• سجل عضوية للتمتع بالمنتدى واكتساب مميزات حصريه منها عدم ظهور الإعلانات

مكتملة ما بعد الغربة ( للكاتب التونسى بياع كلام ) ـ عشرة أجزاء (1 مشاهد)

صبرى فخرى

ميلفاوي أبلودر
عضو
ناشر قصص
إنضم
16 أكتوبر 2023
المشاركات
523
مستوى التفاعل
373
النقاط
3
نقاط
536
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
القصة ليست لى ولكنى احتفظ بها لروعتها وروعة كاتبها التونسى ( بياع كلام )
انفلها إليكم دون زيادة أو نقصان علها تنال اعجابكم


ما بعد الغربة ( للكاتب التونسى بياع كلام )

تنبيه هام ( على لسان كاتب القصة بياع كلام )

صديقي القارئ .. أعتقد أنك صرت تعرف أسلوبي في الكتابة.... قصصي جنسية بطريقة ربما قد لا تروق للبعض ... إن كنت من عشّاق الفعل السريع فلا تواصل القراءة ... غيّرالقصة ....
علاقة المحارم تستوجب تفاعلات نفسية ومجموعة أحداث توصل للفعل الجنسي ... إنسان عاش عمره مع عائلته يراهم بعين عقله التي وجهت لفكرة تحريم التفكير فيهم كشركاء في الجنس ...
لا يعقل أن تتغيّر رواسب آلاف السنين بمجرّد محنة أو عطش جسدي مؤقت ...
ما تعودّت على مشاهدته في أفلام البورنو الأمريكية ... لا يحدث حتى في أمريكا نفسها ... فما بالك بمجتمعنا ....
فلو أنت أردت الجنس مع مومس في خمّارة يلزمك مدّة من الإتفاق حول الثمن والشروط وغيرها ..
فما بالك بالأم أو الأخت او الإبنة؟
إتفقنا ؟؟؟؟ إن لم تكن من عشّاق التسلسل المنطقي للأحداث فإنسحب منذ الآن ؟؟؟ لا تقرفني بتعليق عن الملل أو طول الأحداث .....
نترك صديقنا المستعجل يستمني في مكان آخر ونبدأ قصتنا

الجزء الأوّل

تائها في مرارة وخيبة أمل وصداع سببه صوت محرّكات الطائرة التي توقعت أن لا تصل ... شعور بالمرارة ممزوج بالفرحة ... فرحة الحرية التي سجنت 17 سنة في 6 أمتار مربعة ...
مرارة العودة من حيث بدأت خالي الوفاض .... خيبة أمل من شارف الأربعين وظل سعيه في حياته التي لم يعشها .... ربيع عمري تساقطت فيه كل أوراق سنواته التي كان يفترض أن تكون أحلاها ...
عيناي المتعبتان تبحثان عن سرّ مدفون بين نهدي مضيفة الطيران ... 300 يورو هي كل ما إدخرته من سنين الغربة المضاعفة ...
عائد من 18 سنة غربة ... لا حقيبة أدباش ... لا هدايا لا ملابس لا لعب لأطفال العائلة ...العائلة ؟؟ ترى ما مصيرهم ؟؟؟؟
يدي تطارد دمعة حارة على خدي ... إنسلّت بعد أن تذكّرت جنازة أبي التي لم أحضرها ....
فتحة صدر المضيفة البشوش تجذبني من جديد ... تضع خرطوشة سجائر وعلبة ويسكي وبعض علب الحلوى في كيس أمامي ... كلفتني نصف ما أملك ... تهت في ذكريات النهود في شوارع مدينة كان ( بفرنسا ) وشواطئها ...
صدر فتاة رومانية تنحني لتربط خيوط حذائها .... هو آخر لقطات مهرجان كان لسينما الصدور ... آخر ما شاهدت فيها ...
كنت ضيفا غير مسجّل في قائمة المدعوين ... أنتظر رئيسي في مجموعة مافيا المخدّرات ... حين وجدت نفسي تحت وقع كلمات حكم من قاضي أشقر بخدود حمراء ... عيناه الزرقاء كانتا كمحيط عميق غرقت فيه ...
المؤبّد ... هكذا شفا حقده من العرق ذي الشعر الأسود فيا أنا ...
مؤبّد وأنا في بدايات العشرين ؟؟؟ فرنسيته الركيكة وهو ينطق بالحكم ظلّت تتردد في أذني طيلة عقد و سبع كلّها عجاف ... صوته إمتزج بهدير طائرة تشارف السقوط منذ أقلعت ...
صوت قائدها يعلن للركاب دخولنا الأجواء التونسية ... مرحبا بعودتنا سالمين لأرض الوطن ...
أساور العدالة التي تزّين معصمي الأيسر.... حوّلت بشاشة صدر المضيفة لعبوس بل إلى إحتقار وهي تساعدني على ربط الحزام ... قالت بصوت تزدريني به
" كيف لا تعرف ربط الحزام وأنت في رحلة إياب"
ذهابي كان على سطح البحر ... أمواج إهتزاز الطائرة وهي تضع عجلاتها على سطح أرضنا المباركة بكل بركات الأزمان و الأديان ... إهتز معها كياني بقرب ما كنت أخافه ...
الساعة الثانية صباحا هكذا أعلن مذياع سيّارة الأجرة التي دفعت فيها مبلغ 50 يورو لتوصلني من المطار للبيت ... على حافة الطريق الرئيسي آخر أعمدة النوير العمومي ودعتني ... تائها في طريق غير معبّد ... حوالي المأتي متر أتعثّر في ظلمة ظلال أشجار البلّوط ...
صوت الباب الحديدي العتيق يعيد لذهني صوت قفل باب السجن الثقيل ... أزيزه يؤلم ذاكرتي ... المفاتيح مخبأة أين تركتها آخرة مرّة ... مفاتيح لا تفتح بابا... النور الخارجي لا يشتعل ...
من شرفة البيت ... خيال بيوت ومباني كثيرة تتراقص تحت ضوء هلال ليلة ساكنة بحرارة أوائل سبتمبر ...
" قوايل الرمان " هو مصطلح تونسي يفسّر حرارة توديع فصل الصيف وإستقبال فصل الخريف ... تتكفّل بإنضاج غلال الرمان ...
لهيب رياح الشهيلي القادمة من الجنوب حرق عطشي ... الحنفية التي كنا نغتسل بها من رمال البحر لا تجود بقطرة واحدة ... كل شيء معطّل ...
إستقبال كريم من بلدي في أوّل ليلة أحتضن جليز شرفة تطلّ على البحر ... رشفة وسكي صببتها في غطاء العلبة أشعلت لهيبا في بطني ...
شرفة البيت المزينة بأعمدة جبس منقوش ... بيت كان مضرب الأمثال في مضى ... جدي تفنن في فخامته ... طرازه هجين بين الأندلسي والشرقي ... حاولت التجوّل في الحديقة لكن الظلمة منعتني ...
ذاكرة طفولة قامت بالواجب ... مخزن كبير في الدور الأوّل ... سلّم بدرجات عريضة تصعد منه لتستقبلك شرفة مدوّرة محاطة بأعمدة قصيرة ... باب خشبي بجانبين ... مطرّز برسوم باب آخر داخله ... قاعة جلوس واسعة تحيط بها بيوت الغرف الثلاث والمطبخ والحمام ... جدي هو أوّل من ركّب حوض الإستحمام في قريتنا ...
وضعت مرفقي على حافة الشرفة أراقب البحر .... لم يتغّر شيء سوى ظل شجرة التوت التي تعالت أغصانها ... تركتها تعاني الحياة وحدها ... تذكّرت جدّي وهو يوصيني بالعناية ببيته قبل موته ....
موت جدّي هو سبب إنقلاب حياتي ... كنت أعيش هنا طفولة مدللة ... مراهقة هادئة ... يتمتع بتقاعد مريح من مشاركته ضمن فيلق الجنود الأفارقة تحت لواء فرنسا بحرب الهند الصينية ...
تزوّج أربعة مرّات ... لم يعش له من الأبناء سوى أمي وخالي ... معارضة أمي الزواج من خامسة كانت السبب في أن وهبتني لمؤانسة وحدته ....
موته وأنا اتحضّر لإجتياز الباكالوريا بين يدي كان هنا .... كان يشكو من سرطان الرئة لكنه يدخّن بشراهة ...
عدت بعدها لأعيش في بيت أبي ... أبي يسكن المدينة التي تبعد 25 كم عن قريتنا الهادئة ... راسبا في دراستي أعيد السنة عكس إخوتي الكبار كلّهم ... مدينة مزدحمة لا أعرف فيها أحدا ... حتى إخوتي وأبي كانوا غرباء ...
ضرب مبرح من الكلّ يوم إكتشفت أمي أني أدخّن ... التدخين في عرف عائلتنا علامة على الإنحراف ...
رشفة ثانية من غطاء الويسكي وتداخلت حرارة الذكريات الباردة مع لهيب الطقس ...
نصف قارورة من الويسكي سرقها صديق طفولتي الوحيد من خزانة أخيه الأكبر وأخفاها عندي كانت نقطة تحوّلي الثانية ... لاجئا في بيت جدّي من غضب أبي بعد معركة مراهقة عادية بين ولد طائش وأب صارم ... سببها إصراري على التدخين ...
فتاة من بنات هذه القرية تبلغ 16 سنة عرف عنها تمرّدها على كل الأعراف ... كانت تساعدني ... تجلب لي طعاما تسرقه من بيتهم ثمّ تجالسني تقاسم معي سيجارة ... السيجارة تلو الأخرى ... كانت ترغب في تجربة شرب الخمر ...
آخر ما أذكر أننا نصب من قارورة صديقي ... وجدت نفسي بعدها بأيّام أمضي عقد زواج في مركز الشرطة بحضور أبي ووالد الفتاة ... قالوا أني هتكت عرضها ... حقيقة لا أذكر شيئا ...
أبي الذي قال أني جلبت له العار تبرأ مني ... بينما تكفّل صهري بمصاريفي لمدّة قصيرة ... متزوج في بيت جدي وعمري 21 سنة ... زوجتي حامل ...
إقترح صهري بما أن البيت ملكي بالوثائق ... بيع وشراء بيني وبين المرحوم .... موقعه على البحر ومساحة حديقته والبئر سيوفّر رأس مال إنجاز مشروع والإنطلاق في حياتي ...
زوجة حامل ... عاطل ومنقطع عن الدراسة ... أصلا أنا عاجز عن تحمّل مسؤولية نفسي ناهيك عن زوجة ومولود ... كثر خصامنا ...
صهري أخذ إبنته تعيش عنده ... المفروض كما علّمنا مجتمعنا أني رجل لا يضر سمعتي شيئ ... هي والدها إحتضنها لفضيحتها و أنا والدي طردني ...
الجميع صار يتحاشاني ... الوحيد الذي الذي تواصلت علاقتي به هو صديقي صاحب القاروة ...
كان يتقاسم معي سجائره ... أغلب الوقت يبيت عندي لتشابه الوضعية بيني وبينه راسبان في الدراسة وعاقان لأبوينا ....
صديقي الذي ودعني مساء ذلك اليوم ... قال انه سيلتحق بالجيش كضابط صف .... وضيفة تبعده عن مشاكله مع أبيه ... أعطاني 3 دينارات وعلبة سجائر من نوع 20 مارس وسلّم عليا ...
شريط الذكريات كأنه يبث مباشرة من خيالي ... رشفة وسكي ثالثة ... رغبة شديدة في التدخين ... أشعلت سيجارة من إحدى العلب التي كنت انوي إهدائها للمعارف ...
ضحك السكر و طرافة الموقف ... سبب معاركي مع أبي هي التدخين ... وآخر سيجارة أشعلتها كانت هنا .... في نفس المكان ....
دوّي محرّك مركب صيد يشق صمت ليل ساكن ... نفس الصوت سحبني وأنا ارمي عقب سيجارتي الأخيرة منذ سنين ...
مجموعة من العاطلين يعتزمون الهجرة خلسة ... عرضوا عليّا مرافقتهم خوفا من أن أفشي سرّهم فتلحقهم دورية عائمة لحرس الحدود البحرية ...
لم أوافق ولم أتردد ... وجدت نفسي بعد 24 ساعة فوق سطح قدرة المتوسط في ضفته الأخرى ... ذكريات الموت تطاردني ... الموج يهز كياني ... رغبة في إرجاع ما في بطني الخاوية من أثر الويسكي ...
قليل من الحلوى ... أزيز باب الحديقة الذي لم يفتح منذ سنين طويلة يهز المكان ... خطوات قليلة لامس وجهي فيها ماء البحر ... رأيت أثر خطوتي الأخيرة لم يزل محفورا في رمال ذاكرته ...
دموع القهر إختلطت بماء البحر وما تخرجه بطني ... تبوّلت على ألمي وإفترشت الرمل ... خطوات تدنو من أذني ... صوت رجلين يتسائلان في ذعر ... ظنا أني جثة أحد الغارقين لفظها البحر ...
صبّحت عليهما وإنصرفت لم أعرفهما ولم يعرفاني ... نور فانوس غير بعيد من جهة الشمال يعاند نور الفجر ... النهار كشف تغييرات كثيرة بالمكان ... بيوت شاطئية فخمة أخذت مكان أشجار اللوز ... لا حركة فيها ... لقد إنتهى زمن التصييف ...
رجعت للبيت ... الحديقة تغطيها الأوراق والأعشاب ... سرب من الحمام إستوطن البئر ... جرّبت المفاتيح عبثا ...
أردت إشعال النور ... المكبس بمخزن صغير تحت البيت ... سلسلة حديدية وقفل ... خلعت كل سلاسل سجني بخلعه ... إستقبلني جرذ يخرج مذعورا تحت قدمي ... مكبس النور لا تيار فيه ... المخزن كما تركته ... بضع صناديق مبعثرة وجيوش من العناكب ...
درّاجة جدّي من نوع " متوبيكان " بنية اللون ... تتصدر المشهد ... الغبار يغطيها ... حقيبتان من الجلد معلقان بجانبيها ... آلمني منظرها وهي متروكة تعاند السنين مثلي ...
أخرجتها .... عجلاتها فقدت الهواء بما فعله بها الزمن... نفضت الغبار عنها ... مسحت كرسيها الجلدي ... أردت أن أشم فيها ريح عزي مع جدّي ... ركبت فوقها .. صورة جدي يعلمني قيادتها دفعتني للبكاء بحرقة على عمر ضاع هدرا ....
أدرت مواضع الأقدام ... تريد الإستجابة لكنها مبحوحة ... بعض المحاولات بفرك شمعة الكهرباء فيها ... إستجابت ... أصيلة أنت يا روح جدّي ...
كل أدوات الترقيع الخاصة بالعجلات في مكانها بالحقيبة ... شغلتني مهمة الإصلاح والنفخ ... عمل مفيد ... صوت محرّكها يزمجر أفزع سيدتين تمرّان بجانب السور ... البيت مهجور من سنين ...
صوت منبه حافلة يعلم الجميع أن حركة النهار بدأت .. فتحت الباب وإنطلقت بها أسابق الريح رغم بطئ سرعتها ... نسيم الصباح يداعب أذني ... شعري يتطاير للخلف ككلب سعيد بمرافقة صاحبه بجولة في السيّارة ...
أنا لازلت طفلا في داخلي ... روحي تبحث عن المرح ... وبطني تبحث عن شيء يملأها ...
وصلت للطريق الرئيس ... كلّ شيء تغيّر ... محلات وبناءات كثيرة على جانبيه ... كانت كلها أشجار بلوط في ما مضى ... باب محلّ مفتوح دلني عليه صوت بطني الجائعة ... أوقفت درّاجتي ... تقدمت منه متثاقلا ...
طلبت منه إن كان يمكنه أن يغيّر لي ورقة نقدية من فئة 100 يورو ... رفض لأنه لا يملك المبلغ من العملة المحليّة ... حزني دفعه أن يطلب مني أخذ ما أريد وأن أدفع لاحقا ...
علبة حليب وخبز تكفي ... أصر أن يكرمني ... جلست أتناول ما قدّمه لي بنهم كمن لم يأكل منذ سنين ... شاب في العشرين من عمره .. يشبه أحدا أهل القرية ...
سألني من أكون ... قبل أن اجيب ... قطعت تساؤله سيدة تدخل للمحل تصطحب طفلا عمره سنوات قليلة ... قالت ألم تعرفه ؟؟؟
إنه دليل إبن بنت عمّك فلان ... 280 مليون سؤال في نفس الوقت ... أين كنت ؟؟؟ متى رجعت ؟؟؟ لم تكبر ؟؟؟ كما أنت ؟؟ تعزيني في أبي ؟؟؟ تسال عن أحوالي ؟؟؟ لم أجبها ولم اعرفها ؟؟
عاتبتني كيف لم أعرفها ؟؟؟ ثم عرّفت بنفسها ؟؟؟ جاهدت لتذكرها ؟؟؟ تركتها **** ... كنت أضعها على حجري وأوصلها المدرسة على دراجة جدي ... أخبرتني أنها تزوّجت وهذا إبنها الثاني ...
بدأ مفعول الزمن يصدمني ... التاجر وضع في يدي ورقة عشرين دينار وقال أن أمر عليه مساءا كي يغيّر لي العملة ... إنصرفت شاكرا لكرمه واعدا السيدة بزيارة ؟؟ أصلا أنا نسيت بيت والدها ... كيف سأعرف بيت زوجها الذي لا أعرفه ؟؟؟
خرطوم يرش ماء أما باب مقهى ... دخلت ... قهوة سوداء وقارورة ماء وضعها النادل أمامي ... وجهه يعكس عدم إرتياحه من وجود غريب في الفجر ...
غربتي زادت في كل وجوه الوافدين على المقهى .... مرارة الغربة في وطني ... الشيء الوحيد الذي يكسر إغترابي هو كثرة الهمس حول شخصيتي ... كل ما في البلد تغيّر إلا تلك العادة ...
يئست من وجوه القادمين ... لم أجد أحدا أعرفه ... وقفا انتظر الباقي من يد النادل... لهيب صفعة قويّة تحرق رقبتي ... لم انتظر صوته وهو يقول للنادل أن الحساب عنده ... قياس يده على رقبتي أعلمني بشخصيته ... إنه هو صديقي الوحيد في الكون ...
حضن طويل أغرقت فيه قميصه بالدموع ... حضنني وهو يمسح وجهي ... صوته يلعلع داخل المقهى ... المشاريب كلها على حسابه ... نخب عودة "عشيره " ...
250 يدا صافحت و ألف وجنة قبّلت لم أعرف منهم أحدا ... مرتبك ومكسور... أحس بي صديقي ... العشرة تبقى رغم كل شيء ... سحبني من يدي لسيّارته ... أوصى النادل بالعناية بدراجتي حتى العودة ...
جال بي المنطقة ... لم اهتمّ لشرحه عن تغيٍّر الوضع ... كنت فقط أريد أن أبكي ... على حافة البحر شكوته همي وما جرى لي ...
العشرة لا تهون ... ذهبنا أولا للبيت ... التيار الكهربائي مقطوع لعدم سداد الفاتورة ... دفعها هو ونحن بالمدينة ... أكياس كثيرة من المشتريات الأساسية ... نصفها لي ونصفها لزوم وليمة نخب عودتي ...
المفروض أن اشعر تجاهه بالإمتنان ... لكن صدري ضاق ... الكل صار يقدّره ... الناس تسبقه بالسلام بل وتتسابق للسلام عليه ...
جلسنا بمقهى فخمة ... أخبرني أنه إرتقى في رتبته ... صار ملازم أوّل .. تزوّج وله 3 ***** ... مركب في الميناء يدرّ عليه أرباحا ... ضحكت من منظره لما خلع قبعة كانت تستر صلعته البيضاء .. نصف أسنانه ذهبت ...
قال أني لم أتغيّر ... قلت له أني كنت محفوظا بالثلاجة ... ضحك من لم يفهمني ... قصصت عليه كيف إجتزت البحر يوم إلتحاقه بالعسكرية ...
حياتي بفرنسا كانت صعبة ... عليك أن تعمل منذ الفجر للمغيب في أعمال البناء الشاقة لتحقق ما يسد رمقك ... طرائف قليلة عن من كنا نضرب بهم المثل في الصداقة كيف تقاتلوا من أجل سيجارة ...
مجرّد أن يدفع لك ثمن قهوة يعتبر جميلا عليك أن تحمله طول عمرك ... ناهيك عن من ساعدك في السكنى أو العمل ... الغربة تغيّر الأنفس ...
فرنسا لمن كانت وضعيته غير شرعية جحيم ... خالي هو الوحيد الذي ساعدني ... وضعيته أشعرتني بالخجل ... مدلل مثلي هنا هل تتصوّر أن يحتمل الأشغال الشاقة هناك ...
إلتحقت بالعمل الغير مشروع ... سرعان ما ترقيت من صبي أراقب الشرطة لمسؤول عن التزويد .... كنت أحد رجال " البيضاء" ... البيضاء هي المخدرات البيضاء ... الكوكايين أو كما يحلو للبعض تسميتها ... الكوكا ...
النتيجة الطبيعية لهذا العمل هي إحدى الحسنيين .... إما الموت أو السجن ... قال أن نصيبي كان أخف الأضرار ... بكيت وأنا أقول له أن الموت كان أهون ...
راح يهون عليا من مصابي ... بعض من نعرفهم لا يزال عاطلا والأغلب عيشتهم لا ترتقي للحياة ... قال يمازحني أنّه لو أن والده مات وهو راض عنه لكان مصيره أسوء...
كلمته كالرصاصة خرقت قلبي ... دموعي إنهمرت منها... تذكّرت أبي ... هل مات وهو راضي عني ؟؟؟ ....
أراد تغيير الجو .. سألني إن كنت إدخرت قليلا من المال ... ربما يكون رأس مال مشروع يمكن أن يساعدني فيه بمعارفه...
فجأة تذكّرت ... كنت أعطي جزءا من مرابيح المخدّرات لخالي ... المبلغ يفوق العشرة آلاف يورو ... بفرق العملة يمكن أن أكون حققت شيئا في غربتي ...
كالمفزوع طلبت منه أن يوصلني لبيت خالي إن كان يعرفه ... تركته وهو يؤكد عليا أن أتعشى معه ... زوجة خالي ترحب بي كإبن لها ... أصرّت ان أتغذى معهم ... صوت خالي فرحا يصلني عبر الهاتف .... يبارك حريتي وعودتي ...
قال أنه سيرسل جزءا من أمانتي عنده قبل نهاية النهار... الغذاء وساعات نوم في بيت أحسست فيه ببعض دفء الوطن ... راحة جسدية ساعدتني ...
5 آلاف دينار تسلّمتها زوجة خالي من رجل ... قالت أنها طريقة أسرع في التعاملات من البنوك ... خالي يعطي المبلغ في فرنسا لشخص وهي تسحبها من أخيه في تونس في نفس الوقت ...
تحيّل جميل على قوانين الدولتين ... قالت أن خالي سيعود وسط الأسبوع القادم … رفضت أن أبيت عندهم... طفت شوارع المدينة على قدمي ...كم أكره زحمتها ورائحتها .... ذكرياتي فيها كلّها ألم ...
شمس الأصيل تفسّر تزايد الحركة ... خروج الموظفين ... قادتني خطواتي لمنطقة هادئة ... باب المقبرة يدعوني للدخول ... ترحمت على الموتى جميعا ... جلست عند شاهد قبر آبي ... بكيت حتى جف الدم من عيوني ...
تحاورنا تناقشنا ... ماذا كسب كلانا بعنده ... عنادي سببه طيش الشباب... أنت حكيم كنت تستطيع تغيير حياتي ... لم أحاوره وهو حي لم أبك في صدره... حاورت روحه وبكيت شاهده ... نمت متوسدا الأرض بجانب ضريحه ...
في العادة أنا أخاف من ابسط الأشياء... نومي بجانب أبي لأوّل مرّة في حياتي أشعرني بالطمأنينة ... مع أشعة الشمس الأولى... نفضت تراب ليلة سددت فيها كل ديوني معه... قلت ما لم أستطع قوله قبلا...
صدري إنزاحت عنه غمّة ... أحسست كأني تخلّصت من حمل ثقيل ... فطور الصباح بمقهى فخم ... زبائنه كثر... قهوة كبيرة ومجموعة من الحلويات والبيض والعصير ... روحي تغذت بخلاص الدين مع أبي وعروقي تغذّت بإفطاري ...
وقفا أطلب الفاتورة من النادلة... منظري المزري دفعها لإحتقاري ... فتاة في العشرين... تنورة سوداء قصيرة فوق الركبتين ... حذاء أسود وجوارب شفافة... قميص أبيض... فتحت أخر 3 أزار أعلاه ... قطعة قماش سوداء تلف بها وسطها عليها إسم المحلّ ...
رزمة الأوراق الخضراء في يدي أربكتها ... أرادت إرجاع الباقي ... تدحرجت قطع نقدية أرضا ... إنحنت تلتقطها ... صورة فتحة صدرها الأسمر أعادتني للحياة ... فتحة صدر روماني سلبت حياتي و نهود تونسية أعادتها ...
طلبت منها أن تترك الباقي عندها ... رفعت عينيها وهي لا تزال مقرفصة... قالت أن المبلغ كبير ... غمزتها وأنا أنظر لصدرها ... قلت أن هديتها أكبر ...
هممت بالخروج لكنها لحقتني ... طلبت رقم هاتفي... آخر عهدي بالهاتف في تونس هو ذلك الصندوق الأزرق الكبير... نحشر فيه قطعة نقدية ونزعج الناس ... تونس تطوّرت ... كما أن العالقات تطوّرت ...
كتبت رقم هاتفها ووضعته في يدي ... همست في أذني قالت أنها تنهي عملها الثالثة بعد الزوال ... سطح صحراء عطشي تشقق لصوتها الناعم بنسيم عطرها الأخّاذ ...
أحسست بإنتفاخ بين فخذي ... خلت أن تلك العضلة فقدت إحدى مهمتيها ...
قلت لها أن عندي مشاغل لمدة أيام ثم أكلمها ... إنصرفت من أمامي تلبي نداء زبون ... خطوتان تاه نظري في تأرجح مؤخرتها ... إلتفتت وقالت بشفتيها دون صوت ... " في أي وقت "
إن كان خروج الروح صعبا فعودتها أصعب ... اللون الوردي يكسو نظري ... الروح تسترجع الرغبة في الحياة ... كما هو الشارع يسترجع حركيته.... المحلاّت تفتح ... البنات تحتل الشوارع ...
كفراشة ليل يسحبها كل نور نظري يلاحق كل مؤخرة... الشوارع لم تكن هكذا يوم غادرت تونس ... هل نسبة الجمال تزداد ... هل هي الملابس ؟؟؟ ماذا وضعوا لنا في الأكل ؟؟ أم هي كثرة كبتي جعلتني أتخيّل ...
مقبلا على الحياة بنهم ... مزودا بمبلغ محترم ... إشتريت كمية من الملابس ... كنت أجلس في أحد المقاهي أريح رجليا من تعب الطواف ... أطالع صفحات جريدة ... كل صفحات تتحدث عن الإنتخابات ... لم أفهم شيئا ...
أدخن سيجارة وأطالع الإعلانات ... جذبتني صورة إعلان ملوّن ... إمرأة ظهرها عاري و يدان تدلكان ظهرها ... أكرمت سائق التاكسي الذي أوصلني للعنوان بسرعة...
فتاة لم تبلغ العشرين ... تقف وراء مصرف أبيض .. عليها أوراق إشهارية ... عيناها العسليتان ترقص فرحا من قدوم زبون في هذا الوقت المبّكر ... عبارات الترحيب تتطاير من شفتيها العسليتين ... صدرها المدور الصغير يهتز من تحت لباس ابيض خفيف ...
خرجت من وراء المصرف تريد أن تحمل عني الأكياس ... ركبتاها مدورتان تميلان للزرقة ... قصبتا رجلها ضعيفتان ... منظرهما لا يتناسق مع إستدارة فخذيها ...
وضعت أمامي أوراقا عديدة ... أرجعتها لها قلت لها أريد أن أنزع غبار السنين ... أكياسي وأوراقي وأموالي في خزانة... رميت ملابسي القديمة في سلّة المهملات ... ضحكت من فعلي ...
قلت لها أريد أن أولد من جديد ... ملتحفا بفوطة بيضاء في وسطي أتبعها ... روحي تتبع إهتزاز ردفيها ... فتحت بابا ونادت زميلاتها ... خرجت سيدة تجاوزت الأربعين ترحب بي ... أعلمتها الفتاة أن تحسن الإهتمام بي وإنصرفت ...
الجو جميل والروائح عطرة .. شموع معطرة موسيقى هادئة ... رأسي داخل مغطس تغسله قبل القص ... وصوت عذب جميل يرحب بي .. يدان ناعمتان تشاركان في غسل شعري ... كنت أتلهف أن تزاح المنشفة عن وجهي لأتعرّف على صاحبة الصوت الآسر...
ويا ليتها ما فعلت... رغم جمالها لكنها أكبر من صاحبتها سنا ... ليس هذا ما أشتهي ... الجيل الذي نشأ وترعرع في غيابي ... اللحم الطري الغض هو بغية قرمي ...
كبر السن مكروه لكنه يكسب الخبرة ... الحلاقة على يد النساء نوع آخر... لحيتي تنزلق عليها قطرات الماء من نعومتها ... شكل شعري لم أتوقع أن أسرّحه هكذا يوما... قالت إحداهما أن شكلي وسيم وجسدي جذّاب ...
اشارتها التي لم أستقبل ذبذباتها دفعت ثمنها لاحقا ... داخل مغطس ماء حار .... كصوف كبش تدعكني أيديهما وتغطسني ... أعتقد أنهما قشرتا جلدي ... لوني تحوّل للوردي وأنا اخرج من المغطس ...
شبكة العنكبوت تحت إبطي دفعتهما للقرف ... همست السيدة الثانية في أذني قالت أن ذلك ممنوع لكن مقابل 10 دينارات من فوق وعشرين من تحت ستتكفل بأمر تنعيمي ...
موافق على طول ... يدها الخبيرة في ثواني جعلت إبطي أنظف من وجهي ... سحبت الفوطة من وسطي ... زبي تائه وسط غابة شعر ملبّد ... يدها القوية تهزه للأعلى ... كبت العمر تحرّك بحركتها ...
إنتصابي على أشده ... بقوة تسحب زبي للأمام ... موسى الحلاقة والكريمات المزيلة تحصد محصول سنين طويلة من الإهمال ... إنكسرت الرغبة تحت عنف حركاتها ... أي إحتجاج أمام يدي هذه السفاحة يهددني بقطع قضيبي ...
لم ينتهي تعذيبي ... طلاء من الطفل الأخضر يشوي جلدي ... يسحب البرد من المفاصل ... قبل إطلاق سراحي من قبل فرقة أمن الدولة ... حفلة الوداع حشرت داخل بيت الساونا أطبخ فيه بالبخار...
وقفتا تسلماني للفتاة عند الباب ... صدق العندليب في قوله ... لو أني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت ...
قهوة تفوح وسرير وثير وقاروة ماء ... وضعت 50 دينار في يد الفتاة قلت لها أن تحاسب السيدتين ... وتحتفظ بالباقي وتوقظني وقت إغلاق المحل ...
شربة ماء ورحت في غيبوبة نوم ... أحلام لذيذة ... البنات في الشارع تتقافز حولي ... الأثداء تهتز ... المؤخرات تتراقص ...
فتاة الإستقبال في المركز تفتح لباسها ... صدرها العاري وكسها يتكلمان يناديان بإسمي ... نادلة المقهى ترضع شفاهي ... سيدتا الجحيم ... واحدة تشلّ حركتي والأخرى تعصر زبي ... كس فتاة الإستقبال يناديني ... سيد دليل... سيّد دليل ...
قذفت كبتي ... فتحت عيني... البشكير مفتوح ... يد الفتاة تهز كتفي ... زبي يقطر مائه ... عيناها مفتوحتان على آخرهما وفمها يضحك .. قالت أن الساعة السادسة إلا ربع ...
تملكني الخجل القاتل ... فتحت باب غرفة الإستحمام وطلبت مني أن أسرع ... ساعدتني في تحسين هندامي ... وتسريح شعري ...
ملابسي الجديدة وشكلي يوحي أني عائد من الخارج فعلا ... طلبت مني أن أوصلها معي في طريقي... كما يمكننا أن نشرب شيئا للتعارف...
إنسحاب فض لما علمت أني لا أملك سيّارة ...
سيّارة... البارحة كنت أموت جوعا ... لولا أمانة خالي لما فكّرت في المرور أمام باب مركزكم أصلا ... سيارة تاكسي تقودني لوجهتي... متخيّلا تلك الفتاة ورائي على درّاجة جدي...
أنا أصلا لا أملك رخصة قيادة ولا أعرف سواقة السيارات ... واقفا في أوّل نهج بيتنا... خطوات ثقيلة... نحو بابه ... كل شيء تغيّر ... ما كان بيتا البيت أرضيا تحوّل لعمارة ... مجموعة من البيوت بنيت فوقه ... محلاّن وكافيتيريا مكان مرآب السيارة الكبير ...
ضربت الجرس مترددا ... صبية عمرها حوالي 15 سنة تفتح الباب ... هي متعجبة من شكلي وأنا متعجّب منها ... صوت من الداخل يسألها من ؟؟ التعجّب صار دهشة ؟؟؟ سيدة ***** في الثلاثينات تقف خلفها ؟؟ سألتني من أكون ؟؟ قبل أن أجيب...
ولد وبنت لم يتجاوزا العاشرة يهرولان نحو الباب ... تقف ورائهما سيدة شعرها أحمر مجعّد وتلبس نظارة ... الكل ينظر مستفسرا ... كنت سأتكلم قبل أن يلحق ركب الغرباء امرأة أخرى تلبس شورتا و قميص بحمالات وحافية القدمين ...
هي الوحيدة التي تشجّعت وسألتني من أكون ؟؟؟ .... فكّرت أن إخوتي باعوا البيت ... سألتهم هل أن أمي موجودة ...
أمي من الداخل تسأل من الطارق ؟؟ ... صوتها سحبني بقوة متجاوزا الجميع نحوها... سقطت الأكياس من يدي و بركت أرضا قبل أن انزع بعنف يد واحدة من النساء تمسكني متسائلة " رايح فين ؟؟؟ "
قبلت قدمي أمي ... تركت عجلات كرسيّها المتحرّك ... يداها رفعتني نحو صدرها ... شعرها صار أبيض ووجها الجميل تجعّد ... عانقتني وأغمي عليها ... بحر من القبل والأحضان إسترجعت فيها أوراق جنسيتي ...
تجمع الجميع حولي ... سلام بارد بيني وبين إخوتي ... المتدينة زوجة الأوسط ... والصهباء زوجة الأصغر و العارية زوجة الكبير ....
الوحيدة التي غمرني شعور دافئ نحوها كانت بنت الأوسط ... إسمها دليلة ... ربما إسمها هو السبب ... قالت أمس أنّ أبي أصّر على تسميتها ...
طلبت من الجميع الإنسحاب أريد أن اشبع من أمي ... عشاء بين يديها أشبع جوعي .... رغم نومي طيلة النهار بالمركز ... نمت نوما عميق في حضن أمي ...
هذه أول مرّة أذكر فيها أني نمت في حضنها ... هي السبب لو لم توافق أن تهدني لوالدها ربما لكنت فردا في هذه العائلة الناجحة ...
كبت كلاما كثيرا كنت أدين لها به... أصلا كنت أتدرّب على قوله في زنزانتي لسنين طويلة... تلاشى أمام وضعيتها الصحيّة ...
طالبت بمفاتيح بيت جدي ... وطلبت منها عدم التدخّل بيني وبين إخوتي وأن تبقى على الحياد ... وإلا فالكل أعداءي... ودعتني بدموع المشتاقة ....
قبل خروجي ... صعدت للأدوار العليا دخلت كل البيوت دون إستئذان ... زوجة الأكبر حاولت مناكشتي ... أجبتها أن المحاكم بيننا ؟؟؟ كيف تتصرفون في ورثي من أبي دون إذني ؟؟؟
هذا ما رسمت خططه على أرضية زنزانة لسنين طويلة ...
زعزعت إستقرارهم ... هدمت عروش راحتهم ... المنتقم عاد من جديد ...



الاجزاء من الثانى للعاشر
القصة من ابداع الكاتب بياع الكلام تونسى الجنسية


الجزء الثانى

دخلت المقهى في قريتنا ... إستقبلني صديقي وعشرة عمري بلهفة ... فسّرت له سبب غيابي ... نسيت درّاجة جدي ... قال انه أوصلها للبيت ... كما أن الكهرباء والماء عادا إليه ... صاحبني مستفسرا عن سرّ تغيير شكلي فجأة ... لم اجبه
فتحت الباب ... رائحة الرطوبة تخنق ... سارعت بفتح الشبابيك ... لا يوجد فانوس يشتعل ... الحيطان تشققت ... أغلب الأبواب تحتاج صيانة ... غرفة النوم التقليدية ... السدة هي عبارة عن سرير مبني بالحجارة ... سقف يقسم الحائط نصفين ... الجزء الأعلى هو الفراش ... الستائر الحريرية أصابها التلف ... قديما أيّام الحشمة ... كان الصعود للسدة هو مرادف لممارسة الجنس غرفة النوم لا تصلح للنوم ولا غرفة الجلوس تصلح للجلوس ...
صورة جدي طمرتها خيوط العنكبوت .... مسحتها ووضعتها على صدري وبكيت آخر دمعة أدين بها
طلبت من صديقي أن يغادر كي أستطيع ترتيب البيت ... رفض معللا أن شهرا كاملا لا يكفيني لترتيبه لوحدي ... دقائق وإشتغلت شبكة إتصالاته ...
سباك وكهربائي وعامل بناء وحدّاد ونجّار... أمرهم بإنهاء ترتيب غرفة النوم والحمام قبل هذه الليلة .. والباقي يمكنهم إنهائه في 3 أو أربعة أيّام ....
نصف ساعة وعج المكان بجيش من العمال في الحديقة والمخزن .. وإثنان يعتنيان بسور البيت ... حتى الدراجة كلّف من يصلحها ...
المفروض أن يزيد إمتناني لصديقي لكن العكس هو ما حصل ... الكل يحترمه ويطيعه ... بل ويتحكّم بهم ... كيف وصل للريادة ... قارنت بين حالي وحاله آلمني وضعي ...
زاد ألمي وزوجته تستقبلنا ببشاشة ... عرفني عليها ... عمرها 25 سنة تزوجها وعمرها 18 ... حسدته عليها رغم أنها لم تستهويني ... 3 ***** منهم واحد لا زال حابيا .. رغم إزعاجهم لكنهم يشعلون البيت بهجة وسرورا ...
بيته ليس فخما لكنه محترم ... صور زفافه ... ذكريات شغله ... عنده صور كثيرة منذ طفولته ... المدهش أني لم أجد لنا صورة تجمعنا ...
زوجته تتفنن في الطبخ ... لكني لم استطع أن آكل جيدا رغم محاولتهما ... عالجت كسر نفسها بعد جهدها بأّنّي غير متعود على الأكل بكثرة... جولة مسائية طويلة رافقني فيها ... صرت أمقت وجوده بجانبي ...
الشيء الوحيد الجميل في الأمر أن لا أحد يعرف من أنا ولا أين كنت ولا ماذا أفعل ... حتى شهور إقامتي الحرة بفرنسا لم أخالط أحدا من أبناء البلد كل معارفي جزائريين أو شاميين ...
دخلت البيت بعد المغيب ... الأشغال تقدمت بسرعة ... رائحة الدهن تملأ المكان الأبواب صارت تفتح بسهولة ... المخزن نظيف ومدهون حتى بابه صار يقفل ... الغرفة الكبيرة مدهونة ... الحمام نظيف حتى سخان الماء يعمل ... هذا هو المهم ...
إستلقيت على السرير ... ندمت لتفريطي في الطعام الشهي على الغذاء ... المطبخ لا يمكن دخوله ... بطني منعتني من النوم خرجت أتمشّى...
سحبني نور فانوس يلمع بين شجيرات تلاصق الشاطئ ... شكله يدلّ كونه مطعما قلت علي أجد ما أسد به رمق جوعي ... الساعة الثامنة ليلا...
ديكورات بسيطة وبناء من القصب وبضع طاولات ... شابان في بداية العشرينيات يجلسان يتقسمان قهوة ... إستقبلتني سيدة إستقبالا حارا ...
إقترحت عليا طبقا من خيرات بحرنا ... وصفها لمكوناته وشوقي لسمك قريتنا ضاعفا من جوعي ... رائحة الشواء تثير رغبتي في الأكل ... وفتاة بنت 17 سنة تثير غريزتي ... تشبه صاحبة المحلّ...
شورت أسود قصير يكشف فخذين حوّل لفح الشمس جلدهما للون البرنزي ... قميص ظفر فوق بطنها يشد صدرا يافعا يطل من فوق زرين مفتوحين تحت رقبة تميل للسمرة ... وجهها أحمر بفعل الشمس التي قشّرت أنفها ... عيناها تشتعلان رغبة في الحياة ...
كانت تتفن في خدمتي ... سيطرت على نظري جيئة وذهابا ... أردافها تتمايل مع كل خطوة تغوص فيها قدمها على رمل الشاطئ.. لاحظت أمها إهتمامي بها ...
رايتها تهمس في أذنها ... دخلت للمكان المخصص للطبخ ... ثم عادت تحمل طبق سلطة مشويّة وصحن هريسة تونسية نسيت طعمها منذ بداية الألفية ...
إنحنت ترصف الطبقين أمامي ... غرست عينيا في صدرها ... فتحت الزرين لتكشف عن وردة زرقاء تربط جانبي سوتيانها الصغير الأسود .... نهداها الصغيران متباعدان كأن بينهما خصاما ..
قطع تأملي قدوم أحد الشابين يتعثر خجلا ... وقف أمامي يضع إصبعين أمام فمه ... يطلب سيجارة ... أعطيته إثنين ... وإنسحبت الفتاة ...
غابت لمدة طويلة ... ألمي وحزني كبيران ... أمها قامت بتقديم بقية وجبتي ...
كانت طاولتي متجهة للبحر ... والولدان يجلسان يساري في مكان جدرانه قصب شبيه بالغرفة ... حورية يتلألأ جلدها في الماء تحت أشعة فانوس فوق سطح المطعم ... الفتاة تسبح أمام عيني ... تتستر بجنح الليل ... محاولتها الغوص تكشف عري ظهرها ...
كدت أجن لما دخلت تلبس قميصها وتحمل سوتيانتها تلوح بها مع حركة يدها ... رجلاها تثير رمال الشاطئ و صدرها يثير عواصف الشوق في صحراء عمري....
ناديتها لا أعلم لماذا ... الطاولة مكتملة ... وضعت يديها على حافة الطاولة وإنحنت لتسمع طلبي ... صدرها نصفه وجبة لعيني ونصفها تخزنه ربما لوجبة أخرى ...
طلبت منها علبة مياه غازية من أندر الأنواع ... إنصرفت تسحب عقلي بين ردفيها اللذان إلتصق بها قماش الشورت المبلول ...
عادت أمها بعد مدة لتعلمني أن طلبي غير موجود... جالستني دون إذن تنظم الصحون أمامي ... قالت إن كان يمكنها تقديم شيء ...
لهجة المرأة ليس بريئة ... لا اعلم لماذا أحسست ذلك ؟؟؟ شكلها طبيعي ولبسها طبيعي لكن قلبي يقول أنها تشير لشيء ...
تقدّم مني ذلك الشاب ثانية ... نهرته صاحبة المطعم عن إزعاجي ... يريد سيجارة أخرى فكّرت في التخلّص منه ... عرضت عليه أن يجلب لي قارورة مياه غازية مقابل علبة سجائر ... وافق بسعادة ...
حسبت المسافة بين محل الشاب الذي تركت عنده الورقة النقدية منذ أيام ذهابا وإيابا... ساعة ونصف على أقل تقدير... وصفت له المكان والشاب وإشارة سيفهمها التاجر ...
قال أن ذلك سيأخذ وقتا ... قلت له أني سأسهر مادام كان المطعم مفتوحا...
قالت صاحبته انّها تحت أمر الزبائن .... إنصرف وصاحبه بسرعة ... الجو هادئ الآن ... جليستي أطالت المكوث ...
  • ما قلتليش الأكل عجبك ؟؟؟
  • طبعا ... من سنين ما ذقتش الطعم داه ؟؟؟
  • إلا قلّي هو إنت جاي تصيّف وإلا شغل وإلا إيه ؟؟؟
  • لا أنا إبن البلد دي ؟؟ بس كنت مهاجر من سنين ؟؟
  • ما تقليش إنت المليونير إلي ساكن جنبنا عالشّط ؟؟؟
  • مليونير ؟؟؟ مين قالّك الحكاية دي؟؟؟
  • الولدين إلى كانو هنا بيحكو عن واحد مهاجر من 20 سنة ورجع من كام يوم ؟؟ بيقولو نص البلد بتشتغل عندو في البيت ...
  • لا لا مش للدرجة دي
  • يعيني إنت هو؟؟؟ هو إنت خايف لأحسدك ؟؟
شعرت بالإمتنان لأول مرّة لصديقي ... أهل القرية صاروا يؤلفون القصص عني ... إحساس جميل يرطب جفاف فشلي ... لا مانع إن حسدوني ...
إمتناني صار أكبر لما إقتربت مني البنت ... تتسائل أين كنت أقيم بالخارج ... نهرتها أمها أن لا تزعجني ... تذمّرت البنت
  • يوووه يا خالتي ... كل مرّة تحرجيني كده ...
  • خالتك ؟؟؟ وجهت نظري للمرأة هي مش بنتك
  • لا دي بنت أختي ؟؟
سهرة هادئة ... صوت جليستي يتجانس مع صوت مدّ البحر ... الأكل شهي ... سعاد ... هكذا كان إسمها ... عمرها 44 سنة ... إنتقلت للعيش هنا منذ 15 سنة صحبة زوجها الذي يعمل حارسا بالمنطقة الصناعية ... قالت أنها إختارت قريتنا لثمن الإيجار المنخفض ...
هذا المطعم الصيفي البسيط هو شغلها الوحيد ... باقي السنة تلازم بيتها الذي يلاصق المطعم ... سمر بنت أختها 17 سنة ... تسكن بالمدينة لكنها تمضي الصيف بصحبتها ... تتمتع بالبحر و تساعدها في أشغالها ... سمر التي فقد جلستي سمرها إختفت ....
خجلت أن اسأل عنها .... ودعت سعاد بعد كرم مبالغ فيه كبقشيش وأنا أشكر حسن ضيافتها وتفننها في الطّبخ ...
عدّة أمتار يبلل مد البحر فيها قدمي ... إستلقيت على رمال شاطئه النقية ... وضعت حذائي تحت رأسي ... منظر الصبية سمر يسامرني ... خالتها تبدو منفتحة على تطوير علاقة ..
أنوار شماريخ وألعاب نارية تزين ليل الأفق الشرقي... شريط ذكريات جديد يبث أمامي ... إفتتاح مهرجان كان ... نسمات الصيف بدأت تلفح جلود الفاتنات على شواطئها ... الشوارع تغص بالجميلات ... جميلات منعنتني قضبان السجن حتى من تخيّلهم ...
شوارع كان ... الجن تتراقص فيها دون شهب ترصدها ...
الكيس البلاستيكي الذي وضعت فيه قطعة خبز وقارورة الماء ... بدأ يزحف مبتعدا عني ... كلب جائع تجرّأ و خطفها مني ... لهاثي وأنا أطارده على رمال شاطئ تغوص فيه رجلاي ...
لا أعلم سرّ إصراري على مطاردته ... نفس إصرار السائح اللاتيني الذي دفعني جوع التشرّد على الضفة الأخرى أن اسرق كيس أكله ... خطوات رجال الشرطة الذين إستعان بهم ... تقترب من مسامعي ...
تهديد بإطلاق النار إن لم أتوقّف ... صوت فرامل درّاجة نارية كان الأقرب ... " إركب بسرعة وبعدين نحتشي " ... عامية الرافدين كم عشقتها ...
عشقي لحيدر العراقي هو السبب ... حيدر هو سبب إلتحاقي بعصابة مافيا البيضاء ... المخدرات ذات المفعول السحري ... حيدر هو فارس وكرّار كصاحب التسمية الأصلي ...
مفعول البيضاء جرّبته مرّة ... " طباخ السم يذوقه " هكذا قال مروان الشامي ... البيضاء مون أمور ...
عفوت عن الكلب ليفوز بغنيمته ... عائد أقذف رذاذ خطواتي على الماء ... لهيثي يخرج كلمات غير مفهومة وأنا أدندن كلمات أغنية المرحوم الشاب حسني..
ذكّرتني جملة " كل يوم نبات سهران نندب في الكونتوار" بمرزاق الجزائري ... رئيسنا أو " الكابو" كما يحلو لرجال العصابات تسميتهم ...
آخر مرة تحدثنا كان يندب آخر قارورة على الكونتوار ... ويطلب الصفح من الزرقاء ... أنفه متورّم من أثر شم حبيبته البيضاء ...
سلمني مفتاح الخزنة ... دوري كان رابط الصلة بينه وبين مروان ... آخذ منه مفتاح الخزنة آخذ الثمن منها ثم أخبئ البضاعة فيها وأعيد إليه المفتاح ...
دوري البسيط كنت أحصل مقابله على 1/100 من قيمة الصفقة ... كان يعتبرني ذراعه الأيمن ... كان يقول أنه يثق بي ... لا أحد سوانا يعرف مكان الخزنة ...
هي عبارة عن بيت وصلات كهربائية قديمة تم التخلي عنها بعد أشغال تمتين جانب الميناء ... غطتها الصخور الأسمنتية ... بوابة حديدية لا تفتح حتى بالمتفجّرات ...
غطيت وجهي من ألم ذكرى صورته وهو يلفظ آخر أنفاسه ممزوجة بدم يخرج من فمه بعد 4 رصاصات مكتومة سكنت صدره أمام البار ... أنا أغمضت عينيه ...
دمعة سالت لذكراه .... مروان الذي أنقذته ثواني ركّزت فيها على صدر الفتاة الرومانية من أصفاد المؤبد ...
ملقى على الأرض ... ركبة شرطي أسود ثقيلة على ظهري ... رفعت رأسي... رأيته يهرب ببضاعته ...
ذكريات تتلو الأخرى ... رائحة الدهن تطرد النوم من عيني ... حركة العمال النشيطة سبقت كسل أشعة شمس هذا الصباح ...
جائع ومنهك ومهدود بالذكريات .... خرجت قاصدا المقهى ... إعترضني الفتى من ليلة أمس ... عرض عليا أن يجلب طلباتي ...
شاب نشيط جدا إسمه نبيل ... أقام لي مكان إستراحة وقتية في الحديقة أراقب منه العمل ... شمسية قديمة وكرسي وصندوقان ...
يعد لي الفطور ... يسكب القهوة ... إلتحق لوحده بالعمّال بل صار يوجههم لنقائص في عملهم الحثيث ... يستشيرني ثم يطلق صوته بالأوامر ...
كلمة عرفي التي تخرج من فمه تسعدني ... لم أكن يوما عرفا ... كنت دائم الصانع ...
العرف ببسط العين وسكون الراء وكسر الفاء معناها المعلّم أو الرئيس و الصانع هو المساعد أو الصبي ...
رائحة العشب المحروق وضوضاء العملة أزعجتني ... طلب مني الرّاحة أو قضاء شؤوني ... طمأنني أنه موجود ... سيتكفّل بإعلامي لو صار هناك إخلال ...
سعيدا على حافة الشاطئ ... شورت أسود قصير ... صدري عاري ... منشفة توشّح كتفي ... حالتي النفسية دفعتني للركض ...
كنت أطارد ظلي الذي يتهرّب من محاولتي أن أدوسه ... يسبقني مراوغا على رمال الشاطئ المبللة ... إنعكاس أشعة الشمس التي أعلن طلوع النهار عن نشاطها تتراقص فوق سطح البحر ...
صدمة الماء البارد على جلد ظهري الذي كوته الشمس ... دفعتني للشتم ... صوت ضحكة رقيقة ورائي ...
عينان سودوان تملأهما الحياة وسط أهداب ناعسة ... سمر تضحك من ردّة فعلي ... صدرها الطري الغض مرفوع للأعلى بسوتيانة سباحة زرقاء عليها رسوم نخلتين في كل جانب ... موسم تمر الجنوب إقترب ...
بطنها تتوسطه صرّة داكنة في محيط برنزي ... شورت أسود مشدود بخيط ربط على شكل أذني أرنب ... لا يتجاوز قماشه منبت فخذيها ... تكوّر صغير بينهما ... يعكس إهمالها قص الشعر فيه ...
طلبت مني مرافقتي بالجري ... فخالتها لا تزال نائمة والوقت مبكّر لفتح المطعم ... كنا نجري جنبا لجنب ... أحينا تتعمّد رشي بالماء على ظهري كلما سبقتها ... لعب **** طريفة بعث فيا روح الطفولة ...
كنت أنوي الإنتقام منها جعلتها تسبقني ... منعتني صورة مؤخرتها تهتز أمامي مع كل خطوة ... صغيرة لكنها طريّة ... كنت أتخلّفها بخطوات... صرت أقلب أصابعي كلاعب كرة يد ...محاولا قياس حجمها ...
كأنها إستغربت تأخّر إنتقامي المتوقع ... إلتفتت لتجدني أغرس نظري في مؤخرتها ويدي أصابعها مفتوحة مع تقوس أطرافها ... ضحكها مني أشعرني بالحرج ...
حرجي سبب لحاقي بها ... ثم دفعي لها لتقع في الماء ... ضحكنا معا ... روحها الطفولية دفعتها للإنتقام مني ... جذبتني من يدي لأقع ... صدري وراسي في الماء ورجلاي للأعلى ... هكذا يزرع البصل ...
سبحنا معا ... لعبنا .... تعلقت بكتفي كمنصة لقفزها ... أعجبتها عضلاتي ... صدمتها لما أعلمتها بعمري ... قالت أني أبدو بمبالغة قصوى منها في الثامنة والعشرين ...
حركنا سكون الشاطئ بضحكنا ... صدى صرختها كلما أمسكت رجليها ورفعتها للأعلى لتفز يسمع في شواطئ الضفة الأوروبية ... معلنا للحياة عودتي ...
جلسنا على حافة الشاطئ نلهث من طفولتنا ... كانت تفتح رجليها وترسم على الرّمل ... حدثتني عن أحلامها ... عن حياتها ... قالت أنها لا تريد مواصلة الدراسة... ستلتحق بإحدى مدارس التكوين في مهنة السياحة ...
قالت أن خطتها أن تتعرف على سائح أوروبي وتتزوجه للحصول على الإقامة... إنها تكره وطننا المحبط ... آلمني جمال بنات بلدي الذي سيذبح على أرصفة الغرب ... كنت أنوي نصحها و أصف لها حقيقة الوضع في أرض أحلامها...
صمتي المؤلم سببه خوفي من تكسّر أسطورة بدأت تنسج حول شخصيتي ... كنت مصغيا لها و أتثائب ... قامت تنفض رملا إلتصق بقماش مؤخّرتها ...
  • باين إني مملة ؟؟؟
  • لا بالعكس ؟؟؟ إنت مسلية وطريفة جدا وكلامك أكبر من عمرك
  • أصلك بتتثاوب من مدّة ؟؟
  • أه آسف هههه أصلي ما نمتش إمبارح ... عندي أشغال والبيت متكركب وما عرفتش أنام ؟؟
  • يا حرام على كده ما فطرتش (أجبت برأسي بالنفي ... نظرت للشمس كأنها تستطلع الوقت) طيب كمان شوية وأنا عازماك على فطار و مكان تستريّح فيه ...
أصرّت أمام رفضي ... تصنّعت الغضب ... وافقت مسحوب التفكير ... بدأت تلعب بالرمل تصنع شكل رجل ... كانت تتفنن في نحت تفاصيل جسده .. عضلات بطنه وصدره ... إستدارة ركبتيه ... فخذيه ... شكله جميل ... ذهبت لحافة الشاطئ تبحث بين نبات القصب عن حشائش تستعملها لشعره ...
قفزت في الماء أبرّد جلدي من أشعّة شمس حرقته ... غطسان سريعان ... ثم عدت أراقبها ... إستعملت كلّ ما وجدت ... عيني تاهت في مؤخرتها ... جسدي تشتعل ناره ... رجلي في الماء ورأسي تغلي ...
وضعت ورقات قصب تنمقها كشعر على رأس تمثالها ... حصاتان كحلمتين لصدره وثالثة أكبر بقليل وسط بطنه كصرة ... جف حلقي وهي تضع أعشاب بحر جافة لونها بني أسفل بطنه ... إحترقت عينيا وهي تغرس نصف نصف كوز ذرة بين فخذيه ...
تراجعت للماء تغسل يديها ... وقفت بجانبي تتأمل عملها الفني ... قالت " تعرف إنه شبهك " ....... جف الدم في عروقي وهي تنحني لتحيط بيدها بكوز الذرة تحركها صعودا ونزولا ... وضحكت وهي ترفس برجليها كلّ ما صنعته...
وسمعت أجراس الموت في أذني ... ثم قامت مسرعة تنفض يديها ... إبتعدت ضاحكة لخطوات ثم طلبت مني اللحاق بها مستغربة وقوفي ...
إلتحفت بمنشفتي ... أغطي حالتي ... أمسكت يدي تسحبني نحو مطعم خالتها... حركة يدها تحلب سبابتي منعت أكسجين الأرض أن يدخل رئتي ...
دفعت باب خشبيا صغيرا وراء ركن المطبخ ... حديقة واسعة رصفت فيها طاولات وكراسي إحتياطا من كثرة الزبائن ... ركن بين شجرتي لوز عتيقة ... وضعت طاولة وكرسي وطلبت مني الإنتظار ...
آخر الحديقة يظهر بيت خالتها بين شجيرات صغيرة لا زالت تحتفظ بأوراقها ... الحديقة مهذبة ومنمقة ...
توقف إحساسي بالزمن وأنا أراجع حركاتها ... رطوبة جفاف قماش الشورت بدأت تبعث الدفئ بين فخذي ... قضيبي بدأ يذكرني بدوره الثاني غير التبوّل ... خالتها تهرول مرحبة نحوي ...
شورت أبيض وقميص مزركش يهتز ثدياها فيه ... سحبت كرسي وجلست تقابلني تربط شعرها للفوق ... لون إبطيها يعكس إهتمامها بنظافة جسدها ... تأسفت عن إزعاجها ... يبدو أنها أفاقت من نومها للتو ...
دقائق وقدمت سمر تحمل طبقا عليه إفطار شهي ... تركتاني أفطر ... شبع جوعي للأكل وزاد جوعي للجنس ... قهوة سوداء تفوح من فنجان بين يدي سعاد ...
جلست تغمرني بترحاب وسعادة بزيارة غير المتوقعة ... سمر تحمل شبكة ملفوفة بيديها ومخدة صغيرة ... قالت أنها تعلم أني سأرفض دعوتهما للنوم في بيتهما ... فهذا الحل مريح بالنسبة لي ...
ربطت خيوط تمسك خشبتين بين شجرتي اللوز ... الخشبتان مثبت بينهم الشبكة ... سرير شبكة أو شبكة سرير ... وضعت المخدة ... ظل الأشجار يقيني حرارة شمس النهار ...
ودعتاني وطلبتا مني أخذ راحتي .... متأرجحا بين السماء و الأرض ... متعبا الجسد من سهاد طويل ... نسيم يعبث بي ... جفوني تثقل وريدا رويدا ... هدوء يسحبني للنوم ...
صوت الرصاص ... صرير سلاسل الأصفاد يختلط بهدير موج خفيف ... صوت طرقة باب الزنزانة الثقيل ... أزيز الطائرة ... فتحة صدر الفتاة الرومانية تلبس لبس مضيفة الطيران ... سمر عارية تشوي كوز الذرة داخل كسّها الذي تشتعل النار في شعيراته ... ثديا سعاد يذكيان نارها بتأرجحهما ... فم مرزاق يرغي بالدم ... يد الشرطي تهز صدري ...
برودة تسري في مفاصلي ورعشة تعتريني ... ضحكة سمر وهي تنظر لبقع غامقة تتسع بين فخذي ... قالت متأسفة بخوف ... الشمس شارفت على المغيب ...
تلحفت بالمنشفة أداري بها فضيحتي وإرتباكي ... أصرّت سعاد أن أعود للعشاء ... قالت أن الحركة كانت خفيفة اليوم ... رافقتني سمر حتى حافة الماء تؤكد على ضرورة عودتي ...
إرتميت في الماء علي أفيق من غفوتي ...
وجدت صانعي ينتظرني أمام البيت... أشغال البيت تتقدّم بسرعة كبيرة ... أعطيته بعض المال ... غيّرت ملابسي قصدت المقهى ... قابلت عشيري ... كل الناس صارت تتسابق للسلام علي ...
نصحني أن أواصل تصنّع ما يدعون ... نصف ساعة حاسبته فيها على ما أنفق من الأشغال ... بدأ يصدم من حجم لفّة النقود ... أصلا إتهمني أني كذبت عليه في كل ما قلته ... ضحكت منه وودعته ...
أصررت على التأنق ... لباس بحر لكني أنيق ... شعري مسرّح ... عطري يفوح ... حملت كمية من علب الحلوى التي إشتريتها من الطائرة كهدية لسمر وخالتها ... كنت أنوي إهدائها للعائلة ... أية عائلة ؟؟؟ تلك الشقية أولى ؟؟
سعادتهما بقدومي لا توازي فرح سمر التي أسرها مذاق الشكولاطة الأوروبية ... طبق أسماك مشوية يسيل لعابي على صدر سمر بين فتحة قدميها ...
بنطلون قماش أسود منزين بأوراق شجر خضراء ... تهفو منها نسمات إهتزاز مؤخرتها الصغيرة ...
قالت سعاد وهي تطلب مني تغيير طاولتي لشرب القهوة أني قدومي يجلب الرزق ... رحلة مختلطة تريد السهر عندها ... طلباتهم مشروبات بسيطة لكن مداخيلها تنفع أمام كساد آخر الموسم ....
طاولة منزوية بجانب ركن المطبخ ... لا يهم مادامت سمر تسامرني بوجودها ... بخار يتصاعد من فنجان قهوة ... دخان سيجارة مهملة في المطفأة ... كل جوارحي تكّز مع الصبية...
تسللت يدها نحو السيجارة وعيناها تراقب موقع خالتها ... تسرق نفسا وتغمزني أن هذا سر بيننا وتضحك ...
سعاد تراوح بين طلبات زبائنها ومجالستنا ... سمر تحاول فتح كيس حبات حلوى m&m’s ... حركة غير حذرة منها تمزق الكيس بعدها ...
تناثرت حبات الحلوى ... فوق الطاولة ... وتحتها ... تدحرجت مجموعة منها لتسقط فوق الكرسي بين فخذي ... منعني من إلتقاطها خجلي من عتاب سعاد لسمر على قلبها قهوتي وهي تطارد مفزوعة ما تسببت في بعثرته ...
دموعها وهي تمسح الطاولة قبل أن تجلس بجانبي من جهة الشرق .... تنظر بأسف لأكثر ما كان في الكيس ممرغا برمال الشاطئ ... قهوة ثانية وضعتها سعاد أمامي وهي تقول أن قلب القهوة سيجلب الخير ...
ندمت على عمر ضاع وأنا أكفر بمثل هذه المعتقدات ... الخير القادم من الشرق ... أصابع سحر تتسل فوق فخذي ثم تبحث حذرة عن حبات ربما تكون وقعت بين رجلي ... المفاجأة شلّت حركتي ...
أصابعها تطارد حبة حلوى عنيدة تدنو من كيس بيضاتي ... قشعريرة و إنقباض عضلات بطني ... دفعها للهمس
" أش لو خالتي شافتنا حتفتكر إني بلعب بزبّك " ...
نظرة تائهة في عينيها ... ماذا تفعل ... ظهر أصابعها يداعب قضيبي الذي بدأ يرفع رأسه مستجيبا بفخر للمساتها ...
عينها تتصنع أن لا شيء يحدث هنا ... وأصابعها تعبث بما صنعته الطبيعة بين رجلي ... سحبت يدها مع قدوم الفتى الذي عيّن نفسه تابعا لي ... مرحبا متفاخر أمام زميله بتقرّبه مني ... قال أنه كان يعرف انه سيجدني هنا...
جلس مكان الصبية التي إنسحبت تساعد خالتها ... ضحكت من قصة سمعتها في الطفولة عن غراب سكن عش اليمام ... أردت طرده ... أرسلته للبيت ليجلب لي كيس حلوى وصفت له مكان وجوده ...
عودته كانت أسرع مما كنت أتخيّل ... وعاد يجالسني بإنكسار ... نظرت لي سعاد بإستغراب ... كيف روضت هذا الفتى ...
سعاد التي كانت تناقش قائد الرحلة ... كانت حزينة على مداخيل وجبة عشاء ضاعت منها ... قالت أنها لم تتوقع قدومهم ولم تشتري ما يكفي من الخبز...
أمر سريع صارم للتابع أن يأخذ الدراجة ولا يعود إلا ومعه كمية من الخبز...
عادت سحر تجالسني ... وضعت كيس الحلوى الجديد أمامها... قفزت من الفرح .. قبّلت خدي ... بصمة شفتيها الحارة كقطرات ندى رطّبت تشقق جفاف سنين عمر ضاع ...
كنت أراقبها وهي تفتح الكيس بحذر ... سحبت حبّة ومصتها بين شفتيها ... تهت بين أصابعها تلحس أثر اللزوجة منهما... لسانها يطلّ كبرعم زهرة تصارع قيودا ليتفتّح ...
وضعت حبة ثانية على الطاولة ... أمسكتها بين السبابة والإبهام تقوم بتدويرها ... ثم تتبعها أين تتجه ثم تلحسها ... الثالثة تتجه نحوي مباشرة ... قضيبي ينتصب مع كل مليمتر تزحف فيه نحوي...
صوت ارتطامها بالكرسي ... أراح قلبها وخلع قلبي ... يدها تعود للعبث بقضيبي ... فتحت عينيها بتعجب وهي تتابع طوله من المنبت حتى الرأس ... همست في أذني ... أنت لا تشبه رجل الرمل أبدا ... وسحبت أصابعها تمص حلواها ...
خسرت مبالغ ضخمة في كازينوهات كان ... حظي السيء دائم يرافقني في لعبة الروليت ... لعبة الرصاصة الدوّارة التي تقتلني بها تلك الطفلة ...
محاولة على ثلاثة كانت تنجح ... تعبث أناملها بروحي قبل أن تعبث بإنتصابي ...
لو كان مسدسي بجيبي لقتلت ذلك الخادم المطيع المقرف على إختياره كيس حلوى صغير ... ذكرى صوت حكم المؤبد تعود مع صوت تكمش الكيس وهي تعصره بين يديها تعلمني أن رصيدي نفذ ...
المفروض أن قدوم تابعي بسرعة فائقة أقابله بالإمتنان لكني كرهت تفانيه ... إنتقاما منه لقطع جلستي مع سمر ... أمرته بمساعدتهما بتحضير طلبات الزبائن ...
إنتهت متعتي إلا من منظر مؤخرتها ترفل تحت قماش حريري ... طال إنتظار عودتها عبثا ... مع مغادرة مجموعة الزبائن يبدو أن حملة تنظيف كبرى ستبدأ... ودعتهما بحزن شديد ... إشارة من إبهامها أن غدا لنا لقاء ...
سحبت كرسيا ... كأس أصب به قطرات ويسكي أراجع به ما حدث لي ... وسجائر أنفث فيها صدمتي ...
كيف تغيّر هذا الجيل ؟؟؟ ما هذه الجرأة ؟؟؟ هذه الطفلة ولدت بعد سجني ... رغبتي في سبر أغوار سنين لم أعشها و رغبتي في معانقة سنين مراهقة سرقت مني تدفعني نحوها ؟؟؟
مقارنة عقيمة بين ما عشته وما أعيشه ؟؟؟ في سنها كنّا نشقى للوصول إلى الأفق كي لا تكشفنا عين ونحن نسحب نفس سيجارة ؟؟؟ لا ندخل المقهى وفيها من هو في مثل سني الآن خوفا و تقديرا ؟؟؟ وخالتها بجانبها ؟؟؟
حركتها خبيرة ... لم ترتعش لم ترتبك ... لمساتها تدلّ أنها خبيرة ؟؟
خبيرة في سن السبعة عشر ؟؟؟ في سنها كان من يمسك منا يد حبيبته يعتبر فاز بكأس العالم ؟؟؟
جرعتان من الخمر وبدأت الصور تلعب في رأسي ... كيس m&m’s يعبث به النسيم ... دفعني للإنتصاب ... صارت الحلوى بالنسبة لي كمواقع السكس ... أنفث دخان عقب سيجارتي ... وأستلقي في السرير ...
لعبة الرولات الروسية ... كان مرزاق يهدد بها كل من يفكّر بالخيانة ... مرزاق مرشدي وملهمي بالغربة ... كنا نعد لصفقة ستغييّر موازين القوى ...
حلمي أن أكون فاعلا في مهنة إختارتني ... إنتشلتني من التشرّد ... تشرّدي إنتهى بإقامة محددّة ... سرير جدي الواسع أنهى تشرّدي ... سكرتي تسحبني للنوم ... صوت ديوك تدعوني لطابور الحساب في السجن ... الأمم المتحدة لم تجمع جنسيات كما سجون فرنسا ...
ربما كنت محضوضا بالإنفرادي ... الوحدة تقتل لكنها أحسن مما كنت أسمعه ... عزائي الوحيد كان صالة الرياضة ... حولات بريدية كانت تصلني من مروان إنقطعت بعد 3 سنين لابما مات أو سجن ... أو نسيني ... قانون المافيا يمنع النسيان ...
موت مرزاق هو السبب ... أصوات العمال تدفعني للعودة للواقع ... خرجت متثاقلا أقصد الشاطئ ... اليوم سبت ... روّاد كثر يودعون الصيف في آخر نهاية أسبوع قبل عودة الدراسة ...
مقهى سعاد مفتوحة ... بل مكتظة ... تحية سريعة ... نظرة من عيني سمر تتأسف لإنشغالها ... قلت أني سأعود في الليل للعشاء ... واصلت السير حتى آخر الشاطئ ... الشاطئ الصخري آلم قدمي ...
صوت من الماء يناديني ... بحّار يجدف في مركب صيد صغير ... لم أعرفه ... زميل دراسة في الإبتدائي إنقطع مبكّرا وعمل مع والده في الصيد ... إسمه هادي جولة على سطح البحر ... آخر مرّة ركبت فيها مركبا كان يوم هجرتي ... صديقي الجديد القديم مسلّي ... فقد كلّ قواطعه ... منظره مضحك وهو يدخّن ... نصف الحروف تخرج مشوهة من لفمه ...
شباكه تئن من ثقل حملها ... قال وأنا أساعده على تسليك الأسماك منها أن وجهي يجلب الرزق ... يبدو أني أجلب الرزق للجميع إلا نفسي ..
ربط مركبه في الميناء ... تهافت عليه التجّار ... عزمني على قهوة ... تحلّق حولي البحّارة ... دفئ البساطة جميل ... رائحة السمك تفوح من ملابسهم ... ضحكهم حرّ ... دعباتهم بلا حدود ... إنتصف النهار أو زاد ...
مرقة بحر عزمني عليها صديقي ... حانوت صغير يرتق فيه شباكه ... الأسماك التي لم يبعها يأكلها... حياة بسيطة قال انه طلّق زوجته ويسكن هنا... خجلت أن أسأل عن السبب... بعد الظهر ودّعته ... الطريق من الميناء للبيت طويلة ...
نسيت المشي الحرّ ... 17 سنة في 6 أمتار مربعة ... نسيم الحرّية يعبث بروحي ... روحي تتوق للقاء سمر ... صوت منبّه سيّارة أفزعني ...
سيدّة وراء المقود ... شعرها أصفر بصبغة تبدو طبيعية... نظارات شمس نسائية سوداء تغطي نصف وجهها ... لو لم تنادني بالإسم كنت سأواصل طريقي ....
حركة ثلاثيّة ... تسحب فرامل اليد وتفتح الباب وتزيل النظّارة ... قلبي يقفز فرحا بين ذراعيها ... حضن قافز على قارعة الطريق ...
حنان الزميلة الوحيدة التي كانت مقرّبة منا ... كنا ثلاثي المرح في المعهد ...
  • يخرب بيتك إنت ما بتكبرش ؟؟؟ (وضعت كف يدي في وجهها درءا للحسد) رجعت إمتى ؟؟
  • من كام يوم ؟؟؟
  • وما تسألش ؟؟؟
  • أنا اصلا لما شفتك ما عرفتكيش ؟؟؟ إيه التغييرات دي كلّها
  • الشيء لزوم الشيء ... إركب بس وحنتكلّم
سرعة السيارة كأنها لا تسير ... ركبها وأسفل رجليها من تحت تنورتها تكشف أنها إكتسبت بعض الوزن ... قالت أنها تطلّقت ... عندها ولدان يعيشان عند طليقها وقضية الحضانة لم تحسم بعد ... قالت أنها تعمل في مجال السمسرة ...
تسكن في حي راقي بالمدينة ... وتزور القرية أحيانا لما تريد إغراء زبون بهدية من الأسماك ... قالت أن علاقتها بعائلتها شبه منعدمة... أرادت معرفة أحوالي لكن وصلنا للبيت ... عرضت عليها الدخول ...
إعتذرت بإرتباطها بموعد مهم بعد قليل ... موعدنا لا مناص منه ... غدا ستتفرغ لي .. منذ الصباح ... ودعتها و دخلت بيتي ...
العمّال ينهون آخر لمساتهم ... الحديقة تبرق من العناية ... شجرة التوت مهذّبة ... البئر والحوض أعيد بناء جدرانهما ... ركن الكيف لجدي كأن لم يمر عليه زمان ... ركن الكيف هذا قصته قصّة ...
جدي وضع فيه كل فنّه ... كراسي حجرية ... طاولة نحت على سطحها موضع إبريق الشاي والفناجين ... نافورة ماء ... موقد شواء حجري ... المكان الوحيد في الحديقة لا تصله الشمس ...
المخزن مرتّب ... السور تزيّنه نباتات تلتصق به بعناية ... واجهة البيت بيضاء ... مسحت رجلي ودخلت أتملّى المنظر ... الحيطان مزينة بجليز أثري أعيد للحياة بعناية العمّال ...
الفوانيس النحاسية تلمع بأنوارها ... غرفة النوم مرتّبة رغم قدم أثاثها... غرفة الجلوس فارغة ... إلا من صورة جدي تزيّن صدرها... وحشية ومخدّة على أرضه ... مدفئة حجرية تتوسطها ... عليها رسوم منقوشة للعشاء الأخير ...
قال النجار أنه حاول إصلاح ما بها فلما يئس تخلّص منها خوفا من إنتشار السوس ... المطبخ في أبهى حلّة ربما لم يكن كذلك في حياة إحدى زوجات جدي ... الموقد لا يعمل والثلاجة تستلزم خبيرا..
الغرفتان الأخريان نظيفتان وبطبعهما لم تكونا مؤثثتين ... والحمام جاهز للإستعمال....
جلست في الشرفة أراقب البحر ... رائحة البيت العطرة تعيد الروح ... أجزيت العمال في أجرهم ... تخلّصت من الخادم المطيع المزعج بالموافقة على طلب ألحّ عيا به منذ أيّام ...
يريد أن يستعمل ركنا بالحديقة ليضع فيه مركبا تنزّه لأحد معارفه ... وافقت لن يزعجني ذلك ... ألقيت عقب سيجارتي ... وإستلقيت بالسرير ... نظري يطارد سحبا خريف تمرّ مسرعة من مربع الشباك ...
نسيم عليل سحب جفوني للأسفل ... خالي يعانقني باكيا من قيودي قبل تحوّلي للمحكمة... هو الإنسان الوحيد الذي أعتبره عائلتي ... نصائح خالي أن أعمل معه في مجال البناء ... لا قدرتي الجسدية ولا روحي أطاقت ذلك ...
هربت منه لمدينة كان ... من دفعه التشرّد للنوم على الأرصفة سيقرصه الجوع ... الجوع يساوي السرقة و السرقة تعني مطاردة اللاتيني البغيض... أقدام رجال الشرطة التي بدأت معها جولة أخرى من شهامة حيدر ليقتل مرزاق و يسجن دليل ....
نسيم بارد يلفح جلدي ... مربع الشبّاك تحوّل للأسود ... نور فوانيس مقهى سعاد يسحبني كفراشة ليل تائهة ... حزني شديد لسعادتها بكثرة زبائنها ... إعتذرت عن الجلوس كي لا أزعجها ...
هممت بالإنصراف مكسور الخاطر ... صوت سمر يناديني خافتا ... لحقتني ... جملة قصيرة موعدنا فجرا على شاطئ البحر وعادت لعملها ...
بطني تقرصني كمراهق يتنظر طلعة حبيبته في موعد سري ... سهرت في المقهى ... وجدت عشيري يلعب الورق جالسته ورفاقه... انفردنا بعدها قليلا ... سألته عن حنان كأني تذكّرتها صدفة ...
نصحني أن أتجنبها إن قابلتني ... قال أن سيرتها لم تعد تشرّف ... ضبطها زوجها تخونه مع رئيسها في العمل ... طلّقها .... قال أنه لا يشرّفه أن يعرف قحبة كما أن ذلك سيسبب له مشاكل في بيته ...
رجعت البيت متعجبا من الزمن ... حنان كانت تقاسمنا مصروفها أيام البؤس ... وإن يكن كل إنسان له ظروفه... إن كان لا يشرّفه أن يعرف قحبة إذا لماذا يتفاخر بصداقة تاجر مخدّرات ...
علبة حليب وجبن وخبز... روت جوعي ... عقارب الساعة أبت أن تتحرّك لم ينتصف الليل بعد ... كذب من قال أليس الغد لناظره لقريب ...
ما أبعدك أيها الفجر ... إستلقيت على السرير ...أترجى الزمن أن يتحرّك ... قبل أن تنفض أوّل ديك جناحيه يعلمني بقرب الفرج ... إنتفضت الطبيعة ... رياح الخريف تهب فجأة دون مقدّمات ...
غضب الطبيعة يسمع مدويا ... صارعت لغلق الشبابيك ... كل شيء يتدحرج ... براميل في الأرض المجاورة تتلوى كالصرعى ... الأشجار تنحني خوفا من البطش ... باب الحديقة الحديدي يئن ...
مع تبيّن الخيط الأبيض من الأسود ... كنت أنوي قطع صيام دام العمر كلّه ... إقتربت من الشاطئ ... لم أجده ... البحر يزحف غاضبا يهدد الأسوار والقصب والأشجار بالفيضان ...
صوت الصخور التي يسحبها الموج في إرتداده كقنابل تزلزل ليل أمة نائمة في آمان ...
تراجعت خوفا مما قد يفعله الموج بي... حوالي ساعة إنتظرت هدوء الطقس عبثا ... أصّر أن يزيد عصبيته ... مع ضوء النهار عدت أستطلع الأمر ... الماء يغمر كل الشاطئ ... لونه الرمادي يعكس إصراره على معاندة موعدي ...
يائسا على كرسي حجري بالحديقة ... سمعت صوت رقيقا ينادي ... شعرها الأسود ينير من بين فتحت الباب الحديدي ... بلهفة عاشق مجروح أسرعت افتح لها ...
إرتمت في حضني تلجأ من الرّيح ... سحبتها للبيت ... وقفت أمام المرآة تصلح شكل شعرها ... بنطال قطني أسود يرفع مؤخرتها للأعلى ... سترة سوداء تعانق وسطها يطل منها خجل جلد أسفل ظهرها ...
دخلت تكتشف البيت ... ؟؟ أعجبتها هندسته ... دخلت المطبخ ... فتحت الثلاجة الخاوية ... قالت متأسفة ... " ما عندكش حاجة تتشرب " ... دخلت تكتشف غرفة النوم ... سحبت سيجارة وأشعلتها ... فتحت كل أدراج الخزانة ...
نصيبها كان كيس شكولاطة وعلبة سجائر ... إعتذرت أن عليها الإنصراف الآن كي لا تتأخر على خالتها ... خروجها كان لقضاء شؤون لها ...
عالجت حزني بقولها ... " إستناني نصّ الليل جنب الباب " ...
جرأتها هي سبب حبي لها ... قبل مغادرتها حضنتني ... ضممتها بقوة لصدري ... تحطم مشروع نهديها على صدري ... يدي غاصت في مؤخّرتها ...
إنفلتت من يدي بخفة الأسماك ... وضعت يدها تكتشف إنتصاب قضيبي ... طبعت قبلة جافة على شفتي ... عيني تلاحق ردفيها وهي تقفز على الدرج
قالت " هو ما يصبرش لحدّ بالليل "

