• سجل عضوية للتمتع بالمنتدى واكتساب مميزات حصريه منها عدم ظهور الإعلانات

مكتملة أسير عينيها الجزء الرابع | السلسلة الخامسة | حتى الجزء المئة وعشرة 10/10/2023 (1 مشاهد)

ابيقور

ميلفاوي أبلودر
عضو
ناشر قصص
ناشر أفلام
ميلفاوي نشيط
إنضم
21 سبتمبر 2023
المشاركات
887
مستوى التفاعل
398
النقاط
36
نقاط
538
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
الفصل الحادي والتسعون

في أسيوط تحديدا في منزل رشيد الشريف...

كابوس بشع رأت نفسها فيه مقيدة علي ذلك المقعد، مراد أمامها بهيئة مخيفة مفزعة أعين حمراء كالدماء أنياب طويلة وكأنه وحش هارب من احدي حكايا الرعب القديمة، يقترب منها ببطئ يديه بها مخالب طويلة حادة مدببة، هي فقط تبكي تحاول تحرير نفسها من تلك القيود التي تلفها كأفعي تعتصر جسدها، وهو يقترب اكثر وأكثر، ما كادت مخالبه الحادة تلامسها صرخت بصوت عالي وهي تنتفض من مكانها تلهث بعنف جسدها يتفصد عرقا، وضعت يدها علي قلبها تحاول تنظيم دقات قلبها السريعة المتضاربة، ليدق الباب في تلك اللحظة، خرج صوتها ضعيفا مرتجفا:.

- مممين
- أنا جاسر يا صبا، ينفع ادخل
قالها جاسر بنبرة جافة قاسية، لتؤمأ برأسها بالإيجاب وكأنه يقف حقا يراها، حاولت أن ترفع صوتها قليلا تهمس له بنبرة خافتة مرتعشة:
- ايوة ايوة
أدار جاسر مقبض الباب دخل يغلق الباب خلفه اقترب منها لتضطرب حدقتيها خائفة من أن يضربها من جديد، وقف جاسر جوار الفراش ينظر لها في جفاء قاسي حاول إخفاء نبرة القلق من صوته حين قال:
- أنا كنت معدي من جنب اوضتك سمعتك بتصرخي في ايه!

حركت رأسها بالنفي مرة تليها أخري تنظر له بهلع نظرات لم تعرفها عينيها يوما خاصة وهي تنظر له جاسر أخيها الذي كان ولا يزال يعاملها كطفلة مدللة، باتت الآن ترتعد منه بالكاد همست:
- كااابوس!
زفر جاسر أنفاسه يشعر بالأسي يقتل قلبه لم تكن صبا يوما شقيقته بل ابنته الصغيرة الذي لم يحب أحد بقدرها، نظرة الذعر التي تنظر له بها تقتله، تنهد بحرقة يلويها ظهره سريعا يغمغم بصوت جاف مختنق:.

- انزلي يلا عشان تفطري، وزي ما قولتلك اللي حصل يتنسي واياكي بابا او ماما يحسوا بحاجة
دون حتي أن يسمع لها ردا ترك الغرفة يتوجه إلي الخارج ما أن امسك مقبض الباب سمعها تهمس باسمه بنبرة حزينة راجية، شد علي المقبض بيده يزفر أنفاسه بسرعة وعنف ليمسعها تتمتم هامسة بنبرة بكاء حارقة:.

- جاسر أنا آسفة سامحني، هو ضحك عليا، كنت فكراه يبحبني، هو قالي أنك هتفرح أوي، لما تعرف وهتوافق علي اننا نتجوز، أنا آسفة يا جاسر.

طحن اسنانه بعنف يشعر بغضب عارم يجتاح جسده الوغد عرف جيدا كيف يخدع شقيقه البريئة الساذجة، يشعر بروحه تقطر دما وهو يستمع لصوت نحيبها القاسي، اغمض عينيه يحاول أن يبني جدار من الجليد حول قلبه، ولكن نيران شهقات شقيقته اذابت الجليد القاسي، ترك مقبض الباب يتجه ناحيته سريعا في لحظات كان يجذبها إليه يخفيها بين ذراعيه يغزرها داخل روحه، بكت وتعالت شهقاتها، بينما هو فقط يمسح علي رأسها سمعها تهمس من بين شهقاتها العنيفة:.

- سامحني يا جاسر، أنا آسفة، و**** ما كنت أعرف، أنا غبية، أنا آسفة، آسفة أوي
ظل يحرك رأسه بالإيجاب مع كل كلمة يقولها يسكت صوت عقله الغاضب يستمع لدقات قلبه الهادرة، شقيقته ليست سوي **** صغيرة، وهو إيضا يحمل جزءا من الخطأ نا كان يجب أن يسمح له بأن يأتي لهنا، أبعد شقيقته عنه يمسح وجهها بكفيه يبتسم في رفق يحادثها:
- خلاص يا صبا اللي حصل دا هننساه مش هنتكلم عنه ولا حتي نفتكره تاني ابداا.

ابتسمت في ضعف، صاحب نزول قطرات دموعها بلا توقف تحرك رأسها إيجابا سريعا تؤيد ما يقول، نظرت لوجهه نظرات مرتبكة بها أمل ضعيف متوتر تهمس له:
- يعني إنت خلاص سامحتني
ابتسم لها برفق ظل صامتا للحظات قبل أن يومأ برأسه إيجابا، رفع سبابته أمام وجهها يحادثها بلهجة حادة حازمة:.

- سامحتك عشان أنا عارف تربية أختي كويس، اللي حصل دا يعتبر درس ما تنهسيهوش عمرك كله، بس قسما ب**** يا صبا، لو عرفت أنك بتكلمي واحد تاني من ورانا مش هيبقي في سماح، هيبقي في قتل علي طول، فاهمة
توسعت عينيها فزعا للحظات تحرك رأسها إيجابا بلا توقف هي ليست غبية لتقع في نفس الفخ مرة اخري، مد جاسر يده يمسح دموعها المراقة ابتسم يغمغم لها بترفق:.

-قومي يلا اغسلي وشك ويلا عشان نفطر، وزي ما قولتلك اللي حصل دا لا بابا ولا ماما ياخدوا خبر بيه
ابتسمت ابتسامة صغيرة شاحبة تحرك رأسها إيجابا، ليدني برأسه يقبل جبينها ربت علي وجنتها برفق ليتركها ويغادر الغرفة، قامت هي من مكانها تجاه المرحاض دخلت توصد الباب عليها وقفت أمام المرأه تنظر لانعاكس صورتها باشمئزاز واضح تحادث نفسها بقهر:.

- قد ايه كنتي عبيطة وغبية يا صبا، صدقتي أنه فعلا حبك، لولا جاسر وغيث كنت خلاص ضعت، ما فيش حاجة إسمها، مش هسمح لنفسي إني أحب اي حد تاني، اكيد هيبقي اذي زيه، مش هضيع ثقة جاسر تاني، ما فيش حاجة اسمها حب ابداا.

قالتها في نفسها بقوة لتفتح صنبور المياة تصفع وجهها بقطرات المياة بدلت ثيابها بأخري تضع حجاب رأسها لوجود غيث معهم بالأسفل، تحركت لأسفل تفكر، غيث حقا تمتن له لكل ما فعل، عليها أن تشكره، غيث انقذها من مستقبل مظلم، ما إن اقتربت من أسفل سمعت صوت شجار حاد بين جاسر وابيها، صدح صوت جاسر يصيح حانقا:
- أنا عايز أعرف احنا هنسيب الحية دي في البيت لحد امتي، ما تغور في ستين في داهية
رد والدها بهدوء رزين حاد:.

- صوتك ما يعلاش قدامي، وشاهيناز مش هتخرج من البيت دا وهي في حالتها دي، دي حامل وحالتها خطيرة، بدل ما انت واقف تزعق كدة روح دور علي مراتك...
حين نزلت إلي أسفل رأت جاسر يقف أمام طاولة الطعام ينظر لوالدهم نظرات تملئها الغضب والألم حرك رأسه إيجابا يشير بسبابته للطابق العلوي:
- عندك حق أنا هروح أدور علي مراتي، بس لو الحية اللي فوق دي اذت حد هيبقي ذنبه في رقبتك أنت، سلام يا رشيد بيه.

قالها ليتوجه الي أعلي سريعا نظر رشيد في أثره تنهد يلقي المعلقة الفارغة يتمتم حانقا:
- غبي وهيفضل طول عمره غبي، أنا رايح المستشفى سلام
غادر رشيد نظرت صبا لوالدته لتري دمعات حزينة تقطر من مقلتيها اقتربت صبا من تحاول التخفيف عنها ربتت بيدها برفق علي يد والدتها تهمس لها في مرح باهت:
- مالك بس يا ماما يعني هي دي اول مرة بابا وجاسر يتخانقوا.

وضعت شروق صحن الطعام من يدها علي سطح الطاولة تنهدت بحرقة رفعت يدها تزيل دموعها الحزينة تهمس لابنتها:
- لاء مش اول بس جاسر عنده حق خايف من وجود البت دي وسطينا، وابوكي بردوا عنده حق دي حالتها تصعب علي الكافر، وسهيلة قلبي واكلني عليها اوي، **** تعدي الفترة علي خير بقي
صمتت للحظات تنظر لابنتها تحاول رسم ابتسامة بسيطة علي شفتيها تهمس لها بحنو:.

- قعدي يا حبيبتي افطري يلا عشان تشوفي مذاكراتك، أنا هدخل اعمل الغدا
تحركت شروق ناحية المطبخ بينما وقفت صبا للحظات تنظر للطاولة الممتلئة لم يكن لها الشهية حقا ولو للقمة واحدة زفرت أنفاسها لتتوجه الي الحديقة جلست للحظات علي أحد المقاعد تنظر للفراغ في شرود طوووويل، شرود لم يقطعه سوي حركة غيث حين خرج من المنزل يجذب خلفه حقيبة سفره يتوجه إلي سيارة جاسر، نظرت له للحظات مرتبكة لتصيح باسمه فجاءة:
- غيث!

التفت لها يرسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه ازاح نظراته الشمسية ينظر لها مستفهما، للتنهد هي متوترة، اقتربت منه تقف علي بعد مسافة صغيرة منه تتهرب بمقلتيها بعيدا عن عينيه تشعر بدقات قلبها تتقافز تشعر بالحرج الشديد منه، زفرت اخيرا تهمس له مرتبكة:
- شكرا يا غيث بجد شكرا لكل حاجة عملتها عشاني
طرقع غيث بأصبعيه لتنظر هي له ضحك بخفة يغمغم في مرح:
- طب اللي بيشكر حد مش بيصله علي الاقل.

صمت للحظات ليعاود الحديث من جديد بنبرة هادئة:
- مالوش داعي الشكر يا صبا انتي زي جوري بالظبط، لما سمعت كلامك مع مراد صدفة وأنا بكلمك تخيلت جوري مكانك، وقد ايه الموقف هيبقي صعب لو ما حدش اتدخل، وانقذ براءة ****
ابتسمت له في حرج تومأ برأسها إيجابا اخفضت رأسها أرضا تهمس له بخفوت:
- شكرا مرة تانية وأنا بجد آسفة لو كنت اتكلمت معاك بطريقة سخيفة قبل كدة، عن إذنك.

قالتها لتستدير وتغادر المكان بأكمله سريعا إلي الداخل وقف هو ينظر لمكان وقوفها الفارغ تنهد يبتسم يآسا يتمتم مع نفسه:
- صغيرة اوي يا صبا، يمكن بعد سنين نتجمع تاني!
دقائق وخرج جاسر من الداخل يحمل حقيبة سفر صغيرة هو الآخر توجه ناحية غيث يسأله:
- بردوا مصمم تسافر
حرك غيث رأسه إيجابا يبتسم في هدوء مردفا:
- ايوة، أنا خلاص خلصت مهمتي، وبعدين ماما بتتصل حوالي خمسين مرة في اليوم، بتسأل هرجع امتي...

ابتسم جاسر له ممتنا يربت علي كتفه ليتحرك الرجلين ناحية سيارة الأخير، بينما تقف صبا في شرفة غرفتها تراقب ما يحدث تبتسم في حزن لن يزول قريبا!

في شقة حسام الخاوية من اي حياة الا منه هو، حتي هو الآخر جسد خالي من الحياة نائم كالميت لا يرغب في الاستيقاظ من جديد فتح عينيه فجاءة يشهق يأخذ نفس عميق ينظم به أنفاسه الغارقة بين أمواج كوابيس لن تنتهي، نظر حوله ما أن فتح عينيه يقطب جبينه أين هو، لحظات وبدأ يعي كل شئ لم يكن حلما بشعا كما يحدث له بل حقيقة أبشع مما قد يتحملها، حبيبته تزوجت بآخر الفكرة نفسها تقتله تمزق لحمه حي، كيف تفعل به ذلك، كيف تكن بتلك القسوة، فيما أخطأ بحبه لها، شعر بحرارة جسده تلتهب، تحرك من مكانه يشعر بدوار عنيف يحطم رأسه، مشي للخارج يستند علي الحائط يهمس باسم صديقه:.

- حسام، حسام أنت فين، حسام.

خرج لصالة المنزل الفارغة، لا أحد المكان هادئ كالقبر، تحرك ينتفس بصعوبة ارتمي بجسده علي اول مقعد قريب منه يعود برأسه للخلف يغمض عينيه، الألم يأكل وجهه، غام عقله تحت غيمات الماضي البعيدة يتذكر كل شئ كل ما حدث له، حياته تمر كشريط سريع تتسابق مع أنفاسه السريعة الهاجئة، صورتها تضئ مع كل ذكري في حياته شد علي أسنانه بعنف جسده يرتجف، والألم يتحول لغضب قاسي يجلد جسده، فتح عينيه الحمراء فجاءة يلهث استند بمرفقيه إلي فخذيه يخفي وجهه بين كفيه يتنفس بعنف يهذئ بجنون:.

- اتجوزته، خلاص اتجوزته، بقت مراته، لمسها، هتحمل منه، يعني خلاص بقت ليه هو، اتجوزته.

صرخة من نار خرجت من بين شفتيه تعبر عن جزء صغير من جسده المحترق، تحرك من مكانه الي المرحاض يرمي رأسه تحت صنبور المياة لمدة طويلة لم يحسبها ابدا، يود لو يصمد رأسه بالحائط، علها تخرج منه تبتعد عن رأسه ولو للحظات، تحرك للخارج من جديد بعد مدة طويلة، امسك هاتفه يود الاتصال برقم حسام ليعلم أين هو، امسكه ليجد يرن برقم انجليكا، تنهد متعبا ارتمي بجسده علي المقعد فتح الخط تنهد يهمس تعبا:
- ايوة يا انجليكا.

سمع صوتها من الاتجاه الآخر تحادثه بتلهف:
- زيدان إنت فين، أنت وهشت أنا كتير زيدان، تآلا
ارتسمت ابتسامة حزينة علي شفتيه تنهد يحادثها ساخرا:
- انجليكا ارجعي بلدك شوفي حياتك صدقيني أنا لا أصلح للحب
لم تصمت لحظة بل تلهفت تقول بشوق حالم:
- نو زيدان مش تقول كدة، - you are handsome, daring, brave man، you stole my heart at first sight, zedan.

ارتسمت ابتسامة تهكمية ساخرة علي شفتيه اعتدل في جلسته يحادثها بقسوة علها تستفيق:
قلبك دا غبي عشان حب واحد زيي قلبه ملعون بُحب واحدة تانية، حب استنزفه لحد ما بقي فاضي خاوي من اي مشاعر، أنا عارف أنك مش هتفهمي نص كلامي، بس اللي عايزك تفهيمه كويس، أنك بتحبي شخص ميت...
ظلت صامتة للحظات بينما هو ينتفس بعنف قلبه يحرقه توسعت عينيه في دهشة حينما سمعها تهمس له بنبرة رقيقة حانية:.

- but you are still alive and I will still love you forever، في يوم قلب هيدق آشاني زيدان، باي.

اغلقت معه الخط ليعود هو لحاله من جديد يبتسم ساخرا علي حاله، لينا القت به بعيدا وتزوجت بآخر بدم بارد دون أن يرتف لها جفن وهو يرفض عشق تلك الفتاة بكل السبل، كم هو أحمق مغفل كبير مثير للشفقة، يستحق ما يحدث له، تنهد يمسح وجهه بكف يده حين دق هاتفه من جديد تلك المرة برقم خالد، فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه قبل أن ينطق بحرف، توسعت عينيه فزعا هب من مكانه يصيح مذعورا:
- أنا جاي حالا!

في شقة معاذ، جلست لينا علي الأريكة في غرفة المعيشة أمامها طاولة سطحها من الزجاج تضع عليها كتب الجامعة فتحت أحد الكتب لتبدأ المذاكرة ولكن بدلا من أن تقرأ الحروف اخذتها ذاكرتها لذكري بعيدة حين كانت في المرحلة الثانوية.

Flash back
نزلت من غرفتها حين سمعت صوت والدتها يصدح باسمها للعشاء وضعت الكتب من يدها زفرت قلقة غدا اولي امتحاناتها الثانوية، نزلت لأسفل ما أن جلست علي مقعدها علي الطاولة دق جرس الباب توجهت الخادمة لتفتح لحظات وظهر زيدان عند باب غرفة الطعام صاحت لينا والدتها باسمه فرحة لتهرول ناحيته تعانقه تبكي تحادثه بتلهف:.

- زيدان، يا حبيبي حمد *** علي السلامة أنا كنت هموت من الخوف عليك، الحمد *** يا رب أنك رجعت بالسلامة
رأته وهو يبتسم لوالدته يقبل يديها وجبينها، تحرك والدها ناحيتهم يجذبه بعيدا عن والدتها يحادثهم ساخرا:
- ما هو زي البغل قدامك اهو، اترزع ياض كل
جلس زيدان جوار والدتها مقابل لها، يبتسم ابتسامة واسعة سعيدة ينظر لقسمات وجهها أشتاق لها حد الجنون لم يمنع لسانه من أن يسألها قلقا:.

- عاملة ايه يا لينا، بكرة اول امتحانات الثانوية مش عايزك تخافي أنا واثق أنك هتحلي كويس، لو محتاجة اي مساعدة أنا اقدر
وقفت عن مقعدها في تلك اللحظات ترميه بنظرات غاضبة حادة كارهة لتصيح بغيظ:
- مالكش دعوة أنت أنا عاملة ايه، ومش عايزة منك مساعدة في اي حاجة...
هتف خالد محتدا باسم ابنته:
- لينااااا
نظرت للجميع حانقة في غيظ، لتتحرك لأعلي، انهي الجميع عشائهم، توجه خالد لمكتبه ولينا لأعلي تجهز غرفة زيدان بينما.

تهاوي علي الاريكة يخفي وجهه بين كفيه يغمض عينيه ، يفكر فيها، هل يفكر في غيرها اصلا ليل نهار هي بطلة افكاره، رفع وجهه حينما شعر بحركة حوله ليجدها تنزل بخفة علي سلم البيت الضخم شعرها البني الطويل يتهادي خلفها برفق.

راقبها بشغف وهي تنزل ليجدها تتجه ناحية المطبخ، لم يشعر بقدميه الا وهو يتحرك ناحيتها يمشي ناحيتها، وجدها تخرج زجاجة مياه تحتسي القليل منها ومن ثم تركتها، التفتت لتخرج لتجده يقف أمامها يحاول الابتسام لتنظر له ببرود عقدت ذراعيها تهتف بضيق:
- خير عاوز ايه
نظر حوله بحيرة يحاول إيجاد شئ يخرجه من ذلك المأزق ماذا يقول لها، اريد دائما ان ارائكي هتف سريعا:
- ااا، آه أنا جعان
رفعت كتفيها بلامبلاة تتمتم ساخرة:.

- طب ما تأكل وأنا مالي
حك شعره بحرج كالمراهقين ليبتسم بهدوء: ما بحبش آكل لوحدى ممكن تاكلي معاي
تحركت لتخرج من المطبخ دون أن تعيره انتباها تتمتم في جفاء:
- لاء عن اذنك عشان عندي إمتحان الصبح
هتف سريعا يوقفها قبل أن تغادر:
- انا كنت هطلب بيتزا لو بتحبيها
اكملت طريقها ببرود دون ان تعيره انتباها ليلحق بها سريعا امسك رسغ يدها برفق لتلتفت له تنظر له في هلع ممتزج بغضب تهمس بنبرة مرتجفة:
- سيب ايدي.

أبعد يده سريعا يرفع كفيه باستسلام يغمغم سريعا بتلهف:
- اهو سيبتها، طب ايه رايك اراجعلك المادة بتاعت بكرة، أنا ذاكرتهالك قبل كدة كتير يا لينا وكنتي بتقفلي فيها
ضيقت عينيها بضيق مستغل بالفعل المادة التي ستمتحنها غدا صعبة للغاية وهو أيضا محق، طريقة شرحه سلسلة بشكل يجعل المعلومات تتقافز لعقلها دون مجهود يذكر، هزت رأسها علي مضض:
- هروح أجيب كتبي
توسعت ابتسامته يهز رأسه إيجابا.

ذهبت لينا لاحضار الكتب بينما امسك زيدان هاتفه واتصل بأحد المطاعم يطلب الطعام جلس ينتظرها علي نيران قلبه، لتنزل بعد قليل تحتضن كتبها نظرت ناحية مكتب والدها تتأكد أنه بالداخل تنهدت بارتياح لتتوجه إليه.

جلست على الأريكة التي امام التلفاز ووضعت كتبها علي المنضدة الرخامية العريضة ليجلس جوارها، نظرت له بغضب لتمسك احدي وسائد الاريكة الكبيرة تضعها فاصل بينهما، ابتسم حزينا ليلتقط احد كتبها ومن ثم بدأ يشرح لها تلك المادة بسهولة ويسر كما اعتاد أن يفعل، اجفلت علي صوت دقات علي باب المنزل بينما قام هو، غاب لدقائق ليعود ومعه علبتي من الطعام:
-الاكل
اشاحت بوجهها في الاتجاه الآخر تتمتم بخواء:
- مش جعانة.

، توجه يجلس جوارها قابل ابتسامتها الباردة بابتسامة دافئة يفتح علبة الطعام الخاصة به يأكل باستمتاع:
- لاء بجد لذيذة جدا
زفرت بضيق تنظر له بحنق تبلع لعابها فهي أيضا جائعة التقطت كتبها تهتف بضيق:
- انا طالعة أوضتي
اوقفها يتمتم سريعا بتلهف:
- استني بس لسه ما خلصتش شرح
زمت شفتيها بضيق تزفر حانقة:
-هتشرح ولا هتاكل
ابتسم يرفع تلابيب ملابسه بزهو يتمتم ضاحكا:
-الاتنين دا أنا زيدان الحديدي.

ابتسمت ساخرة علي غروره المبالغ فيه، بدأ يشرح قليلا ويأكل قطعة يهتف بخبث يعرف انها جائعة طبقها كان كاملا حين قامت من العشاء:
- لا حقيقي طعمها تحفة المطعم دا هايل بفكر اشتريه
نظرت له بغيظ معدتها تموء جوعا خاصة مع تلك الرائحة الشهية:
- لو سمحت ركز في الشرح
اؤمأ برأسه إيجابا يدفع اليها احدي العلب يتمتم مبتسما:
- حاضر بس بجد البيتزا تحفة وهي سخنة حرام اسيبها تبرد.

اغلق الكتاب الذي امامها يضعه جانبا ليفتح علبة الطعام الاخري يبتسم بحنان:
- يلا كلي
اشاحت بوجهها بعيدا تكتف بذراعيها أمام صدرها تتمتم ببرود:
- لاء!
امسك كف يدها برفق يتمتم بحنو:
- عشان خاطري كلي أنتي عندك امتحان بكرة
قزف قلبها هلعا ما أن لامس كفه يدها، انتفض سريعل تنزع يدها من يده بعنف لتهب واقفة امامه تصرخ بقسوة ممتزجة بذعر:
- أنت مالكش خاطر عندي يا زيدان أنت فاهم انت أكتر واحد أنا بكرهه في الدنيا دي!

Back.

عادت من شرودها الطويل علي دمعات حزينة تساقطت من مقلتيها، هل كانت حقا قاسية أم هو السبب في ذلك، في تلك الفترة كانت تخاف النوم ليلا بسبب ما كاد يفعله بها، كاد أن يغتصبها قديما، وحين فشل نجح الآن، تشعر بالحيرة تمزقها لما تشتاق إليه الآن، لما فقط ترغب في رؤيته بأي شكل، هي من أخبرته مرارا وتكرارا انها لم تحبه لن تسامحه إذا لما قلبه يطرق باسمه فكل لحظة مسحت وجهها بكفيها، لتنتفض فزعة حين شعرت بأحد ما يجلس جوارها فجاءة شهقت فجاءة حين رأته معاذ نظرت له بغيظ تتمتم حانقة:.

- جري ايه يا معاذ أنت كل شوية تخضني
ابتسم في مرح يضع صينية عليها كوب حليب بالشوكولاتة وبضع قطع كعك علي الطاولة أمامها جلس جوارها يتمتم مبتسما:
- ما كنش قصدي و**** أنا بس قولت اجبلك حاجة تاكليها وانتي بتذاكري، تحبي اساعدك في حاجة
حركت رأسها نفيا تنهدت تحاول أن ترسم ابتسامة مجاملة علي شفتيها تتمتم:
- شكرا يا معاذ أنا بعرف اذاكر مع نفسي.

ابتسم لها يحرك رأسه إيجابا جلس جوارها يراقبها عن كثب وهي تحرك اوراق الكتاب أمامها ينظر لوجهها عينيها يتحرك بمقلتيه علي قسمات وجهها المتوترة كما يري، ارتسمت ابتسامة لطيفة علي شفتيه مد يده يبسطها علي وجنتها لتنتفض كمن لدغها عقرب تنظر له فزعا لتري ابتسامته التي لم تتغير مد يده يزيح خصلات شعرها التي تغطي غرة وجهها الجميل ابتسم لها يغمغم بولة:
- انتي جميلة اوي يا لينا بجد جميلة بشكل مبالغ فيه.

ابتسمت ابتسامة مرتعشة دقات قلبها تتقافز مع حركة عينيه النهمة علي قسمات وجهها حاولت استجماع جزء من شجاعتها الواهية تحادثه بحدة:
- في ايه يا معاذ، أنت بتبصلي كدة
- أنت مراتي ولا ناسية
هتف بها محتدا من طريقتها لتتوسع مقلتيها في هلع، قامت سريعا من جواره تنظر له مذعورة، لالالا ليس من الممكن أن تُغتصب مرة أخري علي يد زوجها، حركت رأسها نفيا مرة بعد أخري قبل أن تصيح فيه غاضبة:
- زيدان أنت وعدتني!

توسعت عينيها هلعا حين نطقت اسم زيدان لتضع كفيها فوق فمها، زادت حدقتيها اتساعا ما الذي تفوهت به للتو، ازداد نابضها ذعرا وهي تري حدقتيه تسود من شدة غضبه، تحرك من مكانه علي الأريكة يقترب منها كوحش ضاري رأي فريسة سهلة المنال، في لمحة رأته يقف أمامها يغرز أصابعه في ذراعيها يهزها بعنف مخيف يصرخ فيها:
- زيداااان تااااني، انتي مراتي دلوقتي لا تجيبي اسمه ولا حتي تفكري فيه، انتي فاهمة.

انهمرت دموعها ارتجف جسدها بعنف تنظر به مذعورة شعورها بالخوف يقتلها ارتجفت حدقتيها بالكاد انبثقت الأحرف من بين شفتيها:
- ااا، أنت بتعمل كدة ليه..
تعالت ضحكاته المخيفة ينظر لها نظرة سوداء قاتمة لم تعهدها منه قبلا، ليحاوط جسدها بذراعيه توسعت ابتسامته المجنونة يهمس لها بجنون مخيف:.

- صغيرة، حلوة، حلوة اوي، ما تعرفيش أنا دفعت قد ايه عشان اخدك، هو كان عايزك ليه، بس ما كنش ينفعش اسيبك، دخلتي دماغي من اول مرة شوفتك فيها، دفعت كتير اااه، بس انتي تستاهلي
توسعت عينيها ذعرا أكان هو، هو الذي تحلم به، شخصت عينيها يكاد قلبها يخرج من مكانه بينما تعالت ضحكاته الشيطانية العالية!

قبل ما لاقي ألف كومنت بيقول الفصل قصير عارفة و**** إن الفصل قصير، هيتعوض بإذن ****، خلاص احنا بنفنش، كل كابل هياخد حقه ما تقلقوش.



25-12-2021 03:37 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [204]
 صورة زهرة الصبار الشخصية
زهرة الصبار
عضو فضي
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
أنثى

الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
offline

look/images/icons/i1.gif
رواية أسير عينيها

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثاني والتسعون

توسعت عينيها ذعرا أكان هو، هو الذي تحلم به، شخصت عينيها يكاد قلبها يخرج من مكانه بينما تعالت ضحكاته الشيطانية العالية يقبض بأصابع كالمخالب علي علي ذراعيها عينيه مخيفة وكأنه شيطان تلبسه، تسارعت طبول قلبها تعلن حرب الخوف حين مال برأسه ناحيتها يهمس لها بفحيح شيطاني مخيف:
- اللي خده زيدان من حقي أنا، من حقي قبله.

لم تسطير علي شهقاتها الفزعة مستحيل بالطبع حلم بل كابوس بشع مخيف، ماذا يحدث ليس بحقيقي اطلاقا بل هو أبشع من خيال مريض نفسي في حجرة العزل، انهمرت دموعها تغرق وجهها تحرك رأسها نفيا بجنون هل كتب عليها أن تُغتصب مرتين، لا لا أبدا لن تتذوق تلك المرارة مرة اخري، لمحت مقلتيها المضطربة بجنون سكين كبيرة علي سطح الطاولة لا تعرف حتي من أحضرها، نظرت لمعاذ الذي يبتسم كذئب خبيث ابتسامة مرعبة مخيفة، في لمحة استجمعت ما تبقي من روحها لتدفع معاذ بعنف بعيدا عنها، وبالاحري يبتسم ساخرا يلهو بها كالقط حين يلهو بالفأر الصغير قبل أن يلتهمه، اندفعت لينا ناحية الطاولة تمسك السكين التفتت في لحظة ناحية معاذ ترفع يدها المرتجفة القابضة علي سطح السكين، تنظر لمعاذ حدقتيها تتحركان بجنون دموعها لا تتوقف جسدها يرتجف بعنف صرخت بجنون وهي تشهر السكين ناحيته:.

- هقتلك لو قربت مني هقتلك، هقتلك
تعالت ضحكات معاذ المخيفة الشرسة، اقترب ناحيتها يفتح ذراعيه علي اتساعهما يقول في شراسة ساخرة:
- اقتلني يا حبيبتي، اقتليني يلا قبل ما اقتلك أنا.

شهقت بعنف تنظر له في هلع ليس ذلك هو معاذ من أحبت وتزوجت من كان دوما يساندها في كل خطوة هو من يريد قتل روحها الآن، تحركت قدميها للخلف وهي تراه يقترب أكثر وأكثر ضحكاته تملئ المكان، نظراته المخيفة تجردها من كل شئ، اقترب أكثر ونظراته تزداد وحشية، هي تعود للخلف أكثر وأكثر الى أن سقطت علي الأريكة رغما عنها شهقت بذعر في حين ضحك هو ضحكة شرسة حين انقض عليها كفهد جائع انغرز نصل السكين في صدره لتتوسع عينيه للحظات في ألم قبل أن يغمض عينيه للأبد ويغرق دمه وجهها، صرخت وصرخت وصرخت، قاطع صرخاتها، صياح آخر، صياح قلق خائف باسمها، وملمس بارد يصفع وجهها، شهقت بعنف تسعل بقوة، في لحظات تبدلت الصورة لا تزال جالسة علي الأريكة مكانها، معاذ يجلس علي ركبتيه علي الأريكة جوارها يمسك بكوب ماء يرش منه علي وجهها سعلت بعنف هبت من مكانها تنظر حولها نظرات ضائعة منهار بالكاد تتنفس سقطت أرضا بعيدا عن الأريكة تلهث بعنف، تنظر له فزعة بينما ينظر هو لها قلقا، تحرك من مكانه سريعا ناحيتها جلس علي ركبيته أمامها يسألها فزعا:.

- لينا حرام عليكي ردي عليا ما تعمليش فيا كدة
نظرت له نظرات متوجسة ضمت ساقيها لصدرها تحاوطهم بذراعيها تنظر له مذعورة، ماذا حدث لها، ألم تقتله قبل لحظات أين السكين أين الدماء ماذا حدث، ملئت الدموع مقلتيها بالكاد خرج صوتها الضعيف تسأله مذعورة:
- هو اييه اللي حصل
ظل ينظر لها للحظات نظرات حزينة متألمة تنهد حزينا قبل أن يهمس لها برفق:.

- لينا أنتي، ااانتي، بدأ يجيلك هلاوس، أنا كنت جايبلك عصير لقيتك فجاءة بتصرخي وبتتصرفي تصرفات غريبة، وعمالة تصرخي وتعيطي...
شخصت عينيها في ذهول ممتزج بفزع هل جنت، باتت تري هلاوس غير موجودة من الأساس، شردت عينيها في فراغ روحها المتعبة تسمع صوت معاذ يأتيها من بعيد يحاول التخفيف عنها:
- لينا اهدي وما تتوتريش، احنا هنروح لدكتور نفسي، انتي هتبقي كويسة، عشان خاطري اهدي.

انهمرت دموعها تغرق وجهها رفعت كفيها تغطي وجهها تبكي بحرقة، اقترب معاذ يحاول عناقها لتدفعه بعيدا عنها قامت من مكانها تهرول الي غرفتها دخلت توصد الباب عليها بالمفتاح جلست خلف الباب المغلق تضم ساقيها إليها تبكي بانهيار، تسمع طرقات معاذ السريعة المذعورة علي باب الغرفة يصيح قلقا:
- لينا، لينا، لينا افتحيلي الباب يا حبيبتي، لينا عشان خاطري ما تعمليش في نفسك كدة، لينا ردي عليا يا لينا.

اسندت رأسها إلي الباب المغلق تنساب دموعها في صمت وابتسامة ساخرة ممزقة تؤتسم علي شفتيها، جُنت، وربما هي في طريقها للجنون، باتت تري هلاوس لا وجود لها من الأساس، صوت رنين هاتفها انتشلها من حالتها تلك تحركت تجر جسدها ناحية فراشها لتبصر اسم والدتها علي سطح الشاشة، فتحت الخط تضع الهاتف علي اذنها، توسعت عينيها في ذهول مع كل كلمة تخرج من فم والدتها الي أن انتهت لتتمتم لينا بذهول:
- حاضر هاجي!

مرت عدة ساعات هنا في منزل خالد السويسي.

« صوان » عزاء كبير في الحديقة مقاعد كثيرة تتراص جوار بعضها البعض، وعند المقدمة يجلس شيخ وقور بجبة وقفطان يجلس علي مقعد مرتفع أمام مكبر صوت يصدح بصوته العذب بآيات القرآن الكريم، والخدم يتحركون هنا وهناك يحملوا اكواب من مشروب القهوة، يقف عند بداية « الصوان » خالد وزيدان وبينهما حسام الذي بالكاد يقف علي ساقيه، يحاول مسح دموعه التي تهرب من أسر مقلتيه قلبه يحترق، جسده لم يعد يقوي علي الصمود لا يرغب في تلك اللحظات سوي أن ينهار أرضا يبكي بلا توقف، شعر بأصابع تشد علي كتفه نظر للفاعل ليجد والده ينظر له نظرات حزينة عميقة، يحاول تشجيعه علي الصمود، وقف خالد جوار **** قلبه يتمزق حزنا عليه، يعرف حسام كان يحب والدته للغاية، اغمض عينيه حزينا نادما، يتمني فقط لو كان ما فعله يغفر له ذنب قديم، لحظات وتوقفت سيارة عمر في حديقة منزل خالد نزل عمر ومعه سارة وتالا، أمسكت تالا يد ابنتها تتحرك لداخل المنزل بينما توجه عمر إليهم، اقترب منهم وقف أمام خالد يصافحه يهمس له بصوت خفيض حزين:.

- البقاء *** يا خالد
حرك خالد رأسه إيجابا يصافح أخيه يهمس له باختناق:
- ونعم ب****، خش يا عمر
تحرك عمر يتوجه ناحية حسام الواقف جوار اخيه مد يده يربت علي كتفه يهمس له بحنو:
- شد حيلك يا حسام
حرك الأخير رأسه إيجابا بخواء تام دون أن يوجه نظرة واحدة للواقف أمامه، تحرك عمر لداخل الصوان بعد أن صافح زيدان يجلس علي أحد المقاعد، لحظات وجاء حمزة جلس جوار عمر، مال حمزة علي أخيه يهمس له محتدا:.

- اهلا بالبيه اللي ما بنشفهوش غير في المناسبات، مكبر دماغك أنت من كل حاجة يا عمر
ابتلع عمر لعابه مرتبكا صحيح أنه يعتبر بعيد للغاية عن اخويه تقريبا لا يشاركهما في شء ولكن ذلك لم ينتج من فراغ تنهد عمر غاضبا مال علي إذن حمزة يهمس له متضايقا:.

- ما تجيش تعاتب دلوقتي يا حمزة من سنين وخالد الاول وبعدين إنت وهو شايفني الصغير كل ما كنت احاول اساعد او اشارك في اي حاجة تقولولي خليك في بيتك ومراتك احنا عارفين احنا بنعمل إيه، انتوا اللي عودتوني علي كدة
تنحنح حمزة في حرج عمر محق دائما ما كانوا يروا أن عمر شقيقهم الصغير الطائش، ربما ذلك ما جعله بعيدا عنهم الآن بذلك القدر الكبير، تنهد حمزة متعبا رفع يده يربت علي كتف شقيقه يهمس له:.

- خلاص يا سيدي ما تزعلش اوي كدة
ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتي عمر يحرك رأسه إيجابا تنهد يهمس لأخيه بخفوت حذر:
- مش زعلان يا حمزة، أنا بس بفهمك، المهم دلوقتي أنت فهمني، هو ازاي خالد يعمل عزا مراته التانية في بيت مراته الاولانية، لاء وكمان عرفت أنها اتدفنت في مقابر العيلة.

رفع حمزة كتفيه لأعلي دلالة منه علي أنه لا يعلم هو حقا لا يعلم كل ما تلاقه هو اتصال من خالد يخبره بأن يأتي للعزاء غير ذلك هو لا يعلم اي شئ، ولكن الارجح خالد يفعل ذلك لأجل حسام.

في داخل المنزل، القليل من السيدات بينهم لينا بالطبع يجلسون علي مقاعد متراصة في داخل المنزل يصدح صوت القرآن من أحد اجهزة الكمبيوتر الحديثة، وبعض الخادمات يتحركن باكواب القهوة، تحركت تالا زوجة عمر تجلس علي الأريكة جوار لينا مالت عليها تهمس له بذهول:
- و**** كنت فاكرة عمر بيهزر لما قالي أن خالد عامل عزا مراته التانية هنا في بيته، انتي ازاي توافقي بحاجة زي دي اصلا!

تنهدت لينا متعبة اليوم حقا كان شاقا علي جميع الجوانب يكفي انهيار حسام وبكائه الذي فتت قلبها، التفتت برأسها ناحية تالا تطالعه بنظرة هادئة متعبة تهمس لها بخواء مثقل:
- خالد طلق شهد قبل ما تموت يا تالا، وبعدين دي واحدة ماتت خلاص، هتخانق وارفض نعمل عزا واحدة ماتت!، لا يا تالا أنا مستحيل اعمل كدة...

تنهدت تالا في ضيق تنظر للينا يآسة كم هي طيبة القلب بشكل مبالغ فيه، عادت مكانها من جديد في صمت جوار ابنتها سارة التي تجلس صامتة من الخارج وعقلها يصرخ من كثرة ما به من افكار حزينة مبعثرة، حسام في اللحظات القليلة التي لمحته عينيها رأت ما جعل قلبها ينفطر كم يبدو حزينا متألما يتعذب، يقف في ثبات واهي علي وشك السقوط أرضا تشعر بحزنه العميق، تنهدت حزينة علي حاله، كم تمنت في تلك اللحظة أنها كانت حقا زوجته لتخفف عنه كما تفعل سارين مع عثمان، تنهدت حزينة تدعو له بصوت خفيض هامس أن يرزقه **** الصبر علي فراق والدته...

في الخارج وقفت سيارة معاذ في حديقة المنزل، نزل منها هو أولا، ليتابع ذلك الواقف هناك علي مرمي بصره يراه وهو يتحرك لجانب السيارة الآخر يفتح الباب، تسارعت دقات قلبه ألم بشع يحرق روحه وهو يراها تنزل من سيارة زوجها!، الذي كان هو يوما، نزلت هي ليكن هو أول من وقعت عينيها عليه للحظات فقط التقطت نظراتهم ليشيح هو بوجهه بعيدا عنها رؤيتها باتت تؤلمه وقلبه لم يعد يتحمل مزيدا من الألم، تحركت لينا إلي داخل المنزل ليتقدم هو ناحية الرجال، صافح خالد ليرد الأخير مصافحته بجفاء واضح، وحسام عقله بعيدا عن هنا فقط يحرك يده بخواء، تحرك معاذ ناحية زيدان وقف امامه ينظر لعينيه مباشرة، تصادمت نظرات كل منهما، نظرة انتصار وشماتة من معاذ كأنه يخبره أنظر من انتصر في النهاية، ونظرات قاتلة نارية من ناحية زيدان، رفع معاذ يده ليصافح زيدان يحادثه بهدوء تام:.

- شد حيلك
ارتسمت ابتسامة سوداء علي شفتي زيدان ليمد يده هو الآخر يصافح معاذ يرد بهدوء ساخر:
- أنت ايه اللي جايبك هنا عزا الستات جوا!
احمرت عيني معاذ في غضب قاتل نزع يده بعنف من يد زيدان يرميه بنظرات حاقدة يكاد ينفجر من تلك الكلمات التي القاها زيدان توا تحرك للداخل يرتمي بجسده علي أحد المقاعد يتوعد لزيدان بالكثير.

مرت ربع ساعة تقريبا، قبل أن تقف سيارة اجري امام منزل خالد نزلت تلك الفتاة منها تعطي للسائق نقوده، تحركت للداخل رآها الحرس من قبل بصحبة زيدان فسمحوا لها بالدخول، توسعت عيني زيدان في دهشة حين رآها ها هي هناك تقف أمامه في منزل خاله، لما جائت، تركهم يتوجه ناحيته بخطي سريعة وقف أمامها يسألها محتدا:
- انتي ايه اللي جابك هنا
لمعت عينيها ببريق مشتاق لرؤيته ابتسمت تهمس له بتلهف:.

- مش أنت قولت أنك هتروح بيت هالك عشان في هد مات، أنا هوفت آليك كتير، آشان كدة جيت اشوفك
تنهد زيدان في غيظ يمسح وجهه بكفيه ليته لم يخبرها أنه هنا في بيت خاله، كان يحاول التخلص من الحاحها لمقابلته فأخبرها بأن عليه الذهاب لبيت خاله لوجود حالة وفاة لديهم، ظن بأنه كذلك تخلص منها، لتأتي هي إليه!، عاد ينظر إليها يتنهد يآسا يهمس لها:
- تعالي ورايا تدخلي عند الستات جوا وما تخرجيش غير لما اجيلك.

تحرك ناحية الداخل وهي تسير خلفه سريعا تحاول اللحاق به، وقف عند باب غرفة السيدات من الخارج حمحم بصوت عالي ليجذب انتباه لينا والدته، ولكنه جذب انتباه لينا أخري معها، تحرك لينا الشريف ناحية الخارج بينما شبت ابنتها برأسها تحاول اختلاس النظر لتعرف ما يحدث بالخارج اشتعل قلبها حين رأت تلك الشقراء تقف جوار زيدان سمعت بعض الكلمات التي يقولها لوالدتها وفهمت أنه يوصيها عليها، تحرك هو للخارج بينما ابتسمت لينا بشحوب واضح للفتاة، تحركت بصحبتها تجلسها علي أحد المقاعد، جلست انجليكا مرتبكة تنظر حولها لتلاحظ الكثير من الأعين التي ترمقها بنظرات فضولية مترقبة عدا عينين فقط كانتا ينظران لها نظرات سوداء غاضبة، نظرت انجليكا للينا تبتسم في هدوء لتقابلها الأخيرة بابتسامة شرسة لولا ما يحدث الآن لكانت انقضت عليها ترغب تمزق وجهها باظافرها.

مرت ساعة ويزيد تقريبا حين انتهي الشيخ من القراءة، وبدأ الجمع يرحل والثلاث رجال يقفون مكانهم يتلقون التعازي، عانق عمر خالد يربت علي كتفه ليبتسم الأخير بخواء، خرجت تالا بصحبة ابنتها الي الخارج حين وصلتها رسالة عمر بأن عليهم الرحيل الآن، تحركت بصحبة والدتها لسيارة أبيها عينيها تبحث عنه، تريد فقط أن تراه قبل أن تغادر وقد كان رأته، لأول مرة تراه يبكي كان هناك خطي من الدموع تمردا علي ثباته الزائف من الأساس، ادمعت عينيها حزنا علي حالته، في لحظة غير مقصودة ابدا تلاقت عينيه بعينيها، نظرت له تواسيه بعينيها بينما اغمض هو عينيه في ألم وكانت النظرة الأخيرة قبل أن تسمع صوت والدتها يصيح تطلب منها دخول السيارة، رحل الجميع ولم يبقي سوي اهل البيت، أمسك خالد بيد حسام يجذبه معه للداخل وزيدان خلفهم، جلس الجميع في صالون المنزل الكبير، في صمت مخيف لا أحد ينطق بحرف واحد، كان حسام هو اول من تكلم بالكاد خرج صوته المختنق:.

- أنا هروح، تعبان وعايز أنام عن اذنكوا
قام من مكانه يود المغادرة ليقف خالد سريعا امسك ذراعه يردف بلهجة قاطعة:
- أنت رايح فين مش هتتحرك من هنا، زيدان خد حسام وريله أوضتك ينام عليها لحد ما أوضته تجهز
لم تكن لديه القدرة علي الجدال ولو بحرف واحد تحرك زيدان سريعا يسند جسد صديقه يجذبه معه لأعلي يحادثه برفق:
- تعالي معايا يا حسام...

تحرك حسام في سكون مخيف بصحبة زيدان دون أن ينطق بحرف، وعاد الصمت من جديد معاذ ينظر للينا بعينيه كأنه يخبرها هيا لنغادر والأخيرة تتصنع عدم الفهم لن تغادر وتلك الشقراء هنا ابدا...
في تلك اللحظات صدح صوت متعجب يعرفه معظم الموجودين يأتي مباشرة من ناحية باب المنزل المفتوح:
- انتوا عندكوا عزا ولا ايه، في ايه
ابتسمت لينا رغما عنها حين رأت جاسر لتتحرك من مكانها سريعا ارتمت بين أحضانه تهمس له بصوت خفيض سعيد:.

- جاسر وحشتني اوي...
ابتسم يعانقه برفق يمسح علي رأسها قبل قمة رأسها يهمس لها:
- وانتي كمان يا حبيبتي عاملة ايه، جوزك المريب فين
ضحكت بخفة تضع يدها علي فمها سريعا تخفي ضحكاتها، هي لم تكن لتتزوج معاذ دون أن تخبره حين اتصلت به تخبره ليلة عقد قرانها اخبرها محتدا:
- و**** العظيم الواد دا مريب ونظراته مش مريحة...
لتلين نبرته بعد ذلك يهمس له يآسا:
- بس هعمل ايه في دماغك المجنونة، مبروك يا حبيبتي.

رفعت وجهها تنظر لجاسر مبتسمة تهمس له بخفوت حذر:
- تعالا معايا مكتب بابا
حرك رأسه إيجابا يتحرك بصحبتها لمكتب والدها، بعد قليل كان كل يتوجه إلي غرفته لم يبقي سوي لينا وخالد ومعاذ وانجيلكا
في غرفة مكتب خالد وقف جاسر أمام لينا يسألها قلقا:
- طمنيني عليكي، انتي كويسة، جوزك المريب دا بيعاملك كويس
ابتسمت لينا يآسه تهز رأسها بالإيجاب قلبت عينيها تحادثه:.

- آه يا جاسر كويسة، وعلي فكرة هو شخص عادي جدا مش مريب ولا حاجة أنت بس عشان ما بتحبوش شايفه مريب
تنهد جاسر قلقا يحرك رأسه إيجابا، ذلك الفتي لا يثق به نظراته مخيفة مرعبة بها شئ خبيث يراه جيدا، لا يعرف كيف لا تراه شقيقته، بينما تحركت لينا فتحت حقيبة يدها تخرج ورقة صغيرة مطوية من الحقيبة، مدت يدها لها به تهمس له مبتسمة:.

- إسكندرية، دا الرقم اللي سهيلة اتصلت بيا منه، بابا عرف أن الرقم دا في إسكندرية بس فين بالظبط ما قدروش يحددوا عشان المكالمة كانت قصيرة جدا
أخذ جاسر الورقة بتلهف من لينا تسارعت دقاته الهادرة يغمغم متلهفا:
- أنا اكتر واحد يعرف إسكندرية هقلبها حتة حتة لحد ما اوصلها
دون أن ينطق بحرف آخر اندفع خارج الغرفة، تحرك ناحية باب المنزل ليستوقفه صوت خالد:
- رايح فين يا جاسر.

التفت جاسر سريعا ينظر لخالد نظرات متلهفة قلقة يتمتم علي عجل:
- رايح ادور علي مراتي يا عمي
تدخلت لينا سريعا تحادثه بعجب:
- دلوقتي يا ابني الساعة داخلة علي 12
ابتسم خالد بشحوب ربت علي كتف زوجته ينظر ناحية جاسر يحادثه مشجعا :
- سيبيه يا لينا جاسر مش صغير، روح يا جاسر.

ابتسم الأخير ابتسامة صغيرة ممتنة يحرك رأسه بالإيجاب تحرك للخارج ومنها إلي سيارته ينطلق إلي محافظة الإسكندرية، لحظات وخرجت لينا من المكتب ليهب معاذ واقف حمحم يتمتم بخفوت:
- مش يلا نمشي بقي يا لينا الوقت اتأخر
نقلت لينا انظارها بين معاذ وانجليكا، تلك الشقراء لما لم ترحل بعد، تنهدت حانقة تحرك رأسها إيجابا، توجهت ناحية والدتها لتعانقها الأخيرة للحظات طويلة تهمس لها قلقة:
- انتي كويسة يا حبيبتي.

ابتسمت تحرك رأسها بإيجاب صامت، تغمض عينيها هي حقا لا تعلم أهي بخير أم لا، تنهدت تبتعد عن والدتها تبتسم لتطمئنها تهمس لها:
- صدقيني يا ماما انا كويسة ما تخافيش عليا..

تنهدت لينا تشعر بقليل فقط القليل من الارتياح قبلت جبين ابنتها تربت علي خدها برفق، تحركت لينا من أمام والدتها لتقع عينيها علي أبيها الواقف بالقرب منهم، نظرت له للحظات نظرات ضيق معاتبة لن تنسي ما فعله خاصة بالأمس حين رفض أن يزوجها، تنهدت حانقة تعدل من حقيبة يدها فوق كتفها نظرت ناحية زوجها مباشرة تتمتم في ضيق:
- يلا يا معاذ.

تحركت للخارج تهرول في خطاها لخارج المنزل تحرك معاذ خلفها ليشعر بألم بشع يجتاح كتفه نظر خلفه سريعا ليجد خالد يقبض علي كتفه يرميه بنظرات سوداء قاتلة مال برأسه ناحيته يهمس له متوعدا:
- احسنلك ما تفكرش حتي تزعلها، مفهوم.

ابتسم معاذ في خواء ساخر ليتحرك للخارج يلحق بزوجته، لم يبقي سوي ثلاثتهم لينا وخالد وانجليكا، حمحمت لينا مرتبكة تنظر لتلك الفتاة قبل أن تتحرك تجذب يد خالد بعيد عنها قليلا، ما إن ابتعدا عن ناظري الفتاة ارتمي خالد بين أحضان زوجته يعانقها بقوة تهدلت قواه يهمس لها بخفوت متعب:
- أنا تعبان اوي يا لينا، تعبان وعايز أنام.

رفعت يديها تطوقه بهما، مسحت علي شعره برفق عدة لحظات طويلة قبل أن تبعده عنها امسكت ذراعيه تنظر لعينيه تحادثه بحزم حاني:
- خالد، لما لينا كانت بتعيط تتعب وبيبقي جنبها مايا وبدور وسهيلة كانت بتجري في حضني أو حضنك، حسام محتاجك جنبك خصوصا الليلة دي، ما تسيبهوش النهاردة.

ظل ينظر لها دون كلام مع تلك السنوات لازال يعجز عن فهم كيف يمكن أن تكون بمثل ذلك النقاء والرقي، الطيبة الخالصة، حرك رأسه إيجابا سريعا لتبتسم له برفق تكمل:
- وابعتلي الواد زيدان عيزاه في حاجة مهمة.

حرك رأسه بالإيجاب ليتركها ويصعد إلي أعلي يأخذ طريقه إلي غرفة زيدان، لحظات ووصل للغرفة ادار المقبص ودخل ليجد حسام يرتمي بجسده علي عارضة الفراش يغمض عينيه دموعه تنساب من عينيه المغلقة، زيدان جواره يحاول التخفيف عنه بقدر استطاعته دون فائدة، تنهد خالد ينظر لوالده حزينا علي حاله، اشار لزيدان أن يخرج من الغرفة، تحرك الأخير في هدوء وقف أمام خالد جوار باب الغرفة من الخارج ليبادر خالد بصوت خفيض هامس:.

- انزل للينا عايزاك وأنا هفضل مع حسام
ابتسم متألما والدته هي من تريده بالطبع لا يعرف لما ظن للحظات أن، لا لا لم يعد هناك مجال لأي ظن، اومأ برأسه لينزل لأسفل، وقف خالد للحظات يلتقط أنفاسه، يشجع نفسه دخل للغرفة يغلق الباب عليهم اقترب بتروي من فراش حسام، جلس علي جزء صغير من حافة الفراش نظر لحسام يحادثه بمرح باهت:
- يا عم خش جوا شوية.

تحرك حسام بهدوء صامت لمنتصف الفراش تاركا حافته فارغة، استند خالد بجسده الي عارضة الفراش جوار حسام نظر له للحظات طويلة لا يجد ما يقوله ليواسيه بها، حالته تلك، تذكره بيوم وفاة والده لولا وجود لينا جواره لكان جُن من حزنه في تلك الليلة، تنهد يهمس لطفله بصوت خفيض حزين حاني:.

- عارف بتفكرني بنفسي يوم ما جدك **** يرحمه مات كنت حاسس أن الدنيا اتهدت خلاص، كنت هموت يومها، كنت واقف في العزا بتاعه ثابت وأنا جوايا بنهار، ما صدقت العزا خلص وفضلت اعيط ولا كأني *** صغير عنده خمس سنين مش راجل عدي الأربعين، حزني ساعتها كان بشع ما يتوصفش، حسيت اني ضهري اتكسر، بس رحمة **** بينا أن الحزن بيقل مع الأيام، وبتفضل الذكريات التي تخلي الشخص مهما بعد عايش جوا قلبك.

ما إن انهي خالد كلامه شهقة بكاء عالية خرجت من بين شفتي حسام، ليسرع خالد يشده إلي أحضانه، تمسك حسام بوالده يخبئ رأسه بين أحضانه يبكي وتتعالي شهقاته الذبيحة لف خالد يديه يربت علي رأسه ولده دون كلام يسمع نحيب حسام العنيف كلماته المبعثرة التي تخرج من بين شفتيه دون إرادة منه تصرخ بوجعه:.

- سابنتي ليييه، أنا ماليش غيرها، مش هي عملت العملية خلاص، وحشتني، وحشتني أوي، مش هقدر اعيش من غيرها، ****، **** خدني أنا عايز اروحلها...
لم يقدر علي الثبات أكثر انهمرت دموعه يشدد علي احتضان ولده يهمس داخل قلبه:
- بعد الشر عليك يا حبيبي، **** ما يحرمني منك ابدا.

علي جانب آخر وقف زيدان أمام لينا لتخبره بما تريده أن يفعل:
- بص يا زيدان هتروح شقة حسام اللي كان عايش فيها مع والدته **** يرحمها، هتجيب منها هدومه واي متعلقات ليه مهما كانت صغيرة وتقفلهل، أنا مش عايزة حسام يدخلها الفترة الجاية خالص.

ارتسمت ابتسامة حنونة حزينة علي شفتي زيدان ينظر لوالدته ليحرك رأسه بالإيجاب دون كلام، تحرك ليغادر ليسمع لينا تهمس باسمه من جديد، التفت لها ينظر ناحيتها مستفهما لتقترب هي خطوة اخري منه كتفت ذراعيها تضيق عينيها تسأله:
- مين البنت اللي قاعدة برة دي يا زيدان وايه علاقتك بيها.

ابتسم ساخرا تحركت مقلتيه ينظر للفراغ هو حقا لا يعرف ما هي علاقته بتلك الفتاة من الأساس، ولكنها مسكن بسيط ضعيف الأثر يعمل باقصي جهده لتخفيف آلام قلبه ولو قليلا، فقط قليلا، تنهد حائرا يتمتم في خواء:
- هقولك لما اجي عن إذنك يا ماما.

تركها وغادر توجه ناحية انجليكا ابتسمت برقة **** صغيرة ما أن رأته، ابتسامتها جعلت شعور قاسي بالذنب يهاجمه بالرغم من كل الكلمات القاسية التي يلقيها علي اسماعها الا أنها لا تزال له كطفلة صغيرة تري والدها، رسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يحادثها برفق:
- يلا يا انجليكا
ابتسمت لتهب سريعا تتحرك بصحبته للخارج يذهبان...
في غرفة حمزة السويسي.

اضجع بجسده الي سطح الفراش يغمض عينيه يتنهد بارتياح، أدهم بات بخير الآن، ولده العنيد صاحب الرأس الصلب كان يود مغادرة المشفي اليوم، بعد طول جدال اقتناع بالبقاء الليلة علي شرط أن يغادر في الصباح، يكفي أنه بخير هو لا يرغب في شئ آخر غير ذلك، فتح عينيه علي صوت باب المرحاض يفتح خرجت بدور تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة ترتدي جلباب بيتي مريح للنوم، ابتسم لها لتشيح هي بوجهها بعيدا تتحرك ناحية مرأه الزينة، قطب جبينه متعجبا لما هي غاضبة، ظل يتابعها بعينيه وهي تمشط خصلات شعرها لتجدلهم في جديلة طويلة، تحركت ناحية الفراش تأخذ الجانب الآخر الفارغ اولته ظهرها تجذب الغطاء تختبئ بجسدها كاملا أسفله، ظل حمزة يتابعها بعينيه، رفع حاجبه الايسر متعجبا مما فعلت، مد يده يزيح الغطاء من فوق رأسها يسأله متعجبا:.

- مالك يا درة في ايه
نفخت في غيظ ظاهر لتمد يدها تجذب الغطاء من جديد تختفئ تحته تتمتم حانقة:
- ما فيش أنا تعبانة وعايزة أنام، تصبح علي خير
توسعت عينيه في اندهاش من طريقتها الغريبة في الحديث ليجذب الغطاء عن رأسها امسك ذراعها يجذبها لتعتدل جالسة رمته بنظرة مغتاظة تشيح بوجهها بعيدا حين سمعته يتمتم مدهوشا:
- في ايه يا درة ما تفهميني
ارتسمت ابتسامة ساخرة متهكمة علي شفتيها تتمتم بنزق:.

- يا تري كلمة درة دي بتقولها ليا لوحدي ولا لكل واحدة حلوة قمر! بتشوفها
تلك الفتاة جُنت بالطبع ماذا حدث لها، لما تتحدث بتلك الطريقة، هو ليس بشخص سريع الغضب، لأنه حقا سئ حين يغضب، لم تري تلك الفتاة وجهه الغاضب بعد، وهو حقا لا يريدها أن تراه، تنفس بعمق يهدئ من نفسه ليعاود النظر إليها يتمتم من بين أسنانه:
- درة، انا ما بحبش شغل اللف والدوران دا، في أي.

التفتت برأسها له ترميه بنظرة معاتبة حزينة زفرت أنفاسها الحانقة، نكست رأسها لأسفل قليلا تهمس بصوت حزين ممزق:
- ما فيش حاجة، ما فيش حاجة خالص، أنا بس اللي اديت لنفسي اكتر من قيمتي، أنا اللي...
قطعت كلامها حين قبض علي ذراعيها رفعت وجهها له تلقائيا تتسع حدقتيها في هلع، حين رأت نظراته الغاضبة جبينه المنعقد، زفر محتدا يهمس لها:.

- درة أنا لحد دلوقتي بحاول افهم مالك، بدأتي تخرفي وتقولي كلام أهبل، ايه اللي حصل
انسابت دموع مقلتيها ليرفع عينيه لأعلي يتنهد يآسا لما تبكي الآن، حاولت نزع ذراعيها من كفيه تهمس له بحرقة:
- اوعي سيبني، إنت كنت بتعاكس الممرضة قولت عليها حلوة، عجبتك مش كدة، هي حلوة مش كدة اي ست احلي مني وأنا ما فييش اي أنوثة.

جحظت مقلتيه في ذهول من أين جاءت بتلك الكلمات الغريبة ضحك يآسا النساء!، جذبها يحتضنها برفق ضحك رغم عنه يتمتم في مرح:
- بقي يا عبيطة كل الفيلم دا عشان كلمة قولتلها، أنا كنت بهزر بنكش أدهم، ما قصديش اصلا اعاكسها، وبعدين ايه التخلف اللي انتي بتقوليه دا، ازاي تفكري في كدة، انتي احلي من القمر نفسه
اغمضت عينيها بمرارة تشعر بغصة قاسية تعتصر قلبها انسابت دموعها تهمس له بخزي:.

- أسامة كان دايما بيفضل يعاكس اي ست حلوة يشوفها حتي لو قدامي، ولما كنت ازعل واتخانق معاه كان يقولي بصي لنفسك اي ست أحلي منك انتي اصلا ما فكييش اي انوثة
اغمض حمزة عينيه غاضبا يكور قبضته يشد عليها، شدد ذراعيه عليها اشتعلت أنفاسه يهمس محتدا:
- أنا مش فاهم انتي ازاي ما اتطلقيش من الحيوان دا من زمان، دماغك دي فيها طبق لوبيا مش مخ علي رأي خالد.

خرجت ضحكة بائسة من فمها ليبعدها عنه قليلا يحتضن وجهها بين كفيه طبع قبلة صغيرة علي قمة رأسها يبتسم لها برفق يتمتم:
- شيلي الهبل دا من دماغك انتي أحلي ست في الدنيا، هو اللي كان شبه راجل، بيعوض نقصه بجرحك، أنا آسف لو اللي قولته للمرضة ضايقك بس صدقيني ما كنش قصدي خالص، لسه زعلانة
ابتسمت تحرك رأسها نفيا ليعاود ضمها من جديد ينظر للفراغ يفكر لما لا يدفن أسامة حيا فكرة جيدة راقت له كثيرا!

في صباح اليوم التالي باكراا، في غرفة زيدان فتح خالد عينيه فجاءة ليري حسام ينام علي ذراعه كما لو كان *** صغير بقايا دموع تغرق وجهه تنهد حزينا علي حاله ليجذب ذراعه برفق شديد يضع الوسادة تحت رأس حسام، مد يده يمسح بخفة آثار تلك الدموع عن وجهه، ليتحرك علي أطراف أصابعه إلي خارج الغرفة، يشد الباب ببطئ، الي أن اغلقه، تحرك يخطو للخارج يتوجه مباشرة إلي غرفته، فتح بابها بهدوء الوقت لا يزال باكرا وبالطبع لينا نائمة اطل برأسه، للداخل ينظر لها لترتسم ابتسامة حانية علي شفتيه ها هي هنا، تحرك ناحيتها سريعا إلي أن بات جوارها جلس علي ركبيته جوار فراشها ينظر لوجهها وهي نائمة يبتسم في عشق يقيده بها، مد يده يمسح بانامله برفق علي وجهها يهمس لها بعشق يقطر من بين شفتيه:.

- أنا بحبك اوي يا لينا، بحبك لدرجة ما بقتش قادر حتي اوصفها، انتي كل حاجة في حياتي، حياتي من غيرك عذاب، ما تسبينش ابدا يا لينا، و**** ما هقدر أعيش من غيرك.

مد يده يلتقط كف يدها يطبعه عليه قبلة صغيرة ليشعر بيدها الاخري تتحرك علي خصلات شعره رفع عينيه لها ليراها تنظر له تبتسم دون كلام، استندت علي كف يده الذي يمسك كفها لتنصف جالسة، تنظر له صامتة دون أن تحرك شفتيها بينما لم تكف عينيها عن الثرثرة تخبره بكلمات هو فقط من سيفهما أنها لن تعشق سواه أبدا، اندفع يحتضنها لتشدد علي عناقه تتلاحم أرواحهم كل نصف يكمل الآخر، قيد هو يملك نصفه وهي تملك، يقيد كل منهما بالآخر للأبد، تهمس له بعشق خالص:.

- أنا بحبك، بحبك اوي أوي يا خالد
تأوه يشدد علي عناقها يغزرها في صدره يهمس لها بشغف جارف:
- أنا ما اعرف من الحب غير أربع حروف
ابتسمت تبتعد عنه قليلا عنه تسأله مبتسمة:
- ايه هما بقي
جذب كفها يقبل باطنه ينظر لمقلتيها، سماء عشقه الزرقاء البلورية، تحركت شفتيه يهمس بصوت عميق اجش عاشق:
- لينا!
ادمعت عينيها ترتمي بين أحضانه من جديد، للحظات طويلة لا تعد ولا تحصى، ابتعدت عنه قليلا تمسك بكفي يده تهمس له بخفوت:.

- خالد الفترة دي حسام محتاجلك، محتاجلك اوي، خليك جنبه علي قد ما تقدر، ماشي يا حبيبي
ابتسم لها في امتنان يومأ برأسه إيجابا لتقبل هي جبينه، تحركت تدفعه للخارج تتمتم مبتسمة:
- يلا روحله وأنا هحضرلكوا الفطار
ابتسم يحرك رأسه إيجابا، تحرك لخارج الغرفة ليجد زيدان يخرج من غرفة جاسر، يبدو أنه قضي ليلته هنا بالأمس، تحرك يقف أمام خالد تنهد يحادثه مرتبكا:
- خالي لو سمحت عايزك في حاجة مهمة.

حرك رأسه بالإيجاب مرة أخري، رأسه بدأت تؤلمه تحرك خلف زيدان إلي غرفة جاسر، ليتهاوي جالسا علي الفراش بينما وقف زيدان أمامه ظل صامتا للحظات قبل أن يحمحم في توتر يقول:
- بصراحة يا خالي، أنا عايز ارجع القاهرة تاني، مش هقدر اسيب حسام في الظرف دا وبعدين خلاص اللي كنت عايز ابعد بسببها بعدت هي واتجوزت مالوش لزوم وجودي هناك
نظر خالد له حانقا عدة دقائق قبل أن يهب واقفا يصيح فيه محتدا:.

- مش لعب عيال هو، شوية عايز اتنقل، وشوية عايز ارجع، وبعدين الغلطة غلطتك أنت اللي هربت، طلعت جبان يا خسارة، سنين ما اتعلمتش مني حاجة
وقف زيدان مكانه يقبض علي كفه واسنانه يتنفس بعنف يحاول أن يهدئ، يذكر نفسها أن من يقف أمامه هو خاله، أبيه، جل ما فعله الا أنه حرك رأسه يتمتم:
- أنا مش جبان يا خالي وأنت عارف كدة كويس، حضرتك هتساعدني، ولا لاء.

عاد خالد يجلس مكانه علي الفراش يستند بمرفقيه علي فخذيه نظر لزيدان يبتسم ساخرا قبل أن يومأ برأسه بالإيجاب تنهد يتمتم متهكما:
- من عينيا يا زيدان باشا، بس دي آخر مرة، تطلب فيها نقل، مش شغالين عندك احنا، واعمل حسابك ما عندكش إجازات لآخر السنة، لو عسكري جاله برد هجيبك تقف مكانه
ابتسم زيدان ساخرا، تحرك هو للخارج ليغادر الغرفة وقف عند باب الغرفة المفتوح التفت لخالد يتمتم مبتسما بشحوب:.

- علي فكرة أنا هخطب قريب!

ليس من عادتها ابدا الاستيقاظ باكرا ولكنها لم تذق للنوم طعما تقريبا خرجت من غرفتها تنظر حولها باب غرفة معاذ مغلقة والمنزل هادئ تماما، معاذ لا يزال نائما، تحركت بحذر ناحية تلك الاريكة الوثيرة، ارتمت بجسدها عليها تحدق في سقف الغرفة، تتصارع الافكار داخل رأسها، معاذ يبدو غاضبا منذ الأمس، دخل إلي غرفته مباشرة ما أن عدا، وهي حقا لم تهتم لتعرف لما هو غاضب، ما يزعجها فعلا تلك الشقراء التي تظهر في كل مكان يظهر فيه زيدان تقريبا، تري الي مدي وصلت العلاقة بينهما لتلازمه بذلك الشكل، ولما هي تهتم من الأساس، ألم تنتهي علاقتهم، انتهي كل شئ بزواجها من معاذ، لما يرفض قلبها تصديق تلك الحقيقة، زفرت أنفاسها المختنقة في اللحظة التالية سمعت صوت جرس الباب، قامت من مكانها تتحرك ناحيته، فتحت مقبض الباب لتقطب جبينها مستفهمة حين رأت امراءة جميلة بكل ما تعنيه الكلمة من معني، عينيها سوداء، بشرة بيضاء، انف شامخ، ملابس راقية، مظهرها اشعرها وكأنها أمام سيدات المجتمع المخملي الراقي ابتسمت لينا تسألها: - مين حضرتك.

في اللحظة التالية وجدت عيني السيدة تتحركان عليها وكأنها تقيمها بنظراتها، انثني جانب فمها الصغير المطلي بشبه ابتسامة تتمتم بترفع:
- أنا مامت معاذ!

الفصل الثالث والتسعون

رمشت عينيها في ذهول تنظر للسيدة الواقفة امامها نظرات مدهوشة لا تصدق هي حقا لم ترها من قبل ولكنها تبدو علي الارجح في منتصف الثلاثينات من غير المعقول أن تكون هي والدة معاذ أبدا، حمحمت متوترة حين طال صمتها، لتفسح المجال لها دخلت الأخيرة تسير بخطي مترفعة كأنها عارضة أزياء محترفة اقتربت من احدي المقاعد جلست تضع ساقا فوق أخري بينما تقف لينا أمامها متوترة لا تعرف ما تفعل، ماذا عليها أن تقول، فتحت فمها تريد أن تتحدث لتبادر تلك السيدة تتمتم بنبرة مخملية رفيعة:.

- where is moaz
فتحت لينا فمها تنظر للسيدة مدهوشة وكأنها أحدي ارباب السجون لا تفهم ما تقول، حمحمت متوترة تنظر للسيدة مرتبكة:
- هاا، ثواني هصحيه
تحركت سريعا بخطي متوترة سريعة متلهفة ناحية باب غرفته تدق بابها عدة مرات، لحظات قبل أن تشعر بحركة الباب يُفتح ظهر معاذ في تلك اللحظة يفرك عينيه بكف يده يتثأب ناعسا نظر له بنصف عين يهمس ناعسا:
- خير يا لينا، في إيه.

حمحمت متوترة تشير بأصبعها السبابة ناحية الصالة البعيدة عن غرفته، خفضت صوتها تهمس له مرتبكة:
- في واحدة قاعدة برة بتقول أنها مامتك
قطب جبينه في عجب والدته!، ترك لينا يتحرك للصالة خارجا وقفت للحظات أمام تلك السيدة قبل أن ترتسم ابتسامة واسعة سعيدة علي شفتيه، تحرك ناحيتها يفتح ذراعيه علي اتساعهما يتمتم فرحا:
- ماما وحشتيني، وحشتيني اوي.

قامت السيدة من مكانها تتجه نحو معاذ ضمته لذراعيها تتمتم بصوت حنون مشتاق:
- oh moaz my sweet hurt , l miss you too much my baby.

وقفت لينا من بعيد تختلس النظر لتلك السيدة وهي تعانق معاذ بتلهف شوق يبدو أنها لم تره منذ مدة طويلة، وقفت جوار غرفة معاذ المفتوحة تفكر عليها أن تفعل شيئا، والدة زوجها عندهم، ماذا كانت تفعل والدتها حينها، المشروبات والحلوي تذكرت، توجهت سريعا تبحث عن المطبخ ابتسمت ساخرة علي حالها، هي حتي لا تعرف أين هو معاذ دائما هو ما يتكفل بأمر الطعام ، بعد دقائق من البحث وصلت إليه توجهت سريعا تفتح الإدراج جميع الإدراج تبحث عن الكؤوس والأطباق بعد عناء شاق وجدت ضالتها اخيرا، أحضرت صينية كبيرة، تضع عليها ثلاثة كؤوس ومثلهم من الاطباق، توجهت تفتح البراد لتتوسع عينيها في دهشة، لما كل تلك المشروبات الباردة والحلوي، الثلاجة مليئة بشكل مبالغ فيه، اخرجت بعض قطع الكعك، تضعهم فوق سطح الأطباق علي الصينية، توجهت تبحث بين زجاجات المشروبات الباردة، لتقطب جبينها في عجب، بعض الزجاجات عليها اسمها، والبعض الآخر عليه اسم معاذ، نظرت للزجاجتين في يدها الاثنتين أحدهما من نوع والآخر من نوع أخري، احدهما تحمل اسمها والاخري تحمل اسم معاذ، اجفلت تشهق خائفة حين سمعت صوت معاذ يأتي من خلفها:.

- واقفة عندك كدة ليه يا لينا
حركت رأسها نفيا تحاول الابتسام، لتضع الزجاجة التي تحمل اسمها في البراد من جديد امسكت الزجاجة الاخري توجهت تصب ما بها داخل الكؤوس بينما معاذ يقف جوارها يراقبها مبتسما، التفتت برأسها له تسأله مبتسمة في هدوء:
- معاذ، ليه في ازازيز عصير عليها اسمي وازايز عليها اسمك، مش غريبة دي
ابتسم ببساطة شديدة رفع كتفيه لاعلي يتمتم مبتسما:.

- لا أبدا مش غريبة، انتي ذوقك في العصير في العصير مختلف عن ذوقي، تقريبا ما تحبيش اي نوع أنا بشربه الا الأناناس، وأنا بعمل الاوردر طلبت منهم يكتبوا اسمك علي الأنواع اللي بتحبيها وأنا بردوا
ابتسمت قلقة علي الرغم من أن كلامه أكثر من مقنع الا أنها حقا تشعر بالقلق شديد غير مبرر، اومأت برأسها بالإيجاب لتجد معاذ يتقدم هو يحمل الصينية بدلا منها يحادثها:
- هاتيها أنا هشيلها هتلاقيها تقيلة عليكي...

ابتسمت له متوترة تفسح له المجال اخذ صينية المشروبات يتحرك للخارج وهي خلفه وضع الصينية علي طاولة صغيرة امام والدته، وقفت هي مرتبكة لا تعرف ما تفعل قبل أن تشعر بيد معاذ تمسك بكفها، يجذبها برفق لتجلس جواره، للحظات طويلة تجلس صامتة فقط تستمتع لتلك الأحاديث الاعتيادية بين معاذ ووالدته، اجفلت حين وجهت والدة معاذ الحديث لها تلك المرة:
- أنتي جميلة أوي يا لينا، حقيقي معاذ محظوظ أنه اتجوز بنت في جمالك.

ابتسمت متوترة تنظر لوالدته، حركت رأسها إيجابا تشكرها بصوت هامس خجول منخفض، لتعاود والدة معاذ الحديث من جديد:
- تعرفي، معاذ بيحبك أوي، أنا حقيقي مبسوطة انكوا اخيرا اتجمعتوا، اوعي يكون معاذ بيزعلك
عادت تبتسم من جديد تحرك رأسها نفيا بخفة، تحاول أن تشارك في ذلك الحديث الودي الهادئ بكلمات قليلة مقتضبة، مرت ساعة تقريبا قبل أن تقف تلك السيدة نظرت.

لساعة يدها لتعاود النظر لمعاذ مالت ناحيته تقبل وجنته تتمتم مبتسمة:
- أنا لازم امشي ، يا حبيبي، ما تتأخرش عليا، مستنياك
ثم اقتربت من لينا، وقفت الأخيرة لتصافحها لتجد تلك السيدة الغريبة تقترب منها تعانقها شعرت بها تمشط خصلات شعرها باصابعها الطويلة تحادثه في نعومة:
- مستنياكي يا لينا، باي يا حبيبتي.

قام معاذ يتجه مع والدته الي الخارج يودعها بينما وقفت هي مكانها تعقد حاجبيها في قلق، شعور مخيف يغزو قلبها تلك السيدة بها شئ خاطي حقا لا تفهم ما هو.

علي صعيد آخر في سيارة حمزة السويسي، حرك حمزة مرأة السيارة الأمامية ينظر لولده الجالس علي الأريكة الخلفية، زفر يتمتم حانقا:
- كان هيحصلك حاجة يعني لو فضلت يومين كمان في المستشفي، هو اي عند وخلاص
ابتسم أدهم في خمول يشعر برغبة ملحة في النوم نظر لوالده من خلال سطح المرأة يتمتم ناعسا:
- اتخنقت من القعدة في المستشفي، عايز ارجع البيت.

زفر حمزة حانقا من جديد ليلتف برأسه ينظر لادهم يشد علي أسنانه بعنف يحادثه محتدا:
- وفيها ايه لو جيت قعدت معانا في الفيلا، علي الأقل عشان تبقي تحت عينيا
ابتسم أدهم في هدوء واثق، ينظر لوجه أبيه يتمتم مجهدا:
- أنا دايما تحت عينيك يا بابا، ولا افتكرت اني مش هاخد بالي من الراجل اللي قاعد علي القهوة أربعة وعشرين ساعة.

ضحك حمزة عاليا ذلك الفتي يثبت كل يوم أنه إبن أبيه حتي لو لم يكن من دمه، كاد أن يتحدث حين بادر أدهم يتمتم في ارهاق واضح:
- وبعدين أنا مش عاوز ابقي في مكان واحد مع مايا، لحد ما اقدر أقف علي رجلي واجي اطلبها منك يا حمايا
نطق كلمته الاخيرة بابتسامة عابثة ليتجهم وجه حمزة مسح وجهه بكفي يده ينظر للجالس بالخلف نظرات سوداء حانقة يتمتم في وعيد:.

- تدري يا وجه الجزمة أنت، لولا أنك تعبان ومش قادر تقف علي رجلك، أنا كنت اديتك علقة رجعتك المستشفى تاني، أنا مش فاهم أنا ازاي المفروض اوافق علي جوازك من مايا، بص اتجوزها من ورايا، هتبقي مبلوعة اكتر من كدا
ضحك أدهم بخفوت متعب للغاية عاود النظر لحمزة يلاعب حاجبيه عبثا يتمتم مستمتعا:
- ااه اتجوزتها من وراك عشان تقولي التار ولا العار وتروح قاتلنا سوا، هو أنا مش عارفك..

ضحك حمزة في شر، هو حقا كان يفكر في تلك الفكرة الشيطانية الخبيثة، ويبدو أن ولده الأحمق قرأ أفكاره، زفر حانقا يرمي أدهم بنظرة غاضبة ليأخذ طريقه الي منزل جدة أدهم...

بعد نصف ساعة تقريبا، وقفت سيارة حمزة أمام تلك العمارة السكنية القديمة، نزل حمزة من مكانه توجه سريعا يفتح باب السيارة الخلفي يساعد أدهم علي النزول، شهقت منيرة تضرب بيدها علي صدرها ما أن رأت أدهم بحالته تلك من باب السيارة الخلفي، صاحت باسمه مذعورة لتهرول ناحيته تبكي:
- أدهم مالك يا ابني، حصلك ايه يا ضنايا.

ابتسم أدهم لها مجهدا يحاول طمئنتها ببضعة كلمات، تعاون حمزة وبعض الرجال من المنطقة في الصعود بأدهم إلي شقة جدته، اسندوه الي الفراش، ليبدأ الجمع في الرحيل، هرولت منيرة ناحيته تبكي، ترغب في احتضانه وتخاف أن تؤذيه امسكت بكف يده تسأله خائفة:
- مالك يا أدهم، ما تحرقش قلب ستك يا حبيبي
ابتسم أدهم مرهقا يجذب يدها يقبلها بحنو يهمس لها برفق:
- أنا كويس يا جدتي ما تخافيش.

حركت رأسها نفيا حالته تقول عكس ما ينطق بلسانه تماما تحركت بمقلتيها الي حمزة تسأله قلقة:
- ايه اللي حصل يا بيه، ايه اللي حصله
ابتسم حمزة برفق ينظر لتلك السيدة العجوز نظرات حانية، ربت علي كتف ادهم بخفة يحادثها مبتسما:
- ما حصلوش حاجة زي القرد قدامك اهو، حادثة بسيطة والحمد *** **** لطف بينا...
تحرك من مكانه يضع حقيبة الدواء جوار جدته يتمتم مبتسما:.

- أنا هبعتله ممرضة كويسة تاخد بالها منه، حمد *** علي سلامتك يا أدهم، هكلمك دايما.

ابتسم أدهم يومأ برأسه إيجابا، ودعه حمزة ونزل الي أسفل، استقل سيارته يخرج من الشارع ما أن وصل لبداية الشارع وجد فتاة تتحرك سريعا لداخل الشارع من نظرة عينيها استطاع أن يري أنها علي وشك البكاء، يتحرك خلفها ثلاثة رجال اوقف السيارة لتلتقط أذنيه تلم الكلمات الوقحة التي تخرج من افواههم القذرة، كلمات بشعة تصف جسدها بشكل فج، علي الرغم من أن ثياب الفتاة كان حقا فضفاضة للغاية رأي أحدهم يمد يده يلتمس بها ذراعها لتشهق الفتاى مذعورة تسرع في خطاها تنهمر دموعها خوفا ، غلت الدماء في عروقه، فتح باب السيارة يتحرك ناحيتهم قبض علي ذراع ذلك الفتي بعنف يكاد يهشمه بين يديه يصيح فيه:.

- الراجل يا شبه راجل منك ليه، هو اللي يحامي علي عرض الست اللي قدامه حتي لو ما يعرفهاش مش ماشي ينهش فيه زيه زي الكلب
اندفع احدهم ناحية حمزة يدفعه في صدره بعنف يصيح فيه:
- وأنت مالك يا عمى ما تروح تشوف طريقك
ابتسم حمزة في هدوء تام دفع ذلك الفتي الذي كان يقبض علي ذراعه دفعه بعيدا ليعيد النظر للشاب الآخر ابتسم في خبث شيطاني يخلع سترته القاها أرضا شمر عن ساعديه يتمتم ساخرا:.

- واضح كدة أنك عايز عمك يربيك يا حبيب عمك
توجه حمزة يلتقط عصا من الخشب غليظة ملقاه ارضا جوار متجر احد النجارين توجه ناحيتهم يلقن اولائك الشباب درسا لن ينسوه ابدااا، تجمع بعض سكان الحي في حلقة يشاهدون حمزة وهو يهبط بعصاه الغليظة علي أجساد اولائك الشباب ليعلو صراخهم، يتوسلون له أن يرحمهم، لتبدأ همهمات من حوله
- تسلم ايده و****
- **** يديله الصحة
- دول عيال زبالة رايحين جايين مش سايبين بت في حالها.

- هو مين دا يا جماعة
- دا قريب الست منيرة تقريبا، أنا شوفته طالع عندهم كذا مرة
وقف حمزة يلهث بعنف ينظر للشباب الملقي ارضا امامه يصرخون من الألم، وقف معتدلا يمسح العرق عن جبينه يحرك يديه الي خصلات شعره، بصق عليهم متقززا، لتلمح عينيه تلك الفتاة التي تقف هناك تبكي، يعرفها، أخبره جاسوسه أنها زوجة مراد شقيق أدهم، ابتسم لها مطمئنا إياها، ليلقي بالعصا بعيدا وقف في منتصف الجمع ينظر لهم مشمئزا ليصيح فيهم:.

- دا اللي انتوا دايما بتعملوا بتتقفوا تتفرجوا، بينهشوا في لحم بنت من منطقتكوا وكل واحد بيقول يلا نفسي أنا مالي طالما مش بنتي ولا اختي، صدقني الدور هيجي علي بنتك واختك وساعتها بردوا هتقول وأنا مالي، ما هو اللي بيسكت في الأول بيسكت في الآخر
تحرك يلتقط سترته ناحية روحية توجه، وقف أمامها ينظر لنظراتها الخائفة دموعها المراقة ارتجافتها الواضحة قطب جبينه يحادثها محتدا:.

- أنتي بتعيطي ليه، أنتي ما غلطتيش في حاجة، شيلي ايدي الناس من علي بوقك واللي يمس كرامتك بكلمة رديها بعشرة، روحية مش كدة.

نظرت له مندهشة كيف عرف من تكون، قطبت جبينها تنظر لوجهه للحظات لتتذكر ذلك هو الرجل الذي جاء لمنزلهم قبل أيام وتشاجر مع أدهم، نظر حمزة لها مشفقا الفتاة تبدو في عمر ابنته وربما أصغر، طلب منها أن تنتظره ليتوجه الي السيارة سريعا اخذ منها شيئا ليعاود إليها يعطيها جهاز غريب الشكل نظرت له متعجبة، ليبتسم هو يتمتم في مرح باهت:.

