدا، اختفت قطعة اللحم وعوضها قضيب كامل الأوصاف، طريقة احتضانه وإقباله فوقي، لسانه الجائع، أصابع كفيه الفضولية، إحساسه الساحر، ونظرة عينيه التي تدعوني للغرق في سحرها العميق. = ذلك الوضع القديم لم يعد يناسب سنك. استلق على ظهرك ودعيني أقوم بالباقي. شفتاه تتجولان فوق عنقي وفمي وصدري بكامله، ترسمان محيط النهدين كما يريده ويتخيله. قال إن بوادر النهدين تعكس مشروع بستان رائع لم تتفتح كل أزهاره بعد. ارتجفت وارتعشت. فقدت الإحساس بما حولي. انحنى على وسطي وتجاوزه إلى العانة والحوض، بعد أن رفعت فخذي إلى أقصى قدر استطعت فعله. مد يده يبحث عن سرواله دون أن يفارقني. أخرج أنبوبا عصره وتناول منه جرعة مررها على فتحتي. تلاعبت أصابعه بدفع مرهم الفازلين إلى الداخل. تذكرت ضحكي يوم فعلها معي أول مرة. حملني فأحطت عنقه بذراعي خوفا من الضياع. فخذاي تحيطان بوسطه تحاصران ظهره. غافلني ليزرع بأعجوبة وحشه بداخلي، تغاضيت عن الألم وفقدت القدرة على التنفس.. كان لسانه يحاصر لساني ويتجول داخل فمي. تذكرت شهور الفراغ والجوع فتعلقت به أكثر حتى زاد انحشار القضيب بداخلي. بقي واقفا يحملني فجعلت أحرك مؤخرتي ضاغطة بالساقين والقدمين خلف ظهره. كنت بين ذراعيه مثل كثلة لحم مخترقة بسيخ حديدي. شعرت أن كياني كله تعرض للشواء تحت حرارته. عندما لفظ رحيقه بالداخل تمسكت به أكثر وأنا أرتعش متلذذة بنبض القضيب وهو يتراقص بداخلي متسللا لعمق الروح والجسد. كنت محتاجة لامتصاص كل ما تستطيع قوته أن تبعث لعروقي من ماء الحياة وأسرارها. أنزلني وبدأ يستعيد أنفاسه بينما ألقي على جسده نظرة جائعة تنتظر المزيد. تناولت القضيب أمصه بلهفة غريبة حتى استعاد قوته ثم استدرت نحوه قبل أن أوليه ظهري.. = مرحبا بالجديد يا "حبيبي" لكني أفضل لعبتنا القديمة، قلت له مبتسمة. استعدت عالمنا وحريتنا القديمة، قاومت رغبتي في البكاء خوفا من تضييع أخر فرصة نزلت علي من السماء. ارتمى فوق ظهري ناشرا جنته الفيحاء في دمي. كلما تحرك قضيبه داخلي أتنفس بصعوبة وألعن الفراغ والغياب وزوجة أخي.. أتذكرها فأرفع نحوه مؤخرتي.. خذها وقطعها واجعلني أنسى المكان والزمان والحياة كلها.. اشتمني لأنك تعلم كم تهيجني شتائمك. بعد رحيلك ستقتلني زوجة الأخ وتدفنني حية بدون رحمة، وتجعلني كلا شئ. لا ترحمني كي لا يبقى لها مني شيء تعذبه وتقتله وتتاجر به هي وأخوها بوشعيب.. دعني أمسحها من ذاكرتي.. تهاطلت علي لعناته وصفعاته حتى حفظتها عن ظهر قلب.. استجاب لدعائي لأني فعلا نسيت زوجة أخي وغبت عن الوعي بعض الوقت.. صحوت على صوته يوقظني = هيا، حان الوقت.. الساعة تجاوزت منتصف الليل.. لم أستطع النطق بتحية الوداع.. خاطبته وأنا أعرف أني أكذب = إلى اللقاء، لا تنس أني هنا متعلقة بالأمل رغم الغياب. غادرني بعد ذلك لكن ذكرى تلك الليلة لم تودعني. كيف ترحل من دماغي وقد كانت هي الشعلة التي أدخلتني لفضاء عجيب كان من المستحيل علي الابتعاد عن سحره حتى بعد أن تزوجت. في تلك الليلة راودني إحساس الأنثى عن نفسه قبل أن يتلبس جسدي إلى ما لا نهاية. نزعت السلسلة عن عنقي وأخفيتها كي لا تراها زوجة أخي. قررت الاحتفاظ بها كدليل ملموس يؤنسني ويعيدني متى اشتقت لحقيقتي ومشاعري وذكرياتي. [U]1952:[/U] [U]زواج في سن الرابعة عشر[/U] حين تجاوزت الرابعة عشر بقليل، توفي خال أمي بمدينة الدار البيضاء فسافرت لحضور جنازته. لم تمض سوى شهور قليلة بعد ذلك حتى زارنا ابن خالها، وهو رجل دخل سن الشيخوخة منذ سنوات. لعله قارب الستين حينئذ؟ لم يكن لباسه يشبه لباس الرجال الذين أراهم هنا وهم قلة. كان يرتدي جلبابا أبيض وطربوشا أحمر ويحتذي برجليه حذاء أسود شديد اللمعان. يضع فوق عينيه نظارات واسعة تخفي نصف وجهه ولحيته البيضاء. حين نزعهما ليشاركنا الطعام، بدت عيناه غائصتين داخل الوجه كما لو أنه كان ميتا ثم ندم وعاد للحياة. رجل طويل، يتصنع الابتسام لأن عضلات خديه لا تطيعان محاولته. اثناء وجوده معنا خلال يومين، صادف أن كان رئيس المحطة الفرنسي ينظم كعادته سهرة فبعث بوشعيب ليعزمه لمشاركتهم. لبى الدعوة بفرح وعاد منها سكرانا لا يستطيع الوقوف... نسيت أن أثبت هنا، أن بوشعيب زوج بقية أخواته، الوسطى والكبرى لعاملين من نفس الشلة. وقد كانا معا ضمن الجماعة المكلفة بمراقبة وتدبير المركز الكهربائي الذي يزود محطة القطارات بالطاقة التي تضمن لها القدرة على الانطلاق. رافقت الأولى زوجها الذي نقل إلى محطة مراكش، في حين انتقلت الثانية إلى مدينة الفوسفاط. لكن بوشعيب بعد زواجه عرف كيف يعوض غيابهما بفتيات تجلبهن زوجته من دواوير بعيدة. يسهرن مع جماعة الرئيس ويرحلن صباحا. غير أن السهرات لم تعد بنفس الوتيرة السابقة. قبل سفر ابن خال والدتي، أخذني أخي إلى زاوية معزولة وحدثني عن الغرض من زيارته. تبين أن الرجل جاء يطلبني للزواج. فوجئت بالطلب. لم أكن أميز جيدا معناه، وما قد يترتب عليه من تغيير في مسيرتي ومستقبلي. سألته إن كان لزوجته دور في الموضوع، لكنه طمأنني وكانت الطامة أن أمي هي من عرض عليه الزواج مني، شعرت كما لو أنها سعت للتخلص مني.. في الواقع، نظرت للموضوع بعد أن فكرت من زاوية عملية فاتضح لي أن الزواج سيخلصني من زوجة الأخ التي تستغلني بكل الطرق وتعتبرني مشروعا يبشرها بربح كبير. ربما كانت محاولة أمي أيضا قد جاءت بسبب هذه المرأة. المهم أنها تريد أن تبعدني عن براثنها، لعلها علمت من أحدهم بتلك الزيارة الليلية وبالدور الذي قامت به زوجة الأخ، فبدأت مستعجلة تفكر في أسلوب ينجيني من مخاطر الإقامة في هذا المكان.. وقد طالما كانت تحذرني منها ومن أخيها بوشعيب الذي تكررت زياراته لأخته. عارضت زوجة الأخ الزواج. لكن أمي خالفت احتجاجها لأول مرة. بقيت تصرخ وتسب أخي بحجة أني صغيرة وغير قادرة على الزواج بعد. ثم بدأت تتهكم على زوجي وتستهزئ من سنه وشكله. لكن إصرار والدتي جعلها في النهاية تخضع للأمر الواقع. هكذا أصبحت زوجة في تمام الرابعة عشر من العمر. ودعني أهلي بصمت في شبه مأتم. كأني بقرة عاقر لا تلد ولا تدر الحليب. انتقلت من لا مكان إلى مدينة تشبه الغول، وهذا في حد ذاته أمر شديد الأهمية. كيف لا وقد نقلت من الفراغ الذي يمتد على مرمى البصر إلى مدينة لا حدود لشوارعها وبناياتها الشامخة وضجيج سياراتها. كان حسن زوجي يعمل كحارس ليلي بإحدى الشركات المختصة في كراء وبيع أدوات وآلات وجرارات تستخدم لبناء العمارات والطرق والقناطر.. شركة كغيرها، في ملكية فرنسيين ويهود. تقع لحسن الحظ غير بعيد عن محطة القطار. كان يتناول عشاءه قبل الثامنة ويخرج لعمله مصحوبا بقنينة خمر وبعض المكسرات، يستأنس بها وحده أو بصحبة من يلحق به من أصحاب الشركة والعمال وبعض الأصدقاء ممن لا أعرفهم، لا يعود للبيت حتى السابعة صباحا. كنت أحيانا أسمعهم يتحاورون بأصوات مرتفعة، كأنهم يتخاصمون أو يقتسمون أشياء ذات قيمة. يتناول فطوره ويغرق في نومه إلى الظهر. هذا يعني أن صلتي به لم تكن منتظمة ولا مضمونة.. لكل يوم حظه وبرنامجه.. باستثناء هذا، استفدت من بيت كبير به غرفتان ومطبخ واسع وصالون مع كل الضروريات. كان بيتا مختلفا عن بيتنا في تلك المحطة. تمتعت فيه بخط التليفون وجهاز المذياع الذي لا يسكت أبدا، حمام مزود بجهاز تسخين يشتغل بالكهرباء.. غير أن عيبه أن مدخله يقع ما وراء الباب الرئيس للشركة. فضلت المذياع والحمام على كل ما في البيت من حسنات عديدة. لم يكن لي أي معارف أو عائلات تلزمني باستعمال التليفون فأهملته إلى حين.. وجدت زوجي شخصا لطيفا بشوشا ومسالما للغاية. لا علاقة لتصرفاته بمظهره. ما إن عدنا للمدينة حتى نزع الجلباب والطربوش. كانت روحه شابة رغم سنه. لا ينام إلا قليلا ولا يتوقف عن الحركة حين يستيقظ. ولأن معظم ما في البيت جديد علي، فقد بدأ يعلمني كيف أستعمل الأواني واللوازم الأخرى، من سكاكين وآلات غريبة للطهي أو للشاي وإعداد القهوة تختلف عما عرفته في بيتنا. يغسل الأواني بنشاط عن طيبة خاطر، وينجز حتى تنظيف البيت وتنظيف مكاتب الإدارة بالشركة. أما الغسيل فقد كانت تتكفل به آلة خاصة. كان رجلا متفتحا مسعفا ومتفهما إلى أبعد الحدود. لاحظت أنه كان ميالا لمعاشرة الأجانب من اليهود والنصارى ويتقن لغتهم. خصوصا بعد أن تبين لي أن أهل الحي كلهم من الغرباء والأجانب. أما بخصوص بكارتي، فقد استغربت كيف أنه لم يكن مستعجلا.. سألته عن الموضوع بقلق، لكنه بهدوئه المعتاد طمأنني، معتبرا أن الاستعجال لن ينفع وأن الأمر سوف يتم حين يأتي أوانه.. أمضينا زهاء شهرين ونحن نحاول دون أن نطوي هذه الصفحة. لم يظهر عليه أي انزعاج أبدا. بل هو شخص لا يعرف الانزعاج والغضب سبيلا إلى وجهه وأعصابه. حتى الغيرة لا تسيطر عليه. كثيرا ما شاهدني واقفة عند مدخل الشركة أتفرج على السيارات الكثيرة والمارة أبتسم أو أعبر عن سعادتي بالحركات عند الدهشة. أضحك أحيانا بوجه مكشوف كأي صغيرة، ومع هذا لم يعترض أو يتدخل لمنعي أبدا. بل حدث أن قادني ذات مساء بنفسه إلى صالون حلاقة في ملكية سيدة يهودية في سن الأربعين، متزوجة من يهودي يعمل موظفا إداريا في نفس الشركة يدعى "ميشيل". قدمني إليها وحدثها بفرنسية طليقة لم أفهم كلماتها. أجلستني السيدة بعد فترة انتظار فوق كرسي جلدي دوار. وبدأت تفرك شعري، ثم غسلته وعطرته وبدلت شكل التسريحة التي كنت أختصرها بلف الضفيرتين. علمتني كيف أجمع شعري بسهولة بصيغة ذيل حصان. كان الشعر بهذه الطريقة يلين حتى يصبح مثل الحرير، يتطاير من ورائي سابحا حين أحرك رأسي أو أمشي بسرعة. أصبح يبدو أطول من ذي قبل. تغير منظري وصرت أبدو أكبر قليلا من سني. كانت هذه التسريحة تعتبر يومئذ ثورية ومثيرة للجدل حتى بين الفرنسيات. سرعان ما تعودت على ارتياد الصالون بعد أن تعودت على صاحبته حتى أصبحنا صديقتين. قصة البكارة لم أعد أنا نفسي أعيرها أي اهتمام. لم يكن زوجي يغريني بمعاشرته رغم لطفه الواضح وتساهله ومجهوداته. تركت مثله الموضوع في يد القدر ليوم مجهول. لحسن حظي كانت زوجة أخي وأمي بعيدتين، لا تملك أي منهما خطا هاتفيا تزعجني به من خلال تلك الأسئلة المستفزة. عانيت مع زوجي أيامنا الأولى ثم استسلمنا للمصير المكتوب. لم تكن للمسكين أي علاقة شبه مع ما تحمله ذاكرتي من آخر لقاء بولد رئيس المحطة. جسم زوجي نحيل تطل من صدره الضلوع بوضوح يمكنني احتساب عددها لو شئت. يهمل شعر لحيته الأبيض وقلما يعرضه للحلاقة. إضافة إلى ولعه المفرط بالشرب والتدخين مع قلة الأكل.. في الليل أسمع سعاله الحاد من بعيد حين يتجول بين آلات الشركة. لن تكتمل الصورة حتى نضيف إليها تعب الحراسة الليلية.. يدخل باكرا قبل أن أصحو، يغتسل ثم يصنع لنفسه فطورا سريعا، وما إن يلجأ للفراش حتى يعلو غطيط شخيره صاعدا إلى السماء. مرات قليلة، حين يصحو في الظهيرة، يطلبني للممارسة. أنزع قميصي أو سروالي، أستلقي بجواره على ظهري. أحس به يلعب بين أصابعه بقطعته الرخوة. يبصق في كفه ويستمر لفترة طويلة حتى يتبدل حجمها قليلا فيسرع بإقحامها بين فخذي.. وما أن ينتقل إليها الدفء حتى تسرع بالتخلص من مائها، وأحيانا تلفظه حتى قبل أن يدسها بين الشفتين. فيرتمي لاهثا موليا لي ظهره. بدأت أتخيل أني لا أمثل لديه سوى دمية حية تساعده على التفريغ السريع، في انتظار أن يجود الحظ والقدر بلحظة قوية تفي بالغرض. طرحت المعضلة على صديقتي اليهودية فابتسمت لي وعلقت قائلة: = طبيعي أن يحدث ذلك في زواج كهذا.. لكن لا تنزعجي هناك حلول كثيرة.. أخبريني بعد أسبوع وسوف أرشدك إلى حل معقول. بدأت أعترض حين يطلبني. أتصنع الغضب والبكاء.. أخبرته أن أمي قد تزورنا قريبا ويجب أن أسعدها بخبر مفيد.. وفي أحد الصباحات أخبرني صاغرا أنه قرر أن يعرضني على طبيب ليفتحني بمشرط. فرحت رغم أنني انزعجت من موضوع المشرط، غير أنه أكد لي أني لن أشعر بأي ألم. دخلنا العيادة.. جلست أنتظر بينما توجه "حسن"، إلى الممرضة، وهي أيضا يهودية، ليسألها هل الطبيب موجود فحركت رأسها علامة الإيجاب، قدم لها نفسه بالاسم وطلب منها إشعار الطبيب، قائلا أنه ينتظر وصولنا. دفعت الممرضة باب غرفة الفحص وغابت قليلا ثم عادت مبتسمة وهي تفسح الطريق أمام زوجي. مكث بالداخل فترة بدت لي طويلة أكثر من اللازم. حين فتح الباب ثانية رأيت الطبيب يرافقه. تقدما نحوي. قدمني إليه. عاد الطبيب للغرفة بينما أخبرني حسن بأن علي الانتظار قليلا وحدي لأنه سيعود للشركة لأخذ قسط من النوم. طال انتظاري إلى ما بعد الظهر حتى أدركني القلق وخلت العيادة من الزوار.. ابتسمت لي الممرضة وهي تقودني نحو الغرفة وتفتح الباب ثم تغلقه خلفي.. سن الطبيب على ما يبدو لا يتعدى الثلاثين. كان وسيما ذا شعر كثيف، ذكرتني هيأته بالولد المهاجر.. عيناه ضيقتان بعض الشئ لكن نظراته حادة وبراقة.. بدا لونهما رماديا خفيفا بفعل الضوء الخافت مع أنه في الواقع أزرق. كنت أتوقع رؤية طبيب شيخ في سن زوجي عندما أخبرني أننا سنزور طبيبا ينهي موضوع البكارة. أمرني بنزع الجلباب وال**** والتمدد فوق مائدة الفحص. غلبت الابتسامة والبشاشة على وجهه ومظهره. كل تحركاته توحي بالاطمئنان. قبل أن يشرع في فحصه تراجع منشغلا بآلة قريبة من سرير الفحص. أدخل أصابع يديه في قفازات شفافة. قال وهو يدير لي ظهره: = اسمحي لي من فضلك، سيكون من الأفضل لو تنزعي القميص أيضا لنبدأ العمل. قالها بعربية مخلوطة بكلمات فرنسية وإشارات للتوضيح. المهم أن الأوامر مفهومة. امتثلت بسرعة. كنت ممدودة عارية تماما أمام شخص غريب اسمه الطبيب. لا أحد كان بوسعه من كل الذين تركتهم هناك يمكنه أن يتخيل هذا. بدأ الفحص من الصدر ثم البطن وامتد إلى ما بين الفخذين. كان يعمل دون أن تغادر الابتسامة شفتيه الورديتين. لم يسبق لي أن رأيت طبيبا من قبل، وسرعان ما انسجمت مع الضرورة بكل اطمئنان.. عندما بلغت أصابع كفه منطقة البكارة، بدأ حركة دائرية، ثم جمع بين ثلاثة أصابع شفاه الفرج قبل أن يعيد توسيع المسافة ما بينهما. شعرت بوخز فتوقف عن الفحص وتراجع قليلا للوراء. وقال: = نوع بكارتك صلب بعض الشئ لكنه لا يحتاج للمشرط. لقد ترجاني المسيو حسن أن أكون لطيفا معك. الآن أحتاج لموافقتك. اسمحي لي بسؤال. = تفضل... = سأستخدم أصابعي فقط.. إلا إذا...جاءه جوابي سريعا.. = إلا إذا، ماذا؟ هل تقصد أن استعمال المشرط أصبح ضروريا = دعيني أجرب من جديد قبل أن أجيبك.. هل تسمحين = المهم خلصني من هذا الكابوس من فضلك، قلت له مبتسمة عاد يتجسس فوق خريطتي بلطف. حين لمس شفاه كسي من جديد أحسست بقشعريرة اختفت بسرعة وحل مكانها شعور لذيذ. نظرت إليه فإذا به يرفع كفه ضاحكا.. كان للبياض اللامع لأسنانه مفعول السحر. حسسني بهدوء غريب. سألته عن زوجي فجأة: = هل تعرف زوجي من قبل... = أعرفه بالطبع منذ مدة طويلة، لأني طبيب الشركة، أعرف كل العمال.. = ولماذا خرج ولم ينتظر حتى تنتهي العملية؟ = ليس ثمة ضرورة لذلك.. لقد تفاهمنا في كل الاحتمالات الممكنة. لي حرية التصرف ولك حرية الاختيار طبعا. = أي حرية تقصد = أمامك ثلاثة وسائل للتخلص من البكارة. إما الأصابع أو المشرط أو... سكت لحظة وهو يركز نظراته في وجهي، = أو ماذا؟ قلت له خائفة = أو القضيب بالطبع نطقها بالفرنسية. كنت أعرف منذ الصغر معنى الكلمة التي يستعملها النصارى للتدليل على القضيب.. انتفضت في مكاني، وقبل أن أتحدث، استمر يوضح: = لا تنزعجي، لقد شرحت لزوجك بنفس الكلمات = وبماذا أجابك... = لم يجبني، قال لي فقط أن أشرح لك الموضوع وأترك لك الخيار.. لم يكن أنهى كلامه حين استدار لمواجهتي. تساءلت كيف يترك لي زوجي الخيار دون أن يهيئني من قبل؟ هل مثل هذه الطرق مستعملة بشكل معتاد أم في حالتي فقط؟ كان قد فتح السوستة وحرر قضيبه. منظر القضيب المنتصب بشكله المتراقص عندما استدار مقتربا مني بدا مغريا حقا. لم أقتنع بقوله لكني استسلمت. أحسست كأني مع ابن رئيس المحطة.. إن كان زوجي فعلا يعرف ما يحدث فمعناه أنه موافق.. ربما لهذا السبب انسحب. الاستمرار في الأسئلة والتفكير مضيعة للوقت. لا داعي للندم الآن. بدأت الأحاسيس اللذيذة تغمرني. استحضرت معاناة زوجي وأنا أغمض عيني. في رمشة عين غمرني شعور مريح.. صرت أتمنى لو تطول الجلسة مع الطبيب من شدة الحرارة التي انتابتني. بدأ جسمي يطرد توتراته المتراكمة منذ جئت لهذه المدينة قبل شهرين ونيف. وقف الطبيب قريبا من رأسي ممسكا بقضيبه الذي تراجع انتصابه قليلا: = لا تخافي، لدي خبرة طويلة، لن أدعك تشعرين بأي ألم.. أنصحك لمصلحتك أن تنسي زوجك الآن.. نحن هنا مضطرين لحل المشكل وقد أخبرته بكل وضوح أن من المصلحة أن نفضل هذا الحل على غيره... لا داعي لأي مقاومة من طرفك. =...أممم ....هههه....اااا تركني أتمتم وهجم على شفتي يقبلني. قبلة خفيفة وسريعة سرعان ما كررها بقبلة أطول رافقها إحساس غامض.. لعل هذا ما يسمونه الهيجان... أغمضت عيني ومددت كفي الأيمن أبحث عن عضوه فلما وجدته أحطته بأصابعي وأخذت أقيس حجمه صاعدة ونازلة. سحبته بقوة. صدر عنه صوت فهمت منه أنه أيضا يتألم. = بهدوء... لا تستعجلي، دعي الأمور تمضي كما لو كنا عشاقا حقيقيين.. لا شيء يدعو للعجلة لسانه يتجول فوق جسدي.. يطوف بدوائر النهدين... بلغني تأوه صوته المتلذذ.. بضع كلمات تنم عن الإعجاب والرضى.. أحنيت رأسي للوراء منتظرة وعيناي معلقتان بالسقف كأن الحل سيأتي من هناك. لم أفلت قضيبه من يدي.. رمى يديه خلف ظهري من جهة الخصر ونزل حتى صارت فلقتا مؤخرتي سجينتين في كفيه.. عصرهما فازداد حنيني إليه. هذه الحركة بالذات ترسخت في لا شعوري منذ بداية اللعب مع أولاد رئيس المحطة.. لم أعتد غيرها.. كلما وضع أحدهم كفه هناك أرتعش وأنسى الألم والخوف وكل العالم. لم أجرب بعد متعة الفرج لأقارن، لكني أعشق الجنس حينما تصفع كف العشاق مؤخرتي.. هذا فقط ما تعودت عليه. أحس كأن بداخلي بركانا سينفجر، أستعجل انفجاره دون رهبة.. أحس فتحة مؤخرتي تنبض وأتذكر أن الطبيب سيخلصني من بكارتي بعد قليل.. لعل النبض انتشر في كل مناطق حساسيتي لأن الطبيب بدأ يمرر أصابعه بين الفتحتين. لعله استنتج من ذلك أن حساسية مؤخرتي مرتفعة. يحاول توجيه الطاقة كلها نحو الأمام.. فجأة أحسست بحرارة لسانه تغزو عانتي وتنزلق إلى أسفل الحوض.. تحركت أضغط رأسه ليحتك برعونة وعنف وخشونة مع بظري وكسي.. بدأ صوتي يعلو وتذكرت أنين زوجة الرئيس. [B][U]الفصل 3[/U][/B] ظهرت خبرته حينما رفع فخذي عاليا وضغط عليهما بقوة حتى صار رأسي ونهداي يطلون من بين الفخذين والساقين. دس رأس لسانه مباشرة في فتحتي التي برزت قبالة وجهه وتحت نظراته.. تأوهت شعرت بها تهتز وتنتفض مستجيبة لاستفزازه. غادرها لحظة لتهدأ ثم أعاد الكرة. ارتفع أنيني ولهاثي. كرر العملية مرارا حتى لم تعد ترتعش فانتقل اللسان ليستقر فوق جلدة البكارة التي بعثني زوجي لحضرته كي يفتضها. دفع بين الشفتين لسانه حتى شعرت فعلا أن حساسية فرجي ولدت وتشكلت هنا في جلسة الطبيب هذه. لم أصدق أن تلك النقطة العجيبة التي تشبه حبة الحمص يمكنها أن تشحن الجسد برمته بهذا الإحساس الجميل. بدأت أتحرك رافعة وسطي مستعجلة.. نسيت سبب حضوري. حتى زوجي نسيته.. تخيلت أن رأس القضيب ضخم بعض الشئ وأنا أجسه بأصابعي، لكن تبين لي أنه مقدمة فقط تمتد وراءها كثلة مكتنزة من العضلات والأعصاب. لم يكن طويلا لكن قاعدته أثخن من المعتاد، كأنها قاعدة مثلث أو هرم يتضاءل حجمها بالتدريج كلما نزلت أصابعي جهة الرأس.. أول مرة يجري اللعاب بغزارة في فمي بسبب الرغبة في ابتلاع قضيب ذي بنية حديدية كهذا.. لم تعد أصابعي المحيطة براسه تفي بالغرض وتطفئ اللظى والعطش لأنه أخذ يوجه المثلث نحو فمي، كما لو أن خبرته تقرأ ما أحس وأفكر فيه. لساني يتلهف غارقا بالريق والمخاط.. فتحت شفاهي وفمي إلى أقصى حد أقدر عليه. ألعق الرأس وأستدير حول الجدع هابطة بلساني إلى قاعدته ثم خصيتيه.. ألحس البيضتين وأعود متلهفة نحو الرأس.. كان أكثر حرارة مخملي الملمس. أمد لساني إلى الخارج موسعة فضاء الفم كي يستطيع الرأس أن يملأه مطلا على فتحة الحلق واللهاث.. يده تضغط رأسي كي لا أتراجع فتتوقف أنفاسي وأختنق.. خداي يتمزقان مع ازدياد ضغطه. يتأوه وتحيط سبابة يده وإبهامها بثقبتي أنفي لأتنفس من فمي.. لم نعد معا قادرين على الصمود. سيول لزجة تملأ تحتي. أصابعه تنزلق بسهولة بين الفخذين والشفتين. تعلقت بعنقه حين مرر القضيب مرارا صعودا ونزولا بين الخرم وشفتي الكس. بدأت أغرق أظافري في عضلات ظهره حين تكرم علي أخيرا بوضع رأس القضيب فوق بيت القصيد متجاوزا حدود الشفتين. لم يفلت قضيبه من يده. يدفعه بهدوء مدروس ثم يتراجع وأنا أكاد أبكي من الشهوة لا من الألم. كرر الضغط والتراجع مرات عديدة. فجأة انفجرت مرتعشة غارقة في عرقي.. كل عضلاتي وحتى رقبتي ورأسي وأصابع رجلي ترتعش بدون إرادتي.. في خضم الانفجار أحسست بوخز بسيط وإذا بالعضو يخترقني إلى النصف. كان صدر الطبيب يضطرب ويتنفس بصعوبة فوقي. شعرت بحرارة الامتلاء داخلي وقضيبه يرقص بعنف، يكاد ينفجر بدوره. أحطت ظهره بفخذي وعنقه بذراعي. تركته يزحف بصعوبة بداخلي وأنا أرتعش معه بين يديه. لكنه سل قضيبه بصعوبة عندما شعر باقتراب الانفجار.. كان ما يزال في قمة الانتصاب.. يستمني محاولا تفريغ حمولته من التوتر.. استدرت بدافع الغريزة دون تفكير ورفعت نحوه مؤخرتي.. وما كاد يقترب منها بقضيبه حتى سبقتني منجذبة إليه أكثر لتسهيل الاختراق. حانت اللحظة التي أودع فيها كل البكارات إلى غير رجعة. استغربت كيف تمكن من إخفاء المثلث كله بداخلي.. اندفع هائجا كالثور يتحرك فوقي، ما بين النزول والصعود. شعرت بقاعدته العريضة تشقني وتوسع ما بين الردفين. استمرت الارتعاشات تتراوح ما بيننا. أحسست عند ذاك أن تاريخ زواجي سيبدأ عمليا من هذا اليوم. دخلة فقدت فيها بكارتين دفعة واحدة. طيلة حياتي لم أسمع أن هناك فتاة تفقد بكارتها مرتين بمثل هذه الشهوة واللهفة.. شعرت حقا بما تحسه كل العرائس حين يتم الانتقال من مرحلة الفتاة إلى مرحلة المرأة الكاملة. استراح فوق ظهري بعض الوقت حتى بدأ القضيب يتراجع متسللا إلى الخارج. تراجع بعد ذلك ذاهبا نحو المرحاض ليغتسل. بعد قليل سمعته يتحدث مع زوجي بالفرنسية.. عاد يحضنني من الخلف. لويت عنقي ليقبلني قبلة طويلة ثم قال: = لا تنسي أني طبيب الشركة، أرجو ألا تذهب هذه الجهود عبثا... يسعدني أن أحتفظ بصديقة مثلك.. ستبقى العيادة مفتوحة أمامك وقتما تحبين. أخيرا لقد أوصيت زوجك ألا يقترب منك طيلة يومين. يجب أن تتركي الوقت الكافي للجرح ليلتئم دون مشاكل. مبروك لقد أصبحت امرأة كاملة. أخذت فوطة أمسح به قطرات الدم الوردية من فوق السرير. لم تكن غزيرة لأن الفراش كان مغطى بالورق النشاف. حضر زوجي ودخل مباشرة لغرفة الطبيب، لحقت أنا بغرفة الانتظار. كما فعل في الصباح، انتظرته لفترة لا بأس بطولها حتى غادر الغرفة مرفوقا بالطبيب. لاحظت أن هذا الأخير ينظر لي ويبتسم. في طريق العودة، أمسك حسن يدي وبدأ يعصرها.. ظل صامتا وربما صدرت عنه تنهيدة. توقعت منه أن يسألني عن تفاصيل العملية لكنه لم يفعل. سألني فقط هل كان الطبيب لطيفا معي.. لم تكن عيادة الطبيب بعيدة ومع ذلك أوقف حسن سيارة أجرة ودعاني للركوب. أخذني فورا لحي بعيد نسبيا حيث يقع مركز المدينة. جلسنا في مطعم تناولنا فيه سمكا مقليا وسلطات لذيذة. ارتحت قليلا ثم تجولنا بين محلات راقية لبيع ثياب النساء والرجال، على الطريقة الفرنسية طبعا. في أحدها، انحنى حسن على أذني وهمس لي قائلا: = أنت الآن سيدة بيت حقيقية. تسكنين في حي سكانه كلهم نصارى ويهود. ستكونين بزيك هذا مثيرة للشك والريبة. يجب أن نغير ملابسك وطريقة لبسك. لا يعقل أن تحتفظي بالجلباب وال****. أتركي ما يمس الماضي كله في الدولاب، إنه يصلح فقط حين تقومين بزيارة أختك أو أهلك. أخبرك أني اتفقت مع اليهودية صديقتك، كي تدرسك الفرنسية والحساب. أريد أن أكون فخورا بك. نبهتني نصيحة زوجي إلى الوضع الذي أعيشه لأني كنت من قبل أعيش بلا تفكير أو تمحيص. كان من الطبيعي أن أصاب بصدمة مما سمعت. لم أتخيل أبدا أني سأرتدي لباسا مغايرا، من شأن هذا أن يبعدني عن انتمائي لأهلي وطبيعتي. هنا، كل نظرة أنظرها أو خطوة أمشيها أو أي صوت أسمعه بالنسبة لي هو مجرد حلم.. لم أشاهد سيارة في حياتي، فوجدت نفسي بغتة في جو يملأه الضجيج والصخب والعربات من كل الألوان والأصناف، لا تتوقف عن السير والزعيق. أضواء تتغير بسرعة لتنظيم السير. عشت غريبة في نقطة ما. لا لون ولا رائحة لها تميزها باستثناء الرياح والغبار والزوابع الصيفية.. أعرف فيها كل الناس لأن إحصاءهم سهل ومعدود. ليس بينهم سوى نصراني واحد قلما يراه الناس خارج المحطة أو البيت، حتى صرت الوحيدة بين نصارى وأجناس أخرى لا أعرفها.. هنا.. حتى زوجي لا أكاد أعرفه بما يكفي. أمضيت الشهور الأولى غارقة في الخوف والانبهار. أسلم جسدي حين يطلب مني زوجي ذلك، وقد كان مقترا شحيحا في طلبه. حتى تساءلت عن سبب زواجه ما دام عاجزا عن القيام بمهامه كزوج إلى هذه الدرجة. حتى عمل البيت يقوم به بفرح وحده، ولا أجد ما أفعله سوى زيارة صالون اليهودية أو التجول في سوق الجملة، أتملى فيه بمشاهدة أنواع الفواكه والخضر التي لم أتعلم أسماءها بعد. كان حسن رغم ذلك يسألني على رأس كل شهر عن الجديد. فهمت أنه يريد الخلفة بسرعة. من كثرة انتظاره وأسئلته أخذني بعد ستة أشهر مرة أخرى لزيارة طبيبنا الشاب. مضت شهور عدة منذ زرناه أول مرة. رحبت بالفكرة لتعويض النقص وتفريغ التوتر الذي تراكم في جسدي.. تصنع حسن من جديد أمرا مهما ينتظره. خرج ولم يعد حتى كان الطبيب قد نقلني بطريقته إلى كواكب الدنيا كلها. ما إن وصل دوري حتى هجم علي بلا إذن يقبلني ويعاتبني، لأني نسيت زيارته حسب الاتفاق. اعتذرت له بكثرة الأشغال وأخبرته أني أدرس الفرنسية والحساب وسأضيف اقتراحه لمشاغلي.. ابتسم للجواب وهنأني. قلت في نفسي، لو كان ما أعيشه هو الزواج لكنت تزوجت قبل هذا العمر.. يشحنني زوجي بمحاولاته اليائسة لفترة معينة قد تطول، تذكرني محاولاته أني أصبحت أنثى كاملة مفتوحة الشهية على الدوام. حتى إذا زغردت الشهوة في ملامحي، وفضحتني نظراتي، يقودني بإرادته لنفس الطبيب.. يتحدثان بعيدا عني ويفترقان. أدخل لتفريغ شحنة التوتر بهدوء واطمئنان. أستمتع بعلاجه السريع. قد يكون لزوجي عذره لكن طريقة تصرفه وتجاهله لما يحدث مع أنه يتابع كل شيء بالتفصيل، تزيد من هيجاني. تظهرعلي علامات واضحة كلما ارتفع ضغط الشهوة في دمي.. كنت مقتنعة أن حسن يعاملني كابنته لا كزوجته. يحممني بيده ويغسل شعري ويمشطه بحب وشهية. يأخذني بعد الظهر في جولات ويغرقني بالهدايا واللعب أيضا. ألبسني بذوقه تنورات قصيرة وقصت اليهودية ضفائري كما غيرت تسريحة شعري، حتى صار قصيرا على شكل تسريحة الشباب الذكور. لبست نظارات شمسية وبدأت أستعمل قبعات مستديرة تغطي رأسي وتخفي تحتها كل وسائل التجميل التي تدلني عليها صديقتي. لهذا كنت أذوب شهوة بمجرد أن يقترح علي مراجعة الطبيب لإعادة البحوث قصد التحقق من العقم، رغم أن النتائج كانت واضحة وصريحة تؤكده منذ عدة أشهر. لو تشاهدني أمي في لباسي الجديد لما عرفتني.. من العجب أن كثيرا من النصارى بسياراتهم كانوا يعاكسونني ويعرضون علي مرافقتهم طيلة النهار. اعتبرت هذا تأدبا ولطفا لا تحرشا.. وحينما أخبرت حسن، ابتسم وحذرني من ركوب سيارة لا أعرف صاحبها حق المعرفة.. كانت عيناه تفضحان سعادته القصوى عندما تظهر علي علامات الهيجان.. أحس أن بعض التغيير قد أصابه وأنه يتحمس أكثر لمعاشرتي دون فائدة تذكر. [U]1954 1955 كيف أصبحت امرأة وطنية مهمة[/U] لاحظت في بعض الليالي أن جماعة من الرجال، مسلمين يزورون زوجي بين حين وحين. صار يدخلهم للبيت بعد أن كانوا يتصايحون خلف الجرارات أو بجوار جدران المراحيض.. يجتمعون ويرتفع لغطهم حتى وهم لا يشربون سوى الشاي بالنعناع.. يمكثون معه إلى حدود منتصف الليل أو قبله بقليل ثم يغادرون. لما سألته عنهم، وضع سبابة كفه اليمنى على شفتيه وأمرني بالصمت وعدم الاهتمام بشأنهم. وقد اضطررت لسؤاله بسبب أن أحدهم، وهو شاب أسمر خفيف الظل سبق له أن **** بي مرتين رغم أنه يعرف أني زوجة صاحبه. لم أخبر حسن بالحكاية تجنبا للمشاكل.. بعد مدة انقطعوا عن الزيارة فسألت ثانية عنهم. هذه المرة أجابني والأسف باد على محياه: = لقد ألقي القبض على أحدهم فقرر الباقون تغيير مكان اللقاء. أصابني الجواب بصدمة أكثر غموضا كأنه لغز. = ولماذا ألقوا عليه القبض؟ هل سرق أو قتل؟ = من الصعب أن أشرح لك خوفا عليك. ما تسمعينه خطير جدا، لا أحد يجب أن يعرفه، حتى صديقتك أو أختك = لماذا؟ = هؤلاء جماعة من الفدائيين، وقد اختاروني لسني ومعرفتي بالفرنسيين والخونة من المغاربة، و... = وما معنى فدائيين؟ = هم رجال يقاومون الاستعمار ويسعون لطرد النصارى من البلاد. مسلحون وأحدهم شارك في وضع القنبلة الشهيرة بمقهى داخل السوق البلدي الذي تناولنا فيه السمك أنا وأنت يوم فقدان بكارتك... خلقت رعبا وذهب ضحيتها العديد من الفرنسيين.. قنبلة ألقيت تضامنا مع النقابي والمناضل التونسي فرحات حشاد.. ويحي، سلاح.. قتل ... قنابل ومسدسات.. أين وضعتني أمي يا إلهي؟ بعد أيام، زارنا الشاب الذي **** بي. لاحظت أنه يتنقل فوق دراجة نارية من نوع "موبيليت". وقف عند الباب يسألني عن زوجي: = إنه نائم، تعرف أنه يشتغل ليلا، هل أوقظه؟ = لا. لا داعي.. أخبريه فقط أني سأزوره الليلة صحبة رفيق يعرفه. ثم ابتسم لي قبل أن يغادر. أخبرت زوجي بعد أن صحا. حين حلت الساعة العاشرة ليلا، سمعت بعضهم يتحدث في الخارج فإذا هو الشاب ومعه زوجي ورجل آخر.. فتحت الباب لأتأكد. سلموا علي، ثم طلب مني زوجي أن أدخلهما إلى الصالة ريثما يتم جولته وسيعود سريعا. امتثلت له وأدخلتهم.. انسحبت بهدوء لغرفتي وتركتهما وحيدين.. كنت أدقق السمع لتبلغني بعض الجمل من حديث الرجلين. وقد فهمت كثيرا مما كنت أجهله عن زوجي، وعن المكان الذي نعيش فيه.. بعد رجوع حسن من جولته، سمعته يناديني: = ..... تعالي، هؤلاء ليسوا غرباء. نحن عائلة واحدة. قدم لي الشاب على أنه ابن سيدة كان جدي متزوجا منها ثم طلقها فهاجرت للبيضاء وتزوجت. ثم قام معتذرا لهما، لأن الحراسة لا تسمح له بالمكوث أكثر مما فعل.. اغتنم الشاب الفرصة وطلب لنفسه كأسا. خرج زوجي لعمله وأوصاني أن أهتم بالضيفين بعض الوقت لأنه سيعود بعد أقل من ساعتين، بمجرد خروجه سألني الشاب = هل ما زال لديكم بعض الشراب؟ استجبت وأتيت بقنينة بيرة وضعتها أمامه. لم يكن الرجل الثاني يتحدث. ظل صامتا يحملق في وجهي متعجبا. وفجأة سألني ببراءة: = هل أنت ابنة سي حسن؟ ضحك الشاب حتى كاد أن يشرق بسبب دخول جرعة الشراب في لهاته حتى منعته من التنفس... صفعه الرجل على ظهره وعنقه عدة مرات حتى استعاد تنفسه وهدوءه، وقال: = إياك أن تعيد السؤال في وجود سي حسن لأنها زوجته. = حرام عليه.. خرج الاستغراب من بين شفتيه بشكل عفوي دون تفكير.. التفت نحوي الشاب قائلا: = هذا الشخص مطلوب من الشرطة وهو من مراكش. وقد جاء لنخفيه بيننا بعض الوقت. سكت الشاب قليلا وهو يفكر ثم قال: = مظهرك يشبه منظر النصارى، يستحيل أن يشكوا فيك.. هل تتقنين الفرنسية = ليس بعد. قلت له، لأني أدرسها منذ شهرين فقط، لكني أفهم ما أسمع وأجتهد في الجواب. لماذا تسألني؟ = مجرد فكرة خطرت لي.. نحتاج أحيانا لمثلك. كثيرا ما تقام الحواجز بين الأحياء فيستحيل علينا القيام بمهامنا لكثرة التفتيش. كما تعلمين، كلنا نحمل مسدسات. قال هذا ومد يده تحت إبطه الأيسر وأخرج مسدسا وضعه على المائدة.. شعرت بهلع ينتابني. لكن نظرتي للشاب تغيرت. أحسست صوبه بنوع من التقدير والإعجاب.. خصوصا أن أمه كانت زوجة جدي يوما ما. فكان أن زاد اهتمامي به. قلت في نفسي هذا شاب **** مثلي. شجاع، وسيم، خفيف الظل وجرئ.. سيكون من الأفضل لي أن ألجأ إليه عند الحاجة بدل زيارة الطبيب تحت حماية زوجي. بالنسبة لحسن فالسهر مع هذا أفضل من السهر مع النصارى. منذ تلك الليلة، لاحظت أن الشاب واسمه "إبراهيم أوحمو" صار يراقب تحركاتي كلما تجولت في السوق أو اقتربت من صالون صديقتي.. لا تفارقه دراجته النارية.. تجرأت بعد يومين وسألته: = لماذا تراقب تحركاتي؟ = لا تهتمي.. أنا فقط أجمع بعض المعلومات عن الجو والصداقات والأماكن التي تنتقلين إليها. = في هذه الحالة يجب أن أخبر زوجي. = لا تعذبي نفسك.. إنه يعرف.. الآن انصرفي لا أريد أن يراني أحد بمعيتك. تركني وعاد لدراجته.. بعد رجوعي للبيت، انتظرت حسن حتى صحا من نومه واغتسل لأسأله: = كيف لم تخبرني أن زميلك إبراهيم مكلف بمراقبتي؟ ومن الذي كلفه بهذا؟ = لا يمكنني أن أخبرك لأن الموضوع سري، ليس من حقي التدخل فيه.. لقد تم اتخاذ القرار من الجماعة تمهيدا لمهمة ستكلفين بها قريبا.. = أية مهمة؟ ابتعدوا عني لا أريد العمل معكم. = لقد وقع عليك الاختيار بصفتك زوجتي.. لك الحق أن ترفضي، لكن الرفض لن يكون في صالحك.. ستصبحين متهمة بالتعاون مع المعمرين.. ليس أمامك سوى القبول. = في هذه الحالة، سوف ألتمس غدا من إبراهيم أن يشرح لي نوعية المهمة المطلوبة مني.. = إفعلي، يجب أن تلحي كثيرا لعله يلين ليوضح لك.. شعرت كأن الظروف نفسها تتصرف ضد زوجي.. فقد بدأت تزيل العقبات وتقربني من إبراهيم بعد أن شعرت بضعفي تجاهه.. كان الندم ينتابني قويا بعد أن قادني زوجي لزيارة طبيب الشركة أكثر من أربع مرات. لكن أعتقد أنه سيخف قليلا لأن إبراهيم **** قريب وصديق.. أعرف أن الذنب هو نفسه، لكن أثره لن يكون قويا مثل ذنب ناتج عن زيارة طبيب فرنسي.. طيبوبة زوجي ولطفه يزعجني. لا أفهم بالضبط لماذا يتصرف معي بهذه الطريقة. في كل مرة ونحن في الطريق للطبيب أتساءل كيف يمكن للحب الزائد أن يدفع زوجا لتقبل مثل هذه الهدايا.. أفكر في حماسه المفاجئ كلما دفعني لزيارة الطبيب وبعد مغادرته. أعرف أنه يعيش معي كل زيارة بجميع جسده، غير أنني أزداد حزنا وتعلقا به كلما سألني في نهاية الشهر " هل من جديد". لم أفهم سبب تعلقه بالخلف والحمل رغم يقينه من نتائج التحليلات السلبية حول العقم.. لكن الذنب يبقى ذنبا مهما حاولت التخفيف من تأثيره.. لا بد لي من حل.. ما دامت الحال على ما هي عليه، يمكنني دون خوف أو حرج أن أوجد طريقة أفتح بها الموضوع بصراحة مع زوجي.. حسن يعرف، وأنا كذلك، لماذا يقودني بنفسه للطبيب.. أكثر من هذا، أعرف لماذا يختلي به فترة معينة يوضح له فيها حالتي وشهوتي قبل أن ينصرف.. لم يعد للسكوت معنى، صار الأمر مسرحية، لن يحدث جديد لو تدخلت في طريقة إخراجها. على الأقل ألعب دوري فيها عن قناعة لا كسلعة مسخرة. [B][U]الفصل 4[/U][/B] صباح اليوم الموالي تعرضت لإبراهيم بمجرد أن لمحته، كنت شبه غاضبة. اقتربت منه لأسأله: = كيف تقررون تكليفي بمهمة دون علمي؟ = بإمكانك الرفض لكن تمهلي قليلا لمصلحتك. = لا أرى أي مصلحة في أمر لا أعرفه ولم أقرره. = ألا يفرحك أن تقدمي خدمة بسيطة للوطن. = وما علاقتي أنا بالوطن؟ الوطن لأهله وأنا لا أفهم حتى معناه. أنا بالكاد أفتح عيني لأرى وأفهم كيف أتعامل مع غيري. = ولهذا تم اختيارك يا بطلة. = لم أفهم شيئا ولست بطلة.. لا أحد شرح لي المطلوب لأفكر وأقرر = لن تفهمي المطلوب من مجرد الشرح.. تحتاجين لرؤية بعض الأمور كما هي لتحكمي. = إذن ما المانع لتطلعوني؟ = ما دام رأيك هو هذا، تفضلي خلفي فوق الدراجة. هل يمكنك الركوب؟. حرك الدراجة حتى ارتفع ضجيج محركها. ارتمى فوقها وفسح لي جزءا وراءه لأقعد فوقه ففعلت. كان على العجلة الخلفية مواقع مخصصة لتستريح فوقها القدمان. أحطت وسطه بذراعي واتكأت على ظهره وهو ينطلق.. تمسكت به كي لا أسقط. تقع الشركة في حي يدعى "درب ابن جدية"، وهو لا يبعد كثيرا عن محطة قطار الدار البيضاء وعن سوق الخضر المركزي. الحي برمته لا يبعد كثيرا عن مركز المدينة من الجهة الغربية. لكن الأحياء الشعبية البسيطة كلها تقع جنوب وشرق وشمال المدينة. هناك بالحي المحمدي، ودرب السلطان والحبوس والطليان ودرب اليهودي وما يليها حيث أسعار الكراء رخيصة، ولهذا يقصدها العمال والمناضلون البسطاء للسكن. كلهم مهاجرون من نواحي بعيدة. هناك بنى بعض التجار بيوتهم أو بنت شركات كثيرة بيوتا لعمالها. ما إن ابتعد إبراهيم بدراجته قليلا حتى ركنها في زواية خالية وشبه مظلمة ثم طلب مني النزول. = انظري هناك.. على بعد حوالي 600 متر. ماذا ترين؟ = ماذا أرى، ثمة دراجات كثيرة وسيارات ورجال.. ما الذي يفعلونه هناك، لماذا هم مجتمعون؟ = لا شيء.. دققي جيدا على هامش الطريق. هل ترين شيئا آخر؟ = هناك رجال شرطة.. لعل حادثة وقعت أو خصومات.. لا أعرف بالضبط = لا. ليس كما تظنين. هذا هو الحاجز الأمني الأول.. هناك غيره كثير = وما السبب في إقامة الحواجز؟ = الأمن يبحث عني وعن أمثالي.. هل تتذكرين حين وضعت مسدسي على مائدة الطعام أمامك؟ = نعم أذكر جيدا.. لكن لم أفهم بعد ما علاقتي أنا بكل هذا؟ = أنظري جيدا هناك. ألا تلاحظين أن الشرطة لا يفتشون النساء.. = فعلا.. لا أرى أي امرأة معهم = أحيانا تكون بين الشرطة امرأة تكلف بتفتيش النساء.. من حظنا اليوم أنه ليس معهم أي شرطية. لكن الملاحظة الأهم، أنهم لا يفتشون المرأة الفرنسية أو اليهودية التي تلبس الزي الأوروبي. سيكون بوسعك أنت العبور بينهم ببساطة دون تفتيش حتى في وجود شرطيات. هل فهمت الآن؟ = فهمت، لكن ما هي ضرورة حمل السلاح باستمرار. ألا يمكنكم وضعه بالبيت لتخرجوا بدون خوف أو حرج؟ = السلاح جزء منا، هو وسيلتنا للكفاح والعيش. به نناضل ونحمي أنفسنا في حالة تعرضنا لأي كمين. نحن دائما على استعداد. = وهل هناك أيضا حواجز في الجهة الأخرى؟ أقصد قريبا من الأحياء التي تسكنونها؟ = لا شيء يمنعهم من التجول بيننا ودخول بيوتنا والتعرض لنا حتى في غرف النوم متى أرادوا. ليس هناك مكان أكثر أمنا من حيكم لهذا اخترنا سي حسن ليساعدنا عند الضرورة. عنده نخفي بعض الهاربين من القضاء الفرنسي ريثما نجد سبيلا لتهريبهم إلى الشمال، وعنده نخفي قنابل ومسدسات كثيرة داخل بعض الجرافات التي لم تعد تستعمل. يسهل علينا إرسال أحدنا لحيازتها منه عند اللزوم.. وهو جزاه *** يتدبر أموره بالعقل. الآن سأتجه وحدي نحو الحاجز بدون مسدس، لأني سأتركه لديك. ضعيه تحت الحزام أو أي مكان آخر يريحك، سيكون عليك أن تلحقي بي عبر نفس الحاجز بدون خوف. لن يسألك أحد. إن ألقوا عليك التحية ردي عليها بالفرنسية واستمري في السير. لا تنظري نحو أي منهم. قد يكلمونك من باب التحرش لأن سنك ومظهرك يثيران الشهوة. عليك أن تبتسمي وترددي بعض كلمات الشكر لا غير. إلى اللقاء في الجهة الأخرى إذن. حدث فعلا ما توقعه إبراهيم.. نظر لي أحد رجال الأمن مبتسما. لم يسألني وإنما نبهني لمخاطر التأخر في الجهة الأخرى. شعرت أثناء العبور أنني أنمو وأكبر في لحظة. كأني انتقلت من فتاة لعوب إلى سيدة عاقلة مسؤولة في رمشة عين.. التحقت بإبراهيم. أحسست وأنا أحضنه وألف ذراعي حول حوضه أني وجدت الرجل الذي خلق من أجلي.. دارت عجلة الدراجة ومعها دارت أفكاري وتخيلاتي بنفس السرعة. أخذني إبراهيم ليطلعني على ممرات وشوارع ودروب مكتظة بصغار يلعبون.. رأيت دكاكين البقالة وبيوتا مصنوعة من الخشب والقصدير.. فجأة بلغنا حي الحبوس.. توقفت الدراجة أمام مشهد غريب.. وقف جنديان لونهما أسود أمام باب كبيرة مزين بأقواس. على جانبيه مدخلان صغيران مقوسان. بدأ إبراهيم يشرح: = هذان جنديان من السينغال. مكلفان بحماية الماخور.. = وما معنى الماخور، سألته. ابتسم وهو يتابع الشرح: = الماخور عبارة عن محلات مبنية على شكل حوانيت. في كل منها فتاة من مختلف البقاع. يمكن للجنود ورجال الشرطة أن يتسلوا بهن مقابل أجر زهيد.. فتح الماخور خصيصا من أجل الجنود الأفارقة. = وما هو دور هؤلاء الجنود؟ = سيطول الشرح، المهم أن فرنسا بحاجة إليهم عند الحاجة لقهر الاحتجاجات والتمردات. وقد وقعت هنا حادثة منذ حين بسبب خصومة شبت بين البنات وهؤلاء الرعاع.. مات فيها عدد هائل من الطرفين. ألقيت نظرة من بعيد، كانت هناك فتيات صغيرات يقفن أو يتجولن بالداخل في انتظار الزبناء. تخيلت نفسي مكانهن فأصابتني رعشة باردة. هنا إذن يتخفف شباب فرنسيون من توتراتهم بينما الطبيب، ذو الحظ السعيد، ينتظر زيارة زوجي بسخائه المعهود كل شهرين أو ثلاثة. ترى هل يعلم أصحابه بحقيقته أم أن سلوكه معي لا يعنيهم؟ منظر بنات الماخور دفعني للتعجيل بمناقشة أمر تقديمي كهدية للطبيب في كل زيارة مع زوجي. زدت تمسكا بظهر إبراهيم فسمعته يقترح على تخفيف السرعة إن كنت خائفة من السقوط. ابتسمت لأني فعلا خائفة أن ينتشر خبر سقوطي المتعدد، الذي يحدث في كل مرة أتوجه فيها نحو الطبيب. كنت فقط بحاجة لاختلاق المناسبة المواتية كي لا أكون شديدة الوقع على زوجي ساعة المكاشفة.. سوف ألتمس منه تفسير تصرفاته كي أحتفظ له في القلب بقدر أدنى من الاحترام.. من يدري ربما تفضي المكاشفة إلى طلب الطلاق، فهل أنا مستعدة فعلا لتكسير القلة بزيتها؟ توطدت صلتي بإبراهيم. صرنا نلتقي كل صباح قرب السوق وأنا مثقلة بقفتي.. أشترط عليه فقط ألا يؤخرني كثيرا لأن حسن يستيقظ بعد الظهر وعلي احترام مواعيده. زوجي يتمتع برفقتي معه، وللصراحة أسعد كثيرا بحدبه وعنايته وأحس أني فعلا محبوبة وذات عائلة.. لو قدر لي أن أعمق صلتي بإبراهيم قد تتبدل أمور عديدة في حياتي.. لكنه رجل لا يخلط بين واجباته وبين أمور تافهة حسب رأيه.. لا يلتفت نهائيا لجمالي ومنظري، كأنني معه أفقد صورة الأنثى.. يجب كذلك ألا أبتعد كثيرا عن صديقتي اليهودية ما دمت مستفيدة من علاقتي بها. يجب ألا أتغيب عن درس الفرنسية والحساب لأن ما يجري يتطلب مني أن أتقدم بسرعة.. دراجة إبراهيم لا تشتكي.. تأخذنا كل يوم إلى فضاءات بعيدة. تعرفت على الكورنيش والمدينة القديمة وقاعات السينما.. عرفني إبراهيم على ممثلات مصريات على رأسهن، فاتن حمامة شبيهتي كما يقول، نور الهدى واسمهان وشادية وهدى سلطان.. كان أول فلمين أشاهدهما فلم "ظلموني الناس" وفلم" أخلاق للبيع" الأول بصحبة إبراهيم والثاني مع زوجي.. بدأت عديد من الأغاني تنساب وتتسلل إلى قلبي.. أحفظها رغم أني لا أفهم معنى الكلمات بشكل واضح. كان من جملة ما تعرفت عليه بواسطة علاقتي مع إبراهيم، قضايا وأمور سياسية كثيرة.. بدأت أعي وأحس بمعنى الوطن.. نفي الملك والحوادث التي ترتبت عنه.. نشاط المقاومة هنا وهناك.. سمعت بوجود مدن وأماكن لم أسمع بها من قبل.. سكن الوطن في القلب ونما واتسعت ربوعه وجراحاته.. كل الناس الذين تركتهم في المحطة، أو الذين أراهم يتحركون من حولي صاروا من أهلي.. كرهت رئيس المحطة وصاحبه بوشعيب وزوجة أخي.. تعلمت بالسليقة والفطرة كيف أقسم الناس إلى فرق ومستويات.. حكيت لإبراهيم ضاحكة عن "ميشيل" وعن مدير شركة زوجي اللذان يتحرشان بي منذ أن وصلت. أخبرته عن الضيق الذي أحسه لأن زوجي غير قادر على حمايتي.. اشتكيت له من زوج اليهودية الذي يغازلني بدون خجل أمام زوجته. حتى صديقتي نفسها لم تفعل شيئا حين أخبرتها عن نية زوجها. ابتسمت وكان ردها غريبا حين ضحكت وفسرت لي الوضع على أنه طبيعي. قالت إن دينهما لا يمنع زوجها من التحرش بي. يحرم عليه أن يزني مع يهودية لكنه لا يحرم عليه مضاجعة ***** أو فرنسية.. وهي نفس الشئ. بل هي ذاتها حاولت مرة أن تدفعني لشرب البيرة بحضور زوجها، شعرت مرارا أنها تستدرجني بكل الوسائل لأقبل معاشرة زوجها. لم أعتبر ذلك غريبا بما أنها يهودية، خصوصا بعدما لاحظت أن من يعاشرهم يتأثر بأخلاقهم وعاداتهم، مثل زوجي نفسه الذي بلا خجل يستدرجني لمعاشرة طبيب الشركة. لولا تمنعي لوقعت أمور عديدة بفضل صديقتي. قبل أن أجد الشجاعة الكافية لمناقشة ما يضايقني مع زوجي، وقعت أحداث عديدة في الحي. أحدهم قتل شخصا من جيراننا. كان يركب متن دراجة نارية من نوع "موبيليت" وراء صديقه وأطلق رصاصتين على الضحية فسقط قتيلا في حينه. سرعان ما تبين لي أن القتيل ليس فرنسيا بل يهودي. اتضح أنه "ميشيل" زوج صديقتي، ذاك الذي سبق أن اشتكيت منه أثناء مكاشفاتي مع إبراهيم.. تساءلت مباشرة هل يكون فعلها من أجل الانتقام من الملعون "ميشيل". لو صدق الأمر فإني لن أكون راضية ولا موافقة. لا أحب أن يموت أحد بسببي. ليس معقولا أن يقتل لمجرد أنه راغب في ساعة غرامية معي أو مع أي أنثى.. لو استشرت لفضلت قتل الطبيب الذي لا شك يحترف الفعلة مع زوجات العمال أيضا لأن إصابته بالهوس الجنسي لا يسمح له بالاقتصار فقط على زيارتي مرة كل شهرين أو ثلاثة. امتلأت شوارع الحي وملتقيات الطرق بأفراد من الجيش والشرطة.. حتى الجنود السينغاليون بطرابيشهم الحمراء وأحذيتهم الثقيلة يذرعون الشوارع، يوقفون السكان والزوار، يفتشون الجميع بلا استثناء. فتشوني مرارا حتى تدخلت صديقتي وأبعدتهم عني، لكن آخرين قرب بيتي أوقفوني لولا أن زوجي شاهدني.. كان معهم شاب وسيم قيل لي إنه ضابط شرطة.. كلمني وصار يحاصرني كلما رآني ذاهبة أو راجعة من السوق.. حتى ضابط الشرطة هذا طمع في علاقة معي.. ظلوا جميعا بيننا قرابة الشهر ثم رحلوا نحو جهة أخرى.. خرجت كالعادة بقفتي من السوق. كنت لابسة لقميص أزرق ذي ياقة كبيرة بيضاء. مفتوح من جهة الصدر بحيث يقدم فرصة للنظرات الفضولية لترى الانحدار المفتوح ما بين النهدين. وسروالا خفيفا من ثوب لامع ملتصق يبرز صلابة الفخذين واستدارة الردفين كلما خطوت أو تحركت...اقترب مني شخص لا أعرفه. حدق في وجهي وصدري بنظرات مجنونة حادة جعلتني أرتجف خائفة. لم يكن إبراهيم حاضرا. دفعني الرجل بعنف نحو باب صغير مظلم خارج الباب الرئيسي للسوق، ارتطم رأسي بالباب لكنه لم يعر أي اهتمام لألمي. ثم قال وهو يضغط على أسنانه واللعاب يقطر من حافة فمه حتى خرجت الكلمات بشكل غير واضح: = هل أنت ***** أم فرنسية.. ترددت قليلا = إنطقي بسرعة لا تضيعي وقتي. = ن ن ن نعم.. أنا *****، لماذا تسأل؟ = لا يظهر عليك أنك *****.. ما هذا اللباس؟ عودي للجلباب وال**** وإلا لن تلومي سوى نفسك.. وقفت حائرة لا أدري بماذا أرد عليه. لحسن حظي التفت فإذا بإبراهيم قادم نحوي. سلم علي ونظر للرجل: = ماذا هناك؟ = لا شيء، كنت فقط أحذر هذه المرأة.. = دعها وشأنها.. نحن من كلفها بارتداء هذا اللباس.. من اليوم لا يهمك شأنها.. هل سمعت؟ = نعم.. ولكن.. = قلت لك لا تهتم. لا تتدخل في شأنها ابتداء من اليوم. مهنتي الجديدة منذ اتفقت مع إبراهيم، صارت تتلخص في حمل مسدسه واللحاق به كلما تلقى أمرا بتنفيذ عملية ما. أتقنت التنقل وحدي في الحافلة أو سيارات الأجرة. اسلمه أداة القتل، مسدسا أو قنبلة صغيرة أو مجرد رصاصات ثم أختفي. كلفت مرارا بتمرير أشياء ممنوعة لبعض السجناء.. مواعيدنا تتم في نقط متنوعة. حدائق أو قاعات السينما وأحيانا في الحافلة نفسها.. أودعه لحظة وبعد إنجاز مهمته، نلتقي من جديد لأخلصه من حمولته. كنت دائما أحمل قفة التسوق لأخفي في بطنها ما أتسلمه. زوجي يتلقى الخبر. يسلمني الرصاص أو المسدس أو سواه، يوصيني بالحذر ويرافقني حتى أركب. صار الموضوع روتينيا حتى بدأت أمله وأتضايق منه. فجأة بدأت أصر على حضور اجتماع المجموعة.. حضر اللقاء خمسة أفراد، زوجي وإبراهيم وأنا وشخصان آخران لم أرهما من قبل. لم يكن لقاء الجماعة يتم في مكان واحد باستمرار.. كان هناك تنويع وانتقال مستمر بين عدة نقط، من بينها بيتي. اكتشفت لأول مرة أن ثمة بابا مغلقا من مطبخ البيت، يوحي بأنه يؤدي لناحية مملوءة بقطع الغيار الفاسدة بينما هو يفضي إلى دهليز وأدراج تؤدي لمرأب أسفل البيت. به رفوف وفراش واسع وحمام. ليس به نوافذ أو فسحة تطل على الشارع. المكان في الأصل مخزن لتعتيق الخمر. تفوح بداخله رائحة الرطوبة والعفن. ما تزال به قنينات يعود تاريخها لسنوات عديدة. لم يكن يعرف بحقيقته سوى مدير الشركة و"ميشيل" ثم زوجي. حين نزلت أول مرة صحبة الجماعة، انضاف إلينا شخصان كانا في المخزن لم أكن على علم بإخفاء زوجي لهما هناك. أحدهما الرجل الهارب من أهل مراكش. زوجي حسن وحده يتكلف بنفقات الإقامة وتنظيم الدخول أو الخروج من المخزن. دار النقاش خلال الاجتماع، بعد استهلاله بقراءة الفاتحة، حول عدد من المواضيع. تناول زوجي الحديث أولا ليخبرنا عن نسبة تنفيذ مهام صدرت فيها أوامر من قبل.. لم يكن راضيا لأن تشديد الحراسة وتقوية الحواجز بين الأحياء، وصعوبة التنقل بين المدن حال دون تنفيذ الكثير من التعهدات. هذا التعطيل، حسب زوجي، يزيد من تعنت بعض المتعاونين مع المستعمر ويعطيهم فرصة التشكيك في قوتنا وطبيعة عملنا.. عملية محاربة التدخين ومقاطعة المنتوجات الفرنسية، التي صدرت مؤخرا أوامر بصددها، غير مرضية بدورها. بناء على ذلك تقرر الشروع في قطع آذان كل من يرفض هذه الأوامر بين السكان المغاربة، وكذا تم الاتفاق لأول مرة على تنفيذ حكم تمزيق شفاه من يرتادون خمارات النصارى، وقتل بعض المتعاونين المغاربة مع الشرطة الاستعمارية مع تحديد أسمائهم، وأمكنة تواجدهم. تنفيذ هذه الأوامر يعيد الهيبة للتنظيم ويجعل المواطنين مؤمنين بأهمية استمرار المقاومة. هنا تقرر إشراك من هم في وضعية الاختفاء للمساهمة في تنفيذ عمليات القتل. تساءلت من أين لحسن بكل هاته المعلومات وكيف جمعها.. استنتجت أن وضعيته في التنظيم أهم من بقية الحاضرين. بالنسبة لي كلفوني بزيارة السجن المحلي لتبليغ أوامر وأموال لمناضلين سجناء ينتظرون المحاكمة، تقرر العمل ليتم تهريب بعضهم بوضع كمين أثناء نقلهم خارج المدينة نحو سجن آخر يبعد عن المدينة بحوالي ستين كيلو. تساءل إبراهيم عمن سيتكلف بالحصول على موعد نقل السجناء بالضبط، لكن حسن نظر إليه باستغراب وذكره بأن هذه المهمة سيتكلف بها أفراد جماعة أخرى. ختمنا اللقاء بالاتفاق على ضرورة التنسيق مع جماعتين من المناضلين ينشط أعضاؤها في مدينة مجاورة، إحداهما تقع في المدينة التي يقع فيها السجن المفروض أن السجناء سينقلون إليه. وقد تكلف زوجي بالعملية. عند انتهاء اللقاء الرسمي، سمح لي بالتدخل. بدأت حديثي بسؤال شخصي: = هل أنا البنت الوحيدة في ساحة النضال؟ أجابني إبراهيم: = لا، لست الوحيدة؟ = وكيف لا ألتقيهم ولا يسمح لي بمعرفتهم؟ = لأنهن موجودات في أحياء بعيدة، وظيفتهن هناك مختلفة وأكثر نفعا.. ستتعرفين على بعضهن قريبا لأننا سننظم في حيكم مسيرة للتنديد بنفي الملك والمطالبة بعودته. ستنطلق المسيرة من داخل السوق المركزية للخضر.. = هل يمكنني المشاركة فيها؟ = لا ليس ممكنا لأن حضورك فيها يعطي للشرطة فرصة التعرف عليك، ووضعك تحت المراقبة، وفي هذا خطر علينا جميعا. = وهل يمكنني الآن تقديم شكاية شخصية، أقصد عن أمور تضايقني في حياتي الخاصة؟ = مع الأسف لا. لدي صورة تقريبية عما تودين الحديث عنه. لو كان ذلك يخفف عنك دعينا أنا وحسن وأنت نحل المشكل بطريقة عائلية. أعتقد أن ثمة سوء تفاهم فقط. = لكني لست مرتاحة ما لم أفضفض وأفرغ ما بداخلي = أرجوك. دعي الموضوع إلى الغد، صدقيني سترتاحين. انفض اللقاء. تركنا المختفيين بالمخزن. ثم انسل عضوان واحدا وراء الثاني، يفصل بينهما عشر دقائق. بينما صعدنا، إبراهيم ثم زوجي وأنا، إلى الصالون.. كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل بقليل. صار الخروج والتنقل بين الأحياء خطيرا، لهذا طلبنا من إبراهيم أن يقضي ما تبقى من الليل صحبتنا. حاول التملص لكن زوجي ألح عليه. أعددت بسرعة براد الشاي بالنعناع وجلسنا نكمل حديثنا التماسا للنوم.. فجأة نظر إبراهيم إلى زوجي وقال: = ما رأيك سي حسن أن ننهي موضوع قلق المدام هذه الليلة؟ اليس من حقها أن تعرف الحقيقة كاملة؟ = حسب ما أعرفه عن مزاجها الصلب فإنها لن تقبل تفسيرات الحركة. أجابه زوجي.. في حين أسرعت بالجلوس منتبهة بكل مشاعري لما يقال = المهم أن نزيل ثقل المسؤولية عن أنفسنا. = إشرح لها أنت سي إبراهيم اعفني أنا من الموضوع. = طيب.. أرجو أن تنتبهي جيدا لكل ما سأقول.. هذه الأمور خارجة عن نطاقنا أنا وزوجك، لقد كان القرار صادرا من أعلى مستوى من قيادة الحركة.. لقد كان والد سي حسن موظفا مهما بالشركة. عندما أصيب بمرض خطير أقعده عن عمله، تم تشغيل زوجك مكانه لكي لا تضطر الشركة لدعوته لإفراغ البيت، شريطة أن يتزوج لتقوم زوجته بأعمال تنظيف المكاتب الإدارية للشركة.. وقد صادف أن عرضت عليه أمك الزواج منك، بعد زيارته لها هناك في بيت أخيك.. بعد رجوعه أخبرنا عنك وعن محنتك مع زوجة الأخ، وما قد تتعرضين له من القواد بوشعيب وأخته، حيث كان مؤكدا أنه سيدفعك هدية سهلة لرئيس المحطة، ليقضيا من ورائك عدة مصالح.. أصبح زواجه منك هو الحل الوحيد. سكت قليلا ليتأمل وقع كلماته علي.. احتسى جرعة من الشاي وعاد يتكلم بعد أن تأكد من اهتمامي: المهم جئت هنا على أساس أنك زوجة سي حسن.. الجميع لاحظ سنك والفارق الكبير بينكما. زيادة على أن ما سمي زواجا لم يكتمل.. ولكي تفهمي ما أعني بالضبط، اسمحي لي أن أسألك، هل تملكين عقد نكاح مسجل؟ لا أعتقد، حيث بقي زواجك عرفيا مبنيا فقط على قراءة الفاتحة مع الأخ بصفته ولي أمرك.. ثم سافرت بدون أي عقد. هنا، بعد أن بعثنا للحركة تقريرا مفصلا عن شكلك وإمكانياتك وسنك.. صدر أمر بالتراجع عن إتمام الزواج ولحسن الحظ لم يكن سي حسن قد دخل بك، أو هذا ما تم تسجيله بالتقرير على الأقل. لهذا لم يكتب عليك. تركنا الوضع بالنسبة للشركة كما هو، أي على أساس أنكما زوجان.. لكن في الحقيقة أن سي حسن كان مكلفا فقط برعايتك وحمايتك ريثما تتدبر الحركة مصيرك.. فقد برزت خطة جديدة بنيت على أساس إعدادك لتتقمصي دور جاسوسة تبعثها الحركة في مهام محددة.. أما الموقف الذي لم يرقك، وهو المتصل بزيارات الطبيب، فقد لعب فيها سوء حظك دورا أساسيا.. لأن الطبيب عضو مهم في الحزب الشيوعي الفرنسي بالمغرب. وهو مساند لكفاحنا ضد الاستعمار.. يتعاطف مع السحناء وكافة المناضلين. وقد ساعدنا في تأسيس فرع نقابي تابع للحزب الشيوعي.. كما أنه يقوم بدور الوسيط بيننا وبين عدة محامين فرنسيين يتولون مجانا الدفاع عن المعتقلين من الحركة.. وسنحاول عن طريقه معرفة موعد نقل الإخوة السجناء إلى سجن مدينة "موغادور" في حال تعذر علينا الوصول للموعد بوسائلنا الخاصة. وكان من أفضاله علينا أنه تدخل عدة مرات لفائدة فدائيين جرحوا برصاص العدو ومنهم سي حسن نفسه الذي أصيب برصاصة استقرت في ذراعه الأيمن. حيث كتب علينا ذات مرة أن وقعنا عند العودة من أحد اللقاءات كان منظما بمدينة فضالة، في فخ نصب على مستوى مدخل الدار البيضاء، بحي عين السبع. لهذا تعتبر الحركة أن ما حصل بينك وبين الطبيب أمرا جاء في حينه لإرضائه وتأكيد رغبتنا في التعاون معه ومع حزبه، وفي نفس لإعدادك لأدوار أكبر عن طريق تخليصك من البكارة. اعتبرنا الأمر في مصلحتك لأسباب موضوعية وكذا بعد أن اشتكى سي حسن من عجزه الجنسي وفشله في تلبية حاجتك. لقد كان ترددك عليه فيما بعد يدخل في نطاق خطة إعدادك كنوع من التدريب الفعلي لمثل تلك المواقف المحرجة.. من أجل الوطن كل التضحيات مطلوبة بما فيها زيارتك للطبيب أو لغيره.. لهذا، أرجو ألا تحملي مسؤولية ما وقع لهذا الرجل المسكين أمامك، لأنه مظلوم أكثر منك، جنى عليه موقعه كما جنى عليك موقعك وشكلك. باختصار، هذه قصتك مع التنظيم. لحد الساعة تعول الحركة على نضجك وعلى إتمام عملية تكوينك. لأن تعليمك الفرنسية والحساب تدفع الحركة نفقاته وليس سي حسن. قريبا ستتلقين دروسا في فن الرقص الشرقي وفي أمور أخرى مثل التصوير والتسجيل وإطلاق النار وتكوينا سياسيا أيضا ورياضيا، بطرق مختلفة. هذا جزء مما أعرف أنا وزوجك. سيتم استدعاؤك عما قريب لمقابلة شخص مبعوث من الحركة ليفهمك أكثر مما سمعت الآن. بعد سكوته نظرت لزوجي الذي كان مطرقا برأسه كأنه غير معني مثلي بهذه القصة. أصابني دوار وحيرة.. خطة، تدريب، رقص وتعليم.. اعتقدت دوما أني مخيرة أتسلى بما أتعلم وأعمق صلتي باليهودية فإذا كل ذلك واجب سينتهي بتحمل مسؤولية لا أعلم لحد الساعد نوعها ولا طبيعتها.. أردت أن أعرب عن الاحتجاج والرفض لكل ما سمعت، لكني عجزت عن الكلام.. لن يسمح لي بأي تراجع ما دامت الحركة تضعني فوق سكة سرية غير مرئية تقودني لمصير مجهول لا أتحكم فيه.. مصير جعلني وسيلة ولعبة تصفي بها الحركة حساباتها مع الأعداء.. ولعل ما سيأتي أخطر وأعمق. شيء واحد تمكنت من قطعه والاعتراض عليه: = هل يجب علي دائما الاستجابة حينما يحين وقت زيارتي القادمة للطبيب؟ ابتسم الرجلان من السؤال، ونطق حسن أخيرا: = لا.. لست ملزمة، لكن قد توجهين حسب نفس الخطة، بعد إتقان اللغة الفرنسية لمستويات أعلى. هناك مسؤولون فرنسيون ذوو سلط إدارية وقضائية وأمنية محط أنظار التنظيم. نحتاج إما لتعاونهم أو للانتقام من بعضهم. ستكونين ضمن كتيبة من ثلاث فتيات تسلطهن الحركة للتجسس عليهم ومعرفة برامجهم ونواياهم. هذا يتطلب وقتا طويلا نسبيا. في انتظار بلوغ التوقيت المطلوب، سنفكر كالعادة في وسيلة تناسب المستوى والذوق، هذا إن كنت راغبة في تخفيف توترك.. من شروط الخطة أن تتحكمي في أعصابك وتركيزك وهو ما يفرض أن نهتم بكل احتياجاتك حتى النفسية والجنسية لو استدعت الضرورة.. = وهل تدعون لي حرية الاختيار؟ = لا. من غير الممكن أن يسمح لك بأية حرية.. أي تحرر قد يسقطك في علاقة حب حقيقية.. وهذا شيء خطير ومرفوض تماما. الآن جاءت ساعة النوم. وراءنا أشغال ومهام صباح غد.. هيا بنا إلى الراحة. حدقت عيناي في وجه إبراهيم كأني ألتمس عونه.. اغرورقت عيناي وبدأت أبكي بصمت. تناول حسن فوطة كان يضعها فوق ركبته وحاول مسح دموعي.. كان إبراهيم بدوره يبكي في صمت ويحدق من وراء دموعه في وجهي.. أذكر أن يده ربتت على ظهري قبل أن تلتف حول كتفي لتواسيني.. كنت بحاجة لأي صدر يحضنني. أحسست برعشة وأنا أسند رأسي فوق كتفه. تردد قليلا قبل أن يحضنني لأغرق وجهي تحت جناحه.. كانت رعشته ودقات قلبه تدل على أنه يتنفس بصعوبة. تناول نفس الفوطة ليخلط دموعه بدموعي.. مرر كفه تحت ذقني حتى خلت أنه سيقبلني. لكنه قبل جبهتي ودعاني للصبر والخلود للنوم. [B][U]الفصل 5[/U] رغم الدموع والبكاء، شعرت بنار حارقة تضطرب بداخلي، بعد أن ألقى فيها إبراهيم براميل مملوءة بالغاز والنفط.. لم تعد هناك إمكانية ولا فائدة في التمنع والرفض.. الصمود لا يجدي.. تذكرت أمي التي ولدت وترعرعت في بيئة قاسية. كانت تقول لي حين أصرخ أو أبكي.. أنظري جيدا يا ابنتي ماذا يحدث للأشجار الشامخة التي تصمد في وجه العواصف والرياح.. إنها تتكسر وتقتلع العواصف جذورها وتموت، أما أعواد القصب الضعيفة فإنها تنحني لتقف قوية شامخة بعد مرور العواصف العاتية فوقها.. الصمود يقتل القوة الخارقة أحيانا.. هذا العالم لا يعيش فيه إلا الأذكياء، ثمة فوارق شاسعة بين القوة والذكاء.. هناك مثل يا ابنتي يقول: "إذا ارتبكت الرؤية وغطى الضباب عينيك، فعليك أن تجلسي قليلا لتستردي بصيرتك وتتضح الرؤية أمام عينيك" وقد كان ذلك ما عولت على فعله ريثما تتضح الأمور أكثر.. مرت ثلاث سنوات على ما سمي زواجي.. يئست من الخلفة والحمل بعدما أكدت التحاليل أني عاقر.. اشتقت لأمي وأخي، أما أختي فهي معي في نفس المدينة وبينما انشغلت هي عني بأولادها الأربعة، انشغلت أنا عنها بإبراهيم ومهامي ضمن التنظيم الفدائي.. يقترب عمري اليوم من سن الثمانية عشر إذ لم يبق لي سوى شهرين أو ثلاثة.. لم يعد ثمة أي علاقة بين الفتاة الساذجة التي قدمت من محطة بدون اسم إلى عالم لا يرحم.. وبين السيدة التي أمثلها في تلك اللحظة.. علاقتي بإبراهيم تقتصر فقط على بعض المهام المحدودة. تفكيري انتقل لأمور أنتظر قدومها وإن كنت لا أعرف عنها شيئا.. تحسنت لغتي الفرنسية. أصبحت قادرة على اقتحام غمار نقاشات سياسية. كان زوجي وإبراهيم والمذياع واليهودية صديقتي، هم مصادر الأخبار عندي.. حتى الطبيب، بعد مرور عدة أشهر دون أي زيارة من طرفي فاجأني بإطلالة إلى الشركة، بحجة فحص بعض العمال.. فزعت لرؤيته لكنه طمأنني. قال محذرا، إن ظروفا أشد قسوة قادمة وعلي أن أكون حذرة أكثر في جولاتي بالمدينة. سألته التوضيح لكنه ادعى أنه لا يعرف التفاصيل ثم ذهب.. في المساء، رويت لزوجي ما سمعته من الطبيب. بدأ يجري عدة اتصالات بالهاتف. حين وضع السماعة عاد نحوي ليعيد علي ما توصل به من معلومات: = فعلا، كلام الطبيب صحيح.. هناك حملة قوية ضد التنظيم والحركة.. عدد كبير من المعتقلين على راسهم قيادة العمل السياسي للحزب "..أ..". لحسن الحظ أن قيادة الحزب المنافس "..ب.." لم يتم اعتقالهم لأنهم فروا جميعا إلى المنطقة الواقعة تحت حكم الاستعمار الاسباني بالشمال. هم الآن يسهرون على تدبير العمل الوطني وعمل المقاومة من هناك. المطلوب الأساسي هو الحذر وتجميد المهام العنيفة ريثما ينجلي الضباب.. ركزي على الرياضة ودروس الرقص والتحدث بالفرنسية ولا تعيري أهمية لما يحدث.. في خضم هذه الأحداث، حظيت بمفاجأة جميلة، إذ زارني أخي وأمي لقضاء يومين أو ثلاثة قبل زيارة أختي وزوجها. حدثتني عن أخبار المحطة وأهلها.. هاجر أبناء الرئيس لفرنسا بعدما كبروا.. عادت زوجته من مدينة الفوسفاط إلى بيتها.. انتهت صلاحية بوشعيب فطرد من عمله ثم اختفى من الوجود. الرئيس نفسه صار ينتقل هنا وهناك عند أصدقائه رؤساء المحطات الأخرى متى نظم أحدهم سهرة.. سبحان مبدل الأحوال.. زوجة أخي صارت أما لولدين وبنت واحدة. هي اليوم عاملة مساعدة لزوجة الرئيس بعد أن كانت ترقص وتغني وتسكر في نفس البيت.. مسألة العقم عقدتني وغيرت أمورا كثيرة في حياتي.. ارتفعت شهوتي للجنس حتى أصبح كل رجل وسيم أصادفه في الطريق مشروع زائر أكاد أمد له يدي لأسحبه ورائي.. حكاية زوجي لم تعد تسبب لي أي مشكل.. لن أخفي أني راودت إبراهيم عن نفسه مرارا.. ليس ذلك بسبب الجوع وحده.. خيل لي أن كثرة الممارسة بطريقة الإيلاج العميق قد تحدث مفاجأة، لأن فرص المني القوي لبلوغ عنق الرحم كبيرة مهما بلغت درجة كثافته. سألت اليهودية عن أفضل الأوضاع لضمان تخصيب البويضة فنصحتني بوضعية الكلبة والإيلاج من الخلف. قالت إنها تضمن للقضيب أن يصب حقينته مباشرة في سقف الرحم.. أتأمل مباشرة أحواض الرجال، وأتخيل الباقي. أفكر باستمرار في الجنس، وكلما ركبت خلف إبراهيم فوق دراجته النارية، أحيطه بذراعي وأترك أصابعي تتلصص تحت حزامه.. نهرني مرارا وأحيانا يغضب ويطلب مني أن أركز على العمل بدل تضييع الوقت فيما لا يفيد. لكني اغتنمت صراحة أول فرصة أتيحت لي للدخول إلى الغرفة التي يكتريها فوق سطح أحد المنازل، لأحاول إقناعه بمضاجعتي.. قلت له منفعلة: = لماذا تتجاهلني هكذا دائما؟ = تعرفين أنك ممنوعة علي بسبب عملنا. لولا العمل لكنت تزوجتك. = وأنت أول من يعرف أن الزواج ممنوع بالنسبة لي أيضا، = لديك سي حسن وإذا لم تكتف به فهناك الطبيب = لا تستهزئ بي أرجوك. دع عنك سي حسن فهو ضحية مثلي، أما الطبيب فقد أقسمت ألا يلمسني بعد الذي مضى. أظن أن من حقي أن أنبسط وأتنفس وأعيش في انتظار عودة القيادة لأتوصل بأوامر جديدة. = ما دمت متوترة وهائجة لهذه الدرجة فلماذا لا تصارحي سي حسن في بيتكم. = أصارحه بماذا؟ هل تقصد... = نعم، أقصد أنني لن أرضي شهوتك بدون علمه. = ما دام هذا رأيك، دع الموضوع على حسابي، سأجس نبضه الليلة، وأقترح عليك أن تتعشى وتقضي الليل معنا. لو وافقت يمكنني أن أصارحه هذا المساء، اتفقنا؟ = اتفقنا.. عدت للبيت، عندما استيقظ زوجي من نومه بعد الظهر، أخبرته بأن إبراهيم سيتعشى الليلة معنا. أحنى رأسه ينظر للأرض ولم ينبس بكلمة. هل كان يتوقع مني أن أفعلها مع إبراهيم؟ = لم تجبني، ما هو رأيك؟ = إبراهيم ليس ضيفا، نحن نرحب به متى شاء. تلقيت موافقته بسرور كبير. دخلت الحمام لأغتسل وأتهيأ لسهرتي. كنت في قمة الفرح وظهر أني تعلقت بإبراهيم حتى بدأت اشك أني وقعت في حبه. حضر ضيفنا قبيل المغرب. نزل إلى المخزن لفترة ليسلم ويتحدث قليلا مع الضيفين الهاربين. لم يصعد حتى حل موعد العشاء. كنت في قمة زينتي مما جعل إبراهيم يبتسم. اغتنم غياب زوجي خارج البيت لقضاء حاجة ليسألني: = هل كلمت زوجك؟ = سوف أكلمه بحضورك، ما عليك سوى الصمت والانتظار.. يبدو أنه مستعد لحل هذه العقدة. فعلا عاد زوجي.. تعشينا وشربنا كؤوس الشاي.. تحدثنا عن الجديد في السياسة. ترددت لأني ما زلت أبحث عن المناسبة.. طال الانتظار، فجأة تنحنح زوجي، وأخذ يتحدث: = سي إبراهيم. تعلم أنك مثل ابني لو كنت تزوجت في سنك. وتعلم أن الأخت هذه مثل ابنتي وأن زواجي منها صوري.. وتعلم أنها عاقر وأني لا ألبي رغبتها.. لا حياء بيننا في هذه الأمور طبعا.. شعرت منذ شهر تقريبا أنها تغيرت ولم تعد تركز في عملها.. لقد حفظت كل عاداتها.. من قبل، كنت أقودها بنفسي لزيارة الطبيب. أحدثه عن أسباب الزيارة، أتركهما ساعة أو أكثر ريثما يقوم بالواجب لتخفيف توترها. أعود لأجدها شبه نائمة بمزاج هادئ وسعيد.. الآن، وقع اختيارها عليك. فهل... = سي حسن، تعرف أن بيننا التنظيم والعمل. يسرني أن أعتني بها لكني أخاف أن يعلم أحد سوانا بالأمر. أنت تعرف العواقب. لهذا لو أقسمت لي ألا تكلم أحدا عن اتفاقنا اليوم فإني سأعتني بها حتى تعود القيادة ويصدر في حقها قرار جديد = هو كذلك، أعدك أني سأكتم الأمر، الآن أهنئك وهي كذلك، تستحقان بعضكما. تسربت لجسدي موجة طافحة من الفرح وإن حز في نفسي موقف زوجي وشهامته. مهما يكن فهو زوجي بالعرف. قلت لهما: = انتظرا، لقد قضيت زهاء ثلاثة أعوام في حضانة سي حسن بناء على قراءة الفاتحة. وبما أنه اليوم يتنازل عني صراحة فعلى الأقل، سنعتبره كشاهد، لنجعل من هذه الليلة مناسبة رسمية يتحول فيها العرف من سي حسن إلى إبراهيم. لهذا علينا أن نقرأ الفاتحة من جديد، و*** غفور رحيم. بعد الانتهاء من القراءة، قادنا سي حسن إلى غرفة النوم. لمعت عيناه كأن دمعة تنساب منهما. الألفة أشد من الحب كما يقال. كبر وزادت قيمته في نظري.. قدرت مرونة تصرفه النبيل. نظرت إليه واقفا عند الباب. فوجئت تحت حزامه بنتوء ظاهر.. هل يكون قضيبه منتصبا؟ لو صح هذا فمعناه أنه ما زال طامعا في الاحتفاظ بي وعودتي إلى حضانته في أية مناسبة، وأن وجود شخص أقوى منه معنا يثيره.. لا يهمني المستقبل لأني ركزت منذ أيام كل تفكيري على إبراهيم.. يجب أن أطرد توتري وأشبع جسدي أولا ثم نرى ما ستأمر به الحركة. التفت زوجي الأول راجعا للصالون بينما انحنى الزوج الثاني ليحملني كدمية بين ذراعيه. مددني على الفراش. شعر بلهفتي عندما بدأت أنزع ثيابي وأرميها قطعة هنا وقطعة في الزاوية البعيدة. فجأة خيل لي أن خيالا ما يتحرك قرب الباب. نبهت إبراهيم لكنه لم ينتبه. كان الظل يظهر ثم يختفي. تركت إبراهيم تائها يكتشف تفاصيل جسدي دون أن أغفل عن تتبع حكاية الخيال. تأكدت أن سي حسن يتابع المعركة بفضول عن كثب. لعله يريد أن يتأكد أن زميله يختلف عنه في الهيجان وينجز المطلوب على أكمل وجه.. دامت المقبلات دقائق طويلة دون أن يرحل الخيال.. هو ولا أحد سواه... كل هذا وإبراهيم غارق في بحري يكاد يفقد أنفاسه.. بلغت مرحلة الضياع فأغفلت متابعتي للخيال.. أغمضت عيني لأشعر بحرارة الهدية التي طالما انتظرتها.. فقدنا معا علاقتنا بالمكان ومشاكله.. نسينا وجود حسن.. وسرعان ما خطر ببالي أن من حقه أن يراقبني.. ليس من العدل أن أحرمه أخيرا من الاستمتاع بمن كانت قبل ساعة واحدة زوجته، ولو بالمراقبة.. حصل علي بالشهود والقراءة وضيعني بهما.. مهما يكن فهما معا متزوجان بنفس الطريقة، فلا يوجد حقا أي فرق قانوني بينهما. لا أدري بعد ذلك كم استمرت المراقبة ولا متى تعب الخيال واختفى. كان إحساسي في تلك اللحظة هو بالضبط ما يحس به الكثيرون.. خصوصا الذين تتشابه أحوالهم مع ما كنت فيه.. يتصارع بداخلي شخصان. كل منهما يحاول أن يقنعني بوجهة نظره. أحدهما غاضب يتقزز ويسعى لإيقاف ما يجري، يذكرني بالقانون والكرامة والعزة والأنفة، والثاني يحثني على عدم تضييع الفرصة ويحثني للكف عن التفكير في حالة فصل في أمرها السابقون من الأجداد.. أنتهي بي التفكير بتصديق الشخصين معا، لأن الأهم هو إطفاء الحريق وعقد الصلح لأستمتع وأستريح. على سبيل التوضيح، كنت أعرف أن فكرة الزواج بطريقة العرف منتشرة في البوادي والمناطق القروية البعيدة عن المدن والمحاكم، نظرا لصعوبة توثيق عقود النكاح، وصعوبة انتقال الشهود. لانتشارها هناك ما يبرره.. لكن المشكل أن الفكرة تحولت إلى معتقدات ثقافية ثابتة تغني عن اللجوء للتوثيق. يلجأ إليها الانتهازيون حتى عندما يتزوجون بالمدن. الأمر مقبول ومرغوب فيه لسهولته لأنه عرف معترف به من طرف المجتمع، مما يجعله في البداية شبه قانوني، لأنه سيكتسب صفته القانونية بعد ولادة الأبناء، لضرورة إثبات النسب. أما قبل ذلك فهو أقرب إلى تبادل معترف به للزوجات والأزواج كما هو الوضع في حالتي.. طلق أنت زوجتك لأني سأتزوجها بنفس السهولة غدا أو بعده.. الشئ الوحيد المخالف هو عدم احترام فترة العدة، أي تطبيق المثل القائل بأن خير البر عاجله، وهذا ليس ذنبا ولا جريمة.. أشعر في داخلي أني أقوم بشئ غير عادي ولا منطقي، لكنه في نفس الوقت مريح في غاية المتعة. ليس من السهل على فتاة في مثل وضعيتي النفسية والجنسية أن تتمكن، بموافقة المسؤول وحضوره، من تغيير زوجها بمجرد الاتفاق وإعلان القبول وقراءة الفاتحة.. أن تتخلص من شيخ وقور ضعيف الصحة لتحصل على شاب وسيم طالما اشتهت السقوط في حضنه.. مباركة القوم مريحة لكن الضمير الملعون يرفض الاستسلام للموروث لعدم اقتناعه بمنطقه.. عندما استيقظت في صباح الغد، لم أجد إبراهيم زوجي بجانبي.. قفزت من الفراش مفزوعة مخافة أن يكون خرج قبل أن نتفق على أمور ضرورية.. ليس الحال سهلا كما يبدو.. موضوع الشركة والبيت يحتم علي أن أبقى، ولو صوريا، مع سي حسن.. وإبراهيم لا يمكنه أن يقضي الليل معنا دائما وإلا أثار الشك.. هذا يعني أني تزوجت شبحا بعد أن ودعت الشبح الأول.. كيف سنتقابل وأين سنمارس؟ سي حسن بدون شك كان يفكر في هذه العواقب في الوقت الذي انصهرنا أنا وإبراهيم في ممارسة الحب غير مصدقين ما يحدث.. حتى في غرفته لا يمكنني أن استقر دائما لنفس السبب.. لم يبق أمامنا سوى التفاوض مع زوجي الأول ليجد لنا حلا معقولا.. أظن أنه لن يعارض لو طلبت منه أن يفرغ البيت لمدة نتفق حولها متى أردنا الاختلاء للحاجة وحدنا. لحسن الحظ وجدت إبراهيم ما يزال حول مائدة الفطور مع زوجي الأول.. أمر مضحك ومثير في آن واحد أن أجد نفسي باستمرار بينهما.. كانا غارقين في حديث خاص. توقفا عن الحديث عندما التحقت بهما.. أردت أن اسألهما عن موضوع الحديث، لكني فضلت أن أفطر أولا.. كان سي حسن بكرمه المعهود قد أعد فطورا ملكيا بمناسبة الزواج.. شاي وبيض وقطعة من اللحم المخلع، وأنواع من الحلويات الفرنسية والخبز البلدي مع الزبدة والعسل وعصير برتقال.. بعد الانتهاء من الطعام. سمعت إبراهيم يقترح على حسن أن يتكلم.. أحسست بشئ ما وراء الصمت المباغت.. أعرف أني لست محظوظة لكني لم أتوقع أي مفاجأة ضارة ابتداء من أول ليلة أقضيها مع زوجي الذي اخترته بإرادتي.. سمعت مرات عديدة أن الهدايا التي نحصل عليها بالمراوغة والغش سرعان ما تختفي عندما تشرق عليها أشعة الشمس.. أخيرا نطق حسن قائلا: = عزيزتي يؤسفني أن أخبرك أن أوامر جديدة تخصك قد وصلت خلال ليلة البارحة. = أوامر؟ ألا يمكن أن تمهلوني يومين أو ثلاثة؟ لماذا لا تدعوني أسعد لفترة على الأقل؟ = غير ممكن، الخلية المكلفة بالحصول على موعد نقل الإخوة السجناء أوقفت عملها، لأن أحد أفرادها معتقل = وما هو المطلوب مني بالضبط؟ = في الحقيقة، ليس لدينا أي معلومة. ستكونين مضطرة لانتظار من يتصل بك. أين ومتى لا ندري. = ما دام الموضوع كما تقول، فإن من حقنا أنا وإبراهيم أن نستمتع إلى أقصى حد قبل أن يتم الاتصال. ضحك سي حسن من ردة فعلي = ما باليد حيلة. إبراهيم أيضا مضطر للقيام بجولة تفقد في نواحي مختلفة من المدينة لجمع معطيات ضرورية. = يأخذني معه كالمعتاد. = غير ممكن لأن الوسيط الذي سيبلغك ينتظر وصوله في أي وقت. هكذا حكم علينا بالانتظار أنا وحسن وباتت ليلة البارحة أقرب للأحلام منها إلى الحقيقة. خرج زوجي لمهمته. راودتني فكرة فسألت: = لا أعتقد أن مهمتي الجديدة ستحرمني من إبراهيم. ألا يمكنني الجمع بينهما؟ = تفكير سليم لكنه لا يقبل التنفيذ. الارتباط الدائم بإبراهيم يعرضه للخطر حاليا. لا يستحسن نهائيا أن يبقى قريبا منك بمجرد أن تتسلمي الأوامر وتشرعي في التنفيذ. العدو سيراقبك وأنا أيضا للتأكد أن علاقتك بالضحية المقصودة تصرف عادي ليس وراءه ما يريبه ويشكك في سلامته. مضى وقت طويل قبل أن يرن الهاتف. حمل حسن السماعة: = آلو.. من الهاتف.. آه أوكي. إنها معي. لماذا تريدها.... نعم. سأبعثها لعيادتك بسرعة، بعد عشر دقائق تكون عندك.. شكرا. وضع السماعة والتفت نحوي. كانت مكالمة من الطبيب.. قطبت ما بين الحاجبين وسألته: = وماذا يريد منا الطبيب؟ لقد وضحت له أني.. = تريثي قليلا حتى أنهي الخبر. إنه يقول إن المحامي مبعوث الحركة موجود عنده ويود رؤيتك في الحال. = ولماذا لا يعطيه رقم الهاتف ليتصل بنا هنا مباشرة. = كيف لي أن أعلم؟ اصبري ربما سيوضح لك كل شيء حين تكونين معه. الآن حضري نفسك بسرعة لأنه ينتظرك. [/B] فيما يلي الأجزاء الثمانية المتبقية من القصة، يسرني أن أضيفها دفعة واحدة لتجنيب القراء الأعزاء متاعب وقلق الانتظار. [B][U]الفصل 6[/U] بأقصى سرعة غسلت وجهي وارتديت ملابسي دون مكياج أو تبرج، وخرجت مسرعة. حين بلغت العيادة استقبلتني الممرضة اليهودية مبتسمة كعادتها وأدخلتني فورا لمكتب الطبيب.. كان معه شاب جاوز الثلاثين بقليل. وجهه شديد السمرة ينم على أنه من أهل الجنوب. قدمه لي بسرعة: = الأستاذ محمود محام معروف، يربطنا معا عضوية الحزب الشيوعي. هو هنا لرؤيتك في غرض محدد. هل تفضلان البقاء هنا أم تتحدثون في مكان آخر؟ = أفضل مكانا آخر لو سمح الأستاذ طبعا. = كما تحبين، في هذه الحالة لكما كامل الحرية للتصرف. ودعنا الطبيب. في الشارع اقترح علي الطبيب أن نجلس في مقهى بجوار محطة القطار. قطعنا المسافة الفاصلة بين العيادة والمقهى مشيا. بدأنا الحديث قبل وصولنا. قال المحامي: = هل من الممكن أن أعرف سنك، تبدين صغيرة جدا. = هناك من يقول العكس، أبدو أكبر من سني الحقيقي. بعد شهرين أبلغ الثامنة عشر. = جيد. مسؤوليتك أو مهمتك الجديدة توجد في أحد النوادي المخصصة لتنشيط وجمع رجال القضاء وبعض الموظفين والضباط الكبار. هو ناد موجود قريبا من كورنيش "عين الدياب". دوري أنا يتحدد في تسهيل ولوجك للنادي، الذي لا يدخله إلا الأعضاء المسجلون. نحتاج لصورتين واحدة لك والأخرى لزوجك سي حسن لنعد لك بطاقة عضوية تسهل عليك الدخول متى تريدين. نحتاج أيضا لشهادة إدارية تثبت عمل زوجك مع الشركة. من توقيع المدير مباشرة. ستحصلين على عضوية النادي بضمانتي أنا والطبيب. سأعرض عليك صورة القاضي المكلف بملف الإخوة السجناء. هو فرنسي فهل تتقنين الحديث بهذه اللغة. = أظن ذلك فقد قضيت سنتين ونصف أدرسها. = جيد، سيسهل عليك الأمر أولا، لأن للقاضي نقط ضعف واضحة عرف بها، هي حبه الشديد للفتيات في مثل سنك. لكن عليك أن تكوني حذرة لأنه شخص شديد الذكاء والاحتياط. هذا سيصعب مهمتك ولكن لو استعملت ذكاء الأنثى مع بعض الدلال والغنج ستنجحين. في جميع الأحوال، حاولي اكتشاف نقط ضعفه، واعملي على استغلالها بقوة. = يعني مطلوب مني أن أسقطه في شباكي، وماذا بعد؟ = لا تستعجلي، ستتوصلين بأوامر أخرى بعد أن تنجحي في الخطوة الأولى، أي في ربط العلاقة. كنا داخل ركن شبه مظلم بالمقهى بعيدا عن أعين الرقباء والفضوليين. لم أستطع تبين ملامح القاضي من الصورة لأنها كانت باللونين الأبيض والأسود. = هذه صورة غير واضحة، أليس عندك صورة أكثر وضوحا. = للأسف لا. لعلها ستكون أوضح تحت نور الشمس، وأنا واثق أنك ستتعرفين عليه بسهولة، إضافة إلى أني لا بد أن أكون حاضرا معك في البداية لأني مكلف بإدخالك للنادي، ومكلف بتسجيل بعض الملاحظات الأخرى كذلك. = متى سنذهب للنادي إذن؟ = في هذه الليلة. هذا النوع من الموظفين لا يلتقون إلا خلال الليل. سأنتظرك الساعة العاشرة ليلا أمام العيادة. شكرته وأنا أودعه. عدت للبيت مشيا. كانت السماء غائمة تمطر مطرا خفيفا. تذكرت إبراهيم فتنهدت. ليلة واحدة لم تكن كافية لأسكت شغفي وأنسى توتري. لا أعلم متى ستتاح لي معه ليلة أخرى.. ربما سأكون مضطرة للتردد عدة ليال على النادي كي ألف شباكي حول عنق القاضي.. لا أعلم بالضبط كيف أتصرف لأني لست خبيرة بعد، لكني أستسلم للأنثى وحدها لتقودني حسب الفطرة والغريزة. في البيت لم يسألني حسن عن التفاصيل، اكتفى بمعرفة الغاية الأساسية من المهمة وهي ربط علاقة غرامية مع أحد القضاة. لعله فهم ما لم أستطع أنا فهمه، إلا أنه لم يقل شيئا. دفعت لمحامي الحركة ما طلبه بعد يومين. في اليوم الثالث تسلمت بطاقة العضوية. أخبرني أثناء مصاحبتي أول مرة للنادي، أن على سي حسن، زوجي أن ينتظر حتى يتوصل بأمر يدعوه للتدخل لمصاحبتك. خلال هذه الأيام لم يظهر لإبراهيم أي أثر حتى بدأت أقلق عليه. عندما لاحظ حسن علامات الخوف والترقب، ابتسم وأخبرني أنه سافر إلى الجنوب لرؤية والده وإخوته، وسيقوم في نفس الوقت بدور آخر يدخل في نطاق التبادل والتنسيق بين خلايا الحركة.. غضبت لأنه لم يخبرني. حددت مع المحامي موعدا لزيارة النادي خلال النهار لأدرس كل جنبات المكان بمعرفته ومساعدته. أحسست أني تحولت إلى ضابطة بالجيش تتفقد ساحة المعركة التي هي مدعوة لخوضها قريبا. أثناء مصاحبتي في الطريق إلى النادي، أخبرني المحامي عن بعض المعطيات السياسية. قال بعدما دعاني للتركيز، أن معرفتها ضرورية لأنني ربما سأجد نفسي مقحمة في نقاشات عامة أو ذات خلفية سياسية. أول مرة أسمع أن هناك محاولات جادة من الوطنيين وجيش التحرير بالشمال، للتفاوض مع فرنسا حول ما سماه استقلال البلاد وعودة السلطان محمد ابن يوسف. وقد أنشئ وفد رسمي مكون من الحزبين الرئيسيين وبعض الوجهاء المغاربة، وهم في هذه الأيام يفاوضون المستعمر. أخبرني كذلك عن أحداث وقعت بسبب هجوم جماعة على مطعم في مركز المدينة يرتاده جنود فرنسيون وقد تبعته مظاهرات واحتجاجات مما جعل فرنسا تغير المقيم العام بشخص آخر عرف عنه أنه معتدل، بغية ترطيب وتخفيف الاحتقان. وجدت النادي عبارة عن جنة. يحتل مسافة واسعة جدا. تبدأ من البر على الساحل وتنتهي بجسور خشبية تمتد مسافة مهمة داخل البحر، ربطت حولها قوارب بمحركات للسياحة البحرية. وممرات مبلطة تختال بين الأشجار والظلال والعشب والزهور المتنوعة. على يمين الداخل أقيمت بنايات واطئة تمتد على مسافة نصف كيلو على الأقل. هي عبارة عن قاعات للقمار ومراحيض وصالتان واسعتان وقاعة بلياردو ومطعم وبار، ثم تنحرف على شكل " L" معكوسة نحو اليسار. في كل أركان النادي هناك أشجار باسقة وزهور زاهية الألوان ومساحات كبيرة مغروسة بالعشب الأخضر يتوسطها مسبح كبير من ماء البحر. أغلب الأعضاء يتجمعون في المطعم أو قاعة القمار أو البار.. كان علي ألتعرف على القاضي وأمكنة تنقلاته وجلوسه. وأن أقيس درجة ارتباطه بالخمر وأي نوع يستهلك بكثرة. وهل له زورق خاص أم يشارك غيره، عدد ونوعية أصدقائه المقربين، وفي مرأب النادي يجب علي التعرف على نوع سيارته. عدت للبيت لأخذ قسط من الراحة لأني مضطرة للعودة للنادي مساء نفس اليوم. رجوت من المحامي أن يضحي معي للمرة الأخيرة لأن من واجبه على أية حال أن يدلني على الهدف المقصود. كان يحترس كي لا يراه القاضي برفقتي، لأنه يعرفه بحكم المهنة. سيدلني عليه من بعيد ويدعني بعد ذلك أتدبر أحوال مهمتي. أمر مضحك ما يقع لي. جئت لهذه المدينة الغريبة هاربة من بوشعيب وأخته كي أتحول هنا إلى لعبة يحركها عن بعد غرباء لا أعرفهم.. أتفهم أن يقدموني هدية لطبيب يستفيدون منه بشكل ما، لكني أرى من الصعب والمضحك أن أتقبل البحث عن قاضي ليستمتع بي دون أن أعرف السبب. ربما يريدون منه التساهل مع بعض السجناء. ربما يحاولون إغراءه كي يعفو عن آخرين. لن أحكم عليه قبل رؤيته، من يدري لعل من مصلحتي اكتساب عطفه كقاض إذ لا أحد في مثل هذه المدينة يستطيع التكهن بما قد يحدث له من مصائب في المستقبل. في نفس المساء، تعرفت على الشخص المطلوب. رجل في حوالي الأربعين من عمره، ذو شعر كثيف يغطي أذنيه، رمادي اللون مائل للبياض. عيناه واسعتان تحت حاجبين سوداوين، وسط وجه مستدير بفضل اكتناز خديه باللحم. التناقض بين لون العينين ولون الشعر يضفي على وجهه مسحة ساحرة، رغم كثلة اللحم تحت دقنه. طويل القامة ضخم الجثة وصاحب كرش متدلية أمامه. يبدو أنيقا في بذلته الزرقاء وقميصه الأبيض وربطة عنقه الحمراء. كان معه حارسان، أمرهما بالبقاء خارج البار. كنت مع المحامي حين مر بقربنا دون أن يعيرنا ولو نظرة واحدة. انسحب رفيقي وطفقت أتابع القاضي بنظراتي حتى رايته يدخل البار. كنت ألبس تنورة بيضاء عليها صور زهور حمر، قصيرة لا تغطي ركبتي، ومعطفا رمادي اللون وحذاء أحمر عالي الكعبين. وأضع كشكولا ناصع البياض حول عنقي. وقفت لحظة عند مدخل الحانة أتفحص الفضاء وأهله. لمحت القاضي جالسا حول طاولة صحبة ثلاثة أشخاص. كانوا يضحكون بصوت مرتفع ويضعون أمامهم زجاجة بها سائل شفاف، لعله الشامبانيا، لأنها مغطوسة في سطل وسط ركام من القطع الثلجية.. اخترت بسرعة طاولة مقابلة تفصلها طاولتان فقط عن تلك التي يجلس فيها مع جماعته.. طلبت زجاجة كوكا متوسطة الحجم وبضع مكسرات. عندما سألني النادل إن كنت وحدي، ابتسمت له وأجبت أن لي موعدا مع زوجي. حرك رأسه ثم وضع الزجاجة وانسحب. رسمت ابتسامة عريضة على وجهي ورفعت رأسي أنظر من وراء زجاج واجهة البار، متجاهلة كل النظرات التي أحس بها كالسهام دون معرفة العيون التي صوبتها. مضى قرابة نصف ساعة حين وقف القاضي ليتجه للمرحاض. اكتشف وجودي وحيدة. مر مباشرة جنب طاولتي محدقا في وجهي. نظراته بدت قاسية تكاد تعريني. ابتسمت له فمر مسرعا دون أي حركة زائدة. بعد عودته لنفس المقعد انهمك فيما كان مشغولا به من قبل. مضت لحظة فراغ ثم فجأة رفع وجهه وركز نظرته نحوي. ربما كان يفكر قبل اتخاذ أي قرار. مد ذراعه مشيرا للنادل الذي استجاب مسرعا. وقف بجواره وانحنى محاولا التقاط كلمات مهموسة كأن القاضي يقول له شيئا. فوجئت بالنادل يقصدني، انحنى ليهمس لي بأن حضرة القاضي وجماعته سألوه عني، وأنه أخبرهم أني عضو جديدة في النادي وأني أنتظر قدوم زوجي. ختم كلماته بأن سعادته يعرض علي مجالستهم لو أمكن في انتظار وصول زوجي. قلت له دعني أفكر وسأرد بعد قليل. انتظر عدة دقائق، حملت حقيبتي ورحلت كي ألتحق بهم. وقفوا جميعا لتحيتي في الوقت الذي فسح لي القاضي مقعدا قريبا منه ودعاني للجلوس. غصت في صمتي حائرة أترقب ما سيقع. أول مرة أندم فيها لأني لم أستجب لصديقتي حين حاولت دفعي لتذوق طعم البيرة. كانت اليهودية أذكى من جماعتي المناضلة. علموني كل شيء ولا أحد منهم فكر أني قد أقع في موقف كهذا.. سأغامر، الأمر سيان سواء سقطت أنا أو سقط هو بين يدي. قدم لي أصحابه بأسمائهم ووظائفهم ثم قدم لي نفسه، وختم حديثه بالسؤال عن اسمي. كنت أتوقع طلبه لهذا أجبته مبتسمة: = تشرفت بمعرفتكم، اسمي المدام سعاد حسن. = اسم جميل فعلا تشرفنا.. هل لك شغل معين = لا أبدا، لست محتاجة للعمل = يا لحظك السعيد.. ماذا تشربين؟ = لا شيء، شكرا فقد تناولت زجاجة "كوكا" ضحك بصوت مرتفع وهو يردد: = زجاجة ماذا؟ هذا غير معقول لا يليق بسيدة جميلة مثلك، لا بد أن تشرفينا بتناول كأس من الشامبانيا معنا. قبل أن ينهي كلمته حمل الزجاجة ليصب لي كأسا. كان كأس كريستال يلمع عاكسا بعض الأشعة. أمسكته شاكرة واحتسيت منه ربع جرعة. شعرت بدبيب فقاعات تلسع لساني. قلت في نفسي كيف يصبح الزنى عند الجماعة حلالا ويبقى الشراب محرما. وضعت الكأس أمامي وأخذت أستمع للنقاش الدائر. بعد فترة لم يبق في الكأس قطرة واحدة. أحسست بدفء عجيب جعلني أقف لنزع المعطف. أردت وضعه حول الكرسي غير أن سيادة القاضي طلب النادل وسلمه إياه، التفت نحوي مركزا نظراته حول ذراعي العارية: = هكذا أحسن، ثم أفرغ لي كأسا ثانية: = تفضلي. أمسكت الكأس واحتسيتها مغمضة العينين دفعة واحدة. تذكرت بعض نصائح والدتي. كانت تقول: إذا وجدت نفسك أمام أي شيء لا يعجبك ولا تقدرين على مجابهته، أغمضي عينيك ولا تفكري فيه، سوف تتعودين عليه إن لم يمر بسرعة. لما وضعت الكأس فارغة سمعت أحدهم يعلق: = على مهلك سيدتي، الشراب لا يطفئ العطش بل يزيد الحرقة ويرفع الحرارة. رد عليه القاضي ضاحكا: = أراك تتدخل كعادتك فيما لا يعنيك. دع السيدة تشرب كما تشاء. ثم رفع الزجاجة وصب لي كأسا ثالثة = لا أرجوك. أكتفي بهذا القدر. على أية حال يبدو أن زوجي لن يحضر. = اشربي هذه، أما عن زوجك فحتى لو غاب، فأنت هنا مع قوم متحضرين، يمكننا أن نوصلك لبيتك متى ترغبين = شكرا لكن لا داعي لإزعاج سيادتك. = ليس ثمة إزعاج، ما قيمتنا إن لم نخدم الجميلات، انتظريني قليلا، إن كنت مستعجلة يمكن أن يوصلك السائق. لم تخبريني عن محل سكناك. = أسكن في عين برجة، قرب محطة القطار. = يسعدني خدمتك، لا تنسي تشريفنا بحضورك مرة أخرى قريبا. = أتمنى ذلك، سأعرض الموضوع على زوجي. أظن أنه لن يعارض. طاب مساؤكم. نادى القاضي على أحد الرجلين وسلمه مفاتيح السيارة. أمره ألا يتحرك حتى أدخل لبيتي. شكرته مع الجماعة وأعدت التحية. حين وقفت أحسست بدوار خفيف حتى كدت أسقط. لاحظ القاضي ارتباكي المباغت فوقف. ساعدني لألبس المعطف ثم أحاط خصري بذراعه لمساعدتي على المشي. جعلتني هامته الطويلة أنحشر تحت جناحه وملت برأسي على صدره. كانت حرارة ذراعه ترسل ذبذبات متسارعة إلى جسمي. سار بجانبي حتى بلغنا السيارة ففتح لي الباب وقال مازحا: = يبدو أن زوجك رجل غير مسؤول. كيف لزوج عاقل أن ينسى زوجة مثلك وحدها كل هذا الوقت؟ ابتسم لي وهو يغلق خلفي الباب بكل لباقة. سمعته يكرر الأمر على السائق. بمجرد انطلاق السيارة أغمضت جفني وارسلت رأسي للوراء ليتكئ على وسادة المقعد. أيقظني السائق أمام المحطة فأرشدته شاكرة لمدخل الشركة. كان حسن غائبا يتجول كالعادة بين الجرارات. نزعت الحذاء والتنورة بسرعة وارتميت نصف عارية فوق الفراش، لم أشعر بعد هذا بالزمن حتى استيقظت في الصباح. كان حسن قد غطاني دون أن اشعر بوجوده. اغتسلت ولحقت به في المطبخ. منذ صدرت أوامر من المقاومة بمقاطعة التدخين والخمر لم يعد كما عرفته.. أصبح أكثر حساسية غير قادر على الصبر والنقاش بنفس الهدوء. يفضل الصمت والخمول. الأواني والصحون والكؤوس متراكمة في المغسلة.. هل يعاني من نقص الدخان والشراب أم هو متأثر بابتعادي عنه وزواجي من إبراهيم؟ كان بالكاد قادرا على إعداد القهوة وبعض شطائر من الخبز المشوية إلى جانب الجبنة، أصبح يتقاعس حتى عن تحضير فطور الصباح.. قبل أن أقص عليه تفاصيل أول ليلة في النادي سألته عن إبراهيم. رد علي بدون حماس قائلا: = فكري في نفسك ومهمتك، إبراهيم مشغول مع أهله وقد وجد عذرا يتعلق بمهام طارئة ليطيل زيارته، حدثيني عن النادي. هل قابلت القاضي؟ = نعم، قابلته. وجدته رجلا لبقا ذا مزاج لطيف ومؤدب. بعث سائقه ليوصلني للبيت = شممت في أنفاسك رائحة الخمر عندما غطيتك، هل شربت؟ = وماذا كنت تنتظر مني حين عرض علي أن أشاركه مع جماعته الشراب؟ = كان عليك القبول لكن ليس إلى درجة السكر. = لقد فاجأني، والحركة لم تحضرني جيدا لمثل هذه المفاجآت. = لا تفقدي تركيزك، كانت هذه هي أهم توصية، الإفراط في الشرب يضيع التركيز ويعرضك للخطر. = كيف سأكسب ثقته إذا لم أشاركه في الشراب والطعام؟ = لا أدري، هناك تقنيات أخرى تعرفها المرأة بالفطرة. = شكرا على المدح، تريدني أن أعرض جمالي شبه عارية من أول لقاء، هذا ما تقصده. = قلت لك تصرفي والسلام. لو كان العري يسهل المهمة مرحبا به. عليك الاشتغال وفق مبدأ " الغاية تبرر الوسيلة" = للأسف لست متفقة معك، الدخول مباشرة للعري يجعلني في نظره مجرد عاهرة تسترزق. تمنح نفسها مقابل أجر محدد. = الذي أفهمه أنا وبقية أعضاء الحركة هو النتيجة التي أرسلناك للقيام بها. = كان على الأعضاء إذن أن يتكفلوا بأنفسهم بالمهمة بدلا من اللجوء لجسدي. = أرى أن ليلة واحدة غيرتك وجعلتك تنتقدين التوجيهات. المهم أني نصحتك. ربما يجب أن أرافقك مساء اليوم. = ليس من الضروري أن نذهب اليوم للنادي. = خير البر عاجله كما يقال، يجب أن نحاصر الهدف كل يوم وكل دقيقة. = بل يجب أن نجعله يفكر أنني لم أكن هناك من أجله أو من أجل غيره. دعه ينتظر قليلا، غيابي عنه سيجعله يفكر بي وينتظر عودتي. = كما ترين إذن، أنت المسؤولة حرصت بعد أن تغيبت ليلتين عن زيارة النادي، أن يصحبني حسن في الليلة الثالثة. قبل هذا دفعته لتحسين شكله وهندامه. ألبسته بذلة رمادية مع قميص وردي يضفي عليه مسحة عصرية ويخفف قليلا من ضعفه وشيخوخته. بدا كأنه موظف مهم في الشركة. وجدنا البار شبه فارغ لأن دخولنا كان مبكرا بعض الشئ. في حوالي الساعة العاشرة دخل القاضي مع رجلين من شلته. جلسوا تقريبا في نفس الطاولة وأسرع النادل ليهتم بطلباتهم. كان قميصي الأبيض ذو الياقة المفتوحة يبرز صدري ويساهم في تنوير الفضاء ناشرا في الجو ذبذبات مثيرة. كنت السيدة الوحيدة في المكان. لم يلتفت القاضي عند دخوله لنا لكنه ما لبث أن تفطن لوجودي بعد أن تعودت عيناه على النور الخافت. لم يتردد في إرسال النادل لنا ومعه دعوة مؤكدة كي نلتحق أنا و"زوجي" بشلته. عندما وقفت بدا جزء مهم من أفخاذي عاريا. قدمت لهم زوجي بينما قدم لنا القاضي صاحبيه. كان أول كلماته في شكل سؤال كأنه يعاتبني: = أرجو أن يكون سبب غيابك عنا خيرا، أين كنت طيلة يومين؟ ثم التفت مازحا نحو حسن: = وأنت أيها الزوج الغريب، هل أنت أحمق؟ ألا تعلم أن من له مثل زوجتك ليس من حقه تركها تتسكع وحيدة في الليل؟ = عذرا، لقد أخطأت لأني فوجئت ببعض الظروف = أية ظروف لعينة هذه التي ترغم الرجل على الابتعاد عن لؤلؤة نادرة كزوجتك؟ = مجرد أشغال بسيطة بالبيت لا غير. = المهم، أحذرك لا تبتعد عنها لأنها فاتنة ومثيرة وصغيرة. دعنا نشرب الليلة كأسا على نخبها.. = أرجو أن تعفيني، الخمر يسبب لي حساسية مفرطة، نصحني الطبيب بالابتعاد عنه لفترة، لم أعد أطيقه. = أي طبيب أحمق هذا؟ لا تدع الأطباء يفسدون مزاجك، ولا تحرم زوجتك من الحياة وإلا.. التفت نحو أصدقائه ضاحكا. أحضر النادل زجاجتين غارقتين وسط قطع الثلج داخل سطل وقد غطت قطعة قماش مطرزة رأسهما. فتح إحداهما وانصرف، في حين ملأ القاضي أربعة كؤوس، حمل أول كأس وقدمها لي: = في صحتك يا أميرة، دعي زوجك يتفرج واهتمي بحياتك، يكفيه أن تكون لديه زوجة مثلك. جحظت عينا حسن وهو ينظر لي. لعله تعجب حين رآني أحتسي مثل القاضي كأسي حتى الثمالة دفعة واحدة. = أنظر أيها الرجل مقدار تعطشنا للحياة. أظن أنك لا تسقي زوجتك عندما تغيب عن النادي. ثم أفرغ لي وله كأسا ثانية. وضعت كأسي على الطاولة والتفت نحو القاضي مبتسمة: = أرى بدوري أنك تبالغ في الشراب، لقد أرسلتني تلك الليلة في حالة سكر حتى أني لم أشعر بوجود زوجي بجانبي. ضحك وهو يرد بنفس الطريقة الساخرة: = حسنا تفعلين، لن ينفعك وجوده ما دام يسمع نصائح الأطباء. = لكني أخبرك من البداية أنك ستكون مضطرا في نهاية السهرة لتوصلنا مرة أخرى للبيت، لأننا جئنا في سيارة أجرة. = على الرحب والسعة. يسعدني خدمتك. بعد افراغ الزجاجة الأولى. طلب القاضي من النادل أن يحمل الثانية ويسبقنا بنقلها إلى القارب. فجأة وجدنا أنفسنا مع جماعته وسط ظلام البحر والارتجاجات. كان المركب مزودا بمحرك قوي وسطحه متسع بالقدر الكافي لاحتواء جماعتنا. أضواء المصابيح الكهربائية تبدو كلوحة رائعة من بعيد. فهمت لماذا نقلنا حضرته إلى هذا المكان. هنا يهدهدنا البحر. الجو بارد يساعد على الشرب والنقاش بأصوات مرتفعة دون إزعاج بقية مرتادي النادي، ودون خوف من إقحام الفضوليين فيما نتحدث فيه. للمكان غاية أخرى. إذ ما لبث القاضي أن أطلق العنان ليديه للتجسس في أفخاذي وصدري تحت جنح الظلام. بين حين وأخر أشعر بسبابة اليد اليمنى لزوجي تنغرز في خصري. كان ينصحني بالتريث والتركيز بدلا من مسايرة القاضي وجماعته. مع الكأس الثالثة انفتحت أبواب الحرية في وجهي وارتفعت حرارة جسدي. غمرتني رغبة في الاسترخاء والضحك. يدي تسافر دون استشارتي لتحط مثل فراشة فوق فخذ القاضي، مستجيبة لمحاولته الخفية. تلمسه منجذبة لحرارة صدره وبطنه المتدلية. تعود لتستريح على خدي أو فوق فخذي. بدأ أفراد الشلة يحكون نكتا بذيئة وفاسقة.. أستغل الفرصة حين أضحك معلنة استجابتي للجو وأترك مزيدا من الحرية ليدي. تارة تلمس صدره وتارة فخده وتارة تستقر فوق كفه. حسن يلكزني بسبابته ليردعني ويخفف من سرعة انسجامي. شعرت كأن القاضي بدأ يطمئن لحركاتي وينتظر مني مزيدا من الجرأة. خطرت لي فكرة فوقفت فجأة. دعوته ليسندني كي لا أسقط عند ذهابي للمرحاض. أحاطت ذراعه خصري وشعرت كفه تنغرز في خصري، تضمني لألتصق به. أخطو وفق رغبته بهدوء حتى بلغنا المرحاض الموجود في مؤخرة القارب. قلت له قبل أن انسل للداخل: = أرجوك أن تغمض عينيك لو صدرت عني حركات محرجة أمام أصدقائك. لست متعودة على الشرب بهذه السرعة. = أبدا.. لا تنسي أننا هنا جميعا لنضحك ونستريح من أعباء الشغل والحياة. لولا زوجك لفعلت أكثر منك. قضيت حاجتي بسرعة وعدت أختبئ تحت جناحه كعصفور عائد لعشه. = شكرا على مساعدتك، لا تهتم بوجود زوجي، إنه رجل متفتح، cool .. حينما تعرفه أكثر سيعجبك. = بفضل جمالك وخفة دمك يجب أن أتقبله حتى وإن لم يعجبني مزاجه. = أكيد سيروقك، إنه طيب للغاية، يلبي جميع رغباتي، لا يعارضني أبدا ويسعد كثيرا لسعادتي. = إنه رجل محظوظ، لو كنت مكانه لتنازلت حتى عن كبريائي من أجلك. = نحن نقترب من الجماعة الآن، بودي لو نتحدث أكثر بيننا فيما بعد. = سأترك لك رقم التلفون لتتصلي بي متى شئت. كنا نقترب من الجماعة، فاضطر من أجل مساعدتي على الجلوس أن يرفع ذراعه قليلا فوق مستوى الخصر قليلا حتى صار نهدي كله في كفه. [U]الفصل 7[/U] بمجرد جلوسنا ذهبت يدي لتستقر فوق فخذه من جديد، بينما كانت عينا حسن جاحظة موزعة نظراتها بيني وبين القاضي. جاء دوري لألكز خصره لأن تصرفه قد يفهم على أنه غيرة منه ضد لجوئي لمساعدة القاضي عند الذهاب للمرحاض. التفت إليه مبتسمة وغمزته لتطمينه. أردته أن يستكين ويخفف خوفه غير المبرر. ملأ القاضي كأسا رابعة وقال موجها كلماته نحوي: = لقد جاء دورك لتسمعينا بعض النكت. = لست متعودة ولا أحفظ ما يضحك، في المرة المقبلة سوف أستعد للأمر. = لا تضحكي علينا بهذه الكلمات، لن تفلتي منا.. قولي أي شيء فكرت لفترة وعصرت ذاكرتي. عادت بي الذكريات إلى زمن بعيد. = تربيت في صغري مع ثلاثة أبناء من جيراننا. كانت أمهم تغسلنا جميعا في وقت واحد. ثم بقيت العادة نفسها بيننا حتى كبرنا قليلا.. أحد الإخوة كان خولا. بينما أخوه الأكبر كان يغتنم فرصة وجودي معهم لأساعده حتى يتمكن من نيك أخيه. مع مرور الوقت بدأنا نوزع بيننا الأدوار، نكلف الأخ الأصغر بدور الحراسة، وأفتتح أنا المسرحية بتحفيز الأوسط للإسراع بنزع سرواله وتمكين أخيه من طيزه. كانت مهمتي أن أجتهد لإدخال قضيب الأكبر في خرم أخيه الأوسط. لم يكن الأمر صعبا ولا مؤلما لأنه بالنسبة لنا كان مجرد لعب وحجم جهاز الولد لم يكن مخيفا. بعد فترة انفصلنا عن بعضنا حتى جمعتنا إحدى المناسبات بعد سنتين. أشار لي الابن الأكبر لنختفي وراء بعض الأشجار الكثيفة كي نتذكر لعبتنا القديمة. توجهنا أنا والأخوين الأكبر والأوسط. أردت إعادة تمثيل دوري لكن ما كدت أنزع سروال الخول حتى كان قضيب أخيه داخلا بكامله في طيزه. سألتهما مستغربة: وأنا، ما هو دوري؟ أجابني الأكبر لاهثا دون أن يتوقف عن حركة الدخول والخروج: = أصبح لك دوران، الأول أن تعرفي ما ينتظرك والثاني أن تشهدي أن أخي صار خولا كاملا يعشق هذا، وأشار بيده إلى قضيبه. قلت له محتجة: = غير ممكن، دعني كما كنت أفعل من قبل، أقود أنا قضيبك لخرم أخيك. فرد علي وهو يحرث مؤخرة أخيه = لا.. لأنك لو أمسكت قضيبي هذه المرة لن تفلتيه ولن تدخليه في خرم أخي بل في خرمك.. ضحك الجميع بما فيهم زوجي حتى أفرزت عيون بعضهم دموعا غزيرة. شربت الكأس الخامسة ذلك المساء وأبحرت في عالم لم أتخيل أنه لذيذ ومسالم لا عداوة فيه ولا قواعد أو حدود تقلل من سحره وحلاوته. كدت أنسى وجود زوجي لأني سافرت مستسلمة لغرائزي الطبيعية. القارب والبحر والظلام تجعلني أتخيل أن كل الحواجز والأعراف والتقاليد تركناها وراءنا على الشاطئ البعيد. تعثرت الكلمات عند خروجها من صدري وفمي. يدي لم تعد تطيعني، كلما أعدتها لحضني تصرعلى الرجوع لحضن القاضي.. رأسي صار ثقيلا يتحرك ويحن لصدره. خيل لي أن زوجي تحدث لكني لم أميز كلماته بوضوح. أحسست ذراع القاضي تسحبني وسمعته يقول لزوجي. = المدام لم تعد قادرة على الوقوف.. أظن أن الوقت حان لنعود. = لو تفضلت أكون ممنونا لحضرتك.. كانت عيناي مغمضتين لكني شعرت أني محمولة بين ذراعين قويتين. باب السيارة مفتوحة وأنا ممددة فوق المقعد الخلفي. غفوت ثم صحوت حين لمستني يد توقظني. نفس الذراعين تؤرجحني وزوجي يفتح باب الشركة ثم باب البيت. دخلت محمولة وتم التخلص مني فوق الكنبة الطويلة بالصالون. حلمت بزوجي يشكر القاضي ويلتمس منه الجلوس لحظة. حاول الاعتذار لكن حسن أبقاه لفترة ريثما يعود. أعرف بالفطرة أنه سيمنحه زجاجة نبيذ معتقة من المخزن. هو عادة يفتخر أنه يحتفظ بقنينات يعود تاريخها لأزيد من خمسين سنة. سلمه الهدية بعد حين وأخذ منه رقم الهاتف الذي سبق أن وعدني به. خيل لي أن القاضي يخبره أنه سيتصل صباح الغد ليطمئن علي. في ذات الوقت سمعت زوجي يقول إنه لا داعي لذلك لأننا سنلتقي غدا بالنادي. صوت الباب يغلق بقوة وجسدي يرتعش مرعوبا ثم يغادرني. استيقظت في وقت متأخر على غير العادة. تجاوزت الساعة منتصف النهار. لم يكن حسن حاضرا بالبيت.. راسي أثقل من صخرة وأعضائي كلها متعبة تؤلمني. بصعوبة تمكنت من التوجه للحمام لأغتسل. حضرت القهوة وصببت كأسا بدون سكر.. ما إن جلست حتى عاد حسن. وضع القفة ففهمت أنه كان بالسوق. ألقيت عليه تحية الصباح لكنه لم يرد. لعله غاضب مني. نظر إلي وقال بصوت خافت لا يكاد يسمع: = خذي حبة أسبرين أو اشربي بيرة واحدة لتخفيف صداع رأسك. فضلت شرب البيرة لأنها باردة جدا، وابتلعت حبة أسبرين في نفس الوقت. بعد قليل سمعت حسن يسألني: = أخبريني حين يخف الصداع لأن هناك أمورا مستجدة يجب أن تسمعيها. = أرجوك، قلت له، اعفني اليوم من الأخبار. ألا يمكن أن تنتظر حتى المساء؟ = سأنتظر قليلا لكنك ملزمة أن تسمعي بما يحدث. أمسكت رأسي بين يدي وخلدت ثانية للنوم. لم أتذكر كم استغرقت لكن حسن أيقظني ساعة الغروب. = كفى من النوم، وراءنا أمور لا تقبل التأخير. هل أنت مستعدة؟ = تفضل هل من جديد؟ = ركزي معي جيدا. لا أريدك أن تتأثري. جاءتنا أخبار سيئة من الجنوب، من بلد إبراهيم.. = ما الذي حدث لإبراهيم؟ = أفيقي قلت لك، لم يحدث له شيء. تقول الأخبار أنه سافر لرؤية زوجته ليطمئن عليها بعد أن ولدت صبيا. نعم، أنا نفسي لم أكن أعرف أنه متزوج وإلا ما تخليت عنك.. الطامة الكبرى أنه شارك هناك في مهمة واعتقل على إثرها في كمين نصب له. وجدوا معه المسدس الذي قتل به مواطنا فرنسيا في إحدى الضيعات نواحي مدينة أغادير.. يا للصدمة.. يا لحظي التعيس. كتب علي أن أسقط كلما خطوت خطوة خارج العذاب المقدر والمألوف. متزوج.. كمين.. قاتل ومعتقل.. صدمتي بألف رأس، لم أدر هل أبكي أم أغضب. ها هو القانون الإلهي ينتقم منا جميعا. عبثا نراوغه لكنه ينتصر دائما. تزوجني وعاشرني دون أن يعرف أحد من أصدقائه في الحركة عنه وعن حياته الأولى أي شيء. كيف يطاوعه ضميره ليدخل حلبة مقدسة باسم الوطن وهو يخفي حقيقته عن أصدقاء يشركونه في المقاومة والتضحية بأغلى ما يملكون وهو الحياة. ما ذا سيكون وضعي بعد اعتقاله؟ ما هو مصيري أنا كزوجة؟ من يصدقني لو حاولت الدفاع عنه؟ كيف لي أن أثبت أني فعلا زوجة له أو لغيره؟ حسن وحده شاهد لكن الشرع يشترط حضور اثنين على الأقل، ثم إن الشرع نفسه يعرف أني زوجة سابقة بدون ورقة طلاق. أليس هذا خير دليل على الهرطقة والزندقة والتلاعب؟ خير دليل على العهارة والاتجار بشرفي في سبيل المجهول؟ وحيث أن المصائب تتعاون ضدي، فقد وضع حسن مزيدا من الحطب على النار المشتعلة بداخلي: = ما وقع وقع. الحزن أو الغضب لن ينفعنا الآن. لا تنسي مهمتك الكبرى بسبب إبراهيم أو غيره. لعلمك فإن القاضي قد اتصل ليطمئن عليك حين كنت نائمة. وألمح لي أنه ربما سيزورنا للتأكد قبل توجهه للنادي. = لست مستعدة لأي شيء. أليس من حقي أن أستريح بعض الوقت؟ كان عليك أن تبلغه أني بخير ولا داعي لإزعاجه. = حاولت فعلا لكنه لم يترك لي الخيار. يجب أن نستعد لاستقباله لو أصرعلى الزيارة. لقد حضرت بعض الطعام. سمك مقلي وسلطات ومكسرات، ما زال أمامنا وقت يكفي للإضافة لو أحببت اقتراح أشياء أخرى. = لا داعي لذلك أظن ما حضرت يكفي، فكر في المشروبات فقط مع أني قررت ألا أقرب الشراب مدة أسبوع على الأقل. في حوالي التاسعة والنصف ليلا، رن الجرس وأطل علينا وجه القاضي. كنت ممدودة بلباس البيجامة الشفاف. لم أكلف نفسي تغييره بل وضعت فقط إزارا غطيت به فخدي ووسطي وبقي صدري بارزا شبه عار. ألقى التحية وجلس بقربي = لا بأس عليك، لقد تأثرنا لما وقع. أحس بالذنب لأني أنا السبب. لم أعتقد أنك رهيفة لا تحتملين. بعده نطق حسن، محاولا استدراك ما ضاع بسبب أخطائي: = الحقيقة سيدي أنها عنيدة. لقد فاجأتني، لن تصدقني إن قلت لحضرتك أنها لم تشرب في حياتها سوى مرة واحدة، ولم تتعد ثلاث زجاجات من البيرة. كانت تريد أن ترضيك بمسايرتك لا غير. = المهم هل أنت متأكدة أنك بخير. = نعم أنا بخير، أحتاج فقط ليوم من الراحة لأسترجع طاقتي. شكرا لك على الاهتمام. = إذن سنراك غدا بلا شك في النادي كالعادة، أليس كذلك؟ = نعم لكن لو قبلت حضرتك أن توصلنا ذهابا وإيابا = على الرحب والسعة، أمر عليكم في مثل هذه الساعة غدا = لكن أرجوك أن تقبل الآن مشاركتنا طعام العشاء. لدينا سمك مقلي وسلطات ولدينا نبيذ معتق أيضا = أشرب معكم كأسا وأمضي، لا داعي للعشاء، الظروف قاسية هذه الأيام، الخروج ليلا صار يعرض صاحبه للخطر. قدم له حسن زجاجة النبيذ، افتضها بنفسه وسمع صوت فرقعة قوية عندما أخرج السدادة. صب كأسين ومد لي واحدة: = كأس واحدة سترمم أعطابك لكن لا تزيدي عليها. نراكم غدا. وضع كأسه فارغة ثم قام مستعدا للخروج، انحنى علي وقبلني من شفتي. كان حسن واقفا ينتظره ليرافقه خارج الشركة، رآه يقبلني ولم يقل شيئا. بعد عودته سألته: = ألم تر شجاعته؟ لقد قبل شفتي أمامك. = نعم، هذا دليل على أنك قريبة من تحقيق طفرة مهمة. لعلك نسيت ما كنت تفعلين ليلة أمس. = نسيت؟ ماذا فعلت؟ = لا لم تفعلي، فقط دفعت يدك ومرفقك كله تحت قميصه، وقلت كلاما كثيرا لم يحن وقته بعد. = ماذا قلت؟ ذكرني لأني لا أذكر شيئا مما جرى. = شرحت له أني لست غيورا، قلت أني عاقر وشيخ ولا فائدة ترجى من ورائي، وأني أستمتع وأتحمس عندما أراك نشيطة وسعيدة بين الرجال، وأني أنظم سهرات كثيرة في بيتي وأصر على حضورك وأدعوك للرقص فيها ويعجبني أن يمدحك الضيوف ويتغزلوا بفتنتك وجمال جسدك...إلخ كنت خائفا أن تحكي لهم عن زياراتنا للطبيب وعن حفلة البكارة وما تلاها.. = هل قلت كل هذا حقا؟ إن حدث هذا أرجو أن تسامحني = لا داعي للاعتذار، لم أعترض ولم أعلق على كلامك لأني بالعكس، لاحظت أن كلامك يختصر علينا الطريق. لقد بدأ يلين ويهتم. أراك تقطعين أشواطا وتحرقين المراحل بسرعة. لم يبق أمامنا سوى ليلة كهذه لنحقق المطلوب. = مع هذا أرجو أن تعذرني، لم أقصد الإساءة إليك. كنا نتحدث حين رن جرس الهاتف فجأة، حمل حسن السماعة: = آلو.. من معي؟.. نعم ما زالت صاحية لم تنم.. حاضر. ومد لي السماعة. من الطرف الأخر جاءني صوت القاضي: = تركت مكانك فارغا. زوجة أحد الصديقين هنا، لقد رافقته وتود التعرف عليك. = سلم عليها وأخبرها أننا سنلتقي مرة أخرى لو شاءت. اشكرك على الاتصال يسعدني سماع صوتك = هذا واجب لقد اشتقت لشقاوتك وخفة روحك = لهذا ذهبت مسرعا كأنك هارب من النار = لا أبدا، لقد أخبرتك أن التجول بالليل أصبح خطيرا كما أني لم أرد إحراج زوجك. = لقد أخبرتك مرارا أن زوجي لطيف معي ويحب سعادتي.. سأحكي لك كل شيء عنه لتفهمني جيدا. = ما المانع أن تحكيها الآن، أنا لا أحب السوسبينس والانتظار = وأنا أفضل حرارة الحديث المباشر، أحب أن أنظر إلى عينيك حين أتحدث. = ما رأيك إذن لو أمر عليكم في نهاية سهرة الليلة = مرحبا متى شئت إن لم يكن ذلك يتعبك، لكن لا تتأخر كثيرا لأني متعبة. إلى اللقاء كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة والنصف ليلا. سألت حسن = هل سمعت؟ إنه سيمر علينا في نهاية سهرته. قال إنه لا يتحمل غيابي عن السهرة ولا يستطيع الصبر حتى ليلة الغد. = جيد.. على أي لن نحتاج إلا لزجاجة شامبانيا وهي موجودة. عليك أن تغتسلي وتحضري نفسك. = سأفعل بسرعة لكن التحضير الحقيقي هو موضوع الحديث.. يبدو أنك صرت موضوعنا الوحيد. = تصرفي وسأرى من جهتي كيف أساعدك. = لا تغضب إن سمعتني أكذب بعض الشئ. المهم علينا اغتنام الفرصة في أقل مدة ممكنة. بعد الحمام نشفت شعري. ولونت شفتي بالأحمر. غيرت لباسي ولبست بيجامة على شكل قميص يمتد إلى القدمين، ضيقة عند الصدر ومفتوحة مباشرة بعد الحزام بحيث يتحرر فخذي الأيمن حين أقف أو أقعد.. جلست أنتظر. حوالي منتصف الليل رن الجرس. دخل ضيفي متعثرا يكاد يسقط، فاستنتجت أنه بالغ في الشرب. جلس بجانبي على الكنبة غير قادر على توقيف حركة عنقه ورأسه. وضع حسن القنينة وسط السطل والثلج. وصب ثلاثة كؤوس، ضحك القاضي بصوت مرتفع وقال: = ههه... يبدو مسيو حسن.. نسيت... نصائح الطبيب. كلماته متقطعة يبلع ريقه بين كلمة وأخرى. سألته: = أين السائق والحراس؟ = في النادي، أكره... أن أطلعهم على... أسراري، أخاف أن يخ....بروا.. زوجتي، = لكن السائق سبق أن أوصلني وهو يعرف بيتي = هناك فرق... بين أن يوصلك...هق.. وبين أن..هق.. يراني ساهرا...هق.. معك.. ثم ضحك من جديد.. ساد الصمت قليلا وإذا بزوجي يقول: = أعتذر لأنني سأقوم بجولة داخل إدارة الشركة لقضاء غرض ثم أعود إليكم. كنت شبه متأكدة أن نوع المساعدة التي يمكنه القيام بها، تشبه تلك التي فعلها مرارا عند زيارة الطبيب. ملت برأسي على كتف القاضي، وهمست في أذنه: = قبلني لقد اشتقت إليك بدوري. جذبني إلى صدره وكور شفتيه على صورة خاتم ثم قبلني قبلة خاطفة. جذبت رأسه نحوي وتلقمت شفتيه البضتين بين شفاهي. تركت لساني يتجول حرا داخل فمه.. حين حررت رأسه قرأت المفاجأة في نظرة عينيه. = حسنا فعلت بمجيئك الليلة. كنت بحاجة كي أفرغ قلبي. = تفضلي.. هق.. أنا معك مه...ما طال الحد....يث = لن يطول، أحس بالأمان مع حضرتك. عند سماعه كلمة حضرتك، قاطعني قائلا: = نحن.. أصدقاء...لا تنطقي...هذه الكلمة، أنت دخلت قلبي.. هق... = أعرف وأحس بصدق ما تقول، لهذا أرغب أن أفرغ همومي لو سمحت. سكت لحظة لأحتسي جرعة من الكأس، ثم واصلت الحديث: = قلت لك لا تهتم بوجود زوجي.. لعلك لاحظت أنه يكبرني بأزيد من أربعين سنة. زد على هذا أنه منذ أكثر من سنة لم يعد يلمسني. أصيب بمرض سرطان البروستات، أجرى على إثره عملية أثرت أكثر على حياته معي.. صار يتعامل معي كأب لا كزوج.. يحزنني منظره عندما ألاحظ كل الجهود التي يقوم بها ليرضيني. خاصة حين ينظم سهراته ويدعوني لمجالسة أصدقائه ومنهم مدير الشركة وأعضاء من الحزب الشيوعي.. ولا أخفيك سرا إذا اعترفت بأن تصرفه يؤلمني لأنه يحاول أن يدفعني لتعويض الحنان الذي فقدته ... = أمر محزن فعلا..هق هنا ارتميت أنا عليه من جديد. قبلته قبلة طويلة. مد يده يتلمس فخذي، ثم صدري. يده الضخمة تسجن نهدي وتنتقل للثاني. بدأت أرتعش لكني رجوته أن يتوقف = لماذا هل أز...عجتك..هق.. أم.. = حاشى لم تزعجني، بل تثيرني لأني نسيت معنى الحب والجنس. = أنا هنا...هق.. من أجلك = لم تفهمني جيدا، اعذرني من فضلك. أنا لا أشتكي كي تعوضني. لست خائنة أردت فقط أن تعرف كيف أعيش. = كما..تحبين. = مع الأسف، الموضوع ليس سهلا. لم أتعود. تربيتي البدوية لا تسمح لي بخيانة زوجي. لا أجد الشجاعة المطلوبة كي أخونه. أنتظر منه أن يرخص لي بوضوح قبل أن أفعل أي شيء. هذا أمر صعب لست قادرة عليه رغم رغبتي وحماسي. أظن من الأحسن لنا أن نحافظ على صداقتنا ونقويها بطرق أخرى. أنتظر كل يوم أن يرخص لي لأنه لم يعد يتحمل أن يراني دائما قلقة ومتوترة. قبلته بقوة مرة أخرى، تركت لساني يتجول داخل فمه ويدي تتلصص أسفل حوضه حتى عثرت على كومة اللحم تحت كرشه المنتفخة. تنهدت ثم بدأت أبكي وصدري ملتصق برأسه. تركته يلعب بنهدي ويحضنني ويدي تعصر قضيبه وهو داخل السروال. بدأ يلهث ويتجاوب.. كدت بدوري أنصاع معه للهاوية، لكني تمالكت نفسي. حاول إدخال يده من فتحة البيجامة عند الفخذ لكني دفعته بعنف حتى كاد يسقط. توقعت أن يغضب مني لكنه على العكس استحسن ما قمت به. سمعت خطوات زوجي قادمة. تراجع هو للوراء بينما مررت أصابع كفي بين خصلات شعري أعيد ترتيبها. ألقى حسن نظرة علينا ثم جلس وقال: = هذه السنة الجو في الخارج بارد رغم أننا لم نخرج بعد من الصيف. ألقيت نظرة عاجلة تحت كرش الضيف. خيمته ما تزال منتصبة وبدا عليه أنه تضايق برجوع زوجي. = أتمنى أن تكون هذه المرأة قد قامت بواجب الضيافة. أراك لم تشرب كأسك بعد. = لا.. أنا الذي... جئتكم في وقت... غير مناسب. = كل الأوقات مناسبة لرؤيتك، لا تقل هذا يا رجل، نحن أصدقاء. زوجتي على الخصوص لا تكف عن مدحك. إنها معجبة بشخصك وكرمك. = أنا أيضا... معجب بها.. وبك أيضا. أجبته بدون تردد: = يسعدنا أن نستقبلك بدورنا كل يوم، حتى أصدقاؤك مرحبا بهم ما دمت ترتاح إليهم، ليس من الأدب أن نبعدك عنهم. تحول الحديث إلى ضحك ودعابة. ثم استسمح القاضي ليذهب إلى المرحاض. وقفت بجانبه لأدله على الطريق ولاحظت أنه أطال النظر لزوجي. كما لو أنه يريد قول شيء ما لكنه تردد. قبل فتح باب الحمام همس بأذني وهو يقبلني: = لماذا لا نصارح...زوجك.. دعينا نستم...تع... ونعيش.. هق.. = لا تتعجل، سأتحدث معه حين تنضج الظروف. حينما وقف حسن ليوصله إلى الخارج سألته أن يقوم بدور السائق لأن حالة القاضي لا تسمح له بالسياقة، على أن يتدبر أمره عند العودة. لم يتقبل القاضي في البداية لكني ألححت عليه فقبل. لم أطمئن حتى رأيت السيارة تنطلق وتختفي منحرفة عند نهاية الشارع. بعد عودة حسن سألني عن الجديد مع حضرة القاضي. فتنهدت: = يبدو أنه لم يعد يحتمل، أظن أن عليك غدا، حين يأتي، أن تقضي وقتا أطول حينما تقوم بجولتك وإلا سنجعلك تتفرج على ما قد يزعجك. إن تأخرنا عليه أكثر قد يصيبه باليأس وربما يشك في أمرنا. = رأيك على صواب، لكن أليس الأمر محرجا لي وله؟ = بالعكس، بالنسبة إليك لن يكون ثمة شيء غريب أو جديد، لقد تعودت منك مثل هذا مرارا. أما بالنسبة إليه هو، فيستحسن أن نأخذ رأيه، لأني شرحت له الوضع وصورتك كشخص لم يعد قادرا بسبب عملية جراحية أجريتها على جهازك التناسلي. = إذن لم تتركي شيئا. [U]الفصل 8[/U] في العاشرة من صباح يوم غد، قررت زيارة صالون اليهودية لترتيب شعري وتجميل وجهي. قضيت معها ساعتين نتحدث في كل شيء. لم أزرها كثيرا منذ مقتل زوجها. حتى الدروس لم أعد أستفيد منها كثيرا وعوضتها بالتحدث المباشر والاستماع للأخبار من خلال الراديو. لحسن حظي أنها لا تعرف علاقتي بمقتل زوجها وإلا فإنها قد تفكر في الانتقام. كانت حزينة تحس بالفراغ وصارت تفكر في الهجرة إلى البلد الجديد الذي سموه إسرائيل. لاحظت في طريق عودتي وجود عدد مهم من الناس على غير العادة. يدل شكلهم ولباسهم أنهم قادمون من أحياء هامشية بعيدة. كلهم يصرخون ويحملون صور السلطان المنفي. يشبهون كثيرا أهل بلدتي التي تركتها خلفي في تلك النقطة المجهولة من الأرض. لما عدت فتحت الباب بصمت وهدوء حتى لا أوقظ حسن من نومه قبل الموعد المعلوم. لكني فوجئت به واقفا يحمل سماعة الهاتف بيده: = نعم سيدي.. ها هي قد عادت، أظن أنها كانت على ما يبدو في صالون الحلاقة.. كنت أحدثك بصراحة عنها، إن كنت تريد أن تكلمها نكمل حديثنا في المساء.. لا.. أوكي، كما يحلو لك. أكمل حديثي إذن؟ حاضر. قلت لسيادتك أني لم أتزوجها من أجل رغبتي في الزواج بفتاة تصغرني بما يفوق أربعة عقود، الإدارة اشترطت علي للبقاء في المسكن الذي كان يقيم فيه والدي بعد وفاته أن أتزوج. وهي في الحقيقة من العائلة. أمها ابنة عمتي، وجدها من ناحية أمها هو جدي من جهة أبي. إضافة إلى هذا، كانت زوجة أخيها تستعبدها وتشغلها في كل ما يتصل بالبيت، كانت فرصة لأنقدها. حتى بكارتها فتحها الطبيب بمشرط.. نعم هو كذلك.. سأبلغها، هي تنتظر زيارة المساء بفارغ الصبر. إلى اللقاء. وضع السماعة والتفت نحوي: = كنت أكلم القاضي، اتصل ليسأل عنك، يبدو أنه صار مهووسا بحبك. = ولماذا أخبرته بقصتي كاملة؟ = اغتنمت الفرصة لأشجعه على الاقتراب منا أكثر. لن يتردد بعد أن سمع قصتنا. لكن.. كدت أنسى، الذي أيقظني مبكرا هو وصول أوامر جديدة. مد لي رسالة، فتحتها، لما رأيت أنها مكتوبة باللغة العربية أعدتها إليه وسألته: = تعرف أني لا أقرأ العربية، لماذا سلمتها لي: = نسيت أنك تجهلين الخط العربي. = اقرأها إذن وفسر لي ما فيها من فضلك. " تطوان 12 نوفمبر 1955 السلام عليكم ورحمة *** تعالى وبركاته، وبعد وصلنا تقرير مفصل عن تطورات غير محمودة، حصلت في نطاق العلاقة التي كلفتم بها. ذلك أن الهدف كما هو محدد مسبقا ينحصر في الحصول في أقل وقت ممكن، وقبل وقوع ما لا تحمد عقباه، على معطيات واضحة وهي كالتالي: 1 = التعرف على موعد نقل سجناء المقاومة الأشاوس من سجن عين برجة إلى سجن آخر قرب مدينة مازاغان. 2 = توقيت العملية 3 = الطريق التي ستمر منها سيارة حراس السجن وإن تمكنتم من معرفة: 4 = عدد الحراس المرافقين لها، يكون ذلك إنجازا تشكرون عليه. أما غير هذا، مثل توطيد العلاقة أو ارتكاب فاحشة الزنى فهي مرفوضة لا نوصي بها ولا نتحمل وزرها. وإذا حصلت، تتحملون وحدكم مسؤوليتها. لأن الحركة لا تقبل أية علاقة بين كافر ومناضلة *****. دمتم بحفظ *** ورعايته. قيادة حركة"...................." نظرت لحسن لعله يكون فهم ما لم أفهمه.. أشعر يوما بعد يوم أني صرت بدون قيمة. هل يتصور صاحب الرسالة أننا سحرة، أو أصحاب قوة جبارة قادرة على معرفة المطالب الواردة في الرسالة بسهولة؟ هل يتصور أن الضحية التي هي أنا، راغبة في ارتكاب جريمة الزنى مع كافر بإرادتي، أو أن القاضي الذي أرشدوني إليه، باعتباره المسؤول عن الأحكام وعن قرار نقل السجناء سوف يخبرني بدون عناء عن برنامج عمله؟ وحتى لو تمكنت من معرفة خبر النقل فكيف أستخرج منه بقية الأخبار، وهي على ما يبدو ليست من اختصاصه وحده؟ على أي، تعقدت المهمة أكثر، وأصبح من الواجب أن أتصرف بسرعة. التفت نحو حسن: = ما هو رأيك أنت، هل ترى من مخرج؟ = أظن أن المخرج الوحيد هو تغيير الخطة. = كيف؟ = نستعمل العنف والحيلة لنستخرج منه ما أمكن؟ = إذا لجأت إلى العنف فأنا أرفض المشاركة. استعمال العنف سيؤدي لما هو أفدح. سيكون علينا قتله وإلا سنلقي بأيدينا إلى التهلكة. = دعيه يدخل ويجلس كالعادة، سأرى مع الصديقين في الأسفل ما يجب فعله. بوسعك أن تظلي معنا أو تخرجين في جولة ريثما نكمل العمل. = يا لك من عبقري. أتظن الأمر سهلا إلى هذه الدرجة؟ هل تصدق حقا أن القاضي يزورنا بدون علم الحراس وبدون أن يخبر الشرطة مسبقا بمكان وجوده؟ هل الاستعمار بليد في نظركم إلى هذه الدرجة؟ = وما العمل إذن؟ = العمل هو أن تختفي تماما بمجرد وصوله، دعني كأنثى أتصرف. ما يأتي بالحب والمتعة لا يأتي بالقوة، إلا أن الأخبار ستظل ناقصة لأن جزءا منها يتعلق بالشرطة ورجال الحراسة. والآن دعني أرتاح قليلا حتى لا أبدو مريضة أو متعبة ساعة وصوله. = الأهم هو الموعد، وسنرى غدا كيف نتدبر الباقي، = سنرى.. دعني أرتاح من فضلك ولها مدبر حكيم. في الساعة التاسعة مساء بالضبط رن جرس الباب. فتح حسن وسمعته يكلم الطارق، بعد برهة عاد: = حضرة ضيفنا يقترح أن نتعشى في مطعم ثم نعود للبيت، ما هو رأيك؟ = رأي معقول. اسبقني والتمس منه أن ينتظر. كان قد حجز طاولة في مطعم شهير في حي "بلفيدير"، لا يبعد كثيرا عن محطة القطار. تخلصنا من المعاطف عند دخولنا إليه. كل الطاولات بدت مشغولة وثمة أناس غيرنا ينتظرون عند المدخل. بمجرد أن شاهدنا النادل أسرع يرحب بالقاضي وضيوفه. تبعناه لطاولة فارغة في نهاية الممر. كان الضوء خافتا. طلب القاضي قنينته المعلومة فجاء النادل بسطله مسرعا. ما كدنا نتعود على جو المكان حتى وقع بصري على الطبيب جالسا مع سيدة لعلها زوجته. هو أيضا شاهدنا فوقف ليسلم علينا. فجأة وقع نظره على القاضي فصاح بصوت يطبعه الفرح: = أهلا وسهلا حضرة القاضي المحترم. أين كل هذا الغياب منذ مدة لم تشرفنا بالمطعم. سلم علي أنا وحسن ونادى على السيدة لتلحق بطاولتنا: = هل تسمح لي سيدي القاضي أن أجلس معكم أنا وزوجتي؟ = تفضل، أنا سعيد برؤيتك، عندما حجزت لم أتوقع أن أجدك حاضرا. = أنا مضطر لمراقبة العمل هنا كي يحافظ المطعم على سمعته. = حسنا تفعل لا بد من المراقبة. أنا من زوار المطعم حتى قبل أن تتحول ملكيته إليك. كيف هي أحوال الحزب؟ = أنت أعلم مني بأحواله. اليمين ضيق علينا الخناق في فرنسا وهنا أيضا يتهمنا بمساندة المقاومة. = لا تقل هذا. قوتكم مشهود بها، قد سمعت أنكم أنشأتم بالفعل جناحا مغربيا صرفا ونقابة تابعة للكنفدرالية الفرنسية أيضا. وهي نشيطة ولو أنها تخلط بين السياسة والشغل. = فعلا لكنكم تحاصرون كل أعمالنا هنا وهناك. المهم شرفنا بتقديم الضيوف الأعزاء. = أبدا، لا تحاول الضحك علينا، أنت تعرف المدام حسن لأنك طبيب الشركة وتعرف ما لا أعرف أنا. = وهو كذلك، لكن دعنا أولا نشرب نخب لقائنا، واسمح لي أن استضيفكم الليلة على حساب المطعم. = كرم كبير من حضرة شيوعي يهودي، لكني أفضل أن أدفع. هناك فرص أخرى قادمة. = هل يمكن أن نترك للضيوف أيضا فرصة الحديث، خصوصا مدام حسن. = نحن هنا مجرد ضيوف عند حضرة القاضي. قلت له = لا بد من مشاركتنا الحديث، أنت وزوجتي وسي حسن أيضا لديه ما يقال، أليس كذلك؟ = ما ذا تريدني أن أقول؟ أنا مجرد عامل بسيط. = لا من فضلك، هل تظن أني أجهل نوع مسؤولياتك النقابية وحتى السياسية. هل أخبرت معالي القاضي بدورك في الحزب الشيوعي المغربي؟ طبعا لا وأجزم أن صداقتكم لم تتجاوز حدود السهر والشراب و...، = أعتقد أنك بدأت تتجاوز الحدود قليلا. رد عليه القاضي. أرجوك لا تكهرب الجو. = بالعكس أنا أستدرج سي حسن وحرمه ليخبرونا عن أنشطتهم. لا شك أن لهم دورا فيما يحصل بمركز المدينة هذه الأيام. = ما ذا ستستفيد أنت لو حدثناك عن أنشطتنا التي تتخيلها، هل تعتقد أن حضرة القاضي لا يعرف ما كنت تفعله معي؟ تريد أن تصغرني في عينه وتنقص من قيمتي قبل أن أفضحك أنا مع زوجتك.. هل هذا هو ما تسعى إليه؟ قلت له وأنا أقف ناوية الخروج من المطعم. التفت في نفس الوقت لزوجي وللقاضي: = عندما تتناولان عشاءكما ستجداني بالبيت. وقف القاضي يحاول إقناعي بالعدول عن موقفي لكني تمسكت بالخروج. بدأت أبتعد وأنا أوجه الكلام للطبيب: = لو كنت أعرف أننا مدعوون لمطعمك ما قبلت المجئ. طلبت معطفي وخرجت. تبعني حسن ومعه القاضي. في السيارة أجلسني القاضي بجواره، بعد إقلاعنا نظر إلي مبتسما وقال: = يا لك من لبؤة جبارة. من يشاهدك لا يتصور أنك صلبة وعنيدة إلى هذ الدرجة. = أنا بالعكس لينة ولطيفة، لكن لا أقبل أن يضحك علي مثل هذا المتحذلق. للكرامة حدودها. = الآن هل نبحث عن مطعم آخر أم نعود للبيت؟ = مرحبا. كل شيء متوفر حضرتك. حتى أنواع الشراب متوفرة، لقد كهرب اليهودي مزاجنا، لم يعد المطعم ضروريا. بمجرد وصولنا، لاحظت أن القاضي سأل زوجي إن كان بوسعه أن يخفي سيارته بالداخل لأنه لا يريد أن يتعرف عليها أحد من الشرطة أو الفضوليين. كانت المائدة مليئة بأنواع من السلطات والسمك واللحم المقلي. أخرج حسن نفس الشامبانيا في سطلها وثلجها. وبدأنا السهرة. التمست من الضيف أن يسمح لي لحظة لأقوم بتغيير لبسي. عند رجوعي ارتديت قميصا نصف شفاف. عبارة عن خيوط حريرية بعضها أسود وبعضها أبيض. لا يزيد عرض كل خيط عن سنتمتر واحد، ملتصقة عند الحواف في الوسط وحول الكتفين والرقبة، لكنها سائبة من الأسفل تفضح كل شيء، كما تطل حلمتاي من خلالها كأقمار سجينة كلما تحركت. أجلس بجوار الضيف فتفسح الخيوط فراغات واسعة تظهر عبرها الفخذان. صب حسن الكؤوس الثلاثة وحين نظر إلي غمزته ليتذكر التعليمات، تجرع كأسه بسرعة وقال: = يمكنكم التصرف بكل حرية، سأخرج أنا للقيام بجولتي المعتادة، أعتذر إن تأخرت عنكم لكني عائد بعد ساعتين على أبعد تقدير. = لا تهتم سأقوم بالواجب وأكثر قلت له. = لا.. مستر حسن، يمكنك البقاء. قد نحتاج إليك، غير معقول، الناس لا يتصرفون هكذا مع الضيوف. = دعه يقوم بعمله، خروجه سيحررنا أكثر، لم يعد هناك ما نخفيه عنه. خرج حسن بعد أن وضع في جيبه مكسرات ونصف لتر من النبيذ. = لن تصدقيني لو اعترفت لك أني كنت أتمنى لو بقي حسن معنا. = ليس معقولا ما تقول. سوف يضايقني حضوره، إلا إذا كنت ممن يفضلون ممارسة الجنس تحت المراقبة. = نعم أنا منهم، وأحتاج إلى أكثر من ذلك. عندما أعاشر زوجتي لا أحس تقريبا بأية متعة. أقوم بالواجب فقط لأتهرب من الغيرة وكثرة الأسئلة. لكني حين أعاشر امرأة متزوجة مثلك، أشعر بشهوتي تتضاعف وتنفجر إذا حضر معنا زوجها. = إذا كان الموضوع كما تقول يمكن أن ننادي عليه. لكن ما هي الأمور الأخرى التي أشرت إليها؟ = لا تستعجلي، سيأتي وقتها. = لا بد أن تخبرني مسبقا حتى أعمل حسابي. = قلت لك لا تهتمي الآن بالأمر. أفكر هل وجود زوجك يسمح لي بأن أفعل ما أحلم بفعله أم لا؟ سحبته نحوي وقبلته قبلة خفيفة، اعتقدت أنه متردد.. لن نصل للغاية لو بقي مترددا هكذا. = لا تظني أني متردد. دعينا نشرب قليلا، ربما أشرح لك حين نبلغ الكأس الرابعة أو الخامسة. قبل ذلك لو سمحت هل عندكم ويسكي؟ = كل الأنواع عندنا. زوجي يستقبل ضيوفه في البيت. قمت لأحضر له الويسكي من المطبخ. = لدي سؤال لو سمحت = تفضل = عندما تستقبلون الضيوف، هل يخرج زوجك كما فعل الآن؟ = لا مطلقا. يجلسني معهم ويسمح لي أن أتصرف بحرية، أشارك في كل النقاشات حتى في حالة استخدام كلمات فاحشة، لكنه لا يخرج ولا يقبل حركات خارجة عن الحدود. = ولماذا يتصرف معي أنا بالذات بهذا الكرم؟ = ضيوفنا ليسوا كلهم قضاة، أحيانا يكون بينهم ضباط من الشرطة. = لست أدري لماذا أرغب في حضوره رغم أني سأتحول بعد قليل إلى كائن آخر، وسيظهر مني تصرفات غير مفهومة. = المهم أن تكون تصرفات تزيد من الشهوة والحماس. لا تجعلني أضيع ليلة اليوم، فقد عانيت طويلا قبل أن أحصل على رجل حقيقي من طينتك. = لو طاوعتني ونفذت ما يلبي رغبتي أعدك أنك لن تندمي. الآن اسمحي لي، كدت أنسى. وقف وسار حتى بلغ معطفه المعلق خلف باب الصالة وأخرج منه علبة صغيرة مكتوب عليها CARTIER. = أرجو أن تتقبلي مني هذه الهدية البسيطة. تستحقين أكثر. فتحها وأخرج منها عقدا مرصوصا بالجواهر لم أحلم يوما أني سأتمتع بمثله. انحنى قليلا ومرر يديه وراء رقبتي ليعقده من الخلف. شعرت أن جسدي يهتز ويرتعش حتى قبل أن نبدأ. سرى في عروقي لهيب نابع من بريق الجواهر التي تدلى لعانها فوق صدري. تذكرت هدية الولد البكر لرئيس محطة القطار. وقفت بجانبه قبل أن يجلس تعلقت بعنقه أقبله وأشكره. أجلسني برفق على فخذيه ثم قال. = دعينا نشرب قليلا ونأكل بعض الطعام ثم ننطلق أحرارا فيما اجتمعنا من أجله. لم يعد يهمني زوجك يأتي أو لا يأتي. كنت خائفا أن يراني في أوضاع غير لائقة، بداخلي الآن صوتان أحدهما يفضل غيابه والثاني يقول العكس. لكني مصر أن وجوده يحسسني أكثر بحقيقتي. [U]الفصل 9[/U] كلماته بدت لي كالطلاسم، مهما يكن فلن يحدث بالنسبة لي أكثر من ممارسة الجنس. ربما هو فخور بجسمه وقوته وفخامة قضيبه، لكني أنا أيضا فخورة بجسمي وسني وشهوتي. ربما سيؤلمني لو رغب في معاشرتي من الخلف، لكن من الضروري أن أصبر. سوف يساعدني الشرب على التحمل، لا ينبغي علي نسيان مهمتي وأهدافي. وصلنا الكأس السادسة من زجاجة الويسكي. أخيرا دقت ساعة الحساب. بدأ حضرته يسترخي. ينظر إلي ويقبلني ويتفسح بعينيه ويديه فوق جسدي. رميت القماش المخطط لأنه يضايقني. جلست عارية أحاول التغلب على آخر ذرات الخجل والتردد. فجأة تحدث قائلا: = أرجو أن تسمعيني جيدا. عندي في الجيب الداخلي للمعطف مجموعة أدوات، هاتها لأشرح لك. قصدت المعطف وأدخلت يدي في أحد جيوبه الداخلية. أخرجت سوطا تدلت من قبضته خيوط عديدة مصنوعة من جلد البقر، وسلسلة حديدية لتقييد اليدين، وقناعا جلديا أحمر اللون. كان قد تعرى تماما وتدلى قضيبه مسترخيا كقضيب حمار. انزعجت. ما ذا أقول لو أراد وضع السلسلة حول معصمي؟ والقناع، ما هي منفعته؟ وهذا السوط ما هو دوره؟ وقفت أمامه مرعوبة ومددت له أدواته. = لا تفزعي. هذه كلها ليست لك. سأضع يدي معا خلف ظهري، والقناع على وجهي. سأجثو على ركبي وعليك بعد قليل أن تحركي السوط بهدوء أولا وترفعي وتيرة الجلد تدريجيا. لا تتوقفي. لا تتعجبي مني، سوف ترين قضيبي ينتفخ وينتفخ بشكل لا يصدق.. لا تتوقفي عن تحريك السوط فوق مؤخرتي.. حين أدعوك للتوقف انبطحي أمامي ودعيني أفرغ ما يتجمع في الخصيتين. قلب ذراعيه لأتمكن من تقييد معصميه خلف ظهره. جثا على ركبتيه بعد أن غطى القناع وجهه. أصبح أمامي شخص مجهول، لولا ضخامة الجثة لما تعرفت عليه. شعرت بالفخر والعزة لما بدأت أصفع مؤخرته بالسوط. كان يصرخ ويأمرني برفع الحدة والوتيرة. يدعوني للضرب بقوة أكبر. ترى لو حضر زوجي ماذا سيقول؟ أي عجب هذا؟ هل النصارى مخبولين ومجانين إلى هذه الدرجة؟ ما ذا أستفيد أنا من كل هذا؟ لو كنت أحب العنف والانتقام لفرحت للدور الذي كلفني به حضرته. أسمعه وأرفع القوة والوتيرة. لون مؤخرته الأبلق يحمر ويكاد الدم ينفر منه. اسمعه يأمر فأزيد، تعبت من الضرب ولم تتعب مؤخرته من لسعات السوط بعد. ألقيت نظرة تحته فصعقت. يا له من منظر لا يحتمل. كيف تقبل امرأة أن تتزوج بمثل هذا؟ قد يعجب العجائز أو العاهرات المتعودات، لكنني فتاة في بداية الطريق، زوجي رجل مسكين لم يدربني على شيء غير طبيعي. كان القضيب يجلد بطنه من الأسفل كلما انقبض صعد حتى ينطح بطنه. يحدث صوتا كأنه يقلدني أو يرد على صوت الضربات فوق المؤخرة، فجأة رفع رأسه وأمرني بالتوقف. جثوت أمامه على ركبتي ويدي. رأسي محني إلى أقصى درجة ومؤخرتي عند حوضه. لم يطلب مني تحرير يديه لهذا صعب عليه أن يتحكم في جسدي. كان يلهث كحصان ويحاول دفع عموده بين ردفي ويتجه به نحو فرجي، لكن القضيب أعمى حائر بين هدفين. يدخل بين فلقتي المؤخرة ويعود الصعود حتى أشعر برأسه على ظهري. توقف وانحنى بوجهه وشعرت به يلحسني بين الردفين ويولج لسانه في فتحة الشرج. يا إلهي، هل ينوي اقتحامي؟ بالتأكيد لن ينجح في تمرير ربع طوله لو دخل في الفرج، أما الشرج فيستحيل أن يتجاوز منه الفتحة. شيئا فشيئا جعلني لسانه أسترخي وبدأت أفرز عسلي. نهض ورائي ونزل رأس القضيب فوق كسي. بدا أن صلابته مكنته من إدخال رأسه. توقف لاهثا ثم عاد يجاهد كي يدفع الباقي. بدأت أختنق وفكرت في الانسحاب. الجزء الذي استطاع الولوج ساخن ينبض بقوة شديدة. تذكرت مشاهد البادية حين كنا نتفرج على جماع الحمير والبغال. لا يختلف قضيب حضرته عن تلك المخلوقات. ربما قد يكون أسهل علي لو جامعت حمارا. بعد عجزه عن الدخول شعرت به يتضاءل قليلا. سحبه وعاد يأمرني برفع السوط والاستمرار بقسوة في الضرب حتى يستعيد إنعاظه وانتصابه الأول. بعد قليل أوقفني فألقيت نظرة على القضيب. بدا لي من الأحسن أن أحرر يديه ليستطيع التحكم في جسدي ويحسسني بقوته بدلا من هذا العذاب. = يبدو أن علي تحرير يديك لتتمكن مني. = نعم. نعم، إن كان هذا يريحك. حررته فأمسكني من الخصر بقوة. شعرت ببرودة يديه تحاصرني، كنت أتقاطر من العرق وعسلي يسيل فوق فخذي. بعد معاناة قصيرة وألم بسيط شعرت بنصف القضيب يملأ فرجي. شهقت محاولة التنفس وجسمي كله يرغب في المزيد. بدأ يرهز محاولا الحفر داخلي مثل جرار يدك الأرض ويفجر عيونها. تعودت على حجم القضيب واستأنست به. أصبح مثيرا ولذته لا تقارن. فهمت عندئذ لماذا بعض النساء يعشقن الحجم الثخين. ثلاث هجمات جعلتني أرتعش. عندما شعر بفرجي ينبض ويسيل عسله زادني هجوما وزاد القضيب دخولا فتواتر شهيقي وسال عرقي وعسلي. انتقلت بسرعة البرق للهزة الثانية ومنها للثالثة والرابعة. جسمي وعضلاتي كلها ترتعش بدون رغبتي وإرادتي. فقدت كل سيطرة على نفسي وغطى الضباب عيني. لم يقذف الملعون حتى اقتربت من فقدان الوعي. توقفنا معا وانبطحنا ملتصقين فوق الكنبة. شعرت بالقضيب كأرنب خائف يرتاح بجوار فخذي. عانقني وقبلني. شربنا كأسين إضافيين وأراد أن يعيد نفس السيناريو. لكني أوقفته قائلة: = دعنا نستريح قليلا الليل أمامنا ممتد إلى الصباح. = شكرا على تحملك. كم أنت رائعة. سوف أحبك كما لا تتصورين، لن أفرط فيك أبدا. هل يمكنك المناداة على زوجك. يثيرني كثيرا أن يستمتع مثله بإهانتي. متعة نادرة قلما تتكرر. لكن لا تنسي أن ورائي غدا برنامج عمل مكثف. = عملك مكثف في سائر الأيام، حضرة القاضي. = لا غدا يوم خاص، لدينا بعض الإرهابيين سننقلهم لسجن قرب مدينة "مازاغان") هذه المدينة سيصبح اسمها مدينة "الجديدة" بعد الاستقلال مباشرة(. يا للصدفة، ها هي المهمة تنتهي، الخبر الذي كافحت من أجله سمعته بدون أن أسأل عنه. = لماذا تعذبون أنفسكم بنقلهم؟ اتركوهم حيث هم الآن واستريحوا. = لا. نقلهم ضروري، هناك سيطبق في حقهم حكم الإعدام رميا بالرصاص في غضون أسبوع على أكثر تقدير. = إعدام؟ يا للهول، أكره سماع أخبار كهذه. = إنه الشغل، هل تعتقدين أني سعيد بإعدام الناس؟ شرح لي أحدهم أن عشقي للسوط والتعذيب والإهانة، سببه طبيعة عملي. أحس كأنني نذل حقير ينتقم من نفسه لكل الذين كان سببا في إعدامهم. لهذا يجب أن يحضر زوجك ليشاهد ما تعرضينني له من إهانة. لو استطعت إحضار غيره من المساكين والضعفاء لفعلت.. عليك من اليوم أن تتعلمي كيف تكونين أشد قسوة، فكلما أتقنت إهانتي كلما زادت شهوتي. معها ستزيد قيمتك وأزداد تمسكا بك.. هذه بتلك لكي أريحك يجب عليك أنت أولا أن تريحيني. الآن نادي على زوجك لو سمحت. دعيه يتفرج على حقيقتي كي لا يظن أني أضاجع زوجته مجانا. فتحت الباب عارية وناديت على حسن. جاء بسرعة، لم يستغرب حين رآنا عاريين، نظراته تغيرت حين شاهد السلسلة والسوط والقناع وحجم القضيب. طلب منه القاضي أن يجلس بعيدا، يتناول كأسين ثم يتفرج ساكتا. رمى ذراعيه ثانية خلف ظهره. قيدته ووضعت القناع حول وجهه. بدا يضحك وينظر لزوجي. حملت السوط وبدأت أصفع مؤخرته. حرصت كما طلب أن أكون أقسى هذه المرة. دفعت رأسه نحو الأرض بعنف دون أن أوقف السوط. وضعت قدمي على قفاه وضغطت عليه. تأوه متلذذا، بدأت أفهم نقط ضعفه. نزلت بالسوط وجلست على ظهره رافعة قدمي عن الأرض كأني راكبة فوق ظهر حمار. ضربت مؤخرته بقدمي فاهتز فرحا. حاول الالتفات بوجهه نحوي فدفعته بقدمي ليعود لإلصاق خده بالأرض. نزلت من جديد. كان قضيبه ينتفخ بسرعة فائقة حتى استعاد حجمه السابق. ركزت نظري عليه وشعرت برغبة في الالتصاق به. تمنيت لو يصفع ظهري وصدري كما يصفع بطنه. تاقت يدي لإمساكه واللعب به. عدت لقسوتي وبصقت فوق ظهره. خطر لي أن ألعنه. هي مناسبة عابرة أفرغ فيها لوعتي وغضبي. لعنته بالعربية ودفعت إبهام قدمي اليمنى داخل خرمه. بدا أنه استحسن جرأتي لأن قضيبه اهتز بعنف وشرع يتأرجح راسما ربع دائرة في الهواء برأسه. كان يتدلى بين الفخذين ويرتفع صاعدا حتى يلمس بقوة بطنه المتدلية. صوت ارتطامه يحدث إيقاعا رتيبا مع كل انقباض. نظرت لحسن فإذا بعينيه جاحظتان مستغربة ما يحدث. لعنته مرة ثانية بالفرنسية فاهتز جسمه كله.. لم أوقف السوط حتى رسمت خطوطا حمراء يوشك الدم أن ينفجر منها. أوقفني. مباشرة حررت يديه واندفعت تحته رافعة رجلي وفخذي إلى أعلى قدر ثم أرحتها فوق كتفيه. صارت أمامه كل الأبواب المؤدية إلى جنة الروح المعذبة. كانت خصيتاه فوق فرجي وقضيبه يكاد رأسه يلامس جواهر العقد المنيرة فوق صدري. أمسك قضيبه بيده وزرعه دفعة واحدة حتى اختفى فشهقت بصوت مرتفع مغمضة عيني وفاتحة فمي. انحبس الهواء في حلقي. لفترة طويلة لم أتنفس. شهقت ثانية وخامسة وعاشرة وبدأت أرتفع وأطير. سل عموده ونظر لزوجي، كما لو أنه يقول هكذا تكون معاملة الأنثى. وضعه عند فتحة الشرج ودفعه حتى صرخت متألمة. توقف لأستريح وجره للخارج. عاد يدفعه فلم يستطع دفع أكثر من الربع داخلي لأني أوقفته. فهم الوضع فسله وأعاده لمكانه الأول. همس في أذني وهو يقبلني، لما سكت؟ إلعني أصولي وقبيلتي وجنسي. = عليك اللعنة أيها الخول أنت وأهلك وعشيرتك. كلما سمع الشتائم يتقوى ويطعنني في أبعد نقطة من روحي. = متى ستنتهي أيها الكلب الحقير؟ متى ستغادر؟ أي عمل منحط تقوم به غدا أيها الحيوان؟ كم يسعدني أن تبقى إلى نهاية الزمن هكذا تحت حكمي وسيطرتي، = لن أغادر ولن أنتهي. لا أحد يترك لبؤة مثلك يا شيطانة روحي. خطرت لي فكرة أن أدخل أصبعين في خرمه ففعلت، صرخ وتنهد ثم قال بصوت مرتفع: = أعيدي ما فعلت أرجوك. أصابعك رحيمة، لطيفة أدخلي ثلاثة أو أكثر. = سأدخل يدي كلها في خرمك لأنك سالب وحيوان وكلب حقير. لو كان زوجي فحلا لجعلته يقتحم شرجك. كل شتيمة تجعله أقوى. سمعته يهمس في أذني: = أنت ملعونة وشيطانة، تزوجيني سأجعلك ملكة. = مثلك لا يتزوجه إلا أحمق أو حقير مثلك. قل لي متى تبدأ عملك غدا، هيا قل بسرعة. = قلت لك سنغادر باكرا. العاشرة تقريبا حسب استعداد رجال الحراسة. = هل تأخذني معك إن كنت ستتعطل هناك. = ليتك تفعلين، أكره البقاء وحيدا. سنبيت هناك يومين أو ثلاثة، لم أعد أحتمل فراقك. كان يحفرني بعموده وهو يجيب، بلغت أنا عددا لا أذكره من الهزات. كنت أجاريه مرتعشة متحملة راغبة في المزيد من الأخبار. = ألا يمكن الانتظار إلى ما بعد غد. أريدك معي ليلة أخرى. لن أتحمل غيابك عني طيلة يومين. = غير ممكن لقد تحدد وقت ترحيلهم. سترافقينني غدا. صرخ وبدأ يتخلص من حليبه.. كان المني غزيرا يتقاطر بكثرة فوق جسدي وفوق الكنبة. لم أشاهد مثل هذا القدر من قبل حتى لدى الولد والطبيب، كان كثيفا وثقيلا مثل العجين والمخاط. لو كان زوجي مثله لكنت اليوم أما لقبيلة من الصبايا، قلت لنفسي وأنا أنسحب من تحته. أمسكت القضيب بلهفة ومررت فوقه لساني أغسله. بينما زوجي يتعجب مني. حين خرج القاضي من الحمام عاريا كان حجم قضيبه قد تضاءل إلى الربع. سألته وأنا ألبس بيجامتي: = هل أنت صادق في دعوتك لي لمرافقتك؟ = طبعا لو سمح زوجك. سنسبق نحن سيارة نقل الإرهابيين. أنزلك بالفندق وأذهب للسجن لاستقبالهم. = لم يسبق لي أن سافرت في هذا الطريق، هل هي جميلة؟ = طبعا جميلة، سنمر على مدينة صغيرة معظم سكانها من اليهود والبرتغاليين تسمى أزمور. فيها ميناء صغير يصب عندها نهر أم الربيع. لا يفصلها عن المدينة التي نقصدها سوى بضع كلومترات. الآن لا تنسي، سأمر لأخذك في الساعة التاسعة والنصف. ارتاحي جيدا. حتى أدواتي ستبقى معك. شكرا على المتعة. إلى غد. تصبح على خير مستر حسن. رافقه حسن ليخرج سيارته. عند عودته كانت علامات الاستغراب ما تزال مرسومة على تقاسيم وجهه ونظراته. سألته: = لماذا تتعجب، هكذا يكون الجنس وليس ما كنت أرى منك. من الطبيعي أن تجد فيه مثل هذه العجائب. لكن هل سمعت ما قاله؟ = سمعت ولم اسمع. كان يهمس في أذنيك. = قال إن سيارة النقل ستخرج من السجن عند العاشرة. سيسلكون طريق مدينة آزمور يعني الطريق البحرية. لعله لا يعرف بعد عدد الحراس، لهذا لم يقل شيئا عنهم. لم يبق الآن سوى التنفيذ. أتمنى أن تكون الجماعة مستعدة. = لكن يبدو أن حالة الرجل أعجبتك، لهذا سترافقينه = كم أنت أهبل، أو لعل عقلك يخرف. إذا لم أرافقه سوف يشك في أني أنا مصدر تسريب الخبر وستتعقد بيننا العلاقة. هل فهمت؟ = ليس الوقت الآن للمناقشة. يجب أن أبلغ الجماعة سريعا بما توصلنا إليه من معلومات. أتمنى أن تكون الخطة موضوعة من قبل ولا تنتظر إلا هذه المراسلة. أيقظني حسن في الثامنة والنصف صباحا. كنت في حالة يرثى لها. ذهبت للحمام لأغتسل. آثار الضغط مصبوغة باللون البنفسجي تظهر واضحة في كل أنحاء جسمي. ألم فظيع في الشرج يمنعني من الجلوس. أعرف أنه سيزول سريعا لو وضعت مرهما ضد الألم. ما يزال أمامي ساعة ونصف كي أعد نفسي لاستقبال من جعل شكلي يبدو كلوحة تشكيلية لبيكاسو رسمها طالب مبتدئ. لم أسأل حسن إن كان بعث الرسالة. كنت خائفة أن تضيع كل جهودي هباء منثورا. في التاسعة والنصف تماما أطل وجه الكلب الحقير. استقبلني بترحيب فائق كالعادة وقبلني داخل السيارة. فتح الراديو لنستمع للأخبار وبعض الأغاني الفرنسية. سلكنا طريقا يوازي شاطئ البحر الأطلسي في اتجاه الجنوب. كانت هناك مسافة تعدت ثلاثين كلم مجاورة للبحر قبل أن تبتعد قليلا إلى داخل البر. سرعان ما عادت إليه بعد مسافة مغطاة بأشجار الزيتون والتين وبعض النخيل وأشجار التين الشوكي. توقفنا قليلا بالقرب من آزمور لشرب القهوة ثم واصلنا السير. كانت الأخبار عادية. باستثناء ما يتصل ببعض المحاكمات على إثر مظاهرات وقعت هنا وهناك. بينما نحن نستمع إذ خيل لي أني سمعت اسم إبراهيم إدحمو. كان الخبر يدور حول أحكام صدرت في حق إرهابيين بمحكمة مراكش. ورد اسمه ضمن مجموعة حكم عليهم بالسجن المؤبد. تأسفت لضياعه وإن كنت من قبل حاقدة وغاضبة بسبب ما أخفاه عني. بمجرد انتهاء النشرة التفت القاضي نحوي، وضع كفه اليمين فوق فخذي وقال: = هل تودين السفر في الأسبوع المقبل لمراكش؟ سيطلب مني بالتأكيد السهر على نقل هؤلاء أيضا لنفس السجن، لأن بينهم مجموعة محكومة بالإعدام. = دعني أفكر في الموضوع ثم أرد عليك. لكني لم أخبرك بعد أن مؤخرتي تؤلمني كثيرا. ضحك بصوت مرتفع وهو يرد: = نحن متعادلان. أنا أيضا تؤلمني مؤخرتي. هل نسيت؟ ثم أتم ضحكته. أستغرب كيف أن النشرة لم تتطرق لموضوع أكثر أهمية. = وما هو هذا الموضوع المهم في نظرك؟ = هناك علامات تدل على تقدم المفاوضات بين فرنسا وممثلين عن أكبر حزبين إضافة للوجهاء من المغرب، حول إمكانية عودة السلطان محمد بن يوسف من المنفى وإلغاء عقد الحماية الذي بموجبه تحكمكم فرنسا. = وما ذا سوف نستفيد لو تغيرت اليد الحاكمة؟ ربما نفقد بعض الأصدقاء فقط وسيبقى كل شيء على حاله؟ = ألا يسعدك الخبر لو تحقق فعلا؟ = لست سوى مواطنة بسيطة وحالي سيبقى هو نفسه إن لم يزدد سوءا. = إن رغبت في الانتقال لفرنسا للتزوج هناك يمكن أن نساعدك. = شكرا، أمي ما تزال حية ولا يمكنني التخلي عنها، كما لدي عائلة مكونة من الأخ وأولاده وأختي وعائلتها أيضا. = سفرك لا يعني قطع الصلة، تستطيعين زيارتهم كل عام لو شئت. = عندنا مثل يقول: دعه يولد أولا ثم نسميه سعيد ) تايزيد ونسميوه سعيد ( = وما معناه؟ = معناه أنك تقول إن الخبر غير مؤكد بعد، فلننتظر أولا أن يتحقق وبعد ذلك نرى ما يمكن عمله. [U]الفصل 10[/U] وصلنا الفندق حوالي منتصف النهار. حجزنا غرفة واسعة تطل على البحر مباشرة. تركني ليذهب للسجن كما هو مقرر. شعرت بالجوع والعطش فاتجهت فورا لمطعم الفندق. بينما أنا منهمكة أتناول طعام الغذاء، أتساءل وحدي عما يكون قد حصل، إذا بالنادل يقصد طاولتي مسرعا: = من فضلك، هل حضرتك مدام سعاد حسن؟ = نعم، ماذا هناك؟ = حضرة القاضي يسأل عنك في الهاتف. إنه ينتظرك على الخط. أحسست بانقباض حاد في معدتي. أكيد أن المكالمة لها علاقة بموضوع نقل السجناء. ترى ما الذي حصل بالضبط؟ هل فشلت العملية أم نجحت الحركة في تحريرهم؟ لو كان يشك أني أنا من سرب الخبر لكان بعث لي بالشرطة بدلا من مهاتفتي. هل يريد أولا أن يستجوبني للتأكد؟ إنه يعرف عجزي وأني لن أعرف كيف أعود أو أفر، لهذا أجل الحسم حتى يختبرني. أمسكت السماعة: = آلو... من الهاتف؟ = أنا.. اجمعي الحقائب وحضري نفسك. حصل طارئ يفرض علينا العودة للبيضاء في أقرب وقت. كانت سحنته متبدلة عند عودته. بدا أنه غاضب أو مفزوع. يقود السيارة بعصبية وهو صامت. الطريق كلها مليئة بفرق مسلحة من الرجال. جيش ودرك وشرطة. قاد السيارة بسرعة فائقة. لم يفتح الراديو كعادته.. لا شك أن سيارة السجن تعرضت لكمين. من الذي قتل ومن فر؟ لعل العملية فشلت أو ألغيت. مهما تحمسنا فإن الغلبة تكون دائما للأقوى، هذا هو المنطق. احترمت صمته وتركته يركز على السياقة. فكرت في أنه ربما وجد لي علاقة بما حدث وهو الآن يقودني للاستنطاق عندما نصل. لكني قررت أن أتصنع البلادة، فسألته: = لماذا هذه العودة المستعجلة؟ ظل صامتا يفكر، ولم يجبني كأنه لم يسمع سؤالي. المسألة إذن فيها ما يدفع للتفكير. حينما اقترب موعد نشرة أخبار الساعة الثانية بعد الظهر، فتح الراديو. استمعنا لنهاية أغنية خلال بضع دقائق ثم توقفت، لتتلوها عناوين النشرة. "الإرهابيون ينصبون كمينا لإحدى سيارات سجن عين البرجة". وتلته أخبار أخرى تتحدث عن مظاهرات كبيرة في عدة مدن مثل فاس ومراكش والدار البيضاء، حمل المشاركون فيها صور السلطان وطالبوا بعودته من النفي. في تفاصيل الخبر الأول جاء أن سيارة نقل الإرهابيين من البيضاء إلى سجن "مازاغان" تعرضت لكمين، نصبه مجموعة من الإرهابيين على بعد حوالي ثلاثين كلم من البيضاء. وقد أسفرت المواجهة عن هروب كل السجناء ومقتل فرد واحد من الإرهابيين بينما قتل ثلاثة حراس ونجا من الموت اثنان آخران. وقع الهجوم الغادر على الرغم من كون الطريق كانت موضوعة منذ ليلة أمس تحت رقابة مشددة نظرا للمكانة التي يحتلها هؤلاء المجرمون في التنظيم الإرهابي. أما عن الخطة فقد تبين أن المجرمين جاؤوا من ناحية البحر، عن طريق قاربين سريعين مزودين بمحركات قوية. حيث يبدو أنهم كانوا على علم مسبق بمسار القافلة مما مكنهم من الاستعداد لمباغتتها. قاموا بجريمتهم ثم عادوا إلي البحر مصحوبين بالسجناء الخمسة. ويبدو أن عملية الملاحقة لم تفلح رغم محاصرة الموانئ القريبة من الموقع، حيث كانت فيالق من البحرية العسكرية تنتظرهم بسبب تأخر وصول الدعم في عين المكان الذي تمت فيه مهاجمة قافلة السجن، وكذا لعدم توفر رجال الحراسة على طائرة لملاحقة المجرمين عبر البحر.. ومعلوم أن للإرهابيين علاقة تعاون قوية مع بواخر صيد إسبانية في المياه الدولية، ولهذا يكون من المحتمل أن القاربين تابعان لإحدى تلك البواخر. وسنوافي حضراتكم في النشرة المقبلة بمزيد من التفاصيل عن هذا الحادث. انتهت النشرة. نظر إلي وهو يتنهد. أحسست من نظراته المهمومة أنه يتحسر ويفكر كيف يمكن أن يحدث ما حدث. لم يكن باديا على وجهه أنه شك بي، أو على الأقل خيل لي ذلك. لو كان يشك لما ظل بجواري ساكتا ثابت الجأش كاتما غيظه في صدره. ربما يفكر بأني لو كانت لي علاقة لما سافرت معه. إذ كان مفروضا، لولا وجودي معه، أن يكون قريبا من سيارة نقل السجناء. ابتعاده عنها كان لأنه أراد إخفاء العلاقة بيننا حتى لا يتفضل أحد من الحراس بتوصيل أخبارنا إلى زوجته. لما أوصلني للبيت كان حسن ما يزال يغط في النوم. طلبت من حضرة القاضي أن يتفضل بالدخول. لست أدري لماذا قبل رغم أن المناسبة وكثرة المهام التي تنتظره تفرض عليه رفض الدعوة. دخل مباشرة للمرحاض واغتنم الفرصة ليطل على غرفة النوم التي كان بابها مفتوحا. تأكد أن حسن نائم ثم لحق بي إلى المطبخ. لم نأكل شيئا منذ فطور الصباح. سألته هل عنده شهية للطعام، فأجابني متنهدا بالنفي. صب لنفسه فقط كأسا من النبيذ وجلس على نفس الكنبة التي عرفت مغامراتنا من قبل. ركز من جديد نظرته في وجهي كأنه يصارع أفكارا تجول بخياله، وقال: = مهما يكن تعلقي وحبي لك، أقسم أني لن أرحمك إذا تأكدت أن تسريب الخبر صدر منك. أنت وزوجك فقط تعلمان التفاصيل. لكن يجب أن ننتظر ما سيسفر عنه البحث المعمق.. سنوقف العلاقة لفترة وآمل من قلبي وكل جوارحي ألا تكون لكما أدنى صلة بالموضوع... سكت ليتنهد ثم أكمل.. وإلا لن أرحمك لا أنت ولا زوجك. سأودعك الآن لكن ستبقين تحت المراقبة ريثما نكمل البحث. ثم غادر شبه غاضب. مرحلة حرجة: من نوفمبر 1955 إلى 3 مارس 1956 عندما حكيت لحسن عما حصل، خاصة تهديدات القاضي لنا معا ضحك مستهزئا: = لا تخافي، لن يخرج الاستنطاق ولا المراقبة بأي شيء، بينت العملية مدى حيرة وضعف إدارة الحكم الفرنسي. قريبا سيتم التوقيع رسميا على اتفاقية التفاوض مع الحكومة الفرنسية. فرنسا سلمت بعودة السلطان من المنفى إلى عرشه، وسيعود قريبا جدا. ليس من مصلحتها التصعيد، حتى لو وصل الاستنطاق لاتهامنا وإلقاء القبض علينا فإن الاحتجاجات الحالية ستزداد. لن يحكم علينا بأحكام قاسية. من المنتظر أن يعلن قريبا عن إطلاق سراح كل الفدائيين المعتقلين. لهذا، لا تشغلي بالك بالأمر. = أنا لا أريد أن أعتقل، فكر معي في وسيلة تخلط الأوراق وتمكننا من الخروج سالمين. أول ما يجب عمله هو توقيف أي نشاط وطني. لنبدأ أولا بتحرير الشخصين الموجودين في الدهليز تحت البيت. = لقد حررتهما صباح اليوم. لم يبق هناك مبرر للهروب والتخفي. ألبستهما بلوزة العمال كي لا يثير خروجهما أي شك. = أخبرني كيف تمت عملية تحرير السجناء. = كانت الحركة مستعدة في موقعين. الأول من البحر والثاني في قرية تقع قريبا من الطريق المؤدية لمدينة مراكش. بمجرد معرفة التوقيت والمسار الذي تسلكه البعثة تم إخبار الفرقة المقيمة بالبحر. = اسمع جيدا، علينا العودة لتنظيم سهراتنا. يجب أن ندعو لحضورها حتى بعض الضباط. = ما علاقة هذا بما نحن فيه؟ = العلاقة هي أننا سنبين لمن يراقبنا أننا غير خائفين، سنبتعد عن اجتماعاتنا السابقة مع رجال الحركة والتنظيم الفدائي. سنظهر للقاضي أننا نتصرف باطمئنان وليس لدينا ما نخفيه أو نخاف منه، نحن لا نمثل أي خطر. بهذه الطريقة سنرجح كفة البراءة. = لا أعتقد أننا ملزمون بكل هذا الاحتياط. في حالة الاضطرار لدي أسلحة ترغم القاضي على تغليب كفة براءتك. لا تخافي. = أرجوك، لا تكلمني بالأسرار. أوضح من فضلك. = يوم كان القاضي معك عاريا جاثما على ركبتيه، وكنت تضربين مؤخرته بالسوط وتهينينه إلى أقصى حد كنت مع ثلاثة أشخاص نراقبه من خلف ستار النافذة. كلهم سيشهدون بما رأوه من سلوك القاضي. بوسعي أن أرفع دعوى ضده لأنه دخل بيتي واعتدى على شرفي. = يا لك من مجرم. سمعتي أنا لا وزن لها في نظرك. ما يهمك هو كيف تحرج القاضي حتى لو بلغت المسألة للمحاكمة والصحافة والرأي العام. شكرا = كل ما عملت هو اتخاذ الحيطة لحمايتنا معا. سمعتك على العكس ستتحسن لأن الجميع سيسمع بما تقومين به من تضحيات لصالح القضية الوطنية. بعد شهر من التحقيق والمراقبة، تبين أن تسريب أخبار خطة نقل السجناء لم تتم من جهة القاضي بل من جهة الضابط المكلف بتنظيم حراسة القافلة.. تأكد للسلطات أن زوجة الضابط هي من سرب المعلومات المتعلقة بعملية النقل. لأنها كانت غاضبة على زوجها بعد أن اكتشفت خيانته مع زوجة أحد عمال نادي القضاة. فتحايلت على زوجها حتى علمت بخبر وتوقيت العملية، ثم أسرعت للنادي لتفضح زوجها. أخبرت العامل المعني بكل شئ، بما في ذلك ما يتصل بعملية نقل السجناء. كانت تعتقد أنها تنتقم منه وتفضح عجزه وفشله. بعد يومين من إعلان النتيجة، رن الهاتف صباحا. كان حسن نائما فأسرعت للسماعة. كلمني القاضي كان مترددا على غير العادة. غلب على صوته مسحة محتشمة: = أهلا سلطانتي العزيزة. = بدليل ماذا؟ بدليل اتهامك الفارغ؟ وحرماني من حرية التجول؟ وتضييق الخناق علي واستدعائي عشرات المرات للاستنطاق؟ يا لي من سلطانة خائبة. = ضرورة العمل والواجب فرضت علينا ذلك. = لدي الآن ما يجعلني أفهم. لقد استفدت في الوقت المناسب. أخطأت كثيرا بمغامرتي مع حضرتك. = سأعوض لك كل ما ضاع، لا تكوني عنيدة وقاسية. = أنت من علمني وترجاني أن أكون قاسية. هل نسيت؟ = اسمحي لي بزيارة قصيرة مساء اليوم علني أستطيع إقناعك. = لا يمكن طرد من يزورني. ليس هذا السلوك من عاداتنا. لكن سأعاملك كأي شخص غريب. = امنحيني ساعة واحدة وإذا لم تقتنعي أعدك أني سوف أنسحب إلى الأبد. لن أثقل عليك مستقبلا. أقفلت الخط دون أي إشعار أو اعتذار. اعتقدت أن تصرفي سوف يزعجه وأنه لن يأتي، لم أخبر حسن بمكالمة الهاتف. في التاسعة مساء، كان حسن واقفا أمام الباب، يتحدث مع صديق من الشركة حين وقفت سيارة القاضي. أسرع يسلم عليه ثم دعاه للدخول. ما إن وقع بصري عليه قادما حتى لجأت لغرفة النوم وأغلقت ورائي الباب. لحق بي حسن وترجاني أن أخفف غضبي وقال إن من العيب أن أتصرف بهذه الطريقة. الرجل جاء لإعلان الصلح. لنسمع منه وبعدها نودعه بدون أي التزام. لبست عباءة سوداء تقليدية، ولحقت بالصالة دون أي احتياط. كانت صورة وجهي بشعة ومتعبة. تخيلت أن شكلي البئيس سوف يقنعه بأني لم أعد صالحة للمعاشرة. وقف يحييني. قبل أن أنطق رأيته يضع على الطاولة بعض الأوراق. التفت نحو حسن ليسأله: = هل معك رخصة سياقة؟ فلما أجابه رد عليه مسرعا: = لقد حضرت للإعراب عن حسن نيتي. أنا مستعد لتعويضكم عما لحقكم من تعب بسببي. ها هي ذي أوراق سيارة من نوع "بيجو" آخر طراز كهدية باسم المدام سعاد حسن. يمكنكم في أي وقت إخراجها من وكالة البيع. ثم وضع جنب الأوراق مفاتيح السيارة. في الوقت الذي أسرع فيه حسن يشكره على الهدية، اخترت أنا الاتجاه المعاكس: = لم تفهم موقفي جيدا، بل لم تفهم شخصيتي نهائيا. هل كنت تعتقد أني لجأت إليك طمعا في الجوائز؟ بل كنت بحاجة لرجل حقيقي يعوضني ما عشته من الضياع. عرفتك على أسرار بيتي على حساب معنويات زوجي لكنك بعتني في أول مناسبة. في لحظة نسيت تضحيتي.. ظننت أني أحتمي بك فإذا بك أول من طعنني. والآن أرجوك أن تغادر غير مطرود. = شكرا، هل وصل بك الغضب إلى الطرد؟ تدخل حسن ليمنعه من الخروج والتفت إلي غاضبا. كانت تلك أول مرة أراه في حالة عصبية: = سعاد اهدئي من فضلك. أنا الخاسر الحقيقي، ضيعتك وعانيت بصمت، فلا تضاعفي خسارتي. حضرته يطلب الصلح معبرا عن ذلك بهدية محترمة. لا تربطي ما وقع بالكرامة لأنه معذور. ليس من السهل عليه ما حدث، لقد مسته العملية في مقتل وكفى بها من عقاب. اتجه نحوي وأخذني لأسلم على القاضي. كان هذا جالسا في نفس مكانه المعتاد. جلست موجهة وجهي نحو الباب كي لا تلتقي العينان. أكمل حسن كلماته: = دعوني أجلب قنينة النبيذ لتوقيع المصالحة. أقسم أنك لم تخلقي لتقطيب حاجبيك هكذا، لا بد أن تبتسمي. دعينا نفرح لأن كل الحزازات ستموت قريبا، أليس كذلك حضرة القاضي؟ صب ثلاثة كؤوس مد لي كأسا وللقاضي مد الثانية. شربنا المحتوى في وقت واحد. قبل أن أوجه بصري نحوه وضع القاضي ذراعه الثقيلة حول كتفي وعانقني. = شكرا مسيو حسن.. أنت رجل طيب وعظيم. أما أنت سعاد أعدك أن أصبح خاتما في أصبعك. الليلة في القارب بالنادي علينا أن نحتفل بالصلح، فرصة لكما لتجربوا السيارة الجديدة، مبروك. ثم قبل أذني. = في هذه الحالة أرجو أن نبقى وحدنا. هل لديك مانع؟ = أبدا، لكن المسيو حسن لا بد من حضوره. = سي حسن هو الخيط الرابط بيننا، بل هو الوقود والطاقة بالنسبة إليك فكيف نتركه؟ كنا في نهاية شهر أكتوبر ومنتصف فصل الخريف. سمعت بالراديو أن السلطان سينتقل من منفاه بجزيرة كورسيكا إلى باريس. أصبحت عودته للمغرب مسألة وقت فقط. زاد حماس الناس وأصبحت الاعتداءات على كثير من المعمرين أمرا عاديا. بدأ معظم الموظفين الفرنسيين يلزمون بيتهم خوفا من الغضب العارم. لم يبق أمام فرنسا فرص كثيرة للمراوغة. هكذا أعيد السلطان ظافرا معززا كريما لوطنه. لن أقف كثيرا عند مستوى الاحتفالات التي نظمت لاستقبال عودته. كان ذلك بتاريخ 16 من شهر نوفمبر 1955. بعدها بيومين ألقى خطابه الذي تحدث فيه عن قرب التوقيع على وثيقة استقلال البلاد، ونطق فيه جملته الشهيرة "لقد خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر" أي أننا حققنا السهل وسيكون علينا مواجهة الأصعب وهو محاربة الجهل والفقر وبناء الدولة. أعلن تاريخ 18 فبراير من كل سنة كيوم وطني باعتباره تاريخ الاستقلال رسميا. في نفس الوقت صدر ظهير ملكي بموجبه ألغيت تسمية السلطان وحلت مكانها تسميته ملكا باسم محمد الخامس. رفعت الرايات المغربية في كل مكان. صار الناس يتجولون بكامل الحرية، وأطلق سراح أغلب السجناء من الفدائيين. تحرر الوطن وأنا ما زلت سجينة، قلت في نفسي معلقة. مرت شهور أربعة ونحن في أوج نشاطنا وفرحنا حين تم التوقيع رسميا على وثيقة الاستقلال خلال شهر مارس 1956. تعودت على إهانة القاضي بالشكل الذي يحوله إلى حصان يركض بدون رحمة فوق خريطة جسمي طيلة هذه الفترة. لكني حصلت منه، قبل أن ينتهي دوره بالمغرب، على وساطة مكنتني من الحصول على بيت تابع لوزارة الأوقاف في حي الحبس بدرب السلطان. غير بعيد عن المكان الذي يكتري فيه إبراهيم غرفته فوق السطح. عبارة عن دار أرضية بنيت على الشكل التقليدي، فيها غرفتان وصالة ومطبخ مع بقية الضروريات. كانت الوساطة بمثابة آخر هدية أتلقاها منه قبل توديعه وسفره. لكن لم يخطر بالبال أني سأقابل إبراهيم ثانية. خرجت كعادتي القديمة مصحوبة بالقفة متجهة إلى السوق. كانت اليهودية قد رحلت إلى إسرائيل وأغلق الصالون. فجأة شعرت بيد أحدهم تمسك ذراعي. التفت فإذا هو إبراهيم. فرحت وهنأته على الحرية، لكني لم أزد على هذا. استغرب من طريقة استقبالي. دفعني بأدب على هامش جدار قريب وقال: = جئت أبحث عنك ولدي عتاب كبير. توقعت أن تسألي عني وانتظرت زيارتك. لقد كدت أفقد حياتي، هل نسيت أنك زوجتي؟ = كيف؟ هل تظن أني لا أعرف حكايتك؟ = ما الذي أخبروك به؟ أي حكاية تقصدين؟ = أقصد أنك كاذب محترف. ذهبت لزيارة زوجتك بمناسبة ميلاد ابنك، وقتلت فلاحا فرنسيا. أليست هذه هي الحكاية؟ = أعوذ با ***، أية زوجة؟ المسألة فيها سوء تفاهم. تلقيت أوامر بالتوجه لمراكش للسهر على تداريب خاصة ببعض المناضلين. كانت تجري بإحدى الضيعات نواحي أغادير. بجوار ضيعة ثانية يملكها معمر فرنسي. كنا ننام ونتدرب آمنين مطمئنين في نفس الضيعة، لكن الجار أخبر رجال الدرك، ولولا وجود أحد العمال في مركز الدرك بالصدفة، الذي استطاع الاتصال بنا سريعا قبل وصولهم لكنا جميعا في خبر كان. صبرت يومين ثم هجمت على الجار الفرنسي وقتلته. أثناء محاولة فراري سقطت وحدي في كمين. كان المسدس معي لأني لم أنتبه لوجودهم. أما مسألة زوجتي فهي غريبة، قلت لك سابقا أني أعزب ولست متزوجا وأنا صادق. = من أين إذن جاء خبر زوجتك وميلاد ابنك؟ = هذا ما يحيرني الساعة. لقد فاجأتني اليوم بهذا الخبر. = وأنا بدوري تغاضيت عن التفكير فيك والسؤال عنك لأني غضبت. = هل ما تزالين مع سي حسن؟ = أين تريدني أن أكون؟ قل لي أولا أين إقامتك منذ أطلق سراحك؟ = جئت قبل يومين فقط من أغادير. لم أتصل بك أو بحسن لأن بعض الإخوة أصروا أن أبقى عندهم بعض الأيام ريثما أجد سكنا، غالبا سأعود لنفس الغرفة لو رضيت الانتقال معي إليها. = تعال نجلس في مطعم لنتم الحديث. أظن أن ما حدث لك يدعو للتفكير العميق. لا بد من معرفة من زوق وفبرك الكذبة. = رأي وجيه لكن ليس معي أموال لندفع ثمن ما سنستهلكه. = سأدفع أنا لا تخف. [U]الفصل 11[/U] ولجنا مطعما يحضر وجبات شعبية رخيصة. تساءلت هل يكون حسن كذب علي لغرض في نفسه؟ لكن ما الفائدة ما دام قد تخلى عني بإرادته وزوجني بنفسه لإبراهيم؟ هناك بلا شك لغز غامض في الموضوع، يجب اكتشافه. سكت إبراهيم طويلا يفكر. أحسست أن وراء الأمر خيوطا متشابكة وغير واضحة المعالم. فجأة خرج إبراهيم عن صمته: = الظروف السابقة كانت تستدعي الاحتراز الشديد، لكنها اليوم بدأت تتغير، وأنت على أية حال مناضلة مثلي ولا داعي لمزيد من الكتمان. يجب أن تعرفي أن جماعتنا أنا وحسن مكونة من حزبين. حزب" ..