الجزء الثالث






يدي في جيبي تدغدغ إنتصابي ... متألما من خيبة تأجيل الأمل ... إن كان الفجر عاند في المجيء ... فكيف الحال بمنتصف الليل
سنوات السجن علمتني أن النوم هو دواء الانتظار ... غرقت في أحلامي الحمراء الوردية بالأسود كعادتي ... صوت سيّارة الشرطة يدوي في أذني ... صوت منبّه سيارة يخرق حلمي بقوة ... لم أعلم أهو حقيقة أو جزء من الحلم ...
مخمورا من قلّة النوم على الشرفة أشاهد حنان تقفز بجانب الباب ملوحة بيدها فرحة بوجودي بعد يأس ... قالت أنها خشيت أن أكون نسيت موعدنا ...
فتحت لها الباب ... حالتي ضاعفت رغبتها في عدم الخروج ... أدخلت سيّارتها وإنتظرتني في ركن الكيف ...
حمّام سريع عدت بعده مهندما كما يجب لإستقبالها ... خجلا من سوء إستقبالي لها ... وجدتها جالسة بجانب فتاة في منتصف العشرينيات ... تلبسان نفس اللبس الرياضي ... فتاة سمراء شعرها داكن مجعّد ... تشبه في وجهها الفنانة شيرين قبل أن تغييرها الشهرة ... قالت أنها توأم روحها الجديد ...
  • بعتيني بسرعة ؟؟؟ معاكي حق ما حدّش كان متوقّع رجوعي ...
  • إلا أنا ... كل ما أزور القرية ... أجي هنا ... قلبي كان بيوجعني من منظر البيت المقفول ... تعرف رجعت فيا الروح لما شفتك (ودون تنبيه حضنتني) وحشتني ...
  • دي مجنونة (توجهت بالكلام لمرافقتها)
  • (عانقت كتف صديقتها تريد أن تغيظني) دي هيفاء حبيبتي ... مستودع أساري وزي أختي وتوأم روحي والمساعدة بتاعتي وكل حاجة في حياتي ... (وقبّلتها من شفتيها) ... إنت مش حتضايفنا ؟؟؟
كنت أريد تفسير الوضع ... أني لم استقرّ بعد ... مارد الخاتم المطيع المقرف الخدوم المزعج أتى في وقته ... يلتصق بي كعادته ... يسأل .... " أي خدمة عرفي " ... وضعت ورقات نقدية في يده وبدأت أعدد له الطلبات ... قهوة ومرطبات وعصائر وفحم ولحم وثلج ومكسّرات وسجائر ... وكل ما يلزم لقضاء يوما جميل ... قبل مغادرته سالتني حنان...
  • ماعرفتناش ؟؟؟ مين الأخ الكريم ؟؟؟
  • (أردت إرجاع الدين لها فعانقت كتفه) داه نبيل ... مستودع أسراري وزي أخويا وتوؤم روحي والمساعد بتاعي وكل حاجة في حياتي ... (وقبّلته من شفتيه) ... أنا حأضايفكم
إنفلت نبيل مرعبا من بين يدي بسرعة البرق ... كنت أغيّر ريقي بكاس من الحليب وقطعة خبز ... حنان تلحس آخر رشفة قهوة في كأس جلبته من سيّارتها ...سوار صديقتها أو خادمتها تجلب بعض الأطباق من المطبخ حسب أوامرها ...
أشعلت سيجارة ... لم انهها بعد ... وصل الفتى يلهث من ثقل حمله... وضع المشتريات يرتبها ... كان يتحاشى النظر لي ...
وضعت هيفاء الحلويات في الأطباق وإنصرفت تساعد نبيل في إشعال النار وإعداد الشواء ...
سددت جوعي بوجبة دسمة من المرطبات اللذيذة ... رحت أشاكس حنان بذكريات الزمن الجميل ... تذكّرت كل شيء ...
ضحكنا حتى إنقطع نفسنا من الضحك ... زاد من ضحكي تحاشي مساعدي الإقتراب مني ... ينفذّ طلبي ويهرع للموقد ... أعتقد أنه فسّر دعابتي بالخطأ ...
صدمته من قبلتي الصباحية ... حرمته حتى متعة الإنسجام مع صديقة حنان ...
رائحة لحم ضأن يشوى في الضحى... هكذا كنا أيام زمان لا تتوقع أفعالنا... أوّل دفعة شواء ناضجة قدمت لنا ... قالت حنان أن الطاولة ينقصها شيء ترغب في الشراب ... ثواني وخادم المصباح يضع قارورة الويسكي المنقوصة من جرعات على الطاولة ...
كؤوس وثلج ووسكي ... طبق كبير يعج بالمكسّرات ... قالت أنها تقدّر كرمي في ضيافتها .... قلت لها أن القعدة ينقصها شريكنا الثالث ... لوت شفتيها بإمتعاض ... قالت " خلينا رجال صافيين " ... ضحكت من كلامها
فهمت أن أمرا جللا حدث بينهما في غيابي ... لم أرد إحراجها فتجاوزت الأمر ... ساعتان فاحت فيهما رائحة الشواء في أرجاء الحديقة ...
رائحة الخمر تفوح من بين شفاه هيفاء ... الخمر تشجّع وتذهب الخجل هكذا وصفها الأولون ... نزعت سترتها الرياضية ... بريق زيت السكر يلمع في عينيها ... وشم فراشة مزركشة أعلى ثدييها الأيسر ...
حرارة الكحول في ددمم حنان شجعتها لخلع سترتها كذلك ... صدرها إكتسب حجما مع مرور السنين ... وشم زهرة تعتلي نهدها الأيمن ...
تعالت ضحكات صديقتها ... أيمن منزوي بركن قرب الموقد ... يدخّن سيجارة ... يخاف أن أراوده ثانية ...
الخمر تلعب برأسي ... كلما إلتصقت هيفاء بحنان وهي تطارد حبات فستق ترقص في بقايا الطبق ...
منت أرى فراشة هيفاء ترفرف لتلثم رحيق زهرة حنان ...
الظهر يعلن عن آخر قطرات الخمر في القارورة ... صوت رعد يدوي في الأفق يعلن تلبّد سحب أوّل أمطار الخريف ... أول الغيث قطرة ... قطرة سببت جريان السيول... دقائق قليلة ... جمعنا فيها أغراضنا ... ولجأنا داخل البيت ...
الكل يقطر الماء منه ... حنان إلتصق شعرها بوجهها ... حلمات صدرها البنية تطل من قماش قميصها الوردي الذي صار شفافا بفعل البلل ...
هيفاء لجأت للحمام تحاول إصلاح سيول الماكياج على وجهها ... السيول جلبت طينا كثيرا إلتصق بحذاء نبيل ... إتخذها حجّة كي يلازم الشرفة ولا يدخل ...
مدة طويلة نراقب تحولّ ماء البحر للون البني ... توقف المطر كان فرصة أن أعفو عن نبيل ... طلبت منه جلب صندوقي بيرة ... هناك أحد ما يبيعها خلسة في القرية ...
كافأت تفانيه بورقة خضراء ... قبل إنصرافه أغلق الباب ... حنان بدأت ترتعد من أثر البلل ... جلبت بنطلون وقميص لها ... إنتظرت خروج هيفاء من الحمام ...
تلف نفسها بفوطة .... من الصدر حتى أسفل البطن بقليل ... جلدها الأسمر يلمع بفعل قطرات ماء ... وقطرات تقفز من شعرها المجعّد وهي تنشفه ... بللت جفاف ليلة إنتظرت فيها قدوم حبيبة جاءت لتذكي نار شوقي وإنصرفت ...
دخلت ورائي الغرفة ... إختارت قميصا فقط ... بدأت تنزع فوطتها ... شيء ما يشدني للبقاء ... لكن إحترام صداقتي لحنان حسم الموقف ...
رصفت القوارير الخضراء فوق المنضدة القديمة ... وقع خطوات ورائي ... سيقان سمر متانسقة ... فخذان رياضيان تنتهي سمرتهما بقميص أصفر ... خياطته تلامس منبت فخذيها ...
رقم 09 مكتوب بالأسود على قماش بطن القميص ... تكوّر ثدييها حوّل الرقمين صفر عن المرسومين على صدره إلى حرفي B ... سمرة رقبتها المطلّة من حرف V في ياقة القميص ... ترسم BVB من فوق و09 من تحت ... إشراقة وجهها بعد الحمّام ... تجعلك تهتف ملأ حنجرتك .... عاشت درتمون العرب ...
رفعت يديها لتشد شعرها للأعلى ... إرتفع قماش القميص ... زاوية حادة لمثلّث قماش أحمر يلمع بين سمار فخذيها ... إبتسامتها قطعها صوت فتح باب الدش ... حنان تلف شعرها بمنشفة زرقاء ترفعها للأعلى ... ترفل داخل قماش بيجامتي ...
طيّات كثيرة من رجليها ومعصميها ... إختلاف المقاسات جعلنا نضحك من منظرها ... قابلت ضحكنا برمي فوطة كانت تنشّف بها وجهها علي ... وصفعة على مؤخّرة هيفاء سمع دويها بين جدران الغرفة الخالية ...
كلمتة " أحيّت " التي خرجت من شفتيها القرمزيتين ... أحسست بالأم مكانها ... فتحت قارورة بيرة ... توسدت مخدة و إستلقت على الحاشية على الأرض ...
نفس دخان سيجارتها في وجهي ... يدغدغ أنفاسي ... عطسة تتلوها أخرى تعلم أن مشروع إنفلونزا بدأ يتكوّن في صدري ...
تركتهما ودخلت أستحّم ... أثار الماء على أرضية الحمّام تنبأ أنّهما سيدتان مهملتان ... الماء الدافئ بعث الروح في أوصالي ... شعرة قصيرة لولبية ... سوادها يفرض نفسه على أرضية الدش البيضاء ... راحت تعاند الماء ...
عنادها دفع إصراري على إنتزاعها ... طولها لا يتجاوز الملمترين وهي متقلصة .. أمسكتها بطرف إصبعي أمططها بأصابع اليد الأخرى ... طولها يصل للسنتمتر وهي مستقيمة ... ثم سرعان ما تتقلص بفعل تجعّدها الطبيعي ...
الخمر والرغبة جعلت عقلي يركّز مع مصدرها ... ليست بلون شعر حنان ولا بطول شعر هيفاء ... ربما إنفلتت من بين فخذيها بفعل الفرك ؟؟ ماذا يخفي ذلك المثلّث الأحمر ...
أحاول التماسك وأنا أنشّف لحمي ... طرق خفيف على الباب الذي فتح قبل أن آذن بالدخول ... هيفاء تحمل ممسحة ... ظلمتهما .. لجأت لغرفتي أغيّر ملابسي ... عقلي ينبض كحركة الشعرة ...
إلتحقت بحنان ... جلست بجانبها... وضعت المخدّة الوحيدة ورائي وتوسدت فخذي العاري ... أنفاسها تحرق كيس بيضاتي ... طلبت وهي تفتح قارورة بيرة تضعها في يدي أن أحدثها عن سنين غربتي ...
ربما بعض المعلومات التي أخبرني عنها الضلع الناقص في مثلّث المراهقة شجّعتني ... رحت أروي لها بالتفصيل من ساعة قفزي بالمركب حتى وصولي للبر الآخر ... مغامرة الموت ...
موت الطموح في الأشغال الشاقة بمرسيليا ... الحياة الصعبة لمن لا أوراق له ... تفاصيل كان و مهرجان دراما المخدّرات التي عشتها ... لم توضع أساور العدالة في روايتي بعد ... هيفاء تسحبني بمنظرها ... قميصها الذي تبلل بفعل تنظيفها للحمام مشمّر بعقدة وسط بطنها ... قماش كيلوتها الأحمر يتوهج كشعلة بدأت تتوهج وسط أتون الفحم ...
فسّرت لنا الموضوع بسرعة ... حنان لم تبالي ... سألتني إن كان يزعجني شكلها هكذا... جرأة الخمر أطلقت ضحكات صحبها سعال حنان وأنا أردّ ... بالعكس هذا يسعدني ...
جمعت القوارير الفارغة وإستندت فخذ حنان ... تضع يدها على خدّها ... إشارة منها أنها تركّز مع كلامي ... هكذا كانت جلسة عصرنا ...
جالسا على الحشيّة .. ظهري على الحائط ... رجلاي ممدودتان ... حنان رأسها على فخذي وجسمها مسدول أفقيا ... هيفاء رأسها على فخذ حنان وجسمها عمودي يوازي رجلاي ...
عدّة لحكايتي المريرة ... تفاصيل المحاكمة وأيّام ربيع العمر المسجونة... مرارة الذكريات كان يحليها منظر فخذي هيفاء السمراوين يشتعل بينهما مثّلث كيلوتها الأحمر ...
كثرت القوارير الفارغة ... الشبابيك المغلقة ... جدران البيت الحجرية العتيقة ... سرعان ما إنبعث الدفئ في المكان ... البيرة تكثر من رغبة التبوّل ... ذهبنا تباعا لتلبية رغبة الطبيعة ... حملة نظافة سريعة من هيفاء ...
تغيّر الترتيب بيني وبين حنان ... هيفاء التي إندمجت مع قصّتي ... خدها يزحف على فخذي ... انفها يدغدغ رأس قضيبي ... تثني ركبة وترفع أخرى ... إنسحب قماش الجمرة الحمراء ... لم أكن مخطئا ... شعيرات داكنة مجعّدة تتطلع للحرية بجانب حافته ...
قطع تأملي تنهيدة حارقة من صدر حنان ... نفس سيجارة حارق ... قارورة وسكي و صندوق ونصف من البيرة بين ثلاثتنا أفقدني التركيز ... طلبت مني أن أحكي لها أيامي بالسجن ...
  • شوفي هو السجن زي الكتاب ... بس كلّها صفحة وحدة ... تقلبيها و تعيدي قرائتها من جديد ... هي دي أيّام السجن ...
  • إنت قعدت كام مسجون ...
  • انا سنين الغربة كلّها 17 سنة و 9 أشهر ... 3 شهور في مرسيليا أشغال شاقة ... و 6 شهور مع المافيا في كان و 17 سنة في 6 متر مربّع ....
  • ياه يا جبروتك ... جبت الصبر منين ؟؟؟ ... (نفس دخان ودمعة حارّة حرقت قوة سقوطها خدّي) ... أنا ستة شهور روحي طلعت فيهم ؟؟؟
  • ستة شهور ؟؟؟ إنت إتسجنتي ؟؟؟ (قطبت شفتيها وهزت رأسها بالإيجاب ) ليه ؟؟؟
  • (صمت عكس ترددها ) ... زنا
  • مش فاهم ؟؟؟
  • قضية زنا ...
راحت تروي بالتفاصيل ... فشلها في الدّراسة ثم زواجها ... بخل زوجها وقلّة ماله دفعها للبحث عن عمل توفّر بهما مستلزمات طفلين أنجبتهما تباعا...
عملت ككاتبة عند طبيب... ثمّ سكرتيرة عند محامي ... وظائف يسمح بها مستواها الدراسي ... تعرّفت على أحد زبائن مكتب المحاماة ... عملت عنده ... تحسّنت أحوالها ... ضبطها زوجها تمارس الجنس مع رئيسها ... 6 أشهر سجن و طلاق ...
دوائر دموعها زينت قماش صدري ... تعاطفت معها ... نزعت قميصي ... حرارة المكان ساعدتني ... أنفاس هيفاء تحرقني ... خدها أصبح يستند قضيبي... حركتها تزيد في إنتصابي الذي يزيد في حركة رجليها ...
المفروض كنت أتعاطف مع حنان ... هي تعاطفت معي ... فتحت سلسة البيجاما ... نهدان كجزيرتين بيضاوين وسط جلد برونزي من أثر الشمس ... بين صدر أبيض وفخذين سوداوين ... من هنا جاءت فكرة مزج الحليب بالشكولاطة ...
تعرّفت على هيفاء خلال سجنها ... هيفاء التي كانت تنصت لصفحات حياتها من شفتي حنان ... إستهلاك مادة مخدّرة ... الصدفة جمعتهما في باب السجن دخولا وفي نفس الزنزانة إقامة وخارج أسواره يوم الإفراج ...
عشرة السجن أحيانا تنفع ... هكذا قالت هيفاء بفخر وإمتنان لحنان ... كنت أنوي سؤالها كيف تكسب حياتها الآن ... لم تترك لي المجال راحت تسرد لي أنها تدير منزلا سريّا ... حفلات جنس وقمار وغيره ... قالت أن زبائنها هم علية القوم ...
  • ومش خايفة مالشرطة و العدالة ؟؟؟
  • (ضحكها ملأ الغرفة) أصل كبراتهم زباين عندي ...
  • (أردت تغيير الجو) طب مش حرام عليكي العشرة ... المية في إديك ومحسوبك عطشان ...
كلمتي دفعتها لتغني أغنية " يابنت السلطان " ... صوتها الرقيق دفعني للنقر على الطاولة متابعا لإنشادها ... سلطنة الطرب دفعت هيفاء للرقص ... راقصة شرقية بملامح إفريقيا ... الفن عدو الحدود ...
صدري يرعش مع رعشة نهديها النافرين ... على كبري عبّاس لم يمشي أحد من الناس ... ثمار الأناناس تتأرجح في شجرة مؤخرتها قادمة من بلادها السعيدة ...
تفانيها في متابعة ألحان أصابعي على خشب المنضدة ... دفع صرخة " ويوا " إعجابا وتصفيقا حارا من يدين أتعبها الكحول ...
هذه حنان التي أعرفها ... هيفاء تتفانا في إلهاب الجو ... لهاث طويل كتمته بسيجارة ... خدودها بدأ وهج ولعها يلمع ينافس الجمرة بين فخذيها ...
يدي تعانق كتف حنان أقاسمها المخدة ... سوار تفتح رجليا وتجلس بينهما ... ظهرها يتوسّد صدري ...
إحتكاك مؤخرتها بقضيبي ولهيب عرقها يشعل رغبتي ... حقيبة الذكريات لم تغلق بعد ... حنان تشجّعت ... روت لي بدموع حارقة ... نذالة عشيرنا وهي تطلب منه مساعدته في إيجاد عمل بعد خروجها من السجن ...
طلب منها بصفاقة ... الإتفاقية الأزلية ....الجنس مقابل العمل ... قالت أن صدمتها بموقفه لا تنسى ... هي صاحبة كيف ... لا تخضع للإبتزاز ... الكيف عند الناس مزاج ... والمزاج عندها كيف ...
كلامها أحرجني ... زبي يلامس مؤخرة صديقتها ... حاولت الهروب من الموقف للحمام ... خارجا منه قابلتني حنان تترنح وهي تنتظرني ... ملجئي مالإنفراد بهيفاء كان للشرفة ... آخر زجاجة خضراء بيدي وسيجارة تحرق حلقي ....
الأفق الأسود يشقه بين الحين والآخر برق يرسم قوّة الطبيعة بضوئه المنتشر ...
صوت قوارير الخمر الفارغة أرسلني لمدينة كان ثانية ... مرزاق كان يعشق أن يرصف ضحاياه من علب الخمر أمامه ... ثم يبدأ بالنديب على الكونتوار ... موجة الذكريات تلتقط أغنية الشاب حسني من جديد ... رحت أدندن بصوت واضح " البيضاء مون أمور" ثانية ...
سامحيني يا الزرقاء... قطعها ملمس يدين حنونتين تحضنان بطني و خد دافئ يتوسد ظهري ... صوت حنان مثقلا يخاطبني ...
  • والسمرة عملتلك إيه ؟؟؟
  • سمرة مين ؟؟؟ هو أصلا لا فيه بيضاء ولا زرقة ولا حمرة ؟؟ هي الخضرة بس (وأشرت لقارورة البيرة )
  • طيب والسمرة دي ما تعجبش ؟؟؟ من إمتى إنت عنصري يإبن الكلب ؟؟
  • ههههه عنصري مين ؟؟ دي صاحبتك ؟؟ أنا رد سجون صحيح لكني مش نذل ؟؟؟
  • ههههههه حلوة منك دي (نصف القارورة صب في حلقها دفعة واحدة بعد أن خطفتها من يدي) ... هي صاحبتي أكيد ... وأنا عمري ما غصبتها على حاجة ... بس كمان عمري حرمتها من حاجة هي عاوزاها ....
قرصتني من مؤخرتي ودخلت للبيت ...
حنان مستلقية على وجهها ... جسمها نصفه عاري والنصف الآخر يستره قماش لحاف تتغطى به ... ملابسها ملقاة على الأرض ... دفعت باب الغرفة ببطئ ...
هيفاء مستلقية على السدّة تفتح يديها مرحبة بقدومي ... وجها يضيء ظلال المكان ... نهداها السمراوان يتوجان تألّق جلدها ... القماش الأحمر بدأت ناره تسري فيما جاوره...
لعنت من فكّر في إستعباد هذا العرق يوما ... ملكة تتربع على عرش ... شهد جولات رغبة منذ قرون ...
صعدت بجانبها على السرير ... تخلّصت من بنطالي ... شكل الثعبان الراقص تحت قماش البوكسر الأسود دفع غمّازتين للبروز على وجنتيها ...
وضعت رأسها على صدري العاري ... يدها تداعب شعيرات خشنة على دائرة حلمتي ... غاب عنا الكلام ... الموقف محرج بالنسبة لي ... لست خبيرا في العلاقات الإنسانية عموما ...
نصفا عاريان على السرير دون تعارف ... التعارف لا يحتاج لكلام ... عكس كلّ برتوكولات المجتمعات... هي من قدّمت نفسها ...
شفتها تلثم شفتي ... يدها تزحف نزولا حتى عضلات أسفل بطني ... دغدغة أصابعها الخبيرة أخرجت رأس الثعبان ... يزحف مكتشفا جحرا عانى سنينا أن يبيت فيه ...
شجاعتها وهي تخلع عني لباسي قابلتها أصابعي بالبحث عن مصدر لهيب جمرتها ... لهيب حار ينفثه بركان ما بين فخذيها ... شعيرات كالنوابض تعاند ضغط يديا على قماشه ... تخلّصت منه ...
ربما خبرتها وتعوّدها ... دفعتها لأخذ زمام الأمور ... أو ربما رغبة كبتتها منذ رأتني ... فتحت رجليها وبركت فوق بطني ... يدها تلقمني ثديها في فمي ... عينها تقول ... إشرب لتروي عطش السنين ...
حلمة صلبة تداعب شفتي ... لهيب حار من ملمس شعيرات خشنة تحمّس زبي أن ينحشر بين جانبي أتون ناره موقدة ...
نار تلفح قضيبي وهي تنزل بمؤخرتها ببطئ ... حركة متأنية كأنها تتمتع بكل جزء من قضيبي يشوى داخلها ...
نصفه داخلها وحميم رغبتها يسيل على كيس بيضاتي ... تكتم أهات تحوّلت لفحيح تكتمه بيدها ... بدأت تتحرك صعودا ونزولا ... ثديها يصفع أنفي مع كل رجّة ...
وضعت يديها على بطني ترجوني أن أتوقّف عن تحريك وسطي ... متعتها زادت وكل زبي منحشر فيها ... تتحرّك صعودا ونزولا ... رأسها للأعلى ...
لا تلبث أن تعيد ثديها بفمي تلومني على إهماله ...
سيطرتها على حركاتي منعتني من التمتع بمشاهدتها ... يكفيني من المشاهدة إنه وقت الإحساس... رفعت رأسها للأعلى وإنسحبت بظهرها للخلف ... تجاوب قضيبي مع سحب جسدها له ...
إضطراب سرعة رهزها فوقي وحركاتها الغير منتظمة مع إرتعاشة عضلات بطنها ... سبقت حميم نار يختلط بإرتعاشة ركبي ... لم تستطع كتم آهاتها المدوية ... مع الصوت الرعد ....
سيلان المطر المنهمر على سطح البيت يختلط بماء قذفنا المشترك ...
مائي يقطر من بين فخذيها وهي تهرول لتغلق الباب ... ضربات من يد حنان على الحائط تنبئ أن صوتنا أقلق نومها ...
إستلقت بنصف جسدها على صدري ... لهاثها وهي تشعل سيجارة نتقاسمها يهتز معه نبض قلبي ... حرارتها تحرق جلدي ... أغمضت عينيها ... خلت أنها نامت ... يدي تتحس نعومة جلدها الأسود ...
شعرة مجعدّة تطل من الخلف ... بين شفرتي كسّها وفتحة شرجها ... دفعتني لمناكشتها ... حركة اللولب النابضة .. أسحبها بحنية لتستقيم وأراقبها وهي تعود للتجعّد عندما أطلقها ... لهوي قابلته بلهو ...
نفس حركتها طبّقتها مع قضيبي الذي تراجع مزهوا بهزيمته ... أربعة أصابع من فوق وإبهام من تحت ... تسحب قضيبي لتختفي دواره السوداء ثم تتركه ليتقوقع من جديد ... إن كانت الشعرة إستبسلت أن لا ستقيم بين أصابعي ... فزبي إستسلم منتصبا بين يديها .
دون مقدمات عدنا لما كنّا فيه ... الإجهاد والسكر وحلاوة الروح لما رجعت تدب في أوصالي ... حلم جميل ...
هيفاء تفتح رجليها تدغدغ أنفي بشعيراتها لساني يغوص داخل الماء المغلي الذي ينسكب من قدر رغبتها ...
رأسها على السرير ومؤخرتها مرفوعة نحوي ... زبي ينتزع آهات بداخلها تمتزج بطرق حنان على الحائط ... سمر تقف عند الباب مصدومة من هول ما تراه ...
سمر ولونها أبيض وهيفاء جلدها أسمر ... صدق الخط خليفة الخط في قوله ... تزوير في أجساد رسمية ....
نوم عميق رأيت فيه كلّ شيء ... صداع يلّم برأسي ... خطوات مترنحة تسحبها حركة قادمة من المطبخ ...
نبيل يستقبلني ببسمة حذرة ... حلم جميل كاحلى كوابيسي ... رائحة قهوة تستفزّ أنفي ... حمام بارد لم يجدي نفعا مع ثملي ... قارورة مياه غازية قدّمها لي نبيل قال ستساعدني على الإستفاقة ... شعرة مجعّدة على طرفي شفتي تذكرني ان ما عشته كان واقعا ....
سيجارة إختلط دخانها برائحة القهوة الزكية برائحة الأرض التي إستخرجها كرم السماء بمطر ليلة أمس ...
أشعّة شمس الظهيرة تنبأ أنها ستعاود بسط سيطرتها على بداية الخريف ... لون البحر المتدرّج من البني للرمادي لكل درجات الأزرق ... كلوحة فنّان تشكيلي مسطول ...
منظر البحر سحبني لذكريات ليلة أمس ... الهم والحزن والألم الممتزج بالرقص والخمر والصحبة الطيّبة ... ذكرى حلم الواقع الوردي تراودني ...
قفزت صورة سمر أمامي ... نسيت موعدنا ... هل حقا كانت تقف بالباب تراقبني ... هل جاءت و إنتظرتني ؟؟؟
شعور بالمرارة دفعني للدخول مسرعا لأغيّر ثيابي ... وجدت ملابسي التي أعرتها للبنات مغسولة ومعلّقة ... جهاز هاتف صغير فوق المنضدة ... إحدى البنات نسيت هاتفها ...
وجدت رسالة مكتوبة على شاشته ... " الهاتف داه عشان تعرف تتصل بيا ... هدية مني ليك ... رقمي مسجّل عندك ... حنان ... بس حرام عليك إلي عملته في البنت يا شقي ... بحبّك ..."
لم تسعدني رسالتها أو هديتها ... شعور بالمرارة يهزني... قافزا على المدرج نحو الحديقة أنوي البحر وجهة لي ... نبيل يعطّلني بطلب لم افهمه... يريد تخزين أوعية بنزين في المخزن ... قال أنه سيتاجر فيها لأصحاب الدرّاجات ....
وافقت على طلبه متخلّصا منه ... وصولي لباب الحديقة الكبير تزامن مع منبّه سيّارة أمام البيت ... خالي يفتح الباب ليحتضنني ... دموعه لم أستجب لها ... توقيت قدومه خاطئ ... عاتبني على برودي ...
جولة طويلة في بيت أبيه يشكرني على إعادة البهاء لأركانه ...
طالت جلسة إزالة الشوق بيننا ... ضجرت منه ... حاولت الإعتذار لدقائق أصل فيها مقهى سعاد ثمّ أعود ... قال أن زوجته تنتظرنا للغداء ببيته ... قابلنا نبيل يعاني حمل وعاءين يدخلهما المخزن ... أوصيته بالإهتمام بالبيت حتى عودتي ...
دائما حركاتي سجينة ورغباتي مقيّدة ... ركبت بجانبه مجبرا ... طريق طويلة من دروس الأخلاق من خالي ... الحقيقة أنه أوصاني بحلين عندما لجئت له مهاجرا ... إما الإنضباط أو العودة ...
إختياري لحل ثالث كانت نتيجته ضياع عمري ... لولى تقديري لصنيعه معي وعلمي اليقين بحبه لي لكان ردي مختلف عن السكوت ... ألا تكفي سنين عمري التي ضاعت وراء القضبان لتربيني ...
وصلنا بيته ... ترحاب شديد من زوجة خالي ... هو محضوض بها زوجة ... عمرها 45 سنة ... أسمها أحلام ... تربي ولديه بتفاني ... تحافظ على أمواله الصغيرة ... تصبر على فراقه شهورا وهو يعمل خارج الوطن ...
عندما تزوجها لم تكن متحجبة ... أذكر أن جدي قال لي يوم زفافه أنه يحسده عليها ... ربما تحجّبت بعد الثورة ككثير من نساء البلد ...
غداء وحكايات طويلة تواصلت حتى الثالثة ظهرا... وضع خالي 5 رزم من الأوراق النقدية على الطاولة ونحن نشرب الشاي ... بطاقة تعريفي وبعض وثائق وسلسلة مفاتيح ... أغراض سلّمتها له الشرطة قبل نقلي من المحكمة للسجن ...
أصرّت زوجة خالي على أن لا أغادر البيت والأموال معي ... مبلغ 25 ألف دينار يمكن أن تجلب لي عيون الطامعين ... غدا صباحا سيرافقني لفتح حساب إدّخار يحفظ ثروتي من أي خطر ...
إصرارها أن أبيت عندهم تلك الليلة لم أفهمه ... خالي قال أن له عدّة ارتباطات خارج البيت يمكنني الراحة بينما زوجته تذاكر لأولادها ... عاندت إصرارها على البقاء معها بالبيت ...
خرجت متجوّلا بين شوارع المدينة ... رجلاي سحبتني لنفس الطريق الذي اعرفه ... مررت بجانب المقبرة ... سلّمت على أبي وإنصرفت ... دخلت نفس المقهى ... نظري يجول أبحث عن النادلة..
تذكّرت رقمها .. لقد أهملت أخذ الورقة من جيب ثيابي القديمة ...
تهت بين الحزن لضياع فرصة وبين مرارة الخوف من فقدان سمر... تقدّم مني النادل يضع فنجان قهوة أمامي ... همس في أذني وهو يرى ذهولي ... المقهى شبه خاوية ... قال أن هذا المحل كسوق الخضار ... البضاعة الطازجة تعرض صباحا فقط ...
أعجبني تشبيهه ... هممت بسؤاله عن زميلته لكني خفت أن اسبب لها إشكالا ... خرجت أجر أقدامي ... سحبني الشوق لأمي ... أكياس مشتريات تليق بعائد بعد طول غياب ... فستان جميل لدليلة ... لعبتان لأبناء أخي الآخر ...
فتح الباب بعد رن الجرس ... دليلة تعانق رقبتي ... صوتها يلعلع داخل البيت "عمي جاه " ... أمي تجاهد عجلات كرسيّها ... قبل حارة على يديها ...
جلسة غاب عنها إخوتي ... دليلة صعدت بسرعة تقيس هديتها ... الولدان سعيدان بلعبتيهما .. إعتذرت زوجة أخي الأوسط ... المتدينة إسمها نورة ... بقيت الصهباء زوجة الأصغر إسمها شيراز ...
كانت تراقب حديثي بإهتمام من خلف نظاراتها ... شعرها الأحمر المجعّد يحيط بتكوّر لا شعر فيه أعلى جبينها .... تلبس بنطلون قماش خفيف وقميص بحمّالات ...
يزيّن صدرها قلادة ذهبية ثقيلة ... قلادة جدّتي ... كانت ملكي يوما ما ... نسيتها مع جملة أدباشي يوم هربت من غضب أبي ... تعصبي كونها إستولت عليها دفعني للتركيز على صدرها ...
قامت تفتح الباب لطارق ... منظر مؤخرتها المكوّرة تتأرجح وراء القماش جذبني ... سعدت لما وجدت نظر أمي مركّزا على طبق فواكه تحاول مضغها بما أبقى الزمن في فمها من أسنان ...
سلّمت زوجة الكبير عليّا بحفاوة تعكس بعض الريبة ... كعادتها قميص بحمالات وشورت قصير يكشف بعض النمش على فخذيها ...
شيراز تقف بباب الصالون تتسائل عن نوع قهوتي ... كسّها منفوخ تحت القماش المزركش ... أجبتها بسعادة أن أي شيء من يديها يكفيني ... إنسحابها مبتسمة سحب نظري لمؤخرتها ثانية ...
صدق جدي في مثل دائما يكرره أمامي دون خجل ...
" الزك عالعمشة و الزعكة عالفرطاسة " ... بما معناه أن من كان نظرها قصيرا " العمشة " يكون كسها كبيرا ومن كان شعرها خفيفا من الأمام " فرطاسة " فمؤخرتها كبيرة ...
شيراز جمعت الإثنين معا نظرها قصير وشعر أعلى جبينها خفيف ...
إبتسامة إحتقار من عيني زوجة أخي الأكبر وهي تراقب متابعتي لخطوات شيراز ... إسمها جيهان علمت فيما بعد أنها لا تنجب ... عيناها تدلّ على أنها الأخبث والأشد دهاءا ومكرا بنساء العائلة ... هي قائدة سريّة الأعداء ...
رسالة مضمونة الوصول غيّر مشفّرة ... طالبت أمي بأن تنتزع قلادة جدتي من رقبة شيراز ... الحق حق هي ملكي بالوراثة ... لون جيهان تحوّل للأصفر بينما إخضّر جبين شيراز بعروق إنتفخت غضبا ...
رحت أقلّب القلادة بين يدي مترحما بصوت عالي على من تركها لي... صوت الباب دفع المرأتين للنهوض ... صدى حوار قصير لم أفهمه قبل فتح الباب...
قطعته أمي مترجية أن أعيد العقد لها... شيراز أحنهن على أمي... قبل ردي بالرفض والموافقة دخلت دليلة تقطر سعادة بفستانها الجميل ... بنت الخمسة عشر ربيعا بدت متألقة في ذوقي ... جلست على فخذي تغمرني بقبلات بريئة ...
إكراما لأمي وكي لا أفضح ضعفي أمامها ... شيراز تجلس مقابلة لي ... وضعت العقد في رقبة دليلة ... قلت لها داه هدية مني ليكي ... قالت ببراءة " بس داه بتاع ماما "
ردت أمها التي بدأت مشاعرها تضطرب من تصرفين متناقضين صدرا مني في دقائق
" لا يا حبيبتي داه بتاع عمّك ... رجع يطالب بحقه "
لهجتها لم تعجبني ... قلت بنبرة صارمة " ماحدّش يزعل من الحق " ثم تعمّدت تجاهلها ... كنت أطمئن على صحة أمي وعلى دراسة دليلة ...
صوت المغرب دعاني للمغادرة ... شيراز توصلني للباب ودليلة تتعلق بذراعي ... ساعدتني على أخذ علبة تخصّني كانت مهملة في غرفة صغيرة على السطح ...
قبل مغادرتي أوصيت البنت أن تعيد العقد لأمها كي تحفظه لها حتى تكبر ...
وجه دليلة بدأ يعود للإشراق ... إشراق سرعان ما غرب مع ردي على دعوة دليلة إعادة الزيارة ...
" طبعا يا حبيبيتي ... أنا صاحب بيت "
سعادتي بوقع كلماتي على وجهها دفعني للقفز سرورا ... نقاش طويل وليالي سوداء ستفرضها زيارتي لهم ... حياتهم ستتحوّل لجحيم ...
دخلت بيت خالي ... الكرم المبالغ فيه على السفرة دفعني للإعتذار من أحلام على إتعابي لها ... ردها الحنون " تعبك راحة " قطع عني شاهية الأكل ... سهرة قصيرة ثم إنسحب الجميع للنوم ...
طبعا أصررت على أن لا أزعج أحدا فنمت في الصالون ... عبثا حاربت النوم ... لجأت لشرفة صغيرة أجلس على إحدى الكراسي ... فتحت صندوق ذكرياتي ...
أوراق كثيرة ... شهادات شكر وتفوق وتشجيع ... من التعليم الإبتدائي حتى البكالوريا ... نتائجي تتدرج تنازليا ... هكذا بدأت الطريق ...
صور مدرسية قديمة ... مسحت الغبار عنها ... مارد الذكريات الجميلة ينتصب بين يدي مناديا شبيك لبيك ... دمعت عيناي لذكريات ضحك الطفولة ...
أكثر أصدقائي نسيتهم ... غريب أمر ذاكرة الإنسان ...
صورة ثلاثية ... أنا وحنان وثالثنا ... فطيرة دفعت حنان ثمنها ... وجوهنا تتقاسم الضحكة كما كانت قلوبنا ... تعجّبت من نذالة عشيري ... أصلا حنان لم تكن تعجب أحدا زمن الدراسة ...
دموعي لا زالت تنهمر ... صوري مع جدّي ... صوري وأنا أتسلّم جوائز تفوقي من مدير مدرستي ... رحلات مدرسية ... وقف متأملا صورة لجدي يعلّمني الصيد بالطرّاحة ...
الطراحة شبكة مدوّرة مثقلة برصاص مرصوف بدقة على الجوانب ... تمسك بطريقة محددة وترمى لتنفتح وتسقط فوق الأسماك ثم تسحب ما علق فيها ...
نفس سيجارة حارق وذكريات دامعة ... ضوء خفيف يتسلل من باب غرفة نوم خالي ... خيال يتسلل عبره نحو الحمام ... صوت خطوات تتجه نحوي ... أحلام زوجة خالي تلبس روب منزليا وتغطي شعرها بشال دون عناية .... تطمئن إن كنت بخير ...
لم أستطع إخفاء دموعي ... إنسحبت لتفسح المجال لشريط الذكريات أن يواصل البث ... دقائق وعادت ... لم أستمع لوقع خطاها الحافية ... أصرّت على إعداد مشروب ساخن يهدّأ أعصابي ...
وضعت على طاولة صغيرة كأسين كبيرين يفوح من بخارهم رائحة عجيبة ... سحبت الكرسي تجالسني ... عبثا حاولت سبر أغوار حزني ... تجاهلي لحنانها أزعجها ... سحبت مجموعة صور تقلّبها ... قطعت صمتها بهمس خفيف ...
  • تعرف إنت ما تغيّرتش أبدا ؟؟
  • هوه ... بالشكل ممكن ... لكن ؟؟؟
  • لكن إيه ؟؟؟ إنت زي ما إنت ؟؟ ممكن زمان الظروف ما سمحتش إننا نتعرّف على بعض كويس ... بس أنا لسة شيفاك لما شفتك أوّل مرّة ...
  • ممكن بس الزمن بغيّر ... (صورة من يوم زفافها ... هي وخالي بالوسط جدي بجانبها وأنا بجانب خالي ...)
  • بس باين جدّك ماكانش بيحبني ...شوف نظرتو ليا ؟؟؟
  • (مرّات قليلة شاهدت فيها هذه الصورة ... لكن لأول مرّة أركز عليها ... جدي يستغل طوله الفارع ليلقي بنظره بين مفرق صدرها) إنت شايفة كده ؟؟
  • إنت شايف حاجة ثانية ؟؟؟
  • أنا شايف إنو كان بيحبك جدّا (أخفت ضحكتها بإحناء رأسها) إنت كمان ما تغيّرتيش
قامت تتسحب بخطوات خفيفة ... دقائق وعادت تحمل ألبومات صور ... من زفافها وبعض صور لأولادها وهم صغار ... ألبوم قديم لصورها وهي شابة مراهقة ... الميني جيب والسترات القصيرة ... تسريحات الشعر ... مجموعة كبيرة من الأصدقاء القدامى ...
كنا نضع الألبوم بيننا ... كتفانا متلاصقان ... الشال الذي تغطي به شعرها سقط على ظهر الكرسي … واصلت سرد ذكرياتها مع كلّ صورة ... لم تنتبه لشعرها الأسود مكشوفا ... صوت بكاء أحد أولادها دفعها للإنسحاب مسرعة نحوه ...
كنت أراقبها تطل من فتحة مفتاح بيت نومها تتأكد من نوم زوجها ... عادت تتمهل في خطاها ... سحبت الشال طوته وضعته على الطاولة ... قالت أن الدنيا حرّ وأنا لست غريبا ...
حملت الكأسين الفارغين ... قالت ستحضر المزيد ... مفعوله سحري يهدأ الأعصاب ... إرتخاء أعصابي دفعني لوضع قدماي على حافة الشرفة .... رأسي للخلف ... أنفي تدغدغه رائحة المشروب العجيبة .... أحلام تائهة في شيء تفكّر به ... قالت بصوت خافت
  • أنا عاوزة أقلّك على سر ... بس توعدني ما تجيبش سيرة لخالك
  • خير ؟؟
  • شوف ... أنا وشلّة من الستات صاحباتي عاملين مشروع ... بنستورد أعشاب ومراهم علاج طبيعي ... وبنبيعها ...
  • حلو جدّا ؟؟؟ ودي بتكسّب فلوس ؟؟
  • مكسبها حلو ومضمون
  • وفين المشكلة ؟؟ مش عاوزة خالي يعرف ليه ؟؟
  • أنا حأصارحك ... أصل خالك بيبعثلي كل فلوسه ... أنا بخبيهم في حساب خاص ... كل مرّة قبل الإيداع آخذ منهم شوية اشتري بضاعة أبيعها وبعدين أرجعهم
  • طيب حلو ؟؟ فيها إيه سرّ دي ؟؟؟
  • أولا لو خالك عرف مش حيبعثلي مصروف لا للبيت ولا للأولاد ... حيقلي إصرفي مالي بتكسبيه ... ثانيا ودي المشكلة أصل كان فيه خصم ... إشتريت كمية عشان الربح أكبر وخالك كان المفروض يرجع راس السنة ....
  • جيت أنا وخربطت الدنيا
  • ههه لا وإنت تعرف منين ؟؟؟ خايفة لما بكرة نروح البنك ويكتشف حيعملي مشكلة ...
صوت مجموعة مراهقين تمرّ بالحي دفعت بأنوار شبابيكه للإنارة تباعا ... إنسحبت أحلام للحمام ... تظاهرت بالنوم على الأريكة وخالي ينادي عليها ... سمعته يلومها على التجول مكشوفة الرأس بوجودي بالبيت ...
مفعول الأعشاب سحري ... نمت حتى حرق جلدي وهج شمس ينسل من بين خشب شباك الشرفة ... البيت هادئ ... كنت متجها للحمام ... باب المطبخ مفتوح أحلام تعتلي كرسيا ... نصف فخذيها عاريين وهي تبحث عن علب فوق خزانة بالمطبخ ...
كانت تركز في قراءة التعليمات عليها ... حين أصدرت صوت كحة مفتعلة تعلن أني مستيقظ ...
خارجا من الحمام ... تحضّرت لمشوار البنك الإلزامي ... أحلام تضع الفطور أمامي ... سترت جسدها لكن شعرها مكشوف ...
تائها في تصرفاتها أنهي ما لذ وطاب من خيرات الصباح أمامي ... خالي يفتح الباب ... وزوجته تخرج من غرفة النوم مستعدة للخروج ... جلباب أسود طويل وقماش بنفس اللون يغطي شعرها ....
الأولاد أوصلهم خالي لبيت أختها ... كنت أرى إنعكاس توتر أحلام في المرآة الداخلية ... من خلال صعوبة بلع ريقها ...
فكرة لا أعلم من أين جاءتني طلبت من خالي زيارة أمي ... السبب جس نبض إخوتي حول فكرة قسمة ميراث أبي ...
زوجته تشجعه خصوصا أنه لم يزرها خلال عطلته الأخيرة ... فكرتي رحمتها وقتيا ... سعادتها جعلتها تتعلق بكتفي ونحن نقف في الصفّ أمام شبّاك البنك ... صديقة لها تكفّلت بطلبي ...
الموضوع غير معقد ... الموظفة منشغلة بتصوير أوراق ... سألت أحلام عن قيمة المبلغ الذي إختلسته من زوجها ... 2000 دينار ...
كانت تضع رزم الأوراق أمام موظف الخزنة ... سحبت رزمة من الخمس المرصوفة ... أودعت 20 ألفا ... أعطيتها 2000 تعبت في عدها .. قلت لها أن تحلّ مشكلتها ثم تسدد لي على مهلها ...
عيناها ترقص فرحا ... وضعت ورقتين في يدي قالت أني أخطأت العد ... أصررت أن لا آخذهما ... هديتي للأولاد ...
على باب البنك ... مكالمة هاتفية مع خالي يؤكّد فيها إنتظاره للمساء ... يتوجّب عليه مقابلة إخوتي بعد رجوعهم من العمل .... كما أن أمي أصرّت على أن يتغذّى معهم ...
سيارات التاكسي تأبى التوقف... مررنا أمام محلّ لبيع التجهيزات الكهربائية والأثاث ... تذكّرت ما ينقصني بالبيت ... نقاش عنيف بين أحلام وصاحب المحلّ .... جهاز تلفاز ولاقط وثلاجة صغيرة وموقد وصالون وطاولة وبعض اللوازم الأخرى خفضت فيها الثمن 500 فوق الثلاثة آلاف ...
ستصل غدا للعنوان ... الوقت أمامنا طويل ... قررت مكافأتها بدعوتها لشرب شيء ... دخلنا لمقهى فخم ... إستقبلنا النادل بحفاوة ... وجهنا للدور العلوي قال أنه ركن هادئ للأزواج ...
طاولات منعزلة ... زبائن قليلة ... أزواج يعبرون عن حبهم بالنظر في عيون بعض ... أحلام تخلّت عن حذرها مني ... خلعت **** رأسها ... فتحت جلبابها وألقت بجانبيه للخلف ...
صدرها الضخم خلف قماش قميص وردي ... ترهل صغير يعاني في حزام بنطلون جينز أزرق ...
  • مش عارفة أشكرك إزاي ؟؟
  • لا عادي إحنا أهل وستر وغطى على بعض ...
  • بس جميلك مش حانساه ... ما تتصوّرش كنت مرعوبة قد إيه ؟؟ لو خالك عرف حتبقى مصيبة
  • ليه بس دا خالي إنسان طيّب ؟؟ حرام عليكي ؟؟
  • هو طيّب وزيادة عن اللزوم لكن مع الفلوس يركبو 60 عفريت
راحت تقصّ لي نوادر عن بخل خالي وحبه للمال ... أنا أعذره كمّ الشقاء الذي يعانيه لكسبه يجعله يعرف قيمته ... قطع حديثنا قدوم النادلة ... إبتسامة عريضة تعلو وجهي لهذه الصدفة ... نفس النادلة التي أضعت رقمها ...
سألتها عن سبب تواجدها هنا ... إستغربت سؤالي ... لم تعرفني لتغير شكلي ربما ... أو ربما تتحاشى كلامي ... إحراج شديد أوقعت نفسي به ...
حاولت الهروب من عيني أحلام التي سألتني ألف سؤال ... غيّرت الموضوع عن مشروعها وأرباحه ... قالت أن ارباحه كثيرة لكن رأس المال يعيقها ...
  • يعني مثلا بتكسبي كام في الشهر ؟؟
  • هي مش بالشهر هي بالنسبة ... عمولة يعني ؟؟
  • مش فاهم ؟؟
  • طيب .. مثلا البضاعة الي معايا مرابيحها 400 د ... لو إشتريت ب 3 آلاف تبقى الأرباح 800 لو 4 يبقو ألف ومتين ... وكده
  • طيب لما هو الموضوع مربح كده ... ليه ما حوشتيش مبلغ تشتغلي بيه من الأرباح ..
  • (ترددت قبل الإجابة) أولا انا لسة جديدة ... وثانيا البضائع إلي فيها الربح أنا ماكنش قادرة عليها وثالثا ما إنت عراف خالك والبيت والأولاد ...
  • فهمت
  • طيب تتخيل خالك يديني فلوس أشتري بيها ملابس زي دي
وقامت تخلع جلبابها ... مؤخرتها تكاد تنفجر وسط قماش بنطلونها الضيق ... كانت تضع يديها على وسطها تحسر ترهل بطنها ... ثديها إرتفع للأعلى ... وقضيبي إرتفع معه ... خجل ومرارة حمراء تعتري وجهي ...
حاولت إخفائه بالهروب للحمام ... النادلة تخطفني أمام باب الحمام ... أحلام تراقبها وهي تسجّل رقمها على هاتفي ...
حسرتها تبدو على وجهها وأحلام تصرّ على أخذ الباقي منها ... لا بقشيش هذه المرة ... في البيت الفارغ إلا مني ومن زوجة خالي ... أحلام تخلّت عن حجابها وجلبابها ... على طاولة الصالون ... علب كثيرة وأكياس أعشاب ...
هذه للتنحيف وهذه للتسمين ... علبة لشد البطن والأخرى لتبييض البشرة ... شد نظري مجموعة علب ... تسائلت عنها ... ردت بخجل ...
  • دي لتكبير الثدي والأرداف ... ودي ... دي حاجة بتستعملها الستات عشان ترجع بنت صغيّرة ...
  • طب ودي ؟؟ (أشرت لعلبة رسم عليها بطن رجل يلبس بوكسر رمادي)
  • دي عشان الرجالة ؟؟؟
  • طب ودي بتكبّر وإلا بتصغّر؟؟ عشان العضلات مش كده ؟؟
  • إقرى وإنت تعرف
رحت أطالع التعليمات ... وجهي حرقته الحمرة ... كريم لتكبير حجم القضيب وتأخير القذف وشدة الإنتصاب ... أردت الهروب من خجلي ... لكن المحادثة إنحرفت
  • ودي عليها إقبال ؟؟ بالنسبة للستات أيوة بالنسبة للرجالة مش كثير ...
  • هههه الرجالة عندنا 100/100
  • هههه لا وإنت الصادق مش بيحبو يعترفو ... الست بتحاول تصلّح من مفعول الزمن إنما الراجل شايف نفسو ديما شباب
  • مش يمكن تحليلك غلط
  • لا أبدا في رجالة كثير يكلموني لما يلاقوني وحدة ست يقفلوا ... ممكن عشان الخجل
  • طيب ليه الستات ما تشتريش لأزواجها ؟؟ مثلا ؟؟
  • لو وحدة ست جابت لزوجها كريم كده ... يجرح في رجولته وداه ممكن يقلب حياتها جحيم .. فتصبر وبس
  • تصبر إزاي (أحسست أني تماديت من رد فعل وجهها) طيب ودي مضمونة
  • بالنسبة للستات أن جربتها بنفسي ومضمونة 100/100 (وأشارت لصدرها) بالنسبة للرجالة خد جرّب بنفسك
  • أجرّب ليه أنا كويس وزي الفلّ
  • اها شفت كلامي صح إزاي
  • لا بجد أنا زي الفل ... أنا لسة أول إمبارح
تداركت نفسي ... إنها زوجة خالي ... كيف وصل الحديث بنا إلى المنطقة المحرّمة ... حاولت الهروب عن ضمان فاعلية الدواء... أحلام دخلت غرفتها تجلب صورا لها بعد ولادتها لأحكم وأشاهد الفارق ...
قبل عودتها .... الباب يفتح ... كلمة ماما تنطلق من حنجرة الطفلين ... خالي يعلمني بنتيجة جلسته مع عائلتي ... أخفيت العلب في كيس ... وجه أحلام عادت له الدماء وأنا أعلمه أنها بعض الأدوية لألم ظهري ...
ضحك من كميتها متباهيا بصحته أمامي ... أحلام تدير رأسها مستهزئة بكلامه ... قبل المغادرة أصرّ خالي على تذكيري بكيس دوائي المزعوم ... أحلام تلحقني عند باب الشقة ... لقد نسيت هاتفي ...
نعمة النسيان فقدت بمجرّد دخولي البيت ... تذكّرت سمر رحت أهرول نحو مطعم سعاد ... لا مطعم ولا أثر له سوى بعض الأطلال ... إقتربت من الباب الخشبي ... نباح كلب مربوط جذب رجلا نحيلا نحوي ...
هربت منه كطفل ضبط يسرق اللوز في أرض غريبة .... قدمي تهرول نحو الإتجاه المعاكس لبيتي ... رحلة طويلة بين الممرات الفلاحية ... تخلّصت من مطاردة الرجل لتتكفل مجموعة كلاب بذلك ...
وصلت المقهى مجهدا ... جلست التقط أنفاسي بقارورة ماء باردة تبل ريقي ... الكل يتحدث عن موضوع الساعة ... الحرقة ...
الحرقة هي المرادف في العامية لعملية إجتياز الحدود البحرية خلسة .... مجموعة شبّان من أهل القرية غادروا الشاطئ منذ ليلتين ... غياب إتصال يعلم بوصولهم البر الآخر وعاصفة ليلة أمس المفاجئة تنذر بوقوع كارثة لم تتأكد أخبارها ...
بعد المغيب بقليل ... عائدا أجرّ كل الأذيال ورائي ... ذيل الخيبة من فقدان سمر ... ذيل مرارة لم أفهمه تجاه خالي ... وأذيال خيبات لا تزال تلتصق بمؤخرتي ....
على الطريق الرئيسي قبل الإتجاه لبيتي ... أضواء حمراء دوارة تألم العيون ... عدّة سيّارات للحرس الوطني تقف بترتيب ... نجوم وخطوط تزيّن قارعة الطريق فوق أكتاف الأعوان ...
كرهي لرجال الأمن دف دفعني لملاصقة أشجار حافة المسلك المؤدي لبيتي ... أمام الباب سيّارة واقفة ... قبل الدخول فتحت أبوابها نزل منها ضابطان ... سألني أحدهما هل أنا صاحب البيت ... أجبت بالإيجاب ...
يد قويّة تمسك معصمي ... صوت جوهري يصم أذني
" إتفظلّ معانا من غير شوشرة "