- دا صاعق كهربا كان بتاع مايا بنتي بس هي نسيته في العربية من مدة طويلة، خديه خليه معاكي، لو حد ضايقك، علي عليه الفولت
ابتسمت مرتبكة لتمد يدها بتردد تأخذ منه تلك الآلة شكرته بهمس خائف لتسرع في خطاها، ظل هو يراقب بعينيه الي أن دخلت الي مدخل العمارة السكنية، ليعود إلي سيارته ادار المحرك سريعا ليأخذ طريقه مغادرا.

صعدت روحية بخطي مرتجفة درجات السلم ما كادت تصل الى شقة منيرة وجدت بابها يُفتح من الداخل ومنيرة علي وشك الهبوط ركضا، تنهدت بارتياح ما أن رأتها لتحادثها قلقة:
- بت يا روحية انتي كويسة الواحد حمادة طلع قالي ان كان في عيال بيرخموا عليكي وفي واحد ضربهم، أنا يا دوب حطيت الطرحة علي دماغي وكنت نازلة اشوفك
ابتسمت روحية في ارتعاش خائف، اندفعت ناحية منيرة تعانقها بقوة تصيح بنحيب حارق:.

- أنا قولتلك مش هيرحموني، قولتلك هينهشوا في لحمي زيادة، تعبت، تعبت وعايزة أموت يمكن اخلص من العذاب دا بقي
ادمعت عيني منيرة حزنا علي حالها لتجذبها للداخل، اجلستها علي أقرب أريكة جلست جوارها تضمها الي أحضانها برفق تمسح علي حجابها تحاول تهدئتها، ابعدتها عنها بعد لحظات طويلة تحادثها بحزم:.

- وأنا قولتلك لازم تبقي انشف من كدة، يا بنتي الدنيا دي مش عايزة الغلبان، هتفرمه، انشفي يا روحية، ما تخليهمش يموتوكي بكلامهم انتي لسه في عز شبابك يا بنتي، هو ايه اللي حصل تحت
تنهدت روحية بحرقة تقص عليها ما حدث، لتعاود منيرة احتضان روحية من جديد تربت علي رأسها برفق تحادثها:.

- طب يا عبيطة ما هو **** جابلك حقك اهو، تفتكري ايه اللي هيخلي واحد زي حمزة بيه يقف فجاءة كدة بعربيته دي تدابير، اهو سمعهم ونزل اداهم العلقة التمام، علقة هيتوب عليها الشارع كله هيخافوا يجيبوا سيرتك، أنا عارفة الناس اللي احنا عايشين وسطهم، ناس تخاف ما تختشيش يا بنتي، المهم عملتي ايه في العيادة النهاردة
ابتعدت روحية عن منيرة ارتسمت برضا تتمتم في خفوت:.

- الحمد *** الدكتور راجل طيب ومحترم وبيعاملني كويس، دا حتي بيعلمني الإسعافات الأولية وازاي ادي حقن واقيس الحرارة، وبنته كمان سكرة اوي فاتحة عيادة أسنان في الشقة اللي في وشنا، **** يباركلهم و****
ابتسمت منيرة تربت علي وجنتها برفق تحادثها بحنو:
- **** يرضي عنك يا بنتي ويجبر بخاطرك، يلا أنا هقوم احضر الغدا لادهم
توسعت عيني روحية في دهشة ممتزجة بألم تتمتم:
- هو أدهم رجع.

كسي الوجوم الحزين وجه منيرة تنهدت بحسرة تتمتم حزينة:
- حسرة قلبي عليك يا ابني، راجع مدغدغ وبيقولولي حادثة بسيطة...
ارتسمت ابتسامة باهتة للغاية علي شفتي روحية قامت من مكانها وقفت أمام الاريكة التي تجلس عليها منيرة نظرت لها للحظات قبل أن تدمع عينيها تهمس لها يصوت خفيض مختنق:.

- حمد *** علي سلامته، بس سامحيني أنا مش هينفع أفضل هنا بعد النهاردة، الاول كنت مراته، وبعد كدة كنتي لوحدك فما رضتش اسيبك، انما دلوقتي ما ينفعش، ما هيصدقوا يخوضوا في سمعتي تاني بالباطل، عن إذنك
قالتها لتتوجه سريعا إلي باب المنزل فتحته ترغب في الفرار بعيدا، ابعد مما قد يصل عقلها، إلي حيث لن يعرفها أحد، لن تتحرق بألسنة كالسوط لا ترحم، وقفت مكانها حين سمعت صوت منيرة تحادثها بقوة:.

- استني عندك اياكي يا روحية تتحركي خطوة واحدة
وقفت روحية مكانها استدارت تواجه منيرة التي ترميها بنظرة ثابتة واثقة:
- انتي عندك حق في كل كلمة قولتيها بس أنا عندي الحل، هيخلصنا من المشكلة دي!

مر اسبوع سبعة ايام كاملة لم يحدث فيهم جديد علي جميع المستويات، زيدان عاد لعمله في الإدارة في القاهرة يغرق نفسه في العمل ليل نهار، يتطوع للذهاب لأي عملية مهما كانت ربما تنتهي حياته في أحدهم وينتهي من عذابه للأبد، حسام حبيس غرفته لم يخرج منها ابداا، خالد جواره أغلب الوقت، لينا فقط تحاول التخفيف عن الجميع...

بعد أن انتصف الليل، تحديدا ليل الليلة السابعة، في غرفة حسام فتح الأخير عينيه فجاءة ينظر لسقف الحجرة، للحظات طووويلة يري صورة والدته تنطبع أمامه انسابت الدموع من مقلتيه يحادثها داخل قلبه يعاتبها علي رحليها:
- كدة تسبيني وتمشي مش انتي قولتيلي أنك هتفضلي جنبي دايما، انتي وحشتيني أوي، نفسي ارمي نفسي في حضنك، نفسئ اسمع صوتك تاني، هنت عليكي يا ماما، هنت عليكي تسبيني وتمشي...

اغمض عينيه متألما لتنهمر الدموع من مقلتيه في صامت يقتل قلبه، فتح عينيه الحمراء من أثر الدموع بعد لحظات ينظر للنائم جواره، أبيه لم يتركه لحظة واحدة منذ ما حدث يعامله كأنه *** صغير، يحاول حتي اطعامه كالأطفال، ابتسم متألما ليتحرك من مكانه يشعر بالاختناق يقبض علي صدره نزل لأسفل، لا يعلم إلي أين يذهب، فقط تحرك ينزل لأسفل خرج من باب المنزل الي الحديقة، يجلس علي مقعد من الخشب جوار شجرة كبيرة يستنده برأسه إلي ساقها يغمض عينيه تنساب دموعه في صمت، رأته تلك الجالسة في شرفة غرفتها تقرأ أحد الكتب القديمة، بعد أن جافها النوم لساعات، نظرت له مشفقة، كم يبدو حزينا وكأن الحياة انتزعت، حسام ذلك الشاب الذي لم يكن يتوقف عن الضحك، باتت الدموع رفيقته الآن، حاولت منع نفسها من الذهاب إليه ولكنها لم تقدر قلبها لم يسمح لها بذلك، تحركت سريعا تبدل ثيابها وضعت حجاب رأسها، لتنزل لأسفل، في طريقها مرت علي غرفة زيدان لتجد إضاءة الغرفة مضائة وبابها مفتوح اطلت برأسها تنظر لداخل الغرفة لتتنهد تهز رأسها نفيا يأسة حين رأته زيدان يرتمي بجسده علي فراشه بملابس العمل يغط في نوم عميق متعب، تقدمت لداخل الغرفة تنزع الحذاء من قدميه تشد رابطة عنقه، جذبت الغطاء تدثره به مسحت علي شعره بحنو ، تحركت للخارج تغلق الإضاءة تشد عليه الباب برفق، لتكمل طريقها إلي أسفل، فتحت باب المنزل تتجه لحيث يجلس حسام، اقتربت منه تحمحم بخفوت تتمتم:.

- مساء الخير
فتح حسام عينيه سريعا يرفع كفيه يمسح دموعه حمحم يبعد غصته الباكية عن صوته يتمتم شاردا:
- مساء النور يا دكتورة
- ممكن اقعد معاك لو هضايقك بلاش.

همست بها بابتسامة صغيرة عذبة تنظر له بحنو كأنه *** صغير ، تنهد حسام يحرك رأسه إيجابا لتجلس عليه المقعد الصغير المقابل له، ظلت للحظات صامتة لا تعرف بأي جملة تحديدا عليها أن تبدأ، نظرت لحسام لتتذكر حالتها حين ماتت والدتها، كم حطمها ذلك الخبر وقتها، تنهدت تهمس بشرود حزين:.

- صدقيني يا حسام أنا عارفة أنت حاسس بايه، شعور مهما مر عليه الزمن مش هنساه، حاسة بالنار اللي قلبك، روحك بتصرخ من الوجع مش مصدقة اللي حصل، بتصحي كل يوم من النوم ونفسك يبقي اللي حصل دا كابوس أنا عيشت العذاب دا مرتين مرة لما قالولي أن خالد بعد الشر عنه مات، ومرة تانية لما والدتي توفت، حسام الحزن بيبقي في اوله بشع مؤلم، ولكن رحمة **** بينا النسيان والحزن مع الوقت بيقل بتفضل الذكري اللي ما بتسحمش لحد يموت بيفضل دايما عايش جوا قلوبنا.

ارتفع جانب فمه بابتسامة ساخرة يشيح بوجهه بعيدا عنها تلك الكلمات سمع نفسها قبل أيام من أبيه، يبدوا انهما حفظا نفس الكلمات ليقولاها معا، نزلت دمعة من عينيه يتمتم:
- أنا سمعت نفس الكلام دا بالظبط من بابا...
توسعت عينيها في حرج، حسام سيظن انهم يقولان تلك الكلمات المحفوظة فقط للتخفيف عنه بشكل مسرحي، هي حقا لم تكن تعرف أن خالد قال مثلها قبلا حمحمت تبتسم متوترة:.

- ودا ما يخلكش تلاحظ حاجة، احنا حاسين بيك يا حسام، عارفين وجعك كويس اوي، بس مش عايزين تغرق جواه عشان ما يدمركش يا ابني...
انكمشت قسمات وجهه من الألم ليشهق في بكاء عنيف قاسي، بكائه اخافها وهي تجلس أمامه عاجزة لا تعرف ما تفعل، تحركت تتقدم ناحيته تربت علي رأسه برفق كأنها تعامل *** صغير يبكي، تهمس له بحنو:
- خلاص يا حسام ب**** عليك كفاية، يا ابني ما تعملش كدة في نفسك.

رفع وجهه لها ما أن نطقت تلك الكلمة، لتتوتر هي من نظراته، ارتبكت تبتعد خطوة للخلف حين هب هو واقفا يصيح بحرقة:
- أنا هسيب الطب مش هرجعله تاني، أنا ما عرفتش اساعدها، انا دكتور فاشل
شخصت عينيها مصدومة تحرك رأسها نفيا بعنف تحركت ناحيته تقف أمامه سريعا ما أن تجاوزها وقفت أمامه تشهر سبابته أمام وجهه تحادثه بحزم:.

- اياك تقول كدة تاني، ما تحملش نفسك ذنب إنت مالكش دعوة بيه وتدمر بيه حياتك، قضاء **** فوق كل شئ، أنت لو أحسن دكتور في العالم مش هتمنع قدر، ثانيا أنت دكتور نسا يا دكتور مالكش دعوة بأمراض القلب اصلا، **** اختارلك تكون السبب في وجود أرواح طاهرة نقية كام *** اتولد علي ايدك كام أم انقذتها من الموت كام فرحة شوفتها في عينين أب، اوعي تدمر دا يا حسام، والدتك **** يرحمها ما كنتش أبدا هتسحملك تعمل كدة وهي وصتني عليك، هتسألني عنك لما اروحلها، ويكون في علمك أنا مش هسحملك تدمر حياتك.

وقفت للحظات ينظر لها عاجزا عن النطق بحرف فقط يبكي تغرق الدموع وجهه هي محقة، محقة في كل حرف قالته، طالته صمته لترسم هي إبتسامة حانية علي شفتيها امسكت كف يده تجذبه خلفها للداخل تتمتم في صرامة بشكل مرح:
- أكيد جعان أنا واقعة من الجوع خالد بيقولي أنك ما بتاكلش، بتعمل دايت يا حسام.

لم يبتسم حتي فقط سار خلفها مستسلمة جذبته إلي أن دخلت الي المطبخ توجه هو يجلس علي أحد المقاعد الملتفة حول طاولة المطبخ، لتتحرك هي سريعا تعد له الطعام، وضعت أمامه عدة أطباق لتسمك زجاجة « الكاتشب » ترسم وجه مبتسم علي طبقه الفارغ ارتسمت ابتسامة حزينة علي شفته لتدفع إليه الشوكة وقفت أمام الطاولة تحادثه مبتسمة:.

- دوق بقي اكلي وقولي رأيك، أنت عارف أنا ما بقتش بدخل المطبخ اصلا، بقالي كتير ما طبختش، فلو طلع وحش قولي حلو، عشان هيجيلي اكتئاب
لم يستطيع حسام أن يمنع تلك الابتسامة الحزينة التي تسللت بخفة إلي شفتيه، ما كاد يقرب الطعام من فمه سمع صوت غاضب يتمتم حانقا:
- دي خيااااانة، دي اييييه خياااانة، من ساعة ما حسام جه وانتي منفضالي، هو أنا مش ابنك ولا هو الواد دا خد مني الدلع كله.

ضحكت لينا بخفة تنظر لزيدان يآسه كم يبدو كطفل صغير غاضب، توجهت ناحيته تجذب يده ليجلس علي المقعد المجاور له تضع الطعام هو الآخر، لتجده يرفع طبقه الفارغ إليها يضيق عينيه قليلا يتحدث كطفل غاضب:
- ارسميلي وش بيضحك زيه.

ضحكت رغما عنها تنظر للجالس يآسة من عناده، بدأ زيدان يشاغب زيدان وهو يأكل عله يخفف عنه قليلا بينما لينا تقق تراقبهما مبتسمة، خرجت من بين شفتيها شهقة مدهوشة حين شعرت باحدهم يحتضنها نظرت خلفها سريعا لتجد خالد ينظر لها يبتسم ممتنا لكزته بمرفقها في صدره تهمس له حانقة:
- خالد وبعدين ابعد ما ينفعش كدة
حرك رأسه نفيا يهمس لها بصوت خفيض حانق:
- لاء ولاد الكلب دول خدوكي مني، سيبيهم يولعوا في بعض، وتعالي معايا.

ابعدته عنها تنظر له في غيظ من أفعاله الصيباينية جذبت يده ليجلس جوارهم علي الطاولة، زم شفتيه حانقا ليرفع طبقا إليها يتمتم بنزق:
- هي جت عليا أنا ارسميلي وش بيضحك زيهم
تعالت ضحكاتهم جميعا حتي حسام خرجت من بين شفتيه ضحكات خفيضة حزينة تنبأ بغد أفضل.

في صباح اليوم التالي وقفت سيارة معاذ أمام شركة والدها، التفت لها يقول مبتسما في عشق:
- مش هتأخر عليكي، أنا هستلم شغلي في المستشفى، هخلص واجيلك علي طول
ابتسمت له تومأ برأسها إيجابا، اقتربت منها يود تقبيل وجنتها لتبتعد هي للخلف تنظر به متوترة، تنهد حانقا مما حدث بينما ارتجفت هي حدقتيها متوترة، زفر بقوة ليعاود النظر إليها يتمتم مبتسما:
- ولا يهمك يا حبيبتي، يلا انزلي عشان ما تتأخريش.

فتحت الباب السيارة نزلت لتراه يلوح لها رفعت يدها تلوح له بخمول، تحركت لداخل الشركة عقلها شارد مغيب، أسبوع مر علي وجودها في منزل معاذ، العلاقة بينهما محدودة لأبعد حد، لا تراه تقريبا الا علي طاولة الطعام مرة او اثنتين يوما، الكاوبيس البشعة زادت بشكل مزعج في الفترة الأخيرة، توجهت الي مكتبها التي تشاركه مع السيدة أشرقت، لتري المكتب فارغا، قطبت جبينها متعجبة أين ذهبت، خرجت من المكتب تسأل أحد عمال البوفية، ليخبرها بأن اجازتها الاسبوعية اليوم، تنهدت لتعاود الجلوس علي مقعد مكتبها تنظر لجدول المهام الأسبوعي التي تعده السيدة أشرقت مع بداية كل اسبوع وبدأت العمل، مرت ساعة تقريبا وهي تجهز بعض أوراق العملاء، قبل أن تلتقط هاتفها تتصل برقم أخيها، لحظات وسمعت صوته الخامل يحادثها:.

- ايوة يا لينا
تمتمت سريعا تسأله متلهفة:
- ها يا جاسر عملت إيه لسه ما لقتهاش
سمعت زفرة طووووويلة منهكة تخرق من بين شفتيه، لتشعر بغصة صوته الباكية:
- لسه يا لينا، قلبت عليها إسكندرية كلها، ما سيبتش مكان ما دروتش فيه، أنا دورت حتي في المستشفيات والأقسام مالهاش اي أثر ، أنا هتجنن عليها...

ادمعت عينيها حزنا علي شقيقها وصديقتها، كم تتمني أن يعثر جاسر عليها قريبا ويشرح لها الوضع وما حدث كاملا حاولت مرارا وتكرارا الاتصال بنفس الرقم الذي حادثتها سهيلة منه من عدة أرقام مختلفة ولكن النتيجة واحدة دائما « الهاتف الذي تحاول الاتصال به ربما يكون مغلق او غير متاح حاليا »، لا فائدة سهيلة اختفت بلا أثر، تنهدت بحرقة تحاول التخفيف عن أخيها قليلا:.

- هتلاقيها يا جاسر أنا واثقة أنك هتلاقيها...

في الأسفل وقفت سيارة خالد السويسي امام شركته، عمر أخيه يريد منه التوقيع علي صفقة هامة لذلك هو هنا الآن، ما كاد ينزل من السيارة وجد هاتفه يدق برقم محمد فتح الخط سريعا ليجد صديقه يحادثه متعجلا:
- خالد إنت فين الملف بتاع آخر عملية معاك، أنا محتاجه ضروري
صدم جبينه براحة يده ينظر لاريكة السيارة الخلفية تنهدت يزفر حانقا:.

- ايوة يا محمد معايا بس أنا مش هاجي الادارة النهاردة عندي شغل كتير في الشركة، اقولك هبعتهولك مع زيدان
اغلق الخط مع صديقه، ليعاود الاتصال بزيدان يخبره بأن يأتي له إلي الشركة في الحال، التقط الملف يأخذه معه للداخل مر في طريقه علي مكتب عمر، ليقطب جبينه متعجبا حين وجد مساعدته القديمة تجلس علي مكتب تالا، كاد أن يسألها عنها حين سمع صوت أخيه يهتف من خلفه بمرح:
- أبو الخلد.

التفت خالد خلفه ليجد عمر أخيه يبدو أنه قد اتي توا نظر خالد لساعة يده ليعاود النظر لأخيه يتمتم ساخرا:
- أنت متأخر يا بيه، ايه خدت علي الانتخة
ضحك عمر في مرح ليتقدم يعانق أخيه يتمتم ساخرا:
- هو اللي يشتغل معاك يعرف الانتخة، دا أنت ساحلنا سحل الفراخ في المجزر يا مفتري
ضحك خالد في تهكم يبعد شقيقه عنه ينظر له يبتسم فئ استفزاز يسأله:
- اومال تالا فين مش شايفها يعني، ما صدقش أنك اقنتعها تقعد من الشغل.

ابتسم عمر في زهو يرفع تلابيب ملابسه بافتخار يتمتم:
- مش أنا اللي اقنعتها محروس اللي اقنعها
قطب خالد جبنيه مستنكرا من ذلك المحروس الذي يتفاخر به أخيه لتلك الدرجة نظر لعمر باشمئزاز يتمتم:
- محروس مين، أنت بقيت قرني ياض ولا ايه
ضحك عمر صاخبا يلكز أخيه في كتفه يتمتم ضاحكا:
- عيب عليك أنا ميمي آه بس راجل أوي، محروس دا يبقي ابن اخوك، تالا حامل يا خالد.

توسعت حدقتي خالد في دهشة للحظات قبل أن تغزو شفتيه ابتسامة واسعة تقدم يعانق أخيه يهنئه:
- بجد الف مبروك يا حبيبي، بس ايه محروس دا يا حيوان البرك، أنت عايز تطلع الواد معقد، مش كفاية انه هتبقي ابوه، يعني تبقي أنت ابوه وتمسيه محروس دا ممكن ينتحر اصلا.

تعالت ضحكات الشقيقين قبل، هنئ خالد أخيه من جديد قبل أن يأخذ طريقه إلي مكتبه، حين وصل لم يجد لينا ولكنه وجد حقيبتها، ابتسم للحظات قبل أن يأخذ طريقه للمكتب، خرجت لينا من المرحاض تعود لمكتبها لتري غرفة مكتب ابيها مضاءة لتعلم أنه أتي، ظلت تباشر عملها لفترة كبيرة من الوقت، قبل أن تسمع والدها وهو يحادث زيدان، هدوء المكان جعلها تسمع ما يقول بوضوح:
- ايوة يا زيدان، أنت تحت، طب اطلعلي أنا مستنيك.

شعرت بدقات قلبها تتقافز ما أن علمت أنه علي وشك القدوم، ارتسمت ابتسامة واسعة خبيثة علي شفتيها تنظر للجيبة السوداء الواسعة التي ترتديها تعقد في نفسها أمرا خبيثا...

تحرك زيدان يصعد الي أعلي يدعو في نفسه الا يراها اليوم وصل الي مكتب السكرتيرة ليجدها هي، ها هي تجلس امامه وقف أمام باب مكتبها المفتوح يستند بجسده علي إطار الباب ينظر لها ترتسم على شفتيه ابتسامة صغيرة هادئة حزينة، ظل يتأملها وهي تعمل بتركيز علي تلك الأوراق أمامها، ليقف معتدل دق باب غرفة مكتبها، لتلتفت ناحيته نظرة سريعة عادت بها تنظر للأوراق أمامها بتركيز، ليسمعها تهتف بتلك النبرة الباردة: - اتفضل يا زيدان بيه استريح هدي خبر للباشا أنك هنا.

تنهد حانقا لما جاء لما رآها لم يكن يرغب في رؤيتها، قلبها ما عاد له القدرة علي تحمل اي ألم، اتجه ناحية مكتبها جلس علي الكرسي المجاور لمكتبها الزجاجي الفخم، ليجدها تمسك بهاتف مكتبها الصغير، رفعت سماعته تضعها علي اذنها تهتف برسمية:
- خالد باشا زيدان باشا وصل، حاضر يا باشا
وضعت السماعة مكانها لتنظر له تبتسم علي مضض ابتسامة صفراء باردة، لترفع يدها تشير للباب الغرفة المغلق امامهم:
- الباشا في انتظارك.

وقف يعقد زر حلته الفخمة لتلمح عينيه شيئا لا يعرف كيف لم يراها منذ البداية تلك المجنونة التي ستصيبه بالجنون يوما، وربما حدث ذلك وهو لم يدري، ترتدي جيبة قصيرة للغاية بالكاد تصل لمنتصف قدميها، عقد جبينه بحدة مكتبها زجاجي شفاف بالطبع رآها الكثيرون بتلك الصورة، كور قبضة يده يشد عليها...
نظر لها يبتسم ساخرا ينظر لها من أعلي لأسفل يتفحصها بنظراته:.

- هي الجيبة دي مش قصيرة شويتين والمفروض أننا في شركة محترمة
وضعت قدما فوق اخري تنظر له تبتسم ابتسامة انثاوية ماكرة لتتشدق بتهكم:
- و**** جوزي شافني وأنا خارجة وما اعترضش. أعتقد مالكش اي صفة عشان تعترض علي لبسي ولا إيه يا زيدان باشا
حدقها بنظرة نارية مشتعلة الكلمة أصابت قلبه في مقتل، رماها بنظرة أخيه قاسية
ليتجه ناحية ذلك المكتب دق الباب ودخل ليصيح كإعصار هائج ما أن وطئت قدميه الغرفة:.

- عجبك المسخرة اللي بنتك عملاها دي، أنت شوفتها لابسة إيه، أنت ازاي تسمحلها بالمسخرة دي
رفع نظره من علي الأوراق ينظر للواقف أمامه عاقدا جبينه بتعجب ماذا يقول ذلك الأحمق ليردد بفتور:
- مسخرة ايه ولبس إيه، إيه الهبل اللي أنت بتقوله دا.
اشار بسبابته ناحية الباب المغلق يصيح بحنق كلما تذكر أن الجميع رآها بذلك الشكل يشعر بالدماء تشتعل في رأسه:.

- الست لينا هانم بنتك جاية بجيبة فوق الركبة رجلها كلها باينة للي رايح واللي جاي
عقد جبينه محتدا صحيح أنه لم يري لينا صباحا ولكنها من المستحيل أن تفعل ذلك، رفع سماعة هاتف مكتبه مرددا بلهجة حازمة حادة:
- لينا تكوني قدامي حالا
سمع صوتها المرتبك تهمس بتوتر:
- حاضر يا افندم.

وضع السماعة مكانها ما هي إلا لحظات حتي سمعا صوت دقاتها علي باب الغرفة إذن لها بالدخول لتفتح الباب وتدخل اقتربت من مكتب والدها تطرق رأسها بأدب تهمس بخفوت:
-خير يا باشا
اتسعت عيني زيدان لسانه التجم من الصدمة ليوجه له خالد نظرة نارية مشتعلة حينما رأي ما ترتدي جيبة طويلة سوداء تصل لنهاية كاحلها متسعة للغاية، عاود النظر الي ابنته حمحم يهتف بهدوء:.

- لاء ابدا ما فيش كنت بدور علي ملف صفقة وخلاص لقيته، روحي انتي وخلي البوفية يعملنا قهوة مظبوط
هزت رأسها إيجابا دون أن تنطق التفتت لتخرج لتراه يقف في حالته تلك عاجز عن الكلام ينظر لها بذهول لتلقي عليه نظرة ساخرة امسكت مقبض الباب تفتحه قبل أن تخرج وجهت له ابتسامة خبيثة شامتة ومن ثم خرجت بهدوء.

والابتسامة لا تزال تزين ثغرها، عادت لمكتبها، لحظات قليلة وخرج زيدان يحمل ملف في يده، اقترب من مكتبها يستند بكفيه علي سطحه ابتسم يتمتم ساخرا:
- حلوة الحركة دي هو دا اللي بيعلمهولك جوزك...
اشتعلت أنفاسها ترميه بنظرات حاقدة مشتاقة كارهة، ابتسم هو ابتسامة سوداء ممزقة:
- صحيح مش تباركلي انا نويت اتجوز، طبعا اول دعوة هتبقي ليكي، سلام يا بنت خالي.

رماها بنظرة اخيرة ساخرة ليغادر المكتب بينما اشتعلت هي أنفاسها تشعر بألم بشع يغزو قلبها، إحساس بشع لا يمكن وصفه، ما إن استعادت ثباتها التقطت حقيبتها تخرج سريعا من المكتب دون حتي أن تخبر والدها أنها ستغادر، نزلت تهرول خارج الشركة بأكملها لتجد معاذ يقف بسيارته في تلك اللحظة ابتسم باتساع يحادثها ضاحكا:
- بنت حلال و**** كنت لسه هتصل بيكي.

لم تقدر حتي علي الابتسام، جلست جواره سريعا تصفع الباب خلفها، تحاول أن تبدو هادئة وقلبها يصرخ من الألم تسمع صوت معاذ يحادثها من بعيد ولكنها حقا لا تعي ما يقول عقلها هناك عنده، سيتزوج كما فعلت، سيزيقها من نفس الكأس التي اذاقته منها، تلك نهاية الطريق لكلاهما، الكثير من الأفكار العاصفة ضربت عقلها، افكار لم تفق منها الا حين لاحظت أن الطريق التي تسير فيه السيارة مختلف عن طريق العودة لمنزلهم نظرت لمعاذ تقطب جبنيها متعجبة تسأله:.

- احنا رايحين فين
توسعت عينيه ينظر لها مدهوشا ليتمتم في ذهول:
- بقالي ساعة بقولك أن أنا عاملك مفاجأة وهنسافر أنا وانتي، كل دا ما سمعتنيش.

زفرت في حيرة تمزقها تخفي وجهها بين كفاية الي متي ستظل في تلك الحلقة المفرغة من الحيرة والألم تنهدت ترجع برأسها لنهاية المقعد اغمضت عينيها ما هي الا دقائق وانسحب عقلها، كم مر عليها لا تدري هي فقط استيقظت فجاءة علي صوت معاذ يوقظها، فتحت عينيها لتراه أمامها يخبرها مبتسما انهما قد وصلا، نزلت من سيارته لتتوسع عينيها مدهوشة حين رأت قصر ضخم كبير للغاية، قصر يبدو أثري قديم، تحركت خلف معاذ للداخل تنظر للحديقة الواسعة حولها المكان أكثر من رائع نظرت لمعاذ لتراه يبتسم لها، تحركا معا لداخل القصر، ما إن دخلا سمعت صوت طرقات حذاء تأتي من خلفها نظرت سريعا لتجد سيدة في غاية الجمال تنزل من فوق سلم البيت الضخم، تبتسم ابتسامة واسعة عينيها زرقاء لامعة بشرتها بيضاء ناصعة، نظرت لينا لها متعجبة من تلك السيدة، توسعت ابتسامة معاذ اقترب منها يتمتم مبتسما:.

- ماما وحشتيني اوي
توسعت عينيها في اندهاش والدته ولكن تلك ليست هي السيدة التي رأتها من قبل كيف يمكن أن تكون تلك والدته، سمعت ضحكات تلك السيدة ومعها معاذ لتتمتم السيدة ضاحكة:
- مش قولتلك مش هتعرفني
ضحك معاذ هو الآخر يحرك رأسه إيجابا تحرك ناحية لينا يحادثها مبتسما:
- دي ماما يا لينا مش عرفاها.

نظرت لهما في ريبة تلك السيدة ليست من رأت من قبل، حركت رأسها نفيا لتتعالي ضحكات معاذ، امسك بيدها يجذبها لأقرب أريكة، التقط دفتر كبير للصور جلس جوارها يفتحه، أشار الي صورة تلك السيدة بهيئتها كما رأتها الآن، ليعاود الإشارة للكثير من الصور لعدة سيدات أخري يتمتم مبتسما:.

- دا يا ستي شكل امي الحقيقي، بس ماما ومن هي صغيرة عندها شغف كبير بالمكياج وأنه ازاي يقدر يغير الملامح للشكل اللي إنت عاوزه، كل الصور دي ماما بردوا، شوفتي هي فنانة قد ايه
توسعت عينيها في اندهاش، الصور لا تتشابه مع بعضها البعض ولا مع ملامحها الأساسية في شئ، ولكنها حقا قلقة، الأمر برمته مقلق، عادت تنظر لوالدة معاذ متوترة لتقترب الأخيرة منها جلست جوارها تحادثها بحنو:.

- حبيبتي انا ما كنش قصدي اخوفك، l was joking with you، بس واضح انها كانت joke سخيفة شوية...
حاولت لينا أن تبتسم ولكن شفتيها لم تقدر حتي علي فعل ذلك، فقط حركت رأسها بالإيجاب، تنظر لها بريبة، تنهدت والدة معاذ، تحادثها مبتسمة:
- اوكي بما انك قلقانة مني ممكن تاخدي جولة في الجنينة تهدي بيها أعصابك وأنا هتكلم مع معاذ.

شعرت بأنها تطردها بطريقة اكثر شياكة، حركت رأسها إيجابا سريعا خرجت للحديقة تتحرك علي غير هدي تشعر بقلق بشع يتسرب إليها شئ سي سيحدث او ربما حدث بالفعل تنهدت قلقة تتحرك هنا وهناك، الي لمحت عينيها باب ضخم عند نهاية الحديقة، نظرت حولها لا أحد ربما هو الفضول الذي يدفعها للذهاب لهناك، تحركت بخفة ناحيته، ربما هو الجراش، او شئ تسلي به وقتها ينسيها قلقها، او ربما شئ سي لا يجب عليها الاقتراب منه، تنهدت حائرة حين وقفت أمام باب الغرفة، لتجد مزلاج ضخم يغلقها، غضت علي شفتيها لحظات تفكر، فتحت المزلاج بخفة تنهدت حين لم يصدر صوتا عاليا، تحركت للداخل بخطي مترددة رأت من خلال ضوء الحديقة عدة مفاتيح للكهرباء، ضغطت عليها ليكسو الضوء الغرفة رأت حين اضاءت الغرفة، شاب تقريبا في أواخر العشرينات، ابتسم ساخرا ما أن رآها ليتمتم متهكما:.

- وانتي مين بقي، تبع البيه ولا الهانم.
قطبت جبينها متعجبة من طريقته الساخرة نظرت له عن كثب تسأله:
- أنت مين وبتعمل ايه هنا
قلب ذلك الشاب عينيه في ملل ابتسم يتمتم ساخرا:
- أنا معاذ الحسيني!

الفصل الرابع والتسعون

الصدمة التي تلقتها توا اشبه بسقوط صاعقة كهرباء فوق رأسها تجمد جسدها تنظر له بأعين متسعة مذهولة، أغمضت عينيها للحظات تتنفس بعنف تحاول تهدئة دقات قلبها تهمس لنفسها:
- هلاوس أكيد هلاوس لما افتح عينيا مش هلاقي حاجة، هي اكيد هلاوس.

فتحت جزء بسيط من عينيها تنظر له لتجده كما هو شاب اسمر طويل القامة ذو لحية طويلة وابتسامة ساخرة، ينظر لها بخواء ساخر، تسارعت أنفاسها تبتلع لعابها الخائف ليست هلاوس هي لا تهذي ذلك الشاب يجلس أمامها علي فراش كبير، بعد لحظات حاولت استجماع شتات نفسها تخرج الأحرف من بين شفتيها مرتجفة:
- اااا، ااززااي، اازاي إنت، ممعاذ، اوومال أنا متجوزة مين.

ضحك ذلك الشاب متهكما، رفع كتفيه لأعلي بلامبلاة ساخرة، عاد ينظر إليها مباشرة يتمتم:
- لاء ما اعرفش دي مشكلتك مش مشكلتي...
اشار لنفسه ليعاود الحديث بابتسامة ساخرة متألمة:
- أنا معاذ الحسيني، سنين وأنا محبوس هنا، بس بصراحة بيعاملوني أحسن معاملة، لاء دا حقيقي مش هزار، مسجون في فندق خمس نجوم، بس لحد دلوقتي مش عارف أنا مسجون ليه.

تجمعت الدموع في مقلتيها تحرك رأسها نفيا مرة تليها أخري وأخري هو كاذب بالطبع يكذب او انها تهلوس، بح صوتها تصيح فيه مذعورة:
- أنت كذاب، أنت بتكذب، أنت مش معاذ.

عادت للخلف تنظر له مذعورة وكأنه وحش مخيف، لتشهق بقوة حين ارتم ظهرها بصدر احدا ما يقف خلفها، التفتت سريعا تنظر له لتجد معاذ الذي تعرفه زوجها، هو يقف أمامها ارتسمت ابتسامة مرتعشة علي شفتيها تنساب دموعها تحادثه مذعورة تشير بسبابته إلي ذلك الجالس علي فراشه:
- معاذ أنا بهلوس مش كدة، ما فيش حد قاعد هناك، معاذ دا بيقولي أن هو معاذ، أنا اكيد اتجننت، ما فيش حد صح، صح يا معاذ.

ظل ينظر لها للحظات طويلة في صمت نظرات حزينة مشفقة، نظرات تغيرت في لحظة إلي أخري سوداء شيطانية قاتلة، رأت ابتسامته تتسع تتحول تدريجيا إلي ضحكات عالية، ضحكات مخيفة ترجف الابدان فزعا، احتضنت جسدها بذراعيها تنظر له خائفة الي أن توقف عن الضحك يناظرها بنظرات ساخرة شيطانية مخيفة، لتهمس هي مرتجفة:
- ففففي ايييه يا معاذ، اااا نت بتضحك ليه كدة.

توسعت ابتسامته يتقرب منها أكثر اشار لنفسه ليحادثها بنبرة فخر قاتمة:
- نائل، نائل يا حبيبتي، مش معاذ، اتعرفتي علي ضيفنا بدري أوي
تركها تقف مكانها مذهولة تعقد الصدمة عقدها الكثيرة حول لسانها كخرساء فقدت النطق توا، راقبت بأعين جاحظة مذعورة، نائل او معاذ كما تعرف هي، يتحرك من أمامها يتحرك ناحية ذلك الشاب الجالس علي فراشه وقف في المنتصف بينهما عاود النظر للينا يشير ناحية الشاب يتمتم مبتسما في توسع:.

- حبيبتي أعرفك، معاذ الحسيني..
تنهد توسعت التفت لها بكامل يحادثها ساخرا وكأنه يقص احدي حكايا الأطفال القديمة:.

- معاذ يا حبيبتي شاب مقطوع من شجرة والده ميت، والدته اجنبية عايشة عند أهلها في إسبانيا، سبته بعد الولادة علي طول فمتعرفش شكله أساسا، شاب انطوائي، مالوش أصحاب، كان عايش في الغردقة ولما جه يدخل كلية الطب، قرر يجي هنا، كان أنسب واحد، أخد مكانه، في مواصفات كتير ممتازة، انطوائي ما حدش يعرفه مالوش اهل يسألوا اهل، مامته نفسها ما تعرفش شكله، مالوش اوراق رسمية كتيرة، فاقدر اغير صورتي بصورته ببساطة، بلس أنه في كلية الطب، وأنا بردوا كنت كلية الطب، فخطفته وخدت شخصيته، ايه رأيك في دماغي.

مجنون من يقف أمامها الآن ليس سوي مختل مريض نفسي لا تعرف حتي ماذا يريد منها ولما فعل كل ذلك، هربت الدماء من جسدها بأكمله خوفا ذلك المختل، عادت للخلف تنظر له مذعورة تصيح بحرقة:
- أنت مين، وعايز مني اييييه، لييييه ليييه عملت كل دا، أنا هوديك في ستين داهية، بابا هيموتك.

قالتها لتطلق لقدميها العنان تركض لخارج الغرفة منها إلي الحديقة تتلفت حولها مذعورة تبحث عن الباب الذي دخلت منه السيارة، تحركت تركض ناحيته تبكي ذعرا، كابوس ما هي فيه الآن كابوس اشبه بأفلام الرعب، حياتها بالكامل انقلبت رأسا علي عقب في لحظة، وصلت إلي البوابة تحاول فتحها بعنف دون فائدة، بدأت تصرخ بصوت عالي تدق بيديها علي سطح البوابة الحديدية الضخمة:
- الحقوووني، حد يلححححقني، الحقوووني.

انهمرت دموعها تغرق وجهها انتفضت مذعورة حين سمعت صوت معاذ او نائل يأتي من خلفها مباشرة يتشدق ساخرا:
- مين هيلحقك هنا يا حبيبتي، إحنا بعيد، بعيد أوي، ما حدش هيعرف يوصلنا، لا بابا ولا ماما ولا حتي زيدان
التفت له تلتصق بظهرها إلي سطح البوابة صدرها يعلو ويهبط بجنون تحاول التقاط أنفاسها المسلوبة دون فائدة، دموعها لا تتوقف عن الانهمار لحظة، صرخت فيه بشراسة:.

- انتي عايز مني اييييه، أبعد عني، سيبني امشي من هنا
تأتأ بصوت ساخر متهكم يحرك رأسه نفيا كتف ذراعيه أمام صدره يهمس ساخرا:
- تمشي!، في مثل عندكوا في مصر، بيقول هو دخول الحمام زي الخروج منه يا قلبي...

صرخت مذعورة حين امتدت يديه إليها يحملها عنوة صرخت بقوة تحاول ضربه عله يبتعد عنها، لتتعالي ضحكاته الشيطانية اخذها الي داخل القصر الكبير، انزلها ليدفعها أرضا بعنف سقطت علي وجهها أرضا، رفعت وجهها حين سمعت صوت حزين ساخر معاتب:
- تؤتؤتؤ كدة يا نائل حد يعامل مراته حبيبته بالشكل دا، دي الغالية بنت الغالي.

نظرت للينا للواقفة أمامها ليرتجف قلبها فزعا شعرت وكأنها تقف أمامها شيطانية من الحجيم بابتسامة المخيفة نظرات عينيها الجيليدية القاسية، تهدجت أنفاسها حين نزلت تلك السيدة علي ركبتيها جوارها نظرت لينا مذعورة تحاول الابتعاد عنها تهمس لها بصوت مرتجف خائف:
- انتوا مين وعايزين مني ايه، أنا ما عملتكوش حاجة، أنا ما اذيتكيش حرام عليكوا.

ضحكت تلك السيدة بخفة مخيفة، لتمد كف يدها تقبض علي فك بعنف اغمضت عينيها متألمة تشعر بأظافر تلك السيدة المخيفة تمزق وجهها تسمع صوتها كفحيف افعي تهمس جوار اذنيها:
- أنتي مالكيش ذنب، الذنب ذنبه هو، ذنب بابا يا حبيبة بابا، بس للأسف انتي اللي هتدفعي.

فتحت عينيها علي اتساعهما تنظر لتلك السيدة نظرات مرتعدة مزيج من الخوف والألم والتعجب، والدها!، ماذا فعل ولما يريدون الانتقام منه وما دخلها هي، خرج صوتها متألم من عنف قبضة تلك السيدة:
- أنتي قصدك ايه
ضحكت تلك السيدة بشر لتدفعها بعيدا، استقامت في وقفتها تنفض يديها تتحدث بدراما ساخرة:.

- من سنين طويلة، قبل ما القمورة تتولد حتي، بابا خالد باشا، قتل جوزي، بدم بارد ضربه بالنار، اعتقد أنه حقي اني انتقم منه...
اقتربت من ذلك الواقف بعيدا يتابع ما يحدث بابتسامة سوداء قاتلة تحركت ناحيته تدور حوله ببطئ تتشدق مستمتعة:
- نائل عز نائد السيوطي!، سمعني عن عز نائد السيوطي يا حبيبة بابا
حركت رأسها نفيا بذعر تنظر لهما معا دقات قلبها علي وشك أن تنفر خارج صدرها...
- دي بنته!

جاء ذلك الصوت الخفيض الضعيف، رغم ضعفه يحمل كم كبيره من القسوة والكره التفت برأسها لمصدر الصوت لتجد رجل كبير هرم، اكل الشيب جسده يجلس علي مقعد متحرك، ينظر لها نظرات قاسية كارهة قاتلة، ابتسمت تلك السيدة بنعومة افعي، لتقترب من لينا قبضت علي خصلات شعرها بعنف، صرخت الأخيرة تحاول أبعادها عنها دون فائدة، تلك السيدة كانت حقا قوية، جذبته رغما عنها لتلقيها ارضا تحت قدمي العجوز، لتتوجه هي تقف خلف كرسي ذلك العجوز، رفعت لينا وجهها بكره ممتزج بفزع، ليدني الرجل بجسده قليلا فقط ينظر لمقلتيها اطال النظر لها ليمد يده صفعها بقوة، ليقبض علي فكها ينظر لوجهها كارها:.

- شايفه في عينيك، ابوكي بكل جبروته لما قتل إبني، زي ما حرق قلبي عليه، هحرق قلبه عليكي، نائل خدها من قدامي قبل ما اقتلها، احنا لسه عايزين عايزينه يشوفها عرض حي وهي بتحصل اختها بكل التفاصيل القديمة.

ضحك نائل في شر اسود ليقترب منها جذبها من ذراعها بعنف صرخت تحاول الابتعاد عنه، ليصفعها بعنف جعلت رأسها يصطدم بالأرض بدأت الرؤية تصبح ضبابية مشوشة أمام عينيها، شعرت به يحملها بين ذراعيه، يصعد بها سلم طويل، سلم لا نهاية، الذعر يأكل روحها، لا تعرف حتي كيف ستكون النهاية، وصل بها إلي أحدي الغرف ليلقيها بداخلها علي الفراش بعنف، نظرت له كارهة لتبصق علي وجهه ابتسم هو ساخرا مد يده يمسح وجهه يتمتم:.

- وماله أنا عاذرك، حبيبتي انا مقدر حالتك النفسية كويس اوي
نطقها بنبرة تهكمية ساخرة ليرتجف جسدها يجاور الذعر غضب عنيف يرجف خلاياها، نظرت له ساخطة تصرخ بشراسة:
- لييييه، أنا عملتلك ايييييييه...
رفع كتفيه لأعلي يتمتم بنبرة ساخرة متهكمة ساخرة:.

-come on لينا كان لازم تكوني اذكي من كدا، ما ينفعش واحد بيحب واحدة بالدرجة المهينة اللي كنت فاكرة معاذ بيحبك بيها، أنا ايه اللي كان بيخليني استحمل إهانت خالد باشا، وطريقته وطريقتك، أنا مش زيدان المهزء اللي مهما تعملي فيه لسه بيحبك.

تسارعت أنفاسها في تلك اللحظات غضبا كم اردات أن تنقض عليه تمزق عنقه بيديها، وقد فعلت حاولت أن تضربه ليسرع هو بامساك ذراعيها، رماها علي الفراش يمسك بذراعيها فوق رأسها يحملق فيها بعيني جارجة كالصقر تجوب جسدها بلا رحمة، ابتسم في شر يتمتم ضاحكا:
- تفتكري ايه اللي ممكن يخليني مالمسكيش لحد دلوقتي.

صرخت بشراسة تحاول دفعه بعيدا عنها، لن تسمح له ابدا، ذلك المختل هو وعائلته اوقعاها في فخهم، صاحت فيه تحاول إبعاده:
- اياك تفكر تلمسني، اقتلك، اقسم ب**** هقتلك
ترك ذراعيها يبتعد عن الفراش وقف امامها يناظرها نظرات عابثة ساخرة للغاية، مال بجزعه العلوي يحرك أصابعه برفق علي خدها لتشيح بوجهها بعيدا حين سمعته يردف ضاحكا:.

- صدقيني حبيبتي لو كان ينفع كنا وفرنا علي نفسنا لفة كبيرة اوي، ما كناش هنحتاج لشريك تالت، حبابيب بابا كتير اوي شكلهم، بس ما انكرش إن أنا كسبت من وراكي جامد وبعتك بصفقة بملايين...
جحظت مقلتيها في فزع، باعها لمن، وكيف يفعل ذلك، لما تفعل بها الحياة ذلك فيما أخطأت ليكون ذاك هو عقابها القاسي، انهمرت دموعها بعنف تغرق وجهها جسدها يرتجف من الذعر، شعرت به يضع يده علي كتفها لتنتفض فزعة تصرخ فيه وهي تبكي:.

- قولتلك ما تلمسنيش...
ضحك ساخرا يرفع كفيه أمام وجهه يحادثها متهكما:
- اهدي اهدي، ما تخافيش أنا كدة كدة مش ناوي اصل أنا وانتي ذوقنا مختلف، اوي، يعني مش عارف اشرحهالك ازاي، يعني انتي بتحبي، وأنا بحب الرجالة اللي زي زيدان.

توسعت مقلتيها في ذهول وضعت يدها علي فمها تمنع شقهتها المذهولة، تشعر بأنها علي وشك التقئ، ربما هي مخطئة وهو يقصد شيئا آخر ولكنه كانت حقا محقة حين رأته يحرك رأسه بالإيجاب، يبتسم في شهوانية مقززة يردف ساخرا:
- yes baby I m gay.

توسعت مقلتيها حتي كادت تخرج من مكانها، تنظر له باشمئزاز، ليتحرك هو مكانه يتجه ناحية تلك الصور المعلقة في غرفته، وقف يعقد ذراعيه خلف ظهره ينظر لتلك الصور يتحدث بهدوء كأنه يحادث نفسه:
- شايفة الصور دي كلهم لماما، قد ايه هي perfect في الميك آب، بتعرف تحط اي حد هي عيزاه فوق وشها، حتي أنا من سنين حطيت وش واحد تاني فوق وشي، في حادثة الاتوبيس والاوضة وزيدان فاكرة اللي حصل زمان.

لم تمنع شهقتها الفزعة ولا أنفاسها التي خرجت تقاتل بعضهما بعضا شل الفزع حركتها حين التفت لها يرميها بنظرات ماكرة بالكاد خرجت الاحرف من بين شفتيها:
- أنت قصدك ايه
تعالت ضحكاته الشيطانية المخيفة ذلك الرجل الواقف امامها ليس معاذ الذي تعرفه ابدااا، اقترب بخطواته منها اكثر فاكتر، فاكثر، وقف أمامها ينظر لعينيها مباشرة توسعت ابتسامته الخبيثة يتشدق مستمتعا بخوفها:.

- قصدي أن الحادثة القديمة، لما شوفتي زيدان عايز يغتصبك، ما كنش زيدان، كان أنا
كلماته كصفعات متتالية بلا رحمة عقلها يعجز عن استيعاب ما قاله توا، ليأخذها في رحلة طويلة لما حدث في الماضي...
Flash back
في العاشرة من عمرها، بعد حفلة عيد مولدها بأسبوع تقريبا، وقفت جوار والدها خارج بوابة الحديقة ينتظران حافلة المدرسة نظر خالد لابنته مبتسما:
- يا لوليتا، تعالي نروح بعريبة بابا أحسن.

حركت رأسها نفيا بعناد ورثته منه امسكت ذراعي حقيبتها ترتديه تتمتم باصرار:
- لاء أنا بحب اروح مع اصحابي
ضحك يآسا ليمد يده يربت علي خصلات شعرها، لحظات وجاءت الحافلة، اخذت المشرفة لينا الي الداخل ليودعها خالد ملوحا لها، التفت برأسه لزيدان ما أن غادرت الحفلة ليحرك الأخير رأسه إيجابا في لحظات كان يستقل سيارة سوداء بصحبة رجلين من الحراسة كما اعتدا دائما كل يوم يتحركون خلف الحافلة إلي أن تصل إلي المدرسة...

في الحافلة جلست جوار سهيلة صغيرتها منذ الصغر يضحكان في طريق مدرستهم الجديدة، في لحظات تبدل الوضع ثلاثة سيارات ضخمة وقفت أمام الحافلة، خرج منهم الكثير من الرجال يحملون الاسلحة بدأ صراخ الأطفال يعلو، خاصة حين بدأت إطلاق النار في الاسفل بين حرس والدها وهؤلاء الأشخاص، مشهد مرعب لاطفال في مثل عمرهم، صعد أحدهم الي السيارة، حاول السائق ليرفع المجرم سلاحه ويطلق عليه الكثير من الرصاصات، والصراخ يعلو، وذلك المجرم المخيف صاحب القناع الاسود يبحث بعينيه عن ضالته إلي أن وجدها، تقدم ناحية لينا يحملها من خصرها وهي تصرخ وتبكي، **** مذعورة، اخذها وتحرك لأسفل ما كاد يهرول بها ناحية السيارة توقف مكانه تجمد جسده ليبدأ بالترنح سقط أرضا وهي معه، صرخت من الألم، قبل أن تشعر بأحدهم يجذبها بعيدا يختبئ بها خلف الحافلة، رأت زيدان أمامها فاندفعت تختبئ بين أحضانه تبكي، تتمتم مذعورة:.

-زيدااان، مات، كان عايز يخطفني
شدد علي عناقها يشعر بألم بشع يجتاح كتفه من تلك الرصاصة التي تلقاها توااا، لحظات وابتعدت عنه تنظر له مذعورة حين رأت بقعة دماء ضخمة علي قميصه صرخت من الفزع ليضع يده علي فمها سريعا، يحادثها بصوت خفيض متالم:
- هششش، أنا كويس يا لوليتا ما تخافيش، بابا هيجيب البوليس ويجيوا يقبضوا علي الناس الوحشين دول
- أهم هناك اهم، هاتوها.

جاء ذلك الصوت من خلفهم ليهب زيدان واقفا لم يتردد لحظة وهو يحملها بين ذراعيه ورأسها يختبئ في صدره يحاول الركض، يسمع أصوات الكثير من الأقدام تحاول اللحاق به، وأصوات الطلقات النارية من حوله، صاح متألما حين أصابت طلقة أخري ساقه ليقع علي ركبتيه ارضا، وهي تصرخ تتشبث به تخبئ رأسها في صدره، لم يعرف ما يفعل، لم تكن له القدرة علي الحركة فقط شدد علي أحضانها بين ذراعيه، وهم يحاولون انتزاعها منه وهو يرفض تماما يتشبث بها كما يتشبث المرء بحياته، وكانت الضربة الاخيرة التي تلقاها علي رأسه جعلت عينيه تزوع، تتشوش الرؤية أمامه انتزوعها منه رغما عنه آخر ما سمعه هو صوت صراخها باسمه وهو يبتعد، حين استيقظت تلك الصغيرة وجدت نفسها، ممدة علي فراش قديم في غرفة غريبة مخيفة تنظر حولها باستغراب **** في العاشرة لا تفهم ما يحدث، خائفة مذعورة التفتت ناحية باب الغرفة حين انفتح لتبتسم مطمئنة حين دخل من بابها، تشعر بثقل ودوار يمنعها من التحرك فقط نظرت له تبتسم لتهمس خائفة:.

- زيدان احنا ايه جابنا هنا وبابا فين، يلا نمشي.

ظلت يتقدم ناحيتها ببطئ خطواته يعلو صداها في الغرفة الفارغة ابتسامة مخيفة تعلو شفتيه، لتصرخ خائفة حين شعرت به في لحظات ينفض عليها يمزق ملابسها حتي باتت شبه عارية، هو يحاول سلب برائتها قبل أن يتركها فجاءة مع رنين هاتفه، توجه ناحية النافذة يقفز منها، ارتجف جسدها بذعر **** صغيرة خائفة، ملابسها ممزقة، جسدها يرتجف من الذعر، لحظات فقط وسمعت صوت والدها يصرخ من الخارج، ومن ثم صوت الباب يتحطم، دخل والدها في تلك اللحظة رأته نظرة ذعر تلتهم وجهه وهو ينظر لحالته تلك اندفع ناحيتها يخبئها بين ذراعيه يصيح قلقا:.

- انتي كويسة، حبيبتي ردي علي بابا، لينا...

لم يكن هناك سوي الصمت بعد أن اغلقت عينيها وفقدت الوعي، ما حدث بعد ذلك كانت تراه بأعين مشوشة وعقل شبه مخدر، كان في المستشفي، رأت طبيبة تقف أمام والدها تخبرها بأنها بخير وإن ما حدث محاولة ****** فاشلة، رأت والدها يقترب منها يعانقها يبكي يطلب منها أن تسامحه لانه لم يقدر علي حمايتها، أيام وهي غائبة عن الدنيا، تحت تأثير الكثير من المهدئات، كلما فتحت مقلتيها خائفة تري وجه والدها أمامها لتعود للنوم من جديد، مر اسبوع كامل وهي في حالتها تلك، في ذلك اليوم استيقظت بعد أن أزال الأطباء، المهدئات، فتحت عينيها، تنظر حولها بضياع لا تفهم ما يحدث، لحظات فقط وبدأت الأحداث تصطدم بعقلها، انهمرت دموعها تصرخ بهستيريا، اندفع خالد إليها يطوقها بذراعيه يخفيها داخل أحضانه، يمسح علي خصلات شعرها برفق:.

- لينا، اهدي يا حبيبتي، اهدي يا لينا، انتي في حضني، ما فيش حاجة في الدنيا هتأذيكي...
ظلت تبكي لساعات طويلة ترفع الابتعاد عن أحضانه، الجملة الوحيدة التي نطقتها بعد تلك الساعات:
- مش عايزة، مش عايزة اروح المدرسة تاني.

لم تتوقف دموع خالد عن الانهمار يشعر بالاحتقار من نفسه، كيف لم يستطع أن يحمي طفلته، بعد عدة دقائق سمعوا صوت دقات خفيفة علي باب الغرفة انكمشت لينا بين أحضان والدها، خائفة من القادم دون أن تراه، سمح خالد للطارق بالدخول، دخل زيدان يستند علي عصا طبية يحمل علبة حلوي كبيرة، نظر ناحيتها يبتسم في رفق يحادثها بإجهاد:
- حمد *** علي سلامتك يا لوليتا.

التفتت له لتجحظ مقلتيها في هلع كأنها رأت وحشا مخيفا بدأت تتخبط بين ذراعي والديها تصرخ بلا توقف:
- ابعده عني، ابعده عني، هو هو، هو كان بيقطع هدومي، هو اللي خطفني، هو السبب.

جحظت عيني خالد في صدمة لم تقل عن صدمة زيدان ابداا، حاول خالد أن يهدئها دون فائدة بدأت تصرخ بشكل مخيف، هرع زيدان لخارج الغرفة يصرخ علي الأطباء، آخر ما شعرت به وغز إبرة في ذراعها وبعدها لم تشعر بشئ، حالة الذعر التي تملكت لينا من زيدان بعد ذلك كانت غير طبيعية بالمرة كانت تصرخ تنهار فزعة كلما رأته، مما جعل زيدان يترك المنزل خوفا أن تزداد حالتها سواءا، في أحد الأيام، قرر خالد أخذ ابنته خارج المنزل للنادي عل حالتها النفسية تتحسن قليلا، طوال الطريق وهي هادئة بشكل مخيف، ما إن توقفت السيارة بدأت تنظر حولها بهلع، نزل خالد من السيارة فتح لها الباب لتنزل هي الاخري تقبض علي كفه، تنظر حولها بهلع، مذعورة، تحركت تمسك بكفه تشدد عليها الي الداخل اتجها، جلس جوارها علي أحدي الطاولات، لاحظ انكماشاها مذعورة حين اتي النادل يأخذ الطلبات طلب لها المثلجات التي تحب، اشار بيده إلي مجموعة من الفتيات يلعبن يحادثها مبتسما:.

- لوليتا مش دول أصحابك روحي يلا العبي معاهم
حركت رأسها نفيا بذعر ليمسك خالد بيدها يجذبها معه إلي ذلك الجمع الصغير، تركها هناك لينزل علي ركبيته أمامها يحادثها مبتسما:
- حبيبتي ما تخافيش أنا هنا مش همشي، العبي مع أصحابك وأنا واقف هناك اهو
اشار الي منطقة قريبة منها، حركت رأسها إيجابا، ليقبل جبينها تركها وابتعد يراقبها، توجهت هي ناحية جمع الفتيات تبتسم متوترة:
- ممكن ألعب معاكوا.

ولكن ما لم تتوقعه تماما، رفض الفتيات القاطع وطريقتهم في الحديث معها
- لاء ماما قالتلي مالعبش معاكي
- ايوة ماما قالت بردوا أن انتي السبب في اللي حصل
- بابا قال هينقلني من المدرسة اللي انتي فيها
- انتي شريرة انتي السبب، خليتي عمو إبراهيم يموت.

نظرت لهم فزعة تنهمر دموعها تحرك رأسها نفيا، تنفي عن نفسها ما يقولونه عليها، لتجد جمع من الأمهات يقتربن منها كل واحدة تجذب ابنتها ترميها بنظرة حادة قاتلة والبعض منهن بدأت تصرخ عليها
- اياكي تقربي من بنتي تاني
- انتي عايزة تموتيها
- انتي لعنة
- انتي اللي لازم تم.

قطمت السيدة الأخيرة جملتها ينظرن خلفها بذعر شديد التفتة خلفها لتجد والدها يقف هناك جواره زيدان، هرولت تختبئ خلف والدها تمسك بساقه تبكي، بينما ابتسم هو في هدوء يتمتم:
- حق بنتي مش هاخده من ستات، بس صدقوني، هجيب واحدة فيكوا تبوس رجلها عشان تسامحها.

قالها لينحني يحمل ابنته بين ذراعيه، ما حدث في تلك اللحظات سبب لها عقدة بشعة باتت تخاف الناس جميعا، لم يمر سوي يومين ووجدت احدي هؤلاء السيدات أمامها تتوسلها باكية:
- ابوس ايدك يا بنتي، سامحيني، ابوس رجلك، أنا آسفة، أنا آسفة، أنا بس كنت خايفة علي بنتي، قولي لباباكي كفاية خلاص، شركة جوزي فلست والديون هترميه في السجن...

نظرت لينا لها نظرات جيليدية خالية من المشاعر وكأنها ليست **** في العاشرة، تحركت من مكانها تجاوزت تلك السيدة تصعد سلم بيتها تحادثها بقسوة لا تليق بطفلة:
- أنا عمري ما هسامحك، احسن اللي حصل فيكوا، تستاهلي
Back.

لينا لم تكن شخصية تعرف السماح بسهولة إبنه أبيها، ولكن كل ذلك لا يهم الآن، الآن فقط كُشف الستار عن الحقيقة، زيدان برئ، زيدان الذي قضت عمرها كله تقريبا ترتعد منه برئ وذلك المختل الواقف أمامها هو السبب، هو الذي يجب أن تخاف منه، هو من دمر حياتها، الصدمة كانت اقوي من أن يتحملها عقلها جعلت جسدها شبه مخدر، لا تقوي علي الإتيان بأي حركة، لتسمعه ضحكاته الشيطانية من جديد يتشدق ساخرا:.

- ايه يا حبيبتي اتصدمتي، اصدمك أكتر
رفعت وجهها له تحرك رأسها نفيا، لم تعد لها القدرة علي تحمل المزيد من الصفعات، كلامه كأن أكثر ألما منها، ليتقدم هو منها وقف بالقرب منها يمط شفتيه بتصنع الحزن يتمتم ساخرا:.

- تؤتؤتؤ، ليه كدة، دا لسه اللي جاي أحلي، أنا اللي بعت موني وجوزها منير الملكي وفهمتهم انهم يقدروا يستفيدوا من شراكة شركة السويسي، عشان عارف أسلوب منير الملكي، بس لما ما لقتش ليهم فايدة وجوزك المخلص ما انجذبش للبت، والحب بدأ بينكوا يولع في الدرة، قتلتهم.

شهقت مذعورة مما تسمع يكفي حقا يكفي، ما يحدث لها الآن كفيل باصابتها بالجنون الدائم، ذلك المختل كانت اليد التي تربت عليها تشد من ازرها، هي نفسها من تدمر حياتها، اغمضت عينيها تضع يديها علي اذنيها لا ترغب في سماع المزيد، ليشعر به يشد يديها بعنف، ضحك بقوة يكمل ما يقول:.

- استني لسه اللي جاي أحلي، فاكرة لما اتصلت بيكي في الفندق كانت ناوية اقولك بمنتهي الاسي أن زيدان ما بيحبكيش، بس كويس أن ماما اتدخلت كنت هبوظ خطة تانية احلي بكتير تدمر علاقتكوا للأبد، أنا اللي حطيت لزيدان حبوب الهلوسة في العصير، او مش أنا بشكل مباشر أنا اديتهم للجرسون، كانت كمية كبيرة كفيلة انها تجيب أجله، بس للأسف ليه عمر، اضحكك، زيدان لما كان ماشي يا عيني مش حاسس باللي بيحصل حواليه، جه عامل من الفندق يسنده، ويوصله لحد أوضته، كان أنا!، إيه رأيك في المفاجأة دي.

زاغت عينيها لم تعد تقدر علي الاحتمال أكثر جسدها يصرخ من الألم، فقدت الوعي ارتمت أرضا غائبة عن الدنيا ليضحك الأخير ساخرا مال يحملها بين ذراعيه وضعها علي فراشها برفق شديد مد يده يمسح علي شعرها يحادثها مبتسما:
- نامي كويس، المشتري قرب يوصل، هتوحشيني يا لوليا!

هناك بعيدا عند عروس البحر الأبيض المتوسط، قرب غروب الشمس، يتحرك جاسر بين شوارع الإسكندرية يبحث بين وجوه المارة عنها عله يلمح طيفها ولو من بعيد حتي، لا أحد لا اشارة لا دليل واحد عليها، أيام من البحث المتواصل بلا فائدة، تحركت قدماه يأخذناه الي المطعم، لم تطئه قدميه منذ أن أتي، تحرك لهناك ليجد السيدة حورية تجلس في مكانها المعتاد أمامها القلائد المصنوعة من قواقع البحر الملونة، توجه ناحيتها يقف أمامها لترفع حورية وجهها تنظر للفاعل ابتسمت سعيدة حين رأته لتختفي ابتسامتها شيئا شئ، منظره المتهالك عينيه الحمراء شعره الاشعث، قميصه الشبه مهترئ منظره كأن اشبه بمتسول، تهاوي علي ركبتيه ارضا أمامها مال يقبل رأسها يهمس لها بنبرة خافتة:.

- ازيك يا ست حورية عاملة ايه، حد من اللي في المطعم قصر معاكي في حاجة
حركت رأسها نفيا تنظر لحالته الرثة الحزينة، رفعت يدها تربت علي رأسه تسأله قلقة:
- مالك يا ابني عامل فئ نفسك كدة ليه
رسم ابتسامة شاحبة علي شفتيه يحرك رأسها بالنفي يتمتم ساخرا:
- ما فيش يا ست حورية، شر الإنسان ممكن يعمل أكتر من كدة
حاول أن يتحرك ليجدها تقبض علي ذراعه نظر لها، ليراها تطالعه بنظرات حزينة مترفقة هسمت تسأله:.

- في ايه يا جاسر احكيلي يا ابني
ابتسم يربت علي كف يدها يتمتم ساخرا:
- مش هتصدقيني
شدت يدها علي ذراعه تمنعه من الرحيل تحادثه بابتسامة صغيرة حانية:
- جربني
تنهد بحرقة كان يريد أن يخرج ذلك الحمل الجاثم علي صدره بدأ يقص عليها ما حدث تغلبه دموعه حين يتذكر ما كان يفعله دون دراية منه بتلك المسكينة التي عشقها قلبه رفع وجهه لحورية ما أن انهي كلامه يحادثها باكيا:.

- دا اللي حصل و**** ما كنت في وعيي لأي حاجة بعملها، أنا بس نفسي اطمن عليها، وحشاني أوي، أنا بحبها اوي اوي
ارتسمت ابتسامة صغيرة حانية علي شفتي لتمد يدها تمسح دموعه عينيه تردف مبتسمة:
- أنا قولتلها جاسر عمره ما يستقوي علي واحدة ست، اكيد في حاجة غلط، تعرف أن أنا بسببك هضطر اصوم 3 أيام، بس مش هقدر اسيبك تتعذب كدة.

قطب جبينه في عجب من كلامها لا يفهم حقا ما تقول، وقفت تلم القلائد تضعهم في حقيبتها التفتت له تحادثه مبتسمة:
- قوم يلا، أنا عارفة سهيلة فين!

حل الليل في منزل خالد السويسي، دخل خالد من باب المنزل ليجد حسام يجلس هناك علي احدي الارائك، جاءت لينا تضع أمامه طبق كبير من الشطائر، وكوب من الحليب كأنه فقط *** صغير، ربتت علي كتفه تحادثه مبتسمة بحنو:
- كل يا حبيبي، حسام أنت ماكلتش حاجة من الصبح، كل بقي.

ارتسمت ابتسامة حانية علي شفتي خالد ينظر لزوجته الحنون نظرات ممتنة للغاية، توجه للداخل ليلحق به زيدان، جلس جوار حسام يجذب منه طبق الشطائر يخرج له طرف لسانه، التفتت لينا لزوجها تسأله قلقة:
- خالد اتصلت بلينا النهاردة بكلمها من بدري موبايلها مقفول.

قطب جبينه قلقا، ليلتقط هاتفه يبحث عن رقمها، هاتفها مغلق، بحث عن رقم معاذ يتصل به سريعا هو الآخر هاتفه مغلق، استبد القلق بقلبه، لينا الحمقاء لم تخبره أنها ستذهب من الأساس عرفت مصادفة أنها غادرت، السيارة نعم، سيارة الحراسة التي كلف حسن بها ليراقب سيارة معاذ زوج لينا ستخبره أين هم، ما كاد يطلب رقم حسن وجد هاتفه يدق برقمه، ما أن وضع الهاتف علي اذنه سمع الأخير يصيح فزعا:.

- الحقنا يا خالد باشا، احنا كنا ورا عربية اللي اسمه معاذ هو وبنت حضرتك فجاءة من تقاطع دخلت عربية نقل حجبت الرؤية بينا وبينهم ولما عديناها وعرفنا نلحق العربية، فضلت تلف تدور بشكل مقلق، قطعنا علي العربية ووقفنا قدامها لقينا اللي فيها ناس تانيين خالص...
هب خالد واقفا الصدمة زلزلت كيانه مصيبة حلت، ابنته، ماذا حل بها، ابنته ليست بخير إطلاقا، ذلك المختل، أين اخذها، شدد قبضته علي الهاتف يصيح فيه:.

- هاتلي الكلاب اللي لقيتهم في العربية وتعلالي هنا علي الفيلا
اغلق الخط يخلل أصابعه في خصلات شعره بعنف يسمح صياح زوجته القلق باسم ابنتهم:
- مالها لينا يا خالد ايه اللي حصل
اندفع زيدان ناحيتهم وقف امام خالد يصيح محتدا:
- في ايه يا خالي
قبض خالد علي ذراعي زيدان يصيح فيه سريعا بتلهف:
- زيدان تاخد معاك عربية من رجالتنا وتجري علي بيت لينا.

دون كلمة أخري اندفع زيدان يركض للخارج ليلحق به حسام دون أن ينطق بحرف، لتندفع لينا ناحية زوجها تصرخ فيه فزعة:
- طمني بنتي فيها اييه، لينا مالها
وقف للحظات يحاول السيطرة علي الوضع يطمأن نفسه قبل زوجته:
- لينا كويسة، كل حاجة تمام ما تقلقيش
حركت لينا رأسها نفيا تبكي بحرقة، ليأتي لخالد رسالة من رقم ابنته، فتحها سريعا بلهفة ليجد فيها جملة واحدة:
- Game over!

الفصل الخامس والتسعون

بلهفة قلب ينبض شوقا لرؤية الحبيب الغائب، تحرك جاسر خلف حورية بين الطرقات يسير معها دقاته تتصارع بشكل جنوني كلما اقتربا، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه قلقاسته الذكية، اختئبت في آخر مكان يمكن أن يتوقع أن تكن فيه، لما يشعر أن الطريق طويل شاق لا ينتهي، اخيرا، اخيرا وصل إلي باب المنزل، دق الباب هو دقات خفيفة تتعاكس مع دقات قلبه العنيفة المتضاربة انفاسه تتلاهث شوقا لرؤيتها، لحظات وسمع صوتها يأتي من الداخل:.

- ايوة حاضر جاية.

جسده بالكامل يرتجف أمام ألحان صوتها العذبة الذي اشتاقها حد الموت، انتظر بفارغ الصبر صوت الباب وهو يُفتح لتطل هي من خلفه، اخيرا هي، انفجرت دقاته ارتجف جسده انهمرت دموع عينيه ينظر لها، ارتجفت روحه برجفة لذيذة حين رأي بطنها المنتفخ قليلا، يالله اشتاقها حد الجنون، نظرات عينيها قسمات وجهها كل شئ، اندفع متلهفا يطوقها بذراعيه يغرزها داخل صدره يتأوه من ألم شوقه لها، بينما وقفت هي جامدة كتمثال من حجر تنظر لحورية الواقفة خلف جاسر نظرات عتاب حزينة، أغمضت عينيها لتسقط دمعة واحدة منها رغم كل ما فعله به لازالت تشتاق له، سمعت صوته يغمغم بلهفة:.

- وحشتيني يا سهيلة، وحشتيني أوي أوي يا قلقاسة
ابعدت نفسها عن أحضانه رغما عنه ترميه بنظرات قاتلة كارهة تشعر بالنفور والاشتياق في الآن ذاته، في لحظة كان ترفع يدها تهبط بها علي وجهه بحرقة قلبها الحزين المحطم، توسعت حدقتيه في ذهول من فعلتها، لتتحرك هي من أمامه توجهت إلي غرفتها في منزل حورية صفعت الباب خلفها ليهرول هو خلفها، يحاول فتح باب غرفتها دون فائدة بدأ يدق بقوة علي سطح الباب يحادثها:.

- سهيلة، سهيلة اسمعيني يا حبيبتي، و**** ما كنت واعي لأي حاجة بعملها، سهيلة ردي عليا، أنا عارف اني اذيتك كتير، بس و**** كان غصب عني، سهيلة، سهيلة ردي عليا يا حبيبتي
تنهد ملتاعا نادما علي ذنب لم يشعر به وهو يرتكبه يصدم رأسه بعنف في باب غرفتها، شعر بيد حانية توضع علي كتفه، نظر للفاعل ليجد حورية تبتسم له في حزن، تنهد يبتعد عن الباب قليلا لتقترب هي تدق الباب برفق تحادث سهيلة:.

- سهيلة افتحي يا بنتي، صدقيني جاسر بيحبك، فاكرة لما قولتلك جاسر عمره ما يستقوي علي واحدة، جاسر طيب يا بنتي، ايه اللي يخليه يرعي واحدة ست زيي لا يعرفها ولا تعرفه ويجيبلها بيت و...
صمتت حين بسط جاسر يده أمام وجهه يمنعها من مواصلة ما تقول، علاقته بحورية ليست شفقة منه، هو يحب تلك السيدة كوالدته ولن يسمح حتي لها بأن تهين نفسها لأجله، ابتسمت حورية في شحوب تعاود دق الباب من جديد:.

- طب عشان خاطري افتحي يا بنتي...
دقائق من الصمت المخيف قبل أن يُفتح باب الغرفة وتظهر سهيلة ترتدي ثيابها تحمل في يدها حقيبة سفرها، عينيها حمراء دموعها لا تتوقف نظرت ناحية حورية تحادثها باكية:
- أنا جيتلك عشان ابعد عنه وعن اي مكان ممكن يلاقيني فيه وانتي وعدتيني وحلفتي أنك عمرك ما هتقوليله، شكرا ليكي علي المدة اللي استضفيتني فيها عندك، عن إذنك.

تحركت سريعا تود المغادر لتتوقف حين أمسك جاسر الحقيبة من يدها، التفتت له تنظر له بشراسة لا تناسب سيول دموعها تصرخ فيه:
- سيب شنطتي...

احكم قبضته علي حقيبتها يجذبها بخفة لتشهق سهيلة في ذهول حين تأرجحت مع حركة الحقيبة المباغتة لتسقط بين ذراعيه بعدما ترك الحقيبة تسقط أرضا، طوقها بذراعيه ينظر لها يبتسم سعيدا، لترفع مقلتيها إليه نظرت لعينيه في لحظة غضب كانت نسيت كم. اشتاقت لعينيه السوداء كليل ليلة خريفية حالمة دافئة، ما إن استعادت جزء قليل من ثبات نفسها دفعته بعيدا عنها تنظر له حانقة، حاولت أن تنحني بحركة عنيفة لتجذب حقيبتها لتتأوه من الألم، انتفض هو يسندها يضع ذراعه خلف ظهرها والاخري يبسطها علي انتفاخ بطنها الذي يحمل **** يسألها مذعورا:.

- مالك فيكي ايه، انتي كويسة، حاسة بإيه
تجلدت نظراتها حين مر أمام عينيها مشهد مشابة له وهو يحتضن زوجته الاخري بتلك اللهفة، مدت يديها تزيح يديه، انحنت بحذر تجلب الحقيبة ليلتقطها هو سريعا قبل أن تفعل، نظر لها قلقا علي حالها، لتجذب الحقيبة من يده ابتسمت تتمتم ساخرة:
- كنت كويسة قبل ما اشوفك...
تحركت لتغادر من جديد ليهرول إليها وقف أمامها يمنعها من التحرك خطوة واحدة للأمام يصيح محتدا:.

- مش هتمشي يا سهيلة مش هتتحركي حركة واحدة قبل ما تسمعيني وتعرفي الحكاية كلها
وقفت مرغمة ترميه بنظرات قاتلة كارهة حانقة مشتاقة!، بينما تنهد هو تعبا يحاول أن يقص عليها ما حدث في الآونة الأخيرة وسبب تغيره البشع تجاهها يحكي ويحكي ويحكي علي أمل ان تصدقه، التقط أنفاسه في النهاية ينظر لمقلتيها يتحدث بهمس حزين لاهث:.

- و**** دا اللي حصل، صدقيني يا سهيلة أنا ما كنتش واعي لأي حاجة بعملها، سامحيني و**** ما كنت واعي، أنا طلقت شاهيناز لما فوقت من الكابوس دا، اللي في بطنها مش ابني يا سهيلة، هي اللي عملت فينا كدة، كانت عيزاني ابقي خاتم في صباعها عشان اتنازلها عن المطعم، عشان تفرق بينا، سامحيني يا سهيلة.

رفعت عينيها تنظر لمقلتيه مباشرة لتراه ينظر راجيا نادما مشتاقا، عقلها يحاول تكذيب تلك الكلمات التي قالها توا، وقلبها يشتاق إليه اشد الشوق، تنهد حائرة تشيح بوجهها بعيدا عنه ليقع عينيها علي حورية التي تقف هناك تنظر لها مبتسمة في حنو اقتربت منها تربت علي كتفها برفق تحادثها:.

- يا بنتي السحر مذكور في القرآن، والناس المؤذية ما فيش اكتر منهم في الزمن دا، من قريب قبل ما تيجي واحدة في المنطقة هنا عملت عمل لبنت اختها عشان بتغير من أمها، البنت كانت جميلة ما شاء **** عليها في يوم وليلة اتقلب حالها، لحد ما انتحرت يا عيني من اللي جري لها، وما عرفوش غير بعد ما ماتت وهي رايحة بكل بحاجة تشمت في أختها أن بنتها ماتت، سامحيه يا سهيلة، جاسر بيحبك، بيحبك اوي.

انهمرت دموعها بعنف تروي خديها فقط تحرك رأسها نفيا لا تستطيع مسامحته بتلك السرعة قلبها لم يندمل جراحه بعد القت الحقيبة من يدها تخفي وجهها بين كفيها تشهق في البكاء تصيح من بين شهقاتها:
- مش قادرة و**** ما قادرة.

اقتربت منها حورية تعانقها لتختبئ سهيلة بين أحضانها تكمل وصلة بكائها الحزين، وجاسر يقف هناك بالقرب منهم، ينظر لها مشفقا حزينا، يتمني لو يقتل الحية بيديه علي ما فعلته بهما، اقترب بخطواته بحذر منها، رفع يده يضعه علي رأسها ابتسم ينظر لحجاب رأسها الابيض تبدو كالملاك فيه، حمحم يحادثها بتعقل:.

- ماشي يا سهيلة ما تسامحنيش علي الأقل دلوقتي، بس ارجعي معايا، باباكي هيتجنن عليكي، وانتي عارفة أنه مريض قلب والزعل غلط عليه
توسعت عينيها فزعا حين ظنت أن مكروة أصاب والدها، انتفضت من بين أحضان حورية التفتت له تمسك بذراعيه تصيح قلقة:
- بابا كويس، حصله حاجة
ابتسم يحاول طمئنتها حرك رأسه نفيا ابتسم يتمتم في مكر برئ:.

- هو لحد دلوقتي كويس، بس انتي عارفة الزعل وحش عليه قد ايه، ارجعي ليه عشان خاطره هو حتي يا سهيلة.

حركت رأسها إيجابا دون تردد هي لن تسامح جاسر ولكنها ستعود لوالدها، ففي كل الحالات جاسر بات يعلم أين هي، ودعت السيدة حورية بعناق حار، لتتوجه ناحية شقت ابتسامة واسعة شفتيه يحمل حقيبة ملابسه سار جوارها لتسبقه بخطواتها لتصبح هي بالإمام وهو بالخلف، تحركت لسيارته ليتقدم هو سريعا يفتح الباب المجاور للسائق نظرت له ساخرة لتتوجه ناحية الباب الخلفي فتحته تجلس هناك، ليتنهد في غيظ قلقاسته العنيدة، عض علي شفتيه مغتاظا يزفر بقوة، وهو يقف هناك كالاحمق يمسك بباب السيارة المفتوح، صفع الباب بعنف ليأخذ طريقه الي مقعد السائق، ما إن جلس عليه التفت له ابتسم يتمتم سعيدا:.

- صحيح نسيتي اقولك مبروك علينا، لينا كان عندها حق لما قالتلي سهيلة مستحيل تسقط الجنين
ختم كلامه بابتسامة واسعة ليعاود النظر أمامه يدير محرك السيارة بينما انكشمت ملامح سهيلة في ضيق تتوعد للينا ما أن تراها.

مرت اكثر من نصف ساعة وهو يدور حول نفسه كليث حبيس ما أن وصلت إليه تلك الرسالة، يشعر بعقله سينفجر من الخوف والقلق علي ابنته، لينا ليست في شقتها تلك المعلومة حصل عليها من زيدان، رجاله يحاولون تتبع هاتف ابنته او حتي هاتف زوجها الأحمق بلا فائدة لاشئ يعجزون عن الوصول لأي شئ، ولينا لا تتوقف عن النواح ، لحظات وجاء حسن ومعه رجل وامراءة يجرهما جرا، دفعهما ليسقطا أرضا تحت قدمي خالد الواقف هناك كليث غاضب يبحث عن اي شئ ما ليفجر به غضبه، انحني بجذعه العلوي يقبض علي فك الرجل بقوة سحقته، جذب الرجل ليقف رغما عنه أمام ذلك الغاضب ارتجفت نظرات الرجل في حين صرخ خالد غاضبا:.

- بنتي فين، بدل ما اطلع روحك في ايدي
انتفض جسد الرجل ذعرا ابنته هو حقا لا يعرف عن ماذا يتحدث، ارتجفت حدقتيه ينظر للواقف أمامه نظراته فزعة خائفة يهمس بصوت خفيض مرتعش:.

- و**** يا باشا ما أعرف، أنا شغال عامل في معرض عربيات، جه واحد اسمه معاذ اشتري عربية منه، وعرض عليا، اني اجيب واحدة معرفة تركب معايا العربية والعربية هتقف عند تقاطع لما تعدي عربية نقل كبيرة اتحرك بالعربية وأفضل ألف بيها، وهو هيديني 100 آلف جنية واداني نصهم و**** دا كل اللي أعرفه
اندفعت لينا ناحية السيدة جلست أمامها أرضا تمسك بيديها تتوسلها باكية:
- ابوس ايدك بنتي، حرام عليكوا...

نظرت السيدة لها مشفقة علي حالها ادمعت عينيها تحرك رأسها نفيا تحادثها:
- و**** ما نعرف حاجة عنها، اللي قاله إبراهيم دا بس اللي نعرفه
دفع خالد الرجل بعنف ليسقط أرضا اقترب من زوجته يجذبها بعيدا عن تلك السيدة، صاح مزمجرا:
- حسن تاخد البهوات تتحفظ عليهم عندك، قسما بربي لو كنتوا عارفين حاجة ومخبينها ما هيطلع عليكوا صبح بكرة.

في تلك اللحظة تماما نزل حمزة من أعلي يرتدي حلة أنيقة للغاية، يتحرك مبتسما في هدوء تام، اقترب منهم يمشي برزانة، نظر للرجل والسيدة معه ليعاود النظر لخالد يحادثه مبتسما:
- واضح أن عندك مشكلة كالعادة، يلا **** معاك، أنا رايح لادهم، وحشني أوي، الواد دا
شخصت عيني خالد في ذهول مما يقول شقيقه لينفجر به صائحا:
- أنت ما عندكش دم، مش شايف المصيبة اللي احنا فيها وأنت بكل بساطة رايح لأدهم.

زفر حمزة حانقا نظر لخالد يتمتم ساخرا:
- أنت دايما عندك مصايب يا خالد مش جديدة يعني، أنا خلاص زهقت من المصايب، أنا رايح لابني، ومن غير سلام.

دون كلمة اخري تركهم حمزة وغادر المكان بأكمله في هدوء تام، وقف خالد ينظر في أثر أخيه مذهولا، لا يصدق أن حمزة ذهب بتلك البساطة في تلك اللحظات الحرجة، وقف يتنفس بعنف يحاول السيطرة علي دقات قلبه الهادرة، حين دق هاتفه برقم ابنته فتح الخط في لحظة يضع الهاتف علي اذنه يصيح متلهفا:
- الو، لينا، انتي سمعاني، لينا، انتي فين، ردي عليا يا بنتي.

صمت طويل من الناحية لحظات من الصمت قتلته ألف مرة وعقله يصور أبشع ما يمكن أن يسمع في اللحظات التالية، ولكن ما سمعه كان عكس ما توقع تماما صوت أنثوي ساخر:
- تؤتؤتؤ حقيقي اتأثرت قد ايه أنت بتحب بنتك وبتخاف عليها
شدد قبضته علي الهاتف صوت تلك المراءة غير مألوف بالنسبة له لا يعرفه، تسارعت أنفاسه يصيح متوعدا:
- بنتي فين، قسما بربي لو اتلمس شعرة منها، هنسفكوا من علي وش الأرض.

سمع صوت ضحكات ناقوسية ساخرة للغاية، ضحكات استمرت فترة ليست بقصيرة اطلاقا ليسمع بعدها صوت تلك السيدة يعاود الحديث من جديد:
- يعجبني فيك يا خالد، أنك دايما بتهدد حتي وأنت في موقف ضعف مش قوة، المهم عايز تشوف بنتك، روح بنتك قصاد روحك، عايز بنتك، يبقي تموت مكانها
لم يتردد لحظة واحدة حين هتف سريعا في حدة:
- أنا موافق المهم بنتي، اجيلكوا إزاي
سمعها صوتها تضحك في استمتاع حقيقي لتتشدق بعدها بسخرية قاتمة:.

- SO cute، هقولك تيجي ازاي بس لو فكرت مجرد تفكير أنك تلعب معانا بأي شكل كان رصاصة في دماغ الأمورة
حرك رأسه إيجابا سريعا يؤكد ما تقول هو لن يخاطر بابنته لو دفع حياته ثمنا لعودتها، شد علي أسنانه يتحدث في صلابة :
- اجي ازاي.