ب...ّ" وحزب "..ج.." وهناك جماعات أخرى تابعة لحزب منافس "..أ.." الذي يزعم أنه وحده الأقوى، وأنه صاحب الأغلبية المتعاطفة بين السكان. الخلاف في الأصل بسيط يمكن تلخيصه فيما يلي: حركتنا وحزبنا "..ب.." يدعو لضرورة المطالبة بالديمقراطية والاستقلال معا في نفس الوقت، لأن بالإمكان وضع هذا الهدف وفرضه من خلال المقاومة وجيش التحرير على الاستعمار. بينما يقول الحزب الآخر، أننا ينبغي أن نركز المطالب على الاستقلال فقط . بعد عودة السلطان وتحرير البلاد نفكر في الديمقراطية. هذا الخلاف النظري أدى إلى تواجد جماعات مناضلة ومقاومة بالسلاح من الأحزاب الثلاثة وحتى من دون أي انتماء سياسي.. وأظن أن صانع الخبر ينتمي بالتأكيد للمنافسين من حزب "..أ..". هذه علامة على أن الصراع سيشتد بيننا من الآن فصاعدا ويجب علينا اتخاذ الحذر الضروري. لن يقتصر النزاع على الكيد والكذب مستقبلا. = وحسن؟ وأنا؟ من أي فرقة نحن؟ = قلت لك إن جماعتنا تنتمي لحزبين. أنا من المطالبين بالديقراطية والاستقلال معا. وحسن من الحزب الشيوعي. = دعنا نفكر في سكن يليق بك. يمكنني أن أدفع ثمنه في انتظار أن تجد عملا، لكن أرجوك دون أن يعرف حسن، بل أقترح أن تبقى بعيدا عن الحي والبيت لفترة حتى تظهر الحقيقة. ما رأيك؟ = متفق معك، الحيلة أفضل من العار كما يقال. عندما افترقنا، ذهب تفكيري إلى القاضي الذي لزم بيته في انتظار أمر بالمغادرة. جاء إبراهيم إذن في الوقت المناسب. دخلت الحمام كعادتي ثم وقفت أنظر لجسدي عارية. يداي ترسوان على الوركين وخصري ضامر كخاتم. نهداي كتاجين يزهوان كنجمتين فوق صحراء من الرمال الذهبية. لم أتاثر كثيرا بغلظة وعنف القاضي، فقط الحلمتان زادتا نفورا كلوزتين وسط عسل أسمر. مثل هذا السحر لا يستحق العذاب والحرمان. فكرت في إبراهيم وفجأة سمعت حسن يطلبني. وضعت فوطة واسعة حول وسطي وخرجت. وجدته مضطربا يكاد يرتعش. لونه الأسمر تحول إلى اصفرار ففزعت من منظره: = لدي أخبار غاية في السوء، أكاد أختنق. البسي ثيابك لنخرج من هنا. = ما الذي دهاك في هذا الصباح؟ أية أخبار تقصد بعد أن استقل البلد وعاد حاكمه؟ = المصائب لا تأتي فرادى. البسي بسرعة، وراءنا مصائب كثيرة يجب أن تسمعيها. ارتديت بسرعة سروالا وقميصا فوقه تي شورت من الصوف، ثم خرجت وراءه. قلت له: = هل هي أخبار مستعجلة لهذه الدرجة؟ = هي أكثر من ذلك، لست أدري من أين ابدأ. = قل ما شئت وأرحني. لقد عيل صبري. = لقد تم اختطاف إبراهيم ليلة أمس. = من خطفه؟ ألم يتعظ المعمرون بعد؟ = اختطفه إخوة لنا من حزب "..أ.." يقال بأنهم أخذوه مع عديد من الفدائيين المنخرطين معه في نفس الحزب "..ب.." = لكن ألم تتشكل الحكومة بعد؟ لماذا لا نشتكيهم للسلطات؟ = فكري جيدا، الحكومة أغلب مناصبها احتلهم رجال من نفس الحزب "..أ.." حتى وزير الأمن الوطني منهم. = وكيف تم لهم هذا؟ ومن أين علموا بعودته للدار البيضاء؟ = أمر مضحك. إنهم يتتبعون خطى كل المناضلين من حزب إبراهيم. يقولون هي مسألة تصفية حسابات. ومن أخبرني قال لي بأن اختطافه جاء بسببك. هو نفس الشخص الذي سبق أن أخبرني بأنه متزوج وزوجته في أغادير رزقت بولد. كان مجرد كذبة. والغاية منها إبعاده عنك مستعملين كحجة أنه معارض قوي لحزبهم. الثورة هكذا دائما تأكل أبناءها. أخذوا كل المخطوفين إلى نواحي مدينة تطوان في مكان يسمى "دار بريشة" ويوجد بينهم زعماء ورجال مقاومة مهمين للغاية. = هي حرب جديدة إذن، سبق لإبراهيم أن حذرني. لقد كان شاعرا بالغدر منذ زمن. كيف اصطادوه؟ = لعلك لا تعلمين أنه حصل على وساطة ليشتغل في مطبعة الحزب مع مناضلين آخرين. يسهرون على طبع جريدة الحزب. انتظروا خروجه وتعرضوا سبيله أمام عمال الجريدة، وقد نشر الخبر هذا الصباح. = ما العمل الآن؟ هل نقف مكتوفي الأيدي؟ = لا نستطيع عمل أي شيء. زعيم الحزب راسل الملك أكثر من مرة وقدم له تقارير مفصلة عن حوادث الاختطاف والتنكيل بمناضلي الحزب. علينا الانتظار فقط. = قلت إن اختطافه كان بسببي، ما علاقتي أنا بالموضوع؟ = الرجل الحزبي المسؤول شاهدك منذ زمن "الموبيليت" وسمع عن تحركاتك، وأغرم بك وليس بعيدا أن يبحث عنك بعد أن تخلص من زوجك. إنه لا يعرف أنك زوجته. عليك اتخاذ الحيطة، احمدي *** لأنه لا يعرف سكنك الجديد. = وما هي بقية الأخبار؟ = الشركة التي نستفيد من سكنها بيعت، اشتراها أحد التجار المنتمين إلى حزب "..أ..". يبدو أن اليهودي صاحبها راجع حساباته. كان يعتقد أن الحزب الشيوعي سيكون ضمن الحكومة، لهذا احتفظ بي رغم بلوغي سن التقاعد منذ حين. عندما لاحظ أنه أخطأ التقدير، حول دفة الشركة وبحث عن أحد رجال الحزب الحاكم ليبيعه الشركة. لعله تخلص منها بأبخس ثمن. والمصيبة أن المالك الجديد، زار الشركة أمس وقرر إيقافي عن العمل، وحرماني من استغلال البيت أيضا. = كيف؟ هل أصبحنا بلا سكن إذن؟ هل كل ما قدمناه من تضحيات لا يشفع لنا اليوم؟ يتحرر الوطن ونطرد نحن للشارع؟ = هناك أمور كثيرة ستتغير قريبا. من حسن الحظ أن لك بيتا في حي الأحباس بدرب السلطان، سنرحل عشية اليوم إليه. ما يثير القلق هو أن توقيفي تم خارج القوانين، تلقيت الأمر من سعادته بدون حقوق. ما سأتلقاه بعد شهر لن يكفينا حتى للطعام. استغربت كيف لحسن أن يقف على قدميه رغم ضعف جسمه ورغم سنه. بدأت أفكر في الأمر. هل كتب علي العودة من حيث أتيت لأحتمي بأهلي في بلدتي الخالية. هناك لن يستطيع مسؤول الحزب المذكور الوصول إلي. لا توجد هناك سياسة ولا أحزاب ولا وطن. بلدتي نقطة غير موجودة فوق خريطة أي حزب. الناس هناك على بساطتهم وضعفهم قانعون لا يهمهم سواء كان الحاكم فرنسيا أو من أي كوكب آخر. يعملون، يأكلون، يتزوجون، يجامعون زوجاتهم ثم يخلدون بعد المغرب مباشرة للنوم. أفق حياتهم محدود رغم أن أفق البلدة وحدودها هي السماء والفراغ. حتى أمثال بوشعيب الذي طمع في خلود النصارى وبقائهم، وكان قادرا على بيعي لهم أو لمسؤول الحزب، لم يظهر له أثر منذ طردته زوجة الرئيس حين كبر أبناؤها. الخطر الوحيد كامن في زوجة أخي لكنها لن تعلم بهروبي، سأدعي أن حسن طلقني. قررت زيارة أختي وطلب رأيها في عودتي. منذ مدة انشغلت عنها بالقاضي. ورزقت هي أثناء غيابي بابنتين فصار عندها ولد وحيد مات أخوه البكر منذ أزيد من ثلاث سنوات، وأربعة بنات كلهن أصغر منه. الذكر الوحيد من أبناء أختي أصغر مني بحوالي ست سنوات. بلغ الثني عشر عاما عندما كنت أنا في الثامنة عشر. بيت أختي يتركب من ثلاث غرف ومطبخ صغير ومرحاض وحوش فارغ. طلبت من حسن أن يوصلني بسيارتنا الجديدة التي كسبتها بعرق الجبين واحتفظنا بها كذكرى. يوجد البيت في الحي الصناعي بين بيوت خصصتها شركة السكة الحديدية لعمالها. حكيت لأختي عن كل شيء. طلاقي من حسن وزواجي من إبراهيم واختطافه وكتمت عنها الباقي. لم أحدثها عن المقاومة والسلاح والقتل. وحين أخبرتها أن الذي نظم وسهر على اختطاف زوجي فعل ذلك من أجل أن يخلو له الجو ليستمتع بي. خافت وبكت وعانقتني. بعد فترة قالت: = إن رحال زوجي له أصدقاء، كانوا يتاجرون في الحشيش وهم مسلحون، لو شئت أن أكلمه ليساعدوك سترتاحين منه. ابتسمت لسذاجتها وأجبتها قائلة: = دعك من هذا. الرجل يمثل الحزب القوي الذي أصبح هو الحاكم في البلد. وزير الأمن الوطني من أصدقائه وقادته. لقد جئت أقترح عليك أن أعود للبلدة، ما رأيك؟ = إياك أن تفعلي. زوجة أخينا ستفضحك وتعمل على توصيل خبرك إلى من تهربين منه. = ما العمل إذن؟ = هل يعرف هذا المخبول أن لك أختا تسكن بالبيضاء؟ = لا أبدا. = إذن عودي كما كنت سابقا. انزعي عنك ملابس النصارى والبسي ال**** والجلباب وامكثي معنا حتى تتبدل الأوضاع أو نجد لك زوجا. = شكرا لكن أرجوك لا أريد زوجا. لا تنسي أن زوجي مختطف وقد يطلقون سراحه. = كما تريدين. إذن اختاري الوقت المناسب وحاولي ألا يتبعك أحد من رجاله. لا تركبي مع حسن في سيارته لأنها ستكون مراقبة. وستنامين مع ابني سعيد في غرفته. للأسف كل البنات ينمن في الغرفة الثالثة. في طريق عودتي اخترت ركوب الحافلة. فكرت فيما اقترحته أختي. فكرة التخفي وتبديل المظهر فكرة معقولة. لن يعرفني هنا أحد، ستقول لمن يسألها أني جئت للتو من البلدة باحثة عن زواج بالمدينة. سأقلل من الخروج وربما أغير اسمي أيضا. سأطلب من حسن أن يبيع السيارة ونقتسم ثمن البيع. هو أيضا محتاج مثلي. نفذت الاقتراح واسترحت من السياسة والمراقبة وأخبار القتل والاختطافات. شيئا فشيئا بدأت أنسجم حتى كدت أنسى إبراهيم. بعد حوالي شهرين زرت حسن في بيت الأحباس. كان بدوره قد استراح من السهرات والمناقشات وأخبار المقاومة. أخبرني أن المعتدين الجدد حاصروه يوما فقال إنه بدوره لا يعرف أين اتجهت. وهو مثلهم يبحث عمن يخبره. لم يصدقوه في البداية لكن اليأس أدركهم فصدقوه. وجدت عنده مراسلات من القاضي يسأل عني ويقترح علينا معا أن نلتحق به إلى فرنسا. أحرقناها كلها ودفنا أخبارنا الماضية معها. عندما ودعته نصحني ألا أزوره مرة أخرى خوفا علي من الاختطاف. كانت أختي تنسج مع جاراتها الزرابي كل شهر تقريبا. لما انتقلت للسكن معها، صرت أرافقها عندما تذهب للسوق. نشتري الصوف ونشتغل على تحضيره وصباغته بألوان مختلفة. تبني بمساعدتي منسجا في بداية كل شهر. نكمل الزربية قبل نهايته. نبيعها، فتمنحني جزءا من الثمن وتعطي الباقي لزوجها أو تصرفه على الأولاد. وعلى ذكرهم، كنت أحاول التعود بصعوبة على الجو. كل ليلة أسمع الولد يتحرك متضايقا. وسرعان ما بدأت أمنحه بقشيشا أو أشتري له لعبة أو أساعده في دروسه الفرنسية أوفي دروس الحساب. أصبح يميل لي وينام معي. أحضنه وأبكي. حين يسألني أداري يأسي وذكرياتي بالضحك ولا أجيب. فاجأني حسن ذات ليلة بزيارة خاطفة. كان زوج أختي موجودا فأدخلته للبيت. شربنا الشاي وتحدثنا في مواضيع مختلفة تدور كلها حول الوضع الجديد. في منتصف الليل ودعناه. استفرد بي وقال: = عظم *** أجرك. سمعت من صاحبي الحزبي أن إبراهيم قد قتل ودفن. = كيف؟ وأين دفن؟ = لا أحد يعلم لكن في الغالب في نفس المكان قرب تطوان. أنت حرة إذن ولا عيب عليك. ثم غاب تحت الظلام الكثيف. [U]الفصل 12[/U] مارس 1956 ماي 1960 لم أخبر أختي بوفاة زوجي. بكيت وحدي كل مساء. تركتها تأمل عودته في يوم قريب، لأنها لو علمت ستتعقد وضعيتي عندها. الولد يكبر بسرعة وعما قريب سيصبح وجودي معه في غرفة معزولة أمرا محرجا لي وله ولأمه وأخواته. لا أدري كم سيستمر الوضع. انسد في وجهي الأفق رغم رحابته. أصبح تحركي داخل المنزل وخارجة محسوبا. في ظلمة الليل أختبئ باكرا في غرفة سعيد لأبكي وأستحضر الماضي بخيره وشره. أحداث عديدة كنت أخالها حسنة وجميلة صرت أنظر إليها بصفتها أبشع السيئات. أحيانا يسرقني النوم من الملل والتعب، وأحيانا تؤنسني فاطمة البنت الكبرى لأختي في انتظار رغبة سعيد في النوم. أمضيت شهورا عديدة أسمع الراديو خلال النهار قبل أن يحتكره زوجها عند رجوعه من العمل. لا شيء جديد سوى خبر العدوان الثلاثي على مصر. القوى العظمى كلها باستثناء الاتحاد السوفياتي كانت غاضبة مهددة جمال عبد الناصر بسبب سياسته في قناة السويس. حدث مرة أن طل علينا شاب ذو صلة قربى بعيدة من ناحية أمي. لم يكن جميلا ولا وسيما لكن بنيته قوية وعمره لا يتعدى الثلاثين. كان بدون عمل أيضا وكل أملاكه دراجة عادية. التمست من أختي أن تدعني أرافقه إلى صالة السينما القريبة من البيت، لكنها رفضت بذريعة أن زوجها سيغضب لو علم. إلحاحي وتوسلاتي وبكائي جعلها تقبل شريطة اصطحاب سعيد معنا والعودة قبل موعد رجوع زوجها. أوصت ابنها أن يجلس بيننا وينتبه لكل الحركات كي لا يبادر أحدنا بالنار تحت جنح الظلام. لم تكن لي فكرة أو نية لأي تواصل معه لكنها نبهتني. أما سعيد فهو بالنسبة لي ليس عقبة أو حاجزا يمنعني لو فكرت في مخالفة الأوامر والتوصيات. كان سعيد مهووسا بشراب الكوكاكولا ولعب البلياردو في المقهى المجاور للقاعة ولديه شوق رهيب في قراءة القصص المصورة لبعض الأبطال، مثل "بليك لو روك" أو "روديو" أو "تانتان". اشتريت له نسخا جديدة ونفحته بعض الدريهمات ليتسلى بلعب هوايته مع أقرانه، فرح وقرر عدم الدخول نهائيا للقاعة لأنه لا يحب الأفلام المصرية. كان عنوان الفلم " رابعة العدوية" فلم أهتم بمتابعته. لم يقع الكثير بيننا لكنها كانت فرصة تعيدني لنفسي وذكرياتي الطيبة. لبث الولد يحملق تحت الظلام في وجهي غير مصدق. عندما طالت يدي لتلامس فخذه أحسست به يقفز من مكانه. لا أدري هل هي رعشة الفرح أم ارتعاشة الخوف والدهشة. أعجبني خجله فتشجعت كي أمرر يدي على حجره. كانت حركة غير إرادية لأن حنيني وشوقي لتلمس ذلك الشئ الذي طالما حملتني حرارته إلى السماوات العليا، جذبتني إليه بدون شعور. تفاجأت حين أحسست بانتصابه فمددت وجهي أقبل الولد الذي استجاب لمحاولتي وإن بغير اقتناع. فكرت في إسقاط مفاتيح البيت من يدي وأغتنمت فرصة البحث عنها. سمع صوت السقوط رغم الموسيقى التصويرية وحديث الممثلين. انحنيت بغرض البحث عنها لكن يدي كانت تفك الغزال من سجنه. اقترب وجهي من حجر الولد فقبلت هدفي ولحسته وتمنيت لو طال انحنائي كي أمصه. بصقت في كف يدي اليسرى وأخذت أقيس طوله وحجمه صعودا ونزولا. تراجعت للخلف ومددت رجلي كي أتلذذ باستمنائه. لم أكد أشرع في الترحيب به حتى انفجر في يدي. دقائق محدودة كانت كافية ليفرغ ما في جعبته. خيل لي أنه فاغر فاه متعجبا غير متوقع أن أباغته بمثل هذه الجرأة. حملت حقيبتي ودعوته للخروج لأبحث عن سعيد قبل أن يفكر في الرجوع لبيتهم. وجدته ما زال يلعب ورجاني أن أمنحه مزيدا من الوقت. لم تمض سوى ساعة وربع منذ غادرنا. فكرت أن عودتنا المبكرة ستجعل أختي تشك في الأمر. أمضينا ساعة أخرى في حديقة قريبة تحت نظرات الفضوليين. حاول مستدركا أن يقنعني أن له صديقا يسكن معه في غرفة فوق السطوح غير بعيد. أجبته ببرود شديد أن ذلك حلم غير ممكن ثم سألته عن بعض الأمور السياسية فنظر لي مستغربا وفمه مفتوح من شدة التعجب. سرت بداخلي موجة من الحزن بلا دموع. غصة ثقيلة تكاد تحبس أنفاسي. صمت شهورا لأفطر على شبح لا حول له. لعنت حظي الذي نقلني من صورة ملونة إلى أخرى باهتة. الحسنة الوحيدة لزيارة الولد أنها ذكرتني بأنوثتي التي كدت أنساها. كرر زياراته طمعا في فرص أخرى لكن أختي طردته بعنف فغاب بدون رجعة. استفدت من هذه الغلطة بشئ واحد. قررت الاقتراب أكثر من سعيد ومعاملته كأنه ابني الذي حرمتني منه الطبيعة. اهتمامي به سينسيني ما أنا فيه. كل الآفاق صوبي مصبوغة بالسواد. كل قصور الذهب التي بنيتها على إبراهيم لما أطلق الاستعمار سراحه تهدمت باختطافه من رجال مقاومة يكرهونه.. ارتباطي الوثيق بابن أختي هو الحل رغم أن فارق السن بيني وبينه لا يتعدى ست سنوات. بعد أيام سيجتاز امتحان الدخول للمدرسة الإعدادية. يجب علي إذن أن أنسى الذي مضى وأرجع للبراءة بأي ثمن. لن يكون الأمر سهلا بعد الذي عشت ورأيت. لكني سأبدأ تعلم العربية معه وأدرس في دفاتره وسألتحق به في شهادة نهاية الدروس الإعدادية. تفصله ثلاث سنوات عنها ابتداء من الموسم الدراسي المقبل. لا يبدو أنني سأتزوج قريبا في ظل ما تعيشه البلاد من صراعات. حتى لو تقدم لي أي كان لا بد أن اشترط عليه ضرورة إكمال مشروعي. نجح سعيد في شهادة الدروس الابتدائية. قدمت له هدية وقبلته بشهية وإلحاح لم يعهده. صار يفضل معانقتي والاستغراق في نومه بين أحضاني. أصبح من الطبيعي حتى لو كنت نائمة قبله أن يندس بجواري. أمد ذراعي لأحضنه وأواصل نومي. لم أمهله حتى يستريح. كان يتعامل مع طلباتي كأنها لعبة تسعده وتحسسه بقيمته. نقضي جزءا كبيرا من كل يوم في تعلم رصيده من العلم والمعرفة. يضحك ويستهزئ بي متى حرفت النطق أو تأخرت في فك ركوز الحروف. لم تكتمل عطلة الصيف حتى كنت أكتب وأقرأ بسهولة نصف كتبه. لو واصلت بنفس التركيز سأتقدم حرة لاجتياز نفس شهادته. وجدت بعض الصعوبة في دروس الحساب والرياضيات، لكن إصراري من جهة وكل الهدايا فتحا لي قلبه وتيسرت لي مساعدته. مضت سنتان على هروبي واختفائي لدى أختي. الحنين لحسن وأخباره ولذكرياتي يزورني كل ليلة. قررت زيارته في. كالعادة تحرص أختي أن يرافقني سعيد. وجدت بعض الحرج لأنه سيحرمني من حريتي. لن استطيع التحدث بطلاقة في كل الأمور. كان القاضي يبعث رسائله ويسأل عني. حسن يكلمه تارة بالهاتف وتارة يكتب له رسالة مقتضبة. يتجنب الخوض في السياسة وتفاصيلها. يسلم ويكذب قليلا. كل شيء بخير، نتذكرك أنا وسعاد. كلنا حنين لأيامنا الحلوة. تحياتي. ينهي رسائله بما قل ودل وينتظر الرد القادم. انتهت ظروف الخوف واختفى الشخص العنيد الذي كان يترصدني. هناك إشاعات أنه قتل بعد اختفائي بحوالي نصف عام. حاصره بعض ضحاياه في ليلة سوداء وأشبعوه ضربا ثم فروا. بقي في الهواء الطلق لساعات طويلة ينزف دما بدون حراك. في الصباح الباكر عثر عليه زبال. اجتمع الناس واتصلوا بالشرطة لينقلوه للمستشفى لكنه لفظ أنفاسه في الطريق. بموته أتخلص من الماضي كله. الحالة الصحية لحسن ازدادت سوءا، كان يسعل بقوة حتى تنحبس أنفاسه وتجحظ عيناه. ربما لن أجده المرة القادمة حيا أما فكرة العودة للعيش معه فلم تعد مطروحة وليس لها معنى. كنت مدفوعة برغبتي الجديدة. لم تمض سوى سنة واحدة حتى تقدمت للشهادة الابتدائية فنجحت بميزة جيدة. بسهولة أصبح الفرق بيني وبين سعيد سنة واحدة. سأختصرها بنفس السرعة لألحق بمستواه في نهاية الموسم، وسوف نتقدم لنيل شهادة الإعدادي في نفس الوقت. بدأت أشعر بحرج شديد لما تجاوز عمر سعيد سن الثالثة عشر والنصف. ما زال متعودا على معانقتي والالتصاق بي رغم أن أمه بدأت تنصحني بضرورة طرده حرصا على تربيته الحسنة. كدت مرات عديدة أن أستعمل القسوة والجفاء، لكنه يتصنع البراءة كأنه لم يغادر طفولته. أحيانا كنت أتعمد تفحص تصرفاته أثناء النوم فاكتشفت أن شيأه ينتصب باستمرار. قررت مخاصمته لعله يبتعد عن فراشي ويعود لسريره. بالمقابل رد علي بالامتناع عن مساعدتي بالدروس الجديدة. رضخت في الأخير لإصراره. كان يبكي حين أزجره وأبعده. في النهاية عزمت على توضيح الموضوع بصراحة. فسرت له أنه كبر وأن أمه ستغضب مني ومنه. سألني عن السبب. قلت له أنت لم تعد صغيرا. صرت رجلا. فاجأني بأن والده رجل ومع ذلك ينام مع والدته في نفس الفراش. ضحكت كثيرا وبصعوبة فسرت له أني خالته ولست زوجته. تصنع البلادة وألح على موقفه. بكى وهو يلتصق بي. وعدني أنه لن يفعل ما يغضبني أو يزعجني. صدقته لكن المشكل لم يكن منه وحده، بل مني أنا. لم يعد النوم يتسلل لجفوني ببساطة كلما تذكرت مشهد شيئه المنتصب الذي لامسته يدي بالصدفة أثناء تقلبي في الفراش. في سن الخامسة عشر بلغت أنا سن الواحدة بعد العشرين. في ظرف سنتين من الدراسة طويت كل سنوات الابتدائي وسنة من الإعدادي. صرت أرغم سعيد على المبيت في فراشه بعيدا عني. لكنه مع ذلك يتركني حتى أستغرق في النوم ويعود إلى جواري. يقول لي حين نصحو "اعتبريني ما زلت طفلا". أجيبه بابتسامة وأنا أفكر في خبثه وشيطنته. اقترب موعد امتحانات الشهادة. صرنا معا مجبرين على تكثيف المراجعة. قبل حوالي شهر، كنت أسهر بعد نومه لمتابعة الدراسة. صار الحلم قريبا مني. لغتي الفرنسية تضمن لي مستوى جيدا ونقطا إضافية. تمكنت من دروس النحو حتى صرت اشطر من سعيد نفسه. بقية الدروس تعتمد على الحفظ، مثل الجغرافيا والتاريخ والنصوص الأدبية، لذلك لم تطرح لي أي مشكل. حتى أختي شعرت بأهمية حلمي فباتت تعفيني من مساعدتها في أعمال البيت ونسج الزرابي. فاطمة أخت سعيد حصلت بدورها على الشهادة الابتدائية فأضيف لي مهمة مساعدتها. استغل في الوقت ذاته الفرصة لمراجعة دروس السنة الأولى. كنت أسابق الزمن خصوصا بعد أن استمعت في الراديو بحق الحاصلين على شهادة التعليم الإعدادي في اجتياز مباراة الدخول لمدرسة تكوين المعلمين والمعلمات. كانت المدارس بحاجة للمعلمين بعد تعريب التعليم ومغادرة الأطر الفرنسية بكثافة. شعرت بقيمة الأوقات التي ضيعتها في الترهات والسهر. جسدي لم يعد له أي دور. نسيت همومه ومشاعره أو لعلني عملت على دفنها. عناد سعيد وحده يذكرني بها أثناء الليل. أنهينا الامتحان ونجحنا معا. سعيد ما زال مصرا على النوم في حضني. أستيقظ أحيانا فأجده شبه عار فأطيل النظر في الظلام لشكل فخذيه. كان رياضيا يواظب على كرة القدم مع رفاقه كل يوم. مرات عديدة يركلني وحين أصحيه لأستفسره يقول إنه يحلم. يعانقني ويعود لأحلامه. أعطف عليه وأحبه لكنه يفزعني ويخيفني. في الواقع أخاف من ضعفي أنا. هو لغاية تلك اللحظة لا يهتم ولا يريد أن يفهم. أحيانا أشعر به شبه منتصب وهو ملتصق بي. ما بين اليقظة والنعاس تضعف الرقابة الذاتية. يسهل على الغرائز أن تكشر عن أنيابها وتشعل نيرانها في الأجساد. تصبح الحقيقة ضبابا قابلا للانسحاب إلى الوراء. مشهد بألوان الطيف يعرض علينا عالمه الخالي من القانون والأخلاق، يدعونا أن نجرب اكتشاف أفكاره. أتذكر تارة أني عاقر وأن ممارسة جنسية عابرة لن تخلف لي أي ضرر، أتساءل عما سيقع لو طاوعت غريزتي. الولد ليس سوى مراهق مدفوع بتعلقه بي. تحولات جسده المبكرة تضعف إرادته. تقوده مثلي بلا تفكير للجسد القريب رهن إشارته، تلك التي ترقد بجواره مكان خالته الغائبة... لست أدري بالضبط ما يدور بخلده لكن أفكاره لن تكون بعيدة عن هذا. هو الآن مثل كرة حديدية تتدحرج فوق طريق منحدر. أحسست به يندس جنبي كالعادة. عانقته وهمست في أذنه:" حيرتني معك. أمك لا تعرف أنك تنام معي. إن سألتك قل لها إنك تنام في فراشك." تشجع وزاد التصاقه بي حتى شعرت بدفء جسده. وضع راسه قريبا من صدري ونام. لا أدري كيف فسر همسي، لكني شعرت به يرتاح ويغرق بسرعة في نومه. استغربت أني كلما لمست ذلك الجزء من جسمه أجده في صراع مع سروال نومه. أحيانا يلتصق بفخذي وكأني به يحتك عن قصد. كل ليلة تمضي اشعر كأني أدخل في حرب ضد قدري. أراوغ إرادتي وأقتل ترددي وحرجي. أسلم نفسي للتساؤلات التي تعذب جسدي وتحرمه من راحة النوم. أحاول الصمود ثم أسلم أمري للظروف. تكررت عمليات التصاقه كأن غريزته تتحدى ترددي. تأكدت أنه بلغ ذروة النضج عندما شعرت بالبلل والرطوبة ذات ليلة على فخذي. وقعت في فخ خبث الولد بدون شعور. قررت أن أحاسبه في الصباح لكني لم أفعل. نظرت إليه فلم يظهر على تصرفه ما يفيد أنه لم يفعل أمرا غير لائق. رمى سروال بيجامته فوق الفراش كعادته. لبس سروال دجين ثم غادر الغرفة لتناول فطوره. فطرت بدوري وعدت أغسل وأنظف البيجامة معتقدة أنه مجرد احتلام غير مقصود. اجتزت المباراة بنجاح. أصبح من الواجب أن أغادر غرفة سعيد بعد حصولي على غرفة في داخلية مدرسة المعلمين. يستمر التكوين موسما دراسيا قبل الحصول على تعييني كمعلمة. كنت عازمة على مواصلة الدراسة مع سعيد حتى الحصول على البكالوريا والالتحاق بالجامعة. أكملت سن الواحدة والعشرين. سعيد بلغ ستة عشر سنة. لحسن الحظ أني ابتعدت عنه، ولو أني مرغمة في نهاية كل أسبوع أن أرجع لغرفته. عندما أكون بعيدة عنه أفكر فيه واصمم أن أقنعه باللجوء لفراشه. في أول رجوع لي للبيت، رايته في قمة السعادة فلم أقدر على إقناعه. تركته يرتمي بجواري كعادته ويعانقني. لكن بعد منتصف الليل أحسست به يرمي الفراش عنه ويبتعد عني قليلا. أصبح مديرا لي ظهره ويداه تتحركان بهدوء. أصخت سمعي فاكتشفت أنه يستمني بلا حرج. بلغ السيل الزبي. يجب أن أخبر أختي. خفت أن تعاتبني أنا بدلا منه لأنها نصحتني قبل سنتين كي اتخذ حذري واحتياطي. رميت ذراعي حوله مدعية النوم فوقع كفي مباشرة على رأس قضيبه. استغربت لطراوة ملمسه. فتحت كفي أمامه لأختبر حرارته. بينما توقف هو عن الحركة خائفا متوجسا مما سيقع. تركت كفي مفتوحة فنزل القضيب بكامله في وسطها. يا لحرارته وحجمه وأنا أستقبله بين أصابعي. لا يبدو عليه في النهار أنه يملك كل هذا. بدأ الشيطان يلكزني ويجرني لأتابع اللعب به، لكني تراجعت والتفت مولية له ظهري. تركته يتم العملية معززا بلمستي التي زادت حماسه. كمن يهرب من نفسه، تغيبت طيلة شهر عن البيت حتى اتصلت أختي بالمدرسة لتسأل عني. اعتذرت لها بكثرة الدروس وحرصي على البقاء مع زميلاتي قبل أن أعدها أني سأعود عشية الجمعة. لم يظهر على سعيد حين رآني ما يفيد أنه اقترف جريمته. تصرف ببرودة كما لو أنه لم يقم بأي غلطة. استقبلني بنفس السعادة والفرح. بعد العشاء غادر للذهاب لمشاهدة فلم أمريكي مع أصدقاء. سهرت قليلا مع أختي وبناتها ثم ذهبت للنوم. لم يعد سعيد تلك الليلة إلا قبيل الفجر بقليل. كان الجو حارا فرميت الغطاء عني. لم يكن تصرفه عاديا لأنه كان يغني ويترنح غير خائف من عقاب أهله. اندس جنبي فأوليت وجهي نحو الجدار وظهري للباب. شعرت به يلتصق بكل صفاقة بظهري دون انتظار ولا مراوغة كما لو أني زوجته. مرر ذراعيه أمامي وأمسك نهدي. ارتبكت لأني لم أتوقع منه جرأة مماثلة. لست في كامل صحوتي. ما أيقظني هو حرارة قضيبه وسرعة احتكاكه بمؤخرتي محاولا أن يدس شيأه بين ردفي. تصلب جسمه وهو يتمسك بصدري وفخذه القوية تحاصر فخذي ومؤخرتي. لم أعرف ما ينبغي علي القيام به. كنت راغبة في النوم منتظرة أن يغامر أكثر معربا عن كامل نيته ورغبته. حركت فخذي الأيسر للوراء ومددت الأيمن للأمام لينفسح له مجال الانسلال إلى الفجوة الفاصلة بين الردفين. أصبح القضيب المنتصب ممتدا أسفل حوضي. لا فرق بينه وبين أي قضيب سبق لي تذوق طعمه. حركت عضلات الردفين أشجعه. كان نبضه عاليا وأنفاسه متسارعة. شعرت به يحاول أن يزيل سرواله. زادت الحرارة حين صار عضوه عاريا متحررا. تراجعت قليلا للوراء لأفسح له طريق الاختيار بين الفتحتين. لم أسأل نفسي عما يحدث. أجاريه فقط متصنعة الغفلة والنوم كأني مخدرة أو منومة. حركاتي تشبه ردود فعل لا إرادية. أصبح الوضع محرجا له ولي على السواء. لا أشعر براحة تامة إن لم أتخلص من البيجامة أيضا، لكن كيف؟ عزمت أن أسهل له الفرصة ما أمكن دون أن أستيقظ فعلا حتى لا أحرج نفسي وأحرجه، كأنثى راغبة في المشاركة عن طريق الصمت والامتثال فحسب. بيجامتي قميص خفيف. استعملت يدي اليسرى لأنه لا يراها ولا يحس بها. أمسكت حافة القميص قريبا من ركبتي وسحبته إلى أعلى والتفت مولية ظهري للجدار. صرت مواجهة له فانقلب مسرعا على ظهره. حركته السريعة أكدت لي أنه ما زال معتقدا أنه يسرق مني متعته بدون علمي. كصقر جارح ينقض على ضحيته في غفلة ثم يطير. سقطت يدي على قضيبه الصاعد كصومعة نابعة من عانته. تركت اليد فوق القضيب لحظة حتى لا يقل حماس الولد ثم التفت ثانية مولية له ظهري وقد تعرت مؤخرتي تماما. تنفست مرتين عميقا بصوت مرتفع ليعتقد أني نائمة. مضت برهة قبل أن يلتصق بي من جديد. فهمت من تردده أنه يتخبط في ارتباك البدايات ونقص الخبرة. عاد القضيب مسرعا في الأخدود. توقف برهة أثناءها شعرت بإفرازاته تبلل شرجي. تراجعت كأني في حلم ليتخذ رأسه وضعا مريحا عند الفتحة. أثارني نبضه وحرارته فحركت فتحتي كأني أرحب به. عادت ذراعه تحاصرني من الأمام ليتمكن من الانسلال داخلي بهدوء. سحبه ليغطي رأسه بالمخاط واللعاب قبل أن يعيده حيث كان. برودة اللعاب تقززني لكنها سهلت المهمة. ظل يعافر ويتنفس بصوت مرتفع لوقت طويل حتى أدخل بعضه. لم أعد أطيق فتراجعت في ردة فعل مفاجئة كي أعينه على الاندفاع إلى أبعد ما يستطيع داخلي. لكنه ظل ثابتا دون حراك. خطر لي أن أنقلب على بطني أو أصحو تماما. خفت عليه من المفاجأة فتصبرت وتجمدت. كان قضيبه ساكنا صامدا بداخلي ينبض بقوة. تراجعت فجأة للخلف حتى صار نصف الولد تحتي ونصف وركي فوقه. لم يخرج القضيب مني لكنه تراجع قليلا. [U]الفصل 13[/U] انتظرت منه أن يفعل شيئا لكنه ظل جامدا لا يتحرك. بدأت شياطين الشهوة القديمة في جسدي تتحرك. بدا لي أن ما وقع يكفي للتدليل على أن كلا منا يراوغ صاحبه. وأننا معا في محنة. لن يقع أكثر مما وصلنا إليه. تم الإيلاج لكنه لم يكتمل ولم يغير من شهوتنا. لو صحوت بشكل كامل سيحس أني أتلاعب به وأمثل دور البراءة. هو يحس تماما من حركاتي أنها تتعدى مجرد كونها ردود أفعال، بل هي تحكم وتوجيه كامل للعملية. يحس أني لا أتهرب ولا أحلم بل أعمل على تسهيل الممارسة واقتحام فضاء المتعة. محنته ناتجة عن نقص تجاربه في الميدان، أو عن بقايا خوف يهدد لذته. لهاثه وتنفسه المتسارع يعبر عن خوفه من ضياع متعة طالما مارس خبثه كي يفوز بها. لعله كان يظن أني سأحتج أو أغضب وأوقف المغامرة. هكذا بدأت أتصور أن كل شيء مصيره بيدي. إما إكمال الهجوم بشكل صحيح، كما لو أن قدري ساقني إليه كي أقوم بدور المربية والمعلمة، ألقنه كيف ينكح خالته ويبني تدريجيا مع جسدها رجولته، وإما الصبر على هذا الوضع الميت الذي لا يحترم الماضي ولا ينفع الحاضر. بالنسبة له سيفرغ حتى لو بقينا على نفس الوضع المتجمد، أما أنا فسأحتفظ بذكرى مريضة مثل آخر ذكرياتي. تلك التي فعلتها مع الشاب الزائر في قاعة السينما. التفت نحوه صاحية. تصنعت حالة الاستغراب والدهشة، أفرك عيني كأني لم أكن قبل لحظة أتحكم في مستقبل رجولته. سألته عما يقع ويدي تتلمس من ورائي قضيبه الذي انسحب مني دون أن يفارق انتصابه. تجمد خائفا. مضت برهة تصنعت فيها التعجب ثم ابتسمت له وجذبته لحضني. أدخلته في صميم مصادفة غير منتظرة. عانقته بقوة قبل أن أقبل شفتيه قبلة حارة طويلة. أحسست به يتقوى ويتحمس ويهيج مرتاحا طاردا خوفه ودهشته. انحنيت على عضوه أفركه قليلا ثم أولجه في فمي. تركته يبلغ حلقي ولساني يرسم عروقه بلذة. كان فاغرا فاه ينظر إلي. نزعت قميصي وسرواله وما تبقى على صدره. تمددت على بطني ويدي ممسكة بالعضو لا تفارقه حتى أولجته في فتحتي. قلت له هامسة وأنا أغمزه تحرك. بدأ يلهث صاعدا ونازلا. همست له ثانية، على مهلك لا تفجر شهوتك بسرعة التحرك. ايقظتني لنستمتع لا لنتحارب. سرعان ما جعلته تحتى على ظهره وجلست فوقه. أحببت أن أجعلها ليلة خالدة لن ينساها أبدا. غابت الأخلاق والقواعد بالنسبة لي أيضا أما هو فإنه لم يجرب قيودها وحواجزها بعد.. لعله لا يدرك حتى أني محرمة عليه. قلت في نفسي ليس هذا وقت التفكير والتحليل. عندما شعرت أنه يقترب من القذف توقفت عن الحركة. أخرجته ومسحته بقميص نومي وعدت أمص رأسه. يكاد سعيد أن يبكي من اللذة. رفعته تقريبا وأنا أستلقي على ظهري رافعة رجلي للسماء كما كنت أفعل مع القاضي. صار جاثما أمامي على ركبتيه وقلمه في يده كأنه رجل إطفاء يهم بإطفاء حرقتي. سحبته بقوة إلي وابتلعت القضيب كله في كسي حتى شهقت. بدأت أهز وسطي وهو فوقي محاولة دفعه ليتحرك. أدرك أني أشتهيه حقا فسقط نصفه الأعلى فوق صدري بين فخذي المرفوعتين. عانقته وجعلت فخذي وراءه لأضمه بهما نحو عانتي. كان قضيبه ينازع الروح بداخلي بعد أن جاءتني الهزة الأولى وهو محاصر بالفخذين المحيطتين بخصره وظهره. أحسست به يفرغ داخلي وينتشي مزهوا فانهمر جسدي في سلسلة من الهزات. شهق وكاد يصرخ. ضممته بذراعي وأبعدت فخذي عن ظهره. انبطح بجواري يتدارك أنفاسه. تنفست بدوري لحظة قصيرة لا تتعدى خمس دقائق ثم قبلته ونزلت ثانية نحو القضيب أفركه وأمصه. لم يقل شيئا. همست له بأني سأعلمه أن يتحاشى في المستقبل الهجوم على خالته وهي نائمة. "أحبك" هذا كل ما تمكن من قوله. استعاد انتصابه بسرعة فواصلت هجومي على براءته أمسحها وأبعدها عنه إلى غير رجعة. قلت له بهمس وأنا أجلس فوقه، عليك أن تتغذى جيدا، هجومك هذا سيفتح صنابير شهوتي المدفونة، قفزنا الحاجز المانع وخرجنا من دائرة المسموح به، لن يكون للمغامرة أي معنى إن لم نكررها مرارا وتكرارا. أنت اليوم رجل كامل يا عزيزي. من الآن فصاعدا ليس بيننا أسرار، حين تستريح عد إلى فراشك. تعجبت كيف لم أشعر بأي ندم صباح الغد. انتظرت حتى خرج لتمارينه الرياضية لأغادر الغرفة. بدأت أتذكر كل ما لقيته من الصعوبات والمقادير في الماضي علها تخفف عني ما أحسه من قلق نفسي. أنا سيدة مدفوعة فحسب، لم أتعلم من قبل ما يجعلني أتحمل مسؤولية أفعالي. لكني بعد التفكير جيدا لاحظت أني ربما سأجرم في حق الولد. ما كدت أقضي يومين في داخلية مدرسة التكوين حتى وصلتني منه رسالة الحب الأولى. ملأها بقصائد من شعر الغزل من الماضي والحاضر. سيصبح عما قريب شاعرا مبدعا بسببي. بدا أنه ينظر لما حصل من طرفي كرسالة عشق. لم ينس أن يذكرني بالموعد المقبل عشية يوم الجمعة.. ما دمت وعدت يجب علي احترام وعدي. أن أسايره حتى تخف رغباته، ولو استمر بنا الحال إلى نهاية الموسم. كانت هناك مفاجأة ثانية تنتظرني. عند دخولي للمدرسة لم يكن المدير قد تم تعيينه بعد. فلما مضى شهران واقتربنا من عطلة الشتاء، عين المدير. لم أنتبه إليه ولم يحدث أن صادفته يتجول في الساحة. فوجئت بالحارس يسلم علي ذات صباح ويبلغني أن سيادته يريد مقابلتي. خفت أن يكون أحدهم عرف حقيقتي وبلغه عن تاريخي وعلاقتي مع القاضي.. عندما فتحت باب مكتبه استقبلني كبطلة وعانقني. تأملت في وجهه فإذا هو نفسه الرجل الهارب من مراكش، الذي قضى في بيتي شهورا طويلة مختفيا عن الأنظار. شعرت بسعادة عارمة وأعدت معانقته كأني أتعلق برائحة الماضي. قال لي بأنه التحق بالجماعة التي انفصلت عن حزب "..أ.." مؤخرا. تحدثنا عن أصدقائنا جميعا وتأسفنا لموت إبراهيم. سألني لماذا لم أسجل نفسي كفدائية ضحت بشرفها من أجل المقاومة لأحصل على بعض الامتيازات الرمزية رغم قلتها. أجبته أني لم أقم بشئ يذكر. كل ما فعلته كان من أجل الوطن فضحك. قال بأن أناسا كثيرين لم يقوموا بنصف ما قمت به، يتسابقون للحصول على بطاقة المقاومة. معظمهم من أهل وأصدقاء مناضلين من نفس حزب"..أ..". أخبرني أنه تزوج وصار له ولدان. قبل أن نفترق عزمني للتعرف على زوجته وأنه يسكن في دار تابعة للمدرسة. أجبته أن ذلك يشرفني ووعدته بأن أرافقه في نهاية الأسبوع. حرص المدير أن أتعشى مع عائلته فقبلت على أن يوصلني بسيارته لبيت أختي بعد العشاء، لأن المدرسة بعيدة جدا عن بيت الأخت. زوجته سيدة لم تبلغ الأربعين بعد.. كانت حبلى فدخلت أساعدها لتحضير وجبة العشاء. السيد المدير بقي في صالون البيت مع شاب يبدو أنه تجاوز العشرين سنة بقليل. سألت زوجة المدير عنه فقالت إنه أخوها. وهو طالب بكلية الحقوق بمدينة الرباط، سيتخرج منها قريبا وينوي أن يمتهن المحاماة.. لا أدري لم فرحت بالخبر مع أني لم أفكر أبدا في التعرف على صديق أو الدخول في قصة حب. أنوي الاكتفاء حاليا بسعيد رغم صغره لأنه سيلبي رغباتي ولن يكلفني غير أوقات قصيرة بالليل كل أسبوع. قدمني المدير إلى الشاب كما أنا بدون تزويق. قال له لا تنخدع حين تراها هادئة بسيطة هكذا، في الجلباب وال****. أخبره أني كنت متزوجة من مناضل شيخ، كان يترأس جماعة فدائية ينتمي أفرادها للحزب الشيوعي. حكى له كيف أخفيته هو شخصيا في دهليز تحت بيتي لأن سكني يقع داخل شركة يملكها فرنسي، لا يخطر ببال الشياطين أن يشكوا في وجود المختفين فيها. حدثه عن قصة تهريب السجناء وعن الدور الذي قمت به، وعن المرات الكثيرة التي أنقذت فيها إبراهيم وجماعته حينما كنت أتقمص دور يهودية أو فرنسية وأخفي مسدساتهم في قعر قفتي تحت البضائع والخضر لأساعدهم على تجاوز حواجز المراقبة بين الأحياء الهامشية ومركز المدينة خوفا على النخبة التي تسكن هناك. لمعت عينا الشاب وأخذ يحملق في وجهي غير مصدق. = من يشاهدك لا يصدق فعلا أنك فعلت كل هذه التضحيات. = تصور أنها رفضت حتى تقديم طلب للحصول على بطاقة المقاومة. تقول إنها ناضلت من أجل الوطن وعودة السلطان. أضاف المدير لما سبق.. ثم انتقل الحديث إلى الحاضر حين سألني كيف دخلت مدرسة تكوين المعلمين. رويت له ما يجهل من قصتي أمام الشاب فزاد إعجابه بي. بعد تناول طعام العشاء طلبت من المدير أن يوصلني فرافقه نسيبه. في الطريق سألني هذا عما أنوي فعله بعد تخرجي من المدرسة، فأجبته قائلة: = إذا لم يتم تعييني في مكان بعيد، أنوي أن أحصل على شهادة نهاية التعليم الثانوي ثم أسجل نفسي في الجامعة لدراسة الحقوق، لا أريد إنهاء حياتي كمعلمة. = لدي معارف من مسؤولين بالوزارة، سوف نساعدك لتحصلي على تعيين قريب، قال المدير. حينما وصلت التمس مني الشاب ألا أكتفي بتلك الزيارة. بدا أنه يفكر فيما سمع وينوي ربط تواصل مستمر معي. أما العجيب حقا، فهو أنه صادف أن التقيت بأخته مرة فسلمت علي وترجتني أن أزورها لشرب كأس من الشاي. لم يكن أخوها حاضرا، لأنه مثلي لا يغادر الكلية والحي الجامعي إلا في نهاية الأسبوع. من أغرب ما سمعته منها، أن أخاها حدثها عني وهو يرغب في التقرب مني إن لم أرى مانعا، فوافقت بدون أخذ فرصة للتفكير. فرحت وقبلت خدي. كانت أموري تسير حسب ما أهوى ببطء. أقضي مساء الجمعة والسبت في حضن الولد سعيد. عودت نفسي على رغباته للتخفيف من شهوات الجسد وإسكاته، لأتمكن من التركيز جيدا على الدروس دون نسيان برنامج السنة الأولى من الثانوي. هو أيضا كان ولدا شاطرا. يدرس جيدا، ينظم بالنهار أشعار الغزل وبالليل يتجاوب معي، يعبر ويجتهد. خصصت ساعتين فقط عشية الجمعة للشاب في بيت أخته للتعرف. ثم سرعان ما بدأنا نلتقي صباح السبت لنتجول في مركز المدينة التي نسيت دروبها ومحلاتها تقريبا. كان الشاب لطيفا هادئ الطبع والمزاج. يجيبني عن كل سؤال أطرحه. كنت مهتمة بجو الدراسة الجامعية وكيفية الوصول إليها. وعدني أنه سيرافقني فيما بعد لزيارة الرباط وسيأخذني للتعرف على الكلية. كان مما أثارني فيه أنه صريح لا يخفي ما يحس به، إلى درجة أنه قال لي بأن لبس الجلباب يقلل من شأني، لأني فتاة لها تجربة في الحياة وينبغي أن تكمل دورها كنموذج للمرأة الحديثة والمتحضرة. قال إن ما يعرف باسم اللباس الأوربي ليس خاصا بأوروبا. وأن من حق نساء العالم ارتداؤه. ذكرني حديثه بما سبق أن سمعته من حسن قبيل ارتباطي بخلايا المقاومة. بدأت أحس برغبة قوية لقضاء أكثر ما يمكن من الوقت مع "فؤاد" أخو زوجة المدير. شيئا فشيئا عرفت أنه مثل نسيبه انضم للجماعة المنشقة عن حزب "..أ.." سنة 1959. مع ذلك لم يعرض علي أن أنخرط معه في نفس الجماعة. بعد تخرجي تم تعييني في مدرسة تقع قريبا من بيت أختي بفضل أصدقاء المدير، عندما جئت لأشكره، أجابني: = مجموع نقطك هي التي سهلت تعيينك حيث ترغبين. لا تنسي أنك تستحقين أكثر من هذا. ذهبت لتوديع زوجته فوجدت "فواد" حاضرا. = الآن بعد تخرجك هل يمكنني التقدم لخطبتك من أهلك؟ فوجئت بسؤاله فاحمر وجهي. لم أتوقع أن يحدث هذا بسرعة. = يسعدني اقتراحك، لكن دعني أستقر وأفكر قليلا ثم أجيبك. هل معنى كلامك أنك ستلغي لقاءنا صباح يوم السبت؟ سألته مبتسمة. ابتسم بدوره وهو يجيب: = كيف ألغيه وفيه أجدد طاقتي وحنيني؟ تخرج "فؤاد" وبدأ تمرينات التدريب في مكتب محام معروف من نفس الجماعة المنشقة. سارت شؤوني مع سعيد كما يرام. صرت أساهم بنصف أجرتي في مصاريف البيت، دون التغافل عن هدايا لعشيقي الصغير. يخطو عمره نحو الثامنة عشر، لكن جسمه الفارع الذي يشبه والده يبدو أكبر من سنه. صار يتدخل في شؤوني، مع بوادر إحساس بالغيرة. بدأت تظهر بيننا نزاعات خفيفة، لكنها تهدد بانفجار قريب إن لم أوقف غيرته عند حدودها. كان حبه يقوى كلما كبر. اضطررت مرة أن اسأله: = قل لي ما مصير هذه العلاقة؟ هل تتخيل أنها ستقودنا إلى ارتباط دائم، زواج حقيقي مثلا؟ = ولم لا؟ ألسنا حبيبين؟ = وماذا نقول للناس وأمك وأبيك؟ هل تريدهما أن يقتلاني أو ينتحران؟ = تعالي نهرب بعيدا ونبدل أسماءنا. قريبا أدخل الجامعة و...و.. = كفاك أحلاما. لقد كبرت وتعلمت وصرت قادرا على إعادة النظر في تصرفاتك. وأنا الآن امرأة تعديت الرابعة والعشرين، ألم تتصور أن بإمكاني أن أتزوج يوما ما؟ = سأقتل من يتزوجك وأقتل نفسي. = لا تخرف يا ولد.. أخذنا معا من الحياة متعة ليست من حقنا، وقد جاء وقت المراجعة، كان لا بد للحلم من نهاية. = وأنا؟ ألم تفكري في مصيري؟ = مالك أنت؟ لقد أخلصت لك حتى صرت شابا ولم أحرمك من أي متعة. تصرف كما لو أننا كنا زوجين ثم تطلقنا. وستتعود بسرعة لأنك تستطيع التعرف على بنت جميلة في مثل سنك بكل سهولة عندما تبلغ الجامعة. = لا أتخيل الحياة بدونك. = لا تخف، ما أقصد قوله هو أن عليك أن تفكر في مصير حياتك بعيدا عني. سألبي رغباتك ورغباتي حتى تحصل على رفيقة تؤنسك. = في هذه الحالة سأتقبل اقتراحك رغم أنه مؤلم. = أرأيت؟ ها قد نضجت وبدأت تفكر وتستخدم مخك كسائر الناس. تساءلت هل فعلا كنت أراوغه وأهرب منه؟ أم أني أنا أيضا مشدودة إليه خوفا من فراغ عاطفي لم أعد أطيقه؟ لكن كيف أفعل حين يتقدم "فؤاد" لخطبتي؟ لم يمض وقت طويل حتى اتصل السيد مدير مدرسة تكوين المعلمين بالمدرسة التي عينت بها. أخبرني أن "فؤاد" يلح على ضرورة إعلان الخطوبة في أسرع وقت. اعتذرت له بحجة كوني لم أستعد بعد، لأني ملتزمة مع أختي، وترجيته أن يهدئه ويقنعه بالانتظار بعض الوقت. كنت أسعى لتمطيط فترة الانتظار لأن فؤاد لم يكمل فترة التدريب ليبدأ عمله فعلا، بالتالي سنعيش مشاكل مادية أولها تدبير سكن نستقر فيه. بعبارة أخرى، إعلان الخطوبة سيعطي لفؤاد الحق في التمتع بجسمي. سيدخلني ذلك في ورطة مع سعيد، لهذا سعيت لتأخير الخطوبة، حيث لو تمت سنضطر معا للمبيت في نفس غرفة سعيد مرتين كل أسبوع. مرت سنة كاملة منذ تخرجي.. شعرت بالحنين للرجوع لتلك البلدة التي تقيم فيها أمي.. لم أزرها منذ تزوجني حسن وخروجي منها بدون ضجيج.. كان الصيف حارا لا يناسب الإقامة في داخل البلاد. تشجعت مدفوعة بالحنين لرؤية والدتي وأبناء أخي.. بعد الاستقلال أصبح هناك قطار من ثلاث عربات خشبية ينطلق من محطة الدار البيضاء نحو مدينة خريبكة صباحا ويعود في المساء. قطار لا تتعدى سرعته خمسين كلم في الساعة. يقطع مسافة مائة وعشرين كلم في خمس ساعات. لم يكن فيه مكيفات ونوافذه لا توصد. حين بلغت البلدة لم أتعرف على المكان. رحل الرئيس الفرنسي وحل مكانه رئيس مغربي مصحوبا بزوجته. نبتت حول المحطة بيوت عديدة واشجار. أصبح فيها شارع وحيد. ذكرني منظرها بالقرى الأمريكية في زمن رعاة البقر.. أبناء أخي كبروا كلهم. ولدان وثلاث بنات، أصغرهن في سنها الرابعة. على عادة أهلي، حرصت أن اشتري هدايا للجميع بمن فيهم زوجة أخي.. قابلتني بشكل محتشم وكأنها نادمة على قسوتها السابقة. أبديت لها الصفح متناسية كل الماضي. قضيت معهم أربعة أيام قبل العودة مرفوقة بأمي. اعتذرت لأخي بكثرة الأشغال لأني أغتنم فرصة العطلة الصيفية لمتابعة تحضير دروس السنة الباقية من المستوى الثانوي. لم يبق أمامي سوى سنة واحدة لأتقدم لاجتياز امتحان الشهادة التي تمكنني من ولوج الجامعة. عند استئناف الدخول المدرسي، تقدم أحد الجيران من أصدقاء زوج أختي لطلب يدي فرفضته. كان حلاقا في الحي. ليس احتقارا لمهنته ولكن بسبب ما سمعته عنه. كانت سمعته سيئة للغاية. سبق له أن دخل السجن بسبب دعوة قضائية رفعها أب ضده لأنه اتهمه بالتحرش بابنه. قضى ما يقارب أربعة أعوام. حين لاحظت مساندة زوج الأخت له، قررت أن أخبر "فؤاد" بالوضع الجديد. اتصلت به في مكتب زميله وأستاذه في الحزب حيث يمارس تدريبه. فرح باتصالي معه وحرص على تقديمي لأستاذه. رحب الاثنان بزيارتي وشكرني الأستاذ ملوحا لضرورة الالتحاق بالحزب الجديد الذي كونته جماعته المنشقة تحت اسم " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية". وعدته بدراسة اقتراحه ضاحكة: = أشكرك على تقديرك واهتمامك بي، على الأقل تحسسني بقيمتي أما هذا الانسان فانتمائي للسياسة لا يخطر بباله. ضحكنا ثم غادرنا المكتب لتناول وجبة الغذاء أنا وفؤاد. ودعنا الأستاذ على أمل أن تسنح لنا فرص أخرى. للأسف الشديد، عين الملك حكومة جديدة أوكل رئاستها لعضو مهم في الحزب، فكان أن تم تنصيبه كوزير فيها. بعد الغذاء، سألني فؤاد عن الداعي للزيارة، فأخبرته برغبة زوج الأخت بتزويجي من صديقه الحلاق. سألني عما يجمع بين رجلين أحدهما عامل تقني في شركة السكك الحديدية والثاني حلاق. ابتسمت للتمويه: = أبدا، زوج أختي يدخن الحشيش أحيانا وهو يجد ضالته في محل الحلاقة. يعني أنه يبحث عن التدخين بالمجان. = دعينا من الضحك، الموضوع جدي. يجب أن نسرع لو سمحت. = لأجل ذلك حضرت لزيارتك. = من جهتي سأخبر أختي وزوجها ليستعدوا لمرافقتي، وأنت من ناحيتك أخبري أختك. سنتفق على الموعد فيما بعد. أخبرت أختي بأن زميلا لي يشتغل محاميا يريد التقدم لطلب يدي. لا يهم كيف تعرفت عليه. سأفصل لك الحكاية فيما بعد. قلت لها: = المهم الآن، هو أن تحاولي إقناع زوجك كي يتخلى عن صاحبه. لو تمسك به أخبريه أني سأضمن له من الحشيش ما يكفيه لسنة كاملة. = ولكنه سيسأل عن مساهمتك في مصاريف البيت. = طالما أنا موجودة معكم سأستمر في المساهمة. لكن بعد انتقالي لبيت زوجي سأفعل ما باستطاعتي أن أقوم به. حضر المدير وزوجته وفؤاد في نهاية شهر دجنبر. كانت أمي وأخي حاضرين أيضا. استغرق إقناع زوج الأخت شهرين تقريبا. احتاجت خلالها المسكينة للتضحية بليال طويلة ذكرت زوجها بأيام الزواج الأولى. كان تدخين الحشيش يرفع من رغبته ويقويه. ابتسمت لها حينما اشتكت لي فقلت لها مبتسمة: = سأعوضك عن صبرك. رحبنا بهم. فرحت أختي وحتى زوجها لما اقتنع أن الخطيب صاحب مهنة مشرفة قد تنفع في الحياة. قالها بوضوح. = يشرفنا أن نناسب شخصا له حرفة كحرفة سيادتك. لكن سعاد عزيزة وجميلة تستحق مثلك. جرى الاتفاق بعد قراءة الفاتحة أن أبقى مع أسرة الأخت حتى يكتب علي ويتزوجني. تذكرت زواجي الأول وكيف غادرت البيت بصمت حزين في صباح باكر كأني هاربة من جريمة اقترفتها. حين انتبهت ليلا لسعيد وجدته يبكي. ذكرته بوعدي: = لماذا تبكي؟ لن يتغير لقاؤنا طالما لم نتزوج ولم نعثر على سكن. أمامنا مدة كافية لتشبع مني. الصيف ما زال بعيدا. فكر في الامتحان الذي لم يبق له سوى بضعة أشهر. كنت ألتقي فؤاد زوال يوم السبت بعد أن يقوم بزيارتنا لتناول الغذاء. حاولت ربط صلة صداقة بينه وبين سعيد. من حسن الحظ أنه كان عاقلا يتقبل النصائح حتى عرض عليه فؤاد أن ينخرط مع شبيبة الحزب ففرح وقبل الاقتراح. خصوصا بعد أن أخبره بأمور مهمة قائلا: = قريبا ستدخل الجامعة. نفكر في السيطرة على الاتحاد الوطني للطلبة وعيليك أن تهئ نفسك جيدا من الآن لتكون في المكتب التنفيذي. ما عليك سوى التردد من الآن على مركز الحزب، هناك ستعرف أصدقاء جددا يسهرون على تكوين الشباب. كل الأمور إذن تتحسن. لكن واقعة غير منتظرة نزلت مثل حجر طائش فوق سطح بركة مياه هادئة. أساءت للمشهد السعيد. أقامت أختي وزوجها حفلة بمناسبة عيد ميلاد إحدى بناتها. عبارة عن سهرة نظمتها مساء أحد الأيام. تأخر فيها فؤاد عن العودة لبيت أخته كالمعتاد. في منتصف الليل خرجنا للبحث عن بقال يملك خطا هاتفيا ليتصل بزوج أخته. في نهاية الخمسينات من القرن 20 لم تكن مودة الاشتراك في شبكة التلفون الثابت قد انتشرت. كانت جميع الحوانيت مغلقة لبرودة الجو الشتوية القاسية. لم يبق أمامه من حل سوى قضاء الليلة بجواري في غرفة سعيد. كان الوضع محرجا لنا نحن الثلاثة. بالطبع لم أسمح لفؤاد أن يغامر رغم محاولته ولمساته ورغبته في مضاجعتي. لكني طوال الليل أصخت السمع لترصد ردود فعل سعيد الذي لا شك أنه لم يتقبل. خيل لي أني التقطت نبرات توحي بأنه يستمني. صوت انزلاق قضيبه بين أصابعه الغارقة في اللعاب والمخاط لا تخطئه الأذن المدربة. ثم خيل لي أنه يبكي. مع اقتراب الفجر أدركني النوم من شدة التعب. في الصباح لم يظهر لسعيد أي أثر حتى بعد ذهاب فؤاد. بعد عودته قبيل منتصف الليل كان متعبا. بدا أنه شرب فوق ما يحتمل. ألقى بنفسه على الفراش جنبي بثيابه وحذائه الرياضي. أشعلت النور ونزعت الثياب والحذاء وتركته عاريا تماما. نوم فؤاد ليلة أمس بجواري أيقظ شهوتي التي اضطررت لكتمانها. نزعت قميصي رغم البرودة القاسية وتسللت أستدفئ ملتصقة بحرارة جسمه السكران. تململ أخيرا بعد مدة وتحسس جسمي. قفزت فرحة وانحنيت على قضيبه أفركه وألعب به حتى استيقظ من غفوته وأجابتني طلعته البهية كصومعة. كنت من مدة أحرم سعيد من طعن مؤخرتي كي لا أؤثر على ميوله وأجعله يتعود. كثير من العلاقات تنقطع بسبب عناد أزواج يلحون على ممارسة الجنس الشرجي مع زوجات لا تجارب لهن في الميدان. كنت أخاف عليه. قررت تعويضه عما فات بسبب ما قاساه من ألم ليلة أمس. وضعت لعابي بين الردفين ومررت قضيبه المنتصب بينهما فانقض مندفعا بعنف لم أتعوده منه. لف يدي خلف ظهري وألقاني منكفئة على وجهي. دفع يده وذراعه تحت بطني وجذبني إليه بقوة. ارتفعت مؤخرتي نحوه مطيعة. ظل يطعنني حتى سال عرقه دون أن يهتم بتأوهات الألم. توقف لحظة وكأنه أخرج كل سخطه وغضبه. انهار جنبي وعانقني وقلمه يلمع كنجمة سقطت من السماء من أجلي. مسحت النجمة واحترق جسمي من لهيبها. كان عسلي يفيض من تحتي. جففت بعناية جسم القضيب ونزلت فوقه حتى أوقفتني الخصيتان. شهقت وانبطح جسمي وصدري فوق صدره. مد يديه يعصر الردفين ويدخل لأول مرة أصبعين في فتحة الشرج. زاد تأوهي وذبت بفعل سرب من الهزات المتتالية. حين أحس بي أرتعش فوق صدره قلبني على ظهري. رفع رجلي وفخذي وبدأ يفرغ حمولته الحامية في أبعد نقطة من مهبلي. لست أدري لم خيل لي في الصباح، أنها ستكون آخر ليلة أقضيها مع سعيد. في المساء تعجبت لآنه استلقى بعيدا عني. لما سألته تنهد ولم يجب. في الصباح ترك لي ورقة كتب فوقها. [I]" حبيبتي وخالتي العزيزة: شكرا على كل تضحياتك معي. لن أنسى ما حييت ما تعلمته منك. ظروفك الجديدة مع الأستاذ فؤاد، وليلة مبيته معنا نبهتني لحقائق كنت أتجاهلها. ما سمعته منه جعلني أنظر بعين الأمل للمستقبل وأستعد مثله ومثلك لتحمل مسؤوليات جسيمة لا يعقل القيام بها في مثل حالتي اليوم. أرجو أن تغفري لي ما مضى. أتمنى لكما السعادة وحسن الختام. ابن أختك " سعيد" الدار البيضاء 3 مارس 1959 " فرحت وحزنت في نفس الوقت. لن أسمح لفؤاد ثانية أن يتأخر معنا إن لم يكن متأكدا أن زوج أخته سيأتي لينقله للبيت. يجب أن نركز أنا وسعيد على مواد الامتحان الذي يفصلنا عنه شهران ونصف فقط. لحسن الحظ أن مهمتي كمعلمة لا تأخذ من وقتي الشئ الكثير. خصوصا أني حصلت على نفس المستوى الذي درسته السنة الماضية. كلفت بتدريس اللغة الفرنسية بعد أن صرت نموذجا بين أصدقائي وصديقاتي. استفاد فؤاد من تعيين أستاذه كوزير، حيث خلا له جو المكتب الذي صار تحت تصرفه وأوامره. تحسن دخله بفعل سمعة المكتب. بعد الامتحان مباشرة اتصل بي المدير نسيب فؤاد ليخبرني بوفاة حسن. بكيت من أجله لحنانه ورقته وحسن معاملته. حزنت لكل الأشياء التي تعلمتها أو تحصلت عليها بفضله. أصبح بيتي في حي الأحباس بدرب السلطان فارغا. أخبرت فؤاد بالأمر لاتخاذ إجراءات الدفن وإجراءات استعادة حقوقي في البيت. بدأنا نهتم بالتأثيث. ظهرت النتائج وحصلت أنا وسعيد على نقط جيدة. سأدخل الجامعة بعد شهرين لمتابعة دراسة القانون باللغة الفرنسية. وسأنتقل للرباط إلى الحي الجامعي. لا يستبعد أن أغير مهنتي لممارسة مهنة التوثيق العقاري أو مهنة المحاماة كزوجي. أقمنا حفلة زواج لم أحلم بها عندما كنت فتاة مثقلة بغشاء البكارة. أحس ببعض الندم لأني لم أعترف لفؤاد بحقيقة العقم. سأخبره لاحقا وليحدث ما هو مقدر ومكتوب. عند انتقالي للدراسة بالرباط، حصل زوجي بسهولة على منصب مستشار قانوني في ديوان أحد وزراء الحزب. كنا نلتقي كل مساء ثم نفترق. في نهاية الأسبوع نشد الرحال لبيتنا الجديد. وتستمر الحياة. هذه الفصول كلها مستمدة من رواية طويلة. أجريت تعديلات واختصرتها في هذه الفصول. تحياتي لكل عشاق الأدب الإيروسي. ومتمنياتي للمنتدى بكامل الفوز والانتصار. تمت بتاريخ نيو يورك 30/10/2023 أحمد راضي. Round trip to or[/I][/B] [/QUOTE]
إدراج الإقتباسات…
التحقق
1+1
رد
قسم قصص السكس
قصص سكس تحرر ودياثة
خمسة رجال علموني معنى الحياة ـ ثلاثة عشر جزءا 29/11/2023 (Round trip to org)
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
موافق
معرفة المزيد…
أعلى
أسفل