الجزء الرابع





معصمي الأيسر مقيد بحافة كرسي ثقيل ... عيني التي أحرقتها رائحة مواد تنظيف يقوم رجل بمسح الأرضية بها ...تركّز على صورة كبيرة عليها شعار الجمهورية ... صبورة خضراء عليها تعليمات معلّقة ...
لا أحد أعلمني بما يجري ... عون صغير بالسن أخبرني أني سأعرض غدا على قاضي التحقيق ... ذكريات القبض عليا في فرنسا تعود لتتراقص أمامي ... أوّل كلمة تسمعها هي نصّ التهمة ... ثم تتلى عليك حقوقك ...
هنا يقبض عليك ثم يتوجب على العقل مراجعة الأخطاء من يوم سرقت قلما لزميلتك في السنة الأولى من تعليمك حتى الحين ... الجوع والخوف و القلق يسيطر عليا ...
تعاطف العون معي ... لم يدخلني لغرفة الحجز ... كما سمح لي بشراء لمجة وقهوة وسجائر ... أعتقد أنه تقاسم باقي الخمسين دينارا مع رجل التنظيف الذي تولى تلبية طلبي ...
إسورة حديدية بدأ ضغطها يؤلم عظام معصمي ... سكون يخيم على بهو مركز الحرس ... نجوم تتلألأ متحدية قضبان الشبّاك ... نفس دخان ضعت فيه ... سنين طويلة مقيّدة ... صوت جرس الهاتف جذبني للواقع ... مفهوم ... هذا ما سمعت ...
صوت كف عون التحقيق يضرب على الطاولة ... يريد تبريرا عن عودتي من الخارج ... لست مسجّلا في سجلات المغادرين ... عون آخر يتهمني بالعودة من إحدى بؤر التوتر بالشرق ...
وثيقة إطلاق سراحي من السجن بفرنسا بين يديه ... تاريخ السجن وتاريخ إطلاق السراح ... أن كنت لا تفهم الفرنسية إقرأ الأرقام ... عون لا يفهم الفرنسية ... غريب أمر الإنتدابات في بلدي ...
تدخّل زميلة لهم كان كفيلا بإطلاق سراحي يدي من أغلالها ... هكذا كان إستقبالي بمطار تونس قرطاج ...
صوت إرتطام حديد السلسلة بالكرسي سحب رأس العون من فوق دفتر يتوسده للنوم ... نظرته كأنها التهديد الأخير لي .. كنت حذرا أن لا أزعجه فيكون مصيري غرفة الحجز.
ألقيت راسي على الحائط وأغمضت عيني ... هدوء السجون تعودّت به ... صوت فتح الأبواب يشير إلى بداية يوم عمل بعد ليلة ثقيلة ... مؤخرة راسي ومؤخرتي تعانيان أثر الكرسي ...
تقدّم مني عون ... يمسك هاتفي وأوراقي ودفترا بين يديه ... وجهه ومعاملته تؤكد أنه مهذب رغم صرامته ... مقيدين بنفس السلسة يقودني لسيارة الترحيلات ... أعلمني أنه بإمكاني الإتصال بأي شخص يمكنه مساعدتي ...
حنان هي أوّل من خطر ببالي ... أصلا رقمها هو الوحيد المسجّل بالهاتف ... صوتها يغلبه النعاس وهي تؤكد لي أن لا أخشى شيئا ستتصرّف ...
محامي أقرع يقاتل قاضي التحقيق الذي هزمت حججه أمام دفاع خبير ... متهم بتنظيم رحلة غير شرعية ... أثار عجلات عربة المركب التي وجدت على الشاطئ تؤكّد أنها خرجت من بيتي ...
المحامي قلب التهمة لإتهام .... نبيل سرق قارب ورثته من جدي وإستخدمه للهجرة ... مسكين هذا الشاب لو نجا من بطن الحوت سيسكن بطن سجن لمدة طويلة بتهمة لم يرتكبها ...
حنان قالت أنه الحل الوحيد ... أنا كنت سأسجن لتهمة لم أرتكبها ... هكذا قالت وهي توصلني لبيتي ...
أثار عبث نبيل ورفاقه بالمخزن ظاهرة ... كيف لم أنتبه لذلك مساء أمس ... حمام ساخن تلاه نوم مضطرب ... ليلة قضيتها مرعوبا بمركز الحرس دفعتني لغيبوبة أشبه بالنوم ....
حنان تصفع وجهي ... كلماتها وهي تصرخ في السيّارة أن الدنيا تغيٍّرت .... كيف تثق بمن لا تعرفه ... واقع قريب يتداخل في نومي ... خالي يقفل باب بيته في وجهي قال أنه ملّ من كثرة أخطائي ...
أحلام تدهن زبي بكريمات تخلطها من العلب الكثيرة ... زبي بدأ يتضخّم حجمه ... شيراز تتسلّقه محاولة اللحاق بسمر التي إشتعل كسها وهي تشوي الذرة فيه ... حبّات الذرة تتطاير متفتحة لتسقط بين صدر أحلام الذي بدأ حجمه يتضاعف ...
نبيل يتعلّق بحلمتها محاولا النجاة من أمواج بحر عاتية قبل أن تلتهمه سمكة قرش ضخمة رأسها بوجه جيهان ...
صوت منبّه سيّارة يهز جسدي ... إرتعاشة صحبها بلل بين فخذي ... المنبه صوته يزداد ممزوجا بنداء من حلق قوية ...
شاحنة بيضاء كبيرة لنقل البضائع تقف أمام باب الحديقة ... رأسا رجلين يطلان من بين قضبانه ... رجل يعتذر مني لتأخر وصول طلب كان يفترض وصوله يوم أمس ... نصف يوم كامل تطلّب تركيب الأثاث وإعادة ترتيب البيت ...
لم يسعدني تغيّر شكل بيتي ... الجوع جرّني وسط القرية ... عشيري داخل المقهى مهللا بالإفراج عني ... قال انه سمع بخبر القبض عليا ...
لم أستطع كتم لومه على عدم التدخّل أو السؤال عني ... تبريره بأن العلاقة المتوترة دائما بين رجال الأمن والعسكريين منعته من مساعدتي .... حجته ضعيفة ...
صرت أمقت تواجدي مع الذكور ... الرجولة مواقف ... كيف أطلب الشهامة ممن إستغل إنكسار من لجأت له ظنا بأزلية علاقة الصداقة ...
طريق طويلة من المقارنة بين موقفه وموقف حنان ... مشاعري تحرقها المواقف ... ضياع سمر مني ... شهوتي لها غير مبررة ... هيفاء لم تروي عطشي بل أيقظت مارد يرقد في فانوسه منذ عقود ...
عطشي دفعني للبحث عن رقم النادلة في هاتفي ... رقم واحد مسجّل هو رقم حنان ... تعجبّت من الأمر ... رأيتها تسجل رقمها أمام حمام الكافيتيريا... قلة خبرتي في الهواتف حيرتني ... ربما إتصلت بنفسها ثم فسخت رقمها لغرض في نفسها ....
إنتظرت إتصالها ... يومان من الحبس الإختياري بالمنزل ... أشغل نفسي بالعناية ببعض نبتات في الحديقة ... نومي تسكنه الكوابيس التي لا لون لها ... الإحتلام في سن الأربعين محرج ...
حرارة ظهيرة اليوم الثالث سحبتني للبحر ... جسدي ينعم بمائه البارد وروحي تحترق بأطلال القصب .... كانت مسرحا لليلتي حب عقيمة ...
أين هي ؟؟؟ ترى هل دخلت البيت حقّا ؟؟؟ هل كان حلما ؟؟
الرجل النحيل يصلح ما أفسده الموج من سور قصبي لأرضه ... أعتقد أنه زوج سعاد ... أشحت وجهي خجلا أن يتعرف على من تلصص على حرمة مسكنه يوما ...
صورة قارب الهادي تشق سطح الماء نحوي ... ناداني ... صعدت معه لجولة ترحم عقلي وقتيا ... الألم يشد بطني من ضحكي من طرافته ... وحلقي يحترق من أثر سجائره الرخيصة ...
إنتهت رحلتنا كالعادة في الميناء ... عاري الصدر حافي القدمين ... قهوة وسجائر مهرّبة ... أسنان مصفرّة تضحك ... مجالسة البحّارة مسليّة ... وجبة دسمة من مرقة الهادي ....
طريق طويلة تورمت فيها بطن قدمي من كثرة الحصى التي أتعثّر فيها .... دكّان يبيع مستلزمات البحر جذبني أطّلع عليه ... طرّاحة جديدة على كتفي ... قال صاحب الدكان انه يمكنني دفع ثمنها متى شئت ..
بعد العصر جالسا بركن الكيف ... أتكيّف مع وضعي الجديد ... الجفاف يحرق صدري ... يدي تعبث بسلسلة المفاتيح التي أعادها لي خالي ... مفتاح شقتي بمدينة كان ... مفتاح صغير لصندوق مراسلات لم تصله رسالة قط ....
مفتاح على شكل **** ... قساوة معدنه وندرة شكله ... جعلت المحقق يسألني آلاف المرّات عما يكون ... مفتاح الخزنة ... لو بحت له بسرّه لقتلتني المافيا ... هذا هو القانون ...
بيض مقلي وصدور دجاج جاهدت لتحضيرها على موقدي الجديد ... العلاقة بين بطني وجفني متلازمة ... تشبع الأولى فتنسدل الثانية ...
مشدوها من كابوس لا ملامح فيه إنتهى بدوائر تزيّن قماش أسفل بطني ...
قهوتي تفوح ... دخان سيجارتي يختلط بصور برنامج يبث على قناة خاصة ... شريط الأخبار يشير أنها الحادية عشر ليلا ... عاريا من كل قيود الإرتباط بالزمن ... تائها لا ذكريات ماضي ولا أحداث حاضر ولا ملامح للمستقبل ...
صوت غريب يرنّ في أذني ... مصدره غرفة النوم ... ضوء أخضر يقطع ظلمتها ... رقم غريب على شاشته ... جزمت أنها النادلة تتصل ... لا أحد يعرف رقمي غيرها وحنان ... صوت هامس من الجهة الأخرى ...
  • ألو ؟؟ دليل ؟؟ عرفتني ؟؟ (الصوت الخافت يدلّ كونه لأحلام لكني إدعيت عدم معرفة صاحبته) طيب حزّر مين ؟؟
  • سلاف ؟؟ وردة ؟؟ شيرين ؟؟؟ (مجموعة طويلة من الأسماء كلها لمطربات)
  • يخرب بيتك ؟؟ كل دول بنات تعرفهم ؟؟؟ وعرفتهم إمتى ؟؟؟
  • طيب قولي مين قبل ما اسمي الباقي ؟؟
  • واضح إنك ما ضيعتش وقتك بس ضيّعت فلوسك ؟؟
  • وهي الفلوس مجعولة عشان إيه ؟؟
  • عشان تستثمرها ؟؟ مش عشان تضيعها ؟؟ أنا احلام مرات خالك ؟؟؟
  • (متظاهرا بالإرتباك) مش كنتي تقولي في الأوّل عشان ما اوقعش في الغلط ... جيبتي رقمي منين
  • أنا طلبت نفسي من عندك قبل ما تروّح (تذكّرت أني نسيت الهاتف ساعتها) أخبارك إيه ؟؟
  • تمام وإنت وخالي والأولاد أخباركم إيه ؟؟
  • كلهم بخير ... خالك نايم والأولاد بكرة يرجعوا المدارس ... طيب طمني الأمانة لسة معاك ؟؟
  • أمانة إيه ؟؟ (تذكّرت كيس المراهم ... قمت أجلبه من الغرفة لا أدري لماذا) أه لسة معايا ؟؟ إنت عاوزاه دلوقتي ؟؟
  • لا مش دلوقتي خالك يرجع بعد أسبوعين
  • طيب إنت بتكلميني بشويش ليه ؟؟؟
  • عشان خالك ما يقفشنيش ؟؟ ممكن يفكّر بحاجة غلط
لا أدري ما السر الخفي ... إذا كلّمك أحد هامس تردّ عليه هامسا ... صوتها وهي تغافل خالي وتكلّمني يسري في عنقي كذبذبة تيّار لذيذ ...
مسحوبا في كلامها وهي تعلمني أن الكثير من الطلبات تنتظر التلبية ... حوالي ساعة ونحن نهمس ... قطعت إتصالها فجأة ...
الهاتف في يدي اليمنى ... مستلقيا على الأريكة عاريا ... سحبت يدي كمن صعقته الكهرباء ... يدي تداعب زبي الذي إنتصب معلنا للسقف محاولة الوصول له ...
لم أتذكّر كيف إنسلّت يدي تداعب قضيبي ومتى ؟؟؟ ولماذا ؟؟
نوم عميق دون كوابيس ... زقزقة العصافير تعلن عن طلوع الفجر ... خوفي من كآبة يوم طويل دفعني للبحر بعد إشباع رغبة بطني ... شبكتي على كتفي أراقب أسماكا تقترب من الشاطئ ..
جدّي علّمني تلك الميزة ... أسماك البوري تلمع حراشفها تحت الضوء يمكن لمن خبر الأمر رايتها وهو على الشاطئ ...
خطوتان سريعتان بحذر ... عيني تراقب إنفتاح الشبكة وسقوطها فوق السرب ... يدي تسحب الحبل مزهوا بإنتصار لم أكتشف نتيجته بعد ...
ثقل وزنها يعلمني بصيد وفير قبل صورته يقفز وسطها ... على الرمال أحاول فتحها ... صوت من ورائي يعلن " صباح الخير والرزق " ...
سعاد تقف ورائي ... بنطالها القماشي الأزرق مشمر حتى ركبتيها ... صدرها يهتزّ أمامي وهي تنحني لتراقب صيدي ...
كسها الضخم يطل حجمه من فتحة رجليها وهي تحاول التوازن ... جفاف مضاعف في حلقي غابت معه الكلمات
  • الخير بيجي على وجوه الخير ...
  • طيب إن كان كده يبقى دول نصيبي ... (أخذت سمكتين تجاهدان للإفلات من يدها)
  • خوذيهم كلّهم ...
  • داه كرم منك ... بس داه كثير
  • مش كثير عليكي ... كفاية نفسك في الطبخ ..
  • طيب أنا حآخد دول (أضافت سمكتين) أطبخهم عشانك بس ... بس
  • في حاجة ؟؟ مشكلة يعني ؟؟
  • لا أبدا بس زوجي في البيت ... مش عاوزاه يشك في حاجة ؟؟
  • إنت بيتك فين ؟؟
كانت تسير بجانبي ... يدي مثقلة بحلقة علّقت فيها أسماكي ... وصلنا أمام البيت ... رغم أن المكان خال لكنها رفضت دعوتي في الدخول ...
قالت أنها ستزورني بعد المغيب ... زوجها يعمل بالليل ... يغادر على الساعة الخامسة ... ستحتمي بظلمة الليل من عين ترصدها صدفة ...
قلبي ينبض بين فخذي لمجرّد فكرة زيارتها لي بالليل ... طلبت رقمي ثم تراجعت قالت أن رصيدها خالي ... تركتها أمام الباب ... صعدت بسرعة للبيت ...
سحبت رزمة من الأوراق النقدية من جيب بنطالي والهاتف وعدت مسرعا ...
صدمت لما وجدت الطريق فارغا ... مرارة ضياع سمر تعود لحلقي ... خيالها يقابلني على شاطئ البحر ... قالت أنها تخشى على سمعتها ... علينا أخذ الحذر ...
وضعت ورقة نقدية في يدها لتشحن رصيدها ... أخذتها بعد تردد .... والهاتف تسجّل فيه رقمها .... أعادت لي الأسماك ... ستتكفل بالطبخ في بيتي ...
أمضيت المساء أنظّف الأسماك ... نظّفت البيت ... عطّرته ...
لا أعلم سرّ نشاطي ... حملة تسوّق أنفقت فيها بقي من قيمة تغيير العملة عند الشاب ... كنت نسيت أمرها .. الثلاجة تعج بالخيرات ... كما رفوف المطبخ ... ربما إثارة أن تزورني سعاد ليلا ....
عقارب الساعة تشير للسادسة ... موعد الإتصال بها ... هدير الموج في هاتفي يعلمني أنها في الطريق ... تقفز أمامي في درجات البيت ... مؤخرتها الطرية تتأرجح مع خطواتها ...
تقف أمامي تستطلع البيت ... وأنا اكتشفها..... بنطال منزلي من القطن ... سترة صوفية تحميها نسمات ليل الخريف ... دخلت للغرف تتفقدها ... أبدت إعجابها بالسدة التي أنام فيها ... تشجعّت وقلت لها انه يمكنها النوم فيها متى أرادت ...
نظرة عينها أخصت أحلامي ... طلبت مني أن ارتاح في الصالون... ساعة ألوم فيها نفسي على سوء تفسيري ...
باب المطبخ يفتح رائحة الكسكسي بالسمك تسبق قدومها ... تحمل طبقا فيه شاي أخضر ... قالت انه سيفتح شهيتي ...
بطني تؤلمني من جوع يوم كامل وضميري يصفعني ... تأسفت منها على إزعاجها ... كان عليا أنا واجب الضيافة ... قالت أنها تعلم أني أعيش لوحدي ...
تقطيب حاجبيها وهي تعلمني أن ذلك سبب زيارتها لي ... زاد من حرقة المرارة في حلقي... تريد مساعدتي بأشغال البيت ... شعور بالندم لازمني ...
ساعة تعذبت فيها من متابعة مسلسل على شاشة التلفاز ... جلستها عادية ... عذابي يزداد مع رائحة الطعام تؤجج نار جوعي ...
طاولة تعج بالخيرات والغلال والسلطات... وعاء تزينه أنصاف الأسماك ... الترتيب ولمسة الأنوثة تسيل اللعاب ... إختيارها للجلوس مقابلتي حسم النزاع في عقلي ...
إمتلأت البطون ... نظّفت كلّ شيء ... وضعت الباقي في الثلاجة ... غداء يوم الغد ... قالت ونحن نشرب شاي مزينا بحبات لوز ... أن زوجها يراوح في عمله بين الليل والنهار ... ستقوم بخدمتي حسب عمل زوجها ...
رفضت أخذ ورقة نقدية دسستها في يدها بعد أن ودعتها متأكدا من خلو المكان ... موقفها زاد في دهشتي ...
تخلّصت من ملابسي ... دفنت سيجارتي في رمادها بعد إلحاح جفوني ... صوت الهاتف يدخل كابوسا بدأت تختلط ألوانه ...
أحلام تهمس من الجهة الأخرى ... قالت أن زوجها نائم ... ساعة أو أكثر في همس طويل ... حديثها لا جديد فيه ... لم أجد سبب لمكالمتها ...
إنتهت المكالمة كسابقتها ... نفس الحالة يدي تلاعب قضيبي ... لا أعلم ما سرّ ذلك ... نوم عميق غرقت فيه... يبدو أن الكوابيس تطردها عذوبة صوت أحلام ...
يوم طويل مراوحا بين البحر وبين البيت ... زيارة ليلية من سعاد ... زيارة عادية سوى أنها أطالت المكوث ... قالت أنها تملّ من السهر وحدها ...
رفضت ثمن خدمتها ثانية ... قالت أنها لو إحتاجت ستطلب ...
أجفاني مثقلة من ثقل بطني ... نوم متقطّع ... كوابيس ملوّنة ... مفزوعا مما جاد به خيال مؤلف كوابيسي المسطول ... الساعة الثانية والنصف صباحا ... غياب مكالمة أحلام ... يقلقني ...
ربما خالي دعاها لواجب زوجي ... أمسكت الهاتف أقلّبه ... فكّرت آلاف المرّات أن أتّصل بها ... لكني تراجعت ...
تخيلي لها على الفراش مع خالي طرد النوم من عيني ... مرارة وحقد يغلي في صدري دون مبرر ... أنوار الفجر تدعوني لشاطئ البحر ... أنثى سمك بوري تعلق في شبكتي ضمن أول دفعة ...
الصيد بالأنثى ... طريقة تقليدية ... تربط الأنثى من فمها بخيط صيد متين ... تطلق سابحة في المياه ... الصياد يتحكم بمسارها من طرف الخيط ... رائحتها تسحب الذكور ....
بخيط صيد وجدته في المخزن ... كثير من الذكور إنتهى أملهم بالتزاوج بمصارعة الموت تخبطا على رمال الشاطئ ...
كمية هائلة من السمك تنهي آخر محاولتها التشبث بالحياة بجانبي ... أصلا لا مكان لها بثلّاجتي ... 3 أكياس كبيرة ثقل وزنها ...
حنان التي أمطرت سمعي بشتم من لا يتصّل بها إلا لحاجته ... قادتني للمدينة بعد تغيّر ملامحها من ثقل حجم الهدية ... العاشرة صباحا ...
ودعني دخان سيّارتها عند باب بيت خالي ... كل درجة أصعدها يزيد خفقان قلبي ... أمعائي تتعصّر ببطني ... فتح الباب ...
سيّدة لم أشاهدها من قبل ... تنادي أحلام تعلمها أن تاجرا للأسماك بالباب ... خجلها من ضحك أحلام وهي تعرفها بي دفعها للإعتذار ... إعتذار سبق التعارف ...
فيروز زوجة أخ أحلام ...
إلتحقت بخالي وصهره لشرب القهوة .... سعيدا بهديتي الثمينة ... أصرّ على مرافقتي لبيتنا بعد رفضي الدعوة لتناول الغداء ...
صهره وزوجته خرجا قبل خروجنا ...
سعيدا برؤية أحلام ... مجبور الخاطر بمعرفة سبب عدم إتصالها ... زيارة عائلة أخيها هي السبب ...
مجاورا لخالي في سيّارته .... قضيبي منتصب لذكرى صورة يد زوجته تشير ببسبابتها ثم بخنصرها وإبهامها أن موعد مكالمتنا الليلة ...
أمي ترحّب بنا ملئ شدقيها ... قالت أنها لم ترى كمية من السمك كهذه تدخل مطبخها منذ وفات والدها ... ذكريات عز ثلاثتنا تحت ظل المرحوم تتوالى ... أغلبها مشتركة بيني وبين خالي ...
أمي تأكّد أن خالي يحبني كإبنه ... مرارة صورة زوجته تواعدني لمؤانسة بريئة تهز كياني ... المرارة تذوب في حفاوة إستقبال دليلة لعمها المحبوب ... لبس المدرسة الجميل يزيدها تألّقا ...
إطنابي في شكر شيراز على نفسها في طبخ ما جلبت خفف من نظرات الريبة من تحت نظّارتها ... حسن أخلاق دليلة ... دفعني لشكر من قامت بتربيتها ...
قرصة من يد أمي على ذراع أخيها حبست كلمات كانت ستخرج منه ...
جلسة عائلية ... سعادة أمي منعتني من ممارسة متعتي في تنغيص مساء إخوتي ... أمي كلامها غريب ... أحيانا تكلّم خالي كأنه والدها و تكلمني كأني أخوها أو أحد إخوتي ...
خالي يودعني بعد أن أصرّ على إيصالي ... قال انه يتوجب عليا زيارته قبل سفره ...
سعاد التي يئست من قدومي ... تطالب بمفتاح للبيت يحميها عيونا قد ترصدها في صورة تكرار غيابي ...
كثرة الأكل في بيتنا بين غداء وفواكه خلال المساء منعني من التمتع بطواجن لذيذة ببيض أنثى السمك أعدته سعاد ...
أصرّت على إطعامي بيدها حتى أخر لقمة في الطبق ... معاملتها لي كطفل خلقت جوا من الحميمية ...
معرفة سطحية سرعان ما تحوّلت لتآلف غريب بيننا ... أسماء أبطال مسلسلها تتسابق معلنة نهايته ... طلبت أن تسهر معي إن كان لا يزعجني ... لا تشعر بالنعاس و ستمل من وحدتها ...
ساعة أو يزيد ... بين قصص إختلقتها عن مشاريعي وحياتي بالخارج ... وبين صدق معانتها بالداخل ...
قالت أن الوحدة ستقتلها ... تشجعت وسألتها عن سر عدم إنجابها لأولاد يؤنسون وحدتها ...
عاقر ... صوتها يملأه الألم وهي تشكو شوقها للأولاد ... قالت أن بنات شقيقتها يعوضون النقص في حالة وجودهم ...
أطنبت في شكر أخلاق الأولى بينما تشتكي من جموح الثانية ... سمر ... فرصة لأتقصى أخبار حبيبتي المفقودة ...
  • إلا قوليلي هي سمر راحت فين ...
  • دي رجعت بيتهم ... من حوالي اسبوع ... تجننا البنت دي بعمايلها
  • بالعكس دي مؤدبة ومخها أكبر من سنها
  • أهو مخها داه سبب جنانها ...
  • الجيل داه كله كده ... هي بتدرس في إيه
  • مخها لاهو في تعليم ولا حاجة ... كل أحلامها تهج مالبلد ... كل ما تشوف واحد عايش برّة تشبط فيه ...
  • (كلامها آلمني ) طيب وفيها إيه ؟؟ في بنات كثير إتجوزو وسافرو وعايشين برّة ؟؟
  • دي بنت مجنونة ؟؟؟ دي تنفع تتجوز ؟؟؟ أوّل الصيف راحت لجارهم عايش في إيطاليا طلبت منه يخبيها في عربته ويأخذها معاه ... تصوّر ؟؟
  • يا خبر
  • زي ما بقلّك كده ... الراجل متزوّج وكانت حتعمله مشاكل مع مراته ... لولا جبتها هنا ممكن حصلت مصيبة
راحت تروي لي طرائفها مع القاطنين بالخارج منذ بدأ صدره في النبات ... كثرة مشاكلها تعادل قشور عبّاد الشمس الأبيض التي تقشّرها سعاد على الطاولة بتوتر... كلامها كان يجرح صورة حب لم تلتقط بعد ...
سمر كانت تعتقد أني سأحقق حلمها في الهجرة...
تاه عقلي بكلماتها ... قلبي يؤلمني من بساطة فكري ... كيف لصبية أن تعشق مراهقا في الأربعين... سخرت من تفاهة مشاعري... منتصف الليل يقترب ... سعاد تنسحب متمنية لي ليلة سعيدة ...
متخيّلا ردة فعل سمر وأنا أعلمها أني مطرود من جنة الغرب الوهمية ... بدأت أشكر الصدف التي أنقذتني ... من مغامرة طائشة ...
طيشي وقلّة خبرتي هم السبب في كل مصائبي ... العالم أدرك أني سابلغ أشدي وانا لا أبالي .... صدمة بسيطة أعادت لي رشدي ... الرشد يرميك على أرض الواقع من سحب الأحلام
إسم أحلام يشع على شاشة الهاتف راقصا مع نغمته ... عيناي تظلم وتنير مع إشعاعه ... خمد إصراره ليكتب إسمها من تحت ... كإتصال غير مجاب .... إتصال يتلوه آخر ... كتمت صوته ... بقي نوره يشع لمدة طويلة ...
أشحت بوجهي عنه ... كمن يهرب من عتاب على ذنب لم يفكّر في إقترافه ... جفوني يداعبها النعاس ... أذناي تحمّر من الحرارة ... إضطراب في ضغط الدم ...
سعاد تفتح رجليها لتخرج سمر من بينها ... رأسها يطلّ من حقيبة سفر حمراء تقطر دما ... مرزاق يغرغر الدم في فمه ... أنفه يشمّ جمرا مرصوفا في سطر أمامه ... حيدر بسابق الريح بدرّاجة جدي يحمل دليلة بين يديه ليسقط بها في كومة نار...
مفتاح صليبي يدور في مؤخرتي ... ألم في فتحة شرجي يدفعني للإهتزاز ... المفتاح يخترق أحشائي ويخرج من قضيبي ... قضيبي يتحول شكله لصليب مسنن ... أحلام يداها مربوطة به ... شيراز تعمّد رأسها ماء مغلي يخرج منه...
حرقة في أمعائي ولهيب بين فخذي وعطش يفح في حلقي ... مسرعا نحو الحمام ... إسهال سببه كثرة البهارات في أكل اليوم ...
حمام بارد أتطهر به من رجس مشاهد وصلتني من الجحيم ....
قارورة ماء باردة سكبتها في نار معدتي ... سيجارة أعدّل بها أوتار نشاز عزف عقلي ... السكون يدلّ أن الليل فرض سطوته على الكون ... بحثت عن هاتفي لأعرف كم يكون توقيت الزمان ...
64 إتصال غير مجاب من أحلام ... الساعة الثانية والنصف ليلا ... متأملا بتوقيت كل مكالمة ... الشاشة تلمع في صمت ... شكل رسالة تنبض ...
" الظاهر إنك نسيت موعدنا ... حتى لو مش لوحدك ... كان لازم تطمني ... قلبي شاغلني عليك ... كلمني لما تبقى لوحدك ... عاوزاك في خدمة ضرورية ... طمني إنك بخير "
توقيت الرسالة يؤكد أنها بعثت منذ ثواني .... محاولا التخلّص من تهمة أوحى بها خيالها أجبت برسالة قصيرة ... معتذرا عن إشغالها ... فقط هزمني سلطان النوم ...
دقائق كنت خرجت أدخّن فيها سيجارة... شاشة الهاتف تضيء لتسحبني له ... صوتها الهامس وذلك التيار العجيب في عنقي .... لجأت للكنبة كالعادة ...
  • المهم إنك بخير ... قلبي كان حيوقف مالخوف عليك
  • لا أنا تمام وآسف على الإزعاج ...
  • يعني حتى لو معاك وحدة بالبيت ... إبعثلي رسالة طمني
  • لا أبدا أنا لوحدي ...كنت نايم ... ممكن من التعب ما أخذتش بالي
  • حلو إنّك لوحدك وبتسمع الكلام ... أنا بس خايفة عليك لتصرف فلوسك عالفاضي ... ممكن تصرفها في المليان ...
  • (أردت الهروب من تلميح سيسرح عقلي معه خطأ) قلتلي عوزاني في خدمة ضرورية ؟؟ خير؟؟؟
  • لا كل خير ؟؟؟ أصل وصلتني شوية طلبيات مستعجلة ؟؟
  • أجيبلك الكيس بكرة ؟؟؟
  • لا لا ما تعملش كده غير لما أقلّك ؟؟
  • أمال ؟؟؟ إيه المطلوب ؟؟
  • يعني أنا حأزعجك معايا ؟؟؟ بس من عشمي ؟؟
  • لا أبدا إنت تؤمري
  • تسلملي ... أنا حأمليك الإسم والعنوان ورقم الهاتف وإسم كل طلب ... وإنت ترسلهم في طرود بريدية ...
  • أرسلهم منين ؟؟ مش فاهم ؟؟
  • تروح مركز البريد ... عندهم علب مخصصة للطرود تحط كل طلبية في علبة وترسلها ....
قائمة طويلة ... أستجدي قلما من مخلفات دراستي أن يكتب ... نور الفجر بدأ يبزغ ... وداع دافئ من أحلام ...
متجها نحو الشرفة استطلع الطقس ... تعثّرت بقماش ملقى على الأرض ... تمليت فيه ... إنه البوكسر الذي كنت ألبسه ...
متى نزعته ؟؟؟ تذكّرت يدي التي كانت تداعب زبي خلال فترة الراحة بين كتابة كل طلب ... ماذا يفعل هذا الصوت الهامس بجوارحي ...
مستعدا لحملة مسعورة على أسراب سمك البوري ... بدأت الكمية تتضاعف مع تصاعد أشعة الشمس ... كنت أفكّر بمصير هذه الكمية ... هممت بإهدائها لعشيري ... صفعة وهمية من حنان على وجهي ... إستخسرتها فيه ...
قارب يشق الأعماق ... مجاديفه تطير تجاهي ... الهادي يدعوني لمرافقته ... إعتذرت منه بأن لي شؤونا أقضيها ...
عالجت حزنه لغياب جالب حظه بمنحه كل صيدي ... تحممت وتعطرت وتهندمت ...
سائلا عن موقع مركز البريد بقريتنا ... قبل هجرتي لم يكن فيها علم وطني مرفوع فوق مؤسسة حكومية سوى المدرسة ... مجمّع خدمات دلني عليه التاجر الشاب ... مستوصف ومركز بريد ومكتب شؤون إجتماعية ...
دخلت مكتب البريد إستقبلتني سيدة ***** في أوائل الثلاثينات ... لباس أبيض عليه رسم يؤكده انه يتبع مستشفى ...
سألتني عن حاجتي وضعت كيس العلب أمامها ... قلت لها أريد أن ابعث هذه في طرود...
قطّبت جبينها من صعوبة المهمة ... طلبت مني الإنتظار قليلا ... صوتها من خلف الهاتف يعلمني أنها ستستعين بمن يلبي طلبي ...
جالسا على كراسي الصبر ... عيني تستطلع صبورة إلكترونية تعلم بأسعار تغيير العملة ... كم تدهورت قيمتك أيها الدنوس ... الدنوس هو دلع الدينار ... الأورو الواحد ب 3.5 دينار ... ماذا جنت هذه الدولة على نفسها ؟؟؟
جسد إمراة يخترق الباب ... شعرها أسود يميل للحمرة عند الأطراف ... أسنانها بيضاء بشكل ملفت للنظر ... قميص بني فاتح يغلق برباط عند الرقبة ... بنطلون جينز أزرق و صندل نسائي أسود بسيور بنية ... لون بشرتها بين السمرة والبرنزي ...
عضلات وجهها رسمت معيّنا حول فمها من أثر إبتسامة حيتني بها ... فرقعة قبلات رباعية مع صديقتها وهي تسألها ... " خير طلبتيني ليه ؟؟ "
كنت أهم بالوقوف حين سحبني صوت صديقتها ... " أصل خالتك فلانة .... " لم أهتم بمتابعة كلامهما ... منغمسا أرد على رسالة أحلام أني لم أبدأ بعد بإرسال الطلبات ... صوت أقدام جادة تقرع الأرض بكعب حذاء عالي ...
رفعت راسي منهيا الرسالة ... صوت منزعج من وجودي يدعوني للشباك بصفاقة ... عبوس وجهها تحوّل للإنشراح ... إمرأة يبدو وجهها مألوفا ...
نصف شعرها يطلّ من تحت قماش تلفّ به رأسها ... والباقي يتستّر من وراء حائط المصرف ...
ردي البارد المنزعج من التأخير ... دفعها للتكلّم بصوت عالي معاتبة ؟؟
  • طيب المرّة الأولى ما عرفتنيش وعديتها ودلوقتي إيه عذرك ؟؟
  • (هي أول من رحبت بعودتي في الدكان ) لا أبدا أصلي مش مركّز ؟؟ كيف أحوالك
  • طيب مش تعرّفينا ؟؟؟ (نطقت المتدينة )
  • داه دليل إبن بنت عمك فلان ؟؟ إلى كان مسافر ورجع من كام يوم
  • ألفة ( قامت المتبرجة تمد يدها للسلام عليا من فتحة بالبلور) المرشدة الإجتماعية .. ودي إقبال ملاك الرحمة بالقرية (رددنا التحية بالأعين) ودي طبعا تهاني ... مديرة البوسطة (لويت شفتي وأحنيت راسي كأني أعرفها منذ قرون)
سألتني عن طلبي ... طلبت منها مجموعة علب طرود بريدية ... رحمتني من شقاء العمل ... أخذت القائمة و الكيس ...
رحمة الشقاء قابلها جحيم الخجل من ضحكهن مع كل علبة تضعها إحداهن بالعلبة و الثانية تكتب العنوان والثالثة تطبع توصيل التسليم على جهاز الحاسوب ...
أحينا كانت إقبال تتصنع عدم فهمها كلمة في ورقتي لتسحبني للحديث ... إنتهت مهمتي بتعمير ورقة ... الإسم والعنوان ورقم الهاتف ...
دفعت الرسوم وخرجت ... رسالة تحقيق النصر بعثتها لأحلام ... ولجأت لسدتي طالبا النوم ...
الهدوء الذي يقبع على القرية يسمح لك بنوم أهل الكهف ... صوت الهاتف يرنّ ... سعاد في موعدها ... شوقها للتلفاز صار يدفعها للبقاء أكثر فأكثر ... مكالمة من أحلام تنتهي قرب الفجر ...
الغريب في الأمر أن كلامها العادي يدفعني للإنتصاب ... دفعة أخرى من الطلبات واجبة التسليم غدا ... قائمة طويلة ... أجهدتني كتابتها وسرقت ثلثي ليلي مكالمتها ...
فجرا كعادتي ... صيد وفير ... موسم التزاوج يجلب الرزق ... الهادي مبتسما يحلّق بمجدافيه نحوي ... ألقى حجر ثقيلا يستخدمه كمرساة ...
رجلاه تغوص في الماء ... يده تسحب رزمة أوراق مالية ملفوفة بكيس بلاستيكي ... ثمن أسماك البارحة ... حمل الدفعة الجديدة وطار ملوحا بيده أنه أخذ نسبته ...
صباح جميل في مركز البريد ... صديقاتي الجديدات تجتهدن لخدمتي ... فهمت أنهن كن قبل مجيئي يتناوبن على فتح المكاتب ... كل يوم دور إحداهن ...
قلّة عدد السكان وطالبي الخدمات سمح لهنّ بممارسة الهواية المفضلة لموظفي الحكومات العربية ... التهاون
أسبوع مرّ على نفس المنوال ... فجرا أحصد ما ينتجه موج بحرنا الكريم ... يتسلّمه الهادي مقابل ثمن بضاعة الأمس ...
ساعتان أدمنت فيهما مرافقة الموظفات الثلاث ... أصلا صرت أجلب لهن معي الحلويات والعصير ... جلستهن مسليّة لمن تصحرت علاقته بالبشر في صقيع وحدة الزنزانة ... ألفة عجيبة تكونت بيننا بسرعة ...
ألفة كانت أكثرهن جرأة ... في الخامسة والثلاثين .... تعشق مربى المشمش ... متزوجة ولها ولد في التاسعة من عمره ... صار يناديني عمي ... قالت أن زوجها عاطل منذ سنتين ... كان صاحب مركب صيد ... ثم أفلس ومديون للبنك ..
تهاني ... في بداية الثلاثينات ... طبعا متزوجة ولها ولدان ... لم تعلمني بعمل زوجها ...
إقبال ... ناصفت الثلاثين ... عزباء ... خجلت أن أسأل عن السبب ... رغم إستغرابي من وضعها ... موظفة مقبولة الجمال ... تملك منزلا ورثته مناصفة مع شقيقتها التي تقيم بمدينة في الساحل ....
عقارب ساعتي البيولوجية تدور بالمقلوب ... أنام من منتصف النهار للمغيب ... أتعشّى وأسامر سعاد التي أدمنت مسلسلاتها ... بل صرت أتلهف لمعرفة أحداث الحلقة القادمة ... كيس من بذور عبّاد الشمس يوميا هو أجرها الوحيد على مجهودها في الطبخ ...
أسهر للفجر متمتعا بهمس أحلام البريء ... الكوابيس الملونة إختفت ... رغم كثرة أكلي للسمك وغياب النشاط الجنسي عن جسدي إلا أن الإحتلام المقرف فارقني ...
صرت أواظب على مكالمة حنان ... نهاية مخزون الأدوية من الكيس فرض عليا الإنسحاب من الجمعية النسائية التي إنضمت لحياتي ...
جلستي المسليّة في الصباح مع الموظفات ليس لها مبرر رغم شوقي لها ... همس أحلام صار لدقائق وينتهي إنتصابي ...
تغيير موعد عمل زوج سعاد فرض عليا مغادرة المنزل نهار وقت قدومها للطبخ والتنظيف .... ملجئي اليومي كان مقهى الصيادين بالميناء ...
أرافق الهادي في جولته الصباحية ... صرت أعشق نكاته وضحكه ... وجهه يختزن ألم السنين وضحكته لا تفارق شفتيه ...
أسبوع واحد كان كافيا للتعرّف على الجميع ... ثمن كل نوع من السمك صرت أعرفه ... كجلسات كلّ الرجال ... نصف الحديث عام ثم يتحوّل للجنس ... النيك محرّك الحياة ... كل رجالنا فحول في حديثهم ...
ربطتني صداقة بأمين سوق السمك ... موظف يشرف على عملية البيع ويأخذ ضريبة لفائدة الدولة عن كل عملية...
لم يتبقى سوى التنفس ونور الشمس لم تفرض عليهما دولتنا ضريبة ...
أمين السوق عرّفني على رجل في مثل سني ... إسمه قيس ... يجالسنا مادمنا جالسين ... صار يسحب السجائر من علبتي دون إذني ... لم يزعجني تقرّبه مني ... بل صرت أغرم ثمن قهوته وسجائره يوميا ...
رغبتي في التفوق على أحد .. أي أحد كان ... شكله ولباسه يدلّ كونه شخص محترم ... لم أره يعمل ... ربما هو موظف ينهي عطلته...
علاقتنا كانت تكفّله بجلبي من البيت للميناء والرجوع بي ... سيارة ليست جديدة لكنها تفي بالغرض ... مقابل تكفلي بمصاريف جلسته ... مقايضة عادلة ....
نفسي تتوق لأكل لحم ... السمك لذيذ لكن أكله كلّ يوم يزعجني ... السوق بقرية تجاورنا حوالي 10 كلم ... عرضت على قيس يوم خميس أن نغيّر الجو ... مصاريف بنزين التنقل كانت طلبه الوحيد قبل الموافقة ...
جولة بسيطة في السوق كشفت قهر الرجل ... الرجال لا يقهرهم إلا شيئان ... الشرف والمال ... كاد يقبل يدي التي وضعت 200 دينار في يده ... قلت له نحن أصدقاء ...
لم أعلم ما سرّ سعادته المال أو إعلان الصداقة الوليدة .... رائحة الكمونية تجلبني للصعود مسرعا للبيت ... أكلة شمال إفريقية ... كبد وقلب الخروف ولحمه تطبخ في مرق ... تزيّن بالبصل والبقدونس ...
وجدت سعاد تنتظرني بالبيت ... قالت أن شهيتها لوليمة أعدتها هزمت خوفها ... فليذهب زوجها للجحيم ... إشتقت النوم الهادئ ... الكوابيس صارت تطاردني ...
تغيب في السجن أو المقبرة أو إذا كلمتني أحلام ....
نسخة أخرى من فيلم المرحوم أحمد زكي ... معالي الوزير ... هو كان وزيرا ومسئولا ... أنا كنت سجينا ... أي سؤال نسيت الدنيا أن تسألنيه ؟؟؟ ...
أنفض رعبي وعفن أسفل بطني ... صوت ماء الحمام يخرقه رنين الهاتف ... رقم حنان ينير شاشته ... الواحدة ليلا ... سعادتي بإتصالها تحوّلت لرعب على حالة أمي التي نقلت للمستشفى ...
في منفاي الريفي لم أجد حلا سوى الإتصال بصديقي الجديد ... سرعته في القدوم ومهارته في السياقة جعلتني أمتنّ له ...
بهو مستشفى عمومي ... إخوتي وزوجاتهم يظهر ارتباكهم من ملابسهم ... الكل مستند الحائط ... الرؤوس منحنية من ثقل هم يترجون عدم قدومه ... أخي الأوسط هو الوحيد الغائب ... يعمل ليلا ... هكذا أخبرتني زوجته شيراز ...
الجميع يهرول نحو باب غرفة الطبيب ... أزمة ضغط ددمم حادة... الدعاء هو العلاج الوحيد ... خالي وأخي الأكبر وزوجته قرب الباب... الأصغر وزوجته على كراسي الإنتظار المتهرئة...
أنا أخذت مكان الغائب منهم بمجاورة زوجته ...
يدها ترتعش وهي تدعو كل الألطاف لنجدة حماتها ... حقا هي تحب أمي وتحنو عليها ... أصلا تدعوها ماما ...
بحثها عن تغطية شبكة أفضل للرد على مكالمة زوجها دفعا للخروج من بهو الإسعاف ... تسحبني من يدي غير مدركة ...
أنهت مكالمتها مع زوجها بدعاء صادق لأمي بالشفاء ... قيس يتقدّم منا يغلق هاتفه ... رد على إعتذاري عن إزعاجه وحرمانه من نوم هانئ مع زوجته ... بقوله " مش مهم المهم صحة الحجة ورضاك عنا "
كلماته التي دفعت شعورا بالغبطة في قلبي ... إنتبهت معها شيراز أنها لا تزال تمسك يدي ... سحبتها تداري خجلها بلملمة روب قطني تستر به بيجاما نوم أقضه مرض أمي ...
حلقة ثانية مع الطبيب ... سرور وشكر للسماء... أمي بخير ... صحبه تململ واضح ... الكل ينظر في وجه الآخر ... الطبيب ينصحنا بنقلها لمصحّة خاصّة ... هكذا هي بلدنا إذا أردت الشفاء إدفع ...
بخل خالي أسقط ورقته من شجرة عائلتنا ... جيهان تمسك ذراع زوجها بقوة تمنعه من التهوّر ... الأصغر يبدو لا حول ولا قوة له ... إنتهى الأمر ...
صفارة سيّارة الإسعاف الفاخرة تأمر الجميع بإفساح الطريق الخالية أصلا ... أقبل يدي أمي بين كفي ... دموع تلملمها شيراز مبتسمة من نظرة أمي وهي تقول لي
" إنت محضوض بمراتك ... عوضي عن خلفتي في البنات "
حتى وإن كانت فاقدة التركيز سعيد بكلمات أمي... سرير فخم وغرفة مجهزة بكل شيء ... بشاشة وترحاب من الممرضات الفاتنات ...
الفجر وتحسّن حالة أمي أمر الجميع بالإنصراف ... بقينا أنا وشيراز لمرافقتها ...
قيس الذي بات في سيّارته ينتظر أوامري ... مشوار للبنك ثم أصررت على إطلاق سراحه ... سعادته وهي يدفن أوراق ماليا مددت له عكسها تذمّر شيرازوهي تفتح حقيبة ثياب سلمتني اياها دليلة حسب موعد إتفقنا عليها ثلاثتنا ...
دليلة التي زادت سعادتها بخبر تحسن حالة جدتها بورقة وردية وضعها عمها بيدها كمصروف ...
الأصغر سلّم عليا ببرود قبل أن ينسحب للبيت للراحة من ليلة عمل مجهدة ... طبيب المستشفى العمومي يداوم في المصحّة ... يعلمني أن حالتها تستوجب ليلة أخرى ... يمكنها الخروج غدا إذا لم تتعكّر حالتها ...
تكلفة مرافقين بالغرفة أضيفت للفاتورة بعد إصرار شيراز ملازمة حماتها ... زيارة عائلية قصيرة إنسحب بعدها الجميع ...
أشعة غروب الشمس تطل على أسطح المدينة من نافذة مشرب صغير أعلى بناية المصحة ....
قهوة سوداء وسيجارة اخنق بها عقلي قبل صدري ... حليب ساخن بالشكولاطة رسم شنبا بنيا على شفتي شيراز ... لسانها يلحس بقاياه ... تهت في لونه الوردي قبل أن يتحرّك ...
  • تعرف أني كنت غلطانة فيك ؟؟؟
  • مش فاهم ؟؟ غلطانة في إيه ؟؟؟
  • (صمت عكس ترددها) يعني إنت مش زي ما كانوا يحكو عنّك ؟؟
  • يعني هما قالولك عني إيه ؟؟؟
  • مش مهم قالو إيه ؟؟ المهم إنك طلعت أحن واحد فيهم ؟؟ وأرجل واحد فيهم ؟؟ كفاية الي بتعملو عشان ماما ...
  • يعني ممكن كل واحد عنده ظروف ؟؟
  • سيبك إنت ما تعرفش حاجة ؟؟ المهم أنا آسفة ؟؟
  • آسفة على إيه ؟؟ أنا ماشفتش منّك حاجة وحشة ؟؟؟
  • آسفة على ظني السيء بيك ؟؟ دي لوحدها ذنب ؟؟ كفاية رجعتلي هدية ماما
وضعت يدها في رقبتها تسحب قلادة جدتي ... عيني تنغرس في مفرق صدرها ... صدرها صغير لكن شكله جميل ...
إشارة من المسؤولة عن جناح إقامة أمي يعلمنا آن التغيرات المطلوبة حصلت ...
إنعكاس مؤخرتها الضخمة داخل قماش البنطلون الأزرق على المرآة الخلفية للمصعد يحرق ضميري ... أشيح بنظري ليؤلمني بمنظر حجم كسها المحشور بعنف بين فخذيها ... أنظر للاسفل لتعذبني الصورتان معا ...
كشخصية نعرفها بتونس ... رحت أرفع نظري لسقفه لاجئا منها ...
سريران يجانبان سرير أمي ... عن يمين وشمال ... هدوء فرضه علينا نوم أمي ... صوت الممرضة أنقذني من بداية كابوس أحسست أن كاتبه سيتفنن في تأليفه ...
وجبة عشاء بسيطة مقارنة بالأسعار السياحية التي دفعتها ... حقن كثيرة وأدوية أكثر تسري في عروق أمي ...
همس أبطال مسلسلي اليومي يعاني وسط طنين آلات قياس ضغط الدم والنبض جذب شيراز لجلوس على حافة سريري ... تريد القرب من شاشة التلفاز ...
تفاعل كبير بيننا في أحداثه... تشاركنا التوقعات ... هذه ستتزوّج حبيبها... البطل سيموت ... الشريرة ستسجن ... إستغراب المعجب يعلو وجهها ...
العاشرة ليلا موعد آخر حقن والدتي ... الممرضة توصينا بالهدوء وعدم توتيرها ... إصبعها يشير إلي شاشة صغيرة ... يجب علينا إستدعائها إذا تجاوز العداد الرّقم 69 ...
تخلصت من ملابسي ... مكفنا بلحاف أبيض أستر فيه عري جسدي ... بوكسر رمادي فقط هو ما يسترني ...
باب الحمام يفتح تخرج منه شيراز متدثرة بروب حمام ... علّقت ملابسي بعناية في خزانة قرب الباب ... تسترت بلحافها ثم تخلّصت دثارها ... سرير أمي الطبي يشكّل حاجزا بيننا ...
تيه أفكار طويل ... صوت دقات منتظمة من المعدات الطبية ... يسحبني .. صوت طنين متواتر يسيطر على تفكير ... نفس الصوت كنت اسمعه ليليا في زنزانتي ...
ثم سحبني النوم ...
دليلة تحشر الورقة النقدية في ثقب مؤخرة أمها الضخمة ... عقد جدتي يزين بضرها الطويل ... ألفة تدهن زبي بمربى المشمش المفضل لديها ... حبات المشمش المتدلية تحت قضيبي معلّق فيها مفتاح صليبي ...
حديده الساخن يكوي جلد فخذي ... ركبي تقفز فوق صدر شيراز ...
إستفقت مذعورا قبل رعشة الفضيحة ... زبي مرسوم بوضوح تحت قماش البوكسر ...
رحت أتسلل حذرا من أن أوقظ إحدى رفيقتي ليلتي ... بمجرّد مروري أمام سرير أمي سمعت صوتها ينادي ...
- تعالى هنا يا ولد ؟؟ رايح تتسحب فين ؟؟
صوتها العالي رفع رأس شيراز مستفسرة... محاولتي اللحاق ببنطالي في الخزانة ... رفع عدّاد الشاشة من 23 إلى 59 ...
لبيت طلب أمي بالجلوس بجانبها فعادت الشاشة لهدوءها ... أمي تأمرني كما كانت أيّام عنفوانها ... سعيد بسماع صوتها ...
الكرسي كان بين سرير أمي وسرير شيراز ... جلست بخجل من عري ظهري أمام عيني زوجة اخي ... عادت أمي للكلام ....
- رايح تتسحب فين ؟؟؟ (لم أفكّر بالإجابة حتى) ما تكذبش ؟؟ رايح للمعزة بتاعتك ؟؟ (قبل أن أسال عن اي معزة تتحدث) ... وفيها ايه لو مراتك ما بتخلّفش ؟؟ ... مش كفاية عليا أخوكم ؟؟؟ ... يشرب سجاير لحد ما أبوك بعثه لخاله يسجنه بفرنسا عشان يتربى ؟؟؟ ... يعني جايب ولدين زي الفل ومش عاوز تصرف على تعليمهم ؟؟؟
أيقنت أن أمي تعاني شيئا ما ؟؟؟ إعتقدت أنها سكرات الموت ؟؟؟ جمعت كل مشاكل أولادها في فقرة واحدة ؟؟؟ سعيدا ببعض المعلومات عن خصومي ومرعوبا من وضع أمي ... أنفاس حارّة تحرق رقبتي ...
" عادي هي لما تجيلها الحالة بتكون كده "
إلتفتت لأسال عن ماهية الحالة ... كس شيراز الضخم يخز عيني بين قماش كيلوتها الأسود .... أهملت إغلاق قميص نومها ... أمرتها أمي بالجلوس بجانبها ...
شيراز تضع رجلا على الأرض وتطوي ركبتها الأخرى تسند بها يد أمي الموصولة بخيوط متصلة بالآلات ... سطر أسود يعاني ست جوانب ما بين فخذيها الورديتين ...
- بصلي هنا وأنا بكلمك ؟؟؟ ... حد يبقى متزوج قمر زي دي ويروج لمعزة زي السنكوحة بتاعتك ... وانت يا بنت الكلب ؟؟ مصنع إيه إلي يبات فيه كل ليلة ؟؟؟ ما عندوش إجازرات ...
أغمضت أمي عينيها وصمتت ... شيراز تحني رأسها للأسفل ... كنت أظن أن أمي تختلق القصص ... ردة فعلها أكدت أن هذه التخاريف تصدر من واقع ...
عيني الخجولة لا تلبث أن تعود لتسبر غور المستطيل الأسود ...
محاولة تصحيح وضع جلستها ... أيقظ أمي ...
رايحة فين يا بنت الكلب ؟؟ أنا مصدقاكي ؟؟ إبني وعرافاه ؟؟ بتاع بنات من صغرو ؟؟ بيشرب مع القحاب و يتجوزهم ... ماهو كله منك إنت لو جبتي حتت عيّل ما كانش يخونك ؟؟ ... البخل داه بيجري في دمهم ؟؟ أنا قلتلك لو ناقصك حاجة تعالي قوليلي ؟؟ ... بخيل زي ابوه ؟؟
كنا نتحاشى النظر لبعض خوفا أن تنفجر ضحكاتنا المكبوتة ... أول لقاء بين عينينا حدث المحظور ... صوت ضحك بحرف الشين مصحوبا برذاذ اللعاب يدوي في الغرفة ...
بتضحك يا إبن الكلب ؟؟؟(الكلب أصلا لم يكن يستطيع الرد عليها زمن الصبا) ... قومي يا بت إديلو قلم عشان يتربّى ؟؟؟ قومي و إياه يكلّمك
ترددها من تنفيذ طلبي أمي رفع رقم العداد لـ 63 ... مواصلة عندها وإصرار أمي أوصله لل 67 ... إشارة من رأسي بسرعة التنفيذ ...
قامت تعيد يد أمي لمكانها بحذر ... عيناها تطلب الصفح مني ... جالسا مطأطأ الرأس ... يدها تلامس خدي بحنو ...
صوت أمي يستنكر " عاوزة أسمع صوت الكف " ... أعادت محاولتها أقوى من الأولى بقليل .. كل مرّة لا يعجب صدى الضربة أمي ... رفعت عيني لأشجعها على التنفيذ ... منظر كيلوتها يصفع عيني على بعد شبر ... صورة شبر حار ترسم على خدي ...
صدري يهتزّ ... وصوت أمي راضيا " هما كده ولاد الكلب ما يجوش إلا بالضرب " ... لم تهدأ عاصفة مشاعري بعد حتى لحقنا طلب أغرب ...
" قوم أحضن مراتك صالحها " ... ترددنا رفع الرقم لأعلى مستوى ... هدوئه أراحنا ونحن نتعانق بالأكتاف ...
أمي لا يعجبها العجب ... ظلّت تلح حتى إلتصق صدري بصدرها ... زبي يحك بطنها ... أنفاسها تحرق رقبتي ... رعشة كلينا لا تفهم منها أي ردة فعل ...
لعبة مسرح العرائس لم تنتهي ... طلب أغرب من أمي " بوس مراتك صالحها " العداد يرتفع كعداد مدلّس في تاكسي سياحي ...
قبّلت رأسها ... لم أصحو من سكرة رائحة عطرها حتى وصلني صوت الإستنكار ... بوسها من خدها ؟؟ ... لوت شيراز رقبتها وفتحت كفها أن لا مناص ...
طبعت قبلة صوتية على خدها ... هدأت أمي قليلا ... كنا ننسحب من ذراعي بعض حين لحقنا أمر أغرب ... " ولّعو النور " ... كبسة زر وطلع نور الخجل علينا ...
نصفا عاريين ... أمي تستغل خوفنا على صحة لم تسترجعها بعد لتعبث بنا بصرامة أيام شبابها ...
" بوسي زوجك من شفايفو " ... دقائق طويلة من الصدمة رنت فيها كل أجرس أجهزة الإنذار ... لا مناص من تنفيذ الأمر ... قبلة خفيفة طبعت على شفتين لا حرارة فيهما ...
عفو من فم أمي " يلى طفو النور وروحو نامو ... عيال آخر زمن "
كنت أهرول هربا نحو السرير حين لحقنا الحكم البات
" حتنامو كده بوسخكم ... إقلعو هدومكم وتعالو أحمّيكم "