لحظات صمت سمعها تمليه عنوان طريق صحراوي أغلق معها الخط، ليتوجه ناحية زوجته يعانقها بشدة، وكأنه يعانقها للمرة الأخيرة، ابعدها عنه بعد لحظات طويلة ينظر لوجهها الشاحب عينيها الباكية، ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتيه دني برأسه يقبل جبينها قبلة طويلة يهمس لها مطمئنا:
- أنا بحبك اوي يا لينا، اعرفي دا، عمري ما حبيت غيرك ولو للحظة واحدة...

تحرك سريعا يبتعد عنها ليسمعها صوتها تصيح باسمه بلوعة التفت لها يبتسم قبل أن يرفع يده يودعها، يهرول لسيارته، الي ذلك الطريق الصحراوي.

علي صعيد آخر في ذلك القصر البعيد، في الغرفة المحتجزة لينا بها، فتحت عينيها فجاءة تتمني ان يكن ما حدث لها ليس سوي حلم بشع، لا نهاية له، ليته فقط كان ولكن الحقيقة المرة حين استيقظت في تلك الغرفة وبدأت الذكريات تعصف برأسها، بدأ جسدها يرتجف بعنف مخيف، ذلك المجنون يسعي بكل الطرق لتدميرها، كيف سيجدها احدا هنا، اخذوا هاتفها، مدت يدها سريعا تبحث عن قلادتها ليست هنا، اخذوها هي الأخري، ضمت ركبتيها لصدرها ترتجف بعنف تتحرك للامام وللخلف تفكر في تلك الكلمات البشعة التي قالها لها، يمر عليها كل ذكري دمر بها حياتها وهي ساعدت كثيرا بغبائها، وزيدان كان أول من ظلمت، ام نفسها هي الأولي، توسعت عينيها فجاءة حين تذكرت، قامت سريعا من فراشها تبحث عن حقيبة يدها ها هي او المتبقي منها يبدو أنهم فتشوها أيضا، أين، أين، ها هو، أمسكت به سريعا تفتحه تضعه في فمها، ما كادت تتنهد بارتياح سمعت صوته البغيض يحادثها من خلفها:.

- انتي بتعملي ايه
شهقت بعنف حين سمعت صوته لتلتفت له تنظر له بكرة ممتزج باشمئزاز رأي في يدها شريط كبير به أقراص، جذبه من يدها يحركه أمامه عينيها ابتسم ساخرا يعاود النظر إليه يتمتم بذهول ساخر:
- ايه دا يا حبيبتي معقولة عايزة تنتحري، يرضيكي تموتي كافرة، تؤتؤتؤ اخس عليكي يا لوليا.

اشتعلت أنفاسها غضبا ترغب فقط في قتله تدميره كم دمر حياتها بالكامل، لمحت عينيها مبرد اظافرها ذلك الشئ الحاد الوحيد الذي رأته قبضت عليه في كفها ترفعه لاعلي تصرخ بشراسة:
- هقتلك، أنا هموتك زي ما دمرت حياتي
دس جيبي في جيبي سرواله لتصدح ضحكاته العالية الساخرة بقوة في أرجاء الغرفة، أخرج يمناه من جيب سرواله ينظر لاظافره يتمتم متهكما:
- ودي هتقتليني بيها ولا هتعميلي باديكر.

تسارعت أنفاسها تلهث بعنف من شدة ما يعتمر في صدرها من لهيب مستعر صرخت بشراسة تحاول أن تغرز سن المبرد في صدره ليقبض علي يديها بعنف مخيف، لف جسدها ليصطدم ظهرها ويديه تحكم وثاقها علي ذراعيها وهي تصرخ تحاول التملص من بين ذراعيه ليدني برأسه جوار اذنيها يهمس لها بشر مخيف قاسي:
- صدقيني أنا لحد دلوقتي مش عايز ازعلك، ما تخلنيش اخليكي تتمني الموت من اللي هعمله...

صمتت للحظات قبل أن تعود نبرته المرحة السامة للظهور من جديد حين عاد يقول:
- كويس أنك صحيتي يلا يا حبيبتي، الناس مستنينا...

حاولت دفعه بكل ما تستطيع الا أنه كان يقبض علي ذراعيها بعنف مخيف ألم بشع تشعر به في ذراعيها لم تتوقف عن الصراخ شتمه بكل ما تعرف من سباب، لحظات وسمعت صوت الباب يُفتح دخلت تلك الحية الملونة إلي الغرفة تتهادي في خطواتها كأنها تزحف علي بطنها بنعومة ويسر، اقتربت من لينا تقف امام وجهها، نظرت لينا لها للحظات بمقت وقرف لتبصق علي وجهها، صرخت من الألم حين جذب معاذ ذراعيها بعنف تسمعه يسبها بسباب بشع، بينما ابتسمت الحية الواقفة أمامها في هدوء رفعت يدها تمسح وجهها لتري لينا في يدها الأخير منديل صغير، علي حين غرة وضعته علي أنف لينا، حاولت أن تقاوم تحبس أنفاسها رائحة المخدر القوية تتسلل رغما عنها إلي عقلها مقاومتها بدأت تختفي شيئا فشئ، شعرت به يترك ذراعيها لتسقط أرضا آخر ما سمعته كان جملة واحدة من تلك السيدة تحادثه بها:.

- يلا بسرعة اتحرك خدها من هنا قبل ما ابوها يجي
وبعدها كسي الظلام المكان حولها لم تعد تري، سقطت في بئر اللانهاية.

وصل خالد بسيارته إلي منطقة صحراوية فارغة ليس بها اي شئ نزل سريعا من السيارة يلتفت حوله المكان فارغ لا أثر لأي أحد، رفع هاتفه يطلب رقم ابنته يحادث تلك الحية:
- أنا وصلت بس ما فيش حد
- ارمي الموبايل بتاعك في الصحرا، ما تقلقش في ناس جايلك حالا، بس بنتاكد ان ما فيش وراك حد.

شتمها في نفسه ليغلق معها الخط يلقي الهاتف بعيدا بين فيافي الصحرا ما يفعله هو الغباء بعينيه ولكنه لن يسمح لأي من كان بإيذاء صغيرته حتي لو أستحق لقب أغبي رجل في العالم، وقف للحظات يلهث بعنف، ينظر حوله دقاته تنفجر قلقا قبل أن يجد سيارة سوداء ضخمة تقف جواره نزل منها ثلاثة رجال ملثمين، تقدم احدهم يفتش جيوبه، قبل أن يضعوا علي وجهه كيس من القماش اسود يجذبونه في عتمة الليل لداخل السيارة، يغوصون بها داخل الصحراء.

كم من الوقت مر لا تعرف، عقلها يستقيظ ويعود ليغفو من جديد يري لمحات خاطفة مما يحدث، وضمات كلقطات كاميرا سريعة، تضئ وتطفئ، في السيارة، محمولة علي ذراعي معاذ او نائل كما عرفت مؤخراء، يضعها علي فراش، يضحك بملئ شدقيه، من ثم اختفي، امراءة مسنة تنظر لها مشفقة، تشعر بها تبدل ثيابها، تسمع صوتها يهمس بحرقة:
- حسبي **** ونعم الوكيل فيهم...

ومن ثم ألم بشع في خدها شعرت به ليخرج عقلها رغما عنه من كهف الخوف الذي هرب إليه خوفا مما يحدث، يبدو انها تلقت صفعة قوية، فتحت عينيها فجاءة لتري ذلك الشيطان نائل يقف امامه يبتسم ابتسامة سوداء اقترب برأسه منها يتشدق ساخرا:
- سوري يا بيبي علي القلم بس انتي نومك تقيل اوي...
استقام في وقفته يشير إلي الغرفة حولها يتمتم مستمتعا بخوفها:.

- اهو وصلنا شوفتي الموضوع بسيط ازاي، اسيبك أنا بقي يا بيبي، هتوحشيني لا حقيقي هتوحشيني
رفع يده يطبع قبلة علي كف يده يرسلها لها في الهواء يضحك عاليا التفت ناحية باب الغرفة ينظر لها للمرة الأخيرة، ليعود إليها من جديد دني برأسه جوار اذنيها يهمس لها بفحيح افعي:
- صحيح، نسيت اقولك حاجة مهمة، او مش نسيت انتي اغمي عليكي، أنا حطيتلك حبوب عشان تسقطي اللي في بطنك ساعة عصير الاناناس يا بيبي.

شخصت عينيها ذعرا، تنظر له، لما، لما كل ذلك الكرة، لما هي سلمت حياتها لشيطان دمرها، استقام هو واقفا يلوح لها بيده وداعا قبل أن يترك المكان ويغادر بلا عودة.

انسابت دموعها بعنف تنعي مأساتها، حياتها بالكامل تدمرت وهو من فعل ذلك بدم بارد كان يواسيها وهو من قتل طفلها، ارتجف جسدها من عنف بكائها تنظر حولها مذعورة تلك المرة ليس حلما هي لا تحلم ليست هلاوس من عقلها الباطن، ما يحدث حقيقة بشعة أبشع مما يتحملها عقلها، مقيدة علي فراش كبير في غرفة لا تعرفها، اضائتها خافتة مخيفة كأنها مشتعلة بجمر من الجحيم، ترتدي قميص اسود للنوم، ذلك القميص تعرفه هو ما ارتدته في ليلة زواجها هي ومعاذ او نائل، اصفاد من حديد تقيد يديها قطعة قماش كبيرة تلتف حول فمها، هي والصمت والذعر فقط يلتهم قلبها ببطئ، لحظات وسمعت صوت خطوات تقترب، صوت الباب يُفتح، ليظهر من خلف الباب ما جعل عينيها تجحظ في فزع، ذلك الواقف هناك يرميها بنظرات شيطانية مخيفة، يضحك بجنون وهو ينظر اليها دخل الي الغرفة يصفع الباب خلفه يتقدم منها ببطئ و...

وصلت السيارة بعد رحلة طويلة الي حيث هو يجهل، لم يكن خائفا سوي علي ابنته، ما يحدث بالكامل لم يخيفه، ربما لم يعد يخاف، ربما الموت في سبيل إنقاذ حياة ابنته هو السعادة بذاتها، شعر باحدهم يجذبه من السيارة بعنف، ليرفعوا الكيس القماش من علي وجهه، نظر حوله قصر كبير ذلك القصر يعرفه، يعرف صاحبه، شخصت حدقتيه مستحيل أن يكن هو، دفعه أحد الرجل بعنف ليسير أمامه كم كان يرغب في أن يلتفت ويفجر رأسه ولكن لأجل ابنته فقط لم يفعل، تحرك للداخل، لداخل القصر يري الكثير والكثير من الرجال يحوطون القصر من جميع الجوانب، خطي للداخل، اول ما وقع عينيه عليه، امراءة تجلس علي مقعد في منتصف الصالة تضع ساقا فوق اخري، ابتسامة خبيثة تعلو ثغرها، امراءة لم يرها قبلا، من هي وماذا تريد منه، اشارت بيدها للرجال خلفه ليغادروا للخارج، ويبقي هو وهي لحظات صمت يتأمل كل منهما الآخر، قبل أن تتحرك تلك المراءة من مكانها تخطو خطوات رشيقة تجاهه وقفت بالقرب منه تبتسم في لباقة شديدة مدت كف يدها تحادثه برقة:.

- أعرفك بنفسي جوليا، السيوطي، ابقي ارملة عز نائد السيوطي اللي أنت قتلته!
صدمة لم يكن يتوقعها تجمدت عينيه ينظر لها مدهوشا، كيف يمكن أن يحدث ذلك، عز، اسم قديم كان قد نسيه، ذلك المختل وابيه كانا السبب في مقتل ابنته واختطاف زوجته وقتله هو في النهاية، والآن عدت تلك الحية زوجته للانتقام لأجل قاتل مجنون، مد يده يقبض علي رقبتها بعنف يزمجر محتدا:.

- بنتتتي فييييين، انا قدامك أهو، عايوة تنتقمي لجوزك المجنون تاخدي حقك مني، مش من بنتي، بنتي فين، قبل ما اطلع روحك في ايدي
لم تهتز ابتسامة جوليا للحظة فقط حركت شفتيها يخرج صوتها ساخرا:
- لو قتلتني لوليتا حبيبة بابا هتحصلني
قتمت عينيه ليترك رقبتها رغما عنه، ابتسمت جوليا في خبث اسود تقترب هي منه تبسط كفيها علي صدره تحادثه بوعيد قاتم:.

- قتلت جوزي، حرقت قلبي عليه، يتمت ابني وهو لسه ***، تفتكر مش من حقي انتقم، ومين أغلي حد عند خالد السويسي بنته حبيبته...
تهدجت أنفاسه غضبا تتصارع دقات قلبه يحاول بصعوبة السيطرة علي سعير نيران غضبه، لتنكمش قسمات وجهها في سخرية تحادثه بشفقة:
- تؤتؤتؤ قلبك بيدق بسرعة، دا زعل ولا ندم ولا خوف
- خالد السويسي ما بيخافش
نطقها بقوة جبارة يدفع تلك الحية بعيدا عنه، ليسمع صوت قاتم كاره يأتي من خلفه مباشرة:.

- طول عمرك جبروت، فاكر لما كنت متربط وبينك وبين الموت شعرة، وبردوا رأسك في السما، و دلوقتي بنتك في ايدينا وحياتك كمان وبردوا مش خايف
التفت خالد خلفه ينظر لذلك الجالس علي مقعد متحرك عرفه رغم ملامح وجهه التي أكلها الزمن، ارتسمت ابتسامة سوداء علي شفتي خالد ينظر لنائد والد عز في ثقة:.

- أنا روحي في ايد اللي خلقني، لسه زي ما إنت يا نائد جبان، خايف تواجه فبتلف زي الحية، مرة تقتلوا بنتي ومرة تخطفوا مراتي، زيكوا زي الفيران اللي بيسختبوا في جحورهم
عاد يلتفت برأسه ناحية تلك الحية ليعاود النظر لنائد فتح علي ذراعيه علي اتساعها في حركة درامية ساخرة يحادثهم محتدا:
- أنا اهو قدامكوا، خدوا انتقامكوا مني، بس بنتي لاء، فييييييين بنتتتتتتي، ليناااااا، يا لينااااااااا.

اقتربت جوليا منه من جديد تمسك في يدها جهاز تحكم صغير وقفت بالقرب منه تغمز له بطرف عينيها تهمس في عبث:
- هوريهالك
ضعطت زر التشغيل لتضئ الشاشة الكبيرة أمامه علي مشهد مرعب للغاية لينا مقيدة علي فراش، بقميص نوم، ابنته، انتفض يقبض علي عنق تلك السيدة دفعها بعنف ليصدم رأسها بعمود ضخم من الجرانيت خلفها يزمجر كليث جريح:
- بنتي فيييييييييين، قسما ب**** لو اتمس منها شعرة لهدفنكوا بالحيا.

ابتسمت جوليا في شر توسعت عينيها بجنون تحادثه بشماتة:
- بنتك خلاص اتباعت لواحد حبيبك اوي، مش هتلاقيها، عايز تشوفها فعلا
حرك رأسه إيجابا بجنون يشعر بقلبه يتفتت انسلت من بين ذراعيه تقف جوار مقعد نائد المتحرك تنظر له بشماتة تحادثه بلكنة انجليزية ساخرة:.

- اركع علي ركبتيك أن كنت ترغب في رؤية ابنتك حية، هيا خالد اركع علي ركبيتك أمامنا تطلب السماح ابكي توسل، والا صدقني لن تراها مرة أخري، ستلحق بشقيقتها، سما المسكينة
زمجر بشراسة وقلبه يحترق من كلمات تلك الافعي السامة، موضع بين شقئ الرحي، ابنته وهو، وبالطبع سيختار، اغمض عينيه بعنف، يشد علي قبضته، ليمر صورة قديمة لطفلته وهي تضحك، قبل أن يأتي بحركة واحدة سمع صوت ساخر، صوت حاد قاتل يأتي من خلفه مباشرة:.

- انتهت اللعبة والدون هو من فاز، تصفيق حاد رجاءا
نظر خالد خلفه سريعا يشتم حمزة في نفسه لما تأخر الاحمق لتلك الدرجة ليجد حمزة ينزل علي سلم البيت ببطئ شديد يمسك مسدس في يده، بهت وجه جوليا تنظر لنائد، لتعاود النظر لحمزة الواقف جوار خالد تصرخ فيهم بجنون:.

- انتوا فاكرين انكوا هتخرجوا من هنا علي رجليكوا، أنا معايا رجالة وسلاح تقوم حرب، امبراطورية نائد السيوطي كلها في ايدي سنين وأنا وراك يا خالد عشان بس ادمرك، عشان انتقم لنفسي ولجوزي ولابني...
انكمشت ملامح حمزة بتأثر حقيقي لما قالت اعطي المسدس لخالد رفع يده يصفق ببطئ:
- شابو حوار هايل...

تسارعت أنفاس جوليا غضبا احمرت عينيها بجنون تضعط علي زر آخر في جهاز التحكم في يدها، لتستدعي رجالها، ولكن لا شئ، لا أحد المكان هادئ، توسعت عيني حمزة في دهشة يحادثها مذهولا:
- ايه دا اومال فين الجيش بتاعك اللي هيقوموا الحرب معقول يكون راح عليهم نومة.

توترت قسمات وجه جوليا خوفا، لتركض سريعا ناحية باب القصر فتحت الباب تنظر خارجا لتجد دخان ابيض كثيف يملئ المكان وجميع الحراس ملقون أرضا، كان عليها فئ تلك اللحظة أن تلوذ بنفسها، تحركت تركض ليلحق بها خالد قبل أن تصل لباب القصر قبض علي خصلات شعرها بعنف يجرها لداخل القصر وهي تصرخ تحاول الابتعاد عنه دفعها أرضا اقترب منها وهي تزحف للخلف تنظر له كوحش مخيف، مال برأسه يقبض علي عنقها يصرخ بشراسة:.

- سنين، سنين وأنا بدور علي اللي اذي بنتي، دمر حياتها من وهي ****، مالهاش ذنب في ائ حاجة، جوزك المجنون وأبوه قتلوا بنتي، جوزك المجنون كان يغتصب مراتي، لو رجع بيا الزمن هقتله ألف مرة، انما انتي مش هقتلك بسهولة كدة هخليكي تتمنئ الموت تشتهيه من اللي هعمله فيكي
حركت رأسها نفيا بذعر تنظر حولها مذعورة لتعاود النظر إليه ضحكت بجنون:.

- اقتلني، اقتلني، بس ساعتها بنتك هتموت ورايا، عارف بنتك في ايد مين دلوقتي في ايد (، ) وأنت عارف أنت غالي عنده قد ايه
صفعة قوية نزلت من يد خالد علي وجهها جعلت رأسها تصطدم بالأرض بعنف ومعها تصدح ضحكاتها المجنونة، صدح رنين هاتفه في تلك اللحظة برقم زيدان فتح الخط سريعا ليجد زيدان يصيح فيه:
- أنا عرفت لينا فين، هبعتلك العنوان...

اغلق معه الخط ليبتسم خالد في وعيد قاتل ينظر للملقااة ارضا أمام عينيه، رفع وجهه ينظر لحمزة في اللحظة التالية ليحرك الأخير رأسه بمعني فهمت، خرج خالد يركض حيث مكان ابنته تاركا حمزة يبتسم بجنون!

الفصل السادس والتسعون

في تلك الغرفة حيث تلك الصغيرة مقيدة علي الفراش تنظر للواقف أمامها يتأملها بنظرات القاتلة يحرك رأسها للجانبين ينظر لها عن كثب، الفزع يقتل قلبها، جسدها يرتجف دموعها تهبط في صمت مخيف، انتفض جسدها حين تقدم ذلك الرجل جلس علي حافة الفراش يبتسم إبتسامة واسعة مختلة، مد يده يزيح رباط فمها، ارتجفت شفتيها بعنف بح صوتها بالكاد همست:
- أنت؟!

تعالت ضحكاته المجنونة تصدح في أرجاء الغرفة عاد ينظر إليها، نظراته خبيثة شيطانية مقززة، حرك رأسه إيجابا يتمتم متلذذا:
- ايوة أنا، ايه رأيك في المفاجأة دي، فكراني، أنا معتز، معتز السروجي، ابقي ابو زيدان
تذكرت في تلك اللحظات ما أخبرها به زيدان عن معاملة ذلك المجرم له، اشتعلت أنفاسها غضبا، تنظر له بأعين حمراء كالجمر لتصرخ فيه بشراسة:.

- أنت مش أبوه، إنت مجرم حيوان مريض طلعت عقدك علي *** صغير، إنت جبان خايف تواجهه فاتفقت مع الحيوان التاني أنه يبعني ليك...
أحمر وجه معتز في غضب من كلماتها ليرفع يده يهوي بها بعنف علي وجهها صفعة تلتها أخري وأخري الي أن بدأت تنزق الدماء من فمهى وانفها، قبض بأصابعه علي فكها نظرت له بكره، لتتوحش نظراته يصيح حاقدا:.

- بنت خالد باشا السويسي، ما توقعتش هتكوني سهلة ابدا، بس انتي عارفة انتي حلوة، حلوة اوي، ما تعرفيش أنا دفعت قد ايه عشان اخدك، هو كان عايزك ليه، نائل كان عايزك ليه، بس ما كنش ينفعش اسيبك، دخلتي دماغي من اول مرة شوفتك فيها، دفعت كتير اااه، بس انتي تستاهلي، تستاهلي احرق بيكي قلب زيدان واقهر خالد.

توسعت عينيها في هلع ذلك المختل المجنون أي فعل بشع قد يفعله بها فقط انتقاما من زيدان ووالدها، نظرت لمقلتيه لتري الشر بذاته يتوهج في حدقتيه، تسارعت أنفاسها تحاول إمضاء أطول وقت ممكن إلي أن يصل زيدان، تعرف أنه سيأتي، هي من ارشدته لطريقها، بالطبع سيأتي، نظرت لمعتز من جديد تسأله بلاهث خائف:
- أنت ليه بتكرهه اوي كدة هو إذاك في ايه من وهو *** وأنت بتكرهه وتأذيه لييييه، اذاك هو في ايه.

رأت عيني ذلك المختل تشرد في الفراغ لتزداد قتامة وتشتد قبضته علي فكها، لحظات وعاد ينظر إليها من جديد نظرات ساخرة ترك فكها ليتحرك من جوارها وقف جوار الفراش يبتسم في كره دفين يحرك رأسه إيجابا:
- عايزة تعرفي، وانا مش هبخل عليكي، زيدان كان السبب في دمار حياتي، دمرني وسرق مني كل حاجة.

قطبت ما بين حاجبيها تنظر له باستنكار ذلك الرجل مجنون زيدان لم يكن سوي *** كيف لطفل أن يدمر حياة اي من كان، وجهت مقلتيها إليه لتراه يضحك مرة أخري يبدو أنه قرأ سؤال عينيها لتسمعه يردف ساخرا:
- مش قصدي علي زيدان جوزك، أنا قصدي علي أبوه، هحكيلك الحكاية من البداية، أنا يا ستي كنت ظابط شرطة وأنا وزيدان كنا أصحاب جداا علي فكرة.

توسعت حدقتيها في صدمة كيف!، بينما ابتسم هو بدأ يتحرك في الغرفة بغير هدي يكمل قص حكايته القديمة:
- مصدومة صح، بس دي الحقيقة أنا وهو كنا أصحاب، خالد أبوكي كان بيحاول يبعده عني دايما، بحجة اني شخص مش مريح ابداا، المهم كنت شغال مصلحة السجون...

وفي يوم جالي واحد من طرف واحد من المساجين، يطلب مني أني ادخل كيس بودرة للمسجون دا كل مدة، وهيديني في كل مرة 100 آلف جنية، بصراحة المبلغ كان مغري، وافقت، زيدان عرف
عاد يقترب منها من جديد دني منها قليلا يقبض علي خصلات شعرها بعنف يصيح كارها:
- عارفة مين اللي قاله ابوكي، خالد باشا اللي ليه عيون في كل حتة...

صرخت لينا من ألم شعرها تتلوي بين يديه عله يترك خصلات شعرها، ليعاود الجلوس جوارها قبض علي ذراعيها يرفعها قليلا عن الفراش شهقت مذعورة بينما توسعت عينيه في جنون يكمل صياحه الغاضب:.

- زيدان بيه جه يهددني اني أبعد عن الموضوع دا، والا هيبلغ عني، أنا قولت صاحبي مستحيل يأذيني، وكملت وأنا واثق أن زيدان مستحيل يعمل حاجة، اتقبض عليا متلبس وأنا بدي المسجون المخدرات وبشهادة ابوكي وزيدان باشا، اتشلت الخدمة واتسجنت 6 سنين...
دفعها بعنف للفراش من جديد، لتنظر له مذعورة بينما ملئ الحقد والألم حدقتيه احمرت عينيه تغزوهما الدموع ليصرخ فيها من جديد:.

- في السجن حصل خناقة بيني وبين شوية عيال، بسببها بقيت عقيم، بعد ما خرجت، عرفت أن زيدان مات، ازاي يموت قبل اخد حقي مني، وخالد باشا بقي عقيد، كان لازم اخد حقي...
التفت لها بوجهه لترتسم ابتسامة وااااسعة مختلة علي شفتيه اشبه بابتسامة الجوكر ليهذي بجنون:
- عارفة عملت ايه، دورت علي المسجون دا عرفت أنه تاجر مخدرات كبير، واشتغلت معاه.

، لحد ما كبرت وبقي معايا فلوس كتير، ساعتها قررت اخد حقي، دورت علي أرملة زيدان، رغم اننا أصحاب لكنه كان بيرفض تمام اني اشوفها لما كانت لسه خطيبته، لحد ما وصلتلها، ما تتخيليش فرحتي كانت عاملة ازاي، لما لقيتها، لما عرفت أن عنده إبن، لوجين كانت اغبي مما تتخيلي، كلمتين حلوين وقعت، خدتها هي وزيدان وسافرت، رغم تحذيرات ابوكي الكتير ليها لكنها اصرت أنها تسافر معايا، لما روحنا هنا خليتها مدمنة مخدرات!

جحظت عيني لينا في ذهول وشهقة قوية خرجت من بين شفتيها ليحرك هو رأسه إيجابا بإستمتاع يردف متفاخرا بشره:
- ايوة، كنت بحطلها البودرة في العصير والأكل لحد ما أدمنت وبقت زي الخاتم في صباعي بتلف ورايا زي الكلبة عشان شمة واحدة، كان عندي مساحة كبيرة استفرد بزيدان، قد ايه كنت بستمتع وأنا شايفة بيعيط من الخوف والجوع والبرد، خصوصا أنه كان شبه ابوه اوووي...

جذبت لينا الاصفاد التي تقيدها بعنف تحاول تحرير يديها تود قتل ذلك المجنون الجالس أمامها بأي شكل كان، لتعلو ضحكاته مد يده يمسح على خصلات شعرها يحادثها بصوت خفيض ساخر:
- هشششش ما تبقيش حمقية كدة زي ابوكي، خليني اكملك الحدوتة، عارفة عملت ايه بعد كدة رميته في مدرسة داخلي وكنت بدفع فلوس كتير فيها عشان يضيقوه وما يدهوش أكل، عشان يترمي في اعفن أوضة في المدرسة.

أنت مجننننووووووووون، صرخت لينا بها بشراسة تحاول الي وجهه بكفيها، وكان هو فقط يضحك، وكأنها تمدحه تخبره طرفات ظريفة حرك رأسه إيجابا يؤكد علي كلاهما:
- ايوة أنا مجنون، مجنون جدااا، خليني اكملك بقئ بطلي كل شوية تقاطعيني، المهم يا ستي، وصلي معلومة أن في عامل نظافة في المدرسة زي نائل كدة بالظبط، قابلته ودفعلته فلوس كتير، عشان يغتصب زيدان!
شهقة عنيفة خرجت من بين شفتيها بينما اكمل هو وكأن شيئا لم يحدث:.

- وفعلا وافق، بس زيدان بيه ضربه وهرب منه، هرب من المدرسة كلها، تاني يوم لقيت ابوكي عندنا ما اعرفش وصله ازاي، خير لوجين بيني وبين أبنها، بس لوجين يا عيني ما كنتش هتقدر تعيش من غير الهيروين فاختارتني، اللي حصل بعد كدة انهم لقوا جثة فابيو مرمي من فوق عمارة 60 دور قالوا انتحار بس أنا واثق أن ابوكي هو اللي قتله، اما بقي لوجين هانم، كل ليلة تصحي تصرخ ابني، ابني ضاع مني، أنا ضيعت ابني، انتي عارفة هي فين دلوقتي، مرمية في السجن، خلتها كتبت شيك بمبلغ ضخم علي نفسها وهي مش دريانة بالدنيا ورميتها بيه في السجن، وكدة ابقي حققت انتقامي من زيدان، فاضل انتقامي من ابوكي وهحققه دلوقتي حالا.

قبل قليل من الآن وقفت سيارة زيدان بالقرب من ذلك المنزل المهجور البعيد عن الانظار، التفت حسام ناحية صديقه يسأله متعجبا:
- قولتلي بقي عرفت منين أن لينا هنا، أنا فجاءة لقيتك بتصرخ عرفت لينا فين، عرفت ازاي.

نظر زيدان لصديقه حانقا، الوقت غير مناسب تماما لاسئلتة السخيفة، عاد ينظر حوله لبجد معاذ يجلس في سيارته امام مدخل ذلك البيت، تعجب لا حراسة، لا رجال، فقط معاذ، المكان فارغ تماما، نزل من السيارة بخفة يتبعه حسام يسير خلفه، رفع مسدسه يضع به كاتم الصوت رصاصة حذرة اصابت احد إطارات السيارة والإطار الآخر ليضمن عدم تحركه، شعر معاذ او نائل بتلك الحركة المفاجئة التي حدثت في سيارته اطفئ صوت الموسيقي الصاخب نزل من السيارة ينحني برأسه قليلا ينظر لإطار السيارة ليشعر بحركة جواره رفع رأسه سريعا لتفاجئه لكمة عنيفة في فكه من قبضته زيدان ترنح للخلف ينظر للفاعل لتسود حدقتيه غضبا، كيف وصل اليهم، وقبل أن يأتي بحركة اندفع زيدان يقبض علي عنق معاذ يهمس له بشراسة قاتلة:.

- ما تعرفش أنا كان نفسي اضربك قد ايه.

دفعه أرضا لينزل عليه بلكمات عنيفة قاسية غاضبة لم تدع للآخر فرصة واحدة ليدافع بها عن نفسه، اعتدل زيدان واقفا يلهث بعنف بصق علي ذلك الملقي ارضا لينظر لحسام يشير له بعينيه حرك الأخير رأسه إيجابا سريعا، ليتحرك زيدان بحذر إلي الداخل يرفع مسدسه أمامه، المكان فارغ بشكل غريب، منزل قديم ضخم به الكثير من الغرف، صوت صرخة ليناااا حين صاااحت ( أنت مجننننووووووووون) تأتي من أعلي صعد لأعلي يركض بخفة يحاول تتبع مصدر الصوت، إلي أن وصل إلي الغرفة سمع حديثهم الأخير، لحظات وسمع صوت صرخات لينا تعلو، ليدفع الباب بقدمه لحسن حظه انفتح اندفع للداخل لتسود عينيه حين رآه معتز ها هو أمامه علي الفراش يحاول تمزيق ملابس لينا، أصفر وجه معاذ ما أن رآه بينما ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتي لينا الآن فقط يمكنها أن تشعر بالأمان، ذلك المختل كان علي وشك الاعتداء عليها، اخفض زيدان مسدسه يرمي معتز بنظرة قاتلة هي والموت سواء، التفت للباب خلفه يوصده عليهم، ليلقي مسدسه بعيدا، خلع سترته يلقيها هي الاخري يبتسم في هدوء مخيف تقدم خطوتين فقط منهما يحادثه في وعيد:.

- تعرف أنا عايز اقتلك بقالي كام سنة، واديك جيت تحت ايدي، واحد فينا هيخرج عايش من الاوضة دي
تعالت ضحكات معتز المجنونة يتحرك هو الآخر خطوتين ناحية زيدان يرميه بنظرة ماكرة يحادثه ساخرا:
- يبقي أنا يا زيدان، وساعتها هكمل اللي قطعتني قبل ما اكمله مع الأمورة.

لمحة خاطفة راحت من عيني زيدان إلي جسد لينا ليري ملابسها الشبه ممزقة علامات اصابع معتز علي ذراعيها، الدماء المتجلطة علي انفها وشفتيها، كان مظهرها هو شرار الغضب الذي اوقد نيران الحرب، علي حين بغته دفع زيدان معتز في صدره بعنف في ساقه ليسقط الأخير أرضا، رفع معتز وجهه يبصق الدماء يمسح شفتيه براحة يده صرخ غاضبا ليهب واقفا يحاول لكم زيدان عدة لكمات متتالية تفادها الأخير ببراعة، ليتحرك مباغتا يصدم معتز في ركبته بعنف بساقه تلك الحركة التي فعلها خالد قبلا، سقط الأخير علي ركبيته يصرخ من الألم، ليمسك زيدان برأس معتز يصدمها في ركبته بعنف، سقط معتز أرضا يصرخ من الألم، لينحني زيدان يقبض علي عنقه يجذبه ليقف رغما عنه يبتسم في وجهه:.

- لسه، لسه ما خدتش حقي.

لكمة اخري عاد علي اثرها معتز للخلف لتتوالي بعدها اللكلمات، قبض زيدان علي تلابيب ملابس معتز يكيل له باللكمات، الي أن دفعه الي الحائط يقبض علي عنقه بعنف، أزرق وجه معتز يشعر بأن الهواء ينسحب من رئتيه، ليمسك زيدان برأسه يصرخ بشراسة يصدمها بعنف بالحائط خلفه، سقط معتز ارضا بالكاد يري، جسده محطم الدماء تنفجر من وجهه بالكامل، رأي زيدان وهو يقف هناك أمامه مباشرة، ليس زيدان بل أبيه رأي أبيه بدلا منه وهو يبتسم ابتسامته المعتادة، لحظات لتتغير وتعود صورة الابن حين انحني يحادث ذلك الملقي بنبرة شامتة:.

- أنا مش هقتلك تؤتؤتؤ، أنا هرميك زي الكلب في السجن ترجع لمكانك القديم...
حرك معتز رأسه نفيا بضعف شديد، لن يعود هناك، لن ينتصر زيدان مرة أخري، التفت زيدان متلهفا، يتوجه ناحية لينا، قبل أن يخطو سوي خطوتين سمعها تصرخ فيه فزعة:
- حاسب يا زيدان.

التفت خلفه سريعا ليجد معتز يمسك سكين صغير لا يعلم من أين جاء بها، وهنا حقا قد بلغ الغضب بزيدان مبلغه امسك ذراعه التي تمسك بالسكين يثنيها بعنف إلي أن كسرها، علت صرخات معتز، ليدفعه زيدان بعنف من يده المكسورة لتصطدم رأسه بالحائط هناك ليسقط ارضا ميتا او فاقدا للوعي، هرول هو سريعا من فراشها، يجذب الاصفاد بعنف أن كسرها بكعب مسدسه، خلع قميصه سريعا يلبسه إياها يغطي جسدها، يرفعها عن الفراش، لترتمي في صدره تختبي فيه تبكي بعنف وحرقة جسدها يرتجف تتشبث به، مد يده يمسح علي خصلات شعرها يتمتم مترفقا بحالها:.

- اهدي خلاص، كل حاجة خلصت، ما حدش هيأذيكي...
رفعت عينيها تنظر لوجهه للحظات قصيرة قبل أن تشعر برأسها يدور بعنف والرؤية تصبح ضبابية، فقط كلمة واحدة همست بها قبل أن تفقد الوعي:
- أنا آسفة!
سقطت علي صدره فاقدة للوعي ليبتسم هو مد يده يفتخ فمها ليخرج ذلك الجهاز الذي يلتصق بأحد أسنانها، ابتسم ينظر له ليتذكر قديما وهو يعطيه لها
Flash back.

في غرفة الفندق تستند بظهرها علي صدره يشاهدان التلفاز فيلم انجليزي اكشن، التفتت له تتمتم مدهوشة:
- معقولة في اجهزة Gps صغيرة كدة زي اللي في الفيلم
ضحك بخفة يسرح خصلات شعرها بأصابعه حرك رأسه إيجابا ليتركها ويغادر، ليعود بعد لحظات ومعه قرص دواء مغلف، مد يده لها به قطبت جبينها متعجبة منه، ليضحك زيدان يخبرها مبتسما:.

- دا قرص مسكن جواه GPS مجرد ما تاخديه الجهاز اللي فيه هيلزق في سنانك وهيدي اشارة خطر عندي، خليه معاكي يمكن تحتاجيه في يوم
Back
ابتسم حزينا يمسح علي رأسها، لولا أنها استخدمت القرص لما كان عرف مكانها ابدااا..

، في اللحظات التالية صدحت صوت صافرات الشرطة في المكان بأكمله، حمل زيدان لينا بين ذراعيه، ينزل بها لأسفل وسط صافرات الشرطة العالية صوت الأقدام ينتشر هنا وهناك، صرخ خالد مفزوعا ما أن رأي ابنته ليطمئنه زيدان أنها بخير...

تحريات الشرطة وجدت جثة شاب في العشرينات، والكثير من الرجال يحملون سلاح غير مرخص ملقون ارضا فاقدي الوعي، وبالطبع معتز او بقياه، ولا أثر لنائد أو جوليا، او حتي نائل، ثلاثتهم اختفوا تماما وكأن الأرض ابتلعتهم دون رجعة...
اخيرا يقف هو وزيدان وحمزة أمام باب غرفة لينا، بينما بدور ومايا ولينا مع لينا بالداخل وحسام يفحصها، خرج حسام من الغرفة يبتسم في شحوب يشعر بارهاق بشع:.

- ما تقلقوش هي كويسة، جسمها بس اتعرض لكمية كبيرة من المخدر النهاردة، بس أهم حاجة لازم تبدأ تتعالج مع دكتور نفسي، نفسيتها متدمرة، طول الوقت عمالة تصرخ وتتشنج بشكل مقلق ودي إشارات مش كويسة.

حرك خالد رأسه إيجابا في الصباح سيحضر افضل طبيب نفسي لها، نظر لابنته من خلال فتحة الباب الصغيرة، يأكل الندم قلبه هو السبب فيما حدث له، نزل الرجال لأسفل، ليتهاوا جميعا علي المقاعد، التعب أكل اجسادهم نظر حمزة لأخيه يبتسم في خبث لتخرج ضحكة ساخرة من بين شفتي خالد:
- أنت شيطان يا حمزة، أنا كنت فعلا قربت أصدق أنك هتبيع القضية لولا الورقة اللي حطيتها في جيبي كاتبلي أنا وراك احنا متراقبين.

اعتدل حمزة في جلسته يبتسم في زهو يتمتم متفاخرا بنفسه:
- عيب عليك دا أنا حمزة السويسي...
هنا جاء دور حسام ليسأل عمه:
- بس إنت ازاي شكيت في معاذ
نظر حمزة لحسام يبتسم في هدوء حرك رأسه إيجابا تنهد يغمغم:.

- يوم كتاب كتابه علي لينا، لمحت جزء من الوشم اللي راسمه علي دراعه مش منطقي ابدا، إن طالب في كلية طب يرسم وشم تعبان، هنا بدأت اشك فيه، خدت رقم تليفونه من خالد حاولت اكتر من مرة اخترق تليفونه ما عرفتش، هنا زاد شكي، خصوصا أنا اللي بحط برامج الحماية مهما كانت صعبة أنا اعرف افك شفراتها، الا هو، بدأت اتتبع المكالمات اللي بتجيله علي موبايله، لقيته مكالمته متكررة جداا مع واحدة اسمها ميسون، المفروض أنها أمه، مكالمات عادية جداا بين اي أم وابنها، بس بما اني حمزة السويسي فدروت في تاريخ معاذ دا تاني، ما قلتكش اي حاجة غريبة، شاب عادي جدااا، لحد ما وصلت لطرف الخيط من صديق من إسبانيا يعرف ميسون الحقيقة، وعرفت أنها اتطلقت من ابو معاذ بعد ما ولدته علي طول وعلاقته بالولد اتقطعت، يبقي مين دي اللي بتكلمه، بدأت اتتبع مكان ميسون اللي بتكلم معاذ لحد ما وصلت للقصر اللي هي قاعدة فيه، بس للأسف وصلت للمعلومات دي متأخر، في نفس اليوم اللي لينا اتخطفت فيه...

ارتسمت ابتسامة مغترة واسعة علي شفتيه يعاود النظر لأخيه يتمتم في خبث معروف لدي العائلة:.

- بس يا سيدي بعت رجالتي حاوطوا المكان من بعيد، ونزلت علي اني رايح لأدهم كنت واثق انهم بيراقبوني، وصلت فعلا عند بيت أدهم وسيبت عربيتي هناك ونزلت من ضهر العمارة وخدت عربية تانية كانت مستنياني، وطلعت بيها علي المكان، كنت واقف بعيد وأنا شايف خالد بيعمل نفسه بيرمي الموبايل لمحته بعدها بيرميه جوه العربية من شباك العربية المفتوح، واستنيت لحد ما العربية خدته وبعدت مجرد ما دخلوا بيها، بدأوا رجالتي ينشروا دخان أبيض فيها مخدر علي محيط القصر كله، بس، شوفت بقي قيمة أن اخوك يبقي مجرم قديم.

ضحك خالد ساخرا يحرك رأسه إيجابا، بينما توسعت عيني حسام في اندهاش رفع يديه يصفق لحمزة، لينحني الأخير برأسه بحركة مسرحية بينما هتف حسام منبهرا:
- بص يا عمي أنا بقيت big fan ليك، أنت مش طبيعي، دي دماغك سفاحين
ضحك حمزة حاليا كم يحب هو الاطراءات، اقترب خالد برأسه من أخيه يهمس له بصوت خفيض حذر:
- هما فين!
اقترب حمزة منه يبتسم في ثقة يخفض صوته يتمتم:
- ما تقلقش جوليا وابنها في قبضة يدي.

قطب خالد جبينه ليقبض علي تلابيب ملابس أخيه يقربه منه يهمس له محتدا من بين أسنانه:
- نائد فين يا حمزة
توترت قسمات وجه حمزة لترتسم ابتسامة واسعة بلهاء على شفتيه يتمتم ضاحكا:
- بص بصراحة انا قتلته من غير قصد هو كان يلزمك في حاجة؟!
احمرت عيني خالد غضبا ليكمش قبضته علي ملابس أخيه يصيح فيه غاضبا:
- نعم، يعني ايه قتلته، ومن غير قصد، فين نائد يا حمزة.

زفر حمزة حانقا يتمتم مع نفسه بصوت خفيض غاضب عاد ينظر لأخيه يتمتم مبتسما فئ اصفرار:
- خلاص يا سيدي بهزر ما بتهزرش، مرمي معاهم ما تقلقش، كان نفسي اقتله.

دفع خالد أخيه بعيدا عنه ليرتد الأخير الي الأريكة، في اللحظة سمع صوت لينا تصرخ باسم ابنتها، انتفض الجميع كانوا علي وشك الركض لأعلي حين رأوا لينا إبنة خالد تنزل علي سلم البيت ركضا، الجميع يقف ينظر لها مدهوشا قلقا وقفت هي للحظات تنقل انظارها الضائعة، كطفلة ضائعة تبحث عن والدها، تحركت تركض ناحية زيدان الواقف هناك بعيدا، تلقي بنفسها بين أحضانه وسط ذهول الجميع، بينما ظلت هي تهذي وكأنها قد جنت:.

- قتله، هو اللي قتل ابننا، هو اللي كان عايز يغتصبني زمان، هو اللي دمر حياتي، اقتله، اقتله يا زيدان، اقتله...
تركت والدها لتتوجه ناحية والدها امسكت بكفيه تتوسله باكية:
- موته يا بابا، هو اللي كان نفسه زيدان زمان وعايز يغتصبني، هو اللي حط حبوب الهلوسة لزيدان، هو اللي اذاني، اقتله ما تسيبهوش عاااااايش.

انهمرت دموع خالد ينظر لبقايا ابنته يحرك رأسه إيجابا بلا توقف لتزوغ عيني لينا تنظر لهم تائهة اغمضت عينيها ليسرع خالد بالتقاطها بين ذراعيه قبل أن تسقط أرضا فاقدة للوعي، نظر حمزة ناحية أخيه نظرات حادة قاتلة ليحرك الأخير رأسه إيجابا، سيستمع كثيرا بعودة إياد المجنون!

الفصل السابع والتسعون

الظلام الدامس يلف المكان بالكامل، مخزن قديم للأقمشة، كان تابعا لمصنع والده في منطقة نائية صحراوية، معلق من يديه لأعلي كل من نائل، أما جوليا يلتف بها الحبال حول عمود قديم، ونائد رفقا بحاله يجلس مقيدا علي مقعد ثابت في الأرض، ثلاثتهم في ثبات عميق من أثر ذلك المخدر، المكان مظلم الا من أضواء ضعيفة من مصابيح ضغيرة معلق، الحشرات والقوارض تتحرك هنا وهناك، بقايا قطع قماش تملئ المكان وعدة ماكينات قديمة ملقاه هنا وهناك، صوت البوابة الحديدية الضخمة تُفتح بعنف تشق سكون الليل، خطت قدميه للداخل يتحرك في هدوء خطير، اقترب من الغرفة يصفق بيديه للحراس ليسرعوا بإشعال المصابيح، كسي ضوء أصفر باهت يضئ المكان بأكمله، تقدم احد الحراس سريعا يحمل مقعد وضعه خلف ذلك الواقف ليجلس عليه يضع ساقا فوق أخري، يشير بإصبعيه للحراس يتمتم بابتسامة قاسية ملتوية:.

- فوقوهم.

توجه ثلاثة رجال كل واحد منهم يحمل سطل كبير من الماء يلقيه علي اولائك المقيدون، سمع شهقات عنيفة أثر اصطدام الماء القوي بجسد كل منهم، تحرك بمقلتيه يتفحص الثلاثة أجساد أمامه، بداية من جوليا لنائل وانتهي اخيرا بنائد الجالس علي مقعد بعيد، ينظر لحمزة كارها، تعالت ضحكات حمزة وفي تلك اللحظات تحديدا يُفضل أن نقول إياد، إياد الدهشوري، يعود من جديد بابتسامة السوداء المختلة، لمعة عينيه القاتلة شرسة حركاته العنيفة، أفكاره السامة، انزل حمزة ساقه من فوق الاخري تنهد ساخرا ليتحرك بخطوات رشيقة خفيفة ناحية نائد أولا، طفقه بنظرات قاتلة، ليتحرك ناحية جوليا، وقف أمامها يدس يديه في جيبي سرواله يبتسم في وعيد قاتم اسود، اخرج يمناه من جيبه رفعها يقبض برفق شديد علي فك جوليا، نظر ينظر لها للحظات قبل أن يصدم رأسها في العمود خلفها بعنف طفيف، تركها وتحرم ناحية بطل حفلة الليلة، ينظر لها يبتسم وهو يقف أرضا ساقيه مقيدة بسلاسل من حديد ذراعيه مرفوعين لأعلي يقيدهما سلسلة ضخمة من الحديد تعلو لتصل لسقف الغرفة، رفع حمزة سبابة يمناه يشير له بعلامة رائع، ليباغته بلكمة عنيفة ارتد نائل علي إثرها للخلف، سمع في تلك اللحظة خطوات حادة غاضبة تأتي من الخارج ابتسم بالتواء يتمتم ضاحكا قبل أن يلتفت للقادم:.

- كويس أنك ما اتأخرتش عشان تلحق معايا الحفلة من أولها.

التفت حمزة لأخيه ليجد خالد يقف هناك ينظر للجمع امامه بنظرات اخافته هو نفسه، تسارعت أنفاس خالد غضبا يتذكر كلمات ابنته التي ظلت تهذي بها بعد أن فقدت الوعي بين ذراعيه، تبكي وترتجف، يتشنج جسدها وكأنه يُصعق تصرخ بما فعلوه بها، لتزداد حمم بركانيه الغاضبة، خلع سترة حلته تلاها قميصه، يقبض به علي تلك العصا الحديدية الضخمة رياضة « البيس بول »، اقترب بخطي كالاعصار من جوليا يغرز أصابعه في فكها يصرخ بسعير ملتهب:.

- سنيييين، سنيييين وأنا بدور علي اذي بنتي ومن هي ****، **** مالهاش ذنب في اي حاجة، خطفتوها، والحيوان ابنك حاول يغتصبها، عيشتوها سنين عمرها كله في رعب وخوف من الكل، هي اذيتك في ايييييييييييه
استعرت عيني جوليا يعصف بها نيران الانتقام السوداء تشجنت عضلات وجهها لتصرخ فيه بشراسة:
- كنت بنتقم باخد حق جوزي اللي انت قتلته..

صرخت من الألم ما أن انهي كلامه لتصدح صرخات نائل الغاضبة حين هوي خالد بكفه علي وجه جوليا بعنف، التف وجهها من عنف صفعته، عاد خالد يقبض بكفه علي وجهها يدير وجهها إليه قصرا نفرت عروقه الثاثرة تغزو وجهه يخرج صوته كالرعد حاد صارخ غاضب:.

- جوزك المجنون، خطف مراتي وضربها وحاول يغتصبها، جوزك المجنون جالي يوم فرحي جايبلي صور باوضاع مخلة لمراتي، وابوه خطف بنتي **** صغيرة مالهاش ذنب في اي حاجة وموتها، عايشني عمري كله بحسرتي عليها، لو رجع بيا الزمن ألف مرة هقتله، بدل المرة ألف.

انهي كلامه لينزل بكفه علي وجهها مرة تليها أخري وأخري وأخري، إلي أن فقدت وعيها، بصق عليها ليتوجه ناحية نائد الجالس علي مقعد تلتف حوله الحبال، رفع ساقه يستند بقدمه علي جزء فارغ من المقعد ينظر لنائد نظرات قاتلة شيطانية قبض علي خصلات شعره بعنف يقربه من وجهه يبتسم:
- أنت بقي، علي اللي عملته زمان وهربت وعملت مجنون، وعملته دلوقتي...
نزل بكفه علي وجهه بعنف يرفع رأسه له يتمتم بنبرة قاتمة سوداء:.

- ايدك القذرة اتمدت علي وش بنتي، ما كفكش اللي عملته زمان، جاي تكمله دلوقتي، أنا مش هقتلك تؤتؤتؤ أنا هديك للي اسوء من الشيطان هيخليك تتمني الموت ألف مرة
تركه ينظر حمزة لتتوسع ابتسامة الاخير نظر لأخيه مبتسما يتمتم متفاخرا:
- حبيبي تسلم و**** مش عارف اقولك ايه علي الاطراء الرائع دا، سيبهولي.

اخيرا، توقفت رحلته الغاضبة أمام ذلك المعلق أمامه اشار بيده لرجال أخيه أن يفكوا قيدوه، لحظات وتحررت يديه وقدميه من القيد، ارتمي أرضا ينظر للواقف أمامه بهلع يخفيه خلف نظراته الكارهة ارتسمت ابتسامة واسعة ساخرة علي شفتي معاذ او نائل ينظر لخالد في تحدي ساخر تعالت ضحكاته يحادثه ساخرا:.

- اوعي تكون فاكر أن أنا خايف منك، أنا خدت حقي انتقمت لابويا، كان لازم تشوف شكل لينا لوليا حبيبة لما عرفت الحقيقة، كان لازم تسمع صريخها وزيدان بيغتصبها بعد ما أنا حطيتله الحبوب في العصير، زيدااان ارحمني يا زيدرااان، يا بابا الحقني يا بابا...

انهي كلامه بضحكة قوية رجت المكان لتنفجر الدماء في رأس خالد رفع يده الممسكة بالعصا لينزل بها علي جسد نائل بعنف، خرجت معها صرخة متألمة من بين شفتيه، ليعاود النظر لخالد يبتسم بجنون وكأنه مختل هارب من احدي المصحات النفسية:
- أضرب كمان، بس تفتكر بالضرب دا هترجع اللي فات، هترجع سنين عمرها اللي عايشتلها في رعب، هترجع معاذ الغلبان اللي أنا موته، هترجع حفيدك اللي أنا قتلته بإيدي...

صرخ خالد صرخة قوية شقت صمت المكان لينزل بعصاه علي جسد نائل مرة أخري وأخري واخري كل ضربة تُجسد أمام عينيه مشاهد صراخات ابنته، انهيارها، خوفها منذ أن كانت ****، فقدانها لطفلها، وصرخات ذلك الملقي أرضا تتعالي من الألم، كان حريصا للغاية الا تمس العصي رأسه حتي لا يموت لازال الوقت مبكرا لموته، القي العصا من يده، نظر لأحد الرجال يصرخ فيهم:
- يتعلق زي الكلب زي ما كان...

حرك الرجل رأسه إيجابا سريعا، ليلقي خالد العصا بعيدا من يده، يتحرك لخارج المخزن بأكمله يتوجه إلي سيارته يشق بها غبار الطريق.

في منزل خالد السويسي، تحديدا في غرفة زيدان يتحرك في مكانه كليث حبيس، لا يصدق أن خاله اغلق عليه باب الغرفة من الخارج حتي يمنعه من الذهاب معه أو اللحاق به، كان يجب عليه هو أن يذهب، هو من يجب أن ينتقم، ماذا حدث، حدث له هو وزوجته، تحرك ناحية شرفة غرفته المغلقة يجذبها بعنف مرة تليها أخري أن كسر المقبض وفتحها، دخل إلي الشرفة يلتف برأسه حيث غرفتها هناك بالقرب منه، قلبه ينتفض شوقا لرؤيتها للاطمئنان علي حالها، خاصة بعد أن انهيارها بين ذراعيه، اغمض عينيه يتذكر ذلك الشعور اللذيذ من جديد حين هرولت إليه تحتمي بين ذراعيه، قلبه انفجر يتقافز حينها قبل أن يسمع ما قالت وينفجر حمم غضبه، تحرك بخفة من شرفة غرفته يحاول الوصول لشرفة غرفتها المسافة بينهما بعيدة إلي حد ما، ارتمي بجسده علي الشرفة الاخري ليتسمك بسورها الضخم قبل أن يسقط، رفع جسده بخفة لداخل الشرفة، وقف للحظات يلتقط أنفاسه، تحرك يختلس النظر لداخل الغرفة ليجد لينا والدته، تطمأن علي ابنتها، ربتت علي رأسها بحنو تقبل جبينها، لتتحرك إلي خارج الغرفة تركها نورها مضاءا تحسبا لاستيقاظها فجاءة خاصة مع حالتها النفسية الشبه مدمرة، تحرك زيدان لداخل الغرفة ما أن خرجت لينا، يتقدم من فراشها، جلس علي ركبيته جوار فراشها، ليمد يده برفق يزيل خصلات شعرها التي تغطي وجهها خرجت تنهيدة حارة من بين شفتيه كشظية صغيرة من حرب مندلعة تتأجج داخل قلبه، تحركت زرقاء عينيه علي قسمات وجهها يشعر بخنجر مؤلم يطنعه في قلبه ما أن ينظر إليها، ولكنه لم يكن يملك سوي أن ينظر إليها، يشبع مقلتيه المشتاقة القلقة، توترت قسمات وجهه حين رأي حاجبيها ينعقدان، قسمات وجهها تتشنج، جسدها بدأ يرتجف بعنف، لم يعرف ما يفعل خاصة وأنها بدأت تصرخ تصيح من بين صرخاتها بكلمات مبعثرة غير مفهومة، انتفض سريعا يمد يديه يمسح علي خصلات شعرها يهمس لها بنبرة حانية قلقة متلهفة:.

- هششش، هششششش، اهدي، اهدي يا حبيبتي خلاص.

لم تستجب بل زاد جسدها تشجنا انتفض خوفا عليها ليقترب منها سريعا يجلس علي حافة فراشها لا يعرف حتي كيف جذبها لصدرها يحاوطها بأحد ذراعيه والاخري تمسح علي خصلات شعرها علها تهدئ قليلا، يهمس لها بكلمات مترفقة حنونة جوار اذنيها، لحظات وكان كل من في المنزل في غرفتها ومعهم خالد الذي جاءا توا وتحرك يركض مع صرخات ابنته، بدأت صرخات تهدي وجسدها يتوقف عن الارتجاف شيئا فشئ تتشبث بكف يدها باستماته علي قميص زيدان، اندفع خالد لداخل الغرفة يحاول جذب ابنته برفق من بين أحضان زيدان لتزداد تشبثا به، بدت كطفلة صغيرة ترفض تركض أحضان والدها، لحظات طويلة إلي أن هدأت وارتخي جسدها، وخفت قبضتها عن قميص زيدان، ليضعها علي فراشها، جذب خالد الغطاء يدثر ابنته، تركوا لينا مع ابنتها ليتحركوا جميعا لخارج الغرفة، نظر خالد لحسام يحادثه قلقا:.

- حسام ما ينفعش تديها مهدئ بدل حالتها دي
تنهد الاخير حزينا يحرك رأسه نفيا، نظر لأبيه يحادثه قلقا:
- أنا اديتها فعلا من مدة بسيطة ما اقدرش اديها مهدئ تاني، غلط عليها
زفر خالد أنفاسه القاتلة من صدره المستعر، تحرك برأسه ناحية زيدان تقدم بضع خطوات منه يرميه بنظرات حادة قاتلة يحادثه بهمس غاضب:.

- أنت خرجت من أوضتك ازاي، ودخلت اوضتها إزاي، أبعد عنها يا زيدان هي خلاص ما بقتش مراتك، أنت هربت وبعدت، سيبني ألم اللي باقي من بنتي.

نظر زيدان ناحية خالد بضع لحظات طويلة بصمت غريب لم يبدي رفضه او قبوله فقط تحرك ينزل لأسفل، ليقترب حسام من أبيه يشد بيده علي كتفه نظر خالد لابنه ليبتسم الأخير ابتسامة باهتة، تحركوا جميعا لأسفل ليجدوا زيدان يجلس علي أحد المقاعد يخفي وجهه بين كفيه، جلس حسام جواره ليجلس خالد علي مقعد قريب منهم، لحظة فقط ورفع زيدان وجهه يتحدث فجاءة:
- لينا لازم تبعد عن الكل!

رحلة العودة للمنزل كانت صامتة، صمت تام ينسجم مع أنفاسها الهادئة وهي تغط في نووووم عميق هادئ، تختلس عينيه النظرات إليها بين حين وآخر يتطلع بشغف عاشق مشتاق إلي قسمات وجهها البرئية وهي نائمة، ينظر لانتفاخ بطنها سعيدا مبتهجا سهيلة تحمل بطفل منه، كم يشعر بالسعادة، يكاد يطير فرحا، حين وصلت السيارة كان الفجر قد أعلن عن خيوطه وبدأ الليل في الإنسحاب شيئا فشيئا، اوقف السيارة أمام منزل والدها، ليلتف لها بجسده ظل يتأملها دقائق طويلة، قبل أن يوقظها بصوت هادئ:.

- سهيلة، سهيلة، اصحي، سهيلة اصحئ خلاص وصلنا.

استجابت بعد لحظات رآها ترفع كف يدها، تفرك عينيها تتثأب كطفلة صغيرة ناعسة، فتحت مقلتيها تنظر لوجهه لتري تلك الابتسامة الواسعة تشق شفتيه سيطرت علي مشاعرها بصعوبة قبل أن ترتمي بين أحضانه، التفت برأسها تنظر لمنزل والدها لترتسم ابتسامة حزينة علي شفتيها نزلت سريعا من السيارة، ليلتقط هو حقيبة ثيابها يتحرك خلفها، توجهت لداخل المنزل، تدق الباب مرة تليها أخري وأخري الي أن سمعت صوت خطوات تتقدم تفتح الباب، ظنتها احدي الخادمات، لتري والدها يقف أمامها عينيه حمراء يبدو أنه كان يبكي، انهمرت دموعه ما أن رآها، ليسرع باختطافها بين ذراعيه يشدد علي عناقها تنهمر دموعه سيولا، يهمس شاكرا:.

- الحمد *** يا رب، الحمد *** أنك هتقبل دعايا، الحمد ***، كدة يا سهيلة، تحرقي قلبي عليكي كدة، أنتي مش عارفة أن ماليش في الدنيا غيرك
وقف جاسر بالقرب منهم يراقب لقائهم السعيد حتي أن عينيه دمعت من بكاء عزالدين، واعتذار سهيلة لوالدها، تحركت مع والدها للداخل ليلحق جاسر بهما، جلس عز الدين جوار ابنته يسألها:
- ايه اللي حصل خلاكي تهربي...

التفت برأسه ناحية جاسر الواقف بعيدا، ليتحرك إليه وقف أمامه ينظر له غاضبا قبل أن يصيح فيه:
- أنت عملتلها إيه، اذيتها مش كدة، دا أنا آمنتك عليها، ليه، اذيتها ليه
اخفض جاسر رأسه يحرك رأسه إيجابا تجلي الندم في حدقتيه حين رفع من جديد تنهد حزينا يهمس بصوت خفيض متعب:
- هحكي لحضرتك كل حاجة و**** شاهد علي كل كلمة بقولها.

وبدأ يقص عليه ما قاله سهيلة دون أن يزيد حرفا واحدا، يحكي له ما حدث كاملا، انهي جاسر كلامه ليقترب من عز الدين أمسك كف يده يحادثه بانفعال صادق:
- و**** يا عمي دا اللي حصل، أنا طلقت شاهيناز أنا محبتهاش و**** عمري ما حبيتها، أنا بحب بنتك، بحبها اوي اوي، ومستعد أعمل أي حاجة في الدنيا عشان تسامحني.

عزالدين بشخصيته الهادئة اللينة المسامحة شعر بالشفقة علي ذلك الفتي الواقف أمامه يري الصدق يصرخ في حدقتيه، ابتسم له برفق يربت علي كتفه، التفت ينظر ناحية ابنته لتشيح بوجهها بعيدا ترفض تماما، زفرت أنفاسها المختنقة، ترغب فئ الذهاب لصديقتها بأي شكل كان، وقفت من مكانها تنظر لأبيها تحادثه:
- بابا معلش أنا لينا وحشاني اوي، عن إذنك هروح اشوفها.

تحركت للخارج مرت من جواره ليغمض عينيه بقوة يلتهم نسيم عطرها الهادئ حين مرت جواره توجهت للخارج مباشرة دون أن تلقي عليه نظرة واحدة، اقترب عزالدين منه يدفعه في كتفه يحادثه حانقا:
- أنت مالك واقف زي التمثال كدة ليه، ما تروح وراها، حاول تصالحها، جيل اهبل صحيح
ضحك جاسر بخفة يلوح لوالد سهيلة ليتحرك سريعا يهرول خلفها وصل إليها يمشي جوارها التفت برأسه لها يتمتم في مرح:.

- أنا كمان وحشتني البت لينا اوي وعايز اشوفها واشكرها...

نفخت سهيلة أنفاسها بضجر تحاول الإسراع فئ خطواتها أكثر ليصل إليها بسهولة في كل مرة بضع دقائق فقط ووصلت لمنزل لينا، خطت عبر الحديقة الي الداخل، كادت أن تدق الباب ليخرج جاسر نسخة من المفتاح من جيب سرواله، دخل اولا لتتبعه هي، كاد علي وشك أن يقول شيئا مرحا كعادته ليصمت تماما حين رأي خالد وزيدان وحسام كل منهم ملقئ علي أريكة ملامحهم مجهدة متعبة وكأنهم لم يذوقوا للنوم طعما، وكيف يفعلون ولينا لا تتوقف عن الصراخ بين وقت وآخر، فتح فمه يريد أن يقول شيئا، ليمنعه صرخات لينا التي علت تشق المكان من مكان، توسعت عيني جاسر فزعا يصيح فيهم:.

- دي لينا اللي بتصرخ
لم يعطيه احدا إجابة، بل صعد خالد يهرول لأعلي ومعه حسام وزيدان ليلحق بهم جاسر وسهيلة تركض بقدر استطاعتها، دخل جاسر إلي الغرفة مفزوعا ليجد لينا تصرخ بهستريا بين أحضان والدتها التي لا تتوقف عن البكاء...
بينما تقدم خالد من حسام يصيح فيه:
- اديها أي مهدئ كدة هتموت.

حرك حسام رأسه إيجابا سريعا لم يكن يملك اي خيار آخر، اقترب سريعا منها يحقنها بمهدئ قوي لتصمت بعد لحظات صدمة ما يحدث عقدت لسان جاسر لا يفهم ما يحدث وقلبه ينتفض خوفا علي شقيقته، لم يجفل سوي علي شهقة سهيلة التي وصلت اخيرا الي الغرفة، اقتربت تهرول من فراش صديقتها، تحتضن رأسها المسطحة علي الفراش تنظر لهم تصيح مذعورة:
- مالها لينا فيها إيه، مالها لينا يا طنط، حد يرد عليا.

أهو سؤال بلا إجابة أم سؤال إجابته حقا مؤلمة لا أحد يرغب في ذكرها، تحرك جاسر للداخل ناحية خالد مباشرة توجه، وقف أمامه مباشرة يحرك رأسه نفيا، تسارعت أنفاسه يسأله قلقا:
- ما اذاهاش مش كدة، أنا غلطان، أنا ما كنتش مرتحله، قولتلها، أنا قولتلها، قولي أنه ما اذاهاش.

نظرة الألم والغضب التي رآها في عيني خالد تكفلت بالرد علي سؤاله، تسارعت الدماء تفور فئ رأسه نفر ذلك العرق الصغير المجاور لكفه قبض كفيه يهمس بهسيس قاسي متوعد:
- هو فين
انثني جانب فم خالد بابتسامة ساخرة شرسة تحمل قدرا كبيرا من الشر، رفع يده يضعط بها علي كتف جاسر يغمغم في هدوء قاتل:
- وأنت فاكر اني هسيبه من غير حساب...

تحرك يرتمي بجسده علي الاريكة في الغرفة، ليقترب زيدان منه يحاول أن يتحدث بصوت هادئ قدر الإمكان:
- لينا لازم تبعد صدقني وجودها هنا غلط عليها، تروح مكان ما راحتهوش قبل كدة تبني نفسها فيه من اول وجديد...
تحرك حسام يقف جوار صديقه يؤيد فكرته يحرك رأسه إيجابا يردف هو:.

- زيدان عنده حق في كل كلمة، لينا لازم تبعد، في مكان هادئ، مكان قريب من بحر مثلا، او حقل، مكان صافي، أنا هكون معاها، أنا وهي ودكتور نفسي بس...
- أنا مش هسيب بنتي، صاحت بها لينا بحرقة وهي تسمعهم يخططون لإبعاد ابنتها عنها وهي في حالتها تلك، التفت حسام بجسده يقترب من لينا زوجة والده وقف بالقرب منها يحادثها بتعقل:.

- صدقيني يا دكتورة وجودك جنبها الفترة دي مش هيفيدها بالعكس هيأذيها، لينا محتاجة تلاقي نفسها من أول وجديد
هنا تحدث خالد محتدا يري أن له كامل الحق بأن يكون جوار ابنته فئ حالته تلك:
- وليه تكون أنت معاها، أنا هسافر معاها
هنا ابتسم زيدان في هدوء يحرك رأسه نفيا يحاول إقناع ذو الرأس الصلب الجالس أمامه بتعديل فكرته:.

- صدقني مش هينفع، مش هتتقدم خطوة وهي شايفة في عينيك الندم والحسرة علي اللي حصلها، لما تشوفك هتفتكر دايما أنهم اذاوها، أنا آسف يعني، عشان ينتقموا منك، حسام أنسب حد يفضل معاها، حسام كان جنب لينا قبل كدة وهي بتتجاوب معاه بشكل سلس، واخوها وأكيد هيحميها، ودكتور وهيعرف يتصرف في اي ظرف طارئ
- أنا كمان، أنا كمان ارجوك لو ينفع أسافر معاها صدقني مش هضايقها خالص أنا وهي أصحاب من زمان اوي.

همست بها سهيلة بنبرة خافتة باكية تنظر لحسام برجاء صامت، فكر الأخير للحظات قبل أن يحرك رأسه إيجابا، وجود سهيلة جوارها ربما يشد من ازرها قليلا، حاول جاسر إقناعهم بالذهاب معهم هو الآخر تنهد حسام حانقا يردف بنزق:
- يا جماعة مش رحلة هي، المهم هنروح فين.

نظر خالد للينا للحظات، شعرت أنها فهمت ما يرمي إليه حركت رأسها إيجابا سريعا دون تردد، ليقوم خالد من مكانه يخرج مفاتيحه يخرج منها مفتاح مد يده يعطيه لحسام تنهد يحادثه قلقا:
- دا شالية في الساحل، هقولك عنوانه بالتفصيل، وهكلم حد ينضفه قبل ما توصلوا، قاسم هيسافرلكوا علي هناك، أنا عارف قاسم مش هيتأخر
تنهد خالد تنهيدة طويلة حارة قلقة ينظر لابنته الممدة علي الفراش ليعاود النظر لحسام يحادثه قلقا:.

- خلي بالك من اختك يا حسام، هتبقي عيني عليكوا دايما هناك، بس خلي بالك إنت منها
ابتسم حسام في هدوء يطمئنه، ساعة مرت قبل أن تجهز لينا حقيبة ثياب ابنتها بأعين باكية لا تتوقف عن ذرف الدموع، بينما توجهت سهيلة سريعا تودع والدها، وقفت جوار سيارة حسام ليقترب جاسر منها وقف أمامها ينظر لها للحظات ليحادثها قلقا:
- مش هقدر اقولك ما تروحيش، أنا عارف انتي بتحبي لينا وهي بتحبك قد ايه، خلي. بالك منها ومن نفسك.

صمت للحظات قبل أن يمد يده يبسطها علي بطنها ارتسمت ابتسامة طفيفة علي شفتيه يردف بحنو:
- ومن اللي في بطنك
اقترب حسام منهم يحمل حقيبة شقيقته فتح صندوق السيارة يضع فيه حقيبة شقيقته وحقيبته ليضع جاسر جوارها حقيبة سهيلة، أغلق حسام صندوق السيارة بعنف يتنهد قلقا يتمني أن تمر الفترة القادمة فقط علي خير...

تحرك حسام ليجلس خلف المقود حين استوقفه جاسر يوصيه علي سهيلة لكونها حامل، ليضحك حسام بخفة، من الجيد أن يتذكر المرء كل حين وآخر مجال اختصاصه الفعلئ ربت علي كتف جاسر يحادثه مبتسما:
- ما تقلقش يا عم أنا دكتور نسا قديم.

ابتسم جاسر ينظر لحسام ممتنا هو حقا لا يعرف كيف يكون ذلك الشاب شقيق لينا ولكنه ليس الوقت المناسب تماما لأي أسئلة، دقائق قبل أن يظهر خالد يحمل ابنته النائمة بين ذراعيه فتح جاسر له الباب سريعا ليضعها خالد علي الأريكة الخلفية، لتجلس سهيلة قوية، نظر لابنته يودعها بنظرات حزينة نادمة، أغلق باب السيارة عليها، لينظر لحسام يحادثه بإرهاق:.

- قاسم في طريقه للساحل، وأنت معاك العنوان، في ناس راحت تنضف الشالية، خلي بالك منها كويس يا حسام
ابتسم حسام يطمأن والده قبل أن يستقل السيارة يرحل سريعا تتحرك خلفه سيارات حراسة خالد، وقف خالد ينظر لسيارة حسام وهي تغادر، اغمض عينيه لتتساقط دمعتين منهما مد يده سريعا يمسح دموعه ليعود إدراجه لداخل المنزل، حيث تجلس لينا علي أحدي الارائك تبكي، اقترب خالد يجلس جوارها لتنظر له بأعين حمراء تصيح فيه بحرقة:.

- ليه بيحصل فيها وفينا كل دا يا خالد ليه
جذبها لاحضانه يطوقها بذراعيه عينيه تنظر للفراغ البعيد يهمس لها بنبرة قاطعة يؤكد بها ما تقول لنفسه قلبها هي:
- هتبقي كويسة، هترجع كويسة، صدقيني هترجع كويسة.

في الأعلي تحديدا في غرفة لينا يجلس زيدان علي فراشها الفارغ يلتهم الشوق قلبه وهي لم تغادر سوي قبل دقائق، هو من ابعدها لأجلها لن تصبح بخير وهئ هنا، تحتاج للعودة من نقطة الصفر، مد يده يتحسس الوسادة التي كانت تنام عليها ليشعر بها رطبة مبللة بدموعها، رفع الوسادة يضمها بين ذراعيه يغمض عينيه يستشعر وجودها هي بين أحضانها.

شهر، شهر كامل مر علي ما حدث، شهر عادت تبني فيها بنيان محطم منذ سنوات، بنيان لم ينفع معه الترميم كان يجب أن يهدم لتعيد بنائه من جديد، ها هي تقف هناك خارج منزل الساحل، أمام أمواج البحار المتلاطمة تنظر إليها تبتسم ابتسامة شاحبة مجهدة، ابتسامة تشق طريقها للحياة من جديد، الأيام الماضية كانت ججيما بكل ما تعنيه الكلمة من معني، الكوابيس البشعة لم تتوقف تراه كلما اغمضت عينيها، تسمع كلماته السامة تعاد في اذنيها مئات المرات، عليها فعلا أن تكون ممتنة لحسام الذي ظل شهرا بأكمله ينام ليلا علي « مرتبة » أرضا جوار فراشها تحسبا لنوابة فزع مفاجاءة، ولسهيلة التي لم تكن تتركها تعاملها كطفلة صغيرة تطعمها تمشط شعرها، تفعل كل ما تقدر عليه، واخيرا قاسم، لم تكن تعرف أنه طبيب ماهر لتلك الدرجة، جلساته المكثفة التي تستمر لساعات بدأت تؤتي ثمارها بعد ثلاثة أسابيع، توقف السير، وقفت تواجه البحر تفرد ذراعيها جوارها تغمض عينيها تلك المرة لم تظهر صورة نائل منذ أيام واختفت صورته توقفت عن الظهور، حين أخبرها قاسم أن توجه تفكيرها سريعا لشئ آخر ما أن تظهر صورة نائل أمام عينيها، فاختارته هو، باتت تراه كلما أغمضت عينيها، انسابت دموعها خلف جفنيها المغلقين تشتاق له، تحبه، نادمة، هي فقط لم تكن تعرف، ذاك ليس ذنبها، أنها كانت ضحية لذئب ماكر ببرائته المدنسة ليسلب منها كل شئ، اجفلت من شرودها علي شئ دافئ وضع علي كتفيها وصوته الهادئ يحادثها:.

- أنا حسام ما تخافيش
نظرت له تبتسم في شحوب ليرفع كفه يمسح دموع عينيها برفق يسألها مترفقا:
- ليه الدموع دي
ابتسمت له بوهن تحرك رأسها نفيا اقتربت منه تستند برأسها علي صدره ليرفع يده يربت بها علي رأسها برفق يسألها ما بها مرة أخري، لحظات صمت لا تعرف ما تقول تحرك لسانها تلقائيا يعبر عما يجيش بقلبها:
- زيدان وحشني أوي!

توسعت عيني حسام في ذهول للحظات كان علي وشك أن يقول جملة حمقاء ولكنه تراجع في اللحظة الأخيرة حالتها النفسية علي المحك، جذبها لتجلس علي الرمال ليجلس أمامها أمسكت كتفيها بكفيه برفق يردف:
- أنت حبيتي زيدان يا لينا.

كان سؤاله غريبا، حقا غريب، رفعت وجهها تنظر لعينيه للحظات شعرت بأنها تحادث والدها خاصة وقد خلع عدساته الطبية واستبدلها بنظرات شفافة، حركت رأسها إيجابا بعد لحظة أخري، ليتنهد هو كان علي وشك أن يصرخ فيها، لما يا حمقاء لم تعطيه فرصة أخري طالما تحبينه ولكنه تراجع للمرة الثانية، زفر أنفاسه حائرا حانقا، ليراها تنظر له كطفلة صغيرة، لم يعرف ماذا يفعل جل ما فعله أنه عاد يعانقها من جديد يمشط خصلات شعرها بأصابعه يتمتم مبتسما:.

- علي فكرة زيدان بيتصل بيا خمسين مرة كل يوم عشان يطمن عليكي
ابتسمت حزينة تعرف، سمعته مرات عدة يحادثه يطمأنه عليها، شردت عينيها في الفراغ البعيد رفع مقلتيها تنظر لوجه حسام تسأله في توتر:
- تفتكر هو لسه بيحبني، أنا جرحته أوي، بس و**** كان غصب عني، ما كنتش اعرف أن هو اللي بيعمل فيا كدة
وضع حسام كفه علي فمها قبل أن تكمل ما تقول ليردف بنبرة قاطعة:.

- ما تجبيش سيرة الموضوع دا تاني احنا اتفقنا هننسي اللي فات صح
حركت رأسها بإيجاب يرفضه قلبها، ليدنو هو من اذنها ليهمس لها بمرح ونبرة عاشقة ولهةة:
- اقولك أنا علي سر، أنا بحب البت سارة بنت عمك عمر، وشكلي كدة هخطفها واتجوزها عشان بابا وعمي رافضين.

نظرت له مدهوشة ترمش بعينيها سريعا حسام جُن هو الآخر، ضحك الأخير بملئ شدقيه قبل أن يوقفهم دقات هاتف حسام، نظر للطارق لتتوسع عينيه في دهشة فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه يتمتم ضاحكا:
- ايه يا عم صادق ليك وحشة و**** اخيرا قررت تتصل باصحاب زمان
ضحك الأخر يتحدثان سويا بضع دقائق عن ذكريات الصداقة القديمة قبل أن يردف صادق:
- بص يا عم حسام، أنا عايزك في خدمة، هتيجي انتداب شهر في جامعة (، ) تدرس لطلبة سنة أولي.

تغنضت قسمات وجه حسام في ضيق يتمتم رافضا:
- لا يا عم بطلناها الشغلانة دي، أنا درست سنتين لما كنت في السعودية، لالالا مش هعيد الفيلم دا تاني
تنهد صادق يحاول إقناع صديقه بالموافقة:
- عشان كدة اتصلت بيك يا حس، إنت دكتور شاطر ومعاك ماجستير ودرست قبل كدة، شهر واحد بس يا حس، عندي بحث مهم ولازم اسافر عمان يلا بقي فين جدعنتك يا صاحبي.

تنهد حسام حانقا يحاول التملص من ذلك العرض دون جدوي صادق يسد جميع الثغرات أمامه، تنهد حسام حانقا يتمتم علي مضض:
- ماشي يا صادق، لما ارجع القاهرة لينا كلام تاني، سلام يا صاحبي.

أغلق معه الخط ينظر للينا في غيظ مضحك لتضحك الأخيرة بخفة عليه، لحظات وأخري ودق هاتفه تلك المرة برقم زيدان، عرفت لينا أنه هنا من توتر وجه حسام الذي ظهر فجاءة لتلتقط الهاتف من يده فتحت الخط تضع الهاتف علي اذنها لتستمع إلي صياح زيدان الغاضب:.

- أنت يا حسام الزفت بقالي ربع ساعة بحاول اتصل بيك بترغي مع مين دا أنا هعلقك لما اشوفك صبرك عليا يا حيوان، لينا طمني علي لينا هي كويسة، بتتحسن، كلت، أنا اتصلت بمطعم سمك وخليتهم يتوصوا بشوربة السي فود اللي بتحبها بي ما تخليهاش تتقل منها عشان بطنها بتوجعها ، ما ترد عليا يلا، حيوان صحيح علي رأي خالي.

انسابت دموعها وابتسامة صغيرة عرفت طريقها لشفتيها، بعد كل ما حدث لا زال يتذكر ادق التفاصيل خرجت شهقة من بين شفتيها لم تستطع حبسها طويلا، تهمس له بصوت خفيض حزين مشتاق:
- زيدان!


الفصل الثامن والتسعون

- زيدان!
همس ضعيف خافت مشتاق صدر منه تهمس بأحرف اسمه، لتتوقف دقات قلبه برودة قارصة تغزو خلاياه، صوتها هي، لم يكن يعرف أن اسمه أكثر عذوبة من الماء إلا الآن...
اغمض يديه يشد قبضته يلتقط أنفاسه السبية من همسة واحدة، مهلا يا زيدان مهلا لن تعود لتلك الدوامة من العشق المؤلم من جديد، تمالك نفسك، التقط أنفاسه بصعوبة بالغة، حمحم يحاول إظهار الثبات في نبرة صوته:.

- ازيك يا لينا، يا رب تكوني أحسن، أنا كنت متصل عايز حسام هو جنبك ولا اطلبه في وقت تاني.

أغمضت مقلتيها لتنساب دموعها تغرق وجهها آه من نبرته الجافة التي اصابت شتات قلبها المبعثر وماذا تنتظر منه إن يأخذها بين ذراعيه يغرقها في طوفان عشقه بعد كل ما حدث، بعد أن جرحت كرامته كبريائه عشقه لها، شدت قبضتها علي الهاتف تغمض عينيها تنهمر دموعها في صمت قاتل، ليسارع حسام باختطاف الهاتف من يدها، وضعه علي أذنه سمعت حديث متوتر من جهة أخيها يحادثه به، ينظر لها بين حين وآخر بينما هي عينيها شاردة في الفراغ البعيد في خدعة قضت فيها عمرا كاملا، كيف كانت بتلك السذاجة لتقع فريسة فخ لافعي دمرت حياتها بالكامل، رفعت يدها تزيل دموعها تنظر للفراغ البعيد، زيدان يحبها، تعرف أنه لازال يفعل، زيدان حقها هي، وهي ستسترد حقها، التفتت لأخيها لتراه يبتسم لها ابتسامة هادئة حنون، مد كف يده لها، لتبسط كفها داخل كفه قامت بصحبته تنفض حبات الرمال عن ثيابها، تحركت بصحبته للداخل حيث سهيلة تجلس علي أحدي الارائك تمد قدميها المتورمة من أثر الحمل أمامها، جلست لينا بالقرب منها ترسم ابتسامة مرحة علي شفتيها بسطت يدها برفق علي بطن صديقتها المنتفخ تغمغم:.

- قوليلي بقي يا سوسو تفتكري البيبي هيبقي ولد ولا بنت
عند تلك النقطة انفجر حسام الجالس بالقرب منهم في الضحك ظل يضحك الي أن أدمعت عينيه، نظرت لينا لسهيلة في عجب لترد لها الأخيرة نفس النظرات لا تفهمان علي ما يضحك لتلك الدرجة هدأت ضحكات حسام شيئا فشئ بقيت بقايا ضحكات بسيطة تخرج بين لحظة وأخري من بين شفتيه، نظر لهما يمسح دموعه الساقطة من الضحك:.

- معلش اصل الموقف فكرني بموقف مريضة كانت جاية تعمل سونار هي ووالدتها، طلعت علي جتتي السبع سنين بتوع طب، مقتنعة أن بنتها حامل في بنت من مناخيرها، بعد الكشف بتاعها كنت مقرر اقفل العيادة واسرح بعربية ترمس.

ضحكت لينا وسهيلة علي ما يقول هو، ليتحرك حسام من مكانه، يجلس علي مقعد بالقرب من سهيلة يسألها عدة أسئلة طبية معتادة ليطمئن علي حالتها، بينما لينا تنظر له تبتسم في امتنان كم تحب حسام كم هي سعيدة لوجوده في حياتهم، حسام علي الرغم من الشبة الكبير بينه وبين والدها الا أن طباعهم مختلفة تماما، حسام أكثر مرحا سهل الحديث، سلس في المعاملة، عكس والدها تماما، يكفي روحه المرحة التي دائما ما تطغي علي اي مجلس يكون فيه، اجفلت من شرودها علي صوت دقات هاتفه من جديد تلك المرة برقم جاسر، نظر حسام لسهيلة يغمغم:.

- اتفضلي يا ستي جوزك، ما هو اصل أنا شغال سنترال، كل شوية واحد يتصل يسأل علي مراته
أغمضت لينا عينيها ما أن نطق جملته الأخيرة ليشد حسام قبضته ندما نطقها تلقائيا لم يكن يقصد تماما أن يجرحها، حمحم بخفوت يفتح الخط يضع الهاتف علي أذنه ليقابله صوت جاسر الملتاع:
- أيوة يا حسام، طمني علي لينا وسهيلة اخبرهم ايه، والجنين بخير، اوعي يكون حصلهم حاجة ومخبي عليا.

ابتسم حسام في هدوء زوج عاشق يبدو أن زوجته غاضبة منه لسبب هو يجهله، ابتسم يحادث جاسر يطمأنه علي الجميع ليبادر قائلا بتلهف:
- هي سهيلة جنبك، لو جنبك خليني اكلمها ب**** عليك
نظر حسام لسهيلة يشير للهاتف في يده لتحرك رأسها نفيا تشيح بوجهها بعيدا، تنهد حسام حانقا النساء!، حمحم بخفة يحادث جاسر:
- لا يا جاسر مش جنبي مع لينا.

ابتسم جاسر ابتسامة حزينة لم يراها حسام بالطبع، سهيلة لا ترغب فئ الحديث معه حسام فاشل في الكذب تنهد تنهدية حارة ملتاعة يحرقها جوي الشوق ليغمغم في هدوء حزين:
- أنا عارف انها جنبك ومش عايزة تكلمني، قولها تخلي بالها من نفسها كويس، وأنا هتصل دايما اتطمن عليها، سلام يا حسام.

اغلق حسام الخط مع جاسر ينظر لسهيلة يضيق عينيه ينظر لها مغتاظا كأنه *** صغير غاضب، لتنظر سهيلة له حانقة قطبت ما بين حاجبيها تصيح بحرقة:
- ما تبصليش كدة، أنت ما تعرفش هو عمل فيا ايه
تنهدت لينا حزينة علي حال صديقتها لتتحرك من مكانها جلست جوار سهيلة علي الاريكة تمسك بكفي يدها ابتسمت في حنو تحاول ترقيق قلبها قليلا:.

- بس أنا عارفة يا سهيلة جاسر حكالي، صدقيني جاسر ما كنش فئ وعيه، ما كنش مدرك لأي حاجة بيعملها أنا عارفة جاسر بيحبك قد ايه، وشوفت حالته من غيرك عاملة ازاي
ارتسمت ابتسامة واسعة ساخرة علي شفتي حسام ينظر لشقيقته حقا، ما تقولين، هل رأيتي حالة زيدان في غيابك الرجل كان يحتضر تقريبا، تنهد حسام يزفر أنفاسه حانقا، حين نظر لشقيقته مرة أخري رآها ترميه بنظرات نارية قاتلة رفع حاجبه الأيسر ساخرا يتمتم متهكما:.

- تبتصيلي كدة ليه، مش كلنا مصطفي أبو حجر علي فكرة
ضحكت سهيلة بخفة تمسح دموعها المتساقطة، لتبتسم لينا في سماجة تتمتم ساخرة:
- لاء وأنت الصادق كلكوا مجانين وعندكوا كام برج ضارب، عايز تتجوز سارة البسكوتة اللي بتخاف من ضلها يا ذكر التور إنت
شهقة متفاجاءة خرجت من بين شفتي سهيلة تنظر لحسام في ذهول رفعت يدها تشير إليه إشارة شاملة تتمتم بذهول:.

- يا نهار اسوح بقي سارة الكتكوتة تتجوزك أنت، دا أنت لو سلمت عليها بس هتكسر ايديها
ضيق حسام عينيه حانقا يرمي شقيقته وصديقتها بنظرات سوداء قاتلة، رفع كف يده يبسطه أمام وجه سهيلة يتمتم في غيظ:
- **** أكبر، أهو القر دا هو اللي جايبنا ورا، ولا هعرف اتجوزها في سنتي البيضا دي، أنا طالع اوضتي وعلي **** اسمع نفس واحدة فيكوا، هبلعها!

تعالت ضحكات لينا وسهيلة من جديد يراقبان حسام وهو يأخذ طريقه لغرفته، التفتت لينا لسهيلة تحادثها مبتسمة بحنو:
- سهيلة، جاسر بيحبك زي ما أنا واثقة أنك بتحبيه، يا سهيلة صدقيني جاسر ما كنش في وعيه!
حركت سهيلة رأسها نفيا مرة تليها أخري وأخري أحمر وجهها وعينيها نزلت قطرات الدموع تغطي وجنتيها لتصيح بحرقة قلبها الملتاع ألما وشوقا:.

- مش قادرة يا لينا، افهميني، أنا حبيت جاسر حبيته اوي هو اول وآخر حب في حياتي، بس اللي عمله فيا صعب، صعب اوي بجد، صعب اني اسامحه عليه، ما تقوليش ما كانش في وعيه لأن زيدان بردوا ما كنش في وعيه وانتي ما سمحتيهوش
قطمت شفتيها تنظر لصديقتها نادمة لا تعرف كيف اوجعتها بتلك الكلمات دون قصد منها، بينما تحجرت عيني لينا تنظر للفراغ نظرات متألمة تتعذب، مدت سهيلة يديها سريعا تمسك بكفي لينا تحادثها بحرقة:.

- لينا سامحيني أنا بجد آسفة ما كنش قصدي افكرك باللي فات، أنا آسفة
لا تعرف كيف رسمت ابتسامة، فقط ابتسامة خالية من الحالية، ابتسامة بالكاد وصلت لشفتيها ولم يعرفها قلبها تحركت مقلتيها ناحية سهيلة لتري الأخيرة دمعات حبيسة داخلها، دمعات قوية ترفض الهبوط، وصوت هادئ كالجليد خرج من بين شفتي لينا:.

- عشان كدة عيزاكي تسامحيه ما تكرريش غلطتي يا سهيلة، ما تضيعيش من أيدك حب كان كل كياني، أمان وحياة وعشق، ما صدقتوش وما سامحتوش، ومشيت ورا الشيطان اللي دمرلي حياتي، ما تغلطتيش غلطتي ارجوكي.

ابتسمت لينا لصديقتها ابتسامة صغيرة لتتركها وتأخذ طريقها لأعلي عبر السلم تسير، وصلت لغرفة حسام لترفع يدها تدق الباب، سمعت صوته يأذن لها بالدخول لتدير المقبض رأته جالس علي فراشه يمسك بهاتفه يتصفحه ابتسم ما أن رآها بينما ظلت تعابيرها جامدة جملة واحدة فقط هي ما نطقتها:
- أنا عايزة ارجع بيتنا يا حسام.

شهر كامل لا يصدق أن الأيام تمر بهذه السرعة الرهيبة تحسنت صحته كثيرا عن السابق، قاب قوسين أو أدنى من التعافي تماما، وقف في شرفة غرفته في منزل جدته ينظر للشارع امامه تحديدا تلك القهوة التي اعتاد مراد أن يجلس هناك، تنهد يغمض عينيه يبتسم ساخرا، هو حقا أشتاق له، أشتاق لشقيقه المتسول، ذو الأخلاق الفاسدة واللسان السليط ولكنه يبقي شقيقه اولا واخرا، اختفائه الغريب يقلقه، أحلام او الارجخظح كوابيس جدته عنه كل ليلة دفعته للبحث عنه، في خضم موجة شروده الهادئة قاطعة صوت رنين هاتفه، توجه الي الفراش يلتقطه، فتح الخط سريعا ما أن أبصر اسم المتصل:.

- ايوة يا كارم عرفت هو فين
صمت للحظات يستمع إلي الطرف الآخر لتتوسع عيني أدهم في ذهول يتمتم فزعا:
- محبوس، ليه وفي قضية ايه ولمين.

صمتت للحظات أخري عينيه تزداد دهشة مراد شقيقه في السجن علي ذمة قضية شروع في قتل وقتل من تحديدا، قتل جاسر رشيد الشريف، جاسر!، كيف لا يعقل، أخذ كافة التفاصيل من صديقه ليشكره ويغلق معه الخط، ظل للحظات جالسا ينظر أمامه في ذهول، جاسر ومراد، ما علاقة مراد بجاسر ولما قد يحاول شقيقه قتل جاسر، الكثير من الأسئلة تدور في رأسه بلا إجابة واحدة، جاسر من يملك كل تلك الإجابات هو يملك رقم جاسر، بحث في هاتفه سريعا الي أن وجد الرقم، سريعا كان يتصل بجاسر ينتظر أن يجيب دقة اثنتين ثلاثة إلي أن اجاب اخيرا:.

- اهلا اهلا ازيك يا ابو الاداهيم واحشني يا جدع فينك مختفي
حمحم أدهم يحاول إيجاد أيسر طريق لسؤال جاسر لم يجد سوي الطريق المباشر:
- جاسر أنت هنا ولا في بلدكوا
تعجب جاسر من سؤال أدهم ليجيبه سريعا في عجب:
- لاء في أسيوط في حاجة يا أدهم خير
تنفس أدهم بعمق يرد بإيجاز:
- هفهمك كل حاجة لما اجيلك مسافة السكة وهبقي عندك، سلام.

قام سريعا يبدل ثيابه، أخذ هاتفه ومحفظته ونقوده ابتسم حين تذكر سيارته الفاخرة التي كان يعشقها أكثر من حياته، مفتاحها الخاص الذي نقش عليه اسمه، تغير الوضع كثيرا الآن عن السابق ولكنه سعيد رغم ذلك، تحرك للخارج ليجد جدته تخرج من غرفتها، ابتسم ما أن رآها ليقترب منها يقبل رأسها يحادثها بحنو:
- أنا عرفت أدهم فين، مش هرجع غير وهو معايا.

اشرق وجه جدته الحزين، تنظر للماثل امامها بابتسامة كبيرة ممتنة، قلبها يقتلها خوفا علي ذلك الارعن التي لا تعلم أين هو او ماذا حل به، ربتت علي يده تدعو، تحرك ليغادر لتستوقفه سريعا:
- أدهم استني، خد المفتاح علي الترابيزة قبل ما تمشي.

قطب جبينه متعجبا اي مفتاح تحرك ناحية الطاولة لتشخص عينيه في ذهول حين رآه مفتاح سيارته هو بنفسه كيف حدث ذلك، أمسك المفتاح في يده يرفعه امام عينيه ينظر له في دهشة، ليسمع صوت جدته يأتي من خلفه:
- الراجل اللي اسمه حمزة بعتلك المفتاح دا امبارح وبيقولك العربية جت من الجمرك ومستنياك تحت البيت.

ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتيه ادمعت عينيه ليرفع كفه يمسح دموعه سريعا، أمسك المفتاح في قبضته يشدد عليه، تحرك يودع جدته، خرج من المنزل ليجد روحية تنزل من أعلي ابتسمت علي استحياء ما أن رأته ليعطيها ابتسامة صغيرة، من الجيد أن جدته اعطتها الشقة الفارغة في الطابق الثالث حتي تصبح قريبة منهم وحتي لا تنالها ألسنة الناس بالباطل، لوح لها وداعا ليأخذ طريقه إلي أسيوط حيث سيجد إجابات جميع الاسئلة التي تشغل عقله.

مسابقة الخيل السنوية ها قد جاء موعدها من جديد، عمار بطل الساحة الآن فوق صهوة جواده الاسود، الخيول علي اهبه الاستعداد، تبقي فقط دقائق وتبدأ مسابقة الخيول السنوية، الكثير من الأصوات تأتي من مدرجات المشاهدين، كل منهم يتوقع بطل السباق الجديد، من سيفوز اليوم، لحظات وفقط وخيم الصمت علي المكان الجميع ينظر لما يحدث في دهشة بأعين جاحظة، مذهولة، يرون ذلك المشهد العجيب عثمان، الصياد هنا، علي مقعد متحرك جواره جواده الذي يصهل بصوت عالي همهمات من كل مكان علي أن الصياد جُن وأنه بالطبع سيخسر وأنه سيسقط من فوق خيله ما أن يمطته، بينما هو فقط يبتسم في هدوء وثقة الصياد، ساعده أحد العمال ليمتطي صهوة جواده، رفع يده يغللها في خصلات شعره الاسود الكثيف، ليسمع صوت ضحكة سمجة سخيفة تأتي من الجالس علي الجواد المحاذي له:.

- ايه يا عثمان إنت ضربت ولا ايه جاي تعمل نفسك مسخة الكل
التفت عثمان برأسه لذلك العامر يعطيه فقط ابتسامة ساخرة، قبل أن يتوجه بعينيه إلي الطريق امامه، رفع يده يربت علي رأس جواده ليصهل الأخير عاليا، انطلقت الاعيرة النارية تعلن عن بداية السبق، ليبدأ المذيع بحماس عرض تفاصيل المبارة:.

- سيداتي وسادتي اهلا ومرحبا بكم في مسابقة الخيل السنوية زي ما احنا شايفين قدامنا الخيول والمتسابقين في طريقهم للأمام، ولكن مفاجاءة السبق السنة دي الصياد رجع تاني، رغم حالته، إدارة المسابقة بلغتنا أن الصياد كتب علي نفسه تعهد عشان يدخل المسابقة، **** يستر بصراحة وتعدي المسابقة دي علي خير، عمار متقدم لحد دلوقتي، الصياد ما بيحركش رحله الفرس بتاعه بس هو اللي بيجري بيحاول يسبق خيل عمار، قربنا من اول حاجز، مش عارف بصراحة الصياد هيعمل ايه، ايه دا في ايه؟!، أنها احدي ألعاب الصياد يا سادة.

ما حدث تحديدا الخيول تركض تثير حولها حمم من الغبار الأصفر عمار يبتسم في ثقة هو من سيفوز، من سيغلبه عثمان بعد أن بات عاجزا، اقترب اول حاجز، كم اراد أن يري الصياد وهو يسقط من جديد من فوق خيله ليصبح اضحوكة للناس، شد سرج حسانه بطريقة معينة ليهدئ من سرعته قليلا الي أن اصبح محاذيا لخيل عثمان، ابتسم عمار في سخرية قبل ان يصل الخيل للحاجز بقليل ارتفع عثمان بجسده يحرك ساقيه بسهولة، صدمة اذهلت الجميع وخاصة عمار، صاح فرس عثمان بقوة يقفز من فوق الحاجز بمهارة في لقطة فريدة التقطها جميع العدسات، ليصبح هو المتقدم، غلت الدماء في عروق عمار يحاول بشتي السبل اللحاق به ولكن عثمان كان ولازال بطل أي سباق يدخل فيه، ها هو الصياد يستعيد مكانه من جديد خلف خط النهاية هو اول من وصل، قام من في المدرجات جميعا يصفقون للصياد بحرارة بينما يقف هو خلف خط النهاية يبتسم في ثقة يصعب تقليدها، نظر ناحية عمار الذي يكاد يتميز من الغيظ، لتتعالي ضحكاته، عينيه تمشط المكان بأكمله تبحث عنها لتجدها هناك جوار والديه تقف مع الجماهير تصفق له بحرارة، قفز بسهولة من فوق صهوة جواده ليتحرك إليها راكضا، امسك بكف يدها يجذبها بعيدا عن الأضواء وعدسات الكاميرا التي لا تتوقف عن إلتقاط كل حركة يفعلها ليضمها بين ذراعيه، بكت وعلا نشجيها تلف ذراعيها حول رقبته تدفن رأسها في صدره تغمغم من بين نشجيها الحار:.

- نجحت يا عثمان، الصياد رجع تاني
أبعدها عنه قليلا يحتضن وجهها بين كفيه يمسح دموعها بإبهاميه، مال يقبل جبينها قبلة شغوفة ممتنة محبة يهمس لها بولة عاشق:
- نجحت بيكي يا سارين، لولا وجودك جنبي ما كنتش زماني بقيت هنا تاني، انتي معجزتي، اللي جت عشان ترجعني للحياة تاني، بحبك يا سارين، بحبك اوي اوي.

ختم كلامه ليعاود ضمها إليه من جديد لتلف هي ذراعيها حول عنقه تشدد علي عناقه، لحظات طويلة قبل أن تبعده عنها مدت يدها تمسح ما سقط من دموعه تدفعه ناحية الخارج:
- يلا اخرج، روح عشان تاخد جايزتك
حرك رأسه إيجابا يبتسم لها في اتساع امسك بكف يدها يجذبها معه للخارج لتتوسع حدقتيها تسأله في دهشة:
- أنت بتعمل ايه يا مجنون
التفت لها برأسه يطالعها بنظرات متيمة عاشقة غمز لها بطرف عينيه يغمغم مبتسما:
- انتي جايزتي!

جذبها معه للخارج لتبدأ عدسات الكاميرا تتوجه ناحيتهم، لف يده حول كتفيها يتحرك بها ناحية منصة استلام الجوائز كم شعرت بالحرج الخجل يكاد يغزوها خاصة وهو يرفض ترك يدها ولو للحظة واحدة، وضع رئيس المسابقة القلادة الذهبية حول رقبته ليسلمونه كأس الفائز، تحرك يلقي كلمته كما اعتاد في كل مسابقة يفوز فيها وقف أمام مكبر الصوت يحمحم بهدوء يردف:.

- مساء الخير يا جماعة، طبعا كلكوت عارفين الأخبار الفظيعة اللي حصلت من شهور طويلة وازاي الصياد وقع واتشل وخلاص مات الصياد وماتت اسطورته، اتعودت بعد كل سبق افوزه اطلع اشكر في نفسي وفي ذكائي وفي اجتهادي، إنما النهاردة عايز اشكر اكتر من حد، عايز اشكر رب العالمين علي أنه حطني في الإختبار دا، عشان اشوف الدنيا علي حقيقتها، عشان أراجع حساباتي من اول وجديد، عشان اعرف أن كل شر بيحصل لنا وراه خير عظيم، عايز اشكر والدي ووالدتي، وعايز اعتذرلهم علي اني كنت عثمان الشاب الصايع اللي علي طول جايبلهم المشاكل، في نهاية كلامي عايز اوجه شكري لاحب إنسانة علي قلبي، صديقتي وحبيبتي ومراتي وعكازي اللي لولاه ما كنتش هبقي هنا النهاردة، مش أنا اللي استحق الجايزة دي لاء، هي البطلة هي اللي عملت المعجزة، هي استحق جوايز العالم كله، بحبك، بحبك اوي يا سارين.

تستمع إلي كلماته الجديدة عثمان تغير جذريا تغير، قلبها ينبض بعنف يصيح باسمه يصفق له، عينيها تملئها دموع الفرح، إلي أن وصل الي كلماته الأخيرة زاد وجيب دقات قلبها اختفت أنفاسها برودة قارصة غزت اطرافها، عثمان يقول تلك الكلمات لها يعترف بحبه لها أمام الجميع دون خجل، الوقح يخجلها أمام الناس أجمع، أحمر وجهها من شدة الخجل تكاد تبكي، تحرك هو من مكانه وقف أمامها.

يطالعها بنظرات عاشقة متيمة ليخلع القلادة من رقبته يلبسها إياها ليصفق له الجميع بحرارة، علا هتاف الجماهير باسم الصياد، وهناك من يقف يغلي غضبا، بعد قليل كان يقف معها بصحبة والديه، في دائرة صغيرة، اقترب علي يعانق عثمان بفخر يغمغم:
- قد ايه أنا فخور بيك يا عثمان
عانق عثمان والده يبتسم لم يشعر بسعادة قط بقدر ما شعر بها الآن مع كلمات والده، عانقت لبني سارين بقوة دمعت عينيها تهمس لها ممتنة:.

- أنا بجد مش عارفة أشكرك ازاي يا سارين، انتي قدمتي لعثمان في فترة قصيرة اللي أنا ما عرفتش اقدمه ليه في عمري كله، **** يسعدكوا يا بنتي، ويخليكوا لبعض.

ابتسمت سارين في خجل تعانق والدة زوجها لم تشعر بالسعادة بقدر ما تشعر بها الآن تكاد تغرق فيها، تنظر لعثمان وهو يقف علي قدميه يتحدث مع هذا وذاك ضحكاته تصدح في المكان، يتشاكس مع والده وكأنهما طفلين يلعبان، اجفلت علي يده تمسك بيدها يجذبها معه لخارج المكان بأكمله يتوجهان الي السيارة، وهي تصيح فيه مدهوشة:
- عثمان براحة يا عثمان، في اي يا عثمان بتجري بيا كدة، انت يا ابني هقع مش كدة.

تعالت ضحكاته وصل بها إلي سيارته ليجلسها جوار مقعد السائق ليجلس هو خلف المقود يشق الطريق بسرعة جبارة نظرت له مدهوشة تصيح في عجب:
- في ايه يا عثمان، شدتني وجريت بين الناس هو دا ينفع بردوا
ضحكت بخشونة ضحكات قوية شرسة، التفت لها برأسه، يغمز بطرف عينيه يغمغم في خبث:
- فاكرة أنا وعدتك بإيه يوم جوازنا، إن جوازنا هيفضل علي ورق لحد ما اقوم علي رجلي واثبتلك حسن نيتي وإني مش بستغلك.

توسعت عينيها في خجل اغرق وجهها بماء الورد الجوري يكسيه بالكامل ليضحك هو من جديد، يغمز لها من جديد:
- واديني اثبت حسن نيتي وقومت علي رجلي.

وضعت يديها علي وجهها من الخجل، ذلك الوقح هو عثمان الذي تعرفه قديما، كانت تظن أن كل شئ تغير فيه حتي وقاحته ولكنه أثبت العكس تماما، اوقف السيارة في جراش منزلهم تحرك يفتح لها باب السيارة، يحملها بين ذراعيه يتجه بها الي طابقهم نظرت للمصعد لتعاود النظر إليه رمشت بعينيها تهمس بصوت مبحوح من الخجل:
- الأسانسير اهو
حرك رأسه نفيا قاطعا دني بمقلتيه ينظر لعينيها نظرات طويلة عاشقة مال يهمس جوار اذنيها بشغف:.

- ما شلتكيش يوم جوازنا، وانتي لسه عروسة بالفستان، بس هشيلك دلوقتي، وهعوضك عن كل اللي صبرتي عليه معايا..
ابتسمت في سعادة تخفض رأسها خجلا، توجه ناحية باب منزلهم بصعوبة بالغة فتح الباب وهو يحملها يرفض تماما أن ينزلها من بين ذراعيه، تحرك بها الي الداخل يصفع الباب خلفه بعنف يسطر معها اولي صفحات عشق الصياد!

بعد رحلة طويلة، وصلت سيارته اخيرا الي المكان المتفق عليه أن يقابل جاسر هناك نزل من السيارة يصافح جاسر، اتجها معا الي مقهي قريب جلس أدهم أمام جاسر الذي بادر يسأله قلقا:
- في ايه يا أدهم قلقتني، حصل حاجة
تنهد أدهم يحاول تجميع ما سيقوله الآن سيكون صادما حقا خاصة وأن لا أحد في العائلة يعلم سوي عمه خالد، ابتسم في هدوء حمحم يردف:.

- أنا عارف إن اللي هقولهولك يبان صادم بس ارجوك ما تقاطعنيش، مراد أنا ومراد اخوات
في لحظة شخصت عيني جاسر في ذهول حتي شعر أدهم أنها علي وشك أن تخرج من مكانها، ابتسم اجهزة في بساطة يحرك رأسه إيجابا يؤكد ما يقول يردف:.

- أنا عارف أنك مصدوم بس دي الحقيقة، ما حدش في العيلة يعرف بس الحقيقة أن أنا مش ابن حمزة السويسي بالدم، بالتبني، ولما كبرت، وقررت اعرف مين هما أهلي الحقيقين، غلطت غلطة كبيرة اوي بدفع تمنها لحد دلوقتي، بس مش دا موضوعنا، أنا عرفت أن مراد محبوس علي ذمة قضية شروع في قتلك دا صحيح.

كم الصدمات التي ألقاها أدهم في وجه جاسر الآن وضعته في موقف لا يحسد عليه، مراد صديق عمره الخائن شقيق قريبه ادهم، هي حقا حلقة مغلقة من العلاقات المتشابكة تبدأ حينما تظن انها انتهت اخيرا، تنهد جاسر حائرا يحرك رأسه إيجابا، تجلدت بنبرته بجفاء قاسي يتمتم في خواء:
- زي ما أنت حكتلي، أنا بردوا هقولك الحقيقة أنا ومراد كنا اصدقاء عمر كامل، كنت بعتبره اخويا وصاحبي ودراعي اليمين، و.

وبدأ يقص علي أدهم كل ما فعله مراد به شاهيناز المطعم، محاولته لاختطاف شقيقته، يحكي في صلابة فارغة من الحياة لازال قلبه يتمزق كلما تذكر أن من فعل به كل تلك الأشياء هو صديق عمره، انهي جاسر كلامه ينظر لادهم الذي بانت إمارات الغضب والحزن علي وجهه شقيقه الأحمق خائن، دمه اسود قاتم ملئ بالحقد، تنهد حائرا يمسح وجهه بكفي يده، عاد ينظر لجاسر لا يجد ما يقوله إطلاقا، تنهد يغمغم في حرج:.

- جاسر أنا عارف اني ماليش وش زي ما بيقولوا اني اقولك خرجه، بس دا أخويا، وجدتي ست كبيرة، خبر زي دا ممكن يدمرها مش هتستحمله، جاسر أنا يعني عشمان في كرم أخلاقك وأنا اوعدك و**** أنه مش هيتعرضلك تاني ابداا، لا إنت ولا اي حد من طرفك، من حقك ترفض طبعا، بس أنا عارفك يا جاسر أنت قلبك طيب، وصدقني و**** مش هتشوف وشه تاني ابدا لآخر عمره.

صمت جاسر للحظات ينظر لادهم الجالس أمامه اضطربت حدقتيه يفكر أيعفو ويصفح، ام يترك ذلك الخائن ينال جزائه، يري نظرة الرجاء المختبئة في عيني أدهم، هو لم يكن يوما بالشخص القاسي ولكن ما فعله به مراد اسوء من ان يسامحه عليه، تنهد بحرقة يعزم أمره نظر ناحية أدهم يبتسم في هدوء يحرك رأسه إيجابا!

الفصل التاسع والتسعون

ارتسمت ابتسامة سعيدة ممتنة علي شفتي أدهم ينظر لجاسر الجالس أمامه في امتنان يبتسم له سعيدا، مد يده يقبض علي كف جاسر يغمغم متلهفا:
- متشكر يا جاسر متشكر اوي...
قاطعه جاسر بإشارة من يده جذب يده من يد أدهم تجلدت نظرات عينيه يغمغم في جفاء قاسي:.

- العقل والمنطق يقول إن أنا ما اسامحش اخوك واسيبه مرمي في السجن زيه زي الكلب، دا حتي الكلب ما بيعضش الأيد اللي اتمدتله، وأنا دايما واقف جنب أخوك، أنا عارف إن مالكش ذنب، وعشان خاطرك أنت بس أنا هخرجه بس صدقني لو لمحته تاني في حياتي او في حياة اي حد قريب مني، مش هسجنه لاء هقتله، واضح يا أدهم
حرك أدهم رأسه في هدوء تام مد يده يصافح جاسر يغمغم في ثقة:.

- اوعدك أنه مش هيتعرضلك تاني ابدا لا إنت ولا اي حد يقربلك.

قام جاسر يتحرك لخارج المكان ليلحق به أدهم كل في سيارته أدهم يتحرك خلف سيارة جاسر، إلي أن وصلوا إلي قسم شرطة بعيد عنهم كثيرا، اوقف جاسر سيارته يترجل منها ليلحق به أدهم نظر أدهم في ساعة يده ليجدها الثانية والنصف صباحا، قطب جبينه متعجبا، هل سيستطيع إخراج شقيقه في تلك الساعة المتأخرة، تحرك للداخل يسير جوار جاسر إلي أن وصلوا إلي غرفة رئيس المباحث، تحدث جاسر مع العسكري، دخل الأخير لغرفة الضابط غاب للحظات ليخرج يسمح لهم بالدخول، دخل جاسر يتبعه أدهم اقترب جاسر من الضابط يصافحه ليقوم الأخير من مكانه يبتسم في توسع يصافحه يغمغم:.

- اهلا اهلا ازيك يا جاسر اخبارك واخبار جاسم باشا الشريف ايه، اقعد، اقعدوا يا شباب
جلست أدهم وجاسر متجاورين، نظر جاسر لحاتم ابتسم له يسأله مازحا:
- أنت بتطبق في الشغل ولا ايه، دي الساعة داخلة علي 3
ضحك حاتم بخشونة ضحكات عالية اقترب بجسده يستند بذقنه الي راحة يده زفر يغمغم يآسا:.

- اسكت دا الواحد اتنفخ من ساعة ما جه عندكوا الصعيد، خصوصا موضوع التار دا، في اي لحظة تلاقي الدنيا اتقلبت، الواحد بقي يخاف يتلفت كدة يلاقي مصيبة حصلت
ابتسم جاسر مجاملا يردف في هدوء نسبي:
- **** يعينك، بصراحة يا حاتم باشا أنا كنت جايلك في موضوع
حرك حاتم رأسه إيجابا سريعا ينظر له مهتما ليحمحم جاسر في فتور يردف:
- الواد اللي كان جاي هنا في القضية إياها حصل معاه إيه.

قام حاتم من مكانه ليجلس علي المقعد المقابل لجاسر، ابتسم يغمغم متهكما:
- اهو مرمي في الزنزانة، بجدلله 15 فئ 15 علي ما ترفع القضية، شهل شوية يا جاسر، دي قضية شروع في قتل مش سرقة موبايل
نظر جاسر لادهم ليراه ينظر ناحية حاتم نظرات غامضة غاضبة في آن واحد، تنهد حائرا عقله يرفض بكل المقاييس ما سيفعله، عاد ينظر لحاتم من جديد يغمغم في هدوء حذر:.

- لاء أنا هتنازل عن المحضر، ويا ريت لو تعرف تخلص إجراءات خروجه في أسرع وقت
نظر حاتم لجاسر متفاجاءً، بعد جدال طويل يحاول حاتم إثناء جاسر عن رأيه بينما أدهم يجلس صامتا يتابع ما يحدث في هدوء تام، انتهت المفاوضات اخيرا حين زفر حاتم يتمتم مستاءا:
- أنت يا جاسر أنا نصحتك وأنت مش عايز تسمع كلامي، النوع اللي زي الواد بيكره أي حد أحسن منه مش بعيد يإذيك تاني.

تحرك حاتم من مكانه ناحية مكتبه يضغط الجرس الصغير ليدخل العكسري ادي التحية لحاتم ليردف الأخير آمرا:
- هاتلي مراد وحيد مختار من الحجز يا ابني.

حركت العسكري رأسه إيجابا يؤدي التحية خرج من الغرفة يوصد الباب خلفه غاب بضع دقائق، ليصدر بعدها صوت دقات منظمة علي باب الغرفة سمح حاتم للطارق، دخل العسكري يمسك أدهم من ذراعه الأيسر دفعه للداخل يؤدي لحاتم التحية مرة أخري قبل أن يخرج من الغرفة يوصد الباب خلفه، في اللحظة التي دخل فيها مراد إلي الغرفة توقفت عقارب الساعة عن الدوران، توسعت عينيه الذابلة في دهشة لم يستطع إخفائها أدهم أخيه هنا، يجلس جوار من، جاسر، جاسر الذي القي به بين غياهب السجون، وها هو يجلس كملك ينظر له باحتقار كأنه خادم ذليل إليه، أما أدهم فكست الشفقة نظرات عينيه، ينظر لوجه مراد الشاحب عينيه الذابلة جسده الهزيل، لحيته التي طالت، أما السهم المسموم كان من نصيب جاسر، ها هو يقف أمام صديق عمر سنوات طوال مرت امام عينيه ذكريات كثيرة اغلبها ضحكات يركضان كالأطفال بين الأزقة، يتسابقان في العوم في عرض البحر، يتذكر أنه كاد يغرق في مرة حين اصر أن ينزل للمياه بعد منتصف الليل، وحين بدأ يغرق هرع مراد إليه هو من أنقذه من الغرق في تلك الليلة، كيف وصل بهم الحال لهنا، يشعر بألم بشع يجتاح صدره، صديق العمر ماهو الا خائن يسعي لطعنه في ظهره بكافة السبل، حتي شقيقته لم تسلم من أذاه لولا وجود غيث، عند تلك النقطة شعر بالدماء تفور في خلاياه كم رغب في أن ينقض عليه يمزق رقبته ثم يحتضنه ويبكي، خرج من أمواج ذكرياته العاتية علي صوت حاتم يصدح حادا:.

- تعالا هنا يالا
اقترب مراد من مكتب حاتم ليدفع حاتم له ورقة فوقها قلم يحادثه ساخرا:
- جاسر اتنازل عن المحضر فللأسف البيه هيغور، بس قبل ما تمشي تمضي علي عدم التعرض دا، عشان لو فكرت تتعرضله تاني هجيبك من تحت الأرض...

لم يفعل مراد شيئا سوي أنه امسك القلم بأصابع ترتجف من الضعف في المدة التي قضاها بالداخل لم يكن أحد يعرف أين هو لم يكن يزوره احدا، كان المساجين يعطفون عليه ويعطونه بعض الطعام، خط اسمه علي سطح الورقة، ما حدث بعدها شعر بيد أدهم تجذبه، وقام جاسر يصافح الضابط، جذبه أدهم للخارج وقف أمام سيارته ينظر لجاسر مد يده يصافحه ممتنا:
- متشكر يا جاسر حقيقي مش عارف أشكرك ازاي.

لم تتغير تعابير وجه جاسر الحادة فقط مد يده يصافح أدهم، في نفس اللحظة التي دق فيها هاتفه برقم والده فتح الخط يجيب ليسمع والده يصيح فيه:
- جاسر، شاهيناز بتولد، انا خدتها وطالع علي المستشفى اللي في البلد، حصلني
زفر جاسر حانقا يصيح محتدا:
- ما تولد ولا تغور في ستين داهية، لا هي مراتي ولا اللي في بطنها ابني...
اغلق الخط مع ابيه نظر لادهم يصيح ساخرا:
- عشيقة البيه بتولد، مبروك هيبقي أب...

قطب أدهم حاجبيه مستنكرا ما يحدث لا يفهم حقا ما يقول جاسر، ليخبره جاسر أن يتبعه بسيارته، وقد فعل استقل سيارته يتحرك خلف سيارة جاسر، التفت برأسه ينظر ناحية مراد ليراه ينظر للفراغ شاردا، عينيه منطفئة ذابلة لا يري فيهما نظرة السخرية الدائمة، تنهد يزفر أنفاسه تعبا ليسمع صوت ضعيف خرج من بين شفتي مراد فقط كلمة واحدة:
- شكرا.

وبعدها صمت ظل صامتا، لا ينطق بحرف وادهم ما يجد يقوله هو حقا لا يفهم ما يحدث من الأساس، وصلت سيارة جاسر إمام مدخل مستشفي نزل منها ليوقف أدهم سيارته، تحرك لينزل ليتحرك مراد معه، سارا معا خلف جاسر لاحظ أدهم أن مراد ينظر أرضا دائما، وكأنه لا يرغب في رؤية العالم من حوله، وصلت الخطوات أمام غرفة العمليات وقف جاسر يبتسم ساخرا الأمر برمته لا يهمه ولكنها اوامر أبيه، دقائق طويلة قبل أن يصدح صوت صياح *** قادم من داخل الغرفة، صوت صياح الطفل جعل مراد يرفع عينيه ينظر لباب الغرفة المغلق ليجده يُفتح من الداخل وظهرت ممرضة تحمل *** او **** صغيرة نظرت للثلاث رجال نظرة حزينة تغمغم بخفوت:.

- مين والد الطفلة
ابتسم جاسر ساخرا يشير بيده ناحية مراد لتتقدم الممرضة منه تعطيه الطفلة حملها بين ذراعيه ينظر لها مدهوشا، توسعت حدقتيه الذابلة ينظر لقسمات وجهها البريئة، نقاء العالم كله يحمله بين يديه، بينما في داخله السواد والشر والغيرة، اجفل علي صوت الممرضة تتمتم حزينة:
- البقاء *** والدة الطفلة تعيش أنت، **** يخليك ليها.

شخصت عينيه من جديد تلك المرة في فزع شاهيناز ماتت، ماتت هكذا فجاءة، شعر بقدميه ترتخي تمسك بذراعيه جيدا بتلك الصغيرة التي يحملها، ليتهاوي علي المقعد خلفه ينظر للفراغ ذاهلا، شاهيناز ماتت، ماتت في لحظات، ماتت دون أن تصبح تلك الثرية التي حلمت أن تكون، ماتت بعد أن أخطأت مئات المرات، ولم تسنح لها الفرصة للتوبة، لم يكن هناك وقت، انتشلها الموت فجاءة، صدق من قال أن الحياة ليست سوي ومضة، الحياة بكل زيفها عقدها تلك الحكبات الغريبة التي نتشابك ونتصارع فيها ما هي إلا ومضة سريعة تُجبرك علي فتح عينيك أو غلقهما، تصل بك للنهاية او تدفعك للبداية...

ومضة تري فيها حياتك كاملة عرض مسرحي سريع الحركة تراقب من بعيد تشاهد نفسك وأنت بطل الحكاية.

، ومضة تلفك بالكامل داخل نفق سرمدي تعلو بك لتطفو بعيدا بين الماضي والحاضر والمستقبل المجهول، أنت هنا الآن وربما غدا لا، انهمرت الدموع من مقلتيه بعنف، لا يعرف ايبكي عليها ام علي حاله، ام علي الزمان الذي أوصله لما هو عليه الآن، شهق يبكي بعنف يتمسك بتلك الرضيعة بين يديه، نظر أدهم له مشفقا، ليتحرك سريعا يجلس جواره يربت علي كتفه برفق، بينما توجه جاسر ناحية مراد وقف أمام مباشرة يطالعه بنظرات قاسية حادة:.

- مش عارف اقولك مبروك ولا البقية في حياتك، أنا مش عايز اشوف خلقتك تاني يا مراد، صدقني أنا طلعتك بس عشان أدهم، انما لو لمحتك تاني هنسفك...
اشار للطفلة الساكنة بين ذراعي مراد يحادثه ساخرا:
- ابقي ربيها كويس يا مراد وخد بالها عليها كويس، أحسن يجي عيل صيع يضحك عليها ويضيع شرفك، خد بالك الدنيا دوارة.

خفق قلب مراد هلعا ما أن جالت الفكرة برأسه، ليضم الطفلة لصدره يحرك رأسه نفيا سمع صوت بكائها الجائع في تلك اللحظات ليبعدها عنه يبسط كفه تحت رأسها الصغير ينظر لوجهها بأعين تنهمر منها الدموع بلا توقف يغمغم:
- ما تخافيش أنا مش هسيبك زي ما هما عملوا فيا زمان، هربيكي كويس، كويس أوي.

أدمعت عيني أدهم ينظر لشقيقه حزينا مشفقا وكانت فقط نظرة أخيرة التي ألقاها جاسر علي مراد قبل أن يغادر المكان بأكمله مع بداية شروق الشمس.

لا يصدق حقا لا يصدق أنه يقود سيارته الآن الرابعة فجرا عائدا الي منزل والدهم لأن شقيقته الحبيبة التي يود خنقها حالا أصرت علي السفر وهو لقلبه الطيب لم يكن ليرفض، سحقا لقلبه الطيب، التفت برأسه ينظر للجالسة جواره نظرة سريعة خاطفة ليراها تنظر من خلال نافذة السيارة المفتوحة عينيها شاردة تسبح في الفراغ البعيد، رأي دمعة تهبط من مقلتيها لترفع يدها سريعا تمسحها قبل أن يراها، تنهد حزينا علي حالها، لينا مرت حقا بفترة بشعة ولكنها الآن تتحسن، يعرف ما يؤلمها الآن، شعورها بالذنب والألم، قلبها الجريح، يعرف أنه من المستحيل أن يتجاوز زيدان بسهولة ما حدث ويعودا ولكنه فقط يتمني، رسم ابتسامة حانية علي شفتيه، ليمد يده يخرج قطعة حلوي من جيب سترته يعطيها لها ابتسمت له ابتسامة شاحبة تأخذها منه، ليسمع صوت يغمغم ساخطا:.

- وأنا فين الشوكولاتة بتاعتي، انا بتوحم وعايزة شوكولاتة
ضحكت لينا بخفة بينما حسام لسهيلة من خلال مرآة السيارة الأمامية رفع حاجبه الأيسر يردف ساخرا:
- لاء حضرتك أنا الدكتور مش جوزك، بتفكريني بواحدة بعتتلي رسالة قبل كدة علي الواتس بتسأل سؤال متخلف، دكتور معلش هو أنا ممكن ابلع شامبو عشان اغسل شعر البيبي، انا شوفت الرسالة وقومت اخد حباية الضغط، رجعت لقيتها بعتالي.

إنت ازاي تشوف الرسالة وما تردش عليا، أنا الدكتور يا امي مش جوزك
انفجرت لينا وسهيلة في الضحك حتي أدمعت أعينهم حسام حقا يملك حس فكاهي يُحسد عليه، قذف حسام قطعة حلوي ناحية سهيلة لتبتسم سعيدة فتحتها تأكلها بنهم، استمر الطريق ضاحكا خاصة مع حكايات حسام مع المرضي التي لا تنتهي ابداا...

علي صعيد آخر تتحرك هنا وهناك، حركتها مضطربة سريعة بين المطبخ وغرفة الطعام تخرج للصالة تنظر أن جاء أحدهم أم لا، نزل هو من أعلي في تلك اللحظات ليجدها تطل برأسها من غرفة الطعام تنظر ناحية باب المنزل المغلق تحرك بخفة يسير علي أطراف أصابعه الي أن صار خلفها ليغمغم فجاءة:
- بتعملي ايه يا لينا!
قفزت من مكانها تشهق مذعورة التفتت له ترميه بنظرة حانقة مغتاظة كورت قبضتها تصدمه علي صدره بعنف تصيح غاضبة:.

- مش هتبطل حركاتك دي جبتلي صرع
ضحك بملئ شدقيه علي منظرها الغاضب خاصة وجنتيها الحمراء، جبينها المعقود تشبه **** غاضبة، كتف ذراعيه أمام صدره يحرك حاجبيه عبثا:
- بصراحة ما قدرتش ما اخضكيش وانتي واقفة عاملة زي الجواسيس كدة، كنتي بتبصي علي الباب ليه
تنهدت حانقة من كلماته السخيفة كتفت هي الأخري ساعديها تحرك ساقها اليسري بسرعة متوترة:.

- كنت بشوف لينا جت ولا لسه، وحشتني اوي يا خالد مش مصدقة أن شهر كامل عدي من غير ما اشوفها وخصوصا وهي في حالتها دي
ابتسم لها برفق ليمد يديه يحتضن وجهها بين كفيها نظر لزرقائها الساحرة يغمغم مترفقا:
- بقت كويسة، صدقيني بقت كويسة، أنا متابع قاسم خطوة بخطوة، دلوقتي هتشوفيها.

اطمأن قلبها قليلا فقط قليلا لن تهدئ إلا حين تري ابنتها أمام عينيها، ارتسمت ابتسامة متوترة علي شفتيها تحرك رأسها بالإيجاب، ليميل هو برأسه يقبل قمة رأسها، ابتعدت عنه سريعا خجلة حين سمعا معا صوت زيدان يغمغم بصوت خبيث ماكر عند أسفل درجات السلم:
- جري ايه يا خالي، صباح التحرش.

نظر خالد لزيدان محتدا بينما ابتسم الأخير ابتسامة واسعة بريئة استفزازية للغاية، حين اقترب زيدان من خالد صفعه الأخير علي رقبته من الخلف يغمغم حانقا:
- عيل رخم
مسد زيدان رقبته من الخلف ينظر لخالد كطفل صغير غاضب ولينا تقف تضحك علي مشاحنتهم معا، قاطع تلك اللحظات صوت جرس باب المنزل، شهقت لينا فرحة لتهرول ناحية الباب تفتحه صرخت سعيدة باسم ابنتها لتضمها إلي أحضانها تبكي بلا توقف...

يقف هو كان كتمثال من حجر له قلب من نار!
، دقات قلبه تتصارع تفور كحمم بركانية تأكل صدره، لما لم يخبره أحد أنها ستأتي، كان سيرحل قبل أن تأتي، يكفي ذلك الشعور الذي يسلب لبه يسيطر علي كيانه كاملا ما أن يراها كأنها جنية خرجت من أعماق الجحيم لتؤرجحه علي لهيب العشق، يحبها بل يعشقها ولا يكره أحد في الدنيا سواها.

بعد عناق حار مع والدتها تركتها تنظر له، يقف بعيدا عنهم بضع خطوات فتح لها ذراعيه ما أن رآها لتهرول إليه ترتمي بين أحضانه تبكي بلا توقف:
- سامحني يا بابا أنا آسفة...
قاطعها قبل أن تكمل ما تقول حين ابعدها عنه احتضن وجهها بين راحتيه ينظر لها مبتسما يغمغم في ترفق:
- هششش، خلاص اللي فات هننساه مش هنتكلم عنه ولا هنتفكره حتي، كلنا بنفتح صفحة جديدة، خلاص.

صفحة جديدة ابتسم ساخرا ما أن خاله تلك الجملة، كيف يبدأ صفحة جديدة وصفحاته القديمة لا زالت تحرق جوا روحه كل حرف فيها كتبه بدماء عشقه، دماء ترفض الاحتراق تتجدد من جديد مثل العنقاء تحيي كلما احترقت، شعر بحرارة جسده تزداد حين رآها تتقدم ناحيته بصحبة والدها، يشعر بالاختناق انفاسه تحتضر داخل رئتيه وكأنه كان يركض في صحراء لاهبة شمسها كجمر في كبد السماء، توقفت أنفاسه في اللحظة التي وقفت فيها أمامه وتلاقت مقلتيها بعينيه للحظات بسيطة، قبل أن يشيح هو بوجهه يلتقط بأنفه إعصار هواء يخمد نيران قلبه، يمسك به زمام مشاعره، التفت لها يبتسم في هدوء مد يده ليصافحها يتمتم مبتسما:.

- حمد *** علي سلامتك يا لينا ، حسام اخيرا يا جدع رجعت.

تلك الجملة الصغيرة فقط هي من نطقها قبل أن يتركها ويغادر مهرولا ناحية حسام يعانقه بقوة، اختفت الابتسامة التي نبتت علي شفتيها، كان يرحب بها برسمية شديدة حتي ابتسامته كان فقط من باب المجاملة، نغز حاد مؤلم عصف بقلبها، شعرت بيد والدها تجذبها خلفه ببطئ ليتحرك بها ناحية غرفة أخري تلك ليست غرفتها فتح الباب دخل إلي الغرفة يجذبها معه نظرت للغرفة حولها في دهشة، الغرفة تشبه غرف الاطفال يكفي رسومات ديزني التي تملئ الحوائط، دولاب الملابس يشبه دولاب الملابس المتكلم في فيلم الجميلة والوحش، غرفة لطفلة لا تتعدي الخامسة، عادت تنظر لوالدها تسأله بعينيها عما يحدث، ليبتسم هو في حنو اقترب منها يمسك ذراعيها بكفيه يحادثها مبتسما:.

- احنا قولنا هننسي اللي فات كله حتي اوضتك القديمة أنا قفلتها علي كل الذكريات الوحشة اللي فيها ومش هتتفتح تاني ابدا...
ابتسمت للحظة واحدة فقط قبل أن تندثر ابتسامتها تختفي شيئا فشيئا توترت حدقتيها سؤال يتردد في عقلها تود النطق ويرفض لسانها فعل ذلك قرأ خالد حيرتها المضطربة في مقلتيها ليجذبه جلست علي حافة الفراش وهو جلس جوارها يسألها مترفقا:
- عايزة تقولي حاجة؟

حركت رأسها إيجابا تنهدت بحرقة قلبها الرافض لذكر ذلك الاسم من جديد رفعت حدقتيها المضطربة تنظر لوالدها تسأله بتوتر ظاهر:
- ههو فيين
استشف عن من تسأل ذلك الثعلب الخبيث الذي كاد يودي بحياة ابنته إلي الهاوية، بسط يده أسفل ذقنها ابتسم يردف بتروي:
- احنا مش قولنا مش هنجيب السيرة دي تاني، هو مش هيظهر تاني في حياتك خلاص، مرمي في السجن هو وامه تحت حراسة مشددة تحت عينيا، ما تخافيش.

أبيها ذكر فقط اثنين ذلك الرجل العجوز أين هو، قطبت ما بين حاجبيها تغمغم في عجب:
- والراجل اللي كان قاعد علي كرسي راح فين
رفع خالد كتفيه لأعلي علامة علي جهله ابتسم ساخرا يتمتم يآسا:
- و**** يا بنتي ما اعرف، عمك حمزة خفاه تقريبا ما تفهميش عمل إيه، بس هو ما قتلوش دا اللي أنا أعرفه، عمل فيه ايه بقي، عمك حمزة دا عدي توب السفاحين فأنا حقيقي مش عارف.

خرجت ضحكة صغيرة للغاية من بين شفتي لينا سرعان ما تلاشت، ويحل محلها غضب قاسي ينخر في قلبها بعنف نظرت ناحية والدها تغمغم في شرود قاسي:
- أنا عايزة أشوفه يا بابا
حرك خالد رأسه نفيا بعنف يرفض مجرد الفكرة لن يجعلها تفعلها ذلك قريبا او بعيدا حتي، مد يده يقبض علي كف يدها يحادثها بصرامة:.

- لا يا لينا انتي لسه ما وصلتيش للمرحلة اللي تخليكي تشوفيه تاني، انتي لسه في اول العلاج وهو كائن مستفز كلامه هيرجعك لنقطة الصفر تاني، لما احس أنك هتقدري أنا بنفسي هخدك من أيدك، عشان تشوفيه مرمي زي الكلب، عشان يعرف أن بنت خالد السويسي ما فيش حاجة تقدر تكسرها، انما دلوقتي لا بكل المقاييس.

ابتسمت شاردة تحرك رأسها إيجابا، في لحظة دخول والدتها تحمل صينية كبيرة عليها الكثير والكثير من الأطعمة ابتسمت تنظر لابنتها تحادثها في حماس مشتاق:
- ايه رأيك في الأوضة أنا اللي مختارة كل حاجة فيها، يلا كلي، الواد حسام ما رديش ياكل وطلع ينام و**** لاصحيه يروح العيادة بتاعته، وزيدان مشي بس قولتله لازم يجي علي الغدا، و جاسر جاي كمان لما عرف انكوا جيتوا اتصل وقال ج. مممممم.

صمتت تماما حين قام خالد سريعا يضع كفه علي فمها يمنعها من الاسترسال في حديث لا نهاية له، نظر لها مدهوشا يتمتم في ذهول:
- بسسسس، ايه كل الرغي، هي لينا اللي كانت وحشاكي ولا الرغي اللي كان وحشك...
نظر لابنته يردف مازحا:
- معلش يا حبيبتي ماما شكلها هنجت من الفرحة، كلي انتي وارتاحي من السفر...

لف ذراعه حول خصر لينا يجذبها لخارج الغرفة يسير بظهره بينما هي تحاول عض كفه باسنانها ليبعد يده عن فمها، خرج بها من الغرفة ليجذب الباب سريعا يغلقه خلفه، ضيقت لينا عينيها تنظر لزوجها حانقة رفعت حاجبيها في توعد تغمغم:
- بقي أنا رغاية وهنجت، طب اعمل حسابك بقي أنك هتنام في الأوضة التانية
قالتها لترفع رأسها بغرور انثي ومن ثم تركته ورحلت سريعا من أمامه لتتوسع عينيه في فزع مضحك يتمتم متحسرا:.

- يعني كان لازم اقول رغاية البس يا ابن السويسي!

مرت عدة ساعات طويلة الساعة الآن الثانية عشر ظهرا في منزل عمر، تحديدا في غرفة نومه هرولت تالا للمرة الخامسة تقريبا خلال عشر دقائق الي المرحاض تخرج كل ما في جوفها حتي لم يعد يسكن احشائها شي، اقترب عمر منها يسند جسدها برفق إلي الفراش ينظر لحالة الهذال التي تملكتها فجاءة مد يده يمسح علي خصلات شعرها يغمغم قلقا:
- مالك بس يا تالا من الصبح وانتي وشك أصفر وشكلك تعبان بجد.

حركت رأسها إيجابا تمسد بكفها علي بطنها انكمشت قسمات وجهها ألما تهمس بصوت ضعيف متألم:
- مش عارفة يا عمر تعبانة أوي، حاسة بوجع جامد
دقت سارة باب الغرفة في تلك الأثناء سمح لها عمر بالدخول لتدخل تمسك في يدها كوب عصير اقتربت من والدتها تنظر لها قلقة تحادثها بتلهف:
- أنا عملتلك عصير، يا ماما قومي نروح نكشف مش هينفع حالتك دي بجد.

حرك عمر رأسه إيجابا سريعا يؤيد فكرة ابنته بينما حركت تالا رأسها نفيا تهمس بنبرة خاملة:
- ما فيش دكاترة نسا بيبقوا فاتحين دلوقتي يا سارة، كلهم بيفتحوا بليل
تحرك عمر من مكانه يخرج ثيابه من الدولاب يغمغم سريعا في قلق:
- يا ستي هندور مش هنخسر حاجة، أنا هروح اغير في الاوضة التانية، سارة ساعدي ماما تلبس.

حركت سارة رأسها إيجابا سريعا بينما تحرك عمر لخارج الغرفة ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتي تالا، ها هو عمر الذي أحبت قديما يعود من جديد، قامت ببطئ تستند علي يد ابنتها لتبدل ثيابها بأخري.

تذمر حسام حانقا مع صياح زوجة أبيه الشريرة التي ظلت جوار رأسه ما يقارب نصف ساعة تصيح بجملتين فقط:
- اصحي يا حسام، و**** لهتقوم تروح العيادة.

زفر حانقا يضحك ساخرا لينا الشريرة، اسم لا يليق عليها تماما، زوجة أبيه تحاول جاهدة أن تعامله كوالدته الراحلة ولكنه لن يسمح بذلك بالطبع، صحيح أنها قصيرة ولكن صوتها المزعج يفوق منزل أبيه في الارتفاع، لم يجد حلا آخر سوي أنه استيقظ ينظر لها حانقا كطفل صغير، لتبتسم هي ابتسامة لطيفة قرصت وجنته برفق تغمغم مبتسمة:
- شطور يا حسام صحصح بقي علي ما اعملك الفطار عشان تروح تفتح العيادة اللي مقفولة بقالها قرن دي.

ثم خرجت في هدوء تام وكأنها لم تحدث إعصار للتو، قام حانقا من فراشه يضرب الأرض تحت قدميه لا يرغب سوي في النوم، التقط هاتفه يحادث الممرضة يخبرها أن تذهب إلي العيادة وتخبر المرضي بأنه سيأتي اليوم، تثأب ناعسا يمط ذراعيه في الهواء تحرك الي المرحاض اغتسل وبدل ثيابه بقميص أسود وسروال من نفس اللون وضع نظارته الطبية علي عينيه يلتقط حقيبة جهاز « اللاب توب »، نظر لصورته في المرآة ليصدح في رأسه جملة والدته التي تقولها له دائما.

« بسم **** ما شاء ****، **** يحرسك يا ابني»
ادمعت عينيه حين تذكرها وهو لم ينساها أبدا، ازاح نظارته يمسح دموعه ليخرج سريعا من الغرفة توجه الي أسفل ليجد لينا زوجة ابيه تضع الطعام علي الطاولة، تحرك هو ناحية باب المنزل ليلحق به صوتها تغمغم متلهفة:
- مش هتفطر يا حسام...
التفت برأسه لها يرسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يحرك رأسه نفيا:
- معلش ماليش نفس مش جعان.

تنهدت حزينة علي حاله، ابتسمت تحرك رأسها إيجابا تحادثه برفق:
- طب يا سيدي ممكن ما تتأخرش عن الساعة 5 عشان هنتغدي كلنا مع بعض.

ابتسم لها من جديد يحرك رأسه إيجابا، تحرك للخارج منها الي سيارته يأخذ طريقه الي عيادته الخاصة، كان ينهي عمله في مستشفي الحياة ويذهب إليه ليلا مرتين او ثلاث علي الأكثر في الأسبوع، مر بعض الوقت إلي أن وقف بسيارته أمام العمارة السكنية التي تقع فيها عيادته، نزل من السيارة يلتقط حقيبته الخاصة، توجه الي اعلي لتتوسع عينيه في دهشة حين رأي العيادة مزدحمة لا موضع لقدم فيها تحرك بصعوبة بين الناس يلج الي غرفته الخاصة، نظر للمرضة قبلا يحادثها:.

- عشر دقايق وهاتيلي ورقة الكشوفات
حركت رأسها إيجابا سريعا، تنفذ ما يقول
بينما في الأسفل وللصدفة البحتة الغير مقصودة بالمرة!، وقفت سيارة عمر بعد بحث طويل عن عيادة لطبيب النساء تعمل الآن لم يجد للأسف سوي تلك، نظر لاسم الطبيب الذي يعلو لافتة العيادة ليبلع لعابه يغمغم في نفسه:
- **** يكون تشابه أسماء.

نزل سريعا من السيارة يسند تالا يصعد بها إلي العيادة نظر مدهوشا لاعداد الناس الضخمة ليقترب من الممرضة سريعا يغمغم متلهفا:
- لو سمحتي معلش أنا مراتي تعبانة جدا ومش هتقدر تستني، لو في كشف مستعجل عاجل، حتي لو بعشر اضعاف السعر
حركت الممرضة رأسها بالإيجاب تأخذ منه البيانات تملئ بها الاستمارة أمامها، تحركت تأخذ الأوراق لمكتب حسام دقت الباب تدخل الي المكتب وضعت الأوراق أمام حسام علي المكتب تغمغم سريعا:.

- دكتور في واحد برة بيقول أن مراته تعبانة جدا، استمارته عندك اهي، ادخله الأول اصله جاي آخر واحد
نظر حسام للاستمارة الماثلة امام عينيه ليرتفع جانب فمه بابتسامة خبيثة عمه الحبيب هنا، يلا فرحته العارمة، رفع وجهه ينظر للممرضة يتمتم في هدوء تام:
- دخليه أول واحد، وما تستقبليش كشوفات تاني عشان أنا مش هطول النهاردة.

تحركت الممرضة للخارج لحظات فقط وسمع دقات علي باب الغرفة سمح للطارق بالدخول دخل عمر يُسند تالا زوجته، توسعت عينيه في دهشة حين أبصر حسام يجلس أمامه بينما ارتسمت ابتسامة كبيرة واسعة علي شفتي حسام يغمغم مرحبا:
- عمي حبيبي وجد عيالي، دا ايه الطلة البهية دي
احتقن وجه عمر غضبا الوقح ابن ابيه هنا، مال برأسه علي إذن تالا يهمس لها حانقا:
- تعالي نشوف دكتور تاني بدل الواد دا.

حركت تالا رأسها نفيا تهمس بصوت خفيض مرهق:
- يا عمر أنا تعبانة مش قادرة حقيقي.

زفر حانقا يحرك رأسه إيجابا التفت خلفه ليجد سارة تدخل إلي الغرفة تغلق الباب خلفه، نظر ناحية حسام سريعا ليجد عينيه علي وشك أن تخرج قلوب حمراء، حمحم عمر حانقا يتجه بزوجته جلست تالا علي المقعد المجاور لمكتب حسام وقف عمر مواجها لها لأن الكرسي الآخر مكسور، ذلك الطبيب المهمل لم يكلف خاطره ويصلح الكرسي المكسور، تحركت سارة بقلب يسمع صدي نبضاته في المكان ناحية والديها تحاول بشتئ الطرق أن تبعد عينيها عن ذلك الوسيم الذي يجلس هناك، لا مقاعد أخري لها وقفت جوار والدتها لتسمع صوته يحادث والدتها:.

- قوليلي بقي يا مدام تالا حضرتك بتشتكي من ايه
قطبت تالا جبينها متعجبة حين رأته يقوم من مكانه حمل مقعده الكبير يضع جوارها نظر لسارة للحظات يبتسم في ولة في ولة:
- اقعدي.

ليعاود النظر لتالا ينظر لها باهتمام بمعني اكملي أنا أستمع، بدأت تالا تقص عليه ما تشعر به من آلام هو يقف خلف مكتبه يحاول اختلاس النظرات بين حين وآخر لتلك التي تجلس تكاد تنصهر خجلا، عاد ينظر لتالا ما أن انهت ما تقول ليشير لها لفراش الكشف يغمغم مبتسما:
- طب اتفضلي حضرتك نعمل سونار نطمن علي الجنين
استندت تالا علي يد سارة تساعدها للتوجه إلي الفراش تحرك حسام يتجه ناحيتهم ليجد عمر يقف أمامه يحادثه حانقا:.

- أنت رايح فين يالا
ابتسم حسام في استفزاز يكتف ذراعيه أمام صدره يغمغم:
- رايح اعمل سونار
لكزه عمر في صدره بحدة يردف في غيظ:
- ما هي قالتلك ايه اللي تاعبها لزمتها ايه السونار، يا دكتور علي ما تفرج إنت
لم تتغير ابتسامة حسام الاستفزازية السخيفة فقط مال برأسه علي إذن عمر يهمس له مستمتعا:.

- ما تقلقش لما بيجي راجل غيران علي مراته بقوله ما تقلقش زي اختي، أمي، إنما مرات حضرتك أنا هعتبرها زي حماتي بالظبط، وبالعدين أنا البيبي دا يهمني جدا، دا هيبقي خال العيال
اشتعلت أنفاس عمر غضبا كم ود لو يمسك في عنق ذلك المستفز شبيه أبيه يخنقه حتي الموت، بينما توسعت ابتسامة حسام تحرك ناحية فراش الكشف، يوجه عينيه للشاشة أمامه يحرك رأسه إيجابا يهمهم في هدوء:.

- لاء تمام، تمام ما فيش اي مشاكل، هي عامة الأعراض دي طبيعية جدا بس ممكن عشان حضرتك ما حملتيش من مدة طويلة فحاسة الموضوع جديد عليكي
حركت تالا رأسها إيجابا بوهن تغمغم بخفوت:
- ايوة فعلا عندك حق ما حملتش من بعد سارة وسارين
وجدها حسام فرصة ذهبية ليلتفت برأسه ناحية سارة يبتسم في وله مراهق يغمغم لها:
- ينفع كدة يا سارة ماما تخضنا عليها وهي زي الفل.

خرجت ضحكة خافتة من بين شفتي سارة تشيح بوجهها بعيدا في خجل ليقبض عمر علي وجه حسام يدير وجهه بعنف ناحيته هو يصيح فيه:
- أنت مالك ومال سارة خليك في اللي بتعمله
حمحم حسام في حرج يعدل من وضع تلابيب ملابسه يغمغم مبتسما:
- عامة احنا محتاجين نعمل صورة دم كاملة، أنا ممكن اخليك تلف علي المعامل، بس أنا هاخد بنفسي العينة وابعتهى للمعمل
التفت برأسه مرة أخري ناحية سارة يغمغم مبتسما:
- شوفتي أنا حنين ازاي.

جذب عمر رأسه بعنف مرة أخري بعيدا عن ابنته، اعتدلت تالا في جلستها بينما قام حسام ناحية صيدلية غرفته الصغيرة يخرج ( سرنجة فارغة )، اقترب من تالا لتنكمش قسمات وجهها خوفا تختبئ بين أحضان زوجها:
- لا انا بخاف من الحقن
رفع حسام حاجبيه ساخرا ينظر للمشهد المبتذل أمامه، ليلتفت برأسه ناحية سارة من جديد يسألها بنفس النبرة الحالمة:
- انتي بتخافي من الحقن يا سارة.

عند ذلك الحد ترك عمر زوجته ليندفع ناحية حسام قبض علي تلابيب ملابسه يصيح فيه:
- لا بقئ ما أنا مش قرني قدامك اتلم يا ابن خالد بدل ما اطلعك في صفحة الحوادث، عم يقتل ابن أخيه ويمثل بجثته
ابتسم حسام في براءة يلتفت برأسه ناحية سارة يغمغم بحالمية:
- طب ما تيجي نغير عنوان الخبر، ويبقي عم يزوج ابنته لابن أخيه الطيب الغلبان وأنا أكشف عليكوا بالمجان، **** عليا في الشعر!

لما عادت، لما رآها من الأساس لما عاد ذلك الشعور البشع ينخر بقلبه، رؤيتها تقتله عشقا تحييه عذابا، لكم الجوال امامه بعنف لكمة اخيرة ليقف مكانه يلهث بعنف يحرك رأسه نفيا لا وألف لا لن يعود لتلك الدوامة المفرغة من الألم من جديد يكفي ما فعلته به، توجه سريعا إلي هاتفه يبحث عن رقمها لحظات فقط واجابت ليبادر هو يغمغم سريعا قبل أن يغير رأيه:.

- ايوة يا انجليكا، أنا عازمك علي الغدا النهاردة في بيت خالي، هعدي عليكي، سلام.

الفصل المئة

عشقهما معا حقق المعجزات، سطرت معه اولي صفحات عشق الصياد لمعجزته!

كانت نائمة بين طيات غيمة وردية تلحق بها في اقاصي السحاب، حين شعرت بلساعات من أشعة الشمس تحرق وجهها، قطبت ما بين حاجبيها تحاول الابتعاد بوجهها عن تلك الحرارة تأفتت حانقة تفتح مقلتيها بصعوبة لتبصر شرفة غرفته مفتوحة علي مصراعيها ومن أشعة الشمس الحارقة يبدو أن الوقت قد تعدي الظهيرة، تمطت بذراعيها تشعر بالخمول كم ترغب في العودة للنوم من جديد، لحظات فقط وبدأت تتدفق ذكريات عدة الي رأسها عثمان السباق الجائزة كلمات عشقه التي نطقها بلا خجل بين جموع الناس في السباق، السيارة، عثمان يحملها، الباب يصفع، ومن ثم.

اجفلت فجاءة علي حركة جوارها لتجد عثمان يدخل إلي الغرفة يحمل صينية طعام متوسطة الحجم يحمل عليها أصناف عدة تفوح رائحتها الشهية في الغرفة بأكملها تجعل معدتها تموء جوعا، نظرت لساقيه وهو يتحرك بسهولة لترتسم علي شفتيها تلقائيا إبتسامة صغيرة عاشقة، كم كانت الفترة السابقة صعبة بكل ما تعنيه الكلمة من معني، إلي أن بدأ يتحرك الخطي الثقيلة صارت اخف، إن استغني عن العكاز وباتت هي عكازه وها هو الآن يكمل طريق نجاحه للنهاية، يتحرك متوجها إليها، رمشت بعينيها عدة مرات حين اقترب منها يمسك بوردة بيضاء صغيرة امسكها بين يديه يضعها برفق بين خصلات شعرها يتمتم مبتسما في عشق خالص:.

- صباح الفل يا مدام عثمان الصياد
ابتسمت خجلة تشيح بعينيها بعيدا عنه نظرت لاصناف الطعام الموضوعة علي الصينية تقطب جبينها في عجب، رفعت رأسها تنظر له تسأله بخفوت:
- أنت اللي عملت الاكل دا؟
ضحك بخفة يحرك رأسه نفيا مد يده يقرص مقدمة أنفها برفق يغمغم عابثا:.

- لاء طبعا أنا ما بعرفش اعمل كوباية شاي، طلبته جاهز، قولت لازم لما سارين تصحي تلاقي فطارها جاهز، عشان تاكل وتقوم تاخد شاور وتجهز عشان هنسفر الجونة بعد ساعتين
توسعت عينيها في دهشة من كم الكلمات التي ألقاها فئ دهشة، من سيسافر وإلي أين ولماذااا، فغرت فاهها تسأله مدهوشة:
- حيلك حيلك مين اللي هيسافر الجونة وساعتين ايه، أنا مش فاهمة حاجة.

تنهد عثمان يآسا لما يجب أن تري النساء كل شئ بذلك القدر من التعقيد والدته تفعل نفس الشئ لما لا يتصرفون فقط بسلاسة، وما الغريب فيما قال، ابتسم يلتقط قطعة بسكويت صغيرة من فوق الصينية يدسها داخل فمها برفق يغمغم ضاحكا:
- هنسافر الجونة شهر عسل، دراستك هتبدأ بعد اسبوعين، فاحنا نلحق نخطف الأسبوعين دول بدل شهر العسل اللي ما عرفناش نسافره، يلا بقي افطري، أنا حضرت الشنط بتاعتنا وحجزت الاوتيل.

ابتسمت في سعادة تدق قلبها بعنف لا تصدق أن ما يحدث، يحدث فعلا ادمعت عينيها فرحا تهمس بنبرة مختنقة باكية:
- مش عارفة اقول إيه يا عثمان، بس بجد أنا مبسوطة أوي، اللي بتعمله دا كتير أوي
أبعد الصينية الفاصلة بينهما ليقترب منها احتضن وجهها بين كفيه يمسح دموعها الساقطة بإبهاميه ابتسم يهمس بنبرة حانية شغوفة:.

- كتير، لا سارين، اللي عملتيه عشاني، ما يعوضهوش دلع الدنيا كلها ليكي، أنا هعيش اللي جاي من حياتي عشان بس اعوضك عن كل لحظة وقفتي فيها جنب عثمان العاجز، أنا بحبك يا سارين، بحبك أوي
كلماته لم تزد دموعها سوي انهمارا، ضمها يعانقها بين ذراعيه لتطوق عنقه بذراعيها تبكي فرحا تشدد علي عناقه زوجها وحبيب القلب الذي لم يعرف نابضها البرئ سواه، خرجت من بين شفتيها ضحكة خجولة حين سمعته يغمغم عابثا:.

- أنا رأيي أنك تقومي تجهزي، قبل ما اعمل حاجات هموت واعملها.

دفعته بعيدا عنها تصدمه في كتفه بخجل تحركت ناحية المرحاض توصد الباب خلفها، توسعت عينيها في دهشة حين رأت المرحاض معد سلفا المغطس ملي بالماء الدافئ يغطي سطحه فقاقيع الصابون مناشف نظيفة، حتي ملابس السفر معلقة خلف علي حامل بعيدا عن المغطس حتي لا تبتل، ابتسمت في عشق كم تعشق ذلك الرجل، اغتسلت وبدلت ثيابها بأخري نظيفة، خرجت من المرحاض تبحث عنه بعينيها لا أثر له، الفراش نظيف مرتب يبدو أنه قد رتبه للتو، توجهت ناحية مرآة الزينة تجفف خصلات شعرها بمجفف الشعر الكهربائي، دقائق إلي أن انتهت ابتسمت تعقد خصلات شعرها علي شكل جديلة متوسطة الطول، وقفت تنظر لانعاكسها مبتسمة، شردت في حياتها السابقة وفيما هو قادم لتشهق فجاءة حين ظهر خلفها في سطح المرآة شهفت بخفة تغمغم:.

- خضتني يا عثمان
ضحك هو بخفة يسقط برأسه برفق علي كتفه ابتسم يغمغم:
- ما انتي اللي كنتي في دنيا غير الدنيا، مين اللي واخد عقلك اكيد أنا صح
ابتسمت تحرك رأسها بالإيجاب نظرت لانعاكسهما معا في المرآة للحظات طويلة قبل أن تختفي ابتسامتها سلطت مقلتيها علي عينيه تسأله دون أن تلتف له:
- عثمان هو إنت فعلا بتحبني بجد!

قطب ما بين حاجبيه مستنكرا ما تقول بما تهذي تلك الحمقاء، نظر لها متعجبا لتبلع هي لعابها تغمغم بصوت خفيض متردد:
- يعني أنت هتفضل تحبني عشاني أنا، عشان بتحب سارين، ولا عشان سارين هي اللي وقفت جنبك ومع الوقت هتمل من حب الامتنان دا.

زفر أنفاسه حانقا صدق حين قال إن النساء تعقد جميع الأمور ها هي حبيبته الحمقاء تفسد لحظاتهم السعيدة بأوهام غريبة لا توجد سوي في عقلها فقط، امسك بذراعيها من الخلف يلف جسدها إلي أن باتت مواجهة له، بسط يده أسفل ذقنها يرفع وجهها له نظر لمقلتيها حرك رأسه نفيا بخفة يهمس لها بهدوء:.

- شيلي اي فكرة وحشة من دماغك عثمان بتاع زمان مش هو عثمان اللي واقف قدامك دلوقتي، عثمان القديم كان شخص تافة بيجري ورا دماغه حياته كلها غلط في غلط، إنما دلوقتي لاء، أنا اتغيرت يا سارين، بمجرد ما نرجع من شهر العسل هنزل شركة السويسي وهتسلم شغلي فيها مهندس برمجة، ومشروع التخرج بتاعي أنا خلاص قربت اخلصه، سارين أنا ببدأ معاكي أول خطوة ليا في كل حاجة حلوة، بكرة الأيام تثبتلك أن أنا فعلا بحبك أوي يا سارين.

اندفعت تعانقه بعنف تغرز رأسها في صدره تطوق ظهره بذراعيها انهمرت دموعها بين أحضانه تهمس بصوت خفيض باكي:
- وأنا كمان بحبك، بحبك اوي يا عثمان.

في منزل خالد السويسي، تحديدا في غرفته هو، فتح عينيه يتمطي بذراعيه، انتصف جالسا يعبث في خصلات شعره قطب ما بين حاجبيه يحاول أن يتذكر كيف انتهي به الوضع نائما آخر ما يتذكره أنه كان يعمل علي جهاز « اللاب توب» الخاص به وجاءت لينا جلست جواره علي الفراش، ليترك هو الجهاز بعيدا قليلا ويسقط برأسه علي قدميها لتضحك هي بخفة مدت يدها تعبث في خصلات شعره وبعدها لا يتذكر شيئا سوي أنه شعر بثقل في جفنيه مع حركة يديها الحنون، تحرك ينزل ساقيه عن الفراش ليسمع صوت المياة تتدفق داخل المرحاض، ابتسم في خبث لينا في المرحاض في الاغلب تستحم، لينا عاشقة النظافة تستحم ما يزيد عن عشر مرات يوميا، تحرك بهدوء حافي ناحية باب المرحاض وقف خلفه حتي إذا فتحته يختفي هو خلفه ولا يظهر لحظات وسمع صوت المياة تتوقف لتتوسع ابتسامته الخبيثة، سمع الصوت يُفتح ليصبح هو خلفه سمعها تغمغم متعجبة:.

- ايه دا هو راح فين، دا أنا سيباه من عشر دقايق نايم، معقول يكون راح عند لينا ممكن
خرج هو من خلف الباب المغلق في هذه اللحظة يطوق خصرها من الخلف يحملها عن الأرض صرخت من المفاجأة بينما ضحك هو بخشونة قرب فمه من اذنيها يهمس لها بصوت خفيض ضاحك:
- مش معقول يا لينا بتستحمي كل عشر دقايق أنا بحس جنبك اني معفن
ضحكت بخفة لتصدمه علي كف يده الممسكة بخفة تغمغم في ضيق:.

- اوعي يا خالد ما تهزرش، وبطل حركاتك دي بقي، هتجبلي القلب
ضحك عاليا بخشونة ليحملها بين ذراعيه يتوجه بها إلي مرآة الزينة، انزلها أرضا لتهز رأسها يآسة من أفعاله الصيبانية التي لا تتغير، مدت يدها تلتقط فرشاة شعرها ليدني برأسه يقربها من رأسها ابتسم يغمغم ببراءة *** صغير:
- سرحيلي شعري.

ضحكت بخفة تحرك رأسها بالإيجاب التفتت له ترفع يدها بالفراشه تحاول تمشيط خصلات شعره بينما هو ينظر لها يبتسم في وله عاشق مراهق يري معشوقته سرا، رفعت حدقتيها تنظر لعينيه حين شعرت به يطيل النظر لتهمس له بصوت خفيض مبتسم:
- بتبصلي كدة ليه
حرك رأسه نفيا بخفة أخذ الفراشة من يدها يلقيها بعيدا علي سطح الطاولة يغمغم لها بصوت ببحته الخاصة في تلك اللحظات:.

- مش عارف هعشقك أكتر من كدة إيه، عارفة مجرد ما بصحي من النوم ابص جنبي والاقيكي نايمة دي السعادة في حد ذاتها، لينا أنا عارف أنك سمعتي منك كتير بحبك بعشقك، بس صدقيني لو في كلمات تانية وجودها توصف الحب، كان هتبقي موجودة عشان توصف عشقي ليكِ...
أحبك يا من تربي فؤادي فقط علي عشقك
أحبك يا من ازهرتي صحراء قلبي بربيع عشقك.

أحبك يا من اخرجتي فؤادي من حجيم فراقك إلي جنة عشقك، أحبك قبل أن تُخلق أنفاسي وحتي تتوقف نبضاتي، فأنا قد حييت حين سقط فؤادي صريع عشقك.

ادمعت مقلتيها وكالعادة عجز لسانها عن النطق بحرف أمام طوفان عشقه الجارف، طوقها بذراعيه لتلحم جسدها بجسده تخبره كم تعشقه، لحظات طويلة وهي تتمسك به وكأن حياتها تنبض داخل صدره، لحظات كانت تعرف أنها لن تمر هكذا، سيختمها بطريقة أخري هي خير من يعرفه، وقد صدقت حين سمعته يغمغم جواار اذنيها بصوت خفيض عابث:
- ايوة يعني بعد العشق والشعر دا كله، ماوحشتكيش البسبوسة.

ضحكت يأسة كانت تعرف أنه لن يتغير، ابتعدت عنه قليلا تصدم صدره بكفها تضحك وتنساب دموعها السعيدة فئ ان واحد تزجره بدلال:
- يا ابني بقي، هو إنت لو كملت جملتين من غير قلة أدب، هيقولوا اللي ما قالش أدبه أهو
ضحك عاليا قبل أن يميل يحملها بين ذراعيه يلاعب حاجبيه عبثا، يغمغم لها في خبث:
- سوري دي ثوابت...

قاطع ضحكاتهم صوت رنين هاتفه ليقطب جبينه غاضبا يشتم المتصل في سره انزلها أرضا برفق ليتوجه ناحية الهاتف قطب جبينه قلقا ما أن رأي اسم المتصل فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه سريعا يستمع الي الطرف الآخر عدة لحظات قبل أن ترتسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يغمغم في هدوء:
- أنا جايلك مسافة السكة
أغلق الخط بنظر له يضيق حدقتيه بغيظ يتمتم حانقا:
- قريتي يا أختي، مش مسامحك، شعر راسي غضبان عليكي.

ظل يتمتم حانقا وهو يتوجه الي المرحاض ليغتسل ويبدل ثيابه بينما هي تضحك علي ضيقه، خالد هو خالد لن يتغير.

في الغرفة القريبة منهم، فتحت عينيها بهدوء تنظر لسقف الحجرة ترتسم على شفتيها شبح ابتسامة صغيرة، فارقتها الكوابيس منذ مدة، ليحل هو مكانها باتت تراه في جميع احلامها، تارة يرقصان، وتارة اخري في زفاف كبير لهما، وأحيانا تري مشاهد سعيدة من شهر عسلهما القصير، أغمضت عينيها متألمة حين ادركت هي أنها لا تعشق غيره، يبدو أنه توقف عن عشقها، إلي متي سيظلان في تلك الدوامة احدهما يركض خلف الآخر لما لا يلتقيان وينتهي الأمر، زيدان غاضب وربما توقف عن عشقها، ابتسامته باتت فاترة، كلماته مجاملة بلا اي حياة، من الاهون عليها أن يتوقف عن محادثتها من الأساس كانت وقتها ستتأكد أنه لازال يعشقها هو فقط غاضب ولكنه يتصرف بشكل طبيعي مؤلم لاعصابها، وكأن أمرها لم يعد يعينه، قامت من فراشها تنفض عنها الغطاء الخفيف، توجهت الي مرآه زينتها تنظر لنفسها في المرآة تبتسم في شحوب، لازالت جميلة ولكن تلك الشقراء تفوقها جمالا، هل انجذب زيدان للشقراء ونسيها، هي لا تملك ادني حق لتلومه بعدما حدث ولكنها تتألم بشدة، قلبها ينخر من الألم عقلها يصرخ فيها وقلبها لا يتوقف عن البكاء، تحركت إلي المرحاض تغتسل بدلت ثيابها بأخري، خرجت من غرفتها لتجد والدها يخرج هو الآخر من غرفته ابتسم ما أن رآها ليقترب منها يطوق كتفيها بذراعيه مال يقبل جبينها يسأله بحنو:.

- عاملة ايه دلوقتي يا حبيبتي
ابتسمت في شحوب تحرك رأسها بالإيجاب ليربط علي وجهها برفق يغمغم بترفق:
- طب أنا عندي مشوار سريع وهجيلكوا علي الغدا، عايزة حاجة وأنا جاي
حركت رأسها نفيا تبتسم، ليودعها خالد ويرحل، توجهت هي تنزل لأسفل، حيث غرفة المعيشة تشاهد التلفاز وقعت عينيها علي ذلك المقعد البعيد تتذكر ذكري بعيدة قريبة في الوقت ذاته حين كان يهمس لها عاشقا.

« - وحشتيني يا حبة البندق، صورتك ما بتغبش عن عيني طول الوقت بس الصورة
ما تغنيش عن جمال الأصل يا بندقتي
كلماته عاشقة محبة لطيفة ولكنها تنزل كالحمحم علي قلبها تجعله يزداد
سخطا عليه وخوفا منه تكرهه تمقته تخافه وهو مستمر بالالتصاق بها كالعلكة صعب التخلص منه، ترقرقت دمعتين في عينيها تنظر له بمقت شديد:
بكرهك.

مد يده ممسكا بخصلة ناعمة من شعرها الطويل الناعم كشلالات من الشكولاتة الذائبة، ابتسم بثقة يحرك رأسه إيجابا:
عارف انك بتكرهيني بس وعد مني اني هخليكي مش تحبيني لاء، تعشقيني، تعشقي كلامي صوتي لمستي، وعد من زيدان الحديدي وأنا عمري ما اكسر وعدي يا بنت خالي ».

وقد صدق في وعده كم تشتاق في تلك اللحظة لتسمع صوته يمطرها بكلمات عشقه اللامتناهي، كم تطوق لاحتضانه، لتخبره أنه كان الأمان وهي فقط لم تكن تري، أغمضت عينيها تشعر بسائل ساخن يجري علي وجنتيها، كيف خسرت عشقه بتلك الطريقة، فتحت مقلتيها سريعا حين شعرت بلمسة يد حنونة تمسح كم تمنت أن يكون هو، ولكنه لم يكن رسمت ابتسامة زائفة علي شفتيه حين رأت جاسر أمامها ينظر لها قلقا يسألها:.

- مالك يا لينا بتعيطي ليه يا حبيبتي
حركت رأسها نفيا تحاول إيجاد عذر تبرر به بكائها له ولكنه لم يقتنع فقط ضحك يغمغم يآسا:
- كدابة كدب الإبل، ما تحاوليش، أنا عارف أنتي بتعيطي ليه بس صدقيني كل حاجة هتتصلح...
رفع عدة حقائب من الأرض جواره يفتحهم أمام وجهها يغمغم ضاحكا:
- تعالي بقي اوريكي أنا جايبلك كمية حلويات معايا يكفوكي 3 قرون قدام.

ضحكت رغما عنها تنظر للحقائب الكثيرة أمامها قبل أن ترفع وجهها له تسأله سريعا:
- روحت لسهيلة
تنهد حزينا يحرك رأسه إيجابا عبث بأحدي الحقائي يتمتم شاردا:
- ايوة روحتلها، حاولت اشوفها، بس أبوها قالي أنها نايمة، هي مش عايزة تشوفني يا لينا وأنا مش عارف اعمل ايه عشان أراضيها..
شردت عيني لينا تنظر في الفراغ بحزم لن تسمح لصديقتها أن تتمادي في عنادها فتضيع عشقها كما فعلت هي قبلا.

علي صعيد آخر وقفت سيارة خالد بعد مدة أمام احدي المستشفيات نزل منها يتحرك لداخل المستشفى، حيث يعرف جيدا اين سيذهب، الي الطابق الثاني الغرفة 234، هناك حيث يوجد هدفه، توجه إلي الغرفة ليجد الطبيب يخرج منها اقترب خالد منه يسأله باهتمام:
- اخباره ايه
حرك الطبيب رأسه إيجابا يغمغم بلهجة عملية مطمئنة:.

- الحمد *** حالته بدأت تتحسن كتير عن الأول الرصاصة كانت قريبة جدا من القلب، ولولا أنه اتلحق كان مات، تقدر تشوفه بس ما تطولش
ابتسم خالد في هدوء تحرك ناحية الغرفة يدق بابها، حرك المقبض ودخل ليجد شاب في منتصف العشرينات تقريبا ينتصف جالسا علي الفراش يلف شاش أبيض كبير صدره بالكامل ابتسم يخلع نظارته الشمسية اقترب خالد من فراشه يتمتم مبتسما:
- حمد *** علي سلامتك يا معاذ!

ابتسم الفتي ابتسامة شاحبة مرهقة ينظر للواقف أمامه ممتنا، لولا انقاذه السريع له لكان مات بالفعل، ذلك المختل الذي اختطفه اطلق عليه الرصاص ولكن حمدا *** أن الرصاصة لم تقتله، عرف بعد أن آفاق أن خالد اشاع خبر موته حتي يبعده عن اي مؤامرات قادمة قد تقلته، جذب خالد مقعد يجلس جوار فراش معاذ ظل صامتا للحظات قبل أن يتنهد يغمغم مبتسما:.

- أنا مش عارف اقولك ايه و**** يا إبني، أهم حاجة دلوقتي أنك بخير، حظك معلش أنك وقعت مع عالم مجانين، قوم أنت بس بالسلامة وأنا هفضل جنبك، صدقني مش هسيبك
ابتسم معاذ ابتسامة شاحبة متعبة للغاية نظر لخالد يحادثه بصوت بالكاد يُسمع:
- أنت بتعمل معايا كدة ليه، المفروض تكون بتكرهني، هما خدعوا بنتك بشخصيتي أنا...
ابتسم خالد مد يده يربت علي يد معاذ ذلك الشاب المسكين، تنهد يحادثه مبتسما:.

- أنت مالكش ذنب في حاجة، ودي أقل حاجة اعوضك بيها عن سنين عمرك اللي سرقوها منك عشان ينتقموا مني، اتحسن إنت بس، ومالكش دعوة بأي حاجة تانية، أنا مضطر امشي، بس هجيلك تاني، عايز المرة الجاية الاقيك احسن من كدة
ابتسم معاذ له ممتما لتدمع عينيه يحرك رأسه إيجابا، قام خالد يودعه يتحرك عائدا لبيته، ما إن نزل إلي السيارة دق هاتفه برقم عمر أخيه ما أن فتح الخط اندفع أخيه يصرخ حانقا:.

- بقولك ايه يا خالد أنت تبعد ابنك عن بنتي بدل ما و**** هزعلهولك، أبنك ما شافش بجنية ونص تربية بيعاكسها قدامي، وعمال يتنحنح بشكل سخيف ولا عاملي اي اعتبار
زفر خالد حانقا يزمجر غاضبا يقاطع سيل صياح أخيه:
- بس يا حيوان، ودني في ايه، فهمني براحة ايه اللي حصل، وشوفت حسام فين اصلا.

صمت عمر حانقا يقص علي أخيه ما حدث كاملا، علت ابتسامة صغيرة شفتي خالد، ذلك الشاب يثبت كل يوم أنه ابن ابيه حقا، حمحم يتمتم بصوت جاد غاضب:
- لاء طبعا ما يرضينيش اللي عمله دا، أنا هتصرف معاه لما أروح، ما تقلقش
اغلق الخط مع أخيه لينفجر ضاحكا يردد داخل نفسه:
- هذا الشبل من ذاك الأسد.