الجزء الخامس







صوت طنين الجهاز سحب مشرفة القسم ... تفتح الباب لتجدنا مسمرين ... أنا لا يسترني إلا بوكسر وشيراز تداري نصف عريها في قماش قميص النوم ... أمي وأجهزتها تستنفر كلّ ممرضي القسم ...
في الممر مطرودين من الغرفة كتلميذين مشاغبين ينتظران التقريع ... تقريع من مشرفة القسم لزوجين لم يصبرا حتى العودة للبيت لممارسة حقوقهما ... قالت وهي تحمّر عينيها ... إحترما حالة المريضة ...
وقع خطواتها تبتعد ... رؤوسنا منحنية ... عيوننا تحاول الهروب من بعض ... أوّل ما تلتقي تنطلق ضحكاتنا تهز ممر القسم ...
هكذا مرّ ما بقي من ليلتنا ... ننتظر وصول قيس .. إعتذر كل إخوتي بأشغالهم عن مرافقة أمي للعودة للمنزل ... حالتها تحسّنت ...
لاجئين في مشرب المصحّة ... رائحة قهوتي تعاند دخان سجائري ... مشروب الشكولاطة الساخنة يثبّت نفسه فوق شفاه شيراز ... كانت تضحك ملأ شدقيها من سردها لطرائف قامت بها أمي في نوبات غيبوبتها ...
النسيان رحمة ... هذه الحكمة خاطئة إذا كان النسيان سببه بداية مرض الزهايمر ... جيهان تستقبلنا على باب البيت ... تعاونتا هي وشيراز على وضع أمي في سريرها ترتاح ...
شكرت قيس لصنيعه معي... مبلغ مالي ودعوة على قهوة في مكان فخم هي سبب إشراقة وجهه ... مررنا في شارع تزيّن أرصفته مقاهي كثيرة ...
طاولة وكرسيان على قارعة الطريق نحتمي بظلال شمسية من أشعة الضحى ... قيس بدأ يفتح لي صدره ... بدأ يتجرّع بحذر بعض أسراره ... قال أني جئت رحمة من السماء ... سنوات من البطالة والفلس أطبقت على صدره ...
تائه لا أركّز في كلماته ... فنجانان وضعا أمامنا ... رفعت عيني لتختفي إبتسامة النادلة وتتحول لعبوس ... هي نفسها صديقتي التي تضيع مني فرصة وصالها كل مرة ...
عضلات مؤخرتي تقرصني ورقبتي تحاول تعقبها ... اختفت داخل المبنى ... قيس يسرد لي حديثا طويلا عن عناد الحظ له ... أصلا صرت أشك في وجود هذه النادلة من الأساس ... تعمل في كل مقهى أدخلها ... آسف على الإزعاج لأحمد حلمي يدخل على الخط ...
إتصال من خالي يعلمني أنه سيسافر هذه الليلة ... وجبة غداء على شرف توديعه غاب عنها قيس حياءا... إنتظرنا بسيّارته تحت البيت ... خالي طلب مني مرافقته للمطار ...
إستغل وجود سيّارة تحت تصرفي توفر عليه ثمن سيارة أجرة ... باب الذهاب الأزرق الذي لم أدخله قط شهد عناقنا ... حرارة عناقي وهو يوصيني بنفسي خيرا تحوّلت لصقيع مع إشارة رسالة من زوجته تطلب مني الإتصال بها للضرورة ...
برد نسيم يتسلل من شباك سيّارة قيس يسم عظامي و صقيع مكالمة أحلام يخز عروقي طوال الطريق ...
الليل جاثم على قريتنا الهادئة ... مشهد ملابسي معلّقة على خيط تجفيف ممدود في الحديقة جذبني ... تشكيلة من البوكسرات أهملتها في الحمام ... سعاد التي واظبت على تنظيف البيت غسلتها ... وا خجلاه
مجرّد تخيل فركها لبقايا كوابيسي يشعرني بالألم ... استعملت كشّاف الهاتف لجمعها ... حركة غير متوقعة مني أتعثر ليسقط الهاتف في قصعة أهملت سعاد إفراغها من ماء الغسيل ... يقطر ماءا وشاشته أصابها العمى ...
ليلة طويلة أصارع فيها النوم ... شعور مضطرب بين الراحة لغياب مكالمة تشعرني بخيانة خال أحمل *** جميله على رقبتي ما حييت ... وبين لهفة راحة قلبي في مكالمة زوجته ... ذكرى طرائف أمي بالمستشفى تبعث إبتسامة في تشقق عبوسي ...
كابوس مرعب رأيت فيه أمي تجلدنا كلنا بسياط النار ... تدخل مفتاحا صليببا في مؤخرتي وتديره كي أبدا في الدوران مع تراجع إتجاه حركته ... كساعة قديمة تشغلني من الخلف ... خالي يرفع رجلي زوجته طالبا مني أن اعتني بها ... فم شيراز مفتوح بين فخذي أحلام ... رعشة نار تحرق بين فخذي ....
الجحيم يرسل لي إشاراته ثانية ... الماء البارد عجز عن إطفاء رعبي ... نور الفجر يسحبني للشاطئ ... أسماك البوري أخذت راحتها في التوافد مع غياب صائدها الوحيد ...
إستخدمت كيس علف كبير لوضع محصول صباحي ... الهادي مستبشرا بوجودي مستفسرا عن غيابي حامد شفاء الوالدة ... حساب آخر دفعة وضعه في يدي ...
كدس أعشاب أسواد نحتته الامواج بدقة يشد نظري ....
المحلّ الوحيد لخدمات الهاتف ... شاب يسميه أهل القرية بالجنيور ... كلمة فرنسية معرّبة معناها المهندس ... نظرة عينه تستغرب إصراري على إصلاح هاتف رخيص ...
حركات من فاحص خبير ... شفتان تتصنعان العلم ... هاتفي إنتهى أمره ... عرض عليا بيع هاتف جديد ... سعره غالي لكن فيها كل مميزات التكنلوجيا الحديثة ...
قيس يقودني في الطريق للمدينة ... أحلام التي باتت ليلتها تحاول الإتصال بي تدعوني لضرورة اللقاء مع أول لمعان في شاشة هاتفي الجديد الفخم ...
طاولة منزوية في قاعة شاي مختلطة ... عتاب طويل على حالة الفزع التي سببها غيابي عنها ...
تعودّت خلع حجابها أمامي ... لم أشأ إحراجها بالسؤال ... تبارك هاتفي الجديد وهي تقلّبه ... وضعت مبلغا ماليا أمامي على الطاولة ...
  • إيه الفلوس دي ؟؟
  • دول الأفين بتوعك ودول 200 نصيبك من المرابيح
حزن يتملكني ... ستنتهي مكالمتنا الليلية ... أليس هذا ما كنت أبغي ؟؟؟ يجب عليا ترتيب مشاعري ... لا أعلمي الدافع وراء إقتراحي ... دفعت الألفين أمامها ووضعت المائتين في جيبي ...
  • طيب خلي دول معاكي يمكن محتاجاهم ...
  • هو من ناحية محتجاهم أنا محتجاهم ... بس دول بتوعك ...
  • طيب خليهم معاكي ونبقى شركاء
  • إزاي أنا بالفلوس وإنت بالمجهود ونقسم الربح على إثنين
  • (لوت شفتيها كأن عرضي لا يعجبها) بس كده يبقى ...
  • هو كده الربح حيبقى قليل صح ؟؟؟ طيب لو رفعنا في رأس المال ؟؟؟
  • (بدأ وجهها ينشرح) كده يبقى موضوع ثاني ...
راحت تشرح لي إمكانية توسيع نشاطنا للعطور والساعات والملابس الداخلية المستوردة ... تداركت بأن مسؤوليتها تجاه إبنيها تمنعها من تزويد الزبائن بالطلبات ... مراكز البريد بالمدينة دائما مكتظة ...
سعيد بفكرة مشروعنا الجديد ... 7 ألاف دينار هي رأس مالنا الجديد ... حسابي بالبنك تقلّص لعشرة آلاف ... تكاليف المصحة والهاتف وكرمي المفرط مع قيس ... سيفضح أمري قريبا ...
برد مساء أواخر سبتمبر يخيّم على هدوء القرية ... سعاد تلجأ للمطبخ تعد ما لذ وطاب ... نظرات عينيها تكتم كلاما تريد البوح به ... زوجها يعمل ليلا هذا الأسبوع ...
صوت ينادي من الخارج ... الهادي يدعو نفسه للسهر عندي ... مصيبة ستقع على رأسي لو كشف أمر المرأة ... لجأت لغرفة النوم هروبا من تهمة لم نقم بها ...
طالت سهرة الهادي معي ... مزاحه لم يلامس قلبي المرتجف خوفا ... الحادية عشر ليلا ... إنصرف بعد أن ملأ دخان سجائره البيت ...
سعاد تفتح الشبابيك وهي تضع طاولة العشاء ... ريح عاتية تبعثر تنظيم المكان ... الموج إكتسح الشاطئ ... لا تستطيع العودة لبيتها عن طريق الشاطئ وإستعمالها للطريق العمومي سيفضح أمرها ... قبلت مضطرة المبيت في غرفة النوم
مستلقيا على الصالون أراجع حساباتي ... الحقيقة أني لست ميليونيرا كما يدعون ... أيام قليلة على هذا المنوال ستستنزف ثروتي الصغيرة ...
أعد بعض ورقات مالية كانت في جيبي ... كيس صغير فيه ثمن محصول السمك وضعه الهادي على الطاولة ... قررت تحديد مصاريفي ... أكل وشرب وقهوة وسجائر ... سأستغني عن خدمات سائقي وسيّارته ...
سجائره وقهوته ليست بالأمر الكثير... شاشة التلفاز تظلم لتنير معها شاشة الهاتف الجديد ... أحلام تتصل بي ... الدفعة الأولى من بضائعنا وصلتها ... يتوجب لقائنا غدا
غير ذلك لا شيء يدعونا لمواصلة السمر لمطلع الفجر ... نوره بدأ يتسللّ من النافذة ... قبل وداعنا بثواني ضوء يسطع من مصابيح الصالون ... صوت سعاد يصدح في الغرفة
" إنت لسة صاحي "
صدري عاري ... البوكسر نازل حتى ركبتي ... يميني تمسك الهاتف وشمالي تداعب زبي ... خجلها دفعها للهروب للحمام ...
الإرتباك الممزوج بتهمتين مؤكدتين لم أرتكبهما ... حنان متأكدة أني أعاشر أنثى وصلها صوتها عبر الهاتف ... وسعاد تجزم بأني ألهو مع فتاة في مكالمات وردية ...
طاولة إفطار تزيّن صباحي ... عينا سعاد تبرق في خجل ... عيني غاب عنها بريق الحياة ... عودة الرياح لمعاقلها بعد أن عبثت بصورتي في عقل السيدتين ...
متخفيا في محطة القرية ... أنتظر أول وسيلة نقل تخرجني منها ... صوت مألوف يصبّح عليا من الخلف ...
ألفة تقف ورائي مبتسمة مستغربة وجودي في هذا الوقت المبكّر ... عرضت عليّا مقاسمة ثمن سيّارة أجرة لما علمت بوحدة وجهتنا ...
بضع دينارات كنت أنوي إدخارها ضاعت بسبب شهامة ثري مزعوم ... متجاورين في المقعد الخلفي السيّارة ... تضع على فخذيها رزمة ملفات ... تداعب هاتفها الجوّال ...
قلّدتها ورحت أداعب شاشة هاتفي ... سحبها نوعه ... قالت أنها تتمنى إمتلاك هاتف مثله وهي تقلّبه مستكشفة ... إستغربت عدم إشتراكي في الفيس وبقية شبكات التواصل الإجتماعي ...
رأس السائق الشاب يهتز في ضحك ساخر بعد إعلاني أني سأشتري إنخراطا فيهم عما قريب ...
قلبي يئن من خطأ لم افهمه سبب التهكم علي ... ضميري يحاول سحبي للخلف وأنا أتسلق درجات عمارة بيت خالي ... أحلام تفتح لي الباب بحذر ثم تسحبني للدخول ...
قالت وهي تزيح وشاحا تغطي به رأسها أن عليا الحذر كلّما زرتها ... شعور غريب ينتابني مع إحساسي بأني أسرق شيئا ... أحلام تضع فنجاني قهوة أمامي ...
أتظاهر بالتركيز أني أتابع شرحها لفواتير الشراء ... عيني تغوص في مفرق صدرها الأبيض يطلّ من بين فتحة قميصها الأخضر ... يحي فريق جبل بوقرنين ...
بنطلون أخضر شفاف يطلّ من تحته سواد كيلوت يحيط بمؤخرتها ... إهتزازها وهي تتوجه للمطبخ تحضر كراتين كثيرة لبضائعنا ...
جلسة عمل صباحية طويلة ... خرجت منها مثقل اليدين مما تحمله ... ومثقل القلب مما يحسّه ... سيّارة أجرة أنجدتني ...
حملي في صندوقها وقلبي يخزني من مشهد أحلام ... مساءا لجأت للمهندس ... قهوة وعلبة سجائر ثمن إنخراطي في الشبكات كلّها ...
تعلّمي النزر اليسير للدخول والخروج والإعجابات والتعليق والرسائل كلّفني كل فترة ما بعد الظهيرة ...
عشاء دسم أثقل جفوني ... وجود سعاد التي أصبحت ساكنا غير مقيم في بيتي لم يزعجني ... إستأذنت منها للنوم ... قالت أنها ستغادر بعد إشباع نهمها في الفرجة على التلفاز ...
مستلقيا في سدتي بعد إحكام إغلاق باب غرفة النوم ... خفت من دوائر تفضحني مع سعاد لو قررت غسيل ملابسي ... تخلّصت من البوكسر ...
عاريا من الخجل والضمير ... أسلي نفسي بالعبث بشاشة هاتفي ... إشارة الرأس على موقع الفيس تشير لطلب صداقة .... لا أحد غيرها أحلام التي أرسلت رسالة تبارك فيها إلتحاقي المتأخّر للعالم الإفتراضي بمجرد قبولها ...
إدعيت أني فهمت تفسيرها كيف وجدت حسابي لأن رقمي مسجّل عندها ....
موعد مع الحادية عشر ليلا ... تكون أنهت فيه إلتزامات دروس أولادها وتأكدت من نومهم ... 3 ساعات تكفي جوعي للنوم ...
شريط الكوابيس يوشك أن يبدأ صوت غريب يهزني ... إتصال عليه صورة أحلام ... ليس كما تعودته ...
ضغطت الزر الأخضر ... صورة كبيرة لوجه أحلام يتألّق أمامي ... تحته مربّع أسود ...
  • إنت فين ؟؟
  • كنت نايم ؟؟؟
  • لوحدك ؟؟؟ طبعا لوحدي ؟؟ إنت ديما تهماني ظلم كده ؟؟
  • بصراحة مش مصدقاك ... بس ما علينا لو عاوز تصرف فلوسك عالفاضي إنت حرّ
وتحوّلت المكالمة لحديث عن العلاقات الإنسانية المفيدة ... لم أهتم للبس البوكسر ... صوتها وحده كان يدفع إنتصابي لأشده ... فما بالك لو صاحبه وجهها ...
حرقة أصابت زبي من كثرة الفرك ... تحولنا للعمل ... قائمة طويلة ... الساعة تقارب منتصف الليل ... فتحت باب الغرفة ببطئ ...
ظلمة المكان تؤكد إطفاء سعاد للتلفاز قبل مغادرتها ... باحثا عن دفتر وقلم وضعتها فوق الطاولة ... تعثرت بكرسي أخطأت تقدير مكانه ...
نور الصالون يفتح ... صراخ رعب من سعاد التي تقف أمامي لا يسترها سوى كيلوت قطني أزرق ... رعبي وإرتباكي أوقعا الهاتف بين قدمي ... صرخة أخرى تصلني من الهاتف ...
أحلام تنظر لي من الأسفل ... المربع الذي كان أسودا في الظلمة أصبح عليهه صورة أسفل كيس بيضاتي وقضيبي المنتصب ...
محاولا تدارك الأمر ... إلتقطت الهاتف أحاول قطع الإتصال ... ضغطت كل الأزرار.... صورة ثديي سعاد بين يديها تتصدر المربع ...
إعتذار شديد مني لسعاد التي تبحث عما تستر به نفسها ... هربت لغرفتي ... مؤخرتي عارية وزبي يتأرجح في مربع شاشة الهاتف ...
دقائق طويلة تطلبها إعادة نفسي لحركته الطبيعية ... خرجت من الغرفة ... لابسا ثيابي ... سعادة تجلس على الكنبة تلتحف غطاء قماشي ...
  • أنا آسف جدا ... كنت فاكرك روّحتي ...
  • لا أبدا أنا إلي آسفة ... أصلي بليت قميصي وأنا أغسل المواعين ... فغسلته ونشرته ... ما كنتش متوقعة إنك تصحى قبلي ... آسفة إني نمت هنا من غير إذن
  • لا أبدا البيت بيتك ... أنا آسف عالإحراج ...
  • لا أبدا ... هي كان لازم في يوم تحصل ... وحصلت النهاردة
وإنسحبت للمطبخ ... عيني تراقب مؤخرتها بأسف ... توقعت ساعتها إنسحابها من حياتي للأبد ... صوت الهاتف يعلمني بإتصال قادم ... صورة أحلام تتوسط الشاشة ...
- مش قلتلك إنك مش لوحدك ؟؟؟
قبل أن أقسم لها ... خرجت سعاد تستر صدرها بقميص لم تزل آثار الندى بادية عليه ... أخذت الهاتف من يدي ... سمعتها تقسم آلاف المرّات لأحلام أنها تقوم بخدمتي بمقابل ... وان الظروف دفعتها للمبيت عندي لأوّل مرّة ....يبدو أن أحلام أرادت التخلّص منها فصدقتها ...
قالت وهي تودعني أنها ستكلمني صباحا لإتمام العمل ... لهجتها وهي تقول " أسيبك مع الشغالة بتاعتك " تنم عن تأويلات كثيرة ....
سعاد التي وضعت كأس شاي أمامي ... بخاره يداعب أنفي ... رحمت إرتجافها ...إحدى بيجاماتي سترت جلدها ... سحبت سيجارة من علبة أمامي ... نفس طويل سحب عيني نحوها ... لم أعلم أنها تدخّن ... قطعت شرودي
  • آسفة إني سببتلك إحراج مع حبيبتك ... (كنت سأعلمها أنها زوجة خالي) بس تعرف أنا مصدومة ؟؟؟
  • مصدومة من إيه ؟؟؟
  • أصلها كبيرة في السن ؟؟
  • لا أبدا دي تقريبا من سني ؟؟
  • (صدمة تعتلي وجهها) من سنك دا إيه ؟؟ دي باين إنها فوق الأربعين ؟؟
  • أيوة ماهو أنا سني 40 ...
  • قول كلام غير داه (أقسمت لها) شكلك بالراحة ما يديش الثلاثين
  • هههه يجبر بخاطرك ...
  • لا بجد ؟؟؟ إنت عمرك 40 ؟؟؟
ملامحها تغيّرت وجلستها تغيّرت ... سهرنا حتى الفجر نضحك من طرافة الموقف ... يبدو أنها كانت تتجنبني لظنها صغر سني ... أو ربما شيء آخر ...
أذن الديك وصاح وسكتت سعاد عن الكلام المباح ... تسللت بحذر نحو بيتها ... الشاطئ خالي إلا من كدس الأعشاب ... حملة صباحية على ما تبقى من اسماك البوري ...
إتصال جاد من أحلام نبرة صوتها تؤكد إقتصار العلاقة على العمل ... طلبات منظمة وفق القائمة ... صندوق مرطبات لم أهمل فيه مربى المشمش ...
الممرضة تستقبلني ببشاشة ... يبدو أن غيابي أعادهم سيرتهم الأولى ... نصف ساعة وافتتحت الجلسة النسائية الصباحية بإلتحاق الغائبتين ... مأدبة فطور على شرف عودتي ... رايات البهجة ترفرف على وجوههن ...
أعلمت ألفة ضاحكا بإنخراطي في شبكات التواصل ... خرجت أطوي مقتطعات توصيل الطلبات ... قائمة أصدقائي الحقيقيين في الإفتراضي أضيف لها ثلاثة جدد ...
جالست قيس في الميناء ... لم أشأ أن يشعر بتغيّري ناحيته ... سجائر وقهوة أوصلني بعدها للبيت ...
كابوس مسائي يهزّ كياني ... مصلوبا على مفتاح حديدي ... راسي تغلي و قضيبي يقطر حمما حمراء ... الموظفات كن ضيفات شرف في حلقة اليوم ...
صوت الدش البارد قطعه نداء سعاد تبحث عني في البيت ... توقيت زيارتها مبّكر عن العادة ... أستر نفسي بفوطة ألفها حول وسطي ... خطوات سريعة نحو غرفة النوم مستغلا دخولها للمطبخ ...
يد حنونة تمسك منشفة تلحق بظهري ... تعاتبني على خروجي هكذا مغامرا ضد برد مساء الخريف ...
أصارع قطرات ماء تتسلل على جلد صدري وعيني تصارع مكتشفة جلد فخذي سعاد ... نعومة تشرق من فتحة أسفل فستانها ... حلوى نزع الشعر قامت بواجبها ...
قميص أزرق مزين برسومات ورود سوداء ... طويل بفتحات جانبية تبدأ من أعلى الفخذ حتى القدمين ... شعرها مشدود للخلف ... إشراقة وجهها تدّل على عناية خاصة بنفسها ...
كانت تساعدني في إختيار ما ألبس ... ملتحفا الفوطة عاري الصدر ... وضعت قميصا داخليا و بوكسر رماديين أمامي ... إنتظرت خروجها لكنها تعمّدت الإطالة في البحث عن بنطلون و سترة في الخزانة ...
ترددت أوّل الأمر ... لبست القميص ... قلت لعلها ستنتبه وتخرج ... تدير ظهرها لي مهتمة بإختيار لبس يناسب الطقس هذه الليلة ... قلبت الآية ...
صدري يستره القميص ... أزلت الفوطة زبي منحني للأسفل ... تعمدت التظاهر بالبحث عن الجانب الصحيح للبوكسر ... تعديلها لزاوية الرؤيا في المرآة قطع الشّك ...
إضطرابي منعني من الزيادة ... لبست ما إختارته لي ... قررت مفاجأتها اليلة ... طلبت منها الجلوس أنا سأتولى الطبخ ... ربما سأفهم المغزى من تقرّبها مني ...
رضخت أمام إصراري ... طبق عزّاب ... شكشوكة وصدور دجاج مقلية ... تعتبر إنجازا بالنسبة لي ...
لمسة أنثوية ساهمت بها لتنميق الطاولة ... جو هادئ خلال العشاء ... إطراء بسيط منها على إجتهادي ... ثم قالت
  • يعني طلعت تعرف تطبخ ؟؟
  • هما الطبقين دول والباقي ميح ؟؟
  • يعني في غربتك مين كان بيطبخلك ؟؟؟
  • لا هناك الدلع على أصوله ... الأكل بيجيني لحد السرير ههه (لم أكن أكذب)
  • طبعا ياعم مين قدّك .... إلي معاه الفلوس .
  • هههههه ممكن
  • طيب ممكن تقلي ليه الليلة بالذات قررت تطبخ ؟؟؟
  • أبدا بس شفتك متشيكة ... فحسيت إنه واجب عليا إكرامك
  • كده متشيكة ؟؟؟ داه لبس عادي ؟؟؟
  • لا أبدا لاحظت تغييرات ... شكلك متغيّر
نظرة عينيها تعكس أنها تراجع تغييراتها ... فتحت عينيها وإبتسمت لما فهمت أني لاحظت أنها نزعت شعر رجليها ... أخفت رأسها في الطبق تصارع ما تبقى فيه ...
  • الواضح إنه ما بتفوتكش فوتة ؟؟ إبتديت أخاف منّك
  • حرام عليكي ... ممكن تخافي من الناس كلّها إلا أنا
رافقت كلامي بغمزة دفعت رأسها للإنحناء طيلة ما بقي وقت العشاء ... غسلت المواعين القليلة ... حضّرت الشاي ... أطباق فواكه جافة لزوم السهرة ...
سعاد تجلس على الكرسي ... إستلقيت في الكنبة أشعل سيجارة ... عيني تراقب فتحة فستانها التي إتسعت عمدا ... حلقة مسلسلنا اليومي توشك على النهاية ...
أحلامي إنتهت قبل بدايتها ... سعاد تصرّ على المغادرة ... أتبع شذى عطرها في البيت ... تفكيري البسيط لم يستوعب حركاتها ...
إمرأة متزوجة تسهر ليليا مع رجل في بيته ... أنا لم أكن جريئا معها ... أصلا هي لم تكن تجذبني ... ربما الجفاف العاطفي هو السبب ... هي تريد شغل وقتها فقط ...
أنا أيضا ألفت وجودها ... أخاف أن تنسحب من حياتي إثر جرأة قد أندم عليها ...
ساعة من التفكير امتلأت فيها مطفأة سجائري ... صوت الهاتف يعلمني أن هناك إتصال قادم ... أحلام من الجهة الأخرى .. إتصال صوت وصورة ...
وجها لوجه أمضينا قرب الساعة نتحدث في اللاشيء ... حركة لا إرادية تخلّصت من البوكسر ويدي تداعب قضيبي ... إنتصاب شديد ... أحيانا تتحرك كاميرا هاتفها لتسقط عيني في مفرق صدرها ...
ضياع تفكيري في سعاد وحالة الإنتصاب اللاإرادي التي تتملكني دفعت أحلام لعتابي على عدم تجاوبي مع أسألتها العادية
  • مالك مش مركّز معايا ليه ؟؟؟
  • لا أبدا معاكي ... بس ممكن من قلّة النوم
  • قلّة النوم وإلا مش لوحدك زي عوايدك ؟؟
  • لا أبدا لوحدي
  • مش عارفة مش مصدّقاك ليه
  • إنت كده ديما ظالماني ؟؟
  • طيب وريني البيت كله عشان أطمّن
رحت أجول البيت كلّه بالهاتف ... الأنوار كلها تنير .. أفتح باب غرفة أجيل كاميرا الهاتف فيها ... أنتقل للغرفة الأخرى بعد أوامرها أنها تأكدت أن لا احد فيها ... دخلت الحمام ... مع ضغط مكبس النور ... إنعكاس صورتي عاريا في المرآة دفعني للإنسحاب بسرعة ... صوت أحلام يأتيني مفزوعا ....
  • أنا شفت خيال حدّ في الحمام
  • لا أبدا دي تخيّلات ...
  • لا أنا متأكدة إني شفت حد ... إرجع للحمام وريني ...
  • طيب لحظة (كنت أجيل نظري بحثا عن شيء يسترني)
  • لا دلوقتي حالا ... ممكن تخبيها في غرفة ثانية ... حتلعب معايا شيلوا الميتين ؟؟؟
لم أجد بدا من الإذعان لأوامرها ... كنت أتحاشى مكان المرآة لكنها أصرّت ... صورتي في المرآة عاريا ... عضلات صدري وذراعي ... زبي نصف منتصب ... رأسه للأسفل خجلا لكنه منتفخ ...
نصف دقيقة مرّت كأنها الزمن حتى جائني العفو ... صوت أحلام ووجها يأتيني ليحبط فكرة لم تتخبط في أحشاء مخيلتي بعد ... قالت أن نعود للعمل ....
قائمة طويلة للطلبات وعناوين الزبائن ... قبل الفجر بقليل ودعتني ... قالت أن التغيرات في ديكور البيت تعجبها ... يجب أن تراها مباشرة ...
ريح تهب مع أول أنوار الفجر ... لا مجال لفسحة على البحر ... محاولا الهروب من خيالات واقعية عجز عقلي عن تصوّرها ... دلفت فراشي ... لم تنزل ستائر جفوني بعد وإبتدأ البث من جهنّم ...
كابوس مزعج ينتهي بإرتعاشة وبقع إحتلام مقرفة ... الساعة العاشرة صباحا ... مهرولا نحو مركز البريد محملا بصندوق الطلبات والقائمة .... الموظفات ينتظرنني معاتبات تأخري وإهمالي جلب مرطبات الصباح ...
وعدتهن بالتعويض في أقرب فرصة ... ألفة الأكثر جرأة تطالب بعزومة فاخرة بالبيت ... تهاني قالت أن يوم الخميس يناسبها ... الغد زوجها سيسافر ... إقبال قبلت على مضض ... أما ألفة فعيناها تلمع سعادة ...
غرامة ليست في وقتها ... والأكيد لا طائل منها ... مصير علاقتي بهن كعلاقتي بسعاد ... أكل ومسامرة ... أصدقاء فقط ... ما باليد حيلة
سعاد التي إعتذرت عن خدمتي يومها ... تريد الحفاظ على سريّة علاقة لا جرم فيها ... حفل شواء بعد الظهر سيفي بالغرض ...
تهاني تقود زميلتيها نحو البيت ... دخلن مسرعات من عين راصد يفضح أمرهنّ ... إعجاب بالبيت العتيق ... ركن الكيف المستور كان موقع جلستنا ...
ضحك الجميع من نهم ألفة للحم ... قالت أنها نسيت طعمه ... تتصرّفن معي كأني إحدى صديقات طفولتهن ... بدأت اشك في رجولتي ...
إنتهى حفل الإستقبال وسط تأكيد منهن على أن تصبح جلسة الخميس عادة أسبوعية ... شيء جميل سأتعلم حياكة الصوف والتطريز قريبا على هذا المنوال ...
رغبتي في مجالسة الرجال علّي أصنع توازنا في روحي دفعتني لمقهى الميناء ... قيس والهادي كانا جليسي ... مكالمة من زوجة قيس إنتفض معها مسرعا للبيت ...
الهادي عالج قلقي ... قال انه يخاف من زوجته ... لعن الهادي الزواج والنساء ... قال أن قيس منذ فقد عمله وتدهورت أموره تحكّمت به زوجته كونها هي من تصرف على البيت ...
شعور بالمرارة يسكن حلقي لا أعلم سببه ... دخلنا دكان الهادي الذي يعده بيتا له ... عشاء دسم بالسمك ... ثمّ قرر إكرامي ...
أعجبني شعوره بالمطلوب ... فالنفسية محتاجة لسيجاراتي حشيش وزجاجة بيرة ... الحشيش أو ما يعرف عندنا بالتكروري ... المخدر الشعبي الأصيل ... جاهدت الدولة للقضاء على زراعته منذ نصف قرن ...
الكل يظن أنه إنقرض لكن هذه المادة لا تفنى ولا تستحدث من عدم ... تأثيره السحري خصوصا لمن لم يعتده مثلي وصغر مساحة الدكّان ... الدخان يغطي المكان ... كل عنصر في جسدي يضحك لوحده ...
الهادي تحوّل آخر السهرة من قصاص طريف لمخرج أفلام رعب ... من الرهبان للعبيثة للتابعة وصولا لبغلة القبور ... أو عيشة قديشة ... شخصية أسطورية مغاربية تهاجم الرجال ...
جسدها جسد حسناء ورجلها رجلي بغلة ... القديسة عيشة ... أميرة ****** وقعت في أسر قراصنة وبيعت كجارية ... أسموها عيشة ... حاولت العودة لوطنها فإستغلها كل رجال المدينة ...
درأ لفضيحتهم بحملها من أحدهم ... أتهمت بالزنى تم ربطها بالسلاسل فوق بغلتها ... ورجم الإثنان معا ... المرأة والبغلة ضحية حجارة كل زناة المدينة ....
إمتزج دمائها بدماء البغلة وتحوّلت لجنية منتقمة .... سكنت القبور تصطاد أحفاد ظلاّمها من الذكور ... تنادي المارين بين منتصف الليل والفجر بأسمائهم ... صرير سلاسل حديدية ... ثم تسحب فريستها للمقبرة يلاقي مصيره المجهول ....
هو يقسم أنها خرجت له مرّة قرب الشاطئ والقشعريرة تسري في جسدي ... رعبي حكم عليّا بالمبيت في دكّانه ...
مع نسمات الفجر الأولى ركبت مع الهادي مركب صيده ... أنزلني قرب شاطئ بيتي ... لا يزال تأثير الحشيش يعبث بعقلي ...
خطوتان على الشاطئ ... وإنخلع قلبي من صوت أنثوي مبحوح يأتي من بعيد ... أستاذ دليل ... أستاذ دليل ...
جاهدت للحفاظ على وصية الهادي التي تنجيني من براثن ساكنة القبور ... مع رابع نداء لم استطع المقاومة أكثر ... إلتفت ورائي ...
كدس الأعشاب الأسود يقف على قدميه على بعد أمتار مني ... شعر أبيض طويل صبغت أطرافه باللون الأحمر... وجه إمراة لم أتبين من سوى بقايا أسنان صفراء... ثم إلتحفت بلحاف أسود وأتجهت نحوي...
لم أنتظر لأتبين رجليها إن كانتا لبغلة أو عنزة ... كل ما أذكره أني دخلت البيت أزحف على أربع و وقلبي ينخلع في صدري رعبا ...
أغسل وجهي الأصفر ... أنظف فمي من أثر تراب الشاطئ والطريق الذي تمرّغت فيه ... أحكمت إغلاق الأبواب وكل الشبابيك ... متدثرا بكل الأغطية في سريري ...
جفناي مغلقان وحواسي كلّها ترصد دبيب النمل ... الجنيّة تدخل من فتحة المدخنة ... تبرك على جسدي في السرير حركتي مقيدة بسلاسل من نار ... تحشر مفتاحا صليبيا في مؤخرتي ... تديره في كل الإتجاهات ... وجهها يتحوّل لكل النساء اللواتي عرفتهن ... إستقرّ في الآخر على وجه عجوز مألوفة ...
زوجتي السابقة تفتح رجليها لتخرج النقود من بينها ... النقود رسمت عليها فروج النساء تقضم قضيبي ... الموت يباغتني دون فرصة للتوبة ...
فزع من عاد للحياة يطير بي للحمام ... متأملا وجهي الشاحب ... لا لم يكن حلما أبدا وإن تلون قماش البوكسر بين فخذي ...
كطفل صغير مفزوع من كابوس لجأت لأمي ... إتصلت بأحلام أعلمها بأني لست قادرا على توزيع الطلبات اليوم ... تذمّرت بل انزعجت كون ذلك سيؤثر على مصداقية عملنا لكنها تفهمت وضعيتي من نبرة صوتي ...
أضع راسي فوق حجر أمي التي تداعب بيدين مرتجفتين شعري ... شيراز التي بالغت في إكرامي بما وجد بالبيت تنسحب أمام إهمالي الغير متعمّد لإبتساماتها ... دليلة التي رحبّت بعمها خالي الوفاض من الهدايا ثم إنسحبت ...
نمت كرضيع شبعان ونظيف على حجر أمي ... أيقظتني شيراز بحنو ... موعد عشاء ودواء أمي ... أمي تفتح فمها لكل ملعقة أكل أضعه أمامها عيناها تمتلئ حنان وإمتنانا نحوي ...
عاد الهدوء لروحي ... مستلقيا على فراش أمي ... مغمض العينين ... صاحي العقل ... مضطرب المشاعر ... صوت أنفاسها المتعبة يهدهدني كأغنية نوم للأطفال ...
بدأت أستسلم للنوم ... صوت ينادي بحلول الفجر ... أمي تمسح على راسي ... فتحت عيني ... كانت تتأمّل وجهي ...
لا تزال تحتفظ بجمالها رغم السنين ... سحبت وجهي ناحيتها ... وضعت إصبعها على شفتي ... تريد مني الإنصات ... صوتها خافت كمن تريد الإفصاح عن شيء ..
- إسمع يإبني ... إنت لازم تجيب بنتك تعيش معاك ... حرام إنها تعيش عند زوج أمها وأبوها موجود ... أنا ياإبني مغلوبة على أمري ... إخواتك ونسوانهم حكموا رأيهم ... لو المرحوم أبوك كان عايش ماكانش كل داه حصل أنا آسفة يا إبني الظفر عمرو ما يطلع من اللحم
قطع تخاريفها دخول شيراز ... موعد الدواء ... إنسحبت للحمام مفسحا لها المجال ... الماء البارد لم يفد شيئا في دهشتي ... ربما آثار الحشيش لاتزال تعبث بي ... تأثير مرض الزهايمر يتصاعد عند أمي ...
شيراز تغلق باب غرفة أمي وتتسحّب على أطراف أقدامها... إشارة من يدها لحقتها للمطبخ ... نار الموقد تسلق بيضات ... جلست على كرسي أراقبها ... حقا هي تتفانى في خدمة أمي والعناية بدليلة ...
تلتحف روبا صوفيا أزرق عليه رسم وردة بيضاء من الظهر ... لا شيء يمكنه إخفاء إستدارة مؤخرتها ... قطعت صمت الجلسة بسؤالها
  • هي ماما عندها إيه بالضبط
  • يعني أمراض الشيخوخة العادية ... شوية ضغط على سكّر على شوية تصلّب في الشرايين ...
  • يعني ما فيش مرض مستعصي إلا و مش ساكنها ...
  • هي لما تواضب على الدواء تبقى تمام ... بس أحيانا حالتها تتعكّر
  • طيب وحالة الهذيان دي بتجيلها ديما ؟؟
  • الدكتور بيقول إنها بداية زهايمر ... بس مع الدواء الحالة مستقرّة ...
  • يعني هي بيتهيألها حاجات وإلا بتتذكّر والا إيه بالضبط
  • كل مرّة ونوع العرض ... أحيانا تعاملنا زي العيال ... وأحينا تبقى تكلّم الميتين كلهم وأحينا بتجيب قصص من دماغها ...
  • يعني مثلا إلي عملتو في المستشفى داه يبقى إيه ؟؟؟
  • (لم تتمالك نفسها عن الضحك) لا ما تخدش في بالك داه ولا حاجة قدّام الي كانت بتعملو في إخواتك ههه دي بيتوريهم الويل
  • طيب كلامها كان تخاريف والا وقائع
  • في كده وفي كده
  • يعني إيه الواقع وإيه الهذيان (صمتها دفعني لتحديد الأسألة) طيب إلي بيشرب سجاير وإلي إتسجن داه أنا وإلي ما بتخلّفش أعتقد جيهان مرات أخويا الكبير ... مين بقى إلي ما يصرفش على بيتو (أشارة بيدها للأسفل أنه أخي الأصغر فيهم) ... يعني إنت إلى زوجك بيخونك ( إشارة بفخر مرير أن نعم ) متأكدة ؟؟؟ (نظرة عيني وحركة شفتي تدلّ على إستغراب كبير)
  • أيوة أنا ودي حكاية طويلة ... ممكن وقت ثاني تسمح الظروف أحكيهالك ...
  • طيب هو في حكاية حصلت إمبارح مش فاهمها أتمنى ألاقي عندها إجابة ...
  • حكاية إيه
كنت سأحكي لها هذيان أمي ليلة أمس لكن حركة أولاد أخي الأصغر وأمهم قطعت الحديث ... شيراز هي أم الكل هنا ... هي تطبخ وهم يأكلون وتنظف ما يتركون ... لأوّل مرّة أجتمع مع كل عائلتي على طاولة الإفطار ...
الجو كئيب ... ربما وجودي يثقل عليهم ... أخي الأصغر تكلّف بإيصال الأولاد للمدارس بينما إنسحب الأوسط للراحة بعد ليلة عمل ... الأكبر عرض عليا مرافقته للمقهى ...
رفاقه من الموظفين ... جلستهم ثقيلة على قلبي ... حدثني أخي عن فكرة قسمة ورث أبي بإقتضاب ... وجود أصدقائه منعنا من الدخول في التفاصيل ...
روحي المنتقمة بدأت تخضع للواقع ... كنت أفكّر بالتنازل عن نصيبي لهم ... نحن عائلة مهما حدث ... ربما تهدأ عاصفة كوابيسي بذلك ...
لم أستطع تحمل ثقل ددمم تلك الجلسة ... غريب بينهم وكلامهم لا يستهويني ... التاسعة صباحا ... صوت حنان مثقلا بالنوم تصف لي عنوان بيتها ...
فيلا فخمة في أطراف المدينة ... حديقة واسعة ومسبح يشهد على مجون زائريه ... الحيطان مزينة بصور جميلات نصف عاريات ...
صالون واسع ينتهي ببار مفتوح تعج رفوفه بقوارير الخمر الفخمة ... كأس ويسكي تصبه هيفاء بسرور كبير سببه زيارتي المفاجأة ...
ذكرياتي الوردية معها قطعتها حنان وهي تترنح في درجات السلّم ... لم تفق من نومها بعد ... نفس سيجارة طويل ثمّ سؤال سمج منها ...
  • خير ؟؟؟ إيه إلي فكّرك بينا ؟؟؟ ماهومايجيش من وراك غير المحاكم والصحيان بدري ؟؟
  • أنا آسف يا ماما ... (هممت بالنهوض معتذرا عن الإزعاج لكنها أمسكت يدي بعنف)
  • آسف مين ؟؟ مادام صحيت يبقى لازم أفهم ؟؟
  • مش عارف أبتدي منين ؟؟؟ الموضوع معقّد ولازملو تركيز
  • حأركز معاك بس تحكي التفصيل بس من غير مقدّمات ... النهاردة سبت وعندي شغل الليلة للصبح ...
  • طيب أنا حأتجنن ؟؟
  • وفيها إيه جديد طول عمرك مجنون ؟؟؟
  • لا بجدّ ... أنا بأشوف كوابيس ومش عارف أنام ؟؟؟
  • دي تروح لعرّافة او شيخ يحلهالك ؟؟؟ أنا بتاعة محاكم ...قضايا ... سكس ... خمرة نسوان ؟؟ الأحلام ماليش فيها
  • ماهو مع الكوابيس جمعت كل دول .... أنا أصلا بأحتلم ؟؟؟
  • ماهو لازم تحتلم ؟؟؟ بغل زيك بياكل 10 كيلو سمك كل يوم ولا متجاوز ولا مصاحب ؟؟؟ المفروض تفرقع مش تحتلم بس
رحت أقصّ عليها كل ما حدث لي من سمر مرورا بأحلام وسعاد والموظفات ونساء إخوتي ... طلبت قهوة من هيفاء التي وضعتها أمامها وإنصرفت مبتسمة ... لجمت إبتسامتي بقولها
  • مش قلتلك النهاردة سبت وعندنا شغل كثير ... سيبك من هيفاء دلوقتي وركّز معايا ... بالنسبة لبنت 17 سنة داه طبيعي منك ومنها ... كل الرجالة في سنّك بيحبو البنات إلي في سنّها وداه عن تجربة ... بس داه الموضوع خطر ؟؟؟
  • خطر إزاي ؟؟؟
  • البنت إلي في سنها كلّها مشاكل ... سن مراهقة ومشاعرها مضطربة ... حتى لو إرتبطت بيك ... المشاكل حتتأجل لكام سنة بس من نوع ثاني
  • من نوع ثاني إزاي ؟؟؟
  • يعني حتندم وإنت حتكبرفي العمر وحتخونك وبلاوي زرقة ...لو جاتك فرصة مع وحدة مضمونة ما تضيعاش بس تخلص منها بسرعة
  • فهمتك
  • ... نجي لجارتك المتزوجة ... دي الأخطر لأنها خالة البنت ... وممكن تكون كمين خصوصا إنها بتزورك كلّ يوم وأحيانا بتبات عندك ... لو نفسها فيك كانت على الأقل عملت إشارة ما إنتظرتش المدّة دي كلّها ...
  • يعني إيه
  • يعني ممكن تكون مستنية حركة منّك وتعملّك مصيبة ... الأحسن تقطع علاقتك بيها
  • إنت شايفة كده ؟؟
  • داه رأيي ... مرات خالك بقى دي حكاية لوحدها ... عايشة لوحدها وزوجها مسافر يرجع إبن أخت زوجها المحبوب ومكالمات هاتفية وصوت وصورة ... دي أكيد مستنية إشارة ... وهنا بقى إنت وضميرك مش حأتدخّل ....
  • إشارة زي إيه مثلا ؟؟؟
  • مش عارفة ؟؟؟ إنت مش بتقول إنها ديما شاكّة فيك ؟؟ وزعلت لما شافت جارتك عريانة عندك ؟؟
  • أيوة ؟؟
  • يعني رسالة بالغلط في الماسينجر فيها كلام سخن وشوف النتيجة ؟؟
  • طيّب حنشوف كملي دا إنت مصيبة ؟؟
  • مراتات إخواتك ... بالنسبة للي زوجها بيخنها دي أسهل وحدة ... بس خليها هي إلي تاخذ الخطوة الأولى ؟؟
  • أعمل إيه يعني ؟؟
  • هدية بسيطة و شوية إهتمام وسيب الأمور تمشي بطبيعتها و أحكم
  • أها وبعدين ؟؟
  • الثانيين بقى لو وصلت للأولى يبقى تنساهم خالص لو ما وصلتش بردو إنساهم ... لأن إلي ما بتخلّفش تخوّف ... تبقى ناقمة ومش هامها حاجة وواضح إنها خطر ... والثانية إنت مش حتقدر على تعويض بخل زوجها فبلاش أحسن
  • أيوة وبعدين
  • صاحباتك الموظفات دول حاجة من الإثنين ... يإما بيجيبو رجلك عشان صاحبتهم إلى مش متزوجة ... عاوزين يقربو ما بينكم ... وداه لو إنت عاجباك يبقى إرتحت من كلّ مشاكلك مع بعض ... وانا بأشجعك على الحل داه لو صحّ
  • (فكرة لم تخطر ببالي قط) أهاه ... والإحتمال الثاني
  • وحدة مالمتزوجين عينها منك وبتجرجر الباقي يغطو عليها في الأوّل ...
  • ودي أعرفها إزاي ؟؟؟
  • سهل جدّا إتقرّب من إلي مش متزوجة وشوف ردّة فعل الثانيين ...
أعجبني تحليل حنان ... صدري إنزاح عنه ثقل كبير بالحديث معها .. الفضفضة تريح ... رأسي ثقل بكأسي خمر ألهبتا رماد الحشيش في عقلي ...
نوم ثقيل حتى المساء ... قهوة وسجائر وبابي مغلق أمام الجميع ... سعاد التي تقبّلت بمضض خبر قدوم عائلتي للإقامة مدّة عندي أعادت لي نسخة المفتاح ...
إكراما لخالي سأحاول تجنّب التفكير في زوجته مع المحافظة على علاقة العمل ... زوجات إخوتي كذلك سأنسحب من حياتهم ...
التنازل عن حقي في ميراث أبي سيبعدني عنهن ويبعدهن عني ...
الموظفات ... إقبال جميلة ووضعيتها المادية ستساعدنا كلانا على العيش و بدأ حياة مستقرّة ... مداخيلي من تجارة الكريمات و صيد السمك ستوفر حاجياتها ... بيتي فخم وقد أعجبها ...
أمضيت ليالي أفكّر في طريقة مفاتحتها ... سأصارحها بوضعي ... أصلا قلبي صار يخفق لها ... تخيلت حياتي المستقرّة معها ... ***** يكبرون أمامي ... الحب ليس شعورا ... الحب هو أن تقنع نفسك أنّك تحب شخصا ...
قررّت تحيّن فرصة الإنفراد بها ... ليلة لم تزرني فيها الكوابيس ... صرت مقتنعا أن الكوابيس هي رد الغيب على تفكيري المارق ... كل ما زدت مجونا في التفكير زادت الكوابيس رعبا ...
أتجوّل على الشاطئ منتظرا طلوع النهار ... أشعة الشمس تكشف مابين الأفقين ... كدس الأعشاب يربض مكانه ... ساخرا من خوفي وسخافة عقلي تقدمت نحوه بخطى متعثّرة ...
على بعد خطوتين منه ... إمتلأت نفسي رعبا ... الكدس يقف على قدميه يلفلفل شعره الأبيض بصبغة برتقالية ... بقايا أسنان صفراء تكشف من وراء شفاه تشققت ... نفس وجه الجنية في المنام ...
قبل الإغماء عليا بثواني ... خرجت كلمات خجولة ... من شفتيها ... " من فظلك عاوزاك في خدمة "
واقعا على الأرض على بعد مترين منه ... عيني مثبتة على رجليها الغائصين في الماء ... إنكشف كعب رجلها ... أقدام بشرية أطلقت صوتا مبحوحا مصحوبا براحة من صدري ...
  • تحت أمرك يا هانم ...
  • تسلم طول عمرك إبن أصول ... الظاهر ما عرفتنيش ؟؟؟
  • الحقيقة لا يا هانم ... أصلي بقالي سنين مسافر ... حضرتك تعرفيني
  • عزّ المعرفة ... بحياة العيش والملح إلي بينيا لا تكسر بخطري ...
ثواني و إسترجعت ذاكرتي ... هي جدة طليقتي من الأمّ ... سيدة معمّرة تحدّت محن قرن من الزمن... كانت تعاملني كإبن لها خلال الفترة القصيرة التي صاهرت فيها عائلتهم ...
هي كذلك جدّة نبيل ... أعلمتني أنه ولد إبنها ... جلست بجانبي وقد هدأ روعي ... صوتها مهتزّ وهي ترجوني أن أسقط الدعوى عن حفيدها ... قالت إنه حي ... هي تشعر بذلك سيعود قريبا ...
تنتظره يوميا على الشاطئ أن يطلّ عليها من الماء ... قالت أنها تخشى إن عاد أن يكون مصيره السجن ...
دمعت عيني لصورتها ... قالت انه عزائها الوحيد بعد إصابة والده بالشلل منذ سنين ... تذكّرت صورة العضلات المفتولة على زندي والده خال طليقتي وهو يمضي شهادته على وثيقة زواجي منذ سنين ... عجيب أمر الدنيا ...
كادت تقبّل رجلي لأقبل طلبها ... وضعت في يدي صرّة دنانير ... هي كلّ ما تملك قالت خذها تعويضا عن مركبك الذي سرقه حفيدي ...
قبّلت يدها ورأسها ... الطريق أمامي مظلمة من أثر الدموع في عيني ... إتصلت بقيس علّه يعرف كيف أقوم بهذا الإجراء ... يكفيني ذنوبا أن أتهم أحدا بجرم لم يرتكبه ...
كاتب عمومي يقوم بكل الأعمال الإدارية في القرية ... عقود شراء وكراء وتنازلات ... تكفّل هو بالأمر مع العدالة بعد تعريف إمضائي على الوثيقة ...
سهاد وحرقة قلب ... لكن ضميري مرتاح ... تخلّصت من أحد الذنوب في صك غفراني ... نوم عميق دون إزعاج ... رسائل الجحيم لم تستدلّ على عنواني ....
أقرمش ما وجدت بالمطبخ ... غياب سعاد فرض حالة العزوبية من جديد ... أرقب سطح البحر من شرفة منزلي ... أحلام تتصل بي كعادتها ...
يد تمسك الهاتف والأخرى القلم ... جاهدت للتخلّص من عادة مداعبة قضيبي على صوتها ... قائمة طويلة من الطلبات إنتهى فرض إملائها قبل الفجر ...
حمام ساخن ... حلقت ذقني ... اخترت بعناية أحسن ملابسي ... تعطّرت وسرّحت شعري ... تفقد هيئتي أمام المرآة مراّت ومرّات ... شكلي وسيم ... لا أعتقد أن إقبال سترفض عرضي الإرتباط بها ..
مسحت أثار غبار الطريق عن حذائي الجديد .... وقع خطوات ثابتة على أرضية مركز البريد سحب نظر الموظفات لي ... قبل أن أبادر بالسلام سبقتني ألفة بالكلام وهي تمسح فمها من أثار حلويات إلتصقت به ...
  • جيت في وقتك ... تعالى خذ نصيبك وبارك لإقبال
  • ألف مبروك ... بس على إيه ؟؟؟
  • أصلها إتخطبت يوم السبت ... هي مش إتخطبت خطيبها رجع من السفر بعد 7 سنين
إنحشرت كلمة ألف مبروك في حلقي ... تجرّعت مرارة حلويات احتفالهن بفشل قصة حب لم تصرخ صرخة الولادة بعد ... لم أعلم كيف مرّ وقت تسليم الطلبات ... ألفة لاحظت ارتباكي ...
دمع يتلألآ من عيني ... أتعثّر في الطريق ... كرهت خطيبها ... خطف مني مشروع حب ... عاد من السفر غانما وعدت أسيرا .... ربما غيبوبة إرتفاع ضغط ددمم أصابني من هول الخبر السعيد ... إستلقيت في سريري مهموما كمراهق كسرت مزهرية أحلامه الوردية ...
أوصالي وأحلامي ومشاعري كمركب تتقاذفه أمواج الزمن... الزمن يحرمني حتى من فرحة التفكير ... كعادتي في السخرية من نوائب الدهر ... رحت أدندن مقطع أغنية على رمش عيونها ...
خدني شوقي لاقيتني بروح عندها حد ثاني سبقني وخد يدها ... كان حبيبها وغايب بقالو سنة والنهارده وصل على بختي أنا .... أصلا رحت أرقص على أنغام سخريتي ...
3 أيام بلا لون ولا طعم ... لا جديد فيها يذكر ولا قديم أصلا يعاد ... حتى فسحتي الصباحية فقدت بريقها ... ألفة إنتبهت لتغييري ... كذبت لتبرير موقفي ...
عصر اليوم الثالث ... ثنائية المقارنة بين عودتي وعودة خطيب إقبال تخنقني ... أعدت شريط ذكريات حياتي منذ الطفولة ... جالسا أحادث روح جدّي في ركن كيفه ... رايته يجمع التوت في غير موسمه ...
أبي وأمي ... إخوتي ... التدخين فالسكر فالزواج ... البحر والهجرة ... أعمال البناء الشاقة بمرسيليا ... البيضاء مون أمور في كان ... السكر في مهرجان المجون فيها ... قضبان السجن تنتف أوراق ربيع عمري ...
كل هذه الأحداث لا تتجاوز نصف صفحة في كتاب الأحداث الأخيرة ... سمر وهيفاء وحنان وعشيري والبيت وسعاد والموظفات والنادلة وألف واو متلاحقة في أيام قلائل ...
مستقبل مظلم ... قررت الإستقرار وبدأ حياتي التي تصرّ على التيه والضياع ... حبل يتدلى من أعلى غصن في شجرة التوت ... هذا ما كان يجب فعله منذ زمن ...
لن أستسلم للعيش في حياة تفرض إرادتها علي ... سأنهيها بإرادتي ... تسلّقت الشجرة ... لففت الحبل حول عنقي ... وضعت يدي في جيبي ... ألقيت بضعة قطع نقدية ... محفظة فيها أوراقي ... سلسلة مفاتيحي ...
ربما تكفي ثمن كفن لا جيوب فيه ... هممت بالقفز من الشجرة مستجمعا كلّ مرارة عيشي ... لا سبب أعيش لأجله ... ربما قرار متأخٍّر لكن لم يعد هناك مجال للإحتمال أكثر ...
نظرة وداع للأفق فوق البحر ... ونظرة أقيس بها إرتفاع الغصن على الأرض ... المفتاح الصليبي يقف أفقيا يلمع تحتي ...
الخزنة ؟؟؟؟ ... مرزاق مات ؟؟؟ لا أحد يعلم مكانها سوانا ؟؟؟ 1550 ألف يورو ؟؟؟ كيف نسيت أمرها ؟؟؟
لا لا ؟؟؟ هي مجرّد إشارات من الحياة البائسة تتمسك بك لتتعذب فيها أكثر ... المافيا لن تترك مبلغ ضخما يضيع منها هكذا ؟؟؟ لا تراجع سرّها مات مع مرزاق ... المافيا لن تعجز عن الإتصال بك لو علمت بسرّك ؟؟؟
وإن فرضنا أنها هناك ؟؟؟ ربما أتلفهتها عوامل الزمن ؟؟؟ لا الحقيبة التي تحويها كفيلة بحمايتها ؟؟؟ أنت ممنوع من دخول تراب الإتحاد الأوروبي بأمر قضائي ؟؟ إقفز وأنهي عذابك
لا لا تقفز إنتظر ؟؟؟ يمكن لأحد جلبها لك ؟؟؟ من يملك الجرأة ويكون من أهل الثقة ؟؟؟ لا أحد ؟؟؟ إقفز وأنهي الأمر لن تستجمع شجاعتك يوما آخر
خالك يعتبر من أهل الثقة ؟؟؟ لا لا خالي جبان ولن يخاطر ؟؟؟ إقفز
أنت وأحلام يمكنكما التأثير عليه ؟؟ أحلام ؟؟؟ أحلام ؟؟؟
فككت رباط عنقي ... ركبي لم تستطع رفعي وقعت على الأرض أتخيّل نفسي معلقا في الحبل الأزرق ... ربما سيأكلني الدود قبل أن يكتشف أحد أمري ...
إن كان لا بدّ من الإنتحار ... يمكن تأجيل القرار ؟؟؟ لنحاول ؟؟؟ إمنح الحياة فرصة أخرى ... زاحفا على مؤخّرتي نحو هاتفي فوق طاولة ركن الكيف ... هارب من موت حكمت به على نفسي ...
رصيد هاتفي يمنعني من الإتصال بأحلام ... نفضت غبار اليأس عني ... لملمت نفسي ونقودي القليلة المبعثرة ... التاجر الشاب يسلمني بطاقة شحن ويسألني إن لم أكن أعلم بالخبر ... أي خبر ؟؟
البحر لفظ جثث بعض الشباب الغارقين ... منذ يومين ... تم التعرف على بعضهم ... قلبي يحترق لما علمت أن جثة نبيل واحدة منهم ...
العشرة القديمة وواجب العزاء قاداني نحو بيت أصهاري السابقين ... والد طليقتي كان أوّل المستقبلين ... الزمن و الوضع دفنا آثار خصومة قديمة ... والد نبيل يبكي بحرقة الأيتام خطف الموت لشباب إبنه محروم ...
عادتنا أن نعزي الرجال في الخارج والنساء في الداخل ... قبّلت يد جدته ورأسها طالبا المغفرة للفقيد ... ألقيت نظرة على صندوق يمنع تسرّب رائحة جثّته ... ضميري مرتاح لسداد *** في رقبتي تجاهه ...
عينا طليقتي تطارد خطواتي المغادرة ... صورة نبيل وصوته تملأ الحديقة والبيت والشاطئ ... تذكّرت نشاطه وروحه المرحة ... إنكسار الفقر الذي جرّه للموت ... لم يسع حزني مكان ... ذلك الشاب سيدفن مكاني ... ربما ذهب قربانا فداءا لحياتي ...
صوت أزيز الباب المعدني الكبير رفع رأسي تجاهه ... فتاة تخترق ستارة الدموع في عيني تتقدم نحوي بخطى وجلة ... تقف مقابلتي بحوالي مترين ...
عينها تقيس طولي وعرضي ... تفحص وجهي بشوق ... يدها تتلمس كتفي للتأكد أني حقيقة ولست سرابا... لم أتملى في وجهها بعد ... إرتمت في حضني تبكي بحرقة ....
" إشتقت لك يا أبي "