وقفت السيارة بعد رحلة طويلة من أسيوط إلي القاهرة، أدهم يوجه تركيزه كاملا للطريق، بينما مراد عينيه لا تنزحان عن تلك الصغيرة النائمة بين احضانه، يحمل في يده زجاجة حليب صغيرة اعطتها له الممرضة بعد أن قامت باطعامها مرة، الصغيرة تنام في هدوء كملاك نزل إلي الأرض خطاءً، كيف يمكن أن تكن بذلك النقاء، هل كان يوما مثلها، هو حقا لا يتذكر، منذ أن بدأ يكبر وهو يشعر بالحقد والكرة علي الجميع، لن يدعها تشعر بما عاني هو، لن يبدد هالة النقاء التي تحيط بها ابدا، صغيرته طفلته، ابنته، رفع وجهه ينظر لأخيه بأعين دامعة يسأله متلجلجا:.

- تفتكر لما تكبر هتبقي زيي يا أدهم
تعجب أدهم حقا من نبرة مراد الباكية، يشعر بالشفقة تأكل قلبه عليه، حرك رأسه نفيا يحاول التخفيف عنه قليلا يهمس له مترفقا:
- هتبقي احسن منك ومني ومن الكل يا مراد..

ابتسم الأخير في سعادة كطفل صغير يحرك رأسه بالإيجاب اخيرا وقفت السيارة نزل ادهم ومن خلفه مراد يحمل الصغيرة بين ذراعيه بحرص شديد، وكأنه قطعة غالية من الألماس يخشي فقدها، نظر لدكان جدته ليجده مغلقا، قلق أدهم كثيرا من أن يكون أصاب جدته مكروها، وذلك نفس الشعور الذي تسرب لقلب مراد، تحرك الرجلين لأعلي يدق أدهم الباب سريعا، هو حتي لا يتذكر أين مفاتيحه في تلك اللحظة، لحظات ووجد جدته تفتح الباب ليندفع أدهم الي الداخل يعانقها بقوة يغمغم متلهفا:.

- انتي كويسة يا جدتي، المحل مقفول و
قاطعته منيرة تغمغم ضاحكة:
- ما تقلقش يا واد أنا بخير، بس قولت أريح النهاردة شوية..
أبعدها عنه يتنهد بارتياح، ليخطو مراد إلي داخل المنزل في تلك اللحظات يحمل الصغيرة النائمة بين ذراعيه نظرت له منيرة لتدمع عينيها شوقا، خاصة وهي تري حاله البائسة، قطبت جبينها تنظر للرضيعة التي يحملها مراد بين ذراعيه اقتربت منه تسأله سريعا بتلهف:.

- مراد كنت فين يا ابني حرام عليك حرقت قلبي عليك من الخوف ومين اللي انت شايله ولا شايلها علي دراعك دي
نظر مراد أدهم ليقترب الأخير منه يأخذ الطفلة من بين يديه برفق، اقترب مراد سريعا من منيرة يرتمي بين أحضانها يعانقها كطفل صغير خائف يجهش في بكاء احتبسه لأيام وأيام:
- أنا آسف يا ستي، آسف، كنت غبي مغيب، بجري ورا شيطاني، ما سمعتش كلامك، بس خلاص فوقت و**** فوقت، سامحيني.

انسابت دموع منيرة لتشدد علي احتضانه تغمغم له سريعا:
- أنا مسمحاك يا قلب ستك، أنا عارفة انهم السبب هما اللي عملوا فيك كدة، ما تعيطش يا مراد عشان خاطري يا إبني
ابعدته عنها تسمح وجهها بكفيها ليمسك كفي يدها يقبلهما، ادمعت عيني أدهم علي ما يحدث، قبل أن يصدح صوت بكاء الصغيرة من جديد، انتفض أدهم مفزوعا ينظر لتلك الباكية بين ذراعيه لا يعرف ما يفعل نظر لشقيقه يصيح مفزوعا:
- مراد، دي بتعيط، خدها، خدها اهي.

تحرك مراد يود أن يأخذ ابنته من بين ذراعي أخيه، ليشعر بيد منيرة تقبض علي كف يده التفت له لتسأله محتدة:
- ما تفهموني أنت وهو مين البنت دي
ابتسم مراد في شحوب معذب اقترب من أدهم يأخذ الصغيرة من بين يديه، اقترب بها من منيرة مد يده لها بها لترفع يديها سريعا تحمل الصغيرة الباكية، نظرت لها للحظات لتعاود النظر لمراد تسأله بعينيها عن هويتها ليبتسم الأخير في شحوب يتمتم:
- ياسمين حفيدتك، بنتي يا ستي.

توسعت عيني منيرة في دهشة تنظر للصغيرة بين يديها في ذهول، ابنه حفيدها من من، وكيف حدث ذلك ومتي؟!

في منزل خالد السويسي.

جلس جاسر مع لينا في غرفة الصالون، دقات الباب فتحت الخادمة كان حسام الذي توجه مباشرة إلي غرفته دون أن ينطق بحرف، دقات الباب مرة أخري، تلك المرة والدها الذي ابتسم لهم يحي جاسر وتوجه مباشرة إلي غرفته هو الآخر، ودقات الباب للمرة الأخيرة خلعت قلبها، حين رأته يدخل من الباب بمفرده، تقسم أن دقات قلبها تكاد تصل إليه من سرعتها، كم اشتاقت إليه وقد رأته فقط قبل ساعات، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها ما أن رأته، ابتسامة سرعان ما تلاشت حين لحقت به تلك الشقراء تمسك بكف يده تبتسم في سعادة وكأنها تملك العالم أجمع تفتت قلب وهي تري يدها تعانق كف يدها، تسارعت أنفاسها تنظر له نظرات مقتولة يائسة لها بنيران تكاد تحرقها، الشقراء تسعي لسرقته منها، تقدم بصحبتها للداخل، اقترب من جاسر يصافحه، ومن ثم توجه إليها مد يده لها يبتسم في هدوء قاسي يحطم القلب مد كف يده لها يغمغم مبتسما:.

- ازيك يا لينا، اتمني تكوني أفضل دلوقتي
مدت يدها تضعها في كفها تكاد تقسم انها شعرت بكهرباء تصعق جسدها ارتعش جسدها بعنف، لتسحب يدها من يده سريعا، بينما ابتسم هو في هدوء ما أن جذبت يدها من يده أسرعت تلك الشقراء تمسك كفه من جديد أخذها وخرج من الغرفة يجلسان في الغرفة الخارجية بينما لينا تراقب بأعين كالجمر اقتربت برأسها من جاسر.

- هطق يا جاسر همووووت أنت ما شوفتهاش بتتلزق فيه ازاي، دا مجرد ما ساب ايدي جريت مسكت ايده
شدت علي أسنانها تهمس بها بغيظ شديد، ليبتسم جاسر في إعجاب اطلق صفيرا عاليا يغمغم بولة:
- بس بصراحة البت صاروخ اوربي علي ابوه، يا بختك يا زوز
احتقنت عيني لينا غيظا لتمد يدها تقرص ذراع جاسر بعنف تأوه الأخير متألما نظر لها حانقا يمسد بكفه ذراعه يتمتم حانقا:
- ايه يا لينا الغباء دا...

قبضت لينا علي تلابيب ملابس شقيقها تجذبه ناحيتها قليلا تهمس في غيظ:
- جاسر نتشقلب كدا وتبعد اللزقة الامريكاني دي عن زيدان قبل ما اقتلها
ارتسمت ابتسامة متشفية علي شفتي زيدان يلاعب لها حاجبيه يتمتم ساخرا:
- جرب نار الغيرة، صحيح ما يكدش المزة الا مزة امز منها
اشتعلت النيران في عيني لينا تنظر لأخيها نظرات قاتلة ليحمحم متوترا ابتعد عنها يعدل من تلابيب ملابسه ابتسم يغمغم في ثقة:.

- اتفرجي وشوفي چينيس العيلة هيعمل ايه
راقبت بأعين فضولية متمنية أن يحرقها جاسر حية، ابتعد جاسر عن الغرفة يتوجه إليهم، في نفس اللحظات التي صدح فيها صوت عراك حاد يأتي من الأعلي، تناهي الي الجميع صوت خالد الغاضب، يناطحه صوت حسام
- أنا هتجوز سارة يعني هتجوزها يا خالد يا سويسي
- دا بعدك يا ابن خالد إن كنت أنت دماغك ناشفة فأنت واخد صخرة من جبل، فاهم يا ابن خالد.

- لا مش فاهم، كل واحد فيكوا بيعمل اللي هو عايزه وعلي مزاجه، اشمعني أنا
- اللي اقوله هيتنفذ يا حسام مالكش دعوة بسارة خالص مفهوم
- لاء مش مفهوم، وهتجوزها غصب عنكوا
- أنت قليل الأدب، بعدها صدحت صوت صفعة قوية ساد بعدها صمت تام، لحظات وسمعوا صوت خطوات تنزل مهرولة علي سلم البيت ليجدوا حسام ينزل سريعا من أعلي بخطي سريعة غاضبة عينيه حمراء كالجمر...

تحرك ناحية باب المنزل كاد يفتحه ليخرج ليصدح صوت خالد من أعلي السلم يصيح فيه:
- حسام قسما ب**** لو رجلك عدت الباب دا لهكسرهالك
اشتعلت عيني حسام غضبا، التفت ينظر لخالد نظرات سوداء حانقة، لينزل خالد من اعلي بهدوء تام تحرك خالد ناحية غرفة مكتبه نظر لحسام يتمتم في هدوء قاتل:
- ورايا يا بيه!

توضيح من الكاتبة: معلش يا جماعة أنا بس سامحوني أنا حقيقي متوترة، يعني اول كتاب ورقي ليا وحقيقي الموضوع موتر اوي. وماثر علي نفسيتي، فكرة يا تري هيبقي حلو مش حلو، هيقدم جديد في سلبيات عرفت اقدم الفكرة صح، يا تري فئ حد ندم أنه اشتراه، بجد الموضوع موتر اووووي.

الفصل مئة وواحد

صمت تام يطغي علي المكان بعد ما حدث الجميع ينظر في صمت، مشادة حادة بين حسام ووالده قامت في لحظات، هل حقا ضرب خالد حسام، توجهت أعين الجميع ناحية السلم حين شعروا بحركة تخطو متوجهة نحوههم، نزلت لينا زوجة خالد من أعلي لتسرع ابنتها إليها تسألها قلقة:
- في إيه يا ماما، ايه الزعيق دا، هو بابا ضرب حسام فعلا.

تنهدت لينا يأسة من أفعال زوجها، نظرت ناحية باب غرفة المكتب المغلقة لتشرد عينيها فيما حدث قبل دقائق فقط.

Flash back.

كانت تجلس جوار الشرفة في غرفتهم مكانها المفضل، تفضل الجلوس هناك، مع كوب قهوة بالحليب، وكتاب أدب إنجليزي بلغته الأصلية، نسمات الهواء المختلطة برائحة الأشجار تلتف حولها، حالة خاصة من الانسجام، أبصرت عينيها وهي جالسة دخول سيارة حسام، لتبتسم ما أن رأته، تنظر له حزينة، من المفترض كما تروي الحكايات أن زوجة الأب الشريرة تكره ابن زوجها ولكنها حقا تشعر بصلة غريبة تربطها بذلك الشاب، وكأنه من دمها هي، من الممكن لأنه شديد الشبه بأبيه، او هي وصية شهد التي رمتها فوق عاتقها أن تصبح هي مسؤولة عنه، رأته يتوجه للداخل، ولحظات أخري ووقفت سيارة خالد عندئذ ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتيها حين رأته يهبط من سيارته مازال قلبها يدق بعنف في كل مرة تراه فيها وكأن سنوات العمر لم تتحرك لحظة، شعر بها هو دائما ما يفعل رفع رأسه لها يغمزها بطرف عينيه لتتورد وجنتيها خجلا، ذلك الرجل كم تحبه تعدت حدود الجنون في عشقه الخالد، لحظات فقط وسمعت صوت مقبض الباب يُفتح بالطبع هو من غيره يقتحم الغرفة وكأنها أحدي عمليات الضبط، ابتسمت تلتفت برأسها له، لتراه يخلع سترة حلته نظر لها يردف محتدا:.

- حسام باشا عاملنا مشاكل مع عمر عشان سارة، أما نشوف البيه اللي عايش مراهقة متأخرة دا
قالها ليجذب رابطة عنقه يزيح أكمام قميصه للخلف، عقدت هي جبينها قلقة من ردة فعله...
تحرك خالد ناحية غرفة حسام يفتح بابها فجاءة دون سابق إنذار، دخل إلي الغرفة لتشخص عيني حسام في ذهول ضم ضفتي قميصه الذي كان علي وشك خلعه ينظر لوالده في ذهول يتمتم:.

- ايه يا بابا في اي، خضتني، وبعدين خبط قبل ما تدخل، افرض قالع ولا بغير هدومي
ضحك خالد ساخرا يرفع حاجبه الأيسر ينظر. لحسام نظرات متهكمة ساخرة:
- ايه يا حبيبي أنت بنت هتتكسف، أوضة اختك الوحيدة اللي أنا بخبط عليها باقي الأوض بفتح واخش عادي اتعود علي كدة بقي
زفر حسام حانقا ينظر لوالده في غيظ عقد ساعديه أمام صدره ابتسم في اصفرار يردف:
- حضرتك عايز مني حاجة، ولا ادخل أغير هدومي في الحمام.

- عمك عمر حكالي علي اللي بيه عمله النهاردة يا دكتور يا محترم...
أردف بها خالد محتدا ينظر لحسام نظرات حادة غاضبة، ليبتسم الأخير بلامبلاة يتمتم في هدوء تام:
- عملت ايه يعني هو اللي مش راضي يجوزني بنته، وبعدين أنا كنت بهزر
اقترب خالد من حسام خطوتين إلي أن صار أمامه مباشرة ارتفع جانب فمه بابتسامة ساخرة يتمتم متهكما:.

- بنته اللي أصغر منك ب12 سنة علي الأقل عيلت اوي منك يا حسام، عيب عليك يا دكتور دا أنت لو كنت اتجوزت بدري كنت خلفت قدها
اشتعلت عيني حسام بلهيب نيران كلمات والده الساخرة، تهدجت أنفاسه بعنف مخيف ينظر لوالده وشزرات نار تأكل قلبه ليصدح صوته عاليا:
- أنا هتجوز سارة يعني هتجوزها يا خالد يا سويسي.

اخفي خالد ابتسامة بسهولة هو يريد أن يعرف لأي مدي سيحارب ابنه للوصول الي ما من أحب رسم الغضب ببراعة علي قسمات وجهه ليدفعه في صدره بعنف يزمجر غاضبا :
- دا بعدك يا ابن خالد إن كنت أنت دماغك ناشفة فأنت واخد صخرة من جبل، فاهم يا ابن خالد
حرك حسام رأسه نفيا هو يعاني منذ زمن من مشاكل مع الغضب، تتلبسه حالات حادة تجعله لا يسيطر علي انفعالاته لم يشعر بنفسه سوي وهو يتحرك باضطراب يصرخ بقوة:.

- لا مش فاهم، كل واحد فيكوا بيعمل اللي هو عايزه وعلي مزاجه، اشمعني أنا
عقد خالد ما بين حاجبيه قلقا غاضبا في الآن، قلقا من تلك الحركات المضطربة التي يتحرك بها حسام، غاضبا من صوته وحدته في الكلام، تنهد يصيح بصوت مرتفع غاضب:
- اللي اقوله هيتنفذ يا حسام مالكش دعوة بسارة خالص مفهوم
وقف حسام للحظات ينظر للواقف أمامه ليرتعش جسده بعنف اضطربت حدقتيه يصيح محتدا وكأن شيطانا تلبسه:.

- لاء مش مفهوم، وهتجوزها غصب عنكوا
قلق خالد من ارتجافه حسام العنيفة، رفع يده يصفعه علي وجهه بعنف عله يهدئ قليلا، نطق تلك الجملة تبريرا لما فعله
- أنت قليل الأدب...
توقف حسام عن الارتجاف ينظر لوالده نظرات حادة غاضبة ليندفع لخارج الغرفة يهبط لأسفل سريعا، تحرك خالد خلفه ليجد لينا تقف هناك تنظر لحسام حزينة وهو يغادر التفتت برأسها لخالد تطالعه بنظرات عتاب للحظات تقدمت ناحيته تحادثه محتدة:.

- في إيه يا خالد، ليه الزعيق دا كله، ما اعتقدش إن هو اجرم يعني عشان بيقولك أنه بيحب بنت عمه وعايز يتجوزها، اتفضل لو سمحت الحقه
تنهد خالد قلقا يحرك رأسه إيجابا سريعا تحرك يلحق بولده
Back.

اجفلت لينا من شرودها، تنظر ناحية باب غرفة المكتب المغلقة، تود لو تعرف ما يحدث بالداخل
وما كان يحدث هو، دخل خالدة إلي الغرفة، يجلس علي المقعد المجاور لمكتبه انتظر للحظات، قبل أن يدخل حسام إلي الغرفة ينظر بعيدا عنه حانقا، اشار خالد للمقعد المقابل له يتمتم حانقا:
- اقفل الباب واترزع.

زفر حسام في غيظ أغلق باب الغرفة ليتوجه للمقعد المقابل لأبيه تهاوي إليه ينظر بعيدا يشعر بالغضب، تلك ليست المرة الأولي التي يصفعه والده وهو ليس بطفل ليحدث ذلك، قبض خالد علي فك حسام يدير وجهه إليه قطب ما بين حاجبيه يسأله مترقبا:
- أنت فيك إيه، جسمك كان بيترعش، أنا قولت هتدخل في حالة صرع، عشان كدة ضربتك بالقلم، مالك إنت كويس
تنهد حسام يحرك رأسه إيجابا يتمتم بخواء ساخر:.

- ما تقلقش دي مشكلة قديمة، أنا شخص عصبي طالعلك، ومختار والدي اللي رباني **** يرحمه كان شخص مسالم وهادي جداا، كان ممنوع أن أنا اتعصب حتي لو الموضوع بشع، فبقيت دايما يحاول اخبي عصبيتي وغضبي تجاه اي موقف وحش يحصل لحد ما بقتش اقدر اسيطر علي الحالة دي...
اضطربت حدقتي خالد في قلق، قلبه ينبض خائفا ليتمتم سريعا فزعا:
- من بكرة هنروح لدكتور مخ واعصاب ودكتور نفسي...

ابتسم حسام في خواء دون أن يجيب، يتحرك بعينيه بعيدا عن والده، ابتسم الأخير يحادثه مترفقا:
- أنت بتحبها أوي كدة
ايمائه واحدة فقط صدرت من رأس حسام بالإيجاب دون أن ينظر ناحية أبيه، ظل خالد صامتا للحظات، ينظر لحسام يبتسم في هدوء ليزفر الأخير حانقا التفت برأسه ناحية أبيه يتمتم منفعلا:.

- ايوة بحبها، مش ذنبي أنها أصغر مني بالشكل دا، مش ذنبي أن قلبي ما حبش غيرها، مش ذنبي بردوا اني مش شايف غيرها تنفع تكون مراتي، أنا بحبها صدقني، أنا...

أنا موافق، نطقها خالد في هدوء تام تصاحبه ابتسامة صغيرة، لتتوسع عيني حسام في ذهول افقده النطق للحظات طووووويلة ينظر لوالده مدهوشا، حرك رأسه إيجابا ينظر لوالده يسأله بعينيه إن كان حقا ما سمعه صائب ليضحك خالد بخفة يومأ برأسه إيجابا، صاح حسام فرحا ليندفع ناحية والده يعانقه بقوة يصيح متلعثما من فرحته:
- بجد، بجد موافق، يااااه اخيرا، الحمد *** ****، اخيرا هنتجوز يا سوسو، بت يا سعدية يا سوسو.

ضحك خالد عاليا ضحكات سمع صداها للواقفين خارجا ينظرون ناحية باب الغرفة يترقبون بحذر ما يحدث، رفع خالد كفيه يبعد حسام عنه يتمتم ساخرا:
- اوعي ياض، كاتك الهم عيل عبيط، أنت خدت موافقتي فاضل موافقة عمك عمر، لو أنت ابن ابوك صح، خليه يوافق.

قالها خالد يبتسم لحسام في خبث، ليربت علي كتف حسام بحزم، تركه وغادر المكتب ليقف حسام ينظر في أثر أبيه للحظات شاردا قبل أن تتوسع ابتسامته الخبيثة سيستمع كثيرا هو وعمه الحبيب.

دقائق وكان الحشد يجتمع حول طاولة الطعام، لينا تجلس في المنتصف بين جاسر وحسام، زيدان يجلس علي الجانب الآخر في المنتصف بين لينا والدته وانجليكا، وخالد بالطبع علي رأس الطاولة، اختسلت لينا النظرات ناحية زيدان قلبها يطرق بعنف، تشعر بألم بشع، خاصة حين رأت تلك الشقراء المدللة تشد ذراع قميصه وهو يأكل ليميل برأسه ناحيتها شدت يدها علي السكين الصغيرة التي تمسكها، كم تود غرزها في رقبة الشقراء، ارهفت السمع تحاول أن تستمع إلي ما تهمس به تلك الشقراء له، لتراه تشير إلي أحد أطباق الطعام تهمس له بنعومة بالطبع تتصنعها الشقراء الماكرة:.

- زيدان هو ايه دا!
نظر لما تشير ليبتسم بخفة يحدثها برفق وكأنها **** صغيرة:
- دا يا ستي حمام، اجبلك منه
حركت رأسها إيجابا تبتسم برقة ليمد يده يأخذ واحدة يضعها في طبقها لتمسك انجليكا شوكتها تحاول غرزها فيه ليضحك زيدان بخفة علي ما تفعل، تلك الطفلة يقسم أنه يشعر أنها **** صغيرة تائهة، حرك رأسه نفيا يشير برأسه ناحية خالد الذي يأكل هناك دون أن يعيرهم انتباها ليهمس لها بصوت خفيض:.

- ما بيتاكلش كدة، شايفة خالي بياكله ازاي كليه زيه.

نظرت انجليكا عن كثب إلي خالد تحاول تقليده وهو يأكل تفعل نفس الحركات التي يفعلها خالد بالضبط، حين مد خالد يده ناحية لينا زوجته يطعمها، ابتسمت في حماس هي الاخري لتمد يدها ناحية زيدان تحاول اطعامه في فمه، توسعت عيني زيدان حرجا بينما تنحنح جاسر، وغص حسام في طعامه يلتقط كوب مياة سريعا نقلت لينا انظارها بين زيدان وتلك الشقراء التي تنظر لزيدان تسبل عينيها ببراءة تحادثه برقة:
- كلها زيدان، زيهم.

تنحنح زيدان في حرج يفتح فمه قليلا لتطعمه انجليكا، في تلك اللحظة هبت لينا واقفة ارتسمت في حدقتيها نظرات قتيلة تصرخ بعذاب، رسمت شبح ابتسامة باهتة علي شفتيها تغمغم سريعا:
- أنا شبعت عن اذنكوا
قالتها لتهرول في خطاها تركض إلي غرفتها بالاعلي، تبادل الجميع نظرات صامتة عدا زيدان الذي رفض مشاركتهم في تلك النظرات ووجه انظاره لطبق الطعام أمامه تنهد يبتسم ساخرا، دون أن ينطق بحرف واحد.

علي صعيد آخر في منزل حمزة السويسي، وقفت في المطبخ أمام المقود عينيها تتباع حركة القهوة وهي تنضج ببطئ تحت النيران الهادئة الرقيقة، تلاطفها، تدفعها للأمام، تصنع من مرارتها مشروب حلو، يُنسي مرارة الذكريات، ارتسمت ابتسامة صغيرة اعلي ثغرها تنظر للفراغ شاردة، لو كان أخبرها احدا سابقا أنها ستتزوج من رجل يكبرها بكل تلك الأعوام لضحكت ساخرة واتهمته بالجنون، يبدو أن الجنون هو ما أصابها فعلا، هي فقط لم تتزوج رجلا يكبرها بأعوام واعوام بل تشعر أيضا انها سقطت في حبه، كيف لا تعرف، متي لا يهم، كل ما تعرفه أنها تشعر بسعادة من نوع غريب خاص حين تراه، ابتسامته كلحن هادئ ناضج يداعب اوتارها بتروي، حمزة باحتوائه وحنانه مراعاته لها في جميع الحالات، هو الزوج المثالي كما يجب أن يكون، فقط لو كان أصغر قليلا لكانت اكتملت المعادلة، ولكن المعتاد الا تكتمل المعادلة ابداا، اطفئت المقود سريعا قبل أن تحزن قطرات القهوة وتفور تعبر عن غضبها، صبتها في كوب صغير ابتسمت حين تذكرت جملته المعتادة « أنا بحب اشرب القهوة من ايديكي »، تحركت للخارج لتراه يجلس علي أحدي الارائك يضع جهاز « اللاب توب» علي قدميه، سيلا تلعب بين مجموعة ضخمة من الالعاب، أما خالد الصغير فيمسك بطائرة صغيرة يركض بها في أنحاء المكان يصدر أصواتا مزعجة وكأنها طائرة علي وشك السقوط، تحركت ناحية حمزة تضع القهوة علي الطاولة أمامه تنهدت تتمتم بعتاب لطيف:.

- خالد حبيبي بطل دوشة، وألعب مع سيلا باللعب
تهدل كتفي الصغير يمط شفتيه للامام علامة علي حزنه حرك رأسه إيجابا كاد أن يترك الطائرة حين صدح صوت حمزة يحادثه:
- ألعب يا حبيبي بالطيارة، يلا طيرها زي ما كنت
ضحك الصغير في مرح ليعاود الركض في أنحاء المكان يصدر تلك الأصوات المزعجة من جديد، نظرت بدور لحمزة تتمتم بصوت خفيض متوتر:
- أنا قصدي عشان بس ما يضايقكش وأنت بتشتغل.

ابتسم لها في رفق يحرك رأسه نفيا ترك جهاز الكمبيوتر من يده ليلتقط كوب القهوة ارتشف رشفة صغيرة منه يتمتم مبتسما:
- أحسن واحدة بتعمل قهوة، وبعدين يا ستي هو مش مضايقني خليه يلعب دا ***، وأنا في سنه كدة، كان بيبقي نفسي ألعب بس مش عارف، خليه يلعب
ابتسمت ابتسامة صغيرة متوترة لم تفهم ما يقول، ولم تكن تملك الجرئة لتسأل، فقط نظرت له تتمتم بخفوت خجول:.

- أنت حنين أوي يا حمزة، عشان كدة الاطفال بتحبك، الاطفال بتحس بالشخص الحنين وتحب تروحله، تعرف سيلا اللي ما بتنامش غير في حضنك دي، كانت بتترعب وتفضل تعيط لو باباها فكر يشيلها، كانت شايفة جواه اللي ما عرفتش اشوفه
وضع الكوب من يده ليمد ذراعه يلفها حول كتفيها يقربها من صدره قبل قمة رأسها يحادثها مترفقا:
- مش قولنا مش هنجيب سيرة الموضوع دا تاني، انسيه لأنك مش هتشوفيه تاني ابدا.

ابتسمت متوترة تحرك رأسها بالإيجاب، ليصدر من خلفهم صوت حمحمة جعلتها تنتفض بعيدا عنه تكاد تنصهر خجلا، قلبت مايا عينيها تنظر لزوجة أبيها في سخرية، تقدمت ناحية أبيها وقفت أمامه تردف في هدوء:
- بابا لو سمحت أنا كنت عايزة اتكلم مع حضرتك في موضوع
قامت بدور سريعا من جوار حمزة حمحمت تهمس متوترة:
- طب أنا هقوم اشوف الأكل عن اذنكوا.

تحركت بدور سريعا ناحية المطبخ لتجلس مايا مكانها التفت حمزة بجسده ينظر لابنته مبتسما يتمتم:
- خير يا ست مايا، موضوع إيه اللي عيزاني
- بابا أنا عايزة اتجوز أدهم...
نطقتها هكذا فجاءة دون اي مقدمات لتتوسع عيني حمزة في صدمة، بما تهذي ابنته، هل جُنت لتخبره أنها ترغب في الزواج، أولم يكن يعلم قبلا، رفع حاجبيه ينظر لابنته ساخرا:.

- ايه دا في اي، مين عكس الأدوار، هو مش المفروض اللي بيجي يقول الكلام دا الراجل مش البنت، هو أنا يعني عشان مش عايز اقسي عليكي تركبيلي قرون، ايه بحبه وعايزة اتجوزه دي، المفروض اخدك من أيدك ونروح نتقدمله يعني
زفرت مايا حانقة من وصلة السخرية التي امطرها بها والدها للتو، رسمت ابتسامة لطيفة علي شفتيها تعرف جيدا أن العند لا ينفع تماما مع والدها لذلك ابتسمت تتمتم بهدوء:.

- يا بابا يا حبيبي إنت عارف من زمان أن أنا وادهم بنحب بعض، وأنت اخيرا وافقت علي ارتباطنا وبعد ما أدهم كان هيجي هيتقدم قولت استنوا عشان المشكلة بتاعت لينا، واهي المشكلة بتاعت لينا اتحلت ورجعت يعني بقت كويسة، وادهم مستني بس مكالمة منك او مني عشان يجي يتقدم...
زفر حمزة أنفاسه حانقا هو كان يريد أن يؤجل تلك الزيجة لأبعد وقت ممكن ولكن إلي متي سيفعل، ابتسم يتمتم ساخرا:.

- بغض النظر عن الكلام اللي ما ينفعش اي بنت تقوله لابوها عادي ولا كأنها بتكلم صاحبتها، بس هنعمل ايه أنا ما عرفتش اربي، اتفضلي يا هانم روحي بلغيه أن أنا مستنيه يوم الخميس بعد بكرة في فيلا عمك خالد علي الساعة 8
صاحت مايا فرحة لتلقي بنفسها بين أحضان والدها قبلته علي وجنته بقوة تصيح سعيدة:
- ميرسي يا بابي أنت احلي بابي في الدنيا...

قالتها لتهرع سريعا إلي غرفتها بالأعلي بينما ابتسم حمزة ساخرا يتمتم في تهكم:
- حاسس اني اتقرطست.

في الحارة تحديدا في منزل منيرة ، حيث تجلس منيرة في صالة المنزل تحمل الصغيرة ملك علي قدميها بعد أن استقروت علي تغيير اسمها من ياسمين الي ملك، تمسك زجاجة حليب صغيرة تطعمها بها، تنظر له تبتسم في حنان، علي الأريكة الأخري كان يجلس مراد يراقب طفلته الصغيرة وهي بين أحضان جدته يفكر في المستقبل البعيد، تعصف به الكثير من الأفكار السوداء القاحلة، هل ستصبح مثله حين تكبر، هل سيأتي شاب مثلما حاول هو أن يفعل مع شقيقة جاسر ويغوي ابنته، هل ستحمل الصغيرة ذنبه هو، الكثير من الافكار السيئة كان تتلاطم داخل روحه، لم يجفل منها سوي علي صوت صراخ أدهم وكأن مس أصابه اندفع من غرفته يصرخ كالمجنون:.

- هتقدملها يوم الخميييييس، هتقدملها يوووووم الخميييييس، حمزة وافق، هتجوزها اخيرا هتجوزها، أنا مش مصدق نفسي...
ضحك مراد عاليا علي ما يفعل أخيه، ليتحرك من مكانه وقف بالقرب من أخيه مد يده يربت علي كتفه يحادثه مبتهجا بصدق!:
- ألف مبروك يا أدهم، ألف مبروك يا أخويا، **** يسعدك ويتم فرحك علي خير
توسعت ابتسامة أدهم ليندفع يعانق أخيه بقوة يربت علي كتف مراد يتمتم سعيدا:.

- **** يبارك فيك يا مراد، عقبال ما تفرح بملك...
ابعده عنه قليلا يمسك بكتفيه يحادثه مبتسما بحماس:
- المهم تفضيلي نفسك عشان هتروح معايا اتقدملها
اختفت ابتسامة مراد ليحرك رأسه بالنفي ابتعد عن أخيه ارتجف جسده قليلا يشعر باحتقار ذاته ارتعشت حدقتيه توترت ابتسامته يهمس مرتبكا:
- بلاش أنا يا أدهم، عشان بس شكلك، هيقولوا واخد أخوك رد السجون معاك، روح أنت وخد منيرة معاك.

نظرت منيرة لهما صامتة كم ترغب في أن يصر أدهم علي رأيه ويأخذ مراد معه ولم يخيب ظنها ابداا، اقترب أدهم من مراد يضع يده علي كتفه ابتسم يتمتم في اصرار:
- هتروح معايا بصفتك أخويا الكبير، أنا مش هروح من غيرك يا مراد، كلنا بنغلط، كل واحد ليه فرصة تانية، ودي فرصتك وأنا واثق أنك مش هتضيعها، وبعدين أنا مش هروح اتقدم من غيرك، انسي الموضوع دا خالص.

نظر مراد لادهم لتدمع عينيه ممتنا، اندفع يعانق أخيه لتتساقط دموعه بعنف يهمس بصوت مرتعش باكي:
- متشكر يا أدهم، أنا بجد مش عارف اشكرك ازاي علي كل اللي عملته عشاني.

بعد عناق أخير توجه أدهم لغرفته من جديد بينما نزل مراد ليحضر علبة الحليب لابنته التي وصفتها له طبيبة الأطفال، وجلست منيرة علي الأريكة تهدهد الصغيرة، حين سمعت صوت دقات علي باب المنزل، قامت منيرة تحمل الصغيرة بين ذراعيها فتحت الباب لتبصر وجه روحية أمامها ابتسمت ببشاشة ما أن رأته تفسح له المجال لتدخل:
- روحية تعالي يا حبيبتي ادخلي ما تقلقيش ما فيش حد غيري أنا وملك.

ابتسمت روحية أول الامر سرعان ما اختفت ابتسامتها، عقدت جبينها تنظر لتلك الصغيرة نظرات متعجبة رفعت وجهها لمنيرة تسألها في عجب:
- مين دي يا ست منيرة
ضحكت منيرة في خفة جذبت يد روحية تُدخلها، تغلق الباب تتمتم ضاحكة:
- طب خشي الأول
ما إن دخلت روحية تقدمت منيرة منها تعطيها الصغيرة تحادثها مبتسمة:
- خلي بالك منها علي ما أشوف الأكل اللي علي النار.

توسعت عيني روحية للحظات في دهشة قبل أن توما برأسها إيجابا، تحركت تجلس علي أحدي الارائك تهدهد الصغيرة برفق تحادثها بحنو وكأنها ستفهم ما تقول:.

- بسم **** ما شاء ****، ايه القمر دا، اسم علي مسمي فعلا، اسمك ملك وانتي زي الملاكية، انتي جعانة بتاكلي صوابعك، نظرت حولها لتجد زجاجة حليب الصغيرة قامت سريعا تجلبها، تطعمها برفق، تمسح بيدها الأخري علي رأسها برفق شديد، في تلك اللحظات كان يقف هو عند باب المنزل المفتوح يبدو أن جدته العزيزة لم تغلقه بالكامل، من حسن حظه وجد علبة الحليب في الصيدلية القريبة من المنزل صعد لأعلي ليتفاجئ بذلك المشهد أمامه روحية تحمل ابنته بين ذراعيها تطعمها، تهدهدها برفق، أدمعت عينيه ألما، ها هي ضحية أخري من ضحاياها، تخبره كم كان شخص معدوم المشاعر يملئ الحقد قلبه، تسيطر شهوته علي أفعاله، اغمض عينيه نادما، تحرك يغلق الباب برفق، انتفضت هي سمعت صوت الباب نظرت خلفها سريعا لتتوسع حدقتيها هلعا، رأته كان يقف هناك، بالقرب منها، زاد وجيب دقات قلبها تسارعت أنفاسها بحركة غريزية احتضنت الصغيرة لصدرها وكأنها تحميها معها، حركة بسيطة كانت كالسهم اشعل النيران في منتصف قلبه، تنهد يزفر أنفاسه نادما حين رأي نظرة الهلع تكسو عينيها لديها كامل الحق بأن ترتعد منه..

لم تعرف ما تفعل فقط تقف تتخبط في وقفتها تنظر حولها خائفة أن تترك الصغيرة مع ذلك الرجل هي خير من تعرفه هو شخص سئ، سئ للغاية لا يؤتمن ابداا، لمحت عينيها منيرة تخرج من المطبخ لتهرول ناحيتها تعطيها الصغيرة تغمغم سريعا بتلهف:
- عن اذنك يا ست منيرة
اعطتها الصغيرة لتهرول حرفيا خارج المكان بأكمله مرت من جواره بسرعة البرق، لترتسم ابتسامة شاحبة علي شفتيه، وضع علبة الحليب من يده يغمغم في هدوء مثقل:.

- أنا نازل المحل.

تحرك ناحية دكان جدته الصغيرة يفكر يعيد حساباته من جديد، أول ما يشغل رأسه حقا، ابنته كيف سيستخرج لها شهادة ميلاد، طرقت في رأسه فكرة شيطانية ليحرك رأسه نفيا سريعا روحية لا ذنب لها، لتعاود الفكرة تطرق رأسه من جديد، هو لن يطالبها بأي شئ فقط اسمها سيكون في وثيقة رسمية لاستخراج شهادة ميلاد لابنته، قسمية الزواج الشرعية الوحيدة التي يمتلكها باسم روحية، انشغل ما تبقي من سويعات قليلة من النهار حتي حل الليل في المحل يعيد ترتيب الأغراض من جديد ينظفه، يبيع للزبائن، حتي باتت العاشرة مساءا الآن، ارتمي بجسده علي مقعد صغير من الخشب يستند بمرفقيه علي فخذيه ينظر لأسفل حياته بالكامل تمر أمام عينيه هو من اختار طريق الشر، ورغم ذلك عادت الحياة لتعطيه فرصة جديدة، فرصة تتمثل في ملك الصغيرة، تناهي إلي اسماعه صوت شجار حاد يأتي من مقدمة الشارع، ترك المحل يتحرك ناحية الشجار يستمع الي ما يقال، في الاغلب صوت صياح سيدات.

- ما تتلمي بقي يا بت مش كفاية معيشينك معانا في الحتة بعد المصيبة بتاعتك، كمان جايلنا في عز الليل
- علي رأيك يا اختي البت ال*** مش لاقية راجل يلمها ماشية علي حل شعرها
ليسمع صوت أحد الرجال يصدح يعنفهم:
- يا ست أنتي وهي اتقوا ****، احنا ما شوفناش عليها حاجة واحشة
سمع صوت شهقة سوقية تأتي من أحدي السيدات لتصيح ساخرة:.

- حاجة واحشة، هي حاجة واحدة دا احنا شوفنا حاجات ومحتاجات، الأول اللي عمله صاحب أخوها، واهي قاعدة دلوقتي في بيت الست منيرة وهي عارفة أن عندها اتنين رجالة، وتقولئ حاجة وحشة.

عند تلك النقطة توسعت عينيه فزعا يتحدثون عنها، تلك المنطقة السوداء سيريهم، اندفع يركض ناحيتها ليجدها أرضا تبكي تنظر للسيدات التي دفعنها في فزع فقط تحرك رأسها نفيا، اندفع ناحيتها يقبض علي كف يدها يجذبها لتقف علي قدميها وقف للسيدات أمامه نظرات حارقة، نظرات سوداء، جميع من في المنطقة يخشون مراد صاحب اللسان السليط، نظرت السيدات لبعضن البعض في توتر، وقف مراد في منتصف حارتهم الشعبية يصدح بصوت جهوري يقبض علي رسغ يدها بقوة:.

- اسمعوا بقي كويس لكل راجل وست وعيل صغير، الست دي مراتي، علي سنة **** ورسوله، أي حد هيخوض في سمعتها بحرف مش بكلمة هقطعله لسانه، اي واحدة هيوزها شيطانها تقولك ألقح عليها، أصل مش هيمد أيده علي ست، لاء أنا مش متربي اصلا، التربية دي ما عدتش قدام بيتي، هترمي عليها هزفك بفضيحة من أول الشارع لآخره، اي دكر يفكر يمده ايده ولا لسانه بكلمه هقطلعه ايديه ورجليه وامشيه يزحف زيه زي البرص، لو كلمة واحدة اتقالت في حقها، هحرقلكوا الشارع عاليه واطيه، مفوم، يلا غوروا في ستين داهية، اللي هلمحها هكسحها.

فر الجميع من أمامه سريعا، ليبتسم هو، بينما صدحت زغرودة منيرة التي وقفت تراقب من البداية من شرفة منزلهم ورأت كيف دافع مراد عن روحية، للحظات فقط التقت عيني روحية بعيني مراد، هل يحلم أم أنه رأي شبح نظرة امتنان في عينيها قبل أن تسحب يدها من يده وتفر سريعا إلي منزلها...

مر يومين أنه يوم الخميس المنتظر، في منزل خالد السويسي يبدو أن جميع الأمور تسير علي خير ما يرام المكان يبرق من النظافة كعادته، مايا في غرفتها تستعد بصحبة لينا زوجة خالد ومعها بدور، لينا الأخري في غرفتها لا ترغب في مقابلة اي أحد بعد آخر موقف حدث، حمزة يجلس في غرفة الصالون يضع الهاتف علي أذنه يحادث شقيقه:
- يعني مش هتيجي يا عمر
اعتذر عمر أن زوجته مريضة بسبب حملها ولا يستطيع تركها ليردف حمزة بنزق:.

- طب إبعت سارة بالعربية او ابعتلها أنا العربية
تردد عمر للحظات خوفا من أن يبعث ابنته في مكان بالطبع سيكون فيه ابن أخيه المنحرف الا أنه خاف أن يظن حمزة أنه لا يرغب أن تحضر ابنته خطبة إبنة عمها تنهد يهمس مترددا:
- ماشي هبعتلكوا سارة بس خلي منها يا حمزة ب**** عليك ما تخليش الواد اللي اسمه حسام دا يجي جنبها
ضحك حمزة عاليا يحادث أخيه يغمغم في سخرية:.

- عشان كدة خايف تبعت البنت، ما تخافش يا سيدي هنحط بينهم حدود دولية اخلص بقي العريس قرب يوصل
أغلق الخط مع شقيقه لينظر لخالد الذي يقف عند باب الغرفة يغمغم ضاحكا:
- عمر خايف يبعت سارة عشان حسام، هو الواد دا عمل إيه
ضحك خالد يقص عليه سريعا ما حدث لينفجر حمزة فئ الضحك حتي ادمعت عينيه اقترب من أخيه يهتف من بين ضحكاته:
- طب و**** دمه عسل، ما تجوزهالوا يا عم.

ارتسمت ابتسامة صغيرة ماكرة على شفتي خالد ينظر لحمزة في خبث يغمغم:
- هيحصل، أنا بس عايز اشوف حسام هيعمل إيه
دقائق ووقفت سيارة أدهم داخل حديقة منزل خالد، نظر أدهم لمراد متوترا يغمغم قلقا:
- شكلي حلو
ضحك مراد عاليا يعدل من وضع رابطة عنق أخيه يتمتم ساخرا:
- قمر، أحلي من توم كروز.

زفر أدهم أنفاسه حانقا متوترا، لتضحك منيرة علي مشاكستهم، نزل ادهم اولا يفتح الباب لتنزل منيرة جدته ومن ثم نزل مراد يحمل ابنته الصغيرة، تحركوا جميعا الي الداخل، دق أدهم الباب، فتحت الخادمة افسحت لهم المجال ترشدهم الي غرفة استقبال الضيوف، ما إن دخلوا الي الغرفة قام حمزة سريعا متوجها ناحية أدهم يعانقه، بينما وقف خالد بعيدا قليلا ينظر لهم مبتسما، خاصة لمراد، ما وصل له عن مراد في الآونة الأخيرة ليس بسار تماما، ولكنهم ضيوف في بيته، تقدم ناحيتهم يعانق أدهم هو الآخر صافح مراد ينظر له يبتسم في هدوء قاتل لتتوتر حدقتي مراد من نظرات خالد المخيفة، أخذ الجميع مقاعدهم، يجلس أدهم متوترا، كاد أن يفتح فمه ليبادر بقول اي شئ ولكن جملة خالد أوقفته:.

- أنت بتشتغل ايه يا مراد
توتر مراد من نبرة خالد علي الرغم من كونها هادئة ولكنها حادة كالنصل بلع لعابه يغمغم متوترا:
- هاا، ااا، ااانا خريج كلية تجارة، بس بشتغل في محل بقالة بتاع جدتي
ابتسم خالد في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب دون أن ينطق بحرف...

علي صعيد آخر في غرفة لينا السويسي القريبة للغاية من غرفة مايا، وقفت لينا أمام المراءة تنظر لفستانها الازرق اللامع داكن اللون هو يحب اللون الأزرق وهي تحبه هو، ادمعت عينيها تشد علي قبضتها، حين عاد في رأسها ذلك المشهد للمرة الألف تقريبا، الشقراء سرقته بالكامل لم يعد لها ادني حق فيه، رفعت وجهها تنظر لانعكاس صورتها في المرآة للحظات قبل أن تبتسم في خبث، سثبت له قبل نفسها أنه لا يزال يعشقها، سمعت صوت صياح مايا المزعجة يأتي من الغرفة المجاورة لها:.

- يا انطي بقولك أدهم جه أنا شوفت عربيته في الجنينة يلا بسرعة بقي
ضحكت لينا علي ما تفعل الصغيرة لتزجرها برفق:
- يا بنتي اهمدي بقي بدل ما يقولوا عليكي مدلوقة
- يا ستي أنا مدلوقة، حلو كدة، خليني انزل بقي.

صاحت بها مايا بنزق لتضحك لينا السويسي في سخرية مما قالت تلك الصغيرة التي لا تزال تري الحياة بوجه واردي حالم كالأطفال، تنهدت تنظر لصورتها للمرة الأخيرة، قبل ان تتحرك لخارج الغرفة قابلت حسام في طريقها يتوجه لأسفل اقترب منها يشبك يده في يدها يتوجهان إلي أسفل في لحظة ظهور زيدان بصحبة سارة التي التقاها مصدافة في الحديقة، دخلت سارة ومن خلفها زيدان توسعت ابتسامة حسام الخبيثة ما أن رآها ترك يد لينا يتوجه ناحيتها، سريعا اختطف يدها يختفي بها بعيدا، ابتسمت لينا ساخرة تنظر لشقيقها لتعاود النظر لزيدان ابتسمت له ابتسامة صغيرة عاشقة تحركت ناحيته ببطئ تري عينيه التي لا تنزحان عن عينيها، اقترب منه صارت أمامه أمسكت بكف يده، نظر لها في ذهول ساخر لتبتسم هي دون أن ترد، لفت يديه حولها تتمايل معه دون موسيقي علي الحان قلبها العاشق، استندت برأسها لصدره تهمس له بشغف عاشقة:.

- أنا بحبك، بحبك اوي يا زيدان!

الفصل مئة واثنين

- أنا بحبك، بحبك اوي يا زيدان!

نطقتها ليلتحم زرقاء عينيه الهادرة ببندق عينيها المحلي بعشقهم، لحظات طويلة توقف فيها الزمن، توقفت عقارب الساعة ثبتت حركة الكرة الأرضية حين التقت السماء بالأرض واندمج موجه الهادر بنعومة عينيها الذائبة كالقهوة مرة في البداية ذات نكهة خاصة تجعلك مدمن لها رغم أنفك ستقع في النهاية صريع عشق رشفة واحدة منها، عناق حار جمعهما في عقلها فقط!، هي لا تزال تقف عند نهاية السلم تنظر له بعد أن اخذ شقيقها سارة الصغيرة وغادر وهي تقف هناك فقط تتخيل ما يمكن أن يحدث، ما أرادت أن تفعل ولكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة خوفا من الرفض! تهربت بمقلتيها بعيدا للحظات لتختلس النظر إليه، تراه إن كان ينظر إليها كعادته، وكانت الصدمة كان ينظر في ساعة يده قبل أن يتوجه إلي غرفة الضيوف، دون أن يلقي عليها نظرة واحدة، توسعت عينيها ألما تشعر بخنجر قاسي وصمه جفاءه في قلبها، وقفت للحظات تستعيد شتات ثباتها المبعثر، تحركت هي الأخري تجاه غرفة الضيوف حيت الجميع بابتسامة صغيرة، تبحث بين المقاعد عن مقعد فارغ لها، توجهت لذلك المقعد الفارغ والذي للمصادفة الغريبة! قريبا منه للغاية، جلست علي المقعد تنظر للجمع أمامها تراقب في صمت ضحكات والدها وعمها مع أدهم، تلك السيدة العجوز تشاركهم في الضحك، أما ذلك الشاب الجالس هناك علي قدميه **** صغيرة يجلس صامتا ينظر لهم متوترا وكأن علي رأسه الطير، توجهت عينيها مباشرة صوب الطفلة الصغيرة تنظر لها عن كثب تراقب حركاتها الطفولية البريئة، لم تشعر بتلك الدموع التي غزت مقلتيها، رفعت كف يدها تلقائيا تضعه علي بطنها برفق، تتذكر هنا كان لديها *** صغير، *** قتله غبائها، عنادها وذلك الشيطان نائل، رفعت يدها سريعا تمسح قطرات دموعها قبل أن يراها أحد، لم تشعر بما تفعل وهي تتحرك من مكانها تتوجه صوب مراد مباشرة، تنظر للطفلة تبتسم في توتر:.

- ممكن اشيلها.

قطب مراد جبينه في عجب شعر بالقلق علي ابنته من تلك الفتاة ولكنها تبدو من أهل البيت ابتسم لها مرتبكا يحرك رأسه بالإيجاب لتسرع لينا بحمل الفتاة برفق بين أحضانها، تعود بها إلي مقعدها من جديد، تمسد علي وجنتيها الناعمة تقبل جبينها بحنان فطري، أسرت قلبها، ساد الصمت للحظات الجميع ينظر للينا، نظرات تتراوح بين التعجب والشفقة والحزن والألم!، نظر خالد لابنته وهي تحمل الصغيرة علي المقعد المجاور لها يجلس زيدان الصورة مكتملة، أب وأم وطفلتهما، صورة من يراها من بعيد يظن انهما أسرة صغيرة سعيدة، ومن يعرف ما خلف فلاش الكاميرا سوي صاحب الابتسامة الزائفة، أبعد خالد عينيه عن ابنته حين ربت حمزة علي كتفه يبتسم له برفق كأنه يخبره بأن كل شئ سيصبح علي خير ما يرام، الجميع انشغل في الحديث من جديد عداه هو، كان يراقب كل حركة همسة، نفس صغير يصدر منها يختلس النظرات إليها من البداية، رأي دمعات عينيها التي تغزو مقلتيها حين ظنت أن لن يراها أحد، يشعر بما تشعر به وهي تحمل تلك الصغيرة، فذلك الملعون نائل حين سقط تحت يديه تفاخر أمامه أنه السبب هو من قتل **** الصغير قبل أن يري نور الدنيا صحيح أنه ظل يضربه الي أن ادمي جسده كاملا، ولكن نيران الانتقام لم تنطفئ بعد، تنهد يستعيد سيطرته الواهية، اجفل علي جملة حمزة التي وجهها له مباشرة:.

- وأنت بقي يا عم زيدان مش ناوي تتجوز ولا ايه
نطق حمزة الجملة بمكر هادئ يوجه انظاره ناحية لينا، ذلك الثنائي يحتاج الي من يشعل شرارة العشق بينهم من جديد وهو سيكون أكثر من سعيد لفعل ذلك، ابتسم زيدان ببساطة يتمتم بهدوء تام:
- إن شاء **** يا خالي قريب، انا سني بيجري زي ما أنت عارف.

لم تتغير ابتسامة حمزة الواثقة يراقب بهدوء شديد رد فعل لينا، كفيها المنقبضة جبينها المعقود، تنفسها السريع، لينا تشبه والدها لا تستطيع إخفاء غضبها، خالد حين يغضب ينفجر وابنته تشبهه، عاد ينظر لزيدان يحادثه مبتسما:
- كلامك دا بيقول أنك حاطط عينك علي واحدة بعينيها، ها يا سيدي حد نعرفه.

انتظرت إجابته بفارغ الصبر قلبها يتلظي بلهيب عشقهم القاتل، انتظرت أن تستمع الإجابة ولكن بدلا من أن تستمع الي إجابته صدح صوت زغاريد عالية تأتي من ناحية باب الغرفة رفعت وجهها سريعا تنظر لهم لتري مايا ابنه عمها تدخل إلي الغرفة تحمل صينية كبيرة عليها قطع الحلوي، وبدور زوجة عمها تحمل صينية أخري عليها المشروبات، تطلق الزغاريد العالية، ووالدتها تدخل خلفهم تحمل صينية أخري عليها قطع شوكولاتة، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها حين رأت سعادة مايا، ونظرات أدهم الحالمة الذي هب واقفا يلتقط الصينية من يد مايا يضعها علي الطاولة.

يبتسم إبتسامة واسعة بلهاء تغطي وجهه بالكامل، ينظر لها بعشق جارف قبل أن يجذبها حمزة لتجلس جواره ينظر لادهم يرفع حاجبه الأيسر يرميه نظرة ساخرة تحمل معني « الا تراني »، ضحك ادهم بخفة يعبث في شعره يشعر بالحرج كأنه *** صغير عاد يجلس مكانه من جديد، بينما لينا الشريف تجلس جوار زوجها، ليسمك خالد كفها يشبكه في كفه برفق، نظرت له وابتسمت ليقابلها بابتسامة عاشقة لن تتغير ابدا، جلست بدور علي مقعد قريب منهم، حين جاءت العروس نظر أدهم لأخيه متوترا يخبره بعينيه أن يتحدث ليبتسم مراد في توتر خائف من أن يفسد سعادة أخيه، حمحم بخشونة يجلي صوته يستعد للحديث، وجه انظاره ناحية حمزة يتمتم في رزانة غير معهودة بالمرة:.

- حمزة باشا، طبعا حضرتك عارف احنا جايين ليه النهاردة
مد يده يربت علي ساق أخيه يكمل حديثه مبتسما:
- وطبعا أدهم إنت أدري بيه من أي حد تاني، اللي أنا عايزة اقوله في الفترة اللي عيشتها مع أدهم عرفت بجد هو بيحب بنتك قد ايه ومستعد يعمل أي حاجة عشانها واحنا طبعا تحت امركوا في أي طلبات...

حرك حمزة رأسه إيجابا حقا أعجب بطريقة شقيق أدهم في الحديث ذلك الفتي يبدو ذكيا ربما يكون هناك تعاون قادم بينهما، يستعين به فيما بعد، نظر حمزة لابنته ليراها تبتسم كلعبة بلهاء تنظر لادهم تسلط مقلتيها عليه، امسك بذقنها برفق يبعد وجهها عنه قرب رأسه منها يغمغم ساخرا بصوت خفيض:
- ما تتقومي تتحرشي بيه أحسن، أنا كنت المفروض هسألك موافقة ولا لاء، بس واضح أن المفروض اسأله هو.

زمت مايا شفتيها بضيق تنظر لوالدها في غيظ أحمق، رفع حمزة وجهه ينظر لادهم يغمغم مبتسما في حبور:
- رغم رفضي الأول لفكرة الجوازة دي، بس أنا واثق أن أدهم هيحافظ علي مايا، ويا سيدي احنا مالناش طلبات، هي بس الشبكة و الشقة والعفش والادوات الكهربائية، واوض النوم والسفرة والضيوف والليفنج واحنا علينا الباقي.

- مش عايز تنازل عن كليته بالمرة، نطقتها منيرة في سخرية لاذعة، لتتعالي ضحكات حمزة ينظر لادهم في مرح، مال بجسده ناحيته يربت علي كتفه يغمغم ضاحكا:
- أنت شكلك هتبقي حما صعبة اوي يا ست منيرة ولا ايه يا ادهم
نظر أدهم لجدته يبتسم في سعادة ليعاود النظر لحمزة حرك رأسه نفيا يغمغم:
- ابدأ و**** دي ما فيش أطيب منها...
ابتسم حمزة متفاخرا وهو ينظر لادهم ابتسم يربت علي وجه أدهم برفق:.

- وأنا يا سيدي بهزر، وبعدين أنت ابني، يعني لما تتجوز، حقك عليا أن أنا اللي اجهزلك دنيتك، يعني بالبلدي كدة أنا بجهز فرح ولادي هي صحيح جوازة مريبة شوية، بس انتوا ولاد كلب بتحبوا بعض اعمل إيه
تعالت ضحكات كل من في الغرفة بينما ادمعت عيني أدهم، حرك رأسه نفيا بخفة يغمغم في اصرار:.

- أنا ابنك دي ما فيهاش نقاش، بس أنا اللي هجهز كل حاجة اديني شهر واحد وهتكون الشقة جاهزة من كله ونعمل شبكة وكتب كتاب وفرح مع بعض
ضحك حمزة بخفة يحرك رأسه إيجابا دون تردد:
- ماشي يا سيدي معاك شهر، عارفة لو اتأخرت عن شهر، هنستناك عادي بردوا وتتعالي الضحكات من هنا وهناك، الجميع سعيد، او ربما يحاول أن يكون كذلك...
- طب نقرا الفاتحة بقي ولا ايه.

خرجت تلك الجملة من بين شفتي خالد ليرفع الجميع أيديهم يقرأون الفاتحة، أدهم يحاول اختلاس النظرات لمايا وهي تفعل المثل، ابتسامة واسعة تزين ثغر كل منهم، سعيدة كلمة قليلة عن ذلك الشعور المخملي الذي يجتاح قلوبهم...

بينما هناك بعيدا تجلس هي تنظر للسعادة الصارخة علي وجوههم بأعين حزينة مشتاقة، كانت السعادة بين يديها ولكنها اضاعتها رغما عنها، كانت ضحية خدعة كبيرة، حاولت اختلاس النظرات إليه لتري عينيه الشاردة ينظر لوجه أدهم بابتسامة شاحبة ربما يتذكر ليلة عقد قرانهم وسعادته التي تشبه سعادة أدهم الآن، وسط تلك اللحظات الجميلة الملئية بالسعادة، قطبت لينا الشريف ما بين حاجبيها تنظر للحاضرين في عجب تسألهم :.

- هو حسام فين؟!
توسعت عيني خالد وحمزة ينظران لبعضهما البعض نظرات مرتعبة فزعة ليصحيا معا:
- حسام / سارة
تحرك حمزة يهرول لخارج الغرفة وخلفه خالد التفت حمزة لأخيه يصيح فيه:
- عمر هيولع في أبنك، تفتكر عملها حاجة
توسعت عيني خالد في فزع يهدر قلقا:
- عملها حاجة!، دا زمانه جاب منها عيلين، ابن الكلب لما أشوفه هقتله، حسام إنت فين يا زفت.

صعد حمزة يبحث بين الغرف في الأعلي بينما خرج خالد إلي الحديقة يبحث عن ابنه يتوعد لحسام بأن يمزق عنقه أن مسها بسوء، خرج إلي الحديقة لينتفس الصعداء حين رأي حسام يجلس علي مقعد حول طاولة وسارة تجلس علي الإتجاه الآخر أمامها كوب عصير وقطعة كعكعة كبيرة، توجه إلي إن بات بالقرب منهم جذب المقعد الفارغ المجاور لسارة جلس عليه يرمي حسام بنظرات سوداء قاتلة، التفتت بوجه ناحية سارة ابتسم لها برفق يردف:.

- ايه يا حبيبتي اللي مقعدك هنا، ما دخلتيش جوا ليه
مال برأسه قليلا ناحيتها صك أسنانه يهمس لها بصوت خفيض:
- الواد دا عملك حاجة
نظرت ناحية حسام نظرة خاطفة لتعاود النظر لخالد ابتسمت متوترة تحرك رأسها نفيا حمحمت تجلي صوتها لتهمس في توتر ظاهر:
- ااانا كنت مخنوقة فقولت اقعد هنا في الجنينة شوية، دكتور حسام لما لاقني هنا جه يقعد معايا.

ابتسم حسام في براءة شديدة ينظر لوالده ليقابله الأخيرة بنظرة حادة، سارة تكذب وحسام يعلم أن خالد سيعلم أنها تكذب، ذلك الفتي يكره كونه يشبه في التصرفات لتلك الدرجة، قام من مكانه يجذب يد إبنة أخيه يحادثها مبتسما:
- طب تعالي يا حبيبتي نقعد جوا الجنينة برد دلوقتي.

ابتسمت سارة مرتبكة تتحرك بصحبة خالد للداخل ما أن ابتعدوا بضع خطوات التفت خالد برأسه ينظر لحسام يرميه بنظرات قاتلة يتوعد له بالأسوء في حين لم تتغير ابتسامة حسام درجة واحدة، يتذكر ما حدث قبل قليل
Flash back.

لم يصدق حقا أنه يراها أمام عينيه أشتاق لها لدرجة مؤلمة وهو قد رآها قبل قليل فقط كيف يحدث ذلك، بات لا يرغب سوي في رؤيتها، لم يشعر بنفسه سوي وهو يتحرك من جوار شقيقته يجذبها لخارج المكان بأكمله، متوجها بها إلي صالة الرياضة الملحقة بالمنزل، ادخلها ودخل خلفها، ترك باب الصالة مفتوح حتي لا تُفزع منه، التفت ينظر لها، ليري حدقتئ عينيها المضطربة قلقا، لما تخافه لذلك الحد صحيح أن تصرفاته غريبة مندفعة ولكنه ليس مبرر لأن تخافه كما يري هو!، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه يتذكر كلام لينا زوجة والده، حين علمت بعشقه لتلك الماثلة أمامه.

« حسام سارة حساسة جدا ومرت في حياتها بموقف بشع أكيد مأثر فيها، فما تبقاش عصبي ولا مندفع في تعاملك معاها، ما تعملش زي خالد، أبوك مرة زمان عشان يقنعني اني اتدرب عشان أعرف ادافع عن نفسي قفل علينا الصالة وفيلم رعب عمله جوا، لو كان قالي أنا عايزك تتدربي و**** ما كنت هقوله لاء، اتناقش مع سارة في اي، ما تاخدش قرار كدة وتفاجئها بيه، ما تجبش للبت صرع ».

تعالت ضحكات حين تذكر جملتها الأخيرة لينا حقا سيدة مثالية، لا يعرف كم يمكنها أن تحب الجميع بذلك القدر الفائض، هي حقا مميزة، عاد ينظر للواقفة أمامه يهمس مع نفسه:
- دكتورة لينا عندها حق، هي شكلها مخضوض مني فعلا.

حمحم بخفة يشير لها لمقعد قريب يخبرها مبتسما أن تجلس، حركت رأسها إيجابا سريعا في توتر، تحركت تجلس علي المقعد، ليجذب هو مقعد آخر جذبه ليصبح بالقرب منها بعيدا عنها بالقدر الكافي لكي لا تفزع منه، ابتسم ينظر لقسمات وجهها للحظات طويلة قبل أن يتشجع ويخبرها بما يريد أن يقول:.

- سارة، أنا بحبك، اعتقد أنا قولتلك دا قبل كدة، وهقولهالك تاني وتالت وعاشر، بس مش في الضلمة، حبي ليكي مش غلط، أنا هاجي اتقدملك، بس قبل كدة، عايز اعرف أنتي كمان بتحبيني ولا أنا فارض نفسي علي حياتك
رفعت وجهها له ليري حدقتيها تضطرب بسرعة وجنتيها تشتغل بلهيب نيران خجولة اخفضت رأسها سريعا تنظر أرضا، تفرك يديها بعنف، التقطت أذنيه نبرة صوتها الضعيفة المتوترة:.

- اااناا، ككنت الأول بخاف منك، عشان كنت علي طول متعصب، بس بعد كدة يعني
- حبتيني صح صح، قولي صح
قاطعها يغمغم بها بتلهف لتضحك خجلة تشيح بوجهها بعيدا عنه، هبت واقفة تتحاشي النظر لعينيه تغمغم مرتبكة:
- عن إذنك أنا جاية لمايا.

تحركت لتغادر لتجده يقف سريعا يقف حاجزا بينها وبين الباب توسعت حدقتيها تنظر له مذعورة ليتذكر هو سريعا جملة لينا وهي تصرخ فيه « ما تجبش للبت صرع »، تنحنح ينتحي سريعا عن الباب يغمغم مبتسما:
- ايه رايك نقعد في الجنينة الجو حلو دلوقتي وهنبقي قريبين منهم، نتكلم في اي حاجة.

ابتسمت مرتبكة توما برأسها في خجل، لتتوسع ابتسامته يعبث في شعره كمراهق أحمق رأي معشوقته خلسة دون أن يعلم والدها، تحركت هي أولا وهو خلفها وصلا إلي الطاولة ليجذب لها مقعدها جلست عليه ليبتسم لها يغمغم سريعا:
- ثواني وجاي.

تحرك بخطي سريعة مهرولة ناحية المنزل غاب تحرك بخفة حين وصل لغرفة الصالون مرورا بالمطبخ كي لا يراه أحد، جلب كأس عصير وقطعة كعك ووضع قطعة أخري في فمه، تحرك من باب المطبخ الخلفي المطل علي الحديقة عائدا إليها وضعهم أمامها يغمغم مبتسما:
- اتفضلي.

جلس علي المقعد المقابل لها، ليلاحظ انها تحاول إخفاء ضحكاتها قطب جبينه مستنكرا ما تفعل لتشير بأصبعها إلي فمه، اخرج هاتفه ينظر في الكاميرا الامامية لتتوسع عينيه للحظات سرعات ما انفجر هو الآخر في الضحك الكثير من صلصلة الشوكولاتة تتنشر حول فمه ويصعد منها القليل الي أنفه، مدت يدها في حقيبتها تخرج منديل ورقي تعطيه له، التقطه منها ليخرج قلم من جيب سترته امسك المنديل يخط عليه بضع جمل يثنيه أعطاها لها يغمغم مبتسما:.

- افتحيه لما تروحي، ممكن واحد تاني معلش
ابتسمت تحرك رأسها بالإيجاب تعطيه منديل آخر تأخذ منه المنديل في يده تدسه في حقيبتها سريعا، وكان ذلك آخر ما حدث قبل أن يخرج خالد الي الحديقة
Back.

حين عاد من شروده رأي أدهم ومن ومعه يخرجون من المنزل صافح أدهم يودعهم، دقائق أخري وخرجت سارة هي الأخري يمسك حمزة يدها كأنها **** صغيرة ستهرب، نظر حسام لحمزة في غيظ ليقابله حمزة بابتسامة واسعة، اقترب حسام منهم سريعا يغمغم متلهفا:
- أنت مروح يا عمي، طب عنك سارة أنا هروحها بدل ما تروح مع السواق
كاد حسام أن يمسك بيد سارة ليمسك حمزة بيده يمنعه من فعل ذلك نظر حسام له ليبتسم حمزة في اصفرار يردف:.

- هروحها في طريقي ما تتعبش نفسك يا دكتور...
زفر حسام حانقا ينظر لحمزة في غيظ ليقابله الأخير بنظرات ثابتة ساخرة، رفع يده يطوق كتفي سارة بذراعه يغمغم مبتسما:
- يلا يا حبيبة عمك عشان اتأخرنا
تحرك بصحبة سارة للخارج ووقف حسام يشتعل بنيران غيرته هنا، توجه للداخل بعد أن انفض الجمع، ارتمي بجسده علي الأريكة يحرك ساقه اليسري في سرعة متوترا يغمغم في نفسه حانقا:.

- ما أنا هتجوزها يعني هتجوزها ما فيهاش نقاش دي، يا حبيبة عمك نينيني، هتنقط، طب أروح اخطفها واكتب عليها، وبعدين بقي في العيلة بنت المجانين دي، ما فيش جوازة فيها بتم سلكة ابداااااا
اجفل حين شعر باحدهم يتهاوي جواره نظر للفاعل ليجده زيدان، التفت حسام بوجهه ناحيةة زيدان حين غمغم الأخير بنزق:.

- أنا مسافر رايح البلد، عمي عمال يتصل بيا كل يوم يقولي ستك تعبانة وعايزة تشوفك، ما تيجي معايا أنا ما بحبش أشوف خلقهم
ولما لا حرك حسام رأسه إيجابا سريعا يغمغم مبتسما:
- اشطة، اهو منها نغير جو، واحرق دم عمك اللي شبه فزاعة الغيطان دا، حبيبي دا بحبه حب الأرملة السوداء لجوزها وهي بتقتله.

ضحك زيدان عاليا يتذكر قديما اخذ حسام معه في زيارة سريعة لمنزله هناك، كاد عمه إن يطلق عليه الرصاص من كلمات حسام المستفزة فقط، تعالت ضحكات حسام هو الآخر قبل أن يصمت تماما حين تهاوي كف والده علي رقبته من الخلف تاوه متالما ليغمغم خالد في حدة:
- بتضحك يا بيه دا أنا هولع فيك، فكراني قرطاس، عارف لو كنت قربت من البت في الصالة كنت سحلتك.

الأحمق لا يعرف أن صالة الرياضة بها كاميرات مراقبة رأي خالد ما فعله ولده العزيز، تحرك خالد يجلس علي الأريكة المقابلة لهم نظر ناحية زيدان يحادثه:
- هتسافر بكرة بليل مش كدة
حرك زيدان رأسه بالإيجاب يشير لحسام الجالس جواره:
- وحسام هيجي معايا
ابتسم حسام في براءة يلوح لأبيه ليبتسم خالد ساخرا:
- أحسن اهو يبعدنا عن مشاكله هو وعمر يومين...

- ايه دا حسام رايح فين، جاء الصوت من خلفهم مباشرة من لينا ابنه خالد، تقدمت تجلس جوار والدها تنظر لحسام تسأله بعينيها توتر الأخير لم يعرف بما يجيب، تولي خالد مهمة الرد بهدوء تام:
- حسام مسافر مع زيدان، جدة زيدان تعبانة وهيروح يشوفها
ابتسمت لينا متوترة تنظر لوالدها مرتبكة اقتربت منه تهمس له بخفوت:
- هو أنا ممكن أسافر مع حسام أغير جو.

رفع خالد حاجبه الأيسر ساخرا، هل تظن لينا حقا أنه بتلك السذاجة، ولكن ذلك لا يهم الآن، لن يوافق بالطبع لينا، إن ذهبت لهناك ستعرف أن ما حدث لم يكن حلما كما حاول اقناعها قبلا هو وزيدان حرك رأسه نفيا بخفة يغمغم بنبرة قاطعة:
- لاء ما ينفعش انتي لسه جاية من سفر، خليكي هنا وغيري جو زي ما انتي عايزة
ابتسمت لينا يآسة تقترب برأسه أكثر لتهمس جوار إذن والدها بخفوت:.

- أنا عارفة أن اللي حصل هناك ما كنش حلم زي ما اتفقت مع زيدان تقنعوني
شخصت عيني خالد في ذهول كيف عرفت ابنته بتلك الحكاية، لتندفع الأحرف من بين شفتيه بلا وعي:
- عرفتي إزاي
نظرت بطرف عينيها ناحية زيدان لتعاود النظر لوالدها، هل تخبره أن زيدان هو من أخبرها في شهر عسلهم القصير، تنهدت تتمتم:
- عرفت يا بابا وخلاص، لو دا الموضوع اللي قلقك من السفر، فأنا عارفة، ينفع بقي اسافر.

- ما فيش مشكلة يا خالي، كدة كدة انجيلكا جاية هي كمان لو لينا حابة تيجي عشان ما تبقاش قلقان عليها
نطقها بهدوء تام قاتل للأعصاب، اشتعلت أنفاسها غضبا الشقراء قادمة، ستغرقها داخل المياة وتخبرهم أن نداهة الحقول هي من فعلت ذلك لأنها تقززت من لطافتها المفرطة، ابتسمت في شر، ستستمع كثيرا وهي تقتل الشقراء وتنتقم من سيدات المنزل علي ما فعلوه بها قديما، تقسم أنها ستسمتع.

في صباح اليوم التالي علي صعيد بعيد، بعيد للغاية في الجونة
تحديدا في غرفة الفندق الخاصة بعثمان وسارين، وقفت سارين أمام مرآة الزينة تنظر لملابسها التي ارتدها استعداد لقضاء اليوم بأكمله علي الشاطئ بصحبة عثمان كما كان في الأيام الماضية كانت حقا نعيما لم يقلقه سوي تذمر عثمان الدائم علي ملابسها، يراها جميعا قصيرة وهي تغطي كاحلها، وضيقة وشفافة وعدة مسالب تشعرها بأنه ينظر لاخري وهو ينتقد ملابسها...

خرج عثمان من مرحاض الغرفة يجفف خصلات شعره بمنشفة صغيرة، ابتسمت سارين ما أن رأته أبعد هو المنشفة عن رأسه ينظر لها لتختفي ابتسامته فتنهدت هي ضجرة عثمان لن يعجبه ما ترتدي تعرف تلك النظرة جيدا، تقدم ناحيتها ينظر لملابسها نظرة شاملة يغمغم محتدا:
- البنطلون ضيق والبلوزة ضيقة والجاكيت اللي عليهم قصير، البسي فستان احسن يا سارين.

تخصرت تزفر أنفاسها في ضيق ما باله عثمان بات متحكما بشكل لا يحتمل، عادت تنظر للمرأة تحادثه من خلال انعاكسها بنزق:
- البنطلون واسع، البلوزة طويلة، واكبر من مقاسي كمان أنت اللي مختارها، والجاكت معدي البلوزة، حقيقي يا عثمان أنا زهقت مش كل يوم خناق علي اللبس اومال لما اروح الجامعة هتعمل ايه...
رأته من خلال المراءة يتقدم ناحيتها الي أن صار خلفها مباشرة ابتسم لها يغمغم بحنو:.

- يا حبيبتي، أنا بحبك وبغير عليكي ومش عايز اي حد يبصلك بصة مش كويسة، ويكون في علمك لما نرجع هنعمل فرز كامل لدولاب هدومك، وفي فيديوهات أنا نزلتها علي موبايلي لما نرجع بليل ابقي شوفيها هتغير فكرتك في حاجات مهمة أوي
ابتسمت له تحرك رأسها بالإيجاب، لتلتقط حقيبة يدها تحادثه:
- طب يلا بقي ننزل.

شبك كفه بكفها ينزلان لأسفل توجها مباشرة إلي المطعم جلست امامه يطلبان الطعام يتحدثان عن خططهم اليوم، إلي أن جاء الطعام بدأ يأكل وهي معه إلي أن توقف فجاءة عن الطعام حين رآها تأتي من خلف سارين تتقدم ناحيتهم، اقتربت منهم مباشرة مالت تقبل وجنته برقة تنظر لعينيه مباشرة تغمغم بنعومة قديمة يعرفها:
- وحشتني يا صياد، وحشتني أوي، كدة تتجوز واحنا لسه مخطوبين!

استيقظت اخيرا تشعر بثقل مؤلم في قدميها حسام أخبرها بأنه أمر طبيعي والا تقلق، ما إن كادت تتحرك من فراشها شعرت بدوار حاد ورغبة ملحة في التقئ تحركت تهرول ناحية المرحاض لتتقئ جسدها يرتجف بعنف مخيف، شعرت بأنها علي وشك أن تسقط حين سمعت باب الغرفة يفتح سريعا وسمعت خطوات سريعة تهرول ناحيتها ظنته والدها، ولكن تلك الرائحة التي تسللت لانفها أخبرتها بالعكس تماما، تقدم جاسر منها سريعا يسند جسدها بذراعه يعيدها للفراش، ما إن جلست عليه دفعت يده بعيدا عنها بضعف قطب جبينها تسأله محتدة:.

- أنت إيه اللي جابك هنا
ارتسمت ابتسامة واسعة بريئة علي شفتيه اشار لنفسه تنهد بحرارة يغمغم مبتسما:
-هقولك يا ستي، اتخانقت مع عمك راشد فراح طردني من البيت، جيت عند عمك خالد راح طردني من البيت، لسه همشي اعيط واقول جئت لا أعرف من أين جئت ولكني أتيت لقيت بيتكوا في وشي، قومت داخل، ابوكي راجل عسلية صراحة قرر يستضفني عنده المدة البسيطة الجاية يعني حوالي خمس ست سبع تمن سنين مش كتير يعني.

توسعت عينيها في دهشة، خاصة حين ارتمئ بظهره علي فراشها يغمغم ناعسا:
- سريرك مريح اوي يا سهيلة، اطفي النور بقي عشان عايز أنام وشدي الباب وراكي وأنتي خارجة، آه علي فكرة أنا رصيت هدومي في دولابك، حسيته مريح بردوا، ارتحتله نفسيا جداا، يلا يا حبيبتي تصبحي علي خير!

الفصل مئة وثلاثة

هي حلقة مفرغة من البديات والنهايات، تبدأ حينما تظن أن كل شئ قد انتهي لا رجعة، تُفتح أبواب الماضي القريب بإرادتك كان أو رغما عنك، في الجونة تحديدا في المطعم حيث يجلس عثمان بصحبة سارين، التي تجلس متجمدة وكأن صاعقة حلت عليها هي فقط، تنظر لتلك التي تتمايل بجسدها على زوجها، والغريب في الأمر أن عثمان لم يبدئ اي رد فعل مهما كان لم يثور لم يغضب لم ينطق حتى بحرف، فقط ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه يبعد حين جلست ليلا على المقعد الفارغ جواره، هبت سارين واقفة تصفع بكفيها سطح الطاولة نظرت لهما في ذهول لتصيح محتدة:.

- ايه في إيه، أنتي ازاي تبوسيه وتقربي منه كدة وأنت إزاي ساكتلها...
مد عثمان كف يده يمسك بها كف يد سارين يحادثها مبتسما:
- اقعدي يا سارين واهدي وأنا هفهمك كل حاجة
حدجته بنظرة قاتلة قبل أن ترتمي بجسدها على المقعد تكاد تشتغل غضبا بينما لم تتغير إبتسامة عثمان ولو لثانية جل ما فعله أنه نظر لليلا ليعاود النظر لسارين يحادثها في هدوء تام:.

- بصي يا سارين احنا كبار وعاقلين بما فيه الكفاية، وانتي عارفة أن أنا بحبك...
صمت للحظات ليعاود النظر لليلا يكمل مبتسما:
- وبحب ليلا!

نطقها بهدوء تام وكأنها يخبرها أنهم ذاهبون لنزهة بالطائرة مثلا، جحظت حدقتيها في صدمة الجمت جسدها حاولت أن تنطق بحرف فلم تجد ما تقول وكأن أحدهم يمسك لسانها يمنعها من النطق بحرف واحد، جسدها يرتجف من عنف ما تلاقي ، أما عثمان فتحرك من جوار ليلا اقترب يجلس على المقعد المجاور لها لف ذراعه حول كتفيها يحادثها برفق:.

- سارين حبيبتي ما فيش داعي للي انتي عملاه دا، ليلا ما عندهاش اي اعتراض انها تكون الزوجة التانية، صدقيني لما تعرفي ليلا كويس هتحبيها بجد
توسعت عينيها في صدمة أحدهم جن بالطبع هي أم هو، هل ما يقوله طبيعي حقا يخبرها أنه يحب اخري وعلي وشك ويطلب منها أن تتقبل الأمر، ما زاد الطين بلة كما يقولون حين بدأت تلك الحية الحديث بنبرتها الناعمة السامة:.

-come on سارين، انتي عارفة أن عثمان بيحبني وكنا فعلا مخطوبين لولا الحادثة اللي حصلتله، بابي رفض تماما أني افضل معاه وخدني سافر غصب عني، بس دلوقتي أنا رجعتله، أنا وعثمان رجعنا نتكلم من يوم السبق، ورغم غيرتي الشديدة من حبه ليكي الا أني ما عنديش اي مشكلة انك تشاركيني حبه.

ها هي مجنونة اخرى كلامها لا يمت للعقل بصلة، تشعرها الآن انها هي الضحية وسارين هي الشريرة التي سرقت حبها منها يال السخرية، حين بات الظالم هو المظلوم تنقلب موازين الحكاية بالكامل، نظرت سارين ناحية عثمان نظرة اخيرة، نظرت طويلة تحمل مزيج مؤلم من العذاب والألم والقهر، نزعت يده من يدها لتتحرك من مكانها تترك لهم المكان بالكامل، تنهد عثمان يآسا نظر لليلا يتمتم مبتسما:.

- سارين صغيرة مع الوقت هتتقبل الوضع الجديد
ابتسمت ليلا في سعادة ظنا منها أن الأحمق قد سقط للمرة الثانية في شباكها الناعمة!

في الحارة تحديدا في منزل منيرة، مراد الذي كان لا يستيقظ سوي بعد الظهيرة بساعات بات يقفز من فراشه منذ شروق الشمس، يتوجه صوب دكانهم الصغير، يفتحه ينظف المكان، بات هو المسؤول عن الدكان بالكامل رافضا تدخل جدته في أي شئ، ابتسمت منيرة في سعادة تطل برأسها من خلال نافذة المنزل لتري مراد يقف في الدكان يعمل بجد، يأخذ بعض البضاعة يدخلها للمحل، يحاسب أحد الزبائن، مراد تغير كثيرا عن السابق، لم تظن يوما أنها ستظل حية لتري مراد الجديد هذا، أدهم في عمله، ومراد أيضا لا يوجد سواها هي والصغيرة ملك، أغلقت الشرفة تتوجه ناحية فراش الصغيرة الذي اشتراه أدهم هدية لها، حركته برفق لتدوي ضحكات الصغيرة، ابتسمت لها بحنو تحادثها:.

- حبيبة تيتا منيرة أنتي، بس تيتا منيرة مش هتعشلك على طول يا ملك، لو بس الحال ينصلح بين روحية ومراد، روحية حنينة أوي وأنا عارفة انها هتحبك زي بنتها بالظبط
قاطع حاديثها مع الصغيرة صوت دقات على باب المنزل، توجهت سريعا تفتح الباب لتجد روحية تقف أمامها مباشرة، ابتسمت لها تجذبها للداخل:
- تعالي ما فيش غير ملوكة.

ابتسمت روحية رغم حزنها العميق، توجهت ناحية فراش الصغيرة مباشرة تحملها بين ذراعيها بحنو، جلست بها على أحد الارائك جوار منيرة، نظرت منيرة لهم تبتسم في سعادة، صورة جميلة لا ترغب في أن تتلاشي أبدا، تبدلت ابتسامتها بأخري عابثة حين تشدقت مبتسمة:
- بس ما قولتليش أي رأيك في اللي مراد عمله في الستات اللي لسنوا عليكي، دا مسح بكرامتهم الحتة كلها، دلوقتي ما حدش يقدر يفتح بوقه ويقولك تلت التلاتة كام.

ارتسمت ابتسامة بائسة على شفتي روحية، الأمر برمته لم يعد يعينها صحيح أن ما فعله مراد قبل أن أيام يُحسب له ولكن رصيده السئ عندها يفوق بكثير موقف واحد جيد فعله لأجلها، رفعت وجهها تنظر لمنيرة التي تجلس أمامها مباشرة تنهدت تتمتم في خمول حزين:.

- انتي شايفة أن عمله دا صح، لما يقول بالكذب اني مراته يبقي صح، هو آه دافع عني مرة بس الوحش اللي عملهولي اكتر بكتير، مراد كان بيستغل ضعفي كان يفرض قوته عليا، أنا مش عارفة اعمل ايه تعبت و**** تعبت، لما بحاول امشي في حياتي خطوة واحدة لقدام، بيرجعوني ألف خطوة لورا، واضح أن محكوم عليا اني اعيش طول عمري استخبي من الناس على ذنب ماليش ذنب فيه.

صاحب حديثها قطرات دموعها التي غزت وجنتيها الوردية الشاحبة أغمضت عينيها شهقة ضعيفة خرجت من بين شفتيها، تلقائيا ضمت الصغيرة لصدرها لا تعرف لما ولكنها أرادت أن تحتمي ببرائتها مما فعله بها العالم...

لم تكن تدري أنه يقف خلف الباب الشبه مغلق يستمع إلي كل حرف خرج من بين شفتيها، هل يخبرها بما فعل الآن، من الأفضل الطرق على الحديد وهو ساخن، دفع الباب بتروي ما أن لمحته يدخل من باب المنزل انتفضت واقفة تعطي الصغيرة لمنيرة كما اعتادت، تهرب ما أن تراه، تحركت لتغادر ليقف هو يمنعها من فعل ذلك، توسعت عينيها في هلع تنظر له مذعورة، ليتنهد هو حزينا على حالها حمحم بخفة يحادثها:.

- استني يا روحية عايز اتكلم معاكي كلمتين...
منيرة ادي ملك لروحية وحضرلينا الفطار
تقدمت منيرة تودع الصغيرة بين يدي روحية تتحرك ناحية مراد لكزته بمرفقها في ذراعه تغمغم ساخطة:
- نفسي مرة تقولي يا ستي ولا يا جدتي حتى زي أدهم، واد يا مراد على **** تزعلها، أنا بقولك اهو هتلاقيني جيالك بالشبشب.

ضحك مراد رغما عنه يحرك رأسه بالإيجاب سريعا، تحركت روحية بأرجل مرتجفة للخلف جلست على الأريكة بعيدا عنه ليجذب هو مقعد من الخشب لم يرد أن يقترب منها يكفي حالها المرتعد منه، ظل للحظات طويلة لا يجد ما يقوله، يختلس النزرات إليها ليعاود النظر أرضا تعبث يديه في علاقة المفاتيح متوترا، حمحم يتمتم بخفوت:
- هو انتي سيبتي شغلك ولا ايه ما بقتيش بتنزلي تروحيه
ارتسمت ابتسامة عذاب ساخرة على شفتيها تتمتم بهمس متهكم:.

- انزل وسط الناس في الشارع عشان اللي هيخاف يقول كلمة هيبص بقرف، هشوف في عينيهم اللي خايفين يقولوه، لاء معلش أنا عندي اموت من الجوع بكرامتي احسن.

شعر بالدماء تفور في عروقه شعر بمدي دناءة ما كان سيفعله بصبا والتي تعاني منه روحية الآن ألسنة المجمتع القاسية التي لا ترحم تترك الجاني وتجلد المجني عليه، وصل حقده على صديقه لدرجة بشعة كان سيدمر بها فتاة بريئة لا ذنب لها من الجيد أن ذلك لم يحدث، رغم كل ما حدث له ولكنه الآن فقط يمتن لما فعلوه، تحرك من مكانه يجلس على الأريكة بالقرب منها كثيرا نظرت له فزعة بينما حرك هو رأسه نفيا بعنف شديد يحادثها منفعلا بحرقة:.

- أنتي ما غلطتيش يا روحية، انتي مالكيش ذنب، **** أعلم أنك عمرك ما كنتي خاطية وإن اللي حصل دا كان غصب عنك، حتى أنا، يوم ما شيطاني ساقني ليكي، قاومتيني كان عندك تموتي ولا أنك تقعي تحت رحمة شيطان تاني، إنت المفروض تبقي فخورة بنفسك، وأنا ما كذبتش لما قولت أنك مراتي، لأنك فعلا مراتي على سنة **** ورسوله أنا رديتك لعصمتي يوم ما رجعت، وفي حاجة كمان أنا عملتها، هي من غير علمك بس صدقيني ما كنش قدامي حل تاني، كان لازم اطلع شهادة ميلاد لملك وأنا للأسف ما عييش قسيمة جواز غير بتاعتنا...

صمت للحظات ليمد يده في جيب سرواله يخرج ورقة مطوية فتحها يرفعها أمام عينيها لتشخص عينيها في صدمة تكمل سيل الصدمات التي تلقتها منه توا، اولاها كلامه الغريب مراد يريد منها أن تفتخر بذاتها، مراد! هو من يقول ذلك الكلام، والاسوء عادت لعصمته، هي لا تزال زوجته، واكتملت الحلقة حين رأت شهادة ميلاد الصغيرة باسمها، سجل ابنته الصغيرة باسمها باتت ابنتها هي ايضا كيف يفعل ذلك دون أن يخبرها، كيف تتحمل كل تلك الصدمات في آن واحد، آخر ما شعرت به هو يهرول ناحيتها يأخذ الفتاة سريعا من بين يديها وبعدها ذهبت في دوامة بعيدة سوداء لفتها بالكامل شعرت بجسدها يترنح ولكنها لم تسقط أرضا بل سقطت على صدره آخر ما سمعته كان دقات قلبه المتسارعة.

بعيدا في منزل بعيد، بعيد للغاية يقف هو خارج الغرفة، ينتظر بفارغ الصبر خروج الطبيب من الغرفة ليطمأنه على حالة والده، اقتربت زوجته منه تنظر له حزينة توجهت تقف جواره رفعت يدها تضعها على كتفها تربت عليه برفق ليلتفت برأسه لها أعطاها ابتسامة شاحبة ليعاود النظر امامه تشرد عينيه في الفراغ قلقا، تنهد ترانيا تحادثه برفق:.

- محمد هون على نفسك عمي هيبقي كويس، الحمد *** احنا كنا فين وبقينا فين، الدكتور هيطلع يطمنا.

دعي في نفسه كثيرا أن يمر الأمر حقا على خير، اغمض عينيه يتنهد قلقا منذ أشهر ووالده في حالة حرجة بسبب ارتفاع ضغط دمه المفاجئ مما سبب له جلطة، جعلته قعيد الفراش، ترك الدنيا بأكملها وجاء لمنزل والده ليعتني به بصحبة زوجته وابنه فراس، حالة والده ليست مستقرة إطلاقا، ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيه يتذكر صديقه، خالد وهو يصيح فيه يوميا:.

- انشف يا محمد، أبوك هيبقي كويس، أنا متابع حالته مع الدكاترة، وما تقلقش أنا سادد مكانك في الشغل
اجفل من شروده على صوت الباب يُفتح هرول سريعا ناحية الطبيب يسأله متلهفا:
- طمني يا دكتور، حالته ايه دلوقتي
ابتسم الطبيب في هدوء يردف في جدية:
- لاء دلوقتي الحمد *** الحالة اتحسنت كتير عن الأول، نكمل بس على الأدوية دي، عشان الدنيا ما تبوظش مننا تاني.

حرك رأسه إيجابا سريعا التقط ورقة الأدوية من الطبيب يصيح بصوت عالي:
- فراس، مع الدكتور، وهات الدوا دا
اقترب شاب تقريبا في الثامنة عشر من عمره حرك رأسه إيجابا سريعا اخذ الورقة من والده يتحرك بصحبة الطبيب للخارج، ليندفع محمد ناحية الغرفة دخلها يغلق الباب عليهم لتبتسم رانيا في هدوء، انسحبت تتوجه ناحية المطبخ تعد الغداء لحماها العزيز.

دخل محمد إلي غرفته والده اقترب من فراشه مد يده سريعا يمسك كف أبيه يقبله عدة مرات، فتح رفعت عينيه بضعف شديد وشبح إبتسامة ارتسمت على شفتيه يغمغم بصوت ضعيف متهالك:
- رغم قسوتي عليك زمان يا محمد، الا أنك دايما بتجري عليا لو حصلي اي حاجة، **** يبارك في عمرك يا ابني، ويريحك من همي
ادمعت عيني تتساقط منها الدموع بغزارة وكأنه *** صغير حرك رأسه نفيا بعنف يتمتم منفعلا:.

- **** يخليك ليا، إنت عمرك لا كنت ولا هتكون هم عليا، أنا مستعد أعيش خدام تحت رجليك بس إنت يفضل نفسك في الدنيا...
ابتسم رفعت في ضعف جذب يده من يد ولده يحاول بضعف جذب جسده ليعانقه، اقترب محمد يعانق أبيه ينفجر في البكاء بين أحضانه بينما يمسح رفعت على رأسه، تساقطت دموعه يغمغم في شوق:.

- نفسي اشوف اختك يا محمد، لوجين وحشتني أوي، «على» على الأقل بيجي كل يوم يطمن عليا، انما لوجين أنا بقالي سنين ما شوفتهاش
رفع محمد رأسه ينظر لوالده في هدوء يحرك رأسه إيجابا يحادثه مترفقا:
- هتشوفها، خالد بيدور عليها وقالي أنه قرب يوصلها...
ارتسمت ابتسامة حزينة متألمة على شفتي رفعت ينظر له متألما تساقطت دموعه يغمغم حزينا معذبا:.

- خالد!، تفتكر خالد سامحني على كل اللي عملته فيه زمان، شيطاني ساقني يا محمد، دايما خالد كان ابني اللي مخلفتوش، دايم واقف جنبك وأنت جنبه كنت بحس بالفخر وأنا شايفكوا انما شيطان الفلوس خلاني ااذيه بالشكل دا، قوله يسامحني يا محمد، أنا اذيته كتير أوي، قوله إن **** خدله حقه مني، وبقيت عاجز.

سالت دموع محمد فتح فمه يرغب في قول شيئا ما ولكن قاطعه دقات الباب، دقتين فقط وفُتح الباب ليظهر خالد من خلفه يبتسم لهم يحمل عدة حقائب بلاستيكية سوداء توجه ناحية صديقيه، قام محمد ما أن رآه ليدفع خالد إليه الحقائب يغمغم تعبا:
- شيل يا عم عني الأكياس قطعت نفسي.

قطب محمد جبينه متعجبا ينظر لما داخل الحقائب لتتوسع عينيه في اندهاش حين رآها تحتوي على فاكهة « التفاح والموز والبرتقال والعنب وبطيخة كبيرة الحجم » نظر لصديقه مدهوشا يتمتم في عجب:
- ايه يا خالد اللي أنت جايبه دا
نظر خالد لصديقه يبتسم يغمغم في ببراءة:
- و**** دورت على برقوق ما لقيت، أنا عارفك بتحبه
خرجت ضحكات محمد رغما عنه، نظر خالد لمحمد ليحرك الأخير رأسه إيجابا حمحم يغمغم في مرح باهت:.

- هروح اغسل الفاكهة، مش عارف تجيب مانجا يا معفن، وبعدين لقيت برتقال فين في الصيف
ضحك خالد دون أن يرد لينسحب محمد من الغرفة يغلق الباب خلفه، اقترب خالد من فراش رفعت يجلس على المقعد بالقرب منه ابتسم في هدوء يحادثه:
- حمد *** على سلامتك يا خالي
انهارت دموع رفعت بعنف ما أن نطق كلمته الأخيرة يشهق في بكاء مرير يتوسله راجيا:.

- أنا آسف يا ابني حقك عليا، اذيتك واذيت مراتك، بجشع وانانية سببتلكوا وجع كبير، سامحني يا ابني وقول لمراتك تسامحني على اللي عملته، ما فضلش في عمري كتير، سامحني يا ابني ابوس إيدك
حاول رفعت أن يمسك كف خالد ليبعد الأخير يده سريعا، رفع يده يربت بها على كتف رفعت برفق لحظات صمت قبل أن يغمغم بهدوء:.

- مسامحك يا خالي، عشان خاطر ذكريات حلوة كتير عيشتها في بيتك، وعشان خاطر محمد، اللي من اول نفس في الدنيا لينا وهو واقف في ضهري، رامي عليه دايما همي، قوم أنت بس بالسلامة عشان خاطر محمد، هعدي عليك تاني، أنا بس مستعجل عندي شغل مهم، حمد *** على سلامتك.

تحرك يغادر الغرفة بأكملها ما أن فتح بابها رأي صديقه يقف خارجا، اندفع محمد ناحيته يعانقه بقوة ليبتسم خالد برفق يربت على رأسه كأنه *** صغير، حين تمتم محمد ممتنا:
- شكرا يا خالد، حقيقي مش عارف اشكرك ازاي
ابتسم خالد في رفق يبعده صديقه قليلا قبض بكفيه على ذراعيه يحادثه متعجبا:.

- بتشكرني على ايه، هو مين المفروض يشكر التاني، يا ابني دا من كرم **** عليا وجودك في حياتي، خلي بالك من أبوك يا صاحبي، وأنا هجيلك تاني، وما تقلقش على الشغل كله تحت السيطرة
ابتسم محمد في هدوء يعانق صديقه ليودعه بعد قليل...

إلي منزل خالد السويسي، بعد أن انهي عمله وانهي زيارة صديقه عاد لمنزله حين وصل وجد سيارة شحن تقف خارجا والحرس يمنعون المندوب من الدخول، ترجل من سيارته يقترب منه يسألهم:
- ايه اللي بيحصل
التفت المندوب إليه يحادثه بنزق:
- يا افندم أنا بقالي ساعة وهما رافضين يستلموا الاوردر
نظر خالد للصندوق الذي يحمله الفتي ليعاود النظر إليه من جديد يسأله:
- مين اللي طلب الاوردر دا، باسم مين.

نظرى المندوب للورقة في يده ليعاود النظر لخالد يغمغم:
- الاوردر طلباه آنسة لينا خالد السويسي ومدفوع بالكريدت كارد، حتى التوصيل مدفوع، ممكن بقي حد يستلم مني الاوردر عشان لسه عندي طلبيات كتير.

حرك خالد رأسه بالإيجاب أخذ الطرد من المندوب يوقع له على إيصال الاستلام، ليأخذ الطرد يتوجه به للداخل، صحيح أن الشك يكاد يقتله أن يكن بداخله قنبلة او شيئا ما، حرك برفق ليتسمع إلي صوت بعض العلب الصغيرة ترتطم ببعضها بعضا، قرب اذنه منه لا يسمع صوت اي عداد لقنبلة، هو يعرف صوته جيدا، توجه للداخل ليجد لينا ابنته تشاهد التلفاز جوار حسام شقيقها، اقترب منها ينظر للينا يسألها:
- لينا أنتي طالبة اوردر.

توسعت عيني لينا في حماس، لتهب من مكانها سريعا تأخذ الطرد من والدها تغمغم في انتصار:
- ايوة يا بابا أنا طلباه كويس أنه ما اتاخرش
أخذت الطرد وصعدت تركض لأعلي، ليقطب خالد جبنيه مندهشا، قام حسام هو الآخر يأخذ طبق الفشار معه يغمغم مبتسما:
- أنا هروح اغير هدومي واحضر شنطتي زيدان قالي أنه قدامه ساعتين ويجي
قالها ليصعد إلي أعلي هو الآخر ليتهاوي خالد على الأريكة يصفع كف بأخر يغمغم ساخرا:.

- يا ولاد المجانين، دا أنا هقلبها عباسية
لحظات ودق هاتفه زفر حانقا يخرجه من جيب سترته لتتوسعه عينيه في تلهف فتح الخط سريعا يحادث الطرف الآخر بالإنجليزية:
- سام، توصلت إليها، نعم نعم، كم المبلغ، سأكون عندك في أسرع وقت ممكن، تصرف سام سأدفع النقود للبنك أن أرادوا، غدا على الأكثر سأكون أمامك، لن أتأخر.

أغلق الخط لينتفس بارتياح يمسح وجهه بكفي يده عثر عليها اخيرا شقيقه الحمقاء وجدها، لينا أخبرته مؤخرا بما فعله بها معتز ومن يومها وهو يبحث عنها في جميع، لا يعرف أيضع الذنب عليها ام على نفسه، لا يعرف حتى أهي جانية أم بريئة مجني عليها، مثل زيدان، وذلك المختل معتز اوقعها في شباك فخه، تنهد حائرا يعبث في هاتفه يحجز اقرب طائرة متجهة إلي لندن والتي لحسن حظه ستقلع بعد أربع ساعات، ولكن تبقي المشكلة، لينا ستسافر مع حسام وزيدان، لن يترك لينا بمفردها هنا، حتى وإن كانت زيارته قصيرة، ماذا سيفعل، رآها تقترب منه تحمل كوب قهوة وضعته أمامه تتمتم مبتسمة:.

- سمعت صوتك قولت اعملك قهوة أنا عارفة أنك بتبقي جاي مصدع
- لينا تسافري معايا لندن، يوم واحد بس بالكتير وهنرجع
نطقها هكذا فجاءة دون مقدمات لتتوسع عينيها في دهشة، رمشت بعينيها تنظر له مذهولة، ليبتسم هو يغمغم سريعا:
- يبقي موافقة هحجزلك تذكرة معايا
خالد مجنون ذلك شئ لم تعرفه توا، فعلها قبلا وفاجئها بسفرهم قبلهم بعدة دقائق، الآن على أقل تقدير يعطيها فرصة قليلة لضب حقائبهم...

مرت ساعتين تقريبا قبل أن ينزل حسام من أعلي يحمل حقيبة ملابسه في يده ومن خلفه لينا التي ما ان اقتربت منه القت الحقيبة عليه تغمغم ساخطة:
- ما تشيل عني الشنطة...
حدجها حسام بنظرة قاتلة مضحكة ليلقي الحقيبة على وجهها يغمغم ساخرا:
- وانتي اتشيليتي، لما تتشلي كدة يا حبيبتي هبقي اشيلك انتي والشنطة
- بس يا حمار أنت والبقرة اللي جنبك.

صاح فيهم خالد غاضبا، ابنه البكر الذي تجاوز الثلاثين وشقيقه التي تصغره ببضع أعوام يتصرفون وكأنهم ***** في الصف الأول الابتدائي، اقترب خالد منهم بينما اطرق حسام ولينا رأسيهم أرضا وقف خالد أمامهم يعقد ذراعيه خلف ظهره يغمغم أمرا:.

- مش عايز مشاكل وتاخد بالك من اختك يا حسام، اهل زيدان ناس سم، لو حصل أي حاجة ولعوا فيهم، انا اللي بقولكوا ابتسم حسام في خبث ينظر لشقيقه لتقابله الأخيرة بنفس الابتسامة، وصل الطرد وستلاعبهم جيدا كيف يفعل محرك الدمي بعرائسه، ستنقم شر انتقام على لحظات الفزع التي وضعوها بداخلها قسرا، تحركوا للخارج بعد أن ودعهم خالد ولينا، هناك في سيارة يجلس زيدان وبجانبه تلك الحية الملونة، كم أرادت أن تنقض عليها وتغرز أظافرها في عنقها، تحركوا ناحية سيارة زيدان اقترب حسام من زيدان يغمغم:.

- نزل المزة عشان أنا هركب قدام
ضحك زيدان رغما عنه نظر لانجليكا يحادثها مبتسما:
- معلش يا انجيلكا حسام بيحب يركب قدام...
ابتسمت انجيلكا بلطف شديد لتتحرك من مكانها توجهت ناحية الأريكة الخلفية تجلس جوار لينا التي حدجتها بنظرة قاتلة ما أن جلست، فابتسمت انجليكا برقة شديدة..

ادار زيدان محرك السيارة يشق بها الطريق الي الصعيد، يقطع المسافة يتذكر مع كل ميل يخطوه للأمام، حين كانت تجلس جواره، في الطريق قبل أشهر، تبدل فيهم الحال، اجفل على صوت أنجيلكا تهتف برقة:
- زيدان أنا جآنة أوي
ابتسم لها في هدوء خاوي من المشاعر، يحرك رأسه إيجابا يحادثها:
- حاضر يا انجليكا في استراحة بعد عشر دقايق هنقف واطلبلك اكل.

ابتسم تشكره بالإنجليزية، بينما لينا كانت على وشك أن تسبها بكل لغات العالم أجمع، نظرت ناحية شقيقها تغمغم في غيظ:
- حسام أنا جعانة
رفع حسام حاجبه الأيسر ساخرا يغمغم متهكما:
- دا انتي واكلة سبع مرات قبل ما نيجي، جعانة إيه، تعالي كوليني
أحمر وجه لينا غضبا، بينما نظر حسام لزيدان يغمغم ساخرا:
- شايف الفرق بين الاجنبي والمصري، بتقولك جآنة أوي، كفاية بس كلمة جآنة، مش حسام أنا جعان، تسرعك كدة.

ضحك زيدان يشاركه حسام في الضحك، عند أول إستراحة وقفت سيارة زيدان نظر لانجيلكا يسألها:
- تحبي تاكلي ايه
اسبلت انجيلكا عينيها تتغمغم بلطف:
- على ذوآك
- يا عم جوزهالي يا عم مش شايف بتتكلم ازاي.

غمغم بها حسام منفعلا بطريقة مرحة مضحكة ليصدمه زيدان على رأسه برفق، نزل متوجها إلي الإستراحة غاب بضع دقائق ليعد ومعه اربع حقائب مغلفة اعطي واحدة لحسام وواحدة لانجيلكا، التفت برأسه ناحية لينا يمد يده لها بواحدة يغمغم مبتسما في هدوء:
- اتفضلي.

نظرت لوجهه وهو يبتسم تسرح حدقتيها بين قسماته، لتشعر بدقات قلبها تتضارب، قبضة مؤلمة تسحق روحها لما لم يعد ينظر لها كما كان يفعل، أين عشقها لما لم تعد تراه في عينيه، هل أحبت تلك الجالسة جوارها، ادمعت عينيها رغما عنها تشيح بوجهها بعيدا سريعا غمغمت بغصة مختنقة:
- شكرا مش جعانة
وضع الحقيبة جوارها على الأريكة الخلفية يغمغم بهدوء:
- على راحتك.

شخصت عينيها في دهشة هكذا ببساطة، عاد هو يدير محرك السيارة يشق الطريق من جديد الي منزل عمه، قرب سطوع الشمس وقفت سيارته في حديقة المنزل، نزل منها ليجد عمه وعمته يقفان في الحديقة اقتربت عمته إلهام من لينا سريعا تعانقه بود زائف تغمغم بترحاب مصطنع:
- اهلا اهلا بمرت الغالي، اتوحشناجي جوي جوي
شخصت عيني لينا في دهشة، لا زالوا يعتقدون أنها زوجته، زيدان لم يخبرهم انهم انفصلوا، ابتعدت عن عمته تغمغم في دهشة:.

- لاء مش
- مش قادرة تقفي أنا عارف بتتعبي من السفر يا حبيبتي
غمغم بها زيدان في هدوء تام لتنظر لينا إليه في دهشة، حجظت عينيها أكثر حين سأل عمه عن تلك الشقراء المقززة فاجابهم زيدان مبتسما:
- انجليكا خطيبة حسام اخو لينا مراتي!

ضحية
جلاد
جانية
مجني عليها
أخطأت وربما لم تفعل
بل فعلت.

سلمت حياتها لشيطان دمرها هي وصغيرها خسرت كل شئ والآن ها هي تأخذ عقابها على ما فعلت ملقاة في سجن داخل مصحة لمعالجة الإدمان صحيح انهم تخلصوا من ذلك السم ازالوه تماما من دمها الا انهم يبقون عليها هنا لتمام علاجها، ستبقي مسجونة إلي اجل غير مسمي وهي حقا تستحق ما فعلت يكفي أنها اضاعت صغيرها، كانت سبب عذابه الأول، لم تحمه من بطش شيطان اراد به سوء الانتقام، اجفلت من موج يلطمها بلا رحمة على صوت الممرضة تخبرها بأن هناك زيارة لها، زيارة من؟، لا أحد يعلم أنها هنا، التفتت برأسها للقادم لتشخص عينيها في ذهول للحظات لا تصدق ما تراه أمامها انهمرت دموعها، تغرق وجهها هو، هو هناك يقف أمامها، تحركت بخطوات ثقيلة تهرول ناحيته، ترتمي بجسدها بين ذراعيها تنوح في بكاء قاسي تردد اسمه بلا توقف:.

- خالد، خالد، أنت هنا صح، ابني يا خالد زيدان فين!

الفصل مئة وأربعة

ضياع ما كانت تشعر به هو الضياع الكامل، وكأنها داخل نفق بدأ ولم ينتهي ابداا، تركض بلا توقف حتى ركضها بلا داعي، ممن تهرب من ذكريات كالجحيم من شعور قاسي مخيف بالندم يركض خلفها ينهش ما تبقي من فراغ روحها، يدخلها داخل دوامة سريعة عنيفة من الذنب والألم والمعاناة، دوامة تنخر فيما تبقي من ثبات زائف تقضي علي الروح تنهش القلب، دوامة لم تختفي، تتراجع، تهرب بعيدا، الا حين ارتمت بين أحضان أخيها تشعر بالحياة بالدفي والأمان، أمان كانت قد نسيته منذ سنوات في دوامة السكر التي سبحت فيها بملئ إرادتها، بحر من السكر المر تدمن عذوبته القاسية رغما عنك...

شدت بذراعيها علي جسد أخيها تخبئ روحها الفارغة داخلة تجهش في بكاء قاسي مرير مؤلم، بكاء يخرج كل ما يتصارع داخل قلبها المكلوم، تشعر بيد أخيها تربت علي رأسها، لحظات طويلة قبل أن يبعدها عنه قليلا يمسك ذراعيها بكفيها ينظر لقسمات وجهها الذابلة، لوجين جميلة العائلة كما كانوا يلقبونها، لا يري منها سوي شبح امراءة خائفة، عينين ذابلة، شفاه مرتجفة، بشرة شاحبة، خصلات بيضاء تغزو رأسها، يشك أنها من الزمن، لوجين التي كان يتسابق الخطاب إليها وفي النهاية فاز بها صديقهم المقرب زيدان لتكتمل سعادتهم، ولكن دوام الحال من المحال، لا أثر للسعادة في تلك اللحظات حتى الابتسامة التي رسمها علي شفتيه لا أثر للسعادة فيها، جل ما فعله أنه مد يده يمسح دموعها عن وجهها، يحادثه بترفق:.

- أنا هنا ومش همشي، هاخدك معايا، أنا خلاص دفعت الدين للبنك وبقيتي حرة، والمستشفي تفاوضنا معاهم وهخرجك علي مسؤوليتي...
مد يده لها بحقيبة ورقية كبيرة وضعها علي الفراش جوارها يحادثها بترفق:
- غيري هدومك، يلا عشان نمشي.

ارتسمت ابتسامة مرتجفة علي شفتيها تومأ برأسها بالإيجاب قلبها يقرع بعنف مخيف داخل صدرها ترحل سترحل، ستخرج من سجن ظنت أنه أبدي، ستري صغيرها اخيرا، كم تتوق لاحتضانه، تخبره بمدي ندمها، تحرك خالد يقف خارجا، يغلق الباب خلفه، لتبصر عينيه لينا التي تجلس علي مقعد أمام الغرفة من نظرة عينيها الشاردة استشف أن هناك ما يضايقها ولكن تري ما هو، ماذا حدث، اقترب يجلس علي المقعد المجاور لها وضع يده علي كتفها يسألها:.

- مالك يا لينا
اشاحت بوجهها في الإتجاه الآخر تقبض كفيها تشد عليهما بعنف، تحاول أن تبدو هادئة وهي علي وشك الانفجار، تنهدت تغمغم بجفاء:
- ما فيش، هي لسه ما خلصتش مش هنمشي بقي أنا زهقت.

قطب جبينه متعجبا من لهجة لينا الحادة، لينا بها شئ غريب منذ أن علمت أنهم هنا لأجل لوجين والدة زيدان، وجه انظاره ناحية الباب حين سمعه يُفتح لتطل لوجين من خلفه بعد أن بدلت ملابسها بالملابس الشتوية الثقيلة التي في الحقيبة اقترب خالد منها يبتسم لها لف ذراعيه حول كتفيها يحادثها:
- يلا يا حبيبتي.

حركت رأسها إيجابا في توتر لم تنطق بحرف آخر، إلا أنه شعر بجسدها يرتجف، فما كان منه الا خلع معطفه الاسود الكبير يلبسها إياه، ابتسمت في شحوب واضح، وجه انظاره ناحية لينا، لتتوسع حدقتيه قليلا حين رآها تنظر ناحية لوجين ترميها بنظرات قاتلة حادة هو بذاته خاف من نظرات لينا التي توجهها للوجين اقلقته حقا، لينا تبدو غاضبة وللغاية، تنهد يحاول أن يمد أن يبتسم مد كف يده ناحية لينا، لتقبض علي حقيبتها بعنف قامت من مكانها تتقدمهم للخارج، آخر ما سمعه منها كان زفرة غيظ قوية تعبر بها عن حنقها، توجه مع لوجين لخارج المكان، ما إن خطت قدميها خارج المصحة وقفت تنظر لأشعة الشمس التي تختبئ علي استحياء خلف الغيوم، الهواء البارد، رائحة المطر، أناس يتحركون هنا وهناك، شعر خالد بحاجتها ان تقف هكذا تستعيد شعور أنها بين الأحياء من جديد، فوقف جوارها صامتا، للحظات طويلة قبل أن تطل لينا برأسها تغمغم مستاءة:.

- احنا هنفضل في الشارع طول اليوم!
نظر خالد لزوجته معاتبا بينما حمحمت لوجين مرتبكة تحرك رأسها بالإيجاب، تقدم خالد يفتح لها باب السيارة الخلفي، جلست ليغلق الباب عليها بهدوء، أخذ مكانه خلف المقود، نظر للينا نظرة خاطفة يعاتبها بها، وهي حقا لم تهتم فقط اشاحت بوجهها بعيدا عنه، ليزفر حانقا التفتت برأسه ناحية لوجين يحادثها مبتسما:.

- احنا هنطلع علي الاوتيل دلوقتي، الطيارة هتتحرك الساعة 3 الفجر، الباسبور بتاعك معايا ما تقلقيش...
بالكاد ابتسمت تحرك رأسها إيجابا، ليدير خالد محرك السيارة يتوجه مباشرة إلي الفندق، يختلس النظرات بين حين وآخر لتلك الجالسة جواره يحاول أن يفهم ما بها لينا، لما تغيرت فجاءة وكأنها أخري لا يعرفها!

هناك علي صعيد آخر في حديقة منزل أهل زيدان يقف حسام أمام صديقه، ينظر لها حانقا مغتاظا طحن أسنانه يهمس له بصوت خفيض غاضب:
- دا علي أساس أن أنا قرني، مراتك منين يلا، أنت ازاي تقول أنها مراتك اصلا، أنت اتجننت يا زيدان.

كان يقف ينظر لمجري المياة الصغير الذي يشق الصخور أمامه يتدفق ببطئ ورفق، يحي اليابس من جديد انتظر إلي أن انتهي صديقه من عتابه، ليلتفت بجسده له وقف أمامه للحظات يدس يديه في جيبي سرواله تنهد يغمغم في هدوء:.

- أنا عملت كدة عشانها وعشان كرامتي، صدقني لو عرفوا أننا متطلقين، مش هتسلم من لسانهم اللي هيخافوا يقولوه قدامي هيقولوه من ورايا، وهي حالتها النفسية ما تسمحش لأي كلام منهم، وأنا، لسه فاكر كويس، يوم ما طردتهم في البيت لما كنا مسافرين شهر العسل، إلهام صرخت في وشي تقولي ( أنت بتطردنا عشان مراتك بكرة تسيبك زي ما أمك سابتك، أنت محكوم عليك تعيش منذوب )، كان نفسي ارميهم في الشارع لولا ابوك رفض عشان الاطفال الصغيرين.

تنهد حسام حائرا جزء منه حزين يتألم علي مأساة صديقه وجزء آخر يشعر بالغضب منه، عاد ينظر لزيدان يغمغم ساخطا:
- طب ماشي، ما فكرتش وأنت بتقول أنها مراتك، إن من المنطقي أن مراتك تبات معاك في أوضة، وأنا علي جثتي لو دا حصل
تنهد زيدان في هدوء يرسم شبح ابتسامة طفيفة علي شفتيه يغمغم في هدوء:
- لاء فكرت يا حسام، أنت فاكر اوضتك جنب اوضتي لزقين في بعض ويفصل بينهم باب، يعني لينا تقدر تدخل أوضتك بمنتهي البساطة.

زفر حسام متضايقا، صحيح أن الفكرة بأكمله لا تروق له ولكن زيدان قد ما قال ووضعهم أمام الأمر الواقع، حرك رأسه بالإيجاب يردد ساخرا:
- طب وانجليكا ايه نظامها دا أنت فجاءة عملتها خطيبتي يا مفتري...
ضحك زيدان بخفة تقدم يربت علي كتف حسام يحادثه ساخرا:
- مش كنت لسه هتموت وتتجوزها اديني خطبتهالك اهي...
قالها ليترك حسام يقف مكانه ويتحرك هو الداخل وقف حسام للحظات ينظر في أثر صديقه تنهد يغمغم في غيظ:.

- مجنون علي الطلاق مجنون، يا نهار اسوح لو سارة عرفت!

توسعت عينيه للحظات في خوف مضحك، قبل أن يهرول خلف زيدان يأخذ طريقه للداخل اتبع مصدر الصوت ليتوجه ناحية غرفة كبيرة للضيوف، رأي لينا تجلس علي أحدي الارايك وانجليكا علي مقعد، ولا أثر لزيدان، تقدم يجلس جوار شقيقته، لم تشعر به، عينيها هناك تسبح في الفراغ البعيد تفكر، لما فعل ذلك، لما بكلمات صغيرة نطقها تشعر بالحياة تدب في قلبها من جديد، لما هي سعيدة من الأساس، منذ أن قال ما قال وهي تنظر لانجليكا نظرات انتصار شامتة وكأنها تخبرها بتشفي انظري من فاز في النهاية، اقتربت انجليكا تجلس جوار لينا مالت عليها تهمس جوار اذنيها بصوت خفيض هامس غاصب:.

- مش تفرهي كتير، زيدان قالي أنه قال كدة آشان جدته تآبة ومش تتآب أكتر، زيدان بتآي أنا مش هسهملك تهديه مني ابداا، يا لينا
قالت ما قالت لتعود لمقعدها من جديد، تحت نظرات لينا المشتعلة بنيران غيظها من تلك الشقراء المستفزة، لحظات ورأت حسام يميل علي اذنها هو الآخر يهمس لها بخفوت هادئ:.

- لينا زيدان قالي أنه قال كدة عشان ما حدش من عماته يضايقك بكلمة، وما تقلقيش من موضوع النوم، في باب فاصل بين أوضتي واوضة زيدان هتعدي منه لاوضتي.

هل ستكون وقحة إن أخبرت أخيها أنها حقا تريد قضاء ليلتها في غرفة زيدان بالطبع ستكون، يا ليت الزمان لم يفرقهم، ستظل تندم إلي متي، ما حدث قد حدث ولا يمكنها تغيير الماضي، تنهدت حزينة تحرك رأسها بالإيجاب حين سمعت صوته المميز يحادثها هي!، رفعت رأسها له سريعا لتراه يبتسم إبتسامة صغيرة يتحدث بهدوء:
- لينا جدتي عايزة تشوفك.

جدته تلك العجوز الشمطاء المخيفة لا ترغب في رؤيتها من جديد ولكنها ترغب في أن تكون بصحبة زيدان ولو لبضعة لحظات، تنهدت تحرك رأسها بالإيجاب قامت من مكانها تتحرك ناحيتها يسبقها قلبها يهرول إليه، بينما هي تمشي بهدوء، سارت جواره يتحركان داخل ممر طويل في الطابق الأرضي لم تره من قبل، تحاول اختلاس النظر إليه دون أن يراه لتسمعه بعد لحظات يغمغم في هدوء:.

- أنا بعتذر لو قولت اننا لسه متجوزين، انا عارف إن حكايتنا خلاص انتهت، بس أنا ما يرضنيش إن حد يكلمك واحدة مالهاش لازمة انتي بنت خالتي اولا واخرا.

إبنه خاله! هل ذاك ما بات يربطهم، علاقتهم اختفت اقتصرت في قرابة عميقة إبنه خاله، لا أكثر ولا أقل، كم أرادت أن تصرخ في وجهه وتخبره بأنه كاذب مخادع هي تعرف انه يحبها كما تفعل هي، ولكنها صمتت حين وقف اخيرا أمام باب غرفة مغلقة، رفع يده دق الباب، ليمسك بكف يدها في اللحظة التالية، كم اشتاقت لدفئ كفه حين يحتوي يدها يشعرها حقا بالأمان، دخلت بصحبته لداخل الغرفة لتجد جدته، تلك السيدة التي لا تتذكر اسمها، تتكأ علي فراشها خلف ظهرها الكثير من الوسادات، كم أرادت في تلك اللحظة وهي تنظر إليها وتتذكر ما كادت تفعله بها أن تأخذ احدي تلك الوسادات وتضعها علي وجهها حتى تنقطع أنفاسها حد الموت، ولكنها ابتسمت اجبرت شفتيها علي رسم إبتسامة لطيفة للغاية حين سمعى زيدان يقول:.

- حمد *** علي سلامتك يا جدتي، لينا قالت تيجي تسلم عليكي وتقولك حمد *** علي سلامتك
نظرت له في دهشة ماذا يقول هذا، ألم يخبرها منذ لحظات أن جدته هي من أرادت رؤيتها، ولكنها ابتسمت مرة أخري رسمت ابتسامة كبيرة للغاية علي شفتيها اقتربت من فراش جدته تعانقها بقوة تغمغم بود مبالغ فيه:
- حمد *** علي سلامتك يا تيتا، **** تقومي بالسلامة وتبقي كويسة علي طول دايما.

خفضت صوتها حتى بات هامسا تبدلت ابتسامتها بأخري شيطانية تطوقها بشر قاسي تهمس لها متوعدة:
- حمد *** علي سلامتك يا تيتا، يا حرام بتموتي، أهو من أعمالك صبرك عليا انتي وستات البيت دا، أما وريتكوا لينا بنت خالد السويسي هتعمل فيكوا ايه، يا أنا يا انتوا في البيت دا
جحظت عيني توحيد في فزع تنظر لزيدان بهلع ليعلو صوت لينا من جديد تصيح قلقة:.

- ارتاحي يا تيتا شكلك تعبان خالص، أنا هطلع أغير هدومي وانزل اعملك الأكل بإيدي!
ابتعدت عنه تبتسم لها ببراءة كأنها **** صغيرة مطيعة للغاية، تحركت من جوارها ليتسأذن زيدان للرحيل، تحرك هو اولا وهي خلفه، التفت برأسها لمحة خاطفة ناحية توحيد تحرك يدها علي عنقها كأنها تذبحها تبتسم لها في خبث مخيف، لتتوسع حدقتي توحيد في فزع.

تحرك الجميع لأعلي زيدان وحسام غرفهم متجاوزة انجليكا في غرفة الضيوف البعيدة، ولينا بما أنها من المفترض زوجة زيدان يعني أنها ستكمث معه في الغرفة، نظرت لحسام وهو يدخل الغرفة المجاورة لهم، ليتقدم زيدان يفتح باب غرفتهم!، اشار لها لتدخل يبتسم في هدوء جاف:
- اتفضلي.

دخلت إلي الغرفة تنظر حولها للحظات تبدل المكان واختلف الزمان باتت في غرفة أخري في وقت سابق في لحظة مختلفة، بعد يوم طويل قضوه علي الشاطي دفع باب غرفتهم وهو يحملها بين ذراعيه بملابسها المبتلة، ضحكت بقوة تنفض خصلات شعرها المبتلة ليضحك بقوة يردف:
- يا بت بس كفاية هو انتي اصلا سمكة مش عارف اخرجك من الماية
ضحكت بقوة تؤرجح قدميها في الهواء تردف مبتسمة:
- بس دا ما يمنعش أني كسبتك في العوم 3 مرات...

نظر لها ساخرا يرفع حاجبه الأيسر مستهجنا يغمغم في غرور:
- وأنا كسبتك 9 مثلا!
عبست تنظر له في غيظ لتعلو ضحكاته وتشاركه هي الاخري في الضحك، كم كانت سعيدة بتفاصيل تمنت أن لا تختفي أبدا لما عليها أن تحسر سعادة كتلك، لما، اجفلت من شرودها السعيد علي حركة يد حسام أمام وجهها، نظرت له سريعا لتجده يقف داخل الغرفة ينظر لها حانقا:
- ايه يا بنتي انتي روحتي فين، يلا.

امسك كف يدها يخرج بها من الباب الفاصل بين الغرفتين، القت نظرة أخيرة ناحية زيدان بالكاد لمحته عينيها قبل أن يغلق حسام الباب، نظرت للغرفة الاخري لتجد فراشين صغيرين ومرحاض ملحق بالغرفة ودولاب كبير، توجهت ناحية حقيبة ملابسها تخرج لها بعض الملابس العملية، نظرت ناحية حسام لتجده يرتمي بجسده علي الفراش وقفت أمامه تضع يده علي خصرها نظرت له في توعد تتمتم بغيظ:.

- عمال تتريق عليا وتمدح في الصفرا وعايز تتجوزها، ماشي يا حسام صبرك عليا أما قولت لسارة، يا أبو عيون زايغة
توسعت عينيه في ذهول هبت يحاول الامساك لتركض هي إلي المرحاض تغلق الباب عليها من الداخل اقترب من باب المرحاض يدق عليه يهمس لها محتدا:
- بت يا لينا علي **** تقوليلها هموتك مسمومة هديكي حقنة هوا، مش هيطلع عليكي صبح يا لينا
- أنت بوق اصلا.

صاحت بها لينا من داخل المرحاض ليضيق عينيه في غيظ يركل باب المرحاض بقدمه بغيظ، تحرك ناحية فراشه يلقي بجسده عليه من جديد يغمغم ناعسا:
- لما اصحي ابقي اضربها
قالها ليغط في نوم عميق، من تعب الطريق، دقائق وخرجت لينا من المرحاض تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة، نظرت لحسام النائم، لتنظر ناحية الباب الفاصل بين غرفتها وغرفة زيدان، تنهدت قبل ان تتوجه الي الفراش تضع رأسها علي الفراش لا تعرف حتى متي غطت في النوم.

علي صعيد بعيد، بعيد للغاية في الجونة في غرفة سارين وعثمان، يقف عثمان أمام مرآه الزينة في غرفتهم يصفر لحن طويل هادئ، يصفف خصلات شعره بعناية فائقة، وضع الفرشاة من يده ليلتقط زجاجة عطره القليل فقط يكفي، القي نظرة أخيرة علي هيئته قميصه الأبيض المفتوح حتى منتصف صدره، سروال من الجينز الأسود القصير يصل لبعد ركبيته بقليل، حذاء أبيض فاخر، نظارة شمس سوداء معلقة في جيب قميصه الصورة مكتملة، توجهت عينيه ناحية باب المرحاض حين خرجت سارين منه تجفف وجهها بمنشفة صغيرة، اقترب منها مبتسما يقبل قمة رأسها:.

- صباحك فل يا حبيبتي، لسه بردوا مصرة ما تخرجيش معانا
اشاحت بوجهها بعيدا عنه تتمتم بكلمة واحدة فقط:
- لاء
ابتسم يآسا ليميل سريعا يطبع قبلة صغيرة علي وجنتها حين سمع صوت دقات الباب ليهمس لها بشغف:
- علي راحتك يا قلبي، خلي بالك من نفسك مش هتأخر.

توجه ناحية الباب يفتحه لتظهر ليلا من خلفه بفستان أصفر تتداخل فيه بعض الألوان الصيفية، بحملات رفيعة يصل لقبل ركبتيها، ابتسمت بنعومة ما إن رأت عثمان ليمسك كف يدها يقبله يغمغم مبتسما:
- صباح الفل يا قلبي، يلا عشان ما نتأخرش.

ابتسمت في دلال تومأ برأسها بالإيجاب، شبكت كفها في كفه، هي فقط لمحة خاطفة التي جاءت من رأس عثمان ناحية سارين التي تقف هناك ليغمز لها خفية بطرف عينيه، لتشيح الأخيرة بوجهها بعيدا في غيظ، ما إن خرجا من الغرفة توجهت ناحية الباب تصفعه بعنف جلست علي سطح فراشها تهز ساقيها بحركة هستيريا سريعة، الحية كم ترغب في نزع عينيها، تمزيق رقبتها ولكنها خطة عثمان التي يجب أن تلتزم بها، حتى لا يضيع انتقامهم هباءً، وقفت تلتفت حول نفسها تتنفس بعنف تغمغم في غيظ:.

- خطة مش خطة أنا هنفجر البتاعة دي بتقرب منه، وأنا المفروض اسكت، هطق يا رب تطلع سمكة قرش تاكل رقبتك يا بعيدة...

توجهت ناحية الشرفة في غرفتهم تنظر للخارج لتري تلك الحية تمسك بكف يد عثمان يتحركان معا ناحية مركب كبير ينتظرهم علي الشاطئ، شدت كف يدها تعض علي شفتيها بغيظ، الحية كم تكرهها الآن وقبلا، كم هي حمقاء، تظن أن عثمان سيقع مرة أخري في فخها غبية، تقسم أن جسدها المثالي يملك عقلا فارغا، توجهت ناحية برأسها تلقي بجسدها عليه تتذكر ما حدث في اليوم التالي للسباق
Flash back.

ابتعدت عن أحضانه تبتسم له في عشق لا ينتهي، قبل أن تسأله:
- اشمعني الجونة يا عثمان، أنا عارفة أنك بتحب تروح الساحل وكل اجازة هناك
ضحك عثمان في خفة مد يده يقرص وجنتها برفق يلاعب حاجبيه في عبث:
- دا انتي حافظة بقي.

احمرت وجنتيها خجلا، ليمسك بيدها يتحرك بها ناحية الفراش جلس يجلسها جواره يحتضن كفيها بين كفيه رفعت وجهها إليه تنظر له قلقة حين رأت نظرة عينيه الشاردة يبدو أنه في حيرة من أمره، تنهد بقوة يحسم قراراه نظر لها يبتسم في توتر ليغمغم قلقا:.

- بصي يا سارين كان ممكن اقولك بمنتهي البساطة عشان أنا حابب نقضي شهر العسل في مكان مختلف، وكان ممكن اعمل الفيلم الجاي من غير ما أعرفك، بس أنا وعدتك يوم فرحنا اني ما اعملش حاجة من غير ما اشاركك فيها، احنا رايحين الجونة عشان ليلا هناك
شخصت عيني سارين في ذهول بينما حرك عثمان رأسه إيجابا، يكمل ما كان يقول:.

- امبارح قلقت بليل علي صوت رسايل كتير بتيجي علي موبايلي فتحته لقيتها منها رسايل كلها اعتذار وندم، وإن باباها هو اللي اجبرها انها تسيبني وانها ندمانة فكراني اهبل وهتعرف توقعني تاني، أنا بقي همشي خطتها زي ما هي رسماها بالظبط، وفي اللحظة الأخيرة هقلب الطرابيزة علي الكل، أنا عرفت مين اللي ورا ليلا وعرفت هدفه إيه، كل اللي طالبة منك، انك تتصرفي كأي واحدة شايفة جوزها بيحب واحدة تانية، سارين أنا كان ممكن اعمل كل دا من غير ما اقولك بس أنا ما يهونش عليا اقهر قلبك أبدا، هتساعديني.

توترت حدقتيها قلقة تلك الحية عادت لحياتهم من جديد، نظرت له للحظات تنهدت خائفة تحرك رأسها بالإيجاب...
Back
عادت من شرودها علي صوت رسالة تدق علي هاتفها لتجدها من عثمان بعث لها بكلمة واحدة:
- بحبك.

في لندن، في أحد الفنادق الفاخرة هناك، تململ بعد ساعات سقط فيهم نائما لم ينم منذ الأمس تقريبا، ما إن استقل الطائرة وعقله يفكر في شقيقته و زيدان والخطوة القادمة في حياة الجميع، ما إن نزل من الطائرة توجه مباشرة إلي البنك يحاول التفاوض معهم ليدفع الدين عنها، واستخراج جواز سفر بديل لها واستعادة أوراقها الشخصية، ومن ثم إلي المصحة، وجداله الحاد مع الطبيب حتى سمح له باخراجها علي عهدته الشخصية، وما زاد العتمة ظلاما معاملة لينا الغير مفهومة منذ أن جاءوا لهنا وعلمت انهم هنا من أجل لوجين وكأنها تبدلت، لم تتحدث معها حتى لو بكلمة، اوصلها لغرفتها، وتوجه يوصل شقيقته لغرفتها، ما إن عاد لغرفته وجدها نائمة او تصتنع النوم وهو حقا كان تعبأ فارتمي بجسده علي الفراش يغط في النوم في لحظات، ولكنه الآن استيقظ يشعر بالخمول يجتاح جسده ولكنه فتح عينيه رغم ذلك انتصف في جلسته ينظر جواره لم تكن هناك، قام من الفراش يتوجه ناحية المرحاض دق الباب لا صوت، أدار المقبض وفتحه لا أثر لها، ترك المرحاض يتوجه ناحية الشرفة ليجدها تقف في شرفة غرفتهم، تنظر لحديقة الفندق بنظرات خاوية اقترب منها بخفة يضع يده علي كتفها برفق، بهدوء سألها:.

- مالك يا لينا فيكي إيه من ساعة ما جينا وانتي متغيرة
حركت رأسها نفيا بخفة، ابتعدت بعينيها بعيدا عنه تتمتم باقتضاب:
- بيتهيئلك أنا كويسة جدا
رفع حاجبيه في عجب، ما بها تلك الحمقاء ماذا حدث، هو لا يتذكر أنه فعل شيئا يضايقها فئ الآونة الأخيرة، امسك احذ ذراعيها يجذب جسدها ناحيته لتنظر له رغما عنها قطب جبينه يسألها محتدا:.

- في اي يا لينا مالك، من ساعة ما وصولنا و عرفتي اننا جايين عشان لوجين وانتي اتغيري 180 درجة، أنا مش فاهم حاجة...
- مش هيسامحها، أنت فاهم، زيدان عمره ما هيسامحها، رجعوها لحياته تاني هيفكره بالعذاب اللي شافه زمان بسببها، اديك خرجتها من السجن، ابعدها عن حياتي ابني.

انفجرت لينا تصرخ بتلك الكلمات تصيح محتدة بجنون لتتوسع عيني خالد في دهشة من طريقتها، لينا تبدلت تماما، نزعت ذراعها من يده تتوجه لداخل الغرفة ليتحرك خلفها يتمتم مذهولا:
- لينا انتي غيرانة من لوجين
التفتت له في تلك اللحظة تنظر له بأعين حمراي مشتعلة كالجمر تتنفس بعنف تقبض علي كفيها تصيح بحرقة:.

- دا ابني أنا، مش ابنها هي، ابني أنا اللي ربيته من وهو *** عنده 10 سنين، هي ما عاشتش معاه قدي، ما كبرش قدام عينيها يوم ورا التاني، هي رمته وهو ***، أنا اللي أمه، أنا اللي كبرته، أنا اللي كنت بموت من القلق عليه لما يتعب، أنا اللي كتت ببقي حاطة ايدي علي قلبي لو طلع اي مأمورية ولا عملية من بتوعكوا، ما تحملش أنه هيسامحها لأنه عمره ما هيعمل كدة، رجعوها تاني لحياته هيعذبه، وهو اتعذب بما فيه الكفاية زمان ودلوقتي...

ما حدث توا الجم لسان خالد من الصدمة لا يصدق، كان يظن أنه المتملك الوحيد هنا، وقف صامتا فقط ينظر لها مدهوشا، كيف تغيرت لينا في لحظة، لا يجد ما يقوله حقا لا يجد، قاطع ما يحدث دقات علي باب الغرفة توجه ناحية الباب يفتحه ليجد لوجين تقف هناك من دموعها الغزيرة تأكد أنها استمعت لكل ما قالته لينا توا، ارتجفت حدقتيها، تهمس بذبول مُعذب:.

- هي عندها حق يا خالد، أنا بيعت ابني، بيعته بالرخيص أوي، سيبت معتز يطلع عقده وجنانه عليه وأنا غايبة في الدنيا غير الدنيا، أنا مش هرجع معاك يا خالد، مش هعذبه تاني، كفاية اللي عملته
التفتت لتغادر، ليقبض خالد علي كف يدها يجذبها لداخل الغرفة، دخل بها إلي الغرفة يصفع الباب خلفه اقترب من لينا ليترك يد لوجين وقف في المنتصف بينهما يردف بنبرة حادة قاطعة:.

- اسمعي انتي وهي، لوجين هترجع معانا مصر، و زيدان لازم يعرف الحقيقة كلها، لينا لوجين ضحية زيها زي زيدان، من واحد مجنون كل هدفه الإنتقام
- وهي سهلت الهدف دا لما سلمتله مشاعرها بكل بساطة من غير ما تعمل حساب ابنها الصغير.

صرخت بها لينا بقسوة ترمي لوجين بنظرات حادة، ليزمجر خالد باسمها علها تصمت، نظرت لينا له في حدة لتتوجه ناحية المرحاض تصفع الباب خلفها تنهد خالد حانقا من تصرفاتها ليتقدم ناحية لوجين اقترب منها يلف ذراعه حول كتفيها يقربها لصدره يحادثها مترفقا:
- ما تاخديش علي كلامها يا لوجين، لينا بس غيرانة علي زيدان، هي متعلقة بيه جداا، وخايفة أنك تاخديه منها، انما هي طيبة اوي و****...

لم تبتسم لم تتوقف دموعها عن الانهمار لينا محقة في كل ما قالت، رغم كرة لينا لها الا انها سعيدة، لان زيدان وجد من تعوضه عن حنانه الذي لم يأخذ منه سوي أقل القليل.

العودة حيث البداية، في منزل أهل زيدان في غرفة حسام، كم من الوقت مر عليها وهي نائمة لاتعرف، فتحت عينيها ناعسة تنظر لفراش شقيقها لتراه فارغ وقعت عينيها علي ساعة الحائط لتجدها تجاوزت الثالثة عصرا، حان وقعت اللعب الكلمة التي جعلتها تقفز من فراشها بحماس مفرط، توجهت الي المرحاض تغتسل تصفف شعرها بدلت ثيابها بأخري، اخرجت ثلاثة علب هدايا، ابتسمت في خبث تنظر للعلب، تحركت ناحية باب الخروج من غرفة حسام لتتذكر أنها من المفترض أن تخرج من غرفة زيدان عادت إدراجها تدق الباب، تتنفس بتوتر دقات قلبهى صاخبة لكن لا اجابة ادارت مقبض الباب ودخلت تطل برأسها الغرفة فارغة يبدو أن زيدان قد أستيقظ هو الآخر، دخلت إلي غرفة زيدان توجهت ناحية فراشه، جلست عليه، مدت يدها تلتقط وسادته تضمها إليها تستنشق عطره العالق فيها لتدمع عينيها ألما، ليت الزمان يعود قليلا للوراء، حين فتحت عينيها الدامعة وقعت عينيها علي حافظته الجلدية مدت يدها سريعا تفتحها تبحث عن غايتها لتجدها، تصارعت دقات الشوق حين وجدت صورتها كما هي في حافظته زيدان لازال يحبها، لازال يحتفظ بصورتها، اغلقتها تعانقها تطبع علي سطحها قبلة قوية، وضعتها مكانها لتلتقط علب الهدايا، تهرع لخارج الغرفة ليخرج هو من شرفة غرفته في تلك اللحظة مراقبتها من خلف زجاج الغرفة ليري ما فعلت اشعلت لهيب عشق ظن انه انطفئ، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه لا يعرف كيف منع نفسه من أن يهرع إليها يعانقها حين يطحن عظامها داخل صدره، رفض عقله العاصي، وصرخ قلبه ألما، يذكره بأنها ألقت عشقه وذهبت لاحضان آخر، دخل إلي الغرفة يتلمس بيده الحافظة التي كانت تعانقها لترتسم ابتسامة ذبيحة علي شفتيه تنهد يهمس ملتاعا:.

- أنا بكرهك يا لينا ومش عارف احب حد في الدنيا غيرك!

بينما اخذت لينا طريقها لأسفل المكان فارغ للغاية تتبعت الصوت لتصل إلي المطبخ ابتسمت مستمتعة ضحيتها الأولي تقف هناك، رانيا زوجة عم فاروق عم زيدان الأوسط، تلك السيدة التي قيدت يدها لم تنسي نظراتها المتشفية ابداا، وحان وقت الانتقام رسمت ابتسامة لطيفة علي شفتيها تتوجه للداخل حمحمت برقة لتلتفت رانيا إليها، تنظر لها في حقد للحظات قبل أن ترسم ابتسامة زائفة علي شفتيها تحادثها:.

- خير يا مرت الغالي ايه اللي مدخلك
ابتسمت لينا في هدوء لتتوجه ناحية طاولة المطبخ جلست فوق سطحها تؤرجح قدميها نظرت لرانيا في تشفي تتمتم ببراءة:
- و**** زيدان قالي أن دا بيته يعني بيتي وادخل المكان اللي يعجبني.

طحنت رانيا أسنانها في غيظ كم أرادت أن تنقض علي تلك الفتاة تقبض علي شعرها الطويل الناعم تمزقه غيرة منها، اسبلت لينا عينيها في براءة تنزل من مكانها توجهت ناحية رانيا تعطيها علبة مغلفة فاخرة للغاية تحادثها مبتسمة في ود:.

- تعرفي يا طنط رانيا أنا حبيتك اوي أنتي شكلك اطيب واحدة في البيت دا عشان كدة أنا جبتلك الهدية دي، دا زيت للشعر بيطوله ويفرده ويخليه زي شعري كدة أنا دايما بستخدمه وعارفة كمان معاه بادي لوشين هايل يجبنن بعد ما تستحمي وتنشفي جسمك كويس حطي منه ريحته جنان فظيعة
توسعت ابتسامة رانيا تنظر للعلبة الفاخرة في يد لينا لتلقطها منها سريعا تغمغم مبتهجة:
- تسلمي وتعيشي يا مرت الغالي.

ابتسمت لينا لها بود، كم تكون بريئة حين تستخدم تلك النظرات الناعسة التي ورثتها من والدتها تغطي عقل والدها السام، تحركت من باب المطبخ المطل علي الحديقة، تحادث رانيا مبتسمة:
- أنا هروح اتمشي في الجنينة شوية، علي فكرة ريحة اكلك تجنن.

خرجت لينا من المطبخ تقف خلف الباب تطل برأسها بخفة تنظر للمطبخ تنتظر خروج رانيا منه، لحظات وسمعت صوت خشن يناديها من الارجح أنه زوجها، فهرعت رانيا للخارج وجاء دور لينا، دخلت الي المطبخ الي علبة الملح، افرغتها بالكامل داخل الأواني لتخرج سريعا قبل أن يأتي أحد، في طريقها من الحديقة الخلفية رأت زوجة عمه الكبير، ماذا كان اسمها تحسين تجلس امامها كومة كبيرة من حبوب الغلال الصفراء لا تعرف ما تفعل بها ولكنها اقتربت منها انحنت قليلا ناحيتها تتمتم مبتسمة:.

- مساء الخير يا طنط تحسين
مصت تحسين شفتيها في تهكم تغمغم ساحظة بصوت خفيض وصل لاسماع لينا:
- ايه اللي جابها دي الساعة دي يا اباي عليها وعلي اللي خلفوها
ابتسمت لينا في براءة تنظر لوجه تحسين الغاضب، السيدة تبدو أنها علي وشك قتلها، مدت لينا يدها بعلبة أخري تعطيها لتحسين تتمتم في ود ناعم:
- أنا قولت ما ينفعش اقابل حضرتك من غير ما اجبلك هدية، دا كريم تحفة هايل هيخلي بشرتك فاتحة جداا...

مدت تحسين يدها تأخذ منها العلبة بريبة فتحتها لتجد علبة « كريم » بالفعل، نظرت لينا مرة أخري لتبتسم الأخيرة تغمغم في ود:.

- صدقيني دا كريم هايل جاي من برا أنا وماما بنستخدمه، عايزة اقولك ماما لما بتخرج مع بابا بيفتكروها بنته، ما بيخليش علامات الشيب ولا السن تظهر علي الوش ابداا، بس أهم حاجة ما يتعرضش للماية ابدا، يعني ما تاخدوهوش معاكي الحمام ابدا، دا كريم حساس جداا، لو قررتي تحطي منه ابقي بلغيني قبلها عشان اقولك تعملي ايه بالظبط عن اذنك.

ابتسمت لها للمرة الأخيرة قبل أن تتركها وتغادر، تبدلت ابتسامتها اللطيفة باخري خبيثة تتردد كلمات تلك التحسين في اذنيها:
- بجي بيجولنا أنك صاحبة السرايا، احنا بجي يا حلوة ما هنخلكيش تعرفي ترفعي رأسك في حد واصل..
ابتسمت تتنهد بسخرية مسكينة تحسين ستحتاج حتما لنقاب لتغطي وجهها بعد أن تضع من الكريم السحري.

بقيت آخر علبة في يدها أين حسنة زوجة عم زيدان تلك التي صفعتها علي وجهها لديها لها هدية خاصة، في طريقها وصلت للحديقة الأمامية توسعت عينيها في ذهول تحول لغضب ناري حين رأت...

الفصل مئة وخمسة

تأفتت حانقة للمرة الألف تقريبا، زوجها المستفز يصر على جعلها تفقد أعصابها ماذا يفعل لا شئ أبدا فقط يدور حولها وكأنه ذبابة مزعجة يتعمد الاصطدام بها في طريقه وكأنها بمحض الصدفة البحتة، شدت على أسنانها تنظر له مغتاظة هل يظن بما يفعل أنها ستصفح عنه كما كانت قبلا، تلك المرة لا هي أحبته بكل ذرة فيه لم تخجل من أن تخبره بحبها، تغاضت عن الكثير حين وافقت على البقاء معه وهو متزوج باخري، ولكن ما فعله بها ليس بالهين إطلاقا، نعم نعم لم يكن يشعر بما يفعل كان مسحورا مجبرا على فعل، ولكنها كانت تعي تشعر تتألم، هي من عانت، زفرت أنفاسها الثقيلة قبل أن تمد يدها تلتقط فنجان القهوة ترتشف منه بضع رشفات تتابعه بعينيها وهو يتحدث مع أبيها بشأن الحديقة، والدها يريد زراعة اشجار الفاكهة فيها، ومن أفضل من يساعده في تلك الأمور...

سرحت مقلتيها في قسمات وجهه دائما ما تخونها عينيها حين تنظر إليه، يبدأ قلبها بالتقافز وكأنها تراه للمرة الأولي، تنظر له وهو يقف قامته الطويلة بشرته السمراء، ابتسامته الرائعة، خصلات شعره السوداء الكثيفة التي يتدلي القليل منها ليغطي غرته وهو يتحدث مع والدها بعملية شخص خبير في مجال عمله، ارتبكت واحمرت وجنتيها تشيح بوجهها بعيدا عنه حين نظر لها خلسة يغمزها بطرف عينيه الوقح لازال يظن أن له تأثيرا عليها!، حاولت أن تبدو طبيعة فرفعت الفنجام لفمها ترتشف منه عدة رشفات سريعة، تري طيفه يقترب منها من بعيد، تسارعت دقات قلبها حين انحني بجزعه العلوي منها يحاول اخذ الفنجان من يدها يتمتم قلقا:.

- هي مش القهوة غلط على الحوامل ولا أنا بيتهيئلي
ابعدت الفنجان عنه تنظر له محتدة في غيظ، تبحث بعينيها عن والدها لتراه يتحرك لداخل المنزل، تنهدت حانقة ترفع الفنجان لفمها ترتشف ما بقي فيه دفعة واحدة وضعته على الطاولة تغمغم حانقة:
- مش شغلك، غلط صح، مش شغلك.

كادت شهقة متفاجاة تخرج من بين شفتيها حين مد يده يمسك بطرف ذقنها برفق، يدير وجهها إليه يأسر مقلتيها داخل عينيه، تغوص في عتمة ليله المضئ، اختفت أنفاسها حين خرج صوته الهامس الشغوف:
- اومال شغل مين يا سهيلة، مين اللي يخاف على مراتي حبيبتي أم ابني او بنتي، أنتي عارفة اللي حصل كان غصب عني، وعارفة كمان اني بحبك أوي...

حسنا توقف توقف قبل أن تنهار مقاومتها الواهية وترتمي بين ذراعيه تبكي تخبره بأنها حقا اشتاقت له، لم تحب غيره ولكنها غاضبة تتألم مما فعل، تبدلت مشاعر الاشتياق بشعور قاسي بالألم عصف بأمعائها فجاءة، ورغبة بشعة في التقئ، رغبة لم تقاومها بل دفعت جاسر بعيدا عنها تميل بجسدها ناحية العشب أرضا تخرج كل ما تحوي امعائها وخاصة القهوة، اندفع جاسر إليها يلف ذراعه حول كتفيها يحكم سيطرته على جسدها كي لا تسقط أرضا، يمسح بيده على شعرها وطهرها يحدثها قلقا:.

- خدي نفسك، براحة يا حبيبتي
لحظات أخري إلي أن توقفت عن التقيؤ، عادت بجسدها للخلف لترتمي على صدره، تتنفس بعنف، تنظر لحالتها المقززة المذرية، تجثو على ركبتيها أرضا على عشب الحديقة يديها ملطخة بطين العشب، ملابسها مزيج قذر مما خرج من فمها ومن الطين والأعشاب، آخر ما سمعته منه كان صوته يهمس معاتبا:
- ما قولتلك بلاش قهوة يا سهيلة.

شعرت بجسدها يُحمل بخفة بين ذراعيه، اغمضت عينيها تشعر بالنعاس والألم، رغما عنها غاصت في دوامة النوم، لمدة بسيطة ربما هي ساعة على أقصى تقدير حين شعرت بوخز مؤلم في ذراعها قطبت ما بين حاجبيها متألمة فتحت عينيها قليلا لتري رجل يتحرك من جوارها حاولت التركيز قليلا لتسمع جاسر يشكره:
- متشكر اوي يا دكتور حقيقي مش عارف اشكرك ازاي.

لما يشكره من الأساس ماذا حدث ولحظة واحدة لما هناك طبيب في غرفتها، سمعت ذلك الطبيب يقول:
- لا أبدا لا شكر على واجب يا أستاذ جاسر، أنا وحسام أصدقاء هو مجرد ما بلغني أن مرات حضرتك تعبانة جتلكوا على طول، أهم حاجة تاخد الادوية دي بانتظام، وتبعد عن القهوة والشاي واي حاجة فيها كافيين وبإذن **** هتبقي بخير.

ومرة أخري عاد جاسر يشكر الطبيب ليصطحبه لخارج الغرفة، تقدم والدها من فراشها مهرولا جلس بالقرب منها ينظر لها معاتبا، لتتحدث فئ تلك اللحظة بصوت ضعيف خامل:
- هو إيه اللي حصل
تنهد والدها بارتياح قبل أن يمد كف يده يمسح على رأسها برفق يحادثها بحنو:
- الحمد *** يا بنتي أنك بخير، دا أنا قلبي كان هيقف لما لقيت جاسر شايلك وداخل يجري وانتي مغمي عليكي، الحمد ***.

ابتسمت بوهن، تريح رأسها على الوسادة فقدت الوعي، نظرت لملابسها توقعت أن تجد ثيابها المتسخة لتُفاجئ بثوب أبيض طويل كادت أن تسأل والدها مذعورة من بدل لها ثيابها ليبادر هو قائلا في هدوء:
- أم حسن الشغالة هي اللي غيرتلك هدومك، جاسر حطك على السرير وطلع يجري برة البيت وهو ييكلم حسام إبن عمك خالد، وقالي حد يغير لسهيلة هدومها على ما اجيب دكتور.

تنهد بارتياح تحرك رأسها بالإيجاب، سمعت صوت رنين هاتفها، ليلتقطه والدها من الطاولة المجاورة لفراشها نظر للاسم لينظر لابنته:
- حسام
ابتسمت سهيلة في ضعف، مدت يدها تأخذ الهاتف من والدها ليربت الاخير على رأسها برفق يخبرها بأنه سيذهب لأسفل يخبر الخدم بأن يعدوا الطعام لها، خرج والدها من الغرفة لتقرب هي الهاتف من اذنها فتحت الخط، خرج صوتها هامسا ضعيفا:
- أيوة يا حسام.

- ما أنتي صوتك زي القرد اهو، اومال جاسر بيتصل بيا يصوت ليه الحقني سهيلة اغمي عليها وبترجع
أردف بها حسام بنبرة ساخرة مرحة، مما جعل ابتسامة صغيرة ترتسم على شفتي سهيلة دون رد، لتسمعه يكمل كلامه موبخا اياها:
- هو أنا مش قايلك يا أنثي كلب البحر أن القهوة ممنوعة، ايه الكيف بيذل...

ضحكت رغما عنها من كلماته على الرغم من توبيخه إلا أن طريقته في الكلام اشعرتها بأنها تريد الضحك، ضحكات اخرستها جملته التي نطقها في مكر:
- اضحكي اضحكي، على العموم أنا موصي عليكي صادق يكتبلك علاجك كله حقن، سلام يا سرسورة
توسعت عينيها في هلع تقبض بيدها على الهاتف تهتف سريعا في توتر:
- حسام ما تهزرش، حسام ألو ألو.

ولا حياة لمن تنادي سمعته ضحكته المتشفية الأخيرة ليغلق الخط في وجهها، توسعت عينيها قلقا للحظات تحاول طمئنة نفسها بأن حسام صاحب الظل الخفيف بالطبع يمزح ابتلعت لعابها تحاول أن تهدئ في لحظة دخول جاسر إلي الغرفة ينظر لحقيبة العلاج في يده يغمغم في عجب:
- ايه الدكتور الغريب دا، العلاج كله حقن!

توسعت عيني سهيلة في هلع، مع تقلب هرموناتها في تلك المرحلة انفجرت في البكاء كالأطفال، توسعت عيني جاسر في هلع من حالتها ، اقترب جاسر منها سريعا يغمغم في هلع:
- سهيلة، اهدي يا سهيلة و**** العظيم كنت بهزر، بصي حتي اهو اهو
افرغ حقيبة الدواء جوارها على الفراش يغمغم متلهفا:
- اهي و**** بصي، حسام الحيوان منه *** بس اشوفه هعلقه...

شد جسدها برفق انتفصت قليلا في جلستها بينما هو يخفيها بين ذراعيه، يمسح على شعرها برفق يحادثها بحنو ونبرة مرتعشة قلقة:
- اهدي يا سهيلة خلاص، كدة توقعي قلبي، مش قولتلك القهوة غلط، أنا هموت من الرعب لما اغمي عليكي، الحمد *** يا حبيبتي أنك بخير
ارتسمت ابتسامة طفيفة ناعسة متعبة على شفتيها، اسندت رأسها على صدره، رفع رأسه قليلا ينظر لها، وعينيها تغيب في النعاس ليقبل جبينها يهمس لها في عشق:
- بحبك.

ابتسمت في خمول يبدو أنها غاصت في دوامة النعاس وما تقوله هو حلم وردي سعيد تسمعه يقول فيه أنه يحبها لتهمس له هي الاخري:
- وأنا كمان بحبك أوي يا جاسر
كلمة واحدة نطقتها قبل أن تغوص في النوم تبتسم وكأنها **** صغيرة تحلم بأنها تلعب في مدينة ألعاب للاطفال مصنوعة خصيصا لها، بينما يشق ثغره هو إبتسامة واسعة عاشقة اراح جسدها برفق شديد إلي الفراش ليتسطح جوارها يجذبها لصدره يبتسم حين ينظر لبطنها المنتفخ!

الغيظ الغضب الغيرة مشاعر سوداء عنيفة ملتهبة كالنيران اشتعلت بقلبها تحرق اوصالها حين رأت الشقراء كما تسميها تمتطي صهوة جواد أسود ضخم، خلف من، خلف حبيبها هي، حبيبها التي تحاول الشقراء سرقته، بأفعالها الماجنة اللعوب، قدحت مقلتيها شررا تستمع إلي ضحكاتها الناعمة، كم رغبت فئ ان تمزق تلك الضحكات من على وجهها تقطع كفيها للتي تجرأت لتحاوطان بها زوجها، زوجها هي ، كان وسيظل، شدت بيديها على العلبة التي تمسكها حين سمعتها تحادثه برقة وهي تضحك:.

- زيدان، تأرف أنا مش ركبت هصان من كتير اوي
شدت على أسنانها بعنف حتي لا تصرخ نظرت حولها لتجد حجر صغير، امسكته في يدها تنظر الشقراء في غل، من الجيد ان ظهر الشقراء مقابل لها رفعت يدها تلقي عليها الحجر بعنف ليصطدم بظهرها، صاحت انجليكا متألمة بينما التفتت لينا سريعا توليهم ظهرها تضع هاتفها على اذنيها كأنها تتحدث فيه، التفت زيدان سريعا ناحية انجليكا يسألها قلقا:
- مالك يا انجليكا بتصرخي ليه.

تأوهت من الألم تمسد ظهرها تهمس بصوت خفيض متألم:
- مش آرفة زيدان في هاجة هبطتت في ضهري ، بتوجآني أوي.

قطب جبينه متعجبا، ينظر حوله ليجد حجر صغير بالقرب منهم، نظر خلفه من اتجاه الحجر ليجد لينا تقف هناك توليهم ظهرها في الظاهر تختلس النظر إليهم، تنهد يآسا، جذب لجام الحصان ليوقفه، قفز من فوقه بخفة ليمد ذراعيه يمسك بانجليكا ينزلها أرضا، حملها بين ذراعيه إلي اقرب مقعد في الحديقة لتتوسع عيني لينا في غيظ، يحملها، يحمل الشقراء بين ذراعيه، اقترب حسان منه ينظر لما يحدث متضايقا يبحث بعينيه عن حسام توجه ناحية زيدان يحادثه محتدا:.

- في ايه يا زيدان إحنا مش في البندر اهنه، عشان تركبها وراك الحصان وتلفحها على درعاتك اكدة، فينها مرتك وخطيبها
اتي حسام في تلك اللحظات مر من جوار لينا التي تكاد تنفجر غيظا رأي غيرتها الواضحة للغاية ليبتسم ساخرا، تقدم ناحية زيدان هو وانجليكا ليبادر حسان صائحا في حدة:
- وبعدهالك يا دكتور ما تلم خطيبتك، كيف جابل على نفسك أنها تركب الحصان ورا جوز أختك، أنا فكرتك راجل.

ابتسم حسام متهكما كتف ذراعيه أمام صدره ينظر لحسان في هدوم ساخر يتمتم متهكما:
- غريبة أنا كمان لما شوفتك افتكرتك راجل!
امتقع وجه حسان غضبا من سخرية حسام اللاذعة ليرميه بنظرة حادة قبل أن يتركهم ويغادر، وقف حسام أمام انجليكا يتمتم مبتسما في اصفرار:
- انتي هنا خطيبتي، يعني ما ينفعش تركبي ورا زيدان الحصان، اتفضلي على اوضتك لحد ما الغدا يجهز يلا.

قطبت جبينها تنظر له محتدة من هو ليحادثها بذلك الشكل، فتحت فمها تريد أن ترد ليصيح فيها حسام بحدة طفيفة:
- أنا مش يلا، يلااااا
انتفضت انجليكا واقفة تنظر لزيدان خائفة لخبئ الأخير ضحكاته بصعوبة، توترت قسمات انجليكا تنظر لحسام قابلت نظراته المشتعلة لتسرع في خطاها، إلي الداخل، خرجت ضحكت خفيفة من بين شفتي زيدان يصدم حسام في كتفه يغمغم ساخرا:.

- نسيت تقول الحمشنة حلوة ما فيش كلام، خالي دايما بيقولها، ضحك حسام من جديد، قبل أن يدق هاتفه، ابتعد عن حسام يرد على أحدي المرضي، حادثها لدقائق قبل أن يعود في طريقه لزيدان يحادثه:
-زيزو يا زيزو يا زوز، ايه يا عم اللي أنت عامله دا، هتف بها حسام ضاحكا
التفت زيدان له بوجهه يعقد عقد ساعديه امام صدره يبتسم ابتسامة هادئة يردف في ثقة:
- عملت ايه.

نظر حسام له مدهوشا في سخرية ضاحكة ليصدم كفه بذراع زيدان يغمغم في مرح:
- لا ولا اي حاجة، لينا واقفة بتغلي هناك، بتفكرني بأغنية جرب نار الغيرة وقولي
ابتسم زيدان في اتساع ينظر بطرف عينيه إلي تلك التي تقف بعيدا تكاد تنفجر غيظا ، ربت على كتف حسام ليتركه ويغادر مر من جوارها ليسمعها تنادي باسمه التفت لها يبتسم يردف في هدوء:
- خير يا لينا.

حمحمت في حرج تحاول إيجاد عذر لمنادتها له ماذا تقول لا تحادث تلك الشقراء والا اقتعلت عينيك تنهدت متوترة لتردف سريعا:
- اااا، أنا عايزة اركب خيل
عقد ذراعيه أمام صدره ابتسم في هدوء جاف يشير لحسام الواقف بعيدا:
- ما تركبي اخوكي واقف هناك اهو اركبي معاه
احتدت عينيها تشد على أسنانها غيظا الأحمق، الا يفهم ام يتعمد عدم الفهم، ابتسمت تسبل عينيها تقول برقة:
- حسام ما بيعرفش يركب خيل ممكن تركب معايا.

قطب جبينه للحظات كأنه يفكر قبل أن يوليها ظهره مغادرا يتمتم في لامبلاة:
- هفكر وارد عليكي...
تركها تقف كالبلهاء تنظر في اثره في ذهول مؤلم بينما ابتسم هو إبتسامة الباهتة في طريقه للداخل، تنظر هي في اثره يختنق قلبها بغصة مريرة رفضها بطريقة مهينة لكبريائها، كيف يفعل ذلك، تأوهت متألمة حين شعرت بيد حسام تهبط على رقبتها من الخلف يتمتم محتدا:
- عايزة تركبي خيل معاه يا بنت المستخبي، شيفاني بقرون زي حسان.

نظرت له في غيظ لتدوس بكعي حذائها على حين غفلة على قدمه بعنف، صاح متألما لتضحك متشفية تركض للداخل، اصطدمت في طريقها بحسنة زوجة نجيب تلك السيدة التي صفعتها، اصطدمت لينا بها دون قصد وهي تركض تبتعد عن حسام لتنظر حسنة لها في غيظ كم أرادت أن تصرخ في وجهها تصفعها مرة أخري رغم ذلك اجبرت شفتيها على الابتسام، تغمغم في اصفرار:
- مش تاخدي بالك يا مرت الغالي.

ابتسم لينا في وداعة قطة صغيرة تحرك رأسها بالإيجاب اسبلت عينيها في براءة تغمغم مبتسمة:
- سوري يا طنط حسنة، ما خدتش بالي، اتفضلي
مدت يدها بالعلبة الفاخرة المغلقة تعطيها لحسنة تردف مبتسمة في أدب:
- اتفضلي يا طنط حسنة، دي هدية بسيطة لحضرتك، بيرفان هايل جدا ريحته رائعة دا من باريس
نظرت لها حسنة ساخرة للحظات قبل أن تأخذ منها العلبة تشكرها بابتسامة صفراء مصطعنة...

دقائق وتوجه الجميع ناحية طاولة الطعام لينا تجلس جوار زيدان فهو زوجها كما يعرف الجميع وحسام جوار انجليكا، بدأت السيدات تضع الطعام على الطاولة حين نظر حسام ناحية فاروق يبتسم في وجهه بخبث يتمتم ببراءة:
- بقولك ايه يا عم فاروق، شنبك دا ولا سالفه أصله مش لايق على وشك خالص.

ضحك زيدان بخفة، ووضعت لينا يدها على فهما تخفئ ضحكاتها، نظر فاروق لحسام نظرات قاتلة، كم يود لو يقتله ولكن يمنعه سببين اولهما زيدان، الذي لن يتواني عن طردهم أن اخطئوا في حق اي من ضيوفه والأهم، والد حسام خال زيدان ذلك الرجل المخيف، يسهل عليه أن يسحقهم بإشارة من يده، وضعت السيدات الطعام أمامهم، ليشرعوا جميعا في الأكل، ما إن وضع زيدان المعلقة فمه بثقها سريعا في المنديل المجاور له امتعضت ملامحه باشمئزاز يصيح محتدا:.

- ايه القرف دا الأكل حادق صبر، مين اللي عمل الأكل دا
نظر حسان لزوجته يحادثها غاضبا:
- انتي اتخبلي يا ولية الاكل حادج اكدة ليه
اشارت زوجة حسان لرانيا الجالسة هناك جوار زوجها تتمتم مرتعدة:
- و**** يا اخوي ما اني، الدور النهاردة على رانيا
أصفر وجه رانيا هلعا ليقم فاروق عم زيدان الأوسط من مكانه لطمها أمام الجميع يصيح فيها:
- بجي اكدة يا بنت المركوب تخلي شكلنا شين جدام الناس.

حركت رانيا رأسها نفيا بهلع، تشير إلي لينا الجالسة جوار حسام تغمغم سريعا:
- لا و**** يا فاروق ما حصل، اسألها حتي كانت في المطبخ وأنا بعمل الوكل
نظر حسام لشقيقته يرفع حاجبه الأيسر في سخرية يسألها بعينيه اانتي فعلتي ذلك، فابتسمت لينا في براءة تسبل عينيها ببراءة خبيثة كأنه تقول نعم أنا، عادت تنظر ناحية فاروق تغمغم بخفوت هادئ:.

- ايوة فعلا أنا كنت في المطبخ وحضرتك بتعملي الأكل، بس ممكن يكون حضرتك نسيتي وحطيتي ملح زيادة بتحصل، ما فيهاش مشكلة، زيدان اعتقد يعرف مطعم ولا حاجة يقدر يطلبنا منها، مش كدة يا زيدان
ابتسم زيدان في هدوء تام ينظر لكتلة الشر الجالسة جواره الآن فقط تأكد أن لها يد في كارثة الطعام تلك رأسه بالإيجاب يغمغم مبتسما:
- طبعا يا حبيبتي.

كلمة نطقها بهدوء كان لها فعل الثورة على قلبها، روحها ثنايا عقلها انتفض الجميع يصرخ مطالبا بحقه في العشق من جديد، ارتبكت ابتسامتها الخبيثة بأخري متوترة ترتعش، لا تعرف حتي كيف قامت من مكانها تهرب لأعلي كلمة واحدة إعادتها لسرداب البداية من جديد.

على صعيد آخر، في العمارة السكنية التي تسكن فيها منيرة تحديدا في الطابق الرابع، حيث الشقة المغلقة التي كانت تسكن فيها روحية وحيدة، ولكنها فقط كانت الآن هي تجلس هناك في أحدي الغرف على فراش متوسط الحجم، الشقة دهانتها حديثة، بها كافة المرافق، السكان القدامي، لم يمكثوا فيها سوي عدة أشهر قبل أن يرحلوا من المكان بأكمله، تنهدت في حيرة، تنظر للصغيرة النائمة على الفراش تركل بقدميها في الهواء صوتها الطفولي العذب كنغمات هادئة، اقتربت روحية منها تمسد برفق على خصلات شعرها القصيرة تحادثها بحنان فطري:.

- تعرفي أنك احلي حاجة حصلتلي من مدة طويلة أوي، أنتي جميلة اوي يا ملك، يمكن أنتي العوض اللي جالي بعد عذاب طويل مع الدنيا
ضحكت الصغيرة عاليا تحرك يديها عشوائيا في الهواء، لتسمك روحية كف يدها الصغير تقبله بحنو، رفعتها بين أحضانها تحادثها مبتسمة في مرح:
- جعانة، أكيد جعانة...

جلبت زجاجة الحليب التي اعدتها سلفا، تطعم الصغيرة برفق تنظر لها بأعين تقطر حنانا وحبا، تنهدت، تنهيدة طويلة حارة خرجت من بين شفتيها، حين تذكرت ما حدث لها قبل أيام
Flash back.

آخر ما تذكرته أنها فقدت الوعي مما قاله مراد، فتحت عينيها شيئا فشئ، تنظر حولها تلك هي الشقة التي تسكن فيها في منزل منيرة ولكن لما تسمع صوت بكاء **** صغيرة، قامت بصعوبة تتحرك بوهن لتجد فراش ملك الصغيرة جوار فراشها اقتربت من الصغيرة تحملها من فراشها رفعتها بين أحضانها، شعرت بالدوار في تلك اللحظات لتأخذها وتعود لفراشها تهدهدها برفق إلي أن توقفت عن البكاء، لتنهمر دموعها هي في صمت قاتل، عاد لعصمته من جديد، لما فعل ذلك، ألم يكتفي بما فعله قديما، هل لأنه لم يحصل عليها قبلا اراد اخذها الأن، ولكن كلماته الغريبة التي قالها لها قبل أن تفقد الوعي تقول بالعكس تماما، ماذا يريد منها، وكيف يجعلها والدة تلك الطفلة دون علمها، هي والدتها الحقيقية من الأساس، كيف تترك طفلتها، اجفلت تشهق مذعورة على صوت الباب يُفتح، نظرت للفاعل لتجدها منيرة تحمل صينية طعام صغيرة وضعتها أمامها على الفراش اقتربت تجلس بالقرب منها، تمسح على رأسها برفق تحادثها بحزم:.

- بصي بقي، الكلام دا مش هعيده تاني، كفاية يا روحية، كفاية قهر في نفسك، أنا حاولت معاكي بالكلام بدل المرة عشرة وانتي ولا حياة لمن تنادي، أنا عارفة أنك مش طايقة تشوفي وش مراد ودا حقك، بس و**** يا بنتي مراد اتغير، دا كأنه شخص تاني ما اعرفوش، الدنيا ربته، أنا ما بقولكيش سامحيه دلوقتي لاء، طلعي عينه لحد ما يقول حقي برقبتي لحد ما تسامحيه، عيشي يا بنتي خدي فرصتك من الدنيا، لو فضلت على حالك دا اللي هيسكت النهاردة هيتكلم بكرة، انما لما تبقي زوجة وأم، تكبري ملك وتخاويها وتربيها أحسن تربية الكل يشهد باخلاقها ما حدش هيفتح بوقه بربع كلمة، عيشي يا روحية، وأنا جنبك يا بنتي، لو فكر مراد يزعلك بربع كلمة نادي بس عليا وأنا اطلعله بالشبشب.

Back
وهذا ما فعلته تعايشت، منذ أيام وهو يسكن معها في تلك الشقة، هو في غرفة وهي وملك في الاخري، الغريب في الأمر أنه لا يحاول مضايقتها، بأي شكل، تواجده في المنزل قليل فقط يأتي للنوم، وهي تقريبا لا تخرج من غرفتها يتعيشان كغريبين تحت سقف واحد، تسارعت دقاتها حين سمعت دقات على باب الغرفة هو، ولكن متي جاء، لم تعرف ما تفعل، فقط خرج صوتها مرتبكا قلقا:
- ااادخل.

لم يفتح الباب بعنف كعادته بل برفق شديد تحرك مقبض الباب لينتفتح بهدوء، ظهر هو يقف خارجا يحمل في يده حقيبة من البلاستيك تحمل اسم محل ملابس في منطقتهم، حمحم يشيح بوجهه بعيدا مرتبكا، خطي خطوتين للداخل، يحاول اختلاس النظرات لها يتمتم مرتبكا:
- أنا ما كنش قصدي اضايقك أنا بس كنت عاوز اشوف ملك.

حركت رأسها إيجابا سريعا تقرب الصغيرة منه حملها بين يديه يضمها لصدره بحنو ينظر لها سعيدا، ضحكة تلك الصغيرة كمسكن قوي المفعول بعد يوم عمل شاق طويل، اختلس النظر لروحية بطرف عينيه، ليمد يده بتلك الحقيبة حمحم يهمس متوترا:
- دي، دي يعني حاجة بسيطة، اتمني تعجبك.

شخصت عينيها في ذهول، مراد جلب لها هدية!، مدت يدها مرتبكة تأخذ منه الحقيبة فتحتها تنظر لما فيها لتجد جلباب بيتي أبيض اللون عليه عليه ورد صغيرة وردية اللون، جلباب هادئ بسيط جميل، أحبته لم يحضر لها أحد هدية قبلا، ولم تتصور ابدا أن مراد هو من سيحضرها لها، ارتسمت شبح ابتسامة صغيرة للغاية على شفتيها تشكره بصوت هامس، لتتوسع ابتسامته في سعادة تغمره وشعور غريب يمتكله، تلك الابتسامة الصغيرة اشعرته حقا بأن شخص جيد، غير ذلك المراد الدني الذي كان يراه دائما في عينيها، حمحم في ارتباك يتمتم:.

- ممكن تحضرلينا العشا أدهم هيجي يتغدي معانا النهاردة، أنا جبت شوية حاجات في المطبخ
حركت رأسها بالإيجاب سريعا، تركته تتوجه ناحية المطبخ لينظر هو في اثرها مبتسما تلك الفتاة تعبت بقلبه بشكل غير جيد إطلاقا بل أكثر من ممتاز.