الجزء السادس
الجزء السادس





حرارة عناق دامع يشوي برود الموت في صدري ... يدي تعجز عن ملامستها حتى لدفعها من حضني ... صمم مؤقت أصابني ... نواقيس تدق في أذني ...
تجمد الدم في عروقي والشعور في صدري ... رأس صهري الأسبق يدخل من فتحة الباب الضيقة تليه إبنته ورجل آخر ...
إهتزاز كياني منعني من التسليم عليهم ... إنسحبت الفتاة من صدري تمسح دموعها ... جدها يفتح يديه يطلب عناقي ...
طليقتي تؤكد بهز رأسها أنها إبنتي ... لم تحملني ركبي لسلّم البيت ... جلسنا في الحديقة ... ولدتها أمها بعد 6 أشهر من سفري ... تاريخ ميلادها يطابق حسب ظني يوم حملني حيدر على درّاجته ...
أي أب أنا ... نسيت أصلا أن طليقتي كانت حامل ... لم يخبرني أحد منذ عودتي ... هذيان أمي كان حقيقة ....
طردت الجميع من بيتي وأغلقت الباب ... أردت الإنفراد بهذا الشيء الذي ينتسب لي في الأوراق الرسمية ... إبنتي ... الأبوّة شعور يكتسب ....
دلال هكذا هو إسمها مشتقّ من إسمي ... ملامحها تشبه والدتي في صغرها غير أنها ورثت لون جلد أمها القمحي ... تساميني في الطول ... شعرها أسود قاني ... غزير وثقيل يلامس كتفيها ...
صدرها ممتلأ لا يعكس عمرها ... جبينها تزينه علامة تدلّ على طفولة شقية ... أنفها مدبب كوالدي ... ذقن مثلثة كجدي ... عيناها سود تسبح في بياض ...
دقائق طويلة ونحن نتملى في بعض ... أنا أحاول أن أصدّق ما يحصل ... وهي تحاول إسترجاع صورة أب أمضت عمرا محرومة منه ...
شيء ما في صدري جذبها نحوي ... عانقت إبنتي وهي عانقت والدها ... دموعي تزيّن كتفها ودموعها توشّح صدري ... بكيت حتى سال أنفي ...
ربما هو لطف الأقدار أن عفت عني من عذاب مضاعف وراء القضبان ... بذرة شعور الأبوّة تنمو في صدري ... رفعت رأسها مسحت دموعها عن جفونها وخديها حضنت رأسها وقبّلته ...
عيناها إنكسرت أمامي وهي تشهق ... " ما تسيبنيش وحدي ثاني " ... لم أستطع منع نفسي من الإنخراط في نوبة بكاء ثانية ...
غسلت وجهها ... خفت على صباها ... مسحت عينيها و قالت من اليوم بدأ عصر الفرح ... توجهت للمطبخ ثم للغرف ... تفتح يديها وتدور راقصة بالبيت ...
قالت بفرحة يهزها شهيق يعقب البكاء ... من النهاردة بقالي بيت ؟؟ ... وقفت تنظر في عيني تعاتبني وهي تفتح الغرفتين الفارغتين ... أين غرفتي ؟؟؟ أين ملابسي ؟؟ أين هداياي؟؟
لم تنتظر إجابتي ... **** صغيرة تقفز فوق الكنبة ... لا يهم ... لا يهم ... هذا بيتي ... رجوعك يكفيني ...
رائحة قهوة بنت تدلل أباها لأوّل مرّة تخز أنفي ... وضعتها أمامي وجلست بجانبي تتوسد صدري ...
  • إنت رجعت إمتى ؟؟؟
  • من حوالي شهر ؟؟؟ سامحيني يا بنتي ؟؟؟ أنا أصلا ما كنتش اعرف إنّك موجودة
  • أنا كمان ؟؟ تعرف إنهم قالولي إنك مت في البحر من زمان ؟؟
  • مين إلي قالك كده ؟
  • كلهم ... جدي وجدتي وعمامي وماما وزوجها والكل ...
  • ممكن لأن أخباري إنقطعت عنهم منذ سفري...
  • لا كانوا بيكذبوا عليا ... من 3 سنين سمعت خالك بيكلّم جدتي بيقلها إنهم خفضوا عنك الحكم من مؤبّد لعشرين سنة ...
راحة من رفع عنه حمل كذب أو تبرير غياب .... إبنتي تعلم كل تاريخي ... تهت في الذكريات ... يومها إسترجعت نسبة ضئيلة في أمل الحياة ... لحست إبهامي متذكّرا أثر البصمة على قرار العفو عني ... الأمل ينمو بفعل الأحداث ...
صوت دلال الرقيق يداعب أذني وأنفاسها تروي عروق الأبوّة في صدري ... شكرت الأقدار أني تراجعت عن قرار الإنتحار ... ماذا كانت ستفعل هذه المسكينة لو أحسّت اليتم مرّتين ...
رغبة شديدة في الحياة تهزني لأجلها ... قطعت شرودي بسؤالها ...
  • هو صحيح إنكّ قتلت حد في فرنسا ؟؟؟ عشان كده سجنوك ؟؟؟
  • لا يا حبيبتي ... أنا كنت مسجون عشان المخدّرات
  • تعاطي وإلا ترويج
  • (صدمني إطلاع هذا الملاك على العالم) لا تجارة ؟؟ الواضح إنهم شوهوا صورتي قدّامك ... معذورين ... علاقتي بأمك وأهلها ما كانتش حلوة ...
  • لا أبدا دول ديما يقولوا عنك كل خير قدامي ... بس سكان البيت الثاني هما إلي يحكوا عنك كده
راحت تقصّ عليا كل تفاصيل حياتها ... بعد ولادتها تكفّلت بها جدة أمها ... أحسست بالمرارة لفقدانها أخيها في الرضاعة نبيل ... قالت بحكمة الشيوخ ... الدنيا أخذت نبيل من هنا وأعادتك أنت من هنا ...
هزمتني حكمتها ... قبل دخولها المدرسة طالب أبي بحق تربية حفيدته ... قالت أنه كان يدللها ... ربما يعوض فقداني فيها ... مسحت كلماتها تراب غطّى صورته في قلبي ...
قالت أن زواج أخي الأكبر تزامن مع وفات جدّها ... جيهان التي تعتبرها طالع سوء على العائلة سقتها المر ... دموعها تلهب نار الإنتقام في صدري ... تتشنج وتحبس الغصة كلماتها عندما تذكر أيام العيد ... كيف كانوا يستثنونها من الهدايا أو اللبس الجديد ...
حتى طاولة الإفطار في رمضان كانوا يقصونها منها ... تبكي بحسرة سبب إنقطاعها عن الدراسة ... لا أحد يمكنه النجاح في مثل هذه الظروف ....
قالت أن دليلة وأمها كانتا تحنان عليها ... شعوري لم يخطأ تجاههما ...
بنت الدار تعامل كالغريبة ... حتى الأغراب لا يعاملون هكذا ... حضنتها معتذرا ... لم يكن الأمر بيدي ... لقد أصبح لك سند في هذه الدنيا ...
لا أعلم من سند من ... هل أنا سند تلك التي عاشت يتيمة وأبوها حي ... أم هي عمود سند حياتي المتهاوية ...
إنتصف الليل وهي تنوح بصدري ... دموعي المالحة تتساقط داخل فنجان قهوتها اللذيذة ... حتى مطلع الفجر كانت ليلة الإعتراف الأخير ... قصصت لها كصديقة كلّ ما عشته قبل وجودها وفي غيابي عنها ...
أشرقت نور الشمس على نوافذ سيّارة قيس تقودنا للمدينة ... لم يسأل من تكون مرافقتي ... مشروع خادم أمين هذا القيس ...
رسالة تكليف محامي بقضية تقسيم التركة كانت ردي على رسائلهم التي لم تدخل قضبان سجني ... زيارة للبنك سحبت نصف ما بقي من مدخراتي .... سرير وخزانة وسجاد وستائر مزينة إخترت ألوانها الوردية بدقّة ... رسوم متحرّكة لسندريلا تزينها ...
رسمت صورة للأب المتفهّم في مول تعج به محلات الملابس ... لم أتدخّل في ما تشتريه ... قلت لها إختاري ووالدك يدفع ... إشترت كلّ شيء ولا شيء ... فساتين أحذية مجوهرات صناعية ... عطور مكياج ملابس داخلية ... ساعات وإكسسوارات عديدة ...
كنت أسدد دينا لا أدين به ... لا يمكن وصف سعادتي وأنا أدفع فواتير تورّد وجنيها من السعادة ...
مدينة الملاهي كانت محطتنا الثانية ... طفولتي وصبايا وشبابي المهدور عشتها جميعا في ضحكها ... أمطار من القبل تغمر وجهي من شفتيها الحمراوتين ...
غذاء في مطعم في مدينة الملاهي ... المثلجات الحلويات ... لحية الشيخ السكرية تذوب في حلاوة سعادتي بها ...
أجنحة سعادتي يكسوهما ريش أهداب دلال ... دلال التي لم تعش دلال قبلي ودليل الذي وجد دليله فيها ...
يوم واحد لا يكفي لإسعادها ... ليلة حافلة في شوارع المدينة ... تعشينا المشوي وشربنا العصائر ... لاحظت أن سبابتها ووسطاها تكسوهما صفرة طفيفة ... أثر سجائر رخيصة ..
كانت تعد لي قهوة في مطبخ بيتنا .... حافية القدمين ترقص الفرحة في فخذيها العاريتين تحت قماش تنورة زرقاء ... رأسها يتمايل وهي تدندن أغنية لم أسمعها ....
جلست تقابلني ... وضعت فنجان القهوة أمامي ... مزقت صورة والدي وكلّ الأباء التقليدين ... وضعت علبة سجائري أمامها ... ترددت ... قلت لها عندما نكون لوحدنا نحن أصدقاء ... أمام الناس والد وبنته ...
حضنتني وغرقت عيناها بالدموع .... تسحب نفسا من سيجارة تحرق به الحزن الذي سكن صدرها ...
ليلا سمعتها تتحدّث في الهاتف ... لم أشأ كسر صورة لأب متفهّم بالتنصت عليها ... نمت كنوم المهاجر ... عين تنام لتصحو عين ...
إحساس المسؤولية جديد على روحي لكنه جميل ... مع إشراقة شمس الصباح ... رائحة إفطار شهي حضرته بعناية ... دلال تفتح فاها دهشة من مواهب والدها ...
شيء ما يدفعني لبناء علاقة غير إعتيادية بين والد وإبنته ... هي أصلا علاقتنا غير عادية ... والد يعلم بوجود إبنته قبل بلوغها سن الرشد بقليل و وطفلة عاد والدها من الموت ...
قهوة وسجائر وإختليت بإبنتي ... كل لحظة أريد إسترجاع عمر فاتني بها ... كانت تحكي لي عن حياتها في بيت والدها ... طليقتي بعد وضعها لدلال واصلت دراستها ...
أصبحت مدرّسة تربي الأجيال ...شيء مضحك فعلا .... سخرت من نفسي ومن فشلي ... أنا الرجل العربي الذي لا يشوب سمعته شيء تحطّمت حياتي من نصف غلطة ...
والمرأة سيئة السمعة تجاوز الزمن أغلاطها ... نجحت في حياتها وتكسب رزقها وتزوجت ثانية وأنجبت وتعيش سعيدة ....
قالت دلال أن زوج أمها ليس بالشخص السيئ ... هي من نشأت في بيئة ملوثة في بيت أبي ... ربما لو تربت في بيت أمها منذ الطفولة لكان مصيرها شيئا آخر ...
بنت السابعة عشرة عرفت تحلل حياتها و إبن الأربعين لا يزال مراوحا يلوم الزمن ... إحساسي بالمرارة تحوّل لدافع عجيب للنجاح في الحياة ....
قررّت أن يكون نجاحي في نجاح دلال ... كيف ستنجح في حياتها وهي فارقت مقاعد الدراسة في مرحلة مبكّرة ...
قبل منتصف النهار ودّعتني ... ستغيب لمدة أسبوع ثم تعود لتستقرّ نهائيا في بيتها ... عليها جلب بعض الأشياء من بيت أمّها ....
رغم أن بعدها يحزنني لكنه منحني الفرصة ... عليا التفكير في طريقة جلب ثروتي من الخزنة ...
صوت أحلام يصدح بالسرور مع أول كلمة تصلها مني ... قالت أنّ أشغالنا تعطّلت ... قائمة طويلة من الطلبات توجهت بعدها لمركز البريد ... ألفة تطاردني بعينيها تستفسر سرّ برودي معهن ...
خاب أملنا جميعا ... الجلسة في مركز البريد فقدت نكهتها ... الحصول على أموال الخزنة يسيطر على تفكيري ... جفاف جنسي يحرق قلبي ... فكّرت في زيارة حنان ... ليلة حمراء في حضن هيفاء ستعيد التوازن لعقلي ... لكني تراجعت ...
قيلولة طويلة أفقت منها مبعثر التفكير ومتعب العضلات... طعام خفيف وقهوة سوداء... سيجارة أعادت تفكيري لهدفه الأوحد ... الخزنة
الطريق لها يمر عبر أحلام ... ثم خالي ... ستوافق مقابل نسبة محترمة ؟؟؟ هي طموحة وسيدفعها حبها للمال للتجاوب معي .... قرار نهائي سأفاتحها الليلة...
جمر إنتظار سماع صوتها يكوي مؤخرتي ... توتري ملأ مطفأة السجائر ... أمعائي تتقلّص كطفل مشاغب توعدته أمه بعقاب حال عودة أبيه ...
وجهها يطلّ على شاشة الهاتف وأصابعي ترتعش قبل الرد ... حديث طويل بلا فائدة .. ربما شعرت بضجري من الثرثرة ...
  • مالك مش زي عوايدك ؟؟؟
  • الحقيقة عاوزك في موضوع مصيري
  • خير ؟؟؟ عاوزني أخطبلك ؟؟؟ هههه
  • لا لا ... لازم نتقابل
تواعدنا في مقهى بالمدينة بعد أيام ... كابوس يهز سكون ليلي ... الصورة واضحة ... مرزاق يصفعني بمفتاح الخزنة ... أحشر زبي في كس أحلام ... الأموال تتهاطل على رؤوسنا ... خالي يرقص فرحا من ورائنا ...
لأوّل مرّة منذ بداية شريط الكوابيس أشعر بالنشوة ... حمام وإفطار دسم عند الفجر ... أحلام إنسحبت دون مدي بقائمة عمل هذا اليوم ... منذ مدّة لم أزر المقهى ...
مراهقون ينتظرون حافلة تقلّهم لمعاهدهم ... قطع شعوري بالألم لإنقطاع دلال عن الدراسة رنين هاتفي ... رقم غريب يتصل في هذا الوقت ... صوت سيدة من الجانب الآخر يبدو مؤلوفا ... قالت أني أخطأت في إرسال طلبها ... هي تريد كريم لتضييق فتحة الكس وأنا أرسلت لها كريما لتكبير الصدر ...
قالت أن صدرها جميل ... مشكلتها أن زب زوجها صغير وهي تريد تضييق كسّها للمتعة أكثر ... أي متعة أكثر من أن تستهل يومك على حديث عن النيك في هذا الصباح الجميل ... قلت لها سأتثبت في الأمر ثم أعاود الإتصال بها ...
جلسة صباحية مع الحرفيين في المقهى ... حلقة كبيرة تجمعت حولي ... عقلي كلّه مع أحلام وطريقي لثروتي ...
التاسعة صباحا إتصلت بها ... تعللت بأنها نسيت قائمة طلبات الزبائن ... تغيرت نبرة صوتها ... كأنها تتحاشى مكالمتي ... ربما أخطأت في تفسير الموقف ...
زيارة سريعة لمركز البريد ... إستقبال دافئ من الموظفات الثلاث ... ألفة تتحاشى النظر في عيني ...
يومان مرا على قلبي كثقل الجبال ... أحلام صارت أكثر إلتزاما في حديثها معي ... عادت الكوابيس تطارد نومي ... جفاف يحرق صدري ... وعقلي أرهقه التفكير في حلّ لغز الخزنة ...
دلال تهاتفني يوميا من بيت والدتها ... مكالمتها وصوتها تروي بذرة إحساس الأبوّة في صدري ...
تلك البذرة أصبحت نبتة ... تروى قطرة قطرة من ينبوع حنان صوتها ومن شلال حقد دفين على عائلتي ... لا مفر من المواجهة
جلسة طويلة مع أحلام ... عليها مساعدتي على إقناع زوجها ... خالي رغم حبه للمال لكنه جبان ... زوجته تسطيع إقناعه ...
أسبوع آخر من الإنتظار ... كل أهداف حياتي صارت مرتبطة بالحصول على المال ... خفقان قلبي يراوح بين الريبة تارة وبين الرغبة تارة أخرى ...
وصول خالي الذي قطع عمله بفرنسا بعد مكالمات عديدة من زوجته تطلب منه العودة سريعا لسبب هام ...
جلسة طويلة جدا ... أحلام تتفانى في إقناع زوجها ... رعبه من الفكرة يرتسم على محياه ... وقع الإتفاق ... نسبة العشر ستكون نصيبه ... كما سيسحب نسبة خمسة بالمائة تكلفة تحويل الأموال لتونس ....
نقل مباشر للأحداث من ميناء كان ... تقنية السكايب كانت دليل خالي للوصول لمكان الخزنة .... الحقيبة في مكانها ... لهاث خالي وهو يسرع عائد لسيارته يؤكد ثقل وزنها ...
صورة مباشرة من منزله لرزم الأموال تأتيني عبر شبكة الإنترنات ... إنه تعويض على سنين العمر المسروقة .... الإتفاق كان بتحويل مبلغ 300 ألف يورو أسبوعيا لتجنب لفت الأنظار ...
دلال تضع حقائبها للإستقرار في بيتها مع وصول آخر دفعة من المبلغ ... 3 مليون دينار ... أو كما يحلو للتونسيين تسميتها 3 مليارات من مليماتنا ....
شهران من الزمن لم أشعر بمرورهما .... نتيجتهما كانت إنقلاب حياتي رأسا على عقب ... دليلة تروي صحراء عاطفة الأبوة في صدري ... ومنظر أموالي المخبأة بعناية في مخزن البيت تذكي نار رغبة الحياة في قلبي .... الأموال وقود الرغبة ...
إنقطعت علاقتي بالجميع ... إنتهت شراكتي بأحلام ... علاقتي بالموظفات إنقطعت بإنقطاع سبب التواصل معهن ... سعاد طردت من حياتي ... لم أزر عائلتي منذ شهرين ...
جالسا بالمقهى بالميناء أسترجع ذكريات عمري الضائع وأخطط لمستقبل توفرت كل سبل نجاح بنائه كما أريد ... قيس يلازمني بصمت ...
الجميع تحلّق بموظف يلصق معلّقة بباب المقهى ... إلا أنا ... سرعان ما عاد قيس يتحسّر على ضياع الفرصة ... قال أن مركبا ضخما للصيد كان تحت الحجز سيعرض للبيع بالمزاد العلني ...
راح يعدد لي مزايا إمتلاكه .... لا أعلم سبب تركيزي مع حديثه ... فهمت أنه إذا عرف مالكه الجديد كيف يستغلّه سيسترجع ثمنه في موسم واحد ... قرّرت المنافسة للإمتلاكه ...
أنا صيّاد بالفطرة لكني لا أعرف شيئا عن البحر ... عينا قيس تطير من الفرح وأنا أكلّفه بمهمة قيادته والإشراف عليه إذا كان إمتلاكه من نصيبنا ...
دلال قررّت الإلتحاق بمدرسة خاصة لفنون التفصيل والخياطة ... ستستغل موهبتها في بناء مستقبلها ... الدراسة لا تتطلب الحضور يوميا ... لكن المدينة بعيدة ...
إجراءات الترسيم ودفع رسوم الإلتحاق لم تكن مشكلة بالنسبة لي ... فكّرت في تأجير بيت لها بالمدينة لكني تراجعت ... بيت جدها أولى بها ...
دون مقدمات نزلنا كالقضاء على بيت أبي ... حقائبها وأثاث جديد ... جهاز كمبيوتر حديث ... أرقى الملابس و أفخمها ... نظرات أمي تتوسل أن لا أصعّد الموقف ... مشاعر الحقد والحسد والغيرة تختلط في عيني جيهان ...
دليلة ترقص فرحا بهدايا عمها ... جلسة قصيرة على إنفراد مع شيراز أوصيتها بالعناية بإبنتي ...
قبل المغادرة ... تهديد واضح وصريح وأنا أتوجه بالكلام لإبنتي ... إن أزعجك أحد ... هاتفيني وفي ساعتها سأهدم المعبد على كهنته ....
عائدا للقرية سعيدا بنظرة الإنكسار في عيني إخوتي وزوجاتهم ... مستغربا من سعادة شيراز ... حزينا على فراق مؤقت لدلال ... قيس يحدثني عن موعد المزاد العلني ...
ليلة طويلة لوحدي بالبيت ... الرغبة تحرق خصيتي ... أشهر طويلة بدون جنس ... أصلا أنا متعود على ذلك ... ربما توفر الأموال هو ما يوقد نار الرغبة في صدري ... فكّرت في الإتصال بحنان .... هي تعرف الكثير من من يمكنهن إطفاء رغبتي لكني خجلت ...
غالبني النعاس أخيرا ... هاتفي يرن ... رقم غريب يظهر على الشاشة في هذه الساعة المبكرة ... الصوت مألوف ... سيدة تعاتبني على تأخري في تلبية طلبها بتوفير مرهم لتضييق الكس ...
هي نفس السيدة التي كانت تكلمني منذ شهور ... كنت سأعتذر لها أني لم أعد أعمل في هذا المجال ... ربما شوقي للجنس دفعني للإستمرار ... رحت استفسر عن طلبها بالتفصيل ... يدي تداعب قضيبي وهي تصف لي جسدها ... قضيب زوجها الصغير وسرعة إنهائه لعملية الجماع هو سبب إنزعاجها ...
أغلقت الخط بعد حوالي ساعة ألهبت نار الرغبة بين فخذي ... صوتها مألوف لكني لم أستطع تحديده ... 3 أيام متتالية أنام بصعوبة لأصطبح على حديث جنسي معها ... هي لا تريد مرهما هي تبحث عن طريقة تنفس بها عن كبتها ...
الصبيحة الرابعة كنت أستمع لحديثها الساخن حين قطع حديثها صوت منبه الحافلة الأولى يعلن إنطلاق رحلتها ... لم أستوعب الأمر ... لكن إرتباكها فضحها ... أغلقت الخط بسرعة ... من تكلمني تسكن قريتنا بالتأكيد ...
الفضول يقتلني للتعرف على شخصيتها ... من أين أتت برقمي ... ماذا تريد مني ... هل حقا هي زبونة ... راجعت كل صور مقتطعات البريد ... لا يمكن أن أكون أرسلت طردا من قريتنا لقريتنا ...
حتى وإن أغفلت التفطن لذلك فالموظفات كن سيتندرن بهذا الموقف ... قيس كان يقوم بدوره كخادم مطيع وسائق متفاني ... فكّرت في شراء سيّارة فخمة لكني لا أعرف القيادة ...
زيارة لمعرض درّاجات نارية ... خرجت منه أمتطي درّاجة فخمة ... أسابق الريح التي تمحو نسماتها على جبيني هموم سنين تراكمت في ذاكرتي ...
دلال تسرع من أمام معهدها ترتمي في حضني ... تقبلني بلهفة أمام زميلاتها ... ركبت خلفي تطالب بجولة طويلة على متن هذه المكنة الفخمة ... سعادتها وإبتسامة وجهها الحنون ذابت لمجرد لمحي لسمر تدخل باب المعهد ... كنت سأترك إبنتي وألحقها ...
هززت رأسي أطرد صورة يدها تداعب قضيبي في مقهى خالتها من رأسي ... لا صوت الريح ولا هدير محرك الدراجة ولا ضياع عقلي سمحا لي بالتركيز في كلمات دلال التي تقطر سعادة في أذني وهي تحيط خصري بيديها من الخلف ...
نعومة أناملها على عضلات بطني وهي تتمسك بها بقوة .... حرارة أنفاسها وهي تهمس في أذني بكلمات لا أفهمها ... صورة سحر التي عادت من بعيد تدفع قضيبي للإنتصاب ... الخجل وتأنيب الضمير منعاني من التمتع بالغداء الذي شاركت إبنتي فيه نخب دراجتي الجديدة ....
مرارة تحرق حلقي ... الكوابيس عادت تهز ليالي بعنف ... دلال ودليلة وسحر وكل بنات جيلهن يتفنن في تعذيبي ... السيدة المكبوتة إختفت من حياتي ...
سعادة قيس بفوزنا بالمزاد لم أستطع مجارتها ... ما نفع الأموال إذا لم تسعد صاحبها ... نسيم خفيف يرضي غروري وجميع أهل القرية يباركون لي ... حتى عشيري زارني للمباركة ...
ثور سمين وزع لحمه على كل أهل القرية تبركا وجلبا للرزق ... المركب لم يبحر بعد وجميع الرقاب صارت تطاردني ...
قيس الذي صار يعاملني معاملة السيد ... رجل عاشر الفقر والذلّ لسنين تمسك بي كآخر فرصة لنجاته ... مسؤول على مركب صيد كبير بمداخيله وعماله وبحارته وعتاده ...
ربما أنا أكثر من يفهمه ... لكني لا أستطيع البوح بذلك ... كنت أراقبه يأمر وينهى وهو يشرف على إعداد مركبنا للإبحار ... غدا أوّل رحلاته للصيد ... عزومة أصّر عليها للعشاء في بيته ...
نزلت من سيّارته أما باب بيته ... بيت يبدو فخما ... قال أنه كل ما نجا من بقايا أيام الثروة القديمة ... يفتح الباب مرحبا بي ... خطواتي وجلة وهو يسبقني معلما زوجته بقدومنا ... إنقطع الدم ونبض القلب والأنفاس وأنا أنظر لوجه زوجته الذي تحوّل للأزرق بفعل المفاجأة ...
ألفة هي زوجته ... إحدى صديقاتي الموظفات ... بل أكثرهن قربا مني ... تمالكت نفسي وأنا اسلّم عليها وهي تأخذ من يدي أكياس غلال قدمتها لها .... سرعان ما عاد لونها لطبيعته وهي تدعوني لطاولة تفننت في إعداد أصنافها ...
غابت كلمات المجاملة عن حلقي ... لم أستسغ ولى لقمة حشرت غصبا في حلقي ... قيس يعتبر خادمي الوفي ... لكن ليس هناك سبب لكل هذا أنا وزوجته مجرّد أصدقاء ...
عاد نبضي لطبيعته ونحن نجلس بالصالون ... حاولت مسايرة هذا الموقف المحرج ... ساعة عتيقة على الحائط تشير لقرب الساعة التاسعة مساءا ... إنسحبت شاكرا الزوجين على حفاوة الإستقبال وكرم الضيافة ...
أصررت على العودة على قدماي .... رفض قيس ذلك لكني تعللت برغبتي في هضم الأكل الدسم الذي أكرمتني به زوجته ... صوته وهو يودعني عند الباب إمتزج بصوت تسع دقات من ساعة الحائط ....
توقف نبض قلبي مع دقاتها ... ذلك الصوت سمعتها مرارا في مكالمة السيدة المكبوتة ... الصورة إكتملت ... ألفة هي التي كانت تكلمني عن معانتها مع زوجها في السرير ...
خطواتي تثقل شيئا فشيئا ... راجعت كل ذكرايتي معها ومع صديقتيها ... لم أجد إشارة إعجاب واحدة منها ... ربما كانت تكلمني لتتسلى ...
إستلقيت على سريري ... صورة ألفة تلاحقني ... حاجبها المنمقان ... غمازتاها اللتان تتوسطان خديها ... شفتاها الحمراوتان ... فمها الواسع ... شعرها الأسود ... فخذاها البيضوان المكتنزان يطلان من تحت تنورتها ...
صارعت نذالة نفسي ... هي متزوجة وزوجها يعتبر صديقي ... أغلقت كل طرق التفكير فيها ونمت ... طاردتني في منامي ... ليس كابوسا بل حلم وردي ... ترضع قضيبي بشفتيها المكتنزتين ... زبي يخترق كسها ... تصرخ من الرغبة ... آهاتها إمتزجت برعشة هزتني من نومي ...
حمام سريع وإفطار... سيجارة وقهوة سوداء ... السابعة صباحا موعد مكالمتها قبل كشف سرها ... ترددت ثم أمسكت هاتفي وكتبت رسالة ... كلمات بسيطة " أكلك لذيذ " ... أرسلته على الرقم الذي كانت تحدثني منه ..
لم ترد ... خجلها منعها ... لم تتقبل كشف سرّها ... كنت أودع طاقم مركبي يشق البحر لاول مرة تحت رايتي عندما رنّ هاتفي ... دلال تدعوني لزيارتها أمام المعهد ... دراجتي تطوي الطريق ...
إبتسامتها وهي تعانقني أمام صديقاتها ... إلتحق بها ثلاثة منهن ... كانت تناديني بإسمي أمامهن ... رحن يتفقدن الدراجة ... صور صدورهن ومؤخراتهن لا يمكن تجاهلها ... رغبتي في اللحم الطري تطفو على قلبي من جديد ...
ضحكات رنانة ... دلال تداعب عضلات ذراعي وصدري أمامهن ... إنتصابي يخرق نظر الأعمى ... سمر تدخل من باب المعهد مسرعة ... نظرت تجاهي لكنها لم تهتم ... قتلتني لامبالاتها ...
دلال تعلمني أن عيد ميلادها آخر الأسبوع... هو عيد ميلادها الأوّل بالنسبة لي ... وعدتها بإقامة حفلة صاخبة يمكنها دعوة من تشاء من زميلاتها ...
كنت أركّز على تفاصيل الحفلة ... مرطبات مشروبات ... موسيقى بالونات ... تنشيط ...
هي ولدت وانا اعاني قضبان زنزانة قبل 18 سنة ... سأعوض لها ولي كل ما فات ... مشاعري تتصارع ...
3 أيام وانا أجول بين المحلاّت ... كل شيء جاهز ... الحفلة يوم السبت ... يوم الخميس زارني قيس ... أعمالي بدأت تتطور ... راحة نفسية بدأت تسري في عروقي ..
قراري بتخصيص حياتي لإبنتي كان نتيجة وضعيتي الجديدة ... الأموال متوفرة والوقت والصحة موجودة ...
يوم السبت كان مليئا بالأعمال ... تزيين البيت ... شرائط الزينة الحديقة تشع بفوانيس للزينة ... موسيقى صاخبة تنبعث كتجربة لمضخمات الصوت ... الحلويات ... اللأكل ...
دلال تتصل بي من عند الكوافيرة لتتأكد من كل التفاصيل ... قالت أنها تحتفل بعيدها لاوّل مرّة ... بدأت صديقاتها بالتوافد ... مراهقات جميلات ...
خجلات من لقاء والد زميلتهن لأوّل مرّة ... بدأت الحديقة تعج بالضحكات ... أغلبهن قدمن مجاملة لإبنتي ... نظرات وهمسات تخصني بها أغلبهن ...
الساعة الرابعة بعد الزوال ... كل شيء جاهز حوالي العشرين صبية تزين نهودهن النصف عارية وأفخاذهن الطرية حديقة بيتي ...
حاولت التظاهر بالوقار ... لعب دور الأب جديد على شخصيتي ... دلال تتسلل من الباب الكبير نحو غرفتها ... حاولت مجارات بعض الحوارات مع زميلاتها ... حقيقة الوضع صعب ...
إختلاف الأجيال مع جهل بإهتمامات هذا الجيل أعاقني ... كنت أتخيل كل واحدة منهن شريكة في فراشي .... الخامسة مساءا ... دلال تنزل السلم .... فستان وردي قصير يصل حتى نصف فخذيها ... صدرها يرفع قماشه ... مكياج خفيف زادها سحرا ...
تحلّق الجميع حولها ... كلمات ثناء على جمالها تملأ أذني ... صخب كبير مع إنطلاق موسيقى شبابية تفنن الدي جي إنتزاع آهات الإعجاب من صدور الحاضرات ...
مؤخرات تهتز رقصا وتمايلا تتناغم مع إرتعاش الصدور الغضة .... موقف صعب لمن يشعر بالجوع للحم الطري مثلي ... قررت الإنسحاب إحتراما لإبنتي ...
إنزويت بركن في الحديقة تاركا للشباب مسحة حرية ... عبثا حاولت صرف منظر المؤخرات الطرية عن عقلي ... إنتصاب خفيف يداعب قضيبي مع خيالات وردية ممزوجة بحرقة من ضاع شبابه ...
دلال هي أجملهن ... هكذا كنت أراها أو ربما هي الحقيقة ... كل ضيوف إبنتي بنات ... فقط أنا ومسؤول الموسيقى ونادلان من الذكور ...
حوالي الساعة من الرقص الصاخب ... رائحة العرق الفتي تفوح من أجسادهن ... مجموعة من الضيوف المتأخرين تتحلّق بباب البيت ... بنتان وولدان ... لا أعلم سر إمتعاضي من قدومهم ....
دلال تقودهم نحوي لتعرفني عليهم ... شابان في نفس عمرها لم أركز في أسمائهما ... وجودهما لم أستسغه ... إنزعاجي غطى عليه إقتراب بنتين تسلمان علي ... سمر تصافح يدي مبتسمة ببرود كأنها لا تعرفني ...
صدفة غريبة أن تكون حبيبتي المراهقة المشاكسة صديقة إبنتي ... مرارة مزدوجة يغص بها حلقي ... كيف لها أن تعاملني بهذا البرود ... مرارتي تزداد الشابان يراقصان سمر وصديقتها ...
كنت أظن أن أحدهما صديق دلال ... لم أفهم شعوري وعجزت عن تفسيره ... المفروض أن ذلك سيسعدني ... أب تقليدي يراقب تصرفات إبنته الشابة ...
كانت عينيا تراقب بحنق ذلك الشاب وهو يراقص محبوبتي ... وضع طبيعيي ... لقد تركتني لمن هو في مثل سنها ويليق بها ...
سحبت قارورة خمر وإنزويت أحتسي مرارة عادت لتثقل صدري ... شربت كحبيب مكلوم في قصة عشق لم تولد بعد ... تحلق الجميع حول مائدة الطعام ... دلال كأميرة توزع إهتمامها بالجميع إلا أنا ...
إن كانت إستثنتني من إهتمامها فقد سرقت إعجابي بجمالها وشخصيتها كغيري من الحاضرين ... سعادة خفيفة غطت على مشاعري ....
عادت الموسيقى وعاد صخب الشباب .... الخمر بدأت تلعب في رأسي ... يد دلال تسحبني لمشاركتها الرقص .... لا أعلم من أين أتتني تلك الموهبة وتلك القدرة ...
كنت أتفنن في مراقصة إبنتي مرسلا رسائل لسمر ... لا زلت أحتفظ بشبابي ... أنا خير ممن إختارته بديلا عني ...
تجمع الكل في حلبة الرقص ... البنات صرن يتنافسن للفوز بفرصة مشاركتي الرقص ... كنت سعيدا لا أدري لماذا ... عرقي يتصبب ... رائحة العطور والعرق تمتزج في أنفي ... أهملت الكل وركّز في عيني سمر ...
كم هي قوية تلك الشابة ... نظراتها تتجاهلني ... بل تعاملني كمن تعرفت عليه حديثا ... عدت لركني أكمل بقية قارورتي ... عبثا حاولت طرد ذكرياتي معها بمقهى خالتها على الشاطئ ...
قضيبي ينتصب لذكرى أناملها الطرية تداعبه ... صوت يصدر من مكبّر الصوت يدعو الجميع للتحلّق حول قالب الحلوى ...
دلال تستعد بوجه تورد سعادة لإطفاء شموعه ... الجميع يعد ... الكل سعيد ... أنا فقط كنت تائها ... كأن الزمن يستكثر عليا أن أعيش سعادة بسرور إبنتي ... لماذا عادت سمر لحياتي ...
قبلة حارة من شفتي دلال تشوي خدي شكرا على هذه الحفلة الرائعة ... الجميع يستمتع بالحلويات والمشروبات ...
دلال تفتح الهدايا البسيطة المقدمة من زميلاتها ... رأيت سمر تقف بعيدا عن المجموعة ... لا أدري من أين إستجمعت الجرأة والشجاعة ... تقدمت منها وقفت ورائها ... داعبت رائحة عطرها أنفي ...
قرصتها من مؤخرتها ... همست في أذنها " كده بردو ... حد ينسى أحبابو " ... إرتعشت رعبا من حركتي ... نظرت في عيني مباشرة ... لا يمكن ان انسى نظرتها .... إنسحبت مفزوعة مني لتختبأ وسط أصدقائها ....
كدت أخنق نفسي على حماقتي ... حركة غبية من رجل يقترض انه صار يحسب خطواته ... تاهت سمر وسط الحاضرين ... عيني تلاحقها كمن يتصيد فريسة وعينها تراقبني كمن تخاف القنص ...
دلال تقترب مني بدلال ... تتسائل عن هديتها ... أي أب أنا ؟؟؟ ... لقد أفسدت كل شيء ... أشعلت نور المخزن ... وضعت يدي على عينيها ... دفعتها برفق داخله ... ثم أبعدت يدي ... صرخة سعادة مما تشاهده ....
المخزن تحوّل لمشغل خياطة وتفصيل مجهز بكل ما يلزم ... أرقى المصممات لا تمتلكن مثله ... صراخها جذب الجميع نحونا ... آهات إعجاب تصدر من الجميع ... كيف لا وهم من يحلمون بتحقيق مستقبل في هذا الميدان ...
دلال تعانق رقبتي ... تمطرني بقبلات حارة ... كل شيء يبدو سعيدا إلا أنا ... كنت أبحث عن سمر ... يجب إنهاء الأمر إنها الطامة العضمى ... أب يتحرّش بصديقة إبنته ... يجب غلق هذا الملف ...
إنشغل الجميع بتفقد آلات القص والخياطة والتصميم ... سحبت سمر من يدها بعنف ... حاولت التملّص لكني هزمت مقاومتها ....
سحبتها كسجينة داخل المنزل ... دون مقدمات صرخت في وجهها ...
" إنت بتعملي معايا كده ليه يا سحر ؟؟؟ "
وجهها البريء صار لونه أصفر من الرعب ... كلمات تخنقها العبرة وعينها الجميلة تغرق بالدمع ...
" عمو إنت فاهم غلط ... أنا سحر مش سمر ... سمر دي تبقى أختي "
قبل أن استوعب الصدمة ... تذكرت كلام سعاد عن بنتي أختها ... حاولت التفكير في كذبة تخرجني من هذا الموقف المحرج ...
لم أتكلّم بعد حتى دوى صوت دلال من خلفي
" إنتو بتعملو إيه هنا ؟؟؟ "

الجزء السابع
تاهت الكلمات في حلقي ... سمر التي تحولت لسحر تمسح أثار دمعتين في مقلتيها ... عينا دلال تطاردنا بمليون سؤال ... والدها يختلي بصديقتها داخل بيتها ... لا يمكن تفسير الموقف ...
قطعت دلال صمتنا ... صوتها يهز كياني ... رعب يملأ قلبي ...
  • دلال : بابا ؟؟؟ سحر ؟؟؟ في إيه ؟؟؟
  • سحر : لا أبدا دي حكاية بسيطة ...ما تاخديش في بالك
  • دلال : بسيطة ؟؟؟ أمال بتعيطي ليه ؟؟؟
  • لا أبدا دا سوء تفاهم بسيط
سحبت دلال من يدها نحو الأسفل ... روحي تتبعهما رعبا ... تبعتهما للخارج ... صمم أصاب أذني ... مراهقات يقفزن على صوت موسيقى لم يعد يصلني صخبها ... توقف قلبي و أنا أشاهد حركات يدي دلال تستفسر ...
حركات عنيفة من الإثنين ... طال إنزوائهما بركن الحديقة ... توقف الزمن في عقلي ... أردت صفع نفسي ... هكذا أنا أفسد كل شيء ... كيف سأنظر في وجه إبنتي بعد ما حدث ...
توقف نبض قلبي وهما تتجهان نحوي ... كمن ينتظر حكم الإعدام ... صوت خطواتهما تصعدان الدرج يغلب ضجيج موسيقى الحفلة ... صمم الرعب يزداد في قلبي ...
جالسا على كرسي بلاستيكي في شرفة المنزل ... يدي اليسرى تمسك ركبتي اليمنى التي أبت أن تكف عن الإرتعاش ... دلال تمسك بيد سحر وتقفان أمامي ... صوت عتاب حنون يصلني من شفتي دلال
- كده بردو يا بابا ؟؟؟ (ألم تجمد الدم في عروقي يخز بطيني الأيسر) مش تراعي إن سحر صاحبتي الأنتيم (نواقيس الموت تدق في أذني لولا إبتسامة دلال لألقيت نفسي من الشرفة هروبا من الموقف) سمر أختها دي بنت طايشة بس سحر دي عسل (وقبّلت وجنة صديقتها) ممكن تسامحها عشان خاطري
حالة ذهول أصابتني ... لم أسمع بقية كلامهما ... سحر ألّفت قصة أن أختها إختلست مالا من ثيابي على الشاطئ وأنا كنت أظنها هي ... سعادة وذهول وصدمة من سرعة بديهة هذه الفتاة ... صمتي قابلته دلال بالجلوس على فخذي كبنت مدللة ...
سحر تقف أمامنا بإنكسار ... قدماها ملتصقتان أحدهما تتقدم الأخرى ... فتحة ممزقة بإتقان على ركبة بنطلون الجينز الأزرق على موضة هذه الأيام ... جلد أسمر غض يطل بخجل منها ... شعيرات تحاول النمو بين مسامه ...
تركتاني تائها في موج مشاعر متلاطمة ... إلتحقتا بحلبة الرقص ... كفراشات ترفرف في حديقة منزلي ... روح الشباب تحلّق بالجو ...
بقايا السكر والرعب والفرح والنجاة عطّلت تفكيري ... أنفث دخان سيجارة من على حافة الشرفة ... أراقب مشاريع النهود تتطلع للمستقبل بصلابة تحتي ... مؤخرات مرفوعة تتحدى الزمن بتمايلها ...
إنتصاب يحرق ما بين فخذي ... رحت أحك قضيبي بحافة حائط الشرفة ... موسيقى غريبة وكلمات قبيحة يرددها الجميع تحتي ... آغاني تهز كيان الشباب ... كلام بذيء ... هذا يسب الوضع وهذا يسب المجتمع ... الآخر يشبه حياتنا بالقمامة ...
الغريب في الأمر أن جل الحاضرات فتيات ... أكبرهن لا تتجاوز الثمانية عشرة ... كلام قبيح يتغنى به الجميع ليصف وضعا قبيحا ... لا رومانسية ... لا مشاعر لا حب ... لا أمل في هذا الجيل ...
سرقتني الذاكرة لعشرين سنة مضت ... في سنهم كنا نسمع جورج وسوف يلهب المشاعر ببحته الشهيرة ... دخلنا مدن الأحزان مع كاظم ... تهنا مع إيهاب توفيق ومصطفى قمر وغيرهم ....
الكل كان يتغنى بالحب ويزرع فينا بذرة العشق وحب الحياة .... وقتها كنت في مثل سنهم الآن وكان من هم في مثل سني يتهكمون على ذوقنا ... كيف لا وهم من تربت آذانهم على أغاني أم كلثوم وعبد الحليم والسيدة علية ونعمة ....
أغاني الصمود والعزة والحب الطاهر ... حتى جروح الحب كانت تصور بكلمات جميلة ... المقارنة لا تجوز ... بل هي ظلم لهذا الجيل ...
أعتقد ان هذا الجيل على حق ... من تربى منتصبا القامة يمشي قصفته كل هزائم العروبة ... ومن طلبت الناي لتغني غرقت في وحل الخيانة حتى أم رأسها ...
مالفائدة أن تغني لي عن جمال الحياة وتعدني بجنة الأرض وفي الحقيقة أجد نفسي أعيش حياة قبيحة لا تصفها إلا ألفاظ قبيحة ... أذني تسمع أغنية تحت الياسمينة في الليل وحياتي كيف الزبلة في البوبالة ....
أفقت من غيبوبة المقارنة ... من أنا لأحكم على تصرفات الغير ... أنا أصلا فاشل في كل شيء ... لولا الحظ والصدفة ....
وقفت أشارك إبنتي برتوكولات الوداع ... نحت على وجهي إبتسامة ثابتة في عين الجميع ... كفوف طرية تصافح يدي ... عيناي ثابتتان تراقبان سحر تقترب مني ... يدها تصافحني بثبات ... أنا من أصابته رعشة الخجل ... رعشة تحولت لإهتزاز وهي تدني وجنتها من خدي تقبلني وتتمنى لي ليلة سعيدة ...
همزة من مرفق دلال تعيد نظري الذي تبع مؤخرتها وهي تبتعد عني ... إنسحبت بعدها للبيت ... تصرفاتي لا يمكن تفسيرها ... أصوات ضحكات البنات ممتنة لجمال هذه السهرة تتبعني ... الكل أمضى وقت سعيدا إلا أنا ...
حتى سحر تجاوزت ما حدث بسرعة ... وعادت للهوها وسط ذراعي رفيقها ... أنا فقط أتخبط ... مراهق الأربعين .... لا لست مراهقا حتى ... لم يجد عليا عقلي بحل لمأزقي وقت ضبطتني دلال ... بينما تلك الصبية ألّفت قصة إنطلت على صديقتها بلمح البصر.
صوت الضجيج ينخفض ... الكل غادر ... صوت محرّك الشاحنة التي تحمل مضخمات الصوت والمعدات يبتعد شيئا فشيئا ... السكون يعود للمكان تدريجيا ... خطوات دلال تقفز على السلّم ...
إلتحقت بي في الصالون ... إرتمت في حضني تشكرني على هديتها وعلى هذه الحفلة ... خوفي من فتح موضوع سمر دفعني للهروب ... متعللا بصداع شديد ... لجأت لغرفتي ...
سكري وتعبي سحباني لشبه غيبوبة ... لون وردي يغطي أطراف شاشة عيني ... حديقة منزلي تعج بالفتياة ... دلال تخلع عنهن ثيابهن ... نهود صغيرة تتطلع للسماء بحلماتها الصلبة ... شعر ناعم كثيف بين أفخاذهن ... سحر تقص الشعر بعناية لتكشف فروجهن الصغيرة ... سمر تجمع الشعر وتحيك به منديلا ...
دلال تضع المنديل على أنفي تطلب مني تشمم رائحة الصبا ... حلم وردي جميل ... لكن وقعه على قلبي كأعتى كوابيس عذابي ... دوائر داكنة على البوكسر الرمادي ... هربت نحو الحمام ...
ماء بارد يحرق جلدي ... هربت من المنزل كطفل صغير يخاف عقابا ... ذهبت عني ثمالة الأمس ... جالسا بالمقهى أطرد ألف سؤال يثقل صدري ... ترى هل صدّقت دلال كذبة صديقتها ... هل سحر تعلم حقيقة ما جرى بيني وبين أختها ؟؟؟
السؤال المرعب حقا ... هل ستخبر سمر أختها بما حدث بيننا ؟؟؟ وطبعا سحر ستعلم دلال بالحقيقة ؟؟؟ كيف ستراني إبنتي بعد ذلك ؟؟؟
يبدو أنه حكم عليا بأن أعيش بصورة سيئة في عيون الجميع ؟؟؟ مراهق مارق و شاب مسجون ؟؟؟ وكهل متصابي ؟؟؟ حتى عندما منحتني الدنيا فرصة رسم صورة لأب متفاني ... عادت ذكرى تلك الفتاة لتشوه صورتي أمام إبنتي ...
كدت أصفع نفسي أمام الناس لولا قدوم قيس ... وضع أمامي ظرفا فيه مبلغ من المال وورقة فيها الحسابات بالتفصيل ... لم أبالي بكلامه و حساباته ... عقلي كان مشتتا ... أبحث عن حلّ ... المصيبة الكبرى لو أخبرت سحر دلال بما حدث بيني وبين أختها ...
فتاة طائشة كسمر لن تخجل بأن تحدث أختها عما حدث بيننا ... فكّرت أن أتصل بسحر وأشتري صمتها ... لكني طردت تلك الفكرة من رأسي ... إبتزازها لي لن ينتهي ...
تركت قيس يعد لرحلة صيد طويلة ... عدت للبيت مثقل الخطى ... قرار صعب ... يجب عليا التخلّص من عبئ ما قد يحدث ... الصراحة هي الحل ... هي إبنتي لا سلطة لها على تصرفاتي ...
ربما صراحة معدّلة تمنع عني الإحراج وتمنع عنها الصدمة ... علاقتي بها ليست كلاسيكية ... أنا أب متفهم ؟؟؟ وعليها أن تكون بنت متفهمة ...
دخلت البيت بخطى مثقلة ... صوت مبحوح أنادي به دلال ... من شرفة البيت ... من داخل غرفتها تجيبني أن أدخل ... طرقت الباب بوجل ...
دلال تجلس على التسريحة ... إنعكاس صورتها في المرآة يدل كونها لم تتخلص من آثار ماكياج حفلة الأمس ... لباس أزرق قطني ... نصف ظهرها يطل منه بفخر ... شعيرات سوداء تنمو على مستوى عمودها الفقري ... أعادني منظرها لذكرى منديل الحلم العجيب ...
الكلمات تحشر في حلقي ... كأن كل لفظ يدفع الآخر للخروج ولا يخرج شيء ... طال صمتي وعيل صبر دلال ... نطقت هي أخيرا ...
  • خير يا بابا ... كنت عاوزني في حاجة ؟؟
  • لا أبدا بس كنت عاوز أتكلّم معاكي شوية ؟؟؟
  • خير ؟؟؟ قلقتني ؟؟
  • لا أبدا بس كنت عاوز أتكلّم معاكي شوية ؟؟؟ حاسس إني مخنوق ؟؟؟ و مش لاقي غيرك أفضفض معاه ...
قامت دلال من مجلسها ... تحيط رقبتي بذراعين حنونين ... تهت في صفاء عينيها ... أردت البكاء ... طلبت مني الإنتظار بالصالون ... حتى تعد لنا فنجاني قهوة ونفضفض على راحتنا ...
جالسا على كنبة الصالون ... رائحة قهوة دلال تأسر حواسي ... فتحة صدرها الناشئ تسحبني وهي تضع الطبق على المنضدة ... وضعت فنجانا أمامي ... وأخذت فنجانها وجلست تقابلني ...
سحبت سيجارة من علبتي وأشعلتها دون حرج ... طلبت مني وهي تنفذ دخانها أن أتحدّث ... عيناي تراقبان اناملها تداعب سيجارتها ... شجعتني حركتها على الكلام ...
  • إنتي تعرفي سحر من زمان ؟؟؟
  • لا أبدا معرفة دراسة وكمان زمايل في نفس مشروع التخرّج .. ليه ؟؟
  • يعني تعرفي أختها ؟؟؟ سمر ؟؟
  • معرفة شخصية لا ... بس صحر دايما بتكلمني عنها وعن عمايلها ؟؟؟
  • عمايلها ؟؟؟ زي إيه مثلا ؟؟
  • يعني بنت طايشة ... ما بتحسبش تصرفاتها ... بتدخن وبتشرب .. حاجات كثير ؟؟ إنت مهتم بيها كثير كده ليه ؟؟؟
  • لا أبدا أصل حصل فصل بايخ ما بنا كده ... وخايف لا تكذب على أختها وإنت تفهمي الموضوع غلط و تتشوه صورتي قدّامك
  • ههه إنت بابا حبيبي ... وما حدّش يقدر يشوه صرتك قدّامي ... إنت أحسن أب في الدنيا ... كفاية رجوعك ليا ... وإلي بتعملو على شاني ... الباقي دي حياتك وما فيش حد يقدر يحاسبك على تصرفاتك ...
  • (أحسست بالراحة لكلامها ... لكني قررت المواصلة) بس لازم تعرفي ... (هزّة من رأسها تطلب مني أن أتابع) ... الحكاية حصلت بعد أيام من رجوعي ...
رحت أروي لدلال كل ما حصل بيننا بالتفصيل ... دون إحراج طبعا ... كانت تتابع حديثي مبتسمة ... أقنعتها أن سمر كان تتخيّل أني أتابعها و أراودها وصورت نفسي بصورة الناضج المتزن ...
هكذا تخيّلت ... حتى لو روت سحر حقيقة أختها لإبنتي فالقصة التي رويتها قريبة للواقع ودلال ستصدقني طبعا ...
عبئ ثقيل تخلّصت منه ... دلال تعدّ حقيبتها للعودة لبيتنا بالمدينة ... قالت أنها ستدرس ثلاثة أيام ثم ستعود لتستقر هنا ... عطلة دراسية ستستغلها في إكتشاف مشغلها الجديد و تنمية مواهبها ...
نوم عميق بمجرّد مغادرتها ... أغلقت هاتفي ... إنزوت عن العالم ... كنت أبحث عن الراحة ... لا شيء يشغل بالي ... قررت التفرّغ لدلال ... سأعوضها كل ما فاتها ... من أمضى شبابه محروما من الجنس عقابا بين القضبان لن يعجز أن يتخلى طوعا عن هذه الحاجة في سن الأربعين ...
في اليوم الثالث ... سحبت مبلغا ماليا ضخما ... أسابق الريح على درّاجتي نحو المدينة ... مررت بالسوق أكياس ثقيلة بمستلزمات البيت ... فستان وهاتف جديد هدية لدليلة بنت أخي ...
عناق حار من دليلة التي إنسحبت مسرعة تكتشف هديتها ... تجاهلت نظرات الإمتنان والإعجاب في عيني شيراز التي تئن ذراعها تحت ثقل الأكياس ... أمي تحضنني بيدين مرتعشتين فرحة بقدومي ...
كنت أطرد أية فكرة قد تداعب رأسي ... دلال تقف عند باب الصالون تنتظر نهاية حواري مع جدتها للعودة للمنزل .... سعادة دليلة بفستانها الجديد دفعها نحوي ... أمواج من العناق والقبل ... جلست فوق فخذي ... فستانها المزركش القصير إنحسر نحو الخلف ...
يدي اليمنى تحيط خصرها بينما تتعلق برقبتي ... دون شعور كنت أضع يدي اليمنى فوق لحم فخذها الطري ... لم أدرك أن دلال تراقب حركاتي بدقة إلا عندما سحبت بنت عمها من يده قبل أن تطلب مني المغادرة ... لم أستطع تفسير نظرة عينيها ...
طوال الطريق كانت تلتصق بظهري ويداها تقبض على بطني بعنف ...سرعة الدراجة هي السبب ... هكذا فسّرت الأمر ...
هربت من نظراتها لغرفتي أغيّر ملابسي ... حركة بريئة من بنت بريئة تجاه عمها ... كيف فسّرتها البريئة الأخرى ... ربما هو إحساس خاطئ مني ... ربما تلك نتيجة حكاية ما حدث مع سمر ...
لبست بيجامة مريحة ... رائحة قهوة دلال تسحبني نحو الصالون ... دلال بملابس نومها تشبه الأطفال ... بنطلون قماش أخضر مزركش بصور كرتون ... حذاء صوفي على شكل أرنب تطل أذناه من الأمام ... قميص أخضر فاتح خفيف يلتصق بصدرها الناشئ ...
كانت تجلس على الكنبة الكبيرة في الصالون ... جلست بجانبها على الكنبة الأخرى ... أخذت فنجان قهوة ... وإتأكت أداعب سيجارة قبل إشعالها ... كنت أحشر عيني في صورة رسمها البن على سطح الفنجان ...
دون مقدمات ... دلال تفاجئني بسؤال لم أفهم معناه ... لهجة العتاب تقطر من شفتيها الحمراوتين ...
  • أنا زعلانة منّك ؟؟
  • خير ؟؟؟ (إرتجاف الكلمات في حلقي عكس توتري) حصل إيه ؟؟
  • عشان إنت نسيت إتفاقنا ؟؟؟
  • إتفاق إيه ؟؟؟
  • شفت ؟؟ أديك نسيت ؟؟؟
  • يعني ممكن السن تأثر عالذاكرة ؟؟؟
  • سن إيه داه إنت عم الشباب ؟؟
  • هههه بلاش بكش ؟؟ قوليلي إتفاق إيه ؟؟؟
  • بيت جدي ؟؟؟ شايفة إنك قررت تنسى إلي حصل ؟؟؟ هدايا و لعب و أكياس ؟؟؟
  • و بعدين ؟؟؟؟
  • إنت قررت تسيبهم في حالهم ؟؟؟
  • مين قال كده ؟؟؟
  • إنت ؟؟؟ تصرفاتك بتقول كده ؟؟؟
  • هههه إنت شايفة كده ؟؟؟
  • تصرفاتك ما بتتفسرش غير بكده ؟؟
  • لا تفسيرك غلط ؟؟؟
  • فهمني ؟؟؟
  • طيب تخيلي لو أعلنت الحرب معاهم نهائيا ؟؟؟ مين حياخد بالو منك وإنت بتدرسي ؟؟؟ ماهو كده هما دماغهم في الطين ؟؟؟ خايفين من ردة فعلي لو حد داسلك على طرف ؟؟ كل طلباتك مجابة عندهم ؟؟؟ صح ؟؟؟
  • أه صح ؟؟؟
  • وكمان لو الموضوع إنتهى وكل واحد مننا خاد نصيبو ؟؟؟ شوية شوية حيتعودو على وضعهم الجديد وحيواصلو حياتهم عادي ؟؟؟ تمام ؟؟؟
  • تمام يا أبو التكاتيك
  • فبالوضع داه أنا مخليهم في رعب دائم ... زيارتي ليهم تخليهم في رعب ؟؟؟ صح ؟؟
  • أيوة صح ( ولوت شفتيها بإمتعاض) من رعبهم بيستخبو على حجرك ؟؟؟
  • ههههههه يخرب بيتك إنت بتغيري من بنت عمّك ؟؟؟ كل داه عشان فستان و تلفون ؟؟؟
  • (صمتت قليلا كأنها تراجع كلماتها قبل نطقها) لا عشان البوس والأحضان وكده ؟؟
  • (ضحكت من كلامها حتى إختلط ضحكي بالسعال) يخرب بيتك ؟؟؟ حتموتيني ؟؟
  • يعني إنت مش بتحب دليلة ؟؟؟
  • طبعا دي بنت أخويا ؟؟؟
  • بس إنت بتكره أخوك ؟؟؟ المفروض تكره بنته ؟؟؟
  • هههه لا البنت مالهاش علاقة ... وكمان أبوها بخيل وبكده بحسسها إني أحسن من أبوها ؟؟؟ وممكن أكسبها في صفي ؟؟؟
  • إزاي بقى يا أبو المفهومية ؟؟؟
  • طيب مش ممكن دلوقتي يكونو بيتفقو على حاجة و إحنا مش موجودين ؟؟؟
  • تمام ؟؟؟
  • ماهي ممكن تنقلنا أخبارهم ؟؟؟ وإنت كمان قلتي إنها بتعاملك بحنية عكس الباقيين ؟؟
  • تمام ... دماغك دي تتوزن بالذهب ... بس من غير بوس وتحسيس ...
  • يا سلام ... شوف البنت المفعوصة بتقول إيه ...
قامت من مكانها وجلست على ركبتي ... سحبت يدي تحيط بها خصرها و عانقتني من رقبتي ... قالت " إن كنت عاوز تبوس بوسني أنا ... أنا أولى " ... وراحة تغمر وجهي بقبلات حارة ...
كنت أفسّر ذلك على أنها حركات غيرة بريئة من بنت على والدها ... حتى سحبت يدي ووضعتها على ركبتها ... كانت تقلّد جلسة دليلة بالتفصيل ... تعطّل تفكيري ...
نبض قلبي يضطرب ... أمعائي تتقلّص ... جاهدت لطرد كل فكرة يمكنها أن تخامرني ... دلال دخلت توضب غرفتها ... بينما هربت لغرفتي للنوم ...
في الغد صباحا تركتها نائمة ... ولجأت لمقهى الميناء ... قيس كعادته يتفانى في طاعته وولائه لي ... حساباته مضبوطة ... أعمال مركب الصيد تسير على ما يرام ... حاولت التركيز في حديثه ...
قال أنه ينتظر تحسّن أحوال الطقس في الغد للقيام برحلة طويلة ... دلال تتصل بي على الهاتف تستفسر غيابي ... تعجبت من تصرّفها ... هي تفعلها لأوّل مرة ...
قالت أنها ستحضّر طعام الغداء ... وعدتها بالعودة عند نهاية أشغالي ... جولة بسيطة أتظاهر فيها بتفقّد المركب والبحارة ثم إنطلقت للبيت ...
رائحة الطعام تدغدغ جوعي ... يدان طريتان تغلقان عيني من الخلف ... تقودني نحو طاولة منمقة تفننت دلال في تحضيرها ... واو دهشة كبيرة خرجت من صدري ...
دلال تقف أمامي ... شورت قماش رمادي يصل حتى منبت فخذيها محاط بحزام جلدي أسود... جوارب شفافة تنتهي بحذاء طويل يلامس ركبتيها السمراوتين ... قميص أبيض ضيق يحيط بطنها المسطحة ... تنتهي أزراره عند بداية صدرها ...
حواف سوتيان أحمر تطل من تحت القماش الأبيض ... جانبا ثدييها يطلان بشموخ ... قلادة ذهبية تتوسطها خرزة حمراء تدلى بين نهديها... شعرها الأسود تلامس أطرافه بياض ياقة القميص ... إلتقاء الليل والنهار ...
شفتان زاد أحمر الشفاه في حمرتهما ... أهداب تكحلت بسواد طبيعي ... إنعكس على إكسسوارات في معاصم يديها التي تضعهما حول وسطها وهي تقول
  • إيه رأيك ؟؟؟
  • (لم أفهم قصدها ولم أفهم ما أقصده) حلو قوي ؟؟؟ (هممت بالجلوس على الطاولة)
  • إنت حتقعد كده ؟؟؟ مش عيب الحلاوة دي كلّها و ريحتك سمك ؟؟؟
  • آسف ؟؟؟ أصلي مش متعوّد على الدلع ؟؟؟ حأغيّر حالا ؟؟
  • خذلك دش و أنا حأختارلك تلبس إيه ؟؟
كنت أدخل الحمام حين سمعت صوت هاتفي يعلمني بوصول رسالة ... لم أهتمّ لأمرها ... الماء ينسكب على جلدي ... وفكري تائه ... وضعت كل تصرفات دلال في خانة الحركات الطبيعية ... خرجت ألملم جسدي في روب الحمام ...
دخلت غرفتي ... بنطال ضيق من القماش الرمادي وقميص أبيض وضعا فوق السرير بعناية ... بوكسر أسود لم ألبسه قبل وفانلة بيضاء ... إختيار يتناسق مع ما تلبسه دلال ...
غيّرت ملابسي ... سرّحت شعري ... تعطّرت ... وقفت أمام المرآة طويلا ... سرحت في شكلي ... عضلات ذراعي تبرز تحت قماش القميص ...شعيرات سوداء تطل من مفرق ضلوعي ...
شعرتان بيض تلمعان تحت تأثير زيت الشعر ... لم تأثر فيا الأربعة عقود التي لم أعشها ... طرق خفيف على الباب تبعه صافرة إعجاب من شفتي دلال التي تطل برأسها ... بريق عينيها يحرجني ...
جلسنا على الطاولة ... محاولا الهرب من نظرة عينيها التي تلاحقني ...حوار طويل رحت أمدح ذوقها في الطبخ ... مبرزا صدمتي لموهبتها وسروري من ذلك ... عند الإنتهاء من الأكل قطعت كلماتي بسؤال عجيب ...
  • يعني ذوقي في الأكل بس هو إلي عجبك ؟؟ (قبل أن استفسر عن قصدها وقفت تلف أمامي ) وذوقي في اللبس ؟؟
  • إنت أي حاجة تلبسيها تليق عليكي ؟؟؟
  • (لوت شفتيها كأن إجابتي لم تعجبها ) يعني أنا مقطعة نفسي وإنت تقلي كده ؟؟
  • ماهي هي دي الحقيقة ؟؟؟
هربت منها للصالون ... لم أقدر أن أفسّر إحساسي ... صدرها يسحبني إليه عنوة وهي تنحني تضع كأس من الشاي أمامي ... إن كان صدرها رحمني ... فمنظر فخذيها يصفعني وهي تضع رجلا على رجل أمامي تحتسي رشفة شاي تطارد ما تبقى منها على شفتيها بلسانها ...
حرارة غريبة تحرق صدري ... حاولت التركيز على أي شيئ ... رحت أراقب هاتفي أبحث عن الرسالة التي وصلتني ... لم أجد شيئا ... لقد سمعت صوت تلقي رسالة وأنا داخل للحمام ... هل كنت أتخيّل ؟؟؟ ... قطعت دلال إستغرابي
  • طيّب أنا عاوزة أسألك سؤال محرج ؟؟؟
  • ما إحنا إتفقنى مافيش إحراج ؟؟ إسألي ؟؟
  • يعني كنت عاوزة أعرف ؟؟ إنت مش بتفكّر إنك تتجوّز ؟؟؟
  • هههه ليه لقيتيلي عروسة ؟؟؟؟
  • لا بس لو عاوز ؟؟ أشوفلك ؟؟؟
  • يا سلام ؟؟ ومين دي بقى إلي حترضى بعجوز زي ؟؟؟
  • عجوز ؟؟؟ فشر داه إنت عم الشباب كلّهم ؟؟
  • يا بنتي بطّلي بكش
  • لا أبدا دي الحقيقة ؟؟؟ طيب تصدّق إني زمايلي كانو مفكرينك صاحبي مش أبويا ؟؟
  • هههه وأنا في السن داه ؟؟؟
  • سن إيه ... أولا إنت لسة شباب ثانيا داه في بنات معانا في المعهد مصاحبين عواجيز ؟؟؟ ومتزوجين كمان ؟؟؟
  • ( لا أعلم لماذا أردتها أن تواصل ) لا قولي كلام غير داه ؟؟
  • زي ما بقلّك كده ؟؟؟
  • و دي تيجي إزاي ؟؟؟
  • هي كده ؟؟؟ في بنات بتحب الرجالة الكبار ؟؟؟ زي ما في رجالة بيحبو البنات الصغيرين ؟؟؟
  • (نبرتها آلمتني أحسست أنها تذكرني بسمر) يعني الرجالة بيحبو البنات الصغيرين مفهومة ... بس البنات بيعملو كده ليه ؟؟؟
  • فسرلي إنت الرجالة بيعملو كده ليه وأنا أفسّرك البنات ؟؟؟
  • طيب ... أما نشوف آخرتها معاكي ؟؟؟ يعني بالنسبة للراجل ... ممكن يكون في شبابو ما سمحتلوش الظروف إنه يكون حب بنت من سنه ... و بعدين سرقتو السنين ... فلما يكبر وتتوفرلو الظروف المناسبة بيحاول يسد النقص إلي عندو ؟؟ عشان كده بيدور على بنت في سن هو ما عاشهاش ؟؟ فاهمة
  • أكيد ... بالنسبة للبنت في أسباب أكثر
  • مثلا ؟؟
  • يعني مثلا الشباب بتاع اليومين دول خطر ... ممكن يفضحها يضرها ... وكمان ممكن تكون البنت بتدور على النضوج .. ممكن تكون تحاول تجمع بين الحب والآمان ... وما تنساش الفلوس ؟؟ في بنات كثير بتعمل كده عشان الفلوس ؟؟
  • (حقيقة لم أجد رد مناسبا ... كنت أتخيّل سمر مع كل كلمة تقولها دلال ) يعني إنت شايفة إني العلاقة دي تنفع ؟؟؟ ممكن تنجح ؟؟
  • النجاح داه مرتبط بيهم هما ؟؟؟ تفكير البنت ؟؟ تفكير الراجل ؟؟ صحته ؟؟ حاجات كثير ؟؟
  • (أردت الهروب من هذا الحوار ... ستسحبني للإعتراف بما لا أعرفه ) طيب وإنت عاوزة تزوجيني ليه ؟؟ زهقتي مني ؟؟
  • لا لا أبدا بس كنت عاوزة أعرف ؟؟ إنت مش ناقصك حاجة ؟؟ صحة وشباب ومال وجمال ؟؟ لو عاوز تتزوج قلي عشان أعمل حسابي ؟؟
  • تعملي حسابك في إيه ؟؟
  • في مستقبلي ؟؟
  • مش فاهم ؟؟
  • يعني لو حبيت تتزوج ؟؟ قلي من دلوقتي ؟؟ عشان لو إتزوجت أكيد مراتك حتخطفك مني ؟؟ وأنا لازم أكون مستعدة لده ؟؟
  • حتحاربيها ؟؟
  • لو ما كنتش سعيد معاها أحاربها ... لو كنت سعيد ... حأنسحب ؟؟
  • تنسحبي فين ؟؟؟
  • يعني أفكر في مستقبلي بعيد عنّك
  • بعيد عني ؟؟؟ إنت كل حاجة في حياتي ؟؟؟ وعشان تطمني أنا ما بفكرش في الزواج حاليا ؟؟
  • ولا إنك تصاحب ؟؟؟ (نظرتها خنقتني )
  • إنت بتقولي إيه ؟؟؟
  • إنت لسة شباب وداه حقّك ؟؟
  • يا بنتي سيبك من داه كلو ؟؟؟ أنا عايش عشانك إنت وبس ؟؟ كل همي اشوفك سعيدة و أفرح بيكي ؟؟
  • إن كان على كده ؟؟ أنا مش حأخليك تفكّر لا تتزوج ولا تصاحب ؟؟؟
  • (حاولت الرد لكني إختنقت ) ... أص...
  • (وضعت يدها على فمي) طيب فين مكافئتي على الغدوة الملوكي دي ؟؟؟
  • (أحسست بالراحة لتغيير الموضوع ) إنت تأمري ؟؟؟ عاوزة إيه ؟؟
  • عاوزة أتفسّح معاك ؟؟
يداها تحيط ببطني وهي تركب خلفي ... مفترق طرقات ... إشارة المدينة عن يسارنا ... رأيت يدها تشير لليمين ... العاصمة ؟؟؟ ... أو الساحل ؟؟؟
كانت تصرخ سعادة ونحن نتجاوز بدراجتنا الفخمة كل السيّارات ... السرعة تعبير عن الإنطلاق ... الجنون ... ساعة ونصف كانت كفيلة لتوصلنا لمدينة سياحية ...
أوقفنا الدرّاجة في مؤوى ... أمطط ركبي من أثر ثنيها أثناء الطريق ... دلال تعانق خصري بعنف ... رأسها ينحشر في كتفي ... أحطت رقبتها بيدي ...
الشمس تشير للعصر ... تناولنا المثلجات ... لعبنا ركضنا ... كنت أشعر أني مراهق يطارد حبيبته وهي تجري أمامي ... لا أحد يهتم ...
تناسق ملابسنا ... تلاصقنا ... مداعبتنا ... ضحكنا ... هزلنا ... كل شيء يشير إلى أننا حبيبان ...
ردّت دلال على موقف طريف لبائع ورود ... وهو يدعو لنا بدوام الحب والعشرة ظنا منه أنها حبيبتي وأنا اهديها وردة من بضاعته
" مش قلتلك إنت عم الشباب "
لهونا سرقنا ... منظر البنات الأجنبيات في ملابسهن العارية تحرق جلودهن شمسنا الأبية ... دفع دلال لتصنّع الغيرة ... كانت تضع يدها تمنعني من تتبع كل من ترى أنها تنافس جمالها ...
رحت أتصنع الإعجاب بالفتيات الشقراوات لإغاظتها ... كنت أشعر أن الوضع غير طبيعي ... لكني سعيد ... ومالذي عشته طبيعيا في حياتي ؟؟؟
حوالي الساعة الثامنة ليلا دخلنا مطعما فخما ... ترحاب كبير ... فخامة المكان أدخلت إرتباكا على دلال ... إنزوينا في طاولة لشخصين حسب إشارة النادلة ...
من برتوكولات هذا المطعم هو شرب الخمر مع أي وجبة ... لم أشأ أن تشعر دلال بالإحراج أو أن أفسد فرحتها ... غمزتها أنه بإمكانها الشرب ...
إرتعشت يداها وهي تمسك الكأس المنتصفة ... ضربت كأسي بكأسها نخب أب ليس ككل الآباء ... رنين الزجاج أعادني لذكرى سكر والدتها معي يوما ما ...
سخرت من القدر ... هذه التحفة البشرية نتيجة جلسة خمرية بين شاب عاق وفتاة جامحة ... نظرت في عينيها ... ضحكت من منظر وجهها وهي تبتلع مرارة الخمر ...
قطع ضحكي قدوم النادلة بالأطباق المنمقة من الجمبري والسمك ... موسيقى هادئة تنبعث في المكان ... تائها بين الذكريات والحاضر ...
دلال تلمس يدي ثم تشير بوجهها ناحية طاولة أخرى ... أحدهم يراقبنا ؟؟؟ ... رفعت رأسي ... وددت لو أمتلك تقنية تخفيني ... حاولت التصنّع بأني لست موجودا لكن قضي الأمر ...
حنان ترفع كأسها نحوي مبتسمة ... قابلتها بإبتسامة الميت عند غسله... قبل أن أفكّر كيف أتصرّف ... خطوات الموت تتقدّم نحوي ... دلال تراقب رعبي بدهشة ...
دون مقدمات هجمت حنان علينا ... ملابسها العارية تدلّ أنها في عشاء عمل من أعمالها ... وحظي التعيس قادني لمكان وجودها ...
قبلتان وضعتهما على خذي كجمرتي نار ... نظرة ثاقبة لدلال ... تفحصتها بعين عاهرة خبيرة ... قبل أن تفتح صنبور مجونها علينا
- وأنا بقول هو ناسينا ليه ؟؟؟ طبعا إلي يلاقي مزة زي دي حيفتكر مين والا مين ؟؟
كنت كمن وقع بين المطرقة والسندان ... إن عرّفت دلال على أنها إبنتي ... فتلك مصيبة ... فدلال إحتست نصف قارورة من الخمر وملأت مطفأة سجائر ... و إن صمت تواصل قصف حنان لي أمام إبنتي ..
خلت أن دلال ستنقذ الموقف ... وقفت تمد يدها لحنان مرحبة ...
  • دلال صاحبتو (أضلمت الدنيا في عيني)
  • دلال ودليل ... الواضح إنو الإنسجام ما بينكم موثق في دفاتر الولادة ... أنا كنت عارفة إنه سبب إختفاؤه وراه حاجة بس ما كنتش متوقعة إنها حلوة للدرجة دي
  • لا أبدا داه بس من ذوقك يا ... ؟؟
  • (ضربتني حنان على كتفي) كده بردو ؟؟ دي الأصول مش كنت إنت تعرفنا ببعض ؟؟ أنا حنان صاحبة دليل من أيام المدرسة ؟؟ تقدري تقولي مخزن أسراره لو عاوزة تعرفي حاجة تحت أمرك ( وغمزتها وضحكت)
تقدمت منا النادلة تسأل إن كنا نريد إضافة كرسي للطاولة ... جف ريقي منتظرا جواب حنان التي إعتذرت ... قبل مغادرتها وضعت آخر جرعات عهرها على طاولتنا ...
- أنا أعرف إنك بتحب البنات الصغيرين ... بس معاك حق ... دي فرس ... (ثم توجهت بالكلام لدلال وهي تشير لطاولة الطعام) أيوة كده قشطيه خليه عالحديدة ... بس خدي بالك منو داه عنتيل في النيك ...
أخذت جنبيري مشوي من على طاولتنا وإنصرفت ... كنت أريد أن أغرس إحدى السكاكين في ظهرها وهي تبتعد عن طاولتنا لتعود لمجلسها ... إحمرار وجهي خجلا وحنقا ينير المكان ... كلمة بذيئة تلقيها على مسمع إبنتي وتنصرف .... عينا دلال التي سينفجر وجهها من الضحك تراقبان تصرّفاتي ...
بلعت كأس الخمر الأبيض دفعة واحدة عله يغطي مرارة شعوري ... دلال لا تزال تركز نظرها عليا ... خجلي دفعني للبحث عن شيء على الطاولة ...
صوت الموسيقى الهادئة لم يعد يصلني ... طنين متواصل في أذني ... قطعت دلال صمتي بطلبها التوجه للحمام ... كنت أراقب خطواتها المترنحة من أثر السكر ... حين جذبتني إنارة هاتفي ...
رسالة من رقم ألفة الثاني " ما جتش ليه ؟؟؟ الواضح إنك مش عاوز . أك على راحتك "
أين سآتي ... وماهو الذي لا أريده ؟؟ ... إعتقدت أنها أخطأت أو تناور ... تذكّرت رسالة النهار التي لم أجدها ... ضاقت الدنيا أكثر على صدري .... الأمر واضح ... دلال قرأت الرسالة ...
ألفة طلبت مني زيارتها ليلا لأن زوجها في رحلة الصيد بالمركب ... أي صورة تراني بها إبنتي الآن ... علاقة مع سيدة متزوجة ... صديقتي الأنتيم هي معلمة في ميدان العهر ... إضافة لتحرشي بصديقتها وعلاقتي بأختها ....
كنت أطعن صورة الأب الطائش التي رسمت أمامي في الهواء ... لمذا مسحت دلال الرسالة ؟؟؟؟ ألف سؤال قطعها تقدم حنان مني تلحقها دلال قادمتين من الحمام .... لم ألاحظ أن حنان لحقت إبنتي ...
حنان تنحني نحوي ... تهمس في أذني ...
" أنا وضبتلك الدنيا مع البنت ... الباقي عليك "
ثم تركتنا و عادت لمجلسها ...
الطنين تحوّل لصواعق تهز سمعي ... عينا دلال تبتسم نصرا بما حققته من معلومات عن والدها بعد هذه الصدف الغريبة ...
مرارة فقدان فرصتي مع ألفة زوجة قيس تختلط بمرارة الصورة التي رسمتها الأحداث ظلما في خيال إبنتي ... إضافة لمرارة كؤوس الخمر التي رحت أصبها تباعا في جوفي ...
إنتصف اليل ... كنت أنوي إصطحاب دلال لملهى ليلي لكن الأحداث غيّرت خطتي ... كنت أريد الهرب فقط ... محاولا التماسك من أثر السكر ... تركيزي على الوصول للبيت سالما و إبنتي ...
طريق العودة كان مختلفا عن الذهاب ... دلال تحيط بطني بذراعيها وتلقي برأسها فوق كتفي من الخلف ... حرارة أنفاسها التي تفوح منها الخمر تحرق رقبتي ...
حرقة التبوّل دفعتني للتوقف في محطة بنزين ... عدت من الحمام لأجد دلال قد أخذت مكاني تريد قيادة الدراجة في ما تبقى من كيلومترات قليلة للبيت ... لم أجد بدا من قبول طلبها ...
ممسكا إياها من وسطها ... مسندا ظهرها لبطني ... مؤخرتها تحتك بقضيبي ... اللحم لا يمكنه معرفة من يحتك به ... الفضيحة التي سببها الأكل والخمر والكبت ... إنتصاب قضيبي الذي إنغرس بين فلقتي مؤخرتها دون حرج ....
سرعة الدراجة الخفيفة زادت في عذابي الممتع ... بعض المطبات كانت سببا في مزيد فضحي ... حركة خاطئة من سائقة مبتدئة تسببت في عطل على مستوى سلسلة حركة محرّك الدراجة ...
إصلاحها لم يكن صعبا لكن يدي تلطخت بالشحم والزيوت ... مسافة قصيرة ووصلنا البيت ... الباب الخارجي مغلق ... المفاتيح في جيبي ... يدايا ملطختان ...
آثار الشحم لا يمكن إزالتها ... سيفسد بنطالي الفخم الجديد ... دلال تتقدم مني ... أصابع ثابتة تنحشر في جيبي ... أناملها تحيط بقضيبي النصف منتصب تبعده من طريقها بحثا عن المفاتيح ...
رعشة تهز كياني لملمسها .... ربما أثر الخمر في رأسها دفعها للكلام
" كان معاها حق صاحبتك ... "

الجزء الثامن




... يدايا مرفوعتان للأعلى في وضع إستسلام ... رجلاي ملتصقتان ببعض لتسهيل دخول يدها في جيبي ... طال بحثها عن المفاتيح ... وطال عذابي ...
دون شعور ... لا أدري لماذا إلتفت للخلف ... أضع يدي خلف ظهري ... وأفتح رجلاي ... نوبة هستيرية من الضحك تنطلق من حلق دلال ...
" يمكنك إلتزام الصمت ... أي كلمة ستنطقها ستستعمل ضدك في التحقيق " ... الجملة الكلاسيكية في الأفلام الغربية ... عدت للواقع وبركت على ركبي من الضحك على وقعها ...
دلال تحرّك المفاتيح في يديها ... آخر مرّة حشر أحدهم يده في جيبي كان ساعة إلقاء القبض عليا ...
صرير الباب سحب نظري لدلال التي تترنح أمامي .. مؤخرتها تهتز وهي تقفز درجات السلّم ... توليت أمر الدراجة ولحقتها ...
كانت تخرج من الحمام والساعة تشير للثالثة صباحا ... تقابلت عينانا رغم محاولتي الهروب وإنفجر كلانا من الضحك ...
نمت وإبتسامة ذكريات تلك الليلة العجيبة ترتسم على وجنتي ... وصحوت على رائحة إفطار شهي ... الساعة تقارب منتصف النهار ... صوت دلال تدندن أغنية من المطبخ يمتزج بصوت فطائر ترقص في الزيت ...
إلتفت خلفها بعد كحة غير مقصودة ... صبحت عليا وطلبت مني الإستحمام ... الماء البارد لم يزل عني الصداع ...
حرقة معدتي من أثر الجوع والكحول عالجتها بنصف قارورة من المشروبات الغازية ... إستغربت دلال ذلك ... فسّرت لها أنه يطرد مفعول الثمالة ...
قالت أنها لا تشعر بشيء ... تناولنا طيبات ما حضرت لنا ... قبل الإنتهاء من طعامي عالجتني بقدح قهوة فوّاحة ...
  • تعرفي إنك ست بيت ممتازة ؟؟؟
  • أنا وعدتك لو إنت مش بتفكّر تتزوج أنا مش حأخليك محتاج حاجة
  • (تقطّب جبيني من تضارب لكنتها الماجنة وإبتسامتها البريئة) بس داه حيأثّر على دراستك ؟؟ (أردت تغيير الموضوع)
  • لا أبدا ... هي أصلا مش دراسة ... داه تكوين مهني ... موهبة وشوية أصول نتعلمها ...
  • (أردت الهروب من إصرارها) لكن كمان داه يأثّر
  • ماهو إنت حتساعدني ؟؟؟
  • أنا ؟؟؟ حأساعدك في إيه ؟؟؟
  • سيبك إنت دلوقتي ... حأقلّك بعدين ... مين الست المجنونة إلي قابلناها بالليل ؟؟؟
  • (جف حلقي لما أسمعه ... وتاهت الكلمات) سيبك إنت دي مجنونة ...
  • بس الظاهر إنكم معرفة قديمة ؟؟
  • تقدري تقولي كده .. كنا زمايل دراسة
  • بس
  • آه بس ؟؟ (رسمت نظرة العبوس علها ترحمني)
  • أصلها بتكلمني عنك كإنها تعرف عنك كل حاجة
  • (رغم محاولتها كبتها لكن إبتسامة خفيفة إنفلتت على خديها) دي مجنونة من زمان .. سيبك منها
  • لا أبدا أصلها قالتلي كلام عنك بالحمام يغيض ...
  • (توقف دق قلبي) قالتلك إيه ؟؟
حملت الأطباق وأسرعت للمطبخ دون إجابة ... إختفى جسدها داخل المطبخ لتطل برأسها مبتسمة ... " ما أقدرش أقول أتكسف " ... وقطع صمتنا هدير مياه حنفية حوض المطبخ ...
كل شيء في كياني إضطرب ... هممت بالخروج لكن هيئتي منعتني ... دخلت غرفتي أغير ملابسي وعند مغادرتي سمعت صوت مياه الدش تنهمر ... لا أدري لماذا ... رفعت صوتي قائلا " أنا خارج " ...
قبل وصولي باب البيت سحبني صوت دلال قائلا ... ما تتأخرش ... إلتفت لأرى رأسها يطل من باب الحمام ... قطرات ماء تنهمر من شعرها على وجهها البريئ وجلد رقبتها اللين ...
أفزعني المنظر فهربت قبل أن تلحقني جملة آمرة " وما تتشاقاش ..."
نزلت الدرج مسرعا ... طوال الطريق للمقهى ألعن جدود حنان على اليوم الذي عرفتها فيه ... هي تحدثت مع دلال كونها عشيقتي أو مشروع لذلك ... ماذا عساها أخبرتها ...
حركة عصبية أذيب بها سكر القهوة السوداء التي وضعها النادل أمامي ... يدي تمسك الهاتف آملا في أن تخرس تلك السيدة التي تخبرني أن هاتف حنان مغلق ... محاولات عديدة ... نفس الإجابة ...
إستسلمت ... بدأت أفكّر هل أسأل دلال ثانية ... لكن هذا محرج ... فحنان عاهرة في تصرفاتها قبل أن تمتهن ذلك بسنين ... تذكرت حديثنا ذات يوم ... هي نصحتني بإقامة علاقة مع مراهقة ثم الإنسحاب ...
طعم المرارة يزداد في حلقي ... جالسني أحد الشيوخ من قريتنا يترجاني أن أوظف حفيده في مركبي ... وافقت إكراما لصداقته بجدي وتفاديا لصورة عزاء آخر كعزاء نبيل ... حديثه عن الماضي سحبني ...
تهت معه في الذكريات ... مر الوقت ولم أشعر به ... صوت من هاتفي يعلمني بوصول رسالة ... تخيلت أنها شركة الإتصالات تعلمني أن حنان فتحت هاتفها ... كانت دلال تسألني ماذا أريد أن آكل ...
أجبتها أن أي شيء من يديها لذيذ ... ردت عليا بثلاث قلوب حمراء ... إبتسامة علت محايي ... أعجبتني فراسة الشيخ ... فهم أني أكتب لأنثى ...
تحوّل كلامه للجنس ... الشيوخ تعرف كيف توصل المعلومة دون بذاءة ... ضحكت من تنهيدته وهو يتحسّر على شبابه ... قال أنه ولد في غير عصره ...
أشار بيده لفتاتين تعودان من المعهد ... ثم آشار لمجموعة من الشباب يتقاسمون قهوة ويلعبون بهواتفهم ... تحسّر وهو يقول أن مثل هذه الفرص لم تتوفر لهم في صغرهم ...
حديث ممتع مع الشيخ حول مغامراته في الشباب ... قصصه جميلة ... سرقت كلماته الوقت من أمامي ... ودعته بعد إتصال من دلال تعلمني أن الأكل جاهز ...
طوال الطريق أتخيّل نفسي وقد صرت في سنه ... ترى هل سأمتلك نصف خبرته في الحياة ... حتى لو أردت الكذب فلا مغامرات لي ... ترى هل ستسرق مني سنين العمر الباقية وتبقى الحسرة ...
طاولة منمقة بعناية ... العين تأكل أكثر من المعدة ... كنت أتحاشى النظر في عيني دلال كطفل يوقن أن والده يدرك فعلته لكن والده يتعمّد تعذيبه قبل عقابه ...
قالت دلال بدعابة تكسر بها صمتي ... " هو الأكل شكله حلو بس ناقصو زجاجة خمرة " ... جاريتها في الضحك ... الحقيقة لم أفهم قصدها ...
الظلام بدأ يعم على المكان ... دلال إستماتت في إصرارها أن لا أساعدها في تنظيف الأطباق ...
وضعت كأس شاي أمامي وجلست تحدّق بي ... نظراتها كالرصاص تخترق وجداني ... تمنيت أن أفهم ما يدور في عقلها ... تصنعت التركيز مع نشرة الأخبار ... قطعت ضياعي بقولها ...
  • طيب إنت مش قلت إنك حتساعدني في شغلي ؟؟
  • أنا ؟؟؟ حأساعدك في إيه ؟؟ لا بأفهم لا في خياطة ولا تفصيل ؟؟؟
  • لا مش كده ... أصل عندنا مشروع حرّ ... وكنت بأفكّر إنك تساعدني كموديل ..
  • (إندفع الشاي من أنفي من أثر الضحك ) أنا موديل ؟؟؟ (وغرقت ثانية في الضحك)
سحبتني من يدي نحو المخزن الذي حوّلته لمشغل لها ... كانت تتمتم وتقول " هما يعني أحسن منك في إيه " ... يدها الطرية تقبض على معصمي بقوة تجرني حتى أنها منعتني من غلق الباب الكبير للحديقة ...
دخلت ورائها ... الإضاءة جميلة ... إنعكاس صورنا في المرآة الكبيرة على الحائط المقابل تعكس توتري ... دلال تتصرّف بطبيعية ...
طلبت مني الجلوس على الكرسي المقابل لها بينما وقفت تعرض عليا رسوما لبدلات رجالية ... صراحة أنا لا أفهم شيئا في هذا الميدان ...
بدأت تعرض الصور تباعا ... كنت أحاول مجارات الحوار معها تشجيعا لها وهروبا من الأفكار التي بدأت تزعجني ... كانت تمسك رسما لبدلة رجالية تبدو رسمية ... عندما سألتني
  • إيه رأيك ؟؟؟
  • يعني هي حلوة ؟؟؟
  • يعني تنفع أختارها وأشارك بيها في مسابقة ؟؟؟
  • مسابقة ؟؟؟
  • أيوة ؟؟ مش قلتلك إنك حتساعدني ؟؟
  • أساعدك بس فهميني ؟؟؟
  • طيب في مسابقة عاملها المعهد عشان التصماميم الجديدة ... وأنا إخترت التصميم داه وعوزاك إنت تكون الموديل إلي يعرضه ؟؟
  • أنا ؟؟؟ إنت مجنونة ؟؟؟
  • أيوة إنت ؟؟؟ هما أحسن منك في إيه ؟؟؟
  • يا بت أنا صحيح لخمة في المواضيع دي ؟؟؟ بس أعرف إنو المودل بيكونوا شباب صغيرين ؟؟؟
  • أنا مش قلتلك إنت عم الشباب ؟؟؟
وسحبتني مني يدي لأقف مقابل المرآة ... كانت تتحسس عضلات ذراعي بحنو ... " أصلا أكثر من نصف الشباب مالهمش لياقتك دي ... حاولت كبت إبتسامة فرضها الغرور الغريزي فيا لكني فشلت ...
بدأت تمرر أصابعها على صدري ... تيار كهربائي عالي يهز صدري ويصيبني بالحرقة في حلقي ... أناملها تنسلّ لتداعب بطني ... شدة التيار تزداد وأنا أقف أمامها كالصنم بلا حراك ...
  • تعرف لولا الكورة الصغيرة دي ... حتكون من أحسن المودلات ...
  • شوف البنت لسة بتتعلّم وبقت بتفتي في تصنيف المودل ؟؟
  • نعم ... نعم يا سيدي ؟؟ جايز أكون مبتدئة في التفصيل بس بفهم كويس في الرجالة ولبس الرجالة
  • نعم ؟؟؟ (نبرة حاولت مزجها بالصرامة )
  • أه ؟؟ إنت فاكر البنات إلي في الشارع بتعمل إيه ؟؟ ماهو زي الرجالة ما يراقبو البنات البنات بيراقبو الرجالة وممكن ألعن ...
  • يا سلام ؟؟؟
  • أه زي ما بقلّك كده ؟؟؟ قلت إيه حتساعدني ؟؟؟
  • يا بنتي سيبك مني دا أنا عجّزت ...
  • عجزّت داه إيه ؟؟
وهجمت عليّا تحاول نزع قميصي بالقوة ... حاولت مقاومتها لكني يدي إصدمت بصدرها وأنا أحاول دفعها ... لم ترد الفعل ولم تنسحب فقررت الإستسلام لها ...
خلعت عني قميصي ... ولفّت بي تجاه المرآة ثانية ... كنت أراقب إنعكاس يديها اللتان تصيبان جلدي بالقشعريرة مع كل لمسة ... عينان سمراوان تلمعان من خلف كتفي ... يدها تنسلّ مداعبة تكوّر بطني ...
صحراء العاطفة وجفاف عروق الجنس في جسدي ... تقبّلت قطرات الندى التي تروي مسام جلدي بمشروع إنتصاب بدأ يتكوّر أسفل بطني ...
لم أصدّق نفسي وأنا أتابع إنعكاس نظراتها تراقب بفرح آثار ما فعلته لمستها ... حرجي يزداد ... حرارة أنفاسها وهي تهمس في أذني ... " هاه قلت إيه موافق "
لم أجد بدا للتخلّص من هذا الموقف سوى هز رأسي بالموافقة ... أمنيتي بالخلاص من بين يديها تبددت وهي تلتف لتحضنني بقوة ... ظهري العاري صار ملعبا لأصابعها الحرة تجول فيه بعنف ... صلابة ثدييها الفتيين تدق مسامير في قلبي وهي تتعلق بي بعنف ...
لم أعلم هل أحست بإنتصابي يلامس قماش أعلى بنطالها أم أنّها إنسحبت تلقائيا ... لم أستردّ أنفاسي بعد ... كل شيء فيا يضطرب إلا قضيبي يزداد صلابة ...
دلال تعود من طاولة أشغالها تمسك ورقة عليها رسم ... وقلم وشريط مرقّم للقياس ... رحلة عذاب ممتع تنطلق من جديد ... يدها تلف الشريط على رقبتي ... جلدي يحترق بين أناملها ... أصابعها تتجوّل في كل نصفي العلوي بحرية ... من الرقبة للكتفين ...
فتيل نار يشتعل إنطلاقا من بصلتي الشوكية نزولا حتى أسفل ظهري يلهب عمودي الفقري على وقع ملمس أصابعها لظهري ...
الدرجة الثانية من العذاب وهي تلف الرباط بوسطي ... كانت تقف خلفي ... حركة غير حذرة منها وهي تمد يديها لتأخذ مقاييس وسطي ... يدها تلامس قضيبي الذي لم يستجب لمناشدتي إياه بالهدوء ...
حركة لا إرادية مني بالإرتداد للخلف قابلتها بتثبيت حركتي بمسكي من وسطي ... نار همستها في أذني " كده المقاييس تطلع غلط ... إنت ما رحتش تارزي قبل كده " ...
كطفل صغير حرّكت رأسي بالنفي ... رأيت إبتسامتها تنعكس في المرآة ... حركة مفاجئة منها ... بركت أمامي على ركبتيها ... تقيس دائرة كعب قدمي ... طول رجلي من الوسط حتى الأطراف ...
كانت تضع ورقة القياس على الأرض ... سجدت لتكتب المقاييس ... خرجت عيني من مقلتيها لتنغرس في منظر الفتلة السوداء التي تلمع وسط جلدها الأبيض ...
إنحسار البنطلون لصنتمترين إثنين منحني فرصة إكتشاف بياض جلدها في تلك المنطقة ... نظرة مفاجأة منها كشفت أمري ... حاولت تدارك الموقف بالنظر للأمام لكني سقطت في فخ إنعكاس مؤخرتها في المرآة ...
لم تردّ الفعل ... يدها اليمنى تمسك طرف شريط القياس في مستوى قدمي اليمنى ... بينما يمناها تصعد ساحبة الشريط للأعلى ... روحي تصعد مع صعود حركتها ... أناملها تقترب واثقة من بين فخذي ...
لمسة سريعة منها لكيس بيضاتي الذي سينفجر مع إنتفاخه قلبي خجلا ... يدها تدوّن أرقاما على الرّسم ...
تجلس على ركبتيها أسفل بطني ... خلت أن الأمر إنتهى ... عينها تنغرس صعودا من الأسفل مباشرة في عيني ... لا أعلم من منا ثبّت الآخر وكم دامت تلك النظرة ... يدها تنحشر بين فخذي فجأة تمسك طرف شريط قياسها ...
حركة لم أستطع منع نفسي من التراجع للخلف بعدها ... نظرة صارمة منها ... خدودها إكتسبت حمرة نسبتها للخجل ... قالت ... " لازم تثبت عشان المقاييس تطلع صح "
إستسلمت لطلبها ... حاولت بكل جهدي أن أتجاهل يدها التي تلامس إنتصاب قضيبي ... رعشة أصابعها تدّل أنها أدركت الأمر ... هكذا فهمت ...
كنت أغرس عيني في الأرض وهي تقوم لتعيد أدواتها لطاولتها ... قمت بحمل قميصي كصبية وقع إغتصابها تداري عريها ...
جلست دلال على كرسيها تحاول غرس عينيها في ما تكتبه ... أردت الإنسحاب ... سألتها إن كنا أتممنا ... رفعت رأسها مبتسمة ... " دي بس البداية ... لسة الشغل كثير "
لا أعلم لماذا سعدت لجوابها ولماذا أسعدتني إبتسامتها ... قالت أن عليها السهر على بداية مشروعها ... إنسحبت للأعلى ... كنت أسمع حرف الشين يغلي مع كل قطرة من الماء البارد تسقط على وجهي وأنا أغسله ...
ماذا حدث لي ؟؟؟ لم أفهم ولم أستطع أن أستوعب ؟؟؟ الفراغ يحيط بي من كل ناحية ... نعم لقد إنتصب قضيبي لمجرّد لمس إبنتي لجلدي ؟؟؟ حالتي خطيرة ؟؟؟
لم أجد أي تفسير ؟؟؟ كل أعذاري تكسّرت أمام مرارة الحقيقة التي عشتها ؟؟ أب تثيره لمسات بريئة من إبنته ؟؟؟
حاولت الهرب إلى أي مكان فلم أجد ... أكثر من ساعة أحبس نفسي بغرفتي ... إحساسي بالإختناق يزداد ... خرجت للصالون ... ظلمة المكان تريحني ... جلست على الكنبة في الصالون ... أنفث خجلي مع كل نفس دخان ... ضوء باب المشغل يرتسم على عشب الحديقة ...
كفراشة ليل تائهة سحبني ذلك الضوء ... دخلت المشغل متعثّر الخطى ... دلال منكبّة على عملها ... ظل رأسها على الطاولة يدلّ على إنشغالها ... لم تشعر بدخولي ...
دقيقة أو أكثر حتى سحبتها رائحة السيجارة في يدي فرفعت رأسها ... إبتسامة تأسر وجداني ...
  • خير يا بابا ؟؟ عاوز حاجة ؟؟؟
  • لا أبدا بأطمن عليكي ؟؟؟
  • بتطمّن عليا وإلا مش واثق في إمكانياتي ؟؟
  • لا أبدا أنا واثق إنك حتنجحي وحتبقي من أشهر المصممات ... وأنا معاكي في كل إلي تحتاجيه ؟؟؟
  • (رفعت رأسها ترسل لي قبلة في الهواء كإمتنان منها) عارفة ومتأكدة من داه ... إنت أب مافيش زيّك
كلماتها أشعرتني بالإرتباك ... قالت أنها ستأخذ راحة ... أصررت أن أحضر لها شيئا تشربه ... أردت أن ألعب دور الأب الحنون علّه يهزم شعوري الذي لا يوصف ...
صعدت للمطبخ ... أنمّق بعض الحلويات في طبق ... وأضع كأسين وقاروة عصير ... كلمة " أب ما فيش زيّك " لا تزال ترن في أذني ... إبتسامة ساخرة أحسستها في صدري ... أب تثير غريزته لمسات بسيطة من إبنته ... هل يوجد منه ؟؟؟
أبدا لا يوجد ... أو ربما يوجد لكني لا أعلم ... عدت أحمل ما أحضرت ... دلال سحبت كرسيا وجلست تقابلني ... وضعته بالمقلوب ... فتحت رجليها وأسندت ذراعيها على ظهر الكرسي ...
ترشّفت من العصير وأشعلت سيجارة ... كانت تحدثني عن أحلامها ورغبتها في إنشاء ماركة ملابس تخصّها ... كنت أشجعها وأعدها أني سأحقق أحلامها كلها شرط إجتهادها ...
حوارنا الأخير أعاد الهدوء لنفسي ... سهرت أراقبها تعمل حتى قرب الفجر ... قالت أن وجودي يبعث الإلهام في نفسها والرغبة في العمل ...
كثر تثائبنا ... فإنسحبنا للنوم ... شكرت معروفها معي بأن طلبت مني مسامرتها وهي تعمل ... أنهكني السهر فرحت في غيبوبة ... آخر آمالي بعد هذه الليلة هو النوم لكنه جاء بسهولة ... الكوابيس كانت تقض مضجعي لشعور أقل حدة مما أحسسته الليلة ... لكنها إنسحبت ونمت كنوم الرضيع ...
اليومان التاليان كانا متشابهين ... ننهض من النوم قبل العصر ... نفطر ثم أترك دلال تقوم بأعمال البيت ... أزور المقهى أو أشغل نفسي حتى تكلّمني لأعود للبيت ... نأكل ثم نلتحق بالمشغل حتى الفجر ...
أصلا صرت أعمل لها كمساعد ... أمسك لها الأوراق الكبيرة التي تستعملها لطباعة ما ترسم من نماذج ... أمدها بالقلم أو الممحاة ... مقص أو مسطرة ... مشغلها مجهز بكل ما هو حديث لتسهيل عملها ...
صرت أدمن بقائي معها ... نسيت العالم بأسره ... ثم تخلّيت حتى عن الخروج للمقهى ... كنت لا أفارقها إلا وقت النوم ... الغريب والممتع والمخجل أني صرت أتمتع بإنتصابي لمجرّد لمسة منها ...
كنت أنتظر الساعات لألمح مفرق صدرها وقت إنحنائها لرسم شيء ... الغرابة والخجل بدأت تتلاشى مع كل ضحكة تخفيها وهي تضبطني أختلس النظر إليها ...
خمسة ليالي عشتها أختلس النظر لإبنتي ... وخمسة أيام نمت فيها نوم السنين ... بدأ ذلك الشعور بالمرارة يغيب وسط المتعة البسيطة ...
في اليوم السادس أيقضني صوت دلال مبكرا نسبيا عن عادتها ... قالت أننا سنذهب للمدينة لشراء القماش ومستلزمات التفصيل ...
الدراجة تلوي الطريق تحت عجلتيها ... خوفا من السرعة إلتصقت بي دلال من الخلف ... حلمتاها الصلبتان تدغدغان ظهري ... يدها تحيطان ببطني لتتشابك أصابعها ببعض منتصف فوق حزامي ...
لا أعلم أحقيقة أم أن أتخيّل أن أصابعها تلامس إنتصابي مع كل إهتزاز للدرّاجة ... دخلنا محل كبيرا مختصا في بيع الأقمشة ...
الإذن واضح لدلال ... خذي ما تريدين وأنا أدفع ... تركتها تختار براحتها ... صعدت للطابق الثاني ... مخصص لملابس النساء ... إشتريت فستانا لدليلة بنت أخي ... وهدية لدلال ...
قبلت إبنتي زيارة بيت جدتها على مضض ... الجو هناك صار يخنقني لكني أردت التأكد من شيء ... دليلة تطير فرحا بهديتها ثم تختفي لتجرّبها ... لم أهتم لعبارات الشكر المبالغ من شيراز ...
كنت أركّز نظري على ردة فعل دلال ... يصعب تفسير حركاتها لكن الأمر لم يعجبها ... مرّ الوقت ثقيلا حتى عادت دلال ... فستان أزرق من قطعة واحدة ... يبدأ من أعلى صدرها حتى وسط فخذيها ...
دخلت تتمشى كعارضة أزياء ... الكل عارض عري الفستان ... إلا أنا شجعتها ودلال كبتت حنقها ... دليلة كعادتها تجلس على فخذي وتحيط عمها الحنون بذراعين رقيقتين ... طلبت من شيراز إعداد فنجان قهوة لي ...
لم يبقى في الصالون غيري وغير البنتين ... دليلة التي إنكشف كل فخذيها أمامي لا تزال تحيطني بذراعيها وتمطرني قبلا ... نظرات دلال تحوّلت لصواعق وأنا أضع يدي بين فخذي دليلة قرب الركبتين ...
دليلة التي همست لي في أذني أنها لا تملك مصروفا ... رفعتها من وسطها لأعدل جلستها حتى أسحب مبلغا من المال من جيبي ... دلال تراقب حركاتي وقد تحوّلت نظراتها لصواعق ...
أوراق نقدية عديدة أمسكت بها دلال التي طبعت قبلة حارة على جبيني قبل أن تهرب لإخفائها تزامنا مع عودة أمها... كنت أرى أصابع دلال ترتعش بعنف وهي تمسك فنجان قهوتها ...
حديث قصير مع شيراز عن صحة أمي قطعته دليلة بعودتها .... سعادتها بما غنمت مني دفعتها للعودة للجلوس في حجري ... لكن دلال سحبتها من يدها لتجلس بجانبها ثم بدأت تناقشها عن الدراسة وغيرها ...
لا يمكنني تفسير نظرتها وهي تخطف دليلة قبل وصولها لركبتي سوى بنظرة المنتصر ... دقائق ثم طلبت إبنتي الإنصراف لكثرة الأشغال التي تنتظرها ...
دليلة التي أصرّت على مرافقتنا حتى الأسفل ... طلبت مني التدخّل عند والدها للسماح لها بالذهاب في رحلة ... قالت أنها ملّت البقاء في البيت ...
إستماتة دلال في رفض طلبها و كذلك مقترحي بزيارتنا لعدة أيام بالقرية ... أكدا لي شكوكي ... إبنتي تغير عليا من إبنة عمها ...
طريق العودة كان صامتا ... حتى مفترق الطرق لقريتنا ... طلبت مني نصيبها في قيادة الدراجة ... رفضت متعللا بعدم معرفتها بنظام تغيير السرعات مما قد يسبب عطلا كالمرة السابقة ...
طلبت أن تسوق هي بينما أنا أغيّر السرعات ... أعلمتها أن ذلك صعب وعليها الجلوس على حجري ... إجابتها لم أتوقعها " مش أنا أولى مالغريب ... الحجر حجر أبونا والغرب يطردونا "
ضحكها لم يغطي على صدمتي ... وصدمتي لم تمنع قضيبي من الإنغراس بين فقلقتي مؤخرتها الطرية ... لولا بنطلون الجنس الذي تلبسه لتغيّر الأمر ... طريق تمنيت أن يطول أو أن تنتهي معه الدنيا ...
دخلنا البيت ... الساعة الخامسة مساءا ... دليلة تحاول التظاهر بإنشغالها في المطبخ لكنها تتعمد أن أشعر بغضبها مني ... دخلت المطبخ ورائها ...
  • إنت زعلانة مني ؟؟؟
  • (ترددت في الإجابة) وحأزعل ليه ؟؟ إنت حر ؟؟
  • حر في إيه وحصل إيه ؟؟
  • عشان إحنا إتفقنا ؟؟ وإنت نسيت ؟؟
  • إتفقنا على إيه ؟؟
  • شفت أديك نسيت ؟؟ مش قلتلك من غير بوس وأحضان ؟؟
  • ههه يخرب بيتك ؟؟ دي بنت عمّك
  • ولو (وأشاحت بوجهها عني)
  • إنت غيرانة عشان الفستان ؟؟
  • لا أبدا عشان الحجات الثانية ؟؟؟
لم أرد أن أستفزها أكثر ... سحبت علبة هديتها ... وقدمتها لها ... فتحتها ... وأسرعت لغرفتها لتجرّبها ... جلست في الصالون أنتظرها ... لا أستطيع إحتساب الوقت فهو لم يعد يهمني ...
صوت كعب حذائها الأبيض سحبني نحو باب غرفتها .. حذاء أبيض بنصف كعب عالي مزين بسلسلة مذهبة من الأمام ... جلد ساقيها الأسمر ينعكس تحت الجوارب الشفافة ... كانت تستند على الحائط تثني ركبة وتفرد الأخرى ... فخذاها المكتنزان يتلامسان في الوسط ... حيث يبدأ قماش الفستان الأسود ...
حزام من الجلد الأبيض يرفع صدرها النافر للأعلى ... قماش الفستان ينتهي أعلى ثديين يبرز منه آخر منبتهما ... يلامسهما عقد طويل من الأصداف البيضاء المنمقة ... يختفي تحت شعرها الأسود الذي يغطي نصف وجهها ...
ذراعاها المكتنزتان يتزين معصمهما بساعة بيضاء في اليسرى وأساور تتناسق مع العقد في اليمنى ....
صفير إعجاب طويل يخرج من شفتي ... صفيري جذبها نحوي ... جلست على فخذي ... إنحسر الفستان أكثر ... أحاطت رقبتي بيديها ... كنت سأسألها عن رأيها في ذوقي لكني صعقت ...
كانت تقلد دليلة في كل حركة ...أمطرتني بالقبل .... سحبت يدي ووضعتها فوق فخذها ... ثم همست في أذني " ناقص حاجة ونبقى متعادلين " ... تذكّرت ماحصل ببيتنا ... رفعتها من وسطها وسحبت مبلغا هاما من جيبي ...
عادت لتجلس على فخذي ... تعدّ الأوراق المالية لتتأكد من المبلغ ... نظرت في عيني مباشرة ... و" قالت كده نبقى متعادلين ... أقوم أعمل الأكل " ...
شعور غريب يسيطر علي ... شعور أوقف كل الأحاسيس ... حاولت تفسير تصرّفاتها ... لكن قرّرت أن أؤجّل ذلك ... أربعة أيّام أخرى على نفس الوتيرة ... غائب عن العالم ... عالمي صار بقرب دلال ...
كانت ترسم على القماش وتقصّ ... وكنت أتفانى في أن أكون مساعدا لها ... أعدّ لها القهوة ... أساعدها في عملها ... هي كانت سعيدة وأنا كذلك ...
في اليوم الخامس ... إستيقضت على رائحة طعام لذيذ ... دلال في المطبخ تعد الأكل ... صوتها يدندن أغنية ... يبدو أنها سعيدة ...
روحها تأثّر في الجو ... سعادتها تجعل الكل سعيدا ... طلبت مني وأنا أخرج بعد الأكل أن لا أتأخّر ...
دون شعور توجهت للميناء ... جولة تفقدية لمركبي الرابض بالميناء بعد رحلة تبدو موفقة من حجم ظرف النقود ... قيس يروي لي بالتفصيل كل أحداث رحلته ... كنت نسيت أصلا موضوع المركب والبحر والسمك والأعمال و النقود ...
كنت أشعر بحياتي تترتب لوحدها ... حياتي كلّها تتمحور في وجودي بالقرب من دلال ... الشمس تقترب من المغيب ...
ضحكت من كلمة قيس ونحن نمر بالسوق ... قال أنه سيشتري بعض الأشياء تقيه صداعا قد تسببه زوجته ... لم أجد تفسيرا لضحكي لكني أحسست بالراحة أني لم أخنه ...
كلمة قلتها يوما لحنان " أنا رد سجون لكني لست نذلا ... " أنقذتني الصدفة وتدخّل دلال من الإصطفاف في خانة الأنذال ... وما أكثر نذالة من أن تخون من يتفانى في خدمتك ويراعي مصالحك ...
خطوات سريعة نحو البيت مع ستائر الليل الأولى ... نبض قلبي يتسارع كل ما إقتربت ... لم أجد تفسيرا لما أشعر به ... والحق يقال لم أرد تفسيره ...
علاقتي بدلال غيّرت كياني ... ظهورها المفاجئ في حياتي ... عفويتها ... براءتها ... لؤمها ... كل ما فيها صار يشدني لها ...
نور مشغلها يطل من الباب يدعوني للدخول ... كانت تنكب على تعليق بدلة على مجسم لعرض الملابس ... كنت أراقبها وهي تنظر في زهو لأوّل أعمالها ...
دقائق طويلة لم تشعر فيها بوجودي ... ربما غيابي جعلها تأخذ راحتها في اللبس ... شورت أبيض قصير ... يجاهد للإحتواء مؤخرتها المرفوعة فوق فخذاها السمراوان ... وقميص بحملات يكشف نصف ظهرها ...
إنحنت تضبط رجلي بنطال البدلة على المجسّم ... تاهت عيني في منظر مؤخرتها وهي تنحني ... منظر لا يمكن ألا يتجاوب معه قضيبي ... رغم تعمدي حبس أنفاسي إلا أنها إستدارت فجأة ... لتنفزع من وجودي
  • إنت جيت إمتى ؟؟؟ فزعتني (ووضعت يدها على صدرها)
  • لسة واصل ؟؟؟ إتخضيتي (كانت عيني تنغرس في مفرق صدرها الذي برز مع حركة يدها عليه)
  • إيه رأيك ؟؟ (كأنها تحاول ترتيب أفكارها ... أشارت للبدلة )
  • حلوة ... أنا مش بأفهم في البدل كوّيس ... بس باين إنها شيك
  • يعني عمرك ما لبست بدلة ؟؟؟
  • الصراحة ... لا ... لو إستثنينا بدلة السجن ...
  • حتى يوم فرحك ؟؟؟
  • (مرارة شديدة حاولت تغطيتها بالضحك) ... لو تحبي إسألي أمّك ...
  • هههه لا لا بلاش ...
  • بس أوعدك يوم فرحك إنتي حألبس أحلى بدلة ...
  • على كده مش حتلبسها أبدا ....
  • هههه ليه بس ... ؟؟؟
  • أنا مش قلتلك ... مادام إنت مش حتتزوج أنا مش حأتزوج ...
  • بس كده ... بتظلمي نفسك ... و بتظلميني ...
  • أنا خدت قارري ... لو إنت عاوز تتخلّص مني ... تبقى حاجة ثانية ...
  • أنا ؟؟؟ ... أنا أصلا روحي رجعتلي يوم ما لقيتك ... بس كده المعادلة مش مضبوطة ... لازم تعيشي حياتك ؟؟؟
  • على أساس إنت عشت حياتك ؟؟؟
سؤالها أصابني بالغثيان ... جلست على الكرسي أبحث عن إجابة ... راجعت كل دفاتر ذكرياتي ... هل حقا عشت حياتي ؟؟؟
كانت دلال تجلس على كرسي يقابلني ... تضع رجلا على رجل ... فخذاها عاريا كليا بفعل جلوسها ... الشورت الأبيض ضاق بين فخذيها حتى إنحشرت خياطته في الوسط بينهما ...
كنت لم أزل أعاني آثار الإنتصاب الأوّل حتى لحقني هذا ... المفروض أن مرارة الذكريات لا تسمح بمثل هذا الشعور لكني إنتصابي صار على أشدّه ...
كانت عيناها تراقبني ... شعرت بالحرج ... كنت أريد إراحة قضيبي من ألم حشره داخل قماش البنطلون ... لكني خجلت أن أفعل ذلك أمامها ... أشعلت دلال سيجارة ... طال إنتظارها أن أنطق ...
  • ما ردتش يعني ؟؟؟
  • يعني بالنسبة ليا ... حياتي معقدّة ... وداه الماضي وراح لحالو ... بالنسبة لك إنت العمر كلو قدّامك ... لازم تفرحي وتعيشي حياتك ؟؟؟
  • أفرح ... أعيش حياتي ... داه أكيد ... بس ليه حضرتك رابط داه بالزواج ؟؟؟
  • أمال بإيه ؟؟؟ النجاح ... العمل ... الشهرة ... السفر ؟؟؟ في حاجات كثير ممكن تسعدني ...
  • بس لازم تتزوجي ؟؟؟
  • مين قال كده ؟؟؟ مين إلي خلاه لازم
صمتي طال ... الموضوع سينتهي بنا إلى نقاش أطول وسنصل للعلاقات الجنسية ... والرغبة والإنجاب وووو .... أنا أصلا لست مجادلا جيّدا ... خصوصا في موضوع كهذا ... وأناقشه مع إبنتي ... ومع ما أشعر به ... الأمر لن ينجح ...
لم أرد عليها ... يئست من مطاردتها الطويلة لي بعينيها ... فقامت تكمل عملها ... إغتنمت فرصة إلتفاتتها للخلف لأعدّل وضع قضيبي ...
يدي تحاول تحرير قضيبي المتصب تحت القماش ... إلتفاتة مباغتة منها لتسألني شيئا ... موقف لا يمكن لأحد تخيّله ... إبنتي منحنية أمامي وأنا أداعب قضيبي على منظر مؤخرتها ... لا يمكن تفسيره بأي شكل آخر ...
وددت لو إنشقت الأرض وإبتلعتني ... دلال تشيح بنظرها عني بعنف أو بحرج ... تركز نظرها على عملها ... بدأ العرق يتصبب مني ... هممت بالخروج والهرب من عذاب هذا الموقف ... لكنها طلبت مني رأي في البدلة ثانية ....
  • هي باين إنها حلوة ... (كلمات متلعثمة تخرج غصبا من حلقي) بس هي كده كملت
  • تقريبا ... شوية رتوشات وتنتهي ... تعالي جرّب مقاستها عليك ...
لم أستوعب ما تطلبه مني ... تقدمت خطوتين تجاهها ... كنت أنوي أن آخذ البدلة لتجربتها في غرفتي ... جملة بصيغة الأمر لا تقبل النقاش منها ...
" إنت حتلبسها فوق هدومك كده ... إقلع عشان تقيسها "
وقفت مترددا ... إنتصابي سيفضحني ... الموقف يزداد سوءا ... دلال تقترب مني ... تفتح أزرار قميصي بسرعة ... لحظات ووجدت صدري عار أمامها ... غابت كل ردود الفعل عني وهي تفتح حزام بنطالي ...
أصابعها ثابتة وهي تفتح أزراره ... رغم لمسها لقضيبي عدّة مرّات ... إلا أن كلانا لم يرد الفعل ... بركت أمامي تسحب بنطالي للخلف ...
إنتصاب زبي الذي تحرر من قماش البنطلون مرسوم تحت البوكسر بكل تفاصيله ... ثواني طويلة ودلال تنظر إليه مباشرة ... تفتح عينيها وكبتها لضحكة كادت تنفلت منها لم أفهمها ....
كنت أتابع حركاتها وهي تبرك تحت قدمي ... رفعت عينيها لتلتقي بعيني مباشرة ... لا أعلم من أين أتتني القدرة على الصمود ...
طالت نظرتنا ... نظرة صامتة لا معنى فيها ... على غير المتوقّع ... عادت دلال للنظر مباشرة لزبي كأنها تكتشفه ....
حرارة أنفاسها تحرق جلده ... صدري عراي وبنطالي نازل حتى قدمي ... بنتي تبرك أمامي ... لا يفصل وجهها عن زبي سوى ملميترات قليلة وكمية الحرج التي أصابتني ...
صمت رهيب يسيطر على المكان ... دلال تراقب زب والدها المنتصب تحت قماش البوكسر ... ووالده مستسلم لما تفعله هذه البنت به ...
قطعت صمتها ....
" الواضح إني فيه مشكلة ... "
كنت سأردّ ... لولا دخول حنان من باب المشغل ... مشيتها تؤكّد سكرها ... وقفت أمامنا مبتسمة ... تنظر لدلال التي تسمرت مكانها باركة تحت قدمي ...
" لا مشكلة ولا حاجة ... أنا لقيت الباب مفتوح فدخلت ... الظاهر إني جيت في وقت مش مناسب "
حاولت دلال الوقوف ... وحاولت أنا الكلام ... لكنها وضعت يدها على كتف دلال تمنعها بل وتقربها مني ....
" أنا حأستناكم فوق ... كملو على مهلكم ... ما فيش حرج ما بنا "