تعلن شركة مصر للطيران عن وصول الرحلة رقم 355 القادمة من مطار لندن، وقفت الطائرة رست اخيرا في أرض المحروسة، نزل خالد من الطائرة يمسك في يمناه يد لينا ويسراه يد لوجين، إجراءات الوصول لم تأخذ سوي لحظات، ليس هو من ينتظر انتهاء اجراءات روتينية، تقدم إلي السيارة التي تنتظرهم بالخارج مع حسن حارسه الشخصي، الذي اسرع يفتح باب السيارة الخلفي ما أن رآه يخرج من المطار يحادثه قي احترام:.

- حمد *** على السلامة يا باشا...

ابتسم خالد له ترك يد لينا لتدخل اولا إلي السيارة، جلس في المنتصف بينها وبين لوجين، انطلقت السيارة في رحلة صامتة، يشعر بشرارات الغضب المنبعثة من لينا تشعره بأنه على أعتاب حرب طاحنة، بعد مدة بسيطة وصلت السيارة الي وجهتها، نزلت لينا أولا تركتهم تدخل الي منزلها امسك خالد بيد لوجين الصامتة يجذبها للداخل، يبتسم لها يشجعها على التحرك، ما إن وطئت قدميها المنزل، نظرت حولها وكأنها تبحث عنه، تمشط عينيها المكان بتلهف لتسمع صوت لينا الساخر وهي تقول:.

- ماتدرويش عليه، زيدان مسافر، ابني أنا أعرف هو فين..
تنهد خالد غاضبا يحاول إخفاء غضبه من تلك القصيرة الواقفة هناك تنظر للوجين تتحداها بنظراتها، ابتسم هو يحادث لوجين:
- اطلعي انتي يا حبيبتي ارتاحي، عندك أوض بالهبل اختاري الأوضة اللي تعجبك
نظرت لشقيقها قلقة بلعت لعابها الجاف تهمس بصوت خفيض مرتجف:
- عايزة اقعد في أوضة زيدان
كاد خالد أن يخبرها بأن لا مشكلة في ذلك طبعا حين انفجرت لينا كالقنبلة الزمنية:.

- أوضة مين انتي اتجننتي، أوضة ابني ما حدش يقرب منها...
التفت خالد في تلك اللحظة ينظر لزوجته يرميها بنظرات نارية قاتلة يصيح فيها:
- لينا وبعدين معاكي انتي اتجننتي ايه اللي بتقوليه دا
- بقوب الحقيقة اللي أنت مش عايز تقولها ليها، زيدان ما بيحبهاش وعمره ما هيسامحها، مكانها مش هنا، مشيها يا خالد يا أنا يا هي في البيت دا.

صرخت بها بجنون حاد تنصل عقلها عن اي منطق، رمت لوجين بنظرة قاتلة قبل أن تاخذ طريقها إلي أعلي دون أن تلتفت لهم من جديد!

يالهوووووووي يالهووووووي الحقوني يا خلق
صدرت تلك الصرخات الانثاوية العالية من غرفة حسان عم زيدان الكبير ، ليندفع الجميع الي غرفتها
فتح حسام الباب بعنف لتشخط عينيه بفزع وهو ينظر لتلك السيدة التي تقف امامه، هتف مذعورا:.

- سلاما قولا من رب رحيم إن كنت جن انصرف، لا تأذينا ولا نأذيك، اعوذ ب**** من الشيطان الرجيم نظر الجميع بفزع لتلك السيدة الواقفة امامهم بشرتها حمراء كأنها جمر ملتهب، بينما هي تبكي تصيح بحرقة:
- جن ايه يا اخويا أني تحسين مرتك
شخصت عيني حسان في ذهول ينظر لها مفزوعا ليصيح محتدا:
- ايه اللي هببتيه في خلقتك دا يا ولية.

قدحت يعينيها غضبا تشير بسبابتها ناحية تلك الواقفة تنظر لها بخبث تبتسم في شماتة، لتصرخ حاقدة:
- هي البت دي السبب هي اللي ادتني علبة الكريم وقالتلي حطي منها على وشك عشان تبقي كيف القمر، شايف ايه اللي حُصلي بقيت كيف العفريت الكريم بتاعها خلي وشي أحمر كيف الدم.

توجهت أنظار الجميع إليها منهم من ينظر لها بدهشة ومنهم من ينظر لها بغضب وغيظ وحسام ينظر لها مذهولا اقترب زيدان منها وقف أمامها هو أتم يقين أنها من فعلت ذلك رغم ذلك حمحم يسألها بهدوء:
- الكلام اللي بتقوله دا صح يا لينا، احنا مش بنتهمك بأي حاجة أنا بس بسألك
اسلبت عينيها
تنظر له في براءة خبيثة ابتسمت تقول ببساطة:
- انا هرد على سؤالك بس عملي.

اتجهت ناحية تلك السيدة لتأخذ علبة الدهان الموضوعة على طاولة الزينة فتحتها لتأخذ كمية كبيرة في يدها تضعها على وجهها ويديها تدلكهم بقوة، لحظات والجميع يرتقب ما سيحدث ولكن لم يحدث شئ بقي لون جلدها كما هو لم يتغير ولو للحظة، توجهت أعين الاتهام ناحية تحسين خاصة حين صاح زوجها محتدا:
- انتي اتخبلتي في مخك يا تحسين عاد ما البت اهه حطت منيه وما حصلش ليها حاجة، قسما ب**** يا.

قاطعته لينا في تلك اللحظة تحادثه برقة لطيفة بريئة:
- خلاص يا عمي أنا مش زعلانة منها زي جدتي قصدي زي والدتي، وعشان اثبتلكوا اني مش زعلانة
اقتربت لينا منها تعانقها بقوة تشدد على عناقها بقسوة تهمس لها متشفية:
- صبرك عليا انتي لسه شوفتي حاجة دا أنا هوريكي النجوم في عز الضهر!
علا صوتها تصيح برقة جميلة:
- خلاص يا عمتو تحسين أنا مش زعلانة منك خالص خالص دا انتي حبيبتي، حبيبتي، حبيبتي.

الفصل مئة وستة

انتهي الموقف تماما حين صدح صوت حسان الغاضب ينظر لزوجته بلهيب مستعر يقدح من حدقتيه:
- كل واحد على اوضته خلاص، واني هشوفلي حل مع البلوة والهباب اللي على خلقتها دا
ابتسمت لينا في براءة ناعمة سامة لتخرج من الغرفة، تحرك حسام يلحق بها ليقبض على يدها سريعا، يدخلها إلي غرفته وقف أمامها ينظر لها مقطب الجبين يسألها عابسا:
- انتي اللي عملتي كدة يا لينا صح.

ابتسمت بوداعة **** تخبر أبيها أنها حصدت الدرجة النهائية في امتحان الرياضيات الصعب ولم تخبره أنها غشت الإمتحان كاملا من صديقتها!

Flash back
حين صعدع تركض لأعلي، دخلت من باب غرفة حسام مباشرة، لا أحد بالأعلي، لا أحد سيراها، دخلت إلي الغرفة تغلق الباب عليها توجهت مباشرة إلي حقيبة ملابسها، تبحث بين أغراضها إلي أن وجدت ضالتها زجاجة عطر خاصة بزيدان وتلك الرسالة التي كتبها لها قبلا من فقط ثلاثة كلمات
« فكري، فكري كويس».

جلست ارضا تستند بظهرها إلي دولاب الملابس الكبير تحتضن زجاجة العطر والورقة تغمض. عينيها تشدد على عناقهم، كلمة حبيبتى التي نطقها منذ لحظات فعلت بها الافعايل، اعادتها لذكريات حقا كانت قليلة ولكنها سعيدة، وكأنه عرض طويل لفيلم حزين، تتخلله بعض اللحظات السعيدة فخرج الجمهور مبتسما متأثرا فقط بابتسامة، شددت كفها حول الزجاجة تتخيله هو مكانها، روحها بحاجة ماسة إليه، ترغب في عناقه بأي شكل كان، انهمرت دموعها في صمت، لا تعرف ما عليها أن تفعل، أتذهب وتخبره أنها تحبه، وإن رفضها بعد ما فعلت، سيتدمر قلبها وهي طاقة لها لأي دمار من جديد بالكاد تعيد بناء نفسها تريد يده تستند عليها قلبه يحتويها، طوفان عشقه ليغرقها به لتحتي في سرمدية عشقه الأبدي الي لا نهاية الزمان، لحظات طويلة لم تفق منها الا صوت الباب وصوت حسام يستأذن بالدخول قامت سريعا تدس الاغراض في حقيبتها، لتتوجه ناحية المرحاض، تغسل وجهها بالماء بعنف، تمحي آثار الدموع، خرجت تجفف وجهها بمنشفة صغيرة لتجد حسام يتكأ بجسده على فراشه يعبث بهاتفه، رفع وجهه ما أن رآها يتمتم ساخرا:.

- فالحة بوظتي الأكل، هناكل احنا ايه دلوقتي، يا مصيبة عصرك وزمانك
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها، كادت أن تقول شيئا حين دق الباب الفاصل بينهما وبين زيدان، توجهت هي سريعا قبل أن يقوم حسام تفتح الباب، لتراه أمامها مباشرة ما أن فتحت الباب، اختفت أنفاسها للحظات قبل أن تسمعه يحمحم يهمس في هدوء:
- لينا، تحسين مرات عمي عايزاكي في حاجة...

كادت أن تبتسم كشيطانة ها هو الجزء الأول من انتقامها على وشك الحدوث، اخفت ابتسامتها تحرك رأسها بالإيجاب تهمس سريعا:
- ثانية واحدة
هرولت ناحية حقيبة ملابسها تلتقط علبة منها تدس في جيب ملابسها دون أن يراها أحد، خرجت من غرفة حسام لغرفة زيدان، توجهت ناحية باب الغرفة تحادث تحسين تبتسم في رقة:
- خير يا طنط تحسين، معلش كنت باخد شاور
مدت تحسين يدها تمسك خصلة من شعر لينا المبتل تبتسم في خبث تتشدق:.

- حمام الهنا يا مرت الغالي، أنتي قولتيلي لما اجي احط من الكريم اقولك، ها اعمل ايه بقي
حافظت على ابتسامتها اللطيفة وتعابير وجهها الصافية وبداخلها شياطين تتراقص فرحا تحركت لخارج الغرفة تجذب الباب خلفها اقتربت من تحسين تهمس لها بخفوت:.

- بصي يا ستي، انتي هتفتحي العلبة وتحطي منه على وشك وايدك هتلاقي لونه أحمر كدة ما تقلقيش، اياكي تاخدي العلبة معاكي الحمام، تحطي على وشك وايدك وتدخلي الحمام تفركيه حوالي عشر دقايق وبعدين تغسلي وشك بماية من الحنافية عادي وتنشفيه.

ابتسمت تحسين تشكر لينا، توجهت سريعا إلي غرفتها ووقفت لينا خارجا تراقب، مر خمس دقائق لتتحرك بخفة ناحية غرفة تحسين، ادارت المقبض تفتح الباب بخفة اطلت برأسها الغرفة فارغة وها هي العلبة على طاولة الزينة، دخلت سريعا تتحرك بخفة بدلت العلبة بعلبة أخري كانت في جيبها اخذت العلبة لتخرج سريعا قبل أن يأتي أحد، ضحكت بخفوت ضحكة شريرة توجهت تلقائيا إلي غرفة زيدان تدير المقبض، دخلت للغرفة تغلق الباب خلفها لتبصر زيدان يقف في شرفة الغرفة يدخن أحدي سجائره، التفت ما أن سمعت صوت الباب، ابتسم يتمتم في هدوء:.

- في حاجة يا لينا
تكره طريقته تلك، تكره ما يفعل، تكره تعامله الرسمي معها، هي تستحق كما يري، هي جانية في حكايته، وضحية في حكايتها، متي ستتضافر كلمات الحكايتين، لتصبح بطلة حكايته ويصبح أمير أحلامها من جديد...
Back.

عادت من شرودها تنظر لحسام الذي يقف بالقرب منها ينظر لها ساخرا:
- بقالي ساعة بنادي عليكي، روحتي المريخ ولا لسه
ابتسمت بخواء فارغ، تركته تتوجه ناحية فراشها، القت بجسدها عليه، هو لا يأتي في الواقع ولكنه لا يتركها في الحلم.

بالقرب منهم في غرفة رانيا زوجة فاروق، وقفت أمام مرآة زينتها تتغنج بجسدها، رائحة معطر الجسد الذي اعطته لينا لها رائع بل أكثر من رائع، وزيت الشعر وكأن له مفعول السحر، شعرها الخشن للحظات شعرت به أنعم من الحرير، وقفت بعباءه منزليه وردية تضع كحل عينيها تطلي شفتيها بحمرة غامقة، نظرت ناحية الفراش تبتسم في مكر تحادث نفسها:
- البتاع دا ريحته حلوة اوي، أنا هرش منه على السرير يخلي ريحة السرير حلوة اكدة.

اقتربت بالزجاجة تغرق الفراش، لحظات ودخل فاروق زوجها ذلك الرجل متوسط الطول ممتلئ الجسد ذو الشارب الكثيف العريض، نظر حوله في دهشة حين اشتم تلك الرائحة العطرة تغزو غرفتها يسألها مدهوشا:
- هي الريحة الحلوة دي جاية من اهنه
ابتسمت رانيا في غنج تقترب منه رفعت يدها تداعب شاربه الكثيف تغمغم متغجنة:.

- ايوة يا سي فاروق، رغم اني زعلانة منك عشان ضربتي بالكف جدام الناس، بس جولت لزمن تيجي تلاجي مرتك حبيبتك مستنياك...
لم تتغير تعابير وجه فاروق الباردة فقط ازاحها من طريقه، خلع جلبابه يرتدي آخر للنوم، توجه ناحية الفراش يرتمي بجسده عليه يغمغم ناعسا:
- طفي النور يا رانيا وخلي ليلتك الغبرة دي تعدي على خير، مش كفاية هم ولاد السويسي.

شدت على أسنانها حانقة توجهت ناحية اضاءة الغرفة تغلقها، شعرت بحكة بسيطة في ذراعها، حين تسطحت على الفراش، تتأفف حانقة من زوجها الجلمود ذو مشاعر الصخور الجافة، توسعت عينيها فجاءة حين بدأت الحكة تزداد بشكل بشع انتصف جالسة تحك جسدها بالكامل بكفي يدها وكأنها مصابة بمرض جلدي خطير يسبب الحكة، قام فاروق حانقا من حركتها فتح الإضاءة المجاورة للفراش ينظر لها محتدا يتمتم في غيظ:.

- جري ايه يا ولية انتي اجربيتي ولا ايه، عمالة تهرشي اكدة ليه
زاد الحكة بشكل بشع لا يحتمل، ليبدأ هو الآخر يشعر بأن هناك شيئا خاطي، جسده بدأ يحكه، والحكة تزداد بسرعة رهيبة، انتفض من الفراش يخلع جلبابه يلقيه أرضا يصرخ فيها غاضبا:
- يا بنت المركوب عديتيني، قسما ب**** لهطلع روحك يا بت سعفان.

قالها ليندفع الي المرحاض يحاول التخلص كن ذلك البشع بالماء بينما بقيت هي خارجا تتلوي من شعورها القاسي بتلك الحكة البشعة...

في الغرفة الثالثة من هنا لهناك ننتقل في غرفة حسنة زوجة نجيب، نظرت لزجاجة العطر التي جلبتها لينا لها، في حذر، فقط رشة صغيرة حذرة منها تشتمها رائحتها جيدة، بل أكثر من جيدة، انتظرت طويلا أن يظهر على يدها علامة حمراء او شعور بالحكة مثلا، او شي غريب، ولكن لم يحدث شي بتاتا، ابتسمت في توسع تغرق نفسها بذلك العطر الرائع، أغمضت عينيها تشتنقه بهيام رائحته هادية جذابة، فتحت عينيها حين سمعت صوت الباب اقترب نجيب زوجها منها، نجيب كان الأكثر وسامة بينهم بطوله الفارع...

ملامحه الوسيمة السمراء عينيه الزرقاء التي اخذها مثل أخيه زيدان من عيني والدته، كما أخذ قسوتها، اقترب منها يبتسم في مكر وقف خلفها بالقرب منها كثيرا يمسك احدي خصلات شعرها يلفها حول أصابعه يغمغم مبتسما:
- كيف الجمر، ايه الريحة الحلوة دي
ابتسمت حسنة في غنج تلتفت ناحية زوجها تلف ذراعيها حول عنقه تهمس له بدلال:
- اتوحشتك جوي، الا جولي هو المخفي زيدان هيمشي ميته...

تغضنت ملامح نجيب في غيظ، اسودت حدقتيه حقدا يغمغم محتدا:
- بيجول بكرة هيغور بكرة، **** ما يرجع، هنفضل تحت رحمته هو وخاله لحد ميتا أنا مش عارف، دا بيت أبوي، **** يسامحك يا أبوي يوم ما جسم املاكه كتب البيت دا لزيدان اخوي، يقوم زيدان **** يجحمه، يكتب البيت باسم ابنه، لو ما كنش عمل اكده كنا زمانا خدناه من زمان...
ابتسمت حسنة في مكر تنظر له تغمغم في هدوء خبيث :.

- طب ما هو انتوا لو خلصتوا من زيدان ولد اخوك اكدة السرايا والأرض ترجع لأصحابها
ابتعد نجيب عن حسنة توجه ناحية الفراش جلس عليه يخلع حذائه يتمتم ساخرا:
- عيزاني اقتل ولد أخوي، عشان خالد السويسي يشيلنا من على وش الأرض، وبعدين ريحي بالك، البيت اصلا باسم خالد السويسي، الناصح خلي زيدان يكتبه البيت باسمه عشان ما نعرفش ناخده...
اقتربت حسنة منه تجلس جواره على الفراش تحادثه في غنج:.

- خلاص يا نجيب ما تشغلش بالك أنت، هما بكرة يغوروا وإن شاء **** ما هيجوش تاني واصل
ابتسم نجيب في سخرية ينظر لها نظرات جائعة نهمة ليمد يده يغلق اضاءة الغرفة ليسود المكان عتمة لن يسطع شمسها قريبا.

بعيدا في منزل مراد يجلس مراد على مقعد في الصالة الصغيرة يحمل الصغيرة بين يديه يداعبه وضحكاتها تطرب الجميع، بالقرب منهم في المطبخ الصغير تتحرك روحية هنا وهناك تقطع الدجاجة وحبات البطاطس، تحضر عصير الطماطم، تضع المياة الساخنة والملح على الازر حتى، ينضج، تمزق أوراق« الملوخية » بتلك المخرطة اليدوية، حانت منها التفاتة للخارج حين سمعت ضحكات الصغيرة ملك، لتري مراد وهو يجلس هناك يداعب الصغيرة، كم بدت الصورة جميلة بحق، للحظات هرب عقلها من قوقعة الحزن وفر هاربا يتخيل حياة سعيدة هي وملك ومراد!، الأمر غريب مخيف، لازالت لا تثق في مراد تمام الثقة، مرت نصف ساعة إلي أن أنهت صنع الطعام، وقفت تنظر لما حضرت يداها بابتسامة صغيرة، خرجت من المطبخ لتجد ملك نامت على ذراعي مراد، اقتربت تريد أن تأخذها منه ليهمس بها بخفوت:.

- سيبيها انا هدخلها تنام انتي تعبتي
توسعت حدقتيها في ذهول تنظر له في دهشة من أبدل مراد بآخر، من الصعب أن تصدق أن بات النقيض تماما، تخلي عن شخصيته الدنيئة، اجفلت على صوت دقات على باب المنزل، توجهت ناحية الباب مدت يدها كادت أن تمسك بيده لتسمع صوت خطوات سريعة ويده سبقت يدها نظرت له في توتر ليشير بعينيه إلي ملابسها وشعرها المكشوف يهمس بخفوت حتى، لا يسمعه أحد:.

- العباية بنص كم من غير حجاب، واللي برة دا اكيد أدهم، ما ينفعش يشوفك كدة
يغار، أيغار عليها، أم أنها فقط تتوهم، مراد يغار، حركت رأسها بالإيجاب تأخذ طريقها إلي غرفتها تغلق الباب عليها ليفتح هو الباب رأي أدهم يقف أمامه وخلفه تقف منيرة، تحدث أدهم ضاحكا:
- ايه عم سنة على ما تفتحوا دا أنا افتكرتوا نمتوا وكنت هنزل اتعشي فول بقوطة.

ضحك مراد بخفة يربت على كتف أخيه، دخل أدهم لتدخل منيرة خلفه سريعا نظرت لمراد تتمتم بشراسة:
- اومال فين البت روحية، اوعي تكون زعلتها ولو بنص كلمة، هتقولي وساعتها بالشبشب على وشك
ضحك ادهم يصدم مراد في ذراعه يحادثه بهمس ساخر:
- أنا تعبت من شبشب جدتك دا يا مراد، محسساني أنه سلاح نووي
ضحك مراد عاليا ضحكات خشنة، اشار بيده لباب غرفة روحية المغلق ينظر لجدته يتمتم ساخرة:.

- اهي يا ستي عندك اهي، ادخلي اساليها عشان تعرفي اني برئ ومظلوم وانتي ظلماني
ضيقت منيرة عينيها تنظر له بشك لتتحرك ناحية غرفة روحية دخلت تصفع الباب في وجه مراد وأدهم، ضحك الاخوان، يتحرك ناحية الشرفة الصغيرة الملحقة بالشقة التفت أدهم لمراد يحادثه:
- اخبارك ايه مع روحية، مراد البنت دي غلبانة اوي، وأنت كنت هتأذيها أوي.

انطفأت نظرات مراد تبدلت بأخري نادمة حزينة حرك رأسه بالإيجاب استند بمرفقيه على سور الشرفة يوجه انظاره للشارع امامه تنهد يتمتم نادما:
- أنا اذيت ناس كتير اوي مش هي بس، أنا حتى، مش عارف اعوضها ازاي، أنا بقيت خايف اتكلم معاها لاذيها بكلامي من غير قصد، وأنا مش عايز ااذي حد تاني، كفاية اللي عملته، كفاية اوووي.

انسابت دمعة من عيني مراد حين مرت صورة جاسر أمام عينيه كم يرغب في تلك اللحظة ف أن يركض إليه يطلب منه السماح، ولكن جاسر لن يقبل أن يراه من جديد يكفي ما فعله قبلا، اقترب أدهم من أخيه يربت على كتفه يحادثه مترفقا:.

- روق يا مراد، انت غلطت وأنا غلطت كلنا بنغلط، كل واحد ليه فرصة تانية، فرصة يا اما يصلح فيها الغلط دا ويبدأ من أول وجديد، يا أما يكمل، ويتحمل نتيجة اختياره وأنت اخترت الطريق الصح، أنت لو وحش كنت كملت فئ طريق الغلط، صدقني يا مراد، أنت شخص كويس، كويس جدا وبكرة الأيام هتثبتلك كلامي
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي مراد يحرك رأسه بالإيجاب، ليغمغم أدهم ضاحكا:
- فين يا عم الأكل أنا واقع من الجوع...

ضحك مراد يجذب يد أدهم للداخل، دخلا الي صالة المنزل ليجدوا منيرة تخرج من غرفة روحية تنظر لمراد تبتسم في مكر حين قالت:
- ما إنت حلو اهو وبتجيب هدايا
حمحم مراد متوترا شعر للحظات بأنه مراهق أحمق انكشف سره الصغير، رفع يده يضعها خلف رقبته يحاول إخفاء حرجه ليكزه أدهم بمرفقه في ذراعه ابتسم في خبث يهمس له:
- اوووبا هي الحكاية فيها هدايا وتقولي خايف اكلمها، ها هبقي عمو تاني امتي.

ضحك مراد متوترا ضحكات صغيرة خفيفة، دقائق وتجمعوا جميعا حول طاولة صغيرة يتراص أمامها الطعام فتح أدهم ازرار ذراعي قميصه يزيحه للخلف يغمغم باشتهاء:
- يلا بسم **** أنا واقع من الجوع...
بدأ يأكل بنهم ليضحك مراد عليه اعطاه رغيف من الخبز ليتلقطه أدهم منه، بينما سأله مراد متعجبا:
- ايه يا ابني أنت ما كلتش من الصبح ولا ايه
تقصلت قسمات وجه أدهم بحسرة امسك كوب الماء يرتشف ما فيه يغمغم بنواح حزين مضحك:.

- كلت، دا أنا كلت في نفسي، يا دوب خلصت الشغل ولف يا أدهم مهندس الديكور عايز كذا وكذا وكذا، السباك عايز كذا كذا، بتاع الازاز عمل اللوح بشكل غلط، وبعدين قابلت مايا قولت الحمد *** يا رب هنتغدي، الهانم عاملة دايت عشان قال ايه حاسة أن وزنها زاد، عايزة تبقي فراشة طايرة في فستان الفرح، رفضت تخليني اجيب اكل بنت اللذين، يا دوب روحتها وكملت مشاوري، ولسه جاي من ربع ساعة، سيبني بقي اكل عشان صينية البطاطس دي بتغريني وأنا بصراحة بضعف.

ضحك مراد ومنيرة ينظران لادهم وهو يأكل بنهم كطفل صغير جائع، تحركت عيني مراد يختلس النظرات ناحية روحية ليري عينيها الشاردة، رأي لمحة حزن الحرمان الذي يعرفه جيدا يتجسد في حدقتيها، ربما حديث أدهم عن مايا والزفاف والفستان، حقا آلمها، بالطبع كانت ترغب في زفاف مثلها مثل المئات، إن تظهر وهي عروس جميلة في فستانها الأبيض، ولكن يبدو أن للقدر رأي آخر، أراد أن يقل شيئا عله يخفف ما يري من حزن في عينيها فابتسم يهمس لها:.

- تسلم ايدك الأكل حلو اوي
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها تحرك رأسها بالإيجاب، تنظر للطعام أمامها ليبتسم هو في حزن شاحب، راقبت منيرة ما يحدث تدعو لهم في قلبها، أما أدهم فكان منشغل في الطعام!

من هنا لهناك في فيلا خالد السويسي، توجه اخيرا بعد أن أقنع لوجين بشق. الأنفس أن تبقئ معهم وإن لينا لم تكن تقصد ما قالت، وأنها حقا ستحبها كثيرا ما أن تتعرف عليها، اوصلها إلي غرفة زيدان، ليتوجه إلي غرفته فتح بابها يبحث بعينيه عنها ليجدها تتسطح على الفراش تولي الباب ظهرها، اتجه سريعا إلي المرحاض يبدل ثيابه، تسطح جوارها يعقد ذراعيه خلف رأسه ينظر لسقف الحجرة شاردا هل ما فعله صحيح، هو لم يكن ليترك شقيقته ابداا، هو فقط لا يعرف إن كانت عودة لوجين لحياة زيدان من جديد هو الاختيار الصحيح أم ألم جديد جلبه بيديه ليؤذيه، تنهد حائرا يلتفت برأسه لتلك النائمة جواره، موقف لينا تجاه لوجين حقا هو ما يزيد قلقه، لينا لا تتقبل لوجين، لينا تعامل الجميع كأنهم أطفالها زيدان منذ أن كان طفلا، جاسر ابن رشيد، حتى، حسام ابنه من شهد، حتى، هو أحيانا تعامله وكأنه *** صغير دائما ما تحنو على الجميع لما صبت غضبها كاملا على المسكينة لوجين، مد يده يريد احتضانها، في أصعب أوقاته يلقي بنفسه بين أحضانها دون كلام، حين شد جسدها إليه رأي تلك الدموع التي تهبط من مقلتيها في صمت قاتل، رفع يده يمسح دموعها برفق:.

- لينا فتحي عينيكي أنا عارفة أنك صاحية..
اطلت بزرقاء عينيها، تنظر له مقلتيها حمراء كالدماء تتجمع فيهما الدموع بغزارة مخيفة رفعها بين ذراعيه يغزرها داخل صدره ليسمع صوت شهقة بكاء عنيفة تخرج من بين شفتيها رفع يده يسمح على شعرها يحاول أن يهدئها، ليسمع صوتها تهمس بحرقة:.

- ما تخليهاش تاخده مني يا خالد، دا ابني أنا و**** إبني أنا، أنا اللي ربيته، **** حرمني من الأطفال بعد لينا، بس عوضني بيه هو، مش هستحمل ابقي على هامش حياته، مش هستحمل أنها تاخد مكاني عنده...
شعر بالغيرة حقا شعر بالغيرة من حب لينا المفرط لزيدان، إلا أنه ليس وقت الغيرة تماما ابعدها عنه قليلا يمسح دموعها بكفيه يزيح خصلاتها التي تغطي وجهه احتضن وجهها يحادثها بحنو:.

- هو عيل صغير يا لينا، زيدان عدي ال30، مش عيل هتاخده في ايدها وهي ماشية يا حبيبتي، انتي أمه اللي ربته وما حدش يقدر يغير دا ابدا، بس هي أمه يا لينا، صدقيني لوجين عانت كتير، زيدان لو سامح لوجين دا مش معناه إنه هينساكي، ما حدش بينسي أمه، حبيبتي اهدي وشيلي كل الاوهام دي من دماغك، وخليكي جنب لوجين، هي محتاجانا كلنا الفترة دي.

لم توافق ولم ترفض ظلت صامتة تنظر لحدقتيه تنساب دموعها في صمت مخيف، جذب رأسها لصدره يحاوطها بذراعيه تنهد يهمس لها تعبا:
- عارفة نخلص بس من حكاية لوجين، وهخدك ونختفي بعيد عن مشاكل العيلة الخلل دي..
خرجت ضحكة خافتة للغاية من بين شفتيها ليبتسم هو حين سمع ضحكتها الصغيرة، يشدد على عناقها.

بالقري منهم في نفس المنزل في نفس الطابق في غرفة بعيدة، غرفة زيدان، على فراشه تجلس لوجين هناك تتحسس بكفيها سطح الفراش، الوسادة، الغطاء، أدمعت عينيها هنا ينام طفلها الصغير، لم يعد كذلك، لم يعد طفلا، على الحائط للمقابل للفراش صورة له وهو بحلة العمل الرسمية، كم يشبه أبيه نفس الابتسامة زرقة العينين الملامح الشعر البني، امسكت وسادته تحتضنها بعنف بين ذراعيها لتقع عينيها على صورة في برواز صغير مجاور للفراش، صورة له هو ولينا زوجة خالد، يبدو كفتي ووالدته يضحكان صورة مثالية، لا يوجد مكان لثالث فيها، قامت من مكانها صوب دولاب ملابسه تفتحه تنظر للملابس المعلقة جذبت قميص اسود اللون تقربه منها تحتضنه بقوة وكأنها تحتضن صاحبه، تحركت تبحث بين أغراضه لتجد زجاجات عطره، عدة ساعات لليد، حافظات جليدية للنقود، أوراق قديمة مرتبة بشكل منتظم، توجهت إلي مكتبه جلست عليه تنظر حولها تبتسم هنا جلس ولدها، ذاكر أو قرأ هنا كانت لينا بجواره ولم تكن هي، مدت يدها تفتح احد الأدراج تبحث بينهم ليقع عينيها على دفتر رسم كبير، زيدان يرسم، فتحت الدفتر لتجد اسم لينا مرسوم، بخطوط عربية قديمة تعرفها، زيدان ماهر في رسم الخطوط، بحثت بين الأوراق بتلهف تمني نفسها أن تجد اسمها ولو بخط صغير، ولو لمرة واحدة، لا شئ، الدفتر يخبرها بقسوة أنه قد نسيها لا مكان لها فئ حياته، وضعت الدفتر في مكانه تخفي وجهها بين كفيها تبكي ندما، هي من أخطأت في حقه والآن تدفع الثمن، ثمن قاسي مؤلم، يحرق قلبها، استندت بمرفقيها على سطح المكتب، شعرت حين حط مرفقها على سطح المكتب ان سطح المكتب مجوف فارغ، سمعت صوت هواء، قطبت جبينها مدت يدها أسفل السطح تحاول فتحه ليُفتح جزء صغير كأنه باب صغير في اسفل السطح ما أن انفتح سقط دفتر ازرق كبير منه، مدت يدها سريعا تلتقط الدفتر، مسحت الغبار عنه، لتجد كلمة مذكرات تعلو سطحه، ذلك الدفتر تعرفه ذلك الدفتر كان ملكا لزيدان زوجها، فتحت الدفتر لتجد الأوراق التي خطها زيدان كما هي بخط يده حركت بين صفحاته بسرعة لتجد أولي الصفحات بخط *** صغير، يعرف عن نفسه ببراءة.

- أنا اسمي خالد زيدان، ودا الدفتر بتاع بابا هو ادهولي هدية ليا، انا أسعد واحد في الدنيا، بابا بيحبني اوي وماما كمان، بروح المدرسة والعب مع أصحابي، ماما بتنادي هرجع تاني
حركت عدة صفحات أخري تنهمر دموعها بلا توقف حين قرأت:
- أنا خايف، ماما جت معاها راجل شكله يخوف أوي، بتقولي هيبقي بابا، أنا مش عايزه يبقي بابا...

شهقة بكاء عنيفة خرجت من بين شفتيها احرقت دموعها خذيها لتغلق الدفتر تضمه لصدرها بعنف تهمس بحرقة:
- سامحني يا ابني أنا آسفة، انا آسفة أوي!

حين حل الصباح استيقظ الجميع على صوت صراخ قادم من غرفة حسنة زوجة نجيب، هب كل ما في البيت على صوت الصياح، تقدم حسان يدق باب غرفة أخيه يصيح متلهفا:
- افتح الباب يا نجيب، نجيب في ايه يا نجيب، نجيب رد عليا يا نجيب.

لحظات وفتح نجيب باب غرفته عينيه متسعة في ذهول وجهه شاحب وكأنه رأي الموت بعينيه، حسان يصيح فيه هو صامت تماما، اندفعت إلهام لداخل الغرفة لتصرخ هي الاخري، مما جعل الجميع يندفع للداخل توسعت أعينهم في ذهول حين رأوا حسنة تقف امامهم وجهها لا يكاد يري من علامات التقرح الحمراء والزرقاء التي تغطي وجهها بالكامل ويديها، لم يكد أحدهم ينطق بحرف سمعوا صوت صرخات أخري قادمة من غرفة رانيا، اندفعوا جميعا ناحية الغرفة المجاورة ينظروا بذهول لشعر رانيا الضخم المنفوش الذي يشبه شعر راقصي الديسكوا قديما...

الجمع يتحرك من هنا لهنا، بينما تقف هي عند السلم تبتسم في تشفي هو الوحيدة التي تعرف ماذا يحدث، حسنة تعاني من تقرحات في الجلد غير معدية ستسمر لأسبوع على الأكثر قبل أن تبدأ في الاختفاء، أما رانيا فشعرها يحتاج لجلسة علاج بروتين في اقرب وقت، كم تشعر بنشوة السعادة تختلج صدرها، خرجت إلهام من غرفة رانيا تقدمت ناحيتها ترميها بنظرات غاضبة وقفت بالقرب منها تحادثها بهمس غاضب:
- انتي اللي عملتي فيهم اكدة.

ابتسمت لينا في هدوء تام تشير لنفسها لحظات صمت قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب تغيرت فئ لحظة نظراتها البريئة لاخري متشفية:
- ايوة أنا، مش انتوا استقويتوا عليا زمان، جه دوري اني اخد حقي منكوا واحد واحد، أنا خدت حقي منهم فاضل انتي...
توترت نظرات إلهام تنظر لتلك الواقفة امامها في ريبة:
- وهتاخديه ازاي يا مرت الغالي
- هوريكي
نطقتها لينا بابتسامة واسعة متشفية لتصرخ فجاءة مذعورة:.

- حرام عليكي يا طنط إلهام أنا عملتلك ايه ااااااااااه
دفعت بنفسها من فوق درجات السلم تتمسك خفية بسور السلم حتى، لا تقع وقعة عنيفة ارتمت بجسدها على اقرب درجة عريضة تسمع صوت صراخ زيدان الفزع باسمها، لتغمض عينيها كأنها فقدت الوعي!



25-12-2021 03:50 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [219]
 صورة زهرة الصبار الشخصية
زهرة الصبار
عضو فضي
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
أنثى

الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
offline

look/images/icons/i1.gif
رواية أسير عينيها

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وسبعة

تأوهت بخفوت تحركت مقلتيها بضعف شديد تحاول كشف الستار عن بندق عينيها الماكر البرئ، شيئا فشئ بدأت تفتح عينيها تنظر للملتفين حولها رأت وجهه القلق لم يستطع عناده أن يخفي قسمات وجهه التي تنضح قلقا عليها يقف جوار الفراش هناك امامها مباشرة لا يفصلها عنه سوي حسام الجالس جوارها على الفراش يمسك زجاجة عطر، زجاجة تعرفها جيدا، لولا الموقف التي من المتفرض إن تكن فيه لكانت تمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها تلك الزجاجة التي تحتفظ بها في حدقتيها بين اغراضها كيف عثر عليها حسام، مد الأخير يربت على وجهها برفق يصيح قلقا:.

- لينا أنتي سمعاني، لينا مركزة مع صوتي سمعاني
شتمته في نفسها الأحمق هي يظنها صماء، رفعت مقلتيها في وهن برعت فيه تهمس له بصوت ضعيف خفيض متألم:
- اااه، حسام، هو اييه اللي حصل.

رفع حسام حاجبه الأيسر في سخرية، أدائها التمثيلي مبالغ فيه بشكل يثيره للضحك، حمحم يحاول إستعادة ثباته كي لا ينفجر ضاحكا، فتح فمه يريد أن يقول شيئا، لكنه سبق زيدان، الذي رغم ما به من خوف يفتت قلبه خرجت نبرة صوته هادئة للغاية وكأن شيئا لم يحدث إطلاقا:
- حمد *** على سلامتك يا لينا، أنا كلمت الوحدة وفي دكتور هيوصل بعد دقايق، أنا بعتذرلك عن اللي عملته عمتي، عن اذنكوا.

قالها ليلتفت يوليها ظهره يأخذ طريقه لباب الغرفة هكذا ببساطة دون أن يهرع إليها يحطم أضلاعها داخل صدره يخبرها بأنه كاد يموت قلقا عليها، رأت والدها يفعل ذلك الأمر مئات أن أصاب والدتها ولو خدش بسيط، أليس هو تلميذ والدها النجيب، ما إن تعد ستخبره بأن تلميذه فاشل لم يأخذ منه شيئا ابدااا، تعلقت حدقتيها به وهو يغادر تتمني لو يلتفت لها، امسك مقبض الباب بيده ليخونه قلبه التف برأسه يرغب فقط في أن يراها، لو كان بينه وبين الموت دهر، سيعيشه فقط لكي يراها، حين التفت اصطدمت مقلتيه بمقلتيها، عانقت السماء الأرض للحظات قبل أن ترحل، اضطربت دقاته حين اصطدمت أعينهم ليدير مقبض الباب سريعا يخرج من الغرفة، ما إن خرج تبدلت نظراته القلقة بأخرى شرسة تسارعت أنفاسه ثائرة على ما فعلوه يكفي لقد لاق منهم ما يكفي ويطفح به كيله، حرق الأرض تحت قدميه غاضبا، ينزل لأسفل بخطي سريعة في الأسفل كان يقف كل من حسان ونجيب وفارق ومعهم إلهام اندفع الرجال يصرخون فيه ما أن رأوه:.

- مرتك السبب
- هي اللي عملت اكدة في شعر مرتي
- حسنة قالتي انها اللي ادتها الهباب اللي خلي وشها أحمر
- مرتك خلت وش مرتي ما باينش
- أنا ما ذقتهاش هي اللي رمت نفسها
وقف أمامها صامتا هادئا تمام يطالعهم وهم يعوون كالكلاب، بينما عقد هو ذراعيه أمام صدره توجهت حدقتيه ناحية صورة والده التي تعلو صالة البيت جوار صورة جده الراجل نظر للصورة يمعن النظرات إليها يتمتم في نفسه ساخرا:.

- أنا مش فاهم حقيقي أنت كنت مستحمل الناس دي ازاي، دا أنت **** رحمك منهم
أزاح مقلتيه من على صورة والده ينقلها بين اعمامه الثلاث وعمته الفاضلة تحرك امامهم، الي بات في المنتصف منهم عقد ذراعيه خلف ظهره يبتسم ساخرا:
- أنا واقف قدام اعمامي، أخوات أبويا **** يرحمه، كنت فاكر أنهم ممكن يكونوا فيهم من حنيته، بس طلعت غلطان، هما شوية كلاب بيجروا ورا الفلوس
- زيدان اتحشم ولم لسانك لاقطعهولك.

زمجر بها حسان غاضبا، ليقترب زيدان منه وقف امامه يرفع حاجبه الأيسر في سخرية، مد يده في حركة مفاجأة يقبض على تلابيب ملابس حسان ابتسم يتمتم:
- خالد، خالد زيدان ، ابن أخوك، اللي ما رعتش اي صلة دم، وكنت عايز تسرق حقه وهو لسه عيل صغير
ترك ملابس حسان الذي توسعت عينيه في ذهول مما يفعل زيدان بينما عاد الأخير عدة خطوات للخلف توسعت ابتسامته يردف ضاحكا:.

- بس الصغير مصيره في يوم هيكبر، واهو كبر وعدي ال 30، وبقي راجل ملو هدومه يقدر بإشارة واحدة من صباعه أنه يمحيكوا خالص...
اختفت ضحكاته تجهمت قسمات وجهه ينظر أهم بأعين تملئها الغضب ليزمجر غاضبا:.

- رغم كدة عمري ما اذيتكوا، سايبكوا عايشين في ملكي وأنا ممكن بكل بساطة ارميكوا برة، عامل حساب لابويا، مش عايز ازعل اخواته، اخواته اللي ما فيش جواهم غير الكره والحقد والغل، ما افتكرش أنهم زعلوا دقيقة واحدة على موت اخوهم، لا دول كانوا بيفكروا ازززاي هياخدوا حق عيل صغير، ما كنش عندكوا اي مانع انكوا تموتوا *** صغير، وأنا واثق أن كل واحد وواحدة فيكوا بيتمني موتي او نفسه هو اللي يموتني عشان بيت وأرض، خدووووهم، خدوا البيت والأرض، خدوا كل اللي عندي ورجعولي أبويا دقيقة واحدة، دقيقة واحدة بس...

صمت يلهث بعنف ينظر لوجوههم جميعا، نظراته قاسية خالية من اي مشاعر، لحظات وارتسمت إبتسامة ساخرة على شفتيه يردف متهكما:
- مش هتعرفوا صح، انتوا بس بتعرفوا تنهشوا في لحم الضعيف...
توجه ناحية إلهام يرميها بنظرات حادة سوداء قاسية يتمتم محتدا:
- استقويتوا على لينا زمان كنتوا عايزين تكسروها ودلوقتي جاية ترميها من على السلم عايزة تموتيها، روحك كانت هتسبق روحها لو كان حصلها حاجة.

قاطع جلسة كلامه الحادة صوت طرقات على باب المنزل توجه ناحية الباب يفتحه، ليطل شاب تقريبا يماثله عمرا ملامحه هادئة بشوشة يرتدي نظرات طبية شفافة، مد يده يصافح زيدان يتمتم مبتسما:
- مروان ساهر!، أنا الدكتور اللي
قاطعه زيدان يهمس له سريعا بتلهف:
- ايوة ايوة كويس انك ما اتأخرتش، اطلع السلم دا تالت اوضة على ايدك الشمال.

حرك مروان رأسه إيجابا يعدل من وضع نظارته الطبية تحرك لأعلي يمسك بحقيبة يده السوداء، بينما عاد زيدان اليهم ارتمي بجسده على أحد المقاعد المقابل لهم ابتسم يتمتم ساخرا:.

- ايه ساكتين ليه، على العموم انتوت ما بقاش ليكوا مكان هنا، دا بيتي وأنا إن كنت استحملتكوا زمان فأنا مش مجبر تماما اتحملكوا دلوقتي، وبلاش جو المسكنة يا إلهام هانم، أنا عارف انكوا شارين بيت كبير من الناحية الغربية للبلد يعني مش هتباتوا في الشوارع ولا حاجة...
وقف من مكانه ينظر لدهشتهم للحظات بابتسامة ساخرة رفع يسراها يشير لباب المنزل يصيح محتدا:
- اطلعوا برة، يلا برة، مش عايز ** مخلوق فيكوا هنا...

انتفخت اوداج حسان ونجيب وفاروق يكاد الغضب ينهشهم يطردهم بكل وقاحة، يطردهم من بيتهم هم، هو الغريب هنا وليس هم اندفع ناحيته في لحظة رفع يده يود صفعه ليشعر بيد تقبض على تلابيب ملابسه من الخلف يجذبه بعنف، نظر مدهوشا للفاعل ليجد حسام يقف خلفه يبتسم في توسع يتمتم ساخرا:.

-الكلام اللي هقوله دا مش هعيده تاني، ايدك تتمد على صاحبي هقطعالك، آمين، وأنت عارف بمكالمة واحدة هجيب اللي هيزحفكوا على ايديكوا ورجليكوا، الحج ما هيصدق هو نفسه يولع فيكوا اصلا، دا موصيني اي قلة أدب منكوا اني اولع فيكوا، عود كبريت وهتنورا قدامي بدل ما انتوا مضلمين كدة.

دفع حسان يد حسام ينظر له حانقا غاضبا تجهم وجهه ينظر لاخوته للحظات قبل أن يندفع لأعلي وخلفه البقية، اقترب حسام من زيدان يبتسم له في هدوء رفع يده يربت على كتفه، تبدلت ابتسامة زيدان بأخرى حزينة، قبل أن ينظر لحسام يحاول أن تبدو نبرة صوته طبيعية:
- هي لينا كويسة.

حرك حسام رأسه بالإيجاب كاد أن يضحك ساخرا يخبره من تحاول أن تخدع بنبرتك الهادئة تلك فأنا الشاهد الأول على ملحمة عشقك الضارية، حين تناهت إلي اسماعهم أصوات صرخات، انجليكا!، ركض زيدان وخلفه حسام لأعلي يتوجهان مباشرة إلي غرفة انجليكا، اندفع زيدان يدير مقبض الباب يدخل الي الحجرة لتشخص عينيه في ذهول، وشهقة قوية خرجت من حسام، ينظر مدهوشا إلي المنظر العجيب أمامه، انجليكا كان أمامه حرفيا تغرق في العسل الأسود رائحته النفاذة تملئ الغرفة، شعرها، يديها، جسدها، ملابسها، من فعل ذلك، بالطبع ليست لينا البريئة التي انتظرت إلي أن خلد الجميع للنوم وتحركت على أطراف أصابعها إلي غرفة الشقراء، فتحت بابها تدخل الي الغرفة مدت يدها تخرج زجاجة صغيرة بها مخدر رشته على وجه انجليكا حتى، لا تستيقظ، امسكت العلبة الكبيرة التي جلبتها في الطرد هي والأشياء الاخري فتحتها تسكبها على الشقراء وهي نائمة لا تعي ما يحدث، لما يظلمها الجميع هي لم تكن تقصد اي شر إطلاقا، هي فقط علمت مصادفة أن العسل الأسود مفيد جدا للبشرة فقررت أن تهديها كمية كبيرة منه.

انفجرت انجليكا في البكاء تنظر لجسدها المغطي بتلك المادة السوداء اللزجة نظرت ناحية زيدان تنوح باكية:
- زيدان الهقني زيدان، مين أمل كدة...
حرك رأسه بالنفي لا يعلم حقا لا يعلم، او لا يريد أن يعلم، بالطبع من غيرها ستفعل ذلك، لينا باتت خطرا جسيما على المجتمع بأفكارها الشيطانية تلك، اجفل على صوتها تصرخ وهي تبكي:
- اامل هاجة زيدان...

ماذا يفعل، لا يعلم، نظر لحسام ليراه في حالة بلهاء هو الآخر يفغر فاهه حتى، آخره ينظر لها بأعين متسعة تحملق فيها بدهشة، زفر يحاول أن يفعل شيئا، إن يجد حلا لتلك الورطة، توجه ناحيتها جذب يدها يخرجها من الفراش الموحل، ناحية باب المرحاض تركها يحادثها مترفقا بحالها:.

- انجليكا خدي دش، وأنا هقول لحد من الخدامين ينضفلك الأوضة توجهت للمرحاض توجه هو ناحية حسام جذبه لخارج الغرفة ليجد ذلك الطبيب يقف هناك في منتصف الردهة توجه زيدان ناحيته سريعا يسأله متلهفا:
- أخبارها ايه حصلها حاجة؟!
ابتسم الطبيب في هدوء يحرك رأسه بالنفي يعطيهم ورقة خط عليها نوع واحد فقط الدواء:
- كدمات بسيطة، المرهم دا هيبقي مناسب ليها جداا، واضح انها اتزقت بس كويس أن الوقعة ما كنتش جامدة.

احمرت مقلتيه، شد على أسنانه كور قبضته يطحن أصابعه لو لم تكت عمته فقط امراءة لكان هشم عظامها أجمع على ما فعلته بها، شكر الطبيب حاول أن يعطيه نقوده ليرفض الأخير رفضا قاطعا يردف بجملة واحدة قبل أن يغادر:
- لاء طبعا مش هاخد فلوس، دا جزء صغير من *** قديم، عن إذنك
لم يفهم زيدان عما يتحدث ذلك الشاب ولكن حسام فهم جيدا، ابتسم شاردا ما يفعله والده قديما يصب في مصلحتهم الآن.

Flash back
حين خرج زيدان من الغرفة التفت حسام لشقيقته ينظر لها ساخرا أسبل عينيه يحاول تقليدها بشكل مبتذل:
- اااه، أنا فين، انتي مين علمك التمثيل يا بنتي، ادائك مبتذل ولا الفنانة اللي كانت في الفيلم اللي شوفته امبارح ومش فاكر اسمه
ضيقت لينا حدقتيها ترميه بنظرات قاتلة حادة رفعت يدها تقرصه في ذراعه بغيظ تتمتم حانقة:
- وأنا همثل ليه يعني هي اللي ذقتني
ضحك حسام متهكما يحرك رأسه بالإيجاب يجاريها ساخرا:.

- طبعا، اومال.

حسام يذكرها بوالدها لا تنطلي عليه خدعها ببساطة هكذا، فتحت فمها تود أن تقول شيئا ليقاطعها صوت زيدان الغاضب الذي صدح من أسفل يبدو أنه يتشاجر مع عائلته، صمتت تنظر لحسام لتري في عيني الأخير نظرات حزينة حسام خير من يعرف معاناة زيدان مع عائلته التي لم تكن له عائلة يوما، جميعهم يسعون خلف نقوده بجشع وانانية مخيفة، وقلبها هي يتمزق مع كلمة تسمعها، الجميع شارك في ايذائه حتى، هي، دمرت قلبه ولكنها لم تكن ظنته الجاني وهو مثلها مجني عليه، انسابت دمعة من عينيها لترفع يدها تمسحها سريعا قبل أن يراها حسام، في اللحظة التالية صوت دقات على باب الغرفة، قام حسام يفتح الباب ليطل ذلك الشاب من خلفه يحادث حسام مبتسما:.

- أنا الدكتور، الإستاذ اللي تحت قالي اطلع هنا
حرك حسام رأسه بالإيجاب يفسح للطبيب المجال ليدخل، تحرك ذلك الشاب لداخل الغرفة، وقف للحظات ينظر لحسام في عجب يقطب جبينه مال برأسه قليلا ناحية اليمين ينظر له عن كثب، لاحظ حسام نظراته ليرفع حاجبيه يسأله ساخرا:
- ايه يا دكتور أنت بتشبه عليا ولا ايه
حمحم الطبيب في حرج يحرك رأسه بالإيجاب توجه ناحية فراش لينا يحادث حسام:
- بصراحة آه، اصلك شبه واحد أنا أعرفه.

اقترب الطبيب من فراش لينا يجلس على حافته الفارغة نظر للينا للحظات يسألها مبتسما:
- خير، ايه اللي حصل، وقعتي ولا ايه اللي حصل
ابتلعت لينا لعابها مرتبكة لا تعرف ما تقول نظرت لحسام بعينيها عله ينقذها من ذلك المأزق ليحمحم الأخير يردف في هدوء:
- اتكعلبت وهي نازلة على السلم وقعت...
نظر الطبيب لحسام من جديد يتمتم مدهوشا:
- لاء حقيقي شبهه أوي، حتى، في طريقة الكلام، إنت تعرف خالد السويسي!

توسعت أعين لينا وحسام في دهشة ينظران لبعضهما البعض ليعاودا معا النظر للطبيب يتمتمان في صوت واحد:
- أنت تعرف بابا!
توسعت إبتسامة الشاب حتى، غطت وجهه ينظر للينا وحسام ينقل انظاره بينهما يتمتم سعيدا:
- أيوة طبعا أعرفه...
وضع يده على صدره موضع قلبه يتمتم ممتما:.

- بسببه بعد رحمة **** أنا عايش النهاردة، خالد السويسي كان السبب في أن والدي **** يديله الصحة يلاقي شغل في شركته، واداله فلوس العملية، كنت مريض قلب ومحتاج عملية ضروري، أنا قابلته كذا مرة بعد ما كبرت حقيقي الراجل دا عظيم اووووي
نظر للينا يبتسم يسألها ضاحكا:
- أنتي لينا صح
قطبت لينا ما بين حاجبيها في شك تحرك رأسها بالإيجاب كيف عرف ذلك الرجل أسمها لتجده يردف ضاحكا:.

- مش هتفتكري بس انتي بوستيني وانتي صغيرة
توسعت عيني لينا في اندهاش، بينما نظر حسام لشقيقته نظرات حادة مدهوشة ولسان حاله يقول:
- آه يا سافلة يا سهلة يا رخيصة بتبوسيه
بينما ضحك مروان بخفة يذكرها بذلك الموقف البعيدددد للغاية
« ابتسم مروان للصغيرة ببراءة: ممكن اشيلها
وضع خالد الصغيرة على قدمه فوق الفراش
مد مروان يده ليداعب وجنتها الصغيرة الممتلئة فغضته الصغيرة بسنتيها
مروان متألما: آه، دي بتعض.

ضحك خالد وساهر ومنال
منال: بسم **** ما شاء **** زي القمر
ابتسم بحرج: متشكر
نظرت الصغيرة لمروان الذي ينظر لها بألم من عضتها له
خالد ضاحكا: معلش يا مارو اصل انا بنتي مؤدبة ما بتحبش رجالة غريبة يشيلوها
ما كاد خالد ينهي جملته حتى، شبت الصغيرة وقبلت مروان على وجنته، لتتسع عيني خالد بفزعيهدر بصدمة: نهار ابوكي اسود دا انا لسه بمدح في كرم اخلاقك بتعملي ايه، دا انا لسه ما خلصش كلامي ».

انهي مروان كلامه ليحمر وجه لينا خجلا لا تتذكر حقا أنها فعلت ذلك، الوضع برمته محرج للغاية، بينما اقترب حسام منه جلس على مقعد بالقرب منه يربت على ساقه يتمتم مبتسما:
- بص يا مارو طالما طلعت معرفة قديمة، هي البت دي زي الفل، بس الموضوع مشكلة عائلية كدة، اكتب أنت بس اي مرهم للكدمات، ولو الراجل الحليوة ابو عيون زرقا دا سألك، قوله أنها اتزقت بس الوقعة ما كنتش جامدة.

بالطبع وافق مروان، في تلك اللحظة دق هاتف مروان برقم والدته، خرج بصحبة حسام من الغرفة يستأذن منه إن يرد على والدته، في تلك اللحظات علا صوت الشجار بشكل مخيف، ليترك حسام مروان يقف خارج الغرفة وينزل يهرول لأسفل
Back.

عاد حسام من شروده الطويل على حركة زيدان يتوجه صوب غرفته التي تقطن بها لينا قطب جبينه متعجبا ليجد زيدان يدق الباب، سمعا صوت لينا يأذن بالدخول، دخل زيدان وقف بالقرب من فراشها لتتوتر دقات قلبها ظنت انه هنا ليطمئن على حالها، إلا أن صدمتها كان قاسية حين بدأت يتحدث في جمود كجلمود صخر:.

- بصي يا لينا، أنا عارف إن كل اللي حصل لستات البيت دا أنتي السبب فيه، وما اتكلمتش، لإني بقول حقها، اللي عملوه مش شوية، هما بدأوا بالاذي، انما أنجيلكا ما اذتكيش اصلا عشان تعملي اللي عملتيه دا، لو سمحتي مالكيش دعوة بيها، أنا عامل حساب أنك بنت خالي لولا كدة كان هيبقي تصرف تاني ، عن إذنك.

قال ما قال بمنتهي القسوة، كلماته كمطارق تنزل على حطام قلبها تفتته، زيدان يحادثها بذلك الشكل البغيض المؤلم القاسي لأجل الشقراء، بات يحبها، بالطبع فعل والا ما كان سيغضب لتلك الدرجة على ما فعلت، لم تنزل دمعة واحدة من عينيها وهي تنظر له رغم أن قلبها يقطر دما بدل الدموع، تحرك لخارج الغرفة، ليدخل حسام في تلك اللحظة اقترب من فراشها يجلس جوارها، يري عذابها الممزق الذي يصرخ في حدقتيها، لف ذراعه حول كتفيها يجذبها لصدره حين وضعت رأسها على صدر أخيها سمحت لدموعها الحزينة بالهطول.

على صعيد آخر في منزل خالد السويسي، استيقظت في وقت متأخر، لم تكن تريد أن تفتح عينيها، بعد ما حدث، تلك السيدة ومجئيها إلي منزلها، ستخطف طفلها الصغير منها، فتحت عينيها تنظر لقسمات وجهه خالد وهو نائم بالطبع سيكون متعب بعد اليومين الماضيين، تنهدت قلقة رفعت رأسها عن الوسادة، تتحرك من جواره بخفة لا ترغب في إيقاظه، تحركت ناحية المرحاض وقفت أمام الحوض تصفع وجهها بالماء مرة تليها أخرى وأخرى، رفعت وجهها تنظر لسطح المرآه أمامها للحظات طويلة قبل أن تهبط دموع صامتة تغرق وجنتيها، ليس ذنبها أنها أحبت الفتي كطفلها الذي لم تلده، ليست بتلك البساطة سيسلبونه منها، اغتسلت وبدلت ثيابها باخري خرجت من الغرفة بحذر حتى، لا توقظه، تحركت للخارج وقفت أمام غرفة زيدان للحظات تنظر للباب المغلق نظرات حادة كارهة، كم ترغب في أن تدخل إليها وتتشاجر معها حتى، تبتعد عنهم، ولكن بدلا من ذلك توجهت إلي المطبخ، دخلته تعد الإفطار، وقفت تقطع حبات الخيار والطماطم حين سمعت صوتها يأتي من خلفها مباشرة من ناحية باب المطبخ:.

- صباح الخير يا لينا
شدت على أسنانها غاضبة، لم ترد تجاهلتها تماما وكأنها غير موجودة من الأساس تكمل ما تفعل، ارتبكت نظرات لوجين، ستحاول وتحاول وتحاول اكتساب ود وصداقة لينا قدر الإمكان، فلينا هي طريقها المباشر والوحيد لزيدان، لينا فقط من يمكنها مساعدتها في استعادة صغيرها من جديد، خطت لداخل المطبخ وقف خلف لينا بالقرب منها تحادثها:
- معقولة بتعملي الفطار بنفسك، ما فيش شغالين هنا يساعدوكي، بدل ما تتعبي.

وكأنها جذبت فتيل وهمي لقنبلة غضب تلك الواقفة التفت فجاءة بعنف ناحية لوجين تصرخ فيها بشراسة:
- و**** أنا حرة اعمل بنفسي، اجيب حد يعمل مكاني، وبعدين دا بيتي أنا اللي مسؤولة عن كل واحد وواحدة فيه، خالد ولينا وزيدان أولهم
توسعت عيني لوجين هلعا من صراخ لينا الشرس المخيف، ملئت الدموع حدقتيها ارتجفت شفتيها تصيح بقهر:
- انتي ليه بتكرهيني ليه بتعملي كدا، دا ابني!

تلك الكلمة التي نطقتها هي خوف لينا الكامل، أنها هنا لتأخذ أبنها، ابن لينا هي الأحق به لوجين لن تأخذه منها ابدا، احمرت مقلتيها تسارعت أنفاسها اقتربت منها خطوتين حتى، باتت بالقرب منها نظرت لحدقتيها في تحدي لاهب تصيح محتدة غاضبة:.

- دا ابني انااااا، لو انتي اللي خلفتيه فأنا اللي ربيته، انتي ما عشتيش معاه قدي زيدان لما جالي كان *** عنده 10 سنين ***، ما يعرفش معني الطفولة *** ما بيضحكش حتى، ، *** دمرتيه بانانيتك لما روحتي اتجوزتي من غير ما تعمليله حساب في حياتك، كبر قدام عيني يوم بعد يوم، من *** لشاب لراجل، ذكريات سنين طووويلة اووووي، ما تفتكريش انه هينساها بسهولة كدة، ما تفتكريش أنه ممكن برجوعك يبعد عني تبقي بتحلمي.

تحركت لخارج المطبخ تاركة لوجين ترتجف تبكي تحسرا وندما، مرت لينا من جوارها ما أن وصلت لباب المطبخ سمعتها تتمتم بنبرة حزينة نادمة ممزقة:
- أنتي ليه فكراني عايزة أكرهه فيكي او اسرقه منك، بالعكس أنا بشكرك ولو فضلت عمري كله اشكرك على اللي عملتيه لابني مش هوفيكي حقك على اللي عملتيه مع زيدان ، أنا بس نفسي يسامحني، نفسي اخده في حضني، ساعديني ارجوكي ساعديني.

وقفت عند باب المطبخ خارجا توليها ظهرها كلماته تطعنها بقسوة، غرزت اظافرها في كف يدها حين شعرت بقلبها يدق بعنف مشفقا عليها، كم أرادت أن تخلع قلبها وترميه أرضا فذلك الأحمق دائما ما يضعف ببضع كلمات، التفتت برأسها ناحية لوجين تهمس لها:
- أنا آسفة، بس مش هقدر!

- بجد يا عثمان بجد أنا مش مصدقة نفسي، صاحت بها ليلا في سعادة تغمرها حين اخبرها عثمان بكل عشق أن زفافهم سيكون خلال أيام في القاهرة في حفل كبير ضخم، مد يدها تقبض على كف يده تسبل عينيها تهمس بنعومة حزينة سامة:
- أنا بحبك اوي يا صياد، حقيقي بحبك أوي، صدقني بُعدي عنك زمان كان غصب عني، بابا هو اللي اصر، على الاقل كنت هبقي جنبك، وقلبك ما يدخلوش غيري.

ابتسم عثمان تلك الابتسامة البراقة التي يعرف بها جيدا كيف يخدع ضحيته شبك أصابعه في أصابعها يهمس بصوت عاشق خفيض حاني:
- ليلا انتي عارفة اني بحبك، بحبك اوي، اي واحد تاني مكاني، كان هيقول دي اتخلت عني في أصعب وقت في حياتي، لكن أنا لاء، أنا بحبك، وجود سارين في حياتي أمر مفروض منه دي مراتي، وانا بحبها زي ما بحبك يمكن انتي اكتر شويتين تلاتة لكن وجودها أساسي في حياتي واحنا متفقين على كدة ولا ايه.

عبست في نعومة ظريفة وكأنها **** بريئة غاضبة من صديقها في الروضة لأنه يحادث فتاة أخرى ويعطيها الحلوي بدلا منها، لتهمس بخفوت حزين:
- ايوة يا عثمان، أنا بس بغير عليك، بس طالما هتبقي معايا خلاص، كله يهون عشان نبقي مع بعض.

رفع كف يده الذي يمسكه في كفه يقبله بنعوومة ينظر لحدقتيها نظرات تتوهج بنيران العشق كما تظن هي والانتقام كما يضمر هو، اوصلها لغرفتها، ليتوجه مباشرة إلي غرفته، التقط هاتفه من جيب سرواله يحادث والده:
- زي ما قولتلك يا بابا، أنا عايز حفلة كبيرة اوووووي، وأنت عارف الباقي، ماشي يا بابا سلام.

أغلق الخط مع والده يخرج كارت الغرفة الإلكتروني وضعه في الباب ليدخل بحث عنه بعينيها يتقدم للداخل يبحث عنها لفت انتباهه باب الشرفة الشبه مفتوح، توجه ناحيته يفتحه بالكامل خطي داخل الشرفة يجدها تجلس هناك كملاك حزين تجلس على مقعد ترفع قدميها تحتضنهم بذراعيها نسيم الهواء يداعب خصلات شعرها بدلا منه، خطي ناحيتها، شعرت بخطواته لتلتف برأسها ناحيته بخفة ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيها تهمس له بصوت متحشرج:.

- رجعت أمتي
توجه ناحيتها وقف أمامها مباشرة مد ذراعيه يحملها كأنها عروس شهقت من المفاجأة بينما ضحك هو يغمغم مشاكسا:
- لسه جاي دلوقتي حالا، ولقيتك قاعدة زي حورية خرجت من الماية عشان تنادي الناس بجمالها، فقررت اخطف الجمال دا ليا لوحدي.

خرجت من بين شفتيها ضحكة خفيفة لفت ذراعيها حول رقبته ليتوجه بها لداخل الغرفة وضعها على الفراش لتنظر له عينيها تخبره أنها تود قول الكثير وشفتيها خرساbء صامتة، ابتسم لها يهمس بشغف:
- عايزة تقولي إيه
زفرت أنفاسها المختنقة تفرك كفيها ببعضهما البعض تشعر بالقلق ينهش قلبها الصغير رفعت عينيها إليه تهمس بخفوت حائر:
- أنت هتعمل بعد كدة مع ليلا وليه رافض تقولي..

ابتسم، إبتسامة واسعة ماكرة، إبتسامة تخفي خلفها ما تخفي هو فقط الادري بها، مد يده يمسح على وجنتها برفق يحادثها مبتسما:
- مفاجاءة اللي جاي كله مفاجأة عمرك ما هتتخليها ابدا!
كلماته لم تطمئنها بالعكس تماما زادت قلقا خوفا من أن تكن هي الخاسرة في تلك اللعبة، بينما تبدلت ابتسامته هو باخري مشاكسة يتمتم عابثا:
- سمعتي عن ابو قردان اللي غرق من زمان.

ضحكت رغما عنها تحرك رأسها يآسة منه لتتعالي ضحكاته يشاركها في الضحك ويده تتسلل خلسة لتغلق إضاءة الغرفة وتتوقف الضحكات ويسطر الصياد قصائد اخري من عشق الصياد.

رحلة العودة كانت صامتة حقا صامتة بشكل مبالغ فيه حتى، حسام وضع سماعات الإذن الخاصة به واغمض عينيه ولم ينطق بحرف يستمع الي هاتفه، أنجيلكا تجلس بالخلف جوار لينا تعبث في هاتفها تلتقط لنفسها الصور، جوارها تجلس لينا بينهما فاصل صغير، تستند برأسها الي ظهر الأريكة تغمض عينيها تتذكر كلماته التي قالها مرارا وتكرارا، لترتسم إبتسامة شاحبة على شفتيها، قديما كان يحميها من أي خطر ولو صغير كما يفعل مع انجليكا الآن، اعتدلت في جلستها تنظر له من خلال مرآه السيارة تلك المرة لا تختلس النظر بل تنظر له، وهو منهمك لتلك الدرجة في قيادة السيارة، حانت منه التفاتة خاطفة للطريق ليراها تنظر إليه أصابته الدهشة من عينيها المرتكزتين على وجهه بتلك الطريقة، عينيها كانت تقول الكثير، نظراتها كان مزيح ساحر من العشق والألم والندم، ما القادم لا يعلم كلما يشعر أنه تفادها هرب من عشقها له، يجد نفسه يعود ليسقط صريعا لعشقها المؤلم، كلما حاول أن يتناسي مع حدث، ليعود لقيود عشقه القديمة، يتذكر بأنها ذهبت لاحضان غيره الفكرة لذاتها تقتله كلما يتذكر، عقله يصور له مشاهد بشعة، مشاهد تقتل رجولته ألف مرة، يقف على حبال الهوي لا يعرف أين الخلاص إيقفز في بوتقة من النسيان أم يتأرجح بين العشق والكره، كفتان كلما رحجت احداهما تطالب الاخري بحقها، تحركت مقلتيه ناحية الطريق من جديد يزيد سرعة السيارة ساعة أخرى ووصل الجميع، بيته لم يكن بعيدا إطلاقا عن منزل خاله فقط ساعتين، وقف بالسيارة لتنزل لينا اولا تلاها حسام وزيدان وانجليكا يتحركان للداخل، دخلوا جميعا إلي المنزل بعد ترحيب حار من خالد ولينا زوجته، اقتربت لينا من زيدان تنظر له بأعين دامعة، أصابت قلبه في مقتل خوفا عليها نزع يد انجليكا يبعدها عنه، توجه ناحيتها يسألها فزعا:.

- مالك يا ماما بتعيطي ليه، انتي كويسة
حركت رأسها بالإيجاب ليتنهد خالد حانقا من أفعالها، اقترب هو من زيدان ربت على كتفه يحادثه بهدوء:
- زيدان في ضيق مهم مشتاق جداا أنه يشوفك.

قطب جبينه في عجب من، من ذلك الذي يتحرق شوقا لرؤيته، صعد خالد لأعلي تتابعه عيني زيدان ينقل أنظاره بينه وبين لينا والدته التي ازدادت دموعها انهمارا بشكل اخافه ما بها تبكي، لم يهتم من ذلك الضيف فقط امسك يدها يجلسها على الأريكة يسألها قلقا:
- مالك يا ماما بتعيطي ليه، ما تقلقنيش عليكي فيكي ايه
مدت يسراها تمسح دموعها بينما ربتت بيمناه على وجهه برفق ليمسك كف يدها يقبله...

وجهه المقابل لسلم البيت جعله يري خالد وهو ينزل يمسك يد سيدة تنظر لأسفل وجهه لا يظهر بسبب رأسها المنحني ولكنه شعر بدقات قلبه تتسارع بشكل مؤلم، تلك السيدة يعرفها ولا يذكرها، أين رآها فقط لو ترفع وجهها، وصلت بصحبة خاله إلي أسفل، بينما هو يضيق عينيه ينظر لها حذرا، والجميع يراقب ما يحدث في صمت، لينا ابنه خالد تجلس جوار حسام على أريكة بالقرب منهم نظرت لأخيها متعجبة كأنها تسأله بعينها إن كان يفهم ما يحدث ليحرك رأسه بالنفي يتابع ما يحدث هو الآخر، بينما لينا الشريف يدها تقبض على كف زيدان الجالس جوارها، حين رفعت تلك السيدة وجهها شخصت عيني زيدان حتى، كادت تخرج من مكانها، هي، كيف ينساها وهي تجاور والده في جميع الصور، صورتها ترفض الخروج من عقله، ما إن رآها ضرب في رأسه سيل عنيف من الذكريات المؤلمة يتخللها بكاء *** صغير.

- ماما أنا جعان عمو معتز مش راضي يديني اكل
- يا ماما بيضربني، أنا ما بحبوش يلا نمشي
- ماما أنا بردان، يا ماما ردي عليا.

احمرت مقلتيه لا يعرف أهو غاضب ام هي دموع الماضي المؤلم، تلك المرة هو من شدد على كف يد لينا الجالسة جواره كأنه يستشعر منها الأمان، تسارعت أنفاسه، صدره بات يعلو ويهبط بجنون، صمت رهيب، الجميع صامت مترقب والبعض يجهل ما يحدث، أنفاس لوجين انقطعت ما أن رأت طفلها أمام عينيها زيدان كبر حقا، نسخة عن والده الراحل، رأته في الصور ولكن الواقع أشد جمالا، كم أرادت أن تركض إليه تعانقه تصرخ بندمها، رأت كيف شبك يده بيد لينا كأنه ينفر منها، صمت لم يقطعه سوي جملة خالد التي وجهها مباشرة لزيدان:.

- مش هتسلم على مامتك يا زيدان
توجه بحالته الغاضبة ينظر لخاله ابتسم، رغم كل ما فيه الا انه ابتسم، ينظر للينا الجالسة جواره، رفع كف يده يقبله ليقبل رأسها يحادثها مبتسما:
- ازيك يا ماما وحشاني اوي و**** اعذريني اني ما سلمتش عليكي لما دخلت، عايز احكيلك حاجات كتير أوي بس مش دلوقتي...
- زيدان ما تستعطبش.

هتف بها خالد بنزق يوجه انظاره ناحية زيدان، لينظر الأخير ناحية خاله في براءة ***، قام من مكانه يتوجه إليه يتمتم مبتسما:
- في اي يا خالي، أنا عارف أنك بتغير على ماما بس مش مني يعني، حد يغير على أم من ابنها بردوا.

كلماته عادية للغاية ولكنها تنزل كالنيران تلهب قلب تلك الواقفة تنظر لصغيرها شوقا يمزجه الألم وهي تراه يحب أخرى يعاملها كأنها هي والدته يقبل يديها ورأسها، لم تحتمل هي لا تريد فقط سوي أن تضمه تركت يد خالد تندفع ناحيته ما كادت تلمسه شهقت متألمة وشهقة لينا وابنتها في ذهول حين دفعها زيدان بعنف قاسي حتى، كادت تسقط أرضا لولا يدي خالد التي امسكت بها سريعا، نظر خالد لزيدان يصيح فيه غاضبا:.

- أنت اتجننت بتزق أمك
توسعت عينيه في هلع يشير لنفسه ينظر ناحية لينا يتمتم سريعا:
- تتقطع ايدي لو فكرت اعمل كدة في يوم يا ماما
ابتسم لها عاود النظر لخالد قست نظراته ينظر لتلك التي بين يديه تشع الكراهية من مقلتيه صدح صوته عاليا كارها:.

- اللي واقفة جنبك دي مش امي ولا عمرها كانت ولا هتكون، دي مجرد رحم، زيها زي اللي بيبعوا عيالهم وياخدوا فلوس، بس الفرق أنها باعت بالرخيص، بالرخيص اووووي، وأنت اللي علمتني يا خالي، اللي يبيعك، اعرضه في مزاد واخسر فيه وهتبقي إنت الكسبان، الست اللي واقفة جنبك دي شيطانة لا عندها لا قلب ولا رحمة ولا مشاعر...

- دي أمك يا زيدان، صرخ بها خالد محتدا، ليحمر وجه زيدان من الغضب نفرت عروقه تصرخ غضبا، توجه ناحية لينا جذب يدها وقفت يجذبها خلفه إلي أن وقفت جواره نظر لخالد يصرخ بحرقة:
- دي أمي، دي أمي اللي أنا أعرفها، انما اللي جنبك دي، مش أم اصلا، ما فيش ابنها بيبقي بيعيط من الجوع ماما أنا جعان وهي كل اللي بتقوله بس يا زيدان عندي صداع...
نظر ناحية يكمل ما يقول بحرقة:.

- إنما ماما اللي كل دقيقتين تقريبا بتسأل حبيبي مش جعان...
عاود النظر ناحية خالد احمرت عينيه نزلت دموعه رغما عنه يصيح غاضبا:
- انهي أم اللي بتسيب ابنها مرمي في البرد نايم على الأرض في البلكونة، ماما لحد دلوقتي بتدخل تشوفني احسن اكون رميت الغطا وأنا نايم، وأنا راجل عدي ال30، باعتني زمان مش هشتريها دلوقتي، أنا ليا أم واحدة اسمها لينا جاسم الشريف، الست اللي جنبك دي أنا ما اعرفهاش وما يشرفنيش أني أعرفها.

مد يده يمسح دموعه التي سقطت بعنف يزيحها من على وجهه، التفت ناحية مال يقبل رأسها يحادثها في هدوء وكأن شيئا لم يكن:
- هوصل أنجيلكا الأوتيل واطلع على البيت، هكلمك لما اوصل، سلام يا حبيبتي.

تحرك للخارج ليلحق به حسام سريعا لن يتركه في حالته تلك ابداا، سقطت لوجين أرضا على ركبتيها تنظر في أثر صغيرها وهو يرحل زيدان يكرهها لدرجة مخيفة، تحركت لينا ابنه خالد تتوجه ناحيتها جذبتها تسندها تنظر لها مشفقة تلك السيدة ضحية مثلها، ضحية لعبوا بخيوطها حتى، تظهر هي الجانية، كما حدث معها هي!

الفصل مئة وثمانية


�ي سيارته يديه تشتدان بعنف على المقود، يدهس الدعاسات تحت قدميه بقسوة مخيفة، قسوة لم يعرفها قلبه، لم يولد بها، بل صبغته الحياة بها رغما عنه، لما عادت من جديد، عادت لترميه في بحر موحل من الذكريات السوداء، بحر ظل عمره بالكامل يتخلص من بقاياه العفنة التي تلوث روحه، والآن عادت لتغرقه فيه من جديد بمنتهي البساطة، عادت تريد منه إن يسامحها، كيف يفعل ذلك وهي سبب شقاءه، كان مجرد ***، *** صغير لم يرد سوي والدته لم يكن له سواها، وهي ماذا فعلت تزوجت بمريض نفسي مجنون كان يكره والده فعذبه هو، اذاقه الويلات وهي فقط تشاهد في صمت، تريد منه السماح نجوم السماء أقرب لها منه، نظر حسام لصديقه الجالس جواره ملامحه الغاضبة عروق يديه النافرة عينيه الحمراء يشعر بأنفاسه السريعة، زيدان غاضب بل على وشك الإنفجار، بعد أن اوصلوا انجليكا الي الفندق، ها هو يقود سيارته منذ ساعات بلا هدف، فقط يتحرك في الطرقات الخالية يشتد من سرعته كل حين، حاول تهدئته أكثر من مرة دون فائدة، بعد ساعات وقفت السيارة في حديقة منزل زيدان البعيد، بعد أن انتصف الليل تقريبا، أوقف زيدان السيارة لم تترك يديه المقود، ظل أصابعه تقبض على مقود السيارة يطحنه بين يديه عينيه تسبح قي فراغ الليل المظلم، ذكرياته تتصارع في رأسه تأكله بلا هوادة تمزق قلبه الممزق من الأساس، طال صمته، قبل أن يحرك رأسه ناحية حسام يطالعه بنظرات فارغة فتح فمه لتخرج نبرة صوته الخاوية من الحياة:.

- أنا عمري ما هسامحها، ابدا يا حسام، أبوك فاكر أني لما اشوفها هجري في حضنها، أنا بكرهها، ما بكرهش حد في حياتي قدها، دي شيطانة صدقني، ما تتخدعش بدموعها، هي راجعة عشان تحسسني بالذنب، عشان تخلي الناس تتعاطف معاها، عشان اطلع أنا الوحش في النهاية.

نظر حسام لصديقه صامتا لا يجد حقا ما يقوله، زيدان عاني كثيرا بسبب والدته، هو أكثر من يعرف معاناة صديقه، يحفظه عن ظهر قلب، أراد أن يخفف عنه بأي شكل كان فرسم ابتسامة مرحة مصطنعة على شفتيه يتمتم في مرح باهت:
- معقولة تطلع إنت الشرير في رواية أحدهم
هي فقط ابتسامة شاحبة التي ارتسمت على ثغر زيدان يحرك رأسه يأسا رفع حسام يضعها على كتف زيدان يشدد كفه على كتف صديقه يحادثه مترفقا:.

- زيدان أنت مش مجبر أنك تسامحها احنا مش ملايكة يا زيدان، بحكم شغلي أنا عارف إن في أمهات مجردين من الرحمة، بشوف منهم حالات كتير، بابا في الأغلب كان فاكر أنه هيفرحك ويتلم الشمل، وتنسي جزء كبير من وجعك، ما تحطش اللوم على نفسك، ولا عليه، دا مقدر انها ترجع دلوقتي، زي ما هو مقدر بردوا إن كنت هتسامحها او لاء ما حدش فينا عارف ايه اللي هيحصل بكرة...

صمت للحظات ينظر لعيني صديقه التي هدأت عاصفتها قليلا بعد ما قال، ليرسم حسام ابتسامة مرحة على شفتيه يتمتم كطفل صغير:
- يلا يا عم أنا هموت وأنام واعمل حسابك أنا مش جايب معايا هدومك، من غير ما تقول يا جدع عارف إن دولابك دولابي
قالها ليخرج من السيارة فتح الباب المجاور لزيدان يخرجه إياه قصرا يحادثه مبتسما في غرور:
- هعملك عجة بس مش عايز اقولك ما تتاكلش قسما ب****، حاجة كدة تقرف...

ضحك زيدان رغما عنه يسير خلف صديقه لداخل المنزل، ينظر لحسام ممتنا، لولا وجود ذلك الرجل في حياته منذ سنوات طويلة لكان تدمر من كثرة ما يلاقي من لطمات.

في غرفتها تتسطح على فراشها ترتسم ابتسامة صغيرة على شفتيها بعد محادثة طويلة مع سهيلة أخبرتها بما يفعله جاسر، شقيقها الرومانسي، محظوظة سهيلة بجاسر، كما كانت محظوظة هي قديما بوجود زيدان، اعتدلت في جلستها تنظر لساعة الحائط تخطت الواحدة بعد منتصف الليل، رغبة ملحة بداخلها تدفعها للذهاب لغرفة لوجين لما لا تعرف ولكنها حقا تريد أن تفعل، والدها أمر الخدم بتجهيز غرفة كبيرة لها، بعد رحيل زيدان اليوم انهارت لوجين في البكاء، ليحملها والدها يضعها في غرفتها، الغريب في الأمر هو موقف والدتها، هي خير من يعرف والدتها العطوف، تحب الجميع، اكثر ما قد يؤلمها هي أن تري شخصا يبكي، لكنها كانت تنظر لوالدة زيدان وهي تبكي بأعين فارغة تماما من الحياة، وكأنها تشمت بها، حسنا لينا لم تكن لتقاوم فضولها ابداا، تحركت من غرفتها خطت في الممر الفارغ إلي غرفة الضيوف التي تقطن بها لوجين، رفعت يدهت تدق الباب بخفة، دقة اثنتين ثلاثة، انتظرت بضع لحظات، ظنت مع الصمت أنها قد نامت إلا أنها استمعت إلي صوت ضعيف تلوه بحة البكاء الخاصة يأذن للطارق بالدخول، تنهدت بقوة امسكت مقبض الباب تديره دخلت للغرفة، اول ما وقع عينيه عليها، لوجين تجلس على الفراش، تحتضن برواز لصورة لم تحتاج للكثير من الذكاء لتعلم أنها بالطبع صورة زيدان، رسمت ابتسامة متوترة على شفتيها حمحمت تهمس مرتبكة:.

- مساء الخير، اانا مش قصدي ازعجك، أنا بس كنت جاية اطمن عليكي
فقط شبح ابتسامة صغيرة ارتسم على وجه لوجين رفعت يدها تمسح سيل دموعها الفائض، لتربت على الفراش جوارها، اقتربت لينا تجلس بالقرب منها تختلس لينا النظرات لها بين حين وآخر لا تجد ما تقوله، فقط تبتسم في توتر واضح، في حين ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي لوجين، رفعت يدها تربت على كتف لينا تحادثها:.

- تعرفي أن زيدان ما كنش بيبطل كلام عنك وهو صغير، كان بيخليني اكلم خالد واخليه ويبعتلنا الصور، كان دايما يقولي خالو عنده نونو حلوة أوي، أنا هتجوزها لما أكبر وابقي ظابط زي بابا
انحدرت دموع لوجين تصاحب كلامتها لتلتفت لينا برأسها تنظر لها مشفقة على حالها، رأتها وهي تنظر لصورة زيدان اجهشت في البكاء تهذي باكية:.

- أنا اذيته بانانيتي، سلمت مشاعري وقلبي لمعتز عرف يضحك عليا، قبل ما اتجوزه كان خالد دايما يفضل يقولي أنا ما بحبوش يا ماما، عينيه بتخوفني، وأنا اقول *** صغير، بكرة معتز هيعوضه وهو هيحبه، بس هو كان عنده حق، وأنا اللي كنت غبية، معتز دا شيطان، اذاني واذاه، كل دا عشان ينتقم من زيدان، يا ريتني ما سمحت للشيطان دا يخش حياتي، كان زمان ابني في حضني، ما كنش اتعذب العذاب دا كله بسببي.

نظرت لينا للوجين حزينة لتدمع عينيها، هي الاخري سمحت لشيطان آخر أن يدخل حياتها فدمرها، واكلمت حلقة عذابه، قامت من مكانها تخرج من غرفة لوجين دون أن تنطق حرفا آخر، توجهت في طريقها إلي غرفة زيدان، دون أن تفكر مرتين فتحت الباب، تدخل الي الغرفة تغلق الباب خلفها وقفت تلهث بعنف تنظر للغرفة امامها توجهت إلي فراشه مباشرة ترتمي بجسدها عليه، أغمضت عينيها لتسيل خطوط دموعها، تغرق وجهها، تحركت يدها تقبض على وسادته تجذبها إليها، لتلمح تحت شئ اسود صغير مدت يدها تلتقطه لتجده شريحة تخزين صغيرة للهاتف، تري ما بها وماذا تفعل تحت وسادة زيدان، اعتدلت في جلستها تلتقط هاتفها من جيب سروالها البيتي، وضعت الشريحة فيه انتظرت للحظات قبل أن يظهر ملف الشريحة على هاتفها، فتحته سريعا تنظر لما يحتوي، لتجد الكثير من مقاطع الفيديو، مقاطع قصيرة تستمر لثواني معدودة، اطولهم مقطع يمتد لدقيقة واحدة فتحت أحدهم عشوائيا، لتجد فيديو مصور لها!، وهي في الحديقة تسقي الأزهار، توسعت عينيها في دهشة هل كان يصورها، بدأت تفتح ملفات الفيديو واحد تليه الآخر، وهي تأكل وهي تذاكر على الطاولة بالأسفل، وهي تشاهد التلفاز وهي تضحك مع جاسر، وفيديو لها وهي في الواحة بصحبة الفتيات، حياتها بأكملها هنا، في مقاطع فيديو يحتفظ بها لنفسه دون أن يعلم أحد...