الجزء التاسع



لم أكن أسمع شيئا سوى نبض قلبي ينخر أذني ... حنان إنسحبت مترنحة من باب المشغل ... دلال تلملم خجلها وبراءتها المبعثرين بفعل هذا الموقف الغريب ...
لا أعلم كم من الوقت مر أن تدب أول حركة في عضلاتي ... تركت دلال مطأطئة رأسها ولحقت بحنان ...
كانت تتأرجح بسكرها فوق حافة السلّم ... أمسكتها من ذراعها بقوة وسحبتها نحو الباب الخارجي ... كانت ثملة لدرجة أنها لم تقاوم ...
جررتها نحو البحر ... غسلت وجهها بعنف بمائه البارد ... ركبي تغوص في رماله وهي تضحك من أثر ما أفعله ...
نطقت بعنف وسخرية ... " إنت إيه ؟؟؟ ناوي تجرّب كل أنواع السكس ؟؟؟ مش كفاية عليك البنت بتاعتك ... ناوي تغتصبني كمان ؟؟؟ "
لم أتمالك نفسي عن صفعها ... أردت منها أن تفيق من عهر سكرها ... لكن صراخها بدأ يمزق هدوء المكان ... لم أعلم سبب عنفي ... لكن حنقي عليها جعلني أدخل في هستيريا ... كانت صفعاتي على خدّيها تزيد من صراخها ...
خفت أن تفضحني بجنونها ... أردت كتم صوتها لكنها قاومت يدي التي لم تهتدي لفمها ... أمسكت رقبتها ... غاب عني الإدراك ... خنقتها بعنف ... كنت أرى عينيها تنفتحان على آخرهما تطلب الرحمة ...
لم أفهم سرّ ما افعله ... كنت أريد خنق كل الإحراج الذي سببته لي مع إبنتي فيها ... بدأت مقاومتها تقلّ ... حتى قاربت على الإستسلام ... إصفرار الموت بدأ يلونها ...
يد قوية تمسك ذراعي ... صوت دلال يصرخ بي : " إنت بتعمل إيه ؟؟؟ سيبها يا مجنون " ... عدت لرشدي على وقع كلماتها ... كنت أجلس على بطن حنان ويداي تحيطان رقبتها ...
كالمفزوع إرتميت أرضا ... ألهث رعبا مما فعلت ... خلتها ماتت لولا سمعتها تسعل بعنف ... سعالها يزداد ودلال تحاول مساعدتها على النهوض ...
آخر ما أذكر أنهما تغادران الشاطئ نحو البيت ... إستلقيت على الرمل ... أغمضت عيني وتهت في حالة لم أعشها قبلا ...
لا نوم ولا يقضة ... ليست غيبوبة وليست وعيا ... ربما هو الموت ... لا شيء يعمل في جسدي سوى رئتي ...
أشعة الشمس الأولى تلفح جلدي ... لقد ضعت حتى الفجر مفترشا الرمل ... تذكرت ما جرى ؟؟؟ هل ماتت حنان ؟؟؟ ماذا فعلت دلال معها ؟؟؟ مالذي فعلته ولماذا ؟؟؟ حاولت الإسراع بخطواتي المثقلة نحو البيت ...
صعدت درجات السلم الحجري قفزا ما إستطعت ... عادت روحي لي مع مشهد رؤية دلال تضع رأس حنان على فخذها وهما نائمتان ...
أردت الإطمئنان أكثر ... إقتربت منهما ... تصاعد صدريهما يدل على أن النفس يدخل إليهما أراحني ... دلال فتحت عينيها ... حركة من يدها تطلب مني الإنصراف ...
أردت اللجوء لغرفتي بصمت لكن صرير الباب زعزع صمت البيت ... حنان تستفيق ...تضع يدها على رأسها ... رأيتها تجيل نظرها في المكان لتكتشف أين باتت ليلتها ...
وضعت يدها على بطنها وأسرعت للحمام ... نظراتها لي تؤكد أنها تستغرب وجودي أو وجودها في بيتي ...
على صوت إفراغ ما في بطنها إقتربت مني دلال ... همست في أذني
" إيه إلي إنت هببتو داه ؟؟ كنت حتودينا في داهية ... هو ليه كل داه " ...
لم أستطع الرد فأنا لا أملك إجابة ...
مع صوت فتح صنبور ماء الدش وصلنا صوت حنان المتعب ...
" هاتولي حاجة ألبسها بدل ما أخرجلكم ملط "
نبرتها بعثت الدفء في عروقي والإبتسامة في وجه دلال ... منشفتان وضعتهما دلال قرب الباب كانا سترها لما خرجت علينا نصف مبللة ...
نظرة في عينينا متسائلة ... لم أستطع إلا أن أهرب من نظراتها ...
  • هو إيه إلي حصل ؟؟؟ إنتم عملتو فيا إيه ؟؟؟ (سعادتي لرحمتي من تفسير ما حصل ليلا لم أستطع كتمان أثرها على وجهي الذي ظنته حنان سخرية منها) وبتضحك كمان ؟؟؟ قولوا حصل إيه بدل ما أخنقك ؟؟ (وأرادت إمساك رقبتي قبل أن تتدخّل دلال)
  • تخنقيه ثاني مش كفاية ليلة إمبارح ؟؟؟ داه إنتي بهدلتينا ؟؟؟
طلبت دلال منها الجلوس حتى تحضر لها فنجان قهوة ... هربت من إنفرادها بي لأجلب لها بيجامة من عندي تلبسها ...
إجتمعنا ثلاثتنا في الصالون حول طبق القهوة ... الكل كان بحاجة لها ... إما لطرد الثمالة أو لدفع التوتر أو لترتيب الأفكار ...
  • حنان : طيب إحكولي حصل إيه بالضبط لا روح فيكم في داهية
  • أنا : إنت قوللنا فاكرة لحد فين وإحنا نكمّل (إبتسمت دلال للفكرة )
  • حنان : (تمسك رأسها ودخان سيجارتها يتصاعد من بين أصابعها) مش فاكرة حاجة خالص ... آخر حاجة قلبي كان واكلني عليك ... لقيتك إتصلت بيا مرات كثيرة ... طلبتك بس تلفونك ما يردّش فجيت هنا أطمن إنك ما عملتش مصيبة ...
  • أنا : بس ؟؟؟
  • حنان :أه ؟؟؟ مش فاكرة حاجة ثاني (كنت أريد المواصلة لكن دلال غمزتني كي أصمت)
  • دلال : لا بسيطة ما حصلش حاجة ؟؟ دا إنت وريتينا الويل ؟؟ كنا سهرانين في خير وسلامة لقينا حضرتك طبيتي علينا سكرانة .. وقال إيه عاوزة تسبحي باليل عشان حرّانة ... أخذنا بخاطرك لحد ما وصلنا البحر بس لما لقينا إنك مصرّة خفنا تغرقي فسحبناكي بالقوة للبيت ... دا إنت بهدلتينا ...
  • حنان : أنا ؟؟؟ أنا ؟؟؟ عشان كدة رقبتي وشي وارمين ؟؟؟ يا ولاد ... (كانت ستشتم لكن تداركت) أه وبعدين ؟؟؟
  • أنا : (عاد نبض قلبي لطبيعته مع سعادتي بسرعة إختلاق دلال لقصة النجاة) ولا قبلين لحد دلوقتي وإحنا سهرانين جنبك
كنا نضحك أنا ودلال كلما تقابلت عينانا ونحن نقلب الموقف على حنان التي تقلّص حجمها من الخجل لما أوهمناها بفعله ... أصرّت دلال على استضافتها … كنت أشعر بتأنيب الضمير فوافقت ...
سيارة حنان تربض داخل الحديقة ونحن نربض كل في غرفة ... عاندني النوم ... المسكينة حنان هي الوحيدة التي تهتم لأمري ... يجب إنهاء كل أسباب الإحراج ... سأخبر دلال بكلّ شيء ...
لا أعلم كم مرّ من الوقت حتى سمعت دبيب حركة في البيت ... فتحت باب غرفتي بحذر ... دلال تخرج من الحمام تجاه المطبخ ...
ردّت على حركة يدي المتسائلة عن حنان بوضع يديها تحت خدها لتعلمني كونها نائمة ... دخلت ورائها المطبخ وأغلقت بابه ...
أشارت لي دلال التي كانت تتحضر لإعداد بعض الطعام بأن أخفت من صوتي ... ثم سألتني ...
  • ممكن أفهم إيه إلي إنت عملتو باليل ؟؟؟
  • (صمتي طال لكني لم أجد تفسيرا) ... مش عارف بس هي إستفزتني و بتقول حاجات غير مقبولة ...
  • بصراحة إحنا السبب (قطبت حاجبي إستنكارا لقولها) ... أيوة إحنا السبب ... هي فاهمة إني إحنا عشّاق وهي بحكم مقرّبة منك فبتعاملنا من غير حدود ...
  • إنت شايفة كده ... ؟؟؟ و بعدين ؟؟؟
  • ولا قبلين ... كويس إنها كانت سكرانة طينة ونسيت كل حاجة و إلا كنت خسرت صديقتك للأبد ... شفت وجودي مهم في حياتك قد إيه ...
أصابني الصمم مع كلماتها ... نعم فوجودها أعاد ترتيب حياتي ... بل أعادني للحياة ... كنت أرى شفتيها تتحركان لكن لا يصلني صوتها ... عقلي بحاجة لترتيب ملفاته من جديد ...
أفقت من غفوتي وجمدت شفتا دلال على صوت طرّاد المياه بالحمام ... حنان تدفع الباب متسائلة عن مكاننا ... يبدو أنها نسيت ما حدث لها ... حسدتها على نعمة النسيان ...
كانت دلال تتفنن في تدليل حنان بين أكل وقهوة و و و و ... حنان أكثرت من مديح حسن إختياري لشريكتي هذه المرّة ... في حركة سريعة مفاجئة دلال تسحب كرسيا وتجلس قرب حنان ...
  • إحكيلي عن إختياراته السابقة ؟؟؟
  • (نظرت حنان تجاهي فحركت رأسي بالنفي أملا أن لا تنساق وراء طلب دلال ) ما تسأليه هو يكون أحسن
  • لا لا أصل عايزة أعرف منك ... ماهو ممكن يكون مخبي عليا حاجة ؟؟؟
  • (لم أجد حلا سوى إخفاء وجهي بكف يدي كأن صداعا أصابني) أتكلّم ؟؟؟
  • إتكلمي ... إنت صاحبته الأنتيم ومش حيزعل منك ...
  • طيب ... حأجيبلك من الأوّل (كنت أراقب سيجارة تحترق بين أصابع حنان وعينا دلال تركزان مع كل حركة منها ... طيب أنا بأعرف دليل من 23 سنة من وقت ما كان عمرو 17 سنة وأصلا لسة ما طلعلوش شعر لحية ... هو عمرو ما كان عاشق أو حبيب تقليدي ديما بيحب العلاقات المستحيلة ...
  • إزاي ؟؟
  • يعني في الثانوي كان بيحب مدرسة الإنجليزية برغم إنها متزوجة ( تهت مع كلامها أنا أصلا نسيت ما تتحدث عنه ... دلال تشعل سيجارة وتركز مع كلام حنان) برغم إنو ماكانش بيفهم ولا كلمة بالإنجليزي (تظاهرت بالضحك خجلا )
  • وبعدين ... ؟؟؟
  • وبعدين مش عارفة ... كنا رسبنا في الباكالوريا فلما رجعت السنة إلي بعدها سمعت إنو إتزوج بقرار قضائي من وحدة قاصر ... مش عارفة وقع فيها إزاي
  • لا التفاصيل دي أعرفها كويس (أعجبتني طريقة دلال في التخلص من ثقل المساس بسمعة والدتها) ... الي بعد كده
  • بعدها إختفى وهاجر ... ورجعلي بعدها واحد ثاني ...
  • بشويش ووحدة وحدة ... واحد ثاني إزاي ...
  • يعني ما أعرفش حاجات كثيرة (كانت حنان تنتظر الإذن بالمواصلة ... أردت منعها لكني صمت) يعني كنت فاكرة إنو بيحب وحدة صاحبتي سمرة لكن إتضح إنها نزوة وراحت ... بعدين جاني يشتكي من مجموعة نسوان إتلمو حاوليه مع بعض ...
لم أستطع البقاء أكثر أمام سرد مجوني الوهمي أمام إبنتي فإنسحبت ... رغم إصرار دلال على بقائي لكني إنسحبت ...
تركتهما تسلخان جلدي وإنطلقت نحو الشاطئ ... كنت أحاول ترتيب أفكاري ومشاعري ... دلال البريئة ملأت حياتي سرورا بعودتها لي أو بعودتي لها ... هذا السرور كان بذرة بدأت تنمو في صدري وتتطلّع للحياة ... هذه البذرة التي نمت في صحراء العطش العاطفي والجنسي إنحرفت أغصانها ...
أغصان نبتت فيها أوراق رغبة جامحة ... وبدأت تزهر ... لكن لو واصلت هذه النبتة نموها فستطرح ثمرا محرّما ... كل هذا كان من ناحيتي ...
دلال تتصرّف بطبيعتها ... حتى بعض حركاتها التي تثيرني تعتبر طبيعية بالنسبة لهذا الجيل .... إن كان ما وصلني من إشارتها البسيطة خطأ فهي مصيبة وإن كان صحيحا فهي الكارثة ...
مصيبة لو تماديت فتصدم إبنتي في أب ربما تخيلته بميزات أشرف من أن يفكر فيها جنسيا وإن تراجعت هدمت العلاقة الوليدة بيننا ....
وإن كانت الكارثة ....؟؟؟ لا أحد يقدر على التنبؤ بنتائج الكوارث ...
كنت أسير تارة وأنظر للبحر تارة أخرى ... أراوح بين شعور بالمرارة وشعور بالإرتياح حتى وصلت لأطلال مطعم سعاد ...
المطعم الذي كان شاهدا على حب مشوه أجهض قبل أن ينبض ... فجأة أصابتني رغبة في التقيؤ ... حنان تعرف كل تفاصيل ماحدث بيني وبين سمر ... ستكتشف دلال الحقيقة وكذبي ...
بدأت عضلات بطني تتقلّص وأنا أراجع حواري معها ذات جلسة إعتراف في بيتها ... شيراز زوجة أخي ... أحلام زوجة خالي ... أبسط إعتراف منهما سيهدم صورتي أمام إبنتي ...
أب مريض نفسيا ... من عشقه مراهقة في سن إبنته لرغبته في كل من هن محرّمات عنه ... رفعت رأسي للسماء طالب الغوث ... ربما ستنسى حنان حديثي معها ...
هذه الربما كانت طوق نجاتي من أمواج جلد النفس ... الشمس قاربت على المغيب ... كسجين إنتهت فسحته عدت للبيت ...
حنان كانت قد غيّرت ثيابها وتنتظر عودتي لكي تغادر ... دلال ترافقني وأنا أوصلها لسيارتها ... تمسك بذراعي بقوة ورفق كأنها تخشى ضياعي ...
وداع حار من حنان ... لم أذكر كيف كان ردي عليه ... كلمات دلال وهي تودعها بإبتسامة عريضة تدوي في أذني دون إستيعابها ...
غابت السيارة بين أشجار البلوط على جانبي الطريق ... ألم شديد يمزق بطني ... الأمعاء هي جهاز الإستشعار الأوّل في توقع المصائب ...
تقلّب أمعائي وإنقباض بطني دفعني للهروب ... كطفل يهرب من عقوبة متوقعة لجأت للحمام ... طال جلوسي به دون رغبة من نداء الطبيعة ... تائها في أفكاري وحسب ...
صورتي شرخت بإعترافات حنان ... رحت أسلخ نفسي على حمقي ... لست أحمق ... التفاصيل فقط مؤلمة ....
سمر تدخل حياتي بعد عودتي من سنين القحط مباشرة ... زوجة خالي والإنجذاب الغير مبرر لها ... شيراز وكل الأحداث بمرض أمي .... كل ذلك حصل قبل أن أعلم بوجود دلال ...
أنا أصلا إعترفت لحنان لأخذ النصيحة و تخفيف العبء عن صدري ... لا يمكن لدلال أن تلومني ...
علاقتي بها و كل ما فعلته لأجلها سيغفر لي عندها ... مستغربا من خوفي الشديد من ردت فعلها ... ساخرا من نفسي ... هل فرض عليا أن أعيش دائما الخوف من الرقابة على تصرفاتي ...
قديما من الأب وحاليا من الإبنة ... المصيبة أني لا قديما إنحرفت ولا حديثا أجرمت ... خرجت من الحمام بقرار حاسم ... مواجهة دلال ... يجب وأد صورة الأب الماجن في خيالها قبل أن تكبر ...
دلال تجلس في الصالون تتابع التلفزيون ... وقفت أمامها مرتعشا كطير مبلل ... أفزعها صفار وجهي ... قامت مسرعة تحضنني وتجلسني على الكنبة ...
رفضت طلبي بإعداد قهوة بل أصرّت أن تعد لي مشروبا ساخنا من الأعشاب الطبية ... غريب أمر تسلّط تلك الصبية على حياتي ...
رائحة الزعتر والإكليل تفوح من المطبخ رائحتها ذكرتني بطبق الحلزون الشهير ... جدي كان يعشقه وكان يعده لنا بنفسه ... كنت قد بدأت أضيع في الذكريات حين تقدمت مني دلال تمدني بكأس مشروبها ...
حرارة الكأس بعثت الروح في أطراف أصابعي المتجمدة من صقيع الخجل ... إهتمامها المبالغ فيه بي أشعرني بالخجل ... أدركت أني أتفادى لمساتها الحنونة على خدي وعلى جبيني ...
جلست تقابلني وعيناها تتفحص كل حركاتي ... أردت الكلام لكني لم أعرف من أين أبدأ ... رحمتني دلال وبدأت هي الحديث ...
  • مالك يا بابا ... حاسس بإيه ؟؟ ... لسه تعبان ؟؟؟
  • مش عارف حاسس بإرهاق ... ممكن تأثير السن ؟؟
  • سن إيه ؟؟؟ داه ممكن من قلّة النوم ؟؟؟ أو تأثير الليلة الي بتها برّة ؟؟؟ قال سن قال ؟؟؟ كل الناس بيشوفوك شباب إلا إنت بتكبّر نفسك ...
  • كل الناس ؟؟؟
  • أيوة كل الناس ؟؟؟
  • زي مين مثلا ؟؟؟ صاحباتي ؟؟؟ الناس هنا ؟؟؟ الناس في الشارع ؟؟؟ في المطعم ؟؟؟ حتى صاحبتك حنان بتقول إنك ما كبرتش
  • (إستحسنت جملتها الأخيرة) هي قالتلك كده ؟؟؟
  • أيوة ؟؟؟ هي أكثر وحدة تعرفك وبتقول إنك زي ما إنت ؟؟
  • وقالتلك إيه كمان ؟؟؟
  • (وضعت رأسها بين كتفيها تنظر للأرض) يعني كلام ستات ؟؟
  • بس أنا عاوز أعرف ؟؟؟ والمستحسن تقوليلي عشان مصلحتنا الإثنين ؟؟؟
  • يا خرابي ؟؟؟ إيه الجدية بتاعتك دي ؟؟؟
  • قلتلك لازم أعرف ...
  • ولا حاجة دي كانت دردشة عنك وبس ؟؟؟
  • دردشة عن إيه بالضبط ؟؟؟ ( حاولت أن تكون كلماتي شديدة ما إستطعت)
  • (تلعثمت دلال حرجا) ... يعني ... عنّك ... حياتك ... علاقاتك ...
  • قالتلك إيه عني ؟؟؟
  • مش حاجات كثيرة بس مهما قالو عنّك تبقى بابا إلي بحبو ...
أحسست بحرجها وحرجي ... أخذت زمام الأمور بيدي ... أنا أصلا كل تفاصيل حياتي تدعو للخجل ... لا الأب كان فخورا بي يوما ولا الإبنة يمكنها التشرّف بالإنتساب لي ... أصلا وجودها في الحياة وحده يفرض عليا الخجل من أفعالي ...
خنقت شعوري بالخجل ... نزعت رداء الحياء عني وإنطلقت أروي لها كل تفاصيل حياتي التي تعرفها والتي لا تعرفها ... الدراسة ... أبي ... أمها ... الغربة ... السجن ... سمر ... شيراز ... الموظفات ... أحلام ... حنان ... الخزنة .... الثروة ...
إمتلات مطفأة السجائر بالرماد ... وإمتلات عيناي بالدمع ... وفرغ قلبي من الحزن ... الإعتراف يخفف الشعور بالذنب ...
كنت أراقب ركبتي دلال اللتان تهتزّان إضطرابا كلما إسترسل حديثي ... بدأت الدموع تنسلّ من عيني ...
قامت دلال تحضنني ... وتمسح الدمع عن عيني ... كانت تجلس على فخذي وتحيط يديها برقبتي ... قالت ...
  • طيب إنت إيه إلي مزعلك في داه كلو ؟؟؟
  • نعم ؟؟؟ يعني شايفة إن حياتي شيء يستحق إني أفتخر بيه ؟؟؟
  • ولو فرضنا العكس فداه مش محتاج منك كل الألم داه ... إلي فات مات ... وتقدر تبني من جديد العمر كله قدامك وعندك كل الإمكانيات ... الصحة والفلوس ... وأنا ...
  • إنت بس تساوي الدنيا بالنسبة ليا ....
قامت ترقص فرحا وسط الصالون ... كانت تفتح يديها وتدور كفراشة سعيدة بأشعة الربيع الأولى ... تقول بعلو صوتها
  • أنا مليت عليك حياتك ... إنت أحسن أب ومش زي كل أب ...
  • بس المستحسن نراجع تصرقاتنا أب وبنتو ؟؟
  • يعني إيه ؟؟
  • يعني إنت بنتي ... ولسة **** صغيّرة ... لازم تعيشي سنك تحت جناح أبوكي
لم أعلم كيف خرجت مني الجملة الأخيرة ... لكنها أغضبت دلال ... إتجهت نحو غرفتها تتمتم " أنا صغيّرة ؟؟؟ أنا **** ؟؟؟ "
صوت غلقها للباب بعنف يعكس مدى غضبها مني .... لم أستطع تحمّل تركها غاضبة مني لثواني ... لحقتها لغرفتها ... كانت مستلقية على بطنها تحشر راسها تحت مخدّة ...
جلست بجانبها أمسح شعرها ... حاولت ترضيتها بكل السبل ... تصنعت أنها ليست غاضبة مني ... البنات يصعب فهمهن ... خصوصا على من هو مثلي ...
لم أفهم سبب تغيّرها معي ... كل شيء يسير حولي بالمقلوب ... عندما عرفت حقيقتي أو تخيلت أنها عرفت لم تتأثر بل زادت قربا مني ... وعندما صارحتها بكل ما عشته كانت نظراتها سعيدة رغم توترها ورغم ثقل المشاعر التي كنت أصبها في كلامي ...
وعندما أحسست أنه يمكنني بدأ علاقة طبيعية بين أب و بنت .... غضبت مني ...
الآن كنت أشعر أنها مجروحة ... لم أفهم ولم أعرف سبب ذلك ... لكني يبدو حزنها أو غضبها أو خيبة أملها في كلّ حركة منها ...
يومان مرا عليا ثقيلين ... دلال صارت تتحاشني ... حتى عندما تجالسني تغيب روحها المرحة السعيدة عن المكان ... لا تدخّن أمامي ... لا تمازحني ... كلمات مقتضبة وتنصرف .... ربما هكذا كانت ترى صورة علاقة الأب وإبنته التقليدية
ثالث الأيام بدأ كسابقيه ... أفقت بعد الظهر مثقل الروح بحزن غير مفهوم ... البيت تعم عليه الكآبة ... دلال في غرفتها ... وجدت طعامي على الطاولة مغطى ...
الوضع أصبح خطيرا ... دلال لا تريد مجالستي حتى وقت الطعام ... صدري يتشقق من الجفاف بعد تعودي الإرتواء من قطرات الندى التي تنشرها دلال حولي ... الأب المتفهّم ... ربما هكذا نعود سيرتنا الأولى ...
صدري بدأ يتشقق لا أدري لماذا ... طرقت الباب ... صوت مبحوح يأذن لي بالدخول ... دعوتها للخروج لكنها رفضت متعللة بصداع ...
عذرها دفعني لمزيد الإصرار ... حديثنا أوصلها لخيارين إما أن تقبل بالخروج أو قدوم الطبيب ...
كنت أغيّر ملابسي حين سمعتها تغلق باب الحمام ... صوت ماء الدش أوحى لي أنها ستتهيأ للخروج ...
أطنبت في تأنقي ... بنطلون أسود يحيط بعضلات فخذي ... وقميص من نوع البودي يرسم ما حافظت عليه من لياقة صدري وبطني وذراعي ...
رائحة عطري الممتزجة بزيت الشعر تسبقني ... تسريحة شعري وذقني المحلوقة بعناية تدلّ أن موعدا متميزا ينتظرني ...
وقفت أمام المرآة أتأمل أناقتي ... المفروض أني سأرافق إبنتي في جولة ... المناسبة لا تحتاج كل هذه العناية بشكلي ... لكني كنت سعيدا بنفسي ...
صوت تحطم سعادتي يسمع صداه بين جدران الصالون ... دلال تقف أمامي في بنطلون جينز أزرق قاتم وحذاء رياضي وقميص طويل عليه رسوم لبطل صور متحرّكة ...
تشد شعرها للخلف ... كأنها فتاة في مدرسة إبتدائية تخرج لدرس في مادة لا تفهمها ... هكذا صورة نفسها لي عندما تكون بنتا تقليدية ...
كأني فهمت سبب غضبها مني ... أو سبب حزنها ... إشارتها صارت أكثر وضوحا ...
إن كنت تراني **** سأكون **** ... ركبت ورائي على الدراجة ... على غير العادة لم أشعر بأصابعها على صدري ولم أشعر بصدرها في ظهري ...
إقتربنا من المدينة ... فكّرت بزيارة أهلي لكني تراجعت ... دلال كانت تائهة مني ... دعوتها لتناول مرطبات في أحد المحلات الشهيرة ...
تركت لي قرار الإختيار ... الموضوع صار مفهوما ... تلعب دور الطفلة في كل شيء ... تترك الخيار لمن هو أكبر منها سنا .... أحسست بالغيض من تصرّفاتها ...
حلويات مرّة كنت أبتلعها مع عدم مبالاة دلال بي ... تركّز مع هاتفها ككل الأطفال ... مررنا أمام محلّ لبيع الملابس ... وقفت أمامه ... ترددت في الدخول ... حيلتي مكشوفة أمامها ...
لا يمكنها كبح ضعفها أمام الثياب الجديدة ... سيدفعها ذلك لخلع ثوب الحزن المصطنع الذي تلبسه ... وقفت طويلا أم جناح ملابس الأطفال والمراهقين ... كانت تنظر للأرض .... ربما تلوم نفسها على الدور السمج الذي تلعبه معي ...
لكني دخلت معها جناح ملابس السيدات ... كنت أشعر بوهج الفرحة يشع من عينيها رغم محاولتها كبحها .... كانت عيناها تجول في كل ما هو معروض ... فساتين ... إكسسوارات ...
كنت أشعر برغبتها في سماع الإذن المعتاد في حرّية الإختيار .... لكني لم أمنحها إياه ... تركتها تتجوّل وحدها ثم خرجنا ... كسرة عينيها آلمتني لكني تماسكت ...
كانت تنظر للأكياس التي بين يدي ... صمتها تخنقه العبرة ... دقائق طويلة على الدراجة في إتجاه بيت أهلي ...
هي متأكدة الآن أني سأهدي الكيس لدليلة ... كنت أشعر بحنقها المكبوت يحرق رقبتي مع زفير يخرج من صدرها ...
توقف مفاجئ مني أمام مركز تجميل خاص بالنساء ... تركتها تتقاتل مع أفكارها ودخلت ... حوالي العشر دقائق وعدت إليها بعد أن تركت الكيس في الداخل ....
خروج موظفة الإستقبال في المركز معي منعها من القيام بحركة صبيانية كرفضها للدخول ... أوصيتها أن تلحقني في المقهى المقابل للمركز عند انتهاءها ....
أقلّب صفحات مجلّة ولا أقرأ ما فيها... كثرة سجائري تعكس توتري ... كيف ستتقبّل دلال حركتي ... كيف ستفسّرها ...
تهت في ردة فعلها قبل أن أفهم أنا ما قصدته منها ... أنا أحب دلال وأشعر بالراحة بقربها ... لمساتها تثيرني ... جمالها يأسرني ... مصلحتها تهمني ... ضحكتها تروي قلبي ... سعادتها تعيد الروح لي ...
كل هذه المشاعر تكاد تكون عادية بين أب وإبنته ... لكن ما أشعر به نحوها يبدو مختلفا ... مجرّد محاولة تفسيره ترعبني ... هذا السؤال الذي أهرب من طرحه على نفسي منذ مدّة لا بد من الإجابة عليه ...
لم أشعر بمرور الوقت في عزلة التفكير رغم أن المكان يعج بالروّاد ... خطوات كعب حذاء عالي تتقدم مني ... يد تلامس كتفي أعادتني لأرض الواقع رفعت رأسي لتصعقني إبتسامة مألوفة ...
مفرق صدر أعرفه معرفة راحة يدي يعلمني بصاحبته ... النادلة ... أول ثديين أعادا لي الرغبة في الحياة مع عودتي للوطن ...
إرتباكي وإبتسامتها العريضة منعتني من رفض طلبها في الجلوس ... جلست تضع رجلا على رجل وهي تضحك أنها أخيرا وجدتني ... سحبت سيجارة من علبتي وطلبت قهوة من النادل ...
أسئلة عديدة طرحتها عن سبب تجاهلي لها وعدم مكالمتها ... أنا نفسي لم أجد لها إجابة ... المصيبة أني وسط الصدمة أهملت التركيز في إسمها ... الذي كنت نسيته سلفا ...
كانت تشرح لي أنها طردت من عدّة محلات عملت بها ... حديثها عن الإفلاس وحالتها الصعبة كان تمهيدا لحديث آخر ... قالت أنها تريد أن تقضي معي الليل مقابل مبلغ من المال ...
كنت كالمصعوق ... لم أستطع إخبارها أني أنتظر إبنتي ... كما أن رغبتي بها منعتني من التخلّص منها ورفض عرضها ... إعتذارها مني لذهابها للحمام كان فرصة لترتيب أفكاري ...
هكذا أنا ... لست من النوع سريع البديهة ... لا أستطيع التفكير إلا عندما أكون لوحدي ... لم تدم وحدتي سوى دقائق ....
أغلب الرقاب تتوجه نحو الباب ... دلال تدخل من الباب الرئيسي ... فستان رمادي ... كتف مغطى والآخر عاري يكشف نصف ثديها ... صدرها الفتي النافر ينطق تحت جناحي فراشة مطرّزة بالعدس الأسود اللامع ...
الفستان بالكاد يغطي منشأ فخذيها المتشحان بسواد جوارب شفافة ... حذاء أسود ذو كعب متوسط ...
عيناها المزينتان بسواد ... تضحك خجلا من تأثيرها على الشباب والبنات على حد سواء ... المكياج زاد تألق وجهها الذي تتوسطه شفتان تشتعل حمرتهما ...
همهمات أسف عمت المكان مع إشارتها لي حين إستدلّت على مكان جلوسي ... كنت سعيدا من نظرات الغيرة التي رافقت إقترابها مني ...
إستغربت دلال وجود فنجان قهوة ثاني على الطاولة ... وضعت كيس ملابسها القديمة... قبل أن تسألني إن كان يرافقني أحد ... صديقتي النادلة العجيبة تقترب منا ... وقع أقدامها يتناغم مع دقات قلبي ...
لا أعلم هل أنا تعمدت الصمت أم عجزت عن الكلام ... الشرر يتطاير من عينيهما ... النادلة ترمق دلال بنظرات عجيبة ...
تقيس طولها من الأعلى للأسفل ثم من الأسفل للأعلى ...نظرت في عيني مباشرة فلم أجب حتى برمش ...
دلال تقابلها بنظرة أشد تعجبا ... ثم تنظر لي أملا في إشارة تفهم منها من تكون مرافقتي ... ما عسايا أجيب ... بقيت على الثبات ...
طال إنتظارهما ... لم أشف غليل أي منهما بكلمة ... دلال قطعت حرب العيون بإنسحاب تكتيكي ... جلست على الكرسي بجانبي ...
النادلة هي الأخرى كأنها تصارع للفوز بحريف سخي لليلتها ... عادت للجلوس لمكانها ... كنت كحكم التنس أتبع حركاتهما برقبتي ... دلال تسحب سيجارة من علبتي وتشعلها ... النادلة تقلّدها وعينها ترسل إشارات التحدي ...
ربما أعجبني الأمر أو راقني الإستسلام ... وقت طويل مرّ في صمت ... رحت أتأكد إن كانت الأنظار تركتنا في حالنا ...
مددت يدي لسحب فنجان القهوة ... حركتي دفعت النادلة للكلام ...
  • مش تعرفنا ببعض ( كلماتها كنار تنفث من شفتيها)
  • (كنت سأتكلّم لكن دلال مدت يدها ببطء وثقل ينم عن إحتقار) سمية صاحبته
  • (نظرت لي النادلة لتتأكد من صدق كلامها فلم أعطها إجابة مصدوما بكذب دلال) آسفة كنت فاكرة لوحدك (وحملت حقيبة يدها وأرادت النهوض)
  • (دلال تشير لها بالبقاء) لا لا كملي قهوتك ... كده شكلك حيبقى وحش قدّام الزباين ... (ورسمت إبتسامة وزعتها على بعض الحاضرين الذين يتابعون ما يجري بأعينهم)
  • (نظرة سريعة من النادلة التي إقتنعت بكلام دلال ) عندك حق (كانت تهمس وهي تعض شفتها وتهز رأسها)
  • إنت تعرفي وحيد من زمان ؟؟؟
  • لا أبدا معرفة سطحية ... كان زبون عندنا لم كنت بأشتغل في كافيه ... ففكرت إنه لوحده ... وهو كمان ما قاليش إنو مستني حد ...
  • (لم أهرب من نظارتهما بل صدمتي أنستني إسمي ؟؟؟ من وحيد هذا ؟؟؟ هل هو إسم أم صفة) كنت بتشتغلي في كافيه ؟؟؟
  • أيوة بس تركته
  • ليه ؟؟
  • دي حكاية طويلة ؟؟؟ ما توجعيش دماغك
كنت كالأطرش في الزفة ... دلال التي صارت سمية تعد النادلة التي للمرة الثانية تضيع فرصة معرفة إسمها أن وحيد الذي هو أنا سيساعدها في الحصول على عمل ... دلال تدير الحوار بلباقة وخلّصتني من الإحراج وكذلك مرافقتي ...
تعجبت لإصرار دلال على أخذ رقمها بتعلّة الإتصال بها لو وجدنا لها عملا ... كانت تودع خطوات النادلة مبتسمة حتى إختفت ...
وجها لوجه ... تحوّلت إبتسامتها لعبوس توقّعت أن تسألني عن ماهية مرافقتي لكنها هجمت عليا باللوم مباشرة
  • مين دي
  • ماهي قالتلك ؟؟ مش باقلك نص ساعة بتدرديشي معاها
  • إنت ما ينفعش تتساب لوحدك أبدا ؟؟؟ وكمان إنت رجعت في كلامك وإلا إيه ؟؟؟
  • ليه كل داه ؟؟
  • يا سلام ؟؟؟ ساعة زمن غبت عنك ألاقيك مجالسة وحدة لا تعرفها ولا تعرفك وعازمها على قهوة ؟؟؟
  • مي نقلّك إني ما أعرفهاش ؟؟؟
  • واضح ؟؟ باين من شكلها إنها ق... (وتداركت لسانها قبل ان تنطق الكلمة ) أنا أعرفهم من شكلهم ؟؟؟
  • يا سلام ؟؟؟
  • ماهو إنت بس إلي شايفني **** صغيّرة ... ومستقل بيا كمان ...
  • أنا ... داه إنتي ست الستات ...
  • كلام وبس ... كنت حطير من الفرحة بالللبس والمكياج بس إنت دايما كده (أحسست أنها تغالب نفسها أن لا تبكي أردت ممازحتها)
  • أعمل إيه ما أنا ما أقدرش أقاوم ... (كنت أرى إنعكاس صورتي تكبر في إتساع عينيها)
  • يعني إيه ؟؟؟ تحب أطلبهالك (وأمسكت هاتفها لتتصل بها )
  • (خطفت الهاتف من يدها) بتعملي إيه يا مجنونة ...
  • عادي ... أنا مش حأكون عائق قدامك لو عاوز ... ممكن أبات في بيت جدتي وإنت خذ راحتك ؟؟؟
  • إنت مجنونة بجد ... في بنت تقول لأبوها كده ...
  • ماهو إنت قلت إنك أب غير تقليدي ومتفهّم ... أنا كمان بنت مش تقليدية ومتفهّمة ...
  • بتتكلمي جد ؟؟؟
  • أه بجد ... لو إنت حابب قلي ...
  • لا مش حابب ... أنا حابب أبقى معاكي
أشرق وجهها مع كلماتي ... كنت أقصد أني أريد الحفاظ على إبنتي ... أو ربما أتظاهر بذلك ... أمسكتني من يدي وسحبتني لمغادرة المقهى ...
ركبت خلفي في الدراجة قالت أن الليلة علينا أن نحتفل ... الطريق تطوى تحتنا طويا ... إلتصاقها بظهري كان يمرر سعادتها لجلدي ... يداها تقبضان على بطني بشدة ...
قصدنا إحدى ضواحي العاصمة ... قالت أنها رأت إشهار لمطعم يقيم حفلات شرقية ... سألنا أحد المارة عن العنوان ... رأيت نظرات الحسد تملا عينيه اللتان غرسهما في فخذي دلال وهو يصف لي الطريق ...
وضعنا دراجتنا ... الساعة لم تصل للتاسعة بعد ... المكان شبه خالي إلا من بعض الزبائن ... حفاوة كبيرة في الترحاب ...
عشاء فخم على ضوء الشموع ... فرقة موسيقية تعزف ألحان تونسية ... صورة دلال التي ترقص الفرحة في عينيها مع تلألؤ ضوء الشموع ...
كحبيين بحق مرّة أطعمها ومرّة تطعمني ... بضع كؤوس من الخمر الفاخرة تلعب في رأسينا ... لم نلاحظ أن المكان بدأ يمتلأ بالوافدين ...
أردت إستعادة روح المرح التي كانت تنشرها دلال حولي ... فليكن ذلك حتى وإن كان ثمنه بعض الإحراج المفاجئ لا يهم ...
نظرة غريبة مني نحو الطاولات ... أغلب الموجودين من الرجال الشيوخ ترافقهم صبايا ... لاحظت دلال ذلك خصوصا مع كثرة تحديقي والصورة التي رسمت على وجهي ...
  • إنت فاكر كلامنا ...
  • كلام إيه ؟؟ وأنهي كلام فيهم ؟؟؟
  • عن العلاقات ؟؟؟ يوم ما قلتلك إنه في بنات كثير بيرتبطو برجالة أكبر منهم ...
  • تقريبا فاكر ؟؟؟
  • إيه ٍرأيك ؟؟ (وحركت وجهها كي أنظر لطاولة يجلس فيها رجل تجاوز الستين تجالسه بنتان في أبهى صورة من اللبس والجمال لم تبلغا العشرين على أقصى تقدير) صدقت كلامي ؟؟؟
  • مش ممكن بناتو ؟؟؟
  • هما كل الأبهات متفهمين زيّك ؟؟؟
وغرقنا في ضحك ... ثم نقاش عن العلاقات وأن كل واحد يبحث عن ما ينقصه في الآخر ... الحب أو المال أو الحماية أو أو أو ...
بدأ الجو في المطعم يصبح أكثر صخبا ... إيقاع الأغاني تغيّر ... كان الأكل قد شارف على الإنتهاء كما أني شبعت ... كنت أراقب دلال التي تتصنّع النبل في مسكها للكأس أو السكين ...
كانت كأنها ترسل إشارات أنها تختلف عن بقية المرافقات ... أمسكت كأس خمر بيدي وأشعلت سيجارة ... ورحت أراقب بنتا وقفت ترقص أمام كهل جالس يصفق لها ببرود ...
كنت أتابع حركتها حين دبّت حمى الرقص على وقع أغنية مغربية شهيرة ... كل البنات قمن يرقصن ... بعض الرجال أيضا ممن لعبت الخمر برؤوسهم داعبهم إيقاع الأغنية ...
تهت في الحركات والإيقاع حين إرتج الكأس بيدي ... دلال تضرب كأسها بكأسي ... كانت تضحك ملأ شدقيها من تيهي ... قابلت ضحكها بالضحك ...
قامت ووقفت بجانبي وبدأت تهز أردافها على وقع الموسيقى ... إنسجمت مع حركاتها ورحت أصفق لها وأطرقع أصابع يدي ...
الرقص بالنسبة لي لا يثيرني ... يعجبني كحركات لكنه لا يثيرني ... وعلى ما أعلمه فأغلب المغاربيين مثلي ... نعم نحن نختلف عن الشرقيين ... ففي المشرق الرقص يعتبر أحد طقوس ممارسة الجنس بينما عندنا هو مجرّد فن يروح عن النفس ... سواء للراقص أو المشاهد ...
كنت مندهشا من تجاوب عضلات دلال مع إيقاعات الدربوكة (الطبلة) .... أصلا صارت تنافس راقصات آخريات في الطاولات القريبة .... تنافس أو تجاوب لا أدري ... المهم أن الجزء الذي تقع فيه طاولتنا صار محط أنظار الجميع بفعل حركاتهن ...
الحركة والجو السعادة سحبت المغنية للنزول من المنصة والتقدم نحونا ... الضوء يتبع الفنانة وهي تستعجل الخطى لتتوسط الطاولات وتسحب كل البنات نحوها ... إمتزج الحابل بالنابل مع تغيير إيقاع الرقص ...
كنت سعيدا وقلبي يقفز من مكانه لمنظر دلال وهي تلعلع وسط الركب برقصها الماجن ... العلب الليلية والكابريهات أماكن يتوقف فيها عدّاد الزمن ...
أنهت الفنانة نوبتها ... عادت دلال نحوي تلهث وتتصبب عرقا ... صدى صوت المكبرات منعني من فهم ما تقول ... كنت أنوي المغادرة ... لكن مقدّم برنامج السهرة أعلن عن صعود فنان للمسرح ...
تعالت أصوات الإعجاب في المكان والتصفيق والصفير ... فهمت أنه مشهور ... كانت دلال تلف برقبتها بحثا عنه ...
فنان شرقي يبدو أنه من لبنان ... ليس ذنبه أني لا أعرفه فالتقصير مني فأنا لا أهتم ... الإيقاع الشرقي له سحر خاص ... البنات بدأن في التمايل ... فدعاهن الفنان للصعود للمنصة ....
كأنهن كن ينتظرن ذلك ... هرولن نحوه يتمايلن ... دلال التي ترددت إنطلقت كالسهم بمجرد إشارة الموافقة من عيني ...
أصلا أنا تجاوبت مع الجو فبدأت بالرقص أنا كذلك بمكاني ... دقائق وأنا أحاول التأقلم مع النغم ... شاهدتني دلال فتركت المعترك الراقص وإلتحقت بي سعيدة بوالدها الذي صار يشاركها كلّ شيء ...
كنا آخر من غادر المطعم نحو الشارع ... حركة حثيثة من السّيارات تنطلق مع خيوط ضوء الفجر الأولى هاربة من ذنوب ليلة ماجنة ... كنا مخمورين ومصدعين من الموسيقى ... بعض الفتيات كنا يتحدثن عن ذهابهن لأحد المقاهي الشهيرة لطرد الثمالة ...
الفكرة التي إلتقتطها دلال أعجبتني ... فلا أريد أن أنهي سهرتي السعيدة بحادث مرور... سألت دلال إحدى البنات عن عنوان المقهى فأمرتنا بتتبع سيارتها ...
سيّارة ألمانية فاخرة تقودها مراهقة ... ودراجة نارية فاخرة يقودها كهل مرهق ... نتسابق نحو المقهى ... المسافة لم تكن بعيدة ...
مقهى يبدو فخما ومكتظا ... الزحمة فرضت علينا أن نجالس الفتاة ورفيقتها ... كل رواده كانوا في محلات سهر مختلفة وإحتمعوا هنا لنفس الهدف ... طرد السكر ...
قهوة سوداء ببضع دنانير لمحو أثر سكر ليلة ينفق فيها الآلاف ... نعم تلك عبثية الحياة ...
متأثرا بالخمر وكل المشاعر المتناقضة التي تتصارع نحوي ... وضعت يدي على خدي أنصت بإهتمام لكذب دلال على مرافقتين الثريتين ... نعم دلال مصممة ملابس شهيرة ... وأنا صاحب المشغل ...
أطنبت في الكذب ووصف العروض والجولات في دول العالم ولقاء الفنانين وغيرها ... كنت أضحك من الداخل ... رفعت رأسي لأنتبه أن إحدى مرافقاتنا كانت نزعت حذائها ووضعت رجلها على حافة الكرسي وفردت الأخرى لتهديني صورة ما بين فخذيها دون قيود ...
تاهت عيني في الرسم الذي نحت تحت قطعة القماش الأحمر الشفاف ... البنت لم تنتبه ولا مرافقتها ... فقط دلال التي بدأ كلامها يتقطّع ...
نظرة إليها لترمقني بنظرة متسائلة ... ماذا تفعل ؟؟؟ ... إحمر وجهي كتلميذ ضبط يداعب شعر زميلته التي تجلس أمامه ...
خائفا من دلال صرت أغرس عيني في فنجان قهوتي ... طال صمتي وخوفي ... أصلا أصبحت محل تندر وسخرية من صديقتينا الجديدتين ...
سرعان ما تم تبادل الأرقام وعناوين التواصل ... هذا الجيل محضوض .. و توادعنا على أمل اللقاء ...
ذهبت عني ثمالة الخمر لكني كنت سكرانا بالسعادة ... طوال الطريق وأنا أراجع شريط أحداث هذا اليوم ...
أشعة شمس ضحى يوم هادئ تسطع فوق شاطئنا ... مستندا حافة شرفة بيتي ... أداعب سيجارتي بين يدي ... كل شيء يشعرني بالسعادة ...
نظرت لركن الحديقة .... سحبتني براعم زهور بدأت تتفتح ... كنت أهملت العناية بها منذ مدّة ... إقتربت نحوها ...
براعم وردية وحمراء تتفتح من زهور بلدية فوّاحة ... جلست على الكرسي الحجري ... أغصان التوت اليابسة بدأت تكتسب بعض الخضرة .... الحبل الأزرق الذي كنت سأنهي به حياتي يتدلّى منها ...
شعور بالأسف والأسى تملكني ... أردت التخلّص من تلك الذكرى ... تسلّقت الشجرة ... هممت بفك عقده ... أوقفني صوت دلال تناديني ...
توجهت نحوي مستفسرة عما أفعل ... خفت من مصارحتها بحقيقته ... إدعيت أني سأثبت أرجوحة هناك ...
كنت أرى أجنحة السعادة تخفق فوق كتفيها ... خشبة قديمة ونفس الحبل كانا كل ما إحتاجته لعبتها التي تمنت يوما ما في طفولتها أن تمتلكها ...
جالسا على الكرسي الخشبي أترشف قهوة كانت مكافأة دلال لمجهودي ... دلال التي غيّرت ملابسها ... تنورة قصيرة من القماش الأزرق تصل نصف فخذيها العاريين ... وقميص أبيض تصل فتحة رقبته حتى منتصف صدرها ... حافية القدمين ...
جلست على الأرجوحة ... تمطط رجليها على الأرض لتقوم بدفع نفسها للوراء ... قطعة قماش أبيض تطل من بين فخذيها السمراوين بفعل إنحسار التنورة للخلف ...
شيء ما يدفعني أن أشيح بنظري عنه وآلاف الأشياء تدفعني للتملي فيه ... دلال التي كانت تلقي بجسدها للخلف لتزيد من قوة تأرجحها لم تدرك ما أعانيه ...
قضيبي الذي بدأ يتمطى بعد طول نوم أصبح يضايق جلستي ... عيني مركزة على رأس دلال علي أجد فرصة في إنشغالها لأحرر فيها ألما بدأ يزداد بين فخذي ...
نظرت للأرض ثم رفعت رأسي نحوها ... رجلاها مفتوحتان في الهواء ... كيلوتها الأبيض يطل بفخر بينهما ... تضم رجليها كلما إقتربت من الأرض لتفتحهما كلما إرتفعتا للسماء ...
كيلوت يخفي كسا على صغر سن صاحبته يبدو حجمه الكبير من تحته ... شعر أسود كثيف يحيط ببياض القماش الرقيق ...
كمن يراقب الكون من وراء ستارة تداعبها نسمات الهواء ... ثانيتان ينفتح فيهما شباك الرغبة لينغلق لثانيتين أخرتين ... دوال الثواني بين متعة العذاب حرقت إنتصابي ...
كانت دلال تتأرجح وتتحدّث ... حالة الصمم كثيرا ما صارت تصيبني ... كل قوة حواسي تحوّلت لعيناي المنغرستان بين فخذيها ...
عدم إجابتي على سؤال لم يصل لعقلي دفعها للتوقف ورفع رأسها نحوي ... غليان الدم المتجمد في عروقي خجلا كاد يجلطني ...
لم أستطع إخفاء إرتباكي ... دقّات قلبي تتزايد مع إقتراب خطوات دلال التي تركت أرجوحتها وتوجهت نحوي ....
جلست على الكرسي الخشبي تقابلني ... كنت أستعد للنهوض وأهرب منها ... حين سبقتني بالكلام ... "عاوزة أسألك على حاجة "
هممت بالرد عليها لكن حركتها صعقتني ... طوت ركبتها ووضعت قدمها على حافة الكرسي بينما فردت رجلها الأخرى ...
نسخة مقلّدة بدقة من جلسة فتاة الكباريه قبل سويعات بالمقهى ... كيلوت أبيض كجزيرة وسط شعيرات سوداء كثيفة في خليج ما بين فخذيها السمراوين ...
عيني التي هزمت أمام جاذبية الكون المركزة أمامي ... تمنيت لو أن لي أربعة عيون لأتملى فيه أكثر ...
رفعت رأسي نحو عينيها ... لم تستطع كبت إبتسامتها التي غالبها الخجل مما فعلته ... حديث صامت بالعيون بيننا ... عيني تسأل عن كيفية تفسير حركتها وعينها تحاول مراوغة سؤالي ...
وضعت يدها بين فخذيها تداعب شعيرات أفلتت من خلف قماش كيلوتها.... توقف نبض قلبي قبل أن أرى لسانها يداعب شفتيها لتنطق ...
" قلي بقى ؟؟؟ كده لسة شايفني **** ؟؟؟ "