في صباح اليوم التالي في تمام الثامنة صباحا تحرك خالد السويسي بسيارته متوجها إلي منزل زيدان، ليلة أمس وبعد ما حدث، حين صعد لغرفته وجد لينا نائمة تغرق في نوم عميق غير مبرر، نوم عرف سببه فيما بعد، لينا اخذت أحد اقراصها المهدئة لتنام رغما عنها، ربما لتهرب من الحديث معه، وصل بعد ساعة تقريبا إلي منزل زيدان نزل من سيارته توجه ناحية الباب يخرج مفتاحه دسه في قفل الباب لينتفتح، خطي إلي داخل المنزل الفارغ لولا بقايا الطعام الذي تعلو الطاولة لظن انهم لم يأتوا إلي هنا، اخذ طريقه لأعلي، حيث غرفة زيدان، مد يده يفتح مقبض الباب ليرفع حاجبيه ساخرا ينظر للمشهد أمامه في تهكم مستنكرا، زيدان ينام مجاورا لحسام كجثتين يضع حسام يده على وساق فوق أخرى وهو نائم!، بينما ينام زيدان على ظهره يديه جواره، أحدهما عاري الصدر والآخر يرتدي « فانلة » سوداء ذات حمالات، غض خالد على شفتيه حانقا ينظر لهما مشمئزا يتمتم مع نفسه :.

- أنا من زمان وأنا شاكك في العيال دي
توجه إلي زجاجة المياة يغرقهما بهما الاثنين معا ليستقيظا فزعين، يصيح زيدان غاضبا:
- ايه في إيييه
بينما يصيح حسام مذعورا فزعا:
- بغرق ما بعرفش اعوم، ما بعرفش اعوم
لحظات حتى، استوعب كلاهما ما حدث، حرك زيدان رأسه ينفض الماء عن رأسه، بينما حسام لأبيه مغتاظا يتمتم حانقا:
- ايه يا حج الهزار التقيل دا على الصبح، ما تضربنا بالنار أحسن، ولا خلي تريلة محملة رز تعدي علينا.

ضحك خالد ساخرا يشير بيده لهما معا، يحادث زيدان أولا:
- البيه يقوم يغسل وشه ويفوق عشان عايزه في كلمتين
تأفف زيدان حانقا، ليترك الفراش يتجه صوب مرحاض الغرفة، اشار خالد بيده ناحية حسام يحادثه ساخرا:
- والبيه اللي حاطط رجل على رجل وهو نايم ولا كأنه رئيس إدارة المرتبة، انزلنا اعملنا فطار وقهوة يلا
قفز حسام من مكانه اقترب من أبيه بتلك ال«فانلة» السوداء، يتمتم مغتاظا:.

- ايييه يا عمنا هو أنا الفلبينية، ما اخدلكوا الغسيل فومين أحسن
وضع خالد يده على مسدسه لتتوسع عيني حسام فزعا، ابتسم في بلاهة يتمتم سريعا في ذعر:
- خدامك حسام يا باشا، فطار وقهوة بس، من عينيا الجوز يا باشا.

قالها ليفر لخارج الغرفة بينما ضحك خالد يأسا، توجه إلي أحد المقاعد يرتمي بجسده عليه ينتظر زيدان لحظات وخرج من المرحاض يرتدي « تيشرت » أسود، يجفف وجهه بمنشفة صغيرة توجه ناحية خالد يجلس على المقعد المقابل له جوار الشرفة، في صمت مطبق، رفع يده يطرقع بأصباعيه، يجذب انتباه زيدان، ليتمتم في هدوء ما أن نظر الأخير:
- ايه اللي أنت عملته إمبارح دا.

ابتسم زيدان ساخرا، ينظر لعيني خاله ليردف بنبرة ساخرة مريرة:
- عملت ايه، أنا اللي مش فاهم ايه اللي أنت عملته دا، اومال لو ما كنتش عارف الحكاية كلها، احنا مش في يوتوبيا هنا يا خالي، أنا مش هسامح لاني المفروض اسامح ولا لأنها المفروض، وللاسف تبقي أمي...
زفر خالد بقوة يقاطع زيدان فجاءة قبل ان يقول المزيد:.

- امك ما كنتش واعية للي بتعمله، الشيطان اللي اسمه معتز خلاها مدمنة مخدرات من اول يوم سافرتوا فيه، تعرف أنه رماها في السجن، وأنها بقالها سنين مسجونة..
في تلك اللحظة رن هاتف زيدان نظر لخالد لترتسم على شفتيه ابتسامة باردة رفع كتفيه يتمتم بلامبلاة:
- ما تفرقش معايا هي بالنسبة لي ميتة من زمان، عن إذنك هرد على الموبايل.

قام زيدان من مكانه في هدوء يتجه صوب هاتفه الموضوع على الطاولة تتابعه أعين خالد حزينا عليه مشفقا على حاله هو ولوجين معا، وضع زيدان الهاتف على أذنه يتحدث مع الجانب الآخر والتي استشف خالد انها انجليكا من حديثه معها:
- ايوة يا انجليكا، هتسافري الغردقة، ماشي، خلي بالك من نفسك، سلام
أغلق معها الخط يبتسم شاردا ليجفل على صوت خالد يسأله مباشرة:
- حبيتها.

تحولت ابتسامته لاخري ساخرة يحرك رأسه بالنفي، التفت برأسه ناحية خالد يردف متالما:
- يا ريتني عارف أحبها، كنت ارتحت من العذاب
عاد يجلس على المقعد المقابل لخالد ليردف الأخير يسأله مباشرة:
- علاقتك بيها غريبة، تقريبا ملازماك زي ضلك، مش شاكك لتكون مزقوقة عليك من حد
حرك زيدان رأسه نفيا في هدوء تنهد بقوة يتمتم في هدوء واثق:.

- لاء مش شاكك أنا عارف كل حاجة عنها، جبت تاريخ حياتها، انجليكا بس عنده تعلق مرضي، لما بتحب حد او حاجة بتتعلق بيها بشكل كبير ودي معلومات وصلت ليها من اهلها نفسهم، دا خلي حبيبها الاولاني اللي اسمه ماكس يسيبها، هي متعلقة بيا بس كمسكن لوجع قلبها بعد ما سابها ماكس، وانا ما اقدرش بصراحة ابعدها، أنا عارف الحالة اللي هي فيها كويس، عيشتها قبل كدة.

حرك خالد رأسه إيجابا لتشرد عينيه بعيدا، يرغب في تلك اللحظة بأن يجذب زيدان من يده ولينا ابنته في اليد الاخري إلي اقرب مكتب مأذون يعقد قرانهما ويلقيهما معا في بيت بعيد، ليتعاتبان كما يريدان، وينتهي هو من عنادهما، فكرة جيدة راقت له كثيرا ربما يطبقها قريبا، اجفل من شروده على صوت حسام بالقرب منه يتحدث ساخرا وكأنه فتاة لعوب:
- الفطار والقهوة يا سيد الناس
ضحك خالد عاليا يحرك رأسه يأسا يردف ساخرا:.

- يا رتني كنت خلفت دكر بط
اقترب حسام منه يضع صينية الطعام الصغيرة على الطاولة نظر لوالده يتمتم سريعا بعد أن تذكر:
- صحيح يا حج مش احنا واحنا في البلد قابلنا دكتور اسمه مروان ساهر، اللي لينا باسته وهي صغيرة!

شخصت عيني زيدان في صدمة احمرت حدقتيه ينظر ناحية حسام تكاد تخرج النيران من عينيه ذلك الطبيب الذي دله بنفسه على غرفة لينا، قبلته معشوقته الحمقاء قبلا متي حدث ذلك، لاحظ حسام نظرات زيدان اللاهبة ليحمحم حسام يردف سريعا:
- وهي **** صغيرة بريئة عندها سنة واحدة...
ابتسم خالد في خبث ينظر لرد فعل زيدان يبدة أنه يحتاج لمحادثة مروان قريبا جداا، كم أشتاق لتلك الخطط القديمة، وحان وقت اللعب من جديد!

مر يومين لم يحدث حسام مقيم في منزل زيدان، لوجين لا تخرج من غرفتها سوي أقل القليل، العلاقة بينها وبين لينا زوجة خالد شبه معدومة، بينما تتوطد العلاقة بينها وبين لينا ابنته يوما يليه آخر، في تلك الساعات المبكرة من صباح اليوم، شقت سيارة عثمان طريقها مسرعة عائدة للقاهرة من جديد، يقود السيارة مستمتعا ترتسم ابتسامة واسعة على شفتيه بينما تجلس سارين جواره حانقة تسأله بنزق بين حين وآخر:.

- ممكن تفهمني احنا رايحين فين وليه قررت نرجع فجاءة كدة...
ويكون رده العابث غمزة ماكرة من طرف عينيه وابتسامة كبيرة وكلمة واحدة بقولها:
- مفاجأة.

ظلت هكذا طول طريق العودة للقاهرة، عقلها يذهب بها إلي أسوء الاحتمالات وقلبها يحاول طمئنتها، عثمان يحبها ولن يؤذيها، بعد ساعتين قضتهم تتلذي بنيران القلق والفضول، وصلت سيارة عثمان عند باب النادي الخلفي، قطبت جبينها في عجب، لما لم يتجه عثمان للباب الرئيسي، اوقف السيارة ليلتفت لها يسألها مبتسما:
- واثقة فيا
نظرت له في صمت قلق للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب، ابتسم هو لينزل من السيارة.

لف حولها يفتح لها الباب امسك يدها يجذبها للخارج، نزلت تمشي بصحبته، لتجده يدخل من باب صغير يمشي بها فئ ممر شبه مظلم إلي أن وصا لغرفة جانبية دق باب الغرفة، توسعت عينيها في دهشة حين فتحت والدته الباب، ليدفعها ناحية والدته يغمز لها بطرف عينيه، فتحت فمها تريد أن تقول شيئا ولكنه قد اختفي في ظلام النفق ابتسمت لبني لها تجذبها لداخل الغرفة لتتوسع عينيها في ذهول حين رأت!

اوقف عثمان سيارته أمام مدخل النادي الرئيسي، نزل منه ليجد والده في انتظاره اقترب منه يسأله في حماس:
- كل حاجة جاهزة
تنهد على قلقا من افكاره ولده المجنونة حرك رأسه بالإيجاب يتمتم في قلق:
- آه **** يستر من دماغك.

ضحك عثمان مستمتعا يتحرك بصحبة أبيه الي أكبر قاعات النادي، المزينة بشكل فاخر عمل والده جيدا على جعل المكان أكثر من رائع، بينما عيني عثمان كانت تبحث عن مكبرات الصوت، الأمر حقا يستحق ما سيفعل، ترك والده يتوجه احدي الغرف التي يعرف طريقها جيدا دق الباب ودخل ليجد ليلا تلتف حول نفسها بفستان أبيض عاري من الأعلي يصل لبعد ركبتيها ببضع سنتيمترات، هرولت ناحيته ما أن رأته ترتمي بين احضانه تعانقه بقوة تصيح فرحة:.

- عثمان أنا فرحانة أوي بجد، ايه رأيك في الفستان حلو
ابعدها عنه قليلا يمسك يدها جعلها تلتف حول نفسها برقة ليطلق صفيرا طويلا يعبر به عن إعجابه بما يري:
- هايلة يا قلبي، هروح البس على ما تخلصي.

ودعها ليتوجه إلي غرفة ملابسه القديمة بدل ثيابه الي حلة سوداء قميص أبيض رابطة عنق سوداء، نظر لانعكاس صورته في المرآة، يبتسم ساخرا حانت ساعة الانتقام، توجه للخارج بخطوات رشيقة وصل لقاعة الحفل التي بدأت تعج بالضيوف، بحث بعينيه عن والده إلي أن رآها، نظر له ليحرك «على» رأسه إيجابا يخرج من القاعة بالكامل، وقف هو يتلقي التهاني من الجميع لا أحد يعلم لما هو هنا من الأساس، المنتشر أنه حفل زفاف الصياد، دقائق فقط قائق وصدحت أصوات الابواق العالية، وقف هو عند نهاية البساط الاحمر الطويل ينظر لباب القاعة وهو يُفتح ويظهر والده ممسكا بسارين، سارين التي إلي إلا الآن لا تفهم ما يحدث، حين دخلت إلي الغرفة رأت فستان زفاف كبير، في انتظارها، ارتدته وسط دهشتها لتبدأ العاملات في الغرفة بوضع مستحضرات التجميل لها، بمساعدة لبني والدته، والآن يأتي والده يصطحبها من يدها وقف بها عند باب القاعة من الخارج انفتحت الأبواب بشكل درامي، ليترك على يدها يبتسم لها، في اللحظة التالية خرجت شهقة مذهولة حين رأت ابيها يأتي ناحيتها عقد يده في يدها يتمتم مبتسما:.

- يلا عشان اسلمك لعريسك
متي جاء والدها كيف فعل كل ذلك وكيف فعله من الأساس، تحركت بصحبة والدها تتوجهان ناحية عثمان الذي يقف هناك عند النهاية ينتظرهم، وصل عمر إليه بصحبة سارين ليترك يدها يسلمها له، نظر عثمان لعمر يحادثه مبتسما:
- صدقتني لما قولتلك اني هعملها فرح تاني
ابتسم عمر وادمعت عينيه اقتربت من ابنته يقبل رأسها يهمس لها بحنو:.

- **** يسعدك يا بنتي، ماما تعبانة اوي من الحمل ما قدرتش تيجي بس سارة بتصورلها كل اللي بيحصل لايف
اشار بيده إلي سارة التي تقف هناك تمسك هاتفها تصور ما يحدث بالكامل ابتسمت في سعادة تلوح لها، تبعث لها قبلة في الهواء ادمعت عيني سارين لا تصدق ما يحدث تنتظر أن تصحو من الحلم بعد لحظة وأخرى، أخذ عثمان بيدها إلي « الكوشة » ما كاد يجلسها عليها سمعوا جميعا صوت انثوي يصيح غاضبا:
- هو ايه اللي بيحصل.

صمتت الأصوات توجهت أنظار الجميع ناحية ليلا التي تقف عند باب القاعة ترتدي فستان زفافها لتفاجئ أن عروس أخرى تجلس جوار عثمان...
- هو في اييييه، خرج ذلك الصوت من عمار الذي جاء توا هو الآخر بعد أن وصلت له رسالة من ليلا! حسب ظنه، بأنها ستريه نهاية الصياد اليوم في قاعة الزفاف الكبيرة
نظر عثمان لهما معا يبتسم مستمتعا طرقع بأصابعه لتُغلق أبواب القاعة بقوة تحرك هو يقف في منتصف القاعة يتحدث في زهو:.

- حاسس أني محمد على اوي في اللحظة دي.
ضحك بقوة ليعاود النظر لجميع الموجودين في القاعة وخاصة ليلا وعمار، صمت للحظات قبل أن يصدح صوته يقول مبتهجا:.

- طبعا اغلبكوا إن ما كنش كلكوا مش فاهمين احنا هنا ليه النهاردة، احنا هنا النهاردة عشان نحتفل كلنا سوا، بعيد ميلاد مراتي وحبيبتي واغلي ما املك في دنيتي، سارين، ولأن ظروف جوازنا اضطرتني اني ما اعملش فرح وقتها فأنا قررت اعملها مفاجاءة واعمل فرح تاني مع عيد ميلادها، عشان اقولها كل سنة وانتي طيبة، كل سنة وإنتي حبيبتي ومراتي ومعجزتي...
بدأ الجميع في التصفيق وصفرات الشباب تأتي من هنا وهناك.

ليشير بيده للجمع أن يهدوا قليلا قبل أن يصدح صوته من جديد يردف في دهشة ساخرة:
- طبعا الناس هتسأل ازاي في عروستين، مين اللي واقفة عند الباب دي...
أشار بيده الي سارين يردف مبتسما:
- دي مراتي وحبيبتي ومعجزتي زي ما قولت
التفت برأسه ناحية ليلا لتختفس ابتسامته يحل محلها قسوة مخيفة اشار إليها بأصبعه يردف محتدا:.

- ودي حية خبيثة شيطانة، فاكرة اني غبي، هتعرف تضحك عليا، ليلا هانم الزهاوي، عشيقة عمار بيه، اللي اتفقت معاه أنها تضحك على الصياد وتوقعه في يوم السبق، اهو يموت يتكسر يتشل، مش مهم، كدة او كدة او كدة هيتزاح من الساحة ويبقي عمار بيه هو بطل السباق، كان نفسي اوريكوا المقطع الجاي صوت وصورة بس للأسف دي مشاهد +18 ما ينتفعش تتعرض فاسمعوها صوت بس.

اخرج جهاز تحكم صغير من جيب سرواله يضعط على أحد الازرار فيه لتصدح من مكبرات الصوت، صوت ليلا وعمار يتحدثان
- يا لولو الموضوع بسيط، انتي هتوقعي عثمان واعتقد أن دي حاجة مش صعبة عليكي، بس اوعي يضحك على عقلك، عثمان لو ما عرفش يطولك هيجي يخطبك وساعتها بقي هتقدري تحطيله الحبوب في أي عصير يشربه، ويوم السبق تزودي الجرعة هوب هيقع يموت بقي يتكسر، اهو هنبقي هنبقي زحناه من على الساحة ولا من شاف ولا من دري.

- خرجت ضحكة دلال عالية من بين شفتي ليلا لتردف مكملة في خبث:
- بس كدة دي بسيطة خالص، انا كدة كدة ليا عند الصياد طار قديم واحدة صاحبتي كانت بتحبه وهو رفضها، ما استحملتش جالها اكتئاب وانتحرت، فاكر نفسه جان، أنا بقي هوريه
- هنوريه كلنا بس تعالي هقولك موضوع مهم دلوقتي، لتتعالي ضحكات ليلا الماجنة من جديد
اوقف عثمان مكبر الصوت، ينظر للجمع أمامه يتمتم ساخرا:.

- طبعا احنا كلنا عارفين إيه هو الموضوع بس عمرنا ما نروح نقول
من بين الحضور كان اول المدعوين جميع رؤساء النوادي المسؤولة عن مسابقات الخيل الدولية والمحلية والعالمية، بدأت نظرات الاشمئزاز تندفع من الجميع ناحية عمار وليلا...
وقف عثمان يدس يديه في جيبي سرواله ينظر لهم ساخرا للحظات قبل أن يصدح بصوته ينادي افراد الامن اشار ناحية ليلا وعمار يتمتم مشمئزا:.

- طلعوا الزبالة دول برة وسخوا المكان بما فيه الكفاية!

الفصل مئة وتسعة

فتح باب المنزل بجهد شاق وهو يحملها بين ذراعيه يرفض قاطعا أن ينزلها من بين ذراعيه حتى يفتح الباب، انتهي حفل زفافهم الصباحي فنادرا ما بات أحدهم يقيم حفل زفافه صباحا ولكنه عثمان وخططه الغريبة الساعة الآن الرابعة عصرا.

تمعنت النظر لقسمات وجهه تكاد تقسم أن ما عاشته قبل قليل كان حلما سعيدا، حلما يتخلله بعض الدراما والاكشن ومفاجاءات الصياد الخاصة، هو يوم لا يُنسي بكافة التفاصيل، زفاف ثاني لها ومن ثم ما حدث لن تنسي ابدا شكل ليلا والامن يجرها يلقيها خارجا وهي تصرخ فيهم، وذلك الرجل عمار كان كمن لدغة عقرب وهو ينظر لرؤساء النوادي المسئولين عن السباقات، وبعدها الكعكة الكبيرة التي زينتها صورتها احتفالا بعيد ميلادها التاسع عشر ورقصتها المميزة مع عثمان، وعناق الجميع لها في نهاية الحفل، تفاصيل تظن أنها تقرأها فقط بين صفحات الروايات لكن ان تحدث هكذا علي أرض الواقع، مستحيل من سابع المستحيلات ولكن مستحيل الصياد ممكن!

اجفلت من شرودها حين نفخ في وجهها برفق لتهز رأسها بخفة تنظر حولها لتتسع حدقتيها في دهشة متي دخلوا للمنزل يبدو أنها كانت غارقة في التفكير لدرجة جعلتها لا تشعر بدخوله بها إلى المنزل، اسبلت عينيها تبتسم خجلة، لينزلها هو أرضا بحرص، وقفت علي قدميها تستند بكفيها علي صدره للحظات قبل أن تبعد كفيها في توتر، ابتلعت صحراء لعابها الجاف، لتنحي قليلا تمسك بطيات فستانها الأبيض تتحرك به صوب الأريكة جلست فوقها، لينظر لها مقطب الجبين رفع يده يشير لباب غرفتهم ابتسم يتمتم في بلاهة:.

- انتي رايحة فين اوضتنا أهي
ابتسمت خفية لثواني لتعاود النظر إليه ترميه بنظرات هادئة جافة، كتفت ذراعيها تتمتم في إصرار:
- مش قبل ما افهم يا عثمان، أنت وعدتني أنك مش هتخبي عليا حاجة، انما اللي حصل النهاردة، إنما اللي حصل النهاردة ما كنش عندي علم بيه ابدا...
ابتسمت إبتسامة بريئة وكأنه *** برئ ساذج يتمتم مدهوشا:
- عيزاني اقولك اني عاملك مفاجأة كدة ما تبقاش مفاجأة.

- عثمان، كلمة واحدة نطقتها بنبرة جادة حازمة ليشعر للحظات أنه يقف أمام والدته تؤدبه، تنهد ساخرا يدس يديه في جيوب سروال حلته الفاخرة تقدم في خطاه إلى أن صار قريبا منها ليجلس علي الأريكة مجاورا لها، امسك الوسادة الصغيرة يضعها فوق ساقيه يستند عليها بمرفقيه، تنهد يردف:.

- هحكيلك، فاكرة ليلة فرحنا لما سألتيني ليلا هي اللي عملت كدة، يوم ما وقعت من علي الحصان اول ما فوقت ورغم الحالة اللي كنت فيها طلبت يتعملي تحليل دم بسرعة، وفعلا التقرير اثبت أن كان في مادة غريبة في جسمي هي اللي خلتني ادوخ واقع، بس للأسف ما كنش عندي دليل واحد أن ليلا هي اللي عملت كدة اثتبها عليها ازاي، مع حالتي النفسية اللي كنت بمر بيها كان الموضوع صعب جداا، وقررت اني هقف علي رجليا الأول عشان اعرف اجيب حقي منها، بس اللس حصل، فادي دا كان زميل ليا، في يوم كلمني وقالي أنه كان رايح لعمار لأن الشلة كانت هتسهر عنده وهو سبقهم شاف ليلا نازلة من بيت عمار.

شخصت عيني سارين في ذهول تنظر له مصعوقة ليحرك رأسه إيجابا ابتسم يتمتم ساخرا:
- يومها عمار فضل يشرب لحد ما سكر علي الآخر وفضل يضحك ويقول أنا اللي كسبت علي الصياد أنا اللي دمرت الصياد أنا اللي هبقي الصياد، فادي بلغني باللي حصل، لو فعلا ليلا كانت عند عمار، وعمار عمال يتباهي بانتصاره بانتصاره عليا معني ذلك أن كان في علاقة بين ليلا وعمار، كان صعب أثق في فادي لأن زي ما قولتلك كنا مجرد زمايل مش اكتر.

صمت للحظات وكأنه يتذكر ما حدث في القريب ليرتسم علي ثغره شبح ابتسامة باهتة، يحرك رأسه يكمل ممتما:.

- بس واضح أن اللي بنفتكرهم مجرد زملا بيطلعوا اجدع من صحاب سنين، في يوم كنتي انتي بتجيبي طلبات للبيت لقيت جرس الباب بيرن طلع فادي، شوفت في عينيه دموع لما بص ليا، قالي أنه نفسي في يوم يبقي زيي وأنه عمره ما كرهني بالعكس شايفني مثل أعلي، في الأول أنا كنت قلقان منه، اديته فلاشة عليها برنامج معين يوصله باللاب توب بتاع عمار.

قطب سارين ما بين حاجبيها وما علاقة جهاز« اللاب توب » فيما يحدث، قرأ عثمان سؤال عينيها ليجيبها يبتسم متوترا:
- انتي عارفة زمان كنت ضمن شلة ليها علاقات كتير، علاقات مش كويسة خالص
ضيقيت سارين مقلتيها تنظر لعثمان حاقدة يملئ الغضب عينيها ليحمحم مرتبكا رفع يده يضعها خلف رقبته يغمغم مبتسما في توتر:.

- كنت يا حبيبتي الحمد *** توبت علي أيديكي يا قلبي، المهم معروف أن عمار عنده كاميرا في أوضة نومه بيصور بيها، مش عارف اقولهالك ازاي، المهم يعني أنه بيصور بيها حاجات مش كويسة، وبيحتفظ بالفيديوهات علي اللاب توب بتاعه
، فادي طلع فعلا جدع، بعد 24 ساعة قالي أنه نقل البرنامج علي لاب عمار...

وبقي اللاب بتاعه تحت ايدي، نقلت كل اللي عليه عندي قبل ما يكتشف في البرنامج عنده ولقيت وسط الفيديوهات فيديو ليه مع ليلا هانم وهما بيتفقوا عليا، وفيديو تاني وهما بيحتفلوا بانتصارهم
صمت ينتفس بعنف رأت حدقتيه تشتعل غضبا قسمات وجهه تتشنج ذلك العرق النافر جوار صدغه تعرفه لا يظهر الا حين يكون غاضبا بل ويحاول كبت غضبه أيضا، شردت عينيه للحظات طويلة في الفراغ قبل أن يلتفت لها برأسه يردف:.

- كان في ايدي اسلم الفيديوهات دي للشرطة وابقي خلصت منهم بس أنا كنت عايز افضحهم قدام الكل، كان فاكرة اني غبي وهتعرف توقعني في شباكها تاني، سرقت موبايلها وبعت رسالة منه لعمار انه يجي النادي عشان يشوف نهاية الصياد وهو جه جري زي الكلب، خدت حقي وفضحتهم قدام الكل، وبعت لابوها الفيديوهات اللي بنته المصون متصورة فيهم مع عمار، وهددته لو ما بعدش بنته عن طريقي المرة الجاية هنشر الفيديوهات دي في كل حتة، حتى عمار اصريت اني اعزم كل رؤساء النوادي عشان يشهدوا علي فضيحته، عشان ما يدخلش سبق تاني لآخر يوم في عمره، ايه رأيك بقي في دماغي.

ارتسمت ابتسامة صغيرة مرتعشة علي شفتيها لا تعرف ولكنها للحظات شعرت بالخوف يغزو كيانها، خافت من عثمان وهو يتحدث عن كيف حقق انتقامه، شعرت برهبة منه ومن طريقة تفكيره، عثمان كان من الممكن أن يُنهي ذلك كله بتسليم مقاطع الفيديو ولكنه فضل الانتقام علي صفيح ساخن يحرق الجميع، اجفلت علي حركة يده علي وجهها يمسح علي خدها برفق ليمد يده الأخري يخرج علبة صغيرة من جيب سترته فتحها بيده الحرة لتجد خاتمين أحدهم من الذهب عريض به فصوص ألماس صغيرة ودبلة من الفضة مطلية باللون الأسود، نزع الخاتم من العلبة يلبسه في بنصر يدها اليسري، اشار بعينيه إلى الدبلة ينظر لها مبتسما، لتمد يدها بتوتر ملحوظ تنزع الدبلة تلبسها إياه هي الاخري، مال يقبل رأسها قبلة حانية لطيفة قبل أن يميل علي أذنيها يهمس لها عابثا:.

- سمعتي عن ابو قردان اللي غرق من زمان!

قرابة الخامسة هناك أمام شركة كبيرة اللوحة تعلو المكان
H. A Software Company.

من الداخل شركة فخمة راقية كان احدي شركات الإلكترونيات واشتراها هو وعمل جيدا علي جعلها نسخة طبق الأصل من شركته في دبي، بعد أن صفي جميع أعماله في الخارج، صوت حذاء رجالي منتظم يُسمع صداه في أرجاء الممرات الهادئة الجميع ينكب مجتهدا علي عمله زيادة العمل، تعني زيادة الراتب قانون حمزة الأول، توقفت الخطوات عند مكتب المساعد حياه الرجل ليتوجه لباب الغرفة الضخم، طرق الباب ليسمع صوته يأذن بالدخول، فتح الباب يخطو للداخل، يغلقه خلفه تقدم ناحية المكتب يتمتم مبتسما:.

- مساء الفل يا حمزة باشا
رفع حمزة عينيه عن شاشة حاسوبه الصغير، ليخلع نظراته الطبية، ابتسم في هدوء يشير إلى المقعد المجاور لمكتبه يتمتم مبتسما:
- مساء النور اقعد يا أدهم...

ابتسم أدهم ليجلس سريعا علي المقعد يبدو من قسمات وجهه المتوترة أنه يود قول شيئا ما ولكنه متردد، تلاعبت يديه بالقلم القريب منه علي سطح المكتب، يدق بسنه بحركة رتيبة ابتسم أدهم يرفع حاجبه الأيسر ساخرا، مد يده يأخذ القلم من يد أدهم، يضحك متمتا:
- عايز تقول ايه يا ابن حمزة...

ابتسم أدهم كطفل صغير تلك الكلمة التي نطقها حمزة توا، جعلته يشعر أنه رغم كل ما حدث لا زال ينتمي له قلبا وقالبا، رفع يبعثر خصلات شعره حمحم يتمتم متوترا:
- أنا كنت جاي عايز اقول لحضرتك أن الشقة الحمد *** خلصت قبل الميعاد اللي احنا متفقين عليه، فيعني ينفع نقدم الفرح عن ميعاده نخليه آخر الأسبوع لو ينفع.

عاد حمزة بظهره يستند إلى ظهر مقعده الاسود المبطن، يمسك القلم بين يديه من اطرافه ابتسم يرفع حاجبه الأيسر ساخرا يتمتم في تهكم واضح:
- عايز تعمل فرح في يومين!
توسعت ابتسامة أدهم ينظر لحمزة في انبهار مصطنع يتمتم بفخر مبالغ فيه:
- دا أنت حمزة باشا السويسي يعني لو أمرت الفرح يتعمل النهاردة بليل
صدحت ضحكة عالية من بين شفتئ حمزة ينظر لأدهم ساخرا، حرك رأسه إيجابا تشدق مستمتعا:.

- علي ياض صوت الطبلة كمان شوية، بتطبلي يا ابن حمزة، ولو قولت يا سيدي إن أنا موافق موافقة؟!
حرك أدهم رأسه إيجابا سريعا يغمغم متلهفا:
- ايوة أنا كلمتها قبل ما اجي لحضرتك وقالتلي أنها جاهزة من دلوقتي حالا بالفستان
ضحك من جديد يحرك يآسا ابنته البلهاء عليه أن يزوجها حالا قبلا أن يفرا سويا، تحرك من مكانه يتوجه ناحية ادهم وقف بالقرب منه يحرك رأسه بالإيجاب يتمتم مبتسما:.

- ماشي يا سيدي وأنا موافق فرحكوا آخر الأسبوع في فيلا عمك خالد، الراجل دا بقي متعهد حفلات العيلة
توسعت عيني أدهم فرحا يضحك عاليا يشعر بالبلاهة تجتاح عقله وافق حمزة وافق هكذا ببساطة، قام من مكانه يندفع ناحيته يعانقه بعنف يصيح فرحا:
- متشكر، متشكر اوي
ضحك حمزة يصدمه بيده علي رأسه بخفة يتمتم ساخرا:
- يخربيت هبلك دا أنت طلعت مدلوق اكتر منها اوعي ياض هتخنقني.

انها السابعة مساءا لازال الوقت باكر لإغلاق الدكان ولكنه حقا يشعر بالتعب الفترة الماضية بكل ما فيها كانت حقا مرهقة، يعمل في المحل صباحا، يحاول جاهدا أن يجد وظيفة أخري، يخطط لضم الدكان الفارغ المجاور لهم ليزداد حجم التجارة ولو قليلا وقد نجح في تأجيره ولكن المكان عبارة عن خردة علي هيئة دكان ولا أحد غيره هنا سيعمل علي تنظيف تلك الخردة، أدهم يساعده بعض الأحيان ولكنه مشنغل للغاية الآن فئ وظيفته الجديدة في شركة حمزة، وتحضيرات زفافه القريب لا يريد أن يُثقل كاهل أخيه أكتر من ذلك، جذب الباب الحديدي الخفيف من أعلي يغلق المحل بالقفل، نفض يديه من الغبار، ليتحرك لأعلي يسير بخطي شبه مخدرة يرغب في بعض الراحة، كاد أن يدخل إلى عمارته السكنية ليجد يد تحط علي كتفه نظر للفاعل ليجد ذلك الرجل البدين صاحب محل الاقفال، تنهد يغمغم بهدوء جاف:.

- خير يا عم عبده في حاجة
ابتسم الرجل في بشاشة يحرك رأسه بالنفي رفع يده يربت علي كتفه برفق يحادثه مبتسما:
- أنا بس مش قادر اصدق أن الواد صايع اللي ضربناه علقة من كام شهر هو الراجل اللي واقف قدامي دلوقتي، عارف يا ابني دي دعوات ستك الغلبانة، ما كنتش بتطبل دعي ليك في كل وقت، **** يكرمك يا ابني ويصلح حالك دايما، خلي بالك من مراتك، عن إذنك.

وقف مراد مكانه ينظر للرجل وهو يرحل يقطب جبينه مستنكرا ما حدث لما يشعر أنه في أحد الأفلام القديمة وعم عبده سيختفي الآن، مد رقبته قليلا يتابعه، ليجده يدخل إلى المحل الخاص به لم يختفي، حرك رأسه نفيا هو متعب، متعب ولا يرغب سوي في النوم، اكمل طريقه لداخل المنزل يصعد لشقته بعد أن القي التحية علي جدته، أخرج المفتاح من جيبه يضعه في قفل الباب فتحه بهدوء، ينظر حوله، اول ما قابله رائحة الصابون المحلي كيف لا يعرفه وبائع الصابون يجاوره تقريبا، هناك كانت روحية تمسك بممسحة تغطسها في دلو كبير ملئ بالماء ورغاوي الصابون تمسح أرض الصالة المتسخة، وملك الصغيرة، تنام علي الأريكة تحاوطها الكثير من الوسادات وكأنها ستقفز من فوقهم مثلا، أمعن النظر لجلبابها البيتي البسيط، خصلات شعرها الناعمة التي سقطت تغطي وجهها وسقط قلبه صريعا لها، تنهد بحرارة ينظر لقسمات وجهها وهي منهمكة حقا في التنظيف وكأن زائرا هاما علي وشك الوصول، ضيق عينيه ينظر لتلك الممسحة في يدها أليس ذلك قميصه الأبيض الذي ضاع منذ عدة أيام وأخبرته أنها لم تره ولا تعرف عنه شيئا، الماكرة!

حمحم بخفة ليجذب انتباهها لا يرغب في افزاعها بعد الآن حتى لا تتذكر ما كان يفعل قبلا...
رآها كيف انتفضت واقفة تنظر له متوترة تزيح خصلات شعرها عن وجهها سريعا تمسح يديها الملطختان بالصابون في جلبابها، نظرت له متوترة تهمس مرتبكة:
- ااا إنت جيت بدري، قصدي يعني أن أنا مالحقتش اخلص تنضيف، كنت فكراك هتطلع متأخر زي كل يوم.

هل أخبرها قبلا أنه يحب طريقتها المتوترة حين تتحدث تأخذه لعالم آخر ليس فيه سواهم يقف يستمع إليها وكأنها سمفونية خاصة به، ابتسم إبتسامة مرهقة يغمغم:
- تعبان، قولت اطلع بدري شوية انام، إنما لو عايزني انزل علي ما تخل
قاطعته تغمغم سريعا في ارتباك واضح:
- لالا ابدا، أنا خلصت أوضتك من بدري.

ابتسم لها ممتنا معتذرا لما يجب أن تكون لطيفة لذلك الحد لمعة الحزن الساكنة في عينيها لا تزيدها إلا جمالا، خلع حذائه حتى لا يفسد ما تفعل منذ ساعات علي الأقل بقي فقط بالجوارب يتحرك متجها ناحيتها لتتضارب دقات قلبها تكاد تحطم صدرها وتقفز خارجا لازالت تخشاه لا تنكر حتى وإن تغيرت معاملته تماما، تخاف أن يكن ما يفعله هو فقط خدعة للنيل منها، وقفت مكانها تحاول أن تُظهر شجاعة واهية، جسدها يرتجف بعنف تحاول إخفاء رعشتها هي ليست ضعيفة وهو لن يؤذيها لن تسمح له هاجمته مرة بالسكين أن حاول الآن ستخنقه بالممسحة في يدها وتحمل ملك الصغيرة وتهرب، اجفلت من شرودها الشرير حين اقترب منها حتى بات لا يفصلهم رأته يرفه حاجبيه ينظر له في مكر يتمتم عابثا:.

- هو مش دا قميصي اللي أنتي عملاه ممسحة
توسعت عينيها في دهشة كيف عرفه اخفته سريعا خلف ظهرها تحرك رأسها نفيا بعنف هل تخبره أنها المغسلة الشريرة هي من مزقت ذراعه هي ليس لها دخل إطلاقا، هي فقط اخفته حتى لا يعلم بفعلة المغسلة الشريرة، ضحك بخفة، لتقطب جبينها مدهوشة لما ضحكته مختلفة، عن ضحكاته قبلا، مال بجذعه يحمل الصغيرة من فوق الأريكة استقام واقفا ينظر لها مبتسما يتمتم في حنو:.

- عشان لو صحيت ما تضايقكش علي ما تخلصي، تصبحي علي خير
ابتسمت شبه ابتسامة تومأ برأسها بالإيجاب دون حديث ليميل هو برأس يقبل وجنتي الصغيرة، رفع رأسه لها وابتسم ولم تدري ما حدث سوي أن قلبها علي وشك أن يتوقف، عينيها تكاد تخرج من مكانها، حين باغتها وطبع قبلة صغيرة علي خدها ورحل فئ هدوء تام صوب غرفته، رفعت يدها تضعها علي خدها تنظر في أثره مصعوقة، كيف يفعل ذلك مراد الوقح، قبلها!

هي الآن التاسعة مساءا يجلس في غرفته علي فراشه يحرك ساقه اليسري بعصبية مفرطة، ينظر لساعة يده بين حين وآخر اليوم سيضع حدا لتلك المهزلة، زوجته المصون تتجنبه منذ أن احضر لوجين لهنا، والمقابلة الأخيرة بينها وبين زيدان وقعت علي رأسه هو بالمصائب، لما، لينا تهرب من الحديث من لقائه حتى حين يستيقظ صباحا يجدها لا تزال نائمة، تظل تغرق في النوم إلى أن يرحل وحين يعود ليلا يجدها نائمة بفعل أحد اقراصها، تلك الأقراص التي القاها من النافذة عدة مرات لا يعلم من أين تحصل عليهم وهو يتخلص منهم كل يوم تقريبا، لكن لا يهم هو اليوم عاد باكرا، ضعط العمل في الأيام الماضية كان يجبره علي التأخير لساعات بعد منتصف الليل، اليوم هو هنا قبل أن تأتي وتتناول تلك الأقراص، دقائق طويلة قبل أن يسمع صوت سيارتها تقف، لحظات فقط ورآها تفتح باب الغرفة، نظرت ناحيته كان يتوقع أن يري عينيها تجحظ مصدومة أن تفغر فمها، ولكن العكس تماما ما حدث نظرت ناحيته في هدوء تام تركت حقيبة يدها علي أحد المقاعد لتخطو صوب مرحاض الغرفة تحرك هو في تلك اللحظة يمسك سريعا بيدها قبل أن تدخل إلى المرحاض ربما تحمل أحد الأقراص وستأخذهم بالداخل التفتت له تقطب جبينها تسأله بجفاء واضح:.

- في ايه يا خالد سيب ايدي لو سمحت
ابتسم ساخرا يحرك رأسه نفيا يردف متهكما:
- طب كويس و**** أنك فاكرة اسمي، أنا قولت نستيه
زفرت أنفاسها المختنقة، لتجده يجذب يدها يجلسها علي الفراش رغما عنها نزعت يدها من يده تكتف ذراعيها تنظر له حانقة، جلس هو أمامه نظر لها للحظات قبل أن ينفجر حانقا:.

- في ايه يا لينا أنا عملتلك ايه عشان اللي بتعمليه دا، بتصحي بعد ما امشي وتنامي بعد ما أرجع، هو أنا قتلتلك قتيل، لا عارف اشوفك ولا حتى اتكلم معاكي، فين حقي عليكي يا دكتورة!
رفعت حاجبيها في اندهاش ساخر تحرك رأسها نفيا تتمتم متهكمة:
- حقك، هو دا الموضوع اللي عايز تتكلم فيه
تلك المرة هو من ابتسم ساخرا ينظر لزرقاء عينيها مباشرة، رفع يده يبسطها علي وجنتها ابتسم يهمس لها:.

- أنا قصدي حقي في الكلام معاكي، حقي في اني اشوفك، حقي في حاجات كتير، غير اللي في دماغك
جيد باتت هي الوقحة الآن من عاشر القوم كما يقولون أستاذ ورئيس قسم المنحرفين يحاول إقناعها أنه هو البرئ هنا، ولكن ذلك ليس مربط الفرس كما يقال، الموضوع اكبر من ذلك، أبعد يده عن وجهها ينظر ناحيتها نظرات ثابتة يسألها في جدية مباشرة، للحظات شعرت أنه تحقيق رسمي وهي المتهمة هنا خاصة مع نبرته الرخيمة:.

- في ايه يا لينا أنا حصل ايه للي انتي بتعمليه دا كله، عشان جبت لوجين هنا، مش كنا خلصنا من الموضوع دا، لوجين ضحية زيها زي زيدان، هي آه غلطت في الأول بس مين ما بيغلطش، اللي انتي بتعمليه دا نهايته ايه، مش عايزة تشوفيني بتهربي مني، وصلنا لمرحلة أنك مش عايزة تشوفيني يا لينا، نايمة جنبي مش عارف اخدك في حضني، لينا ما غلطتش لما رجعت لوجين، دي ام، أم كل اللي هي عايزاه أن ابنها يسامحها، أنا ما بقولكيش روحي قولي لزيدان سامحها، بس علي الأقل ما تعمليهاش علي أنها ضيف غير مرغوب فيه، لوجين اصرت أن أنا اوصلها النهاردة بيت محمد بسبب معاملتك الجافة ليها، طول عمرك قلبك طيب، اشمعني المرة دي قسي.

انهار قناعها الزائف زحفت الدموع كجيوش تنتصر علي وجهها، تملئه بالكامل حركت رأسها نفيا بعنف شديد تتمتم بحرقة:.

- مش كل الأخطاء ينفع يتسامح عليها يا خالد، من يوم ما لوجين رجعت وزيدان رافض أنه يجي البيت حتى لما بكلمه صوته مخنوق أنا حاسة بيه، عارف يعني أم يا خالد، أنت عارف، والدتك **** يخليهالك رغم كرهها ليا مستعدة تعمل اي حاجة عشان خاطرك، تخيل بقي *** صغير بيبكي لأمه يقولها أنا جعان أنا بردان بيضربني، وهي، هي عملت إيه، كل اللي بتقوله ما كنتش في وعيها ما فيش أم ما بتحسش بابنها أو بنتها، هي اللي ظلمت زيدان وظلمت نفسها، كل ما بحاول اسامحها بفتكر حالة زيدان اول ما جه هنا يعيش معانا، ما كنش بيبطل صريخ طول الليل، بيفضل يبكي ويصرخ وهو نايم بينادي عليها، زيدان تعب اوي في حياته وهي السبب، ما تطلبش مني فوق طاقتي يا خالد.

كان يريد أن يكون خشنا الليلة تحديدا يعاتبها بقسوة علي جفائها معه ولكن تلك الخشونة الواهية ذهبت مع سيول دموعها ليقترب منها يضمها لذراعيه يمسح علي حجابها برفق، لحظات قبل أن يغمغم ضاحكا:
- لاء علي فكرة بقي أنا اللي المفروض ابقي زعلان، ما تجييش في الآخر تعيطي وتقلبي الترابيزة، اوعي يا بت.

خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتيها رفعت يدها تمسح دموعها الساقطة، ليمد هو كف يده يرفع وجهها لتلتحم زرقاء عينيها بنخيل عينيه، صمت للحظات قبل أن يهمس متمتما بشغف عاشق:
- بضحكاتك احيا، بآنفاسك أعيش، بشذي عطرك ينبض قلبي بين خلجاتي، فأنتِ الروح والنبض، أنتِ اكسير حياتي.

توردت وجنتيها كعادتها، تخبره بأنه كلماته دائما رائعة ليبتسم بخبث هل يخبرها بأنه سرق تلك الكلمات من حسام حبيب أبيه، لا ولما يجب أن تعلم فلا حقوق ملكية فكرية هنا بين الولد وأبيه، مد يده يمسح علي وجنتها برفق اقترب منها لتغمض عينيها تتنهد حالمة، لتشعر به يحط قبلة صغيرة فوق رأسها فتحت عينيها حين سمعته يتأثب يتمتم ناعسا:
- تصبحي علي خير يا قلبي أنا راجع من الشغل تعبان وهموت وانام.

ضيقت عينيها تنظر له حاقدة ليبتسم هو في براءة توجه إلى الفراش يأخذه بالأحضان بدلا منها، يذقيها قليلا مما فعلت في الأيام الماضية.

ومن هنا لهناك في بيت قريب، حقا قريب في حديقة بيت عز الدين، تجلس سهيلة ولينا حول طاولة مستديرة امامهم اكواب العصير، جاسر في المطبخ يعد لهم معكرونة بالصلصة البيضاء والمأكولات البحرية غارقة في الجبن بوصفته الخاصة التي لا يعرفها غيره، مدت لينا يدها تربت علي بطن سهيلة المنتفخ برفق تسألها مبتسمة:
- انتي بقيتي في الشهر الكام يا سهيلة
- بقالي عشر أيام في السابع...

همست بها بضعف شديد تشعر منذ الصباح بألم عنيف يختفي لساعات ويعود أشد، تعرق جبينها رغما عنها، جسدها بارد يرتجف، ربتت لينا علي يدها تسألها قلقة:
- انتي كويسة اوعي تكوني بتولدي
أخذت نفسا قويا تزفره براحة حين اختفي الألم فجاءة حركت رأسها نفيا تتمتم:
- لا يا لينا لسه بدري
نظرت لينا حولها تتأكد من أن لا أحد يراهم، لتقترب من صديقتها تنظر لها حزينة تهمس بصوت خفيض حاني:.

- ما تسامحي جاسر بقي يا سهيلة، عشان خاطري أنا، صدقيني و**** بيحبك اوي، كفاية عليه كدة، يلا بقي عشان خاطر البيبي اللي في بطنك طيب.

ابتسمت سهيلة شاردة هي تود ذلك فعلا وربما حان الوقت لتعطيه صك الغفران، حركت رأسها إيجابا لتتسع إبتسامة لينا تعانقها برفق، في اللحظة التالية كسي الحديقة رائحة شهية للغاية، حين خرج جاسر يحمل في يده صينية طعام عليها ثلاثة اطباق وضع واحد أمام لينا والآخر أمام سهيلة جذب مقعد ليجلس جوارهم، ليصبح الطبق الأخير له، مدت لينا يدها سريعا تلتقط الشوكة تلتهم ما في طبقها بنهم، تحاول الحديث بفمها الملئ بالطعام:.

- المكرونة تحفة كالعادة بس كنت زود الجمبري شوية يا معفن
في اللحظة التالية ااتها صفعة علي رقبتها من الخلف لم يكن جاسر الفاعل، نظرت خلفها لتجد حسام يرتدي حلة سوداء رسمية يمسك بعض الأوراق في يده، بلعت ما في فمها لتطلق صفيرا طويلا معجبا:
- تؤبر قلبي اديش بتعقد، ايه الحلاوة دي يا حس
ضحك حسام ساخرا يرتمي بجسده علي المقعد المجاور لها اختطف الطبق من أمامها يلتقط شوكة نظيفة يأكل هو:.

- هاتي بقي بطلي طفاسة، وبعدين بدل ما تقوليله يا معفن يا انثي كلب البحر أنتي، وبعدين يا أمي أنا طول عمري شيك، أنا بس مش عايز اقعدوا
ضحك جاسر ولينا أما سهيلة كانت تحاول فقط الابتسام مع عودة ذلك الألم بشكل أبشع مما سبق، أخذ حسام شوكة أخري يأكلها باستمتاع:.

- المكرونة دي عظمة، ايه يا عم الجمدان دا، اسكتوا اتنفخت أنا النهاردة كنت بستلم التعيين بتاعي في كلية الطب، الدراسة هتبدأ يوم السبت الجاي، وورق ولف ومدام عنايات، وتحت خانة الذكريات اكتب اسمك في المواجع، تحت خانة الذكريات اكتب أن الجرح واجع واطلع امضيه من مدام اعتماد في الرابع وحاجة نيلة
ضحكت لينا عاليا تقرص خديه باصابعها تغمغم ساخرة:
- إنت يا حوسو هتبقي دكتور في الجامعة دا انت هتعر العيلة كلها.

أزاح يدها بعيدا بعنف ينظر لها باستعلاء يتمتم مفتخرا بذاته مشمئزا منها:
- اوعي ايدك فاشلة جربوعة ما عكيش نص الشهادات اللي معايا، وبعدين دا أنا هبقي دكتور عظمة ولا اييه
اااااه صاحت بها سهيلة، لتتوسع ابتسامة حسام يشير ناحية سهيلة يلاعب حاجبيه يغيظ لينا:
- شوفتي حتى سهيلة معترفة بيا
ااااااااه الحقوني شكلي بولد اااااااه، هب جاسر من مكانه توجه ناحيتها سريعا يصرخ مفزوعا:
- بتولدي، بتولدي ازاي يعني.

صرخ حسام فيه في تلك اللحظات يهرول في خطواته للخارج:
- لاء مش وقت غباء شيلها وورايا بسرعة
ارتجف قلب جاسر خوفا عليها، ليهرع إليها يحملها بين ذراعيه ولينا تهرول خلفهم، من الجيد أن عز الدين لا زال في عمله، الرجل قلبه لا يحتمل اي صدمات، في سيارة حسام، حسام خلف المقود، ولينا جواره وجاسر يحتضن سهيلة بالخلف، صرخاتها تملئ المكان ليصيح حسام بنزق:.

- بس بقي يخربيت صوتك المسرسع، ليه يا *** ما طلعتش دكتور أنف وإذن
ظلت صرخات سهيلة تتعالي تسب حسام طوال الطريق إلى أن طفح كيله ليصيح فيها:
- وأنا مال أهلي أنا، بتشتمني أنا ليييييه، ما تشتمني اللي جنبك دا
مد جاسر يده يمسح علي رأس سهيلة برفق شديد يهمس لها في رفق رغم أنه يود أن يصرخ هو الآخر من شدة قلقه:
- بس يا حبيبتي اهدي، اهدي قربنا نوصل خدي نفسك.

اخيرا توقفت السيارة أمام المستشفي، قفز من السيارة يصيح في جاسر:
- خليهم يدخلوها أوضة الكشف بسرعة
لمحته لينا وهو يركض لداخل المستشفى يخلع سترته، ليحلق جاسر به دخل إلى المشفي ينظر للمرضين يحادثهم مذعورا:
- بسرعة ارجوكم.

علي فراش طبي وضعوها لتدخل لغرفة الكشف الخاصة، منعوه من الدخول وقفت لينا جواره تدمع عينيها قلقا علي صديقتها تنظر لحاله البائس، جاسر بالفعل يبكي خوفا عليها، لحظات ورأت حسام يهرول ناحيتهم بعد أن أبدل ملابسه واجري التعقيمات اللازمة دخل إلى غرفة الكشف دون أن ينطق بحرف، غاب لبضع لحظات، ليجدوا الباب يُفتح وحسام يحادث الممرضات سريعا:.

- بسرعة علي أوضة العمليات ما فيش وقت الماية اللي حولين الجنين نزلت خلاص...
خرجت سهيلة يدفعها الممرضات علي السرير الطبي لحق جاسر بها يركض جوار الفراش يمسك بيدها ليسمعها تهمس مرتعدة:
- أنا خايفة يا جاسر خايفة اوي
ارتعدت قلبه أكثر ذعرا عليها كاد أن يقول شيئا حين جذبه حسام بعيدا عنها يصيح فيه محتدا:
- ابعد مش وقت نحنحة.

إلى غرفة العمليات اندفع الفراش وخلفه حسام، وقف جاسر في الخارج ينظر للباب المغلق وذلك الكشاف الأحمر الصغير الذي يعلوها مضاء باللون الأحمر، ارتمي بجسده علي الحائط القريب من غرفة العمليات يصدم رأسه بالحائط خلفه، دموعه تهبط بلا توقف، لينا تقف هناك، عينيها شاردة في ذكري فراغ مؤلم، ذكري ذهاب طفلها الرضيع بلا عودة، كانت تملك يوما، طفلا ينمو بين احشائها يكبر يوما بعد يوم تشعر بروح أخري تنبض داخلها رغم ما حدث الا أنها كانت حقا سعيدة به، هي فقط كانت!

مسحت دموعها سريعا اقتربت من أخيها وقفت جواره تربت علي ذراعه تحاول طمئنته بشتئ ما تعرف من كلمات، مر وقت كثير حقا كثير صرخات سهيلة تصدح وتتوقف، إلى أن شق تلك الصرخات، صرخات أخري صغيرة تقول ها أنا قد أتيت، انتفض جسد جاسر بالكامل وهو يستمع إلى صرخات **** او طفلته، يأتي من الداخل اقترب يهرول من باب غرفة العمليات ومعه لينا ليخرج حسام من الغرفة يحمل لفافة صغيرة داخلها رضيع او رضيعة نظر لجاسر يبتسم في توسع يردف:.

- مبروك سهيلة جابت ولد، طبعا هتسميه حسام علي اسمي عارف عارف، ما فيش داعي للشكر يا عماد دا واجبنا واجبنا...

الفصل مئة وعشرة

الألم شعور بشع بالألم الخالص اجتاحها لساعات طويلة ظنت أنها علي مشارف الموت ما هي الا لحظات وتلفظ أنفاسها الأخيرة، الألم كان أبشع مما يمكن احتمال وكأن عظامك تنكسر واحدا تلو الأخر ببطئ مؤلم قاسي، ولكنه كما بدأ انتهي اخيرا آخر ما سمعته قبل أن تفقد وعيها صوت بكاء *** رضيع، طفلها هي، فتحت عينيها بتمهل، لاتزال أثر ذلك الألم تسيطر عليها، ترهق جسدها ولكن دافع قوي حثها علي الاستيقاظ وهو طفلها الصغير تريد أن تراه تشبع روحها من عبيره البرئ، تأوهت بصوت خفيض، حين حاولت أن تنتصف جالسة، ليهرع جاسر إليها حاوطها بذراعيه يسند جسدها برفق يضع وسادة خلف رأسها ابتسم لها يغمغم مترفقا:.

- حمد *** علي السلامة.

ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتيها تجول بعينيها في أرجاء الغرفة لينا هناك تنام علي الأريكة القريبة من الفراش، نظرت ناحية النافذة، أنهم في صباح اليوم التالي، هل نامت ليلة كاملة دون أن تشعر، حركت ملقتيها تبحث عن ذلك الفراش الصغير الذي تراه دائما في المسلسلات والافلام يجاور فراش الأم، ولكن غرفتها بلا فراش، أين طفلها أو طفلتها، حركت انظارها سريعا ناحية جاسر، علي الرغم من ألم جسدها العنيف إلا أن الخوف الذي استبد بقلبها جعلها تصيح حتى لو خرج صوتها ضعيفا ولكن ملتاع خائف مذعور:.

- البيبي فين يا جاسر، حصله حاجة، مات صح، مات مش كدة
توسعت عينيه ذعرا ماذا تقول تلك البلهاء حرك رأسه بالنفي بعنف ينفي تلك الفكرة السيئة ليردف سريعا:
- بعد الشر عليه يا سهيلة، حبيبتي ابننا عايش، هو بس في الحضانة لأنه اتولد في السابع محتاج يفضل في الحضانة مدة بس إنما هو كويس.

حركت رأسها نفيا تغمر الدموع وجهها كل ما يجول في رأسها الآن، إن طفلها أصابه مكروه وهو يكذب، لف ذراعه حول كتفيها يقربها لصدره يمسح علي شعرها يحاول جعلها تهدئ قليلا:
- و**** يا سهيلة ابننا كويس وبخير، واسالي حتى حسام لما يجي...

في تلك الانثاء تملمت لينا علي الأريكة نومة غير مريحة إطلاقا ولكنها لم تكن لتترك صديقتها وتغادر، بمعجزة اقنع حسام والدهم أن يسمح لها بالمبيت في المشفي، نظرت لسهيلة مذعورة حين رأت صديقتها تبكي بذلك الانهيار هرولت من مكانها بخطي سريعة توجهت ناحية فراشها تسألها ملتاعة:
- مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه، في اي يا جاسر مالها سهيلة
حرك رأسه يآسا لما تلك الدراما صباحا، الطفل بخير، نظر لشقيقته تنهد يتمتم يآسا:.

- ابدا يا ستي من ساعة ما عرفت أن البيبي دخل الحضانة وهي فتحاها منحة ولا كأنها بقالها سنين في كلية الطب، خليكي جنبها علي ما اشوف حسام فين
ربت علي رأسها ليقبل جبينها قام من مكانه متجها لباب الغرفة فتحه وخرج، لتقترب لينا من سهيلة جلست جوارها لترتمي سهيلة بين أحضانها حاوطتها لينا بذراعيها، في حين انهارت سهيلة باكية تتمسك باحضان صديقتها تتمتم من بين دموعها بحرقة:.

- أنا خايفة، خايفة عليه اوي يا لينا، أنا ما شوفتوش ما خدتوش في حضني حتى...
كلماتها الباكية تعيدها لذكري بائسة تكرهها، ذلك ليس وقت الذكريات ابداا، نفضت تلك الافكار السوداء من رأسها نظرت لصديقتها ابعدتها عنها برفق، امسكت ذراعيها بين كفيها ابتسم في عجب تتمتم بمرح زائف باهت:.

- ايه يا سوسو، أنا صحيح كنت بكره طب بس انتي كنتي بتحبيها، وانا لسه فاكرة كويس أوي، اننا خدنا أن الأطفال اللي بتتولد في السابع في الاغلب بتحتاج تروح حضانات، بيبقي لسه الجنين حجمه صغير يا سهيلة ومناعته ضعيفة والجهاز التنفسي بتاعه بيكمل، صدقيني البيبي هيبقي كويس.

كلماتها اقنعتها ولكنها لم تسكن ألم قلبها، هي لا تريد سوي أن تحتضن طفلها، والآن لن يسمح لها حتى بلمسه، نظرت خلفها حين سمعت صوت الباب يليه صوت حسام يتحدث ساخرا:
- جاسر قالي أنك فتحاها مناحة علي الصبح، مش كفاية خرمتي ودن اهلي إمبارح.

فقط ابتسامة ضعيفة هي من ارتسمت علي شفتيها لتسقط دموع لم تستطع إخفائها من مقلتيها، نظر حسام لجاسر الواقف خلفه يقلب عينيه ساخرا، تحرك يقف أمام الفراش عقد ذراعيه أمام صدره يتمتم مترفقا:
- في ايه يا سهيلة، مالك، يا ماما و****، الطفل كويس وبخير، بس لازم يفضل فئ الحضانة، عشان مصلحته، هخلي جاسر ياخدك تشوفيه، ما تقلبيهاش مناحة بقي.

ابتسم ابتسامته المرحة يحاول تغيير دفة الحوار لشئ آخر نظر لجاسر يضيق عينيه كطفل صغير يتمتم حانقا:
- جوزك الحيوان مش عاوز يسمي الواد حسام علي اسمي، هيلاقي احسن من اسمي فين أنا مش عارف، ويكون في علمك أنا بكرة هخلف بنت ومش هجوزها لابنك..

ضحك جاسر ينظر لحسام ممتنا في الفترة القصيرة التي تعرف فيها علي حسام بات علي علم بما يفعله ذلك الرجل هو فقط يحاول إدخال البهجة والسعادة علي قلوب الجميع بمرحه المعتاد متناسيا نصيبه هو من السرور، تحرك جاسر ناحية فراش سهيلة جلس جوارها من الناحية الأخري ينظر لحسام يبتسم في استفزاز يتمتم باصفرار:
- بردوا مش هسميه حسام، سهيلة هي اللي هتختار اسمه، ومش هيبقي حسام.

ضيق حسام حدقتيه يرمي جاسر بنظرات حانقة كتف ذراعيه أمام صدره يشيح برأسه بعيدا يغمغم في ألم زائف مضحك للغاية:
- أهل دول وصحاب ولمة ولا دول تعابين وسامة شوفت قسوة وجرح منهم وأنا بلعب كورة السلة
ضحكت سهيلة بخفة، تعقد جبينها ظنت أن الوقت امامها لا يزال مبكرا لتختار اسم جنينها، ولكنه فجاءها بالقدوم باكرا، تعجبها حقا الكثير من الأسماء، في حيرة ايهم تختار.

بينما جوارها مباشرة هناك ذهبت عيني البندق تشرد في ذكري بعيدة عن العين تسكن القلب، تتسطح علي الفراش في غرفتهم في الفندق تنظر لسطح الغرفة ترسم بيديها اشكال وهمية في الهواء، حين خرج هو من مرحاض الغرفة يجفف شعره بمنشفة صغيرة ابتسم حين رآها تفعل ما تفعل اقترب منها يجلس جوارها علي الفراش يسألها مبتسما في عشق دائم:
- بتعملي ايه يا لينا.

ضحكت كطفلة صغيرة بلهاء تكمل ما تفعل بيديها نظرت ناحيته نظرة خاطفة تتمتم مبتسمة:
- برسم في الهواء، زهقانة، بقالك ساعة ونص بتستحمي
ضحك ياسا من أفعالها صدمها علي رأسها برفق ليحرك يده في الهواء هو الآخر كأنه يرسم بأصابعه نظرت لسه خلسة تضيق عينيها الفضول يقتلها لتعرف ما يرسم، ثبتت عينيها مع حركة يديه لتسمع صوت يهمس بنبرته الدافئة:
- *** صغير هيكبر يوم بعد يوم همسك ايده عشان اعمله المشي، ابننا يا لينا.

ابتسمت سعيدة لينزل يده من الهواء يمدها إليها جذبها لتضع رأسها علي صدره يداعب خصلات شعرها بكف يده ابتسمت تسأله برقة خافتة:
- هيكون عندنا احلي بيبي في الدنيا، كفاية عينيك الزرقاء دي وشعرك اللي مدي علي أصفر، أنت اجنبي يا إبني، أنت جاسوس وعامل فيها ظابط.

ضحك رغما عنه يحرك رأسه ياسا من كان يصدق، إن في يوم من الأيام سيحط طيره الشارد رأسه علي صدره يسكن جناحه علي صدره تعلو ضحكاتهم، حرك رأسه بالإيجاب يتمتم ساخرا:
- ايوة ايوة أنا اسمي الحقيقي دنيال، الأفلام دي هتاكل مخك
ضحكت بخفة تغرق رأسها في صدره تستمع للحن دقات قلبه المتسارع عشقا، رفعت مقلتيها إليه تسأله بابتسامة ناعسة:
- طب قولي بقي لو جبنا بنت هنسميها ايه ولو ولد هنسميه ايه.

تحرك بمقلتيه بعيدا عنها شردت عينيه في الفراغ ليس فراغ الغرفة بل في فراغ ذلك الجزء المُعذب في روحه، كان يتمني أن يعطي ابنته الأولي اسم والدته ولكنه أن فعل ستكرر حلقة أسماء لينا، أما والدته الحقيقة، لا مكان لها في حياته لن يذكرها حتى بالاسم، تنهد يعود بانظاره إليها ابتسم يتمتم:
- لو بنت هنسميها وتين، عشان تبقي وتين قلبي هي وامها.

ابتسمت خجلة تنظر لمقلتيه مباشرة تبتسم كعاشقة عرفت للتو معني الحب، همست له بصوت خفيض ناعم:
- حلو اسم وتين، طب لو ولد...
لمعت عينيه لمعة صافية توسعت ابتسامته الحانية يتمتم مبتهجا:
- ياسين أنا بحب الاسم دا أوي، بحسه اسم نقي بيور، ياسين خالد زيدان الحديدي
ياسين، ياسين، ياسين...
لم تكن تدري أنها خرجت من شرودها وتتمتم بذلك الاسم بلا توقف الا حين سمعت صوت صديقتها تحادثها:.

- حلو اسم ياسين يا لينا بس قديم، ايه رأيك في اسم أحمد، اسم جديد
ابتسمت لينا في سخرية ترفع حاجبها الأيسر في تهكم واضح كأنها تقول حقا!

نصف البلد اسمهم أحمد من الأساس، وافق جاسر اختيار زوجته ليكن أحمد إذا، صوت دقات علي باب الغرفة قاطع تلك الجلسة، سمح جاسر للطارق بالدخول ليدخل هو، رأته بعد أيام غياب ابتعد فيها عن المنزل منذ عودة والدته، ها هو يقف أمامها لما تبدو ملامحه مجهدة تعبة، رغما عنها لم تستطع إزاحة عينيها عن قسمات وجهه، اشتاقت لبحار عينيه لتطفئ لوعة قلبها المشتعل، ها هو امامها يقف بطوله الفارع، قميص أبيض اللون سروال من الحينز الأسود يحمل باقة ورد كبيرة وعلبة بها هدية، اقترب منهم، ليقف حسام سريعا يعانقه يختطف باقة الورود منه يحتضنها بقوة أخرج طرف لسانه لسهيلة يغظيها:.

- الورد دا عشاني
ضحك زيدان من أفعال صديقه الطفولية أخذ باقة الورود من بين يديه اقترب من فراش سهيلة يضعهم أمامها يحادثها مبتسما:
- حمد *** علي سلامتك يا سهيلة وألف مبروك، وأنا جاي شوفت باباكي واقف. عند الحضانة بيبص علي البيبي، **** يباركلكوا فيه وتفرحوا بيه.

خرج حسام حين استعدته احدي الممرضات للمرور علي المرضي، جلس زيدان علي أحد المقاعد صامتا يتحدث مع جاسر بكلمات قليلة بين الحين والآخر، نظرت سهيلة لجاسر في ذلك الوقت تتوسله قائلة:
- عشان خاطري يا جاسر هشوفه حتى وهو فئ الحضانة.

تنهد حائرا يعرف أنها ستبكي وتنهار بشكل مبالغ فيه ما أن تري الصغير، ولكن ماذا يفعل هي لا تتوقف عن الإلحاح لرؤية وهو حقا لا يلومها، كيف يلوم أم علي لوعتها لرؤية صغيرها، ابتسم مترددا يحرك رأسه بالإيجاب
ليقوم زيدان في تلك الاثناء نظر لساعة يده نظرة خاطفة ابتسم يتمتم معتذرا:
- طب هستأذن أنا عشان الشغل، وبإذن **** اجلكوا في السبوع.

صافح جاسر زيدان يودعه، اختطف نظرة سريعة لها، رأتها جيدا وكيف تغفل عنها وهي لا تفعل شيئا سوي اختلاس النظرات إليه طوال الوقت، اجفلت علي وغزة من يد سهيلة فئ ذراعه قطبت ما بين حاجبيها تنظر له مستنكرة ما فعلت بينما مالت سهيلة ناحيتها تهمس بصوت خفيض متعب:
- حاولي تتكلمي معاه يا لينا التجاهل اللي انتوا فيه دا مش هينفع، طبقي نصايحك اللي عماله تقوليهالي.

تتحدث معه عن ماذا وما ستقول، هي حقا لا تعرف اي نوع من الحديث من الممكن أن يجمعهما بعد ما حدث، كرامتهم تأبي وبشدة أن تخبره أنها لا تزال تحبه، ماذا أن كان لم يعد هو يحبها، حركت رأسها تنفي الفكرة استأذنت منهم، أنهم ستتوجه إلى المطعم تحضر بعض المأكولات، خرجت من الغرفة تغلق الباب خلفها لتتوسع عينيها مندهشة حين رأته يقف خارجا يتحدث في الهاتف، مع من يتحدث، ظهره مواجها لها يدس كفه الأيسر في جيب سرواله والايمن يمسك به الهاتف، هل هذا والدها الذي يحادثه أم أنه يُحادث تلك الشقراء اللزجة، ترددت كلمات سهيلة في رأسها توا، هي وهو يحتاجان لجلسة مصارحة طويلة للغاية، جلسة يكشف كل منهم عما يدور داخل قلبه المغلق الملتاع ألما، ولكن كيف تخبره بذلك، اخذت نفسا قويا تزفره بعمق، بشكل مباشر ستخبره بشكل مباشر، أيسر الطرق هو الطريق المستقيم، تقدمت ناحيته فقط خطوتين، قبل أن تجد باب أحدي الغرف يُفتح بعنف ويخرج رجل يُسند زوجته يصرخ فزعا، توسعت عينيها هي هلعا من الدماء التي تغرق ملابس الزوجة الحامل، اندفع الاطباء والممرضات ناحيتهم ليصيبها هي دوار شديد، في تلك اللحظة تحديدا شعرت أن الأرض تلتف بعنف رأته وهو يهرع إليها أمسك بذراعيها قبل أن تسقط يصيح فيها قلقا:.

- مالك يا لينا
- دايخة اوي وحاسة اني عايزة ارجع.

همست بها بصوت ضعيف قبل أن تزوع عينيها كادت أن تسقط أرضا ليحاوطها بذراعيه يحملها، تلك الكلمات التي نطقتها توا اشعلت في جسده نيران لن تنطفئ ابداا، أيعقل أنها تحمل بطفل من ذلك الرجل ولما لا ألم تكن زوجة له، نعم زوجته، تم زواجهم والآن تحمل طفلهم، مجرد الفكرة جعلت خلاياه تصرخ تتعذب، لم يعرف حتى كيف وصل بها إلى أحدي غرف الكشف حتى، أخبر الممرضة أن تستدعي حسام لأن شقيقه متعبة، وقف هو جوار الفراش ينظر لجسدها المسطح عليه تركزت مقلتيه عند بطنها، يشعر بخنجر حاد النصل يشطر قلبه، أتحمل *** من غيره، ولما يتألم، هل لأنه لا زال يعشقها بكل ذرة تنبض فيه، كم رغب في تلك اللحظة في أن ينزع قلبه الأحمق يلقيه أرضا يدهسه بحذائه، فقط دقيقتين وجاء حسام يهرول إلى الغرفة نظر لزيدان يسأله فزعا:.

- مالها لينا حصلها ايه
انتقل بمقلتيه بينها وبين صديقه، ابتسم شقت شفتيه ابتسامة ألم بشعة، خرج صوته خاوي من الحياة:
- لينا ممكن تكون حامل من نائل.

لا يعرف أيقولها في صيغة سؤال يتمني نفيه أم حقيقة يتمني أن تكن هي الكذب الذي خدع الحقيقة وارتدي ثيابها ليخدعه هو، شخصت عيني حسام مذهولا، خرج زيدان من الغرفة وقف خارجا استند بجسده إلى الحائط عينيه تشرد بعيدا، إلى متي سيتسمر ذلك الحال، استدعي حسام أحدي الممرضات دخلت للغرفة لدقيقة فقط، ليراها تخرج من الغرفة تمسك زجاجة صغيرة بها القليل من الدماء، ابتسم ساخرا، حسام يريد التأكد من صحة ظنه، لن يبقي ليستمع إلى الحقيقة المؤلمة لن يتحمل ذلك الألم من جديد، توجه إلى باب الغرفة فتحه فقط جزء ضئيل للغاية جزء استطاع منه سماع ذلك الحوار الذي يجري بالداخل ابتداءً من صوت حسام وهو يسأل لينا:.

- يا لينا متأكدة أنك مش حامل أنا بعت عينة دم ليكي تتحلل عشان نتأكد
وصل إليه صوتها الشاحب المتعب وهي تردف منفعلة:
- مش حامل و**** مش حامل، أنا ومعاذ ولا نائل جوازنا ما كنش اكتر من حبر علي ورق
شخصت عينيه في دهشة لا يصدق ما تسمعه أذنيه، أحقا ما تقول، ليسمع حسام يسألها حذرًا:
- يعني ايه.

سمع زفرتها القوية يبدو أنها تعبت من الحديث مع حسام الفضولي الذي يرضي فضول ذلك الواقف خارجا دون أن يعلم أي منهم لتتمتم بنزق:
- يعني من يوم فرحنا وأنا في اوضة وهو في أوضة، حتى لما خطفني، قالي علي ميولة الغريبة الشاذة معاذ ولا نائل دا ما كنش طبيعي
كان شاذ يا حسام من الآخر
سمع صوت شهقة مدهوشة تأتي من صديقه ليتمتم بعدها مذهولا:.

- نهاره أسود، ايه البني آدم دا، دا ناقص يكون بيؤد بنات ويبقي ليفل الوحش في الجحود.

لم يقل ذهول حسام عن ذهوله ترك مقبض الباب يبتعد عن الغرفة قليلا، جلس علي أحد المقاعد ينظر للأرض يبتسم ساخرا، لما يشعر بالسعادة حين علم أن ذلك الفتي لم يمسها، ذلك لم يشفي سوي جزء من جرح قلبه، ليس من الساهل إن يتجاوز بسهولة أنها فضلت ذلك الشيطان عنه، إهانت كرامته ورجولته لأجل وغد دنئ، لو فقط يعلم أنه وغد لعب علي وتر مشاعرها الحائرة أظهر الجميع هم أشرار الحكاية ليكن هو البطل الطيب الذي جاء لينقذ الاميرة، تحرك يخرج من المستشفي، صادف في طريقه سهيلة تقف في المنتصف بين جاسر وابيها تبسط يدها علي زجاج غرفة « الحضانة » تنظر لطفلها تبكي، لا يعرف أتبكي فرحا أم خوفا.

بأمر من كبير العائلة من هو كبير العائلة الآن، صاحب قاعة الزفاف الذي يقيم جميع الحفلات في منزله تقرر قيام زفاف أدهم ومايا يوم السبت زفر حسام أنفاسه حانقا والده لم يجد سوي أول أيام العام الدراسي ليقرر فيه أن الزفاف اليوم، زفر أنفاسه متعبا منذ أيام وهو في دوامة لا تنتهي، والآن ها هو يقف هنا نظر لساعة يده ليزفر أنفاسه متوترا وقف أمام باب غرفة المحاضرة المغلقة يتأنق بحلة رمادية اللون وقميص ابيض يحمل حقيبة جهاز « اللاب توب » علي كتفه، رفع يده يعدل من وضع نظارة عينيه الطبية الشفافة وقف للحظات يلتقط أنفاسه، لقد حاضر من قبل حين كان في السعودية تلك ليست مرته الأولي، ادار مقبض الباب ليدخل في لحظة دخوله توقفت الاصوات الصاخبة المنعبثة من داخل القاعة ليسود الصمت المكان تحرك بخطوات رشيقة ناحية المكتب يضع حقيبته عليه، التفت ينظر للطلاب الجالسين أمامه تحرك من مكانه يقترب من مدرجات الطلاب قليلا رسم ابتسامة هادئة علي شفتيه يتحدث برزانة غير معتادة:.

- صباح الخير يا شباب، أنا دكتور حسام السويسي هكون محاضركم لمدة شهر بإذن **** لحين عودة دكتور صادق من سفره...

للحظات توقفت باقي الكلمات داخل حلقه حين وقعت عينيه عليها لا يعرف كيف لم يرها من البداية ها هي تجلس هناك بعيدا تنظر له في ذهول فكها يكاد يلامس الأرض من الدهشة، ليرتفع جانب فمه بابتسامة صغيرة، كم رغب في تلك اللحظة أن يذهب ويعانق صادق، علي ذهابه للبعثة الآن من قال أنه سيمكث شهر واحد فقط، عذرا يا صادق ولكن علي الارجح سآخذ مكانك لباقي السنوات القادمة، حمحم يستعيد ثباته المسلوب، نظر لمقلتيها مباشرة للحظة قبل أن يحمحم يردف بجدية:.

- الأساتذة اللي قاعدين ورا، يجيوا يقعدوا قدام المدرجات فاضية قدام
تحرك بعض الطلاب ينقلون أماكنهم عداها هي، ظلت جالسة مكانها دقات قلبها تكاد تصم اذنيها، لا تصدق أنه هو الواقف أمامها، اجفلت من شرودها علي صوته وهو يحادثها:
- الاستاذة اللي ورا يا دكتورة
اشارت إلى نفسها ليحرك هو رأسه إيجابا كتف ذراعيه أمام صدره يتمتم فئ هدوء:
- سمعتي أنا قولت ايه.

تحرك يدق بقلم السبورة الأسود علي سطح مقعد فارغ في المدرج الأول عاد ينظر لها يبتسم في هدوء تااااام:
- تعالي هنا!
حركت رأسها إيجابا سريعا تنظر له، الصدمة تكاد تُفجر عقلها، كيف يعقل أن يظهر في كل مكان هي فيه بذلك الشكل، والأهم كيف يريدون منها أن تنجح في تلك المادة تحديدا وهو من يدرسها لها، ابتلعت لعابها متوترة تتحرك بخطي شبه مرتعشة، كان يجب عليها أن تسمع نصيحة والدها التي قالها لها صباحا.

« يا بنتي طنشي كدة كدة ما حدش بيروح أول أسبوع خوديني قدوة ليكي كنت بروح علي الامتحانات بس وبعدين فرح مايا بنت عمك بليل عشان ما تبقيش تعبانة ».

ولكنها أصرت أن تكون الطالبة المجتهدة وتذهب اليوم، في غياب سارين تشعر بأنها منعزلة لا يمكنها الاختلاط مع الطلاب بسهولة سارين هي من كانت تدفعها تشجعها والآن سارين ليس هنا، جلست علي المقعد الذي اشار إليه تنظر له قلبها يرتجف، لازالت تحمل ذلك المنديل الذي اعطاه لها ليلا تقرأ كلماته التي خطها لها كل ليلة...

«بضحكاتك احيا، بآنفاسك أعيش، بشذي عطرك ينبض قلبي بين خلجاتي، فأنتِ الروح والنبض، أنتِ اكسير حياتي »
كلمات تسلب لبها، تسحر عقلها، كلمات تعترف بعشق صاحبها، اجفلت تنتفض من مكانها حين دق بسطح قلمه علي سطح الطاولة امامها، اشار إلى شاشة العرض لتنتبه لما يقول لتحرك رأسها بالإيجاب سريعا، ليعاود هو الشرح من البداية لأن حبيبته البلهاء كانت شاردة.

وقف أدهم في غرفته الصغيرة في منزل جدته وقف أمام مرآته ينظر لحلته السوداء ابتسامة تكاد تلتهم وجهه من شدة اتساعها، اليوم، اليوم ستُكتب زوجة له، اليوم ستحقق أسعد أحلامه، تسارعت دقات قلبه يرغب في الرقص القفز عاليا الصياح من شدة ما يختلج بقلبه من سعادة، امسك زجاجة عطره يضع منها القليل، في لحظة دخول جدته إلى الغرفة رأي عينيها الممتلئة بالدموع ترك الزجاجة من يده ليقترب منها قبل رأسها يتمتم مبتسما:.

- بتعطي ليه بس يا جدتي
انهمرت دموع منيرة رفعت يديها تجذب أدهم لها تعانقه بقوة تمسح علي رأسه تغمغم بحرقة:
- دي دموع الفرحة يا إبني، ما تنساش جدتك يا أدهم، دا أنا ما صدقت أن **** ردك ليا تاني..
رفع رأسه عن أحضانها دمعت عينيه ليقبل رأسها ويدها ضمها لصدره يغمغم مبتسما:
- انساكي ازاي بس، حد ينسي أمه، دا أنا انسي نفسي وما انساكيش، **** يخليكي ليا وما يحرمني منك ابدا
- اوووبا ليالي الحلمية شغالة اهي...

غمغم بها مراد ضاحكا في لحظة دخوله للغرفة يحمل حذاء أدهم الأسود اللامع اقترب منه يضع الحذاء جوار الفراش يغمغم متفاخرا بإنجازه الهائل:
- الجزمة مراية خليت الواد رزق يمسحها مسحة حكاية، يلا يا عم البس عشان ما نتأخرش، العروسة بتجهز في البيت اللي هيتعمل فيه الفرح.

حرك رأسه إيجابا سريعا هرول يرتدي حذائه ليمسك مراد بسترة حلته السوداء يلبسه إياها، التف يقف أمامه يعدل رابطة عنقه، نظر أدهم لأخيه يبتسم، ربت مراد علي ذراعه في اللحظة التالية كانا يتعانقان ربت مراد علي ظهر أدهم يغمغم بانفعال صادق:
- ألف مبروك يا أدهم، **** يسعدك ويهنيك دايما
لحظات سعيدة لم تقطعها سوي صوت منيرة حين صدحت من بين شفتيها زغرودة عالية تتمتم سريعا:
- يلا يا واد أنت وهو اتأخرنا علي الناس.

تقدمت منيرة خلفها ادهم يلحق بهم مراد، حين خرج الأخير إلى صالة البيت، رآها منذ ساعات وهو منشغل مع أخيه، لم يرها اليوم تقريبا، لم يكن يعرف وهو يبتاع ذلك الفستان الاقحواني بلونه الفاتح الهادئ أنه ستخطف أنفاسه لتلك الدرجة وحجابها الرقيق الذي يلف رأسها بشكل أنيق يكاد يطيح المتبقي من ثباته، حتى الصغيرة ملك ترتدي فستان أبيض اشتراه منذ عدة أيام هو وفستان روحية لأجل زفاف شقيقه لم يفق من دوامة شروده علي صوت جدته تنهره:.

- يلا يا مراد هتفضل متنح فيها كتير، هي زي القمر آه بس احنا متأخرين
نظر لجدته حانقا فضحت أمره وكأنه مراهق ضُبط بالجرم المشهود، التقط أنفاسه يقترب منها يشير لها بيده لتتقدمه، حركت رأسها بالإيجاب جسدها يرتجف متوترا، تحركت إلى السيارة تجلس علي الأريكة الخلفية جوار منيرة، وفئ الإمام يجلس مراد خلف مقعد السائق وادهم جواره تنطلق السيارة إلى منزل خالد السويسي.

في منزل خالد السويسي زُينت الحديقة بشكل مبهر فمن كثرة ما اُقيم فيها من مناسب بات خبيرا فيما يتعلق بالحفلات، كوشة العروسين، الإضاءة، الموسيقي، طاولات الطعام، طاولات الضيوف، حمزة يتحرك هنا وهناك بصحبة خالد يشرفان علي الجميع، السيدات جميعا في الأعلي في غرفة مايا، التي وقفت أمام مرآه زينتها تلتف حول نفسها تكاد تصرخ من السعادة ولما تكاد فقد صرخت بالفعل:
- أنا وادهم هنتجوز اخيرا.

ضحكت لينا السويسي ساخرة من افعالها توجهت ناحيتها تقرص ذراعها بخفة تأوهت الأخيرة تنظر له حانقة لتتمتم لينا ساخرة:
- يا مدلوقة شوية وقار مش كدة...

قلبت مايا عينيها دون أن تهتم بكلمات لينا هو حقا لن يشغلها كل ما يشغلها الآن أن أدهم عاي وشك الوصول سيعقدون قرانهم، ومن ثم حفل زفافهم الرائع، اقتربت لينا زوجة خالد منها تساعدها في إنهاء آخر اللمسات، نظرت مايا لها تبتسم، في تلك الليلة تحديدا كانت علي وشك أن تنهار باكية، لولا وجودها جوارها كأنها والدتها، منذ البداية إلى هذه اللحظة زوجة عمها لم تتركها لحظة...

صوت سيارة وقفت في حديقة المنزل، هرعت إلى الشرفة أدهم هنا ومعه المأذون وشقيقه وجدته وزوجة شقيقه وابنتهم...

في غرفة الصالون قبل أن يزدحم القصر بالحضور قرروا عقد القران اولا، جلس المأذون في المنتصف بين أدهم وحمزة، تجمع فقط أهل البيت من ضمنهم مايا تقف بين السيدات يشاهدن عقد القران في مشهد مألوف تم عدة مرات امامهم، ولكنه تلك المرة مختلف بفرحة أدهم ومايا العارمة، وضع أدهم يده في يد حمزة، ادمعت عيني حمزة رغما عنه، يزوج إبنه وابنته في ليلة واحدة، لحظات مر شريط طويل من المشاهد المتتالية أمام عينيه، مشاهد طفولة شباب كبر، الآن يزوج شطري قلبه، ردد خلف المأذون إلى أن انتهي دوره ليجئ دور أدهم الذي كان يسابق الكلمات وهو ينطقها، وقع خالد واحد حراسه كشاهدين، خط أدهم توقيعه متلهفا حتى أنه كاد يمزق الورقة من شدة لهفته، جاء دور مايا اقتربت منهم تخط توقيعه ما أن وضعت بصمتها علي الورقة، شهقت بعنف خرجت بعض الشهقات من السيدات من المفاجأة التي قام بها أدهم حين حملها يلتف بها حول نفسه يصرخ من شدة سعادته:.

اتجووووووووززززتهاااااا!
تعالت ضحكات الجميع وضرب خالد كفا فوق آخر، عند باب المنزل وقف ينظر لها وهي تقف هناك تنظر لادهم ومايا تبتسم لسعادتهم، تلاقت ملقتيها بمقلتيه، لتندثر ابتسامتها شيئا فشئ، كلاهما ينظر للآخر يبحث عن السعادة في عينيه والسعادة تلتف أمام أعينهم!
 

cherifsalem

ميلفاوي أبلودر
عضو
ميلفاوي نشيط
إنضم
9 نوفمبر 2023
المشاركات
752
مستوى التفاعل
302
النقاط
0
نقاط
0
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
جميله جدا
 

المستخدمون الذين يشاهدون هذا الموضوع

أعلى أسفل