الجزء العاشر والأخير

لم أتمالك نفسي ... كل مشاعري كتيارات كهربائية تهز كياني ... إبنتي تداعب شعر كسها أمام عيني ... رغم إنتصاب قضيبي ورغم قلّة خبرتي وخجلي الطبيعي ... بالإضافة لشعور الأبوة الناشئ في صدري ... لكني تماسكت
نظرات عينيها لا تدلّ على شيء... لا خجل ولا إثارة ولا مجون ... قررت أن أغيظها لأفهم ما تفكّر به ....
قلت لها
" هو عشان طلعلك شعر تبقي كبرتي ؟؟؟ "
وهربت من ردة فعلها راكضا نحو البيت ... لحقت بي تلهث ضاحكة ...
دقائق طويلة وهي تحاصرني بالصالون لتجبرني على الإعتراف كونها كبرت ... لكني واصلت إغاظتها حتى إنسحبت غاضبة لغرفتها ...
هذا ما كنت أبغي ... إستلقيت على سريري ... راجعت كل تصرفاتها ... دلال ترسل لي إشارات واضحة ... رغم وضوحها لكن نتيجتها تبقى غامضة ...
أو ربما فقط أنا أكابر ... هل أنا أشتهي إبنتي حقا ؟؟ هل يمكن لكبت السنين أن يهزم علاقة أبوة ولدت منذ شهور قليلة ؟؟؟ هل دلال تشعر بما أشعر به ؟؟؟ هل ترغب بما أرغب به ؟؟
تصارعت الأسئلة حتى أصابني الصداع ... قلة النوم مع كثرة الأحداث وعدم القدرة على التفكير جعلتني أستسلم للنعاس ....
نوم طويل هادئ ... لا كوابيس ولا أحلام ولا حتى تقلّب ... صحوت على صوت أذان العشاء ... مستغربا من إستغراقي كل هذه الفترة للنوم ... جسدي مخدّر من الإرهاق ... ندائي المتكرر لدلال التي تركت طعامي فوق الطاولة ... كل الغرف مظلمة ...
بحثت عنها في كل مكان فلم أجدها ... المشغل مغلق ... هل يعقل أن تكون غضبت مني فعلا وهربت ؟؟؟ إتصلت بها مرارا لكنها لم تردّ ؟؟؟
إنتبهت لورقة موضوعة فوق الطاولة .... " أمي جائت لزيارة جدتي ... لا تقلق أنا عندها ..." عادت روحي بإطمئناني عليها ...
تناولت طعامي على مهل .... كل شيء فيا يريد التمهّل ... الإندفاع قد يجرّني للخطأ ... البيت مظلم وكئيب في غيابها ...
حاولت السهر مع التلفاز ... لم يشدني من برامجه شيء ... حضّرت قهوة لنفسي وجلست في الشرفة أراقب البحر ...
بدأت أراجع نفسي ... كنت أخشى من ردة فعل دلال لو حاولت التمادي في مشاعري ... ربما هي لم تقصد إثارتي وربما أنا يخيّل لي ذلك ... ربما وربما وألف ربما ...
تائها بين ألف سؤال ... إنفجار عنيف يهز المكان .... كرة نار كبيرة تضيء السماء لتسقط في البحر ... أو صعدت من البحر في إتجاه السماء ... لم أفهم ؟؟؟
ركضت في إتجاه الشاطئ ... النار تشتعل في جسم على سطح البحر غير بعيد عنا ... بدأت الهمس والضجيج ينم عن تجمع السكان لإكتشاف الأمر ...
كنت أوّل الواصلين ... أو هكذا تخيّلت ... إقترب مني رجل في بداية الخمسينات ... لم أتبيّن ملامحه ... بدأ يسألني عما حدث ... ثم بدأ الناس يلتحقون بنا ... ذلك الرجل صار يلعب دور شاهد العيان و العارف في كل شيء ...
يفسّر ويتكهّن و يشهدني على الحكاية بإعتبارنا أوّل الواصلين ... دقائق طويلة نراقب فيها كرة النار وهي تذوب وسط ماء البحر حتى إختفت ... الكل يمسك هاتفه ... ألف حكاية وألف تخمين ...
إنتهت الجلبة بمعرفة الخبر اليقين ... أحد مراكب الصيد الصغيرة إنفلت من الميناء ... ربما أحد الأعطال تسبب في إنفجار البنزين ... لا ضحايا للحادث ....
بدأ الناس ينسحبون تباعا حتى عدنا كما بدأنا.... وحدنا أنا وذلك الرجل ... كان يتأسف لحال صاحب المركب وخسارته مصدر رزقه ...
كلامه ينم عن طيبة قلبه ... طلب مني سيجارة لكني إعتذرت أني نسيت سجائري بالبيت ... توجهت لحافة الطريق فتبعني ... كان يسير بجانبي لم أتبين شخصيته بعد ... وصلنا أمام باب حديقتي ...
طلبت منه الدخول فوافق ... وجدنا دلال تنتظر مرعوبة من غيابي ... بعد إطمئنانها أشعلت أنوار الحديقة وجالست صديقي الجديد في الحديقة ...
رجل أصلع ووجه شاحب ... يبدو طيبا وخجولا ... دلال قامت بواجب الضيافة ... أشعل سيجارة وسألنا من تكون الصبية ...
إندهش عندما أخبرته أنها إبنتي ... لكنه غمرني بالدعاء لي بحفظها ... أخبرني أنه لم ينجب ... يعمل حارسا في مصنع غير بعيد من هنا ...
بدأت أشك في هويته ... ضيف غريب يجالسني ... كنت على وشك التأكد من كونه زوج سعاد عندما آتاني الخبر اليقين من إسمها على شاشة هاتفه وهي تتصل به مستفسرة تأخره في العودة ....
طيبة قلبه وحلاوة كلامه زرعت ألما في قلبي سببه ما كنت أنويه يوما مع زوجته ... رغم مجون أفكاري لكني لست بذلك السوء ...
شكرت الأقدار ثانية أني لم أكن طرفا في خيانة هذا الرجل الودود .... بدأ يحدثني عن حياته قريته التي قدم منها ... ظروف المعيشة ... حتى وصلنا لمطعم زوجته ...
تفاصيل كثيرة كنت أتابعها ... راح يروي لي كل شيء عن زوجته ... ثم إسترسل ليحكي عن عائلتها ... ثم عن أختها ... ثم وصل لبنات أختها ... قال إن إحداهن ناجحة في دراستها ومأدبة ... والثانية جامحة غير ملتزمة وليست مهتمة بالتعليم ...
لكنها تدرس في مجال الخياطة ... بدأ رأسي يدور ... كنت أقارن بين كلامه وكلام زوجته ... سحر هي المتخلّقة وسمر هي الجامحة ... سحر هي الناجحة وسمر هي الفاشلة ...
فكيف تكون سحر هي التي تدرس مع إبنتي ؟؟؟ هناك لبس في الموضوع ... كان الرجل يتحدث بتلقائية كبيرة ...
لم أرد توجيه السؤال مباشرة له ... إستعملت كل الوسائل ... مرّة أتذمّر من هذا الجيل فيحكي لي كل عن أفعال إبنة صهره ... عبثا حاولت أن أدفعه أن ينطق إسم إحداهن فيرحم شكي ...
حاولي الساعة وهو يعبث بروحي دون قصد ... ثم تركني تائها ... من المخطئ في أمر البنتين ... سعاد أم زوجها أم أنا ؟؟ أوصلته للباب وودعته تائها ....
سيطر عليا موضوع الأختين ... دلال دخلت غرفتها بعد أن أنهكها التعب ونامت ... حاولت النوم عبثا ... أصلا أنا إستيقضت منذ فترة قصيرة ...
فكرة مجنونة راودتني ... يجب أن أعرف الإسم الحقيقي للبنت التي زارت بيتي ... تسللت لغرفة دلال ... أوّل مرّة أفعلها ...
الغرفة لم تكن مظلمة تماما ... فانوس حائط صغير ينير المكان ... صوت أنفاسها يدلّ كونها نائمة ... إقتربت منها بحثا عن هاتفها ... كنت أريد أن أفحص قائمة أسماء صديقاتها ... علي أروي فضولي وأفهم ...
طاولة السرير لا شيء فوقها ... بحثت بجانبها فلم أهتدي لشيء ... كانت دلال تغطي نفسها حتى رأسها ...
هممت بالخروج متأسفا لكني تراجعت ... ظننت أن هاتفها تحت المخدّة ... تسللت بجانبها ... ما إن وضعت يدي تحت مخدتها ... حتى فتحت عينيها مفزوعة
توقف قلبي ... ماذا عساي أقول وماذا أفعل ... تظاهرت أني أعدل رأسها على المخدة ... وضعت يدي على جبينها كأب حنون يتفقّد حرارة إبنته الصغيرة ثم خرجت وهي تودعني بإبتسامة بريئة ...
كنت سعيدا أني أفلت من الموقف المحرج لكني حزين لعدم إهتدائي للحل ... هل من حضرت يوم عيد الميلاد هي سحر أم سمر ... حديث هذا الرجل زعزع كياني ...
لم أنم ليلتها ... فكّرت في محاولة الإتصال بسعاد وفهم الموضوع ... لكني تراجعت ... سأفتح على نفسي أبوابا عديدة ...
قرب الفجر نمت على أمل أن تهمل دلال هاتفها فتحين لي الفرصة ... إستيقظت عصرا ... دلال تعد لي الفطور كعادتها مبتسمة ... أحسست أن عيني ستفضحني وأنا أبحث عن هاتفها ... إحباط شديد أصابني ...
كانت تضعه بجانبها ... كصيّاد يتربص بفريسة أراقب حركاتها ... هذه البنت لا تترك هاتفها بعيد عنها أبدا ...
بدأت أسألها عن حال أمها ... عن حال صديقاتها ...هل تتاوصل معهن في خصوص مشروع العرض ؟؟؟ كانت تجيب دون أي إشارة ...
طال وقت ترصدي لها عبثا ... حتى الحمام تدخله بالهاتف ...
حلّ الليل ثانية ... ساعتان أو أكثر للإطمئنان كونها نامت ... تعمدت إحداث جلبة بسيطة في المطبخ لطرد أي شك ّ ...
فتحت باب غرفتها بحذر ... خطوات قليلة على أطراف أصابعي ... صدى أنفاسها تتجاوب معه حيطان الغرفة ... كنت أركز مع ظلّ جسدها المرسوم على الحائط ...
إنقطع نبضي حين وقعت عيني على جسدها ... نصفها الأعلى عاري تماما ... رأسها تميل نحو الجهة المعاكسة ... شعرها يغطي نصف وجهها ... رقبتها تكاد تشع من صفائها ...
صدرها تعلوه قبتان صغيرتان إنفردتا كل في إتجاه ... حلمات سوداء صلبة تكاد تنفجر داخل الدائرة البنية ...
حرقة شديدة تصيب ما بين فخذي ... إنتصاب عنيف يهز كياني ... كل عروقي تشتعل مع كل شهيق يرفع صدرها للأعلى ...
نسيت سبب دخولي غرفتها ... تأملّت تلك اللوحة التي تهديها الطبيعة لي ... شدني التأمل فيها لا أدري لكم من الوقت ...
حركة غير حذرة أصدرت معها جلبة خفيفة ....... دلال تفتح عينيها ... تتسائل عن سبب وجودي بغرفتها ... لم أجد إجابة سوى أني دخلت للإطمئنان عليها ...
خرجت من عندها ألعن الهاتف وسمر وكل الظروف التي وضعتها في طريقي .... الآن دلال متأكدة أني أتجسس على جسدها ...
حرب طويلة بيني وبين نفسي ... كنت أخذت قرارا بأن أصارحها بموضوع شكي في صديقتها ... وأشرح لها كلّ شيء ... لكني أجلته لليلة أخرى ...
مر الغد طويلا ... رغم أن فرصة للتلصص على هاتفها أتيحت لي يومها لكني تجاهلته ... ساعات الليل إستبسلت أن تمر ... دلال التي أحست بعدم تجاوبي مع حديثها إنسحبت لغرفتها مبكرا ...
ضاقت بي جدران البيت ... خرجت أتمشى ... كنت أنوي أن تمر ساعة أو ساعتان أطمئن أن إبنتي غرقت في النوم ...
حذرا من أن تتبلل ملابسي من رذاذ بعض الأمواج المتلاطمة على الشاطئ ... إقتربت من الأشجار التي تلامس حافته ....
بدأت التفكير في سبب تخلي دلال عن غطائها والنوم نصف عارية ... قبل أن أستجمع قدرتي البسيطة على التحليل ... إمتلأت نفسي رعبا من صوت يسلّم عليا ... لم أتمالك نفسي إلا حينما تبينت شخصيته ....
زوج سعاد يطلب مني مصرّا أن أرد له الزيارة ... حاولت التملّص لكنه أصر ... خصوصا وأنه لوحده بالبيت ... زوجته ذهبت لزيارة أختها ....
قبلت دعوته لكني لجأت لمكان بحديقة منزله ... قام بواجب الضيافة بكأس شاي أحمر يحرق الأمعاء ...
قررت إستدراجه في الحديث ... أوهمته أن أحد أصدقائي يملك مشغلا كبيرا للخياطة وأنه بإمكاني مساعدة إبنة صهره على إيجاد عمل ...
سعادته رسمت على محيّاه ... لم أفهم سببها ... ربما مجرّد كسر عين صهر بهذا المعروف يكفيه لمثل هذا الشعور ...
كنت أطرق السمع لمكالمته وهي يعلم زوجته بالبشرى السعيدة ... سمر هي المقصودة ... توضحت الصورة أمامي ...
لم أستطع مجارته في بقية الحديث ... عقلي سينفجر من كثرة التفكير في حلّ اللغز ... سمر تنكر شخصيتها أمامي ... إدعت أنها أختها ... معقول ومقبول ربما تريد تجنب الفضيحة أمام صديقاتها خصوصا أمام إبنتي ...
لكن دلال نادتها سحر عديد المرّات ... ضباب كثيف يطبق على عيني من كثرة التفكير ...
الساعة تجاوزت منتصف الليل ... دفعني كثرة تثاؤب مضيفي الكريم للإنصراف ... ساعتان أو أكثر يثقل فيهما عليا الصعود للبيت ... الحديقة كانت ملجئي ...
قبل الفجر بقليل دخلت البيت ... نور خافت يطل من باب دلال ... لم تغلق الباب بإحكام ... لم أعد بحاجة لفحص هاتفها ... كما أن التفكير أنهكني ... كنت سألج غرفتي لكن قدمي كانت تتبع الضوء القادم من فتحة الباب ...
خفت أن تكون دلال لا تزال صاحية ... وقفت أسترق النظر ... نور الغرفة بأكمل مشتعل ... نظرت تجاه السرير ... أحد أرجل دلال متدلية على جانبه حتى كادت تلامس الأرض ...
رفعت عيني تدريجيا متمعنا في جلدها الناعم ... كنت أنتظر أن تتوقف نعومته مع حافة لباسها ... لا قميص نوم إعترضني ولا شورت قصير ولا حتى كيلوت ... جانب فخذها كلّه عاري ....
تسمّرت مكاني مدة أحاول أن أترشف قطرة من ريقي الذي جف ... فخذها العاري يتدلى أمامي من السرير ... لا أعلم لماذا وكيف ... دفعت الباب بحذر ووقفت عند الباب ...
السرير العاري و الحشية منعتني من التأكّد ... فقط رأس دلال تظهر قليلا وفخذها الذي سبق أن تفحصته بعناية ...
خطوات قليلة حذرة قصيرة نحوه ... مع كلّ خطوة يبرز جسدها أمامي ... كاليابسة تبرز تدريجيا أمام منظار كشّاف سفينة أعياه طول الضياع في غياهب البحر ...
حلمتاها الصلبتان مرفوعتان بشموخ فوق ربوة صدرها الناشئ ... صرّة سوداء تتوسط بطنها البرنزية المسطّحة ...
كنت أصارع عيني لكنها إنفلتت مني لتقع على بقعة من الشعر الأسود ... تتوسط فخذيها الطريين ...
مجرّد لمحة بسيطة إشتعلت معها نار صدري ... وإلتهب إنتصابي ما بين فخذي ... هيبة المنظر وغرابة الموقف دفعت بي خارجا ...
كمن أفلت من قبضة كادت تخنقه ... لجأت لغرفتي ... دلال تنام عارية ... غطائها مطوي على السرير ...
هل كانت مصادفة ... لا أبدا ... أول ليلة كانت ملتحفة تغطي كل جسدها ...
ثم تنام عارية الصدر ... الآن تنام عارية تماما ... هي كشفت أمر دخولي لغرفتها ... هل يعقل أن تكون تعمدت ذلك ؟؟؟؟ مستحيل وأكيد .... لا أبدا عقلي لن يتقبّل هذا ...
إنتصابي العنيف قض مضجعي ... دخلت الحمام ... لست من هواة العادة السرية وأكرهها ... لكنها شرّ لا بدّ منه ...
نظرت لقضيبي المحاط بشعر سببه الإهمال ... بدأت بحلاقته ... منظر الشعر النامي بين فخذي دلال لا يفارقني ... مجرّد ذكراه تثيرني...
أتممت إستحمامي ... كنت أنوي تفريغ لهيب رغبتي بيدي لكن صوت دلال تنادي منعني ... خرجت للصالون أتحزم بمنشفة وصدري عاري ...
بعض قطرات الماء المهملة تسيل على صدري .... دلال التي دائما تدللني أسرعت من خوفها أن أمرض لتنشيف جسدي ...
حركات رقيقة من أصابعها التي تمسك منشفة تجول بها على عضلات صدري ... كنت أظن أن ذلك سينتهي بسرعة ... لكنها تمادت ...
حركات أصابعها تدغدغ حلماتي التي بدأت تتصلّب ... تيّار حار يهز شراييني ليجتمع بعنف بين فخذي ...
إنتصاب حرّ من كل قيد رفع المنشفة للأعلى ... كانت دلال تقف ورائي لتنشيف ظهري ... أنفاسها تحرق كتفي وهي تحاول الوقوف على أطراف أصابعها للتأكد من أثر ما تفعله بي ...
إستسلامي الممتع لحركاتها لم يدم طويلا ... كانت تمرر يديها على بطني من الخلف ... أصابعها تلامس ما بين سرّتي وحافة المنشفة ...
كنت أهتز مع كل ملامسة ... إنتصاب متواصل عنيف ... المنشفة صارت تشكّل خيمة بفعل الوتد الذي إرتفع وسطها ...
دون شعور إنسحبت للغرفة ... لمسة أخرى منها ستدفعني لإغتصابها .... ضحكة خفيفة منها كان أثرها كرصاصة أطلقت عليا ...
لم أجد مهربا من نفسي قبل هروبي من دلال ... يجب أن أجالس نفسي طويلا ...
تعمّدت أن أتأنّق أكثر من العادة ... رائحة عطري تسبقني ... تسريحة شعري وإهتمامي بمنظري لم تستسغه دلال ...
خيبة أمل ومرارة رسمت على وجهها وأنا أخبرها أني سأخرج بمفردي ... طاردتني بألف سؤال من شفتيها وعينيها ... كاد يغمى عليها لما أخبرتها أنه في صورة تأخري بالعودة عليها إغلاق الأبواب ...
تركتها تميز من الغيظ وركبت درّاجتي أسابق بها الزمن ... لا وجهة محددة لدي ... وصلت المدينة ... كنت جائعا و يغلبني النعاس وبداية صداع تزعجني ...
لجأت لأحد المقاهي الفاخرة ... أطفأت رغبة بطني ... قهوة وحبة دواء كانت كفيلة بطرد الصداع والنعاس معا ...
مستلقيا على كرسي ... بدأت أراجع موقفي ... نعم أنا معجب بدلال ... كلمة معجب لا تكفي ... أنا أشتهيها فعلا ...
خنقت ضميري بإستعمال كل المبررات المقبولة والغير مقبولة ... وإن يكن ... من سيعلم بذلك ... أنا مستعد وأريد وأرغب وأحلم وأطوق ...
لكن هي ؟؟ ما موقفها ؟؟؟ هي بكل المقاييس **** ؟؟؟ أو مراهقة ... لنقل شابة تنقصها الخبرة ...
فتاة جميلة شابة صغيرة ... الحياة كلّها أمامها ... ربما أنا مخطأ في قراءة تصرّفاتها ...حتى وإن رغبت هي بذلك ... لا يجب أن أشتغلّ براءتها ....
لم أشعر بمرور الوقت ولا بمطفأة السجائر التي عجت ... أخبرتني علبتي أني إستهلكتها كلّها .... خرجت للشارع أشتري أخرى ...
صدفة عجيبة ... وجدت فتاة وجهها يبدو مألوفا لي ... عند كشك السجائر ... لم تطل حيرتي وتفكيري في هويتها ...
سلّمت عليا مستنكرة عدم تذكري لها ... إحدى صديقات إبنتي ... كانت ضيفة في بيتنا يوم عيد ميلادها ...
الحقيقة أن أحداث عيد الميلاد وتواجد سمرليلتها سيطرت على تفكيري وأنستني كل الحاضرين ... سألتني عن دلال وأحوالها ... إندهشت لما أعلمتها أنها مشغولة بمشروع العرض ؟؟؟ حيرة جديدة تلتحق بقائمة أفكاري ...
أقسمت أنها لا تعلم عنه شيئا ولا يوجد عرض ولم تسمع به يوما ... رغم صدمتي من أكاذيب إبنتي المتواصلة لكني أصررت على الفتاة أن أدعوها لشرب شيء كتعويض عن نسياني لها ...
وافقت شريطة أن نبتعد عن هذا الحي ... غريب أمر هذا الجيل .... كانت توجهني وهي تركب خلفي إلي أحد أطراف المدينة ... أحد المقاهي المخصص للمواعيد الغرامية ....
قالت أنه مكان مناسب يحميها من عيون قد تصادفها .... لم أهتم لما فكّرت به رغم تلميحها ... كنت أتوق لمعرفة أسرار دلال ... إكتشفت من حديثها أن عالم المراهقات مليئ بالمفاجآت ...
أكرمتها كرم شديدا في حريّة الطلبات ... أعتقد أن البنت فهمت قصدي خطأ ... إعتقدت أني أنوي شيئا ناحيتها ... رغم جمالها ورغم تجاوبها لكن عقلي وقلبي معلّقان بدلال ...
كانت أسئلتي واضحة ... الفائدة الأولى أني تأكدت أن سمر هي سمر وليست سحر ... طلبت منها بوضوح أن تحكي لي عن ما تعرفه من دلال...
رغم محاولتها المراوغة لكنها جادت بما تعرفه عنها ... يبدو أن قصر عهد صداقتهما منعها من معرفة الشيء الكثير ... كما أن غيرتها أو علاقتها بدلال دفعها لفضحها أمامي ...
قالت أن كلّ أسرارها مع سمر وكل أسرار سمر مع صديقة أخرى لها ... تواعدنا في الغد في نفس المكان والتوقيت علّها تأتيني بالجديد ...
إن كانت دفاتر ماضي دلال خالية بالنسبة لي فبعض السطور التي خطتها زميلتها تبدو إنجازا بالنسبة لي ... كأب أو كعشيق متوقع ...
عدّت للبيت مع الظلام ... كانت سعادة دلال بعودتي تغطي حيرة رسمت على وجهها طيلة غيابي ... سعادة سرعان ما تلاشت مع دخولي لغرفتي بعد برود حاولت تفاديه ...
أفكار تهزني وترميني ... بعض المعلومات عن حياة دلال لم تروي فضولي ... الفضول الذي تحوّل لحيرة في سبب لعبة دلال وسمر ... وما موضوع البدلة التي تخيطها لي ...
كل هذا لتدفعني للتعري أمامها ... الأرجوحة وملامستها لكسها و و و و و
المهم أن دلال تعرف كل شيء عما حدث بني وبين سمر ... أنا أخبرتها بذلك ... أخبرتها بما سمعته من صديقتها ...
الغموض يحيط بي ... لكن النعاس حسم الصراع ... سحبني نوم عميق ... نوم الرضع ... أفقت غدا صباحا ... تسحّبت بعد أن تهيأة نفسي للخروج ... دلال لا تزال بغرفتها ... تركتها وخرجت ...
صبري لم يعله الإنتظار ... صديقتي تلتحق بي في المقهى ... طلبت مني دون خجل مبلغا ماليا ... قالت أني أدين لها بثمن التاكسي وبطاقة الهاتف التي أنفقتها لمعرفة بعض الأسرار ...
أمر هذه الصبية محيّر .... الأسرار تكشف تباعا ... ما روته صديقة سمر عما عرفته من دلال ... إبنتي كانت تعيش قصّة حب مراهقة مع شاب في المعهد ... لا أحد يعلم سبب نهايتها ... لكن إنسحابه كسر روحها ... كشأن كل قصص حب المراهقة ...
فشلت في دراستها نتيجة حالتها النفسية ... عدة معلومات أخرى تبدو مفيدة نوعا ما ... سؤال واحد فقط سكن عقلي ... ترى هل سلّمت دلال نفسها لحبيبها ...
كانت الصبية تتحدث لي بطلاقة وإسترسال ... أحيانا تمرر كفها على ذراعي ... وأحيانا تضع يدها على فخذي ... رغم تصنعي اللامبالاة لكنها سرعان ما تعود للحديث ثم تعيد الكرّة ...
نعم هكذا هو هذا الجيل ... التلامس والعناق وكل ما كنا نعتبره مثيرا هو حركات عادية بالنسبة لهم ... كانت تتحدث معي بينما أقارن بين حركاتها وما تفعله دلال ...
عائدا للقرية مهموما ... لا تفكيري أوصلني لحل ولا حديثها شفى غليل فضولي ... بدأت أراجع لمساتها لي ... سألت نفسي ألف سؤال ماذا لو بادلتها اللمس ... تذكرت وصية حنان يوم تناقشنا عن الخطر والفضيحة وووو .... الليل بدأ يسدل أستاره وعيني بدأت تظلم معها ... عينان تلمعان أمامي على وقع نور فانوس الدراجة ... حاولت تفاديها ...
قيس يقف بجانبي وممرضة تقطب جرحا بركبتي وقدمي ... يدي اليسرى ملفوفة بكاملها بينما اليمنى نصفها مغطى بضمادة خفيفة ...
عرفت فيما بعد أن صدمت كلبا شاردا في الطريق ثمّ وقعت ... الأضرار ليست خطيرة لكنها تتطلّب الراحة ...
دلال التي قتلها الفزع لتأخري وعدم الرد عليها كادت تهلك لمنظري وأنا أنزل من سيارة قيس معتمدا على كتفه وعكاز بيدي ...
كانت تسندني من جانبي الآخر ... لم تفلح إبتسامتي في تهدئتها ... تركت قيس يروي لها تفاصيل ما حدث ورحت في النوم ...
أفقت في فجرا ... الألم يهزني ... أطرافي لا تتجاوب معي ... أصابع يدي تلونت بالأزرق ... رجلي ثقيلة جدا ... حاولت الحركة لكن أفزعني وجود دلال بجانبي ...
دلال التي باتت تمرضني نامت بجانبي لأوّل مرّة في حياتها ... أنا الذي تعودت منذ الأزل على النوم وحيدا ...
دلال التي زادت حالتي في دلالها لي ... الأكل والشرب والنظافة ... 3 أيّام متتالية وهي متفرغة لخدمتي ... وجودها بجانبي أشعرني بالسعادة ... هذه الحادثة البسيطة دفعتني لأراجع حساباتي ...
شكرت القدر على هذه الهدية ... تخيّلت لو كنت وحيدا وأصبت ... أحسست بالمرارة تشويني ...
دلال هي كلّ ما أملك في حياتي ... كنت أعاني الأمرين في دخولي للحمام ... بدأت أتركز على رجلي بإستعمال العكّاز ... لكني لم أقدر على تنظيف نفسي جيدا ...
رابع يوم زارني ممرض من القرية للإزالة الغرز وتغيير الضمادة ... كنت بدأت أقرف من رائحتي ... قالي لي يمكنك الإستحمام فقط .... يجب عليا لف الجبيرة بكيس بلاستيك ... كما وصف لي عدة مراهم تزيل الألم وآثار الجروح ...
مغادرته كانت إذنا لي بالتخلّص من القرف الذي يغطيني ... حاولت التخلّص من قميصي لكني عجزت ... دلال التي أوصلت الممرض لباب البيت تهرول نحوي ...
  • إنت بتعمل إيه ؟؟؟
  • بنزع هدومي عشان أستحمى ... ريحتي بقت زي الزفت ...
  • طيب خليني أساعدك ...
  • لا لا لا بلاش حأعرف أتصرّف لوحدي ...
  • إنت حتتكسف مني ...
  • مش كسوف بس ما يصحش ...
  • ما يصحش دا إيه ... هو في حد شايفنا ...
  • بس ... بس
  • لا بس ولا حاجة ... بعدين يعني ... يعني ...
  • يعني إيه ؟؟
  • أنا شفتك شبه عريان قبل كده ...
  • إمتى داه ؟؟؟
  • أمال مين إلي غيّرلك يوم الحادثة
  • (لم أذكر شيئا ليلتها ) بس دي تفرق ...
  • لا لا ما تفرقش يلى بس وبلاش دلع ...
سحبتني دلال من يدي ووضعتها على رقبتها لتسندني نحو الحمام ... كنت كمن يساق للإعدام ... نزعت عني قميصي بحذر وعناية ...
البنطلون كان نزعه أشد صعوبة من القميص ... جلبت كرسا من المطبخ وأجلستني عليه ...ألصقت رجليا ببعضهما ... ثم فتحت رجليها وأحاطتني بهما ...
أول لمسات لها وهي تفتح رباط بنطلوني القماشي بعث إهتزازا في بطني ... تراجعت للخلف قليلا وبركت على ركبتيها تسحب البنطلون بهدوء ... ما إن وصل قماشه ركبتي حتى إندفعت عضلة قضيبي للأعلى ...
بقيت بالبوكسر يستر إنتصابي ... دلال تخلّصت من ملابسي لغسلها ... رائحة كريهة تنبعث مني دفعتها لغلق أنفها ... كأم تغيّر حفاضة رضيعها ...
حاولت دفع الحرج عنا بسحب منشفة وضعتها على وسطي ... لكنها أزالتها ... لم أستطع منعها ... سحبت البوكسر بنفس الطريقة السابقة لكنها كانت تشيح بنظرها عن عري ...
زبي منتصب بحرّية ... عيني كانت تراقب تصرفات دلال ... فوطة ساخنة مغمسة بالصابون تقلّبها بين كفيها ...
بدأت تمسح بها جسدي ... نزولا من الخلف ...الفوطة رغم غمسها في الماء الساخن لكنها تبدو باردة أمام الحرارة التي إشتعلت في جسمي .. كتفاي ثم ظهري ... كانت تمسّد فقرات ظهري ... ألم شديد سببه الحادث وطول الإستلقاء ...
ما إن لامست يدها مفرق مؤخرتي حتى إهتز جسدي لحركتها ... تراجعت يداها صعودا ... ربما أحست بي ...
السلسلة الثانية من الحركات كانت أشد حرارة ولهيبا ...
بدأت تمسح رقبتي ثم إلتفت لتمسح صدري ... إنتصابي بلغ أشدّه ... وقفت أمامي وبدأت نظف إبطي ... أنفاسها بدأت تضطرب بإقترابها من بطني ...
زبي الناعم على بعد شبر من وجهها ... أحسست أنها تجاهد لكبت تعابير وجهها ... رسمت إبتسامة جامدة ... كنت أمقط تلك الإبتسامة ... حرمتني من فرصة تحديد موقفها من رغبتي الماجنة ...
غرست عيني في مفرق صدرها المطل عليا بخجل من فتحة قميصها ... حتى هذه حرمت منها حين بدأت تمسح بحنية على أصابع قدمي ...
يدها تجول بحرية على فخذي السليمة ... بلا شك عيناها تتملى في زبي المنتصب لكن تلك الإبتسامة حجبت كل إمكانية لإستطلاع تفكيرها ...
أكملت رجلي المصابة بحذر شديد ثم ... ذهبت للمغطس تغسل الفوطة ... إنحنت أمامي لتمنحني مشهدا لمؤخرتها المرفوعة للأعلى ...
عيني تغوص بين فلقتيها ... لا أعلم هل أنا توهمت ذلك أم أنها أطالت في مدة فركها ... إلتفت نحوي فجأة ... نظرة ثابتة في عيني ... لم أستطع مقاومتها ولا الهروب منها ... ثم أنزلت عينها بين فخذي ... وعادت للإبتسام ...
حشرت الفوطة بين فخذي ... أصابعها لم تلمسني لكن قماش الفوطة يحتك بكيس بيضاتي ... كنت أرتجف مع كلّ لمسة ... أردت الكلام لكنها أمرتني بملازمة الصمت ...
أتمت غسل بيضاتي بحذر ... لا أعلم أهو حذر الخجل أم حذر أن لا تؤذيني ... المهم أن عذابها أمتعني ... عادت هي للمغطس ثانية ... وغطست أنا بين مفرق مؤخرتها ...
وقفت أمامي مترددة ... ثم بحركة ثابتة وضعت الفوطة على زبي المنتصب ... كان يعاند ضغطها عليه لتنظفه تريد محاصرته بين المنشفة وفخذي وهو يعود للإرتفاع للأعلى ...
لم تجد بد إلا من كسر خجلها ... أصابعها تحيط برأس زبي العنيد ... إعتقدت أني أحلم وأناملها الأربعة تضغط عليه من الأعلى في حين إبهامها يسند رأسه من الأسفل ...
الفوطة صعّبت المهمة عليها ... تخلّصت منها وأغرقت يدها بالرغوة ... يد تمسك رأس زبي والأخرى تنظفه صعود ونزولا ...
متعتي بحركاتها الناعمة منعتني من تحديد موقفها مما تفعله ... لكني كنت متأكد أنها مستمتعة ... عضو ساحن صلب بين يديها ... إستغرق تنظيفه لوحده أكثر من كل جسدي ...
حركاتها صارت أكثر وضوحا ... يدها اليمنى تداعب قضيبي صعودا ونزولا ... واليسرى تعصر رأسه ... لسانها الذي أطلّ من بين شفتيها فضحها ...
لم أتمالك نفسي عن القذف بعد كل هذا العذاب الممتع ... قذف بعيد المدى إستقرت أولى قطراته على صدر قميص دلال التي إنسحبت للخلف من المفاجأة ...
لحظات ثقيلة برك فيها الهم على قلبي ... نعم ذلك شعوري ... رغم سعادتي بما فعلته دلال لكني حزنت ... إبنة تداعب قضيب والدها حتى يفرغ شهوته المجنونة ...
كأنها أحست بما يغلي في صدري ... ملأت وعاءا بالماء الساخن ... وبدأت بفرك رأسي ثم تصب عليا ...
رذاذ الماء بلل قميصها ... الصمت الذي ساد مغامرتنا يقتلني ... أردتها أن تنطق فنطقت ... لفت وسطي بمنشفة سترت قضيبي الذي بدأ يتراجع ... كنت أريد الخروج لكنها طلبت مني الجلوس حتى تنهي ...
دون مقدمات ... خلعت قميصها أمامي ... صدرها النافر للأعلى شموخه لم يتأثر بنزع الحملات الوردية ... إنحنت أمامي تنزل الشورت الأسود والكيلوت في نفس الوقت ...
إن كانت العروض تنتهي بإنزال الستارة فهذا العرض بدأ للتو ... رجلان متناسقان كحرف V ... تعلوهما مؤخرة مرفوعة للأعلى ... جلدها الأسمر زادها لمعانا ... مفرق لونه قاني يدلّ على غموض يستحب كشفه ... يطل طرف جلد متعرّج مدبب ...
إنتهى الفصل الأوّل و قدم ما هو أمتع ... دخلت دلال تحت الدش ... جسدها العاري يلف أمامي ... شعرها إنسدل على عينيها لتستر خجلها ... حمرة وجنتيها أكدت ذلك ...
الماء ينسدل على جسمها ... يدها تدعكان ثديها بحنان وعناية ... دون تردد أنزلت يدها تفرك ما بين فخذيها ... أسفي لإغلاق الصنبور معلنا نهاية العرض تحوّل لسعادة مع الجزء الأخير ...
خرجت دلال ووقفت أمامي ... دون تردد تنشف جسدها ... رفعت رجلا وتركت الأخرى ... كسها المحلوق حديثا مصور أمامي ...
خرجت عيني من مكانها ... هذا اللحم الطري الغض الذي طالما أثارني معروض أمامي دون ستار ...
زبي الذي لم يهدا بعد عاد للغليان ... دلال إلتحفت بمنشفة أعلى صدرها ... وضعت يدي على رقبتها تسندني للغرفة ...
كنت أحاول الصعود للسرير فإنزلقت المنشفة ... طال تمليها هذه المرّة في زبي ... صورته بعينيها من كل الجهات ...
لم تهتم بتغطيتي ... فقط أسندت ظهري بمخدة وراحت تجلب مراهم التدليك ... منشفة صفراء فاتحة تلف سمار بشرتها من الوسط ...
لم أحب الرياضيات يوما ولم أعشق الهندسة لكني تهت في توازي المقاييس بين العاري والمكشوف ...
جلست دلال بجانبي ... شعرها المبلل ينسدل على جبينها ... المنشفة تراجعت حتى منبت فخذيها ... تمسك رجلي المصابة بيد وتدلّك بعناية منطقة جرحي بيدها الأخرى ... عينها تتابع إرتفاع قضيبي كغصن ينمو بسرعة مع كل لمسة منها ...
إنهماكها في شغلها جعلها تتخلى عن حذرها ... أو ربما هي قصدت ذلك ... باعدت بين ساقيها ... كسّها الناعم المحلوق حديثا يتوق للحريّة ...
عيني تتملى فيه دون أي مانع تغوص في شقوقه ... تبللت أهدابي من رحقيه ... كمشهد سينما صامت ....
كذب من قال أن الإنسان إحتاج للكلام للتواصل مع غيره ... العيون والأصابع كفيلة للتواصل .... كان الدور على يدي في التمسيد ...
دلال صعدت على ركبتيها بجانبي ... إنحنت تتبع مكان الجروح فإنطلق صدرها خارج المنشفة ... رأيتها تنظر ليديها المغطستين بالمرهم ... ربما تقنعني أنها ستترك نهديها الفتيين لعيني تلتهمهما بحرية كي لا توسخ المنشفة ...
طالت عنايتها بيدي ... ثدياها يتدليان أمامي بحرية رغم ثقلهما ... حلمتان صلبتان تبرزان من قبة لحم مشدود تعكسان تحمسها ...
قضيبي الذي إشتد عوده للأعلى يشد وثاق بصرها نحوه .... لمسات ناعمة ونصف جسد غض عاري ... كل مفاهيم وقيم العالم لا يمكنها كبت جماح رغبتي المشتعلة ....
رغما محاولتي مطاردتها لكن آهات حارقة تسللت من حلقي مع ملامسة أنامل دلال التي تدلّك فخذي الأعلى ...
توقفت عن شغلها ... طال إنتظاري لحركتها المقبلة ... تجثو على كبتيها تتعبد بعينيها في حرم قضيبي المنتصب ... تمثال نحتته الطبيعة لآله الرغبة ... الرغبة هي الرغبة حتى لو كانت محرّمة ...
أنفاسها تحرق جلد زبي الملتهب أصلا ... أردت التكلّم ... ربما لمنعها او لتشجيعها ... أنا لا أحسب تصرّفاتي ... لم تتحرّك شفتي بعد ...
دلال تقرب سبباتها من شفتي تدعوني للصمت ... رائحة المرهم الحادة تحرق أنفي وتدمع عينيا اللتان أغلقتا عفويا بمفعوله ...
لم أفتح عيني بعد حتى أحسست شفتي دلال المبللتين تقبّلان رأس زبي ... إهتز صدري لما حدث ... حركة واضحة من إبنتي ...
لسانها الدافئ يحيك بحافة دائرة رأسه الناعمة ... هدمت معابد الشرائع التي ستحرمني منها ... شفتاها الطريتان يكسوهما ريقها الدافئ تحيطان برأس زبي بأكمله ...
صغيرة وبريئة لكنها خبيرة في المص ... روح شبابي تعود لجسدي مع كل حركة تسحب بها رغبتي للخروج بين شفتيها ... تناقض في الحركة والنتيجة
شفتان طريتان تقضمان حافة زبي .... وحلق دافئ يقبل نصفه داخلها ... أنفاس كلهيب ظهيرة صحرائنا تروي جلدي الذي شققته السنون ...
كثر إهتزازي مع إقتراب حمم رغبتي من الإندفاع ... حاولت تنبيهها لكنها تجاهلت أو إنسجمت فيما تفعله ... الدفعة الأولى من سائل رغبتي إستقرّ بحلقها ... الثانية لحقت وجهها وهي تهرب منه ... والثالثة وجدت بيتها بين ثدييها ...
راحتا يدها اللتان تمسحان بهما ما إستخرجته من باطن حرماني على جسدها ... يداها تعصران ثدييها ..
كل عضلاتي إسترخت ... نزلت دلال من السرير وقد وقعت منشفتها على الأرض ... إهتزاز ردفيها بميوعة وهي تمشي نحو الباب ... سحب نظري وأعاد الحركة لجسدي ..
لا أعلم كيف نطقت ....
  • إنت رايحة فين ؟؟؟
  • حأستحمى ثاني (إبتسامة ماجنة ممزوجة بدلال العالم) ما تخافش مش حأهرب منك ... راجعالك ...
  • ....
فقط هذه النظرة وتلك الكلمات وبقايا صورة مؤخرتها في ذاكرتي كفيلة بإعدام كل أحاسيس الندم التي حاول ضميري المهزوم بثها في صدري ...
أغمضت عيني أسترجع صورة مؤخرتها ... ونمت ... نعم نمت ... نمت مرتاح البال ... لا بل سعيدا بما حصل ...
الموضوع لم يحتج لخطط أو لمحاولة فهم أو لدراسة ... فقط إحتاج لحادث وجروح ... أقسمت أن أشيّد ضريحا لذلك الكلب شهيد الرغبة ...
كنت أرى إنعكاس إبتسامتي على وجهي وأنا نائم ... نسمات المساء الباردة تتسلل من الشبّاك ... ورائحة أكل لذيذة تدغدغ أنفي ...
حاولت التحرّك ... رجلي السليمة على الأرض والمصابة نصف مطوية ... إستندت على الحائط حتى وصلت خزانتي ... صورتي وأنا عاري في المرآة أثارتني ... إسترجعت فيها كلّ ما حدث ...
صوت فتح باب الخزانة جذب دلال نحوي مسرعة ... قميص نوم أبيض شفّاف يستر ثلث جسدها ... رائحة عطر أخّاذ تسبقها ...
  • إنت نزلت من السرير ليه ؟؟؟ ينفع كده ؟؟
  • أصلي زهقت من الرقدة ؟؟؟
  • بس إنت لسة مجروح ...
قبل أن أنطق أسندت يدي على رقبتها ولفت يدي الأخرى حول خصرها ... هكذا دون شيء يسترني كنت أستند إبنتي حتى وصلنا الصالون ...
إسترخيت على الكنبة ... عاري كأيّام وحدتي ... دلال تتقدّم نحوي تحمل طبق الأكل ... بطاطس مقلية ودجاج مقرمش وبعض السلطات وصحن مايوناز ...
فكي لازال يؤلمني قليلا ... إنحنت دلال تضع الطبق أمامي ... صدرها يتدلى من فتحة قميص النوم بعث الروح في المارد النائم منذ عقود ...
رغم كل شيء حصل بيننا أحسست بالحرج ... سحبت مخدة وضعتها بين فخذي ... نظرة حسرة رسمت على وجه دلال التي بعد إطعامي عادت للمطبخ ...
قبل أن ترجع للصالون طلبت منها أن تحضر لي شيئا ألبسه ...كأنها لم تستسغ طلبي ... أو لا أدري ....
عادت للصالون وقد نزعت قميص نومها ... جسدها عاري إلا من كيلوت ... مثلث صغير أبيض يستر كسها الناعم يشده خيطان لخيط في وسطها ...
دهشتي وصدمتي إمتزجت بالسعادة على خدودي ... قالت " كده نبقى متعادلين "
... لم أفهم ما أصابني ... رغم رغبتي الشديدة وقرب وصولي لما أتوق له ... لكني أردت أن أفهم سرّ ما تفعله ...
  • دلال ... أنا عاوز أتكلّم معاكي ...
  • خير ؟؟؟ عاوز حاجة ...
  • بخصوص إلي حصل ما بنا ؟؟؟
  • (تسمّرت مكانها كأنها لا ترغب في الخوض في هذا الحديث) إيه ؟؟؟
  • (أشرت لها بالجلوس بجانبي فإستجابة وجلة ... نظرت للأرض) إنت شايفة إن إلي بنعملو صح ؟؟؟
  • مش مشكلتي صح أو غلط ... المهم إنو عاجبني وإنت كمان عاجبك وتقريبا إنت عاوز كده ؟؟؟ صح ؟؟؟
  • ما أقدرش أنكر ولو إنه صعب إني أعترف ... بس ... بس
  • من غير بس ؟؟؟
  • إنت عاوز كده وأنا فرحانة ؟؟؟ فين المشكلة ؟؟؟ وأصلا ما حدّش لوه حاجة عندنا ...
  • طب إنت عملتي كده ليه ؟
  • مش عارفة أفسرلك بس من يوم ما رجعت وأنا حاسة بإنجذاب ناحيتك ؟؟؟
  • إنجذاب زي إيه ؟؟ و ليه ؟؟
  • زي إيه وليه مش حأعرف أفسّر بس هو كده ؟؟؟
  • مش مقتنع ؟؟
  • مش مهم تقنع المهم إنك سعيد ؟؟ ما تنكرش ؟؟
  • مش حأنكر ؟؟؟ بس مش مستريّح ؟؟؟ مش ممكن تندمي ؟؟؟
  • أندم مستحيل ؟؟؟
  • ليه ؟؟ مستحيل ؟؟
  • طيب أنا عاوزة أعترفلك بحاجة ... من يوم ما دخلت المعهد وإتعرّفت على سمر ... على فكرة هي سمر مش سحر .. وداه موضوع يطول شرحو ... و لما عرفت إني ساكنة في البلد دي قعدت تكلمني عن راجل وسيم وغني ... كلّ الأوصاف تنطبق عليك ... وأنا أصلا كرهت الشباب ودي كمان سببها حكاية يطول شرحها ... فهمت إنه البنات إلي في سني يجذبوك وكمان الرجالة إلي في سنك سجذبوني ... فليه الغريب يدخل ما بنا ... وتجي وحدة تخطفك مني ومش ممكن أقبل إني وحدة صغيّرة تتزوج بابا ... وإحتمال أنا ما ألقيش راجل زيّك ... فليه لا مدام كل واحد فينا يلاقي نفسه في الثاني ...
  • إنت شايفة كده ؟؟؟
  • أبسط شيء إنت مش ممكن تجرحني ؟؟؟ وإلا إنت مش بتحبني
  • أنا مش بحبّك
رفعت رأسي نحوها ... قبل أن تبصر وجهها الجميل عيني كانت أنفاسها تحرق شفتي ... إنسحبت شفتي لتلامس شفتيها المرتعشتين ... تلامس إكتشاف لم يدم طويلا ...
دلال أخذت زمام الأمور ... وأنا إستسلمت ... رحيق الرغبة يمتزج في قبلاتنا ... مغمض العينين مسحوبا لما تفعله بي هذه الشقية ... يداها تداعبان صدري ... تنسلان بسرعة نحو الأسفل تبعد المخدة التي تسترني ...
يدها تلامس قضيبي المنتصب منذ قدومها ... ضحكة سرورها وإنتصارها إمتزجت بقبلاتنا ... لم تترك شفتي لكنها عدّلت جلستها ...
قابلتني وأن جالس على الكنبة ... حركة سريعة ثابتة ... فتحت رجليها وتخلّصت من كيلوتها ...
لم تترك لي المجال للحركة ... نعومة كسها تلامس قضيبي من الأعلى ... رحيق رغبتها الحار الدافئ يحيط بطرف رأسه ...
وضعت يدها زبي الذي أخطأ هدفه مع حركتها ... لا مجال للتراجع ... رأس زبي يلامس فتحة كسها الذي أحاطت شفرتاه بمحيطه ...
حرارة ونعومة لزجة تسحبني للداخل بنزول خصرها للأسفل ... آه ألم ممزوج برغبة وصلت حلقي من شفتيها الملتصقتين بشفتي ...
وضع جسدي لم يسمح لها بالحركة ... كأنها تخشى تراجعي ... وضعت يدها على صدري والأخرى تثبت بها قضيبي الذي حشر ثلثه داخلها .... دفعتني حتى إستلقيت على الكنبة ...
وضعية مريحة أكثر لها ولي ... أستمتع بجسد إبنتي وليكن ما يكون ... كس دلال الذي تعوّد على الزائر الجديد ... لم أفكّر في موضوع عذراء أم لا ...
زبي الذي بدأ يغوص حتى أكثر من نصفه يدلّ على تجربة سابقة لها ... بدأت تصعد وتنزل فوقي بحركة ميكانيكية تمتزج بآهات رغبتها ....
أغمضت عيني وتركت جسدي يرتوي من شقاوتها .... روحي تسحب لتعود لي مع كل حركة منها ... ركبها ترتعش مع تدفّق رحيق شهوتها الحارق ...
حرارته تستحث جلد بيضاتي بسيلانه عليها ... أهات بدأت تخرج مني دفعتها لمزيد التفاني في حركاتها ... يدي السليمة تمسح على جانب مؤخرتها وفمي يلعق حلمتها الصلبة ...
بدأت ترتعش وحركاتها تضطرب ... حمرة وجهها تعكس قرب وصول ذروة شهوتها ... شهوة تسحب شهوة ...
إندفع مائي داخل رحمها مختلطا بماء شهوتها ... علت آهاتنا وهزّت المكان ... إرتعاشة شديدة تهز جسد دلال الفتي ...
ثم ألقت برأسها فوق صدري وزبي لا يزال داخلها ... أنفاسها المضطربة تشبه ****اث تروي عطش صدري ... يداها تمسكان وجهي ....
دقيقة أو إثنتان أو أكثر ثم نظرة في عيني ... لم أهرب من نظرتها بل تفحصت جمال وجهها ... إبتسامة جميلة علت محياها ثم غرقنا في قبلة حب طويلة ...
زبي بدأ يتراجع مع تقلّص حجمه ... قامت دلال من فوقي ونامت بجانبي تضع رأسها على صدري ...
يدي تكتشف مؤخرتها الناعمة ... بدأت أصابعها تداعب قضيبي ... نظرة في عيني بدلال ... ثم تنهدت وقالت ...
" تعرف إني حلمت بكده من زمان "
كلماتها ونظرتها وحرارة جسدها دفعت الروح في قضيبي ليعاود الإنتصاب ... أصابعها تنسحب نحوه تداعب مزيج مياه شهوتنا العالقة به ...
" أيو كده خلينا نتمتع "
 

المستخدمون الذين يشاهدون هذا الموضوع

أعلى أسفل